لقاء دكتور النور حمد مع عربي 21

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2019, 06:12 PM

Salah Musa
<aSalah Musa
تاريخ التسجيل: 03-29-2004
مجموع المشاركات: 891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لقاء دكتور النور حمد مع عربي 21

    05:12 PM March, 04 2019

    سودانيز اون لاين
    Salah Musa-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الخرطوم- عربي21- خالد سعد
    الإثنين، 04 مارس 2019 02:50 م
    المفكر السوداني د.النور حمد يتهم سياسيي بلاده بأنهم أصحاب فكر انقلابي:
    في هذا اللقاء، يتحدث الدكتور النور حمد عن ما يجري في السودان من منظور فكري وسياسي واجتماعي، ويحاول أن يقدم عددا من الإجابات لحالة الغموض التي تكتنف المشهد، من خلال تحليل أعمق مما هو معتاد ومرتبط بالمسلك السياسي للقوى السياسية السودانية ومرجعياتها الفكرية والاجتماعية. ويتحدث بجرأة أكثر عن أن فرص تحقق وحدة للصف الوطني في الظرف الراهن بعيدة المنال، ويرى عدم وجود فاعلة كافية، لاقتلاع النظام القائم من جذوره، بضربةٍ واحدة.

    والدكتور النور حمد، يجلس على كتب ومئات المقالات في الفكر والثقافة والسياسة، وله أطروحات في قضايا التجديد الديني والتصوف الإسلامي وتاريخ السودان، من بينها أطروحته التي أثارت جدلا ثقافيا وسياسيا واسعا بعنوان (قيد الثقافة الرعوية)، إلى جانب كتابه الناقد (مهارب المبدعين: قراءة في السير والنصوص السودانية)، وهو كذلك فنان تشكيلي حاصل على دكتوراه التربية في التربية الفنّية من جامعة إلينوي.

    تاليا الجزء الأول من الحوار:

    س ـ الوضع في السودان ملتبس لكثير من غير الفاعلين فيه، بل أحيانا تظهر بعض التناقضات في الأطراف المعارضة لبعضها البعض، هل للأمر علاقة بتعقيدات الانتقال الثوري، أم إن الأمر مدفوع بتأثيرات هيمنة نظام سياسي لفترة متطاولة، أم إن للأمر صلة بتراث فكري منتشر في جميع المدارس السياسية في السودان؟


    ـ أعتقد أن الأمر مرتبط بالمسلك السياسي للقوى السياسية السودانية. وهو مسلك اتسم عبر مرحلة ما بعد الاستقلال، بل، ومنذ مؤتمر الخريجين، باللامبدئية. فالوصول إلى كرسي السلطة، بأي صورة ممكنة، ظل القاسم المشترك بين مختلف القوى السياسية السودانية. فالأحزاب العقائدية، كالإخوان المسلمين، والشيوعيين، نفذت انقلابات عسكرية، وقام البعثيون بمحاولة للانقلاب. أما الحزبان الطائفيان، (الأمة) و(الاتحادي)، فقد شكلا، في ليبيا، ما سمي بـ (الجبهة الوطنية)، التي ضمت، أيضًا، الإخوان المسلمين، وقاموا بما سمي "الغزو الليبي"، في عام 1976.

    إذن، من الممكن القول إن القوى الحزبية، السودانية، الرئيسية، قوى يسيطر عليها التفكير الانقلابي، وإنها منشغلة بالوصول إلى السلطة أكثر من انشغالها ببناء قواعدها الجماهيرية، والاستثمار فيها.



    ما يحدث في السودان يبشر بحقبةٍ جديدة كليًا من صنع الشباب بينما قطاع من الكبار منحبسين عقليًا في نماذج قديمة


    لو نظرنا إلى خريطة التحالفات والائتلافات، التي انعقدت وانفضت، بين مختلف الأحزاب، عبر مختلف مراحل ما بعد الاستقلال، في الديمقراطيات الثلاث التي أنهتها الانقلابات العسكرية، لتبينت لنا هذه الحقيقة المؤسفة، وهي التحالف مع الخصم، للنيل من خصم آخر. فالوصول إلى كرسي الحكم، مقدمٌ على أي اعتبار آخر. ولقد كان هذا المسلك الفوضوي، السبب الرئيس في دخول الجيش السوداني معترك السياسة، والشروع في تنفيذ الانقلابات العسكرية؛ بدءًا بالفريق إبراهيم عبود، مرورًا بالمشير جعفر نميري، وانتهاء بالمشير عمر البشير. وهكذا، فقد شغلت الأنظمة العسكرية، 52 عامًا من حقبة ما بعد الاستقلال، التي يبلغ مجموعها 63 عاما.



    إقرأ أيضا: حالة الطوارئ وسراب المقاربة السياسية

    يضاف إلى ذلك، أن مختلف القوى السياسية السودانية؛ المدنية والعسكرية، ظلت تلجأ حين تكون في موقع المعارضة، إلى دول الجوار، التي تستضيفها، وتنفق عليها؛ مثال: مصر وليبيا وإثيوبيا وإريتريا. بل إن من يكون منها في حالة معارضة، للنظام القائم، في مختلف الحقب، يفتح قنوات مع عدد من دول الخليج، من أجل الدعم السياسي، والمالي، والعسكري. ولذلك، فإن الممارسة السياسية عبر فترة ما بعد الاستقلال ليست سوى سيرك سمته اللامبدئية، بل والتهريج السياسي، وديماغوجية الخطاب.

    س ـ هل ترى (وحدة صف وطني) في اتجاه عملية التغيير، أم إن الصحيح هو الرأي القائل إن الثورة لم تنضج بعد؟



    ـ من المؤكد أن الثورة قد بدأت، ولكن من المؤكد لدي، أيضًا، أنها لم تنضج بعد. ولا أظن أنني أغالي إن قلت إن فرص تحقق وحدة للصف الوطني، في الظرف الراهن، لا تزال بعيدة الاحتمال. فالقوى السياسية، وغير المنتمين إلى أي قوى سياسية، يرفعون الشعارات، كشعار "وحدة الصف الوطني"، بناء على الأمنيات، من غير قراءة دقيقة لواقع الخريطة السياسية، على الأرض.

    وقد تكفي نظرة سريعة إلى الخريطة السياسية، في حالتها الراهنة، لكي يتضح لنا عدم وجود طاقة، فاعلة، كافية، لاقتلاع النظام القائم، من جذوره، بضربةٍ واحدةٍ، قاضية. فالحراك الجاري، لا يزال جزئيا، ولكنه سيستكمل طاقته عبر الزمن، مع وجود شروط لذلك الاكتمال. فالإجماع الشامل على اقتلاع النظام، لم يتحقق بعد. أو على أقل تقدير، لا وجود لإجماع على الطريقة التي يجب أن يجري بها اقتلاعه. فهناك تضارب واضح في الأجندة، وسط القوى السياسية. ولكي يتحقق اقتلاع النظام من جذوره، لا بد من إجماع شامل، ولا بد من وحدة صلبة ملتفة حول برنامج واضح تلتزم به كل الأطراف.

    ولن يتحقق هذان العنصران إلا إذا تخطى الوعي العام حالته الراهنة، وخرجت القوى السياسية من أساليب الكيد، والكيد المضاد، وعرفت التوافق العابر لأجندة الانتماء الحزبي، أي العمل الحزبي المشترك عبر المنصات الحزبية- bipartisanship. فأي مرحلة انتقالية مقبلة، سوف تفشل، إن لم يتحقق هذا المستوى من الوعي.



    الممارسة السياسية منذ الاستقلال ليست سوى سيرك سمته اللامبدئية، بل والتهريج السياسي، وديماغوجية الخطاب

    الواقع القائم، في هذه اللحظة، يقول، إن الحزب الاتحادي الديمقراطي، مع الحكومة؛ قلبًا وقالبا. والاتحادي الديمقراطي حزبٌ له ثقله الجماهيري، رغم تشظيه. وقد سمعنا كلنا ما قاله حاتم السر، في الساحة الخضراء، نقلا عن السيد محمد عثمان الميرغني. أما حزب الأمة، فيلعب على الحبلين، ولا يزال خطابه، واشتراكه في الحراك القائم، يلفهما الغموض. وهو أيضًا حزبٌ له جماهيره العريضة، رغم تشظيه، هو الآخر.

    أما تجمع المهنيين، فهو بطبيعة تكوينه، ليس جهة سياسية، وإنما تجمع لكيانات مطلبية. وهو، لدى التحليل النهائي، يحوي في داخله مختلف التوجهات السياسية، وهو بهذا الوصف عرضة لـ"الفركشة"، في أي منعطف حادٍّ جديد. ولسوف تأتي المنعطفات الحادة، دون أدنى شك. وأخشى ما أخشاه، أن يكون تجمع المهنيين سائرًا على ذات النسق، وذات المفاهيم، التي سارت عليها "جبهة الهيئات"، عقب ثورة أكتوبر.

    ثورة غير حزبية وفي بداياتها

    باختصار شديد، هذه الثورة، تبشر بحقبةٍ جديدة كليًا. فهي ليست من صنع أي من القوى السياسية التي نعرفها. فقد انطلقت من مجاميع الشباب، مختلفي المشارب، وهذا هو جوهر تميزها. كما أن الفتيات اشتركن في هذه الثورة، بصورة لافتة للغاية. فهي ثورة سياسية اجتماعية. وهي ثورة لاستعادة الهوية السودانية المستبدلة قسرا. بين هؤلاء الشباب المنخرطين في هذه الثورة، حزبيون، وبينهم من هم غير حزبيين. وحتى الحزبيين منهم، فإنهم تجاوزوا رؤى وتطلعات أحزابهم. لكن، ما من شك لديَّ، في أن هذه الثورة لا تزال في بداياتها الأولى. ومن الخير أن تكون ثورة بطيئة، تمارس الضغط الشعبي، وتحقق الإنجازات خطوة خطوة. فهي بالحراك الواعي الراسخ، البارئ من الانفعال، تحقق الاستدامة. فالثورة الحقيقية عمل مستدام وليست فورة مؤقتة. وعبر المسار سوف تصنع الثورة قادتها الجدد، وهذا ضروري في نظري. وسوف يقوى عودها، وينعجم، وتمتلك آليات التغيير.

    هناك قطاع من الكبار الذين لا يزالون منحبسين، عقليًا، في نموذجي أكتوبر وأبريل. هؤلاء هم من يظنون أن الهبة الجارية الآن، سوف تسير على ذات النسق، الذي سارت عليها ثورتا أكتوبر 1964، وأبريل 1985. وأنها سوف تمضي وفق ذات السيناريو. ولو هي سارت على نسق أكتوبر وأبريل، فإن حالنا سيصبح "وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جئنا". هذه الثورة، مكتوبٌ عليها أن تنتصر (كان على ربك حتمًا مقضيا)، لكنها لن تنتصر على المنظومة القديمة، بالضربة القاضية الفنية، وإنما بالنقاط. وسيجري ذلك عبر أمد زمني، ذي مراحل، وقد يطول ذلك المدى الزمني، وقد يقصر، حسب بذل الجهود، وحسب مواتاة الظروف المختلفة، التي ليس للثوار يدٌ فيها، وليس للنظام المستهدف بالإزالة، تحكُّمٌ فيها.

    العقل الرعوي

    س ـ لديك تصور منشور عن العقل الرعوي المسيطر في السودان، هل صحيح أن ما يجري الآن يضعف من النتائج التي توصلت إليها أنت، خصوصا في ما يتعلق بتسيد العقل الرعوي الإقصائي، أم إنه يعضد من قولك إن الأسباب جذرية ومرتبطة بالتكوين الإثني والعقدي في تأريخ السودان، ما يدفع بسؤال حول مؤشرات ضمان تجاوز سلبيات اتجاهات تفكير هذا العقل في المستقبل؟


    ـ العقل الرعوي، وأعني به العقل البدوي، نعتٌ جاء إطلاقه من جانبي على حالةٍ سبق أن وصفها ابن خلدون. ويمكن أن أختصرها في: عدم شغف الرعاة بالعمران، وما يقتضيه العمران. والسبب في عدم شغفهم بالعمران، بمعناه المتكامل، الذي يشمل الثقافة المادية material culture، والثقافة غير المادية، non-material culture، هو نمط عيشهم، وتاريخه. فحياة الرعاة المتنقلين تسير في مسار دائري لا يتطور، إلا قليلا جدا، فتطوره يسير بوتيرة بالغة البطء. فمن لا يكون مستقرًا، لا كلف له بالعمران، ولا كثير اهتمامٍ له بالهيكلة، والتنظيم، والتراكم المعرفي.



    إذا لم يتخط مستوى الوعي حالته الراهنة لدى القوى الحزبية، فأي مرحلة انتقالية مقبلة، سوف تفشل


    لقد حقن الرعاة الذين وفدوا إلى سهول السودان هذه السمات في سكان ضفاف النيل، المستقرين، حولها، منذ آلاف السنين. وقد أشار ابن خلدون إلى غلبة العرب البدو، على النوبة، ووصف كيف بددوا ملكهم. ولو درسنا التحول اللغوي من لغات السكان الأصليين الكوشية، إلى العربية، لعرفنا كيف سيطرت الثقافة البدوية الوافدة على الثقافة المحلية. الشاهد، أننا نسكن الآن الحواضر، ولكن بعقليات بدوية، أو قل بمزاج بدوي. وأعتقد أن هذا هو ما يفسر عدم قدرتنا على الإمساك بأسباب التحديث، كمنظومة متكاملة. ولذلك، نحن نتعامل مع الحداثة بانتقائية مزعجة.

    بطبيعة الحال لا يمكن أن نعزو ظاهرة ما، إلى سببٍ، أو مؤثر واحد. لكن مما لا شك فيه لديَّ، أن الهجمة البدوية الكبيرة، على وادي النيل، التي بدأت حوالي القرن الثالث عشر الميلادي، واستمرت حتى نهاية القرن الثامن عشر، هي التي أحدثت هذه التأثيرات الضارة، التي لا نزال نعاني منها. ومنها على سبيل المثال: سيطرة الولاء القبلي، والنعرات العنصرية، والوقوع في قبضة الأقارب والمحاسيب، إضافة إلى الفردانية المفرطة، وضمور القدرة على الاتفاق، وعلى العمل الجماعي، واستدامته. ويمكن القول إن كثيرا من مشاكل الحكم لدينا إنما تعود إلى علل ثقافية معقدة تمثل هذه التأثيرات البدوية، عاملا مهمًا فيها.








                  

03-06-2019, 07:58 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء دكتور النور حمد مع عربي 21 (Re: Salah Musa)

    الجزء الثاني من حوار د.النور حمد مع عربي 21


    04:29 PM March, 05 2019

    سودانيز اون لاين
    Salah Musa-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    الخرطوم ـ عربي21 ـ من خالد سعد
    الثلاثاء، 05 مارس 2019 04:11 م
    رأى الدكتور النور حمد، أن نظام الحكم في السودان قد وصل إلى الدرجة القصوى من التخبط، ومن انعدام الرؤية، ومن فقدان القدرة على السير بشجاعة في وجهة الإصلاح السياسي، الذي يتوقعه السودانيون، وقال: "إن الأيام المقبلة التي تلي تطبيق حالة الطوارئ ستلقي الضوء على الوجهة التي ستسير فيها الأمور".

    واعتبر النور حمد في الجزء الثاني من حديثه لـ "عربي21"، أن الحراك الثوري الذي شمل الريف في السودان بأنه تحول غير مسبوق في تاريخ الثورات في السودان، لكنه أشار إلى أن العاصمة الخرطوم ما تزال هي صاحبة الثقل، معتبرا أن البلاد بالفعل دخلت مرحلة الثورة الشاملة من أوسع الأبواب، غير أن المسارسيكون طويلا، وشائكا.

    تاليا الجزء الثاني من الحوار:

    س ـ الريف منخرط بفاعلية غير مسبوقة في الحراك الحالي الآن، كيف تنظر لمحركات هذا التفاعل، ومآلاته؟


    ـ نعم، بدأ الحراك الحالي من الريف. وقد بدأ، أول ما بدأ، بمدينة الدمازين، فلحقت بها القضارف، وعطبرة، وكريمة، وبورتسودان، وود مدني، وغيرها من المدن. وانتشر الحراك بعد ذلك، في المدن الصغيرة والقرى. لكن، بمرور الأيام، الخرطوم أصبحت هي صاحبة الثقل فيه، وهذا طبيعي. ولم نعد نسمع، هذه الأيام، أخبارًا لحراك لافتٍ في المدن الإقليمية، والأرياف. لكن، كما سبق أن قلت، لا يزال هذا الحراك جزئيًا، ويكاد ينحصر في فئتي الشباب والطلاب. فالشارع العريض لم يتحرك بعد. وعموما ربما يكون من السابق لأوانه التنبؤ الدقيق بمسارات هذا الحراك ومآلاته. فهناك عوامل كثيرة، غير مرئية بوضوح كافٍ، في اللحظة الراهنة. وربما تدخل هذه العوامل، في الصورة، في مقبل الأيام، وتصبح فاعلة في تقرير مآلات الحراك، وكذلك، مآلات نظام الحكم القائم. لكننا، بلا شك، دخلنا مرحلة الثورة الشاملة من أوسع الأبواب، غير أن المسار، وفق رؤيتي، سيكون طويلا، وشائكا.

    ستظل الأزمة الاقتصادية، على سبيل المثال، قائمة. وستنعكس، هذه الأزمة، على توفر السلع الضرورية، من دقيق، ووقود، وغيرها، وعلى أسعارها، أيضا. كما أن أزمة الأوراق النقدية، ستظل تراوح مكانها، نتيجة لفقدان الثقة في البنوك. وفقدان الثقة في البنوك، هي لدى التحليل النهائي، انعدام للثقة في الحكومة.



    يحتاج الشباب أن يفكروا بجدية في تغيير الأوزان الانتخابية، في الخريطة السياسية السودانية


    عمومًا، ما من شك، أن هذا الحراك قد هز قواعد النظام القائم، كما لم يهزها حراك من قبل، عبر الثلاثين عاما الماضية. وقد أثمر الضغط الذي شكله الحراك، بعض الثمرات. فقد اضطر، في الحد الأدنى، الحكومة وأجهزة الإعلام الموالية لها، لتغيير لهجتهما. بل، وتقديم إشارات إيجابية، مثال: النقد الواضح لقانون النظام العام، وشرطة النظام العام، والقيام بإقالة الولاة، وتغيير الوزراء المركزيين. وكل هذه الإشارات لا تمثل سوى بدايات، شديدة التواضع، في مضمار الاصلاح المنتظر، والسير في طريق التحول الديمقراطي.



    إقرأ أيضا: واشنطن بوست: هل سيندلع ربيع عربي جديد؟

    ولقد كان من الممكن البناء على هذه التنازلات، من جانب السلطة، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع القيود الثقيلة عن العمل الصحفي، وإفساح الحريات العامة، وتقديم ما يشير إلى وجود ضوء نهاية النفق. لكن ذلك لم يحدث. بل جاء فرض حالة الطوارئ، ومحاكم الطوارئ، ليفسد كل تلك الإشارات، ويعيد الأمور إلى مربع الاحتقان، من جديد، وبصورة أسوأ من سابقتها. ويبدو أن نظام الحكم قد وصل إلى الدرجة القصوى من التخبط، ومن انعدام الرؤية، ومن فقدان القدرة على السير بشجاعة في وجهة الاصلاح السياسي، الذي يتوقعه السودانيون. ولسوف تلقي الأيام المقبلة التي تلي تطبيق حالة الطوارئ الضوء على الوجهة التي ستسير فيها الأمور.

    س ـ تظل واحدة من مشغوليات هذا الحراك، كيفية التعبير عنه في المستقبل، هل يحتاج الشباب الثائر إلى تنظيم سياسي كالأحزاب، أم هنالك آليات حديثة يمكن استنباطها لممارسة العمل السياسي؟


    ـ لكي تحدث نقلة حقيقية من حالة العجز التي وسمت العقود الست ونيف، الماضية، التي هي عمر الاستقلال، يحتاج الشباب أن يفكروا بجدية في تغيير الأوزان الانتخابية، في الخريطة السياسية السودانية. وهذا يحتاج إلى إنشاء تنظيم. ففي تقديري الشخصي، لا فرق يذكر، بين المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي، من جهة، وبين حزب الأمة، والحزب الاتحادي الديمقراطي، من الجهة الأخرى. هذه القوى متشابهة، وهي، في نظري، قوى معلولةٌ بنيويًا، ولا تملك مداخل إلى المستقبل. فهي قوى مستنفدة الطاقة؛ وأعني بذلك الطاقة الخلاقة التي تتفاعل بكفاءة مع متطلبات اللحظة الكوكبية الحاضرة، وحالة اليقظة التي تمثلها هذه الهبة الشبابية. لقد مارست هذه القوى العمل السياسي لما يزيد عن الستين عاما، ومارست الحكم لفتراتٍ قصيرة. لكن هذه الفترات القصيرة حفلت بالكثير من الشواهد على عللها البنيوية.



    إقرأ أيضا: حالة الطوارئ وسراب المقاربة السياسية

    أما اليسار العريض، من شيوعيين وعروبيين، وقطاع من الليبراليين ذوي المزاج اليساري، وغيرهم، فإنهم لا يختلفون في فهمهم للتحولات، والتحديات الجديدة، وأساليب النهضة، عن تلك الكتلة المحافظة، التي يمثلها الإسلاميون وحزب الأمة، والاتحادي الديمقراطي، وغيرهم من الأحزاب والمجموعات الصغيرة، ذات الطبيعة المحافظة. فكتلة اليسار العريض لا تزال سجينة في قمقم مفاهيم منتصف القرن الماضي. وهي أيضًا سجينة في تواريخها الحزبية، وسردياتها النضالية، المتوارثة، ولم تنفتح بعد على مفاهيم السياسة في أفقها الجديد، بوصفها تخطيطا، وإدارة، وعلما، وتعليما حديثًا، وتدريبا لا ينقطع، وتقنية، ومرونة في المفاهيم.



    على الرغم من محاسن الميديا الحديثة، إلا أن هذه المنصات لا تزال مفعمة باللاموضوعية، وبضيق الصدر، وقصر النفس، وانعدام الحس الديمقراطي


    لن يحدث تغيير الأوزان الانتخابية في الخريطة السياسية السودانية بين يوم وليلة. فالشباب المنخرطون في الحراك الآن، يمثل قطاع منهم، كل هذه الأحزاب. وقد انخرط بعضهم في الحراك تمردا على قياداتهم، التي تقدم رجلا، وتؤخر الأخرى. ولو انهار هذا النظام، وهو منهار، لامحالة، فإن الأمور ستعود، حتما، مرة أخرى، إلى قبضة الدوائر القديمة المحافظة. فلو استشعرت كتلة المحافظين (الانقاذيون، والأمة، والاتحادي)، في أول انتخابات تعقب سقوط هذا النظام، أن هناك خطرا عليها، من جهة اليسار، فإنها ستتحالف، وسيكسب الانتخابات.

    باختصار شديد، ومن غير قصدٍ لتثبيط الهمم، أو رغبةٍ في وأد الأمل في النفوس، أقول: إن الأوضاع لن تتغير بالسرعة التي نتوقع. وكلما فكر الشباب، ومن يشاطرهم التطلعات النوعية، من الكهول والشيوخ، في وقت مبكر، في بناء تنظيم عريض جديد، كلما اختصرنا حقبة العجز، وأوقفنا تمددها. وكلما اندفعنا بلا روية، وتباطأنا، في التفكير فيما سيأتي به صندوق الاقتراع، في أول انتخابات مقبلة، كلما طالت فترة العجز والفشل التي ظللنا نعيشها، منذ الاستقلال.

    لربما يفكر اليسار، مثلما فكر عقب ثورة تشرين أول (أكتوبر) 1964، في القيام بإجراءات في الفترة الانتقالية، للحد من فرص القوى المحافظة في الفوز بالسلطة، عن طريق صندوق الاقتراع. لكن، إذا حدث ذلك، رغم ضعف احتمال حدوثه، سيكون خطأً فادحًا، كالذي سبق أن ارتُكب عقب ثورة أكتوبر. ففكرة كهذه، ستعيد، مرة أخرى، تجربة جبهة الهيئات، ولسوف تفشل. وسوف نعود بعد كل هذا الجهد، وهذه التضحيات، إلى ذات المربع القديم. وكما قيل قديما: "كل تجربةٍ لا تُوْرِثُ حكمةً تكرر نفسها".

    س ـ كيف يمكن للنخب المثقفة والمتعلمة الداعمة لهذا الحراك أو المناوئة له، الاقتراب من الشباب الثائر الذي أظهر موقفا مناوئا لهذه المجموعات بل ظهر من الحراك حالة إحباط واسعة من دور التنظيمات السياسية او ما يسمى ب(نادي السودان القديم)؟


    ـ وردت الإجابة على هذا السؤال، ضمن الاجابات السابقة. لكن لا ضير من إلقاء مزيد من الضوء عليه، خاصة ما ينبغي أن تفعله النخب المثقفة والمتعلمة. وأول ما يمكن أن يقال في هذا الصدد، أننا لم يتفق لنا، كنخب متعلمة، وكمثقفين، وقادة رأي، وسياسيين، أن تحاورنا بصورة عميقة، تؤدي إلى تلاقح رؤانا، وإلى إخراج ناتج جديد، يقوي الثوابت المشتركة التي تمثل الحد الأدنى من متطلبات النهوض والبناء.



    وُلدت أكثرية الشباب المنخرطين في الحراك الثوري الراهن، في حقبة الانقاذ. ولقد شهدوا في هذه الفترة تراجع دور المثقف، وهامشيته، كما شهدوا تسيد المفاهيم الدينية القروسطية، المحمية بقوة السلطة،

    نحن لا نزال نسير في حواراتنا، في خطوط متوازية. ولقد سبق أن أشرت إلى أن أكثريتنا لا تزال مسجونة في تواريخها الحزبية، وسردياتها الحزبية الداخلية، وتصوراتها القديمة التي ترى في الذات، أو في الكيان الحزبي، المنقذ الوحيد.

    على الرغم من أن الميديا الحديثة، ووسائط التواصل الاجتماعي، قد كسرت القيود الحكومية على حرية الرأي، بما خلقت من منصاتٍ مفتوحةٍ لتبادل الآراء، إلا أن هذه المنصات لا تزال مفعمة باللاموضوعية، وبضيق الصدر، وقصر النفس، وانعدام الحس الديمقراطي. وهذا ما ينتهي بالحوارات، في كثير من الأحيان، إلى إطلاق الاتهامات، والتخوين، بغية إرهاب صاحب الرأي المخالف، وإخراس صوته.



    وُلدت أكثرية الشباب المنخرطين في الحراك الثوري الراهن، في حقبة البشير التي اتسمت بتراجع دور المثقف، وهامشيته، وتسيد المفاهيم الدينية القروسطية، المحمية بقوة السلطة


    فالثورة في حقيقتها ليست تغيير نظام حكم، بنظام حكم جديد، بقدر ما هي تغيير نمط المفاهيم السابقة غير المنتجة، بمفاهيم جديدة منتجة. وأساس هذا التغيير التحلي بالحس الديمقراطي، واتساع الصدر تجاه من لا يرى رأينا. فالتكتل الجمعي حول أي رأي، لا يجعل من ذلك الرأي رأيًا صائبًا، بالضرورة. وفي المقابل، فإن قلة التكتل حول أي رأي لا يجعل من ذلك الرأي رأيًا خاطئًا، بالضرورة. فالديمقراطية لا تأتي غدًا في مائدة تنزل من السماء، وإنما تبدأ اليوم، ويجري بناؤها، لبنةً، لبنة. وإن لم تبدأ الديمقراطية اليوم، فإنها لن تأتي في الغد. وكما يقول الأستاذ محمود محمد طه: "إن آجلاً لا يبدأ عاجُله اليوم، ليس بمرجو".

    وُلدت أكثرية الشباب المنخرطين في الحراك الثوري الراهن، في حقبة الانقاذ. ولقد شهدوا في هذه الفترة تراجع دور المثقف، وهامشيته، كما شهدوا تسيد المفاهيم الدينية القروسطية، المحمية بقوة السلطة، على الساحة. أيضا جرى إخلاء السودان من العقول النيرة، ومن خيرة المهنيين، عن طريق التهجير القسري غير المباشر.

    في هذه الفترة تراجع الفكر، وتراجعت الآداب والفنون، وسادت الضحالة في كل أقنية الثقافة. رأى هؤلاء الشباب السودان في أبأس أوضاعه. وهم حين ينظرون في الميديا، أو حين يسافرون إلى أقرب دول الجوار، أو إلى دول بعيدة، يرون نهضة وعمرانا، وإيقاعا لحياة نضرة، حية، متوثبة. ويرون شبابًا تنفتح أمامهم الفرص كل صبح جديد، ويجري توظيف طاقاتهم على أفضل الصور. وحين يعودون بعقولهم مما تبثه الميديا، التي يشاهدونها لحظة، بلحظة، أو حين يعودون من الخارج، لا يرون حولهم غير اللهث وراء الضروريات، والموات والقبح في كل شيء. هذه المقارنات اليومية تقود الشباب إلى الحنق والغيظ والثورة. وتقوده، أيضًا، إلى الشعور بأن الكبار قد خانوهم وغدروا بأحلامهم وتطلعاتهم.



    إقرأ أيضا: المهدي يقدم للبشير "كبسولة التحرير".. ماذا تتضمن؟

    وهذا شعور صحيح ومحق. فلقد يئس الشباب منا، نحن الكبار، وهم في ذلك محقون. فحتى الابن والبنت، في العائلة الواحدة، يحنقان على أبيهما وأمهما إن كانا مقصِّرَيْن. لكن، مع ذلك، لا بد من فهم لماذا تقدم الآخرون وتأخر السودان. ولابد ألا ننزلق في إجابتنا، إلى الاجابة البسيطة السهلة، التي تقول: إن النظام الحالي هو السبب. مع كامل العلم بأن النظام الحالي هو الأسوأ في كل حقبة ما بعد الاستقلال، وهو الذي أوصل الأمور إلى نقطة الانفجار. باختصار شديد، نحن لم ندخل مرحلة الحوار المعافى بعد، فهي، في تقديري، مفتاح التغيير المضطرد. ولا يعني هذا أن نوقف الثورة، وننخرط في الحوار بيننا. فلتستمر الثورة، وليبدأ الحوار الهادئ الموضوعي الصبور.

    ويجب ألا نقع في أسر مقولة الناصرية المضللة: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". فالحماس والجرأة والشجاعة شروط ضرورية لنجاح أي ثورة، لكنها لا تخلق، وحدها، ثورة مستدامة. فالثورة لدى الدقة: "علمٌ وعملٌ بمقتضى العلم". ولابد من أخذ الدروس والعبر، من التاريخ، حول أسباب الثورات الفاشلة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de