توماس سانكارا قائد إستثنائي صنع التاريخ كتبه محمود دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-06-2025, 11:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-03-2024, 12:25 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 73

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
توماس سانكارا قائد إستثنائي صنع التاريخ كتبه محمود دقدق

    12:25 PM June, 03 2024

    سودانيز اون لاين
    محمود ابكر دقدق-الدوحه
    مكتبتى
    رابط مختصر






    بقلم/ الدكتور: محمود دقدق
    المستشار القانوني والباحث
    [email protected]

    "توماس سانكارا والذي عرف ب "تشي جيفارا القارة السمراء" المناضل الإفريقي، والرئيس الأسبق لبوركينا فاسو الذي عاش تسعة وثلاثون ربيعاً فقط الذي كان ومازال نموذجاً للقيادة النزيهة التي مرت على القارة الأفريقية. تميز سانكارا بمجموعة من الميزات والصفات التي إنفرد بها وتميز بها عن غيره من القادة الأفارقة، فهو ذو شخصيته مستقلة متفردة، وكان صاحب إرادة وعزيمة لا تقهر وحماس متوقد ورغبة جامحة مشتعلة، من أجل البناء والتعمير وخدمة الانسان، وهب جل وقته للعمل والإصلاح. ظهرت رباطة جأشه وتمرده على ممارسات المستعمر عندما بادر بتغيير علم بلاده والنشيد الوطني فور الاستيلاء على السلطة في العام ١٩٨٣ وعمد إلى تغيير اسم الدولة التى كانت تعرف ب( فولتا العليا) حسب الاسم الذي اختاره الفرنسيون République de Haute-Volta إلى بوركينا فاسو والتي تعني بلغة البمبارا بأرض الرجال النزهاء!!! وفي سياق آخر أرض الرجال الشجعان.. وقد سخر سانكارا من أسم فولتا العليا The Republic of Upper Volta أيما سخرية وقام بربط اسم الدولة بالأرض والشعب وقال علينا ان لا نمنح الاستعمار شرف تسمية بلادنا.توماس ايزيدور سانكارا ولد في 21 ديسمبر1949 وقتل في 15 اكتوبر 1987، كان سانكارا ضابطاً في الجيش البوركيني ومناضل وقائد ثوري يساري ورئيس جمهورية بوركينا فاسو من عام 1983 الى عام 1987، ينظر إليه على أنه شخصية ثورية كاريزمية ويلقب بـ(تشي جيفارا افريقيا)، استولى توماس سانكارا على السلطة في إنقلاب لقي تأييدا شعبياً عام 1983, والده سانكارا حارب في صفوف الجيش الفرنسي اثناء الحرب العالمية الثانية واحتجز على ايدي النازيين، كانت عائلته تأمل في ان يصبح قساً كاثوليكياً لكنة قرر ان يحذو حذو والدة فانضم الى المدرسة الاعدادية العسكرية. بعد التدريب العسكري الأساسي في المدرسة الثانوية في عام 1966، بدأ حياته العسكرية في سن 19 عاماً، وفي وقت لاحق أرسل إلى مدغشقر للتدريب في مدرسة الضباط حيث شهد هناك انتفاضات شعبية في عامي 1971 و 1972. وهناك تعرف على الشيوعيين وبدأ بقراءة مؤلفات ماركس ولينين، وكانت للأفكار الشيوعية تأثيراً حاسماً في اراء سانكارا السياسية خاصة عندما عاد إلى فولتا العليا في عام 1972، وفي عام 1974 كان قد خاض الحرب في الحدود بين مالي وفولتا العليا، وتم تكريمه لشجاعته وللانتصارات التي حققها لكنة انسحب من الحرب بسبب تنامي الوعي الثوري لدية حيث رأى ان الحرب غير مجدية وغير عادلة وفي عام 1976 اصبح قائد مركز تدريب القوات الخاصة وهناك تعرف على رفيق دربه بليس كومباوري وشكل معه تنظيم سري مكون من الضباط الشيوعيين الذي يتكون من كل من زونغو، جان لينجاني بوكاري، كومباوري وسانكارا، لاحقا قام هؤلاء الضباط بانقلاب عام 1981 شكلت على اثره حكومة عسكرية نال سانكارا فيها منصب وزير الاعلام ورفض الامتيازات الحكومية المقدمة له وكان يحضر الاجتماعات على متن دراجة هوائية، لكن سرعان ما تغير موقفه عندما رأى ان الحكومة الجديدة فاسدة ووقف ضدها وبسبب معارضته لها تم تجريدة من منصبة ووضع تحت الاقامة الجبرية حتى قيام كومباوري بانقلاب عسكري عام 1983 حيث تم اطلاق سراح سانكارا وتم إختياره ليكون رئيس لدولة فولتا العليا.
    أما فى افريقيا كان ولا زال معجبو المناضل توماس سانكارا من الشباب كثيرون بشكل لافت وأعدادهم في تزايد مضطرد، خاصة بعد سقوط الرئيس المعزول كمباوري، ودخول بوركينا فاسو في سلسلة جديدة من الانقلابات العسكرية، ‏مما جعل الشباب يبحث عن أيقونة تحتذى، ولهذا الغرض كان ولا زال توماس سانكارا هو أملهم الملهم، وقد وضعت صوره في كل مكان، على الملابس والجدران وفي الطرقات. ويرى عدد مقدر من الافارقة أن سانكارا أفضل حاكم في تاريخ افريقيا وأنه أكثر رئيس أفريقي ظل باقيا في الذاكرة الحياتية، وبعد وفاته أصبح " توماس سانكارا" رمزا للمقاومة، والخطيب الذي يستحوذ على مخيلة الشباب الأفريقي وكبطل للثورة وقائد المناوئين للاستعمار الغربي ورمزاً للفقراء والذي استطاع أن يحوّل بلاده في غضون أربعة أعوام من بلد فقير يعتمد على المساعدات إلى بلد مستقل إقتصادياَّ ومتقدم اجتماعيا، فكان ينظر إليه على انه الامل الوحيد لإفريقيا للخروج من الهاوية. واكتسب شعبيّة كبيرة لدى ملايين الشباب في أرجاء أفريقيا وانبعثت في السنوات الأخيرة الاهتمام بمِآثر سانكارا وأفكاره في كل أرجاء القارة السمراء وفي بوركينا فاسو نفسها. ويصعب أن يتم ذكر تأريخ المقاومة الإفريقية دون ذكر أسمه، وهو الذي حاول أن يدحض خلال فترة تولّيه الرئاسة المفاهيم الخاطئة حول إفريقيا والأفارقة، عُرف لدى الجميع في القارّة بأفكاره المبتكرة وبصراحته الموصومة بدعابة جارفة وبحماسته وغِيرته على وطنه. أن مشروعه السياسي جعله يأخذ مكانته الكبيرة بين مقاومي إفريقيا، وهذا ما جعله هدفًا للمخابرات الأمريكية والفرنسية والاسرائيلية، والتي نجحت في التخلص منه وذلك بإغتياله في نهاية المطاف عبر أصدقائه وأكثر الناس قرباً منه.
    كان هدف سانكارا يتمثل في القضاء على الفساد وهيمنة القوة الفرنسية المستعمرة , حيث عمل منذ وصوله إلى السلطة على تحقيق برامج إقتصادية طموحة وركز على التغيير الاجتماعي والاعتماد على الذات، ومنع حدوث المجاعات وحقق الاكتفاء الذاتي الزراعي وإصلاح الأراضي، وإعطاء الأولوية للتعليم بحملة لمحو الأمية قادها بنفسه في جميع أنحاء البلاد، وعمل على تعزيز الصحة العامة عن طريق تطعيم 2.5 مليون طفل ضد التهاب السحايا، وكان هو من يتحرك وسط الشعب للقيام بالتطعيم، متحركاً بين المدن والقرى وشمل ذلك التطعيم ضد الحمى الصفراء والحصبة، إضافة إلى برنامج غرس 10 مليون شجرة من أجل إيقاف التصحر، والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ افريقيا. حيث شارك هو وأعضاء حكومته في جميع الأعمال المذكورة أعلاه وكذلك أعمال البناء والتعمير وكانوا يأكلون من ذات الطعام المتاح للأهالي ومنع الناس من احضار أي طعام غير ذلك المتاح. وبفضل جهوده في مجال الزراعة تحقق الإكتفاء الذاتي من المواد الغذائية كالذرة والمحاصيل المحلية حيث أصبحت بوركينا فاسو أول دولة في تاريخ افريقيا مكتفية ذاتياً مع وجود فائض في الإنتاج. اضافة الى تشييد مئات الكيلومترات من الطرق والسكك الحديدية من اجل ربط سكان الريف مع المدن، وبناء مئات القرى مع إنشاء مستوصف ومدرسة لكل قرية. وقد تأثر سانكارا الى حد بعيد بتشي جيفارا وبالثورة الكوبية، فقام بإنشاء محاكم ثورية على غرار تلك الموجودة في كوبا لمحاكمة الفاسدين الذين يختلسون المال العام.
    برامجه الثورية للاعتماد على الذات جعلت منة رمزاً لفقراء افريقيا، لكن في نفس الوقت كان هناك نفور من سياساته بالنسبة لزعماء القبائل الذي فقدوا امتيازاتهم القديمة والذين كانوا اليد العليا في افريقيا اضافة الى وقوف زعماء الدول الافريقية ضدة خوفاً من انتشار أفكاره الثورية التي تهدد مصالحهم الى بقية الدول الافريقية، فتحالفوا مع فرنسا التي سئمت من توماس سنكارا بسبب شعاراته المناهضة للإمبريالية، وخططوا للإطاحة به عن طريق نائبه كومباوري صديق سنكارا ورفيق دربه الذي خانه وتعاون مع المخابرات الفرنسية والأمريكية والإسرائيلية حيث قام بانقلاب على توماس سانكارا وقتله عام 1987 ، وقبل وفاته بأسبوع قال سنكارا (يمكن قتل الثوار لكن أفكارهم لا تقتل)، ولأن التاريخ لا يرحم وأن الخيانة لها حدود فاليوم بات الرئيس الاسبق كومباري اصبح اليوم مطلوبا للعدالة في بوركينا فاسو في قضية تتعلق بمقتل توماس سنكارا وتحظى بمتابعة واسعة من الجهات الرسمية في بوركينا فاسو. سياسته توماس سنكارا الخارجية كانت تتمحور حول مناهضة الامبريالية مع تجنب المساعدات الخارجية وتجنب سلطة ونفوذ صندوق النقد الدولى. يقول توماس سانكارا "ان ثورتنا في بوركينا فاسو مستمدة من مجمل الخبرات منذ النفس الاول للإنسانية، نحن نتمنى ان نكون ورثة لجميع ثورات العالم لجميع نضالات التحرر في العالم الثالث، لقد استخلصنا الدروس من الثورة الامريكية وعلمتنا الثورة الفرنسية حقوق الإنسان اما ثورة اكتوبر الروسية العظمى علمتنا صنع النصر للبروليتاريا".
    سانكارا رأى نفسه ثوري وعمل لنشر المفاهيم الثورية بجد واخلاص واستمد تجربته من الثورة الكوبية والشخصيات الثورية مثل جيفارا كاسترو وجيري رولينغز رئيس غانا الاسبق وكانت سياسته موجهة مكافحة الفساد حيث قام بعد وقت قصير من بلوغه السلطة بتشييد نظاما للمحاكم المعروفة باسم "المحاكم الثورية الشعبية" المحاكم تم إنشاؤها لمحاكمة مسؤولين حكوميين سابقين متهمين بالسرقة والفساد أو الإشراف على محاكمات أعداء الثورة. كذلك اهتم بتجنب المجاعة وجعل التعليم والصحة من أولوياته. وفي الذكرى السنوية الاولى للثورة عام 1984 كان قد انجز أفكاره السورية مثل تغيير اسم وعلم البلاد وكتابة نشيد وطني جديد. وبعد ان تولى سانكارا الرئاسة صادر اراضي الاقطاعيين وزعماء القبائل ووزعها على الفلاحين والغى الضرائب الثقيلة التي تثقل كاهل الفلاح مما رفع المستوى المعيشي للفلاحيين وخلق الحالة المثلى للمساواة في بوركينا وفي غضون اربع سنوات فقط تضاعف انتاج القمح والقطن هذا يعني ان سانكارا لم يكتفي بجعل بلادة مكتفية ذاتياً بل تعاني من فائض في الغذاء وهو ما يعتبر معجزة في دولة افريقية فقيرة مثل بوركينا فاسو، كذلك نصح سانكارا المواطنين بضرورة الإعتماد على النفس وحظر إستيراد العديد من المواد إلى بوركينا فاسو وشجّع على نمو الصناعات المحلية ولم يمر على حديثه الكثير حتى أصبح البوركينيون يرتدون قطنا وطنيا 100% ، قطن جرى نسجه وتفصيله في بوركينا فاسو لقد كانت المرة الاولى في تاريخ افريقيا عندما اصبح المواطنون الافارقة يرتدون الملابس المحلية بدلاً من الملابس الاجنبية المستوردة. وكالة شديد الحرص على أن يلبس الملابس المصنوعة في بلاده من القطن المزروع في بلاده حتى في رحلاته الخارجية وكان يلزم الوفود الرسمية بفعل ذلك.
    كانت الرعاية الصحية من اولويات سانكارا حيث بداء بحملة للتطعيم ضد مختلف الامراض فضلاً عن توفير الرعاية الصحية المجانية للمواطنين مما ترتب عليه إنخفاض معدل الوفيات من (280) من كل (1000) طفل إلى (145) من كل (1000) طفل وغيرها من الانجازات على الصعيد الطبي والصحي التي جعلت منظمة الصحة العالمية ترسل رسالة تهنئة الى سانكارا كما تم افتتاح مشاريع واسعة النطاق في مجال الاسكان والبنية التحتية وانشاء العديد من مصانع الطوب والاسمنت من اجل بناء المنازل ووضع حد للأحياء الفقيرة فضلاً عن زرع 10 ملايين شجرة لمكافحة التصحر وبناء 7 الاف قرية مع انشاء 700 كيلومتر من السكك الحديدية. هذه البرامج كانت تهدف الى اثبات ان البلدان الافريقية يمكن ان تكون مزدهرة دون مساعدات خارجية او معونات. وخلال فترة وجيزة ارتفعت نسبة المتعلمين في البلاد من 50% الى 90% .
    في عام 1987 وأثناء إجتماع القادة الأفارقة تحت رعاية منظمة الوحدة الأفريقية في أديس أبابا، حاول توماس سانكارا إقناع أقرانه بأن يديروا ظهرهم لديون الدول الغربية حيث قال (إن الدين يدار بشكل بارع لإستعادة أفريقيا.. وإنه إسترداد يحيل كل واحد منّا إلى عبد إقتصادي.. إن سياسات الفائدة والمساعدات قد إنتهت بنا إلى تشويهنا وإخضاعنا وسلبنا الشعور بالمسئولية تجاه أمورنا الإقتصادية والسياسية والثقافية. لقد إخترنا أن نخاطر بأن نمضي في مسارات جديدة لتحقيق رفاهية أفضل). كان سانكارا شديد النقد لدولة إسرائيل ومن أشد الداعمين للقضية الفلسطينية كما كان يتحدث عن نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا "الأبارتايد" مخبرا الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك أثناء زيارته لبوركينا فاسو أنه من الخطأ أن يدعم حكومة "الأبارتايد" وأن عليه أن يكون مستعدا لتحمل عواقب ذلك. إن سياسات سانكارا ومواقفه المضادة للإمبريالية جعلت منه عدوا لفرنسا وهو الذي نطق بالحقيقة دون خوف ودفع حياته ثمنا لذلك.
    بخصوص حقوق المرأة يقول توماس سانكارا ان الثورة وتحرر المرأة يسيران معاً. نحن لا نتحدث عن تحرر المرأة كعمل من الاعمال الخيرية أو بسبب موجه من التعاطف الإنساني. بل ان حقوق المرأة هي ضرورة أساسية من أجل انتصار الثورة وان النساء نصف السماء وليس نصف الرجال كما يقولن الناس.
    تحسين وضع المرأة كان من الاهداف الرئيسية لسانكارا وقد شملت حكومتة العديد من النساء في المناصب الحكومية، فضلاً عن اتخاذ إجراءات فعالة ضد ختان الاناث والزواج القسري واعطاء الحرية للمرأة في كل المجالات الوظيفية حتى في الجيش وقد قام بتشريع قانون ينص على معاقبة الازواج اللذين لا يساعدون زوجاتهم في الاعمال اليومية، كما شدّد سانكارا على تمكين النساء من أداء دورهن وسيّر حملات من أجل كرامة النساء في مجتمع أبوي تقليدي. لقد وظف سانكارا النساء في العديد من الوظائف الحكومية وأعلن يوما للتضامن مع ربات المنازل بجعل أزواجهن يؤدون ذات أدوارهن لمدة (24) ساعة. كذلك شجع سانكارا البوركينيين على أن يكونوا سليمي اللياقة البدنية وقد كان يشاهد وهو يمارس رياضة الركض بشكل منتظم في شوارع أغادوغو العاصمة، وبذلك كان اول رئيس في تاريخ افريقيا يعطي المرأة حقوقها الكاملة.
    وعن المواقف الشخصية فقد ابتدر شعار دولة بوركينا فاسو اثناء حكمه وهو (الموت او الوطن) وهي مقولة جيفارا التي قالها في منظمة الامم المتحدة. من جهة أخرى خفّض رواتب الوزراء وباع أسطول السيارات المستوردة في الموكب الرئاسي، مستعيضا عنها بأرخص أنواع السيارات في بوركينا فاسو وهي الـ (رينو 5) ورفض استخدام وحدات تكييف الهواء في مكتبه، قائلا بأنه يشعر بالذنب وهو يفعل ذلك لأن القليل جدا من شعبه يستطيع أن يملك ذلك كما رفض أن تعلق صوره في المكاتب والمؤسسات الحكومية، لأن كل بوركيني هو توماس سانكارا حسب قوله. ورفض كل الامتيازات الحكومية وجعل راتبة 450 دولار فقط وبذلك يعد أفقر رئيس في العالم آنذاك. كان لا يمتلك طائرة رئاسية، حيث كان هو وكل الرسميين يركبون الدرجة السياحية، ومن أقواله المأثورة في الخصوص إن الطائرة عندما تقلع فإننا سوف نقلع مع أولئك الذين بالدرجة الأولى وعندما تهبط الطائرة سوف نهبط معاً، وأنه من الخيانة والعار أن نجلس بالدرجة الاولى ونحتسي الشمبانزي وهناك الملايين من بني شعبي يكابدون من أجل لقمة العيش، لذا كان من الاعتيادي ان يرى في الزيارات الرسمية للدول يستغل الطائرات التجارية وفي الدرجة السياحية!!!
    شجع توماس سانكارا على الاعتماد على الذات وحظر استيراد الغذاء معتمداً على الانتاج المحلي حيث قال: ان من يطعمنا يتحكم فينا ويقصد بذلك دول الغرب، قام بإلغاء الضرائب من عامة الناس وجعلها حكراً على الوزراء ومسؤولي الدولة والرأسماليين. غالباً ما كان سنكارا يتشبه بتشي جيفارا، من حيث الكلام وارتداء الزي العسكري والقبعة ذات النجمة الحمراء، ومعلوم أن كلاهما زاهد في العيش يكسبان أدني راتب وكلاهما حليفان لكاسترو وكلاهما دعم فكرة المحاكم الثورية ضد الفاسدين فضلاً عن كونهما يمتلكان شخصية كاريزمية ويشتركان بحب الضعفاء وكلاهما مات في سن الـ 39 , وكان سانكارا قد القى خطاباً في ذكرى رحيل جيفارا عام 1987 قبل مقتلة بأسبوع.
    قتل سانكارا من قبل مجموعة مسلحة مكونة من 12 ضابط حيث اطلقوا علية النار عندما كان ذاهباً الى احد الاجتماعات وقد اخذو جثته وقطعوها ارباً ثم دفنوها في احد المقابر، كانت تلك المجموعة قد اغتالت توماس سانكارا بأمر من صديقه ونائبه كومباوري الذي اتفق مع المخابرات الغربية والإسرائيلية والزعماء الأفارقة على ضرورة التخلص من سانكارا خوفاً من انتشار أفكاره الثورية الى بقية البلدان الافريقية وقبل مقتل سانكارا كان أصدقائه يحذرونه من كومباوري لكنة لم يقتنع بذلك وكان يقول "الاصدقاء لا يخونون" وكان قد تنبا بموتة عندما كان يناقش احد أصدقائه حيث قال "مات جيفارا وهو في سن ال39 وانا سأموت قبل ان اتعدى ال39 ايضاً"، وبعد مقتله حاول كومباوري التخلص من كل شيء متعلق بسانكارا فقام بتدمير الاثار المتعلقة بحكمه واساء لسمعته ووضع عائلته تحت الاقامة الجبرية و تقرب كثيرا من فرنسا ودول الغرب واعاد المسؤولين الفاسدين الى الحكم وقام بتشريع الضرائب من جديد. وشن حملة مسعورة في مواجهة أسرة توماس سانكارا وخاصة زوجته “مريم” التي اضطرت للفرار من بوركينا فاسو مع طفليها، فيليب من مواليد 10 أغسطس 1980 وأغسطس من مواليد 21 سبتمبر 1982. غادرت مريم البلاد إلى المنفى في فرنسا، حيث مكثتْ فيها حوالي عشرين سنة. وفي عام 1997 قدمتْ شكوى إلى محكمة بوركينا فاسو بشأن مقتل زوجها، وعادتْ إلى وطنها في عام 2007، لحضور الاحتفالات التي أقيمت لذكرى 20 عاما من وفاة زوجها. واستقبلتها حشود كبيرة في العاصمة واغادوغو، وكان ذلك قبل سقوط الديكتاتور كمباوري، أما اليوم فالطريق مفروش أمامها بالورود لكي تعود لوطنها وتقاضي كمباوري عن جريمة قتل زوجها.
    في الشهور الأولى للمظاهرات في عام 2014 التي قادت لإسقاط الرئيس "كومباوري"، كانت الرموز المرتبطة بـسانكارا في كلّ مكان تقريبًا؛ فقد حمل المتظاهرون صُوَرَه، وصوته المُسجّل كان يدوّي من مكبّرات الصوت، واقتباساتٌ من خُطبِه كانت تُدرَج في الهتافات الشعبيّة، فحتّى قيادات المعارضة السياسيّة المُعتدلة كثيرًا ما ختموا خُطبهم بالشعار الرمزيّ لحكومة سانكارا الثوريّة: “الوطن أو الموت؛ سوف ننتصر" (La patrie ou la mort, nous vaincrons!) حيث لعب قادة الأحزاب المُعارِضة الرئيسيّة دورًا مهمًّا بدايةً في الدعوة لمظاهرات – وقلّه منهم سانكاريّون فأكثرهم لديهم وجهات نظر مختلفة – ولكن دوائر الناشطين والشبكات الاجتماعيّة الثقافيّة هي من نهضت وواجهت قوى أمن النظام، إذ ضحّى عشرات المتظاهرين بحياتهم أثناء ذلك. وتعتبر كثيرٌ من هذه المجموعات، مثل جمعيّة مكنسة المواطنين أو المواطنون الكانِسون، توماس سانكارا كقدوة لا يكرر التاريخ مثله. فحين سار المتظاهرون تجاه مبنى التجمّع الوطني، وهو البرلمان في يوم 30 أكتوبر 2014 والذي فر منه النواب غير المنتخبون بطريقة ديمقراطية نزيهة، حيث لم تسعفهم أبواب قاعة البرلمان فقفز اغلبهم عبر النوافذ وتسلقوا الجدار تاركين ورائهم مشروعات قوانين وجداول أعمال كتب لها الا ترى النور مرة أخرى. وذلك قبل أن يُحرِق المتظاهرون المبنى، ويلوذ الرئيس كمباوري بالفرار إلى دولة غانا، في وقت ارتفعت فيه شعارات توماس سانكارا المعروفة مثل: "حين ينهض الشعب، ترتعد الإمبرياليّة"، وكان العديد من المتظاهرين الشباب قد استلهموا من قِبل روح "تشي غيفارا الإفريقيّ" ليقولوا للعالم أجمع أنّ إسقاط كومباوري ما هو الا انتقام أبناء توماس سانكارا. وبعد أسبوعين من هروب كومباوري من البلاد، تشكّلت حكومة انتقاليّة لتنظيم انتخاباتٍ جديدة بحلول أكتوبر 2015، وتألّفت من تكنوقراطيين وعساكر وشخصيّات من المجتمع المدني وقليلٌ النشطاء الراديكاليين، من ضمنهم عددٌ من مؤيّدي السانكاريّة. وقد أشاد ميشيل كافاندو – الدبلوماسي المتقاعد القائم بدور رئيس الفترة الانتقالية بـنموذج الثورة ومجّد رئيس وزرائه المقدّم يعقوب إسحاق زيدا "هويّة النزاهة التي حملوها بفخر منذ ثورة أغسطس 1983"، وتمّ إنشاء برلمان انتقالي جديد أيضًا، قاده شريف سي وهو محرّر صحيفة مستقلّة معروفٌ بإعجابِه بـسانكارا. يحملُ خصومُ كومباوري القدامى الذين يربطون أنفسهم علنًا مع إِرثِ سانكارا الآن سلطةً أخلاقيّة معتبرة، عززتها الذاكرة الحيّة لسانكارا لدى الشعب البوركينابي، فقد دفع هؤلاء ومعهم ناشطون آخرون تجاه إصلاحاتٍ جوهريّة في النظام السياسي والاجتماعيّة وتجاه العدالة في أكبر قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والفساد تحت حكم كومباوري. ولأول مرّة، تمّ إطلاق تحقيقٍ قضائيّ في قضيّة اغتيال سانكارا نفسه. على الرّغم من ظروف مقتل سانكارا، فأفعاله وأفكاره التي قام بها في حياته هي ما يجذب اهتمام الناس اليوم. ويتبيّن لنا صمود إرثِه أكثر حين نضع بعين الاعتبار الفترة القصيرة جدًا التي أمسكت فيها حكومته الثوريّة بالسلطة منذ أغسطس 1983 حتّى أكتوبر 1987. في استذكارهم للماضي، يتّفق الكثير من الشعب البوركينابي – سواءً أأحبّوا تلك الحكومة أم لا – أنّها جلبت تغيّراتٍ إيجابيّة للبلد أكثر مما حصل في خمسٍ وعشرين عامًا سبقتها من الاستقلال الوطني، وكذلك فترة الأربعون عاما ونيف بعد اغتياله. اليوم تعيش دولة بوركينا فاسو تلك المستعمرة الفرنسية السابقة والتي حصلت على استقلالها في عام 1960 برئاسة موريس ياميجو في حالة عدم استقرار ومنذ حصولها على استقلالها، تعرضت البلاد لأزمات متلاحقة . كما حدثت انقلابات مختلفة، في أعوام 1966، و1980، و1982، و1983، و1987، ومرتين في عام 2022 (يناير وسبتمبر). وكانت هناك أيضًا محاولات انقلاب فاشلة في أعوام 1989 و2015 و2023.
    ‏وفي ختام هذه المسيرة الاستثنائية للقائد الشاب نقول أن القارة الإفريقية انجبت قادة يشار إليهم بالبنان وسطروا أعظم روايات القارة السمراء، ومنهم هذا الرئيس الاسبق لدولة بوركينا فاسو التي ترزح اليوم تحت الأزمات وسلسلة الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي حتى بعد مجيء الرئيس الحالي الكابتن إبراهيم تراوري الذي يحاول إظهار نفسه على أنه خليفة توماس سانكارا ولكن مع الفارق بين الرجلين. ولعله من نافلة القول أن الراحل سانكارا كان زاهداً، نزيها عاش فقيرا ومات فقيرا ولم يترك شيء لأسرته سوى الغرفة الصغيرة التي ترعرع فيها، ولم يكن يمتلك مالاً ولا ثروة ومجمل ممتلكاته الشخصية التي حُصرت بعد اغتياله هي دراجة هوائية وسيارة قديمة مع ثلاجة معطلة وثلاثة غيتارات كان يعزف عليها. ومن المدهش أن توماس سانكارا تنبأ بمقتله في قمة منظمة الوحدة الافريقية حينها في العام ١٩٨٧ عندما طلب من القادة الأفارقة بعدم دفع الديون الدولية عليه وعليهم التوحد حول هذا الأمر وقال بصريح العبارة
    Si le Burkina Faso tout seul refuse de payer la" dette, je ne serai pas là à la prochaine "conférence
    لو ان بوركينا فاسو وحدها رفضت دفع الدين فإنني لن أحضر المؤتمر القادم" وقد حدث ما توقعه الراحل.



























                  

06-04-2024, 12:37 PM

Omer Abdalla Omer
<aOmer Abdalla Omer
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 4233

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: توماس سانكارا قائد إستثنائي صنع التاريخ ك (Re: محمود ابكر دقدق)

    شكرا لك على هذه الإضاءة و الوفاء لهذا القائد المتميز
                  

06-04-2024, 01:13 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18820

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: توماس سانكارا قائد إستثنائي صنع التاريخ ك (Re: Omer Abdalla Omer)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de