ما هى "اللِبرالية الجديدة" التى يتبناها "البدوى" لمعالجة اختلالات الاقتصاد وإنعكاسها على الميزانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2019, 04:31 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما هى "اللِبرالية الجديدة" التى يتبناها "البدوى" لمعالجة اختلالات الاقتصاد وإنعكاسها على الميزانية

    03:31 PM December, 28 2019 سودانيز اون لاين
    وليد محمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    هذا البوست عبارة عن مجموعة مقالات مختارة لأيضاح عما هى "اللِبرالية الجديدة" وأهم أدواتها: صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وإيراد بعض النماذج للدول التى قامت بتطبيق روشته الصندوق ونماذج الدول التى رفضت الروشته وماهى النتائج التى ترتبت على ذلك فى كلتا الحالتين:
    مؤتمر بريتون وودز 1944
    في ليلة من ليالي صيف الولايات المتحدة تحديدًا في الثلاثين من يونيو (حزيران) عام 1944، غادر مدينتي واشنطن وأتلانتيك سيتي قطاران محشوان بمئات السادة الذين أتوا للولايات المتحدة من كل فج عميق ليشهدوا مولد اثنتين من أبرز المؤسسات المالية الدولية الأكثر تأثيرًا ونفوذًا، وربما إثارة للجدل أيضًا، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. توجه القطاران إلى بريتون وودز الواقعة على تلال نيوهامشاير من أجل حضور مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي.التقى ممثلو 44 دولة بدعوة من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بهدف وضع قواعد لنظام اقتصادي جديد يتلاشى التشوهات الاقتصادية والمالية التي أفرزتها الحروب بما في ذلك معدلات التضخم العالية التي مُني بها العالم في الثلاثينيات، ووضع الحواجز أمام التجارة الدولية وتراجع النشاط الاقتصادي.وجاء في الخطاب الافتتاحي لوزير الخزانة الأمريكي ورئيس المؤتمر هنري مورغنتاو على لسان الرئيس روزفلت أنه يدعو إلى «إنشاء نظام اقتصادي عالمي ديناميكي تكون فيه جميع الشعوب قادرة على تحقيق وجودها بسلام وتتمتع على نحو متزايد بثمار التقدم المادي على كوكب أرضي مبارك بثروات طبيعية غير محدودة».تحققت دعوة مورغنتاو في شطرها الأول كما أريد لها أن تتحقق، إذ خُلق نظام اقتصادي عالمي جديد تحت راية المؤسستين الماليتين الدوليتين وفقًا لما ارتأته مصالح الدول الغربية وبالأخص الولايات المتحدة.غير أن استفادة الدول بثمار التقدم المادي وبالثروات الطبيعية كان قاصرًا، على ما يبدو، على تلك الدول دون غيرها، إذ لم يكتب لتجارب الصندوق مع دول العالم المختلفة نجاح يُذكر مقارنة بالنجاح الذي حققته الدول التي أدارت ظهرها للصندوق، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة دور الصندوق، وما إذا كان يعمل لتحقيق الأهداف التي تحدث عنها المؤتمر وصارت ميثاقًا له فيما بعد، من مساعدة الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية على صياغة مناهج تفضي إلى تنمية مستدامة، إذ تجلى ذلك في العديد من التجارب .(1)
    قصة صعود الليبرالية الجديدة
    من ثمانينيات القرن الماضي بدا أنّ الانقلاب النظري الذي قامت به مدرسة شيكاجو الاقتصادية (مدرسة النيوليبرالية) -عبر نظريات روادها هايك وفريدمان-، على نظرية «جون ماينرد كينز» التي تُعطي الدولة مسئولية التدخُّل في الاقتصاد لحمايته من خطر الركود، قد اقترب بشدة من أن يجد حيِّزًا للتطبيق العملي في عديد من البلدان، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، ومن ثم جرت عولمة النظرية الجديدة، التي وصفها اليساريون بأنها “لو خرجت من رجل أعمال لقال الناس عليه إنه بارون لص، لكن لأنها خرجت من علماء اقتصاد عباقرة في مجالهم، كان تصديرها للجمهور أيسر كثيرًا”.وكانت نتيجة التوجُّه الجديد المُعولم هو تعاقب حكومات يمينية ويسارية حتى على بلدان العالم، طبَّقت سياسات التكيُّف الهيكلي، وتحرير السوق، والخصخصة، وتقليل الإنفاق الاجتماعي، وهو ما أثر بشكل حاد على مستويات معيشة المواطنين، وزاد من ثراء الأغنياء وبؤس الفقراء (2)
    (1) https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-in...ional-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-in...ional-monetary-fund/ (2)
    https://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-economic-experiencehttps://www.sasapost.com/icelands-...-economic-experience

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:30 AM)
    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:42 AM)









                  

12-28-2019, 04:40 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يتبن� (Re: وليد محمود)

    ما هو صندوق النقد والبنك الدولي
    عبد الرحمن جمعةالنشأةمع خروج العالم من الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها عشرات الملايين، اجتمع ممثلون لـ 44 دولة في بريتون وودز وخرجوا بوجوب وجود نظام لاعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وخرجوا من المؤتمر باتفاقية بريتون وودز.اتفاقية بريتون وودز: في العام 1944 وفي غابات بريتون في ولاية نيوهامشاير بالولايات المتحدة وتحت مسمى “مؤتمر النقد الدولي” اتفق ممثلو الدول على تثبيت سعر الدولار بسعر 35 دولارًا مقابل أونصة واحدة من الذهب. كما خرجوا بتوصيات بإنشاء مؤسستين تحكمان العلاقات الاقتصادية الدولية، لكلٍ منهما مهام محددة وإن كانت تلتقي بشكلٍ عام في مهام واحدة.تسببت الحرب العالمية الثانية في دمار أوروبا ما أدى إلى إنشاء المؤسستينصندوق النقد الدوليمقره في العاصمة الأمريكية واشنطن..مهامهـ الإشراف على النظام النقدي الدولي وتقويته.ـ إلغاء قيود الصرف المرتبطة بتجارة السلع والخدمات وتحقيق استقرار أسعار الصرف (ما سيؤدي ـحسب مراقبينـ إلى فتح البلدان أمام أسواق الدول الرأسمالية فيما بعدـ تقديم المشورة لأعضاءه بشأن سياساتها الاقتصادية. و تقديم قروض للدول الأعضاء، يشمل إقراض الدول مراقبتها في طريقة تدوير هذه القروض."إن برنامج صندوق النقد الدولي قد يترك البلد في بعض الأحيانْ فقيرًا كما كانَ من قبل ، لكن مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراءً” *عالم الاقتصاد ميشيل تشوسودوفيسكي.من أين يحصل على أمواله؟ يحصل الصندوق على أمواله من البلدان الأعضاء. وتبعًا لحجم الحصص يتحدد عدد الأصوات المخصصة لكل بلد عضو وحدود الاقتراض الذي يوفره له الصندوق. وكلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج وازداد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق. والولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم، تسهم بالنصيب الأكبر في صندوق النقد الدولي حيث تبلغ حصتها 17.6% من إجمالي الحصص.الدول الأقوي تصويتيًا في صندوق النقد الدولي مارس 2014انتقادات موجهة للصندوقيواجه صندوق النقد الدولي انتقادات لاذعة من قبل العديد من الكتاب والمراقبين الاقتصاديين:1ـ لا يمتلك حق الفيتو -والذي قد يمنع قرضًا ما- سوى بلد واحد هي الولايات المتحدة، بخلاف الأمم المتحدة التي يمتلك فيه حق الفيتو خمس دول أعضاء.2ـ يتبنى الصندوق سياسات “نيوليبرالية” فهو يرفض أية قيود ـ من الدول المقترضةـ على النقد الأجنبي، وضد الرقابة على الصرف، وضد أي تدخل من الحكومات، ويشجع بشكل مباشر القطاع الخاص واقتصاد السوق الحر.3ـ ليس للصندوق خبرة كافية في التعامل مع المشكلات المختلفة للدول الأعضاء، حيث يعطي نفس التوصيات والنصائح لكل الدول، مما لا يعطي أية مساحات لوضع الاختلاف بين الدول موضع اعتبار.بمقتضي عرف أو اتفاق ضمني، يكون دائمًا رئيس صندوق النقد الدولي أوروبيًا، ورئيس البنك الدولي أمريكيًا. ويتم اختيارهم وراء أبواب مغلقة بل ولا يشترط لتولي الرئاسة أن يكون للمرشح أية تجربة في الدول النامية ! إن هذه المؤسسات لا تمثل الأمم التي تخدمها . *جوزيف ستيجليتز.البنك الدوليعلى خلاف صندوق النقد كان البنك الدولي منذ إنشائه يعمل على تنمية الدول النامية، ومحاربة الفقر، مثله مثل صندوق النقد الدولي مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن أيضًا!مهامهـ تطوير النظم المالية للدول الأعضاء.ـ بناء القدرات والمؤسسات بالدول النامية.ـ تمويل الدول النامية ومساعدتها على تصعيد معدل التنمية.ويعمل البنك الدولي بالتوازي والتعاون مع صندوق النقد الدولي، ولكي تصبح أي دولة عضوًا في البنك الدولي يشترط لها أن تكون عضوًا في صندوق النقد الدولي أولًا، ومؤسسة التنمية الدولية ومؤسسة التمويل الدولي وهيئة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف. وبشكلٍ عام فإن البنك الدولي أيضاً يتبنى نظام اقتصاد السوق، وجميع رؤسائه يتبنون هذا النمط من الاقتصاد، الذي يأتي ـ حسب كتاب ومراقبين ـ على حقوق شعوب الدول النامية. يمتلك البنك رأس مال مصرح به يبلغ 184 بليون دولار أمريكي تدفع منه البلدان الأعضاء 10% فقط. تقدم كل دولة عضوٍ في البنك من اشتراكها المحدد في رأس مال البنك ذهبًا أو دولارات أمريكية ما يعادل 18% من عملتها الخاصة، والباقي يظل في الدولة نفسها، ولكن البنك يستطيع الحصول عليه في أي وقت لمواجهة التزاماته.يقوم البنك بإقراض الحكومات مباشرة أو بتقديم الضمانات التي تحتاجها للاقتراض من دولة أخرى أو من السوق الدولية. حسب محللين، فإن ممارسات البنك أظهرت أنه كان متحيزًا في إقراضه بعض الدول وعدم إقراضه دولًا أخرى مثل عدم إقراضه لمصر أثناء مشروع السد العالي.أهم ﺷﺮوط اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻠﻘﺮوض اﻟﻤﻴﺴﺮة1ـ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳـﺎت اﻟﺘﻜﻴـﻒ و اﻻﺻـﻼح اﻟﻬﻴﻜﻠـي، التي يفرضها البنك، ﻣﺜـﻞ ﺗﺨﻔـﻴﺾ اإﻧﻔـﺎق اﻟﻌـﺎم و ﺗﺨﻔـﻴﺾ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔـة اﻟﺠﻤﺮكية وﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت واﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻟﻌﺎمة.2- ﺗﺒﻨي إجراءات ﻣﺸﺘﺮوات و ﻧﻈﻢ ﻣﻮازنة ﺟﺪﻳﺪة ﺣﺴﺐ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺒﻨﻚ.يواجه البنك الدولي نفس الاتهامات التي يواجهها صندوق النقد الدولي، وقد ألف العديد من الكتاب الاقتصاديين مؤلفات يدينون فيها سياسات المؤسستين، وهناك عدة أمثلة على أنَّ المؤسستين لا يهتمان إلا بمصالح الولايات المتحدة وأوروبا.https://www.sasapost.com/what-is-the-imf-and-the-world-bank/https://www.sasapost.com/what-is-the-imf-and-the-world-bank/https://www.sasapost.com/what-is-the-imf-and-the-world-bank/https://www.sasapost.com/what-is-the-imf-and-the-world-bank/

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:22 AM)

                  

12-28-2019, 05:15 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    كيف أصبحت أمريكا قوة اقتصادية عظمى؟
    ترجمة هاله أسامه
    نادرًا ما تقرأ كتابًا يدفعك إلى النظر إلى قصةٍ تقليديةٍ بطريقةٍ مختلفةٍ تمامًا؛ ومن هذه الكتب النادرة كتاب The Wages of Destruction المذهل عن التاريخ الاقتصادي للحرب العالمية الثانية للمؤرخ آدم توز، وكذلك كتابه The Deluge الذي صدر مؤخرًا والذي يتناول التاريخ الاقتصادي للحرب العالمية الأولى وعواقبها. يشكّل هذان الكتابان سويًا تاريخًا جديدًا للقرن العشرين؛ هو قرن السيطرة الأمريكية، الذي لم يبدأ بعد الحرب الثانية، وإنما منذ عام 1916 الذي تخطى فيه إنتاج الولايات المتحدة إنتاج الإمبراطورية البريطانية بأكملها.
    لا يتبع توز منظورًا أمريكيًا ضيق الأفق وإنما يشمل تاريخه الواسع التحولات الديمقراطية في اليابان وتضخم الأسعار في الدانمارك وولادة التيار اليميني المتطرف في الأرجنتين، بالإضافة إلى استيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا. يتتبع الكتابان قصة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد منذ بدايتها حتى ذروتها، وصدر الكتاب الثاني في عام 2014 وهو العام الذي انتهت فيه هذه الهيمنة – طبقًا لمقياسٍ اقتصاديٍ واحدٍ على الأقل.
    كان تحليل الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون للحرب العالمية الأولى في صيف عام 1916 أن بريطانيا تمتلك العالم وألمانيا تريده. أما الولايات المتحدة فكانت إمكانياتها الاقتصادية العظيمة مكبوتةً قبل حرب عام 1914 بفعل نظامها السياسي غير الفعال ونظامها المالي المختل وصراعاتها العمالية والعرقية العنيفة.
    يقول توز: ‹‹كانت أمريكا مثالًا للفساد المدني وسوء الإدارة والسياسات المدفوعة بالجشع، بالإضافة إلى النمو والإنتاج والربح››.
    مع دخول الحرب العالمية الأولى في عامها الثالث – والعام الأول من قصة توز – بدأ ميزان القوى في الميل بوضوح من ناحية أوروبا إلى ناحية أمريكا، فلم تستطِع الدول المشاركة في الحرب تحمل تكاليفها أكثر من ذلك، ولجأت ألمانيا بعد عزلها عن التجارة العالمية إلى الحصار الدفاعي مركِّزةً هجماتها على الأعداء الضعفاء مثل رومانيا. أما الحلفاء، وبخاصة بريطانيا، فقد جهزوا قواتهم بطلباتٍ حربية أكثر وأكثر من الولايات المتحدة؛ ففي عام 1916 اشترت بريطانيا أكثر من رُبع محركات أسطولها الجوي الجديد، وأكثر من نصف ذخيرتها من الرصاص وأكثر من ثُلثي استهلاكها من الحبوب وكل استهلاكها من البترول تقريبًا من موردين أجانب، على رأسهم الولايات المتحدة. دفعت بريطانيا وفرنسا مقابل هذه المشتريات بإصدار المزيد والمزيد من السندات للأمريكيين بالدولار وليس بالجنيه الاسترليني أو الفرانك، وبنهاية عام 1916 كان المستثمرون الأمريكيون قد راهنوا بملياري دولارًا على فوز التحالف الدولي.
    أدت كمية المشتريات المذهلة هذه إلى ما يشبه الحشد للحرب داخل الولايات المتحدة، فحوّلت المصانع الأمريكية خطوط إنتاجها من المدنية إلى العسكرية، وزرع المزارعون الأمريكيون الطعام والأنسجة لإطعام مقاتلي أوروبا وكسائهم، ولكن لم تكن الحكومة الأمريكية حينها ترغب في اتخاذ قرارٍ سياسيٍ بالوقوف في صف أحد الأطراف في حربٍ أوروبية، وأراد الرئيس ويلسون البقاء بعيدًا عن الحرب تمامًا، وكان يفضل تحقيق السلام دون انتصار، ويخشى أن الارتباط الشديد ببريطانيا وفرنسا قد يحجّم الخيارات أمام أمريكا.

    أغضب ذلك ثيودور روزفلت؛ المعارض الجمهوري الذي كان يشكو من تقاعس إدارة ويلسون وتفوهها بالتفاهات والتربح من التجارة الأوروبية بينما تسيل دماء الأوروبيين دفاعًا عن المُثُل التي يؤمنون بها بكل كيانهم. أما ويلسون فكانت تحركه رؤية مختلفة؛ فبدلاً من انضمام الولايات المتحدة لصراع القوى الإمبريالية المتنافسة، يمكنها استغلال قوتها الناشئة لإخضاع تلك القوى لسيطرتها، فكان أول رجل دولة أمريكي يدرك أن الولايات المتحدة قد أصبحت قوةً تختلف عمّا سواها وتمارس سلطةً على المسائل المالية والأمنية للدول الكبرى الأخرى. كان ويلسون يأمل في توجيه هذه القوة الناشئة نحو فرض سلامٍ دائمٍ، إلا أن أخطاءه وأخطاء خلفائه تسببت في فشل هذا المشروع وفي بعض الأحداث الكارثية التي أدت إلى الكساد الكبير وازدهار الفاشية وحربٍ عالميةٍ ثانيةٍ أكثر سوءًا من سابقتها.
    ظهرت بعض المحاولات لرد الاعتبار لزعماء تلك الفترة بصورةٍ دورية، كان آخرها كتاب The Forgotten Depression, 1921:Tha Crash That Cured Itself لجيمس جرانت؛ وهو مؤرخ وصحفي اقتصادي مؤثر. يشير جرانت إلى أن هذا الكساد كان الأزمة الأكثر حدةً وإيلامًا في التاريخ الأمريكي؛ فانخفض إجمالي الإنتاج الصناعي بنسبة 30%، وارتفعت نسبة البطالة لتصل إلى ما يقرب من 12% (لا توجد إحصاءات دقيقة عن البطالة في هذه الفترة)، وهبطت الأسعار هبوطًا حادًا على نحوٍ غير مسبوق. بعد ثمانية عشر شهرًا من الظروف العصيبة للغاية، بدأ الاقتصاد في التعافي، وبحلول عام 1923 كانت الولايات المتحدة قد عادت إلى التشغيل الكامل.
    يقدم جرانت هذه القصة باعتبارها انتصارًا لمبدأ ‹‹دعه يعمل .. دعه يمر››؛ فقد توقف التضخم الناتج عن الحرب، وحلّ الاستثمار والادخار محلّ الاقتراض والإنفاق، ثم حدث التعافي الاقتصادي بصورةٍ طبيعية، دون الحاجة لتدخل الحكومة.
    يذكر جرانت في الكتاب أن ‹‹الأسعار تتسق مع الجهد البشري في نظام اقتصاد السوق؛ فهي توجّه الاستثمار والادخار والعمل. تشجّع الأسعار المرتفعة على الإنتاج وتُثني عن الاستهلاك، والأسعار المنخفضة تفعل العكس تمامًا. اتسم كساد عاميّ 1920-1921 بالأسعار المنخفضة؛ وهو ما نطلق عليه الركود الاقتصادي. ولكن كما هبطت الأسعار هبطت الأجور، ولم يتوقفا عن الهبوط إلا عندما أصبحا منخفضين للدرجة التي تجذب المستهلكين للتسوق والمستثمرين لإيداع المال وأصحاب العمل للتوظيف. فبسبب هبوط الأسعار والأجور، استطاع الاقتصاد الأمريكي النهوض مرةً أخرى››.
    بعد الحرب العالمية الثانية تعافت أوروبا بنسبةٍ كبيرةٍ بسبب المساعدة الأمريكية؛ فالدولة التي عانت أقل من غيرها من الحرب كانت أكثر الدول مساهمةً في إعادة الإعمار، ولكن الوضع كان مختلفًا بعد الحرب العالمية الأولى. عانت فرنسا على سبيل المثال اقتصاديًا أكثر من بقية أطراف الحرب العالمية الأولى – باستثناء بلجيكا –؛ فقد دمّرت الحرب والاحتلال الألماني المنطقة الصناعية بالجزء الشمالي الشرقي في عام 1914، مات ملايين الشباب أو أصيبوا بالعجز. وكانت الدولة فوق كل ذلك غارقةً في الديون، تدين للولايات المتحدة بملياراتٍ ولبريطانيا بملياراتٍ أكثر. كانت فرنسا من الدول الدائنة كذلك خلال النزاع ولكن كانت معظم قروضها تذهب لروسيا التي تنصلت من كل ديونها الخارجية بعد ثورة 1917، كان الحل أمام فرنسا هو الحصول على تعويضاتٍ من ألمانيا.
    كانت بريطانيا ترغب في الخفّ من مطالبها من فرنسا، ولكنها كانت مدينة للولايات المتحدة بأكثر مما تدين به فرنسا، ولم تكُن لتستطِع سدّ ديونها لأمريكا إلا بجمع أموالها من فرنسا – بالإضافة إلى إيطاليا وكل الدول المحاربة الأخرى –. أما الأمريكيون فكانوا مشغولين بقضية تعافي ألمانيا، فكيف يمكن لألمانيا تحقيق الاستقرار السياسي إذا اضطرت لدفع الكثير من المال لفرنسا وبلجيكا؟ ضغط الأمريكيون على فرنسا لتخفيف ضغطها على ألمانيا، ولكن أصروا على استرداد أموالهم من كلٍ من فرنسا وبريطانيا.
    أما ألمانيا فلم تكُن تستطِع سدّ الديون سوى بالتصدير، وخاصةً لأكبر الأسواق الاستهلاكية وأغناها؛ الولايات المتحدة، ولكن كساد 1920 قضى على أحلام التصدير، فالأزمة الاقتصادية خفضت من الطلب الاستهلاكي الأمريكي على الفور عندما كانت أوروبا في أشد الحاجة إليه. فكان على الملايين من الأمريكيين ادخار الأموال التي كانوا سينفقونها على المنتجات المستوردة، ولكنهم أنفقوها بدلًا من ذلك على الطعام والإيجار خلال الأوقات العصيبة في عامي 1920-1921. ولكن أثر الكساد الخطير على التعافي في أعقاب الحرب استمر بعد عام 1920 لفترةٍ طويلة.
    مع انتعاش الاقتصاد اندفع العمال للمطالبة بزيادة الأجور للتعويض عن تضخم الأسعار الذي عانوا منه خلال الحرب. قلقت الهيئات المالية من إحياء التضخم وتسارعه واتخذت قرارًا حاسمًا بالحدّ من القروض، فلم ينتهي الكساد. فخفّض المسؤولون الأمريكيون من الفوائد وسهّلوا القروض، وحينها تعافى الاقتصاد.
    كان الدولار الأمريكي في عام 1913 يساوي ما يقل قليلًا عن 1/20 أوقية ذهب، ومع انتعاش الاقتصاد أخيرًا في عام 1922 نجح الدولار في الوصول لسعره السابق. توقفت كل أطراف الحرب العالمية الأولى عن قياس عملاتها مقابل الذهب في بداية الحرب، فقد تقبلوا أن قيمة عملاتهم ستنخفض مقابل الذهب. انخفضت قيمة عملات الأطراف المهزومة أكثر بكثيرٍ من قيمة عملات الأطراف المنتصرة، ومن بين الأطراف المنتصرة انخفضت قيمة عملة إيطاليا أكثر من قيمة عملة فرنسا، وقيمة عملة فرنسا أكثر من قيمة عملة بريطانيا؛ ومع ذلك فقد فقدَ حتى الجنيه الاسترليني حوالي ربع قيمته مقابل الذهب. كان على كل الحكومات في نهاية الصراع اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستعود إلى قياس العملة على الذهب أم لا، وبأي سعر.
    جعل كساد عام 1920 من الصعب على أمريكا اتخاذ هذا القرار، كما أن الحرب كانت قد رفعتها إلى مكانةٍ جديدةٍ كأبرز الدائنين في العالم، وأكبر مالك للذهب، وبالتالي الوصي المؤثر على مقياس الذهب الدولي. حينما تعرّضت الولايات المتحدة لركودٍ اقتصاديٍ ضخم، وضعت أمام كل الدول التي ترغب في العودة لمقياس الذهب معضلةً؛ إما العودة إلى مقياس الذهب بقيم عام 1913 والاضطرار لمماثلة الركود الأمريكي بالإضافة إلى ركودٍ داخلي أكبر وتقبل البطالة الآخذة في الازدياد، أو إعادة ربط العملة بالذهب بسعرٍ مخفض، والاضطرار إلى الاعتراف بأن العملة قد فقدت قيمتها للأبد وبأن الشعب؛ الذي وثق في حكومته فيما يتعلق بالقروض بالعملة المحلية، سيحصل على عوائد سندات أقل مما سيحصل عليه الدائنون الأمريكيون الذين أقرضوا الحكومة بالدولار. اختارت بريطانيا الطريق الأول، بينما سار الجميع تقريبًا في الطريق الثاني.
    يركز النصف الثاني من كتاب The Deluge على عواقب تلك الاختيارات؛ فكان حال الأوروبيين أسوأ وأقسى. عزمت أمريكا على استعادة قيمة الدولار لتصبح مثل الذهب، ففرضت صعوباتٍ فظيعة على أوروبا التي مزقتها الحرب، بالإضافة إلى التهديد بإغراق الأسواق الأمريكية ببضائع أوروبية مستوردة منخفضة التكلفة. كان الجيل الضائع يتمتع برحلاتٍ رخيصةٍ إلى أوروبا بالدولارات الأمريكية القوية، وفي المقابل كان صناع الحديد وترسانات السفن الألمان يبيعون بأسعارٍ أقل من منافسيهم الأمريكيين بالمارك الألماني الضعيف.

    كان العالم مدينًا للولايات المتحدة بمليارات الدولارات، ولكنه كان سيجد طريقةً أخرى للحصول على المال غير بيع البضائع للولايات المتحدة، كانت هذه الطريقة هي المزيد من الديون. كانت التعاملات المالية العالمية آنذاك تتلخص في سلسلة من الديون؛ اقترضت ألمانيا من أمريكا، واستخدمت الإيرادات لدفع تعويضاتٍ لبلجيكا وفرنسا، وسدّت فرنسا وبلجيكا بدورهما ديون الحرب لبريطانيا وأمريكا، ثم استخدمت بريطانيا دفعات الديون الإيطالية والفرنسية لسداد الديون للولايات المتحدة؛ التي كانت تعيد هذه الدورة المجنونة بأكملها ثانيةً. كانت الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على إصلاح هذا النظام المجنون، ولكنها لم تفعل.
    تسبب الكساد الكبير في الإطاحة بالحكومات البرلمانية في أنحاء أوروبا والأمريكتين، ولكن الديكتاتوريات التي حلّت محلّها لم تكن استبداديةً رجعيةً وفقًا لتوز، وإنما كان هؤلاء الديكتاتوريون يطمحون للتحديث؛ وكان آدولف هتلر أكثرهم طموحًا.
    لخّص وودرو ويلسون غرض هتلر من الحرب في مقولة ‹‹الولايات المتحدة تمتلك الأرض، وألمانيا تريد الحصول عليها››.
    كانت أمريكا منذ البداية هدف هتلر النهائي. يقول توز في كتابه: ‹‹قلّل المؤرخون في أثناء محاولاتهم لتفسير عدوان هتلر من وعيه الشديد بالتهديد الذي مثّله ظهور الولايات المتحدة كالقوة العظمى المهيمنة عالميًا على ألمانيا وبقية القوى الأوروبية. كانت أصالة الاشتراكية القومية تكمن في أنه بدلًا من تقبل ألمانيا لمكانٍ ضمن النظام الاقتصادي العالمي المُتحكَّم فيه من قبل الدول الثرية المتحدثة بالانجليزية، سعى هتلر لتوجيه إحباطات شعبه المكبوتة نحو تحدي هذا النظام››. لم تكن حسابات هتلر منطقية بالطبع، فهو لم يقبل الخضوع للولايات المتحدة لأنه كان يعتقد – بسبب جنون الارتياب – بأ ذلك سيتسبب في الخضوع للمؤامرة اليهودية العالمية وإبادة عرقه تمامًا في النهاية. كان يحلم بغزو بولندا وأوكرانيا وروسيا كوسيلةٍ للحصول على الموارد المماثلة لموارد الولايات المتحدة. كانت المسافة الواسعة الممتدة من برلين إلى موسكو ستصبح المعادل الألماني للغرب الأمريكي، وكانت ستمتلئ بالمزارعين الألمان الذين يعيشون بأريحية على أرض الشعوب المقهورة والعمالة المحتلة، وهو ما كان سيمثّل محاكاةً كارثية للتجربة الأمريكية لتحدي السلطة الأمريكية.
    كانت ألمانيا في عام 1939 دولةً أضعف وأفقر مما كانت في 1914، وكانت تفتقد للعناصر الأساسية للحداثة مقارنةً ببريطانيا، فما بالك بالولايات المتحدة؛ فكانت هناك 486 ألف سيارة فقط في ألمانيا في 1932، وكان ربع الألمان مازالوا يعملون مزارعين حتى عام 1925.
    كانت رغبة هتلر اليائسة المتهورة في الحرب تمثّل سياقًا ملائمًا لجرائم نظامه المريعة، فلم تكن إمبراطورية هتلر قادرة على تحقيق اكتفائها الغذائي، ولذا كانت خطته لغزو الاتحاد السوفييتي تعتزم قتل من 20 إلى 30 مليونًا من سكان المدن السوفييتية جوعًا بعد سرقة الغزاة لكل المواد الغذائية من أجل استخدامهم الخاص. كانت ألمانيا تفتقد للأيدي العاملة، فسلبت عمالة الشعوب المحتلة؛ كان العمال الأجانب يشكّلون 20 بالمائة من القوة العاملة الألمانية في عام 1944 و30 بالمائة من العاملين بالتسليح. كانت ألمانيا في عام 1942 تمثّل رسميًا كتلة اقتصادية قوية، ولكن السلب والعبودية لا يصلحان كأسسٍ لاقتصادٍ صناعي، فانهار ناتج أوروبا المحتلة في ظل الحكم الألماني.
    تنتهي قصة توز ببداية حقبتنا الحديثة؛ بنشأة نظام أوروبي جديد ليبرالي ديمقراطي تحت الحماية الأمريكية، ولكن لا شيء يدوم للأبد، فكما كان تأسيس هذا النظام بداية الهيمنة الأمريكية الاقتصادية الفريدة منذ قرن، شارفت هذه الهيمنة على التلاشي، فالصين تفعل الآن ما لم يستطِع الاتحاد السوفييتي أو ألمانيا الاستعمارية فعله؛ وهو التكافؤ الاقتصادي مع الولايات المتحدة. لم يتحقق هذا التكافؤ بعد، وتدل أكثر المقاييس واقعيةً أنه لن يتحقق قبل نهاية عشرينيات القرن الحالي، وربما تؤجله بعض المعيقات في الاقتصاد الصيني أو تسارع غير متوقع للازدهار الأمريكي، ولكنه آتٍ، وعندما يحدث ذلك ستكون أسس سياسات القوة العالمية على مدار المائة عام الماضية قد أزيلت.
    https://www.sasapost.com/american-dominance/https://www.sasapost.com/american-dominance/
                  

12-28-2019, 05:48 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    نماذج لبعض الدول التى خضعت لوصفة الصندوق

    لم يكتب لتجارب الصندوق مع دول العالم المختلفة نجاح يُذكر مقارنة بالنجاح الذي حققته الدول التي أدارت ظهرها للصندوق، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة دور الصندوق:

    الأزمة الآسيوية 1997.. وجه آخر للمعجزة

    دفعت معدلات النمو الاقتصادي القياسية التي حققتها الدول الآسيوية أواخر الثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، فيما كان يعرف بـ«المعجزة الاقتصادية الآسيوية» إذ بلغت معدلات النمو الاقتصادي في تايلاند وماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية من 8 إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلدان؛ دفعت تلك المعدلات إلى جذب رؤوس الأموال قصيرة الأجل فتدفقت مليارات الدولارات مع تنامي توجهات الحكومات الآسيوية نحو مزيد من تسهيل حركة رأس المال الأجنبي دون معوقات مع ارتفاع في معدلات الفائدة، حتى استحوذت آسيا بحلول أواخر التسعينيات على نصف إجمالي تدفقات رؤوس الأموال الساخنة في العالم النامي آنذاك.
    ونتيجة طبيعية لتلك الأموال الكثيرة، فقد ارتفعت أسعار بعض الأصول بنسبة كبيرة كالقطاع العقاري حتى تكونت فقاعة عقارية بدأت أصداؤها في تايلاند. في ذلك الوقت وقبيل حلول الكارثة كان موقف صندوق النقد الدولي مباركًا لذلك النزوح في رؤوس الأموال، فقد ورد في كتاب «صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية» لمؤلفه أرنست فولف، أنه قد جاء في بيان نشرة الصندوق في 21 سبتمبر (أيلول) عام 1997 «إن تدفق رؤوس الأموال الخاصة أمسى عظيم الشأن بالنسبة إلى النظام النقدي الدولي، وأن النظام الليبرالي المشرع الأبواب بنحو متصاعد، أثبت أنه النظام الأفضل بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي».
    لكن المستقبل كان يخبئ وجهًا آخر أكثر فزعًا للحكاية، مخالفًا لما وصفه الصندوق.

    تايلاند وإندونيسيا في قبضة الصندوق

    لم يكن ما يحدث هو النظام الأفضل للاقتصاد العالمي كما كان رأي الصندوق في ذلك الوقت، إذ انفجرت الفقاعة العقارية في تايلاند مخلفة انهيارًا مدويًا للعملة التايلاندية «الباهت» ما اضطر الحكومة التايلاندية إلى تعويم العملة، بعد أن عجزت عن الوقوف بجوار عملتها؛ بسبب نقص العملات الأجنبية مع ارتفاع في الديون الخارجية.
    سرعان ما تساقطت قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى، فهوت عملات معظم دول جنوب شرق آسيا وانخفضت أسواق الأسهم، وتراجعت أسعار الأصول الأخرى مع ارتفاع حاد في الديون الخارجية وهروب عنيف لرؤوس الأموال، ما أدى لأزمة ائتمان وحالات إفلاس مصرفية، لتصبح أزمة مالية إقليمية تمكنت من دول تايلاند وإندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية بشكل أكبر بينما تأثرت باقي دول المنطقة.
    في ذلك الوقت العصيب، جاء الصندوق ليعرض خدماته، وهو الذي واجه انتقادات عدة في ذلك الوقت، لمساهمته في إحداث تلك الأزمة من خلال تشجيع الاقتصاديات النامية في آسيا على السير في طريق «رأسمالية المسار السريع fast-track capitalism» والتي تعني تحرير القطاع المالي عن طريق إلغاء القيود المفروضة على تدفقات رأس المال، والحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة المحلية لجذب المحافظ الاستثمارية ورؤوس الأموال المصرفية، وربط العملات الوطنية بالدولار لطمأنة المستثمرين الأجانب ضد مخاطر تلك العملات. ونتيجة لذلك التوجه وصل صافي استثمار المحافظ أو تدفق رؤوس الأموال المضاربة في تايلاند، على سبيل المثال، إلى حوالي 24 مليار دولار في السنوات الثلاث إلى الأربع الأخيرة قبيل حدوث الكارثة.
    ان دعم صندوق النقد الدولي لتلك البلدان مشروط بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية أو ما يعرف «بحزمة التكيف الهيكلي structural adjustment package» المعروفة اختصارًا بـ SAP التي قبلتها تايلاند وإندونيسيا بينما رفضتها ماليزيا.
    وفي 11 أغسطس (آب) عام 1997 أعلن الصندوق عن حزمة إنقاذ لتايلاند قيمتها أكثر من 17 مليار دولار ولكن بشرط تنفيذ الـ(SAP)، ووافقت تايلاند من فورها فبدأت في عمليات تسريح كبيرة للعمال في مجالات التمويل والعقارات والبناء، وتصفية أكثر من 55 مصرفًا مفلسًا، وتخفيض المصروفات الحكومية، وغيرها من الإجراءات العنيفة.
    تبعت تايلاند إندونيسيا إذ قبلت شروط صندوق النقد الدولي هي الأخرى بعدما أعد لها الصندوق حزمة إنقاذ بقيمة 23 مليار دولار، فأخذت تقلص هي الأخرى من حجم الإنفاق الحكومي لتقليص العجز، وتصفي المصارف المتعثرة، وترفع من أسعار الفائدة على رأس المال الأجنبي إلى مستويات قياسية وصلت إلى 80% من أجل استعادة ثقة المستثمرين الأجانب من جديد (1)

    االوعد الكاذب بالازدهار.. المجاعة في مالاوي 2005

    في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، دفع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دولة مالا وي، تلك الدولة الحبيسة في جنوب شرق أفريقيا، دفعتها إلى إلغاء دعم الأسمدة بالكامل. وكانت نظرية المؤسسات الدولية والولايات المتحدة آنذاك أن مزارعي مالاوي يجب أن يتحولوا إلى زراعة المحاصيل النقدية للتصدير واستخدام عائدات النقد الأجنبي لاستيراد الغذاء.
    ولكم ظلت المؤسسات المالية وبعض الدول الغنية التي كانت تعتمد عليها مالاوي في المساعدات، على مدار عشرين عامًا، بالضغط على الدولة الأفريقية الصغيرة من أجل الالتزام بسياسات السوق الحرة وخفض أو إلغاء الدعم الخاص بالأسمدة، إلى أن جاء العام 2005 ومالاوي على نفس الشاكلة.
    ورغم أن مالاوي كانت تحوم حول المجاعة قبيل العام 2005 إلا أنها قد وقعت في شركها في ذاك العام بعد موسم حصاد كارثي للذرة، ليجد 5 ملايين من سكان مالاوي البالغ عددهم آنذاك 13 مليون نسمة، أنفسهم في حاجة إلى معونة غذائية طارئة وإلا سيموتون جوعًا.
    كان على رئيس مالاوي المنتخب حديثًا، بينجووا موثاريكا، أن يجد حلًا للمجاعة التي تحصد الأرواح في شعبه بفعل سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على مدار عقدين من الزمان. فما كان منه إلا أن أخذ تلك السياسات وألقاها وراء ظهره، إذ بدأ على الفور في إعادة إعانات دعم الأسمدة، وكانت كلمة السر فيما حدث بعدها.
    تربة مالاوي كغيرها من أرض أفريقيا جنوب الصحراء، مستنفدة بشكل خطير، والكثير من مزارعيها، إن لم يكن معظمهم، فقراء للغاية ولا يستطيعون تحمل تكلفة الأسمدة بأسعار السوق التي كانت باهظة الثمن بفعل السياسات التي أوصى بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
    وبحلول العام 2007/ 2008 وبينما كانت تضرب العالم لا سيما الدول الأفريقية المحيطة بمالاوي أزمة غذاء عالمية، كانت مالاوي سلة غذاء للدول المحيطة، علاوة على بيعها المزيد من الذرة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أكثر من أي بلد آخر في الجنوب الأفريقي، وتصدير مئات الآلاف من أطنان الذرة إلى زيمبابوي.
    وفي مالاوي نفسها، انخفض معدل انتشار جوع الأطفال بشكل حاد، كما تحولت شحنة مكونة من ثلاثة أطنان من الحليب المجفف مرسلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة من أجل علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، كان من المقرر إرسالها إلى مالاوي، تحولت إلى أوغندا لعدم وجود حاجة لها في ملاوي(2).

    ماليزيا الناجحة.. هربت من الصندوق

    على الجانب الآخر، رسمت ماليزيا مسارها الخاص للخروج من الأزمة الآسيوية بعيدًا عن برامج صندوق النقد الدولي. هنا يثور تساؤل هام في أذهان الكثيرين هو لماذا أدارت ماليزيا ظهرها للصندوق رغم حاجتها الماسة إلى قرضه بعكس الدول الأخرى التي هرولت إليه لإنقاذها؟
    يشير الباحثان روس باكلي وسارالا فيتزجيرالد، في ورقتهما الموسومة بـ«تقييم استجابة ماليزيا لصندوق النقد الدولي أثناء الأزمة الاقتصادية الآسيوية» والمنشورة عام 2004 في مجلة سنغافورة للدراسات القانونية «Singapore Journal of Legal Studies» إلى أربعة مبادئ أدت إلى رفض ماليزيا برنامج الصندوق وهي: مدى ملاءمة سياسات الصندوق لماليزيا، وتعزيز السيادة والديمقراطية، وتعزيز تقرير المصير، وتجنب المخاطر الأخلاقية.
    فتهدف سياسات الصندوق إلى فتح الاقتصاد على مصراعيه لينصهر في النظام المالي الدولي دونما مراعاة لاستعداده الهيكلي لمثل هذا الانفتاح. فيشرح روبرت وايسمان في فصله الوارد في كتاب كيفين دانهير «Democratizing the Global Economy»، أهداف المركزية لسياسات التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي إلى أنها تتمثل في فتح البلدان لتمكين الشركات عبر الوطنية من الوصول إلى عمالها ومواردها الطبيعية، وتقليص حجم ودور الحكومة، والاعتماد على قوى السوق لتوزيع الموارد والخدمات، وإدماج البلدان الفقيرة في الاقتصاد العالمي.
    من أجل ذلك ينصح باكلي وفيتزجيرالد بأنه إذا كان البلد غير مستعد لقبول هذه الأجندة من حيث المبدأ، فقد يكون من الحكمة تجنب ذلك التواصل مع صندوق النقد الدولي. لذا كان أحد الأسباب الرئيسية لرفض ماليزيا سياسات صندوق النقد، أنها لا تلائم الأوضاع الاقتصادية الماليزية.
    أما عن المسار الذي سلكته ماليزيا؛ فبحلول شهر يوليو (تموز) عام 1998، أعلن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد عن تغيير كامل للسياسة الاقتصادية وإدخال برنامج إنعاش اقتصادي وطني، وهي سياسة معاكسة تمامًا لما كان يرمي إليه صندوق النقد الدولي في البلدان المجاورة، فقد عمدت ماليزيا إلى زيادة الإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد، ووضعت ضوابط على رأس المال للسماح للحكومة بمزيد من السيطرة على الاقتصاد ومنع تدفق رأس المال الأجنبي لمنع المضاربة على العملة المحلية «الرينغيت» الماليزي وربطه بالدولار بواقع 3.8 رينغيت لكل دولار.
    بعد ذلك شرعت ماليزيا في إعادة هيكلة كاملة للنظام المالي سبقتها عملية تثبيت للاستقرار، إذ أنشأت مؤسسة تدعى «داناهارتا Danaharta» وظيفتها شراء القروض المتعثرة، ومؤسسة تدعى «ﺩﺍﻧﺎﻣﻮﺩﺍﻝ Danamodal» لإعادة رسملة المؤسسات المالية. أما مرحلة هيكلة النظام المالي فقد شملت إعادة دمج المؤسسات المالية وتنمية سوق السندات المحلية، والعديد من الإجراءات الأخرى.

    الحصاد.. النجاح دومًا في البعد عن الصندوق

    نتيجة لتلك السياسات المالية التوسعية فقد منعت ماليزيا اقتصادها من الانزلاق إلى الركود، حيث حفزت تلك السياسات الاقتصاد ما أدى لتحسن الثقة وتحسن الطلب المحلي وبالتالي النمو الاقتصادي، حيث وصل إلى 5.4% عام 1999؛ وكان الحصاد الأخير هو ديون أقل من جاراتها واستقرار كبير في النظام المالي.
    على الجانب الآخر فقد تدهورت الأحوال الاقتصادية في كل من تايلاند وإندونيسيا عقب حصولهما على قرض صندوق النقد الدولي، ووقعت البلدان في شرك ركود حاد أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي بدرجات كبيرة إذ وصل النمو الاقتصادي في إندونيسيا، على سبيل المثال، عام 1999 إلى 0.2% فقط، علاوة على سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على الكثير من أصول البلدين سواء في المصارف التي تخلت عنها الحكومات وتركتها للإفلاس أو الشركات التي تعثرت بسبب الأزمة المالية، وهو المصير الذي تجنبته ماليزيا فيما بعد (3).





    (1) https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/
    (2) https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/
    (3)https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/
                  

12-28-2019, 06:26 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    مقال للدكتورمحمد محمود الطيب (أحد الخبراء الإقتصاديين ويعمل بالجامعات الأمريكية) نموذج الدولة التنموية في السودان خطة الإصلاح الاقتصادي والنمو “المقترحة” المشور بصحيفة الراكوبة الإلكترونيةن فى نوفمبر 24, 2019المقال جدير بالقراءة، وورد به العديد من النقاط المهمةنورد منها:الأساس النظري لمفهوم التنمية والتخطيط الاقتصاديمنذ عقد الثمانيات من القرن الماضي ظل الفكر الاقتصادي في معظم دول العالم، ولا سيما العالم الثالث منحصرا علي الفكر النيوليبرالي وإجماع واشنطون”Washington Consensus”، والذي يرتكز على نظريات الفكر النيوكلاسيكي، وحرية الأسواق، في تحديد اتجاهات النمو الاقتصادي، وخلق فوائض اقتصادية تمكن من التراكم الرأسمالي، وبالتالي إعادة عملية النمو، والتقدم الاقتصادي، وفق مؤشرات كمية معروفة كمعدل النمو السنوي أضف إلى ذلك انخفاض معدلات التضخم، والعمالة، مع انخفاض العجز الداخلي – الميزانية – والعجز الخارجي – الميزان التجاري – مع تراكم احتياطي نقد أجنبي، والذي يمكن من استقرار سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الآخرى٠وفق هذا النموذج النيوليبرالي كل من يلتزم بتحقيق هذه المعايير الكمية في مؤشرات الاقتصاد الكلي يعتبر قد حقق قدرا من النجاح يؤهله لأن يحظى باحترام، وتقديرمؤسسات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبيوت المال والأعمال في العالم٠وقد تفيد شهادة حسن الأداء المالي هذه في جذب رأس المال الأجنبي، والمحلي، لتحقيق زيادة في معدلات النمو في المشاريع الكبرى بعد أن تقوم الدولة بتهيئة المناخ المشجع للاستثمار٠طبقت كثير من الدول هذا النموذج مع تحقيق نسب نجاح أو فشل متفاوتة حسب الظروف الخاصة بكل حالة وحتى إذا تحقق النجاح فقد يكون محصورا في تحقيق نجاح في ارتفاع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي، والتحسن الملموس في معظم المؤشرات الاقتصادية، مثل التضخم، وانخفاض نسب البطالة، والتمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية.ولكن عادة ما يكون هذا النجاح محدودا في الاعتبارات المادية الكمية الملموسة، ويتجاهل هذا النمو تحقيق التنمية بمفهومها الشامل لقطاعات كبيرة للمواطنين من الطبقات الفقيرة والوسطى٠والسبب في ذلك يكمن في النظرية الاقتصادية للفكر النيوليبرالي والتي تنادي بفكر حرية السوق، والذي يعتبر الأداة المثلى في الاستغلال الأمثل للموارد، وتحقيق الفعالية الاقتصادية “Efficiency” القصوي دون الالتفات لعملية التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية “Equity”. والتي حسب مفهوم الفكر الاقتصادي النيوليبرالي تعتبر من مهام مؤسسات اجتماعية أخرى مهمومة بقضايا التوزيع، والعدالة الاجتماعية، وخلق شىبكة الأمان الاجتماعي. فمهمة السوق حسب المفهوم النيوليبرالي تحقيق أكبر قدر من النمو الاقتصادي المضطرد، والتمكن من تسخير الموارد وفق آلية السوق، مع تخفيف قبضة الدولة في النشاط الاقتصادي ما أمكن وحصر دور الدولة في تحقيق سيادة القانون، وضمان حقوق الملكية، ومكافحة الاحتكار، وتشجيع حرية المنافسة الحرة٠من الواضح جدا تبني وزيرالمالية دكتور البدوي لهذا الخط الايديولجي والذي ترتكز خطته الاقتصادية المعلنة عليه تماما ومن الواضح ايضا اصراره علي هذا النهج دون “تفويض” او “تصويت” وهذا في حد ذاته يعتبر مخالفة واضحة لكل اسس الديمقراطية والشفافية وروح الثورة وهو مسؤؤل “تاريخيا” عن هذا التوجه٠أولا/ القيادة نموذج الدولة التنموية ودور الدولة في النشاط الاقتصاديمصطلح “الدولة التنموية” يعني تدخل الدولة التام والمباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية. وخير مثال لنموذج “الدولة التنموية” هو السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومات شرق آسيا في النصف الثاني من القرن العشرين، وأكثر تحديدا نموذج الاقتصاد الياباني٠شالمر جونسون في كتابه الشهير حول مفهموم “الدولة التنموية” حدد أبرز ملامحها التي يمكن تلخيصها في الآتي:اولا/ توفر نخبة وطنية في جهاز الدولة متميزة، ومؤهلة فنيا من أصحاب المواهب الإدارية المتميزة. تقوم هذه النخبة باختيار الصناعات القابلة للتطوير، ووضع سياسة صناعية لتطوير هذه الصناعات في أسرع وقت، والإشراف على القطاعات الإستراتيجية، ومراقبة الجودة. هذه المهام تحت إشراف جهاز الدولة مع استخدام قوى السوق٠ثانيا/ الاعتماد الواسع على شركات القطاع الحكومي، ولاسيما الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في ملكيتها، والاستثمار في القطاعات ذات المخاطر الكبيرة. وتكون مهمة الدولة تحديد ميزانية للاستثمار، وتشجيع سياسة للتنافس الدولي والتنموي، وليس فقط الحفاظ على المنافسة المحلية، ورعاية الحكومة للبحث العلمي وتطبيقاته (صناعة تكنولجيا المعلومات)٠ثالثا/ خلق جسم حكومي قيادي لإدارة، وتنسيق خطط التنمية مثل وزارة الصناعة والتجارة في اليابان “MITI”. يكون مهمة هذا الجسم أو الوزارة ضبط السياسة الصناعية، والتحكم في التخطيط، وصناعة الطاقة والإنتاج المحلي والتجارة الدولية والتمويل. كما يجب أن يكون لها مراكز للبحوث العلمية وتطوير وضبط الجودة٠معظم الدول الصناعية الكبرى في مرحلة من تطورها التاريخي طبقت سياسات تدخلية في التجارة والصناعة والتكنولوجيا لحماية صناعاتها الناشئة. وكان الهدف من تطبيق مثل هذه السياسات هو تطوير القدرات القومية عبر البحوث والتنمية والتعليم والتدريب، والحصول على التكنولوجيا الأجنبية، والتعاون بين القطاعين الخاص والعام٠والجدير بالذكر أن دولة بريطانيا العظمي قد طبقت نموذج الدولة التنموية طوال 235 سنة كاملة٠في الولايات المتحدة اقتصر مفهوم الدولة التنموية، والذي كان محدودا علي حماية بعض الصناعات الجديدة كصناعة القطن، وذلك بتخفيض الرسوم الجمركية على الصناعة الواحدة حتى تقوي وتستقل بذاتها٠استخدمت فرنسا وألمانيا مفهوم الدولة التنموية لتحفيز التنمية الصناعية، ولكن تطبيقها امتد لفترة زمنية قصيرة (32 عاما في حالة فرنسا، 73 عاما في حالة ألمانيا)٠نماذج لبعض الدول التي طبقت نموذج الدولة التنموية:تعتمد الخطة الاقتصادية المقترحة نظريا وعمليا علي تطبيق نموذج الدولة التنموية بعد أن أثبت نجاحا منقطع النظير لعدة دول أصبحت الآن في مصاف المعجزات الاقتصادية بعد أن كانت تمر بظروف أسواء من ظروف السودان بمراحل. على رأس هذه الدول كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وموريشيوص وأخيرا رواندا٠التجربة الماليزيةتعتبر ماليزيا نموذجا رائعا يجب الاحتذاء به واستخلاص الكثير من الدروس والعبر من تلك التجربة. فدولة ماليزيا الصغيرة نسبيا في المساحة ورغم صغر المساحة وصعوبة التضاريس وتنوع الأعراق والاجناس تمكنت ماليزيا في فترة وجيزة أن تكون من الدول الصناعية الكبري، وأن يرتفع مستوى دخل الفرد من 5286 دولار سنويا في عام 2005 الي 9656 دولار في عام 2011 ، وحاليا تحتل مرتبة ثالث أغنى دولة آسيوية بعد سنغافورة وبروناي من ناحية دخل الفرد.اعتمد نجاح التجربة الماليزية على الآتي:السياسية الواعية والكاريزمية. فالدكتور مهاتير محمد (طبيب سابق) يعتبر زعيما وطنيا، وأبو التحديث بالنسبة للماليزيين، ويتمتع بالنظرة الثاقبة والفهم العميق لمشاكل أمته والنزاهة والحسم لحل المشاكل.ثانيا/ عند التركيز على التنمية الاقتصادية المستدامة تأثرت ماليزيا بالنموذج الاقتصادي لدول النمور الآسيوية – كوريا الجنوبية والصين تايوان هونج كونج وسنغافورة – فتحولت من التعدين والزراعة إلى التصنيع. وكانت التجربة اليابانية محفّزا لهم نحو التصنيع وكان شعار مهاتير محمد الشهير “الاتجاه شرقا”. ففي فترة وجيزة أصبح قطاعا التصنيع والخدمات من القطاعات الرائدة في الاقتصاد٠في الآونة الاخيرة دخلت ماليزيا في اقتصاد الصناعات الالكترونية والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي الذي يتمتع بتسهيلات كبيرة في كل المجالات، ماعدا صناعة الفولاذ والسيارات. فهي تتمتع بحماية الدولة من المنافسة الخارجية٠ثالثا/ الدرس المستخلص من تجربة ماليزيا أن التنوع الاقتصادي أساس بناء لاقتصاد قوي يستطيع أن يواجه اَي أزمات داخلية أو خارجية.رابعا: التركيز علي التنمية الاجتماعية والقضاء على الفقر والعطالة. فنسبة الفقر كانت نحو الخمسين في المئة، اَي أن نصف المجتمع يعاني من الفقر وانخفضت إلى 5.5 في المئة في العام 2000،وهذا إنجاز عظيم أما نسبة البطالة فكانت نحو 10 في المئة في فترة الخمسينات. إذ انخفضت إلى أقل من 3 في المئة الآن متخطية الكثير من الدول. كان السبيل لخفض العمالة هو الاعتماد على صناعة الإلكترونيات التي تحتاج إلى رأس مال قليل وعمالة كثيفة٠خامسا/خصصت الدولة 4.5 في المئة من إجمالي الناتج القومي للخدمات الصحية، ويتمتع نحو 98 في المئة من السكان بخدمات صحية مجانية، وتتميز الخدمات الصحية الماليزية بالجودة على مستوى العالم٠سادسا/هناك مجانية التعليم العام وخاصة تعليم المرأة والاهتمام بالتعليم ماقبل المدرسة، فضلا عن التركيز على التربية الوطنية والتعليم الفتي والصناعي ونظم المعلومات. وضف ربط أهداف التعليم بخطط التنمية الاقتصادية٠تجربة موريشيوصجزيرة صغيرة مساحتها أقل من اَي مدينة سودانية وعدد سكانها تجاوز المليون بقليل. هي فقيرة من الموارد المعدنية كالبترول واعتمدت بشكل أساسي على قدرة وإرادة الإنسان فكانت المعجزة التي اعتمدت على الآتي:اولا/وجود القيادة واستقرار النظام السياسي فمنذ الاستقلال عام 1969. لم تشهد موريشيوص أي انقلاب عسكري. وكان ومازال النظام الديمقراطي يسير بشكل سلس والأغرب من ذلك لم تضبط حالة تزوير واحدة. هناك نظام غاية في الانضباط والشفافية ورئيسة البلاد حاليا دكتورة أمينة غريب الحاصلة علي الدكتوراه في الكيمياء العضوية. وهي من الأقلية المسلمة، وهذا دليل واضح علي عدالة النظام بالنسبة للمرأة والأقليات ومحاربة الفساد ومراعاة الشفافية٠ثانيا/ التركيز علي التنمية البشرية في التعليم والصحة وتوفير حق السكن لكل مواطن. فالتعليم العام إلزامي ومجاني من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة مع إعطاء حوافز مالية للتشجيع على دخول الروضة، والتركيز على التعليم الحرفي والمهني. هناك 87 في المئة من السكان يملكون منازلهم. أما الرعاية الصحية فهي مجانية للجميع بما في ذلك جراحات القلب٠ثالثا/ هناك تقليل للإنفاق العسكري لاعتقادهم أنه إهدار للموارد وتحويله للإنفاق علي التعليم والصحة٠رابعا/ كل المؤشرات الاقتصادية تتحدث عن نجاح باهر للتجربة. فدخل الفرد عند الاستقلال لم يكن ليتجاوز 400 دولار وصل الآن إلى 6700 دولار سنويا ومستوي العطالة إلى 2 في المئة كذلك نسبة الفقر وهي أرقام خرافية مقارنة مع معظم دول العالم٠خامسا/ في أقل من خمسين عاما تمكنت موريشيوص من التحول من اقتصاد يعتمد علي تصدير قصب السكر فقط إلى اقتصاد متنوع يشتمل علي السياحة وصناعة النسيج والتكنلوجيا المتقدمة بفضل القيادة الواعية والاعتماد علي تنمية الإنسان فهو الذي يصنع المعجزات٠سادسا/ مسألة التنمية ليست رهنا بالموارد بل الاستغلال الأمثل لما تملك والتوزيع العادل لما تنتج. فموريشيوص لا تملك سوي العنصر البشري، فكانت القيادة واعية لهذا وعملت علي تنمية الإنسان واستقراره وتمكينه ليكون هدف وأساس التنمية والنمو الاقتصادي٠سابعا: هناك مجانية التعليم العام وخاصة تعليم المرأة والاهتمام بالتعليم ماقبل المدرسة، فضلا عن التركيز على التربية الوطنية والتعليم الفتي والصناعي ونظم المعلومات. وضف ربط أهداف التعليم بخطط التنمية الاقتصادي٠تجربة رواندامن أهم أسباب نجاح التجربة في روندا:1- كاريزما القيادة، ووضوح الرؤى المستقبلية٠٢- الجهاز الإداري لتنفيذ الخطة، وإيمانهم بها مع مراقبة دقيقة لمنع الفساد، ووضع عقوبات رادعة للمفسدين٠٣- الفعالية في التنفيذ خاصة في جهاز الدولة٠٤- تحفيز الاستثمار وتسهيل الأعمال٠٥- التركيز على قطاع التعليم والبنيات الأساسية مثل الطرق، الكهرباء، المياه، وتوصيل الانترنت٠٦- الاهتمام بالقطاع الاجتماعي، التعليم، والصحة من قبل الدولة٠٧- استنهاض همم المجتمع في مواجهة التحديات عقب المذابح، وقلة الموارد الطبيعية، أدت هذه التحديات لاستنهاض الأمة، والإصرار للخروج من أجل البقاء ساعد في ذلك القيادة الواعية، والإرث الثقافي للشعب الرواندي الصامد، وقادر علي مواجهة التحديات بعد أن تجاوز كارثة المذابح الجماعية٠عبر ودروس من تجارب الشعوبتميزت تجارب كلا من كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة ورواندا وموريشيص بخصائص، وعوامل أدت إلى نجاح تام في كل هذه التجارب، ويمكن تلخيص ذلك في:أولا/ معظم هذه الدول واجهت تحديات عظيمة كانت تهدد وجودها مثل احتكاكات عرقية وإثنية حادة وكوارث طبيعية وا٠ضطرابات سياسية ومجاعات وظروف طبيعية وقلة حادة وضعف في الموارد الطبيعية٠ثانيا/ تتمتع كل هذه الدول بالقيادة الواعية والوطنية من أصحاب الرؤى الواضحة “Vision”، وفِي أحيان أخرى زعامات تاريخية، وشخصيات كاريزمية، تتمنع باحترام الجميع يعني رجال دولة بحق قادرين علي القيادة التاريخية، والقدرة علي المبادرة وقيادة الأمة، لمواجهة التحديات مهما كانت أمثال دكتور مهاتير محمد في ماليزيا ودكتور أمينة غريب في موريشيص وجنرال بارك في كوريا الجنوبية وبول كاغامي في رواتدا وملس زناوي في إثيوبيا، وغيرهم من القادة التاريخيين٠ثالثا/ جهاز دولة قوي وبيروقراطية تتمتع بالروح الوطنية المؤمنة بالبرنامج التنموي إيمانا قاطعا وبدور الدولة المحوري وتكنوقراط على قدر عالي من الكفاءة الفتية والإدارية والانضباط والفعالية٠رابعا/ محاربة الفساد بشكل حاسم وقاطع وسن عقوبات راداعة لكل متلاعب في المال العام٠خامسا/ تتشارك كل هذه النماذج في الاعتماد على ماهو متاح واستغلاله بشكل امثل وبفعالية عالية والشاهد في كل هذه التجارب كان العنصر المتاح هو الإنسان. لذا كان الإنسان محور التنمية فهو وسيلة تحقيق التنمية وهدفها ركزت كل هذه الدول علي الصرف بشكل كبير على القطاع الاجتماعي في التعليم والصحة وخفض نسبة الفقر والعطالة٠سادسا: الاعتماد علي التعليم في جميع المراحل واعتبار العلم كعامل أساسي من عوامل الإنتاج فكان التركيز على التعليم الفني والمهني والصناعي والتدريب وإدخال نظم المعلومات والتقنية الصناعية٠سابعا/ في حالات كتيرة كانت القفزة نحو التصنيع مهمة للغاية وتساعد في احداث نقلة سريعة في مستوى الدخل والاداء الاقتصادي٠ثامنا/التنوع الاقتصادي عامل أساسي في احداث تنمية مستدامة٠تاسعا/ الانضباط الاداري والمجتمعي وسيادة حكم القانون٠عاشرا/مشاركة كل فئات المجتمع والشعور بالمسؤولية والواجب الوطني7/

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:14 AM)

                  

12-28-2019, 06:37 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    من المقالات المهمة أيضا مقال للدكتور التجاني الطيب إبراهيم " البرنامج الإقتصادي للحكومة الإنتقالية... قراءة متأنية" المنشور بصحيفة الراكوبة الإلكترومية فى أكتوبر 3, 2019:البرنامج الإقتصادي للحكومة الإنتقالية... قراءة متأنية د. التجاني الطيب إبراهيمأكتوبر 3, 2019 مدخل: أخيراً، عقد السيد وزير مالية الحكومة الإنتقالية مؤتمراً صحفياً مطولاً في الخرطوم يوم 23 سبتمبر 2019م، شرح فيه الخطوط العريضة لبرنامج إقتصادي "نهضوي" يمتد لمدة عشر سنوات بما في ذلك الفترة الإنتقالية ! ينقسم البرنامج إلى ثلاثة مراحل: المرحلة الإسعافية الأولى (أكتوبر 2019م إلى يونيو 2020م). وتطلق فيها مبادرات إصلاحية بهدف كبح جماح التضخم (غلاء الأسعار) وتوفير السلع الأساسية، على أن الإطلاق لا يعني الإنجاز، حسب قول الوزير! المرحلة الإسعافية الثانية (يوليو القادم إلى نهاية العام 2020م)، وأهم ملامحها البدء في التعامل مع قضية الدعم وزيادة الأجور. أما المرحلة الثالثة فهي مستقبلية تهدف – بعد طرح التحولات الهيكلية "العميقة" التي ستتم في السنوات الأربعة القادمة – إلى الإستمرار في التحول إلى إقتصاد يعتمد على "المعرفة والإبتكار" ومشروعات أستراتيجية كبرى كخطوط السكة حديد العابرة للدول، وتحويل سواحل البحر الأحمر إلى ميناء إقليمي لخدمة الإقتصاد الوطني وإقتصادات الدول المجاورة عديمة المنافذ البحرية. فيما يلي، نود إبداء بعض الملاحظات العامة، ومناقشة بعض القضايا الهامة لما دار في المؤتمر.تقديم: ملاحظات عامةأولاً: بدلاً عن الحديث عن "برنامج نهضوي" يمتد لمدة عشر سنوات، كان الأجدر – في إعتقادي – التركيز على برنامج إصلاح إقتصادي متسوط المدى يغطي فترة الحكومة الإنتقالية بهدف تركيز الإقتصاد عند نهاية تلك الفترة، وما بعد ذلك فهو شأن الحكومة الشرعية التي سيتم أنتخابها، لأن البرامج الإقتصادية لا تورث. أما الحديث عن ضرورة "عقد إجتماعي يؤسس للشرعية الإقتصادية"، فلا علاقة له بالرؤى والبرامج الإقتصادية للشرعية الإنتخابية،لأن الثوابت الإقتصادية (مثل العدالة الإجتماعية، اللوائح والقوانين التي تنظم حركة الإقتصاد...الخ) متعارف عليها وموجودة دون الحاجة إلى "عقد إجتماعي".ثانياُ: للأسف وعلى عكس التوقعات، ركز المؤتمر فقط على أستعراض السمات العامة للبرنامج دون ذكر أي أهداف كمية تُحقق (مثل معدلات النمو، التضخم (غلاء الأسعار)، عرض النقود، البطالة)، أو أي سياسات وإجراءات وآليات تنفذ خلال المرحلة الإسعافية وما بعدها. وقد يكون ذلك جزءً من أسرار المهنة، بحيث يعلن كل ذلك عند بداية تنفيذ البرنامج، الذي وصفه الوزير بالعملية الجراحية "العميقة"، التي "تستلزم الألم والمعاناة"، ما يعني بالعربي البسيط أن الأوضاع المعيشية ستزداد سوءً قبل أن تبدأ في التحسن. ثالثاً: يعتمد نجاح البرنامج الأسعافي إلى حد كبير على حدوث السلام المستدام خلال ستة أشهر حسب توقعات الوزير. لكن في حال عدم حدوث ذلك، وهو أمر وارد، لم تطرح في المؤتمر بدائل لهذه الإحتمالية وأنعكاساتها على أداء الخطة الإسعافية، ما يقلل كثيراً من الثقة في بلوغ الخطة غاياتها المرسومة وفق المراحل الزمنية المحددة، وتداعيات ذلك على البرنامج برمته.رابعاً: الإعتماد على البنك الدولي كمرتكز أساسي للدعم المالي والفني مخاطرة غير محسوبة العواقب، وإضعاف للثقة المحلية في ملكية البرنامج الإقتصادي المقترح، ما سيضر كثيراً بعملية إنزاله إلى أرض الواقع، خاصة وللبنك سمعة سيئة في الشارع السوداني حقاُ أم باطلاً، ما يستدعي الوقوف على مسافة واحدة من كل المؤسسات المالية والتنموية العالمية والإقليمية. لذلك نقترح عرض البرنامج قبل البدء في تنفيذه للنقاش المجتمعي المفتوح للتأكد من ملكية السودان له، وحشد الدعم الشعبي لضمان سلاسة تطبيقه.خامساً: ما أثار الدهشة والأستغراب حقاً قول السيد الوزير: "طلبنا من البنك الدولي دعماً لإنتقال ثلاثة خبراء سودانيين يعملون خبراء في البنك لإنتدابهم للعمل في السودان مع القطاع الإقتصادي مع أستمرار البنك الدولي في دفع رواتبهم"!! علمنا لاحقاً أن واحداً من الثلاثة قانوني، والأخران مختصان بالهيكلة المالية وتطوير القطاع الخاص! أولا:ً من المحزن والمسيئ أن نعطي العالم الإنطباع بأن سودان الداخل (35 مليون نسمة) لا يوجد فيه مثل هذه الخبرات المكتسبة. ثانياً: المجالات المذكورة لا تحتاج إلى خبراء مقيمين، لأنها في العادة تجري لها دراسات يمكن تمويلها من البنك الدولي أو أي جهة أخرى، وتنفذ توصياتها بواسطة السلطات المحلية بمساعدة خبراء زائرين إذا دعى الحال. ثالثاً: كلمة "رواتبهم" لا تخلو من دغمسة وعدم وضوح. فالعاملون في المنظمات الدولية عندما ينتدبون للعمل في الخارج، يذهبون بقائمة من العلاوات (مثل علاوة الشدة، السكن، التعليم، السفر...الخ) بالإضافة إلى رواتبهم. والسودان مصنف بلد شدة، تتراوح علاوتها بين 30 – 40% من المرتب. هذا يعني أن الخبراء الموعودون سيأتون إلى وطنهم (!) بمرتباتهم زائداً علاوات تصل 60 – 65% من المرتبات، ما يثير التساؤل لمن سيكون ولاء هؤلاء الخبراء، وكيف سيتعاملون مع أبناء جلدتهم الذين يعيشون على الكفاف، وربما يقومون بنفس أعمالهم؟ والأهم من ذلك، لماذا لم تطلب الحكومة من معهدي البنك وصندوق النقد الدوليين عمل كورسات تدريبية في السودان في المجالات المذكورة وغيرها لتدريب وتأهيل أكبر قدر ممكن من رأس المال البشري بتكلفة تساوي، وربما تقل، عن تكلفة الخبراء الثلاثة؟. الغريب أنه عندما إستدعتني حكومة الديمقراطية الثالثة بواسطة البنك الدولي في يونيو 1986م، للعودة للسودان للمساهمة في العمل العام، لم يفكر أي من ثلاثتنا في كل هذه التعقيدات، فقد قدمت إستقالتي من البنك فور وصول خطاب الإستدعاء وولينا أنا وأسرتي وجوهنا شطر الخرطوم!قضايا مختارةسعر الصرف: الحديث عن "توحيد سعر صرف الجنية السوداني بعد نهاية البرنامج الإسعافي بعد يوينو 2020م، وبعد رفع السودان من قائمة الإرهاب"، هو غاية الإفراط في التفاؤل وعدم الواقعية. أولا: ليست هناك علاقة بين توحيد سعر الصرف وقائمة الإرهاب، لأن الأول يعتمد على ضبط المالية العامة (تحويل العجز غير التنموي/الجاري إلى فائض يوظف في تمويل التنمية)، وتضييق الفجوة بين العرض (الإنتاج) والطلب (الإستهلاك) ما يعني معالجة عدم التوازن في الإقتصاد الكلي. هذا يتم في المتوسط، خلال 3 – 5 أعوام في الدول النامية والأقل نمواً كالسودان حسب التجارب المتعارف عليها وحسب تجربتي الشخصية (30 عاماً) في البنك وصندوق النقد الدوليين. أضف إلى ذلك، توحيد سعر الصرف وتداعياته، خاصة على غلاء الأسعار وتكاليف المعيشة، الأمر الذي لم يتطرق له السيد الوزير.إصلاح الدعم وزيادة الأجور: في هذا المجال، قال الوزير أن "دعم الوقود حالياً يمثل ثمانية في المائة من الناتج القومي الإجمالي"، وأكد أنه لا إتجاه لرفع الدعم والأستمرار فيه إلى منتصف 2020م، أو أكثر! في الواقع، تعبير "رفع الدعم" غير دقيق، لأن المقصود هو إصلاح الدعم بنقله من الإستهلاك إلى الإنتاج، (للإستزادة في هذا الموضوع، أنظر للكاتب: "إصلاح الدعم: خطأ التوقيت وعكس الخيارات". أما إذا أخذنا كلام الوزير في الإعتبار، فإننا نجد أن 8% تساوي 97.3 مليار من إجمالي الناتج المحلي المقدر في موازنة 2019م، ما يعادل 60% من الإيرادات المستهدفة و 50% من الإنفاق التشغيلي/الجاري. إذا أضفنا إلى ذلك دعم القمح (6 مليار جنيه)، والكهرباء (8 مليار جنيه)، والأدوية (5 مليار جنيه)، والدعم الجاري للولايات (6 مليار جنيه)، ودعم الأسر الفقيرة (3 مليار جنيه) حسب إحصائيات موازنة 2019م، فيصل الدعم إلى 125.3 مليار جنيه، ما يعادل 77% من الإيرادات الكلية و 64% من الصرف الجاري. على ضوء هذه الأرقام المذهلة، لا أدري كيف يمكن إصلاح أوضاع المالية العامة حتى بعد زيادة الإيرادات العامة بنسبة 20%، دون مواجهة قضية إصلاح الدعم من البداية؟ أيضاً، ما يدعو للأستغراب القول بأن يستمر الدعم السلعي حتى منتصف 2020م، حيث تطبق زيادة في الأجور، ما يعني عملياً إدخال البلاد والإقتصاد في صدمة تضخمية غير مسبوقة، ما يجعل من زيادة الأجور كروة مزين، خاصة بالنسبة لأصحاب المداخيل المحدودة والطبقات الإجتماعية الضعيفة. بالتالي، من الأفيد الإحتراز من زيادة الأجور قبل السيطرة على التضخم الجامح وهبوطه إلى الرقم الأحادي، علماً بأنه كلما قلت معدلات التضخم، كلما زادت الطاقة الشرائية للعملة المحلية، ما يقلل من المطالب بزيادة الأجور في المدى القصير، على الأقل.أولوية الصرف على قطاع الدفاع والأمن والشرطة: شدد الوزير على أن الإنفاق على هذا القطاع سيكون أولوية قصوى في موازنة العام المالي 2020م(!)، علماً بأن هذا القطاع يبتلع حوالى 23% من إجمالي أعتمادات القطاعات حسب تقديرات موازنة 2019م. ورغم كبر حجم حصة القطاع في إجمالي الإنفاق ا لقطاعي، فصرف القطاع الحقيقي يفوق ذلك بكثير، لأن أعتمادات القطاع في الموازنة العامة تشمل فقط المواهي والأجور وشراء السلع والخدمات، بينما تمول إحتياجات القطاع الدفاعية والحربية من تجنيب جزء من صادرات النفط سابقاً ومن صادرات الذهب حالياً، بالإضافة إلى التجنيب الداخلي عبر شركات ومؤسسات القطاع الخفية. هذا يؤشر إلى أن الإنفاق على القطاع يفوق كثيراً الأرقام المضمنة في الموازنة العامة، ما يتطلب معرفة إجمالي صرف وإيرادات القطاع وإدراج ذلك في الموازنة العامة قبل تحميلها أعباء إضافية على حساب التنمية الإقتصادية والإجتماعية. في هذا الخصوص، أعلن الوزير نيته مضاعفة الصرف على التعليم والصحة والتنمية، ما يتطلب موارد إضافية في حدود 31 مليار جنيه حسب تقديرات موازنة 2019م للقطاعات الثلاثة (أنظر للكاتب: موازنة العام 2019م... العلاج بالأعشاب، جدولي 2 و3). لكن لا أحد يدري من أين ستأتي هذه الموارد، خاصة على ضوء كل ما ذكرناه أعلاه.الديون الخارجية: بلغت متأخرات ديون السودان الخارجية حوالى 57 مليار دولار بنهاية يونيو 2019م، منها حوالى 2,7 مليار دولار متأخرات لصندوق النقد والبنك الدوليين وبنك التنمية الأفريقي. وهذه ديون سيادية، بمعنى أنها لا تخفض ولا تلغى. في مؤتمره الصحفي، أعلن الوزير المالية عدم إعتقاده "أنه ستكون هناك مشكلة لمعالجة هذه المتأخرات حال رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لجهة أن هناك ما يسمى برنامج القرض الليلي، وهو أن تعطي دولة صديقة السودان مبلغاً لدفع متأخراته.."! في الواقع، ليست هناك علاقة بين سداد الديون وقائمة الإرهاب (1993م)، التي تفرض على السلطات الأمريكية معارضة، وليس منع، منح السودان قروض من صندوق النقد الدولي تحديداً. بمعنى آخر، فالقائمة لا تعارض سداد الديون، وإنما منح القروض والدعم الأمريكي المباشر وغير المباشر للسودان. بالتالي، فالقرض المعبري أو "الليلي" كما سماه الوزير، يمكن أن يتم في أي وقت بمعزل عن رفع قائمة الإرهاب، لكن يبقى السؤال: ما هي الدولة "الصديقة" التي تتوقع الحكومة منها مد يد العون؟ وحتى إذا توفقت الحكومة في معالجة مشكلة المتأخرات السيادية، فما هي الخطوات التالية لحلحلة بقية المتأخرات؟ وهذا طريق طويل ومعقد حسب تجربتي مع العراق (للمزيد عن كيفية معالجة ديون السودان وتجربة العراق في هذا المجال أنظر للكاتب: كتاب" الإقتصاد السوداني في مقالات، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2011م، صفحات 43 – 53".قائمة الدول الراعية للإرهاب: رفع إسم السودان من هذه القائمة، ستكون أهم تداعياته نهاية حرمان السودان من: (1) المساعدات الخارجية الأميركية، مثل برنامج المعونات الزراعية، و (2) والدعم الأميريكي في المؤسسات والصناديق المالية الدولية، ما سيفتح الباب أمام مساهمة أمريكا في التكلفة الإضافية المطلوبة (ثلاثة مليار دولار) في موارد مبادرة الدولة الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك) لإدراج السودان في المبادرة، بسبب أنه لم يكن جزءً من المبادرة عند إطلاقها. للأسف، الأوضاع المالية والسياسية في أمريكا، وربما في العالم الغربي بأسره، خلال العقدين الماضيين أدت إلى تراجع كبير في حجم الدعم الأمريكي الخارجي، ما يعني ضآلة فرصه ومساهمة أمريكا في التكلفة الإضافية لمبادرة الهيبك بعد رفع السودان من القائمة، علماُ بأن المبادرة ليست نزهة لأن لها شروط إصلاحية متشددة يديرها صندوق النقد والبنك الدوليين. لذلك ، الإعتماد على مبادرة الهيبك لمعالجة مشكلة الديون الخارجية سيكون أشبه بالمستجير من النار بالرمضاء، ما يفرض على صناع القرار السوداني ضرورة البحث عن بدائل أخرى."صندوق ثقة" يديره البنك الدولي: ما ذكر عن دعم الهيبك ينطبق أيضاً على المطالبة بالدعم من البنك الدولي لتمويل "صندوق ثقة" بملياري دولار تحت إدارة البنك للصرف على أولويات حكومة السودان. فوزيرالمالية من المفترض أن يكون سيد العارفين بأن البنك لن يدعم مثل هذا الصندوق بسبب متأخرات ديون السودان. بالتالي، فمن غير المتوقع أن تساهم أمريكا بعد رفع أسم السودان من قائمة الأرهاب، أو أي دول أخرى، في صندوق بالحجم المذكور يديره البنك ولا يساهم فيه بموارده. أيضاً، زيارة وزيري خارجة ألمانيا وفرنسا (أكبر إقتصادات الإتحاد الأوروبي وحصادها البائس (31 مليون يورو!!) من المساعدات تعطي مؤشراً أن أوروبا الغربية هي الأخرى لن تكون داعماُ حقيقياُ للصندوق المقترح. لذلك، ومن وجهة نظري الشخصية، ليس هناك من بديل للسودان غير التوجه شرقاُ نحو دول الخليج للحصول على الدعم المالي اللازم لمعالجة ديونه الخارجية وتمويل أسبقياته التنموية. لكن هذا يتطلب عدم الخلط بين المصلحة القومية والقناعات الشخصية، وللسودان كروت في المنطقة يمكن أن يستفيد منها دون خنوع أو مذلة.رقابة شعبية للأسواق: على هذا الصعيد، أكد الوزير أن هناك إجراءات لرقابة شعبية للأسواق بالنسبة للخبز والوقود بالتعاون مع السلطات ذات الإختصاص بإدخال تطبيقات إلكترونية (!) لعملية نقل المحروقات من المصافي للطلمبات ومراقبة عملية الصرف، وتطبيق نفس السياسة على المخابز بالرقابة عليها بواسطة الشباب بعد أعطائهم الصفة الرسمية!! هذا يعني العودة إلى إدارة الأسواق بالإجراءات الإدارية، بؤرة الفساد، بدلاً من السياسات والإجراءات والقوانين التي تنظم وتضبط حركة الأسواق. ثم لماذا الشباب لرقابة المخابز، وما هي الصفة الرسمية التي ستعطى لهم؟ ومن قال أنهم أنبياء ولن يقعوا في براثن الفساد الإداري والمالي كما وقع الذين من قبلهم؟ وفوق كل ذلك، أين هذا من التحول إلى إقتصاد "المعرفة والإبتكار"، الذي بشر به الوزير، إذا تحول الشباب إلى مراقبي مخابز؟خاتمة: القراءة المتأنية لما دار في المؤتمر الصحفي لوزير المالية تؤشر إلى جهد مقدر في عرض السمات العامة للبرنامج الإقتصادي للحكومة الإنتقالية، رغم أن المؤتمر طرح الكثير من القضايا، التي تحتاج إلى المزيد من النقاش وإعادة التفكير. كما أن عدم تقديم منظومة من أهداف كمية وسياسات وإجراءات محددة يعتمد عليها في تنفيذ البرنامج، لم تدع مجالاً لتقييم البرنامج أو إبداء رأي أولي حوله. وهذا ما سنفعله قريباُ إن شاء الله عندما يعلن البرنامج الكامل، الذي نأمل أن يطرح للرأي العام للإطلاع والمناقشة قبل التنفيذ.د. التجاني الطيب إبراهيم

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:11 AM)

                  

12-28-2019, 06:44 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    مقال للخبير الإقتصادى الهادى هبانى عن الميزانية الحالية المعدة بوااسطة إبراهيم البدوى:قراءة في وثيقة منهجية وموجهات إعداد موازنة العام المالي 2020م موازنة الفشل وتجريب المجربديسمبر 23, 2019الهادي هبانيأثارت تصريحات السيد وزير المالية في حوار الإجابات الساخنة من واشنطون الذي أجراه معه الأستاذ صلاح شعيب في أكتوبر 2019م كثير من الجدل والنقد من كثير من المعلقين والكتاب والصحفيين المهتمين بقضايا الإقتصاد السوداني ومن بينهم خبراء في الإقتصاد والمالية. ويكاد يكون هنالك إجماع بينهمأولا: في أن السيد الوزير لا يري في حل مشاكل السودان الإقتصادية إلا عن طريق الحصول علي قروض خارجية بالدرجة الأولي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن بعض الدول الصديقة بالإضافة إلي تشجيع ودعم القطاع الخاص ليقود عملية التنمية وتشجيع الاستثمار الأجنبي وإحلال الدعم النقدي محل الدعم السلعي المباشر بديلا عنه بعد مرور فترة من عمر الحكومة الانتقالية.وثانيا: لم يبذل جهدا ملحوظا يذكر في الداخل غير بعض التصريحات عن تكوين بعض اللجان لمراجعة الشركات الحكومية ومراجعة الضرائب والأجور والدعم وغيرها دون أن يكون هنالك نتائج أو علي الأقل قرارات تصب في برنامج قوي الحرية والتغيير وتلبي تطلعات الشعب. وخلال الأيام القليلة الماضية جاءت وثيقة منھجیة وموجھات إعداد موازنة العام المالي2020 م التي أطلقتها وزارة المالية لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السيد الوزير يسير بالبلاد في نفس دوامة سياسات النظام البائد باعتماد القطاع الخاص أساسا لقيادة النمو الإقتصادي، وزيادة حصيلة ضريبة أرباح الأعمال وضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وترشيد الإعفاءات الضريبية وليس إلغائها، التوسع في سياسة السوق المفتوحة عبر إصدار شهادات شهامة وأخواتها كوسيلة للاستدانة من الجمهور لتغطية العجز في الموازنة، الاعتماد علي مؤسسات التمويل الدولية للحصول علي قروض لتمويل التنمية…إلخ. وبالتالي لم تقدم وزارة المالية شيئا جديدا في موجهات الموازنة يختلف عما كان يحدث في موازنات عهد النظام المخلوع. ويبدو أن الطاقم الذي أعد هذه الموجهات يضم نفس عناصر النظام السابق خاصة وأن وزارة المالية كما هو معروف كانت من أكبر الدوائر الحكومية تكدسا بقيادات وأنصار المؤتمر الوطني ووزارة المالية وتمثل بامتياز معقل تكدس عناصر الدولة العميقة في الوقت الحالي. وفي هذه الحلقات نتناول أهم ما ورد في موجهات الموازنة العامة بالتحليل والنقد ثم نقدم حلول بديلة لها تعتمد علي الموارد الذاتية والحلول الداخلية. ونخصص هذه الحلقة للحديث عن أعلان وزارة المالية في الموجهات العامة اعتمادها علي التمويل الخارجي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدعم الخارجي سواء في شكل منح أو دعم فني أو قروض ميسرة. حول الأعتماد علي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والإقليمي والدعم الخارجي: لقد جاء في وثيقة منهجية وموجهات إعداد موازنة العام المالي 2020م في االجزء الخاص بالموجهات العامة (صفحة 2) في الفقرة (11) (صفحة 3) ما نصَّه (تعزيز استقطاب الموارد الأجنبية من القروض الميسرة والمنح والعون الفني من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية ودول التعاون الثنائي لتمويل مشروعات التنمية ومقابلة الالتزامات المترتبة علي ذلك). وفيما يلي مساهمتنا علي هذا الجانب المهم جدا في الموجهات العامة للموازنة. أولا: قبل الخوض في تناول التمويل الخارجي أيا كانت مصادره لابد من التعليق علي بعض ما ورد من نصوص في الفقرة المذكورة رقم (11). ففي النص بعض الملاحظات نتناولها باختصار فيما يلي: في الجزء الأول من النص (تعزيز استقطاب الموارد الأجنبية من القروض الميسرة والمنح والعون الفني) فهو يعني التركيز علي استقطاب القروض الميسرة أي القروض التي يمكن أن يحصل عليها السودان من موقع القوة التفاوضية والوضع الائتماني الجاذب والتي يمكن أن يستطيع معها فرض شروطه في التفاوض علي الجهة المقرضة. فهل بالفعل حصلت وزارة المالية علي موافقات مبدئية للحصول علي قروض ميسرة؟ وعلي أي أساس؟ مجرد أسئلة صعبة تحتاج لإجابات مستحيلة. في الجزء الثاني من الفقرة ورد مانصَّه (والمنح والعون الفني). وهما مرحب بهما لكن المنح والدعم الفني في العلاقات الدولية لا تقدم بدون مقابل. فهنالك دائما مقابل ومن حق الشعب أن يعرف بكل شفافية ما هو المقابل الذي ستقدمه وزارة المالية لهذه الجهات التي يمكنها تقديم الإعانات والدعم الفني بدون مقابل. وفي ذات الوقت علي وزارة المالية تحديد طبيعة هذا الدعم الفني الذي عجزت فيه عن الحصول علي كفاءات وخبرات سودانية وطنية لتقديمه قبل أن تلجأ للخارج في توفير ذلك وشرح المبررات المنطقية التي خلصت معها علي عدم وجود خبرات سودانية يمكنها أن تقدم أي دعم فني تحتاج له البلاد وخاصة في المجال المالي. وأيضا في كل المجالات مما أضطرها للجوء لمؤسسات التمويل الخارجية. الجزء الخاص بالجهات التي ستتوجه لها وزارة المالية للحصول علي التمويل الميسر والمنح والدعم الفني اشتملت علي أولا: مؤسسات التمويل الدولية وهذه معروفة تتمثل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وفي بنك التنمية الإفريقي علي سبيل المثال كمؤسسة إقليمية إفريقية أو صندوق النقد العربي وأيضا هي مؤسسة تمويل أقليمية عربية. لكن ما هو المقصود (بدول التعاون الثنائي) التي وردت في الفقرة. فعلي حد علمي لا يوجد جهة دولية تمويلية تحمل هذا الإسم (دول التحالف الثنائي). ولكن من الواضح أنها السعودية والإمارات. فإذا كان ذلك صحيحا يجب علي وزارة المالية أن تكشف بكل شفافية لكل الشعب سر العلاقة مع هاتين الدولتين وما هو سقفها وحدودها وما ستقدمه للسودان وبأي ثمن. خاصة وأن جماهير الشعب السوداني في الاعتصام الخالد وابداعاته رفضوا كل أشكال الدعم من هاتين الدولتين علي وجه التحديد بعدة أشكال مختلفة معروفة للجميع ولا تخفي عن وزارة المالية. ثانيا: حصول السودان علي قروض من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو أي جهة مالية أو دولة خارجية أو اتحاد إقليمي في ظل الظروف الإقتصادية والسياسية التي يعيشها السودان حاليا حتما ستكون بشروط قاسية جدا وتكلفة باهظة لأن السودان بالنسبة لأي مؤسسة ائتمانية عالمية يعتبر منطقة عالية المخاطر حيث تبلغ الديون الخارجية حوالي 60 مليار دولار والسودان غير قادر علي الوفاء بأقساطها في مواعيدها وهي لذلك تُصَنَّف ديون رديئة مشكوك في تحصيلها خاصة وأن السودان والصومال هما الدولتان علي مستوي العالم المقترضة من صندوق النقد الدولي ومتأخرة في السداد، حيث بلغت متأخرات السودان حتي إبريل 2019م حوالي 969.3 مليون وحدة حقوق سحب أي ما يعادل 1.8 مليار دولار (صندوق النقد الدولي، التقرير السنوي، 2019م، ص 87). هذا فضلا عن الحالة الاقتصادية المتردية المتمثلة في ارتفاع معدلات التضخم وتدني سعر صرف العملة المحلية وتدهور القطاعات الانتاجية وازدياد معدلات البطالة والفقر واللجوء والهجرة وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية وتفشي الفساد والتهريب وارتفاع معدلات الصرف علي الدفاع والأمن ومؤسسات الدولة المترهلة. بالإضافة إلي التوتر السياسي الناتج عن الحروب الأهلية وتزايد حجم المليشيات العسكرية والتدخل العسكري في بعض بلدان الجوار. هذا إلي جانب تواجد التيارات الإرهابية والداعشية والعناصر الإرهابية الإسلامية المطلوبة من بعض دول الجوار. وبالتالي فإن أي جهة توافق علي منح السودان تمويلا (ومن وجهة نظر ائتمانية بحتة) حتما سيكون بثمن باهظ جدا وبشروط قاسية تحوطا لكل هذه المخاطر التي تحيط بملف السودان الائتماني. أو أن توافق تلك الجهات علي التمويل في شكل منح ودعم فني لأغراض سياسية الهدف منها تحقيق مصالح سياسية معينة وحينها يفقد السودان سيادته واستقلاليته. وعندما رفض صندوق النقد الدولي تمويل حكومة البشير (برغم أنها وافقت علي كل شروطه وشرعت في تنفيذها علي أرض الواقع وتحت رقابته المباشرة)، رفضها لنفس المخاطر المحيطة بملف السودان الإئتماني. وتُعرف مثل هذه القروض القاسية التي تقدم لدولة كالسودان أو أي دولة أخري يتشابه وضعها الائتماني مع وضع السودان الائتماني الردئ بقروض الرفع المالي التي تمنحها المؤسسات المالية أو الحكومات المثقلة بالديون. ويطلق عليها قروض الرفع المالي لأن نسبة ديونها إلي أصولها أو مواردها تفوق المعايير المتعارف عليها بشكل كبير جدا ومخيف. وبالتالي فإن التوجه نحو الاعتماد علي قروض البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو أي جهة تمويلية خارجية أخري سيكون موقف السودان التفاوضي فيها ضعيف جدا ومقدرته علي فرض شروطه معدومة تماما وستفرض تلك الجهات شروطها القاسية دون أدني شك. مما يؤدي إلي مزيد من تدهور الأوضاع الإقتصادية وتفاقم معاناة الشعب. وبالتالي لابد من إتخاذ بعض الخطوات والإجراءات علي الصعيد الداخلي أولا: بهدف الاإعتماد أولا علي الموارد الذاتية وثانيا: لتحسين وتقوية المركز الائتماني للسودان وإزالة كل المخاطر المذكورة سابقا لتقوية موقف السودان التفاوضي لضمان الحصول علي قروض ميسرة حقيقية (إذا دعي الأمر لذلك) وفق الشروط التي يضعها السودان وتتفق مع متطلبات البناء والتنمية وتصب في مصلحة الشعب وليس العكس. ثانيا: إذا بحثنا في تجارب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مع العديد من دول العالم النامي التي خضعت لوصفتيهما المعروفة المتمثلة في إلغاء الرقابة على الصرف الأجنبي، تخفیض الانفاق الحكومي العام وزیادة الضرائب، تقدیم الخدمات للمواطنین بسعرھا الحقیقي أي إلغاء الدعم الحكومي في مجالات البترول والغذاء والصحة والتعلیم، تصفیة القطاع العام، تخفیض قیمة العملة المحلیة، سنجد وبعد صعوبة شديدة جدا وبحث مضني، دول قليلة جدا لا تتعدي عدد الأصابع استفادت علي المدي القصير ولكنها تدهورت علي المديين المتوسط والطويل. فلم يُكتب لتجارب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مع دول العالم الثالث نجاح يُذكر مقارنة بالنجاح الذي حققته الدول التي أدارت ظهرها لهما واعتمدت علي مواردها وطاقاتها الذاتية البشرية والطبيعية واللوجستسية، الأمر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول حقيقة دور هاتين المؤسستين، ويثير الشكوك المشروعة حول ما إذا كانت تعمل لتحقيق الأهداف والمبادئ التي أُعلنت في مؤتمر بريتون وودز عام 1944م عقب الحرب العالمية الثانية والذي شكل تاريخ ميلاد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وصارت ميثاقًا لهما فيما بعد، وعلي رأس تلك الأهداف والمبادئ (مساعدة الدول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية على صياغة مناهج تفضي إلى تنمية مستدامة). بل وعلي العكس كانت تجاربهما كارثية مع معظم تلك البلدان لو لم يكن كلها. فالمؤسستين كما يقول مهاتير محمد عندما سُئِل عن ما إذا كان الاقتراض من صندوق النقد هو المسار الأسلم للبناء الاقتصادي لدولة مِصر كان جوابه (رأيي معروف في هذا الأمر، فأنا أنصح دائما بعدم الاقتراض، وأن يتم اللجوء إلي البدائل الداخلية. أنا لا أحب سياسة الاقتراض، خاصة أن المُقتَرِض يَخضع للمُقرِض، فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليسا مؤسستين عالميتين بمعني الكلمة، ولكنهما يخضعان لسيطرة وهيمنة عدة دول فقط، ومن ثم فإن توجههما يصب لخدمة مصالح تلك الدول). (راجع: الفارون من الجحيم ،،، أبرز تجارب الدول التي نجحت بعد رفضها إملاءات صندوق النقد، موقع ساس، العالم والإقتصاد، 5 أبريل 2018م متوفر علي الرابط https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-international-monetary-fund/https://www.sasapost.com/successful-countries-fled-the-in...ional-monetary-fund/. والمتمعن في واقع إقتصاد مِصر اليوم بعد مرور ثلاثة سنوات من تاريخ حصولها علي الشريحة الأولي بقيمة 2.75 مليار دولار في نوفمبر 2016م وعلي الدفعة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار في يوليو 2019م من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار، ويلاحظ ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع الديون الخارجية وفوائدها من 48 مليار دولار عند توقيع الإتفاق علي القرض عام 2016م إلي حوالي 106.2 مليار دولار عام 2019م حسب بيانات البنك المركزي المصري، بالإضافة إلي خفض الدعم علي السلع الرئيسية وزيادة أسعار المحروقات وتزايد معدلات الفقر من 27% إلي حوالي 35%، يدرك تماما حجم الكوارث التي تحدق بأي دولة تقع في أحضان صندوق النقد والبنك الدوليين. وعلي العكس تماما فعقب الآثار الكارثية لأزمة النمور الأسيوية عام 1997م علي ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا والفلبين وكوريا الجنوبية رفضت ماليزيا في عهد مهاتير محمد قبول مساعدات صندوق النقد الدولي المشروطة بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات ضمن ما يعرف (ببرنامج التكيف الهيكلي) بينما قبلتها تايلاند وإندونيسيا. وطبقت ماليزيا سياسة مالية معاكسة لبرنامج التكيف الهيكلي اعتمدت علي مواردها الذاتية واستطاعت تجاوز أزمتها المالية والاقتصادية في زمن وجيز ونجحت في تعزيز عملتها (الرينجت) والخروج بأقل الخسائر ولتصبح أحد أكبر الإقتصاديات المستقرة في العالم مقارنة بدول أخرى مثل الفلبين وكوريا الجنوبية واندونيسيا وتايلاند والتي لا تزال تعاني من الآثار السالبة لوقوعها في أحضان صندوق النقد الدولي. وحتي تجربة السودان نفسه مع صندوق النقد الدولي تمثل أكبر دليل علي فشل سياسات الصندوق مع دول العالم الثالث. فمنذ انضمام السودان لصندوق النقد الدولي في سبتمبر 1957م كان أول تعامل مع الصندوق عبارة عن تعاون فني فقط خلال فترة تأسيس بنك السودان المركزي استعان بموجبه النظام في بدايات عهد ديكتاتورية عبود العسكرية ببعض الخبراء من بنك الإحتياطي الفدرالي الأمريكي وصندوق النقد الدولي لإعداد دراسة لإنشاء بنك السودان المركزي تم علي أساسها إصدار قانون بنك السودان المركزي لعام 1959م. والتعاون الثاني كان أيضا تعاونا فنيا عام 1963م حيث استفادت فيه حكومة عبود العسكرية من استشارات ومساعدات الصندوق الفنية لتعديل الخطة العشرية للأعوام 1961م – 1971م. أما التعاون الثالث فقد كان عبارة عن تسهيل تمويلي تعويضي عام 1965م لأول حكومة منتخبة بعد ثورة أكتوبر 1964م. وقرض التمويل التعويضي هي أحد أنواع القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي لمدد قصيرة للبلدان التي تمر بأزمة طارئة في ميزان المدفوعات نتيجة لإنخفاض حصيلة الصادرات أو أنخفاض الإنتاج أو زيادة الواردات. ولقد لجأ السودان لهذا القرض قصير الأجل نسبة لإنخفاض أسعار القطن عالميا خلال تلك الفترة مما أدي إلي بعض الإختلال في ميزان المدفوعات. ودخلت نفس الحكومة في برنامج تركيز إقتصادي مع الصندوق خلال الفترات 66/67 و 67/68 و 68/69 م ولكن لم يكتمل تنفيذه وأوقف السحب منه في مارس1969 م. وقد كان الهدف منه إحداث توازن داخلي خلال ثلاثة مراحل قصيرة الأجل حيث اشترط الصندوق أن يلتزم بنك السودان بدفع الفائدة على السندات والقروض الممنوحة للبنوك التجارية بالإضافة إلي تحديد سقوف ائتمانية محددة للقطاعين العام والخاص من القطاع المصرفي لا يتم تجاوزها. وقد كان إجمالي القرض 12 مليون دولار تم سحب 7.5 مليون دولار حتي عام 1968م ثم توقف القرض نسبة لتجاوز سقف الإئتمان المحدد للقطاع العام من القطاع المصرفي الحدود المسموح بها (عثمان إبراهيم، الاقتصاد السوداني، الطبعة الثانية، المؤسسة العامة للطباعة والنشر، أم درمان، مارس1998 م، تمت الإشارة إليه من قبل نجلاء يوسف محمد السيد، الأبعاد الإقتصادية لعلاقة صندوق النقد الدولي مع السودان، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في العلاقات الدولية، كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية، قسم العلوم السياسية، فبراير 2003م). أما التعاون الفعلي مع صندوق النقد الدولي فقد تم عام 1978م بعد المصالحة الوطنية 1977م بعد أن تدهورت الأوضاع الاقتصادية نتيجة لسياسة التحرير والإنفتاح الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي والإسلامي الذي تبنَّهاه النظام المايوي والذي أدخل الإقتصاد في أزمات هيكلية حادة تمثلت في تدهور القطاعات الإنتاجية وانتشار الفساد وتزايد معدلات الفقر والبطالة وارتفاع معدلات التضخم وتزايد حجم الدين المحلي والخارجي وتزايد الإنفاق الجاري علي الدولة وأجهزتها المترهلة وعلي الدفاع وعلي أجهزة الأمن والقمع. وقد دفعت تلك الأزمات بالنظام الديكتاتوري المايوي للوقوع في أحضان صندوق النقد الدولي للحفاظ علي بقائه في السلطة والخضوع التام لوصفته المعروفة المتمثلة في رفع الدعم عن السلع الرئيسية، تحرير العملة المحلية وتخفيض قيمتها، تحرير الاقتصاد والتجارة وتشجيع القطاع الخاص، وزيادة الضرائب، وخفض الإنفاق علي الخدمات الرئيسية وغيرها من الشروط القاسية علي الشعب. فقد كان عام 1978م نقطة تحول خطيرة في تاريخ السودان الاقتصادي تدهورت بعدها قيمة الجنيه خلال الفترة 1979م – 1989م بحوالي 3611%، وتدهور المستوي المعيشي نتيجة لتدهور متوسط الدخل الحقيقي للمواطنين بسبب الخضوع التام لشروط الصندوق وبرنامج الإصلاح الهيكلي حيث انخفضت نسبة القروض الميسرة التي كان يحصل عليها السودان من موقع الاستقلالية والقوة التفاوضية من 63.2% إلي 11.8% خلال الفترتين 1978م – 1981م و 1982م – 1984م علي التوالي بينما زادت نسبة القروض القاسية الممنوحة من صندوق النقد الدولي لتصل إلي 88.8% من إجمالي القروض خلال نفس الفترات. ويوجد شبه إجماع من كثير من الإقتصاديين الذين تناولوا علاقة الصندوق بالسودان خلال تلك الفترة بأن فترة نهاية السبعينات وحقبة الثمانينات تميزت بالتبعية الكاملة لصندوق النقد الدولي وسيطرته الكاملة علي مفاصل الاقتصاد السوداني. علما بأن سیطرة الصندوق على مفاصل الاقتصاد السوداني قد صاحبھا تحالف لصيق مع البنك الدولي. ھذا التحالف فشل فشلاً ذریعاً في انتشال السودان من أزمته الاقتصادیة. ولیس ذلك فحسب بل یمكن القول أن التفاقم الحقيقي لأزمات السودان الاقتصادیة قد بدأت بالفعل بعد أن تولى صندوق النقد الدولي الإدارة المباشرة الفعلية للاقتصاد السوداني عام ١٩٧٨م وفرض شروطه وبرامجه التي أبعدت الدولة تماما عن لعب الدور الرئيسي والمفصلي في إدارة الاقتصاد الوطني (محمد يونس الصائغ، دور المنظمات الحكومية في علاج مشاكل القروض الخارجية، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد (١٢)، العدد (٤٤)، العام 2010م). وللتأكيد على فشل الصندوق في ادارة الاقتصاد السوداني ودفعه الى حافة الإنهيار والتدهور الهيكلي الشامل فيما يلي مقارنة بين بعض المؤشرات الاقتصادیة المتعارف عليها في فترة ما قبل تولي الصندوق لإدارة الاقتصاد السوداني قبل عام 1978م، وفترة ما بعد تدخل الصندوق بعد عام 1978م:  جدول رقم (1) مؤشرات فشل صندوق النقد الدولي في ادارة الأقتصاد السوداني الفترة 1978م – 1983م الفترة 1970م – 1978م المؤشر الإقتصادي-7% 6.6% معدل نمو الناتج المحلي الإجماليمليون دولار 833.2 278.3مليون دولار متوسط العجز الجاري في ميزان المدفوعات 10.6% 4.7% متوسط العجز في ميزان المدفوعات / الناتج المحلي الإجمالي4.4% 10% معدل النمو السنوي في الصادرات359 الف بالة 649 الف بالة كمية الصادر من القطن طويل التيلة645 ألف بالة 813 ألف بالة كمية الصادر من القطن بكل أنواعه9 بليون دولار 396 ملیون دولار حجم الديون الخارجية102.0% 13.7% خدمة الدين / الصادراتالمصدر: مؤلف الدكتور على عبدالقادر علي، من التبعية للتبعية، صندوق النقد الدولي و الاقتصاد السوداني، دار المستقبل العربي، الطبعة الأولى 1990م، ص 34 – 35 (تم الإشارة إليه من قبل محمد يونس الصائغ، دور المنظمات الحكومية في علاج مشاكل القروض الخارجية، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد (١٢)، العدد (٤٤)، العام 2010م، ص 348) ومن خلال الجدول يتبين حجم التدهور والإنهيار للإقتصاد السوداني تحت الإدارة المباشرة لصندوق النقد الدولي بالتعاون مع البنك الدولي. فمتوسط العجز في ميزان المدفوعات زاد من 278 مليون دولار إلي 833 مليون دولار أي ثلاثة أضعاف تقريبا، وزادت نسبته إلي الناتج المحلي الإجمالي من 4.7% إلي 10.6%. وانخفضت نسبة نمو الصادرات بأكثر من النصف وذلك من 10% إلي 4.4%، وزادت نسبة خدمة الدين إلي الصادرات بشكل خطير من 13.7% إلي 102% خلال فترتي المقارنة. كما زادت الديون الخارجية من 396 مليون دولار قبل التعامل مع الصندوق إلي 9 مليار دولار بعد التعامل مع الصندوق. ونتيجة لهذا التدهور المريع فقد بدأ السودان في التعثر عن سداد أقساط الدين في بداية الثمانينات برغم الإتفاق مع الصندوق علي ستة اتفاقيات جدولة خلال الفترة 1978-1985م (محمد يونس الصائغ، 2010، مرجع سبق ذكره). وخلال ففي فترة حكومة انتفاضة مارس/أبريل1985 م بدأ السودان بقيادة الدكتور عوض عبد المجيد وزير مالية الانتفاضة مفاوضات مع الصندوق بهدف جدولة المديونية والدخول ولكن اشترط علي السودان تخفيض سعر الصرف، وتحرير الأسعار، وزيادة، وتخفيض معدل نمو الكتلة النقدي، والاستدانة من الجهاز المصرفي، كشروط للدخول معه في برنامج الإصلاح الهيكلي ولكن وزير المالية الدكتور عوض عبد المجيد رفض القبول بهذه الشروط وعندما سعت جهات أخري الضغط عليه للقبول تقدم باستقالته. وقد تدهورت علاقة الصندوق مع السودان في أوائل الثمانينات عندما كان السودان غير قادر على سداد أقساط الديون في مواعيد استحقاقها ولم يكن لديه الاستعداد لبرامج إعادة جدولة جديدة خاصة وأن العام 1953م شهد إلغاء التعامل بسعر الفائدة وتحول النظام المصرفي للعمل بموجب عقود الصيرفة الإسلامية. ولذك فقد بدأ صندوق النقد الدولي في تطبيق سياسة الضغط علي السودان لإجباره لسداد ديونه فاتخذ التدابير التالية (Lodewyk Erasmus, IMF Resident Representative Khartoum, The IMF and Sudan, 24 March 2015): في عام 1986م قرر أن السودان غير مؤهل لاستخدام موارد الصندوق. في عام 1990م تم إعلان عدم التعاون مع السودان. في عام 1993م قرر تعليق حقوق التصويت للسودان. في عام 1994م تم عمل شكوى ضد السودان من العضو المنتدب (الانسحاب الإجباري). في أعقاب التدهور الحاد في الاقتصاد بسبب السياسات الاقتصادية غير المستدامة، وبسعي نظام الإنقاذ لاستعادة التعاون مع صندوق النقد الدولي، اتفقت حكومة السودان مع الصندوق في نهاية عام 1996م على برنامج للتكيف الهيكلي يراقبه موظفو الصندوق وهو اتفاق غير رسمي بين السلطات وموظفي صندوق النقد الدولي لمراقبة تنفيذ برنامج اقتصادي تم تصميمه من قبل حكومة السودان الهدف الرئيس منه هو تنفيذ شروط الصندوق تمهيدا للحصول علي قروض منه. ويقتصر دور الصندوق في سياق تنفيذ البرنامج في تقديم المساعدات التقنية والفنية فقط ولا بمنح أي تمويل للسودان. وفي عام 1999م نتيجة لتعاون حكومة الإنقاذ مع الصندوق واحراز تقدم في تنفيذ شروطه قرر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي رفع إعلان عدم التعاون مع السودان. وفي عام 2000م قرر استعادة حقوق التصويت للسودان. وقرر أيضا أنه سيتم الانتهاء من إزالة آخر إجراء متبقي (عدم أهلية الاقتراض) عندما يقوم السودان بتسديد متأخراته إلى الصندوق والبالغة حتي تاريخ اليوم حوالي 1.8 مليار دولار.

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:16 AM)

                  

12-28-2019, 08:01 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    رفع الدعم الذي تنادي به “موازنة البدوي” ليس له علاقة بمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي، ولكنه مرتبط بالانتخابات المبكرةرفع الدعم الذي تنادي به “موازنة البدوي” ليس له علاقة بمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي، ولكنه مرتبط بالانتخابات المبكرةفي شأن تعضيد الاقتصاد المدني ودعم الحكومة المدنية (11- 100)حسين أحمد حسينمقدمةفي النصف الثاني من ثمانينات القرن المنصرم حينما رفع وزير المالية د. بشير عمر الدعم عن السلع تحت ضغط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أقام بروفسير على عبد القادر على (نسأل الله له عاجل الشفاء بقدر ما قدم للإنسانية من علم) ندوة بدار الاقتصاديين والاداريين بوزارة المالية، فنَّدَ فيها إجراءات الحكومة الخاطئة على نحوٍ مُبهِر يليق بقامة بروفسير على عبد القادر على الذي هو عندي في قامة منظري مدرسة التبعية بلا غُلُوٍّ وإطراء. وقد كان د. بشير عمر يجلس في الصف الأمامي حضوراً لتلك الندوة، التي انتاش فيها البروف سياساته انتياشاً مباشراً لا هُوداة فيه، ولم يترك له جنباً ينقلب عليه.وحينما انتهت الندوة قام د. بشير عمر يسعى ليسلِّم على أستاذه بروف على عبد القادر على، إلاَّ أنَّ البروف نفضَ يده منه نفضاً ودفعه بعيداً عنه ممتنعاً عن مبادلته التحية وقائلاً: “دا ما الاقتصاد الدَّرَّسناهو ليك في الكلية، دا اقتصاد سيدك”.ولو كان البروف اليوم في تمام عافيته (نسأل الله له تمام العافية)، لا أخاله إلاَّ قال للدكتور ابراهيم البدوي مثل ما قال لدكتور بشير عمر من قبل؛ ولعنة الله على هذا التاريخ الذي يُعيد نفسه بهذه الوتيرة الفوضوية ليجعل شرائح رأس المال تنقض في كل مرة على فتراتنا الديمقراطية في السودان.عليه، ليس لنا معك حديثاً كثيراً هذه المرة يا دكتور البدوي؛ بل هي مجرد ساندوتشات خفيفة ومن ثمَّ نعود لمناقشة عناصر الطلب الكلي التي اجترحنا الحديث عنها من قبل في هذه السلسلة.حيثيات1- أرجو من القارئ الكريم أن يرجع للمقال رقم (6) من هذه السلسلة (لأهميته) الذي ذكرنا فيه أنَّ عناصر الطلب الكلي متضادة، بحيث أنَّنا إذا اتَّبعنا سياسات اقتصادية تزيد من معدل النمو وتحِد من البطالة بطبيعة الحال، فإنَّ ذلك سيقودنا بالضرورة إلى الإفراط في الاستدانة وزيادة معدل التضخم، واختلال ميزان المدفوعات، وربما اختلال السياسات المالية والحسابات القطاعية.وبالنظر لموجهات “موازنة البدوي” فهي تتبنى سياسة السيطرة على التضخم واختلال ميزان المدفوعات وتقلبات سعر الصرف وضبط السياسة المالية والحسابات القطاعية واستقرارها (وصفة صندوق النقد التقليدية)، على حساب زيادة النمو وتقليل البطالة (الوظائف المتاحة في برنامج البدوي جُلُّها مؤقت).وقد ذكرنا أنَّ هذه السياسة قد أسقطت العديد من الدول في ثمانيات القرن المنصرم بما فيها حكومة الصادق المهدي نفسها في العام 1989، وقادت لهبة سبتمبر 2013، وعصيان 2016 و 2017 وأخيراً إلى إسقاط هُبل في إطار ثورة الوطن الوسيمة 2018/2019. وبالتالي هذه الوصفة مجربة في عملية اسقاط الحكومات مهما كان جبروتها، ومهما حاول البدوي من إضفاء البُشارات عليها.2- من جانبنا نقول لشعبنا عليك أن تعي أنَّ أيَّ دعم يُبشِّر به د. البدوي (سعلي أو نقدي) سيؤول أثرُهُ إلى الصفر، وإلى ما دون الصفر بمجرد رفع الدعم عن المحروقات. ووقتها ستخرجون على مدنيَّتِكم بأنفسكم وستخربونها بأيديكم؛ والفلول والعسكر وأثرياء الحرب ودعاة الانتخابات المبكرة ينظرون إليكم ويضحكون؛ ولا عذرَ لمن أُنذِر.3- يمكننا أن نثبِتْ لشعبنا عبر مناظرة مفتوحة مع وزير المالية فحواها أنَّ الحكومة لو (مَلَتْ هدومة) فرضت هيبتها على كل مفاصل الدولة بالطريقة التي شرحناها في مقالات هذه السلسلة، تستطيع أن توفِّر لنفسها أكثر من 19 مليار دولار سنوياً من قطاعين اثنين فقط هما البترول والذهب (ناهيك عن أيِّ قطاع آخر، وناهيك حتى عن تحويلات السودانيين العاملين بالخارج).وهذا المبلغ كافٍ لتغطية الواردات، وكافٍ لبناء احتياطي نقدي من العملات الصعبة يفوق الـ 12 مليار دولار؛ وبالتالي يُمكِّن الدولة من إزالة تشوهات الاقتصاد الكلي، وإبعاد شبح الانكشاف الاقتصادي، ويمكِّنها من تحسين ملاءتِها المالية بدرجة عالية جداً تجعلها قِبلة لاستثمارات رأس المال الأجنبي.4- قلنا ونقول الآن، بأنَّ شرائح رأس المال لا ترغب في الديمقراطية؛ إذ ما نالته بالديكتاتورية لم (ولن) تنله بالديمقراطية. خاصةً أنَّ الديمقراطية تسعي إلى معادلة اقتصادية عادلة ومتوازنة ومستدامة بين كل فئات المجتمع، وشرائح رأس المال دائماً ما تغنى على حساب الفقراء في ذلك المجتمع (ما غني غنيٌّ إلاَّ على حساب فقير) خاصةً في غياب حزب يمثلهم بالأصالة لا بالوكالة.وهذا الواقع يجعلها تتعامل مع الفترات الديمقراطية كفترات مؤقتة لتحديد موضع الهيمنة فيما بينها تحت ضغط الجماهير باتجاه التغيير، الذي تعلم أنَّه لن يدوم خاصةً في ظل غياب ذلك الحزب الذي يجمع هذه الجماهير تحت مظلة واحدة.وما أن يتعين موضع الهيمنة هذا، تبدأ هذه الشرائح الرأسمالية في الشروع في الانقضاض على الديمقراطية من جديد. وبالتالي شرائح رأس المال هي المسئولة عن كل الانقلابات العسكرية في السودان، وليس المؤسسة العسكرية (حسين 2018).5- إذا نظرنا للأشياء بدون الانجراف لهالة وهلُّولة وزراء المنظمات الأممية (ما أسميه بالحدس السلبي عند البعض منا)، وبحثنا عن المستفيدين الحقيقيين من رفع الدعم عن المحروقات سنجدهم: فلول النظام، أثرياء الحرب الذين يُحاولون التموضع في موضع الهيمنة بقوة السلاح، دعاة الانتخابات المبكرة، بورجوازية قحت الصغيرة، والمنظومة الرأسمالية العالمية. وبالتالي لا مكان للثوار صُنَّاع الثورة الحقيقيين بين هؤلاء الجلاوزة بحال من الأحوال.6- إذا نظرنا للمحاولات المحمومة التي بدأ يشتغل عليها الصادق المهدي لتلميع السفاح قوش كرجل للمرحلة، والتي بحمد الله باءت بالفشل حينما طلبته العدالة الدولية؛ وإذا نظرنا للمحاولات الحثيثة الجارية الآن من قِبَل ذات الشخص لتلميع مجرم الحرب الجنجودي القتِل، الملطَّخ بدماء شهدائنا في كل مكان (لا سيما في الاعتصام)، “الحبيب دَقَلو” كما يُنتَظر أن تناديه أسرة ذلك الشخص في مقبل الأيام؛ وإذا نظرنا لتقاعس وزير المالية (المرشَّح من قِبَل حزب الأمة/شريحة رأس المال الزراعي) المتعمَّد عن وضع يده على المال العام المهدر بالتمكين ووضعه تحت قيُّومِيَة وزارة المالية بحسبان أنَّ شرائح رأس المال لا تُقصي بعضها البعض إقصاءاً نهائياً في لعبة السياسة؛ وإذا نظرنا لبطئه في اتخاذ الخطوات الكفيلة بإصلاح الجهاز المصرفي وعلى رأسه بنك السودان وإلغاء الصناديق المالية الكثيرة المنثورة خارج وزارته (صندوق دعم الولايات، صندوق دعم الطلاب، صندوق دعم الشريعة، إلخ)؛ وإذا نظرنا لتجاهله عن المساهمة في إنشاء بنك للمغتربين لتجميع قدراتهم المالية والاستفادة منها في ظل الحكومة المدنية الحالية؛ وإذا نظرنا لغض طرفه عن ذهب جبل عامر والبترول الذي تحت سيطرة عناصر النظام الساقط؛ وإذا نظرنا لغض طرفه عن مصادرة كُبريات شركات الفلول الخاصة (8683 شركة) التي خرَّبت الاقتصاد السوداني ولا تساهم في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 3.5%؛ وإذا نظرنا لتقاعسه عن إرجاع المؤسسات الحكومية المخصخصة تمكيناً، خاصةً التي كانت مرتبطة بالتمويل الحرج في الدولة كالموانئ البحرية والطيران المدني والسلكية واللاسلكية والبنوك وغيرها من شركات الدولة الحيوية الرابحة (The Command Heights of the Economy)؛ سنجد أنَّ رفع الدعم عن المحروقات ذو ارتباط وثيق الصلة بالانتخابات المُبكرة أكثر من ارتباطه بمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي المذكورة على سبيل النذر لا الحصر في هذه الفقرة.وذلك لأنَّ رفع الدعم من دون هذه الإجراءات سيقود البلد حتماً إلى البلبلة السياسية والفوضي، التي سوف تؤجِّجها شرائح رأس المال بحجب الأغذية والوقود والخبز ورميها في البحر أو تهريبها إلى دول الجوار، ومن ثم تهرع للمؤسسة العسكرية لاستلام السلطة عبر مغامرين تختارها هذه الشرائح بعناية لهذه المهمة (وهكذا تصنع شرائح رأس المال الانقلابات العسكرية في السودان خاصةً في ظل غياب حارس الديمقراطية والمستفيد الأول من استدامتها أى الحزب الذي يجمع العمال والقوي الحديثة والمهنية (حزب مجتمع الاعتصام)، والذي كان من الممكن أن يقف سداً منيعاً ضد تحريض شرائح رأس المال للمؤسسة العسكرية لاستلام السلطة).7- وبالتالي على آلية الإجماع السوداني (The Sudanese Consensus) المتمثلة في السياسيين (من لجان المقاومة إلى أعلى الهرم) والأكاديمييين (Think Tank) والمهنيين ألاَّ تنجرف وراء عملية رفع الدعم عن المحروقات من غير ربطها بإزالة تشوهات الاقتصاد الكلي المذكورة بالفقرة (6) اعلاه.وليعلم الجميع أنَّ اللحظة التي سيتم فيها رفع الدعم عن المحروقات بدون عمل اللازم تجاه هذه التشوهات الهيكلية، ستكون بداية العد التنازلي العنيف لحكومة د. حمدوك المدنية التى أرجو أن نعضَّ عليها بالنواجز.خاتمةلعناية د. حمدوك: نحن غير راضين عن أداء وزيري الإعلام والمالية، لأنَّهما غير متناغميْن مع روح الثورة؛ والقراءة الدلالية الأولى تقول أنَّهما مصابان بسرطان الكوزنة. ويجب أن يخضعا لفحوصات عاجلة للتثبُّت من ذلك.
    حسين أحمد حسين
    [email protected]
    باحث اقتصادي/اقتصاديات التنمية، المملكة المتحدة.

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:33 AM)

                  

12-28-2019, 10:19 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    ورد قبل قليل الاتى اليوم 29/12/2019:


    تقرر خلال الاجتماع بين مجلس الوزراء والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي انتهى قبل قليل إرجاء رفع الدعم، واتفق الطرفان على عقد مؤتمر اقتصادي قبل نهاية مارس ٢٠٢٠ لتصحيح الخلل في الاقتصا د. ويأتي مقترح المؤتمر الاقتصادي ضمن مشروع الحوار المجتمعي حول الموازنة والذي تبناه مجلس الوزراء في آخر اجتماع له.
    *البراق النذير البراق .. السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الوزراء* ‎
                  

12-28-2019, 10:53 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    بوست الأستاذ فيصل محمد خليل: النظرية الإقتصادية لجون كينز المنشور بالمنبر العام جدير بالمرور عليه

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:18 AM)
    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:41 AM)

                  

12-28-2019, 11:01 PM

وليد محمود
<aوليد محمود
تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 301

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)

    مقال ألاستاد حسين أحمد حسين: في شأن تعضيد الاقتصاد المدني ودعم الحكومة المدنية الإنتقالية (1 - 100) المنشور فى المنبر العام جدير بالإطلاع

    (عدل بواسطة وليد محمود on 12-29-2019, 08:25 AM)

                  

12-28-2019, 11:56 PM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هى andquot;اللِبرالية الجديدةandquot; التى يت� (Re: وليد محمود)


    الأخ وليد ،
    سلام .. بالله أزيل كل اللنكات المرفقة .. فتلت البوست .. أشير إلي عنوان المقال أو البوست الذي تريد أرفاقه ومن يريد الإطلاع إليه سوف يبحث عنه ..


    بريمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de