سواء إتفقنا أو إختلفنا ، فإن وضعية الجيش السوداني الراهنة تستوجب ضرورة إعادة هيكلته ، ليصبح هو وباقي القوات الأمنية الأخري ، قوي مؤسسية ، مهامها الدفاع عن البلاد في الداخل والخارج ، وأن يخضع مباشرة ، شأنه شأن أي قوي عسكرية أو أمنية محترفة في العالم ، للسلطة المدنية التنفيذية ، دون التدخل في العمل السياسي .
ثلاثون عاما إنقضت ، عبث فيها تجار الدين ، وبحماية من حكم العسكر، بكل القيم والمبادئ والأعراف تحت ذريعة بناء دولة دينية بمفهوم حسن البنا وسيد قطب ، ظاهرها الدعوة ، دون أن يصرحوا أبدا لمن ؟!.. ثم إتضح فيما بعد أنها لم تكن دعوة خالصة إلي الله وإنما كانت دعوة إلي إلي الفساد المحض بتقويض صحيح الدين من خلال حركات وجماعات منافقة ، تلبست بوهم الإستعلاء العرقي والأنتساب إلي بيت النبوة ومنحت لنفسها حق التسيُد علي الخلق ، بعنصرية القول والفعل ، فأعملت في المسلمين البسطاء كل الأفعال المحرمة شرعا (أي عكس ما جاء به خاتم المرسلين ) والمجرمة قانونا ، من قتل واغتصاب ونهب وسرقة وتدمير القري والفرقان وتشريد الناس وفصل الدولة تحت دعاوي باطلة. تم كل ذلك تحت حكم العسكر وبأوامرهم المباشرة والحمد لله أنها أصبحت موثقة ، صوت وصورة ودليل إدانة ، دائما ما يعمل العسكر علي محاولة طمسها من خلال الإنقلابات شبه المتكررة والتي حتما ستواجه بالفشل.
ما حكم "عسكر" شعب إلا أهانه وأذله ووضع رقبته تحت " البوت" وجره بحكمه الشمولي إلي عكس صيرورة التاريخ ، إلا أن شعبنا غير المعادلة لصالحة في ثلاث ثورات ، شهد لها التاريخ ، في أكتوبر 64 و ابريل 85 وأخيرا ، في ديسمبر2019(الشئ الوحيد الذي يحسب للمرحومين ، عبود ونميري أنها توفيا دو خدش يذكر في شرفهما العسكري أو وطنيتهما أوأمانتهما الشخصية).
أعرف من أهلي ضباطا عظاما ، احيلوا إلي الصالح العام أو المعاش الإجباري فقط لأنهم تمسكوا بعقيدتهم العسكرية الوطنية وها هم يعودون إلي حياتهم المدنية الطبيعية وسط الناس وقد تنفسوا الصعداء لأنهم لم ينغمسوا في تدمير الوطن.
لم يتعظ العسكر بعد من مخازي اسلافهم ولم يستوعبوا الدرس جيدا فقد حاولوا ممارسة نفس الإستبداد بكنز أموال الشعب ووضعها تحت سلطتهم ، في محاولة لتكرار نفس السيناريو العقيم (جوع شعبك يتبعك) وزادوا عليه بمحاولة حماية أذناب النظام البائد والتضييق علي الحكومة الحالية لإفشالها ، ثم الأنكي من ذلك ، هروعهم بالإرتهان إلي النفوذ الخارجي وتنفيذ إجندات " متشيطنة" ليس لها اي علاقة بالمصلحة الوطنية طمعا في الإنفراد بالحكم وكأن المواثيق التي وقعوا عليها والقسم الذي إلتزموا به لا يعني شيئا.
تري!! ونحن نعيش ايامنا العصيبة هذه ، التي تستلزم التلاحم والتعاضد ، من سيكون من الضباط العظام الحاليون والقادة المدنيون وقادة الحركات المسلحة الشرفاء الذين سيضافون إلي قائمة الشرف الخاصة بهذا الوطن.
ألا ليتهم يعلمون أن المحصلة النهائية لكل هذا السعي هو قبر ومن بعده ، بابان ، كلنا آتيه وداخله "فردا" وإذا أردت الدليل ... فتدبر أواخر سورة الزمر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة