|
شكرا لوفائك لدارفور يا ابراهام مدوت باك دينق.
|
اخي ابراهام
طالعت مقالك هذا الصباح واثلج صدري
وتذكرت مدين نيالا العامر باهلها واخلاقهم الطيبه
وتذكرت كم الجحود الذي جوبهت به دارفور الكريمه على كل من سكنها.
وتذكرت قول الشاعر:
ان انت اكرمت الكريم ملكته وانت اكرمت اللئيم تمردا.
فانت كريم واصيل لذا تذكر دارفور بالخير.
وغيرك رتع في خيرها وامتص خيراتها والآن يتفرج على المأساة بصمت.
فلك التحيه وانت تذكرنا بكل هذا الجمال الانساني الدارفوري.
دارفور ..موزايك السودان و أفريقيا. بقلم أبراهام مدوت باك دينق-وينيبيك\ كندا سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 16/3/2006 8:34 م
موزايك السودان و أفريقيا
Darfur: The Mosaic of Sudan and Africa
أبراهام مدوت باك دينق
وينيبيك\ كندا
عندما تغادر مكان عزيز-المنزل الذى تربيت فيه أو المدينة التى ولدت فيها أو الدولة التى فرضت عليك هويتها-فإنك حتما ستحن إليه حنين المطايا وستنتهز أي سانحة لتحتفل حتى ولو بحقيقة وجوده فى الوجدان.
لقد غادرت السودان منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما إلي مصر و منها إلي كندا . في مصر، شاهدت الإهرامات وعرفت طيبة الشعب المصرى وكذلك عرفت أهمية النيل كشريان حياتها بل و عشقت أمثالها الشعبية...مثل: الباب البجيك منه الريح، سدو وإستريح...و القالينو موسى، طلع فرعون. وهكذا، أمثلة تهز الفؤاد..نابعة من ثقافة شعب خبر الحياة من خلال المعاناة. أما كندا فقد خبرت فيها قسوة الطقس ومعها خبرت سماحة و تسامح الشعب الكندى. شعب خليط.. موزايك: أناس جلبوا من كل فجة وإرتضوا الحياة معا بقسوتها و حلاوتها.
إفتقدت السودان و إفتقدت فيه لهيب شمسه الساطع وقر هبوب شتاءه اللاذع و تبدل فصوله. إفتقدت هطول أمطار الجنوب الغزيرة وإفتقدت تلك الأيام التي كنا فيها نتسامر و البدر إكتمل. لكننى لم أحن إلى كل هذه بقدر حنينى إلى مدينة نيالا..."حنين ماج فى صدرى"...وفيها إشتقت كثيرا لشئ تافه جدا ألا و هى ثمرة شجرة الـ "دوم"، سعفها و إنتشارها، بساطة أهلها و تشبعهم بالحب.
كنا تلاميذ مدرسة السكة حديد الإبتدائية، أنا و إبراهيم عيسي (كان دائما الأول) و هاشم و أدومه و موسى "الأمبرورو" و جوزيف مرور أنيى يور و ماريا حسين. و أساتذتنا كانوا: الأستاذ آدم كبر عيد و الأستاذ معيقل مفتاح معيقل و أستاذ عيسى و عبدالرحمن و دناتو ديينق أثيان..كان هؤلاء و آخرين عظماء أساتذتنا. كنا غالبا ما نخرج، بعد اليوم الدراسى، للفوز بـ "ثمرة الدوم". وكان موسى الأمبرورو كثيرا ما يصيح و يقول: يا أدومه أدينى دوماية. فقد كان أصغرنا ولا دراية له بالرماية.. هكذا كانت مدينة نيالا و كانت دارفور، خليط من أناس جاءوا من كل فجة فى السودان و أفريقيا: مزجة إرتضت الحياة معا بقسوتها و حلاوتها.
إفتقدت هجير شمال دارفور و أمطار جنوبها الغزيرة فى رهيد البردى و أمدافوق. إفتقدت سماحة و تسامح أهل دارفور. و إفتقدت أولئك الذين كانوا صبية, وتلك المدرسة التى كانت تعج بأطفال من ثقافات وأديان.
فقد كانت دارفور, بجد, "كندا السودان" إلى أن أعتلى جيوش الدهر الأغبش مقاليد السلطة فى السودان, فدغدغوا المشاعر الدينية لخدمة أيديولوجيتهم, ولما لم تستجب لهم دارفور, أشعلوها نارا وسوها بالأرض هدما و إحراقا.
ما كانت لدارفور بتناغمها الثقافى والإجمتاعى تلك أن تحتاج لنسخة كربون نيفاشا سواء ان كانت من أبوجا أو أنجامينا أو بانغى لرسم خطوط التعايش بين المساليت و الفور والقرعان و الزغاوة والرزيقات بفروعها من عرب جهينة أو غيرها...أو بين المعالية و الهبانية والتعايشة. فهذه الأثنيات كانت قد ألفت بعضها و تصاهرت وتبادلت المنافع بينها منذ امد طويل .إستوطنوا القرى والمدن وتساوقوا فيها دون حساسيات, فتجد بنات الأمبرور وقد جلبن لبن "روب" من فرقان غادية والفلاتا يفترشون " الأقاشيه" ونساء من كل إثنية يشترن الكول من سوق أم دفسو... و هكذا كانوا كلهم دارفوريون سودانيون إلى أن تقهقرت ماكنة الزمن وحطت بنا فى ثلاثين يونيو ماض وخرج لنا أناس خدرت ألسنتهم فلم يتذوقوا حلاوة مزجة دارفور, وإنسدت مسامعهم عن صيحات الحق, أصحاب فكر أحادى لم يعجبهم موزايك دارفور ففتنوها.
ولعل أقوى مايثير العجب إرتباك أولئك الذين تسببوا في فتنة دارفور عندما طلبوا للمساءلة فى لاهاى...لماذا لم يمثلوا أمام العدل الأممى لتبرءة ذمتهم بدلا من أبلسة الأمم التحدة وإيهام الناس فيها, لتهيج وتأليب البسطاء فى مدن السودان ضدها أملا فى حمايتهم. وإذا كانوا فعلا على إستعدات لمنازلة الأمم كما يريد لنا الطيب مصطفى أن نصدق, فما تفسيرهم للقبعات الزرقاء التى تعج بها شوارع الخرطوم وكسلا و جوبا, واو, و ملكال. هل تلك قوات أمم متفرقة حتى يستنجد بقوات توروبورا لمحاربة غيرها فى دارفور؟ أفبعد أن إستخف الطيب بقدرة السودانيين أن نطمئن إليهم فى حل قضية دارفور. وإن تركنا العقلانية جانبا فى تعاملنا مع الأمم وجئنا للقتال, أبمثل أولئك الذين تكهفوا فى جبال بلاد اللإستان نستنجد وعلى أكتافهم نحرز النصر. ألم يبلغ الطيب أن فى السودان رجال أشاوس, صابرين على القتال بكرة وعشية؟
تراجي.
|
|
|
|
|
|