▪️ يظل تردئ الأوضاع المعيشية الهم الأساسي الذي يشغل السودانيين ،وينتظرون بعد كل تغيير يقومون به إصلاحا إقتصاديا ينعكس على حياتهم ويجعلهم آمنين من هم التفكير فيها ، وطبيعة النفس البشرية ميالة للأمن من الفقر والجهل والمرض والخوف ولا يزال شعبنا أسيرا لهذا الرباعي المميت ، وبالعودة إلى شرارة ديسمبر العظيمة حيث تفجرت الأوضاع من شوارع النيل الأزرق العتيقة ثم إنتقلت إلى عطبرة الصمود إحتجاجا من تلاميذ وتلميذات مدارس الأساس رفضا لإرتفاع سعر الخبز وندرته ثم توسعت دائرة الإحتجاجات حتى إنتظمت فشكلت ثورة عمت البلاد فأسقطت الطاغية مهما كانت الأسباب والدوافع لكن ما لا يمكن إنكاره في المقام الأول أسبابا إقتصادية وضغطا معيشيا إضافة للأسباب السياسية والإجتماعية الأخرى.
▪️ إن الأوضاع الإقتصادية هي المحرك الأساسي والوقود الحقيقي لإحداث اي تغيير، الجوع ياسادة يفقد الشائب وقاره ، ويحول الحليم لشرارة ، ما أصعب أن يقف الوالد عاجزا على أن يسد رمق أسرته فتنزل دمعته عند سماع صرخات أطفاله الجوعى ، يأتي اليوم والعام يكاد ينقضي ولم نرى تغييرا وإتجاها حقيقيا يحسب للسلطة الإنتقالية في مسألة معاش الناس فلا يدا أحكمت قبضتها على السوق المجنون ولا تسعيرة يلتزم بها التجار ، بل نجد خلال اليوم الواحد أسعارا مختلفة لسلعة واحدة في مكان واحد ، يتم تسعير المنتج على حسب حركة الدولار والغريب والمدهش في الأمر أن التسعيرة ترتفع مع إرتفاعه لكنها لا يمكن أن تنزل قط لو فكر مثلا سيادته في النزول ولو قليلا وهذا مالم ولن يحدث في ظل السياسات الحالية وإتجاهات وزارة المالية تدور في فلك المؤسسات الأممية وشروط البنك الدولي وسياسات صندوق النقد الدولي من تعويم للجنيه ورفع كلي للدعم مقابل حفنة جنيهات لاتوفر قيمة (صحن فول) يوميا لمدة شهر للفرد الواحد.
▪️ مايحدث من (فوضى في الأسعار) وتحديدا السلع الإستهلاكية أمرا مدهشا للغاية ، أما الزيادات في المرتبات التى تكرم بها وزير المالية السيد إبراهيم البدوي للموظفين بالحكومة أعطاها باليمين وإختطفها السوق مباشرة باليسار وكأنه فسر الماء بالماء وصار الواقع كارثيا على أصحاب المهن الهامشية ومن هم خارج مظلة الصرف الحكومي ليبتلعهم (وحش السوق) كما يشاء، حكى لي صديق من الذين فرحوا بالزيادات أنه عندما صرف راتبه وذهب به للسوق تفاجأ بزيادات فلكية فتساءل لماذا ؟؟ فكان رد التاجر الجشع ألم تزيد المرتبات ؟!!! إذا إستمرت الزيادات في السوق بهذه (المتوالية الأسية) كيف سيكون تعامل السيد وزير المالية معها وماهي حلولها التي سيطرحها لوقف هذه الكارثة فالمواطنين يجابهون :-
1-رفع الدعم الكامل . 2-فوضى الأسعار . 3-إرتفاع التضخم ووصوله لنسب غير مسبوقة. في ظل محاولات مقدرة من قبل لجان الخدمات والتغيير لتوفير بعض السلع الإستهلاكية وطرح برنامج سلعتي ليحل الأزمة كليا كما أشير لذلك لكن لاتزال التجربة مهددة بالكثير من الأخطار وعدم تغطية لكل السودانيين .
▪️ كما أن هناك تجربة تعاونية سابقة في السودان من المهم دراستها جيدا ومعرفة سلبياتها وإيجابياتها فقبيل حدوث الإستقلال ظهرت جمعيات التسليف الزراعي بدلتا طوكر، وبتشجيع من الحكومة البريطانية لحماية المزارعين من استغلال التجار والمرابين الذين يقدمون سلفيات مجحفة لزراعة القطن الذي توسعت فيه الحكومة وفي عام 1937م تكونت أول جمعية تعاونية بمبادرة شعبية سميت بالشركة التعاونية توالت بعدها التعاونيات في المديرية الشمالية ثم ظهرت أول جمعية تعاونية لمشروع الجزيرة بقرية ودسلفاب لطحن الغلال واستجلاب الجرارات والمحاريث وكان ذلك في عام 1944م وفي العام 1948م اتخذت الحركة التعاونية شكلها القانوني اثر المذكرة التي قدمها المستر كامل للإدارة البريطانية معلنة صدور أول قانون للتعاون بالبلاد وشهد ذلك العام تسجيل أول جمعية تعاونية وهي جمعية ودرملي التعاونية الزراعية. ولم يقتصر الأمر على القطاع الزراعي بل شهدت المدن والقرى خاصة قيام العديد من الجمعيات التعاونية الخدمية التي ساهمت على سبيل المثال في توفير طواحين الدقيق ومولدات الكهرباء والسلع الاستهلاكية ,منذ عشرات السنين واتسع نطاقها ليشمل تجمعات العاملين وهيئاتهم ونقاباتهم وكان لهذه الجمعيات أثرها البالغ في تطور المجتمعات وخدمة المواطنين. لقد اهتمت الحكومات السودانية المتعاقبة بالحركة التعاونية وتمثل ذلك في تسجيل الجمعيات وفق قوانين ولوائح الوزارة المختصة وإنشاء المركز القومي لتدريب التعاونيين في العام 1976م وبنك التنمية التعاوني الإسلامي السوداني في 1982م لخدمة أهداف الحركة التعاونية (إلا أنه غير اسمه وهويته في 2013م إلى بنك النيل) والاتحاد القومي التعاوني وقانون التعاون لسنة 1990م ولسنة 1999م والشركة الوطنية للتأمين في 1991م وكل هذه الجمعيات التعاونية المنحصرة في تقديم الخدمات الإستهلاكية التي أنشئت في كثير من الاحايين لتزيل تشوهات النظام الرأسمالي وتغطية عريه الفاضح فالجمعيات التعاونية الإستهلاكية التي أنشئت لمثل هذا الغرض جمعيات مملوكة لأفراد من أجل تحقيق أهداف معينة دون تدخل حكومي فيها غير منح الشروط والأحكام والسياسات والتصاديق فهي عبارة عن مجموعات أولية تضم مجموعة من الأشخاص لإدارة مصالحهم الإقتصادية بصورة جماعية وعلى الأسس التعاونية الديمقراطية لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن مايملكه من راسمأل واحد في التعاون هذا هو التعريف المذكور في الجريدة الرسمية للإتحاد الأوروبي عن مفهوم الجمعيات التعاونية..
▪️ لكن مانحتاجه الآن في سودان مابعد الثورة أن يكون التفكير بصورة أشمل في القطاع التعاوني أكبر من جمعيات تعاونية لأفراد ، بل نحتاج لتقنين القطاع التعاوني بصورة متجذرة وأن تساهم الدولة فيه بنسبة لاتقل عن 40٪ وتقديم التشجيع الكامل للشركات والمجموعات والأفراد الإنخراط في هذا (التعاون التشاركي)فهو يخلق حالة من النهوض بالإقتصاد الكلي من الإنهيار الذي يعيشه الآن ، وإنه من الحلول المتاحة والممكنة للمساهمة في تخفيف الأعباء المعاشية وتقليل الظروف الإقتصادية القاسية، هو إتجاه الدولة (للفكر التعاوني الموجه) بالكامل وتسريع الخطوات لتنفيذه وتوفير كل المعينات وتبسيط السياسات والقوانين المشرعة له والإيمان بالتعاونيات كواحدة من آليات العدالة الإجتماعية في كل دول العالم بتقديمها خدمة متبادلة للمواطن والقائم على امرها فهي أساس التنمية في عصرنا، فالفكر التعاوني الموجه له تأثير فعال في مقاومة الكساد أو الركود.
▪️( ملامح الفكر التعاوني الموجه المطلوب من قبل الدولة) :-
1_ دعم الدولة للإنتاج التعاوني بشكل كلي تحت إشرافها يكفل التوجيه وتقديم التسهيلات التي تدعم الإنتاج الوطني.
2_ وجود دور رقابي وفاعل الدولة مما يضمن النجاح..
3_ توفير فرص عمل للشباب ومحاربة البطالة وتشجيعهم بتوجيه طاقاتهم نحو الإنتاج.
4_ الإستغلال الجيد للطاقات والموارد المتاحة.
5_تسويق المنتجات.
6_ عدم تكليف الحكومة الدعم المالي الكبير.
▪️ (أوجه الفكر التعاوني الموجه المطلوب من قبل الدولة ):-
1- القطاع التعاوني الزراعي .( الإعداد الكلي العملية الزراعية .. توفير الإحتياجات الضرورية العملية الزراعية ، تسويق المنتجات الزراعي ، تقديمها للمستهلك ).
2- القطاع التعاوني الرعوي( الإهتمام بالقطاع الرعوي من تربية وتوفير المراعي ، العمل على توطين الصناعات التحويلية في مجال الثروة الحيوانية والإستفادة منها وتصدير اللحوم المذبوحة_ الإهتمام بالقطاع السمكي وتوسيع دائرة الإنتاج السمكي الخ ..).
3- القطاع التعاوني السكني.( الإهتمام بالقطاع السكني عبر بناء مجمعات سكنية كبيرة ، توفير مواد البناء والمواد الهندسية ).
4- القطاع التعاوني الإستهلاكي. ( تعاونيات إستهلاكية عامة _ تعاونيات إستهلاكية مهنية متخصصة).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة