أسباب غير ذاتية للفشل بقلم د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2020, 04:08 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2506

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسباب غير ذاتية للفشل بقلم د.أمل الكردفاني

    04:08 PM August, 03 2020

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    لا أعرف ما الذي جذبني لأستمر في قراءة كتاب من قريب ومن بعيد (الدوائر الباردة) من الغلاف إلى الغلاف. فمنذ بداية الحوار الذي أجراه ديدييه إريبون مع كلود ليفي شتراوس بذكاء ومعرفة متكاملة لأعمال هذا الأخير بل وتاريخه، أحسست بأن هذا الكتاب يستحق أن يقرأ، لقد سرد حياة عالم إثنولوجي وفيلسوف كبير مثل اشتراوس، ومع ذلك فليس ذلك بكافٍ لمنحي دافعاً متزايداً للقراءة. ولست هنا بصدد الحديث عن هذا الكتاب، ولكن لأستفيد منه فيما يخص بعض جوانب التفاعلات الإنسانية وفهم العالم الأول. لقد غادر شتراوس فرنسا إلى البرازيل ثم إلى أمريكا قبل أن يعود لفرنسا مرة أخرى، ويواجه دائماً صراعات النخب من أساتذة الجامعات. لقد لازم ذلك هزائم وانتصارات حتى وصوله لكرسي الإنثروبولوجيا في الكوليج دي فرانس. إن ما يميز المثقفين الفرنسيين غالباً هو الصدق، ولعل استشفافي للصدق في الحوارات التي تجري معهم هو ما حثني على الاستمرار في القراءة. تبدو الحياة العملية والعلمية كتاباً مفتوحاً، ومهماً لفهم الإختلاف.
    لقد استشففت من هذا الحوار، وتداعيات مسيرة شتراوس تلك الشخصية الصلبة، والمتزنة إلى أبعد الحدود، إنه شخصية لا تساعد كثيراً على تسهيل حياة المرء، وخاصة في المجتمع العلمي، ويبدو أن مسيرته لم تصطدم بأي امتعاضات نفسية منه، لأنه وعلى حسب كلامه كان (أقل وعياً)، أو كما قال، يعيش لحظته. واللحظة هنا ليست هي لحظة الشغف -كما بدا لي- بل لحظة الاستسلام، كيفما اتفقت عليه الأقدار. وفي هذا الحوار لم يحاول أبداً إصطناع بطولات معرفية، بل ولا حتى عسكرية إبان تعسكره في الحرب العالمية الثانية. كان من الواضح أنه لم يكن متشوقاً لخوض المعارك. ولذلك لم يخض أي معركة حقيقية طوال سنوات الحرب. كان رجلاً يفضل الظل.
    إنني أفضل دائماً عدم الخوض في التفاصيل، لأنني اهتم بالكليات، ولذلك قد لا أكون بنيوياً، تلك الصفة التي رفضها شتراوس، لسبب غريب وهو أن البنيوية أُستعملت استعمالات شوهت سيرتها، وربما كان ذلك أيضاً الذي جعل ميشيل فوكو يرفض وصمه بعارها.
    من كليات ما خرجت به هو الصراع الذي فرضته شخصية شتراوس عليه، والفشل مرتين في الحصول على كرسي الأستاذية بالكوليج دي فرانس. وصراعات أخرى في البرازيل مع المجتمع العلمي، وبيئة المثقفين الحادة التي تطبع الشراسة سحناتها في فرنسا. إن شتراوس -بدا لي- سلبياً جداً في ذلك الصراع، وحتى انتصاراته لم تكن بإرادته الخاصة، بل كان ينتصر بعد أن تعبره الريح وهو منحنٍ. ويمكننا بقراءة سيرته أن نأخذ بالفلسفة التي تجعل الشر هو أصل الحياة الإنسانية، وهذا الأصل هو الذي يفضي بالبعض إلى الفشل.
    ليس دائماً ما يكون الفشل لأسباب ذاتية، لأن الفشل يرتبط دائماً بالآخر كالنجاح تماماً، فالأنا والآخر في رباط دائم. ولذلك فالفشل والنجاح يرتبطان أولاً وقبل كل شيء بالرابط بينهما، الرابط الذي له قوانينه (أنساق)، والذي يتسع بدوائره واحدة حول الأخرى، ليبلغ القانون العالمي. ولكن دعونا لا نركز كثيراً على هذه التوسعة، ولنركز على سياقات خارجية للفشل. تبدأ -كما تبدو- داخلية، إذ تنبع من الذات نفسها: (التكوين النفسي والمفاهيمي للشخصية قبل كل شيء)؛ ويحدث بعدها الإنعكاس الأكبر؛ أي من الخارج للداخل، والتي تبدأ (بالمحيط الإجتماعي والثقافي، وصولا إلى الدولة كنظام).
    لكن ما هو الفشل؟
    إن الفشل مسألة نسبية، ففشل أحدهم في الوصول إلى مرحلة ما قد يكون نجاحاً لآخر اكتفى بالمرحلة السابقة عليها. فالفشل هو معايير ذاتية، وفي أحيان كثير ليس سوى معايير دائرية يرسمها المجتمع حول الفرد، ويسجنه داخلها. لكننا لو نظرنا إلى المسألة من زوايا مختلفة، فلن نجد فاشلاً سوى ذلك الذي تنتهي به حياته في السجن المؤبد أو مدلى من حبل المشنقة.
    إننا نحدد معاييرنا الخاصة للنجاح، وبالتالي معاييرنا الخاصة للفشل. يمكن للمرء أن يختار التقشف والزهد، ويكون ذلك نجاحه الخاص، وقد يختار العكس. إن الطرق تتفرع، وتتقاطع، وقد رأى بعض الفلاسفة أن الحياة مبذولة فقط لأصحاب الأسئلة الصعبة، وهذا ما لم ألمسه شخصياً في حياة الكثيرين ممن تخيروا دروب الخطر. وعلى العكس، فإن منعدمي الأسئلة، هم الأكثر احتكاكاً بالحياة، بل هم في عمقها، وهذا ما يثير العجب.
    لقد شكا لي أحد الأصدقاء من أنه قد بلغ الخمسين دون تحقيق انجازات حقيقية في حياته. فقلت له بأنه قد اختار منذ البداية هذا الطريق، حيث لا يكتفي بالعمل في مرفق حكومي كموظف بائس يعتاد على روتينه اليومي، ثم يتزوج وينجب وينتظر الموت. هكذا علينا أن نختار الطرق، والتي في النهاية ستوصلنا جميعها إلى روما، وروما هنا، الصفر. إذ يتساوى الإنجاز وعدمه، إلا من زاوية معنوية.
    تبدو العدمية، وعبثية الفعل الإنساني هي الغالبة في عصرنا هذا. إذ اندحرت كل الرسالات الأدبية، وحلت محلها الرسائل البراغماتية، التي تعتمد (كاشتراوس) على اللحظة. والتي -خلافاً لما يرى البعض- ستخفف من حدة الصراع الإنساني. أحياناً أعتقد أن الحديث عن ثقافة الإستهلاك والمادية، هو إجترار نوستالجي للماضي، أي للروحانيات. فالتناسخ reincarnation والعود الأبدي والجنة والنار، لم تعد قادرة على ترسيخ هيبتها التاريخية في الحاضر. وهي بعد كل هذا لم تحقق -طوال تاريخها- السلام البشري، بقدر ما ستحققه ثقافة الاستهلاك، حيث أغلبية، تقاد إلى حيث توجه، ليس بصمت بل بصيحات الدهشة، لذلك يمكننا أن نقول بأن ثقافتنا الراهنة هي ثقافة الإدهاش؛ بغض النظر عن قيمة المحتوى، فسواءً كان الساحر صاحب يد خفيفة أم ثقيلة، فوقوفه على المنصة سيحقق الدهشة الأولى المطلوبة، حتى لو ترتبت على ضعف قدراته خيبة الأمل..وهذه بالضبط ما يمكن أن نسميه (اللحظة الاشتراوسية).
    ينغلق العالم وينفتح كباب حانة قديمة، لكنه لا ينفتح سوى على الحقيقة المفزعة، أي اللا شيء. ولذلك؛ ستتغير معاييرنا تجاه النجاح والفشل. أي ستهبط من سقفها العالي، ربما بعد خمسة عقود من الآن. قد يلجأ البشر، إلى الاهتمام بغرس الزهور في الأصائص، قبل صناعة مسبار يتجه لكوكب بعيد..ستتضاءل طموحات الإنسان، كلما حدق في سديم الحقيقة.. أي اللا شيء.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de