إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 04:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-15-2006, 08:30 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا !

    اقرأوا هذا وقولوا لي ما ترون ...
    من لم يكن منكم عضوا بالمنبر يمكنه مراسلتي عن طريق الإي ميل :
    [email protected]

    الاستقبال بالمطار

    هذا المجتمع الذي أنجز أسس استقراره منذ آلاف السنين ، زرعا ، وحرثا ، وعلما ، يقتله الركود وتستشري في أوصاله حالة تخرج عن السيطرة ، فتدفعه إلى المزيد من النزوع إلى الهجرة ، واتساع سبل الشتات . وكما يفعل الناس هنا خلال العشرين عاما التي خلت ، وقف الشاب عبد الحليم مع بعض أقاربه ، ونفر من أصدقائه المقربين قبالة لوحة الرحلات القادمة في صالة القدوم الواسعة في ذلك المطار الخليجي الضخم والذي استقبله هو نفسه قبل عام ونصف العام عندما قدم لأول مرة من الخرطوم ليبدأ مشواره في غربة لا يعرف مداها ، قادته إلى عمل جديد ، ليدخل به فصلا جديدا من فصول حياته في هذا البلد الغني الذي يجعل كل القادمين إليه يحلمون بالغنى وسعة الرزق . الصالة الواسعة تعج بالبشر من كل جنس ، نساء ورجال وأطفال ، شباب وشيوخ ، عرب وعجم ، آسيويون وأفارقة ، مسلمون ونصارى ، وملل أخرى . لغات عديدة تنطلق من هنا وهناك ، وسحنات شتى . وأزياء مختلفة ومتنوعة تنعكس ألوانها مع الأضواء المنبعثة من كل أنحاء الصالة ، فتكون حزمة ألوان زاهية كأنها مجموعة ألوان الطيف أو تزيد . الكل يتجه بأنظاره عبر الزجاج السميك الملون الذي يفصل الصالة الداخلية عن الخارجية ، والجميع يحاول اختراق ذلك الحاجز الزجاجي ليرى من هو في انتظارهم ، وكثيرا ما يرتد إليه بصره حاسرا دون أن يحصل على ما يرغب فيه .
    عبد الحليم لا يشغل نفسه بشيء من هذا ، فنظره وتفكيره ينصب في اتجاه اللوحة الإليكترونية ، يتابع تغيراتها حرفا حرفاً ، رقما رقماً ، لحظة بلحظة . لوحة الرحلات القادمة مازالت تؤكد أن الرحلة التي ينتظرها عبد الحليم قادمة في موعدها ، وهو يعلم تماماً أن الناقل الوطني ( سودانير ) لا تفي بوعدها ، ولاتصل في موعدها المحدد إلا في حالات قليلة . لذا أعد عبد الحليم نفسه لانتظار طويل ، لكنه ظل يخشى حدوث مالا يمكن الاحتياط له .
    تحت رحمة هواجسه التي ظلت تتنازعه في اتجاهات شتى ، بقي عبد الحليم هناك ، هاجس يقول أنها لن تأت إلى هنا أبداً ، هاجس آخر يقول له أن أحداً سيناديه باسمه ليبلغه أنها قابلته في مطار الخرطوم وكلفته بإبلاغه أن حجزها قد سقط في اللحظات الأخيرة ، وأنها ستحاول إيجاد حجز بديل وستتصل به حال توفره . وبينما هو مستسلم لهذه الهواجس وغيرها ، فإذا بأحد أصدقائه يلفت نظره إلى حضور أحد موظفي ( سودانير ) إلى صالة المطار ، والتفاف المستقبلين حوله يسألونه عن حقيقة قيام الطائرة في موعدها المحدد من مطار الخرطوم . يدلف عبد الحليم بحركة لاشعورية نحو الجمع المتحلق حول موظف ( سودانير ) ليستطلع الأخبار ، وموظف ( سودانير ) الطويل القامة يقف وسط الجمع ، ويتطاول أكثر مما يجب حتى ليبدو وكأنه نخلة تحيط بها الحشائش من كل جانب ، وهي لا تأبه بذلك . هذا المتعالي دائما ، تعّود أن يخاطب الناس بهذه الصورة ، ويخيّب آمالهم بإجابة مقتضبة للغاية وهي :
    ( والله نحن المعلومات اللي عندنا هي نفسها الإنتو شايفنها على الشاشة دي )
    يغمغم الحضور ويتذمرون ، ثم يبدءون بالانصراف من حوله ، إلا أن آخرين منهم ينتبهون لوجود موظف ( سودانير ) بينهم في صالة المطار ، فيتوجهون إليه لطرح نفس السؤال ، ليتلقوا نفس الإجابة دون حذف أو زيادة .
    فضّل عبد الحليم أن يعود للبحلقة في لوحة الرحلات القادمة . وجد أن بعض التغيرات قد حدثت على المعلومات التي رآها من قبل ، فهناك أمور استجدت . الباكستانية وصلت ، الشرق الأوسط على البوابة ، والسودانية في موعدها المحدد . الانفعال يبدو واضحا على عبد الحليم ، ويظهر التوتر في كل حركة من حركاته . يداعب شفتيه بأنامله دون ما عصبية ، يتلاعب بشاربه الكث الذي لم يعمد إلى تقصيره حتى لهذه المناسبة . نظر حوله فرأى أصدقاءه يوجهون أنظارهم إليه ،حملق في وجوههم فخيل إليه أنهم جاءوا معه إلى المطار فقط ليرقبوا حركاته ويسجلونها . وبلا شك سيعيدون تشغيل شريط الذكريات هذا عدة مرات ، وسيضحكون عليه ، ويسخرون من قلقه ، وتلف أعصابه في ذلك اليوم .
    استرجع عبد الحليم ما حكته له أمه قبل عدة سنوات ، عن زواجها من أبيه ، وكيف انتقلت من بيت أهلها للعيش في بيتها بعد أن تم عقد قرانها على والده حين كانت الأمور تؤتى بمنتهى البساطة دون تعقيدات اجتماعية ، أو مادية ، أو إدارية . قالت أمه أنها فقط خطت خطوات معدودة لتنتقل من منزل والدها وتبدأ العيش في منزل عمها الذي هو والد زوجها وجد أولادها . لم يكلفها ذلك تأشيرات ، أو مراجعة سفارات ، أو سفر بالطائرات ، أو أي تجهيزات إضافية . لم يستقبلها أناس عديدون عند الباب ، فقط خالتها الحاجة خديجة أخت أمها ووالدة زوجها وجدة أولادها هي التي استقبلتها عند الباب مرحبة بها وبمقدمها لتنضم إلى أسرتها وتعيش بينهم كواحدة من بناتها . تذكّر أن أمه قالت له أن قطيع البقر الذي تملكه قد انحدر كله من بقرة واحدة أهدتها لها خالتها خديجة وهي ترحب بمقدمها حين انتقلت للعيش في دار زوجها . تلك الأم لم تترك بيتها مطلقا إلا لأداء واجبات من نوع العزاء ، أو زيارة مريض ، أو لمشاركة في أفراح الأقربين ، ولم تسافر أبدا خارج الوطن ولا ترغب في ذلك ، إلا أن يكون لرحلة الحج أو العمرة .
    عبد الحليم رجل عملي لا يحتمل الانتظار ، وقد تشرب عادات أهله ، وهم قوم لا يؤجلون أعمالهم إلى موعد لاحق ، ويعمدون إلى فعل البر فورا باعتبار أن خير البر عاجله . والزواج بر ، وقمة هذا البر اجتماع الرجل بزوجته ليلة الدخلة التي يسمونها عندهم ( القيلة ) ، ويقصدون بها بقاء العروس مع عريسها طوال الليل وجزءا من نهار ، يفعلان خلالها الأفاعيل دون كلل أو ملل ، ثم يخرجان للناس بدم صدق ، فينحر الخروف الممتلئ شحما ولحما أمام الدار احتفالا ببراءة العروس واجتياز العريس للحواجز بنجاح . وفي حركة مسرحية رائعة ، تقفز العروس فوق الخروف المذبوح عبورا إلى بيت أهلها ، وكأنها بذلك تمنح الآخرين الإذن للاستمتاع بلحمه .
    أما صبية البلدة فلهم احتفال من نوع آخر ، يشوبه التصنت والهمس ، والغمز واللمز . يعيش هؤلاء الصبية جوا متوترا طوال الليل كأنهم مشجعي فريق كرة القدم الذين يطالبون فريقهم بالانتصار فقط ، ولا يرون لذلك بديلا ، ثم لا ينصرفون إلا عند الفجر الذي يمثل بزوغه بالنسبة لهم صافرة انتهاء المباراة ، وبذلك يكون هؤلاء الصبية هم أول من يعرف النتيجة ، ويا ويل صاحبهم إذا ظلت المباراة سجالا بينه وبين عروسه حتى دخول الفجر، حينها ستتحدث البيوت عنه والطرقات ، وتنقل النسمات والرياح أخباره إلى القرى المجاورة . وفي كل الحالات هم يسجلون الحدث لحظة بلحظة ، مثل كاميرات التلفاز ، وينقلون الأخبار بأمانة وحيادية ، ولا يهمهم إن كانت سارة أم لم تكن . ويظل الحدث في ذاكرتهم لا يمحوه إلا أن يحل محله حدث مشابه آخر ، ويظل أرشيفهم حافلا بمثل هذه الأحداث ، ليكوّن رصيدا ضخما من حكايات العذرية والفحولة.
    وهنا ، من يحتفل بعبد الحليم وعروسه ؟ من يهتم ؟ من يتنصت ؟ من ينقل أخبارهما ؟ هنا لا أحد يقوم بهذا الدور . فالكل بما لديهم مشغولون ، ولا أحد يأبه بالبراءة والاجتياز ، وكأنها أمور مسلم بها ، أو أنه لا أهمية لإثباتها من عدمه ، ومجرد مجيء أصدقاء عبد الحليم ، وبعض أقاربه للمطار لاستقبال العروس يعتبر نوعا من الاحتفال ، وقد يكون هو النوع الوحيد من الاحتفالات الذي في استطاعتهم فعله هنا، وكل الاعتبارات قد لا تسمح بأكثر من ذلك .
    العروس المنتظرة ليست من أقارب عبد الحليم ، وليست من معارف أهله أو جيرتهم . وأهل عبد الحليم لم يروها أو يتعرفوا عليها إلا عند خطبتها ، وبحسابات أهله هي - ببساطة متناهية - بنت غريبة . لكن أمه حين وافقت على خطبتها لعبد الحليم قالت لأخواته ، إنها غريبة ، ولكنها ستصبح زوجة لعبد الحليم ، وأمّاً لأولاده ، وبالتالي فهي ستكون جزءاً من العائلة ، وستنتفي عنها صفة الغربة .
    فاطمة أم عبد الحليم قالت ذلك والعبرة تكاد تخنقها ، وأمور كثيرة تعتمل في صدرها ، لكنها تمالكت نفسها ، وقررت أن تفرح بزواج عبد الحليم وأن تكبت كل مشاعرها الأخرى . كانت فاطمة تحلم بزواج ابنها عبد الحليم من بثينة ابنة أختها التي احتضنتها بعد وفاة أمها وهي ما تزال طفلة في المهد ،أشرفت على تربيتها ، وأدخلتها المدرسة ، وصبرت عليها حتى أكملت دراستها الابتدائية . ولو توفرت بالقرية مستويات دراسية أعلى لما ترددت في أن تجعلها تواصل دراستها . وبثينة مثال للفتاة القروية الجميلة المهذبة ، الممتلئة بالحيوية ، وقد عاشت في بيت خالتها مع عبد الحليم وأخواته كأنها أخت شقيقة ، إلا أن عبد الحليم كان يرغب في الزواج من فتاة حضرية راقية نالت قسطا أكبر من التعليم حتى لا تكون هناك هوة ثقافية كبيرة بينه وبينها ، أو هكذا قاده تفكيره . ولو تزوج عبد الحليم من بثينة ، ابنة خالته لقالت فاطمة أمه:
    الحمد لله يا عبد الحليم يا ولدي ( زيتنا في بيتنا ) و ( يا دار ما دخلك شر ) .
    انتبه عبد الحليم فجأة ووجد نفسه يردد مستغربا :
    ( يا دار ما دخلك شر ؟!)
    يستعيذ عبد الحليم من الشيطان ويلعنه ، ويتساءل في نفسه :
    من أين يأتي الشر يا أمي ؟ وفاء ليست شريرة ، ولن يمسني أو أهلي منها إلا كل خير إن شاء الله . هي ودودة وتحبّني ، وأنا واثق أنها ستحب أهلي ، وستصبح بنتا لأمي ، وأختا لأخواتي ، وصديقة للجميع . وفاء متواضعة ، ومهذبة ، وتجيد فن التعامل مع الآخرين . أريدها فقط أن تأتي إلي الآن ، وسنبدأ حياتنا فورا ، لن أؤجل عناقها حتى تصل البيت ، فذلك عمر طويل ، سأعانقها هنا بالمطار، وعلى مرأى من كل الناس . أعرف أنهم سيتبنون مواقف مختلفة تجاهي ، لكن من المؤكد أن بعضهم سيقف إلى جانبي ، أو على الأقل سيقدّر ما يعتريني من شوق للقائها ، والذين يرون في ذلك عيبا أو هتكا للعرف والذوق العام ، فأنا لا أهتم بهم الآن .
    ظل عبد الحليم ينتقل من هاجس إلى آخر ، يشعر بالجو حوله يزداد برودة ، والمكيفات الضخمة الموجهة إلى هامات زوار المطار تهمس في آذانهم بردا ، إلا أن إحساسه بالبرد كان يفوق إحساس غيره ممن هم حوله ، أو هكذا يبدو لعبد الحليم . بدأ يقاوم قشعريرة في جسده حين نبهه فجأة أحد المرافقين أن الطائرة قد وصلت في موعدها . التفت ناحية اللوحة ليتأكد بنفسه من صحة ذلك ، وبدت له الكلمات المثبتة على اللوحة أكثر وضوحا من ذي قبل ( وصلت في الموعد المحدد ) .
    صمت الناس من حوله لبضع لحظات كمن أصابهم ذهول بسبب وصول الرحلة في الموعد المحدد على غير العادة . ثم عادوا يتحدثون مع بعضهم البعض ، ويركزون أبصارهم تجاه الحاجز الزجاجي السميك ليتمكنوا من رؤية القادمين ، والكل يتلهف شوقا للقاء من يحب أو من ينتظر .
    الحواجز هنا كلها سميكة بهذا المستوى أو ربما أكثر ، ولا أحد من هؤلاء المنتظرين يعرف سببا لذلك . كل الناس يعرفون أن رؤية المستقبلين للقادمين تبعث على السرور والاطمئنان ، ولا أحد يعلم سببا لهذه الحواجز ، أهي الرغبة في تعكير أمزجة الناس ، ومضايقتهم ، وزرع الإحساس بالخوف في نفوسهم ، أم أن الستر يقتضي كل هذه السماكة . الكل يتساءل :
    ما الحاجة لإقامة مثل هذا الحاجز ؟
    ما الهدف منه ؟
    أهو للحماية ، أم الستر ، أم هو حاجز وكفى ؟
    عبد الحليم يعرف أن وفاء ستكون رزينة في هذا الموقف ولن تتعجل الخروج ، لن تزاحم الناس في صفوف الجوازات ، أو الجمارك ، وستنتظر دورها بكل هدوء . وهي تعرف مدى شوقه للقائها ، كما تتوق للقائه وتهيم به وجدا وحباً ، لكن كلاهما يعلم أنها مسالة وقت ، وهي ليست إلا دقائق معدودة وينتهي كل شئ ، وسيبقيان مع بعضهما بقية العمر .
                  

04-15-2006, 08:49 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)


    عبد الحليم يعرف أن وفاء ستكون رزينة في هذا الموقف ولن تتعجل الخروج ، لن تزاحم الناس في صفوف الجوازات ، أو الجمارك ، وستنتظر دورها بكل هدوء . وهي تعرف مدى شوقه للقائها ، كما تتوق للقائه وتهيم به وجدا وحباً ، لكن كلاهما يعلم أنها مسالة وقت ، وهي ليست إلا دقائق معدودة وينتهي كل شئ ، وسيبقيان مع بعضهما بقية العمر .
    الزمن بحسابات عبد الحليم يسير بطيئا . الانتظار ممل ، والدقائق كأنها الدهور . لو أن سلطات الجوازات وسلطات المطار تحسان بما يعيشه عبد الحليم من قلق وتوتر ، وما يكتنف وفاء من شوق ولهفة لما ترددا مطلقا في إطلاق سراح وفاء لتلتقي عبد الحليم دون انتظار . مرت ربع ساعة منذ وصول الطائرة ، لكن أحدا من القادمين لم يخرج من الصالة .
    لماذا هذه الإجراءات العقيمة المملة ؟
    من اخترع مثل هذه المعوقات ؟
    ولمصلحة من ؟
    من المؤكد أنه شخص قاسي القلب لم يتعرف على الحب في حياته ، ولم يعش لحظاته . هذا الكم الهائل من الإجراءات لم يوضع إلا لحرمان الأحبة من الاستمتاع بحلاوة اللقاء . لم كل هذه التأشيرات ، والمستندات ، والإجراءات الجمركية ، والقيود على حركة الناس وسفرهم ؟
    أليس في الأسفار فوائد ؟
    كل تلك الأسئلة ، وغيرها كثير ، ظلت تدور في ذهن عبد الحليم وهو يوجه نظره بقوة عله يخترق ذلك الزجاج السميك الملون ليرى وفاء في أي صف تقف وكيف تتصرف .
    الباب الأوتوماتيكي ينفتح فجأة ويخرج أحد القادمين ، نشط الخطى ، يحمل حقيبة على كتفه ولا تبدو عليه آثار السفر ووعثائه . انطلق هذا الخارج من الصالة دون أن يلقي نظرة ناحية المنتظرين ، ربما لأنه لا يتوقع أحدا ينتظره . إذن هو شاب لا يحمل في ثناياه شوقا لأحد ، لكن من المؤكد أنه شاب عملي ، وأن لديه هدفا محددا يسعى إليه ولا يحيد عنه .
    يتوالى القادمون في الخروج ، ويتحرك الأطفال رغبة في اللعب بالباب الأوتوماتيكي . المستقبلون يحاولون كسر الملل فيعمدون إلى مداعبة الأطفال القادمين ومساءلتهم . السؤال التلقائي الذي يتردد على شفاه الكل :
    ( السودان كيف ؟ )
    فيرد الأطفال في براءة كل حسب رؤيته الخاصة خلال فترة الإجازة .
    قال أحدهم :
    ( السودان كعب خلاص )
    وقال آخر :
    ( والله يا عمو السودان كويس جدا )
    وردت طفلة :
    ( والله السودان حلو خالص يا عمو ) .
    امرأة ستينية خرجت من الصالة متجهة بكليتها نحو المستقبلين تبحث في وجوههم عن عزيز ينتظرها . قفز أحدهم من بين المنتظرين مناديا بصوت عال :
    ( أيوة يا حاجة أنا هنا ) .
    جاءت إليه بلهفة ، وعانقته كأنها تحاول إفراغ شحنة أشواق السنين . إنه ابنها الذي غاب عنها ثلاثة أعوام متتالية لم تره خلالها . كانت تنتظر قدومه إليها ، إلا أنه فاجأها بطلبه قدومها إليه للزيارة وأداء العمرة في رمضان وانتظار الحج . استجابت الأم لطلب ابنها على مضض ، فقد كانت ترغب في أن يعود هو من غربته ليراه الجميع ، أهله وإخوانه وأخواته . وهاهي الآن تقف أمامه ، تزداد وقارا بشلوخها العريضة ، وهي تتدثر بالزي السوداني المميز ، الثوب الذي يستر جميع جسدها فلا يظهر منها إلا ذلك الوجه الدائري المشرق الذي حرك شوق كل المنتظرين وأثار فيهم الرغبة للقيا أمهاتهم . تناولت منه تصريح الإقامة حسب النظام المتبع ، وعادت إلى الصالة الداخلية مرة أخرى لتكمل بقية الإجراءات .
    عدد من القادمين خرجوا والتقوا بمن ينتظرونهم . عناق ، وقبلات ، وأحضان ، ودموع فرح . حقائب تفوح منها روائح شتى ، الحلو مر ، الفسيخ ، الويكة ، البهارات ،الكركديه ، العطور ، كلها تختلط مع بعضها البعض ، فتمنحك إحساسا بأنك تخترق سوق أم درمان من الشمال إلى الجنوب مبتدئا بزنك اللحمة ، مارا بزنك الخضار ، ثم أكشاك البهارات ، فالملابس ، فالعجلات ، فالسرائر والمراتب ، فالعطور ، وغيرها حتى تصل منطقة البوستة . ومن بين القادمين نساء يبدو عليهن علامات دخولهن حديثا إلى عش الزوجية ، عرائس في عمر الزهور ، نقشن الحناء على أيديهن ببراعة ودقة متناهية ، فجعلن الوقوف من رجال ونساء ، يطلقون العنان لنظراتهم وتعليقاتهم أحيانا .
    عادت المرأة الستينية هذه المرة يرافقها عامل آسيوي يحمل لها حقائبها وإلى يمينها تسير عروس كالقمر . طويلة القامة ، رفيعة القوام ، ذات جمال أخّاذ ، لا يغيب عن الناظر إليها من أول وهلة . افترت أسارير عبد الحليم حين وقعت عيناه عليها . نعم إنها الحبيبة التي انتظرها كثيرا . هذه المرة هي بشحمها ولحمها ليست صورة ،أو خطابا ، أو اتصالا هاتفيا ، إنها هي حقيقة لا حلما ، إنها هي حتى من بين أربعين شبيها . هي وفاء التي أحبت وأوفت ، وصدقت الوعد ، هاهي الآن تبدأ خطوتها الأولى في مشوارها الطويل إلى بيت الزوجية والأمومة والأسرة . ابتسمت باستحياء حين وقع بصرها على عبد الحليم ، واتجهت إليه مباشرة دون تردد . بادرته بالتحية ، ومد إليها يده ليصافحها ، فبادلته ذلك بيد ناعمة كالحرير نقشت عليها الحناء فأحالتها إلى لوحة فسيفساء نادرة خرجت من عمق التاريخ . إذن لم يتمكن عبد الحليم من معانقة وفاء أمام كل هذا الجمع ، واكتفى فقط بأن يمد يده ليصافح وفاء ، وكأنه لم يغب عنها إلا للحظات . أدخل يده في جيبه ليخرج لها تصريح الإقامة لتتمكن من إنهاء إجراءات الجوازات . تسلمت وفاء التصريح والتفتت ناحية المرأة الستينية لتودعها وتطمئنها أنها وصلت إلى زوجها، فقد كانت تجلس إلى جوارها في الطائرة ، وأمضيتا مع بعضهما وقتا ممتعا ، واستطاعت وفاء أن تقدم خدمات كثيرة لتلك المرأة التي كانت تركب الطائرة لأول مرة في حياتها . دلفت وفاء إلى داخل الصالة وانطلقت المرأة الستينية مع ابنها وهي تردد :
    ( إن شاء الله عروسك يا أحمد يا ولدي ، البنية الحليوة المؤدبة دي )
    كان أحمد قد ملأ عينيه من جمال وفاء ، فقد رآها وهي خارجة مع والدته من صالة المطار تسير قريبة منها وكأنها ابنتها . سأل أحمد أمه إن كانت تعرف هذه العروس من قبل أم أنها فقط تعرفت عليها خلال سفرها هذا . قالت الأم أن وفاء كانت تجلس إلى جوارها في الطائرة ، وأنها ساعدتها كثيرا خلال السفر ، وقد عرفت منها أنها من عائلة كريمة تسكن في حي شمبات بالخرطوم بحري ، وهي كانت تعمل موظفة في إحدى الوزارات ، وزوجها كان زميلا لها تقدم لخطبتها من أهلها بعد أن تعرّف عليهم وتعرّفوا عليه ، وقد قدمت للعيش معه في الغربة ، وزودتني بهاتف زوجها، وطلبت مني أن اتصل للسؤال عنها بعد أن استقر وارتاح من تعب السفر .
                  

04-15-2006, 12:36 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    ود قاسم

    يديك ألف عافية

    قرأتها بتمعن رغم ضيق الوقت .. حاجة ممتعة بالجد ..
    رجعت سنوات طويلة إلى الوراء ..

    تعرف يا أبو طلال .. أنا مغيوظ من مقابلات كتيرة في المطار ما حضنت زوجتي أول ما تطلع من البوابة.. لأنو الشوق في الوكت داك بيكون زى الأكل الطازة ..
    و لما تروح البيت بيبقى زى الأكل ال في التلاجة يبرد و يبقى ما ياهو ..

    تخريمة : أنا عندي إحساس وفاء دي ياها فوزية الما بتغباني و عبدالحليم دة ياك إنت يا أبو طلال ..
    عاوز تعرف ليه أنا قلت كدة ؟
    مما وصفت كيفن أمو رحلوها من بيتها لبيت الزوجية .. طوالي شميت ريحة ( معتوق )

    تحياتي لهذه الوفية. و لك
    و رد الله الغربة
                  

04-16-2006, 01:38 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ابو جهينة)

    استاذنا أبوجهينة
    شكرا لقراءتك المتأنية ، وأنتظر أن تتابع الموضوع لتتعرف أكثر على عبد الحليم ووفاء ...
                  

04-22-2006, 08:08 AM

عبدالله محمد أحمد

تاريخ التسجيل: 12-17-2005
مجموع المشاركات: 1275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    محمد عبدالباقي كيف حالك و زي ما بنقول زمان (الشوق مطرة)
    كلامك والله يخلي الواحد يفكر في العرس من جديد، لكن المشكلة نجن بقينا مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة و لا في ايدا جواز سفر و لا تمتطي صهوة سودانير.
                  

04-15-2006, 04:38 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الطريق إلى البيت والحفل

    بسيارته ( الكورولا )، انطلق عبد الحليم برفقة وفاء مخترقين المدينة عبر شارع المطار ، ذلك الشارع الرئيسي في هذه المدينة الكبيرة التي تنمو بسرعة مذهلة . يبدو الطريق مزدحما ، والحر قائظ ، إلا أن الأشجار الظليلة المزروعة بعناية على جانبي الطريق ألقت بظلالها فعانقت تلك الظلال بعضها بعضا كما الأحبة عند اللقاء . مكيف سيارة عبد الحليم يعمل باجتهاد وصبر وأناة ليبرد داخل السيارة للحبيبة القادمة التي ستهب باقي حياتها لزوجها وتحيل حياته إلى نسمة فجر أبدي . كان عبد الحليم قد اشترى تلك السيارة قبل ستة أشهر من أحد الأصدقاء الذي باعها له بالتقسيط المريح ، وكأنه قصد بذلك مساعده عبد الحليم على إكمال مشروع الزواج . وتكلف عبد الحليم مبلغا من المال لشراء فرش جديد للسيارة ، وإجراء بعض الصيانة ، وصرف الكثير ليجعل هذا المكيف يعمل حتى يتمكن من تهيئة استقبال كريم لوفاء .
    الطريق تمر عبر العديد من الدوائر الحكومية ، وتؤدي إلى السوق الرئيسي الواقع في وسط المدينة ، وهو طريق جميل تقاطعه بعض الجسور المعلقة فتزيده روعة وجمالا ، وتخفف الازدحام وتسهل الحركة . لم تتجول أنظار وفاء كثيرا ، فقد فضلت أن تتجه بأنظارها إلى الأمام ، وانتابها شعور غريب اختلطت فيه المشاعر والأحاسيس المتناقضة ، خالجها شعور بالفرح والزهو ، وظلت تغالب في نفس الوقت إحساسا بالرهبة ، والخجل ، وتقدّر أن مشوارا طويلا من الغربة ينتظرها . لكن كل ذلك لا يهم ، فهذه ستكون أحلى وأغلى مراحل حياتها ، خاصة وأنها الآن ستقضي كل وقتها مع عبد الحليم .
    وكمن يطل على القمر من شرفته ، نظر عبد الحليم خلسة نحو عروسه القادمة للتو وهي معبقة بالعطور السودانية التي طالما تمنى أن يدسّ أنفه فيها . امتلأت السيارة بعبق بخور الصندل ، ودخان الطلح . لابد أن صويحبات وفاء بذلن مجهودا خارقا ليقدمنها بهذه الصورة إلى عريسها ليلة الدخلة . نظر عبد الحليم ، فإذا الحناء المرسومة على يديها تدعوه لمزيد من التأمل ، وقعت عيناه على عينيها فابتسم لها وبادلته الابتسامة على استحياء .
    ( حمدا لله على السلامة )
    قالها عبد الحليم وهو يقف أمام إشارة المرور، ثم واصل حديثه دون أن ينتظر ردا :
    ( الحمد لله أن طائرتكم وصلت في موعدها ) .
    بدأ بعض الإعياء على وجه وفاء ، لكنّ ابتسامتها لم تغب وهي ترد على تحية زوجها :
    ( الله يسلمك . الحقيقة نحن قبل ما نتحرك من مطار الخرطوم كان يخيل إلينا أن الطائرة لن تقلع في موعدها ، إلا أن ما حدث كان غير ذلك تماما ، والغريب في الأمر أن خدماتهم داخل الطائرة كانت راقية جدا ولا أعلم إن كان ذلك صدفة أم أنه حال دائم ، كما أن حركة الإقلاع والهبوط كانت هادئة ، فقط كان هناك عدد من الأطفال الأشقياء وكانوا مزعجين جدا وحركتهم كثيرة للغاية ) .
    ( إذن رحلتك كانت سهلة وممتعة )
    قالها عبد الحليم .
    ( نعم )
    ردت وفاء ، ثم واصلت :
    ( الخالة زينب كانت جزءا هاما من حلاوة هذه الرحلة ، فقد كانت ودودة ، وكان حديثها مسليا ، واستطاعت أن تجعل من رحلتنا رحلة ممتعة ، وكأنها جلسة على قهوة في ظل الضحى برفقه الأمهات ) .
    سأل عبد الحليم وفاء بدهشة :
    ( من تكون الخالة زينب هذه ؟ )
    ردت وفاء :
    ( ألم ترها وهي تخرج معي من صالة المطار ؟ لقد فات عليّ أن أعرّفك عليها ، لكنّي حدثتها عنك أثناء الرحلة وبدت معجبة بك ، كما سجلت لها رقم هاتفك ، ومن المؤكد أنها ستفي بوعدها وستتصل بنا ، فهي امرأة ودودة ، وفية ، وطيبة ، وقد عرفت منها أنها من منطقة الجزيرة ، لكني نسيت اسم القرية التي تنتمي إليها ، وربما تعرفها أنت ، إن ذكرت لك ذلك )
    قال عبد الحليم مبديا مزيدا من الدهشة :
    ( والله يا وفاء ، أنت ، أنت ، لم يتغير منك شئ تحبين الناس ومعاشرتهم ، وتقيمين علاقاتك بسرعة مع كل من يصادفك دون تحفظات . لقد رأيت تلك المرأة عندما خرجت في المرة الأولى ، ورأيتها وهي تخرج برفقتك للمرة الثانية ، ولولا أنني كنت مشغولا بك لبادرتها بالسلام ولتعرفت عليها ، لأنها بالفعل شدتني إليها كما شدت انتباه كل المستقبلين ، كأنّ كل واحد منهم رأى أمه في ملامح وجهها ، وهي فعلا تشبه أهلنا في الجزيرة ، ابتسامتهم بيضاء صافية كحبات الذرة الناضجة في سنابلها ، طوال القامة كتيلة قطنهم ، موفورو الصحة والعافية تماما كبيئتهم المعافاة من كل تلوث أو اختلال . )
    ( الله ، الله ، ما هذا كله ، كل الأمر أنني كنت في حاجة لأحد يسليني ، وكانت هي في حاجة لمن يقدم لها بعض المساعدة داخل الطائرة )
    قالت وفاء ذلك وكأنها تحاول أن تدفع عن نفسها تهمة إقامة علاقات سريعة دون ما تحفظات .
    في مرآة سيارته ظل عبد الحليم يراقب أصدقاءه وأقاربه وهم يسيرون خلفه بسياراتهم . سيصل الركب حتى الشقة التي جهزها عبد الحليم لوفاء ، وربما يمكثون قليلا ، ثم يتركون الشقة لا محالة ، وربما لا يعودون إليها قريبا .
    وفاء لا تعرفهم ، ولم يسبق لأحد منهم رؤيتها من قبل ، وقد صافحتهم واحدا ، واحدا ، في المطار حين عرّفها عليهم عبد الحليم ، إلا أنها الآن لا تذكر أي من الأسماء التي ذكرها عبد الحليم وهو يعرّفها عليهم وكأنها تقول في نفسها هذا مجرد بروتوكول وسيأتي يوم أعرف فيه بعضهم وأسقط البعض الآخر .
    وهم في الغربة أيضا يظلون متماسكين ومستمسكين بما تربوا عليه ، فالنفير ، والتعاون والتعاضد هو ديدنهم ، وكأنهم يسعون إلى نقل صورة من المجتمع الذي تركوه وراءهم . فهؤلاء الأصدقاء جهّزوا معه الشقة ، وقدموا لعبد الحليم مساعدات مادية ، وتواصوا بجعل ذلك عادة ملزمة لهم طيلة فترة بقائهم بالغربة . بعضهم عرف عبد الحليم منذ فترة طويلة حتى قبل مجيئه إلى هنا ، والبعض الآخر تعرّف عليه هنا في العمل ، أو في مناسبات عامة فأقاموا مع بعضهم علاقات وطيدة جعلت منهم أصدقاء مقربين . وهاهم الآن يسيرون خلفه كأنهم في موكب رسمي كلّف باستقبال ضيف كبير .
    مشوار الطريق إلى البيت قد طال ، و وفاء لا تدري إلى أي أحياء المدينة يقودها الطريق ، وسيارة عبد الحليم تخترق المدينة متجهة من الشمال إلى الجنوب . عبد الحليم يعرفها على بعض المعالم الرئيسية للمدينة ، الوزارات ، المباني المميزة ، برج المياه ، السوق الرئيسي . الأحياء التي تلت ذلك تبدو شعبية لا تتخللها معالم واضحة والطريق تضيق ، ولم تعد وفاء ترى أشجارا على جانبي الطريق .
    يتوقف عبد الحليم عند إشارة المرور الرئيسية في هذه المنطقة . تبدو الإشارة مزدحمة بالسيارات من كل جانب ، وهي توزع الفرص عليهم بالتساوي كأنها ملك لا يظلم عنده أحد . التفتت وفاء ناحية اللافتة لتقرأ ، اللافتة كتبت باللون الأبيض وخلفية خضراء ، يتوسطها سهمان ، أحدهما يشير يمينا إلى حي مرزوقة ، والآخر يشير يسارا إلى حي زريقاء . يدلف عبد الحليم يسارا ناحية حي زريقاء سالكا شارع زريقاء العام ، وبعد أقل من مائتي متر يدخل يمينا ، ليتوقف بعد مائة متر أخرى أمام مبنى من طابقين . يوقف سيارته في ظل المبنى . يتبعه أصدقاؤه الذين كانوا يستغلون ثلاث سيارات متوسطة الحال . يخرجون جميعهم من سياراتهم ليحملوا حقائب وفاء ، ثم يتجهون إلى مدخل المبنى . صعد عبد الحليم وعروسه الدرج الرخامي ، واتجه الجميع إلى الشقة رقم ( 3 ) على يمينك وأنت تترك الدرج .
    اكتمل دخول الحقائب إلى الشقة وجلس الجميع ومعهم وفاء بغرفة الصالون ، وكان بالبيت امرأتان استقبلتا وفاء استقبالا حارا عند الباب ، وزغردت إحداهما احتفالا بمقدم العروس وأدخلتاها إلى الدار وكأنهما تزفانها إلى مشوارها الجديد . عمّ الجالسين فرح غامر ، تبادلوا الابتسامات ، ووجهوا تهانيهم لعبد الحليم وعروسه :
    ( مبروك ، بيت مال وعيال ) .
    وزعت إحدى المرأتين الحلوى والعصير البارد على الجالسين ، بينما انهمكت الأخرى في إعداد الطعام بالمطبخ . قامت وفاء وكأنها ترغب في تقديم المساعدة للمرأتين وتوجهت إلى المطبخ ، وما أن دخلت عليهما حتى أقسمتا سويا عليها أن ترجع من حيث أتت .
    قالت إحداهما :
    ( أنت ضيفة علينا وعلى هذه المدينة ، ونحن أخواتك سبقناك إلى هذه البلاد ، وعبد الحليم أخ عزيز علينا ، تعرفنا عليه كصديق لزوجينا من أول يوم قدمنا فيه إلى هذا البلد ، وظل صديقا وفيا لكل هؤلاء الذين رأيتهم ) .
    بادرت وفاء :
    ( إذن أنتما سمية وشادية ) .
    ردت إحداهن :
    ( نعم . أنا شادية ، وهذه سمية ) .
    قالت وفاء :
    ( عبد الحليم أخبرني عنكما وعن زوجيكما في أكثر من رسالة ، وهو يذكركن بالخير دائما ) .
    ( وفاء لابد أن تذهب وتجلس جوار عريسها بين أصدقائه ، ولا يجب أن تقف معنا هنا بالمطبخ ، تفضلي أخت وفاء ، هذا ليس مكانك الآن ، سيكون لديك متسع من الوقت للعمل في هذا المطبخ ولكن مكانك اليوم جوار عريسك )
    قالت سمية ذلك ، وهي تسحب وفاء من يدها ، وتقودها ناحية الصالون ، وتجلسها بجوار عبد الحليم .
    ما هي إلا دقائق وتدخل شادية على الجالسين بالصالون لتدعوهم إلى الغداء :
    ( العروس والعريس أولا يا جماعة )
    قال أحدهم .
    لكن عبد الحليم يصر على ضيوفه أن يتقدموا أولا . يتردد الجميع في الدخول إلى غرفة الطعام . تأخذ شادية وفاء من يدها وتتقدم بها وهي تنادي على الباقين :
    ( اتفضلوا يا جماعة عشان الأكل ما يبرد ) .
    يدخل الجميع إلى غرفة الطعام ، ليجدوا غداء دسما ، احتوى على العديد من أصناف اللحوم والخضار تم تشكيله وتقديمه بطريقة جذابة أثارت نهم الجميع .
    كانت وفاء أول المعلقين :
    ( ما شاء الله ،ما شاء الله ، تسلم أيديكن يا شادية وسمية ، تقديم رائع وعرض شهي .)
    عاجلها عبد الحليم :
    ( عقبال نشوف تقديمك وعروضك ) .
    شادية تولت الرد وقالت أن وفاء ما تزال عروسا ، وستظل عروسا لفترة من الزمن ، ولا عجلة على تحولها إلى ربة منزل وطاهية .
    انشغل الجميع بتناول الطعام ، وتخللت الجلسة بعض الأحاديث وبعض التعليقات . قفشات من هنا وهناك ، وضحكات من بعض الرجال ، وابتسامات من العروس والمرأتين . الطعام كان كثيرا وشهيا ، والشطة كانت حارة ، أضيف إليها الملح والليمون والخل ، فألهبت الألسن ، كما ألهبت حماس البطون . سمية قالت أنها شطة ( القبانيت ) التي أرسلتها لها أمها من السودان وهي مطحونة ومغربلة بعد أن تم خلطها بالشمار السوداني . علام – أحد الحاضرين - أكل من الشطة واللحوم حتى سال عرقه ، وخرجت من فمه حمحمة ، ووحوحة ، ثم عمد إلى العصير يعب منه عله يطفئ حدة حرارة الشطة أو يخفف آثارها . وهذا أمر بسيط اعتاده علام خاصة في المناسبات السعيدة ولا يمنعه من ذلك ثمة مانع . حتى نظرات سمية ، ابنة خالته وأخت خطيبته ، وتعليقها على الزيادة الواضحة في حجم كرشه عقب كل وجبة مثل هذه ، كل ذلك لا يمنع علام من أن يزدرد الطعام ويلتهم اللحوم بعد أن يغمسها في الشطة الحارة ، ولا يبالي بما يمكن أن يحدث عند دخول الحمام ، ولا بأي نتائج أخرى يمكن أن تترتب على ذلك . هو أصغر الموجودين سنا ، لكن يبدو أنه مركز اهتمامهم جميعا ، فاسمه يتردد كثيرا في أحاديثهم وحكاياتهم ، ويعمدون إلى توجيه الحديث إليه طمعا في تعليقاته الساخرة ، وهو ملح جلساتهم .
                  

04-16-2006, 01:52 AM

معتصم دفع الله
<aمعتصم دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 12684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    يا خاااااااااال ..

    شحتفتنا بي القصة الرائعة دي ..

    ياخي أنا سارق الوقت سرقة ..
                  

04-17-2006, 00:52 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: معتصم دفع الله)

    الشاب النبيل عصّومي
    واصل معانا ، وطوّل لي بالك شوية ، وخليك كووووول ...
                  

04-15-2006, 09:54 PM

yasiko
<ayasiko
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2906

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    Quote: الحمد لله يا عبد الحليم يا ولدي ( زيتنا في بيتنا ) و ( يا دار ما دخلك شر ) .



    Quote: تعرف يا أبو طلال .. أنا مغيوظ من مقابلات كتيرة في المطار ما حضنت زوجتي أول ما تطلع من البوابة.. لأنو الشوق في الوكت داك بيكون زى الأكل الطازة ..
    و لما تروح البيت بيبقى زى الأكل ال في التلاجة يبرد و يبقى ما ياهو ..

    تخريمة : أنا عندي إحساس وفاء دي ياها فوزية الما بتغباني و عبدالحليم دة ياك إنت يا أبو طلال ..
    عاوز تعرف ليه أنا قلت كدة ؟
    مما وصفت كيفن أمو رحلوها من بيتها لبيت الزوجية .. طوالي شميت ريحة ( معتوق )


    More evidences

    Quote: وقد عرفت منها أنها من منطقة الجزيرة ، لكني نسيت اسم القرية التي تنتمي إليها ، وربما تعرفها أنت ، إن ذكرت لك ذلك )


    Quote: وهي فعلا تشبه أهلنا في الجزيرة
    ،

    Thanks Wadgasim
                  

04-16-2006, 06:44 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: yasiko)

    صديقي ياسيكو
    تحيات وشوق
    تابع معنا علّك تجد أدلة جديدة على ما بدا لك ...
                  

04-16-2006, 01:50 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    بعد تناول الغداء اجتمعوا جميعهم في الصالون ، دخل عليهم آخرون انضموا إلى جمهور المستقبلين والمهنئين . رجال ونساء يبدو عليهم ومن أحاديثهم أنهم من سكان الحي . أحد القادمين كان يحمل آلة عود في يده ، إذن هو مغن . يبدو أن هناك برنامجا معدا للاحتفال ، وربما أن الجميع يعلمون تفاصيل ذلك إلا وفاء فهي لا تعلم ما أعد لاستقبالها ، ولم تكن تعلم أن شيئا مما رأت يمكن أن يكون جزءا من هذا الاستقبال . لم تعمد وفاء للسؤال عن تفاصيل ذلك البرنامج ، وفضلت أن تتقبل مفاجئاته وتستمتع بها .
    جلست النساء على يسار وفاء ، وجلس عبد الحليم إلى يمينها ، وابتدأت جلسة الرجال من على يمين عبد الحليم في شكل دائري . صمت الجميع برهة ، وانطلق صوت معتصم زوج شادية ، وقريب عبد الحليم ، بالبسملة وحمد الله على سلامة وصول وفاء ولقائها بعبد الحليم ، وبارك لهما زواجهما متمنيا أن يجعله الله زواجا ميمونا ثمرته المال والعيال . وأعلن معتصم أن جلسة فرح قصيرة بقيادة الفنان عابد ستبدأ الآن احتفاء بهذا الحدث ، وتمنى العقبى للآخرين .
    جلس عابد ، الفنان ، قبالة العريس والعروس وغنى غناء جميلا بدأه بأغنية تقول :
    في إيديها سمــحة الحنه
    بدورك يا عريس تتهنى
    وتباهي بيها حور الجنة
    غنّى ذلك من أعماقه ، وبكل أحاسيسه ، حتى ظنت وفاء أن تلك الأغنية ما قيلت إلا من أجلها ، ومن أجل هذا اليوم الذي انتظرته طويلا . وانطلقت زغاريد النسوة ورقصن ، وعرض الرجال فوق رؤوسهن ، وبشروا فوق العريس وعروسه . وقد بادلا الجالسين فرحهم وشاركا في الرقص والطرب رغما عن إحساس وفاء بعناء السفر وما يحس به عبد الحليم من تعب وإرهاق نتجا عن المجهود الكبير الذي ظل يبذله للإعداد لكل هذا ، وطول الانتظار بالمطار . قدّم عابد ، الفنان ، مقطعين غنائيين من أجمل الغناء السوداني ، وقد طرب الجميع وألهبوا الجلسة برقصهم ، ورفعوا أصواتهم بالغناء .
    قامت سمية وأخذت وفاء من يدها وأدخلتها إلى غرفة داخلية ، ودخلت شادية وامرأة أخرى خلفهن . كانت وفاء تعرف ما سيطلبنه منها ، وهو أن الدور عليها لترقص للحاضرين رقصة العروس ، حسب التقاليد التي لم يستطع السودانيون الفكاك منها . وقد كانت وفاء جاهزة للاستجابة لهذا الطلب ، وأعدت له عدته . ملابس مخصصة لهذه الرقصة أعدتها والدة وفاء لها لتقف بها أمام جمع المهنئين ، ولترقص أمامهم كما جرت العادة عند عرائس السودان المفاخرات بجمالهن وبجمال قوامهن واعتداله وليونته . أشارت وفاء إلى الحقيبة التي تحوي هذه الملابس ، وساعدتها سمية عل استبدال ملابسها ، وقامت النسوة بإعداد وفاء لتخرج إلى الجالسين وكأنها البدر ينفذ من بين الغيوم ليضئ الأرض بنوره .
    جذبت إحدى النساء الدف إليها ، وبدأت بالغناء ورددت بقية النساء غناءها ، ووقفت وفاء في الوسط كفارس يطلب النزال . وقفت سمية إلى جوارها وغطتها بقطعة من الحرير المشجر الأملس يسمونها ( القرمصيص ). طلبت سمية من عبد الحليم أن يكشف وجه عروسه . وما كاد يفعل حتى تمايلت وفاء قليلا ، ثم انطلقت ترقص رقصة العروس ، تؤشر بيديها وتبرز أجزاء جسمها بالتناوب ، إلى الأمام أحيانا ، وإلى الخلف أحيانا أخرى ، تميل إلى الجانب الأيمن أحيانا ، وإلى الجانب الأيسر أحيانا أخرى ، تتلاعب بشعر مسدل كالليل ، تديره يمنة ويسرة ، والعريس يقف قريبا من عروسه يحمل في يده قطعة الحرير الأملس المشجر ، وتنقطع ضربات الدف فجأة ، فتجلس وفاء على الأرض وتغطي وجهها بيديها . توقع الجميع أن يكون العريس منتبها فيقوم بتغطيتها فور جلوسها ، إلا أنه يفشل في المتابعة ، ويغرق في الدهشة ، فيضحك الجميع عليه ، ويضحك العريس على نفسه ، وهو يمتلئ زهوا وسرورا بجمال عروسه ، ورشاقتها ، وخفة حركتها . في قانون هذه الرقصة يعتبر ما حدث هدفا يحسب لصالح العروس ، لذا فقد صفق الجميع ، خاصة النساء ، اللاتى اعتبرن أنفسهن من مشجعي فريق العروس الفائز بهدف حتى هذه اللحظة . ووقف الرجال يشجعون العريس ، ويحضونه على مزيد من الحركة والخفة ، ليتمكن من المتابعة وإحراز هدف التعادل .
    غنت النساء الكثير من الأغاني القصيرة الخاصة بمثل هذه المناسبة ، ولكل أغنية رقصة تناسبها ، وإشارات تتبع معانيها ، وكانت وفاء تؤدي كل تلك الرقصات والحركات ببراعة فائقة ، وعبد الحليم يقف مبهورا ويسائل نفسه :
    من أين لها هذا ؟
    من علّمها كل هذا الرقص الذي يتطلب متابعة دقيقة لكلمات الأغنية وضربات الدف ؟
    يسرح عبد الحليم ويغيب في ثنايا هذا القوام الرفيع ، ووفاء تحرز مزيدا من الأهداف ، وعبد الحليم لا يملك إلا أن يشارك أصدقاءه الضحك من نفسه .
    الأغنية الأخيرة كانت أغنية الوداع ، ( يا حمامة مع السلامة ، ظللت جوك الغمامة ) ، وقد شارك الجميع في أدائها ، رجالا ونساء . أشرت وفاء بإشارات الوداع في كل الاتجاهات ، وحيت الجميع ، كأنها ستتركهم إلى سفر طويل لن تلقاهم بعده أبدا . وقاموا إليها جميعا ليقدموا لها التهنئة وليودعوها ، ويودعوا عريسها بنفس حرارة وداعها لهم ، وليتركوها وشأنها في شقتها، تدير وقتها هي وزوجها كما يرغبان .
    بدأ المهنئون بالخروج ، وكانت سمية وشادية وزوجاهما ، يرافقهما علام ، هم آخر الخارجين .

    (عدل بواسطة ودقاسم on 04-16-2006, 01:51 AM)

                  

04-16-2006, 04:25 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الحجل بالرجل ..

    و لكن

    Quote: وقعت عيناه على عينيها فابتسم لها وبادلته الابتسامة على استحياء .
    ( حمدا لله على السلامة )


    حمد لله على سلامة منو ؟
    سلامة عبدالحليم طبعا ..
    سلامة كبيرة

    ممتع يا رجل هذا الإنسياب السردي في سياق غربتنا الما معروف ليها آخر ..
                  

04-17-2006, 04:38 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ابو جهينة)

    أبوجهينة
    تحية وتقدير
    لو أننا سجلنا غربتنا لحظة بلحظة لكنا كتبنا أسفارا لا حصر لها ، فكل خطوة في الغربة حكاية ، وكل يوم يمر يراكم آلاف الحكايات في ذاكرتنا ...
                  

04-16-2006, 06:20 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الزائرة العزيزة

    والأيام الحلوة تمضي سريعا كلمعان النجوم ، ما أن ينقضي ليلها حتى تتوارى خلف إطلالة فجر جديد ، وتعود الحياة – مثلها مثل الرواية - إلى ممارسة لعبة تبادل الأدوار بين الأزمنة والأمكنة ، والشخوص . فبعد أسبوعين من ذلك الاستقبال الحافل ، عاد عبد الحليم إلى موقع عمله في الشركة التي تعد واحدة من أكبر شركات المساهمة في الشرق الأوسط ، وكان عبد الحليم التحق بهذه الشركة موظفا منذ تاريخ مغادرته لبلاده . كل العاملين بالشركة بجميع جنسياتهم يعرفون عبد الحليم موظفا جادا في عمله ملتزما جانب الأدب والتعامل الكريم معهم جميعا . معظم زملاء عبد الحليم ، من أبناء وطنه ، في تلك الفترة كانوا عازبين لم يتزوجوا بعد . استقبله الجميع بحفاوة بالغة ، كأنه غاب عنهم لسنوات . ولاحظ زملاؤه بوضوح أن عبد الحليم يدخل عليهم بروح عالية ، وهو أكثر نضارة وأكثر ثقة بنفسه .
    بعض الخبثاء حاولوا التعرف على بعض أسرار اللعبة ، حاصروا عبد الحليم بالأسئلة غير المباشرة علهم يحصلون منه على بضع كلمات يصبحن مدخلا للتندر والتسلية ، وبعضهم جلس قريبا منه يستنشق عطر ( الدلكة ) ، و( الخُمرة ) ، إلا أن شخصا كعبد الحليم وفي مستوى جديته وانضباطه ، من الصعب أن تخرج عنه كلمة واحدة مما اعتبره سرا خاصا به وبزوجته .
    وجد عبد الحليم عدة أعمال في انتظاره ليقوم بتنفيذها أو البت فيها ، فهو منذ فترة تمت ترقيته إلى وظيفة رئيس قسم بأحد أقسام الإدارة المالية ، وازدادت مسئولياته وتعاظم دوره في الإدارة ، وقد أبدى عبد الحليم استعدادا كبيرا وحماسا بالغا لتلبية متطلبات الوظيفة ، وظل محبوبا من رؤسائه ومرؤسيه . قرأ عبد الحليم في واحدة من المذكرات التي دوّنها له أحد زملاء عبد الحليم وتركها على مكتبه أن شخصا يدعى أحمد عبدالرحيم ، اتصل به عدة مرات ، وفي كل مرة يأمل من عبد الحليم الاتصال به ، وترك رقم هاتفه . قلّب عبد الحليم ذاكرته في كل الاتجاهات ،استدعى قائمة زملاء الدراسة ، معارفه من منطقة أهله ، زملاء العمل ، استدعى العديد من المناسبات ، لكنه لم يعثر في كل هذه القوائم على شخص بهذا الاسم . تناول سماعة الهاتف ، أدار القرص عدة مرات وانتظر برهة ، فرد المتكلم من الجانب الآخر :
    ألو ، السلام عليكم .
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،، ممكن أكلم الأخ أحمد عبد الرحيم !
    أحمد معك يا أخي .
    نعم ، أخ أحمد ، أنا عبد الحليم .
    أهلا يا أستاذ عبد الحليم ، ألف مبروك وربنا يهنيك . في الحقيقة أنا اتصلت أسال عنك عدة مرات ولكن يبدو أنك لم تكن بالمكتب وليس لدي رقم منزلك لأتمكن من الاتصال بك ، والوالدة تلحّ بالسؤال عن المدام منذ فارقتها في المطار يوم وصولها .
    هنا استطاع عبد الحليم التعرف على المتحدث ، إذن هو أبن الخالة زينب . أهلا يا أخ أحمد ، وأيه أخبار الحاجة ؟ إن شاء الله تكون كويسة ومبسوطة ، المدام أيضا تسأل عنها باستمرار وستكون سعيدة بسماع أخبارها .
    الحمد لله ، هي بخير ومبسوطة خالص ، بس مشغولة عليكم شديد والله ، وكل يوم تطلب مني الاتصال والسؤال عنكم ، وعندما أقول لها أني لم أجدك بالمكتب ، أحس أنها لا تصدقني .
    إذن ، أخ أحمد ، سجل رقم تلفون منزلي لتتمكن الحاجة من التحدث إلى وفاء ريثما تتمكن من زيارتنا إن شاء الله .
    الحاجة زينب ووفاء التقتا على الهاتف عدة مرات بعد ذلك ، وفي كل مرة كانت العلاقة بينهما تتوطد وتنمو حتى بلغت قمتها عندما حددت الحاجة زينب وابنها أحمد موعد ا لزيارة وفاء وزوجها في منزلهما . في تلك الأمسية بدت وفاء سعيدة كأنها تستقبل أمها . أعدت منزلها إعدادا خاصا لهذه المناسبة . حرقت البخور ، ونثرت العطور في كل ركن من أركان البيت ، لبست أحلى الثياب لتظهر في كامل جمالها أمام امرأة أحبتها وأعجبت بها واطمأنت إليها ، رغما عن الفارق العمري والاجتماعي والثقافي ، ورغما عن أن اللقاء بينهما كان يجب أن يظل لقاء عابرا .
    أحمد ابن الحاجة زينب ، مهندس مدني ، هادئ ورزين ، ويبدو من شكله أصغر من عبد الحليم بقليل ، وقد فرضت عليه وفاة والده المبكرة تحمل مسئولية إعالة أسرته المكونة من والدته وأختين وأخ أصغر . وقد بدأ هجرته بعد سنوات عمل قليلة في السودان بعد تخرجه من كلية الهندسة بجامعة الخرطوم ، وذلك بعد أن واجهته تلك الظروف الصعبة التي فرضت نفسها في الفترة الأخيرة على كثير من الخريجين ودفعتهم إلى الاغتراب والسفر إلى كثير من بلاد الدنيا ، شرقا وغربا بحثا عن فرصة لزيادة الدخل ولمواجهة متطلباتهم ومتطلبات أسرهم ، وتحقيق بعض الطموحات الشخصية .
    أحمد لا يجد كثير وقتٍ للاستجابة للالتزامات الاجتماعية ، فهو يقضي أوقات فراغه القليلة إما في القراءة ، أو مع زملاء الدراسة الذين تصادف وجودهم هنا في الغربة ، وكلهم ليست لهم ارتباطات عائلية تذكر ، حيث كانت العائلات السودانية محدودة للغاية في تلك الفترة ، حتى لتكاد بعض أحياء المدينة تخلو من وجود أي عائلة سودانية . واختارت معظم العائلات التي قدمت إلى هنا أن تعيش في الحيين المتجاورين ، مرزوقة ، وزريقاء ، كما اختار السكنى في نفس الحيين عدد كبير من الشباب الذين لم يتزوجوا بعد ، وقد سكنوا في شكل مجموعات يحلو لهم تسميتها بالميزات ، والمجموعة الواحدة يطلق عليها الميز ، وهي كلمة يقصد بها السودانيون الاقتسام المتساوي لكل المهام والالتزامات التي تقوم عليها مثل هذه المساكن .
    لكن الشركة التي كان أحمد يعمل فيها فضلت أن تمنحه سكنا صغيرا ليعيش فيه منفردا وقريبا من مقر الشركة الذي يقع في الطرف الشمالي الشرقي للمدينة ، وكان هذا ما جعله يتخذ خطوته في استخراج تأشيرة زيارة لوالدته لتقضي معه بضعة أشهر ، حيث يمكنها البقاء معه داخل سكنه .
    تتبع أحمد الطريق التي وصفها له عبد الحليم ، ليصل بعد نصف ساعة تقريبا إلى العمارة التي توجد بها شقة عبد الحليم . المسافة التي قطعها أحمد بسيارته الأمريكية التي قدمتها له الشركة لم تكن مسافة طويلة ، إلا أن الطرق في تلك الفترة كانت ضيقة ومتعرجة وتعترضها الكثير من التحويلات كما يحلو لأهل الخليج تسميتها قاصدين بها تحويل اتجاه الطريق لعمل أي إنشاءات جديدة ، أو تعديلات أو إصلاحات .
                  

04-16-2006, 08:09 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الحاجة زينب أيضا استعدت للزيارة ولبست لها الجديد الذي زادها وقارا على وقارها . وبدت نضرة وهي تتبادل مع وفاء العناق والقبلات . وفاء تنظر إلى الضيفة العزيزة بقدر من الإعجاب ، وكأنها تؤكد لعبد الحليم أنها بالرغم من كل ما تحمله من طيبة ودماثة خلق إلا أنها لا تقيم علاقاتها الإنسانية جزافا كما يتهمها، بل تعرف كيف تختار صديقاتها .
    الحاجة زينب قدمت ابنها أحمد إلى عبد الحليم ووفاء قائلة :
    ( أحمد ولدي ، من يوم ما كلمته عنكم ، وهو يشتاق للقياكم كأنكم إخوانه أولاد أمه وأبوه ) ، وواصلت : ( يعلم الله يا وفاء يا بنيتي ، أنا من لحظة ما شفتك ، قلت البنية دي ، طيبة وبنت حلال ، وطوالي قرّبت منك وسلمت عليك ، والحمد لله ما خاب ظني فيك ) .
    عبد الحليم أبدى ترحيبا واهتماما بضيوفه ووجه سؤاله إلى أحمد :
    ( أخ أحمد عرفت من وفاء إنكم من الجزيرة ، من أي منطقة في الجزيرة انتم ؟ )
    رد أحمد مباشرة :
    ( نحن من منطقة شمال الجزيرة من قرية أبو جمرة . )
    بالله - قالها أحمد متابعا دون أن يشعر ضيفه بنوع من خيبة الأمل - يعني بعيدين عن منطقتنا ، نحن من جنوب الجزيرة من قرية الحرازة . وطبعا وفاء زوجتي أهلها من الخرطوم بحري من شمبات .
    جلس الجميع حول شاي المغرب ليتناولوه على الطريقة السودانية ، بالحليب ، مع الكعك والبيتيفور . على غرار تلك الجلسات التي كانت عامرة أيام كان الناس سعداء بوجودهم داخل وطنهم . وشدهم جميعا منظر المائدة قبل أن يشدهم الطعم، فقد قدمت وفاء مائدتها على طريقة أهل العاصمة أنيقة ، ومزخرفة ، ووفيرة. سألت الحاجة زينب مضيفتها إن كان هذا من عمل يدها . فردت وفاء دون تردد وهي تسبق الآخرين بالضحك :
    الشاي ؟ طبعا يا خالة زينب ، من عمل يدي . فضحك الجميع . وأردفت وفاء :
    الوالدة الله يخليها عملت لي حاجات كثيرة جدا يا خالة زينب ، حاجات ممكن تكفينا لحد ما نرجع ، وكأننا سنعيش في بلد لا ما ء فيه ولا طحين .
    ( والله شغلها حلو خالص ، الله يديها العافية ، ويخليها ليكم يا بنيتي ) عقبت الحاجة زينب ، ووجهت سؤالا لوفاء كمن يريد أن يغير الموضوع :
    وفاء أنت عندك إخوان ؟
    قالت وفاء وكأنها كانت تتوقع هذا السؤال :
    ( أيوة يا خالة زينب ، أنا أخواني رجال الحمد لله ، وكلهم اتخرجوا بس الصغير لسة بالجامعة ، وأخواتي البنات أثنين ، الكبيرة متزوجة من ابن خالتنا ، والصغيرة تدرس بالثانوية ، وأنا الوسطى طبعا ، والوالدة الحمد لله بخير وصحتها عال ) .
    عبد الحليم وأحمد كانا يجلسان قريبين من بعضهما ، وكعادة كل السودانيين في مثل هذه الجلسات يزحف الحديث شيئا فشيئا نحو الحدث السياسي المعاصر ، ثم ينتقل إلى الحديث عن الحكومات العسكرية ، وعدم الاستقرار السياسي ، والتدهور الاقتصادي الذي دفع بهم إلى الهجرة . كان الحوار بين أحمد ومضيفه يدور هادئا ، وظلت أصواتهما منخفضة ، فقد كانت وجهات نظرهما متطابقة تماما ، لذا لم يجدا سببا لرفع أصواتهما ، ويبدو أن ذلك حدث بسبب تقارب البيئة التي عاشا فيها ، ووقوعهما سويا تحت سندان الغربة ومطرقة الحكم العسكري .
    الحاجة زينب وجدتها فرصة لتنفرد بوفاء وتسألها عن خصوصياتها ، مالت ناحية وفاء حتى لاصقتها . أحست وفاء بدفء العلاقة ، فسرى هذا الدفء في جسدها وتسرب إلى روحها ، وشعرت أن الخالة زينب تتعامل معها وكأنها إحدى بناتها . تحدثتا إلى بعضهما كأنهما تهمسان في أذان بعضهما البعض . عبد الحليم وأحمد انتبها إلى صوت الحاجة زينب وهي تردد بصوت مسموع : ( مبروك يا بنيتي ، والله مبروك عليك ، عجبني ليك ، ربنا يحفظك ويديك العافية ويتمم لك بالعافية والسلامة ، وإن شاء الله ربنا يسهل على أمك عشان تحضرك وتشوف عافيتك ) .
    عبد الحليم كان يعرف عم تتحدث الحاجة زينب ، وبدأ أن أحمد أيضا عرف الخبر ، لكنه ظل صامتا وكسا وجهه شيء من الخجل . وبعد فترة صمت قصير ، قال مترددا والحياء يكسو وجهه : مبروك عليكم يا جماعة ، يبدو أن هناك أخبارا سعيدة .
    تبسم الجميع ، وعمهم فرح غامر . وتقدمت الحاجة زينب باعتبارها امرأة مجربة ، بنصائحها للزوجين السعيدين ، وشددت على عبد الحليم بالاهتمام بصحة وفاء وعدم إرهاقها خاصة في بدايات الحمل ، واتجهت نحو وفاء وأوصتها بالاتزان في الحركة وشرب الحليب ، ووعدتها بالمداومة على الاتصال بها والسؤال عنها عبر الهاتف ، ووعدتها بزيارة أخرى إن تمكن أحمد من ذلك ، نظرا لأنه يعمل بنظام الدوامين طيلة الأسبوع ولا وقت لديه للتواصل الاجتماعي إلا يوم الجمعة ، وحتى هذا فهو يضطر لتوزيعه بين متطلباته الشخصية ، وضرورات ذلك التواصل الاجتماعي .
    همّ أحمد وأمه بالاستئذان في الانصراف ، وأبدى عبد الحليم وزوجته مقاومة لإثنائهما وجعلهما يواصلان الأنس ، خاصة وأن عبد الحليم لاحظ تعلق وفاء بالخالة زينب وحبها لها . لكن أحمد رغما عن أنه تراجع وجلس ، شرح من الأسباب ما جعل مضيفيه يتنازلا عن إصرارهما ويأذنا له ولأمه بالانصراف ، على وعد باللقاء مرة أخرى إن شاء الله .
    تقدم عبد الحليم وزوجته لوداع الضيفين إلى الباب ، وهناك أصرت الحاجة زينب على وفاء أن ترجع لترتاح قليلا من آثار هذه الجلسة الطويلة ، وودعتا بعضهما بقبلات ملؤها المحبة والنقاء . نزل عبد الحليم مع الضيفين حتى أوصلهما لسيارتهما ، وفتح الباب للحاجة زينب وأركبها ، ولم تنس الحاجة زينب أن تكرر وصيتها لعبد الحليم ليهتم بسلامة وفاء ويراعي صحتها ، وأن لا يدعها تبذل مجهودا خارقا في بداية فترة الحمل ، وطلبت منه أن يتصلا بها لأي استشارة خاصة بهذا الموضوع وأبدت له استعدادها لكل عون ، حتى ولو تتطلب ذلك أن تبقى ليومين أو ثلاثة برفقة وفاء لتخدمها . أثنى عبد الحليم بحرارة على تلك المشاعر الطيبة وشكر الحاجة زينب على زيارتها ، مرددا على طريقة أهل الجزيرة ( زارتنا البركة يا حاجة )، ثم ودعها وودع ابنها أحمد مذكرا إياه أن لا يقطع الاتصال وأن يعود إليهم مرة أخرى بصحبة الحاجة زينب .
    عبد الحليم ووفاء أشادا بالحاجة زينب وطيب خلقها ، وكانت السعادة بادية عليهما ، وقد تركت زيارة الحاجة زينب وولدها أثرا طيبا في نفسيهما ، خاصة وفاء التي أحست أنها انتصرت على عبد الحليم في نفي تهمة إقامة علاقات سريعة .
                  

04-17-2006, 01:32 AM

تيسير عووضة
<aتيسير عووضة
تاريخ التسجيل: 12-20-2005
مجموع المشاركات: 7136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    عمو ود قاسم ..

    قصة ممتعة ومشوقة جداً

    ما تميتا لسه
    بس بعد قريت كلام أبوجهينة إضطريت أرجع أقرا القريتو تاني
    بس المرة دي بي نظرة تانية ..
    وشكلو كدا كلامو صاح من حكاية زملاء في الشغل دي

    أتم القصة وأجي تاني

    (عدل بواسطة تيسير عووضة on 04-17-2006, 01:37 AM)

                  

04-17-2006, 08:23 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: تيسير عووضة)

    تيسير
    لو اهتميتي بكلام أبوجهينة ستعيدي القراءة مرات عديدة ...
    احسن تقري براك ، وتشوفي الحاصل ..
    يا خبر الليلة بقروش ، باكر ببلاش ..
                  

04-17-2006, 02:13 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    اتقاد الشعلة

    الحراك الاجتماعي ، والتواصل الإنساني لا ينتظران إذنا من أحد ، ومهما أغلقت الطرق في وجه الأفراد ، ومهما سعت أنظمة الردع وقوانينه إلى هزيمة التفاعل الإنساني ، فإن البشر يجدون طريقهم إلى التمرد ، وإلى الاختراق ، وإلى دفع الحياة إلى الأمام . ووفاء لا تعرف الركود ، فقد كانت منذ نعومة أظفارها كثيرة النشاط ، دائبة الحركة . هكذا عرفها أقرانها من البنات والأولاد ، حيث كانت تتولى أدوارا قيادية حتى حين يضم اللعب عددا من الأولاد . وعند انتقال وفاء إلى المدارس أوجدت لنفسها فرصا واسعة للعب هذه الأدوار . كبرت وفاء واكتسبت المزيد من الخبرة في تولي أدوار القيادة . كبرت معها نشاطاتها ، وتمرست في العمل العام في الوسط الطلابي ، وتوسعت فيه حتى وصلت إلى القمة، بعد تخرجها ، حين انضمت إلى اتحاد المرأة العاملة ، وهي منظمة نسوية شبه رسمية تعني بشئون النساء العاملات في القطاعين العام والخاص . لم تتبوأ وفاء مركزا قياديا في هذه المنظمة ، إلا أنها كانت تعد نفسها لهذا الدور لولا أن الزواج والسفر خارج الوطن قطعا عليها الطريق ، وحالا دون تحقيق هذا الطموح .
    والغربة شروطها قاسية ، خاصة في بلاد لكن وفاء لن تستسلم لشروط الوضع الجديد ، وقد شعرت منذ أسبوعها الأول في الغربة أن السودانيات المقيمات في هذه البلاد بحاجة إلى من يهتم بهن ، وينظم شئونهن ، وإلا سيفقدن تدريجيا الإحساس بالانتماء ، وتضعف في دواخلهن الشخصية السودانية التي تمنحهن الهوية المميزة لهن عن سائر نساء العالم .
    العمل العام ، خاصة في الأمور ذات الطابع الاجتماعي ، لا يحقق للمشارك ثمارا مادية تعود عليه هو دون غيره ، وهو عمل شاق يجر وراءه عددا من التبعات ، ويعرض فاعله لانتقادات الآخرين بمن فيهم أولئك الذين لا يضيفون شيئا للمصلحة العامة في أي عمل يعملونه . لكن الذين اعتادوا على المشاركة في مثل هذه الأعمال تجدهم يستمتعون بها وبنتائجها حتى لو كانت النتائج لا تلتمس إلا علي المدى البعيد . وقد اقتنعت وفاء بضرورة القيام بشيء ما ، وعرفت أنها هذه المرة لن تكون عضوا في كيان قائم له تجاربه وأدبياته وأسسه وقياداته ، إنما تؤسس لكيان جديد وفي بيئة تختلف تماما عن البيئة التي اعتادت العمل فيها .
    عبد الحليم كان أول من تعرف على نوايا زوجـته ، وهو يعرف سلفا أن وفاء ستقدم على شي من هذا ، وأنها لن تستطيع العيش بدونه . لكنه كان يعرف تماما صعوبة القيام بمثل هذا العمل هنا ، خاصة بالنسبة للنساء ، فهن يجدن أنفسهن يعانين من محدودية الحركة ، ومكبلات بكم هائل من القيود ، لذا فهو يتصور أن هذا العمل لا مستقبل له هنا ، وأنه سيتوقف عند بداياته الأولى ، أو أنه سيظل عملاً محدودا ، وسينتهي عند حدود العلاقات الاجتماعية العادية بين الجيران والأصدقاء ، وبالتالي لا يمكن الانتقال به إلى أن يصبح عملا عاما بمعناه الواسع ، لكنه ربما يشبع نهم وفاء بالرغم من أنه سيظل أقل بكثير من تطلعاتها .
    أصبحت الزيارات المتبادلة بين الجيران والمعارف أمرا عاديا . توسعت العلاقات ، وكبرت التجمعات خاصة في المناسبات الاجتماعية . وما كان أضخم ذلك التجمع الذي حدث حين وضعت وفاء مولودتها الأولى ، ابنتها ( وعد ) . شادية ، وسمية سجلتا حضورا مستمرا خلال الأسبوع الأول ، واستقبلتا الزوار والمهنئين ، وقدمتا تدريبا مكثفا لوفاء على كيفية العناية بالطفلة . واجتمع جمع كبير من السودانيات - اللاتي تعرفت بهن وفاء - في الليلة السابعة، وقدمن عشاء فاخرا تم إعداده من لحم كبشين أقرنين من النوع المسمى هنا ( السواكني ) ، وهو الخروف المستورد من السودان . وفي الصالون اجتمع بعض المقربين فغنوا ورقصوا حتى بانت خيوط الفجر .
    مناسبة ولادة البنت الأولى مثّلت انطلاقة لوفاء لتؤسس لدور قيادي بين صويحباتها . فروحها القيادية ، ومرونتها ومرحها ، وخلقها الطيب ، وكرم ضيافتها ، كل ذلك قرّبها وقرّب منها النساء ممن تعرفّن عليها وعرفنها . سعت وفاء لتطوير علاقاتها مع الأخريات ، وتحقق لها المزيد من التقارب معهن بتبادل الزيارات ، والاتصالات الهاتفية ، ولقاءات المناسبات . مثلت وفاء لصويحباتها قطبا يتجمعن حوله ، فكان بيتها عامرا بتجمعاتهن . بعض النساء لا يأبهن بالأمور الجادة ، لكنهن يسعين لتمضية الوقت بالتسلية والمرح ، والأنس الجميل ، وكانت وفاء تفسح لهؤلاء مجالا واسعا وتحتويهن في جلسات أنس رائعة . ومهّد لها هذا اكتشاف مكامن الحماس لدى بعضهن ، فبدأت بتحريضهن وحثهن على العمل الاجتماعي العام ، وبددت لهن الكثير من الغيوم التي كانت تحجب رؤاهن ، وبدت نظرتهن للحياة وكأنها تتغير ، ودبّ في كثير من هؤلاء النسوة روح المطالبة بالحقوق ، والتعرف على الواجب الوطني والاجتماعي بوضوح
                  

04-17-2006, 05:01 AM

معتصم دفع الله
<aمعتصم دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 12684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    يا خال متابع للسرد الرائع والتسلسل الجيد للأحداث ..
    وسر العلاقات الاجتماعية المتميزة بين السودانيين ..
    وتوقفت عند ظاهرة الخوف والحذر من جانب الكثيرين في انشاء علاقات جديدة ..
    أتمنى أن نتطرق للاسباب والظواهر السالبة في هذا البوست وما ادى لذلك ..

    وثانياً دور المرأة خارج الوطن والقيام بانشطة إجتماعية تفيد الجميع ..
    وخصوصاً تربية الأطفال وربطهم بالوطن ..



    واصل ..
                  

04-18-2006, 03:06 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: معتصم دفع الله)

    معتصم
    خلّي نفسك طويل ، فستأتيك أخبار عديدة ، وعلاقات عديدة ، والله يستر..
                  

04-17-2006, 06:16 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    كالعادة ، بعض الرجال لم يعجبهم ذلك ، وقد أحس بعضهم أن ذلك سيكون بذرة للتمرد من جانب الزوجات اللاتي كنّ مسترخيات لرسم الحناء وجلسات الدخان والبخور . لكن دائرة الذين استجابوا لنداءات وفاء المبثوثة عبر زوجاتهم كانت تتسع وتكبر ، وظلت هذه الدائرة تكسب أعضاء جدد كل يوم . بدأت اللقاءات تتكاثر ، والاتصال عبر الهاتف يمتد إلى ساعات . والأحاديث المتبادلة لا تخلو من تبادل بعض المعلومات الخاصة بأعمال المطبخ ، ووصفات الأطعمة خاصة تلك التي أضافتها وفرة الغربة إلى المائدة السودانية ، كالفطائر ، والمعجنات ، واللحوم المعالجة بالبقسماط والتوابل ، والحلويات ، والكيك والخبيز وتشكيلاته . وبالطبع كانت هناك أحاديث عن طريق الهمز واللمز حول جودة سفرة بعضهن ، وتقليدية أو تخلف البعض الآخر ، وأحاديث أخرى حول شكل الموائد ، والبشاشة في الاستقبال ، وخفة دم البعض ، وثقل دم البعض الآخر .
    بعض النساء كن يقضين وقتا طويلا في التحاور حول أفضل الوصفات التجميلية ، كنقش الحناء وكيفية الاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن ، وكان لكريمات تفتيح البشرة وإزالة النمش وحب الشباب حيزا كبيرا من الأفكار المتبادلة . كان للبعض منهن ميل نحو استخدام مدخلات التجميل الطبيعية التي عرفها السودانيون واعتادوها منذ القدم ، كحطب الطلح ، والشاف ، وبخور الصندل ، والحناء الطبيعي ، والدلكة واللخوخة ، في حين أن أخريات اتجهن إلى ما يجلب النتائج السريعة من كيماويات صيدلانية .
    هذه المدينة يزداد عدد أسواقها فتنمو وتتسع كل يوم ، وأخبار الأسواق والأسعار ، كانت من بين أهم المواضيع عند السودانيات المقيمات هنا. والسودانيات مغرمات بالأواني المنزلية ، والسرائر ، والطاولات ، كما يهمن هياما عظيما بالملاءات والمفارش ، ويسعين إلى الحصول على المزيد منها وتكديسها حتى يمكنهن أن يستخدمنها في بيوتهن في السودان عند العودة النهائية . وانتشرت الموضات والتجديدات وتناقلت النساء أخبارها عن طريق الزيارات أو الهاتف . وقد كونت بعض النساء مجموعات للشراء بالجملة سعيا للحصول على أقل الأسعار ، ولضمان استمرارية ذلك حدثت تجمعات اقتصادية ، فتكونت جمعيات مالية مصدرها الأساسي جيوب الأزواج ، ومآلها إلى التجار الذين باعوا للسودانيات كل مستلزمات العودة النهائية ، دون أن يتركوا لهن المال الذي يؤهل أزواجهن لهذه العودة .
    ولم تكن جلسات ولقاءات النساء خالية من تبادل الأحاديث عن تمضية ليلة البارحة مع الزوج المحب الذي لا يستطيع أن يبقى للحظة بعيدا عن زوجته ، ورغما عن خصوصية الأمر فقد اختارت كل واحدة منهن صديقتها الخاصة جدا لتستمع إليها وتسمعها خصوصياتها أيضا . وكل واحدة تحاول أن تقول للأخريات أن زوجها هو العاشق الولهان ، وهو الفحل الذي لا يدانيه فحل آخر ، وأنها هي الأنثى الساحرة التي تتمكن دوما من أسره داخل خيوط نسيجها ولا تمنحه حتى فرصة النظر إلى الأخريات .
    كانت وفاء تتصف بقدر كبير من الليبرالية وكانت منفتحة على كل هذه المجموعات دون عقد أو إفراط ، فتحولت إلى قطب يجمع حوله العديد من الصديقات المقربات واللاتي أبدين رغبة وشغفا بالعمل العام . كما كان لأريحيتها وكرم زوجها و احتفائهما بأصدقائهما وزوارهما الدافع القوي لتردد الكثير من الأصدقاء على منزلهما دون حساب لرد الزيارة من عدمه .
    اتفقت الشلة على البداية ، على أن يتم ذلك عبر سفارة بلادهن رغم تحفظ الكثير منهن على ذلك ، إلا أن الأغلبية رأت أن ذلك هو الأسلم . والترتيبات لإعلان بداية العمل كانت بسيطة وميسرة كبساطة أهل السودان ، فالاتصال بحرم سعادة السفير تم ترتيبه بسهولة ، وكان مجديا للغاية ، فقد رحبت بالفكرة وأطلعت زوجها عليها . كذلك رحب سعادة السفير بالتجمع النسوي الوليد واعتبره فكرة رائدة ، وقرر أن يتبناها وأن يمنحها جزءا من وقته وجهده ، وأقنع زوجته برعاية هذا العمل ، فأصبحت جزءا هاما من الانطلاقة النسائية .
    وفي منتصف ذلك العام الذي اتحدت فيه قسوة الطبيعة مع البطش السياسي في البلاد ، كان السفير يفتتح أسبوعا ثقافيا ، وسوقا خيرية أقامها تجمع النساء المغتربات في دار السفارة السودانية ، وكانت السفارة وقتها تشغل مبنى مستأجرا في حي راق وسط المدينة . وقد تدافع الزوار على السوق الخيري ، وأمّ الكثير منهم فعاليات البرنامج الثقافي ، و دفعت الظروف التي تمر بها البلاد الكثير من السودانيين للتعاطف مع النساء في مسعاهن لتقديم ما يمكن تقديمه من مساعدات وتعريف بحجم المشكل السوداني المتمثل في الجفاف ، والزحف الصحراوي ، إضافة إلى الطيش السياسي والأحكام المتعجلة الجائرة التي تلحق بكل من يحاول أن يقول كلمة حق . وقد تحاشى المشاركون أن يقحموا السفير في أي عمل سياسي مكشوف ضد النظام القائم أو أن يحرجوه ، وحاولوا مناقشة الموضوع ومعالجته بذكاء ، كما جمعوا التبرعات لمساعدة المتضررين ، وحقق السوق الخيري نجاحا كبيرا ومبيعات عالية . فقد أقبل عزّاب المهجر على المطعم الخيري حيث قدمت النساء العصيدة بالتقلية والنعيمية ، والقرّاصة بالدمعة ، وعصيدة الدخن باللبن والسمن البلدي، ومشروبات الكركديه ، والقنقليس ، والحلو مر . وقد عطّرت رائحة السّلات المشوي جو المكان فجذبت إليها محبي اللحوم من مناطق بعيدة . وأتاح هذا التجمع فرصة لكثير من أبناء الجالية السودانية للالتقاء بزملاء الدراسة ، والعمل السابق ، ممن فرقت بينهم المسافات والأزمنة ، كما كان فرصة للتعارف بين العديد من أبناء وبنات السودان بالمهجر . وكان للشباب والعازبين الحظ الأوفر في الاستمتاع بفعاليات السوق ، وحظي بعض هؤلاء بالمدخل الذي يمكّن بعضهم من التمهيد لعلاقات الصداقة والمودة ، وربما مهّد هذا التجمع لبعض زواره فرصا للعشق والخطوبة والزواج .
    كل نبتة معافاة تتوفر لها الرعاية اللازمة لابد لها أن تنمو وتكبر ، ثم تنضج ثمارها ، وتؤتي أكلها حصادا طيبا بإذن الله . ومن داخل مباني السفارة خرجت اللجنة التنفيذية للتجمع النسوي السوداني ، ولوفاء كانت الرئاسة دون وجود منافسات . وزوجة السفير اعتبرت نفسها راعية لهذا التجمع ومشرفة على أنشطته ، فلم تدخل إلى حلبة المنافسة أصلا .
    والحال هكذا ظلت وفاء تتقدم بخطى ثابتة تقنع كل المراقبين بأنها جديرة بالقيادة ، وبدا عبد الحليم سعيدا بما يحدث ، فقدم كل ما يستطيع للتجمع النسوي الوليد ليتمكن من الوقوف على رجليه ، لم يبخل بوقته ولا بسيارته ، كما أنفق من ماله للضيافة والاستقبال وتجديد الأثاث حتى يصبح بيته مكانا مناسبا لانعقاد الاجتماعات . كما أنفق مبلغا كبيرا في شراء الزينة التي يمكن أن تجعل وفاء تبدو واثقة من نفسها كرئيسة للتجمع ، وتحمّل عبد الحليم في كثير من الحالات مسئولية رعاية بناته في غياب الأم وانشغالها عنهن .
    ونجم وفاء يصعد باستمرار ، وتتزايد مسئولياتها ، وتتعدد الاجتماعات . والسفارة تحيل إليها المزيد من المسئوليات الخاصة بالمرأة المقيمة بالمهجر ، ومشاكل تعليم الأبناء خاصة في مستويات التعليم قبل المدرسي . وقد بذلت وفاء ولجنتها جهودا مضنية لمعالجة العديد من الحالات . وكأي فكرة جديدة ، كانت فكرة التجمع النسائي ، تحتاج دعما ، وإعلانا لتتمكن من السير قدما . وتصدت وفاء للكتابة الصحفية عبر الصحف السودانية التي كانت تصل إلى المهجر ، وتعرّف الكثير من قراء الصحف على هذا المجهود النسوي الكبير من خلال كتابات وفاء . وحدثت اختراقات هنا وهناك تمكنت من خلالها اللجنة النسوية من التعرّف على عدد من الناشطات في المجال الاجتماعي من نساء هذه البلاد .
                  

04-18-2006, 02:10 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    مجابهة المأساة

    لم تعد هجرة السودانيين كسابق العهد بها ، فالسنوات تمر عليهم في مهاجرهم وكأنهم لا يعدّونها من أعمارهم . قليل منهم من يسعى جادا لعودته إلى أحضان الوطن ، فيتبع نظاما ادخاريا صارما يجمع عن طريقه جزءا من المال ليعينه على تأسيس منشأة عمل حر هناك يعيش منها هو وأسرته . أما الغالبية العظمى من المهاجرين فقد استمرأت الغربة ، وسعدوا بنعومة العيش ، وهابوا شظفه هناك ، وأصبح الوطن بالنسبة لكثيرين منهم مكانا مناسبا لتمضية الإجازات السنوية ، ومستودعا للذكريات الحميمة التي يجترونها في مجالسهم وفي دواخلهم .
    والإنسان ، هذا المدني بطبعه ، لا يعرف العيش منفردا . وكنتاج طبيعي للحاجة إلى التعارف والتواصل والتعاضد انتشرت الجمعيات ، ومنظمات المجتمع المدني ، في أوساط تجمعات المغتربين ، فاستوعبت جزءا كبيرا من فراغ الكثيرين ، وأصبحت مدخلا لإنهاك مدخرات الذين يجدون متعة في مثل هذا العمل . وواصلت وفاء وتجمعها النسائي العمل بنفس الروح ، وانداحت دوائر التواصل مع كثير من الجمعيات الأخرى . وأصبح المجتمع السوداني بالمهجر مجتمعا له ما يميزه ، وما يمنحه خصوصيته ، وله دوره في التواصل مع الوطن وقضاياه . برزت قيادات عديدة ، من الرجال والنساء ، ونشأت الفرق الرياضية ، وتعددت المواهب في الغناء والموسيقى ، وبدا أن جيلا جديدا بمواصفات جديدة ، فيه شئ من هنا وشئ من هناك ، قد خرج من صلب هذا المجتمع الجديد .
    عبد الحليم نفسه أصبح عضوا في عدد من منظمات المجتمع المدني ، وقد ظل يقابل أحمد ابن الحاجة زينب في عدد من اللقاءات والمناسبات ، وقد تكررت زيارات أحمد لمنزل عبد الحليم ووفاء حتى أصبح وكأنه فرد من أسرتهم ، لكنّ أحمد رغما عن وضعه المادي المتميز ، ورغما عن وسامته البادية إلا أنه ظلّ عازبا ، فلم يقدم على الزواج ، وكان دائما يردد أن مسئولياته تجاه أسرته تؤجل إقدامه على خطوة الزواج . ولم يكن عبد الحليم ووفاء يشغلان أنفسهما بعزوبية أحمد في بلد ينظر كل الناس فيه إلى العازب وكأنه وعاء للشر والخيانة . بل كان أحمد أخا لهم ، يتواصل معهم ويزورهم في البيت متى شاء ، ويلتقيهم في كل المناسبات العامة والخاصة التي تربطهم بها علاقات مشتركة ، وكثيرا ما كان ينقل أخبار وتحايا أمه الحاجة زينب لوفاء و عبد الحليم .
    بنات وفاء كبرن ، وكبر معهن الكثير من الأبناء والبنات من الذين ولدوا هنا . لكن وفاء ظلت رغم كل ما تبذله تحتفظ بجمالها ورونقها ، وكامل أنوثتها . فلم يترهل جسمها كما حدث للكثيرات هنا من اللاتي استسلمن للنوم والكسل . كما أنها لم تهمل رسم الحنّاء في كفيها أو قدميها . ولم تتخلى أبدا عن ( حفرة الدخان ) بالرغم من الصعوبات التي تقابل النساء في المهجر في هذا الأمر . وظلت وفاء قمة من قمم الأناقة السودانية بهذه المدينة ، ملتزمة بلبس الثوب السوداني رغم تخلي الكثير من صويحباتها عن هذه العادة حين فضّلن عليها لبس العباءة الخليجية باعتبارها خفيفة وسهلة اللبس ، وغير مكلفة ..
    قالت الحاضرات في أمسية ( السماية ) في مناسبة ولادة أحد الأطفال في حي زريقاء - حين أصرت صاحبة المنزل على إقامة حفل غنائي نسائي فقط - أن وفاء رقصت في ذاك الحفل وكأنها عروس في يوم زفافها . وقالت امرأة حضرت تلك الأمسية أن تقاسيم جسم وفاء كانت واضحة ومميزة . وكان صدرها عاليا وبارزا ، وكفلها كان متوازنا لا هو بالكبير ولا بالصغير ، لكنه بين بين ، غير أنها كانت تحركه كيف تشاء ، وبدا خصرها كأنه مرسوم بحزام مفضض تضيق دائرته تماما بقدر ما تريده هي . وقد بدت أنيقة ومحتشمة ، وكعادتها متفاعلة مع من حولها من الصديقات والجارات ..
    كانت وفاء لطيفة في تعاملها مع بناتها ، تهتم بتربيتهن كأروع ما يكون ، كما اهتمت كثيرا بأناقتهن ، وبزينتهن . وكانت دائما تنظر إلى بناتها وكأنهن صديقاتها وقد كنّ بحق يتصفن بقدر كبير من الجمال ، والتفوق الدراسي . وقد بذلت وفاء الكثير لتجعلهن بهذه الصفات ، وظلت تحفزهن للمزيد . وظلّ عبد الحليم ينظر إلى كل واحدة من بناته وكأنها مشروع وفاء جديد ، فكان فخورا بهن ، وبجمالهن ، وحسن أدبهن ، وبتفوقهن في الدراسة .
    وصديقات وفاء يزداد عددهن كل يوم ، ونساء المدينة يتسابقن على التعرف عليها ويتنافسن على صداقتها . وقد ظلت سمية وشادية وفيتان للصداقة ، وكانتا ساعديها في العمل العام ، وقد تعضدت هذه المجموعة بانضمام أماني زوجة علام وأخت سمية ، وهي تنتمي للجيل الجديد من الزجات اللاتي التحقن بأزواجهن في المهاجر وكانت غالبيتهن من خريجات الجامعات . ولمع اسم وفاء ، وعدد من صديقاتها ، وفاقت شهرتهن آفاق المدينة إلى المدن الأخرى .
                  

04-17-2006, 05:51 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    Quote: نظر عبد الحليم خلسة نحو عروسه القادمة للتو وهي معبقة بالعطور السودانية التي طالما تمنى أن يدسّ أنفه فيها


    والله يا ود قاسم فعلاً القصة عاوزاليها خميس وجمعة وزول ما يكون مطلوب ولا قرش .. ولا قسط عربية .. ورقده على القفا لإستكناه الأشياء .. عشان نجيك بتعليق مدنكل ..

    شكراً على هذا الكلام السمح
                  

04-18-2006, 03:59 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    محمد عبد الجليل خد راحتك خميس وجمعة ، بس ما تغيب عن الصالحية . أصلو الصالحية في الخميس والجمعة حكاية لا حكت ولا بقت ...
                  

04-17-2006, 07:18 AM

حمزاوي
<aحمزاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 11622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    متابعين بالاطلاع
    واصل
                  

04-18-2006, 05:28 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: حمزاوي)

    حمزاوي
    أوصلك الله إلى مرادك ، وأسعدك به ..
    واصل معنا يا دفعة ..
                  

04-18-2006, 01:50 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    عمو ودقاسم... تحياتي

    ان كانت قصتكم الحقيقة أم لم تكن فقد هيّجت في نفسي ذكرى جميلة لتلك الليلة التي إلتقيت بها الغالية خالتو فوزية... قل لها أن لها في القلب مكانة الأم لي... ولا أزال أذكرها بالخير كله أمام أمي هنا... تحياتي لها.. وأتمنى ألا أكون قد خرجت عن خط قصتك... متابعة رغم ضيق الوقت...

    بنت الحسين
                  

04-18-2006, 02:01 AM

Rashid Elhag
<aRashid Elhag
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 5180

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    يا ود قاسم بهدلتنا بهدلة بالقصة الرائعة والسرد الأروع...إنت ماعارف نحن ناس غربة وما بنتحمل جنس الكلام دا...الله يديك العافية
                  

04-18-2006, 02:59 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Rashid Elhag)


    Quote: أن السودانيات المقيمات في هذه البلاد بحاجة إلى من يهتم بهن ، وينظم شئونهن ، وإلا سيفقدن تدريجيا الإحساس بالانتماء ، وتضعف في دواخلهن الشخصية السودانية التي تمنحهن الهوية المميزة لهن عن سائر نساء العالم .


    و هذا موضوع بحجم الوطن
    سنفتح له بوست منفصل و يا ليت الجندريات و المهتمات يشاركن فيه

    تخريمة :

    كان للأخت عزاز مشروع يصب في نفس الخصوص.
                  

04-18-2006, 09:09 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ابو جهينة)

    العزيز أبوجهينة
    شكرا للمتابعة ، وآمل أن تهتم الجندريات باقتراحك هذا ، ووين هي عزاز ،،، بقت ما بتسأل عن خالها خالص ... طيب يا عزاز ... الفولة بتتملي والبقارة بتجي ..!
                  

04-18-2006, 03:13 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Rashid Elhag)

    Quote: سياق غربتنا الما معروف ليها آخر[/QUOTE
    ]
    Quote: إنت ماعارف نحن ناس غربة وما بنتحمل جنس الكلام دا...الله يديك العافية


    تحياتنا لأفراد أسرتك وأكتفي بالإجابات أعلاه فقد جمدت الدموع في المآقي وتقطعت أوصال التلاقي ،ذهب الذين عرفناهم في ضروب الحياة ففقدنا أعلى قيمة في الحياة ( الإحساس بالآخرين ) وأصبحت أياماً نسخ مكررة في الغربة ، نصارع المكان والزمان والأشياء إلى متى ( قطع أبوجهينة قول كل غريب)
    الغربة تغلغلت في كل تفاصيلنا حتى أصبحنا لها اسماً وعلماً فتبدلت هويتنا إلى مغترب وأنشأت لنا أجهزة ودوائر وكسب من ظهورنا أناس يحملون حاسباتهم ليل نهار ، وتجمعت حولنا العذارى وقد كتبنا قصائد تلهب الكبد ،وكسب أيضاً سذج آخرين يظنون أننا نعيش في نعيم ليس بعده نعيم نفترش الحرير ونمشى على الأذري ونأكل المحشي والمقلي والمقلقل وما طاب ولذَّ من الشراب ونلبس الناعم .. ولا يدرون أننا رهن الحبس والكش والهمز واللمز والنزغ والطيش ونصارع في حلبة ليست حلبتنا ، فقد تعجمت الألسن وفسدت الأذواق وانتفخت الكروش وتبخرت الأحلام الوردية وكل يوم يقربنا إلى اللحد وهنا ينتهي السياق في بيت صغير مظلم معتم فهو الحبس الأخير ونصبح رهيني المحبسين ( الغربة والقبر ) تأملوا التقارب في الحروف لو نطقت بلسان سوداني ذي عوج لصارت ( غربة وغبر ) على مقياس ( غربة وشوق ) وأظنه مقياس ريختر.
    شكراً العزيز ودقاسم على السرد الجميل ولو يكن لديك وقت كاف فاقرأ حتى يصبح لك وقتاً آخر مع القراءة .
                      

04-19-2006, 00:55 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    عبد الرحمن الحلاوي
    تحيات طيبات
    الغربة هي القسوة ذاتها ، وأقسى منها ظلم الإنسان للإنسان ، ظلم يدفع المظلوم إلى الغربة ، وينقل الظالم إلى مرافئ الترف والتخمة ...
    لك المنى أيها العزيز ، وتحياتي ...
                  

04-18-2006, 08:01 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Rashid Elhag)

    راشد الحاج
    تحية ومودة
    شكرا للدعم والمتابعة ، وليتنا من هنا نبدأ بجهجهة الغربة بدلا من منحها الفرصة لجهجهتنا ..
                  

04-18-2006, 06:52 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    مريم بنت الحسين
    سلام وتقدير
    فوزية تسأل عنك بشدة ، وقد عرفت قبلي سفرك إلى الدوحة ... وتسلّم عليك كتير ،،، وتدعو لك بكل خير ...
                  

04-18-2006, 03:18 AM

Hani Arabi Mohamed
<aHani Arabi Mohamed
تاريخ التسجيل: 06-25-2005
مجموع المشاركات: 3515

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    في مطار بالهند توجد فكرة جميلة


    الباب الخارجي بعيد جدا عن صالة الوصول والجوازات

    قامو بتركيب كاميرا في نقطة بالمطار يمر بها جميع الواصلين وهي في مدخل صالة الجوازات


    اذا كنت تنتظر احدهم فما عليك سوى الانتظار خارج المطار ومشاهدة الشاشة وخلال دقايق من وصول الطائرة ستعرف ان كان الشخص المطلوب قد وصل او لا

    وانت واقف بالخارج ولا تحتاج لواسطة لدخول المطار او لمعرفة اسماء الواصلين
                  

04-19-2006, 01:42 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Hani Arabi Mohamed)

    هاني
    تحية وتقدير
    يا ريت يا هاني الناس تعمل كده ، عشان يمنحوا الفرح فرصة ..
    الحواجز والموانع تسد النفس ، وتحجب الفرح ...
                  

04-18-2006, 06:25 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    ولم تكن وفاء تغيب عامين متتالين عن السودان ، بل كانت تحرص على تمضية الإجازة هناك في كل عام عند انتهاء العام الدراسي ، إلا أنها في إجازتها الأخيرة فضلت أن تزور دمشق واسطمبول في رحلة قامت بها عدد من الأسر السودانية إلى هناك بغرض الترفيه الجماعي ، والتعرف على هذه المدن التاريخية . والخرطوم لم تكن هي الخرطوم التي تركتها وفاء حين غادرتها للالتحاق بزوجها في المهجر ، بل تراجعت كثيرا ، وازدحمت كثيرا ، وتغير وجهها كثيرا . وكثير من المغتربين السودانيين كانوا لا يهتمون بتمضية عطلاتهم بالوطن ، بل كانوا يفضلون البقاء في مهجرهم على السفر إلى الوطن ، خاصة وأنهم أرهقوا بالضرائب التي فرضتها عليهم حكومتهم ، وربطت حركة سفرهم كلها بسداد تلك الالتزامات الضريبية .
    والحال بالسودان كله يتراجع ، فيفقد الوطن بريقه ، ويتحول إلى حالة من الأسى والحسرة في نفوس أبنائه .. فقد طال أمد الكابوس السياسي ، وتبعه فساد كبير ، أضر باقتصاد البلاد الضعيف أصلا . وأصبحت الحكومة تنظر إلى المغتربين وكأنهم البقرة الحلوب التي يتغذى من ضرعها الوطن كله . ففرضت عليهم المزيد من الرسوم ، ورفعت فئات الضرائب ، وفرضت رسوما عالية على تعليم أبناء المغتربين . فاتسعت دائرة النفور من زيارة الوطن ، واكتفى الأهل هناك بما يرسله أبناؤهم من مال يعينهم على صعوبات المعيشة وترديها المستمر ، ولم يعودوا يطالبون أبناءهم بقضاء إجازاتهم بين الأهل رغما عن رغبتهم الدفينة في لقاء هؤلاء الأبناء الذين ضحوا من أجل أسرهم . وتراجعت الطموحات الفردية لدرجة أن المواطن بدأ فقط يفكر في توفير ما يمكن أن يضمن له استمرار حياته .
    الأمر المحير أن البلاد ظلت تتقاذفها ضربات الجفاف ، والفيضان ، وكأنهما اتفقا على إنهاك قوى هذا المجتمع الطيب ودفعه إلى الهروب الكبير خارج وطنه . فالجفاف يضرب البلاد عاما أو عامين متتاليين ، يموت الناس بالمجاعة ، وتموت بهائمهم من قلة العشب ، وتموت أشجارهم بانعدام الري ، وتشتد سمومهم ، فتنقل إليهم أنواعا من المرض لا قبل لأدويتهم البلدية بها .. ثم يأتيهم فيضان النهر ، والمطر الغزير ، فتتهاوى بيوت الطين فوق رؤوس ساكنيها ، ويقتلع الطوفان أعواد البيوت القش ، فيتشرد الناس ، ويلوذون ببرامج الإغاثة ، وهي برامج تتكلم كثيرا وتعمل قليلا .
    ظلت المشاريع الكبرى في الوطن تتراجع ، وبعضها بدا آيلا للعدم ، وغمر الطمي ترع الري فلم تعد تحتمل نقل ما تحتاجه المزارع من مياه . وظلت الأوبئة تنتشر ، وتنمو مسبباتها بشكل لا تستطيع معه برامج وزارة الصحة فعل شئ . ويعود الناس إلى ما تنتجه الأرض ، فيتحول بعض الغذاء إلى دواء ، ويتسيد اللالوب ، والقنقليس ، والقُضّيم ، والكركدي ، قائمة الأدوية . ويكون للمشايخ ، والبُصراء ، القدح المعلّى في مداواة الأمراض . ويكثر الدجل ، وتتمدد الخرافة بلا حدود . وترتفع معدلات الموت ، خاصة بين كبار السن ، والنساء والأطفال . ويظل الساسة سادرين في غيهم لا يؤرقهم انهيار الوطن ، ولا موت الإنسان فيه .
    ويتحمّل المهاجرون النصيب الأكبر من مسئولية الحفاظ على حياة الوطن ، والناس ، والسوائم .. فيرسلون الأدوية من مهاجرهم ، ويرسلون المعدات الطبية ، ويدعمون المستشفيات الحكومية ، ويحضون أهل المهاجر على التبرع والدعم .
    كان عبد الحليم منخرطا ضمن لجنة تم تكوينها لجمع التبرعات والدعم للمستشفى المركزي بعاصمة البلاد ، وقد قطعت اللجنة شوطا بعيدا في جمع التبرعات من الشركات والأفراد من فاعلي الخير . لكنه في هذا الأثناء تلقى خبر وفاة والدته جراء الإصابات المتكررة بحمى الملاريا . لم يستطع الجسد الهزيل المنهك تحمّل نوبات الملاريا رغما عن كل ما أرسله عبد الحليم من أدوية ، ومال من أجل المعالجة وتحسين التغذية ، فأسلمت الأم روحها لبارئها ، وتركت وراءها منزلا خاليا إلا من بثينة ابنة أختها التي قامت بتربيتها ، واحتضنتها حتى ظنها الكثيرون أنها ابنتها التي خرجت من رحمها .
    حزن عميق ارتسم على وجه عبد الحليم ، ووفاء ، وبناتهم . واجتمع خلق كثير لتعزيتهم ، حتى أن الدار ضاقت بهم ، وفتحت لهم دور الجيران ، وجاء الأصدقاء بالطعام ، والشراب . وأعد الأصدقاء والمعارف وزملاء العمل – جريا على عادتهم - كشفا طويلا بدعم عبد الحليم ماليا ، لتمكينه من السفر ، وتقديم العون للأهل هناك . وقد تولى آخرون إجراءات الحجز وتذاكر الطيران والتأشيرات اللازمة للسفر لتلقي العزاء في وفاة الوالدة .
                  

04-18-2006, 08:22 AM

mahmed alhassan
<amahmed alhassan
تاريخ التسجيل: 02-10-2004
مجموع المشاركات: 1793

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    متابع بشـــدة هذا السرد الجميل وكأني أشاهد حلقات لمسلسل تلفزيوني
    وسوف نعلق بعد الحلقة الاخيرة 0
    تحياتي ودقاسم
                  

04-19-2006, 05:38 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: mahmed alhassan)

    محمد الحسن
    تحية ومودة
    مسلسل ، بس ناقصنا المُخرج ...
    خلينا نشوف بعدين شنو البيحصل ، واصل معنا ...
                  

04-19-2006, 01:00 AM

yasiko
<ayasiko
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2906

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    Quote: لم تعد هجرة السودانيين كسابق العهد بها ، فالسنوات تمر عليهم في مهاجرهم وكأنهم لا يعدّونها من أعمارهم . قليل منهم من يسعى جادا لعودته إلى أحضان الوطن ، فيتبع نظاما ادخاريا صارما يجمع عن طريقه جزءا من المال ليعينه على تأسيس منشأة عمل حر هناك يعيش منها هو وأسرته . أما الغالبية العظمى من المهاجرين فقد استمرأت الغربة ، وسعدوا بنعومة العيش ، وهابوا شظفه هناك ، وأصبح الوطن بالنسبة لكثيرين منهم مكانا مناسبا لتمضية الإجازات السنوية ، ومستودعا للذكريات الحميمة التي يجترونها في مجالسهم وفي دواخلهم .


    You have killed me several times

    Thanks
                  

04-19-2006, 05:50 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: yasiko)

    ياسيكو صديثي
    شكرا لمتابعتك ..
    إن انهزمنا للغربة فقد انهزمنا لمسبباتها ، علينا أن نصمد ، وعلينا أن ننظر إلى ما هو إيجابي منها ، والمستقبل للعدالة ...
                  

04-19-2006, 01:14 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    مكره أخاك

    لم ينقطع الأصدقاء والصديقات عن دار عبد الحليم في غيابه ، بل تواصلوا مع وفاء واهتموا بها وببناتها اهتماما كبيرا . وكان أحمد هو الذي يتولى عملية إيصال البنات إلى المدارس صباحا وإعادتهن إلى البيت بعد الظهر فليس هناك من هو اقرب منه . واهتم آخرون ، خاصة الجيران ، بشئون البيت .
    وعبد الحليم هناك لم يكن خالي البال ، بل ظلّ منشغلا ببناته وأمهم حتى لكأنه يخُيل إليه أحيانا أنه قد تركهن في واد غير ذي زرع . ولم يكن الاتصال الهاتفي ميسرا ، خاصة في القرى البعيدة عن العاصمة ، لكن عبد الحليم كان يسعى من وقت لآخر ويسارع بالاتصال ليطمئن على وفاء وبناتها .
    لكن للناس هنا رؤاهم وقوانينهم وعاداتهم التي تحكم حياتهم . والكثير من هذه القوانين لا يمكن الخروج عليها ، ولا يمكن رفضها . وما أن انقضى اليوم السابع على وفاة أم عبد الحليم إلا وكان هناك شبه إجماع بين الأهل على أن بثينة لا يمكن أن تبقى في البيت هنا لوحدها ، كما أنه لا يمكن انتقالها إلى بيت آخر من بيوت الأهل لتبدأ معايشة جديدة . اتفق أهل المشورة من أعمام عبد الحليم وأخواله أنه لا يوجد حلّ آخر غير أن تتزوج بثينة من عبد الحليم ، فهو الوحيد الذي يمكنه تحمّل تكاليف الزواج ، وإعالة زوجتين ، وهو الأقرب إلى بثينة من أي شخص آخر ، وسيكون في زواجه منها استجابة لرغبة ظلت حبيسة داخل صدر أمه ...
    عبد الحليم الذي هاله الأمر ، لم يكن له حق الاعتراض ، ولم يكن أهله يتقبلون التراخي أو التسويف . وهو يعرف كيف سيفكر القوم به إن هو رفض الاستجابة لما يرون ، ويعرف تماما أنهم سينبذونه إلى الأبد ، وربما لا يعتبرونه ابنا لهم ، فرضخ للأمر وكأنه تحت مفعول السحر أو التخدير ، وظلّ يردد :
    لا حول ولا قوة إلا بالله ، مكره أخاك لا بطل ..
    ولما كان عبد الحليم قادما في إجازة محدودة ، ونظرا لحالة الحزن الذي كانت تعيشها الأسرة كلها على فقدهم أم عبد الحليم ، فقد دخل ببثينة دون إجراءات معقدة ، ودون إضاعة وقت في حفلات أو طقوس مما هو معتاد في مناسبات الزواج . كان عبد الحليم ينظر للموضوع كله وكأنه احتضان لبنت يتيمة لم يترك لها الدهر حتى خالتها التي قامت على تربيتها بعد وفاة أمها . و قد ضرب عبد الحليم سياجاً غليظاً على موضوع زواجه من ابنة خالته ، فهو كان يقدّر ردة فعل وفاء وبناته الأربعة عندما يعلمن بالخبر . لكنه كان يأمل أن وفاء ستتقبل الأمر كما فهمه هو ، خاصة وأنّ العلاقة بينها وبين بثينة امتدت لعشرين عاما . كانت بثينة تستقبل وفاء في كل إجازاتها التي قضتها في السودان حين كانت تقضي جزءا منها مع أهل عبد الحليم بالقرية . وكانت تحس بأنها الأقرب إليها ، وظلت تخصها بكثير من الهدايا وتتحدث عنها وعن تهذيبها وحسن تعاملها مع خالتها أم عبد الحليم وضيوفها . وقد طرأت تغيرات عديدة على بثينة ، فهي الآن أكثر نضجا ، وأكثر جمالا ، وتبدو أكثر استعدادا لتحمل مسئوليات أكبر .
    كانت وفاء دائما تقول :
    بثينة تستاهل راجلاً يملأ العين ، كريم ، وود ناس ، ومحترم ...
    وكانت الحاجة فاطمة ترد :
    يا بتّي يسمع منّك رب العالمين .
    وقد كتبت وفاء خطابا لبثينة لتعزيتها في وفاة خالتها وأمها فاطمة ، وأوصت عبد الحليم أن يهتم بشأن بثينة وأن لا يرجع إلا وهو مطمئن عليها . وقالت وفاء لبثينة في الخطاب :
    لولا أن مدارس البنات مستمرة في هذه الفترة من العام لما كانت ستتأخر عن السفر مع عبد الحليم لتعزيتها والأسرة في هذا الفقد الجلل . وأن غيابهما الاثنين معا ربما يؤثر على دراسة البنات . وأنها تعتبر الحاجة فاطمة أماً لها وأن بثينة أختها تماما كبقية أخواتها .
    وكررت وصيتها لعبد الحليم كثيرا – وهي تودعه قبيل سفره – أن يهتم ببثينة التي فقدت كل شئ بارتحال خالتها إلى الدار الآخرة ، وطلبت منه بإلحاح أن لا يعود من سفره قبل أن يتأكد من توفير وضع جيد وآمن لبثينة ..
    كان عبد الحليم يغالب حزنا مزدوجا وهو يدخل ببثينة . حزنه على أمه التي رحلت إلى الأبد ، وحزنه على وفاء التي لا تعلم حتى هذه اللحظة أن زوجها يضاجع امرأة أخرى ... ولم تكن بثينة سعيدة بهذا الحدث ، فهي تعلم مدى حب عبد الحليم وتعلقه بوفاء ، وتعلم أن عبد الحليم لم يتزوجها رغبة فيها أو حبا لها ، إنما تزوجها فقط من باب العطف عليها .. ولم تكن واثقة من أن وفاء ستتقبل ذلك ، خاصة وأنها صديقتها ، وأكثر . وأهل الشورى لم يتحدثوا إلى بثينة ، ولم يعرضوا الأمر عليها ، فقط مارسوا ولايتهم عليها ، وأرسلوا من يأتيهم بالمأذون ، وعقدوا قرانها على رجل كانت تنظر إليه باستمرار أنه أخ أكبر إن لم يكن أباً .
                  

04-19-2006, 02:04 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    كده اختلفنا يا عمو ود قاسم..
                  

04-19-2006, 06:12 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    مريم
    طولي بالك شوية ، الراجل أهله غصبوهو على العرس .. ناس ما بتعذر أبدا ...

    وبمناسبة الحوار الذي دار في حفلة زواجكم عن تعدد الزوجات ، قلنا أحسن الأمور تكون من البداية واضحة ، والأولو شرط آخرو نور ... يعني لو وافقتي يومها كان يكون حاليا عندك ضرة ...
    إن شاء الله ما تضوقي الضُر ... فوزية برضو عندها موقف واضح من الموضوع وأنا نفسي في التعدد ، بس هي شعارها : فوزية وحدها لا شريك لها ... وننتظر أن يأتينا حسن الترابي بفتوى أو مخرج ...
                  

04-19-2006, 02:28 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الرفيق ودقاسم :
    ماكان عندي وقت
    وماسمعت كلامك
    ودخلت
    بس فضولآ مني عشان أعرف المجنون ده عامل شنو ؟
    هكذا تسائلت في نفسي
    أها
    هسع انا متورط
                  

04-19-2006, 02:38 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: أبو ساندرا)

    أبو ساندرا العزيز

    التحية لأك و لأم ساندرا و العيال

    Quote: هسع انا متورط


    باقيلك أبو طلال ما متورط ؟؟؟

                  

04-19-2006, 04:31 AM

إدريس محمد إبراهيم
<aإدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ابو جهينة)

    الأخ العزيز والصديق الرائع / ود قاسم

    تحية الصباح الجميل .. والمجرتق بوهج الإبداع ...

    يا ود قاسم يا خوي أولاً قول لي كده انت كنت داسي كل هذه الروائع وين ؟!!... حقيقة أنا لم أقرأ كافة المداخلات وعندي كلام يمكن يكون سبقوني عليهو الناس فمعذرة ... ولكن هذا السرد المنمق الجميل يصلح أن يكون مشروعاً لرواية صدقني سيكون لها صدىً رائع ... ويا سيدي أنا من الآن اعتبرني حاجز 50 نسخه لتوزيعها على الأحباب ...
    ومزيداً من هذا التألق الباذخ با حبيبنا ود قاسم ...

    مع خالص حبي وتقديري ؛؛؛
                  

04-19-2006, 08:56 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: إدريس محمد إبراهيم)

    الصديق الشاعر إدريس محمد إبراهيم
    حياك الله يا أخي ،،
    أهلا بك في عالم الكتابة المتواضع هذا ، ونأمل أن نسمع منكم أكثر ليتسع ماعوننا اللغوي حتى نطور مثل هذه الأعمال ونتمكن من تقديمها للقراء ..
    بالمناسبة سيكون هناك منتدى أسبوعي بالصالحية يوم الاثنين من كل أسبوع ، وأتوقع مشاركتك ..
                  

04-19-2006, 07:49 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ابو جهينة)

    Quote: باقيلك أبو طلال ما متورط ؟؟؟

    ورطة ساكت هي ؟ ورطة عدوك يا أبوجهينة ...
    بس زي ما قلت لأبوساندرا بتنحلّ ، بمشي أهلي ، وأشوف لي واحد يحلف على بالطلاق ، أقوم أسوّيها ، وأرجع ليكم محنن ...
    والله يسترنا ...
                  

04-19-2006, 06:37 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: أبو ساندرا)

    أبو ساندرا
    وهي أول وللا آخر ورطة ؟ ما أنت دائما زي ما بقولوا المصريين : من حفرة لدحديرة ...
    إيه رأيك نمشي أهلنا ونعملها ونقول والله الجماعة غصبونا ؟
                  

04-19-2006, 04:56 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    تذكر عبد الحليم – وهو يرقد إلى جوار بثينة - قصة قديمة سمعها من والده ، فأعاد إخراجها وحكاها في وقت سابق لوفاء في حوار دار بينه وبينها حول فكرة تعدد الزوجات . قال عبد الحليم أن والده حكى له :
    يحكى أن رجلا فقد قطيعا من إبله ،، فراح يبحث ويسأل عنه في القرى والبوادي ،، فأوصله بحثه إلى قرية نائية لا يعرف فيها أحدا ،، ولما اقترب من القرية دلف إلى بيت في طرف منها ، فإذا به بيت لامرأة تعيش وحدها .. سلم عليها ، وطلب منها أن تسقيه جرعة ماء ،، فسألته عن خبره ، وأثره ، وأصله ، وفصله ، ثم قدمت له الماء الذي طلب ،، شرب الرجل حتى ارتوى عطشه ،، لكنه لم يواصل مسيره ، بل تمدد ونام ،، وعندما صحا من نومه سال عن المأذون فدلّوه عليه ، فعقد قرانه على المرأة وبقي هناك ..
    أنجب البنين والبنات ، ونسي إبله وأهله ، لكن المرأة بعد سنين طويلة رحلت عن هذه الدنيا بعد صراع طويل مع المرض ،، وقد لازمها زوجها في مرضها ، يقدم لها الدواء والغذاء ويسأل الله لها الشفاء ، ولما ماتت حزن عليها الزوج حزنا عميقا ،، وحملها مع أهل القرية لدفنها في مقبرة القرية ،، ولما همّ الناس بإنزال الجثمان في المقبرة ، تذكر الزوج أمرا كان قد نسيه ،، هي جرة صغيرة احتفظت بها زوجته طيلة حياتها ، وأوصته أن يجعلها إلى جوارها في قبرها عند وفاتها ،، طلب الرجل المكلوم ممن يحضرون الدفن أن يتوقفوا حتى يعود إلى البيت ليحضر تلك الجرة فيضعها إلى جوار زوجته في قبرها ،، عاد الزوج إلى المنزل ليأخذ الجرة ، وانتظر الناس عودته إلى المقبرة ليكملوا الدفن ،، لكن الرجل وهو يحمل الجرة وينتابه حزن شديد فيستعجل خطاه ليصل إلى المقبرة ليتمم إكرام زوجته الراحلة بالدفن ، فلتت الجرة من يده وتهشمت ،، واصل الزوج سيره متجها إلى المقبرة دون أن يحمل شيئا من حطام الجرة ،، ولما وصل إلى القوم الواقفين أمام القبر ، سألهم :
    أما رأيتم إبلا لي تمر أمامكم منذ قليل ؟؟
    تذكرعبد الحليم هذه القصة التي سمعها منذ ما يقارب الثلاثين عاما ،، تداعت القصة بكل تفاصيلها في ذاكرته حين كان هو ووفاء يدلفان إلى حوار حول تعدد الزوجات ، وإمكانية أن يظل الزوج على حبه ووده لزوجته دون أن يمنعه ذلك من ممارسة التعدد ... المسألة كانت عبارة عن تساؤلات وكانا كأنهما يحاولان فتح منافذ لحوار حول موضوع ما ،، لم يرد في حساباتهما مسألة التعدد كأصل في الدين أو أن الأصل هو الزوجة الواحدة ،، فهذه بالنسبة لهما مسألة فقهية دائرية لا يمكن الخروج منها برأي متفق عليه ، لكنهما كزوجين أقرّا أن لا تعدد في حياتهما ،، لكن هذا لا يمنعهما عن الخوض في الحوار حول الموضوع مع بعضهما أو مع آخرين ..
    من جانبه طرح عبد الحليم تساؤلا :
    هل الزواج والحب دائما في حالة ارتباط ؟ ألا يمكن قيام زواج بلا حب ؟ هل يمكن أن يكون للزوج زوجة يحبها ، وأخرى هي زوجة فقط ؟
    لكن وفاء ، هذه المرة ، فاجأته على غير العادة ، ولم يكن عبد الحليم يعلم لماذا ،، هل كانت ترغب بالنوم ؟ أم أنها كانت تضمر في نفسها أمرا ؟ أم أنها أحست أن جرتّها تقترب من التهشم ؟
    ردت بعصبية :
    شوف أوعك تحلم .. ولا تفكر .. ما عندك أي طريقة ..
    قال :
    أنا ما بتكلم عن نفسي ، أنا أتحدث في أمر عام ..
    قالت :
    حوارات كثيرة أثيرت حول هذا الموضوع ، ولا داعي للمزيد ..
    قال :
    لكن لا يوجد شئ في الدنيا تم حسمه نهائيا .. الأمور كلها خاضعة للتغير والتطور والتراجع ..
    قالت :
    إلا في موضوع إنك تعرّس تاني ،، ده الموضوع الوحيد المحسوم في هذه الدنيا ..
    قال :
    يا شيخة استهدي بالله ،، أنا ما بتكلم عن نفسي ..
    قالت :
    كل الأمور تنطلق من العام لتنتهي بالخاص ، عرس مافي يعني مافي . ولا تشمو .
    قال :
    طيب ، نامي حاليا ، ولنناقش الأمر مستقبلا متى ما توفر الوقت ،،
    قالت :
    لا حوار في هذا الموضوع ،، لا أريدك أن تناقش الموضوع مطلقا ، لا معي ولا مع آخرين..
    قال :
    طيب حاضر ..
    قالت :
    موش حاضر كده وبعدين تتصور إنك ممكن تتملص من الكلام متى ما أردت ،، ثق تماما أنك لن تتزوج حتى لو رحلت أنا عن هذه الدنيا وتركتك بعدي ،،
    قال :
    ربنا يديك الصحة والعافية وطول العمر ،،
    قالت :
    بصحة ، أو بدون صحة ، بعد عمر قصير أو طويل ،، عرس ما في .. فاهم ..
    قال :
    فاهم والله ..
    إذن كيف ستتقبل وفاء هذا الحدث ، وكيف يمكنها أن تستوعب فكرة العطف هذه ؟ وكيف ستنظر البنات إلى أب يرينه وهو يتدحرج من الثريا إلى الثرى ؟
    بدا عبد الحليم مرتبكا جدا ، وقد لاحظت بثينة والذين من حولهم هذا الارتباك . ومضت أيام الزواج من بثينة وكأنها كابوس طويل لا أول له ولا آخر . وعرفت بثينة أنها ستكون – في حياة عبد الحليم - مثل صخرة ضخمة تعترض مجرى النهر .
                  

04-19-2006, 05:19 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    انا غايته وفاء دي عاجباني عجب شديد خلاص...

    عفيت منها..

    عمو ودقاسم.. تتذكر الحفلة الكانت بمناسبة زواجنا انا ونادر؟؟ الموضوع ده كان سيد الموقف... يعني انا زولة عروس جديدة.. تناقشني انا وزوجي في تعدد الزوجات؟ خالتو فوزية ما قالت ليك بالغته؟

    Quote: ردت بعصبية :
    شوف أوعك تحلم .. ولا تفكر .. ما عندك أي طريقة ..
    قال :
    أنا ما بتكلم عن نفسي ، أنا أتحدث في أمر عام ..
    قالت :
    حوارات كثيرة أثيرت حول هذا الموضوع ، ولا داعي للمزيد ..
    قال :
    لكن لا يوجد شئ في الدنيا تم حسمه نهائيا .. الأمور كلها خاضعة للتغير والتطور والتراجع ..
    قالت :
    إلا في موضوع إنك تعرّس تاني ،، ده الموضوع الوحيد المحسوم في هذه الدنيا ..
    قال :
    يا شيخة استهدي بالله ،، أنا ما بتكلم عن نفسي ..
    قالت :
    كل الأمور تنطلق من العام لتنتهي بالخاص ، عرس مافي يعني مافي . ولا تشمو .
    قال :
    طيب ، نامي حاليا ، ولنناقش الأمر مستقبلا متى ما توفر الوقت ،،
    قالت :
    لا حوار في هذا الموضوع ،، لا أريدك أن تناقش الموضوع مطلقا ، لا معي ولا مع آخرين..
    قال :
    طيب حاضر ..
    قالت :
    موش حاضر كده وبعدين تتصور إنك ممكن تتملص من الكلام متى ما أردت ،، ثق تماما أنك لن تتزوج حتى لو رحلت أنا عن هذه الدنيا وتركتك بعدي ،،
    قال :
    ربنا يديك الصحة والعافية وطول العمر ،،
    قالت :
    بصحة ، أو بدون صحة ، بعد عمر قصير أو طويل ،، عرس ما في .. فاهم ..
    قال :
    فاهم والله ..
                  

04-19-2006, 05:52 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    لم يكن لدى الوقت الكافى.........

    حلوة والله...
                  

04-19-2006, 06:15 AM

nile1
<anile1
تاريخ التسجيل: 05-11-2002
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Tumadir)

    الأخ ود قاسم

    تحياتي وودي

    طالعت بداية القصة والسرد الرائع ولعدم النفرغ إدخرتها لأقضي معها الويك إند..لكن من قولة تيت عرفت أنه المدينة ياها الرياض المابتغباني ..المدينة التي تنمو بسرعة..والكباري المعلقه والكورولا المكيفه..دا كله معقول يكون في السجانه وللا في الصحافة؟؟؟؟؟ياها الرياض..والشارع شارع المطار مقرونا بشارع البطحاء..بس ما داير أتلقف زي أبو جهينة وأقول ليك سلامات يا عبد الحليم...لكن حأقطع الشك باليقين بعد ما أقراها كلها....لك كل الود
                  

04-20-2006, 04:18 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: nile1)

    الحبيب الزاكي
    النيل الزاخر
    كيفك ...
    خذ راحتك ، وتمدد كما يحلو لك ، ثم عد إلينا .
    والشكر والتحية لك ولمن حولك ...
                  

04-20-2006, 03:03 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Tumadir)

    تماضر
    أنا عاذرك ، وعارف وقتك موش ملكك ..
    ربنا يديك العافية ..

    (عدل بواسطة ودقاسم on 04-20-2006, 11:21 AM)

                  

04-20-2006, 01:32 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    مريم
    تحية وتقدير
    تعرفي يا مريم وفاء مافي شك إنها زولة ممكن تعجب ناس كثيرين ، لكن المجتمع نفسه لا يترك الناس على ما يرون هم ، بل كثيرا ما يتدخل ، ويدفعهم إلى الجحيم..

    بعدين موش فوزية بس اللي قالت لي بالغت ، ناس كتار قالوا ، بس زي ما قلت ليك أنا قصدت ، وقصدت إنك تجي وتقولي كلامك قدّام الناس كلهم ، وقد قلتي بمنتهى الشجاعة ...
    وبعدين المسألة كلها أن المايك كانت به مشكلة ، والتوصيلات للأورغ لم تكن جاهزة فكانت تلك فقرة مرتجلة ...
    بس يا مريم أؤكد لك أن المستقبل للتعدد مهما اعترضت مريم أو خالتها فوزية ...
                  

04-20-2006, 00:55 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    ويأتيك بالأخبار من لم تزود ..

    في اتصال هاتفي كان أحمد قد أخبر والدته بوفاة أم عبد الحليم ، فأصرت الحاجة زينب على السفر لتقديم واجب العزاء لعبد الحليم وأهله . ولم يكن عبور منطقة الجزيرة من الشمال إلى الجنوب أمرا ميسرا لامرأة في عمر الحاجة زينب . فالطرق الزراعية غير المعبّدة ، ووسائل المواصلات التي لم تتطور كثيرا ، كلها كانت تزيد قسوة الرحلة ، وتطيل زمنها ، وتجهد المسافرين أيما إجهاد . لكن على كل حال فقد استطاعت الحاجة زينب أن تصل إلى قرية الحرازة ، حيث وجدت من قادها إلى بيت أهل عبد الحليم ، وهناك التقت عبد الحليم والتقت أخواته وأهله لأول مرة . ثم أدخلوها على بثينة ، ومن أول وهلة شعرت الحاجة زينب بارتباك شديد وهي تنظر إلى بثينة التي اتخذت بعضا من الزينة ، فعرفت الحاجة زينب بخبرتها وحدسها أن أمرا ما قد حدث . بقيت الحاجة زينب في قرية الحرازة بين أهل عبد الحليم ليلة وجزءا من نهار ، وتعرّفت على حكاية أهل الشورى وعبد الحليم وبثينة . ولم يكن عبد الحليم سعيدا بزيارة الحاجة زينب رغما عن غلاوتها عنده لأنها ستكون أول من يكتشف السر ، خاصة وأنها تعتبر وفاء صديقتها وبنتها ، وتأكد لعبد الحليم تماما أن الأمور ستسير باتجاه التعقيد .
    لم يستطع عبد الحليم تنبيه الحاجة زينب إلى ضرورة سرية ما حدث ، وربما أنه استثقل ذلك ، ولم تسأله هي إن كانت وفاء قد عرفت الخبر أم لم تعرفه ، حيث كان الوجوم والارتباك يسيطران عليهم جميعا ، وكانوا كمن فاجأته الدنيا بكومة من المشاكل وأصبح حبيس التعقيدات التي لا حلّ لها . لكن عبد الحليم أصبح متأكدا أن الخبر سيصل إلى وفاء ، وأنه لا طريق آخر غير مواجهة تبعات ما حدث ، سواء بالشجاعة أو بالقهر أو بالإحسان والدبلوماسية .. ولأن عبد الحليم كان يرى أن أحمد هو الأقرب إليه ، وأنه أكثر من يتفهّم تلك الخطوة التي فرضتها عليه قوانين وعادات أهله التي لا يد له فيها ، ولا يستطيع الهرب منها ، كما أنه فضّل أن يبلغه الأمر بنفسه قبل أن تبلغه له الحاجة زينب ، فاتصل بأحمد وحكى له ما حدث ، وطلب منه ألا يفتح هذا الموضوع مطلقا مع أي من الأصدقاء أو المعارف . كان عبد الحليم يتحدث إلى أحمد بالهاتف بارتباك واضح لم يلحظه أحمد من قبل من خلال آلاف المكالمات الهاتفية التي جرت بينهما خلال عشرين عاما . وأحسّ أحمد أن عبد الحليم كان مستسلما لعبراته ، وحزنه ، وأنه يخشى معركة لا محالة ناشبة بينه وبين وفاء ..
    أحمد أيضا لم يكن يستطع تقبّل الأمر بسهولة ، ولم يكن يتصوّر حدوثه في يوم من الأيام ، ولم يستطع أن يتفهم هذا القهر الاجتماعي الذي يمكن أن يمارسه ذاك المجتمع الريفي على إنسان مثقف مثل عبد الحليم دون أدنى اهتمام بما يترتب عليه هذا القهر من تعقيدات أسرية واجتماعية ونفسية .. وانطلق تفكير أحمد في اتجاهات متعددة كان أهمها البحث في إيجاد دور يقوم به تجاه معالجة آثار هذا الحدث الكارثة .
    لم تتوقف الحاجة زينب عند تعزية عبد الحليم ، بل أصرت أن تقدم واجب العزاء إلى وفاء أيضا في أم زوجها وجدة بناتها ، فطلبت من يتصل لها هاتفيا بوفاء ، وقدمت لها تعازيها الحارة ، وبكت معها بكل حسرة على الهاتف خاصة وأنها كانت تفيض حزنا لما فعله أهل عبد الحليم به . ثم قالت :
    والله ما رضّاني السوّاهو عبد الحليم يا بنيتي ، لكن الظاهر أهله غصبوه على الفعلة دي ... ثم انقطعت المكالمة الهاتفية بين الحاجة زينب ووفاء لرداءة الخط ..
    تقطّب وجه وفاء ، وعرفت أن أمرا ما قد حدث . ولم يكن في مقدورها الاتصال بعبد الحليم لأنه لم يكن لديهم هاتف بمنزلهم بالقرية ، بل كان عبد الحليم يتصل من هاتف عمومي بسوق القرية المجاورة . لكن صبر وفاء لم يسعفها ، فمدت يدها للهاتف عدة مرات ، ثم تراجعت لمرات مساوية ، ثم رفعته أخيرا واتصلت بأحمد .
                  

04-20-2006, 01:57 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    انا طبعا رأيي من الناحية (الفكرية) يتعلق بالاعتراض على اعتبار الدين مشرّع للنزوات.. أما من الناحية الإجرائية.. فأنا حأطلع مظاهرات بعد العبارة دي تحديداً
    Quote: بس يا مريم أؤكد لك أن المستقبل للتعدد مهما اعترضت مريم أو خالتها فوزية ...


    عارف ليه يا عمو ودقاسم؟ عشان ده ماكنش رأيك... وانا خالتو فوزية دي ماااابرضى فيها..
                  

04-23-2006, 01:48 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    تعرفي يا مريم أنا ذاتي ده ما رأيي ، وأنا كمان خالتو فوزية ما برضى فيها ، بس أنا بقول إني شايف القبح ، وسوء الفهم للنصوص الدينية هو الذي يتمدد ، ويميل الناس إلى فهم العوام ، ومشايخ السلطة ، وربما أن هناك جهات مستفيدة .. لذا فأنا أخشى أن يكون المستقبل للظلمة ..أو أنه مجرد تشاؤم ليس في محله ..
                  

04-20-2006, 04:33 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    - ألو ،، أحمد ؟
    - أيوة ،، وفاء ..
    - كيف حالك ، وكيف البنات ؟
    - الحمد لله كلنا بخير . بس عايزة أسألك ، الخالة زينب كلّمتك أو كلّمْتها قريب ؟
    - أيوة ، اتكلمنا قبل ثلاثة أيام وكانت ناوية تمشي تعزي عبد الحليم .
    - طيب ، وبعد ما رجعت ما اتصلت عليها .
    - لا والله ، في شنو ؟
    - لا ، لا ، ما في حاجة ، بس عايزة أطمئن إنها ما تعبت من السفر .
    - وإنتي عرفتي إنها سافرت ؟
    - أيوة هي اتصلت بالتلفون عشان تعزيني ، وقالت لي إنها سافرت للحرازة عشان العزاء .
    - بالله !
    - أحمد إنت سمعت بأي حاجة كده وللا كده ؟
    - حاجة زي شنو ؟
    - لا أصلو الحاجة قالت لي كلام كده أنا مافهمته ، وقلت يمكن تكون عندك معلومات .
    - لا والله ما عندي أي حاجة غير العافية .
    - طيب مع السلامة .
    - مع السلامة يا وفاء ، وسلمي على البنات .
    شعر أحمد أن العاصفة قد انطلقت نذرها ، فلهجة وفاء لا تبشر بخير . خاصة وأنها الآن تتعامل مع الأمر وكأنه مؤامرة تم تدبير خيوطها بسرية تامة ، وبدا لها أن من حاك المؤامرة قصد أن يجعلها هي آخر من يعلم وأول من تصيبه شظايا المؤامرة .
    اتصال وفاء بأحمد لم يطمئنها ، بل زاد من درجة قلقها ، وانفعالها لأنها أحست بتردد أحمد وأن طريقته في التحدث إليها اختلفت بعض الشئ ، خاصة وأن المكالمة كانت قصيرة للغاية . وبدأت تفكر في أن أحمد ربما كان يعلم تفاصيل الأمر لكنه لم يكن يرغب في الإفصاح .. ولاحظت البنات أن أمهم ليست في وضعها العادي . فبدأت التساولات ، وبدأت وجوه الصغيرات تتأثر بما يدور حولهن من توتر وقلق .
    وأصدقاء عبد الحليم كثر ، وبعضهم على صلة بأهله في السودان ، وبعضهم يعرفون ويتواصلون مع آخرين يعرفونه وأهله حق المعرفة . وإن استطاع عبد الحليم أن يحجب الخبر عن أسرته الصغيرة هنا وأصدقائه ، وإن كانت الحاجة زينب لم تستطع نقل كامل المعلومات لوفاء ، ورغما عن تكتّم أحمد على الأمر ، فإن العائدين من السودان ، وبعضهم يعرف عبد الحليم ، وبعضهم التقوه هناك وقدموا له واجب العزاء ، كل هولاء يمكن أن يسربوا الخبر ، وأن ينقلوه إلى هنا ، ولن يعرف أحد من هو أول من أطلق الخبر .
    وفي المساء كانت النساء والرجال يتناقلون الخبر همسا ، وكل واحد يضيف إليه أو يقتطع منه بهدف أو بغير هدف . وراقبت وفاء وجوه بعض صديقاتها اللاتي زرنها في ذاك المساء ، وقرأت فيهن الكثير . فبعض الناس ليس في مقدورهم إخفاء الأسى ، وبعضهم ليس في مقدوره إخفاء الشماتة ، وبعضهم لا يستطيع أن يخفي اضطرابه . لكن اتصال عبد الحليم في ذاك المساء كان هو الحدث الذي قطع قول كل قائل ، فلم تتردد وفاء في توجيه سؤالها بصورة مباشرة إلى عبد الحليم ، ولم يستطع هو إلا أن يقدم إجابة مباشرة . ثم أخبر وفاء أنه عائد في غضون يومين أو ثلاثة وأنه سيناقش معها الموضوع .
    انقلبت الحياة داخل شقة وفاء إلى مأتم جديد ، بكت فيه وفاء عمرها ، وسابق أيامها ، وبكت مجدها المهدد بالزوال . لكنها اتخذت قرارها ، وحددت آلية التنفيذ ، واختارت الوقت الذي يناسبها بدقة .

                  

04-22-2006, 01:26 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    الطوفان

    اصطحب علام زوجته أماني وأختها سمية وصديقتهما شادية إلى منزل وفاء حال سماعهم بخبر اتصال عبد الحليم ، وكان أحمد هو أول من عرف بهذا الاتصال ، وهو الذي نقل المعلومة للباقين . وكان هذا الرباعي الصديق بالإضافة إلى أحمد - صديق الجميع - أول الواصلين . لكن وفاء لم تعد هي وفاء ، فلم تستقبلهم بفرحتها التي اعتادوها ، بل كانت عابسة ، تغالب دموعها ، وحسرتها . ولم يكن في مقدور أي منهم أن يبدّل الحزن في ذاك المساء إلى فرح ، أو أن يحيل الآهة إلى ابتسامة . دخلوا وكأنهم يلجون إلى سرادق عزاء ، وارتفعت وتيرة الحزن واعتلى وجوههم الألم عندما رأوا وفاء لأول مرة في حياتهم تذرف الدمع وتكابد الأنين .. وحال الصغيرات لم يكن أبدا افضل من حال أمهم ، فكانت كل واحدة منهن تجلس في زاوية اتخذتها لتداري فيها وجهها ، وتسامر فيها حزنها .
    لم يتجرأ علام بكل ما توفر له من خفة دم ، وبمقدراته الفائقة على المداعبة من تغيير مجريات الأمور في ذلك المساء . ومرّّ زمن طويل دون أن يتمكن أي منهم من أن يتفوه بكلمة واضحة تصبح مدخلا لحوار يزيل بعض التوتر ويفتح نافذة لبعض المقترحات التي يمكن أن تقود إلى انفراج . ظلوا كلهم يرددون :
    لا حول ولا قوة إلى بالله .
    ويتبعونها بكلمات من نوع :
    والله الواحد ما عارف يقول شنو ؟
    هسة الواحد ممكن يصدّق البيحصل ده ؟
    يا ربي معقولة عبد الحليم يعمل كده ؟
    ثم ابتدرت سمية الحديث :
    يا جماعة خلّونا نفكر بصوت مسموع ، كلنا مع بعضنا ، كيف ممكن نعالج هذا الشرخ .
    ردت وفاء بصوت حزين :
    يا جماعة والله كتّر خيركم ، ونحن بقينا أهل ، وكلنا أسرة واحدة ، بس للأسف الحصل ده ما بيتعالج .
    سرت بعض شجاعة في بقية الجالسين ، وحاولوا جاهدين تخفيف وقع المأساة على الصديقة والزعيمة وفاء . لكن الأمر لم يكن سهلا ، ولم يكن ممكنا . وبدأ الأمر مقلوبا ، فوفاء منذ أن عرفوها – قبل عشرين عاما - كانت هي التي تسعى بين الناس بالحلول ، وكانت هي التي تواسيهم في أحزانهم ، وكانت هي التي تسعى للتوفيق بين المتخاصمين ، واليوم هي في مكان من ينتظر المواساة ، وهي صاحبة الحزن الأكبر . فهل يمكن لنساء ورجال هذه المدينة أن يمدوا يدا لوفاء ويساندوها في محنتها ؟ وهل يا ترى ستقوم السفارة أو زوجة السفير شخصيا بفعل شيء ؟ وهل بلغهم الخبر أصلا ؟
    الأمر شخصي بحت ، وهو أمر بالغ الحساسية ، وأكبر جوانب التعقيد فيه تكمن في أن امرأة مثل وفاء هي الطرف الأساسي في هذا الموضوع . امرأة ظلت دوما تقود النساء ، وتؤثر في الرجال ، وتطالب للمرأة بحقوقها ، أمرأة تنظر إلى تعدد الزوجات وكأنه جريمة يمارسها بعض الرجال فيظلمون زوجاتهم ، ويظلمون أبناءهم ، ويهزّون بها كيان أسرهم .
    لم يستطع أي من الجالسين تناول جرعة من العصير أو الشاي الذي اعتادوا أن يستمتعوا به في دار وفاء العامرة . فقد تركوا كل شيء مكانه ، وخرجوا عند العاشرة والنصف يحملون ألمهم بين جوانحهم ، دون أن يخففوا من ألم وفاء شيئا ، وقد بدا لهم جميعا أن الأمر أكبر من كل معالجة وأن المأساة أعمق من كل جرح . توقفوا قليلا وهم في طريقهم إلى سياراتهم بعد أن ودعوا وفاء عند الباب ، واتفقوا على ان يواصلوا مساعيهم لتخفيف معاناة وفاء ، وأن يقفوا جميعا مساندين لها حتى لا ينتهي الأمر بكارثة . لكنهم افترقوا دون أن يحددوا أدوارهم ، ودون أن يتقدم أي منهم بمقترحات محددة .
    وفي مساء اليوم التالي كان عبد الحليم يعود عبر نفس المطار الضخم ذاك الذي استقبل وفاء وهي تنتقل في خطوتها إلى العيش معه إلى نهاية العمر . لم يكن هناك من يستقبل عبد الحليم ، فهو لم يبلغ أحدا بموعد عودته ، ولم تكن به حاجة إلى ذلك ، فهو يشعر أن طعم عودته هذه مر كالحنظل ، وأنها ستمثل علامة فارقة في حياته .
    خرج عبد الحليم من صالة القدوم مسرع الخطى لا يلتفت ناحية المستقبلين ، تماما مثل ذلك الفتى الذي خرج مسرعا لا يلتفت إلى أحد يوم كان عبد الحليم وصحبه في استقبال وفاء وهي تصل هنا لأول مرة . بعض المستقبلين يعرفون عبد الحليم ، لكنه لم يمنح أي منهم فرصة التحدث إليه أو حتى تحيته ، واتجه مباشرة إلى موقف سيارات الأجرة ، واستأجر إحدى سيارات الليموزين الواقفة أمام صالة القدوم لتقله إلى بيته في حي زريقاء .
    كان عبد الحليم يعرف تماما بعض ما يمكن أن يصدر من وفاء من انفعال يتبعه لوم ، وتعنيف ، ويعرف أنها يمكن أن تصرخ في وجهه ما أمكنها ، وربما تعرض عن الحديث معه لعدة أيام ، لكنها لا محالة ستعمل عقلها الكبير ، وستعود إلى رشدها . بعد نصف ساعة من خروجه من المطار كان عبد الحليم يضغط على جرس باب الشقة وبدا له أن بقاءه أمام الباب هذه المرة قد طال أكثر مما يجب . إحدى البنات فتحت الباب وارتمت في حضن أبيها وهي تبكي بكاء مرا . كل البنات كن ينتحبن بشكل لم يكن عبد الحليم يتوقعه . مد عبد الحليم يده ليصافح وفاء ، فلم تستجب له ، وأشاحت بوجهها بعيدا عنه . انهار عبد الحليم وارتمى على كرسي في صالة بيته وظل ممسكا رأسه بين يديه مثبتا جبهته فوق ركبتيه . لكنه عاد إلى تماسكه عندما جاءته ابنته الكبرى بكوب من الماء وقدمته له وهي تقول :
    بابا مالك ؟ في شنو ؟ إنت تعبان ؟
    رفع عبد الحليم وجهه ونظر في وجه ابنته دون أن يرد عليها ، ومد يده لكوب الماء ، وشرب منه إلى نصفه ثم وضعه على منضدة كانت قريبة منه ، ومسح على فمه ، واستغفر ربه ، ثم أسند ظهره إلى الكرسي ، وأرسل أهة طويلة وأتبعها باستغفار آخر .
    يبدو أن اي من الجيران لم يشعر بعودة عبد الحليم ، كما لم يعرف أي من الأصدقاء شيئا عن هذه العودة . وقد فضّل عبد الحليم ان يدخل مباشرة إلى غرفة نومه فيبدّل ملابسه ويرقد على سريره ليرتاح قليلا من تعب السفر ، وليستجمع قواه بعد الانهيار الذي حدث له بسبب الاستقبال المشحون بالانفعال والتوتر من قبل زوجته وبناته ، خاصة وأنه قد تأكد تماما أن وفاء لن تستمع له الليلة ولن ترد عليه .

    (عدل بواسطة ودقاسم on 04-22-2006, 01:28 AM)

                  

04-22-2006, 08:27 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    وفاء التي أسندت رأسها إلى وسادة وسط الصالة لم تذق طعم النوم طيلة ليلة استقبالها عبد الحليم ، وعبد الحليم نام هناك بمفرده في غرفة نومه ولأول مرة منذ زواجهما . وفي الصباح نهضت وفاء ، وايقظت بناتها ، وأعدتهن لمدارسهن . وجاء أحمد كعادته ليأخذهن إلى المدارس كما اعتاد أن يفعل كل صباح في غياب عبد الحليم . لم تبلّغ وفاء أحمد بعودة عبد الحليم عندما فتحت الباب له هذا الصباح ، لكنها طلبت منه أن يرجع إليها بعد أن يوصل البنات إلى مدارسهن . والبنات لم يعتدن على فتح مواضيع عائلية مع أحمد ، ولم يحدثنه عن عودة والدهن ، لكن وجه كل منهن كان يمثل كتابا مفتوحا لأحمد .
    كان عبد الحليم ما يزال نائما ، فهو أيضا لم يأتيه النوم إلا قبيل الفجر بقليل . وعاد أحمد راجعا إلى وفاء بعد أن أوصل كل بنت من البنات إلى مدرستها . كانت وفاء تنتظر عودة أحمد وهي جالسة على نفس الكرسي الذي ارتمى عليه عبد الحليم ساعة انهياره . وكانت قد وضعت أمامها حقيبة متوسطة الحجم . فتحت الباب لأحمد ، وهي تحمل حقيبتها في يدها وأشارت عليه بالتزام الصمت . نزلا سويا بعد أن أخذ أحمد الحقيبة من وفاء وحملها فوق كتفه . وعند وصولهما لسيارة أحمد قالت وفاء :
    عبد الحليم وصل البارحة ، وأنا لا أريد أن أبقى هنا معه ، ولا أريد معه حوارا .
    توسل أحمد لوفاء لتعود عمّا هي مصممة عليه ، لكنها رفضت بإلحاح ، وطلبت منه أن يؤمن لها انسحابا سريعا من أمام المبنى حتى لا يراها أحد من الجيران فتنطلق الإشاعات والأقوال . طلبت وفاء من أحمد أن يأخذها مباشرة إلى مسكنه ، وأن يتركها هناك لتفكر بهدوء في مستقبل علاقتها مع عبد الحليم ومستقبل أسرتها وخاصة بناتها .
    كان هذا الطلب بمثابة الكارثة على أحمد ، فوفاء كانت قد زارت أحمد في شقته الصغيرة عدة مرات ، لكنها في كل زياراتها لشقة أحمد كانت برفقة عبد الحليم ، وجيران أحمد منهم العازب ومنهم العائلة ، لكن كل الذين يسكنون في هذا المعسكر يعرفون بعضهم البعض ويعرفون الوضع الاجتماعي لكل فرد منهم . وأحمد لم يكن أبدا متهما ولم يكن يتهاون في أدبه وخلقه ، ولا يقبل أي أمر يتسبب له في منقصة . ظل أحمد يتوسل إلى وفاء أن تعود عن طلبها طيلة المشوار من بيتها إلى بيته ، لكنها أصرت إصرارا لا رجعة فيه أنها لن تقبل منه غير تنفيذ طلبها . وعند مدخل المعسكر رفع العارض الأوتوماتيكي ، وتوقف أحمد ليسلم على حراس البوابة وكلهم من السودانيين ، وهم يعرفون أحمد معرفة تامة ، وبعضهم يعرف وفاء ، ويعرف أنها وزوجها يزوران أحمد من وقت لآخر . وصل أحمد إلى شقته ، والمعسكر كله يكاد يكون في حالة ثبات خاصة بعد خروج الحافلات المخصصة لنقل الأطفال إلى مدارسهم ، لأن العاملين بالشركة لا يبدأون حركتهم الصباحية إلا بعد الساعة الثامنة صباحا. دخل أحمد ووفاء إلى الشقة بهدوء ,اغلق أحمد الباب خلفه . أجلس وفاء في الصالة الصغيرة ، ثم اتجه إلى غرفته ، وبدّل ملابسه استعدادا للخروج إلى العمل . بالرغم من أن الوقت كان باكرا ، ومواعيد العمل ما يزال بينه وبينها ساعة كاملة إلا أنه لم يجلس مع وفاء ولم يحادثها ، بل خرج فورا وتركها لوحدها ، وتوجه نحو مكتبه بالشركة . أجرى أحمد عدة مكالمات هاتفية مع الصديقات والأصدقاء المقربين من وفاء وعبد الحليم ، وأخبرهم بعودة عبد الحليم وتصرّف وفاء ، وأبدى لهم قلقه من ما يمكن أن يترتب عليه الأمر حين يصحو عبد الحليم من نومه ويعرف أن وفاء خرجت من البيت ، وأنها الآن موجودة بشقة أحمد .
    وفي اتصالات هاتفية عديدة سعت صديقات وفاء لإقناعها بالرجوع عن اصرارها البقاء بشقة أحمد ، وطلبن منها أن تبقى مع أي منهن ، لكنها رفضت ، واوضحت لهن أنها لا ترغب في مناقشة الموضوع ، ولا تريد رؤية عبد الحليم ، ولا ترغب في أن يتوسط أحد بالأمر .
    عند العاشرة صباحا اتصل أحمد بعبد الحليم ، وبعد أن تبادلا التحية ، أخبر أحمد عبد الحليم بخبر وفاء . وطلب منه أن يتعامل مع الموضوع بحكمة وتريث ، وأن يتجه فورا إلى صديقاتها شادية وسمية ليأخذهن ويذهب بهن إلى وفاء علّها تتراجع عن ما تنوي فعله . لكن عبد الحليم لم يفكر برأي أحمد ، ولم يلتزم تنفيذه ، فأدار محرك سيارته واتجه إلى مكتب أحمد بالشركة . وهناك وقف عبد الحليم أمام أحمد منفعلا ومتوترا وعيونه تلمع بالشر وكأنه صاحب ثأر قديم . قال عبد الحليم قبل أن يسلم على أحمد :
    تعال معي !
    فوقف أحمد وهو يقول :
    استهدي بالله يا عبد الحليم ، وعالج الأمور بحكمة .
    رد عبد الحليم وهو أكثر انفعالا :
    أي حكمة ، وهل هناك حكمة معكم أنتم العزّاب ؟
    صدمة كبيرة أصابت أحمد وهو يستمع إلى عبد الحليم يصفه بهذه الصفة ، وكأن أحمد لم يكن يتوقع مطلقا أن يسمع من عبد الحليم إساءة بهذا الحجم وشكّا في طهارة تعامله .
                  

04-22-2006, 11:34 AM

Alfarwq
<aAlfarwq
تاريخ التسجيل: 03-05-2002
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    شحتفتنا يا ودقاسم

    كمل القصة و ريحنا

    المرة قالت تنفع مسلسل ....

    و الله انت عارف الواحد اقنع الحكومة بالتانية ... لكن نوعية قصصك دي بتخربا علينا


    سرد رائع يجبرنا على مواصلة القصة

    واصل الابداع
                  

04-23-2006, 10:21 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Alfarwq)



    ودقاسم

    أهـــــــــــــا

    وبعدييييييييين ؟



    أهنيك على روعة الحكي

    (عدل بواسطة garjah on 04-23-2006, 10:25 AM)

                  

04-24-2006, 04:44 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: garjah)

    قرجة
    سلام أيها الرجل الجميل
    آمل أن تكون قد اطلعت على بقية القصة ...
                  

04-24-2006, 02:37 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Alfarwq)

    الفاروق
    تحية وتقدير
    شكرا لمتابعتك ، والشكر موصول للمدام وهي تتابع خطى شقيقتها وفاء ..
    اليوم أكتملت القصة إلا من بعض الرتوش التي ستخرج للناس في كتاب إن شاء الله ،، ودعواتكم لنا بالتوفيق ...
                  

04-23-2006, 10:27 AM

Alfarwq
<aAlfarwq
تاريخ التسجيل: 03-05-2002
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    في الانتظار

    واصل فبل الاجازة ما تنتهي
                  

04-26-2006, 04:27 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Alfarwq)

    الفاروق
    شكرا للمتابعة ... آمل أن تكون قد قرأت الجزء الأخير بعد اكتمال القصة ،،، وأنتظر أن تقول لنا رأيا ..
                  

04-23-2006, 07:05 PM

خالدة البدوي
<aخالدة البدوي
تاريخ التسجيل: 03-05-2006
مجموع المشاركات: 1816

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    مبالغة لكن شنو المواهب المدفونه دي عرفناك شاعراً وناقداً

    ومفكراً واثبت كمان انك قاص وراوي ،،،

    يعني مبدعاً بمعنى الكلمة الله يديك العافية

    نحن النساء مثل الفريك لا نقبل بالشريك

    انت ماعارف الابداع الفيه دة يا استاذنا

    وراء كل عظيم امرأة


    والأيام الحلوة تمضي سريعا كلمعان النجوم

    أنا من يومه الجمله دي ما طمنتني

    الايام سريعة ايوه لكن كلمعان النجوم دي فيها انه

    لم يكتمل تعليقي اعود لك استاذنا بعد التكمله

    عشان اقول رأي في التعدد ،،

    لك التحية على هذا الابداع الرائع ،،،
                  

04-24-2006, 04:41 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: خالدة البدوي)

    الأستاذة الصديقة خالدة البدوي
    تحيات ومعزة
    شكرا لزيارتك الميمونة ، وأطمئنك أننا نحن الرجال لا نقبل لكنّ شريكة ، لكن هناك بعض الأمور تدفع الرجال إلى ما لا يودونه ، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ... والمسألة طويلة ، فدعونا أن ننظر إلى الجوانب الأدبية من القصة ، وربما يتسع وقتنا لمناقشة ظاهرة التعدد ،،،
    وإيه حكاية وراء كل عظيم امرأة دي ؟ هو نحن ما بنقدر نعمل حاجة إلا بمساندة المرأة ؟
                  

04-24-2006, 00:48 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    تمالك أحمد أعصابه ، تقديرا لظرف عبد الحليم ، كما أنه لم يكن يرغب في لفت نظر العاملين بالشركة إلى انفعال عبد الحليم وثورته . خرج أحمد برفقة عبد الحليم ، ولأول مرة كانا يسيران هكذا سويا دون أن يكلم أحدهما الآخر . ثم دلفا إلى المعسكر ، وكان أحمد يتقدم عبد الحليم ، وأشار إلى رجال الأمن بالبوابة أن يسمحوا لعبد الحليم بالدخول بسيارته ، فاستجابوا لطلبه ، ووصلا إلى الشقة . وفتحت وفاء الباب وهي بكامل ملابسها وكأنها ظلت على جلستها تلك التي تركها أحمد عليها .
    سالها عبد الحليم مباشرة :
    ما الذي جاء بك إلى هنا ؟
    ردت وفاء دون أدنى انفعال :
    أنا حرة أذهب إلى أي مكان أريده في هذا العالم .
    وبانفعال واضح قال عبد الحليم :
    حرة ؟ ما الذي تعنينه بكلمة حرة ؟ أنت زوجتي وأنا مسئول عنك ولي عليك القوامة .
    قالت :
    هذا في حساباتك أنت ، لكن بالنسبة لي فالأمر خلاف ذلك .
    أما أحمد فلم يشارك في الحوار ، بل جلس في ركن بعيد وظلّ يستمع وهو يخفي مشاعر غضبه من عبد الحليم ، ويحاول تجاوز الورطة التي أدخلته فيها وفاء .
    من الواضح أن وفاء مصممة على تنفيذ ما خططت له ، وأنها لن تتراجع ، وبدا لعبد الحليم أن وفاء ستصل بالأمر إلى نقطة اللاعودة ، فبدأ هو بالتراجع ، وحاول التخفيف من حدة انفعاله ، عله يصل إلى مخرج يعيد زوجته إلى بيتها وبناتها .
    وسأل عبد الحليم وفاء بهدوء :
    ما الذي تفكرين فيه الآن ؟
    قالت :
    لا أفكر في شيء فأنا لا أعتبر نفسي زوجة لك ، ولن تستطع كل محاكم الدنيا أن تجبرني على الاستمرار معك .
    قال عبد الحليم متسائلا :
    أتودين الطلاق ؟
    قالت :
    أنا اصلا اعتبرت نفسي مطلقة منذ يوم زواجك ببثينة فقط كنت أنتظرك لتأتي وتستلم بناتك .
    هذه ليست وفاء ، هذه امرأة أخرى غير تلك التي عشت معها سنوات عمري الماضية ، حتى بناتها تريد أن تتخلى عنهن وبهذه السهولة ؟!
    قال عبد الحليم :
    سأدعك تفكرين على راحتك ، وأنا متأكد أنه سيكون لك رأي آخر بعد أن تهدأ أعصابك ، فقط أريد منك العودة إلى بيتك الآن .
    ردت وفاء :
    لا عودة إلى ما تسميه أنت بيتي ، فهو ليس بيتي ، هو بيتك أنت فقط ، وقد كان أمانة عندي فرددتها إليك .
    طلب عبد الحليم من أحمد أن يتدخل ويعينه على إقناع وفاء بالعودة إلى منزلها ، واستغرب أحمد هذا الطلب فهو الذي عرض على عبد الحليم اصطحاب صديقات وفاء ليتوسطن بينه وبين وفاء ، فرفض عبد الحليم ، ثم أكثر من ذلك أساء عبد الحليم إلى أحمد ، ووجه له اتهاما قاسيا لم يسمعه من أحد قبل ذلك . والآن يطلب منه التدخل !
    سعى أحمد لإقناع وفاء بالعودة إلى منزلها ، وبناتها ، وطلب من عبد الحليم أن يلتزم بكل ما تشترطه وفاء لضمان عودتها مكرمة معززة إلى دارها . لكن وفاء لم تكن راغبة في استمرار هذا الحوار ، ولم تكن تفكر مطلقا في استمرار علاقتها مع عبد الحليم . فهي قد قررت أن تضع حدا لهذه العلاقة ، إذ اعتبرت الأمر مؤامرة ، وخيانة ، ونكوصا عن حب ترى أنها أوفته كل مستحقاته وأن عبد الحليم هو الذي أراد لهذا البناء المحكم أن ينهار باستجابته لما تسميه هي بالوهم الاجتماعي الزائف .
    فلم تزد وفاء إلا أن قالت :
    أنا من هنا سأسافر إلى أهلي بالسودان ، وسأترك لك بيتك وبناتك ، ولن يثنيني عن ذلك أي قانون أو عرف ، ولن أقبل أن أكون ضحية لهذا الزيف الاجتماعي الذي يعشش في عقلك ويسيطر عليك . أنا الآن في حل من أي التزام أسري ، فقط أريد أن أستلم جواز سفري بتأشيرة خروج نهائي ، وسأرحل فورا ، ومن هنا ، من هذه الشقة .
    كان الوقت يقترب من موعد عودة البنات من مدارسهن ، وكان لابد لعبد الحليم أن يقوم بمهمة إعادة بناته للبيت . ففضّل أن يترك وفاء لتعمل تفكيرها ، ظنا منه أنها ستتراجع عن موقفها المتصلب ، فخرجا هو وأحمد ، واتجه كل واحد منهما نحو سيارته دون أن يتبادلا الحديث أو تحية الوداع .
    أحمد من جانبه وتحاشيا لأي شـبهة ترك شقته كليا لوفاء ، واستأذن أحد زملائه للبقاء معه مؤقتا . وكرر عبد الحليم زيارته وقد رافقته بناته في مساء نفس اليوم ، وعرفوا ان أحمد سـيبقى برفقة زميله ، ففاضت عينا عبد الحليم بالدمع ، وندم كثيرا على اتهامه أحمد ووصمه له بصفة العازب الشرير مما دعاه إلى الاتصال به والاعتذار منه ، وطلب منه أن يواصل معهم بذل مسـاعيه لحل المشكلة .
    لكن قلب وفاء لم يلن تجاه عبد الحليم ، ولا تجاه البنات ، وظلت تؤكد على رغبتها في الانفصال عن عبد الحليم ، وحضنت بناتها واعتذرت لهن عن عدم مقدرتها على إكمال مسيرة الأسرة ، وبكت البنات بصورة هستيرية ، لكن دون أن يؤثر ذلك في تحقيق أي تنازل عن ما سعت إليه وفاء .
    استمر الحوار متصلا لثلاثة ايام بلياليها ، و تدخلت أطراف عديدة ، وتوسط الأقربون ، واستجدت البنات أمهن ، وبقلبها كأم ، لكن دون فائدة ، مما اضطر عبد الحليم أن يقترح على وفاء أن تسافر إلى السودان ، وتبقى هناك ما تشاء من الوقت عسى أن تجد هناك ما يغير ما في راسها . لكن وفاء أصرت أنها ترغب فقط في تأشيرة خوج نهائي .
    وسط البكاء ، والعويل ، وغزير من الدمع ، والحزن ، تم انفصال وفاء وعبد الحليم ، وانقسمت أسرتهما بشكل لم يكن يتوقعه أحد من معارفهم أبدا . وسافرت وفاء تاركة وراءها زوجا حزينا عاشت معه أحلى أيام العمر ، وبنات يافعات هن أكثر حاجة إلى حنان الأم ، وهي تعلم أن الزوجة الجديدة لن تكون لبناتها أما مهما بلغت من رقة التعامل معهن .
    وبعد أقل من ستة أشهر كان أحمد - الذي طلب من إدارة الشركة نقله إلى المنطقة الغربية من هذه البلاد – يعمل مديرا لفرع الشركة هناك . وقد وقف أمام لوحة الرحلات القادمة يستقبل وفاء زوجة له في مطار آخر من المطارات الضخمة المنتشرة في منطقة الخليج .
                  

04-24-2006, 01:55 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)



    الحبيب

    ابوطلال

    كم من اسرة يا صديقي يظن الناس انها مترابطة ولكن الزوجين لا يجمعهما الا السقف فهما بمثابة المطلقين ...ولكن عيون اطفالهم هي التي تجبرهماعلى البقاء سويا .....لتحقيق نشاءة سوية لهم .

    وفاء كل اسرتها تتكون من بنات في مقتبل العمر وفي سن هن في اشد الحاجة لام ترعاهن..وتعيش معهن الاحباط والنجاح لحظة بلحظة.

    يا ريت لو أضفت فصل نقاش بين وفاء وحليم عن موضوع البنات وكيف ستكون حياتهن بعد الطلاق .

    أعتقد أن هذا الفصل سيكون فيضا من مشاعر ومواقف توضح اكثر طريقة تفكيرالطرفين
    .


    واهنيك مرة اخرى على روعة الحكي
                  

04-25-2006, 01:42 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: garjah)

    قرجة
    شكرا للمتابعة ، والاهتمام ...
    في اعتقادي أن المأساة كانت أعمق من أن تدع فرصة لوفاء للاهتمام بأمر بناتها ... وربما أنها رأت أن وجود البنات مع الأب عادي وطبيعي ، وأنه خير لهن ، خاصة وأن الأب مستمر في عمله في المهجر وهي تعود إلى السودان وقد فقدت وظيفتها منذ سنوات عديدة وربما أن انقطاعها الطويل عن العمل يجعلها تتشكك تجاه قدرتهافي تحمل مسئولية بناتها ...
                  

04-24-2006, 01:36 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    دي مؤامره.. رفعت الزوله دي فوووووووووووق.. وطاخ رميتها ... كيف يعني تمشي بيت الزول ده.. واشمعنى.. قلة بيوت الناس البتعرفهم؟؟ بعدين كيف تخلي ليهو بناتها كده.. وحاة الله تضمن إنهم معاها أول شي.. بعداك تمشي.. اصلا انا معاها في قرار انها ما تقعد أبداً... ولا لحظة.. بس تسوق بنياتها في يدها...
                  

04-24-2006, 06:49 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    العزيزة مريم
    أنا لم أرفع ولم أرم ، كل ما فعلته أنني قصصت ، وهي مشت بيت الزول ده بالرغم من أن البيوت كثيرة ، لكنها اختارت ذلك لشئ في نفسها ربما أو لسوء تقدير منها ، وبعدين بناتها تركتهم لأبوهم ،،، فيها حاجة دي ؟ !
                  

04-25-2006, 00:53 AM

keiga2000
<akeiga2000
تاريخ التسجيل: 05-11-2002
مجموع المشاركات: 4119

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    العزيز الرائع الخال ودقاسم

    اشكرك على القصة الرائعة التي تحكي كثير من الواقع وربما تكون حقيقية وربما تكون من نسج الخيال وفي الحالتين انك رائع في سردك وفي الوصول إلى المضمون المفيد
    اسمح لي ان اوضح سلبيات عبدالحليم:ـ

    1ـ لايتزوج قبل موافقة زوجته وفاء مهما كلفه ذلك من عودة ورجعة إلى حد الإقناع ودوافع عبدالحليم في كل ذلك كما نعلم هو ترضية روح امه الطاهرة لكن مهما يكون مفروض تكون وفاء على علم بذلك احسن من وقع الخبر يعني (عبدالحليم عاوز يتزوج بت خالتو احسن من عبدالحليم اتزوج) ودا سبب الكراهية التي جعلت وفاء لاتقبل اي اعتذار لانه ركب راسو وداس بها الواطه وتزوج دون رضاءها واقناعها فوفاء في هذا الموقف نحن معها لكن ما للدرجة البتخليها حتى تتخلى عن بناتها والقارئ للقصة يرى انه بعد زواج عبدالحليم الثاني ان وفاء ماكان يهمها لاعبدالحليم ولا بناتو وكان نتاج ذلك الزواج في حوالي 6 اشهر وكانها كانت تبيت النيه وانتهزت الفرصة فكونها ترفض حتى البنات معناه هي فعلا فضلت ان تكون حره طليقه حتى يأتي من ينوي الإرتباط بها ولايشيل هم البنات في حالة اخذهم معها وتاتي كمان وتسكن في نفس الديار الفيها زوجها السابق وبناتها فيه عدم مراعاة ويقلل من شخصية وفاء التي في تخليها عن عبدالحليم ليها حق لكن كونها تتخلى عن بناته من اجل الزواج من احمد هذا العيب واخره كوم تراب ولايمكن التخلي عن فلذة الكبد مهما كان
    وانا ابوك يامصطفى
    في الختام التحية لك الخال ودقاسم وانت تتحفنا بروائعك ومزيد من المواضيع الهادفة

    (عدل بواسطة keiga2000 on 04-25-2006, 02:43 AM)

                  

04-25-2006, 01:12 AM

احمد العربي
<aاحمد العربي
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 5829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: keiga2000)

    العم

    الدخري
    ودقاسم
    الاديب الراقي الذي يحملنا تفاصيلا جميله
    حروفك المتعانقه دي كانت عامله لي غلغله
    شديده وانا بعيد عن هذه المساحه وموعوك
    بجروح الزمن ولما رجعت من الوكت داك اجي
    اتاوق وامشي والله مغلغلاني وغالبني اقول
    فيها حاجه لانو كلامي قد يفسد هذه الروايه
    الخضراء ايها الاخضر
    وهو واقع الحال والصراع المولود فينا
    ارثا ابدي

    ولك الود ارادب
    ومحبه كنارات بدون كباري
    مفتحه في سرابات التواصل
                  

04-25-2006, 08:25 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: احمد العربي)

    أحمد العربي
    تحيات طيبات
    شكرا لدعمك المتواصل ..
    ومبروك تجاوز جروح الزمن ،
    وننتظر هزيمتها النهائية بالابداع الذي يكتنفك ...
                  

04-25-2006, 02:59 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: keiga2000)

    العزييز أبومصطفى
    تحية ومعزّة
    والشكر على المتابعة والدعم ...
    تعرف يا محمد الإنسان يفيض بالتعقيدات ، ويخفي كما هائلا من المقدرة على إدارة الأمور في الخفاء ، وفي رأيي أن الإنسان يخفي أضعاف ما يظهره ، ويختزن من الطاقات أضعاف ما ينفقه ... وليس سهلا تخمين ما يقوم به البشر كرد فعل على ما يقع عليهم من فعل ...
                  

04-26-2006, 05:16 AM

مريم بنت الحسين
<aمريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    غايته يا عمو ودقاسم بتكون فهمته اني مضربه عن التعليق.. غايته كان ما وصلتك هدي انا بقولها "انا مغيوووووووووووووووووظه".. ده واحد من أسباب اني ما بتابع مسلسلات I take things personal!..

    بنت الحسين
                  

04-27-2006, 01:08 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: مريم بنت الحسين)

    مريم
    تحيات ومودّة
    في كثير من الأحيان أجد أن تشخيص الأمور يريحني بالرغم من أن الغالبية العظمى يرفضونه ، لكني أفضله لأنه يقرّب بيني وبين محاوري ، فألامس التشخيص بجعل محاوري صديقا لي ، ثم أنطلق إلى متسع من الحوار .. كما أنني كثيرا ما أضع نفسي محل محاوري لأرى وقع خطابي على نفسي ، فإن قبلته رجّحت أن محاوري سيقبله وإلا فإني أرفض لمحاوري ما أرفضه لنفسي ..
    والاكتفاء بالغيظ لا يقدم الأمر إلى الأمام ، هو فقط كالإدانات والشجب عند الحكومات العربية ، هو أقل من أضعف الإيمان ... هذه المرأة ( وفاء ) بالرغم من كل رجاحة عقلها ، إلا أنها ( انتصرت ) لنفسها من مدخل ضيق ، اتسم بالأنانية والنرجسية ... وذلك فقط لأنها لم ترد أن تحل القضية في إطار أنها أمر واقع ، أي أنها قضية قد حدثت بالفعل ، وأن وراءها ما وراءها من تعقيدات مستقبلية تاريخية ، حاضرة ، ومستقبلية ... هي فقط أدانت بشكل قاطع زوجها ووالد بناتها ، ووزعت التبعات على أطراف لم يكن لها يد في الموضوع ، ومن هؤلاء بناتها ، وبثينة نفسها التي لم يعطها أحد فرصة للاستشارة . وأنا أنظر إلى أحمد نفسه كضحية ، فهو قد اضطر للانتقال من المدينة التي بقي فيها لعشرين عاما ، وفقد الكثير من علاقاته الإنسانية ومنها علاقته مع عبد الحليم وأصدقائه .. كما أنه اتهم اتهامات ربما يرجّح كل المحللين أنه برئ منها ..
                  

04-27-2006, 11:41 AM

Omar Elshowaya

تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 55

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    العزيز ود قاسم تحياتي

    ألف شكر وإنت تتحفنا بكل هذا الجمال والإبداع والسرد الأنيق الشيّق.

    أداء الشخصيات إتسم بغياب المنطق والعقل اللازم عند الأزمات وتلك هي التي تميّز الشخص القوي من الشخص الضعيف.

    (وفاء) تملكها حب السيطرة علي زوجها وأسرتها ولا تقبل معها شريكاً، لا في حياتها لا بعد مماتها (الحديث عن تعدد الزوجات مع زوجها). بعد ذلك نشاطها الإجتماعي الواسع الذي كان فيه زوجها مجرد غطاء إجتماعي لها ونجحت في جذبه إلي نشاطاتها. النسوة الأخريات كن مجرد كومبارس مشارك لها في نشاطها. في تقديري إمتدت تلك السيطرة علي جسدها ، حيث بالرغم من تعدد بناتها إلا أنها إستطاعت السيطرة علي جسدها من الترهل وخلافه. عند السقوط إختارت الذهاب إلي بيت أحمد برغم علمها المسبق بتبعات مثل هذا القرار، والأخطر هو ترك بناتها لوالدهم مهما كان حنان الأب فهم يحتاجون للأم أكثر من حوجتهم للأب في تلك السن.فهي إذن قد عملت بقول شمشون (علي وعلي أعدائي)!!!

    (مجدي) الزوج الطيب هو فعلاً زولاً طيب بالحيل، غابت عنه الحكمة وقبل الزواج ببنت خالته نزولاً لرغبة الكبار بدون أي إعتراض من جانبه، موقفه سلبي تماماً تجاه الزواج من أوله فضلاً عن رغبته في كتمان الخبر عن الأخرين(كان هو ما قدر العرس ده عملا ليه؟؟)

    (أحمد ) صديق الأسرة، إتسم أيضاً بالسلبية عندما إنصاع لطلب وفاء بالبقاء في شقته، لماذا وافق من الأساس في ذهابها إلي هناك . مهما كانت الأسباب لوفاء فهي لا تبرر الخطأ.موافقته علي ذلك الأمر لا مبرر له، لم يمتلك الشجاعة الكافية لإتخاذ القرار السليم في المواقف الصعبة. في تقديري لا يشفع له بقاءه في منزل أحد أصدقائه ضعف شخصيته.
                  

04-30-2006, 01:03 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Omar Elshowaya)

    العزيز عمر الشوية
    لك التحية
    من الواضح أنّ قراءتك للقصة كانت دقيقة ، فلك الشكر على اهتمامك ، وهذا التحليل الدقيق للشخصيات التي لعبت الأدوار الأساسية في القصة... ولكن هل يمكن أن نتساءل عن أثر الغربة في ذلك ؟ هل هذه الشخصيات خلقت هكذا ، أم أن المؤثر الخارجي والذي أوجد مجتمعا موزازيا للمجتمع السوداني هو الذي أوجد مثل هذه الشخصيات ؟
                  

04-30-2006, 03:01 AM

Omar Elshowaya

تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 55

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: ودقاسم)

    Quote: العزيز عمر الشوية
    لك التحية
    من الواضح أنّ قراءتك للقصة كانت دقيقة ، فلك الشكر على اهتمامك ، وهذا التحليل الدقيق للشخصيات التي لعبت الأدوار الأساسية في القصة... ولكن هل يمكن أن نتساءل عن أثر الغربة في ذلك ؟ هل هذه الشخصيات خلقت هكذا ، أم أن المؤثر الخارجي والذي أوجد مجتمعا موزازيا للمجتمع السوداني هو الذي أوجد مثل هذه الشخصيات ؟

    العزيز ود قاسم

    تحياتي واحتراماتي

    شكراً لك عزيزي لأهتمامك بالرد من أجل إثراء النقاش والحوار حول القضايا العديدة التي تناولتها في تلك القصة.

    لا أخفيك سراً إن قلت لك أنني فعلاً قد قرأتها بتمعن، وحاولت بقدر المستطاع الغوص في داخل الشخصيات لفهمها حسب تقديراتي المتواضعة، وكان ردي هو نتاج ما توصلت إليه. أما وإن كان الأمر بصدد الإجابة علي تساؤلاتك، فالقصة لم تبدأ بعد عزيزي فإن كنا سندرس أثر الغربة علي شخوص القصة فنحن بحوجة لكل ماضيهم لتكون المقارنة منطقية سواء من تأثير الغربة عليهم وأثر البيئة والأسرة التي ترعرعوا بها في السودان. في تقديري الشخصي أن الضعف كالفشل ليس له أب، ينمو هكذا كنبات (العوير) في السودان، ممسكاً بالشخصية حسب التأثير المتبادل بين الشخص والبيئة التي هو فيها والحراك الإجتماعي الدائر حوله.

    لك الشكر عزيزي ولا عدمنا جمال سردك

    كل الود
                  

05-05-2006, 08:11 AM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن لم يكن لديك وقت كافي فلا تقرأ هذا ! (Re: Omar Elshowaya)

    العزيز عمر الشوية
    الشكر لك مرة أخرى وأنت تتابع وتهتم ...
    Quote: في تقديري الشخصي أن الضعف كالفشل ليس له أب، ينمو هكذا كنبات (العوير) في السودان، ممسكاً بالشخصية حسب التأثير المتبادل بين الشخص والبيئة التي هو فيها والحراك الإجتماعي الدائر حوله

    هناك الكثير مما كتب حول التساؤل الكبير ،هل الفرد يصنع المجتمع ، أم أن المجتمع هو الذي يصنع الفرد، أو يقوده في اتجاه تكيّف وتأقلم إجباري ؟ لكن لا أريد أن أقحم المتابعين في حوارات من هذا القبيل لأنه كما يقول الذين سبقونا إلى كتابة القصة أنه ليس دورهم أن يشرحوا القصة أو يناقشوا تفاصيلها ، فلكل قارئ رؤيته ... وجميل جدا أن نتعرّف على رؤيتك هنا ...
    ولك التحية والتقدير ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de