كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: نادين الكاريبية - قصة حدثت في عاصمة البرد والضباب. (Re: Mohammed Haroun)
|
حينما قرأت نادين رسالة حسن الثانية فاض قلبها حباً وشوقاً ولوعة فردت قائلة: عزيزي حسن أشكرك على الرسالتين الرقيقتين. لم اصدق نفسي حين قرأتهما - صديقك الصغير جشوا مشتاق إليك كثيراً. أصبت بالحزن حينما علمت أنك لم تنم تلك الليلة فأرجو أن تأوي إلى فراشك مبكراً هذا المساء. هل سنراك قريباً؟؟ يمكنك الاتصال بنا على هذا الرقم– وداعاً – نادين.
أخيرا أفصحت نادين وبان حسنها الملائكي وغمرت البهجة صاحبنا حسن فكاد يطير من الفرح وأطلق العنان لخياله الهائم فأصبح كمن أصابه مس من الجنون. هل سنراك قريباً؟؟ ودون أن يشعر أمسك هاتفه بيد مرتعشة وسجل رقم نادين وضغط عليه وحينما رن جرس هاتفها سرت الرعشة في أطراف بدنه وارتجفت جوانحه وندي جبينه من حرارة ورهبة اللحظة فتلك أول مرة يتحدث فيها إلى نادين عبر الأثير. وحاول جاهداً أن يتمالك نفسه ليتماسك فؤاده وعقله فهو يسمع أصحابه يرددون (حذلقة اللسان تسحر الحسان). وتناهى إليه ذلك الصوت الرخيم يا لله ... ما أحلى نغماتها!! ألم أقل لكم إنها حورية تمشي بيننا!!
فرد عليها حسن قائلاً : نادين كيف حالك يا عزيزتي؟؟ شكراً لك لقد قرأت رسالتك لتوي فأنا مشتاق إليكما أنت وصديقي الصغير جشوا .. أرجو أن تقبليه يا نادين وتقولي له عمو حسن سيأتي ليراك قريباً جداً. صدقيني يا نادين لقد تغير طعم الحياة بعد أن قابلتكما فقد بدأت أحس كأنني ولدت من جديد .... أهكذا الحياة طاعمة يا عزيزتي؟؟ ضحكت نادين وقالت له نعم يا عزيزي حسن هي تبدو كذلك أحياناً. وسألها حسن متى أراكما يا عزيزتي؟ فالوحشة تقتلني والشوق يمزقني. فردت عليه أحقاً تفتقدنا إلى هذه الدرجة؟
قال: نعم يا عزيزتي فما رأيك أن نلتقي صباح يوم السبت القادم لنذهب معاً لزيارة قصر (Hampton Court) العريق لنستمتع بحدائقه الفريدة وخضرته ونسماته العليلة.... هل ذهبتما إليه من قبل؟؟ قالت: لا لم نفعل ولا مانع لدينا من ذلك. قال: إذن فلنلتقي في محطة (Paddington) الساعة التاسعة صباحاً لنركب القطار إلى محطة (Waterloo) ومنها سيأخذنا قطار آخر إلى القصر. قالت اتفقنا وأرجو أن لا تقلق علينا وإن جد في الأمر جديد سأبعث لك برسالة على بريدك الإلكتروني .. تفقده كل يوم يا عزيزي حسن...... (أوكي)؟ قال: (أوكي) أوعدك سأفعل يا نادين... وداعاً يا أعز الناس فلترعاكما عناية الله. وداعاً ياعزيزي .... إلى اللقاء.
قفز حسن من فراشه مسرعاً بعد أن فاز بموعد مع نادين فهي سليلة من نوع فريد ... ماذا يؤلف بين تلك الشعوب غير الحب؟ ولكن كيف يصبر على تلك الليالي التي تفصل بينه وبين ذاك الموعد المضروب؟؟ ليذهب الآن للقاء بعض الأصدقاء كما يفعل بعض الأحيان ليحتسي معهم القهوة (كافيه أو ليه) فهو يستعذبها كثيراً وسيدمن شربها بعد الآن. ثم خرج يمشي مزهواً إلى محطة البص وفي الطريق لم يكن يرى إلا خيال نادين ولا يسمع إلا صوتها إذ لا شيء يجعله يكترث لغيرها. الحب نار لها ضرام في حنايا صدره وبين جوانحه ... آه منك أيها المارد الجبار تجعل الفارس الصنديد ينكسر كأنه غصن شجرة تقاذفتها الريح وذو اللب يضرب ساهماً في الأرض كما المعتوه.
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نادين الكاريبية - قصة حدثت في عاصمة البرد والضباب. (Re: Mohammed Haroun)
|
وقف حسن بالقرب من محطة البص يتأمل المارة المسرعين فالناس هنا يمشون بسرعة والزمن عندهم محسوب والدقائق معدودات. هل يصدق أهل قريته إن قال لهم إن أرجل راجل فيهم لن يستطع اللحاق بفتاة مسرعة في هذا البلد؟؟ وفجأة رأى البص يتجه نحو المحطة ولما توقف صعد حسن وأبرز تذكرته للسائق المتحصن خلف الكابينة. كل شيء يحدث بسرعة وإتقان إلا فيما ندر فالحياة عندهم لا عبث فيها إلا بعد أوقات العمل. نعم هم بشر مثلنا يحبون العبث ويخطئون إلا أنهم يقدسون الحياة ويجتهدون في أعمالهم غاية الاجتهاد. الإنسان عندهم هو جوهر الحياة وصانع الحضارة لذا تراهم ينفقون عليه كل غال ونفيس فيخصصون للأطفال مساعدات لا تنقطع إلا حينما يأتي أوان العطاء.
ثم شطت به الذكرى مجدداً إلى نادين التي قلبت موازين حياته كلها في يوم وليلة فهو لا يكاد ينفك من رقة صوتها وعذوبته. حياته بعد اليوم إما أن تصبح شتاءً عاصفاً أو ربيعاً مزهراً يرفل في خمائله الطائر الشحرور. الأيام دوماً حبلى ولا تفتأ تخبئ بين ثناياها المفاجآت والحوادث المذهلة. هل يصدق أنها ستعطيه أحضانها الدافئة فيطوق أعطافها الحانيه ويضمها إليه أم أنها ستحدق فيه بفلق من الصبح فيقبلها قبلة عاشق ملتاع؟؟ وابتسم لا إرادياً كعليل يتعجل الشفاء أو سجين خرج يستنشق عبير الحرية. هذي كلها محض أحلام وأوهام ... ولكن لم كل هذا التوجس؟ فقد أصبحت على مرمى حجر منه وفي إحدى المحطات صعدت امرأة تدفع عربة يجلس عليها طفل صغير فقام لها حسن. تلك المقاعد الأمامية مخصصة لكبار السن والعجزة والمعاقين وأمهات الأطفال ففي هذه المدينة البص يسير ويتوقف بمراقبة الكمبيوتر والركاب في المحطات المنتشرة يتابعون الشاشات المضيئة باللون الأحمر فكلمة (due) لها معان مهمة عندهم.
مرت الأيام ببطيء شديد وحسن يراقب بريده الإلكتروني كل ساعة عسى أن يجد منها رسالة تفصح فيها أكثر عن أحاسيسها ومشاعرها. وفي مساء يوم الجمعة بعثت له رسالة قصيرة تقول فيها: عزيزي حسن أرجو الإتصال – وداعاً – نادين. تناول حسن جواله بسرعة ونقر على اسمها فإذا بجرسها يرن ويرن وسمع صوتها تقول له: مساء الخير عزيزي حسن هل أنت بخير؟ فرد عليها نعم يا عزيزتي نادين أنا بخير ولكنني أكابد الشوق واللهفة لرؤيتكما. طبعاً موعدنا غداً الساعة التاسعة صباحاً أليس كذلك؟ قالت له : بلا يا عزيزي ولكنني أردت فقط أن أسألك ماذا تحب أن تأكل فإنني سأجهز لنا بعض (الساندوتشات) فكما تعلم سنقضي طول اليوم معاً وفي القصر لا توجد مطاعم ولا كافتيريات كما حدثتني صديقتي (لورا).
فرد عليها حسن متلعثماً أنا .... أنا يا عزيزتي لا تقلقي علي سأتدبر أمري ولا داعي لأن تتعبي نفسك بتلك الأشياء وسنشتري لنا زاد في محطة (واترلوو) فهي محطة كبيرة سنجد فيها كل ما يلزمنا. قالت له: نعم أعرف ذلك جيداً يا عزيزي عموماً لا تخف أنا وابني مثل جدتي أم أبي لا نأكل اللحوم. فقال لها حسن: إذن أنتم قوم نباتيون!! يا للعجب فأنا يا عزيزتي آكل بعض اللحوم وكل الأعشاب والنباتات حتى السام منها فما رأيك؟ ضحكت نادين من سخرية حسن وقالت له: تسلم يا عزيزي نحن لن نقدم لك إلا ما لذ وطاب. فرد عليها حسن قلت لي جدتك من أبيك نباتية هي الأخرى أهي ...........؟؟ فقاطعته نعم هي كذلك يا عزيزي يعجبني فيك ذكاؤك اللماح وطيبة قلبك وأشياء أخرى لن أبوح بها. فقال لها حسن: شكراً لك يا زورق أحلامي وأنا أيضاً سأفترش لكما قلبي وحسي وروحي وأنسى بكما كل آلامي وأحزاني. قالت : أحقاً ما تقول يا عزيزي؟ إذن فإلى اللقاء في صباح الغد عند الساعة التاسعة في محطة (بادنغتون) – وداعاً. فرد عليها حسن: وداعاً يا نادين وداعاً تحياتي وحبي إلى صديقي الصغير جشوا.
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|