مقام أحمد صلى الله عليه وسلم

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 04:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2006, 03:11 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقام أحمد صلى الله عليه وسلم

    عبد الوافي مدفون ـ المغرب

    شهد العالم الإسلامي ملمة لم يسبق له أن عرفها من قبل، فتداعا لها المسلمون بالسهر والحمى مصداقا لقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: «مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى عليه سائر الجسد بالسهر والحمى»، وهي المساس بشخص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه بعض الكلمات لمنتصري حرية التعبير من الغرب وكذا من ذهب مذهبهم من بني جلدتنا، عن حقيقة شخص الرسول الكريم المفارق لحدود عالم الشهادة المرتبط بعالم الأمر العلوي.

    1- مقام أحمد في تنزيل القرآن:
    قد تنزل القرآن دفعة واحدة علي الذات النبوية ولكن ليس علي مستوي مقامها البشري (محمد) ولكن مقامها الروحي الحامل لخصائص وقوة وسلطان الاسم (أحمد): (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) – (الصف/6) .
    وهنالك فرق بين الخصائص الروحية للاسم (المحمول) كاسم أحمد والمسيح واسم العلم الحامل كمحمد و عيسي، فالاسم المحمول تكمن فيه قوة الروح المتعالية كإحياء الموتي للسيد المسيح في حين أن الاسم الحامل عيسي لا يتجاوز في فعله القدرات البشرية، وكذلك الفرق بين قوة اسم أحمد الروحي المتعالي والاسم البشري الحامل العادي (محمد).
    فبقوة الاسم المحمول اصطفى الله أحمدا بالولاية الكونية علي السبع سموات والسبع أرضين : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) – (الطلاق/12) و لهذا قال الله: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ(85)إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ(86)وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ(87)لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ(8وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ(89) ) – (الحجر)، وجعله في مقامه الروحي ذاك أكبر من أن ينظر إلي متاع الدنيا.
    فالسبع المثاني حسب حاج حمد هي السبع سموات والسبع أرضين (الولاية الكونية) والقرآن الكريم هو المعادل بالوحي لهذا الوجود الكوني وحركته ويأتي القرآن العظيم عطوفا عليها، أي ثنائية الكون والقرآن.
    وبموجب هذه الولاية الكونية جعل النصر، لا في الدنيا ولكن حتى في الآخرة لأحمد كشاهد علي البشرية جمعاء: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ(15)وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ(16)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(17) ) – (الحج) .
    والمصدر في الشهادة علي الناس: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ )(البقرة/143).
    قد تنزل القرآن كله في ليلة القدر من شهر رمضان في غار حراء بعد أن قضى الرسول خمسة عشر عاما يتعبد ربه وينتظر تلك الليلة: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْم َلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5) ) – (القدر) ومد الله قوة تلك الليلة في الزمان لألف شهر رمضاني يتبع ذلك الشهر أي ألف عام قمري.
    في تلك الليلة نزل القرآن دفعة واحدة علي ذات الرسول ليقرأه من بعد، من ذات قلبه، على الناس وعلى مكث ثم يتولى الله جمعه: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16)إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ(17)فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(1ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(19) ) – (القيامة)
    وبحكم درجة أحمد من عالم الأمر الإلهي الروحي المتعالي جعلت نصرته في الدنيا علي يد الملائكة والقوى الغيبية من عالم الأمر غير المرئي للناس بحواسهم الجسدية: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) – (التوبة/40).
    ومن ذلك إنزال الملائكة المردفين في بدر: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(123)إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ(124)بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ(125)وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ(127)لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ(12 ) – (آل عمران).
    ولا يشهد أحمد على الناس فقط وإنما علي الأنبياء أنفسهم رجوعا إلى خاتميته: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ(81)فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(82)أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ(85) ) – (آل عمران) .
    فأحمد من عالم الأمر، وكذلك الملائكة، وكذلك الروح القدس جبريل، وكذلك القرآن، وكذلك البيت الحرام، وكذلك الإسلام: (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ(92)وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93) ) – (النمل).
    وبهذا المقام الروحي تنزل القرآن دفعة واحدة على أحمد في ليلة القدر واحتمل تنزله عليه في حين لا تحتمل الجبال الراسيات ذلك: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) – (الحشر/21) .
    ولهذا يغضب الله غضبا شديدا لكل ما يمس خاتم الرسل والنبيين بسوء حتى في علاقته مع أمهات المؤمنين الطاهرات: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ(3)إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا(5) ) – (التحريم).
    ولا يقبل الله حتى بمناداته من وراء الحجرات: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ(2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(3)إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(4)وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5) ) – (الحجرات) .
    ومن ضمن مقام رقيه الروحي رفع الأميون العرب من مرتبة الإيمان إلي مرتبة الإسلام التي لا تكون لدى من سبقهم من أقوام إلا للأنبياء: (قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14)إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(15)قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(16)يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(1 ) – (الحجرات) .
    ويوضح القرآن العلاقة بين الإسلام ومرتبة الأنبياء: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ) – (المائدة/44) .
    وارتباطا بمرتبة الإسلام أمرهم الله بالخروج للناس حملة لرسالته، فامتطوا الظهور يحملون كلمة الله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ ) – (آل عمران/110) .
    وخص قومه بالمسئولية عن الذكر والشهادة على الناس فيما لم يطلب من الآخرين سوي الإيمان بالله: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(43)وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ(44) )- (الزخرف) .
    فمقام أحمد أعلى درجة ومرتبة من مقام السيد المسيح ومعجزاته وأعلى مرتبة من موسى ومعجزاته، فكل تلك المعجزات حسية مرئية في حين أن معجزة أحمد الكبرى هي تنزله بهذه الخصائص من عالم الأمر إلى عالم المشيئة الإنساني.
    فبحكم قوته في عالم الأمر تنزل القرآن بالإسلام في الأرض الحرام وخرج الأميون العرب لتكوين قاعدة الأمة الوسط وتوجه الخطاب الديني للعالم كله.

    2- محمد والكتاب:
    فعصمة القرآن بنائيته كمواقع النجوم وعصمة محمد كمواقع النجوم أيضاً، فحين قال الله (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (75 الواقعة) ومضى إلى (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (7 ( 77 – 78 الواقعة ) فإنه سحب الدلالة ذاتها على عصمة محمد (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) (1 –4 النجم ) ثم أوضح الله سبحانه التواصل والتفاعل بين الروح القدس جبريل الذي عنده علم الكتاب ومحمد الذي يتلقى القرآن من لدن حكيم عليم (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (1 ( 5 – 18 النجم)
    ليس ثمة رموز أو مبهمات فالعلاقة هنا بين متلقي القرآن من لدن الله سبحانه وهو محمد عليه الصلاة والسلام وبين من عنده علم الكتاب وهو الروح القدس الأمين جبريل عليه السلام قد أحاطت بالكتاب الكوني كله ماعدا ( أمه ) عند الله سبحانه وتعالى. ولتعزيز هذه الإحاطة أشيرَ إلى محمد هنا بالعبودية الخالصة لله ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) وبما يتماثل مع العبودية الخالصة في الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ( 1 الإسراء ) وفي حال هذه العبودية الخالصة لا يشير الله سبحانه للأسماء كقوله تعالى في حال العبد الصالح الذي انتدب لتعليم موسى عليهما السلام (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) ( 65 الكهف ) وكذلك عبداً صالحاً آخر في مجلس نبي الله سليمان والذي أتى بعرش الملكة اليمنية السبئية ماجدة في طرفة عين (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (40 النمل) هذان العبدان الصالحان وغيرهما يندرجان في دائرة العلم ( من ) الكتاب وليس الكتاب كله كما لدى جبريل ومحمد ويندرجان في دائرة عالم الأمر الإلهي المنزه ولهذا فعل ما فعل العبد الصالح في تجاربه الثلاثة مع موسى ثم قال له (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) (82 الكهف )

    3- محمد وقوة الاسم أحمد
    قد بشر السيد المسيح عليه السلام بمحمد مستخدماً خصائص اسمه ( أحمد ) (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ( 6 الصف ) واسم أحمد هو الاسم الحامل لخصائص محمد الكونية المرتبطة بعالم الأمر الإلهي ، تماماً كاسم المسيح في مقابل عيسى، فخصائص المسيح الكونية هي التي تجعله – بإذن الله - يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ومعجزاته الأخرى
    أحمد بما يتجاوز الخصائص الكونية للمسيح وخصائص العباد الآخرين هو المرادف لجبريل في عالم الأمر الإلهي، ومن عالم الأمر الإلهي ذاك نزل محمد نفسه، (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (157 الأعراف) فهنا معية تنزيلين من عالم الأمر الإلهي ( الذي أنزل معه ) وضمن نفس سياق البشارة الإلهية بأحمد لموسى والسبعين نقيباً من بني إسرائيل وبما يماثل بشارة السيد المسيح اللاحقة لتلك البشارة الأولى كما سيأتي لاحقاً.
    لم يحيي أحمد الموتى كما فعل المسيح، ولم يشق له الخندق في واقعة الأحزاب كما شق البحر لموسى، ولم تكن له عصا كعصا موسى يضرب بها الصخر فتنبجس منه اثنتا عشرة عيناً ولم تنزل مائدة من السماء، وقد طالبه قومه بكل ذلك وكان رده بأمر إلهي (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ) ( 93 الإسراء ) .
    ظهر محمد لأمته كبشر رسول دون خوارق معجزات (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً(92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً (94) (90 – 94 الإسراء ) وحين اقتضى الوضع التدخل الإلهي لنصرته في يوم حنين فقد بعث الله سبحانه لمساندته ملائكة تنزلوا من عالم الأمر الإلهي نفسه (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ( 9 – 12 الأنفال ) وهو تنزل غيبي لم يشهده ويراه رؤية العين أحد من البشر، ورآه إبليس (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (48 الأنفال ) .
    كذلك فإن ضرب الملائكة لم يكن ضرباً بشرياً في الرقاب، وإنما فوق الأعناق حيث الدماغ نفسه، وكذلك ليس بقطع الأيدي وإنما ضرب البنان والأطراف من الأصابع لشل حركتها، فأولئك الجنود من عالم الأمر لم يرهم أحد وقد أرسلوا لنصرة محمد (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (26) ( 25 – 26 التوبة ).
    انطلق أحمد لأداء دوره الرسالي بصفته البشرية ( محمد ) وذلك في الأرض الحرام التي ترتبط بدورها بعالم الأمر الإلهي، وهي أعلى مقاماً من الأرض المقدسة، وحاملاً علم الكتاب (القرآن) وداعياً ( للإسلام ) وهذا مجمل ما أتت عليه نهاية سورة النمل (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) ( 91 – 93 النمل).

    4- العلم المحمدي والتوريث:
    مع إحاطة محمد بعلم الكتاب في إطار خصائص ومقومات اسمه الحامل ( أحمد ) ومن بعد تنزيل روحه من عالم الأمر الإلهي إلى الأرض ليحمل الصفة البشرية ( محمد ) فإن دوره البشري الرسالي قد قيد وحصر بوحي ( من ) الكتاب خاص بمحتويات مرحلته التي خبر الله سبحانه تفاصيلها وأبعادها فأبصر كلياتها (وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (31 فاطر ) فعلم الرسالة المحمدية من الكتاب هو علم ( حاضرها) (مصدقاً لما بين يديه ) فمع إحاطة محمد بعلم الكتاب المطلق إلا أنه قد تطابق مع وحي نسبي محدود بمرحلته وبشرية رسالته حتى أنه حين طغى عليه علمه الكتابي المطلق فصدر عنه لإحدى زوجاته بعضاً منه وباحت بما أسر إليها تنزلت آية قاطعة وصارمة حول هذا الحدث (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) ( 3 –5 التحريم )
    لو طرح النبي الخاتم علمه الكتابي لما كنا في حاجة لاجتهاد وتجديد غير أن اقتصار الوحي من الكتاب على حاضر ما بين يديه لم يمنع التواصل ولهذا كفل الله سبحانه التواصل لمن حدد خصائصهم بالورثة التاليين لمحمد والمتتابعين (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ( 32 فاطر).
    فالظالم لنفسه يلج دروب الرهبنة والتقشف، والسابق بالخيرات مقيد في أسبقيته بعالم الأمر الإلهي حيث ( الإذن ) الإلهي وما بينهما مقتصد بين ذاك وهذا. وكلهم جميعاً (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) ( 33 – 35 فاطر )
    هؤلاء حياتهم في الدنيا تتسم بالحزن والنصب واللغوب والعناء فمهمتهم بين البشر صعبة ومعقدة وقل أن يستجاب لهم ثم يعوضون في دار المقام السرمديه بفضل من الله. هؤلاء اصطفاؤهم من الله (الذين اصطفينا من عبادنا) وليس لمتعلقات بذواتهم أو لنسبهم أو لمكانتهم، وهم (ورثة) يستمدون علمهم من الكتاب تبعاً لحاضرهم بين أيديهم ضمن متغيرات الزمان والمكان وتجددهما، فهم ليسوا بأنبياء فقد ختمت النبوة والرسالة. ولا يوحى إليهم من الله ولكن يمنحون من وحي الكتاب في إطار القراءة الأولى الربانية التي اشرنا إليها في سورة العلق آية 1 (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ). فليس هناك نبوة أو رسالة ثانية من بعد خاتم الرسل والنبيين وإنما عبور إلى ما يخصص من الكتاب في كل مرحلة من منطق التوريث.

    باحث في علم الأديان والأنثروبولوجيا الدينية. جامعة الحسن الثاني – بنمسيك
    الدار البيضاء - المغرب


    يمكن مناقشة صاحب المقال نفسه على الرابط أدناه لمن يريد
    http://www.shbabmisr.com/XPage.asp?browser=View&EgyxpID=4502
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de