إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييرها لاستدامة النظام الديمقراطي القادم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 00:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-12-2019, 11:07 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييرها لاستدامة النظام الديمقراطي القادم

    10:07 PM February, 12 2019

    سودانيز اون لاين
    حسين أحمد حسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييرها لاستدامة النظام الديمقراطي القادم

    تمهيد

    لعلكم تذكرون حينما حدثناكم وتحدث البعض قبلنا وبعدنا عن أهمية قيام حكومة منفى فى يناير 2015 (https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-178618.htm)،https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-178618.htm)، فقد كان ذلك الحديث تحسُباً لمثل هذا الزمن الثوريّ المجيد.

    أما الآن فدعونا نعيد علي أنفسنا التساؤل السابق/اللاحق: هب أنَّ الإنقاذ سقطت غداً (وتسقط بس)، أو قالت: "هذه حكومتكم رُدَّتْ إليكم"، هل نحن جاهزون لتصريف شئونها على قدرٍ من السلاسة والوعى الذى يحفظ التوازن والديمقراطية والإستدامة على مستوى العمليات الإقتصادية (العمال/القوى الحديثة + رجال الأعمال/المدراء + عوامل الإنتاج الأخرى = عملية إنتاجية مستقرة/عمالة كاملة/ثورة الوطنية الديموقراطية فى نهاية التحليل)، والإجتماعية (الخروج من البوهيمية إلى الحال المدنى والتوافق على عقد إجتماعى يشمل كافة قطاعات المجتمع ويتحول فيما بعد إلى دستور دائم معبر عن إرادة ذلك المجتمع المدنى)، والسياسية (المتعلقة ببناء أحزاب/مخططات سياسية متماهية مع شراكة العملية الإنتاجية فى إطار ديموقراطى متوازن ومستدام يهدف للوصول إلى السلطة لخدمة الشعب فى إطار دولة مدنية)، والمؤسسية (المتعلقة ببناء الهياكل التنظيمية وبناء دولة المؤسسات وبناء دولة القانون والحريات العامة والديمقراطية)، وغيرها، بالكيفية التى تلبى أشواق هذا الشعب الأبيِّ المنتفض ليسقِط عرش الظلم والفساد والدجلِ والخرافة والمتاجرة بالدين.

    حيثية

    لا يغيب عن شعبى الكريم أنَّ عدوَّه لص: سرق أوَّل ما سرق مشروع الإنقاذ الرباعى لسنة 1986 وجيَّره لصالحه (أنقصه عاماً مرة، وزاده عاماً مرةً أخرى)، وسرق من ذلك المشروع فكرة بنك المغتربين، ثمَّ سرق زكاة أموال الشعب السوداني (أموال الله) وموَّل بها انقلابه، وسرق الإحتياطى النقدى من العملات الصعبة ليوطِّد بها حكمه، وسرق تحويلات السودانيين العاملين بالخارج وسرق قطاعى التعليم والصحة ليموِّل بهما استخراج البترول والذهب واليورينيوم والماس، وسرق موارد الدولة حين أدغم هيكل حزب المؤتمر الوطنى فى هيكل الدولة ليستبيح المال العام، وسرق عائدات البترول واليورينيوم والذهب والماس وعائدات الحبوب الزيتية والصمغ العربى والثروة الحيوانية والزراعية وأدارها خارج الموازنة العامة لمصلحته الشخصية، وسرق مداخيل الشعب أيضاً باجتراح أكثر من 173 ألف رسم ضريبى لا تعلم عنه وزارة المالية شيئاً (من غير أورنيك 15) كما يقول الأمين العام لديوان الحسابات ووزير ماليته الهُمام.

    وبالتالى لص بهذه المواصفات قمينٌ به أن يسرق التغيير الذي بدت بشائرُهُ تلوح فى الآفاق الآن، وعلينا ألاَّ نعتقد بأنَّ الأمر سيكون سهلاً. ولكن بالحيطة والحذر والتمحيص والتنظيم سيصل هذا الشعب إلى غاياته بإذن الله.

    الراهن الإقتصادى - الإجتماعى وكيفية إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية

    أولاً، سترث الحكومة الإنتقالية من كليبتوقراط الإسلام السياسي في السودان دولة فى كامل الهدر المؤسسي، وخزانة خاوية على عروشها، ومديونية تجاه العالم الخارجي أكبر مما هو مُعلن، وذلك بسبب الإنكشاف الإقتصادى للإنقاذ المتأتِّى من إدارة حصائل صادرات السودان خارج الموازنة؛ الأمر الذى جعل الدولة عاجزة عن تلبية إحتياجات الشعب والدولة من السلع والخدمات، وعاجزة حتى عن صيانة نظامها.

    والدولة – كما حدثناكم فى مقالات سابقة - تكون فى حالة الإنكشاف الإقتصادى حينما تعجز عن بناء إحتياطى نقدى من العملات الصعبة يكفى لمقابلة الواردات السودانية من السلع والخدمات للمواطنين ولنفسها لفترة أقلِّها ستة أشهر. والدولة فى حقيقة الأمر الآن لا تملك من العملات الصعبة ما يُقابل سلع وخدمات الجمهور والدولة لمدة إسبوعين إثنين، ناهيك عن الستةِ أشهر.

    ويحدث هذا، كما أطلعناكم من قبل أيضاً ليس بقلة المال، بل لأنَّ دورة بناء الإحتياطى النقدى من العملات الصعبة (وفرة فى الإنتاج من السلع والخدمات – صادرات تفوق الواردات – موازنة عامة بميزان تجارى موجب وقدرة على بناء إحتياطى نقدى يؤمِّن الحياة الإقتصادية/الإجتماعية والسياسية للبلد) مُعاقة بسبب الفساد والإفساد الذى يُخوِّل منسوبي الإنقاذ (خاصةً مافيا أولاد هدية وزبانيتهم) إدارة معظم صادرات السودان الحيوية خارج الموازنة العامة. وهذه لعمرى ظاهرة لم يشهدها العالم من قبل، وهى السبب الرئيس فى الدعوة لإسقاط هذا النظام المستهتر والغير مبالى لما يحدث لهذا الشعب المغلوب على أمره وما يحدث حتى لكيان الدولة من الهدر المؤسسي واعتلال النظم؛ وصدق من قال أنَّ كلَّ نظام يحمل بذرة فنائه بداخله.

    هذه الترِكة من إفلاس الدولة ستتنافس عليها ستُّ شرائح إجتماعية متباينة من حيث القدرات الإقتصادية والتأثير الجمعى. وهذه الشرائح هى: الشريحة التجارية (ويُملثلها الحزب الإتحادى الديمقراطى)، والشريحة الزراعية (ويُمثلها حزب الأمة)، وشريحة رأس المال المالى المنتفَض عليها الآن (ويُمثلها حزب الجبهة الإسلامية القومية)، والشريحة الصناعية (تكتفى بثمثيل إتحاد أصحاب العمل لها)، وشريحة البورجوازية الصغيرة (ويُمثلها 72 حزباً متشرذماً من أحزاب الوسط)، والشرائح الفقيرة (تكتفى بتمثيل إتحاد عام نقابات عمال السودان لها وبعض الأحزاب التى تتحدث بإسمها).

    وإذا نظرنا فى أمرِ المعادلة الإقتصادية الكلية فى السودان (معادلة الإنتاج الكلية) كما جاء بعاليه، نجدها تتكون – كما تتكون كل معادلات الإنتاج فى أىِّ مكان فى العالم – من الآتى: (العمل + رأس المال + التنظيم + الأرض + عوامل أخرى سنضعها فى الصيغة الصفرية للتبسيط = الإنتاج/العملية الإنتاجية أو العملية الإقتصادية فى الإطار الكلى للإقتصاد القومى). وبصيغة أبسط نجد أنَّ العملية الإنتاجية = (العمل + رأس المال + الأرض + التنظيم + (...).

    وهذه المعادلة لا تخلق إقتصاداً قومياً متجانسا إلاَّ إذا كانت ذات توليفة مُثلى، ديمقراطية، متوازنة، ومستدامة. وهذه التوليفة لا تكون مُثلى ولا ديمقراطية ولا متوازنة ولا مستدامة إلاَّ إذا كان لكلِّ عنصرٍ من عناصر الإنتاج فيها حارسٌ سياسى يحرسها - بالأصالة لا بالوكالة - على مستوى الأرينة السياسية. وإذا بحثنا عن هذا الحارس لكلِّ عنصر من عناصر المعادلة الإقتصادية بين الأحزاب السياسية المسجلة رسمياً؛ وهى 75 حزباً بحسب سودان تريبيون 2014 نجد الآتى:

    (لا يُوجد حارس لعنصر العمل/لايوجد حزبٌ للعمال + توجد 3 أحزاب لحراسة عنصر رأس المال + يوجد 72 حزب وسط لحراسة عنصر التنظيم + شريحة بورجوازية الدولة وهىَ حارس لعنصر الأرض). وهذه المعادلة الإقتصادية بشكل أبسط تكون كالآتى: (صِفْر لحزب العمال والقوى الحديثة والمستضعفة + 3 أحزاب رأسمالية + 72 حزب وسط + بورجوازية الدولة = عملية إقتصادية/إنتاجية متحيزة لرأس المال على حساب العمال والقوى الحديثة والمستضعفة).

    وحينما ننظر لهذه المعادلة الإنتاجية/الإقتصادية بصيغة أقرب للواقع الإجتماعي نجدها كالآتى: العملية الإنتاجية/الإقتصادية = (إتحاد عام نقابات عمال السودان المشلول بنقابات المنشأة ومحاصرة النظام + 3 أحزاب رأسمالية + 72 حزب وسط (القليل منها يتحدث باسم العمال والباقى متحالف مع أحزاب رأس المال بطبيعة الحال) + بورجوازية الدولة)؛ وبالتالي هى بكلِّ وضوح متحيزة رأسمالياً أيضاً. وهذه المعادلة بهذه الصيغة قد عجزت تحت كل الأنظمة عن أن تخلق إقتصاداً متجانساً وديمقراطياً ومتوازناً ومستداماً وغير متحيز رأسمالياً منذ الإستقلال إلى يومِ النَّاس هذا.

    ويحدث ذلك ببساطة لغياب الحارس الأصيل لهذا التجانس والتوازن والديمقراطية والاستدامة فيها؛ أعنى غياب حزب (أحزاب) للعمال والقوى الحديثة والمستضعفة يقوم بالأصالة على استحقاقاته ومطالبه، وبسبب أنَّ أحزاب الوسط التى تتحدث بإسم العمال والقوى الحديثة والمستضعفة لا تستطيع الصمود طويلاً فى الحديث عنهم خاصةً حينما تتقاطع المصالح الطبقية لهذه الأحزاب مع المصالح الطبقية للعمال والقوى الحديثة، وبسبب أنَّ أحزاب الشرائح الرأسمالية منتفعة من غياب الحارس الأصيل لهذا التجانس لجهة الإبتزاز الدائم للعمال والقوى الحديثة، وبسبب أنَّ بورجوازية الدولة (التى تقع ضمن شرائح رأس المال/حلف القوى الإقتصادى فى التصنيفات السياسية الحديثة) دائمة الإنحياز لرجال الأعمال فى غياب هذا الحزب وفى ظل وجود واقع من التشكل الإقتصادى الإجتماعى عند مستواه البسيط، وبسبب أن النظام الرأسمالى العالمى كان دائم التخوف من وجود حزب للعمال وأحزاب راديكالية متحالفة معه قبل أن يصل النظام الرأسمالى إلى نقطة منتهاه كما فعل فى العام 1989.

    هذا الحقائق تجعل أحزاب الشرائح الرأسمالية المسيطرة إقتصادياً (حلف القوي الإقتصادية) أقلَّ انتفاعاً من الإقتصاد المتجانس الديمقراطى المتوازن والمستدام (إجمالاً أقل إنتفاعاً من الديمقراطية)، وأكثر إنتفاعاً من الأنظمة الديكتاتورية التي تكرِّس لإستغلال ولابتزاز المعادلة الإقتصادية؛ وبالأحرى لإستغلال ولابتزاز العمال والقوى الحديثة والمستضعفة. وبالتالى صار بها ميلٌ للديكتاتورية وبُطءٌ فى محاربتها خاصةً بالنسبة للشريحة الرأسمالية التى فى موضع الهيمنة فى إطار حلف القوى الإقتصادى.

    وبالمقابل فإنَّ العمال والقوى الحديثة وجموع الفقراء ومن يقف لجانبهم من تجمع المهنيين السودانيين المتشكل الآن (الجموع التى تصنع الإنتفاضة الآن) أكثر إنتفاعاً من توازن العملية الإنتاجية وديمقراطيتها واستدامتها (إجمالاً أكثر إنتفاعاً من الديمقراطية لأنَّها تمنع استغلال الإنسان لأخيه الإنسان) ومن العمالة الكاملة والثورة الوطنية الديمقراطية فى نهاية المطاف. بل وأجرؤ وأقول بأنَّ العمال والقوى الحديثة والمستضعفة ومعهم تجمع المهنيين السودانيين أقلَّ إنتفاعاً حتى من ديكتاتورية البروليتاريا؛ وشكراً للحزب الشيوعي السوداني الذي وعى ذلك منذ العام 1977 (راجع أيضاً: حسين 2018).

    هذا الواقع جعل حلف القوى الإقتصادى يتعامل مع الديمقراطية التى يجلبها العمال والقوى الحديثة والمستضعفة وحلفاؤهم من المهنيين بعرقهم ودمهم (كما يحدث فى هذه الثورةِ الآن) مجرد فترات إنتقالية لتحديد موضع الهيمنة داخل هذا الحلف (ومن المتوقع أن ينخرط هذا الحلف مع الإنتفاضة ويذهب حيث تذهب تمويهاً). وما أن يتعين موضع الهيمنة هذا، نجد أنَّ الشريحة المهيمنة بين الشرائح الرأسمالية ستشرع فى البحث عن مغامر من النخب العسكرية ليُخلصها من الديمقراطية ذات النفع الأقل بالنسبة لها وفى أقرب فرصة ممكنة.

    وصرف النظر عن أنَّ شريحة بعينها صارت فى موضع الهيمنة داخل حلف القوى الإقتصادى المتنافس على هذا الموضع، إلاَّ أنَّ شرائح رأس المال لا تُقصى بعضها البعض إقصاءاً نهائياً فى لعبة السياسة. وشواهدنا على ذلك هى أولاً: الخروج الباكر للشريحة التجارية والشريحة الزراعية من التجمع الوطنى الديمقراطي نصير الفقراء المعارض والمحب للديمقراطية، وتكاملهما مع الشريحة المهيمنة التى تحكم السودان منذ ثلاثة عقود – شريحة رأس المال المالى داخل حلف القوى الإقتصادى (الذى هو المكان الطبيعى لهما) من جديد، خاصةً بعد أنْ خلصتهما الشريحة المهيمنة من تحالفاتهما العضودة مع عناصر اليسار أو كادت. والثانى: هو مع تململ الشرائح الضعيفة وضيقها ذرعاً بالشريحة المهيمنة فى ذات فترة الثلاثة عقود، فإنَّ هاتين الشريحتين فى ظل التغيير الذى بدأت أنوارهُ تلوح الآن هما آخر المتخلِّين عن الشريحة المهيمنة – شريحة رأس المال المالى كما يجرى أمام أعيننا الآن؛ وهو تخلي مؤقت على أيِّ حال ولحين تحديد موضع الهيمنة الجديد؛ وعلى ذلك يكون القياس.

    مطلوبات الفترة الإنتقالية لتفادى سرقة الديمقراطية لاحِقا
    ً
    فى ظل هكذا واقع، لابد من الوصول بوسائل التواصل الإجتماعى العصرية المتاحة لتكوين حكومة كفاءات إنتقالية (منبثقة ممَّا يشبه حكومة تصريف أعمال سابقة لها) متناغمة مع شراكة العملية الإقتصادية والتنوع الإقليمي في السودان، ومن أعلام سودانيين معروفين وظاهرين لكلِّ الشعب السوداني، ومشهودٍ لهم بالكفاءةِ كلِّ فى مجال تخصصه، وسِمتِهم العِفَّة وطُهر اليد، وليست لهم وشائج إتصال بالنظام الحاكم ومنظوماته العلنية أو السرية أو بكموفلاجاته المتعددة. ومن أوجب واجبات هذه الحكومة وبالتزامن:

    أولاً، البدء فوراً في إعداد موازنة بديلة للعام 2019، وإيجاد المال اللازم الفورى لها خاصة من المغتربين والرأسماليين السودانيين الداعمين للتحول الديموقراطي، وبإدخال حصائل الصادرات السودانية بكل أنواعها (خاصة الذهب والبترول والماس واليورينيوم) في الدورة الإقتصادية للبلد، وبإلغاء كافة صناديق الدعم وتجنيب الإيرادات والإعفاءات ومركزتها كلها بوزارة المالية، وبإلغاء الصرف البذخي على الأجهزة الأمنية وبعض المؤسسات الحكومية وتوجيهها للصرف علي الخدمات الإجتماعية والدعم الفوري للحد الأدنى للأُجور بالفئات التي قدمها تنظيم المهنيين السودانيين.

    كما يجب أن يُشرَع في إنشاء بنك للسودانيين العاملين بالخارج (Sudanese Expatriate Bank - SEB) فى إحدى الدولة المتقدمة وبفرع رئيس فى الخرطوم، وبفتح حساب فى أحد البنوك الأجنبية التى لها فرع فى السودان إذا كان فى الأمر عجلة، لتقوم المؤسستان بتلقِّى تحويلات السودانيين العاملين بالخارج ودعومات الدول الشقيقة والصديقة الراغبة فى مساعدة حكومتنا الإنتقالية، ولحين تنظيف وزارة المالية وبنك السودان ممَّا لَحِقهما من خبث.

    كذلك يجب أن تشرع الحكومة الإنتقالية فوراً في عمليات إسترداد أموال الشعب السوداني المنهوبة؛ سواء كان ذلك عن طريق شركات استرداد الأموال العالمية، أو بضغط حكومات العالم على كشف أموالنا المسروقة ومن سرقها وبأيِّ مكانٍ هى مودعة الآن، أو بأيِّ طريقة ذكية تعيد هذه الأموال للخزانة العامة.

    ثانياً، ومن المهام العاجلة لهذه الحكومة الإنتقالية الآتي:

    1/ بناء جيش وشرطة وجهاز أمن قائم على العقيدة الوطنية ومتناغم مع التحول الديمقراطى وحارس له ويقوم أيضاً بالحراسة الفورية لحقول البترول ومناجم الذهب واليورينيوم والماس والمعادن النفيسة الأخرى وكل المرافق العامة والممتلكات الخاصة بالمواطنين.

    2/ تفكيك كلَّ منظومات الإخوانوية المرجوسة في السودان ومحاكمتها بالقانون على جرائمها، وتجريدها من المكتسبات غير المشروعة التي تحصلت عليها في الثلاثة عقود المنصرمة، وتنظيف القوات النظامية من العناصر الموالية للنظام وكذلك تنظيف كل المؤسسات الأخرى، وحل المنظومات المليشيوية الموازية للقوات النظامية في كافة القطر، والنظر في كيفية إدماج الحركات المسلحة التي تخندقت مع الثورة في قواتنا النظامية.

    3/ تمويل برنامج إسعافى عاجل (Crash Programme) لإعادة توطين وإسكان النازحين والمشردين فى كل مناطق العمليات فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق على الفور وإعادة ممتلكاتهم إليهم، وتقديم كافة الخدمات الإجتماعية لهم.

    4/ تعويض الأسر التى قدمت الشهداء في كلِّ أنحاء القطر من أولِ يومٍ فى الإنقاذ إلى لحظةِ زوالها؛ تعويضاً يليقُ بسعة استشهاد أبنائهم من أجل أن نحى حياةً كريمة. ويجب فى هذا الإطار تشييد مدينة سكنية مجانية (فيما بعد) تحمل إسمهم ومكتملة الخدمات المجانية، ويجب أن نحتفى بهم ونخلِّد ذكراهم إحتفاءاً وتخليداً يليق بعظمة ما قدموا لهذا الشعب المغلوب على أمره.

    ثالثاً، الإسراع فى وضع دستور دائم للبلاد يُترجم رغبة المجتمع فى الخروج من البوهيمية إلى الحال المدنى، بالتوافق على عقد إجتماعى يشمل كافة قطاعات المجتمع بتنوعاتها كلها، ويعبر عن إرادة ذلك المجتمع وإجماعه فى إطار دولة مدنية ديمقراطية، تنتج عنها مؤسسات وقوانين لا تطالها تأثيرات القوى المجتمعية أيَّاً كان مصدرها (الفرد أو الجماعة أو الطائفة أو المذهب أو الدين أو مجموعات الضغط) وغايتها تنظيم الحياة العامة وحماية الملكية الخاصة وتنظيم العقود وشمولية تطبيق القوانين على كافة أفراد المجتمع دون استثناء لذى جاهٍ أو سلطان.

    ومن أهم سمات الدولة المدنية المذكورة بعاليه هى أنَّها دولة منبثقة من دستور دائم للبلاد، وفى تضاد مع البوهيمية ويسعى هذا الدستور لترسيخ الوعي المدني والثقافة المدنية وبالتالي السلام الإجتماعي. وبالتالي فالدولة المدنية المنبثقة من هذا الدستور هى: دولة المؤسسات، دولة القانون، دولة المواطنة، دولة الديمقراطية والحرية، دولة الكفاية والعدل، ودولة فصل المعتقد عن الدولة وإتاحته في الفضاء المدني بعيداً عن السياسة بما يحفظ قداسته وكونه أعلى القيم في الفضاء المدني، وهى الدولة التي يكون الفرد فيها خادماً مدنياً لشعبه.

    عليه، فإنَّ الدولة المدنية لا تتبنى دستوراً من شأنه (ولا تسمح لأحد ولا لأقلية ولا لأغلبية) أن يصبغ عليها أى صفة دينية أو لا - دينية، ولا تسمح لنفسها بالتدخل في معتقدات النَّاس فتجرح قدسيتها بالسياسة، ولكنَّها تعتبر المعتقد هو أعلى القيم فى الفضاء المدنى كما أسلفنا. وللفرد في الدولة المدنية كامل الحرية فى الإعتقاد واللا - إعتقاد، وفي الدخول فى المعتقد/اللامعتقد وفى الخروج منه وفق الضوابط التى تجعل المعتقد/اللامعتقد أعلي القيم فى الفضاء المدني. وسوف يُحدد فى سجل الفرد المدني نوع القوانين التي يختار أن تُطَبَّق عليه (قوانين: شريعة إسلامية، شريعة مسيحية، شريعة يهودية، أو قوانين وضعية، إلخ) بلا ضجيج وبلا وصاية دينية على أحد من أيِّ جهة.

    ونقول للمتدين السوداني: هل تريد أن تطبق الشريعة على نفسِك بما يرفع عنك الحرج العقدي؟ حسناً ستطبقها عليك الدولة المدنية ليس متاجرة بالدين، ولكن تطبيقاً كما ينبغي التطبيق في إطار قضاء مستقل خالي من الدغمسة والمحاباة وتطبيقها على الفقراء دون الأغنياء؛ شريعة لم يعرفها الإخوانويون من قبل، ليس بها تحلل ولا شفاعة و لا خطل.

    وفى ظل الدولة المدنية ليس ثمة مجال لتمجيد الأشخاص (لا عاش فلان ولا يسقط عِلاَّن)، وعلى الأحزاب السياسية السودانية (التى لن تزيد على 12 حزباً) تقديم برنامج علمي وعملي مفصل – مانيفستو - خالي من الصبغة الدينية عن كيفية إدارة البلد لمدة أربع سنوات فى كافة المجالات وفي إطار كل القطاعات. وهذا البرنامج يجب أن يُعرض على منابر التثاقف المدنى فى كل المجالات (الأكاديمية والسياسية، والإقتصادية، والإجتماعية، والإدارية، والثقافة المدنية، والفن والجماليات، إلخ) قبل أن يُسوَّق للجماهير ويُخاطب عواطفهم وأيديولوجياتهم. وذلك لإختبار علميته وعمليته وحساسيته الدينية، وما إذا كان قادراً على تلبية الحد المعياري الذي سوف يضعه تجمع المهنيين السودانيين أو تضعه الحكومة الإنتقالية لخدمة الشعب السوداني.

    رابعاً، لابدَّ من إتزان وديمقراطية واستدامة معادلة الإقتصاد القومى (وهى بهذا الوصف الأساس المادى لأىِّ نظام سياسي ديمقراطي) بِحضِّ العمال والقوى الحديثة والمستضعفين وتجمع المهنيين السودانيين على تكوين حزب/كيان يرقى بالعمال والقوى الحديثة والمستضعفة من مرحلة النقابات إلى مرحلة الأحزاب، ويكون مفتوحاً على كلِّ فئات المجتمع الراغبة فى مساندة العمال والقوى الحديثة والمستضعفة والمهنية المتطلعة لمبادئ الدولة المدنية المذكورة بعاليه؛ بالقدر الذى يمنع ميل الشرائح الرأسمالية للديكتاتورية ولجهة خلق إقتصاد قومى متجانس ومتوازن وديمقراطية مستدامة.

    وبالمُقابل فإنَّ غياب هذا الحزب/الكيان (وبالتالى غياب الديمقراطية) يجعل حلف القوى الإقتصادى - الجبهة القومية الإسلامية، والأمة القومى، والإتحادى الديمقراطى، وبورجوازية الدولة فى المشهد السياسى الراهن - ينفرد بكل القرارات الإقتصادية والسياسية وغيرها ويُجيِّرها لمصلحته؛ خاصة لمصلحة الشريحة ذات الهيمنة. وهو أمر يمكن تلافيه فقط بتكوين هذا الحزب/الكيان وبالتالي بالديمقراطية وبإدارة معادلة الإنتاج بشكل ديمقراطى متوازن ومستدام لصالح كافة شركاء العملية الإنتاجية. ونحن نراهن بأنَّه متى ما تحقق ذلك يبدأ معدل النمو فى الإرتفاع، تبدأ التنمية، تتحقق العمالة الكاملة وتبدأ البلد فى الإنطلاق نحو الثورة الوطنية الديموقراطية.

    وفى تقديرنا المتواضع، إذا تأتَّى مثل هذا الفهم باكراً لدى الحكومة الإنتقالية، فإنَّها تستطيع أنْ تجعل الشريحة ذات الهيمنة (وهى تمثل الخطر الحقيقى على الديموقراطية كما سنرى) تحت المراقبة الديموقراطية، خاصة مراقبة ما تحوزه من أموال فى الداخل والخارج، وفى علاقتها بالعسكريين المُغامرين أيضاً.

    إذاً، الوقوف إلى جانب العمال والقوى الحديثة والمستضعفة ومنظومة المهنيين السودانيين وتحالف بعض أحزاب البورجوازية الصغيرة وغيرها معهم، وحثهم على التعبير السياسى الحر بتأسيس حزب لهم يُنافح عن مصالحهم، ومراقبة الشرائح الرأسمالية خاصة الشريحة المهيمنة، هى من أوجب واجبات الحكومة الإنتقالية السودانية فى الفترات الإنتقالية إنْ كنا معنيين بتوظيف التغيير لترسيخ الديموقراطية والتوازن والتجانس على مستوى الإقتصاد القومى.

    خامساً، تقنين وجود وعمل الأحزاب السياسية بحيث يكون متناغماً مع شراكة العملية الإقتصادية، وألاَّ يتجاوز عددها الـ 10 - 12 حزباً.

    سادساً، لابدَّ من تجريد الشريحة ذات الهيمنة من كلِّ مكتسباتها الغير شرعية فيما سبق وعلى كل الأصعدة؛ تلك التى نالتها بالجنوح للديكتاتورية والتمكين والفساد. ولابدَّ من مراقبتها فيما سيأتى على الصعيد الأقتصادى والمالى والسياسي والعسكرى والإجتماعي؛ بشكل ديمقراطى ولمصلحة ديمقراطية العملية الإقتصادية ولصالح كل شركاء العملية الإقتصادية ولمصلحة ديمومة النظام الديمقراطى.

    وعليه لابد للحكومة الإنتقالية أن تكون لها قاعدة بيانات متكاملة عن كل شركاء العملية الإنتاجية وعلى كل الأصعدة المذكورة بعاليه، تصلح بأن تكون بمثابة إنذار مُبكِّر لأى محاولة للخروج عن المنظومة الديمقراطية، وبالتالى التعامل الحاسم الآنى معها.

    سابعاً، إعادة البناء المؤسسي للدولة على أُسس علمية متطورة واستيعاب الكوادر المؤهلة بكل شفافية وعدل في إتاحة الفرص والتنافس الشريف للجميع والإختيار للوظيفة، وذلك بغرض قيام دولة المؤسسات الديجتالية الحديثة.

    ثامناً، خلق نظام للإنذار المبكر لفهم اتجاهات العالم بشكل استراتيجي، وقراءة المتغيرات السياسية العالمية قراءة حصيفة، واختيار ما يُناسب واقعنا من الحلفاء ومن بين البدائل المطروحة على مستوى الإقتصاد والسياسة وغيرهما، وذلك بالتعاطي الحكيم (الغير محرض بالأيديولوجيا – ideology- free) مع النظام الليبرالي الجديد المسيطر والمهيمن.

    خاتمة: التصنيع، فالتصنيع، فالتصنيع.

    في العام 2017 زرتُ أديس أبابا. وقد لفتَ نظري ما هو مكتوب (ولعله حتى الآن) على إحدى اللاَّفتات بالخط العريض: "يوجد تمويل لأيِّ مشروع صناعي".

    فعلى تجمع المهنيين السودانيين وحلفائه محاربة الرأسمالية السودانية الخراجية الذاتية الإنانية التي لا تعمل في الفضاء الخلاَّق المرتبط بترقية الحياة للأجيال القادمة عبر التصنيع في الإطار الجمعي الاستراتيجي، وعليه كذلك التحريض على انتباذ العقل الريعي الكسول الذي لا يتجاوز أفقُهُ "إقتصاد النَّقَّاطة". ولابد للدولة من تذليل عمليات التصنيع لها وللقطاع الخاص بشكل فوري ومنتظم ومستدام.

    فالعمارة التي لا يُدخِل صاحبُها فيوضَ ريعيه وأرباحه فى التصنيع، والمزرعة التي لا تصنِّع منتجاتها، والمصنع الذي لا يولِّدُ مصنعاً آخراً؛ فهىَ عندي في عِداد الريعيِّ شئنا أم أبينا. فالبلد تنتظرنا لنخلق بالتصنيع في إقتصادنا عُرىً للترابط الأمامي والخلفي تسمح لمِكانيزمات مضاعف الإستثمار بالعمل الدؤوب المثابر، الذي يقود للعمالة الكاملة والإقتصاد القومي المتجانس، ومن ثم ندخل مرحلة الإنظلاق.








                  

02-13-2019, 10:26 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييره (Re: حسين أحمد حسين)

    هذا إذا كنَّا معنييِّن بالتغيير البصير الخالي من النَّزق السياسي؛ أو بالكاد.

    (عدل بواسطة حسين أحمد حسين on 02-13-2019, 10:29 AM)

                  

02-13-2019, 09:02 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييره (Re: حسين أحمد حسين)

    روشتة متكامله للاصلاح ومنتبه للثغرات ما شاء الله .
                  

02-14-2019, 04:34 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييره (Re: محمد على طه الملك)

    Quote: روشتة متكامله للاصلاح ومنتبه للثغرات ما شاء الله.


    سيدي ومولاي الخبير القانوني محمد علي طه الملك: تحية الإجلال والإحترام ولدينا مزيد.

    أولاً، دعني أشكرك شكراً عظيماً أنَّكَ اقتطعت من زمنِك الثمين وقتاً لقراءة هذا المقال الطويل المُمِل؛ ولكن للضرورة أحكامها يا عزيزي.
    ثانياً، أنا ممتن لك وأعتز بهذه الشهادة، وأرجو أن يكون المقال بما يوازي أحلام وتطلعات الشعب السوداني وأشواقه، وشكراً على حسنِ
    ظنِّك وشكراً علي هذا التشجيع.

    ممنونك.
                  

05-04-2019, 12:01 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييره (Re: حسين أحمد حسين)

    ما يلزم التنبيه إليه أنَّ هذا المقال موجود على أوديو في الواتساب تم تسجيله يوم 23 أبريل 2019.
                  

05-07-2019, 09:59 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إدارة بوليتيك الفترات الإنتقالية وتجييره (Re: حسين أحمد حسين)

    عزيزي المواطن/الزول السوداني: كُنْ ما تشاء، فقط لا تَكُنْ عاطلاً عن الوطن.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de