العسكر في رواية أوخينيا ألمييدا… أن تنتظر بلداً كمن ينتظر حافلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 02:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-29-2019, 05:55 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العسكر في رواية أوخينيا ألمييدا… أن تنتظر بلداً كمن ينتظر حافلة

    05:55 PM September, 29 2019

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر



    هل يوجد شبه بين الجزائر 2019 والأرجنتين 1977؟ الروائية أوخينيا ألمييدا تُجيب على السؤال، في باكورتها «الحافلة». تحكي قصة شعب يجد نفسه عالقاً في قبضة العسكر، ولا يحق له نقده أو تأويل خطابات قائده، تُحيلنا إلى حكايات أناس يقتسمون الضجر، ويأملون أن يحصل تغيير، يتأففون مما يُحيط بهم، ولا يتوانون عن السخرية من أنفسهم، لكنهم لا يجرؤون على رفع صوتهم، إذ جاء الحديث عن العسكر والجنرال الذي يحكم البلد (خورخي رافائيل بيديلا آنذاك). أرادت من روايتها تلك بيان مُعارضة فنية، لمتضررين من حكم الرجل الواحد، تسرد قصصهم اليومية، خوفهم، كبتهم، قلقهم، وصدمتهم مما يحصل في بلدهم، وكيف يرون الخلاص مما حل بهم.
    تدور أحداث الرواية في قرية، لا تبعد كثيراً عن مدينة قرطبة شمال الأرجنتين. ولم يكن اختيار ذلك الموقع مجانياً، صحيح أنه مسقط رأس الكاتبة، ولكن قرطبة لها تاريخ من الانتفاضات، أشهرها عام 1969، التي أطاحت بنظام عسكري، خلّفه نظام آخر مماثل، لكن مع وصول الجنرال خورخي رافائيل بيديلا (بدءًا من 1976، استمر 5 سنوات)، عادت المدينة إلى الخمود، واستطاع العسكري أن يقتلع الرغبة في التغيير من نفوس الناس. فالأنظمة العسكرية لا تمنع – عادة -الناس من الكلام، بل تحبط ميلهم إلى السؤال، تجعلهم يكررون ما يسمعون، لا يعبرون عما يرغبون فيه. في تلك القرية سوف تدور أحداث لا تتعدى مساحتها الزمنية أربعة أيام، من خلالها تفكك أوخينيا ألمييدا الذهنية العسكرية، وتشرح كيف أن أي مرحلة يحكم فيها جنرال بلدا ليست سوى مرحلة معلقة من التاريخ، مرحلة لا تُحتسب، ولا تعود فيها الحياة إلى البلد إلا بعد أن يسلم آخر عسكري الحكم إلى الشعب، أو المدنيين بتعبير أدق.
    يعيش المحامي بونس، في تلك القرية، التي تقسمها سكة حديد إلى نصفين، نصف للفقراء والآخر للأغنياء، ولا يتواصل الطرفان مع بعضهما بعضا، رغم قرب المسافة بينهما، فقد عزلهما النظام، وهذا المشهد يذكرنا بما حصل في الجزائر، قبل أيام قليلة، حين حاول النظام الحالي منع ساكنة المدن الداخلية من الوصول إلى الجزائر العاصمة، فأكثر شيء يُخيف نظاماً عسكرياً أن يتجمع الناس في بقعة واحدة، لذلك يسعى إلى تشتيتهم، ولا يغيب عن ذهن المحامي بونس تلك الممارسات، يعبر عنها – في الرواية – في سره، ويتفادى أن يجاهر برأيه إزاء الوضع أمام جيرانه وأصدقائه، لكن الأمر سوف يصير مرهقاً، مع وصول شقيقته فيكتوريا، التي تقضي أياماً في بيته، وحين تنوي المغادرة، يتعذر عليها ذلك؛ الحافلة التي تعبر كل يوم القرية، تمضي بسرعة قصوى، ولا تتوقف، وتنفتح الرواية من اليوم الثالث الذي ينتظر فيه بونس وشقيقته توقف الحافلة، بلا جدوى، فبينما كانت الأرجنتين تتحول إلى ملكية جنرال واحد، كانت الحافلة تجتاز المنتظرين، بدون أن تتوقف، كانوا ينتظرون أن تركن في المحطة، كما تعودوا في السابق، وأن تفتح أبوابها لهم كي يركبوا، في صورة رمزية عبرت فيها الروائية عن الوضع، فقد كانوا ينتظرون أن يستقر البلد كمن ينتظر حافلة أن تصل، لكن انتظارهم طال والحافلة تعبر بدون أن تتوقف.

    رواية «الحافلة» لأوخينيا ألمييدا هي رواية بلد مقسم، تحت سلطة العسكر، الثرثرة فيه مباحة، لكن النقد ممنوع، وحياة الناس يحددها مزاج الجنرال وتقلباته النفسية، الناس فيه ينتظرون حافلة كي توصلهم إلى مكان آخر، كمن ينتظر بلدا أن يتحرك من الجمود الذي فُرض عليه.

    ليست فيكتوريا وحدها من كان ينتظر أن تتوقف الحافلة، بل هناك منتظران آخران، لا أحد يعرف اسميهما أو من أين جاءا، ففي فصول صغيرة الحجم ومكثفة تحكي أوخينيا ألمييدا (1972) كيف يحول العسكري بلداً إلى قاعة انتظار كبرى، كل مواطن يريد مقعداً كي يصل إلى المحطة المقبلة، لكن الأمر لن يتيسر سوى بأمر من «فوق»، من الجماعة الحاكمة، وفي ذلك الانتظار يصير الغرباء أصدقاء، يستمعون إلى حكاياتهم، يفشون ما يختلج داخلهم من قلق وارتباك عما آلت إليه الأوضاع، لكنهم يتمنعون عن نقد المتسبب في ما وصلوا إليه، إن ما نقرأه في رواية «الحافلة»، هو مختصر سيرة بلد فقد فيه الشعب السلطة، وبات مطوقاً بقرارات أقلية حاكمة.
    لا تعرف فيكتوريا ولا العالقون في القرية سبب مرور الحافلة، ثلاثة أيام متتالية، بدون أن تتوقف، مفتش الشرطة أيضاً لا يجد جواباً، ولا صلة لهم بالعالم الخارجي سوى راديو يبث أخبار وخطابات العسكر، ومن الأشياء التي يتكرر سماعها حينذاك أن النظام يبحث عن «مُخربين»، يتهمهم بمحاولة قلب الحكم، في سخرية مبتغاة من أسلوب تفكير الأنظمة العسكرية، التي ترى في كل مُعارض لها خطراً على بقائها، وتزداد شكوك ساكنة القرية تجاه بعضهم بعضاً، كل واحد منهم يشك بأن الآخر مشتبه فيه، وأنه سيلقى حتفه على يد العسكر. في تلك الأجواء سوف يغادر الغريبان اللذان حلا بالقرية مشياً، ثم تنقطع أخبارهما، ونعلم في ما بعد أن الجيش أطلق النار على شخصين. هل هما الشخصان اللذان كانا في انتظار الحافلة؟ يظل السؤال معلقاً. تحت حكم العسكر نسمع الأخبار بدون تفصيلات، ولا يحق للناس أن يطلبوا تفسيرات. في هذه الرواية، تشير الكاتبة إلى الخوف الذي زرعه النظام في قلوب الناس، كل واحد منهم يبتلع لسانه، ولا يغمز ولا ينتقد، ومن يتجرأ أن يُعارض فقد ينتهي أمره إلى موت أو سجن. كتبت أوخينيا ألمييدا هذه القصة كما لو أنها تكتب عن الجزائر اليوم، حيث بات الخوف، الذي زرعه النظام الجديد، مشتركاً بين الناس، والأخبار تصل الفضائيات من رئيس تحرير واحد، يهيمن على قنوات الاتصال كلها، في صورة تشبه الراديو الوحيد الذي كان يبث في القرية.
    يصير الصمت مرادفاً للخلاص في القرية، ولن تتوقف الحافلة سوى في اليوم الرابع، ونفهم من سائقها أن السبب هو أمر من العسكر، بسبب عدم توافر عدد كبير من الجنود، يتمركزون كلهم في المدن لمراقبة الراكبين، فقد صدر أمر بمنع الحافلة من التوقف في القرية، تجنباً لركوب أشخاص بدون تحري هوياتهم، هكذا إذن بسبب عسف العسكر توقفت الحياة في القرية، وحين تنطلق الحافلة، لا نعلم هل سوف تصل وجهتها أم لا؟ هل ستتوقف في اليوم الموالي أم لا؟ ستصير الحياة مرهونة حسب مزاج العسكر.
    رواية «الحافلة» لأوخينيا ألمييدا هي رواية بلد مقسم، تحت سلطة العسكر، الثرثرة فيه مباحة، لكن النقد ممنوع، وحياة الناس يحددها مزاج الجنرال وتقلباته النفسية، الناس فيه ينتظرون حافلة كي توصلهم إلى مكان آخر، كمن ينتظر بلدا أن يتحرك من الجمود الذي فُرض عليه.
    سعيد خطيبي
    ٭ كاتب من الجزائر








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de