طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع بقلم احمد ابراهيم ابوشوك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-13-2019, 10:02 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع بقلم احمد ابراهيم ابوشوك

    10:02 AM March, 13 2019 سودانيز اون لاين
    Khalid Elsayed-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر

    (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});بدايات طريق دنقلا امدرمان --------------------------قبل النصف الثاني من عقد الثلاثينيات كانت الحركة في طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا قاصرةً على تجارة الدواب التي كانت تُصدَّر إلى أسواق أمدرمان، والسلع الأخرى مثل الشاي والتمباك، بقيادة خبراء مشاهير، تمرسوا في خبايا السفر في الصحراء، أمثال الخبير محمد قبولي، وأبناؤه علي، وعباس، وحمد، وهم من سوراب قنتي، وكذلك الخبير جيب الله الذي ورد في أشعار شريشابي (الخبير جيب الله خالك يا عمامي *** وكسر راسمالي ما دارلو التمامي). وتفيدنا الروايات المتواترة أن السائق علي محمد ساتي، أحد مواطني أوربي المقيمين بالسجانة، قد سلك هذا الطريق ذات مرة بالجمال إلى أمدرمان، واستغرقت الرحلة أسبوعين، حفتها المشقة، ووعثاء السفر، وأخطار الضياع في صحراء بيوضة. ويبدو أن تلك الرحلة الشاقة قد ولَّدت فيه إحساساً بضرورة تسليك ذلك الطريق الوعر للسيارات الحديثة (اللواري). وفي عام 1934م امتلك التاجر علي محمد ساتي شاحنة موديل فورد، وقرر استخدامها في فتح طريق أمدرمان-دنقلا، بعد أن عدَّ عدة السفر اللازمة من طعام وشراب، وبوصلة لتحديد اتجاهات الطريق، وكمية من الجير الأبيض لوضع معالم على الطريق الذي ينوي افتتاحه. ثم بعد ذلك تقدم بطلب للسلطات المحلية (الاستعمارية) بمركز أمدرمان للحصول على تصريح مرور؛ إلا أن مفتش المركز اعترض على ذلك الطلب، متعللاً بأن الطريق لا تتوفر فيه إحتياطات الأمان والسلامة اللازمة. لكن علي محمد ساتي قَدَّم تعهداً مكتوباً بتحمل تبعات الرحلة، وبموجب ذلك منحته السلطات المحلية تصريحاً بالسفر. واستغرقت الرحلة من أمدرمان إلى الدبة عند منحنى النيل سبعة أيام بلياليها. وبهذه المغامرة، يُعدُّ السائق علي محمد ساتي أول من دشَّن طريق أمدرمان دنقلا عام 1935م، وبعد عامين في ذلك التاريخ، سلك السائق حسن صبري الطريق في صحبة الشركة المصرية. بعد أثني عشر عاماً من تاريخ رحلة علي محمد ساتي، تأتي مغامرة السائق سيدأحمد عبد المجيد من أهالي قنتي، بعربة فورد موديل 1946م، لمالكها عمر عبد السلام حامد، وذلك في عام 1947م. ونوثق لتلك الرحلة بنقل رواية سيدأحمد عبد المجيد كاملة دون تعديل في ألفاظها الدارجة، حفاظاً على روح النصَّ الأصل:"أول رحلة كانت عام 1947 مع عمر عبد السلام صاحب اللوري، وكانت عربة جديدة لنج علىالشاسي، ما فيها صندوق، ماركة فورد موديل 1946، كنا شاحنين شاي، والشاي كان يُوزعبالتموين، والإنجليز بسموا التهريب بالبرشوت. التموين فكوه، خرجنا بالشاي (برشوت) من أمدرمان، قبل أن يصل خبر فك التموين إلى حمرة الوز، وتصبح أسعار الشاي عادية. ركب معنا عربي اسمه ود أبو جبة، قال ماشي حمرة الوز .. طلعتُ من أمدرمان بعد المغرب،عشان البضاعة ممنوعة .. ووقفنا غرب المرخيات حوالي الساعة العاشرة، أو الحادية عشرليلاً للعشاء، وأثناء العشاء تذكرنا أن حمرة الوز فيها تلفون، وخبر فك التموين أكيد سيصلها سريعاً، وبها نقطة بوليس أيضاً .. فغيَّرنا رأينا، وقلنا نمشي دنقلا، كانت المنطقة الواقعة بين كريمة وكرمة كلها تسمى دنقلا. سألنا العربي المعانا ود أب جبة إذاكان يعرف طريق يوصلنا دنقلا، فقال: إنه لم ير دنقلا إلا مع أبوه، وكان عمره وقتها عشره سنوات، وكان مشى سوق تنقاسي مع أبوه، ولكنه قال: إنه ممكن يودينا ... اتجاه البحر؛ لكن ما عارفين تنزلوا في أي منطقة. ولم أسلك هذا الطريق في حياتي، ولا حتى عمرعبد السلام .تحركنا من غرب المرخيات، وأصبحنا في قوز أبوضلوع، ثم جبرة، ومنها قطعنا وادي المقدم، وخليناه في يميننا، ومشينا غربه حتى بوحات في يومين...بعد ربع ساعة أو أكثر قليل مشينا وادي أبوعشر، وكان أثر سير العربات التي تبعناه قد أوصلنا حتى جبرة، حيث كانت تأتي من أمدرمان، تحل سم الجراد في جبرة، وكان يخزن في مخزن خاص قبل أن يُوزع بالجمال إلى المناطق الأخرى. أبو عشر لقيناه وادي وسيع، فيه رملة شديدة، وفيه جمام (مثل الماء النابع)، عندما وصلنا منتصفه، العربية غطست حتى الشاسي، والعجلات بقت لافة في الهواء، طبعاً العرب في المنطقة ديك متجمعين؛ لأنه في موية، لبهايمهم، وأولادهم، وهم عرب هواوير، لميناهم وفزعناهم، شالو البضاعة أول حاجة (شوالات وصناديق) مرقوها بيغادي، لمينا الجمال وجبنا حبال الشعر، وفتلناها مع بعضها، وربطناها في التصادم، ومع حركة المكنة قدرنا نمرق العربية بعد ساعتين كده يعني،وكنا قد وصلنا أبو عشر هذه، بعد بوحات، حوالي الساعة عشرة صباحاً، لما مرقنا منها الشمس كانت غابت. اشترينا خروف من العرب، من راجل اسمه حماد علي، ذبحناه للعشاء،وعندنا طبعاً السكر والشاي والتمر والرغيف، اتعشوا معانا العرب ساهرنا، وأصبحنا قبلنا لليوم التالت، وفي الصباح فتلنا حبال تاني، عشان نربط بيها البضاعة، بعد صلاة الظهر كان فى قدامنا فى تبس شديد والوادي وسيع، كلما نمشي شوية العربية تطلع في التبس تقطِّع الحبال، وتقع البضاعة، لما مرقنا من الوادي الشمس كانت غابت، وتعبنا تعب شديد في وادي أبو عشر، لما غابت الشمس لينا رقدنا في السهلة ديك من التعب، وكان رغيفنا كِمِل، عندنا دقيق قمح، ولعنا النار، وعملنا قراصة، وكنا اشترينا السمن من العرب،فأكلنا القراصة بالسمن، وأصبحنا على اليوم الرابع. الحقيقة شفقنا لأن أغلب زوادتنا كملت، فطرنا تاني بالقراصة بالسمن، وبعد الفطور دخلنا وادي الملح، هذا لم نتعب فيه كتير .. مرقنا منه فى حوالي ساعتين، ووصلنا بير الإخريت، ودي فيها سيال كتير،كان فيها شوية عرب وموية؛ لكنها مُرَّة وعفنة، قيَّلنا معاهم، واسترحنا، ثم نزلنا بعد داكوادي النعام، مشينا فيه زي ساعتين، الشمس غابت، قلنا أحسن نمشي بالنهار، وقلنا المشي بالليل ما كويس، رغم أننا ختينا النجمة في يميننا؛ لكن برضو خفنا، وفضلنا المشي بالنهار. في وادي النعام نطلع قلعة وننزل قلعة، مشينا زي ساعة أو أقل ظهر لينا ترى (نجم) اسمه أبو بان قريب للبلد، لقينا جنب جبل (التدي) بير اسمها بير النور، منها في ديداب (درب بهايم) ... نازل سوق قوشابي ، نزلنا عن طريق هذا واتجهنا إلى القبولاب، - سميت على اسم خبير الطرق أيام السفر بالدواب عباس القبولي، من عرب قنتي، والآن أصبحت آثار، وانتقلت القبولاب إلى موقعها الحالي يمين مسار الطريق القديم- لأنه فيها سوق الأحد، وصلنا القبولاب وأرسلنا في طلب عباس القبولي من سوق الأحد سالناه عن خبر التموين فكوه ولاَّ .. لأنه نحن أخذنا خمسة أيام في الطريق، فوجدنا خبر فك التموين لم يصل إلى هناك. قسمنا الشاي قسمين، قسموديناه دبة الفقراء جنوب الدبة، وأخذنا النص التاني إلى قرية اسمها الغُريبة جواركورتي. الكلام دا كلو في يوم واحد تقريباً، سلمنا الشاي للتجار، واستلمنا قروشنا،وأخذنا راحة حوالي ستة أيام، فكرنا بعدها في الرجعة. قمنا لقطنا الجلود الموجودة في البلد، ... ربطناها كويس. عندي كنبة عند أهلي في قنتي أخذتها لكي يجلس عليها الركاب، ورجعنا بنفس الطريق، وإن ذلك أسهل قليلاً، رغم أن الجلود كانت تتقطع حبالها وتسقط، وعدنا هذه المرة في ثلاثة أيام.وفي الرحلة الثانية، لأن لوري عمر عبد السلام كان في الورشة لعمل الصندوق، فقد أجَّرنا لوري آخر، وركبت أنا معهم كخبير، ولم يسافر عمرعبد السلام في هذه الرحلة؛ ولكن هذا اللوري كسر جربكس في (الآخريت) نتيجة للتخاريم ومحاولة تفادي التبس الكثير، وكنا أقرب للبلد منها إلى الخرطوم، فأجرت أنا جمل واتجهت إلى الشمالية، ووصلتها في يومين، لم أنم خلالهما، ومن هناك ركبت بابور البحر، ثم القطر،فعدت إلى الخرطوم، وأحضرت الأسبير (الجربكس)، وعدت بنفس الطريقة عن طريق القطر، ثم بابور البحر. ومن الشمالية أجرت جملين بصاحبهما، ربطنا الجربكس في جمل، وركبت أنا على الجمل الآخر، فوصلنا محل اللوري المكسور بعد أربعة أيام تقريباً، وخلال الرحلة كنا نايمين تحت أحد الأشجار، فقام هواء شديد وشرد أحد الجمال، فذهب العربي خلفه من الصباح عاد في المغرب، وصلنا وربطنا الجربكس، وواصلنا الرحلة إلى الشمالية، وقد بقي صاحب اللوري والمساعدين والركاب 16 يوم في الخلا؛ لكن زوادتهم كانت كافية فضلاً عن وجودالعرب، حيث يوجد اللبن والذبائح .في الرحلة الثالثة كنا راكبين لوري مؤجر أيضاً؛ لأن لوري عمر عبد السلام مازال في عمل الصندوق، وسافرت أنا وعمر عبد السلام في هذه الرحلة، وشاء القدر هذه المرة أيضاً أن يكسر اللوري الكرونة في وادي أبو عشر، هذهالمرة ركبت الجمل وعدت إلى الخرطوم؛ لشراء الاسبير، أجرت الجمل من واحد عربي هناك،وقال لي بعد ما تصل سلم الجمل لحوش الهواوير في أمدرمان، قمت الظُهر، ووصلت جبرةبالليل، وتعبت من ركوب الجمل ورجولي (اتظلطت) من السرج، وكانت زوادتي تمرات ورغيفات فىكرتوب أو جراب. لم أنم طوال الليل إلى أن جاء جماعة شايلين حطب في طريقهم الى امدرمان، ركبت جملي معاهم، ومشينا الليل كله، وعندما أصبح الصباح لم استطع المواصلة،فتخلفت منهم، ورقدت تحت ضل شجر، وعملت كباية شاي، ورقدت نمت حتى العصر، وبعدها واصلت مسيري حتى وصلت أمدرمان في اليوم الثالث عصراً، وصلت دايخ تمام، سلمت الجمل لحوش الهواوير، وركبت تاكسي مشيت البيت، رقدت أربعة أيام مريض من رحلة الجمل، ولم يكن هناك خوف على الجماعة الموجودين مع اللوري المكسور، حيث كانت زوادتهم كافية، وحولهم العرب والبهايم، بعد الأربعة أيام مشيت الورشة أسال من اللوري، وجدته في التشطيب، وقالوالي بكرة ممكن نسلمك ليهو .. رئيس الورشة واحد يوناني، ملقب بفار الحديد، استلمت اللوري بالفعل تاني يوم، اشتريت الاسبير للوري المكسور (الكرونة)، ومشينا حوش زريبة البهايم، اشترينا خروف كبير بتلاته جنيه، ورفعناه وتوكلنا باللوري، وطبعا هوجديد فاضي، قمت الصباح الساعة ثمانية ونص، بالليل وصلت وادي أبو عشر محل اللوري المكسور، الجماعة شافوا نور العربية، قعدوا يعرضوا وينططوا طبعاً أنا رجعت ليهم بعدسبعة يوم تقريباً من فارقتهم، وذبحنا الخروف، تاني يوم الصباح ربطنا الكرونة، وقسمنا البضاعة على العربيتين، وإتجهنا إلى الشمالية، ولقينا عربي قال أنا المرة دي بوديكم."يعكس هذا النصّ الممتع، ولغته الدارجة الهجين، طرفاً من أحاديث المعاناة، التي تجشمها أولئك الرواد الذين دشنوا طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، مغامرين بأنفسهم وأموالهم في طريق وعر المسالك، فيافيه قاحلة، ورماله ممتدة على مرمى البصر، وأخباره مقطوعة، لا يعلم سرها إلا الطيور التي كانت تحلق في الفضاء ولا تبث الخبر. لذلك جاءت إفادات السائق سيدأحمد عبد المجيد، مشحونة بروح المغامرة، ومجاهدات المغامرين، وأدب المعاناة، وهي خالية من متعة الترحال، وأنس المسافرين، وجلسات المقاهي التي كانت في رحم الخيال.

    (عدل بواسطة Khalid Elsayed on 03-18-2019, 08:08 AM)









                  

03-13-2019, 10:08 AM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    تحياتي الحبيب خالد ..
    شكراً كثير كثير
    توثيق نادر من نوعه
    رحم الله هؤلاء الاباء
    لا بد أن اقف عند كل هؤلاء الاسماء

    واصل يا جميل .. شغل تمام
                  

03-13-2019, 11:03 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    Quote: تحياتي الحبيب خالد .. شكراً كثير كثير توثيق نادر من نوعه رحم الله هؤلاء الاباء لا بد أن اقف عند كل هؤلاء الاسماءواصل يا جميل .. شغل تمام


    تسلم اخونا علي بمشاركتكم يكتمل التوثيق

    (عدل بواسطة Khalid Elsayed on 03-13-2019, 11:10 AM)

                  

03-13-2019, 10:26 AM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    سلالمات ياخالد

    سرد ممتع جدا .
    سافرت على هذا الطريق وانا طفل على ظهر لورى من دنقلا للخرطوم وكانت رحلة شاقة جدا

    كنا نمضى ثلاثة أيام لنفس الرحلة ولكن على ظهر الباخرة من دنقلا لكريمة ثم القطار من كريمة للخرطوم .

    اما رحلتى الأخيرة فكانت بسيارة خاصة فى أكتوير 2017 وأستغرق الوصول لدنقلا من الخرطوم خمس ساعات تقريبا

    لاحظت ان القرى والمدن التى كانت بينها ساعات بالباخرة وكانت بمثابة محطات عبرناها بالسيارة فى فترات زمنية قصيرة

    تحسين طرق المواصلات والأهتمام بها كمشاريع بنية أساسية أمر مهم أقتصاديا وأجتماعيا - حتى الطريق الحالى لا يناسب القرن الحالى ولا حجم الحركة فيه

    أعتقد أن عمر عبد السلام الوارد أسمه أصبح لاحقا من رواد نقل الركاب من وألى دنقلا - لا أنسى اللوارى المعدلة الى بصات ركاب ومكتوب عليها ترحيلات عمر عبد السلام .

    أسم عمر عيد السلام دخل حتى في غناء البنات .... سمعت غناءا فيه ... عمر عبد السلام أيقى سكى

    لك الشكر الجزيل

                  

03-13-2019, 10:50 AM

امتثال عبدالله

تاريخ التسجيل: 05-15-2017
مجموع المشاركات: 7424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: عباس محمود)

    شكرا خالد السيد على هذا السرد الممتع فعلا عن طريق دنقلا امدرمان..وعرفنا كيف كان يشقى ويتعب رجال ذلك الزمن في السفر،،،ويا حليلهم..
    هسع تجد البعض يشتكي من تعب السفر على الرغم من سفلتة الطريق والبصات المكندشة المريحة والسفر خمس ساعات بدل اسبوعين،،،،
                  

03-13-2019, 11:22 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: امتثال عبدالله)

    Quote: ،ويا حليلهم..
    هسع تجد البعض يشتكي من تعب السفر على الرغم من سفلتة الطريق والبصات المكندشة المريحة والسفر خمس ساعات بدل اسبوعين،،

    هل تصدقي انو اهلنا في الشمالية بقو بشربو شاي اللبن بي لبن البدرة
                  

03-13-2019, 11:09 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: عباس محمود)

    Quote: سرد ممتع جدا .سافرت على هذا الطريق وانا طفل على ظهر لورى من دنقلا للخرطوم وكانت رحلة شاقة جدا كنا نمضى ثلاثة أيام لنفس الرحلة ولكن على ظهر الباخرة من دنقلا لكريمة ثم القطار من كريمة للخرطوم .اما رحلتى الأخيرة فكانت بسيارة خاصة فى أكتوير 2017 وأستغرق الوصول لدنقلا من الخرطوم خمس ساعات تقريبا

    فعلا كانت معاناة شديدة كانت الرحلة تستغرق يوما كاملا الى منطقتنا قنتي قرب القبولاب القديمة ( حاليا الملتقي ) .. الآن الرحلة تستغرق 3 ساعات بالضبط 310 كيلو من سوق الى ليبيا الى ديوان جدي

    (عدل بواسطة Khalid Elsayed on 03-13-2019, 11:12 AM)

                  

03-13-2019, 11:29 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    من اشهر معالم الطريق قهوة ام الحسن
    https://www.youtube.com/watch؟v=jNHiamqouiIhttps://www.youtube.com/watch؟v=jNHiamqouiI

    ام الحسن الهوارية صاحبة أشهر محل قهوه بطريق أم درمان دنقلا وتعتبر ام الحسن الهوارية اشهر صاحبة محل في المنطقة وقد صرح الشاب محمد حسين مصطفى إن مجموعة من شباب مدينة دنقلا أطلقت مبادرة لإصدار كتاب يحوي سيرة صاحبة أشهر (قهوة) على طريق أم درمان دنقلا ، الحاجة أم الحسن الهوارية ، وحكاية (قهوتها) التي ظلت تعمل فيه لقرابة (80) عام ، بحسب الرواه وقال الحسن إن المبادرة واحدة من عدة مبادرات تهدف لتوثيق لرموز وكبار المنطقة .


    ما من أحد ربطته صلة دم بشريان الشمال لم يسمع بقهوة أم الحسن، حتى عندما كان هذا الشريان غائصاً بين كثبان الرمال قبل أن تدب فيه الروح ويطفو الى السطح وهو يتلوى بين تلك الفيافى.

    أصبحت القهوة بمثابة إرث حضارى يصنف ضمن آثارها المجيدة من يسمع بها يعتقد أنها قلعة أو مبنى عريق يقف شامخاً على الطريق ولا يخطر على باله أنها مجرد أعواد رقيقة السيقان لا تقوى على حمل سقفها، نصبتها(الحاجة أم الحسن) بمساعدة زوجها فى الأربعينيات وكانت وقتها تبعد مسافة (141) كيلو من مدينة أم درمان لكنها كانت بمثابة منارة تهدى السارى والضهبان بنورها الخافت ليلاً وشبحها نهاراً.

    حدثنا إبن عم الحاجة أم الحسن عثمان حسين الحفيان قائلاً:

    فى تلك الفترة كانت حركة سير العربات ضعيفة وقد تمر فى الإسبوع عربة أو عربتين إلى أن جعلت لها أياماً محددة هى السبت والثلاثاء ولشدة ما ألفت الحاجة أم الحسن المكان وحركة اللوارى كانت تميز صاحب أو سائق العربة لمجرد صوت (التعشيقة) قبل أن تراها فتقول (فلان وصل) وقد كانت ومازالت تتخصص القهوة فى عمل الشاى والقهوة، إلا أن السواقين كانوا يذبحون ويطبخون حلتهم ويرمون القراصة أو يأتون برغيف معهم ولما لم يكن هناك مصدر للمياه كانت تأخذ شاى كفتيرتها من (قرب) السواقين تقتصده لحين مرور آخرين، إلى أن مرّ الرئيس الأسبق جعفر محمد نميرى فى فترة السبعينيات بذاك الطريق وإقترح عليها أن يبنى لها خلوة لكنها رفضت لأنه فى ذلك الوقت لم تكن المنطقة آهلة بالسكان وطلبت منه أن يحفر لها بئراً لحل مشكلة المياه، فأقام لها صهريجاً لكنه سرعان ما تعطل إلى أن تم حفر البئر بواسطة أحد الخيرين من منطقة (كرمة) فأصبحت قبلة لكل المارين يتزودون منها ذهاباً وإياباً.

    لم يبق الحال على ماهو عليه بعد عهد الإنقاذ حيث تم نقلها لمقرها الجديد الآن على بعد (240) كيلو من أم درمان مكان البئر الذى قام بحفره لها السيد الحاج عطا المنان وزودها بوابور كهربائى وثلاجة وكارو لنقل الماء، وأصبحت منطقة سكنية بها جامع ومدرسة ومجموعة من القهاوى.

    وأضاف عثمان أن المنطقة مازالت تعانى من مشكلة المياه خاصة المدارس التى تقدمت منظمة الزبير الخيرية بمنحها (كرداكة) تعمل على رفع المياه وإختصت بها المدارس وقد أثر ذلك فى تنمية وإقامة مشروع زراعى يكفل أهالى المنطقة.

    توفيت الحاجة أم الحسن فى العام (2003)م عن عمر يناهز الــــ (101) سنة مخلفة ثلاث بنات وأربعة أولاد ودفنت فى منطقة (قنتتى) لأنها حينها لم تكن هناك المقابر التى انشئت بعد وفاتها والآن المنطقة بها عدد من القهاوى مملوكة لعشيرتها من أبنائها وبنى عمومتها لكنها لم تعد مرتكزاً كما الأول بعد إنشاء العديد من القهاوى والمناطق السكنية وأشهرها منطقة (التمتام) اللهم إلا من العربات الصغيرة ومن يريد التزود بالبنزين أو الجاز المعبأ فى براميل لجذب العربات وزيادة الخير خيرين.



    https://www.tumboor.com/vb/showthread.php؟t=15321https://www.tumboor.com/vb/showthread.php؟t=15321
                  

03-13-2019, 12:28 PM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)
                  

03-13-2019, 12:40 PM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: عباس محمود)

03-13-2019, 12:38 PM

خالد حاكم
<aخالد حاكم
تاريخ التسجيل: 08-25-2007
مجموع المشاركات: 3434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    Quote: أسم عمر عيد السلام دخل حتى في غناء البنات .... سمعت غناءا فيه ... عمر عبد السلام أيقى سكى


    نعم وهو والد المحامى كمال عمر عبدالسلام بتاع المؤتمر الشعبى
                  

03-17-2019, 11:43 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: خالد حاكم)

    Quote: نعم وهو والد المحامى كمال عمر عبدالسلام بتاع المؤتمر الشعبى

    ما متاكد لكن عمر عبد السلام شايقي من كورتي
                  

03-14-2019, 07:27 AM

walid taha
<awalid taha
تاريخ التسجيل: 01-28-2004
مجموع المشاركات: 4202

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    بوست طاعم جدا

    أعد دلوى للدلو به
                  

03-14-2019, 08:25 AM

عوض جاه الرسول

تاريخ التسجيل: 01-24-2013
مجموع المشاركات: 913

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: walid taha)

    Quote: لنا عودة بعد الويكـ اند . .
                  

03-17-2019, 11:48 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: عوض جاه الرسول)

    تمام
                  

03-17-2019, 11:45 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: walid taha)

    Quote: وست طاعم جدا

    أعد دلوى للدلو به

    منتظرنك
                  

03-17-2019, 11:59 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    https://up.top4top.net/

    https://up.top4top.net/

    https://up.top4top.net/

    https://up.top4top.net/
                  

03-17-2019, 12:02 PM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    قهوة ام الحسن
    https://up.top4top.net/

    https://up.top4top.net/
                  

03-17-2019, 12:04 PM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    https://www.youtube.com/watch؟v=jNHiamqouiIhttps://www.youtube.com/watch؟v=jNHiamqouiI
                  

03-17-2019, 12:27 PM

الحجاج الصادق
<aالحجاج الصادق
تاريخ التسجيل: 11-04-2018
مجموع المشاركات: 90

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    لا اعتقد أن عمر عبد السلام المقصود هو والد المحامي كمال عمر عبد السلام ... حيث أن والد المحامي المذكور كان شرطياً شهيراً بمدينة المناقل ويسكن قشلاق الشرطة غرب السينما ولا علاقه له بالسفر أو اللواري
                  

03-17-2019, 02:41 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: الحجاج الصادق)

    التحية لصاحب البوست ..
    عمر عبدالسلام صاحب البصات السفرية .. من أكد غرب النيل ( اكد وسروج ) بلد ناس فاتح الريشة لاعب الهلال السابق
    وتقع شمال الحفير ( بلد نائب الريس السابق بكري )

    أما بالنسبة لأبنائه لا علم لدي ..

    مع التحية للاحباب ..

                  

03-18-2019, 04:56 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    التحية ليك يا خالد،

    ياخي مالك علينا، تولع فينا نار الذكريات.

    انا من الجيل الاتربا في الطريق ده، ولكن كنتا بفضل الباخرة والقطر في الزمن داااك.

    نعم احد اقرباي كان من اشهر شعراء الدلوكة في منطقتنا، دنقلا العجوز، او من اغانيهو الشهيرة بالعربي:

    باللوري ما ممكن اسافر،

    بالباخرة، بكرة انا دار اسافر..

    طبعا العزف علي البوري في زمنا، في اللواري ثم البصات، كان من امتع انواع المزيكا.

    اللوري متعب، اما الباخرة علي النيل، ياساتر!!

    شئ خرافي!

    الما حضر الزمن داك او سافر علي النيل بالبواخر، "حاجز نوم" فحقو راح تب!!

    يا زمن، وقف شوية...

    واهدي لي، لحظات هنية.....
                  

03-18-2019, 05:41 AM

جلالدونا
<aجلالدونا
تاريخ التسجيل: 04-26-2014
مجموع المشاركات: 9387

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Bashasha)

    يا سلااااااام ياخ
    بوست متعة المتعة
    الدرب ده لى فيهو دكريات ياما و ياما
    كدى نقرا دى و نجيكم بالمهلة
    ﺩﺍﻳﺮ ﺃﻗﻮﻡ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻏﻔﺮ ﻣﺎﻟﻮ ﺫﻯ ﺩﻩ ﻭﻣﺎﻝ ﺍﻟﺴﻔﺮ
    ﺗﺴﻌﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎﺭﺗﺮ ﻧﻘﺮ ﻭﺟﺮ ﻛﻮﺯﻭ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﻥ ﺷﺨﺮ
    ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻴﺪ ﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ ﻭﻛﻞ ﺭﺍﻛﺐ ﺯﻫﻰ ﻭﺇﻓﺘﺨﺮ
    ﻣﺎ ﺟﺒﺮ ﺧﺎﻃﺮﻧﺎ ﺇﻧﺘﻈﺮ ﻭﻓﻰ ﻳﻤﻴﻨﻮ ﻓﻰ ﺃﺣﻠﻰ ﻣﻨﻈﺮ
    ﻟﻴﻬﻮ ﻳﺎ ﺃﺏ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻟﻮ ﻧﻈﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻴﻦ ﻟﻰ ﻋﻤﺮﻙ ﻧﺬﺭ
    ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺴﺠﺎﻧﺔ ﻣﻀﻄﺮ ﻭﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﺇﺳﺘﻨﻰ ﺍﻟﺰﻭ ﻝ ﻓﻄﺮ
    ﻳﺎﺧﻰ ﻣﺎﻫﺎ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﺳﻔﺮ ﻭﻟﻠﺴﻤﻴﺤﻴﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺧﻄﺮ
    ﻟﺤﻈﺔ ﻓﻰ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﻣﺎﺻﺒﺮ ﻭﺣﻼ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ
    ﻓﻜﻪ ﺑﺎﻟﺮﺩﻣﻴﺔ ﻭﻫﺒﺮ ﻭﺑﻰ ﻏﺮﺏ ﺧﻮﺭ ﻛﺎﻣﻞ ﺳﺪﺭ ﺟﺮ
    ﻣﻦ ﺃﺭﻃﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺭﻯ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﻥ ﻛﻔﺮ
    ﺷﻘﻖ ﺍﻟﻘﻮﺯ ﻓﺠﻪ ﻭﺩﻓﺮ ﻻﻣﺴﺎﻋﺪ ﺟﺮﻯ ﻻﺣﻔﺮ
    ﺷﺒﺎ ﺑﺎﻟﺤﻨﻜﺎﺕ ﻭﺇﻧﺤﺪﺭ ﻭﻃﺒﻪ ﻓﻰ ﺟﺒﺮ ﺑﻼ ﺧﺒﺮ
    ﺇﺳﺘﺮﺍﺡ ﻓﻰ ﺿﻞ ﺍﻟﺸﺪﺭ ﻭﺗﻢ ﻣﻮﻳﺔ ﻭﺗﺎﻧﻰ ﻫﺎﺟﺮ
    ﺑﻰ ﺗﺤﺖ ﻟﻰ ﺑﻮﺣﺎﺕ ﺧﺘﺮ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮ ﻛﺎﻧﻮ ﺳﻨﺘﺮ
    ﺑﺎﻟﻘﻌﺎﺩ ﻻﺷﻜﻰ ﻻﻓﺘﺮ ﻣﺎﻇﻔﺮ ﺑﻰ ﻋﺒﻠﺔ ﻋﻨﺘﺮ
    ******
    ﺍﻟﺴﻤﻮﻡ ﻳﺎﻓﻴﺼﻞ ﺍﻟﺤﺮ ﺃﻣﻨﻌﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻘﺪﺭ
    ﻭﻣﻦ ﺗﻘﺎﺷﻴﻘﻚ ﺑﺲ ﺃﺣﺬﺭ ﻭﺇﻳﺪﻙ ﺍﻟﺘﻠﻤﺲ ﺑﺘﺨﺪﺭ
    ﻳﺎﻗﺪﻳﺮ ﻣﺎﻓﻨﻚ ﻇﻬﺮ ﻭﺧﺒﺮﺗﻚ ﻛﻴﻔﺖ ﺍﻟﺰﻫﺮ
    ﺷﻮﻓﻮ ﻛﻴﻒ ﺇﺗﺠﻠﻰ ﻭﺃﺯﻫﺮ ﻟﻤﺎ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﺑﺔ ﺑﻬﺮ
    ﻗﺎﻝ ﻧﻘﻴﻒ ﺳﻨﺪﺓ ﻭﺑﻨﻨﺠﺮ ﺍﻟﺤﻔﻴﺮ ﻣﺎﺟﺪﻋﺖ ﺣﺠﺮ
                  

03-18-2019, 07:53 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: جلالدونا)

    Quote: يا سلااااااام ياخ
    بوست متعة المتعة
    الدرب ده لى فيهو دكريات ياما و ياما
    كدى نقرا دى و نجيكم بالمهلة
    ﺩﺍﻳﺮ ﺃﻗﻮﻡ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻏﻔﺮ ﻣﺎﻟﻮ ﺫﻯ ﺩﻩ ﻭﻣﺎﻝ ﺍﻟﺴﻔﺮ
    ﺗﺴﻌﺔ ﻟﻸﺳﺘﺎﺭﺗﺮ ﻧﻘﺮ ﻭﺟﺮ ﻛﻮﺯﻭ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﻥ ﺷﺨﺮ
    ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻴﺪ ﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ ﻭﻛﻞ ﺭﺍﻛﺐ ﺯﻫﻰ ﻭﺇﻓﺘﺨﺮ
    ﻣﺎ ﺟﺒﺮ ﺧﺎﻃﺮﻧﺎ ﺇﻧﺘﻈﺮ ﻭﻓﻰ ﻳﻤﻴﻨﻮ ﻓﻰ ﺃﺣﻠﻰ ﻣﻨﻈﺮ
    ﻟﻴﻬﻮ ﻳﺎ ﺃﺏ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻟﻮ ﻧﻈﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻴﻦ ﻟﻰ ﻋﻤﺮﻙ ﻧﺬﺭ
    ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺴﺠﺎﻧﺔ ﻣﻀﻄﺮ ﻭﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﺇﺳﺘﻨﻰ ﺍﻟﺰﻭ ﻝ ﻓﻄﺮ
    ﻳﺎﺧﻰ ﻣﺎﻫﺎ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﺳﻔﺮ ﻭﻟﻠﺴﻤﻴﺤﻴﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺧﻄﺮ
    ﻟﺤﻈﺔ ﻓﻰ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﻣﺎﺻﺒﺮ ﻭﺣﻼ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ
    ﻓﻜﻪ ﺑﺎﻟﺮﺩﻣﻴﺔ ﻭﻫﺒﺮ ﻭﺑﻰ ﻏﺮﺏ ﺧﻮﺭ ﻛﺎﻣﻞ ﺳﺪﺭ ﺟﺮ
    ﻣﻦ ﺃﺭﻃﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺭﻯ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﻥ ﻛﻔﺮ
    ﺷﻘﻖ ﺍﻟﻘﻮﺯ ﻓﺠﻪ ﻭﺩﻓﺮ ﻻﻣﺴﺎﻋﺪ ﺟﺮﻯ ﻻﺣﻔﺮ
    ﺷﺒﺎ ﺑﺎﻟﺤﻨﻜﺎﺕ ﻭﺇﻧﺤﺪﺭ ﻭﻃﺒﻪ ﻓﻰ ﺟﺒﺮ ﺑﻼ ﺧﺒﺮ
    ﺇﺳﺘﺮﺍﺡ ﻓﻰ ﺿﻞ ﺍﻟﺸﺪﺭ ﻭﺗﻢ ﻣﻮﻳﺔ ﻭﺗﺎﻧﻰ ﻫﺎﺟﺮ
    ﺑﻰ ﺗﺤﺖ ﻟﻰ ﺑﻮﺣﺎﺕ ﺧﺘﺮ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺒﻴﺮ ﻛﺎﻧﻮ ﺳﻨﺘﺮ
    ﺑﺎﻟﻘﻌﺎﺩ ﻻﺷﻜﻰ ﻻﻓﺘﺮ ﻣﺎﻇﻔﺮ ﺑﻰ ﻋﺒﻠﺔ ﻋﻨﺘﺮ
    ******
    ﺍﻟﺴﻤﻮﻡ ﻳﺎﻓﻴﺼﻞ ﺍﻟﺤﺮ ﺃﻣﻨﻌﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻘﺪﺭ
    ﻭﻣﻦ ﺗﻘﺎﺷﻴﻘﻚ ﺑﺲ ﺃﺣﺬﺭ ﻭﺇﻳﺪﻙ ﺍﻟﺘﻠﻤﺲ ﺑﺘﺨﺪﺭ
    ﻳﺎﻗﺪﻳﺮ ﻣﺎﻓﻨﻚ ﻇﻬﺮ ﻭﺧﺒﺮﺗﻚ ﻛﻴﻔﺖ ﺍﻟﺰﻫﺮ
    ﺷﻮﻓﻮ ﻛﻴﻒ ﺇﺗﺠﻠﻰ ﻭﺃﺯﻫﺮ ﻟﻤﺎ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﺑﺔ ﺑﻬﺮ
    ﻗﺎﻝ ﻧﻘﻴﻒ ﺳﻨﺪﺓ ﻭﺑﻨﻨﺠﺮ ﺍﻟﺤﻔﻴﺮ ﻣﺎﺟﺪﻋﺖ ﺣﺠﺮ

    الله عليك يا جلالدونا

    شوف الوصف دا من رواية موسم الهجرة الى الشمال
    دركسونك مخرطة وقايم على بولاد

    وغير ست النفور الليلة ما في رقاد

    وارتفع صوت آخر يجاوبه :

    ناوين السفر من دار كول والكمبو ..

    هوزز راسه فرحان بالسفر يقنبه

    أب دومات غرفن عرقه اتنادن به

    ضرب الفجة وأصبح ناره تاكل الجنبة

    ثم نبع صوت ثالث يجاوب الصوتين :

    واوحيحي ووا وجع قلبي

    من صيدة القنص الفترت كلبي

    القاري العلم من دينه بتسلبي

    والماشي الحجاز من جدة بتقلبي
                  

03-18-2019, 07:11 AM

Haytham Ghaly

تاريخ التسجيل: 01-20-2013
مجموع المشاركات: 4763

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Bashasha)

    تحياتي خالد السيد وجميع زوار هذا البوست الممتع

    سافرت كثيراً عبر هذا الطريق قبل السفلتة وبعدها على ظهر اللواري وايضاً على مقاعد الهايسات والبصات السياحية المكندشة وعلى صهوات السيارات الخاصة

    حقيقةً كان السفر قبل الطريق المسفلت شيء مرهق جداً ولكن رغم ذلك كان ممتعاً جداً وتحدث فيه الكثير من القصص ويرتبط الناس فيه بالكثير من العلاقات الاجتماعية المتعددة

    اي شخص سافر عبر هذا الطريق قبل الطرق المسفلتة وقرأ رواية موسم الهجرة الى الشمال لكاتبنا العظيم الطيب صالح ومر على المقاطع التي تصف هذا السفر الفريد

    بالتأكيد شاف قدامو كل المناظر التي صورها الكاتب وكل البراحات الرملية والجبال واهلنا اعراب الصحراء المتناثرين على بعض بقاعها القريبة من موارد المياة

    حقيقةً شي مذهل ويملاك حنين لامن تدفق ، اسع لمن شفت صورة البص النيسان الفوق دي اختلط بها كل كياني وكاد الدمع ان يطفر


    بالجد مالك علينا يا خالد

    مالك ياخ
                  

03-18-2019, 08:00 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Haytham Ghaly)

    Quote: تحياتي خالد السيد وجميع زوار هذا البوست الممتع

    سافرت كثيراً عبر هذا الطريق قبل السفلتة وبعدها على ظهر اللواري وايضاً على مقاعد الهايسات والبصات السياحية المكندشة وعلى صهوات السيارات الخاصة

    حقيقةً كان السفر قبل الطريق المسفلت شيء مرهق جداً ولكن رغم ذلك كان ممتعاً جداً وتحدث فيه الكثير من القصص ويرتبط الناس فيه بالكثير من العلاقات الاجتماعية المتعددة

    اي شخص سافر عبر هذا الطريق قبل الطرق المسفلتة وقرأ رواية موسم الهجرة الى الشمال لكاتبنا العظيم الطيب صالح ومر على المقاطع التي تصف هذا السفر الفريد

    بالتأكيد شاف قدامو كل المناظر التي صورها الكاتب وكل البراحات الرملية والجبال واهلنا اعراب الصحراء المتناثرين على بعض بقاعها القريبة من موارد المياة

    حقيقةً شي مذهل ويملاك حنين لامن تدفق ، اسع لمن شفت صورة البص النيسان الفوق دي اختلط بها كل كياني وكاد الدمع ان يطفر


    بالجد مالك علينا يا خالد

    مالك ياخ

    الاديب الراحل الطيب صالح ابدع في الوصف

    وانتهت الحرب فجأة بالنصر . شفق المغيب ليس دماً ولكنه حناء في قدم المرأة ، والنسيم الذي يلاحقنا من وادي النيل يحمل عطراً لن ينضب في خيالي ما دمت حياً . وكما تحط ..قافلة رحالها حططنا رحلنا . بقي من الطريق أقله . طعمنا وشربنا . صلى أناس صلاة العشاء ، والسواق ومساعدوه أخرجوا من أضابير السيارة قناني الخمر ، وأنا استلقيت على الرمل وأشعلت سيجارة وتهت في روعة السماء . والسيارة أيضاً سُقيت الماء والبنزين والزيت ، وهي الآن ساكنة راضية كمهرة في مراحها . انتهت الحرب بالنصر لنا جميعاً ، الحجارة والأشجار والحيوانات والحديد ، وأنا الآن تحت هذه السماء الجميلة الرحيمة أحس أننا جميعاً أخوة . الذي يسكر والذي يصلي والذي يسرق والذي يزني والذي يقاتل والذي يقتل . الينبوع نفسه . ولا أحد يعلم ماذا يدون في خلد الإله . لعله لا يبالي . لعله ليس غاضباً . في ليلة مثل هذه تحس أنك تستطيع أن ترقى إلى السماء على سلم من الحبال . هذه أرض الشعر والممكن وابنتي اسمها آمال . سنهدم وسنبني وسنخضع الشمس ذاتها لإرادتنا وسنهزم الفقر بأي وسيلة
                  

03-18-2019, 07:48 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Bashasha)

    Quote: التحية ليك يا خالد،

    ياخي مالك علينا، تولع فينا نار الذكريات.

    انا من الجيل الاتربا في الطريق ده، ولكن كنتا بفضل الباخرة والقطر في الزمن داااك.

    نعم احد اقرباي كان من اشهر شعراء الدلوكة في منطقتنا، دنقلا العجوز، او من اغانيهو الشهيرة بالعربي:

    باللوري ما ممكن اسافر،

    بالباخرة، بكرة انا دار اسافر..

    طبعا العزف علي البوري في زمنا، في اللواري ثم البصات، كان من امتع انواع المزيكا.

    اللوري متعب، اما الباخرة علي النيل، ياساتر!!

    شئ خرافي!

    الما حضر الزمن داك او سافر علي النيل بالبواخر، "حاجز نوم" فحقو راح تب!!

    يا زمن، وقف شوية...

    واهدي لي، لحظات هنية.....

    تسلم اخونا بشاشا
    ذكريات منحوتة في العضم
    ﺍﺗﺬﻛﺮﻙ ﻳﺎ ﻳﻤﺔ ﻳﺎﻳﻤﺔ
    ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺠﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ
    ﻧﺎﻋﻢ ﺗﺮﺍﺑﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺟﺴﻴﻤﺎﺗﻢ ﺭﻗﺪ
    ﺭﻳﺤﺔ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻬﺪﻭﻡ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺨﻀﺎﺭ ﺧﺎﻧﺲ ﻟﺒﺪ
    ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺍﻭﺍﺭﻩ ﺑﺸﺘﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﻇﻨﻲ ﻓﻴﻬﻮ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻤﺪ
    ﺍﺗﺬﻛﺮﻙ ﻳﺎ ﻳﻤﺔ ﻳﺎ ﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺎﻟﻮ ﻗﺎﺋﻤﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ
    ﺭﺻﻮ ﺍﻟﻬﺪﻳﻤﺎﺕ ﻋﺪﻟﻮ ﺭﻛﺒﻮ ﺍﻟﻠﻮﺍﺭﻱ ﻭﻗﺒﻠﻮ
    ﺧﻠﻮﻧﻲ ﻭﺣﺪﻱ ﺑﻼ ﺍﻧﻴﺲ
    ﻛﻴﻒ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩﻱ ﺍﺗﺤﻤﻠﻮ
    ﺷﺎﻟﻮ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻧﺎ ﻣﻨﻲ ﻟﻴﻚ

                  

03-18-2019, 07:44 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    Quote: لتحية لصاحب البوست ..
    عمر عبدالسلام صاحب البصات السفرية .. من أكد غرب النيل ( اكد وسروج ) بلد ناس فاتح الريشة لاعب الهلال السابق
    وتقع شمال الحفير ( بلد نائب الريس السابق بكري )

    أما بالنسبة لأبنائه لا علم لدي ..

    مع التحية للاحباب ..

    شكرا للتصحيح اخونا علي عبدالوهاب
                  

03-18-2019, 07:41 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: الحجاج الصادق)

    Quote: لا اعتقد أن عمر عبد السلام المقصود هو والد المحامي كمال عمر عبد السلام ... حيث أن والد المحامي المذكور كان شرطياً شهيراً بمدينة المناقل ويسكن قشلاق الشرطة غرب السينما ولا علاقه له بالسفر أو اللواري
    Quote:


    شكرا للتصحيح
                      

03-18-2019, 06:15 AM

Amira Hussien
<aAmira Hussien
تاريخ التسجيل: 11-26-2016
مجموع المشاركات: 1716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    سرد جميل شديد ، وقهوة ام الحسن سمعنا بيها فى واحد من خطابات الراحل عمر الحاج موسي وهو يمدح الرئىس نميرى ويصفه بالتواضع حتى انه شرب القهوة عند ام الحسن ،افتكر صاحب اللورى هو عمر عبدالسلام كمبال
                  

03-18-2019, 07:05 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Amira Hussien)

    شكراً للأستاذ خالد السيد الذي أعاد هذا الموضوع إلى الذاكرة، إليكم الحلقات الأربع تباعاً:

    الحلقة الأولى

    طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا: الماضي والحاضر
    أحمد إبراهيم أبوشوك

    تمهيد

    عندما كان البروفسيور محمد إبراهيم أبوسليم (ت. 2004م) مشغولاً بجمع مادة كتابه القيم "الساقية"، استشهد أحد الرواة في الدويم عليه بأبيات لأبي العلاء المعري:

    سيَسألُ ناسٌ: ما قُريشٌ ومكّةٌ *** كما قال ناسٌ: ما جَديسٌ وما طَسْمُ؟
    أرى الوَقتَ يُفني أنفُساً بفَنائِهِ*** ويَمحو، فما يبقى الحديثُ ولا الرّسمُ
    لقد جَدّ أهلُ الملعَبينِ، فأثّلوا *** بناءً، ولم يَثبُتْ لرافِعِهِ وسْمُ **

    علَّق أبوسليم على هذه الأبيات قائلاً "إنَّ أمر طسم وجديس كان مشهوراً بين العرب، وإنَّ قصتهما كانت شائعةً، يعرفها الكبير والصغير، فلمَّا دار الزمن، وإبتعد العهد، نسي الناس ما كان مشهوراً وذائعاً، وأضحوا يسألون مستفسرين، وربما مستغربين أو مستنكرين، وما جديس وما طسم!". ويرى أبوسليم أنَّ المعري قد بالغ في التصوير عندما افترض أنه سيأتي يوم، يجهل الناس فيه قبيلة قريش ومكة أم القُرى، مؤكداً بذلك حقيقة ماثلة في التاريخ أنَّ الموت يحصد الأرواح، وأنَّ الدهر يفني الرسومات، ومآثر الناس، وعاداتهم، وذكرياتهم التي كانت متداولة بينهم بالتواتر. واحترازاً من آفة النسيان أنجز أبوسليم كتابه الرائد عن الساقية، التي كانت تمثل مَعْلَماً بازراً من مَعَالم قُرى الشمال الواقعة على ضفتي النيل، حيث تشكلت حولها حياة الناس، وعاداتهم الاجتماعية، وقيمهم الاقتصادية؛ ولكن نوائب الدهر جعلت تلك الرافعة المنتجة في ذمة التاريخ، ولم يبق من حضورها الدائم على ضفاف النيل وفي أحاديث الترابلة إلا مادوَّنه أبوسليم في ثنايا سِفْرِه الجامع. وأظن أنه سيأتي يومٌ، يسأل الناس عن طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، والشخصيات البارزة التي كانت تمثل مَعْلَماً من معالم ذلك الطريق، والذكريات التي ارتبطت بمشاهده المتحركة، ثم غابت تدريجياً عن مسرح الأحداث، بفعل السفلتة وإجراءات التحديث المعاصرة التي تجسدت في قيام "طريق شريان الشمال". واستناداً إلى هذه التطورات المادية التي غيَّبت طرفاً من ملامح طريق أمدرمان-دنقلا القديم، جاءت فكرة تدوين هذه الصفحات؛ لتكون خطوةً في مشوارٍ مساره خمسمائة كيلو متر، ونأمل أن يأتي باحث آخر، ويكمل هذا المشوار التاريخي، مستنداً إلى القصاصات التي كُتبت عن ذلك الطريق العريق، والأفلام الوثائقية التي سجلت طرفاً من مشاهده وذكرياته، فضلاً عن ما يحمله الحُفَّاظ من ذكريات تليدة في أذهانهم، قبل أن ينتقلوا بتلك النفائس التاريخية إلى الدار الآخرة. السفر قبل افتتاح طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلاورد في كثير من الروايات الشفوية أنَّ طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا لم تطرقه وسائل المواصلات الحديثة إلا في النصف الثاني من عقد الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث ارتبطت حركة الناس والبضائع بالسكك الحديدية (القطارات) التي كانت تصل الخرطوم بكريمة وحلفا في المديرية الشمالية آنذاك. ومن كريمة تبدأ رحلة البواخر النيلية التي كانت تمر بمحطات معينة في بعض القُرى والمدن الواقعة على ضفتي النيل، وآخر المحطات كانت كرمة النُزل. كانت حركة البواخر في تلك الأثناء مربوطة بحركة قطارات الركاب، علماً بأن قطار المشترك كان يتحرك من الخرطوم يوم الأربعاء الساعة 11:00 صباحاً، ويصل كريمة يوم الخميس الساعة 3:40 عصراً من كل أسبوع؛ ويتحرك قطار المشترك المحلي من عطبرة يوم الأربعاء الساعة 12:00 ظهراً، ويصل كريمة يوم الخمس الساعة 5:55 صباحاً. ويسافر ركاب هذين القطارين بباخرة الأكسبريس التي كانت تغادر كريمة يوم الجمعة الساعة 4:00 صباحاً، وتصل دنقلا يوم السبت الساعة 6:45 صباحاً من كل أسبوع. وتبدأ رحلة العودة من دنقلا يوم الأحد الساعة 4:30 صباحاً، وتصل كريمة يوم الأربعاء الساعة 10:5 صباحاً؛ لتقابل قطار المشترك المتحرك من كريمة الساعة 2:00 ظهراً في اليوم نفسه. وهناك أيضاً قطار آخر يُعرف بقطار المشترك يتحرك من الخرطوم يوم الأحد الساعة 11:00 صباحاً، ويصل كريمة يوم الاثنين الساعة 3:40 عصراً. يصادف ركاب هذا القطار باخرة البوستة (البريد) التي كانت تتحرك من كريمة يوم الثلاثاء الساعة 4:30 صباحاً، وتصل الدبة الساعة 6:45 مساءاً. وتبدأ رحلة العودة من الدبة يوم الأربعاء الساعة 11:45 مساءً، وتصل كريمة يوم السبت الساعة 6:20 صباحاً، لتصادف قطار المشترك الذي كان يتحرك من كريمة في يوم السبت الساعة 1:00 ظهراً. وفي زمن الدميرة (منتصف يوليو إلى منتصف ديسمبر) كانت رحلات البواخر النيلية تصل إلى محطة كرمة النُزل، التي تعبد من دنقلا 53 كيلو متراً. ومن أهم البواخر النيلية التي كانت تعمل في الخط النهري بين كريمة ودنقلا: الجلاء، وكربكان، وعطارد، والزهرة. وكانت هذه البواخر تصان بصفة دورية في ورشة الحوض بكريمة، التي يرجع تاريخ تأسيسها لعام 1902م، عندما استلمت حكومة السُّودان البواخر النيلية من الحملة العسكرية الإنجليزية-المصرية. وبدأت الورشة عملها بمروي قبل انتقالها إلى كريمة، وآنذاك كانت حركة الملاحة النهرية غير منتظمة، وقاصرة على نقل العساكر والبضائع، وتنفيذ بعض المهمات الحكومية. يقدر عدد المسافرين عن طريق السكة حديد في العام 1955/1956م بـ 30735 مسافراً، والبواخر النيلية 30585 مسافراً. بمعنى أن الطريق بين الخرطوم ودنقلا كان طريقاً مزدحماً بمقياس ذلك الزمن، وحافلاً بمشاهده المتعددة بالنسبة للمسافرين، وأهل المناطق التي يمر بها خط السكة الحديد، أو تقع فيها محطات البواخر النيلية. وكان المسافرون يتعرفون على كثير مناطق المديرية المختلفة (نهر النيل والشمالية-دنقلا)، وعلى بعضهم بعضاً أثناء تلك الرحلة الطويلة. أما بالنسبة لأهل المناطق المضيفة فكانت محطات القطار أو البواخر النيلية تشكل بالنسبة لهم أسواقاً أسبوعية، تدر عليهم عوائد مادية، ناتجة من بيع منتوجاتهم المحلية للمسافرين، بأسعار توافق حركتي العرض والطلب آنذاك.

    ونلحظ أنَّ الجوافة كانت تُباع في محطة الجيلي، والمنقة في شندى، والمصنوعات السعفية (البروش، والحبال، والمكانس) في أبوحمد، والبلح والفواكهة بأنواعها المختلفة في كريمة، فضلاً عن المأكولات والمشروبات المحلية. ولم تقف فوائد تلك الرحلة عند الاعتبارات الاجتماعية والفوائد الاقتصادية، بل تعدتها إلى المسائل العاطفية؛ لأن النقل النهري والسكك الحديدية كانت سبباً في هجرة بعض الحسان مع أزواجهن القادمين من الحواضر، خصماً على حساب العاشقين من "أولاد البلد" المقيمين في نواحي السافل. ونستشهد في هذا المقام بقصيد معبرة للشاعر عبد الله كنَّة، تصف رحلة محبوبته التي بدأت من الدبة وانتهت ببورتسودان على البحر الأحمر:
    يوم بابورا قام فرا
    وراهو أصبحت في حسرا
    من الدبة وانجرا
    سريع النهمة فاتا جرا
    دقائق وتاني قام فرا
    وفاتها قوشابي بالمـره
    العفاض خلاهــو ورا
    خاشي قنتي بان شدرا
    من منصوركتي قـام
    وجراالكلد مورا
    أمبكول في ضرا
    جواري وكورتي جات دافرا
    والباسا وأوسلي ديك ظاهرا
    المقل والريح لقينا ضرا
    القرير حيـرنا بالخضرا
    تومتي الخاشي وابورا
    والزومه منارة الفقرا
    على تنقاسي دمعي جرا
    وسواقا عصر بها الحجره
    مبيتو الليله وين يا ترا
    في مروي الوقف غفرا
    الفجر قام الأجراس نـقرا
    بابورا اتوسطت بحرا
    يا ديك كريمه بان قطرا
    واقفين والنهار حرا
    في أولى مجهزة القمره
    في الكاسنجر دمعي جرا
    ودي في أم غربان وصل خبرا
    أب حمد الحبيب زارا
    وعليهو خلايقو تنجارا
    تومتي الفراق ما القسمه ترا
    انتي أوعك تنسي للعشره
    الشريك بربر سريع مرا
    وفي عطبره دق صفاره
    وركب قطراً طريقو برا
    وهيا وسنكات طرق وعره
    طويله ممله دي السفرا
    وبورسودان حد الرحله
    السكون ديم سلبونا برا
    وسلام يا ساكن الحاره
    تعالي أوصيكي ياجارا
    إنتي للسر كوني ستارا
    مولاي جروحي أطفي نارا
    وهي من يوم غابت القمرا
    رازق السمكه في بحرا
    انتا فوق تومتي الصغير عمرا***

    (نقلاً عن صيحفة السوداني، 4 نوفمبر 2014م)، (يتبع: الحلقة الثانية: قصة طريق أمدرمان دنقلا)

    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 03-18-2019, 07:10 AM)
    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 03-18-2019, 07:11 AM)
    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 03-18-2019, 07:17 AM)
    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 03-18-2019, 07:22 AM)
    (عدل بواسطة Ahmed Abushouk on 03-18-2019, 07:25 AM)

                  

03-18-2019, 07:06 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Ahmed Abushouk)

    الحلقة الثانية
    طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا: الماضي والحاضر

    أحمد إبراهيم أبوشوك

    تطرقنا في الحلقة الأولى من هذا المقال إلى وسائل السفر التي كانت تربط العاصمة القومية (الخرطوم) بمديرية دنقلا (حالياً الولاية الشمالية)، ممثلة في السكك الحديدية والبواخر النيلية الواصلة بين كريمة وكرمة النُزل، وذلك في مطلع العهد الإنجليزي-المصري (1898-1956م). ونعرض في هذه الحلقة القصة الكاملة لتدشين طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا في ثلاثينيات القرن الماضي، متطرقين للصعوبات والتحديات التي واجهت الرواد الأوائل، أمثال السائق علي محمد ساتي، والسائق سيدأحمد عبد المجيد، وصاحب ترحيلات السلام عمر عبد السلام حامد، والخبير عباس قبولي، ونوع السيارات (العربات) التي استخدمها أولئك المغامرون في انجاز رحلاتهم الاستكشافية، والمقاهي التي أُسست على جانبي الطريق، مثل قهوة أم الحسن بنت ود الحفيان، والذكريات التي ظل يحملها المسافرون عن تجاربهم المضنية على طول الطريق والممزوجة بصبرهم الجَلَدْ وتسامرهم العفوي، والتي صوَّر الأديب الطيب صالح طرفاً منها في كتابه موسم الهجرة إلى الشمال بطريقة قلمية رائعة، وجديرة بالقراءة والتأمُّل.

    قصة طريق أمدرمان-دنقلا
    قبل النصف الثاني من عقد الثلاثينيات كانت الحركة في طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا قاصرةً على تجارة الدواب التي كانت تُصدَّر إلى أسواق أمدرمان، والسلع الأخرى مثل الشاي والتمباك، بقيادة خبراء مشاهير، تمرسوا في خبايا السفر في الصحراء، أمثال الخبير محمد قبولي، وأبناؤه علي، وعباس، وحمد، وهم من سوراب قنتي، وكذلك الخبير جيب الله الذي ورد في أشعار شريشابي (الخبير جيب الله خالك يا عمامي *** وكسر راسمالي ما دارلو التمامي). وتفيدنا الروايات المتواترة أن السائق علي محمد ساتي، أحد مواطني أوربي المقيمين بالسجانة، قد سلك هذا الطريق ذات مرة بالجمال إلى أمدرمان، واستغرقت الرحلة أسبوعين، حفتها المشقة، ووعثاء السفر، وأخطار الضياع في صحراء بيوضة. ويبدو أن تلك الرحلة الشاقة قد ولَّدت فيه إحساساً بضرورة تسليك ذلك الطريق الوعر للسيارات الحديثة (اللواري). وفي عام 1934م امتلك التاجر علي محمد ساتي شاحنة موديل فورد، وقرر استخدامها في فتح طريق أمدرمان-دنقلا، بعد أن عدَّ عدة السفر اللازمة من طعام وشراب، وبوصلة لتحديد اتجاهات الطريق، وكمية من الجير الأبيض لوضع معالم على الطريق الذي ينوي افتتاحه. ثم بعد ذلك تقدم بطلب للسلطات المحلية (الاستعمارية) بمركز أمدرمان للحصول على تصريح مرور؛ إلا أن مفتش المركز اعترض على ذلك الطلب، متعللاً بأن الطريق لا تتوفر فيه إحتياطات الأمان والسلامة اللازمة. لكن علي محمد ساتي قَدَّم تعهداً مكتوباً بتحمل تبعات الرحلة، وبموجب ذلك منحته السلطات المحلية تصريحاً بالسفر. واستغرقت الرحلة من أمدرمان إلى الدبة عند منحنى النيل سبعة أيام بلياليها. وبهذه المغامرة، يُعدُّ السائق علي محمد ساتي أول من دشَّن طريق أمدرمان دنقلا عام 1935م، وبعد عامين في ذلك التاريخ، سلك السائق حسن صبري الطريق في صحبة الشركة المصرية.
    بعد أثني عشر عاماً من تاريخ رحلة علي محمد ساتي، تأتي مغامرة السائق سيدأحمد عبد المجيد من أهالي قنتي، بعربة فورد موديل 1946م، لمالكها عمر عبد السلام حامد، وذلك في عام 1947م. ونوثق لتلك الرحلة بنقل رواية سيدأحمد عبد المجيد كاملة دون تعديل في ألفاظها الدارجة، حفاظاً على روح النصَّ الأصل:

    "أول رحلة كانت عام 1947 مع عمر عبد السلام صاحب اللوري، وكانت عربة جديدة لنج على الشاسي، ما فيها صندوق، ماركة فورد موديل 1946، كنا شاحنين شاي، والشاي كان يُوزع بالتموين، والإنجليز بسموا التهريب بالبرشوت. التموين فكوه، خرجنا بالشاي (برشوت) من أمدرمان، قبل أن يصل خبر فك التموين إلى حمرة الوز، وتصبح أسعار الشاي عادية. ركب معنا عربي اسمه ود أبو جبة، قال ماشي حمرة الوز .. طلعتُ من أمدرمان بعد المغرب، عشان البضاعة ممنوعة .. ووقفنا غرب المرخيات حوالي الساعة العاشرة، أو الحادية عشر ليلاً للعشاء، وأثناء العشاء تذكرنا أن حمرة الوز فيها تلفون، وخبر فك التموين أكيد سيصلها سريعاً، وبها نقطة بوليس أيضاً .. فغيَّرنا رأينا، وقلنا نمشي دنقلا، كانت المنطقة الواقعة بين كريمة وكرمة كلها تسمى دنقلا. سألنا العربي المعانا ود أب جبة إذا كان يعرف طريق يوصلنا دنقلا، فقال: إنه لم ير دنقلا إلا مع أبوه، وكان عمره وقتها عشره سنوات، وكان مشى سوق تنقاسي مع أبوه، ولكنه قال: إنه ممكن يودينا ... اتجاه البحر؛ لكن ما عارفين تنزلوا في أي منطقة. ولم أسلك هذا الطريق في حياتي، ولا حتى عمر عبد السلام .تحركنا من غرب المرخيات، وأصبحنا في قوز أبوضلوع، ثم جبرة، ومنها قطعنا وادي المقدم، وخليناه في يميننا، ومشينا غربه حتى بوحات في يومين... بعد ربع ساعة أو أكثر قليل مشينا وادي أبوعشر، وكان أثر سير العربات التي تبعناه قد أوصلنا حتى جبرة، حيث كانت تأتي من أمدرمان، تحل سم الجراد في جبرة، وكان يخزن في مخزن خاص قبل أن يُوزع بالجمال إلى المناطق الأخرى. أبو عشر لقيناه وادي وسيع، فيه رملة شديدة، وفيه جمام (مثل الماء النابع)، عندما وصلنا منتصفه، العربية غطست حتى الشاسي، والعجلات بقت لافة في الهواء، طبعاً العرب في المنطقة ديك متجمعين؛ لأنه في موية، لبهايمهم، وأولادهم، وهم عرب هواوير، لميناهم وفزعناهم، شالو البضاعة أول حاجة (شوالات وصناديق) مرقوها بيغادي، لمينا الجمال وجبنا حبال الشعر، وفتلناها مع بعضها، وربطناها في التصادم، ومع حركة المكنة قدرنا نمرق العربية بعد ساعتين كده يعني، وكنا قد وصلنا أبو عشر هذه، بعد بوحات، حوالي الساعة عشرة صباحاً، لما مرقنا منها الشمس كانت غابت. اشترينا خروف من العرب، من راجل اسمه حماد علي، ذبحناه للعشاء، وعندنا طبعاً السكر والشاي والتمر والرغيف، اتعشوا معانا العرب ساهرنا، وأصبحنا قبلنا لليوم التالت، وفي الصباح فتلنا حبال تاني، عشان نربط بيها البضاعة، بعد صلاة الظهر كان فى قدامنا فى تبس شديد والوادي وسيع، كلما نمشي شوية العربية تطلع في التبس تقطِّع الحبال، وتقع البضاعة، لما مرقنا من الوادي الشمس كانت غابت، وتعبنا تعب شديد في وادي أبو عشر، لما غابت الشمس لينا رقدنا في السهلة ديك من التعب، وكان رغيفنا كِمِل، عندنا دقيق قمح، ولعنا النار، وعملنا قراصة، وكنا اشترينا السمن من العرب، فأكلنا القراصة بالسمن، وأصبحنا على اليوم الرابع. الحقيقة شفقنا لأن أغلب زوادتنا كملت، فطرنا تاني بالقراصة بالسمن، وبعد الفطور دخلنا وادي الملح، هذا لم نتعب فيه كتير .. مرقنا منه فى حوالي ساعتين، ووصلنا بير الإخريت، ودي فيها سيال كتير، كان فيها شوية عرب وموية؛ لكنها مُرَّة وعفنة، قيَّلنا معاهم، واسترحنا، ثم نزلنا بعد داك وادي النعام، مشينا فيه زي ساعتين، الشمس غابت، قلنا أحسن نمشي بالنهار، وقلنا المشي بالليل ما كويس، رغم أننا ختينا النجمة في يميننا؛ لكن برضو خفنا، وفضلنا المشي بالنهار. في وادي النعام نطلع قلعة وننزل قلعة، مشينا زي ساعة أو أقل ظهر لينا ترى (نجم) اسمه أبو بان قريب للبلد، لقينا جنب جبل (التدي) بير اسمها بير النور، منها في ديداب (درب بهايم) ... نازل سوق قوشابي ، نزلنا عن طريق هذا الديداب قوشابي، واتجهنا إلى القبولاب، -سميت على اسم خبير الطرق أيام السفر بالدواب عباس القبولي، من عرب قنتي، والآن أصبحت آثار، وانتقلت القبولاب إلى موقعها الحالي يمين مسار الطريق القديم- لأنه فيها سوق الأحد، وصلنا القبولاب وأرسلنا في طلب عباس القبولي من سوق الأحد سالناه عن خبر التموين فكوه ولاَّ .. لأنه نحن أخذنا خمسة أيام في الطريق، فوجدنا خبر فك التموين لم يصل إلى هناك. قسمنا الشاي قسمين، قسم وديناه دبة الفقراء جنوب الدبة، وأخذنا النص التاني إلى قرية اسمها الغُريبة جوار كورتي. الكلام دا كلو في يوم واحد تقريباً، سلمنا الشاي للتجار، واستلمنا قروشنا، وأخذنا راحة حوالي ستة أيام، فكرنا بعدها في الرجعة. قمنا لقطنا الجلود الموجودة في البلد، ... ربطناها كويس. عندي كنبة عند أهلي في قنتي أخذتها لكي يجلس عليها الركاب، ورجعنا بنفس الطريق، وإن ذلك أسهل قليلاً، رغم أن الجلود كانت تتقطع حبالها وتسقط، وعدنا هذه المرة في ثلاثة أيام.
    وفي الرحلة الثانية، لأن لوري عمر عبد السلام كان في الورشة لعمل الصندوق، فقد أجَّرنا لوري آخر، وركبت أنا معهم كخبير، ولم يسافر عمر عبد السلام في هذه الرحلة؛ ولكن هذا اللوري كسر جربكس في (الآخريت) نتيجة للتخاريم ومحاولة تفادي التبس الكثير، وكنا أقرب للبلد منها إلى الخرطوم، فأجرت أنا جمل واتجهت إلى الشمالية، ووصلتها في يومين، لم أنم خلالهما، ومن هناك ركبت بابور البحر، ثم القطر، فعدت إلى الخرطوم، وأحضرت الأسبير (الجربكس)، وعدت بنفس الطريقة عن طريق القطر، ثم بابور البحر. ومن الشمالية أجرت جملين بصاحبهما، ربطنا الجربكس في جمل، وركبت أنا على الجمل الآخر، فوصلنا محل اللوري المكسور بعد أربعة أيام تقريباً، وخلال الرحلة كنا نايمين تحت أحد الأشجار، فقام هواء شديد وشرد أحد الجمال، فذهب العربي خلفه من الصباح عاد في المغرب، وصلنا وربطنا الجربكس، وواصلنا الرحلة إلى الشمالية، وقد بقي صاحب اللوري والمساعدين والركاب 16 يوم في الخلا؛ لكن زوادتهم كانت كافية فضلاً عن وجود العرب، حيث يوجد اللبن والذبائح .
    في الرحلة الثالثة كنا راكبين لوري مؤجر أيضاً؛ لأن لوري عمر عبد السلام مازال في عمل الصندوق، وسافرت أنا وعمر عبد السلام في هذه الرحلة، وشاء القدر هذه المرة أيضاً أن يكسر اللوري الكرونة في وادي أبو عشر، هذه المرة ركبت الجمل وعدت إلى الخرطوم؛ لشراء الاسبير، أجرت الجمل من واحد عربي هناك، وقال لي بعد ما تصل سلم الجمل لحوش الهواوير في أمدرمان، قمت الظُهر، ووصلت جبرة بالليل، وتعبت من ركوب الجمل ورجولي (اتظلطت) من السرج، وكانت زوادتي تمرات ورغيفات فى كرتوب أو جراب. لم أنم طوال الليل إلى أن جاء جماعة شايلين حطب في طريقهم إلى أمدرمان، ركبت جملي معاهم، ومشينا الليل كله، وعندما أصبح الصباح لم استطع المواصلة، فتخلفت منهم، ورقدت تحت ضل شجر، وعملت كباية شاي، ورقدت نمت حتى العصر، وبعدها واصلت مسيري حتى وصلت أمدرمان في اليوم الثالث عصراً، وصلت دايخ تمام، سلمت الجمل لحوش الهواوير، وركبت تاكسي مشيت البيت، رقدت أربعة أيام مريض من رحلة الجمل، ولم يكن هناك خوف على الجماعة الموجودين مع اللوري المكسور، حيث كانت زوادتهم كافية، وحولهم العرب والبهايم، بعد الأربعة أيام مشيت الورشة أسال من اللوري، وجدته في التشطيب، وقالوا لي بكرة ممكن نسلمك ليهو .. رئيس الورشة واحد يوناني، ملقب بفار الحديد، استلمت اللوري بالفعل تاني يوم، اشتريت الاسبير للوري المكسور (الكرونة)، ومشينا حوش زريبة البهايم، اشترينا خروف كبير بتلاته جنيه، ورفعناه وتوكلنا باللوري، وطبعا هو جديد فاضي، قمت الصباح الساعة ثمانية ونص، بالليل وصلت وادي أبو عشر محل اللوري المكسور، الجماعة شافوا نور العربية، قعدوا يعرضوا وينططوا طبعاً أنا رجعت ليهم بعد سبعة يوم تقريباً من فارقتهم، وذبحنا الخروف، تاني يوم الصباح ربطنا الكرونة، وقسمنا البضاعة على العربيتين، وإتجهنا إلى الشمالية، ولقينا عربي قال أنا المرة دي بوديكم."

    يعكس هذا النصّ الممتع، ولغته الدارجة الهجين، طرفاً من أحاديث المعاناة، التي تجشمها أولئك الرواد الذين دشنوا طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، مغامرين بأنفسهم وأموالهم في طريق وعر المسالك، فيافيه قاحلة، ورماله ممتدة على مرمى البصر، وأخباره مقطوعة، لا يعلم سرها إلا الطيور التي كانت تحلق في الفضاء ولا تبث الخبر. لذلك جاءت إفادات السائق سيدأحمد عبد المجيد، مشحونة بروح المغامرة، ومجاهدات المغامرين، وأدب المعاناة، وهي خالية من متعة الترحال، وأنس المسافرين، وجلسات المقاهي التي كانت في رحم الخيال.

    مقاهي الطريق: قهوة أم الحسن نموذجاً
    أسست أم الحسن بنت ود الحفيان (ت. 2003م) أول قهوة لشرب الشاي والراحة على طريق أمدرمان دنقلا في أربعينيات القرن العشرين، وعلى بعد 240 كيلو متر من أمدرمان، ناسجةً صريف قهوتها وعرشها من سيقان أشجار السلم المحلية، والتبس والحشائش الخلوية، ومضيئةً ما حولها ليلاً بزيت المكينات المستعمل (زيت الرجوع)؛ لهداية سائقي العربات السفرية والمسافرين على متونها، في صحارٍ قفر، ووهادٍ قاحلة؛ لا تُعرف اتجاهاتها ليلاً إلا بالنجوم، ونهاراً بالظواهر الطبيعية المتناثرة في سهولها الممتدة على مد البصر. وفي هذا الخلاء الصّي، أضحت قهوة أم الحسن منارة بارزة، يُشار إليها من أطراف الطريق، في وقت كانت حركة السيارات (العربات) الصاعدة والنازلة لا تتجاوز سيارة أو سيارتين في الأسبوع الواحد. وبمرور الزمن أضحت قهوة أم الحسن تستقبل العربات (السيارات. اللواري) الصاعدة والنازلة في يومي السبت والثلاثاء من كل أسبوع، وتقدم لها مستلزمات الضيافة، وأساسيات الراحة المتاحة في ذلك الزمن المجدب. وبين أولئك الضيوف الموسمين عُرفت أم الحسن بذكائها الفطري، وفراستها النادرة في تمييز الأصوات؛ لدرجة جعلتها تميز اللواري السفرية بأصوات محركاتها، هذا صوت لوري سيد أحمد عبد المجيد، وذاك صوت لوري سيدأحمد ود فارساب، ومحمد محمد صالح سيد التور، وعثمان قرضمة، وعلي رقمان، وعيسى طه، وحسن صبري، والتجاني خالد دقو، وحسن أبو شنيب، ومحمود أبو زيد. وبذلك أسست أم الحسن لنفسها ولقهوتها علاقات وطيدة مع أولئك السائقين وغيرهم. وهم يطبخون، ويأكلون، ويشربون، ويتسامرون على بروش قهوتها المتواضعة، مقابل ما تيسر من نقود، وماء، وفوائض زاد. هكذا نسجت بنت ود الحفيان شبكة علاقات واسعة مع ضيوفها القادمين من الصعيد والسافل، والشاكرين لصنعتها البسيطة، وضيافتها الباشة من غير تكلف، في واقع فقيرٍ، يحفه الجدب المنبسط على طول الطريق. كانت أم الحسن متصالحة مع بيئتها، لا تتضجر من قساوة طقسها، ولا تمل نداءات المترجلين من مركباتهم التي أرهقتها تضاريس تلك المنطقة، ومناخها اللافح صيفاً، والقارس شتاءً.




    وقد جسد تلك المعاناة الأديب الطيب صالح في رحلته من كرمكول إلى أمدرمان في ستينيات القرن العشرين، عندما أفصح قائلاً:

    "كنتُ أسافر عادة بالباخرة إلى ميناء كريمة النهري، ومن هناك آخذ القطار ماراً بأبي حمد وأتبرا إلى الخرطوم. لكن هذه المرة كنتُ في عجلة من أمري دون سبب واضح، وفضلتُ اختصار الطريق. وقامت السيارة من أول الصباح، وسارت شرقاً حذاء النيل نحو ساعتين، ثم اتجهت جنوباً في زاوية مستقيمة وضربت الصحراء. لا يوجد مأوى من الشمس التي تصعد في السماء بخطوات بطئية، تصب أشعتها على الأرض كأن بينها وبين أهل الأرض ثأراً قديماً. لا مأوى سوى الظل الساخن في جوف السيارة، وهو ليس ظلاً. طريق ممل، يصعد ويهبط، لاشئ يغري العين. شجيرات مبعثرة في الصحراء، كلها أشواك، وليست لها أوراق، أشجار بائسة ليست حية ولا ميتة. تسير السيارة ساعات دون أن يعترض طريقها إنسان، أو حيوان. ثم نَمُر بقطيع الجمال وهي الأخرى عجفاء ضامرة. لا توجد سحابة تبشر بالأمل في هذه السماء الحارة، كأنها غطاء الجحيم. اليوم هنا شئ لا قيمة له، مجرد عذاب يتعذبه الكائن الحي في انتظار الليل... أين الظل يا إلهي؟ مثل هذه الأرض لا تنبت إلا الأنبياء، هذا القحط لا تداويه إلا السماء. والطريق لا ينتهي والشمس لا ترحم، والسيارة الآن تولول على أرض من الحصى مبسوطة كالمائدة. والسائق لا يتكلم. إمتداد للمكنة التي يديرها، يلعنها أحياناً ويشتمها، والأرض حولنا دائرة، غرقى بالسراب .... وكما تحط قافلة رحالها، حططنا رحالنا. بقي من الطريق أقله. طعمنا وشربنا. صلى أناس صلاة العشاء، والسواق ومساعدوه أخرجوا من أضابير السيارة قناني الخمر، وأنا استلقيت على الرمل، وأشعلت سيجارة، وتهت في روعة السماء. والسيارة أيضاً سقيت الماء والبنزين والزيت، وهي الآن ساكنة راضية كمهرة في مراحها. انتهت الحرب بالنصر لنا جميعاً، الحجارة والأشجار والحيوانات والحديد، وأنا الآن تحت هذه السماء الجميلة الرحيمة، أحس أننا جميعاً إخوة. الذي يسكر، والذي يصلي، والذي يسرق، والذي يزني، والذي يقاتل، والذي يقتل... ولا أحد يعلم ما يدور في خلد الإله."



    إلى جانب كآبة الطريق التي وصفها الطيب صالح، كانت وسيلة السفر لا تقل قسوة عنها؛ لأن اللواري البدفورد (السفنجات) ذات الحمولة المحدودة، لم تكن مهيئة أصلاً لنقل المسافرين، بل صُنعت لترحيل البضائع من المحصولات الزراعية وعروض التجارة؛ إلا أن أصحاب تلك اللواري وسائقيها تفننوا في تخصيص جزء منها للمسافرين. فأصحاب الحظوة من أولئك المسافرين يجلسون على المقاعد الأمامية إلى جوار السائق، وغيرهم تُفسح لهم محلات للجلوس على أسطح البضائع المشحونة، وليس بينهم والسماء حجاب، إذ يتعرضون لحرارة الشمس في الصيف، والبرد القارس في الشتاء. وعندما تبدل الحال قليلاً ظهرت الباصات السفرية، وهي عبارة عن شاحنات يابانية خصصت أصلاً لترحيل البضائع، أُعيد تصميمها في ورش حدادة بالخرطوم وأمدرمان؛ لتكون صالحة لنقل المسافرين وأمتعتهم. لكن على العموم كانت مقاعدها ضيقة، والسفر على متونها يحتاج إلى صبر وجلد؛ لأن المسافر يظل ممسكاً بقطبان المقعد الذي أمامه إلى أن يتوقف البص لسبب أو لآخر، وذلك خلافاً للذين يفضلون الجلوس على سطوحها. واحتراز المسافر كان نتاجاً من عدم استقرار حركة البص، وذلك بحكم تركيبة الطريق الطبوغرافية، ومنحدراته ومنعرجاته. وبعد هذا العناء يستجم المسافرون في مقاهي، مصنوعة من سيقان الأشجار المحلية ومعروشة بالتبس والحشائش، يطابق مظهرها الخارجي والداخلي واقع البيئة الصحراوية المحيطة بها. وفي داخل تلك المقاهي المتناثرة على طول الطريق كانت أم الحسن وغيرها من أصحاب المقاهي يستضيفون المسافرين على بروش صنعت من سعف الدوم، ووزعت بطريقة عشوائية داخل تلك المقاهي. ولا يخفف وعثاء ذلك السفر المرهق إلا صبر المسافرين، وتسامرهم مع بعضهم بعضاً، فضلاً عن كرم أهل تلك المقاهي المضيفة، الخالي من تكلف أهل الحضر وجشع تجار البندر، إذ تكفيهم دريهمات قليلة مقابل الخدمات البسيطة التي يقدمونها للمسافرين. وفي تلك المقاهي كان المسافرون يتناولون زادهم (الزوادة)، الذي يكون في غالبه من القراصة المُتمَّرة، والبيض المسلوق، واللحوم المُحمَّرة الملفوفة بفطائر القمح، فضلاً عن حلة السائق الزاخرة بزيتها ولحمها وبصلها، وبعد ذلك يحتسون أكواب الشاي حسب طلباتهم المسجلة في ذواكر أهل المقاهي الفتوغرافية. وبعد تلك الاستراحة القصيرة تشدو أبواق السيارات معلنة الرحيل، ويهرول المسافرون تجاهها، وتودعهم الحاجة أم الحسن، وأبناء أم الحسن، وغيرهم من أصحاب المقاهي بطيب خاطرٍ يعكس صفاء سرائرهم، ثم تعود تلك المقاهي إلى سكونها مرة أخرى في انتظار فوج من المسافرين الذين أعياهم جهد السفر، وهكذا دواليك.







                  

03-18-2019, 07:07 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Ahmed Abushouk)

    الحلقة الثالثة
    طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا: الماضي والحاضر

    أحمد إبراهيم أبوشوك

    أوضحنا في الحلقة الثانية أنَّ تدشين طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا في ثلاثينيات القرن الماضي لم يكن أمراً ميسور المنال؛ بل كان عملاً محفوفاً بالمخاطر والصعوبات المنبسطة على الطريق وتضارسه القاحلة، وشمسه الساطعة "التي تصعد في السماء بخطوات بطئية، تصب أشعتها على الأرض كأن بينها وبين أهل الأرض ثأراً قديماً"، كما يرى الطيب صالح. في هذه البيئة الصحراوية المجدبة، شقَّ الرواد طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، دون أن تتوفر لهم وللمسافرين وللسيارات أدنى إحتياطات الأمان المتعارف عليها عالمياً. ولذلك نلحظ أن حظ المسافرين لم يكن أسعد من حظ المغامرين الأوائل. وتوثيقاً لتلك المشاهد المفعمة بأدبيات المعاناة ومعايير الصبر المتفاوتة بين المسافرين باختلاف اجناسهم (الرجال والنساء) وأعمارهم، نستشهد بإحدى التجارب الواقعية الرائعة والمؤلمة في آنٍ واحدٍ، التي نقلها يراع أحد المسافرين القادمين من بلاد العم سام (أمريكا)؛ لزيارة أهله بدنقلا مع أسرته الصغيرة، وذلك قبل سفلتة طريق شريان الشمال، إذ يصف المسافر تلك الرحلة الباهظة في كلفة عنائها بين أوحال قوز أبوضلوع، ووادي النعام، وخدمات مقاهي الطريق المتواضعة، قائلاً:

    "فى كل بلاد الله الواسعة السفر متعة، طرق معبدة، ولوحات إرشادية، واستراحات على الطريق، يجد فيها المسافر المأكولات، والمشروبات ساخنة وباردة، والغرف المجهزة والبقالات؛ إلا فى بلادنا، اللهم أفرغ علينا صبراً، وأقل عثرة بلادنا، فلا خطط خمسية أفادت، ولا عشرية، فالعبرة ليست بالمسميات ولكن بالعمل، كل كبارنا سافروا في بلاد الله، وأدهشتهم البنيات الاساسية في كل بلاد العالم، ولكن لماذا حبل دهشتهم قصير هكذا؟ أم هى قلة الحيلة، والهوان على الناس!! قطعنا عشر ساعات بالطائرة من نيويورك إلى لندن (ثلاثة الاف كيلو متر)، وقضينا عشر ساعات في قوز أبوضلوع لنقطع كيلو مترين لا غير! أكثر من سبع وعشرين شاحنة، وأكثر من أربعمائة مسافر، آلاف اللترات من الجازولين، وآلاف السعرات الحرارية التي جمعها الناس بشق الأنفس، تتبخر في أبى ضلوع. كم عابر لأبى ضلوع داهمته الملاريا بعد أن عبر، فقد استنفذ كل طاقته .. كم عدد الشاحنات المتعطلة وسط القيزان، كم تكلفة قطع الغيار التي ترهق ميزانية الدولة بالعملات الحرة الشحيحة أصلاً، وكم تكلفة الوقود الذي تستورده بلادنا بمبلغ يضاهي حجم صادراتنا كل عام؟ الوقت المهدر لاقيمه له، ولا معنى للحديث عن توفير الحد الأدنى من وسائل الراحة والرفاهية. قضينا الليل بحاله في محاولة لعبور أبو ضلوع، نام المسافرون على الأرض، والشاحنة تتحرك بمقدار الصاجة في كل مرة (ثلاثة أمتار)، عشرات مساعدي الشاحنات تجمعوا لإخراج شاحنتنا، ثم التي تليها، الكثبان لا آخر لها ولا حد، والعطش يتحكم بهم برغم الليل، فالمجهود الذي يبذلونه خرافي .. شاحنة محمد نور كسرت كرونة، تناهى إلى سمعي حديث وجل، يدور بين المساعدين: "حاج عبد الله سيلعن أبو خاشه"، قال مساعد يرتدي سروالاً بنياً، تتدلى منه تكه ملونه في آخرها كتلة من الصوف المكور، كان يتكي على الرمل، وينفث دخان سيجارته باستمتاع، وأردف قائلاً: "دى الكرونة التانية في الشهر دا .. حاج عبد الله بيتو اتخرب". صغاري انهكهم البكاء فناموا، عبير غرقت في بحر من العرق، فمقاعدنا بجانب السائق، وقريبة من ماكينة الشاحنة التي تعاني ضغطاً هائلاً .. قومي مظلومون، فهم لايدرون أن هنالك وسائل أخرى للسفر غير الشاحنات المخصصة لنقل البضائع والبهائم، كم هو ممتع ومريح سفر بلاد الله الأخرى، كم نحن متخلفون، كم هى بسيطة آمالنا، ويا لضعف خيالنا ومحدوديته .
    طلع علينا الصباح، ونحن نصارع الرمال، تارة نتجه نحو الغرب، وأخرى على مسارنا إلى الشمال، وتارة تتجه الشاحنة شرقاً كأنها خطاً كنتورياً يسير حسب منحيات الكثبان. عادت عبير إلى البكاء، سقتها أمها من حافظة صغيرة أمامنا، نفد منها الماء إلا جرعات قليلة... في العاشرة والنصف من صباح اليوم التالي كنا على مشارف مقاهي التمتام، على بعد مائتي كليومترا شمال غرب أمدرمان، هو رجل يتحدث بطريقة متقطعة، يتتأتأ فى الكلام، فأسموه التمتام، وأخذت المقاهي اسمها منه .. هى ليست مقاهي بالمعني الذي يعرفه الناس، عرائش من القش، مهلهلة لا يكسو جوانبها شىء، حوائط قصيرة من الطين اللبن، لا تحجب شمساً، ولا غباراً، ولا هوام الأرض، يُقدم فيها الشاي الأحمر .. والماء هنا سلعة غالية الثمن، بابكر العواهني يمتلك إحدى هذه المقاهي، وقد حملت أسرتي إلى فنائه، قال لي: "قهوتنا هذه أفضل قهوة في العالم .. عناقريب مجلدة بجلد البقر، وماء بارد من الزير، وشاى صاموطي لن تجده حتى في كينيا بلاده الأصلية !! اتفضل ياسيد."


    لاشك أن هذا النصّ الرائع، والمكمل للصورة الذهنية الحيَّة التي رسمها الأديب الطيب صالح من قبل، يؤكد مشاق الأسفار التي كان المسافرون يعانون منها على طول طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، لكن حقاً الأشياء لا تقاس إلا بأضدادها، فالذين عاصروا تلك الفترة يسبِّحون الآن بحمد طريق شريان الشمال، والنقلة النوعية التي أحدثها، وأحياناً يجترون معاناتهم القديمة في طيب خاطر، يجمع بين مرارات الماضي التليد بخيره وشره، وحلاوات الحاضر ومذاقاتها، التي افقدتهم مآثر الماضي المعنوية، التي كانت تتجسد في أنس السفر، وتكافل المسافرين في طعامهم وشرابهم، وإيثار صغارهم لكبارهم، ورجالهم لنسائهم، وأصحائهم ولمرضاهم. وعند هذه الأشواق، تلتقي الذكريات السالبة والموجبة، وأحياناً تتبلور إيجابياتها المعنوية في شكل حنين إلى الماضي بخيره وشره، ولله في خلقه شؤون.
    لم تقف مآسي طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا عند وعثاء السفر، بل تعدتها إلى نقص الأنفس التي لا تعوض، حيث ضل العشرات طريقهم في صحراء بيوضة والماتول، وهلك بعضهم؛ واختفت جثامينهم في الرمال الزاحفة. وفي هذا المقام تحضرني قصة الإداري زين العابدين البدري، الذي عمل في كثير من أقاليم السُّودان، وأخيراً حط رحاله بمدنية الدبة، التي أحب أهلها فأحبوه، لكن الأقدار سطرت له ولأفراد أسرته رحيلاً محزناً، كما يقول الراوي:

    "في العطلة الصيفية تحرك زين العابدين بأسرته قاصداً أمدرمان؛ لتقضي أسرته العطلة مع الأهل .... بدأت الرحلة بعد صلاة الفجر، ولكنها لمن تنته، فالصحراء تمتد أمامهم في بساط لا آخر له، وكل الاتجاهات تشبه بعضها، الشمس ترتفع إلى كبد السماء، ورياح خفيفة ساخنة تلفح الوجوه، وتثير الأتربة. وبعد مسيرة امتدت لأربع ساعات توقف زين العابدين؛ لأخذ قسط من الراحة، وتحديد الاتجاه، فقد شك فى أنه يسير في الاتجاه الصحيح. توقفت العربة في رمال ناعمة جداً، ظنها زين العابدين أرضاً صلبة، وما أن وصلت قدمه الأرض غاصت لأعلى الحذاء، نظر إلى إطارات السيارة، فإذا هى أيضاً غاصت حتى منتصفها في الرمال؛ نظر زين العابدين حوله، وقد داخله الخوف، وهو ينظر إلى زوجته وأطفاله أمامه، اللهم يسر أمرنا، وأخرجنا من هذا المأزق، اللهم أرحم ضعفنا، ويسر أمرنا ... حاول زين العابدين، لا جدوى لمحاولة تحريك السيارة من مكانها، فكانت تغوص في الرمال كلما حاول تحريكها. تذكر جهاز اللاسكي المثبت في سيارته، حاول تشغيله لساعة كاملة إلى أن التقط صوت أحد المحطات القريبة من أمدرمان، دب الأمل في نفس زين العابدين، وأسرته، وأخذوا يشربون كميات أكبر من الماء، بعد أن كان يصرف لهم بمقدار ضئيل منذ أن توقفوا في الصباح، كانت الساعة تجاوزت الواحدة ظهراً عندما تمكن من إجراء أول اتصال لاسلكي، نقل فيه الوضع بكلمات واضحة: غاصت سيارتنا في الرمال، ونحن في طريقنا من الدبة إلى أمدمان، فجاءه السؤال أين موقعكم بالضبط؟ نظر زين العابدين في كل الاتجاهات، ولكن ليس هناك مَعلم يمكن أن يصف به موقعهم .. بدأ صراخ الأطفال يعلو، فالجو أصبح حار جداً، وارتفعت درجة الحرارة كثيراً داخل العربة، وأصبح حديدها ساخناً، وخارجها ذرات الرمال الساخنة تلفح الوجوه، ولا شئ غير الرمال. بعد قرابة الساعة عاود زين العابدين الاتصال، ولكن المعضلة أنه لا يستطيع تحديد موقعه في الصحراء!! أغلق الجهاز خوفاً من نفاذ بطاريته، وعاد ففتحه لعل اتصالاً يأتي، بعد الثالثة مساء أصدر الجهاز صفيراً متقطعاً، وكان المتحدث كبير المسؤولين في الدبة اخطر زين العابدين أن طائرة عمودية، قد تحركت من الخرطوم للبحث عنهم، وعليه نشر أي أشياء ملونة خارج السيارة، وحرق مادة بلاستيكية يمكن أن تثير دخانا كثيفاً. عاد الأمل لأسرة زين العابدين، وشعروا بالراحة، بالرغم من حرارة الجو، وقلة الماء، ونفاذ الزاد، وتطاولت الساعات دون أن تظهر الطائرة، وكان زين العابدين قد أحرق الأطار الإحتياطي، فارتفع الدخان لعنان السماء كثيفاً، ارتفع أزيز جهاز الاتصال مرة أخرى، وكان الاتصال هذه المرة من الطائرة العمودية، والطيار يقول أنه يبحث حول مسار الطريق منذ ساعتين دون أن يرى شيئاً، ويسأل زين العابدين عن الاتجاه، ولفرط الاجهاد لم تسعفه الذاكرة فصمت. في الطائرة كان الكابتن محمد خير متوتراً جداً، فكثيراً ما خرج بطائرته في مهمات لإنقاذ في صحراء بيوضة، كان يبحث عن أناس لا يدري أهم أحياء أم أموات، لكنه هذه المرة يبحث عن أشخاص بينه وبينهم اتصال لاسلكي، يسمع صراخ الأطفال، يسمع أنينهم ولا يستطيع معرفة موقعهم، كانت معاناة محمد خير، وطاقمه تزداد كلما مالت الشمس للمغيب .... في الرابعة والنصف من مساء اليوم التالي، كان الماء نفد في عربة زين العابدين، رغم سخونته، زوجته محاسن تضم إليها صغيرها الرضيع ذي التسعة أشهر، الذي أعياه البكاء، فقد أصبح ثديها جافاً من الإرهاق والخوف، ولا ماء للطفل ... عبد الرحمن وشذى أعمارهم 5 سنوات و 3 سنوات، كانوا قد دخلوا في إغماء من شدة الحر والعطش والخوف .. وكان الاتصال اللاسلكي بالطائرة قد انقطع منذ التاسعة صباحاً؛ إذ نفدت الطاقة من بطارية السيارة، ومن دنقلا تحركت ثلاث سيارات منذ الفجر؛ لتنضم إلى مجموعة سيارات البحث التي كانت تجوب الصحراء منذ ظهر الأمس ... استمر البحث ليومين، وفي الواحدة من ظهر اليوم الثالث وجدت سيارة زين العابدين على بعد مائة كيلو متر غرب الدبة بواسطة أعراب يركبون الجمال ... الجميع داخل السيارة، وقد فارقوا الحياة، وشهاب لايزال ممسكاً بثدى أمه، وقد غطت الرمال نصف السيارة. هزت الحادثة كل البلاد، وفي أقسام الشرطة اضيفت الحادثة إلى عشرات الملفات المشابهة، مئات الأنفس هلكت، فلمن الشكوى؟"


    لا جدال أن هذه الصورة القلمية البالغة في تراجيديتها، وصوتها المبحوح بالنحيب، تشكل طرفاً من مآسي طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا التي عانى الناس منها لأكثر من نصف قرنٍ من الزمان، وقصة زين العابدين البدري وأسرته تشكل رمز فداء لمجموعة من الأسر والأفراد الذين ضلوا طريقهم، وفارقوا الحياة الدنيا في فيفافي صحراء بيوضة المحفوفة بالمخاطر. والمؤسف أن القائمين على أمر الناس لا تهمهم مثل هذه القصص التراجيدية؛ لذلك كان يحتج بعضهم أنه لا داعي لسفلتة طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا؛ لأن عائده المادي على الخزينة العامة لا يلامس أطراف الأموال التي ستنفق في تشييده. وفي إطار هذه المعادلة-المادية الثنائية، تختفي قيمة الإنسان الذي كرَّمه ربه، وبذلك تُقدم المادة القابلة للعِوض على الأرواح الإنسانية التي لا تُعوض بخزائن قارون. نقول لهؤلاء إذا كانت الحكومات المتعاقبة قد اهتمت بتطوير الريف، ووضعت الإصلاح الزراعي في قائمة أولوياتها الخدمية، لكان بإمكاننا اليوم أن نتحدث عن قيمة الإنسان المادية في الولاية الشمالية، وكذلك الولايات الأخرى، وعن فائضات منتجاته المحلية، ورُقي واقعه الخدمي، وبناءً على ذلك يضحى الطريق الواصل بين أمدرمان ودنقلا (طريق شريان الشمال)، طريقاً مهماً من الناحية الاقتصادية. لكن القضية في مجملها قضية ترتيب أولويات قبل أن تكون قضية مقارنة بين الواقع الماثل الهزيل وانعكاساته على خزينة الدولة، فإصرار بعض أصحاب "العقل الاستراتيجي" في الخرطوم على مثل هذه المعادلات البائسة وغير المتكافئة يعني وضع العربة أمام الحصان، وبذلك "يكون أبو زيد لا غزا، ولا شاف الغزو".
    نقلاً عن صحيفة السوداني: 17 نوفمبر 2014م، الأربعاء
    (تبع: الحلقة الأخيرة، طريق شريان الشمال)
                  

03-18-2019, 07:08 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Ahmed Abushouk)

    طريق أمدرمان-القبولاب- دنقلا: الماضي والحاضر (4/4)

    أحمد إبراهيم أبوشوك

    تناولنا في الحلقات السابقة تدشين طريق أمدرمان-القبولاب- دنقلا، والصعوبات التي واجهت الرواد الأوائل (علي محمد ساتي، سيدأحمد عبد المجيد، عمر عبد السلام حامد)، والمقاهي المتواضعة التي أُسست على طول الطريق، وفي مقدمتها مقهى (أو قهوة) أم الحسن بنت ود الحفيان، المرأة التي يجب أن يُدرج اسمها في قائمة سيدات الأعمال السودانيات الأُول، ثم تطرَّقنا إلى تجارب بعض المسافرين، التي كانت مفعمة بغرائب الأمصار وعجائب الأسفار، كما يقول الرحالة ابن بطوطة. وبعد سفلتة طريق شريان الشمال، أضحت أدبيات ذلك الماضي التليد في ذمة التاريخ، وفي صدور المسافرين الذين يذكرونها بين الحين والآخر في جلسات أُنسهم، عند مقارنة الماضي الفائت بالحاضر الماثل. وفي هذه الحلقة الأخيرة الخاتمة، نلقى الضوء ساطعاً على طريق شريان الشمال، والمبادرات التي سبقت أمر تنفيذه، والنقلة النوعية التي أحدثها الطريق المسفلت بالنسبة للمسافرين، والقائمين على أمر خدماته، وتأثيره في طبيعة الحركة الرابطة بين السافل والصعيد ذهاباً وإياباً، وفي استبدال بعض قيم القرى الأصيلة ببعض سلوكيات الحضر الجوفاء.

    طريق شريان الشمال: المبادرات والتنفيذ
    في عام 1952م انتدبت الأمم المتحدة كارمل لتقديم دراسة عن فرص التنمية في السُّودان، وربط السُّودان بشبكة من المواصلات البرية. فاقترح المندوب كارمل طريقين. يبدأ الأول من حلفا شمال وينتهي بنمولي في الجنوب؛ ويبدأ الثاني من بورتسودان في شرق السُّودان وينتهي في نيالا بالغرب. لكن هذه التوصيات ظلت أسيرة الأضابير الحكومة إلى عام 1965م، عندما ناقش البرلمان إنشاء طريق بورتسودان الخرطوم، وهنا علت أصوات بعض نواب المديرية الشمالية، مناديةً بضرورة وضع طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا في الموازنة القادمة. في عام 1969م وضعت الحكومة طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا ضمن أربعة طرق استراتيجية يجب انشاؤها، وبموجب ذلك تم التعاقد مع مؤسسة الطرق والكباري المصرية لوضع الدراسات اللازمة التي اكتملت عام 1972م، ووضعت علامات على طول الطريق، وقُدرت التكلفة آنذاك بخمسين مليون جنية سوداني. وإعيد النظر في التكلفة مرة أخرى عام 1979م بوساطة المؤسسة العامة للطرق والكباري السُّودانية، التي قدرت التكلفة بعشرين ميلون جنيه سوداني. وبموجب ذلك تشكلت عشرات اللجان، وأُعدت الدراسات التي أشارت إلى حيوية الطريق وأهميته التنموية. وفي عام 1980م حصلت حكومة السُّودان على عون هولندي بقيمة خمسين مليون جلدر هولندي، وكان اهتمام المانحين منصباً على طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا، لكن وزارة التخطيط حولت العون لإنشاء طريق آخر. ونتيجة لهذا التجاوز نشأت فكرة حشد الجهد الشعبي لأبناء المديرية الشمالية؛ لاتخاذ خطوات إيجابية تجاه سفلتة طريق أمدرمان-القبولاب-دنقلا. وأخيراً تبلورت تلك الجهود في عقد اجتماع مهم بنادي أبناء تنقسي بالخرطوم في يوم الجمعة الموافق 7/3/ 1986م، برئاسة محمد كيلاني (وكيل وزارة التجارة بالمعاش)؛ لتكوين لجنة شعبية تتابع إجراءات تنفيذ طريق أم درمان - القبولاب - مروي – دنقلا. وبعد مداولات طويلة، تمَّ تكوين اللجنة العامة من السادة الآتية أسماؤهم:
    1. سوار الذهب أحمد عيسي، رئيساً
    2. محمد إبراهيم محمد صالح، نائباً للرئيس
    3. محمد أحمد مكي محمد أحمد ،سكرتيراً عاماً
    4. النذير محمد عبد الهادي، نائباً للسكرتير العام
    5. أحمد علي أبوبكر، أميناً للمال
    6. تاج السر محمد خير، عضواً
    7. مصطفي محمد عبد الله، عضواً
    8. عبد الرحمن محمد حسن، عضواً
    9. عبد الرازق سعيد، عضواً
    10. صلاح محمد عبد الله، عضواً
    11. نزار عثمان مكي، إعلام اللجنة
    12. عبد الله سيد الفحل، عضواً

    شرعت هذه اللجنة فور تكونيها بعقد اجتماعات متعددة، وكونت لجان فنية وفئوية للمنهدسين، والإعلاميين، وممثلين للأندية الثقافية الاجتماعية بالعاصمة القومية، ورجال الأعمال، وأبناء الشمالية المقيمين بالمملكة العربية السعودية، وتبلورت مهام تلك اللجنة في إعداد الدراسات الهندسية، والإعلام بأهمية الطريق، وجمع المال اللازم لتسهيل أعمال اللجنة وإجراءات التنفيذ. أوصت اللجنة أن يكون لنواب المديرية الشمالية الثمانية في الجمعية التأسيسة آنذاك دور أساس في تنسيق الجهد الشعبي في دوائرهم، ومتابعة إجراءات تشييد الطرق مع دواوين الحكومة.
    وبناءً على مجهودات اللجنة واجتماعاتها المتكررة مع أبناء الشمالية باختلاف قطاعاتهم الاجتماعية، تمَّ تصوير المناطق الوعرة بالطريق تصويراً فتوغرافياً وسينمائياً، والتزمت حكومة الإقليم الشمالي آنذاك بحفر الآبار اللازمة لتشييد الطريق، ووضعت العلامات التي تحدد مساره مع إقامة استراحات للعاملين، والتزمت معتمدية العاصمة القومية بإجراء التحسينات اللازمة داخل حدودها الإدارية التي تمتد إلى حوالي 113 كليومتر شمال أمدرمان، ووعد وزير المالية بتخصيص بند للطريق في موازنة التنمية القومية لسنة 1987م. وبعد فيضانات عام 1988م التي دمرت مناطق كثيرة في الولاية الشمالية، وضع السيد أحمد الميرغني، رئيس مجلس رأس الدولة آنذاك، حجر الأساس لطريق أمدرمان-دنقلا عند نهاية شارع الجميعاب غرب أمبدة. وبهذه الخطوة الرمزية كثفت اللجنة جهودها لاقناع الحكومة بوضع الطريق في موازنة السنة المالية 1988/1989م. وكخطوة أولية كلفت المؤسسة القومية للطرق والكباري شركة استبي الإيطالية بإجراء دراسة أخرى للجدوى الاقتصادية والفنية، وفرغت الشركة في إعداد دراستها في ديسمبر 1991م. وبعد ذلك ظلت عملية التنفيذ في حالة مد وجزر إلى أن جاء عام 1994م، عندما أصدر رئيس الجمهورية، عمر حسن البشير، قراراً جمهورياً بتشكيل الأمانة العامة لشريان الشمال، برئاسة عز الدين السيد، والدكتور سوار الدهب أحمد عيسى، نائبا له. وفي ذلك الوقت نجح اللواء الزبير محمد صالح، النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك، في استنفار الدعم الشعبي لبناء الطريق، الذي اقترح المهندس محمد أحمد مكي أن يكون اسمه طريق "شريان الشمال". وبذلك أضحت الأمانة العامة ولجانها المختلفة تمثل الواجهة الشعبية، ومؤسسة الطرق والكباري الجهة الفنية الحكومية المنفذة. وصاحب تلك الإجراءات استنفار الدعم الشعبي بوضع رسم مالي على السكر، ومرتبات أبناء الشمالية العاملين في الدولة والخارج، فضلاً عن تبرعات رجال البر والإحسان. وفي تلك المرحلة جاء المهندس الحاج عطا المنان من دارفور، حيث كان محافظاً لنيالا، وإنضم للامانة العامة، ثم اقترح فكرة إنشاء شركة لتنفذ أعمال الطريق بدلاً عن المؤسسة العامة للطرق والكباري. فتكونت شركة شريان الشمال للطرق والجسور، برئاسة المهندس الحاج عطا المنان، ثم شرعت في تنفيذ الطريق، والمنشآت الخدمية المصاحبة له، وأخيراً تمَّ افتتاح الطريق في عام 2001م.



    تأثير طريق شريان الشمال في انثربولوجيا السفر
    أحدث إنشاء طريق شريان الشمال نقلةً نوعيةً على طول الطريق، الذي ظهرت على جوانبه المتاخمة لأمدرمان مزارع الدواجن والمحاصيل الموسمية، وجنائن النخيل، وبعض المؤسسات الحكومية، وظهرت المقاهي الحديثة (الكفتيريات)، والمدارس، والمساجد، وطلمبات الوقود على بعض النقاط المهمة على طول الطريق. وببلوغ الطريق المُسفلت غايته، اختفت تدريجياً اللواري السفرية (السفنجات)، وحلَّت محلها الدفارات، وظهرت البصات الحديثة ناقلاً رئيساً للمسافرين، والسيارات الخاصة لأهل الحظوة الرسميين والشعبيين. وبموجب ذلك أضحت مفكرة المسافر خالية من الطُرف والذكريات الجميلة، ومتاعب قوز أبوضلوع، والحديث عن مجاري العربات، وصاجات الحديد التي كانت تُعتبر من الأدوات الضرورية لمقاومة الأوحال في رمال الصحراء المتدفقة على طول الطريق، كم أضحت أيضاً خالية من مذاق ماء القرب الممزج بطعم القرض ورائحة الجلود. وكذلك غابت من واقع المسافرين على الطريق آلام المبيت في الصحراء، والحديث عن زاد المسافر، وقـهـوة الحِـمِـيـدي، والطريق بالدُّغـري، أو الشوبلي، أو أم سلمة؛ ومقاهي جبرة، وبوحات، وحواء، والقبولاب الجديدة، وبير الإخريت، والغِـبيشة، والخِـليلة، ووادى النعام، وجبال الحوش، وبير النور، والقبولاب القديمة. كل هذه الأشياء أصبحت مجرد ذكريات في ذمة التاريخ. قهوة أم الحسن نفسها شهدت هذا التحديث وحاولت أن تواكبه، حيث حفر المهندس الحاج عطا المنان لها بئراً أرتوازية، وزودها بوابور كهربائى، وثلاجة، وكارو لنقل الماء، وبموجب ذلك تحولت القهوة إلى منطقة سكنية، بها جامع، ومدرسة، ومجموعة من المقاهي الأخرى. أما مسألة الراحة في المقاهي فقد أضحت اختيارية لسائقي البصات السفرية، فيمكن لسائق البص أن يتوقف في أي كفتيريا حسب اختياره، لمدة لا تزيد عن نصف الساعة، ويتناول المسافرون خلالها كوباً من الشاي، أو القهوة، أو المرطبات البادرة، ثم يعودون إلى أدراجهم. وبذلك غابت كراتين الزوادة، والقراصة المتمرة، والحديث المتصل بين المسافرين وأصحاب المقاهي. كل هذه المتغيرات يصفها لنا قذافي عبد المطلب في مقال رائع، بعنوان: "من أب لمبة إلى كاميرات المراقبة: الاسفلت يروض الصحراء ويغير وجه الحياة فيها"، ويقصد الكاتب بأبي لمبه (أبو لمبة)، شيطان ذائع الصيت، يقال أنه كان ينشط على طول الطريق ليلاً، حاملاً في يده فانوساً، يعتقد سائقو المركبات أنه ضوء لمركبات أخرى في الطريق، فيتبعونه، فيكون مصيرهم التوهان في الصحراء، وضياع المسافرين في فيافيها. ونقتبس من ذلك المقال بعض مشاهد التبدل الانثروبولوجي التي غيرت واقع الرحلة بين أمدرمان والقبولاب القديمة، كما يصفها المؤلف:

    "اليوم تبدل الحال كثيراً، إذ لم تعد القهوة بذات صيتها بالرغم من التحديث الذي طال مبانيها التي أصبحت ثابتة ومدهونة، وتطورت خدماتها تماماً كما هو الحال مع القهاوى الأخرى التي تنتشر على الطريق، وأصبحت تقدم مختلف أنواع الأطعمة الطازجة بدلاً عن الفول والدمعة، والمياه الغازية بدلاً مياه القرب ذات الرائحة والطعم، وأنواع لا حصر لها من البسكويت بدلاً عن الدوم والترمس، وحتى العاملين في القهاوى وغيرهم من سكان الصحراء تغير مظهرهم، واختفت مجموعات الأطفال التي كانت تعدوا خلف المركبات، طالبين بقايا الزاد، وعمال القهاوى التي تغيرت أسماؤها إلى كافتيريات، وحلت فيها الترابيز والكراسي محل البروش، ودورات المياه محل الخلاء، والحنفيات محل الأباريق، واللمبات الكهربائية محل مشاعل زيت (الرجوع) كثيفة الدخان، وتغير مظهر وتعامل العاملين فيها، فأصبحت نسخة قريبة لكافتيريات المدن، هكذا نقل طريق الإسفلت تلك المناطق وإنسانها من قسوة البداوية إلى يسر المدنية."

    بهذه المشاهد النابضة بالحياة أضحت الرحلة بين أمدرمان ونواحي السافل لا تتجاوز ثلاث ساعات ونيف بمقدار الزمن، يجلس خلالها المسافرون على مقاعدٍ وثيرةٍ ومريحةٍ، وتُقدم إليهم المشروبات الباردة والساخنة، ويشاهدون المسلسلات المصرية وغيرها على شاشة تلفاز البص البلورية، وأحياناً يستمعون إلى أغاني الطنبور، وأغاني الأصيل، وضروب الغناء السُّوداني الأخرى. وما يحدث خارج البص، وعلى هامش الطريق، لم يكن موضع اهتمام بالنسبة لهم. ستائر البص مُسدلة، والهواء مُكيف، والمسافرون بين قارئ في صحافة الخرطوم اليومية، ونائمٍ يبتغي الراحة والاستجمام، ومتآنس بصحبة رفقاء الرحلة، وآخر مشغول مع هاتفه الجوال. بفضل الحداثة وتأثيرات العولمة أضحت الرحلة على طريق شريان الشمال ضرباً من ضروب الرفاهية، المفعمة بأحلام العودة إلى "البلد" بالنسبة للمغتربين، أو حضور إحدى المناسبات الاجتماعية التي جعلت المقيمين في الريف والحضر في حركة دائمة بين السافل والصعيد، ولكنهم أحياناً يدفعون أثمانها باهظةً بفعل الحوادث المرورية المتكررة، ونقص الأنفس والأموال والثمرات.

                  

03-18-2019, 08:07 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Ahmed Abushouk)

    Quote: إليكم الحلقات الأربع تباعاً:

    البروف احمد ابوشوك لك التحية والاحترام .. من اجدر منك بالتوثيق
    .
    .

    لما قمت بنقل الموضوع لم اجد اسمك في المصدر الذي نقلت منه ..... لذا ساعدل عنوان البوست
                  

03-18-2019, 08:12 AM

Khalid Elsayed
<aKhalid Elsayed
تاريخ التسجيل: 01-25-2017
مجموع المشاركات: 787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بدايات طريق دنقلا امدرمان - سرد ممتع (Re: Khalid Elsayed)

    منقول من رواية موسم الهجرة الى الشمال

    سافرت في الطريق الصحراوي في سيارة من سيارات المشروع التي ذكرها محجوب . كنت أسافر عادة بالباخرة إلى ميناء كريمة النهري ، ومن هناك آخذ القطار ماراً بأبي حمد وأتبرا إلى الخرطوم . لكنني هذه المرة كنت في عجلة من أمري دون سبب واضح ، ففضلت اختصار الطريق . وقامت السيارة في أول الصباح ، وسارت شرقاً حذاء النيل نحو ساعتين ، ثم اتجهت جنوباً في زاوية مستقيمة وضربت في الصحراء . لا يوجد مأوى من الشمس التي تصعد في السماء بخطوات بطيئة وتصب أشعتها على الأرض كأن بينهما وبين أهل الأرض ثأراً قديماً . لا مأوى سوى الظل الساخن في جوف السيارة ، وهو ليس ظلاً . طريق ممل يصعد ويهبط ، لا شيء يغري العين . شجيرات مبعثرة في الصحراء ، كلها أشواك ، ليست لها أوراق ، أشجار بائسة ليست حية ولا ميتة . تسير السيارة ساعات دون أن يعترض ..طريقها إنسان أو حيوان . ثم نمر بقطيع من الجمال هي الأخرى عجفاء ضامرة . لا توجد سحابة واحدة تبشر بالأمر في هذه السماء الحارة ، كأنها غطاء الجحيم . اليوم هنا شيء لا قيمة له ، مجرد عذاب يتعذبه الكائن الحي في انتظار الليل . الليل هو الخلاص . وفي حالة تقرب من الحمى طافت برأسي نتف من أفكار ، كلمات من جمل ، وصور لوجوه وأصوات تجيء كلها يابسة كالأعاصير الصغيرة التي تهب في الحقول البور . فيما العجلة ؟ سألتني : ( فيم العجلة ؟ ) قالت : ( ولماذا تمكث أسبوعاً آخر ؟ ) قالت .. الحمارة السوداء ، إعرابي غش عمك وباعه الحمارة السوداء . وقال أبي : ( هل هذا شيء يثير الغضب ؟ ) عقل الإنسان ليس محفوظاً في ثلاجة . إنها هذه الشمس التي لا تطاق . تذوب المخ ، تشل التفكير . ومصطفى سعيد ، وجهه ينبع واضحاً في خيالي كما رأيته أول يوم ، ثم يضيع في أزيز محركات السيارة ، وصوت احتكاك بحصى الصحراء ، وأحاول جاهداً استعادته فلا أستطيع . يوم الاحتفال بختان الولدين ، خلعت حسنة الثوب عن رأسها ورقصت كما تفعل الأم يوم ختان ولديها . يا لها من امرأة . لماذا لا تتزوجها أنت ؟ كيف كانت ايزابيلا سيمور تناجيه ؟ ( اغتلني أيها الغول الأفريقي . احرقني في نار معبدك أيها الإله الأسود . دعني أتلوى في طقوس صلواتك العربيدة المهيجة ) وها هنا منبع النار . ها هو المعبد . لا شيء . الشمس والصحراء ونباتات يابسة وحيوانات عجفاء . ويهتز كيان ..السيارة حين تنحدر في واد صغير . وتمر بعظام جمل نفق من العطش في هذا التيه . ويعود إلى خيالي وجه مصطفى سعيد في وجه ابنه الأكبر . إنه أكثر الولدين شبهاً به . يوم حفلة الختان أنا ومحجوب شربنا أكثر مما يجب . الناس في بلدنا لرتابة الحياة عندهم يجعلون من أي حدث سعيد مهما صغر عذراً لإقامة حفل كحفل العرس . جررته من يده في الليل ، والمغنون يغنون والرجال يصفقون في قلب الدار . وقفنا أمام باب الغرفة تلك . قلت له : ( أنا وحدي عندي المفتاح . باب من الحديد ) . قال لي محجوب بصوته المخمور : ( هل تدري ما بداخلها ؟ ) قلت له : ( نعم ) قال : ( ماذا ؟ ) فقلت وأنا أضحك تحت وطأة الخمر : ( لا شيء . لا شيء إطلاقاً ) . هذه الغرفة عبارة عن نكتة كبيرة . كالحياة . تحسب فيها سراً وليس فيها شيء . ( لا شيء إطلاقاً ) . وقال محجوب : ( أنت سكران ، هذه الغرفة مليئة من أرضها إلى سقفها بالكنوز . ذهب ، وجواهر ، ودرر ولآلئ . هل تعلم من هو مصطفى سعيد ؟ ) قلت له أن مصطفى سعيد كان أكذوبة ، وضحكت مرة أخرى ضحكة مخمورة وقلت له : ( هل تريد أن تعرف حقيقة مصطفى سعيد ؟ ) فقال محجوب : ( أنت لست سكران بل مجنوناً أيضاً . مصطفى سعيد هو في الحقيقة نبي الله الخضر . يظهر فجأة ويغيب فجأة . والكنوز التي في هذه الغرفة هي كنوز الملك سليمان حملها الجان إلى هنا . وأنت ..عندك مفتاح الكنز. ( افتح يا سمسم ودعنا نفرق الذهب والجواهر على الناس ) . وكاد محجوب يصرخ ويجمع الناس لولا أنني أغلقت فمه بيدي . وفي الصباح استيقظ كل واحد منا في بيته لا ندري كيف وصلنا . والطريق لا ينتهي عند حد ، والشمس لا تكل . لا غرو أن مصطفى سعيد هرب إلى زمهرير الشمال . إيزابيلا سيمور قالت له : ( المسيحيون يقولون أن إلههم صلب ليحمل وزر خطاياهم . إنه إذن مات عبثاً . فما يسمونه الخطيئة ما هو إلا زفرة الاكتفاء بمعانقتك يا إله وثنيتي . أنت إلهي ، ولا إله غيرك ) . لا بد أن هذا هو سبب انتحارها ، وليس مرضها بالسرطان . كانت مؤمنة حين قابلته . كفرت بدينها وعبدت إلها كعجل بني إسرائيل . يا للغرابة . يا للسخرية . الإنسان لمجرد أنه خلق عند خط الاستواء ، بعض المجانين يعتبرونه عبداً وبعضهم يعتبرونه إلهاً . أين الاعتدال ؟ أين الاستواء ؟ وجدي بصوته النحيل وضحكته الخبيثة حين يكون على سجيته ، أين وضعه في هذا البساط الأحمدي ؟ هل هو حقيقة كما أزعم أنا وكما يبدو هو ؟ هل هو فوق هذه الفوضى ؟ لا أدري . ولكنه بقي على أي حال ، رغم الأوبئة وفساد الحكم وقسوة الطبيعة . وأنا موقن أن الموت حين يبرز له سيبتسم هو في وجه الموت . ألا يكفي هذا ؟ هل ابن آدم مطالب بأكثر من هذا ؟ وبرز لنا من وراء التل إعرابي جاء يهرول نحونا ، وقطع الطريق على السيارة فتوقفنا . بدنه وثيابه بلون الأرض . وسأله السائق ماذا ..يريد ؟ قال : ( أعطوني سيجارة أو تنباك لوجه الله . لي يومان لم أذق طعم التنباك ) . لم يكن عندنا تنباك فأعطيته سيجارة . وقلنا بالمرة نقف قليلاً ونستريح من عناء الجلوس . لم أرَ في حياتي إنساناً يشرب السجائر بتلك اللهفة . جلس الإعرابي على مؤخرته وأخذ يشفط الدخان بنهم فوق الوصف . بعد دقيقتين مد يده فأعطيته سيجارة أخرى . التهمها كما فعل مع الأولى . ثم أخذ يتلوى على الأرض كأنه مصاب بالصرع . وبعدها تمدد على الأرض وطوق رأسه بيديه وهمد تماماً كأنه ميت . وظل هكذا طول مكوثنا ، زهاء ثلث ساعة . ولما دارت محركات السيارة ، هب واقفاً ، إنساناً بعث إلى الحياة ، وأخذ يحمدني ويدعو الله لي بطول العمر ، فرميت له علبة السجائر بما بقي فيها . وثار الغبار خلفنا ، وراقبت الإعرابي يجري نحو خيام مهلهلة عند شجيرات ناحية الجنوب . عندها غنيمات وأطفال عراة . أين الظل يا إلهي ؟ مثل هذه الأرض لا تنبت إلا الأنبياء . هذا القحط لا تداويه إلا السماء . والطريق لا ينتهي والشمس لا ترحم ، والسيارة الآن تولول ولولة على أرض من الحصى مبسوطة كالمائدة . ( إنا قوم منقطع بنا فحدثونا أحاديث نتجمل بها ) . من قال هذا ؟ ثم : ( كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ) . والسائق لا يتكلم . امتداد للمكنة التي يديرها ، يلعنها أحياناً ويشتمها ، والأرض حولنا دائرة غرقى في السراب . ( وظل يرفعنا آل ويخفضنا آل وتلفظنا بيد إلى بيد ) . محمد سعيد العباسي ، ..يا له من شاعر . وأبو نواس ( شربنا شرب قوم ظمئوا من عهد عاد ) . هذه أرض اليأس والشعر ولا أحد يغني . ولقينا سيارة حكومية معطلة حولها خمسة عساكر وشاويش متدرعين البنادق . وقفنا . شربوا من مائنا وأكلوا من زادنا وأعطيناهم البنزين . قالوا إن امرأة من قبيلة المريصاب قتلت زوجها والحكومة ذاهبة لتقبض عليها . ما اسمها ؟ ما اسمه ؟ لماذا قتلته ؟ لا يعلمون فقط إنها من قبيلة المريصاب وأنها قتلته وأنه زوجها . ولكنهم سيعرفونه . قبائل المريصاب والهواوير والكبابيش . القضاة المقيم منهم والمتنقل . مفتش شمالي كردفان ، مفتش جنوبي الشمالية ، مفتش شرقي الخرطوم . الرعاة على مساقط الماء . المشايخ والنظار . البدو في خيام الشعر ، في مفارق الوديان . كلهم سيعرفون اسمها ، فليس كل يوم تقتل امرأة رجلاً ، بله زوجها ، في هذه الأرض التي لم تترك الشمس فيها قتلاً لقاتل . وخطرت لي فكرة ، قلبتها في ذهني ثم قررت أن أعبر عنها وأرى ما يحدث . قلت لهم إنها لم تقتله بل هو مات من ضربة الشمس ، كما ماتت إيزابيلا سيمور وشيلا غرينود وآن همند وجين مورس . لم يحدث شيء . وقال الشاويش : ( كان عندنا قمندان بوليس ملعون اسمه ماجور كوك ) . لا فائدة . لا دهشة . وساروا وسرنا . الشمس هي العدو . إنها الآن في كبد السماء تماماً ، كما يقول العرب . يا للكبد الحرى . وستظل هكذا ساعات لا تتحرك ، أو هكذا يخيل للكائن الحي ، حتى يئن الحجر ويبكي ..الشجر ويستغيث الحديد . بكاء امرأة تحت رجل عن الفجر ، وفخذان بيضاوان مفتوحتان . هما الآن كعظام الجمال الجافة المتناثرة في الصحراء . لا طعم . لا رائحة ، لا خير . لا شر . عجلات السيارة تصدم الحصى بحقد . طريقه المعوج سرعان ما يؤدي به إلى كارثة . وفي الغالب تكون الكارثة واضحة أمامه وضوح الشمس ، بحيث أننا نعجب كيف كان رجلاً ذكياً كهذا ، هو في الحقيقة في غاية الغباء . إنه منح قدراً عظيماً من الذكاء ولكنه حرم الحكمة . إنه أحمق ذكي . هذا ما قاله القاضي في ( الأولد بيلي ) قبل أن يصدر الحكم . والطريق لا ينتهي والشمس . سأكتب لمسز روبنسن . تعيش في شانكلن في آيل أوف وايت . علق عنوانها بذاكرتي من حديث مصطفى سعيد تلك الليلة . زوجها مات بالتايفوئيد ودفن في القاهرة في مقبرة الإمام الشافعي . نعم ، اعتنق الإسلام . مصطفى سعيد قال أنها حضرت المحاكمة من أولها إلى آخرها . كان هادئاً طوال المدة . بعد أن صدر الحكم بكى على صدرها . مسحت رأسه وقبلته على جبهته وقالت : ( لا تبك يا طفلي العزيز ) . لم تكن تحب جين مورس . حذرته من زواجها . سأكتب لها فلعلها تلقي الضوء ، لعلها تذكر أشياء هو نسيها أو أهمل ذكرها . وانتهت الحرب فجأة بالنصر . شفق المغيب ليس دماً ولكنه حناء في قدم المرأة ، والنسيم الذي يلاحقنا من وادي النيل يحمل عطراً لن ينضب في خيالي ما دمت حياً . وكما تحط ..قافلة رحالها حططنا رحلنا . بقي من الطريق أقله . طعمنا وشربنا . صلى أناس صلاة العشاء ، والسواق ومساعدوه أخرجوا من أضابير السيارة قناني الخمر ، وأنا استلقيت على الرمل وأشعلت سيجارة وتهت في روعة السماء . والسيارة أيضاً سُقيت الماء والبنزين والزيت ، وهي الآن ساكنة راضية كمهرة في مراحها . انتهت الحرب بالنصر لنا جميعاً ، الحجارة والأشجار والحيوانات والحديد ، وأنا الآن تحت هذه السماء الجميلة الرحيمة أحس أننا جميعاً أخوة . الذي يسكر والذي يصلي والذي يسرق والذي يزني والذي يقاتل والذي يقتل . الينبوع نفسه . ولا أحد يعلم ماذا يدون في خلد الإله . لعله لا يبالي . لعله ليس غاضباً . في ليلة مثل هذه تحس أنك تستطيع أن ترقى إلى السماء على سلم من الحبال . هذه أرض الشعر والممكن وابنتي اسمها آمال . سنهدم وسنبني وسنخضع الشمس ذاتها لإرادتنا وسنهزم الفقر بأي وسيلة . السواق الذي كان صامتاً طوال اليوم هذا قد ارتفعت عقيرته بالغناء . صوت عذب سلسبيل لا تحسب أنه صوته . يغني لسيارته كما كان الشعراء في الزمن القديم يغنون لجمالهم :دركسونك مخرطة وقايم على بولادوغير ست النفور الليلة ما في رقادوارتفع صوت آخر يجاوبه :ناوين السفر من دار كول والكمبو ..هوزز راسه فرحان بالسفر يقنبهأب دومات غرفن عرقه اتنادن بهضرب الفجة وأصبح ناره تاكل الجنبةثم نبع صوت ثالث يجاوب الصوتين :واوحيحي ووا وجع قلبيمن صيدة القنص الفترت كلبيالقاري العلم من دينه بتسلبيوالماشي الحجاز من جدة بتقلبينحن هكذا وكل سيارة تمر بنا طالعة أو نازلة ، تقف ، حتى اجتمعت قافلة عظيمة ، أكثر من مائة رجل طعموا وشربوا وصلوا وسكروا . ثم تحلقنا حلقة كبيرة ، ودخل بعض الفتيان وسط الحلقة ورقصوا كما ترقص البنات . وصفقنا وضربنا الأرض بأرجلنا وحمحمنا بحلوقنا ، وأقمنا في قلب الصحراء فرحاً للاشيء . وجاء أحد بمذياعه الترانزستور ، وضعناه وسط الدائرة ، وصفقنا ورقصنا على غنائيه . وخطرت لأحد فكرة ، فصف السواقون سياراتهم على هيئة دائرة وسطوا أضوائها على حلقة الرقص ، فاشتعلت شعلة من الضوء لا أحسب تلك البقعة رأت مثلها من قبل . زغرد الرجال كما تزغرد النساء وانطلقت أبواق السيارات جميعاً في آن واحد . وجذب الضوء والضجة البدو من شعاب الوديان وسفوح التلال المجاورة ، رجال ونساء ، قوم لا تراهم بالنهار ..كأنهم يذوبون تحت ضوء الشمس . اجتمع خلق عظيم ودخلت الحلقة نساء حقيقيات ، لو رأيتهن نهاراً لما أعرتهن نظرة ، ولكنهن جميلات في هذا الزمان والمكان . وجاء إعرابي بخروف وتكأه وذبحه وشوى لحمه على نار أوقدها . وأخرج أحد المسافرين من السيارة صندوقين من البيرة وزعهما وهو يهتف : ( في صحة السودان ، في صحة السودان ) . ودارت صناديق السجائر وعلب الحلوى ، وغنت الإعرابيات ورقصن ، وردد الليل والصحراء أصداء عرس عظيم كأننا قبيل من الجن . عرس بلا معنى ، مجر عمل يائس نبع ارتجالاً كالأعاصير الصغيرة التي تنبع في الصحراء ثم تموت . وعند الفجر تفرقنا . عاد الأعراب أدراجهم إلى شعاب الأودية . تصايح الناس : ( مع السلامة . مع السلامة ) . وركضوا كل إلى سيارته . أزت المحركات ، وتحولت الأضواء من المكان الذي كان قبل لحظات مسرح أنس ، فعاد إلى سابق عهده ، جزء من الصحراء . واتجهت أضواء السيارات ، بعضها نحو الجنوب صوب النيل ، وبعضها نحو الشمال صوب النيل . وثار الغبار واختفى ثم ثار واختفى . وأدركنا الشمس على قمم جبال كرري أعلى أم درمان .

    (عدل بواسطة Khalid Elsayed on 03-18-2019, 09:37 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de