مواسم النجم الساطع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 11:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-16-2006, 06:17 AM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مواسم النجم الساطع

    مواسم النجم الساطع 00قصة

    مواسم النجم الساطع
    ● موسم الحـصاد:
    الأعراس عندنا ـ أي في قريتنا(النجم الساطع) ـ موسمية0 غالبا ما تطل علي سماء القرية، بعد موسم الحصاد والعناء 0حيث كل امرئ يكون قد تهيأ لفترة النقاهة، بعد أن ملأ جيبه، وداره، بالمال والحصاد0
    انظُر يا ضيفي،هانحن الآن على مشارف الغيط ، نقف تماما فوق قمم تلال"الدمبويا"المطلة علي نهر النيل0 وهاهي فوق تلك التلال العالية ـ الواقعة بين الغيط والقرية ـ أسراب من" القطاطي" تئن كروشها بمحصول البصل0 وهنالك على ضفتي النهر، تنبسط أرض القرير الخصبة الرطبة، وتنتشر الحقول الخضراء ، وجنائن الفاكهة، وأشجار الموز، كحدائق الفردوس0
    وفوق هام الحقول،هاهي مواكب أسراب الطيور، والعصافير، تسير، تارة ترك، ثمّ تطير0 وعلى حافة جداول الماء المخضبة بالطمي ، والنباتات الطفيلية، تقف هاشة باشة ، أشجار النخيل الباسقة ، و تنتصب هنا وهنالك، كحقبة تاريخية شامخة ، الأشجار المعمرة ذات الجذوع الضخمة، لكل شجرة من هذه الأشجار، اسم أو قصة0 كما ترى، تلك "الرواكيب" الرابضة تحت جذوعها، المعروشة بصفق أشجار الموز، وجريد النخل، ونباتات اللويس المتسلقة ، ماهي في الحقيقة إلا "خنادق" تعج تحت الثرى بثمارالبطاطس0

    حيثما نتوغل في أرجاء الغيط ، تر الحقول الناضجة، قد امتلأت أحواضها بالقُّفف, والجوالات المعبأة بعناية فائقة0 يا ضيفي،هذه القناطير المقنطرة من المحاصيل ، لن تمكث هنا كثير ، غدا في الصباح الباكر ، ربما تكون في طريقها إلى أسواق المدينة ، محمولة على ظهور لوارى السفنجة (Bed Ford)
    عند الصباح ، آناء النهار، في حركة دائبة لا تهدأ,عبر أشجار الغابة الكثّة, والدروب الوعرة،المرسومة على جسد الأرض ، كخطوط خرائط الجغرافية المتعرجة ، ترى الناس والدواب، يسعون كأسراب النّمل بين الغيط ومنازل القرية ، محملين بشتى أنواع المحاصيل، فول، قمح، بصل، بطاطس، وذرة 0ياضيفي ،هذا أوان الحصاد، يسعى المرء فيه بكامل جهده، ويستنفر سواعد جميع أفراد أسرته، لجمع المحصول وتخزينه، ثم تسويقه عندما يحين وقت الحاجة 0
    ● موسم النقاهة :
    كالطيف, أو ومضة البرق ، تجيئنا الأيام حينا حبلى بالخير0 ياضيفي،أهل قريتنا في مثل هذه الفترة بالذات التي تشارف انتهاء موسم الحصاد، وحلول فترة النقاهة ، وبدء فصل الخريف، تراهم زاخرين بالحياة , رافلين في الصفاء ،أمّا قلوبهم النقية البيضاء فتكاد تنبض بفيض من الغبطة 0من هول ما تسمع أذناك , وترى عيناك ، يتملكك العجب0 وربما حسبتهم سلالة من البشر الأصفياء،الّذين أنعم الله عليهم بالثراء، والرضا، والحياة الرحبة 0فما إن تقبل لمجالستهم ، يستقبلونك من أول وهلة بصدر منشرح, ووجوه نيرة طلقة، تفيض بالغبطة والفرح، وتلهج ألسنتهم بالحمد والثناء شكرا لله 0لا يكادون يفسحون لك مجلسا بينهم،حتى ينسل من وسطهم هاشا باشا، كبير القوم، السيمت عبد الرضي، في الحال يزف لك البشرى قائلا:
    ـ((يا سلام ويا سلاآآآآم يا ضيفنا الهّمام ،هذا العام، كأنّما بالمعجزة قد حدثت, وكأنّما بأبواب السماء قد فُتحت لنا فتحا، وبُسطت الأرض بالخير والرزق 0وإذ بالقوم بعد أن أدركهم البؤس واليأس ، يفيقون بغتة فإذا بهم بين أحضان ليلة القدر، وفي طرفة عين، تحققت كُلّ أمانيهم وأحلامهم 0
    ياضيفنا، هل تدرى ما الذي حدث؟؟0لقد أجزلت لنا الأرض بالعطاء ، تكاثر المحصول وفاض, وعم الرخاء كل الأرجاء ، فردا فردا، و جماعة جماعة ، كأنّه الفيضاآآآن ))0
    لا يكاد هذا الرجل ، يفرغ من إبلاغك بتلك البشارة، والأنباء الطيبة السارة 0في الحال، يقبل نحوك حاج البشير ود مختار 0هاهو ذا، يقف ماثلا أمام ناظريك ، بقامته السامقة كجذع النخلة ، ولحيته الكثة البيضاء التي لا تفتأ تزيد وجهه الصبوح وقارا وهيبة 0يبادرك وقد تهلل وجهه الأسمر، وامتلأ بالفال والبشرى ،أمّا يداه ، فقد طفقتا تداعبان حبيبات السبحة، وشفتاه تلهجان بالحمد والثناء، وعيناه الضاحكتان تبرقان بمعان شتى قائلا :
    ـ ((يا ضيفنا الكريم،الحمد لله ،الحمد لله ،الحمد لله،على هذه النّعمة 0فمنذ أن وجدنا في هذه القرية، تالله لم نحزن لشيء مفقود، ولم نفرح لشيء موجود بمثل فرحنا هذا, كأنّما بالدنيا قد أتتنا راغمة0 لقد نجحت زراعتنا في هذا الموسم الخير نجاحا خرق العادة، حتى أصبح خيرنا دافق، ومحصولنا وافر، وانبسطنا غاية البسط ، وعشنا في رغد وسعة 0ولقد نويت في هذا العام الخير، أن أحجّ الحجّة السابعة، فالمنادى ياضيفنا قد نادى، وسوف نشدّ الرحال في أول قافلة ذاهبة0 وسوف يكون بـرفـقتي،حاج الزبير ودعطيه، والطاهر ود حسيب تاجر المحاصيل الشهير الملقب بالتمساح الكبير، وجدك عبد التواب ود الأرباب ، ، وحبوبتك عائشة بت طه ، وعمك حيدوب صاحب جنينة الموز, وشيخ العرب كرار ود أب شنب، وثُلّة من أهل القرية))0
    ما إن ير الدهشة قد ارتسمت على قسمات وجهك ، يربت على كتفيك في حنو ثم يواصل حديثه قائلا :
    ـ((هوّن 00هوّن أيُّها الضيف، وما عليك من عوارض هذا الزمن!!0لقد حجينا أنا وحاج الزبير أول عهدنا معا، وسوف نختتم حجاتنا هذا العام بحجّة الوداع معا 0وكما ترى فالشيب هاهو ذا قد خضب الرؤوس واللّحى، والأيام بنا قد توغلت, وُمْركبُنا في اللّجة أبحرت، والمرء منا لا ينفك إلا أن يجد نفسه منجذبا بقوة روحية هائلة إلى تلك البقاع الطاهرة انجذابا لا فكاك منه ، وشوقي شديد لرؤية البيت الحرام ، وتقبيل الحجر الأسود, ثمّ الطواف حول الكعبة المشرفة، وزيارة المسجد النبوي بالمدينة المنورة، والصلاة في رحاب الروضة الشريفة))0
    يصمت برهة، ويرنو ببصره في الأفق البعيد، ثم فجأة وكإبرة البوصلة، يستدير بجسمه ميمما وجهه شطر القبلة ، حينئذ يُمْلل عليك وصيته، ويمازحك قائلا :
    ـ(( يا ضيفنا الكريم،لاشك أنّك من أبناء المدرسة،اسمع وصيتي ، إياك إياك أن تنسى، حين نرجع بالسلامة،ألقاك مسحت ليا باب الحوش بالجير الأبيض، وكتبت ليا عند مدخله بالخط العريض، يا داخل هذا الدار صلي وسلم على النبي المختار0 وما تنس الدعاء بالحج المبرور, والسعي المشكور، والذنب المغفور0 وألقاك كلمت ليا أهل الذكر و"النّوبة", الأمين ود الزين، وعبد الحي, وحاج عوض الكريم 0وماتنس شُلّة المداحين، ود المكي, وود العشاري, عشان يجوا يحيوا لينا ليلة أو ليلتين0 وألقاك اشتريت ليا خروف الكرامة، ولازم يكون عاتي وسمين0 ويوم الوقوف بعرفة، سوف أدعو لك بالصلاح والفلاح , والتوفيق والنجاح 0 وبجيب لك معاي من الأرض الطاهرة، تمر المدينة ، وماء زمزم ، طاقية وسبحة ، وهدايا كثيرة تسرك بلحيييل))0

    ●●●●●●●●●●●
    يا ضيفي العزيز، تارة أخرى ، في مثل هذه المواسم الخيّرة، تكثر الأعراس وتتوالى المناسبات0 وحينئذ ، حيثما يحل " بركات أبو البنات " , ضيف شرف على مجالس أهل القرية , ويشرع في الحديث0 فورا ينكسر حاجز الصمت بين القوم, ويزول العبوس، وتصفو النفوس ، وتصغي آذانهم لحديثه الظريف0
    هذا الرجل يا ضيفي ، النحيل الجسم ، ذو الشارب الكث,القصير القامة كأنّه القزم ، من أعجب وأظرف أهل القرية، أقسم إنّك لن تجد له بيننا مثيلا أبدا 0انظُر إليه!!0هاهو ذا جالسا وسط جماعة من القوم وهو يبدو في كامل هيئته، حيث شنق طاقيته كتاج على رأسه، وتوشح بصديريه الأسود المذهب، وتسربل بسرواله قدم الحمام، وانتعل مركوبه الفاخر المصنوع من جلد النمر, وتأبط سوطا من العنج 0ثمّ أخذ يرغي ويزبد، وتارة أخرى يزف البشرى بعد أن ضاق ذرعا بتسميته(أبو البنات) 0
    هذا الرجل يا ضيفي, دعني أوجز لك قصته، ولن أطيل عليك في الحديث 0لقد أنجبت له زوجته(ست النساء) خلال عشرين عاما من زواجهما سبع بنات ,الواحدة تلو الأخرى , في تسلسل أنثوي متواصل لم ينقطع أبدا , رغم أنّه في كل مرة, كان يمني نفسه بمولود ذكر، كي تقرّ به عينه , ويخرس ألسنة أقرانه 0إلا أنّ الأقدار كانت تقف له بالمرصاد ، ومنذ يومها لُقب( أبو البنات)، والتصق هذا اللقب باسمه واشتهر به, وأصبح أهل القرية في كل الأوقات , ينادونه قائلين :
    ((بركات أبو البنات))0
    وحينما ريّش في هذا الموسم الخير،هجس هاجس في قلبه، فملأ المجالس ضجة, وتحريما(حرّم) ، وطلاقا( طلق) ,من أنّه حقا قد اعتزم الزواج مثنى فوق امرأته المسنوحة ست النساء ،عسى ولعلّ أن يرزق بالبنين عوضا عن البنات0 ويومئذ أسرّ إلى بعض جلسائه بهذا الحديث قائلا :
    ـ((انتو عارفين، يا الطيب ود الحسن، ويا جاد كريم ، وسناد، ويا ودمياس ، ياالعيص ، ويا ود دقاش 0السنة دي إياها سنة البركة، والخير والنعمة، وعليّ الطلاق بالثلاثة، ياما تشوفوني معرس فوق مرتي المسنوحة دي أحسن عرس!!))0
    وكمن لا يبالي بشيء ، في الحال، أردف قائلا:
    ـ((هسع دحن يا الطيب ود الحسن، كان جيتك عديل بي خشم الدرب، بتديني بنيتك دى!!؟؟)) 0
    يا ضيفي، لما كان بركات أبو البنات , يدرك سلفا ، أنّ الطيب ود الحسن، قضى مع امرأته زينب بت حاج محمد أحمد أعواما كثيرة ، لكنها بعد مشقة وعناء، لم تنجب له سوى بنت واحدة ، ترعرعت في كنفه وكبرت، ثم صارت فتاة جميلة تهفو إليها قلوب الشباب 0وكان أبوها الطيب ود الحسن يحبها حبا بالغ الرقة، بل كانت عنده أعزّ ما يملك في هذه الدنيا0
    في تلك اللحظة بالذات ، الكثيفة البروق ، الحافلة بشتى المخاطر، والأحتمالات0 تذكر بركات أبو البنات يوم مولدها ، ذلك الحدث الذي أصبح تأريخا مدونا في ذاكرة أهل القرية0 وكشاهد عيان دعني أروي لك قصة ماحدث 0
    يا ضيفي ، في ذلك اليوم ، ما إن بلغ الطيب ود الحسن النبأ السعيد، وقت شروق الشمس، وانطلاق أصوات زغاريد النساء ضاجة في فناء بيته ، فجأة بعد سنين طويلة من الحرمان ، تفجرت داخل شرايينه ينابيع الأبوة والحنان كحُمم البركان0 حينئذ هاجت جوانحه وماجت0 في نشوة من الفرح الهمجي، وكثور هائج,غافل القوم وهم يتقاطرون صوب داره فرحين ومهنئين,ثم اندفع في جنون بالغ صوب زريبة بهائمه المملوءة بالحملان والخرفان، منذ تسعة أشهر وتسعة أيام ،استعدادا لهذا الحدث التاريخي الهام 0ما إن دخلها،استلّّ سكين ذراعه،هلل وكبر, ثم شرع في خرفانه ذبحا،الواحد تلو الآخر،كرامة وسلامة, واحتفاء باليوم الذي شهد مولد ابنته آمنة0 ولولا أنّ القوم تنبهوا، وأدركوه في اللحظات الحاسمة, لقضى على كل شيء فيها 0 ولما بلغ مولدها أسبوعا ، وجاء يوم السماية , حدث ما لم يحدث لمولد أنثى في هذه القرية من قبل0 لقد أقام لها عقيقة فخمة, دعا لها أهل القرية كافة , وقد حفل ذلك اليوم المشهود بكل مظاهر البذخ, وبالغناء وأهازيج الفرح , والزغاريد والدلاليك , حتى شروق الشمس0
    ما لاشك فيه يا ضيفي, في تلك اللحظة، وكلمع البرق الخاطف وسط السحاب الداكن ، تداعت أشتات تلك الصور في ذاكرة بركات أبو البنات، كأنّها شريط سينمائي يتراءى أمام ناظريه0 وحينما فطن بأنّ الطيب ود الحسن قد تماطل عليه في الرد، بادره قائلا :
    ـ(( يا راجل ـ أها ـ قلت شنو!!؟؟ ـ كلامي ده ما فاآآآت أضانك!! ـ يعني معقول تكون ما سمعتو !؟؟))0
    يا ضيفي ، في تلك اللحظة المثيرة ، المليئة بأدرينالين الحيرة ، ومن هول المفاجأة الصاعقة، طأطأ الطيب ود الحسن رأسه مُتمحنا، ولم يحرك ساكنا ، بل ظلّ على حاله تلك جالسا في صمت كأنّه الصنم ، ثمّ أخذ يحدق في الأرض كالمذهول0
    وكشيء حُنط , ثمّ ظلّ هذا الشيء ، محفورا ومطمورا داخل تلافيف ذاكرته ،عاد الطيب ود الحسن بذاكرته إلى الوراء ، إلى جوف تلك السنين البائسة، حينما كان يشمر عن ساعده , ويحني ظهره ممسكا بالمعول، يكد جاهدا في إصلاح حقله ، إلا أنّ الناس يا ضيفي،لا يتركون أحدا في حاله 0
    لما كان الطيب ود الحسن، قد تزوج من ست الحُسن والحسب والنسب، زينب بت حاج محمد أحمد منذ أعوام خلت، ومرت على زواجهما السنين تلو السنين ، ولم تلد له البنات أو البنين، فقد ظنوه رجلا عقيما, لهذا السبب كان بركات أبو البنات, ما إن يراه في الغيط على تلك الحال من الكـدّ، والتعب والعرق , ينكأ له الجرح ويناديه بأعلى صوته قائلا :
    ـ ((يا زول، الزراعة دي طايرة , مالك ومال التعب، والبهدلة ، والشقاوة 0أحْمِد ربك لا عندك مُحُمّد ولا فاطمة0 أنا عليّ الحرام، كان منا محول، وظهري مقصوص ,أشبع راحة وانطلاقة ، وكان أموت من الفاقة , الزراعة دي كان بقت قبلة ، تاني تب ما بقبل عليها , ملعون أبوها في ستين داهية، وزي ما عملوا ناس السر ود البتول، وحمدان ود عطا المنان المسطول، وأولاد فرجون، أسيب البلد المسنوحة دي وأقول يا ناس البندر جاآآآكم زووول)) 0
    يا ضيفي الكريم ، رغم مضي زمان تلك السنين الحالكة 0إلا انّ الطيب ود الحسن يومئذ شعر بالحزن والغبن 0وكضوء انبثق فجأة ليزيح عن عينيه غشاوة تلك العتمة، في الحال ارتسم في مخيلته طيف ابنته آمنة ، وهي غادئة ورائحة ، تبعث الحياة وتنفثها في ظل ذلك البيت الذي خيّم الصمت والسكون في داخله زمانا طويلا 0كان حينما يأتي من الغيط وقت غروب الشمس، مرهقا مكدودا 0 تركض نحوه زاخرة بالحياة ، في الحال تملأ له الإبريق بالماء ، ثم تفرش سجادة الصلاة على الأرض 0كان حينما ينتهي لتوه من الصلاة ،تجلس جواره في إلفة ، كأنّها تنشد الأمن والدفء0 كان يتأملها في فرح وغبطة، يحمد الله ، ثم يرفع كفيه صوب السماء الصافية، ويبتهل في خشوع ، وضراعة، مهمهما بالدعاء، قائلا :
    ـ((الّلهُمّ ارزقها بالزوج الحسن، والذرية الصالحة، ،الّلهُم اجعلها آمنة في بيتها، ودينها، ودنياها، آمين يا رب العالمين))0
    حينئذ كان يمسح بيديه على وجهه وصدره ، ثم يربت على كتفيها قائلا :
    ـ(( بُكْره يا السمحة يا ما تكبري، وتعرسي زولا بلاّل وود حلال، وتملئ دارنا بالأطفال أولاد و بنات، ونصير ليهم جدود وحبوبات)) 0
    شيء عجيب كالحلم، سـرى في حنايا داخله في تلك اللحظة, وجذبه بقوة خفية إلى ملكوته0 لكنه من هول ما سمع قبيل لحظات ،سرعان ما أفاق دهشا، وانتفضت كل خلية من خلايا جسده، ووقفت متحفزة، كأنّها تود بكل ما تملك من قوة خارقة ، الانقضاض على شيء ما0
    حينئذ بين الشدّ والجذب ، والمدّ والجزر، تنامي في داخله ، بركان الحنق والغضب ، وتكثف كالرياح العاصفة 0أمّا عيناه ، فقد تقافزتا من محجريهما، وأضحتا كبؤرتين حمراوين تموجان بالشرر0
    فجأة صاح مخاطبا بركات أبو البنات قائلا:
    ـ((دي !! ـ دى !!،عليّّ الطلاق المو زي طلاقك ده !!، كان هسع ـ جاني ـ ليها صبي ـ يتلْتِل ـ يجر التمساح العشاري من قيف النهر ـ ما بديها ليهو0 دي!! دي!! ست أبوها، والرمدانين اللزيك ما بيعرسوها!!))0
    ثم أردف مخاطبا القوم قائلا :
    ـ((يا جماعة، زمان قالوا في المثل(أبو الدرداق خطب القمره))، والله حكاية، ياما نحيا و بكره نشوف أعجب من العجب!!)) 0
    في تلك اللحظة يا ضيفي ، تشاغل بركات أبو البنات بتبريم رأسي شاربه، كمن يود أن يظهر للطيب ود الحسن تحديه، ولا مبالاته بما يقول 0، ثمّ في تأن وثقة, صوب بصره في وجهه, ونظر إليه نظرة ماكرة ، كأنّما أيقن بأنّه سوف يهدأ من ثورته, ويذعن لأمره إذا تحايل عليه وساومه0
    قال :
    ـ((يا راجل ـ بكل بساطة ـ الحكاية وما فيها ـ أنا أعقد عليها بكتاب الله وسنة رسوله، وأنت كمان، نعقد ليك على أحسن واحده من مراحي ده ، ـ يقصد بناته ـ وكان الشرط ده مو عاجبك ، أنا عليّ الحرام ، قدام الرجال ديل ، البملوا العين ، مستعد أسجل ليك عشرة أفدنة ، أرض قرير حُرّة مش مطاقة ، وأنت بعينيك ديل شفت حدودها، قايمة من قيف النهر، وممتدة محازية لساقية ود الفحل ، وسادرة إلى أن تنتهي عند الجدول الضكرـ جدول الخواجه كركورـ ، بس أنت كيف ترضى وتقول لينا خير!!؟؟ 0 ولو كلامي ده مو عاجبك ، كمان بالدُغري العديل وريني ردك، وكل شيء قسمة ونصيب))0
    لم يكد بركات أبو البنات يفرغ من هذا الحديث ، حتى كان الطيب ود الحسن قد أثقله ذلك ، وملأ صدره واستفزه0
    فخاطبه قائلا :
    ـ(( يا راجل !!، بطل الجعجعة ، وسيبنا من المسخرة، والعنطزة، والكلام الفارغ ده ، وشوف ليك شغيلة تشغلها ،غير حكاية العرس الهاوسنا بيهو ده 0الزمن ده مو زمن رهان أو نخاسة، وأرضك العاجباك دي، ذاتها أرض سباخ ومطاقة، ومرمّدة بالبودا , وبكره ساعة الجدْ، بيجوك أصحابها، ويتقسموها الورثة، وتصبح إيدك فاضية 0وزي ما قالوا في المثل : ((الدين النصيحة))، دحن يا راجل، أخير لك تعيش مستور، وما في داعي للبلبلة))0
    كمن يئس، وقد أغضبه ذلك الرد ، صاح بركات أبو البنات يستهزئ به قائلا :
    ـ((يا راجل، بنيتك المثل بيضة الديك دى ،أنت مالك عامل ليها قومة و قعدة ،أنت فاكرها مريم العذراء ، أم بلقيس ملكة سبأ 0والله إمكن يا جماعة فاكرها كمان ملكة جمال بريطانيا 0دي عليّ الحرام تقعد تتماطل كده , بكره تبور وقطارها يفوت ويعدي ، وتصبح عزباء 0وزي ما قالوا في المثل:
    ((خير البر عاجله)) ، وكمان السترة واجبة ، دحن يا راجل , أخير لك ترضى , ولا تضيع عليها الفرصة))0
    يا ضيفي العزيز, رغم أنّ الطيب ود الحسن، كان اسما على مسمى, حيث اشتهر بين أهل القرية، بدماثة الخلق , وطيب المعشر، وحُسن السيرة والسريرة 0إلا أنّ الإنسان, كماء النهر، تارة يصفو مزاجه ، وأخرى يتعكر 0 ويومها وعلى غير العادة , خرج الطيب ود الحسن عن طوره ، و لبس جلد النمر ، وفلتت أعصابه ، وركبه الشر0 لقد خُيّل إليه من شدّة الغضب ،أن ينهض قائما ليمسك بتلابيب بركات أبو البنات، ويخنقه حتى يخرج الزّبد من أطراف فمه ويكتم أنفاسه0
    سرعان ما نهض واقفا وهو ينتفض ، كان جسده المتوتر يرتجف ، ويداه ترتعشان من شدة الغضب0 وفورا لوح بإصبع السبابة في وجه بركات أبو البنات مهددا ومتوعدا0
    وقائلا :
    ـ(( يا راجل !!، أخير لك تحفظ مقامك !!، وتثوب من عوازب أحلامك ، وإلا قسما بالله سوف تندم طول زمانك!!)) 0
    حينئذ يا ضيفي ، سرعان ما تدخل بينهما الأجاويد ،هدؤوا من ثورتهما 0 ولم تمض سوى لحظات على تلك الهوشة والهرجلة ، حتى عاد بينهما الصفاء والوئام ، وانقشعت سحابة الصيف0 ورجع الطيب ود الحسن بعد تلك الدوشة ، والزيطة ، والزمبريطة، إلى سابق جلسته نادما 0 تارة كان يتوب ويستغفر، وأخرى يلعن إبليس الذي أغواه حتى بلغ به الغضب ما بلغ 0 أمّا بركات أبو البنات، في الحقيقة لم يكن في غرار نفسه يأبه لكلام أحد من الناس ، فلا التهديد ، ولا الوعيد ، ولا حتى تلك المساعي الحميدة التي بذلها القوم لرأب ذلك الصدع ، كل ذلك لم يكن كفيلا بإطفاء نيران تلك الرغبة المتأججة داخل أحشاء صدره 0ففي ظنه لا شيء مطلقا يثني عزيمته من المضي قدما في تحقيقها مهما كان الثمن0
    سرعان ما انتهز حالة الصمت الذي خيم على وجوه القوم ، وخاطبهم قائلا:
    ـ(( يا جماعة مالكن صامتين كده التقول وقعت عليكم الصاعقة!!؟؟ 0 قولوا حاجة!!؟ أي حاجة!!؟0والله الزمن ده الناس بالحيل اتفلهمت!!، زمان البلد دي كان تلفها من حدها إلى حدها ، ما تلقى ليك فيها امرأة عزبة ،أو فتاة مي معرسة، كان البنت من يوم ما لحقت، وثمارها أينعت ، كثروا خطابها وعلى طول زُوجت )) 0
    وكمن عثر على ضالته المنشودة ، وهو يصيح في سره صيحة أرخميدس المشهورة ، قائلا لنفسه :
    ((لقد و جدتها !! ، وجدتها!! ، وجدتها!! ))0
    فجأة ، يهب واقفا ، وهو يكاد يطير من الفرح 0 يقفز في الهواء إلي أعلى ، ثم يهبط ضاربا رجله اليمنى بالأرض ، حتى يتطاير الغبار، ويحدث حوله فرقعة وجلبة 0 ثُمّ يلوح في الهواء بسوط العنج ، قائلا في تحد وزهو وعُنْجُهِية :
    ـ(( ابشروا بالخير!! ، ابشروا بالخير!!، ابشروا بالخير!!، يا ناس الحلة كلكم , السنة دي علي الطلاق بالثلاثة ، يا ما تشوفوني معرس بنت أجعص راجل في البلد دا ، عرسا ألف ليلة وليلة, دلاليكه يدقن, وحسانه يرقصن, وزغاريده أيوووي..أيووو..وووي .. يولولن, وأنا في وسط الدائرة ، فارس حوبة يصول ويجول، بالعرض و الطول , ابشروا بالخير!!، ابشروا بالخير!!,ابشروا بالخير!!، يا ناس الحلة كُلكم))0
    ●●●●●●●●●
    يا ضيفي العزيز، آخرون، أبان موسم النقاهة، قد اكتفوا بختان أنجالهم 0فهاهو الياس ود الخضر, بعد أن عكف حولا كاملا يعتني بتسمين عجله الدعول، ويمدّه بالبرسيم ، وسيقان القصب، وأطيب أنواع العلف0 سارع واشترى من زرائب البهائم المنتشرة بالغيط ، خروفين سمينين, ثم سافر إلى أسواق البندر، وجهز ما جهز من لوازم الفرح , من العطور والروائح , وسائر صنوف الطعام , وأعدّ العُدّة لمأدبة ضخمة 0 يأتيك عند غروب الشمس قادما من أقصى أطراف القرية يسعى , ما إن ينته به الطواف عند عُقر داركم , يتنحنح , ويصفق , ثم ينادي بأعلى صوته قائلا :
    ـ(( السلام عليكم يا أهل البيت ، السلام عليكم يا ناس الدار، جاآآآكم الضيف))0
    وحينما لا يجد من يرد عليه التحية ، أو يسمع نداء صوته , حينئذ يطرق على باب الحوش بعصا السلم ( كووو00، كووو00، كووووكو ) ثلاث طرقات متتاليات 0 ما إن يبلغ ضوضاء الطرق مسامعك , وتسرع مقبلا صوب باب الدار، أو تهرول حافيا ، قائلا للطارق دون أن تراه:
    ـ(( يا مرحبا بالضيف ـ حبابك عشرة ـ تفضل ))0 عندئذ يبدأ في الحال، يسرد عليك حكايته قائلا :
    ـ(( والله يا ولدي، من زمن بعيد بالحيل, وليداتي ديل ـ التيمان حسن وحسين ـ كنت ناوي أطهرن، وأفرح بيهم فرحا يعم البلد من حدها إلى حدها ، من بيوت أولاد ود خير، حتى عرب الحفير ــ ناس بخيت ود كرفين ــ أها كلما أنوي نية خالصة ، واحدة من اثنين تحصل و تفركش علينا الحكاية ، يا مات زول في البلد وتكاثرت المناحات, والدنيا كلها صبحت حزن وحداد، يا مسْرتنا بطلت ، والعيشة علينا انمحقت ، وهكذا ، ظللنا على هذا الحال والمنوال ، لامن الوليدات كبروا، وقرب يفوت فيهم الفوات 0 لكن السنة دي ، يا فتاح يا عليم !!، يا رزاق يا كريم !!، خلاص انفرجت علينا ، من باب واسع بالحيل ، والحمد لله صرنا مريشين ، وزي ما قلت لك الوليدات خلاص ، نويت أطهرن ، دحن بُكْرة لازم تجيء تحْضرُن, و بالمرة تفطر وتتغدى, وإن ربنا هوّن تتعشى معانا ، ترى كل شيء جاهز و منتهي 0وأنا من دريبي ده ، ماشي أكلم طهار القرية ،عمك محمد ود دفع الله ، عشان يجيء يطهرن في الصباح الباكر، قبل أن يشتدّ الحر)) 0
    هكذا يا ضيفي،لا يكاد هذا الرجل يبرحك بخطوات، وشبح خياله ذاك ما زال يقف ماثلا أمام ناظريك، و صدى ذبذبة دعوته الكريمة تلك، ما يبرح يطن ويرن كالجرس عالقا بطبلة أذنيك 0حتى يقتفي أثره في الحال أولاد العجمي ود كرار، يأتونك قادمين من جهة عرب الخور السيال ،لاهثين من طول المشوار، وكثرة التجوال ، بعد أن طافوا القرية مهرولين من بيت إلى بيت ومن دار إلى دار0 حينئذ بكل إلحاح وإصرار، يعلنون لك أنّ والدهم يدعوك ومن معك لتشريف دارهم في مناسبة أخرى ، تضاهي تلك المناسبة في كرمها ، وسخائها وأريحيتها 0 وربما تخرج عن دارك هنيهة، لتقضي حاجة من حوائجك ، ما إن تَعُد إليها ، تجد الفال قد تحكر في قلب الدار ، وهو ينتظرك قائلا :
    ـ (( إن ّ الباقر ود حاج الطاهر, قد أتاك النعـل حذو النعـل , ليعلمك بخبر عقد قران ابنه البكر الأستاذ تاج السر،على كوثر بنت إسماعيل ود المصباح ، وقد ألح عليك في وصيته ، و كرّج القول مرارا و تكرارا ،لابدّ أن تأتي غدا إلى دارهم ، عقب صلاة المغرب ، لحضور مراسم العقد)) 0
    وهكذا يا ضيفي ، طيلة هذا الموسم بالذات ,لا تكاد تمضي اللحظة تلو اللحظة، حتى يأتيك بين الفينة والأخرى , الرسل تلو الرسل ، حاملين لك الفأل والبشرى ، وفي كل حين ولحظة ، يزداد عدد المراسيل ، وينتشر فيض هذه الدعوات المتكررة ، وربما تبلغ في اليوم الواحد دعوات عدة ، تعج بها كافة أرجاء القرية 0فتحطم جدارا لصمت الذي خيّم عليها منذ أمد طال ، وتعلن انبثاق مشاعر الفرح في رحاب الكل،رجالا، وأطفالا، ونساء، وتغدو بيوت القرية، تفور بالنشاط والحركة كخلية النحل0 حينها تغدق الساحات بالكرم والسخاء، والترحاب والضياء، وتعبق سماء القرية، بأريج الفرح، والخُمْرة، والدلكـة، وبالعديل والزّين 0وتصدح الحناجر بالغناء ، وأهازيج الفرح والمرح، وتهلل النساء بالزغاريد الضحوكة المبتهجة0 وما عليك إلا أن تغادر دارك في حالة من الطوارئ، ولن تعود إليها إلا بعد أن يكون الليل قد أضناه طول السهر0
    وهكذا، كقافلة راحلة، تتوالى كرنفالات البهجة والأفراح، وليالي السمر والملاح، تجوب بأرجاء القرية شرقا وغربا، شمالا وجنوبا،لا يستقر بها مقام, ولا تحل بدار إلا ريثما ترتحل لأخرى ،لتعُمّ كل أحياء القرية، ولابد أن تغدق الكل تشريفا ومجاملة0
    ● موسم الخريف:
    قليلا قليلا أيّّها الضيف، تدور عجلة الزمان تلك دورتها، تمضي بنا رُحل الحياة ضاربة في خضم تيه لا يُرى 0كسراب يذوب ويضمحل، ينقشع ضباب تلك اللحظات ، ترتحل عن سماء القرية سحب تلك الدعوات المتكررة، لا يبقى منها سوى ما لا نملك حق إعلان موعده 0تهدأُ سماء القرية ، تغدو صافية زرقاء0
    بغتة تتقلب الأجواء ، تكفهر السماء، تمسى قبة متسخة، داكنة اللون 0 يخيل للرائي أنّ حدودها قد تقلصت على جنبات القرية 0حينئذ على حين غرة ، بين تارة وأخرى , يسطع البرق العبادي فجأة من جهة السافل , يتلألأُ على كبد الغيوم ، وجنبات السماء ، بضوئه الليزرى الباهر0 تتعالى أصوات القوم والبهائم , تنشط الحركة , يكثر الهرج والمرج , يهرع كل امرئ صاعدا فوق ظهر داره 0حيث يتم تثبيت السباليق ، أوصبابات الماء بالحجارة لكيلا تقتلعها الرياح الهوجاء ، تنظف رؤوس المنازل ، من الحجارة ، والبراطيش ، والحصى0توارى ظهورها بالتراب ,أو الجير الخشن، فالموقف, ينذر بأنّ مطرا غزيرا لا محالة هاطل 0 ينشط تيار الهواء المشبع بالرذاذ والرطوبة، تبدأ قطرات الماء الغليظة تتساقط ، ترتطم بعنف فوق جسد الأرض اليابسة ، في إيقاع ، كأنّه وقع حوافر خيول جامحة ، سرعان ما تبتل الأرض ، يثور الغبار، تختلط قطرات الماء بذرات بالتربة ، تفوح رائحة الدعاش0
    عندئذ ، من جهة دار الحبوبة العجوز زهراء بت بلال , تنطلق همهمة صوت مبحوح كأنّه عويل نساء البكاء 0يا ضيفي,هذه المرأة الكبيرة السن, بقيت مثل جذع شجرة معمرة ، ضاربة جذورها في باطن الأرض , ولكن مع مرور الأيام ، وحكم الزمن، وتكالب الإحن, عطبت ثمارها، وتساقطت أوراقها ، وجف عودها , و بقيت وحيدة بلا أهل 0حيث أثرت أن تعيش في حضن دارها الخربة ، على أن تكون عالة على أحد 0أمّا أهل القرية، رجالا، وأطفالا، ونساء ، يحسنون إليها بالماء والغذاء والكساء ، وحينما تلهيهم مشاغل الحياة عنها ، تستغيث بأعلى صوتها, فيهرعون إليها بما تحتاجه 0عندما تختلط الأحداث أو الأنساب والأصول ، وتتشابك الجذور، يستغيثون بذاكرتها القوية التي لم ينل الدهر منها شيئا0
    في استغاثة تسمع نداء صوتها المبحوح يتردد صداه قائلة :
    ـ((عوووك، يا ناس الحلة الحقوني !!،المطرة جاااات ، بيتي سجمان و رمدان ، لا مزبل ولا فيه سباليق! يا ناس أنجدوني!! ، بيتي صَبّ وخلاص أنا غرقت، وا مُصٍيبتي!!، وا سوادي!!، ووا رمادي!! ))0
    فورا يهرع جماعة صوب دارها الخربة، يصلحون سبلوقة الماء ، يثبتونها بإحكام على الجدار،أو يربطون عليها حجرا من الأحجار، ينظفون رأس البيت ، يوارون ظهره بالجير والتراب0 وفرق أخرى من ذوي المروءة والشباب ، تجند نفسها لكل أمر طارئ ، حيث يخرجون لتفقد أحوال غيرهم من الأرامل واليتامى ، يعاونونهم على شق مصارف الماء بين الحيشان، والأزقة الضيقة0
    رويد رويدا ، هنالك في أعالي الفضاء ، بين الأرض ، والسماء ، تتجلى نبوءة المطر، يشتدّ وميض البروق, تتوهج السماء ، تضيء بنورها الأرض ، تدوي طبول الرعد، تفرقع الصواعق ، تكركع السحب 0 تتشقق جدران البيوت ، ترتج عروشها، تتزلزل أقدام الأرض 0 تختلط مشاعر الترقب والبهجة, بحابل الخوف ، ونابل الرهبة0 ينكسر حاجز الصمت حين تنطلق أفواه القوم مرددة في فرح ونشوة:
    ـ(( كيل يا مكائيل بالربع الكبير خلي الوادي يسيل)) 0
    ـ(( كيل يا مكائيل بالربع الكبير خلي الوادي يسيل)) 000
    في الحال، وكدعاء مستجاب ليس بينه و بين الله حجاب ، تنسكب شلالات الماء منسابة من أعالي بحيرات السماء ، تتراكم الغيوم كالقطن المنفوش، تدر ضروع السحب، ينزل الغيث مدرارا0 تمتلئ الحفائر, تتكون البرك, تسيل السيول لتملأ بطون الأودية المنحدرة بأطراف القرية، ويطفح الخور الكبير، ويفيض نهر النيل0
    تارة أخرى يا ضيفي، عند هطول تلك الأمطار الغزيرة في وضح النهار، يختبئ قرص الشمس، خلف ركام السحاب، يتواري خجلا عن الأنظار0 وحينما يخف إيقاع المطر المنهمر، يبدأ الرذاذ ينزل قطرة تتبعها قطرة، يزول الخطر0 تتلوّن جدران السماء بألوان قوس قزح ، و يفقع قرص الشمس، و يسطع ضاحكا النهار 0 حينئذ، يتسلل الأطفال خلسة، يخوضون في الوحل والبرك ، وتارة، يرقصون تحت إيقاع قطرات المطر المنهمر، مرددين في فرح ومرح، أغانيهم البريئة :
    ـ(( يامطيرة صبي لينا في عـينينا))0
    ـ((يا مطيرة صبي لينا في عينينا))0
    يا ضيفي، في أحيان كثيرة قبل هطول تلك الأمطار الغزيرة، تثور الرياح المثيرة للأتربة من جهة صحراء الشمال , تهب كريح صرصر عاتية، تجيء داكنة سوداء ، تارة تكون مّصفرّة اللون أو مّحمرّة 0رويدا رويدا ، تتصاعد أجنحة الغبار إلى عنان السماء , تجيء كخليط كنداكة هائل يمتد بين أقطار الأرض ، والسماء ، يثور، ويفور، ويتمازج ، وتارة أخرى يتلوى كأنّه المارد0
    حينئذ يخيل للرائي إنّ تلك الرياح العاتية وهي في مسار قدومها صوب بيوت لقرية, سوف تقتلع الأرض من جذورها, و تحيل الرواكيب، وبيوت الجالوص المتآكلة، وكل ما في الحياة, إلى حطام, وأطلال خراب، مثلما أهلكت من قبل قوم عاد0 حينها من هول تلك الرؤى الغامضة ،ينهض الأمل في أفئدة أهل القرية, ترفع الأكف صوب السماء ، تبتهل إلى الله , متمنية من المولى عزّ وجل ، ثمّ بركة عباده الصالحين ، أن يفرق شمل تلك الرياح الهوجاء , يأتي بها بردا وسلاما0 ومن الناس من يقو الأيمان في قلبه , فيقرأ القرآن , يتحصن بآياته, منهم من يلجأ إلى الصلاة ، تنطلق عقيرته تجأر بالدعاء قائلة:
    ـ((اللهمّ إنا نسألك خير هذه الرياح، و خير ما أرسلت له ، ونعوذ بك من شرها، وشر ما أرسلت له))0
    بغتة تزول تلك الغُمّة, تنجلي الظلمة, يتشتت شمل تلك الرياح العاتية , تأتي خفيفة( سواحية) ،أو يسفر ذاك المخاض عن شعفوفة قوية، وهطول الأمطار وتدفقها بغزارة شديدة , معلنة بدء فصل الخريف , وارتواء ذرات التربة0
    سرعان ما تدب الحياة في جسد تلك الأرض الميتة 0 فينبت الحب , وتكتسي بالعشب الأخضر, وأزهار الخريف 0عندئذ تشهد طلائع تلك الأيام، ارتحال الأعراب الرحل ببهائمهم من ضفاف النهر، إلى أعماق الخلاء البعيد، في رحلة الخريف 0
    حينئذ يا ضيفي، تسقط أوراق أشجار الحراز,معلنة الحداد طيلة موسم الخريف مخاصمة المطر، يفيض نهر النيل ، يطفح فوق الضفتين ، تورق أشجار الأودية كالطنضب، واللعوت والسيال، ترك فوق هاماتها الذنانين، و القماري، و الفراشات الملونة 0 تفرهد أشجار الغابة، تمتلئ بالثمار، تتدلى أغصانها بأعشاش الزرازير، وطيور أم دلدلو 0تكتسي الأرض بالعشب الأخضر، تزحف في مناكبها الديدان , أسراب الجراد ، والحشرات , وقطارات الُسُرف( الصُرف)، تزدهر الحياة الفطرية 0
    يومئذ، تعود من أقصى بقاع الأرض, أسراب الطيور المهاجرة, كالحبارى، السِمبر، الرّهو , أم رخم الله, وصقور الجوّ, تحلق في سماء القرية, تصفق ، وترفرف بجناحيها حرة طلقة، من بعد غياب طال0
    ● موسم المعاناة :
    يا ضيفي ، حينما تمضى قوافل تلك الأيام الزاهرة ، تتبدل معالم الفصول ، يولى موسم الخريف , تبدأ أغصان أشجار الحراز في الاخضرار ، تكتسي بالأوراق ، تمتلئ بالثمار( الخُريم)، معلنة للملأ انتهاء فتر الحزن والحداد 0تختفي من فوق هامات الشجر،الفراشات الملونة, وذنانين (الجمال)، و(الغنم) ، و(البقر) 0 يجف العشب , تجدب الأرض , ينحسر ماء النهر بين الضفتين، ينطلق الإعصار بغتة آناء النهار دون سابق وعد أو إنذار، من فوق تلك التلال المحيطة بالقرية والسهول ، أو تلك الأرض الزراعية البور، ثّم يغشى منازل القرية و يثير فيها سحابة من الغبار,أو يمر بالحقول يراقص الأشجار، ويعصف بالثمار، ويتجه الأعراب ببهائمهم صوب النهر، وتشدّ الطيور وعصافير الخريف رحالها إلى عالم مجهول0 حينئذ يا ضيفي , تتلاشى الضوضاء ، يخيم شبح السكون على كافة أرجاء القرية, تبدأ مسيرة الحياة تدب في إيقاعها الروتيني الرتيب , يزول عنها ذلك الوهج وينطفئ البريق , تتقلص تلك الحياة الرحبة، تتحور كالشرنقة، ثم تدخل في طور الكمون والسكون ، أو فترة البيات الشّتوي0 يذهب زبد تلك الأيام جفاء , تمكث المعاناة على سطح الأرض 0 حينئذ يا ضيفي، يشرق وهج الشمس في كل العقول , وتومض الرؤى ساطعة فوق أفق الحقيقة0
    فهاهو موسم الزراعة والعناء ، قد أطلّ من جديد ، بكل ما يحمل لمعشر هؤلاء المزارعين الكادحين , من كد ، وجهد ، وحلم ، وصبر ، ومثابرة ، ومعاناة ، ومرابطة 0هاهم الآن، يستقبلونه وقد أصبحت الجيوب خاوية على عروشها ،أمّا القطاطى والخنادق ، وتلك الدور التي كانت في موسم الحصاد مليئة بالمحاصيل ، فقد نضب معينها و جف ، وعند مداخل أبوابها تدلت خيوط العنكبوت 0
    حينئذ يا ضيفي، في هدأ الليل, وفلق الصباح, و وهج النهار, إيذانا ببدء موسم الزراعة من جديد , تلتقط أذناك أصوت طقطقة المكنات وهي تسوق الماء من النهر إلى الأرض الزراعية العطشى 0 تارة تسمع نواح الثيران الجر ارق، وهي تغرس محاريثها في أحشاء أرض الجروف الخصبة 0أخرى يصم أذنيك أزيز التراكتورات ، وهي تقطع، وتـقـلب، وتارة تقصب الأرض الطينية البور، قبيل بدء زراعتها 0أمّا الكادحون من عامة الناس، وقـد شحّ الكاش، وعمهم طوفان الهم والإفلاس ، فقد باتوا يتحدثون في سخط ، وقد هالهم ما هالهم ، تبدل إيقاع الحياة واضمحلالها0
    فأصحاب التراكتورات، هاهم عند بدء موسم الزراعة ، يفاجئون معشر المزارعين، بزيادة أجرة حرث الفدان الواحد إلى الضعف، بدعوى شح المواد البترولية, وأنّهم صاروا يشترونها من السوق الأسود0 أمّا مُلاك الأرض الزراعيةـ أصحاب الطلمبات والمشاريع ـ فقد قرروا أيضا زياد حصتهم فيما ينتج من محصول ، وذلك بمقاسمة المزارعين المستضعفين بالنصف النظيف , بدلا عن الثلث مقابل الماء , والسدس مقابل أجرة الأرض 0
    هكذا يا ضيفي عند بدء موسم الزراعة والعناء , تبدأ المجابهة, يبلغ موسم المعاناة ذروته0 يشتدّ حمى الصراع ، يغلي كأنّه المرجل 0 سرعان ما تضيق ساحته، ليخنق كل رغبة, وّكل إرادة, ويطفو فوقها كأنّه السيل الجارف0
    في جوف هذه المعمعة، تتراءى لك وجوه القوم كالأشباح, شاحبة ،متهالكة, مثخنة بجراح العوز، والفقر والفاقة, مرهقة بالآمال، والأحلام المعلقة 0حينئذ تسقط الأقنعة, ويكثر الضحايا في ساحة المجابهة0
    هاهم جهابذة القوم وصناديده ، ساعة المنازلة، يتأوهون كالجرحى تحت ظل شجرة المقيل الظليلة(سدرة ضوّه) التي تتوسط أرجاء الغيط كأنّها الدوحة العظيمة0
    وهاهو إلياس ود الخضر، ألا تتذكره يا ضيفى !!؟؟، لقد دعاك في موسم النقاهة، لحضور ختان ابنيه التوأمين، وفرح بهما أشدّ الفرح واحتفل0 هاهو ذا عند بدء موسم المعاناة , قد داهمه الفلس, فجلس ساعة القيلولة يبوح بأسراره لرواد تلك الشجرة ، عسى ولعّل ، يفرجون عليه كُربة من كُربه0
    قائلا :
    ــ(( و الله يا جماعة الخير,السنة دى أموري جايطة، وملكلكة بالحيل ,أهو الموسم بدأ , والأرض راقدة بور لسع ما حرثتها , وحتى التواريب، برضو ما شتتها , وآه ثم آه زاد الطين بلّة , ضُراعي اليمين ، ولدي الكبير، الله يطراه بالخير, عارفني صرمان وبلحيل محمول , لكنه طار، ركب رأسه وطفش , يا ناس خلاني مشلول , راح للبندر وغطس , ولسع ما رسل لينا شيء , وبالمرة قطع الخبر, وزي ما قالوا في المثل :
    ((قلبي على جناي و قلب جناي من حجر ))0
    أيها الضيف ـ في صدفة غريبة، متزامنة مع هذه اللحظة التاريخية العجيبة ، هاهو ذا بركات أبو البنات، في ذات اللحظة , قد جاء كالعادة ساعة القيلولة، قادما من جهة حقله، إلى هذه الشجرة الضخمة , هل تتذكر يا ضيفي , كيف أنّه في موسم النقاهة, قد ملأ مجالس القرية، ضجة ،و تحريما ، و طلاقا , من أنّه حقا قد اعتزم الزواج مثنى فوق امرأته المنحوسة ست النساء ؟؟0هاهو ذا ما إن يراك جالسا مع هؤلاء القوم حتى يتذكر حديثه معك 0ومن تلقاء نفسه يبدأ في الحال يروي لك حكايته في موسم المعاناة , وذلك بعد أن خسر التحدي , وتجرع كأس الهزيمة حتى الثمالة0 لقد حاصرته زوجته ست النساء بطهارة بنتيها الصغريين , و بما عليها من ثلاث ليال نذرا لشياطين الطُمْبرة (الزأر) 0عند بدء موسم الزراعة أطلّ عليه شبح العدم بألف وجه من كل جانب , وكمن يقف عاريا أمام مرآة نفسه كما ولدته أمه, يسارع مصرحا لك بالحقيقة , ويبوح بالسر 0كما يقولون في المثل : (( سمح الكلام من خشم سيدو)) 0هاهو ذا في موسم المعاناة يروي لك حكايته قائلا :
    ـ ((يا ولدي, زمان قالوا في المثل :
    ((التسويهو بـ أيدك يغلب أجا ويدك))0
    أنا عليّ الحرام ، مرتي أم صايب جماعة المصائب , ما إن سمعت بالقصة فتحت ليا مليون بلوى ، و فركشت عليّ الحكاية, و شمتت بيه أعدائي 0يعلم الله , أنا الآن في ورطـة , وزي ما قالوا في المثل : ((الجمل كان جاع بيقبل على حويته)) 0
    أنا الآن رهنت نصف أرضي , وحتى حماري الكان ليه شنّة ورنّة , وكان لمن يصيح هانق ، هانق، هاآآآآنق ، يخلي حمير البلد دى كلها تقيف صانة , قسما بالله , ضربتني فلسة و في سوق أم درمان بعته))0
    هكذا يا ضيفي, يبدأ موسم الزراعة والعناء , ويلعق الفقر كل الجيوب , وتبدأ المعاول تحفر الأرض , وتهزها هزا ، وتارة أخرى تمجها مجا , وتغور في أعماق أعماقها , لتقتلع الحلم والأمل المنتظر 0وحينما يبلغ الإرهاق جدران الجسد , وتنعم الأرض بالعطاء , ويبدأ موسم الحصاد والخير والنعم , وتمتلئ الدور بالمحاصيل, فول وقمح وذرة 0أمّا الخنادق والقطا طي فتمتلئ بالبطاطس والبصل 0حينئذ يفقس الأمل، ليملأ الجيوب بالمال , وتنعم الأجساد بعد العناء،بالراحة والهناء ،وتدور عجلة الحياة ليطل موسم النقاهة من جـديد0
    عثمان عوض الكريم

    (عدل بواسطة عثمان عوض الكريم on 02-16-2006, 06:31 AM)

                  

02-16-2006, 11:01 PM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مواسم النجم الساطع (Re: عثمان عوض الكريم)


    موسم الحصاد:
    0
    0
    0
    0
    0
    0
    0

    0000

    عند الصباح ، آناء النهار، في حركة دائبة لا تهدأ,عبر أشجار الغابة الكثّة, والدروب الوعرة،المرسومة على جسد الأرض ، كخطوط خرائط الجغرافية المتعرجة ، ترى الناس والدواب، يسعون كأسراب النّمل بين الغيط ومنازل القرية ، محملين بشتى أنواع المحاصيل، فول، قمح، بصل، بطاطس، وذرة 0ياضيفي ،هذا أوان الحصاد، يسعى المرء فيه بكامل جهده، ويستنفر سواعد جميع أفراد أسرته، لجمع المحصول وتخزينه، ثم تسويقه عندما يحين وقت الحاجة
                  

02-18-2006, 08:34 AM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مواسم النجم الساطع (Re: عثمان عوض الكريم)

    قال :
    ـ((يا راجل ـ بكل بساطة ـ الحكاية وما فيها ـ أنا أعقد عليها بكتاب الله وسنة رسوله، وأنت كمان، نعقد ليك على أحسن واحده من مراحي ده ، ـ يقصد بناته ـ وكان الشرط ده مو عاجبك ، أنا عليّ الحرام ، قدام الرجال ديل ، البملوا العين ، مستعد أسجل ليك عشرة أفدنة ، أرض قرير حُرّة مش مطاقة ، وأنت بعينيك ديل شفت حدودها، قايمة من قيف النهر، وممتدة محازية لساقية ود الفحل ، وسادرة إلى أن تنتهي عند الجدول الضكرـ جدول الخواجه كركورـ ، بس أنت كيف ترضى وتقول لينا خير!!؟؟ 0 ولو كلامي ده مو عاجبك ، كمان بالدُغري العديل وريني ردك، وكل شيء قسمة ونصيب))0
                  

02-19-2006, 09:38 AM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مواسم النجم الساطع (Re: عثمان عوض الكريم)

    كمن يئس، وقد أغضبه ذلك الرد ، صاح بركات أبو البنات يستهزئ به قائلا :
    ـ((يا راجل، بنيتك المثل بيضة الديك دى ،أنت مالك عامل ليها قومة و قعدة ،أنت فاكرها مريم العذراء ، أم بلقيس ملكة سبأ 0والله إمكن يا جماعة فاكرها كمان ملكة جمال بريطانيا 0دي عليّ الحرام تقعد تتماطل كده , بكره تبور وقطارها يفوت ويعدي ، وتصبح عزباء 0وزي ما قالوا في المثل:
    ((خير البر عاجله)) ، وكمان السترة واجبة ، دحن يا راجل , أخير لك ترضى , ولا تضيع عليها الفرصة))0
                  

02-20-2006, 02:19 PM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مواسم النجم الساطع (Re: عثمان عوض الكريم)

    في استغاثة تسمع نداء صوتها المبحوح يتردد صداه قائلة :
    ـ((عوووك، يا ناس الحلة الحقوني !!،المطرة جاااات ، بيتي سجمان و رمدان ، لا مزبل ولا فيه سباليق! يا ناس أنجدوني!! ، بيتي صَبّ وخلاص أنا غرقت، وا مُصٍيبتي!!، وا سوادي!!، ووا رمادي!! ))0
                  

02-25-2006, 01:54 PM

عثمان عوض الكريم

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 78

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مواسم النجم الساطع (Re: عثمان عوض الكريم)

    بادره قائلا :
    ـ(( يا راجل ـ أها ـ قلت شنو!!؟؟ ـ كلامي ده ما فاآآآت أضانك!! ـ يعني معقول تكون ما سمعتو !؟؟))0
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de