في زمن يتوق فيه الشعب السوداني إلى الحقيقة والحرية، تبرز أداة مظلمة تُقمع فيها أصوات الحق وتُشوه فيها الوقائع، إنها التضليل الإعلامي. هذا السلاح الذي يستخدمه الكيزان ليس فقط لتحريف الأخبار، بل ليزرع الفتنة في قلوب الناس، ويهدم جسور الثقة التي وحدت الشعب في أحلك الأوقات. التضليل الإعلامي هو نشر معلومات خاطئة أو محرفة بهدف التأثير على الرأي العام، وخلق حالة من الفوضى والارتباك. يستخدم الكيزان هذه الوسيلة عبر عدة منصات، من الإعلام الرسمي الخاضع لهم، إلى حسابات التواصل الاجتماعي المزيفة، التي تنشر الأخبار الملفقة والشائعات التي تهدف إلى زعزعة ثقة المواطن في الأحداث الحقيقية. ما لا يعرفه كثيرون أن الكيزان لا يمارسون الكذب بشكل عشوائي، بل لديهم استراتيجية محكمة في نشر الأكاذيب. إنهم يختارون بعناية الأخبار التي تُشوّه، ويحددون توقيت نشرها بحيث تثير أقصى قدر من الفوضى والشك في النفوس. هذا الكذب المتكرر ليس فقط لتغطية أخطائهم، بل ليخلق واقعًا بديلًا يضلل فيه الناس ويجعل الحقيقة تبدو مستحيلة الوصول إليها. فالكذب المستمر يُفقد الناس القدرة على التمييز بين الحقيقة والباطل، فيصبحون أسرى لنفس لعبة التضليل، وهذا هو الهدف الأسمى لهم: تحطيم وعي الشعب، وتفتيت وحدته، والسيطرة على مصيره. أثر هذا التضليل على المجتمع السوداني عميق ومؤلم، فقد أدت الأخبار الكاذبة والتحريف المستمر للحقائق إلى انتشار الفوضى الذهنية بين الناس، وتوليد الخوف والريبة، مما ساهم في انقسامات اجتماعية وسياسية عميقة. المواطن السوداني بات في مواجهة مستمرة مع موجات من المعلومات المغلوطة التي تستهدف تحريف مسار ثورته وأحلامه في الحرية والكرامة. في إحدى المناطق، انتشرت شائعة كاذبة عن تهديد أمني، مما تسبب في حالة ذعر دفعت الناس إلى التوقف عن دعم الحركات المدنية خوفًا من الانتقام، رغم أن الشائعة لم تكن سوى أكاذيب مدبرة لإرباك المشهد السياسي. أما الكيزان، فهم يدركون جيدًا أن السيطرة على الإعلام تعني السيطرة على العقل الجمعي للسودانيين. لذلك، يستخدمون التضليل الإعلامي كأداة لحماية مصالحهم الضيقة، وإجهاض الحركات المدنية المناهضة لهم، وتشويه صورة أي صوت معارض. كذلك يسعون من خلال هذا التضليل إلى تبرير ممارساتهم الانقلابية والفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة. الإعلام أداة من أدوات القوة، ومن يسيطر عليه يسيطر على أفكار الشعوب، كما يقول أحد خبراء الإعلام العالميين. لكن رغم هذا الظلام الإعلامي، هناك بصيص أمل ينبعث من وعي المجتمع السوداني المتزايد. فالتوعية الإعلامية وتطوير الفكر النقدي لدى المواطنين أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة حملات التضليل. الإعلام الحر والمسؤول بات يشكل حصنًا حقيقيًا ضد محاولات التشويه، في حين يلعب الشباب ومنظمات المجتمع المدني دورًا محوريًا في كشف الحقائق ونشرها بشكل نزيه. علينا جميعًا أن نتمسك بالحقيقة كمنارة تضيء دربنا، وأن نرفض الانصياع لأكاذيب من يريدون تمزيق وطننا. فلنقف صفًا واحدًا، يدًا بيد، لنُحارب التضليل الذي يريد أن يفرقنا، ونبني السودان الذي نريد، بشجاعة وإصرار وأمل لا يموت. شارك هذه الحقيقة مع من تحب، كن ناقدًا واعيًا، ادعم الإعلام الحر، وكن جزءًا من التغيير. في النهاية، الحقيقة ليست مجرد كلمة، بل هي وعد لأجيالنا القادمة بأن السودان سيظل أرض الأحرار، وأن ضوء الحقيقة سيُبدد كل ظلام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة