الفردانية والثورة: ماذا لو فرغت الساحات؟- محمد سامي الكيال-كتابات عن الثورة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 11:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-08-2019, 06:53 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفردانية والثورة: ماذا لو فرغت الساحات؟- محمد سامي الكيال-كتابات عن الثورة السودانية

    05:53 PM November, 08 2019

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر



    شهدت الثورة السودانية حدثاً يمكن وصفه بالاستثنائي في أيامنا: بعد أن قام المجلس العسكري بفضّ اعتصام القيادة العامة بالعنف المفرط، ردت قوى الثورة بالدعوة لإضراب عام، نُفذ بنجاح كبير، ما ساهم باستمرار الثورة وتحقيقها بعضاً من أهدافها. تكمن استثنائية هذا الحدث في وجود هياكل للحراك السوداني لا تقتصر على الحشد الجماهيري في الساحات. لديها القدرة، في حال انفضاضه، على اتخاذ خطوات تصعيدية، تحوّل تعبيرات عائمة مثل «الإرادة الشعبية» إلى قوة مادية. في بقية البلدان تعني الساحات والشوارع الفارغة اضمحلال الحراك، لا يقتصر هذا على العالم العربي، بل رأيناه في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية.
    يدفع هذا للتفكير بخصائص الاحتجاج الاجتماعي المعاصر: لا يملك المحتجون إلا مشهداً ثورياً، لا يستطيع، رغم كل ما ينتجه من رموز، أن يصير قوة قادرة على التغيير. لا يمكن للساحات أن تبقى ممتلئة للأبد، ولا بد أن يضعف الحشد سواء عبر القمع المباشر، أو شعور شرائح واسعة من المحتجين بعبثية ولا جدوى ما يفعلونه، وانصرافهم إلى شؤونهم الحياتية. يمكن ربط هذا أيضاً بطوعية مفرطة لحركة المحتجين. لدينا أفراد يفاخرون بفردانيتهم كثيراً من الأحيان، يرفضون التمثيل والهرمية التنظيمية، ويسعون دوماً لاقتطاع «مساحة خاصة»، في قلب الحراك، لاستعراض تميّزهم واختلافهم. يبدو هذا تطوراً متوقعاً لموجات رفض المؤسسات الانضباطية وأعرافها، التي انطلقت منذ الستينيات. وأصبحت فيما بعد، رغم كل ثوريتها، جزءاً من الأيديولوجيا النيوليبرالية المعاصرة.
    يمكن صياغة الفرضية التالية: إذا كان الحراك الاجتماعي فيما مضى قد واجه انضباط الرأسمالية الصناعية بانضباط مضاد، مثّله الحزب والنقابة، فإن مواجهة مرونة الرأسمالية بعد الصناعية تستلزم بدورها مرونة مضادة. إلا أن هذه الفرضية اثبتت فشلها عملياً، فالمرونة جانب واحد من جوانب الهيمنة النيوليبرالية المعاصرة، وإلى جوارها توجد دول وأجهزة أيدولوجية وأدوات قمعية تثبت «صلابتها» عند الضرورة. في حين يبقى المحتجون أسرى مساحاتهم الخاصة حتى في قلب الميدان المحتل. لا يتوصلون لحلول عملية لتحويل اجتماعهم إلى سلطة. فهل يمكن للفردانية والطوعية أن تجد، بطريقة تراكمية، الحلول المطلوبة؟ أم أن الخروج من الهيمنة المعاصرة يتطلب مواجهة المفهوم النيوليبرالي للفردانية؟ وإلى أي مدى يمكن الاعتماد على ساحات قد تفرغ بسرعة، تماماً كما امتلأت؟

    أساليب عتيقة

    قد تكون طرفية السودان في المنظومة العالمية نافعة لثورته إلى حد كبير، فهي ساهمت في بقاء التقليد النقابي والحزبي مترسخاً في البلاد. ورغم أن الجمهور السوداني أبدى فردانية وتنوعاً كبيراً، وتعرّض لكل التأثيرات الأيديولوجية المعاصرة، بما فيها العمل المكثف للمنظمات غير الحكومية، إلا أن الحراك السوداني كان لحظة لقاء فريدة بين نمط التنظيم التقليدي نسبياً، وبين طوعية جمهور متنوع. يمكن القول إن تنظيمات مثل «تجمع المهنيين السودانيين» قادت حراكاً ذي سمات معاصرة بأساليب عتيقة بعض الشيء. وهي الوصفة التي جعلت الثورة السودانية من الأنجح عربياً. إلا أن هذا يقوم على خصوصية سودانية صعبة التكرار. فئات مثل المهنيين، وأنماط من التنظيم والحشد مثل النقابات، أصبحت، في حالات عديدة، جزءاً مدمجاً من المنظومات السائدة في عديد من البلدان. يمكن أن تلتحق بحراك واسع، ولكن من الصعب أن تقوده. السعي لبناء تجمع مهنيين لبناني أو جزائري مثلاً قد لا ينتج أكثر من تأثير إعلامي محدود.
    إلا أن ما أكدته التجربة السودانية هو ضرورة وجود بدائل عن الحشد الجماهيري سهل الفض والتبدد، وأن الأساليب العتيقة ليست مُتجاوزة دائماً. ترتفع اليوم دعوات عديدة لبناء تنظيمات جماهيرية: مجالس شعبية تكون أساساً لديمقراطية قاعدية، أو أحزاب ثورية تقود الاحتجاج. رغم هذا تصطدم هذه الدعوات باصرار قطاعات واسعة من المحتجين على الحفاظ على مرونتهم وفردانيتهم. عندما لا يمكن لأي جهة أن تتكلم باسم الحراك أو تمثل قطاعات منه، مقترحة بدائل تعبّر عن إرادة جماعية، فنحن أمام حالة غير سياسية. وهو أمر متوقع في عصر يصفه كثيرون بـ«ما بعد سياسي». إلا أن الفردانية النيوليبرالية لا تغلق الباب أمام السياسة بمعناها الكلاسيكي فقط، بل تعيق أيضاً نشوء أشكال التضامن المتجاوزة للأطر السياسية. إذا افترضنا أن الجمهور راغب في تجاوز المؤسسات المرتبطة حكماً بجهاز الدولة، بما فيها مؤسسات الديمقراطية التمثيلية، فمن الصعب تحقيق ذلك ضمن «المساحات الخاصة» للفردانية، بحساسياتها غير القابلة للترجمة، واحترامها المفرط لـ«الخصوصيات».

    هنالك اجماع مشترك في عصرنا بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحتى الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك، بأن النموذج الليبرالي المعاصر لم يعد قابلاً للحياة، وما تصاعد الاحتجاجات حول العالم، حسب هذا المنظور، إلا دليل على ذلك.

    هنالك اجماع مشترك في عصرنا بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحتى الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك، بأن النموذج الليبرالي المعاصر لم يعد قابلاً للحياة، وما تصاعد الاحتجاجات حول العالم، حسب هذا المنظور، إلا دليل على ذلك. يمكن الإضافة أن هذا لا يقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل يمتد أيضاً إلى المفهوم النيوليبرالي عن الذات نفسها. والذي بات مرهقاً حتى للأفراد المتمتعين بما يُفترض أنه حرياتهم وخصوصياتهم. فكثيراً ما تتكشف «المساحات الخاصة» عن بشر خائفين ومُستَغلين ومكتئبين. وعندما يتحرك الأفراد تحت ضعط هذه الانفعالات السلبية فهم على الأغلب يؤكدون عبوديتهم لا تحررهم، إذا استعرنا مصطلحات سبينوزا في الإيتيقيا والسياسة.

    رفيق أم حليف؟

    في كتابها «الرفيق»، الصادر مؤخراً، تناقش جودي دين، أستاذة العلوم السياسية في كلية «هوبارت ووليم سميث» بنيويورك، مبدأ الرفاقية، المترسخ في تراث الحركات العمالية والاشتراكية، معتبرةً إياه أساساً لإقامة علاقة قائمة على المساواة بين أفراد يجدون أنفسهم في الجانب ذاته من الصراع، ويكرّسون أنفسهم لهدف مشترك، على خلاف الحلفاء، الذين يدعمون بعضهم البعض عن بُعد من مواقع مستقلة، وهو المبدأ الذي تكرّس مع صعود سياسات الهوية، فكل جماعة «مضطهدة» تساند مظلمة الجماعات الأخرى دون التخلي عن خصوصيتها، والمنظور الذي اكتسبته من خلال إعادة بناء تجربتها التاريخية المستقلة. الرفاقية تتيح تخطي هذا «الاختلاف» من خلال علاقة ندّية بين شركاء، تقوم على انفعالات إيجابية مثل الفرح والشجاعة.
    سبق لدين، بُعيد تظاهرات «احتلوا وول ستريت»، الدعوة إلى تنظيم حزبي منضبط، يؤمن استمرار الحراك بعد تبدد الحشود، ويحوله إلى قوة ذات ديمومة، كثيرون اعتبروا هذا نوعاً من «الستالينية». إلا أن الفوضى الذي يعيشها «اليسار» الأمريكي حالياً أعادت بعض الاعتبار لهذا الطرح. تدافع دين عن التشابه والمساواة، وتميّز الرفاقية حتى عن الصداقة، التي تقوم على الاحتفاء بفرادة الأصدقاء وتميزهم. الرفاقية علاقة قابلة للتبادل والتعويض اجتماعياً بغض النظر عن السمات الفردية، قد يكون «الرفاق» أصدقاء ومتحابين، وبالتأكيد هم مختلفون عن بعضهم البعض، ولكنهم يختارون أن يكونوا متشابهين في إطار سياسي واحد. يبدو التنظيم المنشود هنا أشبه بتمرين على مجتمع المستقبل، فهو يخلق علاقات اجتماعية جديدة هنا والآن، تتجاوز الفردانية النيولبرالية. أن تكون يسارياً اليوم، حسب دين، يعني بالضرورة أن تكون «رفيقاً».

    أنا مثالية

    تستعمل دين لشرح الرفاقية مفهوماً فرويدياً هو «الأنا المثالية» Ego-ideal، أي التصور المثالي الذي يملكله الفرد لما يريد أن يكون عليه. يسعى الرفاق لتجاوز ذواتهم الفردية وتوحيد جهودهم في حالة جماعية أكبر، تحقق تعاملاً فعالاً مع مجريات الصراع الاجتماعي القائم. يفكرون سياسياً ويميّزون الصديق من العدو. ويسعون إلى كسب المعركة في مواجهة بنى السلطة، أكثر من رغبتهم بتأكيد نرجسيتهم الأخلاقية، من خلال تبني مواقف «صوابية».
    تقدم دين تصوراً بديلاً للفردانية، ترى أنه الأساس في نجاح التغيير الاجتماعي، وتنبّه إلى ضرورة البحث في بناء الذات الفردية والجمعية في إطار الحراك الاجتماعي. وبالتالي فإن عملها إيتيقي بامتياز، ولكنها لا تبحث كثيراً في الأسس الاجتماعية التي يمكن أن تُبنى عليه الرفاقية، فنحن لم نعد نملك المؤسسات الاجتماعية التي كانت تتيح اللقاء بين أفراد متشابهين. يبدو الوصول إلى الحالة الرفاقية المنشودة قائماً إذاً على الإرادة الذاتية الخيّرة للثائرين، ما يجعل منظور دين بدوره يسقط في فخ النرجسية الأخلاقية.
    ربما كان الأجدى البحث عن مواطن القوة الاجتماعية الفعلية بدلاً من الدعوة لأنا مثالية، وبالتالي ليس من المفيد فصل الرفاقية عن علاقات مبنية على انفعالات غير «مثالية» كالصداقة والمحبة والجيرة. تواصل البشر خارج الأطر التقليدية للسلطة، والعلاقات الاعتيادية التي يبنونها فيما بينهم في الميادين، وضمن سيرورة الصراع الطبقي، هي الأساس لكل شكل تنظيمي ممكن، عندها يمكن السعي لمواجهة «المساحات الخاصة» للفردانية بمبادئ جديدة لإدارة الحيز العام، وهذا قد يكون المعنى الأكثر دقة للرفاقية: إعادة تأسيس مساحة عامة يشغلها أفراد متساوون وأنداد. يدافعون عنها حتى لو غابت بمعناها المادي-الجغرافي المباشر، أي حتى لو اضطروا إلى الانسحاب من الميادين.
    ٭ كاتب من سوريا








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de