تتسارع الأحداث بعد مواكب السابع عشر من اغسطس العظيمة وبعدها ، بحيث اصبحت على كاتب المقال صعوبة فى الكتابة انتظارا لما قد يحدث بعد ساعة ، مثلا ، نتيجة المؤتمر الصحفى لجهة سيادية أو لقاء بين جهتين سياسيتين أو وصول وزير خارجية بلد ما ..الخ ولكنى أخيرا رأيت ان طرح الاسئلة التالية ، التى اعتبرها اساسية حتى لما ينتظر من تطورات ، وهى ليست جديدة ، فقد طرحتها وآخرون ولكن لم تتسن الأجابة لشئ فى نفوس مختلف اليعاقبة الماسكين بزمام الأمور. غير انه ومع تسخين كل الجهات اللاعبة فى الميدان السياسى ، اصبحت الأجابة ضرورية وحتمية . أولا : ولأن العلاقة بين قحت والحكومة يجب ان تكون أساسا مشتركا لسياسات وتحركات الجهتين وبالتالى مسيرة الثورة ، من غير مغالطات أو ضبابية فى من فعل ماذا ولماذا ، لذا تكون ضرورة وحتمية الاجابة ، اذ انها تحدد عناصر ومعطيات اخرى مهمة . السؤال : ماهى اسس وبنود العلاقة بين قحت والحكومة ؟ وهل هى اسس وبنود مكتوبة فى شكل اتفاق مبرم بين الطرفين وبالتالى ملزم لكليهما ، ام ان ترك لحسن النوايا باعتبار الطرفين يمثلان الثورة وبالتالى فلا سبيل او سبب لاختلافهما ؟ أهمية الاجابة تنبع من ان المغالطات بين الجهتين فى قضايا رئيسة جعلتنا فى حيرة من اسبابها والحلول المطروحة . فمثلا فى قضية الأقتصاد المرتبطة تماما بمعاش الناس ، يقول رئيس الوزراء ان هناك خطة سودانية مائة بالمائة لحلها ، بينما تقول قحت انها سلمت الحكومة سياسات متكاملة وحلول ولكن الحكومة أصرت على سياساتها النابعة من سياسات صندوق النقد . ومن رأيي فان السياسات التى تتبناها وزيرة المالية المكلفة تبدو أكثر حماسا فى تطبيق وصفات الصندوق وقد ظهرت آثارها بالفعل فى كل ما يشتكى منه الناس . كذلك التعديل الوزارى . وقد قرأت قبل قليل خبرا يقول بأن اجتماعا هاما سيعقد بين الدكتور حمدوك واللجنة المركزية لقحت ويتوقع ان يخرج بقرارات هامة . نأمل ، ولعل هذا مما يؤكد عظمة خروج الثوار الأخير. ثانيا : العلاقة بين مجلس السيادة والوزراء من حيث المبدأ الدستورى ، بمعنى هل انشئ المجلسان على اساس جمهورى ام برلمانى ؟ هذا السؤال الذى قد يبدو فلسفيا أو حتى سفسطائيا ، هو فى اساس المسألة ، خصوصا وان هذا التكوين يأتى فى اعقاب نظام جمهورى دكتاتورى بما يجعل مجلس السيادة ومن على راسه، يظن انه ورث سلطات النظام الماضى ، وهو ما تؤكده بعض تصرفات رئيس المجلس ونائبه ، بل وبعض اعضائه من المدنيين . ولذلك يختلط حابل التنفيذ ، الذى هو من اختصاص مجلس الوزراء بنابل الامور السيادية فى كثير من الأمور الهامة ، مثل قضية السلام . السؤال : ماهو الاساس الذى تكون بموجبه المجلسان ؟ ذلك ان الأجابة ستكفينا شر مايحدث وآخره انسحاب حركة الحلو من مفاوضات السلام، لأنه فى حالة الأجابة على ان نظامنا برلمانى ، فانه لن يصح من حيث المبدأ ان يترأس الجانب الحكومى أى عضو من مجلس السيادة ، سواء من المكون العسكرى او المدنى ! ثالثا : هل ستظل قحت قائمة على اساس الميثاق القديم الذى سعى لتوحيد جميع المعارضين للنظام البائد كضرورة لأسقاطه ، وبالتالى ضم مكونات انتهى دورها بأسقاط النظام ، ام سيعاد تكوينها على اساس ميثاق يؤطر لمرحلة أكمال أهداف الثورة التى تتفق وتختلف مع مصالح بعض المكونات ؟ ذلك ، ان بعض هذه المكونات قد اعلنت من جانبها اختلاف أهدافها مع أهداف أكمال الثورة لدرجة اعلان النية عن تكوين كتلة ثالثة . فهل سنصر على ضمها لقحت بهدف الوحدة ، التى لانظن انه قد بقى لها اساس مع تلك المكونات . رابعا : هل صحيح مارشح من بنود اتفاقات قد تمت مع الجانب المصرى من بيع اراضى زراعية وتصدير حيوانات حية ولحوم لمصر بشروط لايستفيد منها السودان بشئ ؟ وهل صحيح ان بعض هذه الاتفاقات قد تمت بين من لاحق له من العسكريين بصفة لايمتلكها فى الأصل ومع شركات من الجانب الآخر ؟ ذلك انه لو تمذلك بالصورة التى رشحت ، فانه بالأضافة الى الضرر الذى يكون قد حدث للأقتصاد السودانى الذى هو فى اشد الحوجة للمساعدة من الطرف الآخر ، فانه يؤكد الرضوخ الكامل من الحكومة المدنية للمكون العسكرى ، حتى لمن لايملك صفة السيادية! خامسا : الشركات التابعة للهيئات والمؤسسات العسكرية والأمنية ، والتى قيل انها تمثل مايعادل اكثر من ثمانين بالمائة من العائدات للدولة ولكنها تعود لمالكيها من العسكريين،تثير عدد من الأسئلة الحائرة حتى الأمس : هل صحيح انها تمثل تلك النسبة ؟ وهل صحيح انها نشات بمساهمات العسكريين من مرتباتهم ؟ وهل تدفع ضرائب وجمارك الدولة ؟ وهل صحيح ماقال به البرهان أكثر من مرة بانهم عرضوا تبعيتها للمالية من غير قبول الحكومة فى عهد وزير المالية السابق وحتى اليوم ؟ هذه الأسئلة على اهميتها تأتى فى المقام الثانى ، عند طرح السؤال الأهم : هل صحيح ان البرلمان الأنقاذى قد أجاز مرسوما جمهوريا فى ابريل 2017 يقنن وضع "هيئة التصنيع الحربى "بتحويلها الى " منظومة الصناعات الدفاعية " وانه مايزال ساريا، وان من بنوده: ان تكون المنظومة مستقلة ماليا واداريا عن وزارة الدفاع وجهاز الأمن وان تتبع مباشرة الى رئيس الجمهورية ؟ ان يكون لها مجلس امناء يعينه ويراسه رئيس الجمهورية وان له حق تعيين واعفاء مدير المنظومة ؟ منحت المنظومة حق استثمار اموالها دون الخضوع لسلطات المراجع العام . لاتخضع المنظومة لقوانين الشراء والتعاقد والأجراءات المالية والمحاسبية . منحت حصانات واسعة للعاملين ، من ضمنها نصا يقرر " لايعتبر جريمة اى فعل يصدر من اى من العاملين بالمنظومة اثناء اداء أو بسبب اداء اعمالهم الوظيفية ..) اذا صح ان هذا المرسوم قد اصدر فعلا وانه لايزال ساريا ، فان هذا يطرح المزيد من الأسئلة الهامة : ماهو الوضع القانونى ل" هيئة التصنيع الحربى " التى حولت للمنظومة جراء المرسوم الجمهورى ، اذ ان جلاء هذا الوضع هو الذى سيكشف ان كانت المنظومة قد انشات بمساهمات الجنود ، ام انها حولت من هيئة التصنيع الى المنظومة بكل اصولها وقضها وقضيضها ، كما حدث للكثير من ممتلكات الدولة التى حولت من ملكية الدولة الى ملكية افراد ! هل يعلم السيد رئيس الوزراء بوجود هذا المرسوم ؟ واذ ثبت وجوده فماهو اثره على المغالطات الحادثة حول التسليم وعدم الأستلام ..الخ سادسا : كالعادة اراحتنا لجنة التفكيك بالمزيد من القرارات المهمة جدا ، خصوصا تلك التى تتعلق بازالة المعوقين لمسيرة الثورة من بقايا النظام فى مجالات مهمة مثل القضاء . غير ان كلمات رئيس اللجنه ومناوبه والأعضاء قد كانت أكثر من مدهشة في ما يتعلق بالصلة بين نتائج عملهم والجهات الحكومية التى تحول اليها ملكية اغلب الأصول وعلى رأسها وزارة المالية ، مما يثير الكثير من الاسئلة المحيرة : لماذا تشتكى اللجنة من ضعف امكانياتها خصوصا من الكوادر المعاونة وهى تقوم بأعظم اداء من بين جميع ادوات الثورة ، بينما هناك الكثير من مؤسسات الدولة التى تشتكى قلة العمل مع سوء الناتج ، كذلك الكثيرين من من يبحثون عن عمل هم مؤهلون لأدائه ولايجدونه ؟ ربما يوجد مبرر لعدم استلام شركات المؤسسة العسكرية ، او على الأقل شكوك فى مبررات هذا الطرف او ذاك ، ولكن السؤال المحير تماما : لماذا لم تستلم وزارة المالية التى تشتكى ويشتكى رئيس وزرائها من قلة الموارد ؟! ولماذا نثقل على لجنة التفكيك بالتفكير والتدبير والعمل على ادارة ماتقرر قانونية تفكيكه من ايدى الحرامية ، مما يقلل من فعاليتها فى اداء دورها الأساسى بدلا من دعمها بالمزيد من الكوادر وحمل ثقل ماليس ضمن دورها ؟! لقد وجهت اللجنة ومن بعدها الفريق البرهان تهمة مباشرة الى الحكومة بانها تقاعست عن استغلال الفرص المتاحة من ضم الشركات العسكرية والأصول المفككه من قبل لجنة ازالة التمكين لعلاج المشكلات الأقتصادية ، التى لم تعد تحتاج لمواصفات . ويبقى هنا السؤال الكبير والمحير جدا وفعلا : لمااااااااااااذا ؟!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد المنعم عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست