المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 03:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2006, 07:27 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية.

    شبهات حول حقوق المرأة في الإسلام



    د. نهى قاطرجي


    يكثر الحديث في هذه الأيام عن حقوق المرأة وحريتها حيث يحاول العلمانيون أن يشوهوا صورة المرأة في الإسلام ويظهروها وكأنها مسلوبة الحقوق مكسورة الجناح ، فالإسلام بنظرهم فرّق بينها وبين الرجل في الحقوق وجعل العلاقة بينهما تقوم على الظلم والاستبداد لا على السكن والمودة، الأمر الذي يستدعي من وجهة نظرهم قراءة الدين قراءة جديدة تقوم على مراعاة الحقوق التي أعطتها الاتفاقيات الدولية للمرأة ومحاولة تعديل مفهوم النصوص الشرعية الثابتة كي تتوافق مع هذه الاتفاقيات .
    في البدء من المفيد الإشارة إلى أن الإسلام كان ولا زال سباقاً فى إعطاء الإنسان حقوقه كاملة ، فأهلية التملك ثابتة للجنين في بطن أمه ومنذ أن يولد يكون عضواً كاملاً في المجتمع ، يحتمل ويحمل يملك ويهب وَفْقَ قواعد معينة ، وإن كان صغيراً يتولى عنه وليه ذلك ، وستبقى كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدوية : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ " ، وستبقى القاعدة الفقهية قائمة : "الحُرُّ لا يقع تحت اليد"، فالإنسان له حق الحياة وحق الإرث وحق الاعتقاد وحق التملك وكثير من الحقوق التي نادت بها جماعات وطّبقتها على بعض الناس دون بعض .
    إن الدعوة إلى تعديل التشريعات السماوية ليست دعوة حديثة بل هي من طروحات التي رُوج لها منذ مطلع القرن الحالي وهي لا تخرج عن إطار الطروحات الغربية التي يدعو لها المستشرقون وحكوماتهم ، وقد انبرى علماء الإسلام منذ تلك الفترة إلى الرد على هؤلاء بردود لا تزال تصلح لهذا اليوم لأنها ما تغيرت وما جاءت بجديد ، ومن العلماء الذين ردوا على المستشرقين وأسيادهم وأتباعهم الدكتور علي عبد الواحد وافي والدكتور مصطفى السباعي و الدكتور البهي الخولي وغيرهم رحمهم الله تعالى دنيا وآخرة .
    ولقد ردَّ العلماء على كل من سوَّلت له نفسه التهجم على الدين عبر الدعوة إلى إعادة النظر في تشريعه المستمد من الكتاب والسنة وعبر المطالبة بفتح باب الاجتهاد في مسائل يرى المهاجمون أن الزمن قد تعداها ، ومن هذه المسائل :
    حق تأديب المرأة ولا سيما ضربها .
    صيغة الطلاق المعطاة للرجل .
    سلطة الزوج ( القوامة ) .
    تعدد الزوجات .
    الإرث
    الشهادة

    وسنقوم بعرض لهذه الأفكار ومن ثمَّ الرد عليها إن شاء الله ، ولكن في البداية لا بد من توضيح النقاط العامة التالية :
    -1- إن الإسلام نظام عالمي لكل الأزمنة والأمكنة وأي إساءة في استخدام هذا التشريع لا تعود للتشريع نفسه وإنما تعود للأشخاص الذين يسيئون فهمه أو يجهلون أحكامه ،" فالإسلام أقام دعامته الأولى في أنظمته على يقظة ضمير المسلم واستقامته ومراقبته لربه ، وقد سلك لذلك سبلاً متعددة تؤدي ، إذا روعيت بدقة وصدق ، إلى يقظة ضمير المسلم وعدم إساءته ما وُكِلَ إليه من صلاحيات وأكبر دليل على ذلك أن الطلاق لا يقع عندنا في البيئات المتدينة تديناً صحيحاً صادقاً إلا نادراً ، بينما يقع في غير هذه الأوساط لا فرق بين غنيِّها وفقيرها " .
    من هنا فإن إساءة استعمال التشريع الرباني لا يقتضي إلغاءه وإعادة النظر فيه وإنما يقتضي منع تلك الإساءة عبر تنشيط الوازع الديني الذي يؤدي إلى ذلك.
    -2- إن فتح باب الاجتهاد الذي يتستر وراءه البعض هو أمر غير مقبول لكون الذين يدعون لهذا المطلب أصحاب أهواء يفتقدون لأدنى صفات المجتهد من جهة ولكونهم يهدفون إلى ضرب النصوص الشرعية الثابتة في القرآن والسنة خدمة لمصالح غربية معلنة في إعلانات عالمية تهدف إلى تقويض عرى الأسرة الإسلامية من جهة أخرى ، وهذا واضح في "إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة " الذي أورد في مادته السادسة عشر أهم أسس تساوي الرجل والمرأة والتي منها:
    "أ – نفس الحق في عقد الزواج .
    ب- نفس الحق في حرية اختيار الزوج ، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل .
    ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه .
    د- نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة ، بغض النظر عن حالتها الزوجية ، في الأمور المتعلقة بأطفالها ؛ وفي جميع الأحوال ، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة .
    هـ- نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر ، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق .
    و- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم ، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية …
    ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة والوظيفة.

    إن هذه البنود تخالف الشريعة الإسلامية في معظمها إلا في البند ( ب ) الذي ينص على حرية المرأة في اختيار الزوج ، أما في باقي البنود فإنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية التي أعطت للمرأة والرجل حقوقاً أثناء الزواج تقوم على المبادئ التالية :
    1- المساواة : قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهم بالمعروف ) ، إي أن كل حق وواجب للمرأة يقابله حق وواجب للرجل ، وكلما طالبها بأمر تَذَكَّر أنه يجب عليه مثله ، عدا أمر واحد هو القوامة ، وتقسم الواجبات حسب طبيعة كل منهما.
    2- القوامة : معناها القيام بشؤون الأسرة ورئاستها وحماية أفرادها وسيتم الحديث عن هذا الموضوع فيما بعد إن شاء الله تعالى .
    3- التشاور في شؤون الأسرة ويستمر التشاور حتى بعد الطلاق في شؤون الأولاد .
    4- التعامل بالمعروف وحسن المعاشرة لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف )
    5- على المرأة حضانة طفلها في سنواته الأولى والإشراف على إدارة البيت والخدم وطاعة زوجها في المعروف.
    6- على الزوجين التعاون في تربية الأولاد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلمكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ).
    7- على الرجل معاونة زوجته في أعمال البيت ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاون زوجاته .
    هذا باختصار تلخيص لحقوق المرأة أثناء الزواج كما يقره الإسلام ، أما المطالبة بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل التي يدعو إليها بعض دعاة التحرر من أتباع الإعلانات العالمية فيعود لجهلهم بحقوق المرأة في الإسلام وتجاهلهم للاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة مما دفعهم إلى اعتبار أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تماثل لا علاقة تكامل ، فتجدهم يصدِّقون ما يقوله غيرهم عن حرمان المرأة في الإسلام من حقوقها ، أو يصدقون ما يقوله المستشرقون من ضرورة تأويل النصوص التي لا تتوافق مع الواقع الراهن رافعين بذلك شعار " تاريخية النصوص " أو شعار "التعبير عن واقع حال " بهدف تحويل المضامين وإلباسها اللباس الغربي ، وهكذا تصبح قوامة الرجل على بيته وحقه في تأديب زوجته الناشز وحقه في الطلاق مجرد "عبارات تاريخية " أساء الفقهاء تأويلها بهدف "تقييم دور الرجل ".

    وبالعودة إلى الردود الجزئية على الطروحات العلمانية نقول ما يلي :
                  

05-04-2006, 07:31 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)

    -1- حق تأديب الزوجة ولا سيما ضربها

    يستند الداعون إلى إبطال صيغة الضرب الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى أن قاعدة حق تأديب المرأة " ولا سيما ضربها هي عبارة تاريخية كان لها فعالية جمّة لنقل الذهنية الجاهلية من قتل المرأة إلى التساؤل حول ضربها " وليست قاعدة شرعية .
    وللرد على هذا الأمر نورد في البداية بعض الآيات والأحاديث التي ذكرت هذا الأمر ، ثم نورد بعد ذلك الرد إن شاء الله تعالى ، يقول عز وجل :
    {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً } .
    ويقول عليه الصلاة والسلام في حَجَّة الوداع : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، إلا أن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطِئن فُرُشَكم من تكرهون ولا يأْذَنَّ في بيوتكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) .
    والملاحظ أن هؤلاء الأشخاص تحت شعار إنسانية المرأة وكرامتها يأخذون من الآية ما يريدون فقط وهي كلمة الضرب وينسون التسلسل الذي ورد في الآية حيث ورد في البداية مدحٌ للمرأة المؤمنة الحافظة لحدود الزوج ومن ثَمَّ ورد ذكر الناشز ، فالكلام إذاً يتعلق بنوع خاص من النساء وليس كل النساء ، والمعروف أن طبائع الناس تختلف من شخص لآخر وما ينفع الواحد لا ينفع الثاني، ومن عدالة الإسلام أنه أورد العلاج لكل حالة من الحالات ، فما دام " يوجد في هذا العالم امرأة من ألف امرأة تصلحها هذه العقوبة ، فالشريعة التي يفوتها هذا الغرض شريعة غير تامة ، لأنها بذلك تُؤثِر هدم الأسرة على هذا الإجراء وهذا ليس شأنه شريعة الإسلام المنزلة من عند الله " .
    والواقع أن " التأديب لأرباب الشذوذ والانحراف الذين لا تنفع فيهم الموعظة ولا الهجر أمر تدعو إليه الفِطَر ويقضي به نظام المجتمع ، وقد وَكَلته الطبيعة من الأبناء إلى الآباء كما وكلته من الأمم إلى الحكام ولولاه لما بقيت أسرة ولا صلحت أمة . وما كانت الحروب المادية التي عمادها الحديد والنار بين الأمم المتحضرة الآن إلا نوعاً من هذا التأديب في نظر المهاجمين وفي تقدير الشرائع لظاهرة الحرب والقتال " .
    قال تعالى : { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } .
    إضافة إلى ذلك فإن الضرب الوارد في الآية مشروط بكونه ضرباً غير مبرح وقد فسر المفسرون الضرب غير المبرح بأنه ضرب غير شديد ولا شاق ، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفاً وبآلة خفيفة ، كالسواك ونحوه .
    ولا يكون القصد من هذا الضرب الإيلام وإطفاء الغيظ ولكن التأديب والإصلاح والتقويم والعلاج ، والمفترض أن التي تتلقى الضرب امرأة ناشز ، لم تنفع معها الموعظة والهجر ، لذلك جاء الضرب الخفيف علاجاً لتفادي الطلاق ، خاصة أن نشوز بعض النساء يكون عن غير وعيٍ وإدراكٍ لعواقب خراب البيوت وتفتت الأسرة .
    إن سعي بعض الداعي لإبطال مفعول آية الضرب تحت حجة المساواة لن يفيد في إيقاف عملية الضرب إذ إن المراة ستبقى تُضرب خِفْية كما يحصل في دول العالم الغربي الحافل بالقوانين البشرية التي تمنع الضرب ، وتشير إحدى الدراسات الأميركية التي أجريت عام 1987 إلى أن 79% من الرجال يقومون بضرب النساء … ( هذا عام 87 فكيف النسبة اليوم ) ويقدر عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام بستة ملايين امرأة .
    فإذا كان هذا العدد في تزايد في تلك الدول التي تحرّم الضرب ، فلماذا لا يوجد في بيئاتنا الإسلامية هذا العدد مع أن شريعتنا تبيح الضرب ؟ أليس لأن قاعدة السكن والمودة هي الأساس بينما العظة والهجران والضرب هي حالات شاذة تُقَدَّر بضوابطها وكما قال تعالى في نهاية الآية : { فإن أطعنكم فليس لكم عليهن سبيلاً } .
                  

05-04-2006, 08:19 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)

    -2- صيغة الطلاق المعطاة للرجل
    يعترض كثير من المعاصرين على كون الطلاق بيد الرجل ويرون في التشريع التونسي حلاً حيث جاءت المادة 31 منه لتقول : " إن المحكمة هي التي تعلن الطلاق بناء لطلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر ويُقضى لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطلاق " .
    ويرى أنصار هذا القانون "أنه أكثر ملاءمة باعتباره أكثر إنصافاً . إنه يحرر المرأة من حق يتمسك به الزوج ، أصبح جائراً جداً بحقها " .
    والواقع أن هذه الطروحات حول الطلاق لا تخرج كثيراً عن ما يدعو إليه علماء الغرب وأتباعهم من الكتاب الذين يريدون بذلك تنفيذ القانون المدني الفرنسي ، وهنا من المفيد الإشارة إلى النقاط التالية :
    -1- إن قبول الزوجين الارتباط الإسلامي يفرض عليهما الالتزام بأحكام الشرع التي لا تخلو من بعض الحقوق التي يمكن للزوجة الخائفة على نفسها من الزوج أن تحمي بها نفسها كأن تجعل العصمة بيدها وأن تشترط في عقد الزواج شروطاً خاصة .
    -2- إن حصر الإسلام الطلاق في يد الزوج إنما يعود لعدة أسباب أهمها كونه المتضرر الأول من الطلاق من الناحية المادية فهو الذي يجب عليه المهر والنفقة لمطلقته ولعياله طوال فترة العدة والحضانة ، هذا الأمر يجعله أكثر ضبطاً لنفسه من المرأة التي قد لا يكلفها أمر رمي يمين الطلاق شيئاً.
    -3- إن حصر الطلاق بيد الزوج وعدم إعلانه للقاضي إلا في حالات قصوى إنما يعود لمبدأ التستر الذي يدعو إليه الإسلام لأن " معظم أسباب الطلاق تتمثل في أمور لا يصح إعلانها ، حفاظاً على كرامة الأسرة وسمعة أفرادها ومستقبل بناتها وبنيها " .

    كما أن حصر الطلاق بيد القاضي أمر أثبتت التجارب عدم جدواه وذلك من نواح عدة منها :
    1- الفشل في التقليل من نسب الطلاق وهذا أمر أثبتته إحصائيات الطلاق التي سجلت في تونس حيث أن العدد لم ينقص بل على العكس من ذلك فلقد ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً " رغم أن المبرر الذي قُدِّم لانتزاع سلطة الطلاق من يد الزوج وإيكاله إلى القاضي هو حماية الأسرة بإتاحة فرصة للقاضي ليراجع فيها الزوجين ويحاول الصلح بينهما، فإن الواقع يثبت أن نسبة المصالحات الناجحة ضئيلة جداً، فمن بين 1417 قضية طلاق منشورة في المحكمة الابتدائية بتونس في الموسم القضائي 80-81 لم يتم المصالحة إلا في عشر منها ، بينما كان الاعتقاد أن تعدد الزوجات وجعل العصمة الزوجية بيد الرجل وعدم تغريمه لفائدة الزوجة هي الأسباب الرئيسية للطلاق وأن القضاء عليها سيقلل من نسب الطلاق ، والإحصائيات تثبت أن شيئاً من ذلك لم يحدث " .
    2- لجوء بعض المحاكم الغربية التي تتوكل بنفسها أمور الطلاق في محاولة منها إلى خفض نسبة الطلاق إلى رفض التطليق إذا لم يكن بسبب الزنى لذلك كثيراً ما يتواطأ الزوجان " فيما بينهما على الرمي بهذه التهمة ليفترقا ، وقد يلفقان شهادات ووقائع مفتعلة لإثبات الزنى حتى تحكم المحكمة بالطلاق.
    فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة ؟ أن يتم الطلاق بدون فضائح ؟ أم أن لا يتم إلا بعد الفضائح ؟ " .
                  

05-04-2006, 08:50 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)

    _________
    حق الزوج على زوجته أنه تجيبه إلا الفراض إن دعاها وقتما يشاء - في غير وقت الحيض طبعاً - لأن الآية بهجر النساء في المحيض واضحة. ولكن ماذا إذا رفضت المرأة الفراش فقط لأنها لا ترغب في الجماع. حدّ علمي أنها تبيت تلعنها الملائكة حتى تصبح - هذا إن غضب زوجها عليها- فقط أريد هنا السؤال عن شيئين:
    أولاً : ما هو حكم المرأة التي تهجر فراش زوجها (بدون عذر شرعي) وليكن أنه لا رغبة لديها.
    ثانياً: إلى أي حدّ يتسع حق الرجل في مطالبة زوجته إلى الفراش دون أن يكون للزوجة حق الرفض من غير عذر شرعي؟ بمعنى أن الزوجة إذا كانت على حداد لوفاة أب أو أخ وطلبها الزوج ورفضت فهل يجوز لها أن تهجر فراش زوجها؟

    أشكرك مقدماً على الإجابة
                  

05-04-2006, 10:41 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: هشام آدم)

    العلاقة الزوجية في الإسلام قائمة على المودة والرحمة والسكينة وعلاقة الرجل بزوجه هي علاقة حب لا علاقة قهر وتسلط ومن دواعي هذه العلاقة معرفة كل من الزوجين برغبة الآخر وتلبتها متى ما رغبا في ذلك
    أولاً- ليس هناك عقوبة من الزوج أو أي أحد على الزوجة إن هي رفضت دعوة زوجها لفراشه وإنما هي اللعنة واللعنة الطرد من رحمة الله ولكن هذا لا يعني أن على الرجل أن لا يراعي رغبات زوجه واوقاته وظروفه النفسية.
    ثانياً- للرجل أن يطلب زوجته متى شاء وليس هناك إلا الموانع الشرعية وعلى الزوجة مثل ذلك وما تفضلت به من اسباب يمكن للزوجين تدارسه ولا أعتقد أنه مانع للعلاقة الجنسية باي حال ولكن كما قلت لك تعود هذه الحالات لعلاقة المودة والرحمة التي أمرنا بها الإسلام تجاه المرأة فمن حق المسلم أن يكرمها ولا يهينها
    لاحظ هذه "العقوبة" التي تتحدث انت عنها هنا وأعمال العنف تجاه الزوجة أو العشيقة في الغرب التي تتجاوز حد الإغتصاب إذا لم تستجب الزوجة لزوجها
    هذا الدين من الكمال والجمال لدرجة أنه يستقطب الألوف سنوياً من النساء الغربيات الائي يجدن فيه الحماية والرحمة والمودة والعطف والحنان الذي يفتده نساء الغرب أجمع مهما ادعين الحرية والمساواة

    فرانكلي
                  

05-04-2006, 10:42 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)

    -4- تعدد الزوجات

    يعترض أنصار حقوق المرأة على نظام تعدد الزوجات الذي يقره الإسلام ويعتبرون أن فيه إهداراً لكرامة المرأة وإجحافاً بحقها واعتداءً على مبدأ المساواة بينها وبين الرجل ، إضافة إلى أن في هذا الأمر مدعاة للنزاع الدائم بين الزوج وزوجاته وبين الزوجات بعضهن مع بعض فتشيع الفوضى ويشيع الاضطراب في حياة الأسرة ، ولذلك هم يَدعون إلى التأسي بتركيا وتونس اللتان ألغتا نظام التعدد وفرضتا نظام آحادية الزواج ، مع أن هؤلاء الأشخاص لو اطلعوا على إحصاءات المحاكم في هاتين الدولتين لبدلوا رأيهم أو بعضاً من آرائهم .
    إن أبرز نتائج إلغاء نظام التعدد نورده على لسان الغربيين أنفسهم الذين يؤكدون على الخلل الذي أصاب المجتمع نتيجة تزايد عدد النساء بشكل عام حيث تزايد هذا العدد إلى ثمانية ملايين امرأة في أميركا، وقد أرسلت فتاة أميركية اسمها " ليندا " رسالة إلى مجلس الكنائس العالمي تقول فيها :"إن الإحصاءات قد أوضحت أن هناك فجوة هائلة بين عدد الرجال والنساء فهناك سبعة ملايين وثمانية آلاف امرأة زيادة في عدد النساء عن عدد الرجال في أميركا ، وتختم رسالتها قائلة : أرجوكم أن تنشروا رسالتي هذه لأنها تمس كل النساء ، حتى أولئك المتزوجات ، فطالما أن النسبة بين الرجال والنساء غير متكافئة ، فالنتيجة الأكيدة هي أن الرجال سيخونون زوجاتهم ، حتى ولو كانت علاقتهم الزوجية قائمة على أساس معقول " .
    إن تزايد عدد النسوة عن عدد الرجال له مبررات عدة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو خاص .
    أما المبررات الطبيعية فتتمثل في القوانين التي تخضع لها الفصيلة الإنسانية فيما يتعلق بالنسبة بين الذكور والإناث ، فيما ترجع أهم المبررات الاجتماعية إلى أمرين : أحدهما يعود إلى أعباء الحياة الاجتماعية وتوزيع الأعمال بين الجنسين وكل ذلك يجعل الذكور أكثر تعرضاً للوفاة من الإناث وأقصرَ منهن أعماراً ، وثانيهما أن الرجل لا يكون قادراً على الزواج بحسب الأوضاع الإجتماعية إلا إذا كان قادراً على نفقات المعيشة لزوجته وأسرته وبيته في المستوى اللائق به...على حين أن كل بنت تكون صالحة للزواج وقادرة عليه بمجرد وصولها إلى سن البلوغ .
    بينما تتمثل المبررات الخاصة فيما يطرأ أحياناً على الحياة الزوجية من أمور تجعل التعدد ضرورة لازمة فقد تكون الزوجة عقيماً ، أو قد تصير إثر إصابتها بمرض جسمي أو عصبي أو بعاهة غير صالحة للحياة الزوجية .
    فأي الأمور أصلح للزوجة أن تَطَلَّق وهي مريضة تحتاج إلى العناية والاهتمام وينعت الرجل حينذاك بالصفات الدنيئة من قلة الوفاء والخِسَّة ، والمثل المعروف يقول "أكلها لحمة ورماها عظمة " أم يكون من الأشرف للزوجة أن يتزوج عليها مع احتفاظها بحقوقها المادية كافة ؟
    إن نظام التعدد نظامٌ اختياريٌ وليس إجبارياً وهو لا يكون إلا برضا المرأة ، هذا الرضا الذي يحاول كثير من الناس أن ينزعه عن الفقه الإسلامي مدعين بأن الإسلام حرم المرأة من حقها في اختيار الزوج ، إلا أن نظرةً إلى هذا الفقه تشير إلى اتفاق الفقهاء على أن المرأة البالغة الثيّب يُشترط إذنها ورضاها الصريحين قبل توقيع العقد ، وهذا النوع من النساء هن في الغالب من يرتضين أن يكن زوجات ثانيات ، أما المرأة البالغة غير الثيِّب فقد اتفق الفقهاء على أن سكوتها المنبئ عن الرضا يجزئ في صحة العقد ، أما إذا كان هناك قرينة على رفضها فهناك خلاف بين الفقهاء ، يقول الأحناف أنه لا يجوز لوليها أن يزوجها ، بينما قال الشافعية أنه يجوز لولي الإجبار وهو ( الأب أو الجد ) أن يزوجها ولكن بشروط منها :
    1-أن لا يكون بينه وبينها عداوة .
    2-أن يزوجها من كفء ، والكفاءة معتبرة في الدين والعائلة والمستوى الاجتماعي .
    3- أن يكون الزوج قادراً على تسليم معجل المهر .
    كل هذا يصح به العقد وإن كان يفضل أن يتخير لها الولي من ترتضيه.
    أما بالنسبة للزوجة الأولى فإن الإسلام لم يحرمها رضاها بالزوجة الثانية إذ أباح لها الإسلام إذا كرهت زواج زوجها عليها أن تشترط ذلك عند العقد ، فتحمي بذلك نفسها من التجربة .
    هذا من وجهة النظر الشرعية أما من ناحية الواقع فإن " الإحصاءات التي تنشر عن الزواج والطلاق في البلاد العربية الإسلامية تدل على أن نسبة المتزوجين بأكثر من واحدة نسبة ضئيلة جداً لا تكاد تبلغ الواحد بالألف .
    والسبب في ذلك واضح ، وهو تطور الحياة الاجتماعية ،وارتفاع مستوى المعيشة،وازدياد نفقات الأولاد في معيشتهم وتعليمهم والعناية بصحتهم " ، إضافة إلى خوف الزوج وخاصة المتدين من عدم العدل بين الزوجات ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ( خديه ) ساقط ) .
    وفي ختام موضوع تعدد الزوجات نؤكد على أن طرح رفض تعدد الزوجات إنما يخدم أهدافاً غربية تقوم على تحديد النسل بغية إضعاف أمة الإسلام وتقليل عدد أبنائها بحيث لا يشكلون قوة لا يستهان بها في المستقبل .
                  

05-04-2006, 11:08 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)

    __________
    أشكرك أخ فرانكلي للإجابة

    أفضّل تأجيل النقاش حتى تنتهي تماماً من موضوع بوستك
                  

05-04-2006, 11:32 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: هشام آدم)

    -3- سلطة الزوج ( القوامة )

    يعترض المخالفون للشريعة الإسلامية على مبدأ القوامة الذي يطلق البعض عليه لفظ "قيمومية " قاصدين بذلك تعريف القوامة بأنها " تقييم دور الرجل " ، فيتساءلون: " إن هذه الحقوق الممنوحة للزوج والتي تدعم هذه السلطة أعطته إياها النصوص القرآنية أو أنها تشكل تحديداً " لحالات واقعية " تترجم فكرة " الدور " الخاص بالرجل والذي لا بد من حمايته ؟" .
    إن التخليط في فهم مفهوم القوامة إنما يعود لاعتبارهم رئاسة الرجل على المرأة رئاسة تقوم على الاستبداد والظلم ، بينما هي في الحقيقة رئاسة رحمة ومودة وحماية من الخوف والجوع ، إنه لو كان في الأمر استبداد وتسلط من الرجل على المرأة لكان يحق للرجل أن يمد يده إلى مال زوجته أو يمنعها من أن تتاجر بمالها والإسلام يمنعه من ذلك ، أو أن يجبرها على تغيير دينها والمعروف ان الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج النصرانية واليهودية مع احتفاظ كل منهما بدينه .
    إن هذه القوامة مبنية على كون الرجل " هو المكلف الإنفاق على الأسرة ، ولا يستقيم مع العدالة في شيء أن يكلَّف فرد الإنفاق على هيئة ما دون أن يكون له القيام عليها والإشراف على شئونها ، وعلى هذا المبدأ قامت الديمقراطيات الحديثة ، ويلخص علماء القانون الدستوري هذا المبدأ في العبارة التالية : " من ينفق يشرف " أو " من يدفع يراقب " .
    هذا هو الأصل ، الزوج ملزم بالعمل والمرأة ليست كذلك ، إذا أحبت عملت وإذا كرهت جلست ، وما أجمل ما قالته إحدى الكاتبات المشهورات " أجاتا كريستي " حيث قالت : " إن المرأة مغفلة : لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً ، يوماً بعد يوم ، فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق ، لأننا بذلنا الجهد الكبير خلال السنين الماضية للحصول على حق العمل … والمساواة في العمل مع الرجل، والرجال ليسوا أغبياء فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج .
    ومن المحزن أننا أثبتنا ، نحن النساء، أننا الجنس اللطيف ، ثم نعود لنتساوى اليوم في الجَهْدِ والعرق اللذين كانا من نصيب الرجل وحده " .
                  

05-04-2006, 11:30 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)


    بإذن الله تعالى

    (عدل بواسطة Frankly on 05-04-2006, 11:31 AM)

                  

05-04-2006, 02:57 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: Frankly)



    جــــــــــــــــــــدو كمال سلام

    هنا برضو في اجتهاد من الامام الصادق المهدي وفي راي راي ايجابي جدا واسمح لي اقتحم بيهو البوست ونعرض تجارتنا بس بدون ضرائب بالله

    تراوحت حقوق المراة ما بين دعاة الإفراط والتفريط على مختلف الملل والنحل فهنالك من يدعون الى كبت المراة وحرمانها من حقها في الحياة باسم الدين والدين من قولهم براء , وهنالك من يدعون الى تجريدها من إنسانيتها بدعوتها للفجور , والأسوأ من هؤلاء جميعا الذين يدعون إلى مشاعيتها بان تكون ملكا مشاعا للجميع على نحو ما جاء به الماركسيون . مساهمة السيد الصادق المهدي تأتي اجتهادا لتبيان دور المراة وأهميتها ورسالتها السامية في الحياة اجتهاد قد يحالفه التوفيق فينال به الأجران وقد يخطي فله اجر المجتهد فلكل رؤيته وفكره وجميعها روافد مصبها بحر العلوم الإنسانية
    محمد حسن العمدة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة

    إن للمرأة في الفكر الوضعي العصري حقوقا في الأسرة والمجتمع فما هو أساس تلك الحقوق وهل هي أقصى ما تتطلع إليه المرأة لأداء دورها الإنساني والاجتماعي علي أحسن وجه؟ وما هو دور المرأة في نظر الإسلام؟ وماذا تفعل المرأة المسلمة بين ما قرره لها الإسلام وما قرره لها الفكر العصري الوضعي؟ وهل من سبيل لتكون المرأة مسلمة وعصرية معا؟
    هذه هي قضية المرأة عامة وقضية المرأة المسلمة خاصة.
    سأتطرق لبيان الرأي في هذه القضية مقدما لذلك بسبع نقاط هي:
    النقطة الأولى: مصادر المعرفة: إنّ معرفة الإنسان متعددة المصادر وهو إذ يعالج قضاياه الهامة ينبغي عليه أن يستمد الحقائق من كل مصادر المعرفة المتاحة له. مصادر المعرفة الإنسانية هي: الوحي، والإلهام، والعقل، والتجربة.
    هذه المصادر هي التي نص عليها القرآن وهي التي أحصاها الفلاسفة فيما استعرضوا من معارف الإنسان.
    قال تعالى عن الوحي: "وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" .

    وقال تعالى عن الإلهام: (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ.. الآية) .
    وقال عن العقل: "كذلك يبين لكم آياته لعلكم تعقلون" .
    وقال: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" .
    وقال: "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم من بين يدي عذاب شديد" .
    وقال تعالى عن المعرفة التي مصدرها التجربة والمشاهدة: "(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ*)وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) .
    وقال: "(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق..الآية)
    وبما أن الحق واحد فإن الحقائق مهما اختلفت مصادر معرفتها لا تتعارض وسوف نسوق حجتنا في موضوع بحثنا من كل مصادر المعرفة.

    النقطة الثانية: مخاطبة العصر: النهج القرآني يدلنا علي أن المقارنة من أهم أساليب الدعوة والفهم. فالقرآن وهو يبث الدعوة للدين الإسلامي يتحدث بإسهاب وتفصيل عن المجتمعات المنافسة والبديلة كالمجتمع العربي غير الإسلامي، والمجتمع اليهودي، والمجتمع المسيحي وهلم جرا.
    والدليل علي أصالة هذا النهج قوله تعالى: "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" .
    وينبغي أن تأخذ المخاطبة في الحسبان عقلية من تخاطب وما يدور في خلدها من مفاهيم لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اُمرنا معشر الرسل أن نخاطب الناس علي قدر عقولهم".
    لذلك لا يستطيع المسلم اليوم أن يبث دعوة الإسلام إذا لم يخاطب البيئة الفكرية والاجتماعية المعاصرة فإن أسقط تلك المخاطبة تخلى عن نهج الإسلام.
    إن الفكر الوضعي المعاصر أعطى المرأة في أوربا وأمريكا حقوقا لم تعرفها من قبل ولا يستقيم الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام اليوم إلا إذا أخذنا في الحسبان ماهية تلك الحقوق في الفكر العصري.
    النقطة الثالثة: المرأة المسلمة بين التراث الفقهي والعصر: إن المرأة المسلمة المولد والعقيدة تجد نفسها في تجاذب بين حقوقها الإسلامية التي أثبتها تراث الفقه الموجود وبين حقوقها الوضعية العصرية التي تلقتها في دراستها الحديثة وأثبتتها لها القوانين اللبرالية الوضعية، فماذا هي فاعلة؟

    النقطة الرابعة: أحكام المرأة وضرورة الحركة: لقد استنبط الفقهاء الأحكام الخاصة بالمرأة وغيرها من نصوص الشريعة الثابتة في الكتاب والسنة ولكنهم إذ استنبطوها اختلفوا في وسائل الاستنباط وفي درجة استخدام كل وسيلة. وكانت اختلافاتهم المذهبية مرآة لاختلافات بيئاتهم الفكرية والاجتماعية مما جعل آراءهم متحركة مع ظروف الزمان والمكان.
    هذا معناه أن النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ثابتة وأن النصوص الفقهية في المذاهب وفي آراء الفقهاء متحركة. ونحن يلزمنا الثابت بنصوصه كما يلزمنا أن ندير المتحرك مع ظروفنا. هذا يعني أن الأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة في الأحوال الشخصية وفي الولايات العامة توجب اجتهادا جديدا ينطلق من النصوص الثابتة لاستنباط الأحكام من جديد تطويرَا للفقه في هذه المجالات.

    النقطة الخامسة: المهدية وأحكام المرأة: إنّ فقه الأحكام الخاصة بالمرأة متحرك انطلاقا من النصوص الثابتة في الكتاب والسنة. لقد كانت الأحكام الخاصة بالمرأة والتي أصدرها الإمام المهدي متشددة جدا وذلك لأنّ ظروف المجتمع السوداني في مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت كثيرة الانحلال والتفسخ.
    ونحن إذ نبحث أمر المرأة في المجتمع العصري ينبغي أن نتعرض للأحكام التي أصدرها الإمام المهدي بشأنها لنضعها في إطارها الصحيح ومهما كانت الحجة والمقارنة فلا يفوتنا أن نذكر أمرين هما:
    الأول: لقد جعل المهدي المقياس الفيصل فيما نأتي وما ندع الكتاب والسنة.
    الثاني: لقد وضع الإمام المهدي قاعدة للحركة في فقه الأحكام بقوله: لكل وقت ومقام حال، ولكل زمان وأوان رجال.

    النقطة السادسة: دور المرأة في الإسلام: سوف نتطرق للرد علي السؤال الهام: ما هو دور المرأة في الإسلام كما تبينه النصوص الثابتة في الكتاب والسنة؟ وهل يمكن للمرأة المسلمة علي ضوء ما يقرره لها الإسلام من حقوق وواجبات خاصة وعامة أن تكون مسلمة وعصرية؟

    النقطة السابعة: المرأة والفكر الوضعي: إن نظرة الفكر الوضعي للمرأة متغيرة باستمرار فهل توجد أسس وضعية ثابتة تحكم مسألة المرأة في الفكر الوضعي أم أنّ الأمر خالٍ من الثوابت قائم علي التغيير وحده؟ وهل يوجد مقياس لتحديد أفضل ما وصل إليه الفكر الوضعي؟ وهل ما يقرر الفكر الوضعي مطابق أم مناقض لهدى الإسلام؟
    سوف يتعرض هذا الكتيب لهذه النقاط السبع ويجيب علي ما فيها من أسئلة فاتحا الطريق لاجتهاد جديد يتناول أحكام المرأة في الإسلام والأحوال الشخصية علي أساس هيئة التشريع التي اقترحناها في كتاب "العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي" التي تتكون من هيئة اجتهاد مؤهلة لتحدد الخيارات الإسلامية وهيئة تشريع صحيحة النيابة عن الشعب لتقنن الأحكام وتصدرها .

                  

05-04-2006, 03:01 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل الأول
    الرأي الإسلامي التقليدي في المرأة

    جمهور فقهاء المسلمين يرون أنّ النساء ناقصات عقل ودين. ويرون أنّ إمامة المرأة في الصلاة لا تجوز، وأجاز الإمام الشافعي إمامتها للنساء في الصلاة. وقال جمهور الفقهاء أنّ دية المرأة نصف دية الرجل. وهم يرون أنّ ولاية المرأة في الشئون العامة لا تجوز. وإليك آراءهم في هذا الصدد:
    جاء في مجمع الأنهر في الفقه الحنفي : ( ويجوز قضاء المرأة لكونها من أهل الشهادة . وان وليت القضاء ففي غير حد أو قصاص ).
    وجاء في تبصرة الأحكام في الفقه المالكي : ( شروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها عشرة :الإسلام ، والعقل ، والذكورة .. ) وهلم جرا .
    وجاء في الأحكام السلطانية للماوردي في الفقه الشافعي: ( فالشرط الأول لولاية القضاء أن يكون رجلا ) .
    وقال ابن قدامة في الفقه الحنبلي في المغنى ( لنا في هذا الصدد : حديث " ما افلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . فالقاضي يحضر محافل الخصوم والرجال ويحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة . والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي ليست أهلا للحضور في محافل الرجال ) .
    تلك هي آراء جمهور الفقهاء وقد خالفهم فيها أئمة مشهورون مثل الإمام الطبري شيخ المفسرين والإمام ابن حزم الظاهري وأبو بكر الأصم وآخرون .
    وفي العصر الحديث تداول الفقهاء موضوع حقوق المرأة في الإسلام واشتد النقاش حول حقوق المرأة السياسية في مصر في مطلع الخمسينات فبحثت لجنة الفتوى في الجامع الأزهر هذا الأمر وأصدرت فتواها ونشرتها في مجلة رسالة الإسلام السنة الرابعة العدد الثالث الصادر في يوليو 1952م .
    جاء في هذه الفتوى الآتي :
    ( الولاية نوعان : عامة وخاصة . العامة هي الملزمة في شأن من شئون الجماعة كولاية سن القوانين والفصل في الخصومات وتنفيذ الأحكام والهيمنة على القائمين بذلك . أي القيام بشأن من شئون السلطات الثلاث التي صنفها المجتمع الحديث السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية .
    والولاية الخاصة هي تلك التي يملك بها صاحبها التصرف في شأن من الشئون الخاصة بغيره كالوصاية على الصغار، والولاية على المال ، والنظارة على الأوقاف .
    لقد ساوت الشريعة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالولاية الخاصة . كما أنّ للمرأة أن تتصرف في شئونها الخاصة بالبيع ، والهبة ، والرهن ، وهلم جرا.
    أما الولاية العامة كالقضاء وعضوية مجالس التشريع فالشريعة لا تقرها للمرأة لأنها تنطوي على سن القوانين والهيمنة على تنفيذها وهذه من الولايات العامة المقصورة شرعا على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة .
    قالوا : وترجع هذه التفرقة إلى ما بين الرجل والمرأة من الفروق الطبيعية فصفة الأنوثة من شأنها أن تجعل المرأة مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت من أجلها وهي مهمة الأمومة وحضانة النشء وتربيته . وهذه قد جعلتها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة .
    وقالوا : إنّ المرأة مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به والقدرة على الكفاح والمقاومة . ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أنّ شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها ).
    هذا ما كان من رأي لجنة الفتوى بالجامع الأزهر ورأيهم في الموضوع مشابه لرأي الشيخ أبو الأعلى المودودي . قال الشيخ المودودي في رسالته نحو دستور إسلامي: ( إنّ القرآن لا يعارض بعضه بعضا ولا تخالف آية منه آية أخرى بل تشرحها . فالقرآن الذي قيل فيه : وأمرهم شورى بينهم .. جاء فيه : الرجال قوامون على النساء . وهكذا أوصد القرآن على النساء باب مجلس الشورى وهو قوام على الأمة كلها . ومعلوم أنّ الهيئات النيابية تقوم مقام القوام لجميع الدولة ) .
    هذا الرأي الإسلامي التقليدي عن المرأة يستند على الأدلة الآتية :
    أ . القياس : وفي هذا الصدد فانهم يقولون إنّ الشريعة قد بنت على هذا الفارق الطبيعي بين الرجل والمرأة تمييزا بينهما في كثير من الأحكام فجعلت حق الطلاق للرجل دون المرأة ومنعتها الشريعة من السفر دون محرم أو زوج أو رفقه مأمونة .. وهلم جرا .
    فإذا كان الفارق الطبيعي بينهما قد أدى إلى التفرقة بينهما في هذه الأحكام فمن باب أولى تقوم التفرقة بمقتضاه في الولايات العامة .
    ب. الاستشهاد بآيات قرآنية : نحو قوله تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ..الآية" والمجالس النيابية إنما تقوم مقام القوام لجميع الدولة لأنها هي التي تدير دفة السياسة . نحو قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى..الآية " . ومع أنه خطاب لنساء النبي إلا أنه أولى بغيرهن فلسن أعجز من النساء العاديات .
    ج. الاستشهاد بالسنة : ذكروا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغه أنّ الفرس ولوا عليهم إحدى بنات كسرى قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . وهذا الحديث قصد به النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناد شئ من الأمور العامة إلى المرأة .( الحديث رواه البخاري ، واحمد ، والنسائي ) .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " النساء ناقصات عقل ودين " . وهذا يعني منعهن من الولاية العامة .
    د. صدر الإسلام : واستشهدوا بما جرى فعلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إذ لم يثبت أنّ شيئا من هذه الولاية العامة اسند إلى امرأة . فلا يجوز ذلك اليوم اللهم إلا وظائف لا تعد من الولايات العامة كالتدريس للبنات وأعمال الطب والتمريض لعلاج المرضى من النساء .
    هذه خلاصة مسنودة للرأي الإسلامي التقليدي عن وضع المرأة ودورها.



    الفصل الثاني

    الرأي الإسلامي الآخر

    لم يسلم برأي جمهور الفقهاء كل الفقهاء المسلمين بل تحدث آخرون بآراء مخالفة لرأي الجمهور محتجين لآرائهم بنصوص الكتاب والسنة . واليك آراء هؤلاء :
    أجاز الإمام الشافعي إمامة المرأة للنساء .وأجاز الإمام الطبري والإمام أبو ثور إمامة المرأة للنساء وللرجال في الصلاة مستدلين بما رواه أبو داود من حديث أم ورقة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها.
    وساوى الإمام أبو حنيفة بين الرجل والمرأة في الدية محتجا بقوله تعالى : " النفس بالنفس " ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : في النفس المؤمنة مائة من الإبل. والنفس هنا عامة لم تخصص للرجل دون المرأة .
    وقال الإمام الطبري : مادامت المرأة أهلا للفتوى فهي أهل للقضاء. وقال : يجوز أن تكون المرأة حاكما على الإطلاق في كل شئ .
    وقال الإمام ابن حزم في المحلى : وجائز أن تلي المرأة الحكم . وروى عن عمر ( رضي الله عنه ) أنه ولى الشفاء - وهي امرأة - على قومه في السوق . وقال : فان قيل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة قلنا : إنّما قال ذلك في الأمر العام الذي هو الخلافة . وبرهان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : المرأة راعية على مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها .
    وقال الإمام أبو حنيفة المرأة مستأمرة في زواجها .لقد أعطاها الله حق التصرف في مالها فمن باب أولى أن يكون لها حق التصرف في نفسها . وقال : كل ما تجوز فيه شهادة المرأة يجوز فيه قضاؤها.
    ومن فرق المسلمين القديمة من أجاز تولية المرأة الإمامة الكبرى نفسها . هذا هو قول الشبيبية وهي إحدى فرق الخوارج . هؤلاء ولوا ( غزالة ) إماما وقائدا وحاربوا خلفها جيوش بني أمية بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي . وكانت غزالة امرأة فارسة مشهود لها بالعلم والتقوى والإقدام حتى صارت شجاعتها مثلا خلده الشعر في قول العربي :
    أسد علي وفي الحروب نعامة رمداء تنفر من صفير الصافر
    هلا برزت إلى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر ؟
    ومن الفقهاء المحدثين من أفتى بآراء مخالفة لما رويناه عن جمهور الفقهاء نذكر من هؤلاء البهي الخولي في كتابه حقوق الإنسان في الإسلام . وعبد الحميد متولي في كتابه مبادئ نظام الحكم في الإسلام.
    قال هؤلاء ما نلخصه في العبارات الآتية :
    ‌أ. القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية هي المساواة بين الرجل والمرأة اللهم إلا ما استثنى بنص صريح فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها إزاءه. وكل حق له عليها يقابله واجب عليه إزاءها . وفي ذلك يقول الله تعالى في كتابه : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " .
    وقال تعالى : " (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ..الآية) . " . ولم يقل كرمنا الذكور وحدهم بل التكريم شامل للرجل والمرأة . وقال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الايةٌ" . قالوا : هذه الآيات تتضمن مبدأين هما :
    الأول : الولاية بين المؤمنين والمؤمنات وهي ولاية تشمل الأخوة والصداقة والتعاون على الخير .
    الثاني : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب يشمل كل أنواع الإصلاح في كل نواحي الحياة ومنها الاشتغال بالسياسة والمرأة في ذلك كالرجل كما هو مبين في الآية .
    يقولون :
    إذا استعرضنا وضع المرأة في الحضارات السابقة للإسلام لوجدنا أن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقا لم تكن معهودة وكرمها تكريما واضحا . لقد كان للحجر في القانون الروماني ثلاث أسباب هي : الصغر ، والجنون ، والأنوثة . واستمد القانون الفرنسي من أصوله الرومانية هذه الأسباب للحجر وظل كذلك حتى عام 1938م. ولكن في الشريعة الإسلامية لم تكن الأنوثة أبدا سببا للحجر. بل احتفظت الشريعة للمرأة بأهليتها كاملة في إدارة أموالها وإجراء مختلف العقود مثل البيع والشراء والرهن وهلم جرا.
    ولا ريب أنّ ذلك يقتضيها الخروج من بيتها والاختلاط بالرجال ، وإذا كان الله قد خاطب نساء الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : "وقرن في بيوتكن .الآية" . فان الخطاب في الآية موجه لنساء بيت النبي صلى خاصة والنص فيها واضح : " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ..الآية
    ومعلوم أنّ الآيات قد نزلت في ظروف خاصة ترجع لما كان يلقاه النبي من الحرج لعدم مراعاة بعض الزوار لحرمة البيت وآداب الزيارة . لا سيما ما حدث بمناسبة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش حيث أطال بعض الزوار الجلوس حتى بعد مغادرة الرسول صلى الله عليه وسلم لبيته. وقد يكون بعضهم من المنافقين . وإلى ذلك أشارت الآية : " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " . قال الطبري : أي في قلبه ضعف لضعف إيمانه إما لأنه شاك في الإسلام منافق و إما لأنه متهاون بإتيان الفواحش .
    وإلزامهن بملازمة البيوت في أغلب أوقاتهن ميزة لزيادة توقيرهن وإبعاد الشبهات عنهن . ولا يستغرب أن يكون لنساء النبي تشريع خاص بهن فقد حرم عليهن خاصة أنّ يتزوجن بعد وفاة النبي ونصت الآية على أنّ العذاب مضاعف لهن إذا ارتكبن فاحشة:
    " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا" وقوله تعالى " أن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما " . وينبغي أن نفهم هذا الخطاب المتشدد لنساء النبي في أمر الخروج على ضوء الهزة التي أصابت المجتمع المسلم الجديد على أثر حديث الإفك مما أوجب زيادة الاحتياط لكيلا يجد أعداء الإسلام شبهات ينفذون بها على سمعة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . والمقصود هو بقاء نساء النبي أغلب الأوقات في البيوت كما جاء في تفسير الالوسي البغدادي إذ روى المفسر أنّه "قد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه سلم قال لهن بعد نزول الآية :" أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن " فعلم أنّ المراد بالاستقرار الذي يحصل به وقارهن وامتيازهن على سائر النساء بأن يلازمن البيوت في أغلب الأوقات ولا يكن خرّاجات ولاّجات طوّافات في الطرق والأسواق وفي بيوت الناس ".
    أما الذين اعترضوا على المساواة كقاعدة شرعية عامة بقوله تعالى : " وللرجال عليهن درجة ..الآية" فيقال لهم : إنّ لهذه الدرجة حدا واضحا هو قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " فبين بذلك أنّ الدرجة المقصودة هي الرئاسة والقوامة على شئونهما المشتركة أي على شئون الأسرة . فالرجل هو المكلف بالإنفاق على المرأة وتربية الأولاد وهذا هو سر الرئاسة المذكورة .
    وعبارة قوامون لا تعني الحجر والاستبداد والقهر والتدخل في حقوقها ، فولايتها على مالها كاملة ولا سلطان للرجل على دينها فليس له أن يُكرهها على تغيير دينها يهودية كانت أم نصرانية .
    ‌ب- قال أصحاب هذه الآراء : الولاية عموما ليست ممنوعة عن المرأة وحسبنا دليلا على ذلك أنّ المرأة يصح أن تكون وصية على الصغار ،وعلى ناقص الأهلية ،وأن تكون وكيلة لأي جماعة من الأفراد في إدارة أموالهم ، وأن تكون شاهدة ، والشهادة ولاية كما يقرر الفقهاء ، الإسلام لا يحرم على المرأة حق الانتخاب فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب هي عملية توكيل والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناَ بالدفاع عن حقوقها . كذلك لا تمنع مبادئ الإسلام المرأة أن تكون مشرعة وأن تقوم بمراقبة السلطة التنفيذية .
    ويقول السباعي : كذلك ليس في الإسلام نص يحرم على المرأة أن تتولى وظيفة من الوظائف وذلك لكمال أهليتها ، ولا يستثني من ذلك كله إلا رئاسة الدولة لأنّ لهذا المنصب وظائف خطيرة مثل قيادة المجتمع والحرب وهي لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي والعاطفي.
    ويقول أصحاب هذه الآراء : حرية العمل مكفولة للمرأة إبّان الحرب في أعمال التمريض والإسعاف والخدمة ونحوها ، ولقد كان ذلك يحدث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم و بإذن منه .
    بل لقد كان يحدث أن تحمل المرأة السلاح أحيانا في بعض الحروب التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكما حدث ذلك في حروب الردة في عهد أبي بكر ( رضي الله عنه ) وقد فصّل البخاري أخباراَ عن دور النساء في الحرب في كتابه في باب سماه: غزو النساء وقتالهن .
    ويضيفون : إنّ للمرأة أن تعمل بالسياسة وفق قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الآيةٌ" .
    لقد كان للسيدة عائشة رأي واضح في سياسة الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) وخرجت على الإمام علي بي أبي طالب خروجا سياسيا ولم يعترض أحد على ما كانت تبديه من آراء بحجة أنّ هذا ليس من شأنها . لقد ندمت السيدة عائشة بعد ذلك ولكن ندمها لم يكن على مزاولة أمر سياسي بل على أنها أخطأت الرأي والتقدير فيما يتعلق بالطرف الذي انحازت إليه . وكان عبد الله بن عمر ( رضي الله عنه ) في مكة عندما خرجت السيدة عائشة مع طلحة و الزبير ( رضي الله عنهم جميعا ) فلم ير ابن عمر ( رضي الله عنه ) أنها تدخلت فيما ليس من شأنها ولو كان في الإسلام ما يمنعها من ذلك لما سكت عليه .
    وينفرد السباعي بين أصحاب هذه الآراء بقوله : " إننا قررنا ما قررنا من حقوق المرأة السياسية لبيان الحكم الشرعي فقط ، أما مزاولته والأخذ به فان المجتمع عندنا لم يتهيأ له بعد. وحين تشيع الثقافة بين الرجال والنساء ويرتفع مستوى الخلق ويتطور العرف والوعي وتوجد المرأة الفاضلة المنشودة فلا حرج ان تباشر ما قرره لها الإسلام من حق " .
    هذه خلاصة الرأي الإسلامي الآخر المخالف لرأي الجمهور الذي لخصناه في الفصل الأول .

                  

05-04-2006, 03:03 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل الأول
    الرأي الإسلامي التقليدي في المرأة

    جمهور فقهاء المسلمين يرون أنّ النساء ناقصات عقل ودين. ويرون أنّ إمامة المرأة في الصلاة لا تجوز، وأجاز الإمام الشافعي إمامتها للنساء في الصلاة. وقال جمهور الفقهاء أنّ دية المرأة نصف دية الرجل. وهم يرون أنّ ولاية المرأة في الشئون العامة لا تجوز. وإليك آراءهم في هذا الصدد:
    جاء في مجمع الأنهر في الفقه الحنفي : ( ويجوز قضاء المرأة لكونها من أهل الشهادة . وان وليت القضاء ففي غير حد أو قصاص ).
    وجاء في تبصرة الأحكام في الفقه المالكي : ( شروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها عشرة :الإسلام ، والعقل ، والذكورة .. ) وهلم جرا .
    وجاء في الأحكام السلطانية للماوردي في الفقه الشافعي: ( فالشرط الأول لولاية القضاء أن يكون رجلا ) .
    وقال ابن قدامة في الفقه الحنبلي في المغنى ( لنا في هذا الصدد : حديث " ما افلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . فالقاضي يحضر محافل الخصوم والرجال ويحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة . والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي ليست أهلا للحضور في محافل الرجال ) .
    تلك هي آراء جمهور الفقهاء وقد خالفهم فيها أئمة مشهورون مثل الإمام الطبري شيخ المفسرين والإمام ابن حزم الظاهري وأبو بكر الأصم وآخرون .
    وفي العصر الحديث تداول الفقهاء موضوع حقوق المرأة في الإسلام واشتد النقاش حول حقوق المرأة السياسية في مصر في مطلع الخمسينات فبحثت لجنة الفتوى في الجامع الأزهر هذا الأمر وأصدرت فتواها ونشرتها في مجلة رسالة الإسلام السنة الرابعة العدد الثالث الصادر في يوليو 1952م .
    جاء في هذه الفتوى الآتي :
    ( الولاية نوعان : عامة وخاصة . العامة هي الملزمة في شأن من شئون الجماعة كولاية سن القوانين والفصل في الخصومات وتنفيذ الأحكام والهيمنة على القائمين بذلك . أي القيام بشأن من شئون السلطات الثلاث التي صنفها المجتمع الحديث السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية .
    والولاية الخاصة هي تلك التي يملك بها صاحبها التصرف في شأن من الشئون الخاصة بغيره كالوصاية على الصغار، والولاية على المال ، والنظارة على الأوقاف .
    لقد ساوت الشريعة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالولاية الخاصة . كما أنّ للمرأة أن تتصرف في شئونها الخاصة بالبيع ، والهبة ، والرهن ، وهلم جرا.
    أما الولاية العامة كالقضاء وعضوية مجالس التشريع فالشريعة لا تقرها للمرأة لأنها تنطوي على سن القوانين والهيمنة على تنفيذها وهذه من الولايات العامة المقصورة شرعا على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة .
    قالوا : وترجع هذه التفرقة إلى ما بين الرجل والمرأة من الفروق الطبيعية فصفة الأنوثة من شأنها أن تجعل المرأة مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت من أجلها وهي مهمة الأمومة وحضانة النشء وتربيته . وهذه قد جعلتها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة .
    وقالوا : إنّ المرأة مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به والقدرة على الكفاح والمقاومة . ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أنّ شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها ).
    هذا ما كان من رأي لجنة الفتوى بالجامع الأزهر ورأيهم في الموضوع مشابه لرأي الشيخ أبو الأعلى المودودي . قال الشيخ المودودي في رسالته نحو دستور إسلامي: ( إنّ القرآن لا يعارض بعضه بعضا ولا تخالف آية منه آية أخرى بل تشرحها . فالقرآن الذي قيل فيه : وأمرهم شورى بينهم .. جاء فيه : الرجال قوامون على النساء . وهكذا أوصد القرآن على النساء باب مجلس الشورى وهو قوام على الأمة كلها . ومعلوم أنّ الهيئات النيابية تقوم مقام القوام لجميع الدولة ) .
    هذا الرأي الإسلامي التقليدي عن المرأة يستند على الأدلة الآتية :
    أ . القياس : وفي هذا الصدد فانهم يقولون إنّ الشريعة قد بنت على هذا الفارق الطبيعي بين الرجل والمرأة تمييزا بينهما في كثير من الأحكام فجعلت حق الطلاق للرجل دون المرأة ومنعتها الشريعة من السفر دون محرم أو زوج أو رفقه مأمونة .. وهلم جرا .
    فإذا كان الفارق الطبيعي بينهما قد أدى إلى التفرقة بينهما في هذه الأحكام فمن باب أولى تقوم التفرقة بمقتضاه في الولايات العامة .
    ب. الاستشهاد بآيات قرآنية : نحو قوله تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ..الآية" والمجالس النيابية إنما تقوم مقام القوام لجميع الدولة لأنها هي التي تدير دفة السياسة . نحو قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى..الآية " . ومع أنه خطاب لنساء النبي إلا أنه أولى بغيرهن فلسن أعجز من النساء العاديات .
    ج. الاستشهاد بالسنة : ذكروا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغه أنّ الفرس ولوا عليهم إحدى بنات كسرى قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . وهذا الحديث قصد به النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناد شئ من الأمور العامة إلى المرأة .( الحديث رواه البخاري ، واحمد ، والنسائي ) .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " النساء ناقصات عقل ودين " . وهذا يعني منعهن من الولاية العامة .
    د. صدر الإسلام : واستشهدوا بما جرى فعلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إذ لم يثبت أنّ شيئا من هذه الولاية العامة اسند إلى امرأة . فلا يجوز ذلك اليوم اللهم إلا وظائف لا تعد من الولايات العامة كالتدريس للبنات وأعمال الطب والتمريض لعلاج المرضى من النساء .
    هذه خلاصة مسنودة للرأي الإسلامي التقليدي عن وضع المرأة ودورها.



    الفصل الثاني

    الرأي الإسلامي الآخر

    لم يسلم برأي جمهور الفقهاء كل الفقهاء المسلمين بل تحدث آخرون بآراء مخالفة لرأي الجمهور محتجين لآرائهم بنصوص الكتاب والسنة . واليك آراء هؤلاء :
    أجاز الإمام الشافعي إمامة المرأة للنساء .وأجاز الإمام الطبري والإمام أبو ثور إمامة المرأة للنساء وللرجال في الصلاة مستدلين بما رواه أبو داود من حديث أم ورقة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها.
    وساوى الإمام أبو حنيفة بين الرجل والمرأة في الدية محتجا بقوله تعالى : " النفس بالنفس " ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : في النفس المؤمنة مائة من الإبل. والنفس هنا عامة لم تخصص للرجل دون المرأة .
    وقال الإمام الطبري : مادامت المرأة أهلا للفتوى فهي أهل للقضاء. وقال : يجوز أن تكون المرأة حاكما على الإطلاق في كل شئ .
    وقال الإمام ابن حزم في المحلى : وجائز أن تلي المرأة الحكم . وروى عن عمر ( رضي الله عنه ) أنه ولى الشفاء - وهي امرأة - على قومه في السوق . وقال : فان قيل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة قلنا : إنّما قال ذلك في الأمر العام الذي هو الخلافة . وبرهان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : المرأة راعية على مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها .
    وقال الإمام أبو حنيفة المرأة مستأمرة في زواجها .لقد أعطاها الله حق التصرف في مالها فمن باب أولى أن يكون لها حق التصرف في نفسها . وقال : كل ما تجوز فيه شهادة المرأة يجوز فيه قضاؤها.
    ومن فرق المسلمين القديمة من أجاز تولية المرأة الإمامة الكبرى نفسها . هذا هو قول الشبيبية وهي إحدى فرق الخوارج . هؤلاء ولوا ( غزالة ) إماما وقائدا وحاربوا خلفها جيوش بني أمية بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي . وكانت غزالة امرأة فارسة مشهود لها بالعلم والتقوى والإقدام حتى صارت شجاعتها مثلا خلده الشعر في قول العربي :
    أسد علي وفي الحروب نعامة رمداء تنفر من صفير الصافر
    هلا برزت إلى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر ؟
    ومن الفقهاء المحدثين من أفتى بآراء مخالفة لما رويناه عن جمهور الفقهاء نذكر من هؤلاء البهي الخولي في كتابه حقوق الإنسان في الإسلام . وعبد الحميد متولي في كتابه مبادئ نظام الحكم في الإسلام.
    قال هؤلاء ما نلخصه في العبارات الآتية :
    ‌أ. القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية هي المساواة بين الرجل والمرأة اللهم إلا ما استثنى بنص صريح فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها إزاءه. وكل حق له عليها يقابله واجب عليه إزاءها . وفي ذلك يقول الله تعالى في كتابه : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " .
    وقال تعالى : " (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ..الآية) . " . ولم يقل كرمنا الذكور وحدهم بل التكريم شامل للرجل والمرأة . وقال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الايةٌ" . قالوا : هذه الآيات تتضمن مبدأين هما :
    الأول : الولاية بين المؤمنين والمؤمنات وهي ولاية تشمل الأخوة والصداقة والتعاون على الخير .
    الثاني : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب يشمل كل أنواع الإصلاح في كل نواحي الحياة ومنها الاشتغال بالسياسة والمرأة في ذلك كالرجل كما هو مبين في الآية .
    يقولون :
    إذا استعرضنا وضع المرأة في الحضارات السابقة للإسلام لوجدنا أن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقا لم تكن معهودة وكرمها تكريما واضحا . لقد كان للحجر في القانون الروماني ثلاث أسباب هي : الصغر ، والجنون ، والأنوثة . واستمد القانون الفرنسي من أصوله الرومانية هذه الأسباب للحجر وظل كذلك حتى عام 1938م. ولكن في الشريعة الإسلامية لم تكن الأنوثة أبدا سببا للحجر. بل احتفظت الشريعة للمرأة بأهليتها كاملة في إدارة أموالها وإجراء مختلف العقود مثل البيع والشراء والرهن وهلم جرا.
    ولا ريب أنّ ذلك يقتضيها الخروج من بيتها والاختلاط بالرجال ، وإذا كان الله قد خاطب نساء الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : "وقرن في بيوتكن .الآية" . فان الخطاب في الآية موجه لنساء بيت النبي صلى خاصة والنص فيها واضح : " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ..الآية
    ومعلوم أنّ الآيات قد نزلت في ظروف خاصة ترجع لما كان يلقاه النبي من الحرج لعدم مراعاة بعض الزوار لحرمة البيت وآداب الزيارة . لا سيما ما حدث بمناسبة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش حيث أطال بعض الزوار الجلوس حتى بعد مغادرة الرسول صلى الله عليه وسلم لبيته. وقد يكون بعضهم من المنافقين . وإلى ذلك أشارت الآية : " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " . قال الطبري : أي في قلبه ضعف لضعف إيمانه إما لأنه شاك في الإسلام منافق و إما لأنه متهاون بإتيان الفواحش .
    وإلزامهن بملازمة البيوت في أغلب أوقاتهن ميزة لزيادة توقيرهن وإبعاد الشبهات عنهن . ولا يستغرب أن يكون لنساء النبي تشريع خاص بهن فقد حرم عليهن خاصة أنّ يتزوجن بعد وفاة النبي ونصت الآية على أنّ العذاب مضاعف لهن إذا ارتكبن فاحشة:
    " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا" وقوله تعالى " أن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما " . وينبغي أن نفهم هذا الخطاب المتشدد لنساء النبي في أمر الخروج على ضوء الهزة التي أصابت المجتمع المسلم الجديد على أثر حديث الإفك مما أوجب زيادة الاحتياط لكيلا يجد أعداء الإسلام شبهات ينفذون بها على سمعة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . والمقصود هو بقاء نساء النبي أغلب الأوقات في البيوت كما جاء في تفسير الالوسي البغدادي إذ روى المفسر أنّه "قد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه سلم قال لهن بعد نزول الآية :" أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن " فعلم أنّ المراد بالاستقرار الذي يحصل به وقارهن وامتيازهن على سائر النساء بأن يلازمن البيوت في أغلب الأوقات ولا يكن خرّاجات ولاّجات طوّافات في الطرق والأسواق وفي بيوت الناس ".
    أما الذين اعترضوا على المساواة كقاعدة شرعية عامة بقوله تعالى : " وللرجال عليهن درجة ..الآية" فيقال لهم : إنّ لهذه الدرجة حدا واضحا هو قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " فبين بذلك أنّ الدرجة المقصودة هي الرئاسة والقوامة على شئونهما المشتركة أي على شئون الأسرة . فالرجل هو المكلف بالإنفاق على المرأة وتربية الأولاد وهذا هو سر الرئاسة المذكورة .
    وعبارة قوامون لا تعني الحجر والاستبداد والقهر والتدخل في حقوقها ، فولايتها على مالها كاملة ولا سلطان للرجل على دينها فليس له أن يُكرهها على تغيير دينها يهودية كانت أم نصرانية .
    ‌ب- قال أصحاب هذه الآراء : الولاية عموما ليست ممنوعة عن المرأة وحسبنا دليلا على ذلك أنّ المرأة يصح أن تكون وصية على الصغار ،وعلى ناقص الأهلية ،وأن تكون وكيلة لأي جماعة من الأفراد في إدارة أموالهم ، وأن تكون شاهدة ، والشهادة ولاية كما يقرر الفقهاء ، الإسلام لا يحرم على المرأة حق الانتخاب فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب هي عملية توكيل والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناَ بالدفاع عن حقوقها . كذلك لا تمنع مبادئ الإسلام المرأة أن تكون مشرعة وأن تقوم بمراقبة السلطة التنفيذية .
    ويقول السباعي : كذلك ليس في الإسلام نص يحرم على المرأة أن تتولى وظيفة من الوظائف وذلك لكمال أهليتها ، ولا يستثني من ذلك كله إلا رئاسة الدولة لأنّ لهذا المنصب وظائف خطيرة مثل قيادة المجتمع والحرب وهي لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي والعاطفي.
    ويقول أصحاب هذه الآراء : حرية العمل مكفولة للمرأة إبّان الحرب في أعمال التمريض والإسعاف والخدمة ونحوها ، ولقد كان ذلك يحدث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم و بإذن منه .
    بل لقد كان يحدث أن تحمل المرأة السلاح أحيانا في بعض الحروب التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكما حدث ذلك في حروب الردة في عهد أبي بكر ( رضي الله عنه ) وقد فصّل البخاري أخباراَ عن دور النساء في الحرب في كتابه في باب سماه: غزو النساء وقتالهن .
    ويضيفون : إنّ للمرأة أن تعمل بالسياسة وفق قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الآيةٌ" .
    لقد كان للسيدة عائشة رأي واضح في سياسة الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) وخرجت على الإمام علي بي أبي طالب خروجا سياسيا ولم يعترض أحد على ما كانت تبديه من آراء بحجة أنّ هذا ليس من شأنها . لقد ندمت السيدة عائشة بعد ذلك ولكن ندمها لم يكن على مزاولة أمر سياسي بل على أنها أخطأت الرأي والتقدير فيما يتعلق بالطرف الذي انحازت إليه . وكان عبد الله بن عمر ( رضي الله عنه ) في مكة عندما خرجت السيدة عائشة مع طلحة و الزبير ( رضي الله عنهم جميعا ) فلم ير ابن عمر ( رضي الله عنه ) أنها تدخلت فيما ليس من شأنها ولو كان في الإسلام ما يمنعها من ذلك لما سكت عليه .
    وينفرد السباعي بين أصحاب هذه الآراء بقوله : " إننا قررنا ما قررنا من حقوق المرأة السياسية لبيان الحكم الشرعي فقط ، أما مزاولته والأخذ به فان المجتمع عندنا لم يتهيأ له بعد. وحين تشيع الثقافة بين الرجال والنساء ويرتفع مستوى الخلق ويتطور العرف والوعي وتوجد المرأة الفاضلة المنشودة فلا حرج ان تباشر ما قرره لها الإسلام من حق " .
    هذه خلاصة الرأي الإسلامي الآخر المخالف لرأي الجمهور الذي لخصناه في الفصل الأول .

                  

05-04-2006, 03:10 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل السادس
    ماذا تقول العلوم الاجتماعية

    قد حاول بعض العلماء الغربيين الوصول إلى أسباب علمية لمكانة الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع . وكان فردريك انجلز ( زميل كارل ماركس ) من أوائل الذين قدموا نظرية في هذا الصدد.
    قال انجلز في كتابة اصل الأسرة إن ما نشاهده اليوم من تكوين للأسرة فيه هيمنة للرجل. وتكوين المجتمع أيضا فيه هيمنة للرجل. وهذان الوضعان تطورا مع وضع آخر إذ تسلسلت الأوضاع كالآتي:
    أولا : وضع بدائي كانت فيه الملكية شائعة بين جميع الناس ولا وجود لملكية خاصة ولا لطبقات اجتماعية . وفي تلك الحالة كان المواليد لا ينتسبون لآبائهم بل لأمهاتهم أي أنّ الانتساب قائم على أساس الأم ( MATRILEANIAL ) ومع وجود هذا النوع من الانتساب كانت المرأة ( الأم ) مهيمنة على الأسرة وعلى النظام الاجتماعي ( MATRIARCHY ) .
    ثانيا : ثم تطور النظام الاجتماعي بحيث انتهى شيوع الثروة بين الناس وبدأت الملكية الخاصة . ومع الملكية الخاصة بدأ ظهور الطبقات الاجتماعية . ومع الملكية الخاصة اختفى نظام الانتساب للام ليحل محله نظام الانتساب للأب ( PATRILEANIAL ). وكذلك ظهر نظام هيمنة الرجل ( الأب ) على الأسرة وعلى المجتمع (PATRIARCHY ). قال انجلز : إنّ هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ظاهرة اقترنت بالملكية الخاصة وبظهور الطبقات وسوف تختفي معها . وقال إننا إذا استعرضنا المجتمعات الإنسانية المعاصرة لنا سنجد أنّ بعضها مازال يمارس تقاليد فيها الانتساب للام ( MATRILENIAL ) وتقاليد فيها يقيم الزوجان في بداية زواجهما في منزل الأم ( MATRILOCAL ) وهذه التقاليد كلها من مخلفات العهود القديمة التي كانت فيها المرأة مهيمنة على الأسرة وعلى المجتمع .
    هيمنة الرجل :
    لقد تصدى لهذه الآراء جماعة من علماء الاجتماع نذكر منهم العالم جورج بيتر مردوك في كتابه النظم الاجتماعية قال هذا المؤلف :
    أولا : هنالك عدد كبير من المجتمعات التي تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ولا يوجد دليل على أنّ هذا الحال سبقه نظام الانتساب للأم.
    ثانيا : إنّ الانتساب للأم موجود في كثير من المجتمعات التي تمارس الملكية الخاصة والتي تقوم فيها الطبقات الاجتماعية وبعض تلك المجتمعات مجتمعات إقطاعية .
    ثالثا : إن جميع المجتمعات التي عرفناها سواء كان الانتساب فيها للأم أو للأب مجتمعات تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ".
    إنّ أدب الأنثروبولوجيا ( علم الاجتماع ) الموجود الآن يوضح أنّ العلماء في هذا المجال اكتشفوا وجود أربعة ألف مجتمعا إنسانيا متميز الخصال . ويوضح هذا الأدب أنهم قد درسوا من بين هذا العدد الهائل ألف ومائتين مجتمعا إنسانيا .
    لقد أسفرت هذه الدراسة عن الحقائق الآتية :
    كل هذه المجتمعات بلا استثناء اشتملت على المؤسسات والممارسات الآتية :
    ‌أ. على ممارسة نوع من الزواج.
    ‌ب. على إقامة نوع من مؤسسة الأسرة .
    ‌ج. على ممارسة نوع من التحريم المتشدد لنكاح الأقربين (نكاح الأخوة أو الأبناء وبناتهم أو هلم جرا).
    ‌د. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع
    ‌ه. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة تولى الرجال لأغلبية المناصب العليا في المجتمع.
    استنادا لتلك الدراسات المستفيضة لخصت الأستاذة مارجريت ميد MARGRET MEAD الموقف بقولها : " في كل المجتمعات التي درست كان الرجال هم المسئولين عن توجيه الأمور في المجتمع وكانوا أيضا هم أصحاب الكلمة الأخيرة في المنزل " .
    هذه الحقيقة اطردت في كل المجتمعات :
    • في البدائية البسيطة .
    • وفي الزراعية الإقطاعية .
    • وفي الصناعية الرأسمالية .
    • وفي الصناعية التي قامت فيها نظم ثورية وأعلنت بقوة مبدأ المساواة بين الجنسين .
    وللاستدلال على هذا نسوق الأرقام الآتية وهي مستقاة من إحصائيات عام 1979م:
    • ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا توجد نساء في مجلس الشيوخ . والمدن ذات العدد السكاني الكبير ( 25 ألف فما فوق ) النساء يشكلن 1 % من عمدها . والنساء يشكلن أقل من 2 % من صناع القرار في الحكومة الفدرالية . وهن يشكلن 3% من عضوية مجلس النواب ، ويشكلن 5 % من عضوية مجالس التشريع الإقليمية .
    • وفي السويد كل الوزراء وعددهم 12 وزيرا من الرجال.
    • وفي كوبا كل أعضاء المكتب السياسي وعددهم 15 عضوا من الرجال ومجلس الوزراء عدده 21 وزيرا منهم 20 من الرجال.
    • وفي الصين 14 وزيرا 13 منهم رجال . وأعضاء مجلس الدولة وعددهم 17 شخصا هم من الرجال . ورؤساء الوزارات الإداريون عددهم 67 شخصا هم من الرجال وكل أعضاء المكتب السياسي إلا واحدة هم من الرجال .
    • وفي الاتحاد السوفيتي أكثر من 95 % من أعضاء اللجنة المركزية رجال.
    • وفي تلك الحالات التي تولت امرأة الرئاسة العليا كمارغريت تاتشر في بريطانيا و أنديرا غاندي في الهند فان غالبية وزرائها ورؤساء المصالح وقادة المجتمع هم من الرجال .
    النتيجة : هذه المجتمعات الإنسانية البدائية والمتطورة . الرأسمالية ، والاشتراكية ، تسود فيها ظاهرة هيمنة الرجال في الحياة الخاصة والعامة وهي ظاهرة متكررة بلا استثناء حتى في المجتمعات التي تعلن المساواة التامة بين الجنسين وتسعى لتحقيقها .
    هذه النتيجة لمستها وأشارت إليها واشتكت منها عدة من عالمات الاجتماع من النساء كما ورد في كتب مثل :
    • عالم الرجال، ومكان المرأة فيه بقلم اليزابيث جينواي
    ( MAN`S WORLD WOMAN`S PLACE ) by Janeway, Elithabeth , .
    • المرأة والمصلحة العامة - بقلم جسي برنارد .
    ( WOMEN AND THE PUBLIC INTERESTE) by JessieBernard
    • مكان المرأة بقلم سنثيا ابستاينْ.
    ( Woman`s Place ) by Cynthia Epstien
    هؤلاء الكاتبات يشرن إلى هيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية المتطورة . ويقلن إنّ هذه المجتمعات تربي أولادها وبناتها على خصال معينة بحيث يكتسب الأولاد خصالا رجالية والبنات خصالا نسائية . ويقلن أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تواجهه المرأة في الحياة هو أنّ غالبية الساسة والقادة ورجال الأعمال ورؤساء المصالح هم من الرجال .
    لماذا هذا ؟
    رأي الحركة النسوية Feminist Movement :
    هذا السؤال تطرقت للإجابة عليه كتب مثل :
    السياسة والجنس بقلم كيت مليت SEXUAL POLITICS by Kate Millett -1971
    النسوان الخصيان بقلم جيرمين قرير THE FEMALE ENUCH by Germaine Greer
    جدل الجنس بقلم شولامث فيرستون THE DIALECTIC OF SEX. By Shulamith Firestone
    وخلاصة رأي هؤلاء الكاتبات ( وجميعهن ينتسبن إلى الحركة النسوية Feminist Movement في الغرب ) هو أنّ شخصية الرجل والمرأة مبنية على التربية الاجتماعية وما يصحبها من توجيه منذ الصغر . وهذه التربية قائمة على برنامج خاص وزعت الخصال بموجبه على نوعين . نوع رجالي ونوع نسائي . هذا التوزيع توزيع تعسفي لا يقوم على أساس بل فرضه سلطان الرجال مما جعل البرنامج استكانة واتباع . ونتيجة لهذه التربية يشب الأولاد ليصبحوا رجالا متحلين بخصال رجالية معينة . وتشب البنات ليصبحن نساء متسمات بخصال نسائية معينة فالجميع اكتسبوا خصالهم نتيجة تربية معينة هي المسئولة عن الفوارق المشاهدة في سلوك الرجال والنساء .
    تقول السيدة جرمين قرير إننا لا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت هنالك عوامل فيسيولوجية تتسبب في الفوارق المشاهدة بين الرجال والنساء . ولن نعرف ذلك إلا إذا استطعنا فك الطلاسم الوراثية وقراءة الطلسم الوراثي نفسه ( DAN ) عندما نقرأ الطلسم الوراثي سنعرف الخصال التي تطبع على المرأة وراثيا ونتمكن من معرفة هل تستند خصال الرجال والنساء على أساس وراثي أم لا ؟
    وتقول السيدة شولامت فيرستون : لا يوجد اختلاف حقيقي بين الرجل والمرأة إلا ذلك الناشئ من الوظيفة التناسلية .
    هؤلاء الكاتبات يجمعن على أنّ التمييز المشاهد بين الجنسين إنّما حدث نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وانّه تمييز مكتسب غرسته تربية معينة .
    وعلى نمط هذه الآراء رأي رابع قالت به كاتبة رابعة هي جوليت متشل في كتابها:
    النساء أطول الثورات (WOMEN. THE LONGEST REVLOUTION. By Mitchell, Juliet
    قالت الكاتبة : إنّ هيمنة الرجل المشاهدة في الحياة الخاصة والعامة لا تقوم على أساس طبيعي ولكنها نتيجة حتمية لمؤسسة الأسرة . قالت : إنّ الأسرة وهي مصدر هذه الهيمنة الجائرة نظام عرضي يمكن التخلص منه والتخلص معه من هيمنة الرجال .
    رأي هؤلاء الكاتبات إذن هو أنّ ظاهرة الهيمنة الرجالية على الحياة الخاصة والعامة ظاهرة مكتسبة لا تستند إلى عومل وراثية ولا إلى ضرورات طبيعية.
    رأي مخالف :
    هنالك رد آخر على السؤال عن أسباب هيمنة الرجال . ورد هذا الرد في كتاب هيمنة الذكران بقلم ستيفن جولدنبرج .MALE DOMINANCE. By Steven Goldberg )
    قال هذا الكاتب : إنّ سلطان الآباء على الحياة الاجتماعية (الباترياركي ) وهيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة ، واستيلاء الرجال على غالبية الوظائف والمناصب ذات الشأن في المجتمع ، ظواهر اجتماعية لحقيقة فسيولوجية إذ أن تكوين الرجل الفسيولوجي يثير فيه انفعالات معينة وحيثما أحاط بالرجل نظام سلطان هرمي . أو عرضت له وظائف مرموقة ، أو أحاطت به أنثى فان هذه العوامل تستنهضه وتستثيره وتجعله:
    • تتولد فيه مشاعر التنافس ويزيد فيه التطلع للتفوق والهيمنة .
    • يؤثر الهيمنة ويضحي في سبيل الحصول عليها بالمال وبراحة البال وبالملذات .
    هذه النزعة التي تتحكم في سلوك الرجال تقوم على عوامل طبيعية عائدة إلى تكوين الرجل الغددي والعصبي .
    قال الكاتب : في كل الثدييات تقترن الهيمنة بالذكر وهذا يعني أنّ هذه الحقيقة تنطبق على كل الرئيسيات .
    هنالك 32 فصيلة من الرئيسيات بما في ذلك الإنسان .
    من بين ال32 فصيلة توجد ثلاثة فصائل شاذة إذ تقترن الهيمنة فيها بالأنثى لا بالذكر . تلك الفصائل الثلاثة هي المسماة : ساقونيوس ، واوتس ، و كاليسيبس ( SAGUINUS. AOTUS . AND CALLICEBUS ) , ) وفي هذه الفصائل وحدها من بين كل الفصائل في هذا القسم من الحيوانات نجد ظاهرتين هما : الأنثى أكبر حجما من الذكر .والذكر هو الذي يتعهد حضانة الصغار . ( لكن طبعا الأنثى هي التي ترضعهم ) هكذا توجد في هذه الفصائل الثلاثة أمور ملفتة للنظر : الإناث هي المهيمنة والإناث هي الأكبر حجما .
    يستشهد الكاتب بوجود تجارب معملية تدل على أنّه بين الفئران وثدييات أخرى فأن سلوك الذكران عائد لإفرازات هرمون الذكورة من خصيتيها. وانّ لهذا الهرمون و اسمه تستوسترون أثرا في سلوك الحيوان الذكر وفى نزعته للهيمنة.ومن البراهين على هذا القول أنّ إناث الفئران إذا حقنت بكمية من التستوسترون في طفولتها فان ذلك يؤثر في سلوكها ويجعلها تنزع نحو الهيمنة.
    قال العالم الذي أجرى هذه الاختبارات على الفئران واسمه دكتور د. أ . ادوارد Dr. D.A. EDWARDS إنّ دراسته توضح إن نزعة التعدي والهيمنة التي تظهر في سلوك الفئران تعود قطعا لإفرازات الخصيتين .
    يقول مؤلف الكتاب المشار إليه : إنّ نتائج أبحاث علماء الغدد الصماء ، ونتائج علماء النفس تؤكد أنّ نزعة الهيمنة المشاهدة في سلوك الذكور تعود إلى تأثر أدمغتها بهرمون الذكورة في مرحلتين هما مرحلة التكوين ( وهي جنين ) ومرحلة البلوغ ، فالهيمنة الواضحة في سلوك الذكور من آثار الهرمونات عليها.
    يقول المؤلف وفي مؤتمر النيوروبيولوجي في بارهاربور أوضح الدكتور ريسمان Dr. RAISMAN أنّ التستوسترون ( أي الهرمون الذي تفرزه الخصيتان ) ذو تأثير على الدماغ يمكن أن يشاهد بالعين في مناطق معينة من الدماغ .
    هذه التجارب التي تؤكد ظهور مؤثرات مشاهدة في دماغ الفئران تحدثها هرمونات الذكورة أجريت على أدمغة الفئران ولكنها لم تجر بعد على أدمغة الإنسان . ولكن وجود هذه المؤثرات مؤشر هام لما سيكشف من وجودها في دماغ الإنسان أيضا .
    النتيجة المستخلصة : من هذه الدراسات والمشاهدات والتجارب هي أنّ سلوك الرجل الذي ينزع بطبعه نحو التعدي والهيمنة صادر من مؤثرات هرمونية تأثر بها دماغ الذكر في مرحلة التكوين ( أي وهو جنين ) ويزيد التأثر بها في مرحلة البلوغ هذه قاعدة .
    قال المؤلف : ربما وجدنا استثناءات من هذه القاعدة فبعض النساء ينزعن نحو التعدي والهيمنة أكثر من بعض الرجال , وبعضهن توجد في أجسامهن كميات من هرمون التستوسترون أكبر مما يوجد في أجسام بعض الرجال ،ولكن هذه الاستثناءات لا تنفي القاعدة العامة : فالطول مثلا خصلة مو######## ، والرجال بصفة عامة أطول من النساء ولكن هنالك نساء أطول من بعض الرجال ، ولكن هذه الحالات الاستثنائية لا تنفي القاعدة العامة وهي أن الرجال أطول من النساء.
    يقول المؤلف إنّ نزعة التعدي والهيمنة لا تتوقف على الهرمون وحده . فهناك عوامل تربوية و بئوية تؤثر عليها ، ولكن إذا تساوت هذه العوامل التربوية والبئوية فانّ أثر الهرمون يظهر ولذلك يميل الذكور عادة نحو التعدي والهيمنة .
    يقول المؤلف : رغم اختلاف البيئات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والمستويات التكنولوجية فانّ الرجال يهيمنون على الأسرة والمجتمع ويحتلون الوظائف العليا.
    هذه ظاهرة مطردة وان اختلفت نظرة الرأي العام في أوربا وأمريكا إليها ففي الماضي كان الرأي العام في أوربا وأمريكا يرتاح لتلك النظرة ويؤيدها بينما كان يستحي من الخوض في الممارسات الجنسية .
    أما الآن فان الرأي العام في أوربا وأمريكا ينتقد نزعة الهيمنة والتعدي ويشجع الخوض في الممارسات الجنسية . نظرة المجتمع تغيرت ولكن الحقائق بقيت على ما هي عليه .
    خلاصة : كل المجتمعات الإنسانية تظهر هيمنة الرجال على الأسرة وعلى المجتمع وهذه الظاهرة يفسرها بعض العلماء بإرجاعها للتركيب العصبي والغددي للرجال . ويفسرها آخرون بإرجاعها إلى عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية يغرس المجتمع بذورها عن طريق التربية في أجياله المتعاقبة من الأولاد والبنات .

    الفصل السابع
    رأينا في المسألة العلمية

    لقد استعرضنا بوضوح تام حتى الآن مواقف الفكر الإسلامي والفكر الوضعي من قضية المرأة وآن لنا أن نحدد رأينا حول هذه المسألة الهامة . فيما يلي أحدد الرأي في النقاش التالي :
    أولا : هيمنة الرجال :
    إنّها حقيقة لا شك فيها أن هيمنة الرجل على الحياة الخاصة والعامة ظاهرة متكررة في كل المجتمعات الإنسانية .
    ولا شك أنّ هذه الظاهرة تستمد وجودها من تكوين الرجل الغددي والعصبي والنفسي مما يجعله مجبولا على حب الهيمنة والسعي لممارستها بكل طاقاته ومهما كلفه ذلك من تضحيات .
    ثانيا : الاختلاف بين الجنسين:
    الرجال والنساء يختلفون فسيولوجيا ونفسيا وتوجد اختلافات في ملكاتهم ومواهبهم فالرجال مثلا أقدر على استيعاب الأمور المجردة والتداول فيها استنتاجا وتنظيرا ، بينما النساء أقدر من الرجال على استيعاب المسائل المحسوسة والأمور التي تتعلق بالأشخاص تفهما لها وتقديرا لظروفها .
    والدليل على تفوق استيعاب الرجل للمسائل التجريدية موجود في إحصائيات الشطرنج ، فالشطرنج من الألعاب التي تتطلب مقدارًا من التجريد والتنظير مثلها في ذلك مثل الرياضيات والفلسفة ، لقد دلت الدراسة للإنجاز في هذه المجالات على الحقائق الآتية :
    1. من بين أحسن خمسمائة لاعب شطرنج لا توجد امرأة واحدة هذا رغم أنّ النساء يشكلن 5 % من عضوية اتحاد الشطرنج العالمي.
    2. أجرت السيدتان الينور ماكوني وروبرتا اوتزل لعشرين إحصاءا دارت أرقامهما حول قدرات الرجال والنساء في إدراك وفهم الرياضيات . قالتا إنّ الإحصاءات المشار إليها أكدت الآتي :
    أ . استعداد الأولاد والبنات لاستيعاب الرياضيات متساو.
    ب .أما استعداد الرجال والنساء أي بعد مرحلة البلوغ في استيعاب الرياضيات فيه اختلاف كبير ، الرجال أحسن استيعابا لها من النساء .
    قالت المؤلفة بعد استعراض الإحصاءات: اعتقد أنّ ثمة عوامل وراثية هي التي تؤثر على ملكات الأولاد والبنات مثلا : الأولاد أكثر نزوعا نحو التعدي ليس فقط بمعنى أنهم أكثر ميلا للمشاجرة والتنافس ولكن بمعنى أوسع مما يجعلهم أحرص على التفوق والهيمنة ومما يجعلهم أيضا أكثر استعدادا لأخذ زمام المبادرة وللمخاطرة .
    وهذه الخصال نفسها هي التي تؤدي في طور لاحق في حياة الأولاد أي بعد البلوغ لتنمية الفكر الاستدلالي وما يلحق بهذا التفكير الاستدلالي من قدرات على الاستنتاج وعلى استيعاب المعاني المجردة .
    أقول : هذا لا يعني أنّ الرجال أذكي من النساء بصفة عامة ولا أنّ معدلات الذكاء بين الرجال أعلى من معدلات الذكاء بين النساء دائما. إن التفوق الرجالي المشار إليه هنا هو في نوع واحد من التفكير ذلك هو التفكير التجريدي وفيه يتفوق الرجال مثلما تتفوق النساء في استيعاب المحسوسات .
    هنالك دلائل أخرى على اختلاف ملكات الرجال والنساء ومواهبهم مثلا : عملت دراسة في بريطانيا في عام 1982 لحوادث السيارات في الطرق العامة وكانت النتيجة أن غالبية حوادث السيارات التي يقودها رجال تعود للأسباب الآتية : المخاطرة ،الاقتحام ، اللامبالاة. أما غالبية حوادث السيارات التي تقودها نساء فتعود للأسباب الآتية: الغفلة ، التردد ،شدة الحرص .
    إنّ اختلاف ملكات الرجال والنساء أمر بحثه كثير من علماء النفس وقديما صاغ أحد علماء النفس نظرية حول ما سماه الذكورة المطلقة والأنوثة المطلقة وهما صفتان غير موجودتين في الواقع إذ كل رجل وامرأة ينطويان على مقادير مختلفة من خصال الذكورة المطلقة والأنوثة المطلقة وان كان أغلبية الرجال ينطوون على مقادير الذكورة المطلقة أكثر من انطوائهم على مقادير الأنوثة المطلقة .والأمر بالعكس بالنسبة للنساء .
    خصال الذكورة المطلقة في هذه النظرية هي : الاستدلال العقلي، أخذ زمام المبادرة والانفتاح
    وخصال الأنوثة المطلقة هي : العاطفة ، المطاوعة ، والانطواء .
    ومهما كانت صحة هذه النظرية فإنها تحوم حول الاختلافات المشاهدة بين ملكات الرجال والنساء .
    إنّ التسليم باختلاف الملكات لا يعني التسليم بتفوق أحد الجنسين بصفة عامة في الذكاء على الجنس الآخر . كما أنّ الذكاء وحده لا يشكل العامل الوحيد في الإنجاز فرب ذكي مهمل يتفوق عليه المجتهد الأقل ذكاء .
    وفي السودان اطرد الدليل على تفوق البنات على الأولاد في نتائج الثانوية العليا في الأعوام الأخيرة ، هذا لا يدل على أنّ البنات أذكى من الأولاد ولكن أسبابه هي:
    أ / الأسرة السودانية عامة تشعر الأولاد بأنهم مفضلون على البنات. هذا التفضيل يدللهم بينما يحفز البنات للتفوق لإثبات قدراتهن.
    ب / المجتمع السودان يمنح الأولاد حرية أكبر من البنات ولذلك يصرف الأولاد كثيرا من الوقت في اللعب والترفيه أو مجرد الجوالة والتسكع بينما تصرف البنات وقتا أكبر في المذاكرة .
    ثالثا: حكمة التفاوت
    الانطلاق من حقيقة تفوق الرجال في بعض الملكات وحرصهم على الهيمنة وممارستهم لها .. الانطلاق من هذه الحقائق لاستنتاج أنّ الرجال أفضل من النساء أفضلية مطلقة استنتاج غير مشروع.
    إنّ الهيمنة الرجالية ظاهرة تقابلها ميزة نسوية كبرى هي الأمومة.وانّ امتياز الرجال في بعض الملكات والمواهب يقابله امتياز النساء في غيرها . وكلما تأمل الإنسان تفاوت الرجال والنساء أدرك أنّ لهذا التفاوت حكمة لكي يتكامل أداؤهم وعطاؤهم في مسئولية الحياة ونظام المجتمع .
    لقد أودع الخالق سبحانه وتعالى في النساء قدرات بيولوجية وسيكولوجية خاصة تمكنهن من دور خاص في مهمة حفظ النوع الإنساني والتوالد .
    إنّ النساء بالأمومة يكتسبن قيمة كبرى في نظر الأجيال الناشئة فالأم بالنسبة للطفل هي أهم شئ في الوجود . وعطاء النساء بالأمومة هو في ميزان الطبيعة أهم عطاء . وما ميل الرجال نحو الإنجاز والتفوق وحرصهم على الهيمنة لا للبحث عن عطاء يوازن في أهميته عطاء الأمومة ،فالأبوة وإن كانت مهمة تتخلف في أهميتها درجات عن الأمومة .
    ولأهمية الأمومة فان خالق الطبيعة جعل المرأة أقوى على مغالبة المخاطر الطبيعية . فإذا عم وباء فانه يقتل من الرجال أكثر مما يقتل من النساء . لقد اهتم بعض الناس بالفوارق بين الجنسين ليتخذوا منها مبررا للتمييز بينهما وتفضيل الرجال . وحاول آخرون التقليل من شأن هذه الفوارق ليتخذوا من ذلك مبررا للمساواة بين الجنسين.
    إنّ الجنس هو أهم ما نعرف به شخصية الفرد منا . انه أول ما نلاحظ إذا عرفناه وآخر ما ننسى من أمره أو أمرها . وكل محاولة للتقليل من الفوارق الجنسية سباحة ضد تيار الفطرة وحراثة في البحر .ولكن تأكيد الفوارق لا يعني صحة اعتبارها أساسا لاضطهاد النساء .
    الجنس واقع ثنائي تختلف الذكورة فيه والأنوثة اختلافا أساسيا في التكوين البيولوجي والنفسي اختلافا هو سر التجاذب بين طرفيه فيتكامل الواقع الثنائي في اتحاد لحفظ النوع وبناء المجتمع , إنّ في تجاذب الأضداد هذا مماثلة لقانون فيزيائي حيث يتجاذب السلب والإيجاب .
    لقد جنى بعض الناس جناية كبرى على هذه المعادلة الثنائية المتكاملة لأنهم باسم الفوارق بين الرجال والنساء حاولوا تحطيم كرامة المرأة وهدم ما لها من نصف كيان الإنسان ونصف الدين ونصف المجتمع .
    وجنى آخرون جناية أخرى لا تقل عن تلك فداحة إذ حاولوا إنقاذ كرامة المرأة واسترداد ما لها من نصف كيان الإنسان والدين والمجتمع بإنكار الفوارق الجنسية. ووأدوا الأنوثة أو الذكورة وأدا معنويا لكي يطيب لهم إعلان المساواة بين الجنسين. انه لظلم عظيم أن نغمط حق المرأة باسم الفوارق بين الجنسين وظلم عظيم أيضا أن نسقط أنوثتها باسم المساواة .
    هذان الموقفان لا يليقان بالرجل الواعي ولا بالمرأة الواعية بل إنّ واجبهما أن يعرفا الفوارق بينهما حق المعرفة احتراما لفطرتهما وأن يسعيا لانتفاع الإنسان بميزات الرجال وميزات النساء في تسيير دفة الحياة .
    رابعا : ضرورة المساواة في الحقوق :
    الخطأ الجسيم هو أن نقرن بين قدرات المرأة وملكاتها وبين الانتقاص من حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
    فالمجتمع محتاج للرجل وميزاته وملكاته في بناء نفسه وهو محتاج للمرأة وميزاتها وملكاتها في بناء نفسه .
    ينبغي أن تتساوى الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المكفولة للرجال والنساء وأن تصان فكرا ودستورا وتشريعا. وليترك للمجتمع حرية توظيف رجاله ونسائه دون قيود وسنجد أنّ المجتمع الرشيد سوف ينتفع بالرجال والنساء حيث عطاؤهم أكبر وأداؤهم أفضل .
    إذا نحن انطلقنا من الفوارق بين الرجال والنساء ورتبنا على ذلك حرمان المرأة من حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنّ هذه الخطة لن تستقر بل سوف يقاومها المطالبون بحقوق المرأة رافضين الخطة . بل رافضين الأساس الموضوعي الذي تقوم عليه نفسه .
    خامسا:الضرورات الآنية :
    ومهما كان استعداد النساء ومهما كان ميلهن الطبيعي فان دورهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي لن يخضع لاستعدادهن الطبيعي وحده . ففي مجتمع يواجه حربا سوف تنشأ الحاجة لتعبئة كل أعضائه لمواجهة ظروف الحرب . وفي مجتمع يواجه تعبئة تنموية سوف تنشأ الحاجة لتوجيه كل أعضاء المجتمع للمساهمة في الهدف العام .
    لذلك أقول : إنّ لتكوين النساء الطبيعي ميزات تعدهن إعدادا أفضل لوظيفة الأمومة . يقابل هذا الاستعداد في النساء استعداد طبيعي في الرجال يدفعهم دفعا إلى الأخذ بزمام المبادرة والى الهيمنة وهما صفتان لازمتان لوظيفتي الكسب والحماية .
    إنّ التفاضل الموجود بين الرجال والنساء حقيقي ولكنه تفاضل تكامل لا تفاضل مطلق ولا يجوز الاستناد عليه لتقديم طرف على الآخر في ميزان المكانة الإنسانية ولا في نيل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

    الفصل الثامن
    رأينا من منظور إسلامي

    القاعدة الأساسية في الإسلام هي مساواة الرجل والمرأة في ميزان الإنسانية وفي ميزان الدين . قال تعالى : " "يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" وهذا المعنى نفسه أوضحه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " النساء شقائق الرجال " . وبناء على هذه القاعدة كان النداء العام لمجتمع الرجال والنساء متساويا ، والدليل على ذلك هو:
    • قال تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم "
    • وقال : " فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض .."
    هذا هو نهج النداء العام ، ولكن هناك استثناءات مقترنة بظروف معينة .فالأمومة أعطت المرأة ميزة أوضحها حديث البر حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم . قال: السائل من أبر يا رسول الله ؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم أمك .فكرر السائل سؤاله ثلاث مرات وكرر المصطفى صلى الله عليه وسلم الإجابة ثلاث مرات وفي الرابعة قال النبي : أباك .
    ومن هذا القبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم : الجنة تحت أقدام الأمهات .
    وهنالك استثناءات سببها دور الرجل ووظيفته هي :

    أ . الشهادة:
    في آية الدين " .. واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.." تنص الآية على أن الشهادة في شأن المال تجوز برجلين أو رجل وامرأتين .والآية تذكر علة واضحة لذلك هي احتمال نسيان إحداهما للأمر لأن المعاملات المالية غير معتادة لديهن والإنسان سريع الغفلة عما لا يعتاد من الأمور وهو المعنى الذي صاغه حكيم الشعراء أبو الطيب المتنبئ بقوله :
    لكل امرئ في دهره ما تعودا
    وعلى أي حال فإنّ الأهلية للشهادة لا تدل على القيمة الإيمانية والإنسانية لصاحبها فرب عالم صالح عابد ينسيه انشغاله بعبادته عن تفاصيل الأحداث . لذلك قال معاوية بن أبي سفيان داهية العرب : إنني لأرد شهادة قوم أرجو أن انتفع بصالح دعائهم . ( أي هم من الصلاح بحيث أرجو أن انتفع بدعائهم ولكنني لا أقبل شهادتهم لغفلتهم عن الأمور المعتادة ) . وما دامت الشهادة الناقصة معللة بظروف معينة فان زوال العلة يؤخذ في الحسبان لذلك قال الإمام أحمد بجواز شهادة المرأة المنفردة إذا كانت أهلا لذلك .

    ب. المواريث:
    المواريث من الأحكام المحددة في الشريعة الإسلامية، الإرث في الإسلام يدور على أمرين:
    الأول: درجة القرابة من المتوفى.
    الثاني: حاجـة الورثـة.
    الحاجة الأعم في الوراثة اقتضت أن للذكر مثل حظ الأنثيين. لقد نقص حق المرأة في الميراث مقابل نقص في واجبها في النفقة إذ أوكلت النفقة كلها للرجل . فالمرأة تواجه ظروف ضعف في الحياة أثناء الحمل النفاس والحضانة وهي في تلك الظروف تحتاج لمن يتولى أمر الصرف لأنّ تلك الظروف تستوعب كل طاقتها.
    إنّ نقص نصيب المرأة في الميراث ليس نقصا في إيمانها ولا في إنسانيتها بل سببه معادلة حسابية محددة .
    ولكن نصف نصيب المرأة من الإرث ليس مرتبطاً بمجرد الأنوثة وليس دليلاً على دونيتها بالنسبة للرجل كما توهم بعض الناس. والدليل على ذلك هو أنه في حالة غياب ما للرجل من التزام أكبر ـ مثلما هو حال الوالدين الذين هلك ولدهما فالنصيب في الورثة متساوٍ. قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ..الآية) . فــي منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري تفسير لهذه الآية كالآتي:
    ‌أ- ترث الأم الثلث إن لم يكن للهالك ولد ولا جمع من الإخوة (إثنان فأكثر).
    ‌ب- ترث الأم السدس إن كان للهالك ولد أو جمع من الإخوة (إثنان فأكثر).
    ‌ج- يرث الوالد السدس مطلقاً سواءاً كان للهالك ولد أو لم يكن له ولد.
    هذا معناه أن الأم ترث أكثر من الأب إن لم يكن للهالك ولد أو جمع من الإخوة. وفي حالة الإخوة لأم يكون السدس للأخ لأم ذكراً كان أو أنثى، ويرثه إن لم يكن للوارث أب ولا جد ولا ولد ولا حفيد ذكراً كان أو أنثى بشرط أن يكون الأخ أو الأخت منفرداً، فإن تعدد الإخوة ورثوا الثلث شراكة.
    وفي حالة الجد والجدة: الجد عند فقد الأب يرث السدس، والجدة إن لم يكن للوارث أم ترث السدس أيضاً.
    هنالك ظروف جـدّت على بعض المجتمعات تعاظم فيها دور المرأة الإنفاقي، وفي السودان اليوم نسبة معتبرة من الأسر تقع فيها مسئولية الإنفاق على المرأة لأسباب مثل نسبة الطلاق العالية وتخلي كثير من الآباء عن الإنفاق على أولادهم، هجرة عدد كبير من الرجال خارج البلاد ورفع يدهم عن أسرهم إهمالاً لمسئولياتهم، حصول النساء على مصادر دخل عن طريق العمل الخاص أو الوظيفة مع عطالة أزواجهن عن العمل الخاص والوظيفة. هذه الظروف جعلت إنفاق النساء على الأسرة تبلغ نسبة معتبرة. فماذا يكون أثر ذلك على نصيبهن من الورثة؟ ربما أمكن استيعاب هذه الحقائق الجديدة عن طريق إعطاء نصيب لهن من الثلث الذي فوض للمورث تحديده.
    ولكن مع اتساع أعداد الأسر التي تعولها نساء، لا يمكن تطبيق أحكام الوراثة بصورة لا تراعي مقاصد الشريعة وتأخذ المستجدات في الحسبان. هكذا ينبغي أن تراجع أشكال الأحكام الإسلامية ذات المضمون الاقتصادي لتأخذ المستجدات في الحسبان ولكي تحقق مقاصد الشريعة في ظروف العصر الحديث.
    وعلى العموم فإن الفرق في المواريث راجع لأنه توزيع للأنصبة المو######## حسب واجبات مستحقيها ، ولكن حيثما وزعت الأنصبة في الشريعة للإعاشة لم يراع في المستحقين ذكورة أو أنوثة بل روعيت الحاجة ، فأنصبة الفقراء واليتامى والمساكين من أموال الزكاة والفيء والأنفال توزع حسب حاجتهم فإن تساوت الحاجة تساوت الأنصبة بلا إشارة لذكورة أو أنوثة .

    ج. تعدد الزوجات:
    في آية النكاح نص على جواز زواج الرجل من أربع نساء وفي نص آخر في آية أخرى يقترن هذا الحق بالعدل .
    إنّ موضوع جواز زواج الرجل من أربع نساء لا يتعلق بقيمة المرأة الإيمانية ولا الإنسانية فرب امرأة أفضل من زوجها إيمانيا وإنسانيا ولكن هذا الحق متعلق بطبيعة الرجال وطبيعة النساء .
    الرجل أشد تعرضا للإثارة الجنسية وهو أقل صبرا عليها ونزعته لتجاوز العلاقة مع واحدة أكبر . وهذا واقع يدل عليه ما درس من أحوال الرجال في المجتمعات الوضعية . والرجل عمره الجنسي أطول من عمر المرأة إذ أنّ ذكورته وهرموناته تبدأ منذ البلوغ وقد تستمر حتى نهاية عمره . بينما المرأة تتأثر أنوثتها وهرموناتها بسن اليأس . كما أنّ الرجل مهيأ للجنس في كل الأوقات بينما يعطل استعداد المرأة في فترات الحيض والنفاس وبعض أشهر الحمل . هذه المفارقات في أحوال الرجال والنساء هي التي فتحت باب التعدد للرجال ، وهو باب لا يدخل منه كل الرجال ولكن يجد بعضهم دافعا قويا للدخول منه . وستظل نسبة من الرجال مندفعة نحو التعدد في كل المجتمعات وسيتم التعدد سواء كان في شكل مشروع ومحدد كما هو الحال في الإسلام ، أو كان في شكل غير مشروع وغير محدد كما هو الحال في المجتمعات الأوروبية والأمريكية الحديثة.
    إنّ التعدد ليس واجبا إسلاميا مطلقا ويوجد في نصوص القرآن ما يمكن أن يفهم منه تفضيل الواحدة . ولكن التعدد جائز وفي ظروف معينة حينما يكون فيه قفل لدروب المعصية . مثلا إذا لم يكن الرجل صابرا على المفارقة في طبيعته وطبيعة زوجته ، أو في الظروف التي تزيد فيها أعداد النساء عن أعداد الرجال وهذه حالة معتادة ففي ظروف الحرب والبلاء العام والوباء أي في ظروف الشدة غير المعتادة يزيد عدد الضحايا من الرجال زيادة كبيرة . وفي الرخاء والسلام تزيد نسبة المواليد من البنات .
    فإن صح أنّ عمر الرجل الجنسي أطول من عمر المرأة الجنسي ، وإن صح أنّ العقم بين النساء أكثر منه بين الرجال ، وإن صح أنّ ظروف الشدة وظروف الرخاء كلاهما يزيد عدد النساء على الرجال أليس من العقل والحكمة أن يفتح باب التعدد ؟
    إنّ الفكر الأوروبي يربط رباطا قويا بين التعدد والمكانة الاجتماعية للمرأة بحيث يقال إنّ التعدد دليل على نقصان مكان المرأة الاجتماعية وبرهان على اضطهادها.
    هذا الربط ليس صحيحا إذ يمكن أن تكفل للمرأة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية رغم جواز التعدد . هنالك مجتمعات قليلة تجيز للمرأة أن تعدد الأزواج تسمى مجتمعات تعدد الأزواج (POLYANDROUS ) ورغم ذلك فان السلطة العليا في هذه المجتمعات والهيمنة للرجال في الحياة الخاصة والعامة. أي التعدد لا يعني حتما إزالة الحقوق الأخرى كما أن التعدد لا يعني حتما اضطهاد الطرف الآخر.
    تلك حقائق الأمر وظروفه الموضوعية ورغم وجودها فان الإسلام لا يقول على الرجال حتما أن يتزوجوا أكثر من امرأة بل يوجد في الإسلام مدخل مشروع لتقييد هذا الحق إن لزم ، ذلك المدخل هو أنّ عقد الزواج في الإسلام عقد اختياري بين طرفيه . وللطرفين أن يدخلا في العقد ما يحلو لهما من شروط إلا شرطا حلل حراما . إنّ للزوجة أن تدخل في شروط هذا العقد الاختياري ما تشاء من ضمانات بما في ذلك أن يكون لها حق العصمة وبما في ذلك ألا يتزوج الرجل امرأة أخرى وهلم جرا .إنّ الزواج عقد اختياري بين طرفيه والقضاء الإسلامي ملزم بإنفاذ شروط ذلك العقد . هذا الجانب من الأمر أسهب في بيانه فقهاء الحنابلة ، وهو دليل على وجود مدخل مشروع لأخذ الظروف الشخصية والاجتماعية في الحسبان .

    د. ضرب الزوجات
    تنص الآية 34 من سورة النساء على حق التأديب للزوج (..واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إنّ الله كان عليا كبيرا ) . هذا الحق طبعا مشروط بأن يكون الرجل مستوفيا لواجباته وان تكون المرأة متمردة . وهو حق مشروط بالتدرج بحيث يبدأ الأمر بالوعظ ثم الهجر ثم الضرب .ومعلوم أنّ الضرب يصل بالعلاقة إلى حافتها إذ ليس بعد الضرب إلا تحكيم يتساوى فيه تمثيل الرجل والمرأة ويكون قراره في الموضوع نهائيا .
    روى الإمام الطبري والإمام ابن كثير والإمام الخازن أنّ حادثا رفع إلى على كرم الله وجهه وقع بين رجل وامرأة فاختار الإمام على حكمين من أهل الطرفين وقال لهما : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما .
    والذين تفقهوا في الدين فهموا رخصة الضرب هذه فهما مقيدا . قال ابن عباس: الضرب المشار إليه غير مبرح ويكون بالسواك ونحوه.
    وقال الإمام الشافعي : الضرب مباح وتركه أفضل .
    أما إذا ضرب الرجل المرأة ضربا خاليا من هذه الشروط والقيود . أو ضربها وكان هو المقصر في واجباته . أو ضربها لمجرد العدوان . فان نصوص الإسلام في هذا المجال واضحة وهي المعاملة بالمثل أو العفو . قال تعالى : " وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ". إن النص القرآني واضح في أن تردي العلاقة إلى مرحلة الضرب يؤذن بفضها لأنها المرحلة التي تسبق التحكيم الذي قد يؤدي للفراق .
    إنّ العلاقة التي يعتبرها الإسلام عادية ويجب أن تسود بين الرجال والنساء علاقة تستبعد الخشونة بكل أنواعها وهي العلاقة المطلوبة بين زوجين قام بينهما ميثاق غليظ . قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" . . وقليل من التفكر يوضح لصاحبه أنّ المودة والرحمة لا تدومان مع الخشونة والضرب . انهما تقيمان العلاقة على الحب والتفاهم ، بينما يقيمها الضرب على الخوف ، وشتان بين الحب والخوف .
    إنّ الله قد اختار للعلاقة بين الرجل والمرأة أن تقوم وتستمر على المودة والرحمة وهو العليم بظروف البشر وأحوالهم ، فأذن بالضرب في ظروف معينة وبقيود معينة وأكثر الناس تقوى وأكثرهم استجابة لمقاصد الشريعة هو أحرصهم على إقامة العلاقة على المودة والرحمة.

    هـ. الحجاب:
    أما موضوع الحجاب فقد أشرنا إليه سابقا موضحين أنّه وافد إلى المجتمع الإسلامي وأن المجتمع الإسلامي يقتضي لنسائه الاحتشام في الملبس ومراعاة مقاصد الإسلام وآدابه في الاختلاط .

    و. نصف الدية:
    وموضوع إيجاب نصف الدية عن المرأة تعرضنا إليه وأوضحنا أنّ النص القرآني واضح وهو أنّ النفس بالنفس ونص الحديث كذلك واضح في النفس المؤمنة مائة من الإبل . والنفس في الحالتين تعبير يشمل نفس الرجل ونفس المرأة.

    ز. القوامة:
    قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله والائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إنّ الله كان عليا كبيرا " . هذه الآية قصد بها أن يكون للزوج حق تأديب زوجته .والآية تعالج أمر الحياة الزوجية الخاصة ولا صلة لها بالحياة السياسية أو الحياة العامة .
    قال العلامة الالوسي : هذه الآية نزلت في عهد سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن زهير . وهذا أنها نشزت فلطمها زوجها فانطلقت مع أبيها للنبي فقال : أفرشته كريمتي فلطمها . قال النبي صلى الله عليه وسلم لتقتص من زوجها. فانصرفت مع أبيها لتقتص منه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجعوا هذا جبريل أتاني وأنزل الله هذه الآية وتلاها فاستدل بعضهم بها على أن للزوج حق تأديب زوجته إذا ظلمت .
    إنّ حق القوامة المحدد هذا لا يصلح أساسا عاما لتفضيل الرجال على النساء في كل الأمور كما فعل بعض الناس والتمسوا من النص القرآني سندا لاضطهاد المرأة فدفعوا ببعض النساء دفعا للبحث عن كرامتهن النسوية في الأيدلوجيات الوضعية .
    إنّ القوامة المحددة هنا محددة بنطاق الأسرة والتفضيل المشار إليه متعلق بالكسب والإنفاق، وقد رأينا في مجال سابق كيف إن للرجل نزعة طبيعية في هذا الصدد وكل الذي فعله النص القرآني هو توظيف نزعات طبيعية خالقها أدرى بها لحماية مؤسسة مهمة هي مؤسسة الأسرة. ولولا هذا الاستيعاب الدقيق للفطرة لما صح أن يقال عن الإسلام أنّه دين الفطرة بمعنى أنّ الثابت في فطرة الإنسان يجد في الإسلام استصحابا وترشيدا. وكما أنّ للرجل تفضيلا في مجالات الكسب والحماية فان للمرأة تفضيلا في مجالات الأمومة والرعاية .
    لقد استدل بعض الناس بهذه الاستثناءات الوظيفية على تدني مكانة المرأة في الإسلام والتمسوا أحاديث آحاد ظنية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم وساقوا أحاديث موضوعة لحبس المرأة في أدنى درجات السلم الاجتماعي. رووا حديث آحاد أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " هذا الحديث ورد تعليقا على ما فعل الفرس عندما ولوا الملك إحدى بنات كسرى.
    هنالك نص قطعي في أمر مشابه هو ما جاء في كتاب الله من قصته عن قوم ولوا أمرهم امرأة .القصة القرآنية المذكورة هي قصة بلقيس ملكة سبأ وهي تدل على أنها كانت ملكة حكيمة راجحة العقل. قال تعالى حاكيا عن ملكة سبأ : "قالت يا أيها الملؤ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون . قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين " .
    إن أحاديث الآحاد ظنية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك لم يأخذ بكثير منها أئمة الاجتهاد المعروفين .وحتى من أخذوا بها فإنهم يصرفون النظر عنها إذا هي تعارضت مع نص قرآني والنص القرآني هنا يشير إلى امرأة مالكة إشارات لا تدل على عدم فلاح القوم الذين ولوا أمرهم امرأة بل على حسن تدبيرها وثقة قومها فيها .
    أما الحديث الآخر الذي يهدم به كثير من الناس كرامة المرأة فهو الذي نصه : " النساء ناقصات عقل ودين "
    قال بعض علماء الحديث : من علامات الوضع في الحديث فساد المعنى أي أن يكون المعنى مما لا تقبله العقول ويخالف البداهة . أو أن يخالف الحديث صريح القرآن ، أو أن يخالف معنى الحديث الحقائق التاريخية .
    لو صح هذا الحديث لحدث الآتي :
    " لوجب الحجر على النساء في التصرف في أموالهن أو على الأقل عدم السماح به إلا بإذن الزوج أو ولي الأمر .
    " ولما دخل عدد من النساء في عداد الصحابة الذين عرفوا بالإفتاء. إن عدد من عرفوا بالإفتاء من الصحابة مائة ونيف وثلاثون ما بين رجل وامرأة .
    " كيف يستساغ هذا الحديث وأول من آمن امرأة وأول من زمل الرسول صلى الله عليه وسلم من روع الوحي امرأة هي السيدة خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها) وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ( رضي الله عنه ) بالهجرة أودعا السر لامرأة هي أسماء بنت أبي بكر . وحين جمع القرآن في مصحف واحد وضع أمانة عند امرأة هي حفصة بنت عمر . وظل محفوظا لديها منذ عهد الخليفة الأول حتى عهد عثمان ( رضي الله عنه ) فاخذ منها وروجع واعتمد واستنسخ منه وأرسلت النسخ للأمصار .
    " والحديث المذكور ينافي روح التكريم والإعزاز للمرأة . الروح التي انتظمت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وظهرت في معاملته لخديجة ولفاطمة ولعائشة . الروح التي صدر منها قول النبي صلى الله عليه وسلم ." ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم " . رواه ابن عساكر من حديث علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) .
    " والحديث المشار إليه ينافي صريح القرآن إذ قال تعالى بعد أن ذكر الذكر والأنثى : " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " . فما معنى مثل هذه الآية إن كانت النساء ناقصات عقل ودين ؟
    وحديث آخر موضوع نصه : خرج رجل لسفر وعهد إلى امرأته ألا تنزل من العلو إلى أسفل . وكان أبوها في الطابق الأسفل فمرض فأرسلت المرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تستأذن في النزول. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أطيعي زوجك. فمات أبوها فارسلت المرأة إلى الرسول تستأذن فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أطيعي زوجك، فدفن أبوها فأرسل إليها الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرها أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها .
    من علامات الوضع في هذا الحديث انه يتنافى مع قوله تعالى : " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " . ويتنافى مع قاعدة أصولية معروفة هي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والخالق يأمر بالإحسان للوالدين بقوله : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" .
    وحديث آخر في نفس المرجع موضوع هو أنّ النبي صلي الله عليه وسلم قال : لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها .
    أين هذا الحديث من قوله تعالى :" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " . وقوله تعالى : " وجعل بينكم مودة ورحمة " . وقوله تعالى : " هن لباس لكم وانتم لباس لهن . "
    إنّ الإسلام يكفل حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاستثناءات المشار إليها في أحوال المرأة معللة ودائرة مع عللها . وكل محاولة للاستناد إلى الدين لنقص كرامة المرأة أو نقص حقوقها يضر بالدين لأنه يحيد به عن العدل والعدل من أهم مقاصد الدين، ويضر بأمة المسلمين لأنّه يعرض النساء وهن نصف الأمة ( على الأقل ) لفتنة الخروج عن الدين بحثا عن الكرامة السليبة وعن الحقوق المسلوبة.
    المهدية والمرأة:
    هنا ربّما سأل سائل عن تشدد الأحكام الفقهية التي أصدرها الإمام المهدي بشأن المرأة فلماذا كانت صارمة لهذه الدرجة من الصرامة؟ وكيف نتجاوزها نحن الآن؟
    لقد واجه الإمام المهدي ظروف تفسخ وانحلال في المجتمع مما أوجب التشدد في الأحكام الفقهية .والتشدد في الأحكام أمام تراخي الأوضاع إجراء اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه في كثير من الحالات. لذلك أمضى عمر بن الخطاب (رضى الله عنه ) طلاق الثلاث ثلاث طلقات ليؤدب الناس الذين تمادوا في التصريح بالطلاق . وأفتى على بن أبي طالب بمضاعفة الجلد لشارب الخمر لمواجهة استهتار شاربيها . وهلم جرا.
    قال الشيخ عبد الوهاب خلاف وهو يتحدث عن النصوص التشريعية في السنة أنّه : " إذا دلت القرينة القاطعة على أنّه تشريع مراعى فيه حال البيئات الخاصة فهو تشريع زمني يطبق في مثل بيئته . وإن لم تقم القرينة القاطعة على هذا فهو تشريع عام .
    لقد كانت من حجج الإمام المهدي الأساسية قوله ان الأحكام الفرعية لا تثبت على حال لذلك قال : " ولا تعرضوا لي بنصوصكم وبعلومكم على المتقدمين . إنما لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال " .
    إن كثيرا من الرجال والنساء يسألون ماذا تكون عليها الأحكام الإسلامية الآن بشأن المرأة وبشأن الأحوال الشخصية ؟.
    إننا في هذا الكتيب نحدد مكانة المرأة في الإسلام ونوضح حقوقها وواجباتها ولكن ما ينبغي أن تكون عليه الأحكام وقوانين الأحوال الشخصية موضوع ينبغي أن تحدده المؤسسة ذات الثلاث شعب المقترحة لاستنباط قوانين مفصلة من الشريعة . لقد قلت في مجال سابق : " إن الوسيلة الأفضل في ظروفنا المعاصرة لتطوير الفقه الإسلامي وجعل أحكامه مادة للقوانين هي تكوين مؤسسة مكونة من ثلاث شعب :
    الشعبة الأولى : هيئة الموسوعة . وهي هيئة للموسوعة الإسلامية مهمتها إحصاء كل آراء المجتهدين المسلمين عبر العصور . وإحصاء وتنظيم أدلة الآراء المختلفة وبيان الآراء التي كانت محل اتفاق الجمهور وآراء الآحاد و الأقليات وجعل كل تراث الفقه الإسلامي وتفسير القرآن والأحاديث مبوبة ومرتبة بحيث يسهل الرجوع إليها بسرعة ودون عناء .
    الشعبة الثانية : هيئة الخبراء . وهي هيئة تتكون من علماء في الشريعة الإسلامية وفقهاء واختصاصيين في القانون الوضعي وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي الإدارة وفي العلاقات الدولية وفي سائر العلوم الاجتماعية . وينظم هؤلاء أنفسهم داخليا بحيث يستطيعون استنباط أحكام من الكتاب والسنة واقتراح ديوان قانوني شامل : جنائي ، مدني ، شخصي، دولي ، وحيثما لا يتفق رأيهم حول الاستنباطات يسجلون الآراء المختلفة .
    الشعبة الثالثة : هيئة تشريعية: وهي هيئة تنوب عن الأمة نيابة صحيحة وحرة. هذه الهيئة هي التي تنظر في ديوان القوانين الذي تعده هيئة الخبراء وتشرع بأغلبيتها القوانين .ولها أن تبادر ما تشاء في سن التشريعات على أن تستعين بهيئة الخبراء للتأكد من أنّ تشريعاتها لا تعارض أصلا قطعيا من أصول الشريعة الإسلامية .
    هذه المؤسسة ذات الثلاث شعب هي المؤسسة التشريعية الملائمة لمبادئ الإسلام والمناسبة للعصر الحديث .

    الفصل التاسع
    قضية المرأة
    والإعلان العالمي لحقوق الإنسان

    لقد تم التطرق في الفصول السابقة لموقف الإسلام من حقوق المرأة، وتعرضنا لرأي جمهور الفقهاء المقيدة، ولآراء الفقهاء المجيزين، ثم لضرورة الاستجابة لمتطلبات العصر. وأول ما يعرض لنا في هذا الصدد التساؤل: ما هو موقف الإسلام من الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخولها للنساء؟
    لقد شارك الكاتب في مؤتمر نظمته الأمم المتحدة في جنيف من عام 1998 لبحث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي، وقدم ورقة تعرض فيها للشبهات التي يراها البعض معطلة لقبول الإسلام بالإعلان، وفندها واحدة واحدة، ثم خلص إلى أنه لا يوجد تعارض بين بنود الإعلان، وبين الدين الإسلامي. بل إن الإعلان يجب أن يعطى بعده الروحي والأخلاقي المطلوب بتضمين الحقوق الروحية والثقافية. كما أظهر أن الدين الإسلامي يذهب أبعد من الإعلان حينما يجعل الالتزام بحقوق الإنسان مفهوما ذا أبعاد روحية ودينية يأثم المؤمن إن لم يلتزم به.
    أما من ناحية من قضية المرأة فقد أورد التالي:
    البند 16 من الإعلان العالمي يقول:
    i. للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
    ii. لا يبرم عقد الزواج إلا برضا الطرفين الراغبين في الزواج رضا كاملا لا إكراه فيه.
    iii. الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
    عندما أشرقت رسالة الإسلام في العالم قبل 15 قرنا فان تعاليمها كانت بمثابة ثورة لتحرير المرأة.
    أما اليوم فان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينادي بالمساواة التامة بين الجنسين. فما هو موقف الإسلام من هذا النداء؟
    ان الفكر الإسلامي المعاصر منقسم على نفسه حول هذا الموضوع. إن دعاة المدارس الإسلامية المختلفة حول هذا الموضوع يدعمون مواقفهم بالاستشهاد بالكتاب والسنة ويطرحون آراء تتناقض بين الذين يضعون المرأة في مرتبة أدنى والذين يقرون لها المساواة.
    ان الرجل والمرأة في الإسلام هما الشقان المكونان للنفس الإنسانية بنص سورة النساء الآية الأولى: "يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" وهو المعنى الكامن وراء مقولة النساء شقائق الرجال. ان لهما حقوقا اجتماعية وسياسية واقتصادية متساوية بنص سورة التوبة الآية 71: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" .
    ولكن الإسلام يقر بوجود اختلافات بيولوجية، وفسيولوجية، ونفسية بين الرجل والمرأة، اختلافات استشهد بها بعض الناس لدونية المرأة والصحيح أن تكون أساسا لتكامل دور المرأة في المجتمع والأسرة.
    هنالك أحكام إسلامية تجعل للمرأة نصف الشهادة ونصف الميراث. نصف الشهادة مقترن بالشئون المالية المفترض الا يكون للنساء بها إلمام. لا نقص لشهادة المرأة في الأمور المفترض أن يكون لها بها إلمام. وحتى في الشئون المالية ان تحقق للمرأة بها إلمام فيمكن أن تكون شهادتها كاملة. أما نصف الميراث فمرتبط بان على الرجل واجب النفقة على الأسرة فحقه المضاعف يوازن بين الحق والواجب. وعلى آية حال فان تغيرت الظروف فان للموروث حقا في الوصية بثلث ورثته ويمكنه ان يراعي تلك المتغيرات.
    ان توزيع المهام والاختصاصات والحقوق والواجبات يبلغ مداه في مجال تكوين الأسرة والمحافظة عليها.
    القاعدة الأولي والاهم هي أن الزواج تعاقد اختياري بين طرفيه.
    القاعدة الثانية هي أن الأسرة هي اللبنة الاجتماعية الأولى للمجتمع وهي عش تفريخ أجيال الإنسان في المستقبل. لذلك وجب إقامة هذه اللبنة على المودة والرحمة. الروم الآية 21: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" .
    القاعدة الثالثة هي أن الأمومة هي محور الأسرة هذه الحقيقة اقتضت أمرين. الأول: أن يكون بر الذرية للام مقدما على من سواها. والثاني: أن يكون على الأب واجب النفقة.
    ينبغي تأسيس الأسرة كوحدة اجتماعية على المودة، والرحمة، والثقة والشورى. ولكن لابد للجماعة أية جماعة من رئاسة. الأسرة كجماعة رئيسها الأب.
    النقطة التي أود أن أبرزها هي أن الإسلام أقام موازنات في الحقوق والواجبات المادية والمعنوية لإقامة وحماية الأسرة لتصبح كيانا اجتماعيا ذو جدوى. هذا هو الهدف لا دونية المرأة.
    بقى لنا ثلاث أسئلة هامة:
    1. لماذا يجوز للرجل المسلم أن يتزوج بامرأة يهودية أو مسيحية ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا يهوديا أو مسيحيا؟
    2. لماذا أعطى حق الطلاق للرجل وحده؟
    3. لماذا جاز للرجل أن يتزوج بأربع نساء؟
    الرد على السؤال الأول: إن الزواج في الإسلام عقد مدني وليس شعيرة دينية. لذلك جاز لطرفيه أن يكون لهما ملتان مختلفتان. إن الإسلام معترف باليهودية والمسيحية، البقرة الآية 62: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" . إن الزوج وهو رب الأسرة إن كان مسلما فانه سوف يحترم حقوق زوجته الكتابية الدينية. اليهودية والمسيحية لا تعترفان بالإسلام. الزوج الكتابي سوف يهدر حقوق زوجته المسلمة الدينية.
    الرد على السؤال الثاني: الزواج عقد تراض مدني. لذلك يمكن ان ينص فيه على حق الطلاق للطرفين ويكون النص ملزما.
    الرد على السؤال الثالث: هنالك عوامل فسيولوجية وسيكولوجية تجعل طبيعة الرجل والمرأة الجنسية مختلفة. هنالك عوامل سياسية واجتماعية تخل بالتوازن بين أعداد الرجال والنساء في المجتمع. لقد أجاز الإسلام تعددا محدودا للزوجات لمواجهة تلك الظروف. ولكن تعدد الزوجات ليس واجبا إسلاميا. وهنالك نصوص إسلامية توجب العدالة بين الزوجات وتؤكد استحالتها لذلك يمكن وضع حد للتعدد بموجب حجة إسلامية. يضاف إلى ذلك أن التعليم وثقافة العصر جعلا المرأة العصرية تنفر بشدة من التعدد. هذا المزاج يتناقض مع المودة والرحمة المطلوبة لاستقرار الأسرة وهما من مقاصد الشريعة. لذلك يمكن منع التعدد لصالح الاستقرار العائلي.
    الخلاصة: إن أحكام الشريعة معنية بالتصدي لعلاج مشاكل حقيقية وليس امتهان حقوق المرأة من مقاصدها.بل تكريمها من مقاصد الشريعة.

    الفصل العاشر

    ختـــام

    إنّ أقوى ما يستقر في ذهن الإنسان هو ما يتنزل به الوحي من الغيب وتصدقه المشاهدة . لذلك قال تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنّه الحق " . لذلك وبعد أن استعرضنا حقائق الوحي وأطوار المعرفة الإنسانية حول موضوع المرأة نجمل استنتاجا في سبع نقاط هي :
    الأولى : إنّ للكون ثنائيات عظمى أودع الله فيها أسرارا كبرى مثل الموجب والسالب في الفيزياء ، والقلوية والحموضة في الكيمياء ، والأنوثة والذكورة في البيولوجيا ، والعقل والعاطفة في السيكولوجيا، و الفردية والجماعية في السيوسيولوجيا وهلم جرا.
    هذه الثنائيات تتباين تكوينيا وتتكامل عطاءا وأداءا .
    وعلة الفكر التقليدي أنّه تعدى على نظام الفطرة بهضم الأنوثة في الذكورة كأن القوامة وهي وظيفة من بين وظائف أخرى تعني إعدام ذاتية الأنوثة وكرامتها .
    وخطأ الفكر الأوربي والأمريكي الحديث في بعض مدارسه هو أنّه بردة الفعل أسقط سلطان الذكورة لا بترقية الأنوثة إلى مراقي الندية والتكامل ولكن بإنكار أنّ الأنوثة والذكورة تعنيان شيئا خارج إطار الوظيفة التناسلية وحدها .
    الأنوثة والذكورة ثنائية لا تقف عند حد الوظيفة التناسلية وحدها وستفرض هذه الثنائية نفسها على حياة الإنسان لأنها فطرية .
    مفهوم ومقبول أن تحتج حركات الصحوة النسوية على اضطهاد المرأة باسم الفطرة . ولكن ليس مفهوما ولا مقبولا أن تطرد الاضطهاد والفطرة معا .
    إنّ الإسلام بالفهم الصحيح لنصوصه القطعية يساوي بين الرجل والمرأة في الدين والعقل والإنسانية ويفرق بين وظائفهما الزوجية تفريقا يأخذ في الحسبان تكوين الأسرة واستقرارها واستعداد طرفيها لدورهما فيها فسيولوجيا وسيكولوجيا.
    إنّه تفريق وظيفي مستثنى من المساواة العاملة وموجه لغاية أساسية هي :
    تكامل الأداء والعطاء .
    هذا الفهم المستقيم لدور المرأة وحقوقها هو الذي يوشك أن تقف عنده وتطمئن إليه مدارس الفكر الأوربية والأمريكية الجادة .
    الثانية : إنّ الذي يتفكر في الحياة يجد أنّ في سنة الحياة معاوضات كبري . فاللذة الجنسية في قصة آدم هي الثمن لفقدان الخلود . ولذة التحصيل في كل مجال ثمنها الجهد المبذول إرهاقا ومعاناة في سبيلها . والحكمة الشعرية تقول :
    ولا بد دون الشهد من ابر النحل
    وحتى في إطار تجربة الأفراد فان من يفقد بصره يستعاض سمعا مرهفا . والمرأة الدميمة تستعاض خفة في الروح أو تفوقا في الذكاء وهلم جرا . الكمال لله أما البشر فكل فعل وكل إنجاز له ثمن وكل تفوق في مجال يصحبه نقص في مجال آخر .
    إنّ للأمومة دورا هاما في الحياة وتصحبها صفات العناية والرعاية وهي وما تصحبها من خصال لها ثمن . ثمنها انصراف عن التصدي للمخاطر وزهد في حدة التنافس . وهذه هي المجالات التي يتاح للرجل فيها تفوق . ولكي يحفظ الرجل دوره في معادلة التكامل بينه وبين المرأة في بناء الحياة فانه يندفع للتفوق والهيمنة والإنجاز اندفاعا يحقق بموجبه عطاءا يساوي عطاء الأمومة ويوازيه .
    الثالثة : الباب مفتوح ، وينبغي أن يكون كذلك ، في مجال التقوى والإيمان ليسعى الرجل والمرأة للقيام بدورهما الديني دون قيد . والباب مفتوح وينبغي أن يكون كذلك في مجال حقوق الإنسان ليسعى الرجل والمرأة للقيام بدورهما الإنساني دون قيد. ولكن نظام الأسرة وما يلحق به من نظم اجتماعية يقتضي تضحيات بعضها تفرضها الفطرة نفسها وبعضها ينبغي أن تحميها المؤسسات .
    هذه التضحيات هي مداخل الاستثناءات من قاعدة المساواة العامة وهي أساس التفاضل حيث يفضل الرجال النساء في مجالات ويفضلن الرجال في مجالات أخرى .
    التفاضل العام المطلق ظلم لا مبرر له . والمساواة في المجالات المعينة المحددة ظلم لا أساس له .
    الرابعة : الأحكام التي تنظم أوضاع الرجال والنساء على صعيد الحقوق الإنسانية وعلى صعيد التكاليف الدينية والالتزامات الخلقية والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وما يتبعها من واجبات ينبغي أن تقوم على المساواة بين الجنسين مساواة لا يحدها إلا إفساح المجال لأحكام أخرى تفرق بين الجنسين في مجالات التفرقة التكاملية .
    الخامسة : الأحكام التي تنظم أوضاع الرجال والنساء في مجالات التفرقة بين وظائفهما هي أحكام مستثناة من المساواة العامة ، وعلى المجتمع المسلم استنباط هذه الأحكام من الكتاب و السنة القطعية الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي أن يفهم أنّ هذه التفرقة أوجبتها الثنائية الفطرية لحكمة التكامل فلا يجوز أن تكون مدخلا لانتقاص المرأة ولا لإهدار حقوقها الإيمانية أو الإنسانية .
    السادسة : الزواج وتكوين الأسرة لبنة أساسية في بناء المجتمع وتربية الأجيال الناشئة . وربما اقتضت مصلحة الأسرة والمجتمع أن تعمل المرأة كالرجل في الكسب وربما اقتضت ألا تعمل في مجالات معينة . وربما اقتضت ظروف المجتمع حشد كل طاقاته بكل أفراده في تعبئة دفاعية أو تنموية وربما اقتضت غير ذلك . هذه الأمور يقررها الراشدون والراشدات باختيارهم دون وصاية . ومقاصد الشريعة الإسلامية تفتح أبوابا واسعة للأحكام التي تحقق المصلحة وتدور مع العلل والمقاصد .
    السابعة : مهما بحثنا من أمر وتصفحنا تطوراته في الفكر والحياة وتأملنا ما اهتدى إليه البشر من معرفة وحكمة فإننا نجد إن الإسلام قد سبق إليها : "صنع الله الذي أتقن كل شئ انه خبير بما تفعلون " . هذا الذي نقوله هو استدلال بالمشاهد على الغيب وهو من مناهج الإسلام الأكيدة . قال تعالى : " وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون " صدق الله العظيم .
    المراجع العربية :
    1. ابن حزم : المحلى
    2. ابن رشد : بداية المجتهد.
    3. ابن سعد : الطبقات الكبرى ، دار بيروت للطباعة والنشر ، 1968م7أجزاء
    4. ابن قدامة : المغنى
    5. ابن قيم الجوزية : الطرق الحكمية في السياسة الشرعية .
    6. أحمد عزت راجح : علم النفس الصناعي.
    7. الألوسي ( العلامة ): روح المعاني في تفسير القرآن الكريم.
    8. البهي الخولي : المرأة بين البيت والمجتمع
    9. الصادق المهدي :
    i- العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي، الزهراء للإعلام العربي – القاهرة –1981م.
    ii- جدلية الأصل والعصر-دار الشماسة ، الخرطوم – 2001م
    iii- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي ، مؤتمر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي ، الأمم المتحدة ، جنيف ، نوفمبر 1998م
    10. الطبري ، جامع البيان في تفسير القرآن .
    11. الغزالي : إحياء علوم الدين .
    12. الماوردي : الأحكام السلطانية .
    13. سلام زناتي( دكتور): اختلاط الجنسين عند العرب .
    14. عبد الحميد متولى : مبادئ نظم الحكم في الإسلام.
    15. عبد الرحمن أفندي داماد( شيخي زاده) ، مجمع الأنهر
    16. عبد الوهاب خلاف : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع الإسلامي.
    17. عبد الوهاب وافي : حقوق الإنسان في الإسلام .
    18. لجنة الفتوى في الأزهر ، مجلة رسالة الإسلام ، السنة الرابعة- العدد الثالث يوليو 1952م.
    19. محمد أبو زهرة : الأحوال الشخصية .
    20. محمد عزة دروزة : التفسير الحديث.
    21. مصطفى السباعي:
    i- المرأة بين الفقه والقانون .
    ii- السنة.
    22. تبصرة الأحكام في الفقه المالكي .
    23. يوسف مراد: سيكولوجية الجنس .
    24. مصادر التشريع الإسلامي مرنة ، مجلة القانون والاقتصاد- ابريل /مايو1945م.
    المراجع بالانجليزية :
    1. Bernard, Jessie, Women and the Public Interest, An Essay on Policy and Protest, ed. :Aldine - Atherton, Inc., 1971.
    2. Engles, Friedrich, The Origin of the Family, 1884.
    3. Epstien. Cynthia, Woman’s Place: Options and Limits in Professional Careers, ed. : University of California Press. 1970
    4. Feber. Simor and Wilson,Roger, Woman’s Power.1963.
    5. Firestione. Shulamith, The Dialectic of Sex: The Case of Feminist Revolution 2nd edition, Bantam Books 1970
    6. Goldberg, Steven, Male Dominance Inevitability of Patriarchy, ed.: Abacus, London, 1979.
    7. Greer,Germaine, The Female Enuch, 1970.
    8. Janeway, Elizabeth, Man’s World Woman’s Place: A study in Social Mythology, ed. : Delta, 1971
    9. Mill, John Stuart, On the Subjection of Women 1869.
    10. Millett, Kate., Sexual Politics, ed.: Doubleday and Co., 1970.
    11. Mitchell, Juliet, Women, The longest Revolution: Essays on Feminism, Literature and Psychoanalysis, ed. : Virago London, 1984.
    12. Murdock, George, Social Structures, New York, The Free Press, 1965.
    13. Raisman, G, and Field, Polin, Science, monthly magazine, August 1971.
    14. Times, American Weekly Magazine, Issue No.4,28th Jan 1985.
    15. Times, American Weekly Magazine, Issue No. 15. 9th April 1989.

                  

05-04-2006, 03:18 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    نرجو ان ينال عرضنا استحسانكم وفي حالة وجود اي استفسار الرجاء المبادرة بالسؤال وربنا يوفقنا على الاجابة
                  

05-07-2006, 04:23 AM

Frankly
<aFrankly
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 35211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرأة في الإسلام: تعديل مفهوم النصوص الشرعية حتى تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. (Re: محمد حسن العمدة)

    محمد حسن العمدة

    كيفك ياعمو؟

    في الحقيقة البحث الذي نشرت للسيد الصادق المهدي بحث دسم جداً ولا يمكن إبداء رأي فيه دون التعمق في قراءته وقراءة ما خلف السطور فأنا في بعض المرات أقرأ للصادق المهدي وأتصور أنه يخاطب طبقة متوسطي التعليم لبساطة اسلوبه ومرات اتصوره يخاطب جمعاً من الفلاسفة لإختصاره وتركيزه للعبارات

    فكما قلت لك يحتاج مني لقراءة متأنية
    ولكني بإذن الله لي عودة إليه

    خارج النص:

    عايز منك نصيحة حسب الخبرة والأقدمية
    الشيب والتجاعيد دي بعالجوها كيف؟
    يعني بدون ماتظهر إنها معالجة يعني لازم تكون طبيعية قدر المستطاع
    عارف ح ألقى عندك الرد
    بس الموضوع دا ما بخصوصي أنا
    دا لي واحد بلدياتنا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de