الأَرْمَلَةْ- الطبعة الثانية من كتاب (رواكيب الخريف- مجموعة قصصيَّة)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 09:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-03-2020, 03:06 PM

Adil Sid Ahmed
<aAdil Sid Ahmed
تاريخ التسجيل: 02-01-2020
مجموع المشاركات: 66

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأَرْمَلَةْ- الطبعة الثانية من كتاب (رواكيب الخريف- مجموعة قصصيَّة)

    02:06 PM February, 03 2020

    سودانيز اون لاين
    Adil Sid Ahmed-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    كان ضغطُ الحياة يشتدُّ عليها يوماً وراء يوم، وهي تواجه المعايش وأسئلتها الإجباريّة.
    و رغم مهارتها في إدارة المنزل بأزماته المستعصية، وتمتعها بمؤهلات شخصيّة عالية ومتميزة، ورغم منهجها العملي في صراع الحياة بروحها المثابرة، رغم كل ذلك، كله، وفي أحيانٍ كثيرة، كانت تشعر ليس بالعجز المجرَّدِ وحده، وإنما بتلاشي طافتها وخوار قواها، وتكتسي بمشاعر، هي خليطٌ من الغضب والحيرة...
    وفي تلك الأحايين، يتبدى لها أنَّ الأغنية التي تقول:
    - (واقف براك والهم عصف!).
    قد عنتها هي بالذات، وأنها فُصِّلتْ عليها تفصيلا!
    وفي أحوال كهذه، كانت تلوذُ بالإنفراد، وتختلي بنفسها لتبكي، حتى يغسلُ البكاءُ دواخلها بالثلج والبرد...
    ولم تكن تسمح بأن يطلع، كائنٌ من كان، على هذا السر الكبير. فتلجأ لصديقة طفولتها أَمَانِي، وتجد عندها راحةً وتقضي استراحة، ولكنها لا تذكر أن حدث يوماً وخرجت من أَمَانِي، ولا يوماً أوحداً، برأيٍ قابل للتنفيذ أو حلٍ لمشكلة يُمكنها الإعتمادُ عليه.
    كانت (أَمَانِي) لا تملك، لتُعطي، سوى حنيتها وعاطفتها الدفاقة... ولم تكن تبخل بها على صديقة عمرها صَفِيَّة الأرملة، التي كانت، مُعبأة بمعاناة الدهر كله، تُواصل الصُمُود، وتنحتُ عقلها دون رحمة: لإيجاد مخارج من هذه الورطات أو تلك...
    وكانت بينها وبين نفسها، ترى ارتباطاً مباشراً بين حِنيَّة أَمَانِي، وثراء الأفكار التي ونجاعة الحُلُول التي كانت تتوصل إليها، أو الخواطر الألمعية التي تتنزلُ عليها بعد الفضفضة وجلسات الأنس الطويلة!
    كان خيار الزواج، بالنسبة لصَفِيَّة، غير وارد ومرفوضٌ من حيثُ المبدأ، ولم تسمح، لكائنٍ من كان، أن يناقشها في ذلك الأمر، مهما كان نقاء دوافعه أو حميمية صفته، ولا حتى (أَمَانِي) ذاتها!
    ولم يكن رفضها للزواج، حبّا في العزوبيّة، أو الإستمتاع بالحياة المستقلة التي لا يحدها حد ولا تكبلها قيود، وإنما كان الرفض تضحيةً لأجلِ بنتيها وولدها، وحماية لهما من تجريب وطأة (زوج الأم) ومنعاً للسعاته السامّة، لا سيما وأن الأستاذة صَفِيَّة كانت قد جربت العيش في كنف زوجة الأب، بعدما ماتت أمُّها الحاجة (فضيلة)، قبل زواجها من المرحوم أبو عيالها بسنوات عديدة، وذاقت الأمرِّين من ضيم الضُّر وتعسفه
    لقد عانت صَفِيَّة ما عانت، من صمت أبيها، وعجزه في لجم شُرور زوجته، و إبطال كيده، فواصلت، هكذا، من ألمٍ إلى آخر، ومن معاناة تلوِ أخرى.
    وعلى ذلك، فقد تفرغت، طوعاً، لتهب كل ما تملك لبنتيها والولد: (عقلها الراجح، ونضارة شبابها واخضراره).
    و في خضم الواجب، نست نفسها، وهي الفاتنة، الذكية، المحبوبة، وصار ضمان مستقبل أبنائها هو الدافع الوحيد الذي يُحركها، باعثاً فيها السرور في حالِ أَوفته، أو يملؤها بالغُبن والحسرة: إذا ما قصّرت فيه!...
    وظلت الحياة تقسُو عليها، بالتدريج أحياناً، وأحيانا أخرى تنتاشُها بكربٍ، مفاجئةٍ، تفُوقُ قدرتِها على الاحتمال!
    كانت تقول لأَمَانِي:
    - المحافظة على البنات والولد، من حيثُ المعاش، أهون قليلاً، عليَّ، من ضمانِ سَلامةِ بنيتهم النفسية، وأمانهم الاجتماعي، وهي مُهمة، من وجهة نظري تحتاجُ إلى (حاوي) أو كائن (سماوي) وجنس ملاك، أن كان ذلك: بالإمكان!...
    ولا تزال صَفِيَّة تذكر الأسئلة البضة من أطفالها الثلاثة في الأيّام الأولى لرحيل زوجها:
    - إنتي يا ماما، بابا مشى وين؟
    - الجنة!
    - ح نلاقيهو تاني، ولّا الجنّة دي بعيدة؟
    - ح نلاقيه كلنا، إن شاء الله...
    - الحمد لله، يعني بخلُّونا ندخُل؟
    لقد كانت صَفِيَّة، تقابل تلك الحوارات، وغيرها، في أغلب الأحيان بضحكات مُشجِّعة، شجيّة، لكن كانت تفضحها، وبرغمها: دُمُوع الهميلة، فتستجير بقوة الإيمان، وتصدِّق إجاباتها، هي بالذات، على اسئلة الأبناء، وكانت تهبُّ، كالملسُوع، لتؤدي صلواتٍ كثيرة، ونوافل تهبها لروح المرحوم، طمعاً في ملاقاته، في الجنّة، بإذن الله!
    والحقيقة، أنها كانت مُقتنعة، أن نوافلها لن تضيف للمرحوم شيئاً يُذكر، أو تزيد من فرص دخوله الجنة، لأن أعماله وصفاته، من: بساطة، وتعاطف مع الآخرين، ومعشره الودود، كانت صفات أو أعمال، كفيلة بفتح الأبواب الموصدة أمامه في الدُّنيا، ناهيك عن جنّةٍ عرضُها السماواتِ والأرض، يأذن بدخولها رحمنٌ رحيم.
    بل إنها تذكر، جيداً، أنَّ: أريحيته، وكرمه، ومساعداته للآخرين كانت سبباً، في مرات عديدة، لخلافاتهما التي دائما ما تستمر، لأيّام، وكانت تنهره دفاعاً من جانبها عن (مستقبل الأولاد) ومنعاً لإهدار ما يملكُون من قليل الزاد، فتقولُ:
    - مالك تضيع قروش أولاد في الغاشي، والماشي؟
    ولكن هذا صار في عداد الذكريات.
    وكانت صَفِيَّة تعاني من اختلاط المشاعر حينما تنداحُ تلك الذكريات بالذات: مرَّة تضحك، ومرَّة تبكي... ومرّات تشغل نفسها بأيِّ موضوع، شرطاً يكون بعيد عن عالم المرحوم، وتفاصيل حياته التي فنت، أي شيء، ولو كان الانشغال بتصفح جريدة، صدرت في العام المنصرم!
    في شَبابِهِ، كما هو الحال لدي عموم الناس هنا في بلادنا، كان المرحومُ قد عاقر الصَّهباءَ، وعاشَرَ النساء.
    فعل كل ذلك بهُدوءٍ يحترم فيه خصوصيات الآخرين، وصال، وجال، خفيةً، في دنيا العربدة والجنون، لحد الكفاية، قبل أن يتعرّف على (صَفِيَّة) التي ملأت عليه حياته ما أن صارت شريكته في الحياة، فأمكنه، بعونها، التخلُّص، رويداً رويداً، من تلك العادات الضارَّة، والتصرفات التي لا تليق بوصفه الجديد كربٍّ لأسرة، حسب ما كانت صَفِيَّة تذكره على الدوام.
    هكذا أقترب من حالة التدين الوَسَطِي، يؤدي فروضه في البيت، عدا الجمعة، فقد كان يحرص على أداءها وبشكلٍ دائمٍ، في الجامع القريب...
    ولم يمنعه، لا زواجه من صَفِيَّة، ولا صلاته في الجامع، من أن يتمادى، خفيةً، بعضاً من أفاعيل الشباب.
    ولمّا كانت (صفية) تضبطه متلبِّساً بإحدي جرائم الخروج عن شخصيّة (رب البيت)، كان يجيبها مبتسماً:
    - قاتل الله الرتابة، أهو! قُلنا نغير... ونكتُلْ الملل، شوية يعني!
    لما مَاتَ المرحومُ، انسدل ستار سميك على سيئاته، بما فيها سوء معاملته، الموسمي، لصَفِيَّة.
    وأكتفي الناس بذكر حسناته، أمّا هي فقد عملت على طباعة تلك الحسنات، بل وحفرها بالأظافر، والأزاميل، على جُدُر وجدانات بنتيها وولدها، الذين صاروا، منذ سنوات، يتامى الأب فاعتبروها أباً، وأمَّاً معاً في آنٍ واحد!
    وقد كانت صفية ولحدٍ بعيد، قدر المقام وتزيد!
    ولكن ذلك لم يمنعها من أن تُصادق أكبر بناتها (عُلَا)، وتشركها في اتخاذ القرارات وتستشيرها في كل صغيرة وكبيرة... لأنها عملت على تدريبها على مواجهة أُمُور الحياة، وعوادِي الدَّهر، كأنما تعدها لدور مستقل عن زوجها المستقبلي، أي أن:
    -(تحملُ، من بعدها، لواء الترمَّل)...
    ولم يخلو هذا التدريبُ من مشقةٍ على (عُلَا)، كما تعذر عليها فهمُ بعضَ الأمور أيضاً، فكانت تأخذها على علاتها.
    ومع أنها كانت تستبين بعضَها، مع مرور الأيّام والسنين، إلا أن ذلك لم يمنع (عُلَا) من إبداء التذمر، بقدر ما تستطيع، من حينٍ لآخر...
    ولكن، دون أن تجرح والدتها، حسب ما كان يجيشُ بدواخلها... ووفق نيتها الصافية، كما البلور!
    مقتطف من (الأرملة)– مجموعة رواكيب الخريف القصصية
    وكانت علا تهتم (بمُحَمَّد)، أخيها الأصغر، اهتماماً زائداً، ولكن اهتمامها كان في الحقيقة: امتداداً لاهتمام صَفِيَّة به...
    وكان ذلك كفيلاً بجعل دنيا (مُحَمَّد)، تُماثلُ جنة الله في الأرض، كُنَّ يلبين طلباته كأنها مُنزلة... ويهتممن بمظهره، ومخبره... قيامه، وقعوده.
    وهكذا رتع مُحَمَّدٌ في مرتعِ دلالٍ تقف خلفه امرأتان: أمُّه صَفِيَّة، وأخته عُلَا...
    وكان مُحَمَّدٌ يتنقل بينهن، مُستجيراً بالثانية، متى جارت الأولى... ولكن، ميله لأُمه صَفِيَّة كان أكبر...
    وكانت صفية ترى فيه أملها، وفارس خلاصها الموعود، وكانت تعمى أن تري أخطاءه، وبعضها ظاهر وأبلج... ولم تكن تنصر أختيه عليه ، ولا ترد مظلمتهن منه، إلا فيما ندر...
    وكثيراً ما كانت ترُد شكواهن منه، حتى قبل الاستماع إليها :
    - يمَّة!
    - مالِكْ؟
    - شُوفي ولدك دة!
    - مالو ولدي؟ إنتي غلَّطتي عليهو، عشان سغيّر... تضربيه وتبكِي... وتسبقيه وتشكِي!؟
    في بداية عهدها بالترمُّل، كانت صفية تعلم علم اليقين، أنها باتت لقمة سائغة في يد مجتمعٍ لا يرحم، وأنها صارت هدفاً محتملاً لشهوات الرجال، كلهم، أقارب وأصدقاء، وزملاء، ومن العابرين.
    وكانت تظن أن سلوكها، المُتزن، وحده، هو ما سيحميها من التطفُّل، ومن المضايقات...
    ولكن أرتها الأيّام أن مظهرها، أيضاً، يُمكن له أن يكون مصدراً لإزعاجٍ لها، لا حدَّ له، حينئذٍ تقشفت في علاقاتها، وزهدت في الزينة، لحدٍ كبير...
    وكانت تعمل، ألف حساب لزوايا جلستها، وطريقة ضحكتها في المجالس، لا سيما المُختلط منها... وكان ذلك كلَّه، على غير طبيعتها المنفتحة، وحضورها الولوف.
    ومع ذلك لم تنجُ من هجوم الطامعين في شبابها البض، الهائمين بحسنها الذي أجمع عليه الناس...
    وانتبهت، في تلك الفترة، لأن لهجة البعض قد اختلفت معها، ممن كانت تعرفهم من زمن كان المرحوم على قيد الحياة، ولكنها رغم ذلك، لم تسمح لأحد منهم بالاقتراب إلى حواف هالات التهذيب، والاحترام، أوكسر طوق حلقاتها الحمراء...
    ورجعت مرّة أخرى تلبس الثوب الأبيض، وتتجنب ركوب المواصلات الخاصة، وتتردد في قُبُول الهدايا، والدعوات: (ألفُ مرّة!).
    وكانت في حالات الضيق الشديد من كلِّ هذا، تجد ملاذاً آمناً ودافئاً عند أَمَانِي، ووحدها أَمَانِي.
    علاقتها بعُلَا لم تكن قد نضجت بعد، ولم يكن لعلا درايّة بمثل هذه الأمُور، رغم أنها كانت تشركها فيها، ولكن بطريقة بطريقة مبسطة، وكان ذلك على سبيل التدريب والتربية من جانب صفية.
    ولكن، ما يمكن تسميته ـ(بالفضفضة وفشَّ الغبينة)، كان يتم في حضرة أَمَانِي، حيثُ تنتعش (صفية) بين أحضانها، في أوقاتٍ عديدةٍ!
    وللغبائن في حياة صَفِيَّة، مصادر متجددة، ومعينٌ لا ينضب.
    ولكن، كان أكثرها إيلاماً هو: تطاول (مُحَمَّد) أو إحدى أختيه عليها، لا سيما أن كان التطاول ، ولم يكن يشفع فيه (حسن النية)...
    وفي مثل تلك المواقف، التي كان يستعداها فيها الأبناء، كانت أمّا تبتلع المرارة التي هي بطعم الحنظل، أوتواجه المتطاول وتردعه، أوتلوذ بحنية (أَمَانِي)، وتتوسد صدرها الرحيب...
    ولم تسمح صَفِيَّة قط، لأسرتها الممتدة أو الكبيرة، المتمثلة في أُمها وأخوانها وأخواتها، بتاتاً، بالتدخل: لا في الكبيرة، ولا الصغيرة من شئون أسرتها الصغيرة، وكيف تُدار، ولا حين تواجه أسوأ ما يُمكن أن يمر عليها من مشاكل.
    وعندما اكتشفت، وبما لا يدع مجالاً للشك، إن للدعم المادي والمساعدات الماليّة تحفز الأهل على ولوج حياتها، وحياة أبنائها الخاصّة، امتنعت، وعلى الفور، عن قبول تلك الإعانات.
    وفي حال كهذا، كان لا بد لها من ترك الوظيفة ذات الدخل المحدود، الى رحاب العمل الحر، بشرط ألا يتطلب عملها حركة كثيرة، تَحسُّبَاً، ولمنع القيل والقال:
    - (في مجتمعٍ ترك مُوبقاته، وأهملَ أمراضَه، كُلَّها، وتفرَّغ، للنيلِ من المُطلَّقات، والأرامل، وصنَّفهن كالغريبات، أو الدخيلات عليه، وفرض عليهن قيوداً علنية، لا حصر لها، بينما دفعهن، سِرَّاً، لدنيا المُجُون وعوالم الرذيلة!).
    وهداها تفكيرها، ونقاشاتها الطويلة مع بعض ذوي القربى، من الضليعين في مجال الاستثمار، والأعمال المربحة، أن تؤسس روضةً للأطفال.
    وكان اتساعُ بيتها احد العوامل الرئيسية، التي دعتها الى قبول، وتبني الفكرة... بل والشروع الفوري ، بعد العزم ، في تنفيذها...
    وكان افتتاح الروضة فخماً، وبهيجاً، ثم أقبلت الأسر من الحي، والإحياء المجاورة لتُحضر أطفالها عند (ماما صَفِيَّة).
    وساعدت عدةُ عواملٍ أُخرى، كانت كلها تعتمد على جوانبٍ مُشرقةٍ في شخصية صَفِيَّة، وساهمت في نجاح الروضة، كاستثمار، نجاحاً باهراً، عاماً بعد عام...
    وباتت تتخرج منها دُفَع، وتلج مكانها دفعٌ جديدةٌ من الأطفال...
    وعُلَا، وسماح، ومُحَمَّد يكبرون، وينضجُون، ويَبدؤُون بالتخرج: الواحد تلو الآخر، وماما صَفِيَّة غارقة في نجاحات الروضة، ونجابةِ الأبناء...
    ويمكن القول أن (صَفِيَّةً) أجادت دورها، وجوّدت عملها، وكأنها خُلقت لتكون مديرة روضة...
    وكانت عُلَا، رغم انشغالها أحياناً بدراستها، أو امتحاناتها، في مقام اليد اليُمنى لوالدتها في كل أعمال الروضة.
    والروضة، كانت تتطلب أعمالاً مسائيّة، أيضاً، كانت تقوم بها (عُلَا)، على الرحب والسعة ، بالاشتراك مع (سماح).
    برغم وجود بنتيها وثبوت قدرتهن على تسيير الأيام في الروضة، إلا إن صَفِيَّة نادراً ما كانت تتغيب عن عملها، إلا غياب قسريّ، لأسبابٍ قاهرة...
    وبادلتها الروضة، بدورها، حبّاً بحُب، وجميلاً بجمائل...
    ووجدت نفسها وسط أمهات الأطفال، فكن يقدمن لها كل ما هو مفيد، وفي مجالاتٍ عُدةٍ.
    ولم تنحصر جمايل الأمهات في شئون التربية، وثقافة الطفل، فقط!...
    وكانت (صفية)، في الأيّام التي ينعقد فيها (مجلس الأمهات)، تدوبُ كالنحلة، في إنجاح تلك الاجتماعات.
    وأدمنت الاستماع لوجهات نظر الحاضرات... وخلقت مع بعض المستنيرات من بينهن، علاقاتٍ، وصِلَات كانت تفاخر بها، وتركن إليها عند الشدائد.
    وفي هذا الخِضَمْ، لم تنتبه لمسير العمر، وعامِل السن، تتفاني وتجتهد ما في وسعها، كما في أيّام شبابها الأولى.
    وفاجأتها عُلَا، ذات مساء، دون أن تتوقع صفية منها ما قالت أو تكون مستعدة له:
    - يا ماما، كفاك شُغُل، وكفاح... والحمد لله، ما قصَرتي ما يقصرن أيَّامك، ولكن، لحد هنا أظن كفاية! فقد أديتي رسالتك كاملة، غير منقوصة، وآن لك الأوان لكي ترتاحي، وتضعي السيف، وتترجَّلي عن صهوة الجواد !!!
    وفي تلك اللحظة، النادرة، من العُمر، لم تجد صَفِيَّة من تبوح له، بما قد جال في دواخلها...
    - لأن ما أرادت البوح به، لن يفهمه سوى المرحوم (أحمد خالد!)...
    فاختلت بنفسها، وبكت حتى غسل البكاء دواخلها بالثلج والبرد... ولكنها لم تسمح أن يطلع، كائن من كان، على هذا السر الكبير.








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de