أخيرا يكتشف العرب (اندلسهم في افريقيا ) وهل(تعمد) المصريون طمس الريادة النوبية ؟؟؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-08-2006, 09:23 PM

mo
<amo
تاريخ التسجيل: 03-11-2002
مجموع المشاركات: 1187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أخيرا يكتشف العرب (اندلسهم في افريقيا ) وهل(تعمد) المصريون طمس الريادة النوبية ؟؟؟؟

    رحالة وكتاب مصريون يستكشفون جنوب الوادي
    السودان.. أندلس العرب في إفريقيا


    هذا البحث الذي يقدمه الروائي العراقي علي بدر بعنوان “اكتشاف السودان” إلى ندوة الخرطوم التي ستعقد الأسبوع المقبل هو جزء من مجموعة أبحاث في الرحلة الجغرافية والحجية والسفارية سوف تقوم “دار السويدي” بنشرها في كتاب خاص يضم أعمال تلك الندوة والمداخلات التي سوف يطرحها المشاركون فيها. ونقتطف فيما يلي بعض ما جاء في ذلك البحث:

    قبل الدخول إلى نصوص اكتشاف السودان، سأبدأ من السؤال الملغز الذي طرحه المؤرخ سترابون مرة على قرائه، وهم جمهور الإغريق في القرن الأول الميلادي، وكان يدرك الغموض والشك اللذين يحيطان بموضوعه دون شك:

    (من يرى اليوم في مخيلته إفريقيا؟)

    شيء بعيد عن المخيلة دون شك، طالما هي أحد من الإشعاعات الساطعة التي تغشى العيون، أو الومضة الملغزة التي ترتسم على أطلال أرض غريبة ورائعة. وبالرغم من أنها نوع من ضياء الملهمات، طوال التاريخ، إلا أنها أيضاً: (إفريقيا)، والتي تعني بين ما تعنيه: القارة السوداء، والمجهول الذي ظل يعذب طائفة كبيرة من الناس





    وإن نحن تحدثنا عن السودان، فهي دون شك الممثل الأول لإفريقيا، ولنا، نحن (العرب) على خلاف مصر والمغرب الكبير، فنحن ننسى إفريقيا مع هذه البلدان ولا نتذكرها إلا مع السودان، هذه الغريبة والقريبة عنا معا، وهي أهلنا في الطريق إلى مياه وحيد القرن والأكاليل فوق حافات سنار، وهي بيتنا الأسود هناك وطافت أرواح أجدادنا العرب الذين ماتوا على ضفافه، وهي- نحن-حين يملأ قلوبنا الشغف لرؤية حراس النوبة، والملوك السود على المرافئ المهجورة، والنساء اللواتي يجلن بنظرهن على الجزر المزرقة، والشوامخ اللامعة، والبحار المذهبة.

    هل كان سترابون يقارن إفريقيا بخرير الأمواج في ضريح “تميستوكل” المهدم؟

    هل كنا نقارن نحن العرب السودان بإفريقيا؟ ولا إفريقيا لنا إلا في السودان.



    رؤية في الرحلات: إنها حمل أجدادنا من القرون الوسطى حتى اليوم، حتى بعد أن تلطفت وأصبحت أكثر قرباً، ولكنها لا تستجيب لأغراض الرحالة، حتى المصريين منهم وهم الأكثر قرباً منها، والأكثر ارتباطاً عبر النيل، حيث لا تستجيب لأغراضهم، فمن جهة هي ليست أرض البحث عن الفردوس، ولا هي بالنسبة لهم الأرض الغريبة التي يطؤها الرحالة من أجل البحث عن عالم جديد، فيعود بجمع العدد الأكبر من المعلومات عن العادات والتقاليد الخاصة عن أهلها، والمعلومات الكثيرة عن حيواناتها وأشجارها وطبيعة مناخها وتضاريسها، فالقصد العلمي والبحث لم يكن مقصدهم، هذا الهدف الذي جعل عالم الطبيعيات جون لويس بوركهارت يقدم رحلته الشهيرة (رحلات في بلاد النوبة والسودان) ولاحظ بوركهارت العديد من الأشياء الغريبة التي لا تنسى، شيء لا تعثر عليه في تركيا ولا آسيا ولا في الشرق، أو في الصين أو اليونان.

    وأنت تقرأ في أي نص كتبه رحالة مصري إلى السودان، أو على الأقل النصوص الستة التي بين يدي، وهي: (عشرة أيام في السودان)، الرحلة التي قام بها محمد حسين هيكل بمناسبة افتتاح خزان سنار في العام ،1926 وهي أحد أجمل النصوص عن السودان، ذلك لأن هيكل لا تنقصه الألمعية ولا الذكاء الشديدة ولا دقة الملاحظة، ثم (أسبوعان مع علي ماهر في السودان) لمحمد حسين مخلوف وهي رحلة قام بها الكاتب في العام ،1940 بمرافقة الوزير علي ماهر، وهو كتاب عن علي ماهر أكثر منه كتاب عن السودان، و(كنت في السودان) لمحمد صبيح وهي رحلة ذات طابع تسجيلي قام بها الكاتب في العام ،1946 ثم كتاب (رحلة إلى السودان) لمحمد شاهين حمزة وهي تدوين وقائع رحلته التي تمت في العام ،1954 وهي أكثر الرحلات واقعية وإنصافا، وحَمّلها بمعلومات سياحية مهمة، وأخيرا في ربوع السودان الرحلة التي قام بها السيد فرج في العام ،1968 وقبلها بطبيعة الأمر رحلة رفاعة الطهطاوي إلى السودان، والتي اختلفت اختلافا كليا عن رحلته إلى باريس. فالطهطاوي لم يكن مهتما طوال الوقت بالسودان قدر انشغاله بقدره المشؤوم الذي انتهى به إلى أرض السودان، والظلم الذي لحقه جراء مؤامرة حيكت ضده، أخذته من شمال النيل إلى جنوبه، ولينأى بنفسه عما يحيط به انشغل بترجمة مواقع الأفلاك في وقائع تليماك الذي ترجمه عن كتاب فيلنون: Telemaque de Aventures Les. هذه الرحلات تُدّون كرونولوجيا على الأقل تطور النظرة والمشاهدة لأرض السودان، وإن كانت من وجهة نظر مصرية محضة، بكل ما لها وعليها بسبب موقع السودان من مصر من جهة، وبسبب الموقع المركزي للثقافة المصرية من جهة أخرى، ومع ذلك فإن هذه التعاقب القديم لا يغنينا عن جهل مقيم في الحاضر، وتنعدم فيه السودان إلا في وكالات الأنباء.



    حقائق التاريخ: من جهة أخرى هناك حقيقة التاريخ، والنقوش القديمة على الحجارة والآثار وأوراق البردي والتي تبرز ملوك مصر في صور الأبطال الذين يغزون السودان، كما ذكر ذلك محمد شاهين حمزة في متن رحلته إلى السودان، وصورت مصر على أنها سيدة القطرين دائما، بينما كان السودان بمرات كثيرة هو سيد القطرين، والثابت أن مصر غزت السودان في ظروف معينة، ولكن السودان غزا مصر في ظروف أخرى، ومثلما دان ملوك السودان إلى مصر بالولاء فقد دانت مصر إلى السودان بالولاء، أما ملوك مصر الذين دان لهم السودان بالولاء فهم: سنفرو، وبيبي الأول، وأسرتنس، وأحمس، وتحوتمس الأول والثاني والثالث، وأمنحتب، ورمسيس الأول والثاني، وسيتي، وبسمتيك الأول، كذلك كان من أبرز ملوك السودان الذين دانت لهم مصر بالولاء والطاعة: كاشتا - وكان يلقب بسيد القطرين - وطهراقه، وشاباتاكا، وسباكا وتانوت أنمون، وأسبيخون وبعني وامتدت في عهد المملكة السودانية من مستنقعات النيل الأبيض جنوباً إلى شواطئ البحر الأبيض شمالاً.

    ونهج بعض الكتّاب منهج المسافر العابر الذي يكمل الرؤيا بما يقرأ في بطون الكتب، وإن كانت هذه الرحلات هي استطلاعات صحافية، كان طابعها السطحية والعجلة، وهي لا تملك الأهلية السياسية أو العلمية، ولكن المركزية هي الضمانة على رصانة المعلومات التي كان يذكرها كل رحالة. فكل واحد حينما يصل إلى أي بلد فإنه يتحول إلى شاهد ومقرر جغرافي ومؤرخ، مع حرصه على الظهور كشاعر وفنان، ويحاول استخدام العرض التاريخي والعلمي لتأكيد وجهة نظره، فضلا عن الالتقاطات السردية والوصفية والغنائية، بفضل ما وفرته اللغة في ذلك الوقت، والأسلوب واللهجة التي عززت من دورها كثيرا في ذلك الوقت.

    وكان السودان هو المكان الحقيقي الذي يمكن الكاتب المصري من تحديد نفسه وهويته طبقا للفضاء الفرعوني المنتج من قبل نهر النيل، وحين يطوف في الخرطوم فإنه يشعر بأنها المكان الذي يهدم استيهاماته عن هذه المدينة قبل الوصول إليها.



    بلاد الغموض والسحر: (قال هوميروس عن النوبة: “إنهم أبعد الأمم مكانا وأكثرهم عدلا وأقربهم مكانة وقبولا لدى الإله”).

    هل كنا نعرف السودان قبل الإغريق، ولا نخطئ باسمه؟ فقد أطلق الإغريق على السودان خطأ اسم إثيوبيا ومعناها “أصحاب الوجوه المحروقة”، إلا أن هوميروس ودودورس أحبوها كثيرا وقدروها بعيدا عن الحروب الناشئة في ذلك الوقت في العالم القديم، وعلينا أن ندرك أولا بأن هنالك شيئا من إثيوبيا الاسم والتاريخ في السودان، وهنالك جزء من (أكسوم) في (بلاد الحبشة)، هذه المفردة الغريبة التي وردت أكثر من ثلاثين مرة في العهد القديم، لكنها غامضة بطبيعة الأمر وملغزة وغريبة في اشتقاقها ومنشئها، وهي بعيدة عن السودان الأصل والمنبع، والدولة-الأمة هذا اليوم، كما نطلق عليها هذا التعبير الثقا-سياسي: (السودان).

    حتى إن فكر الإمبراطور البيزنطي جستنيان وزوجته ثيودورا بتمسيحها في القرن السادس الميلادي، وهو- ربما- ما تفصح عنه (كرمة) في الشمال، وما تنطق به (الكشك) في المصورات الصفراء القريبة من الخرطوم. وهنالك أيضا وقائع الآثار الرومانية، بطبيعة الأمر، وهي تجذب -دون شك- وتسبغ على النظرة الممتدة من أوروبا إلى هذه الأرض سحرا، وتكشف عنها لغزا، وأشياء خفية أخرى، وما أكثرها.

    أما العرب من غير المصريين، حتى قبل بناء الدولة الحديثة، فقد عرفوها دون شك، ويشير الطبري في تاريخه الضخم بوضوح شديد إلى أن العرب يعيشون منذ السالف على “ضفتي بحر القلزم”. وكما هو معروف تاريخيا وثقافيا واجتماعيا، وحتى قبل عصر التدوين أن قبائل (حضرموت) اليمنية عرفت وتعرفت إلى قبائل (البجا) الكائنة شرق السودان، مكونة الحداربة ومفردها (حد ربى)، ويعتقد الخضر هارون في محاضرة له عن الثقافة العربية في السودان بأنها تصحيف لكلمة (حضرمي) واحتفظوا بلغتهم البجاوية حيث وصفهم المادح السوداني حاج الماحي قبل نحو مائة وخمسين عاما في وصفه لمشاهداته في رحلة الحج إلى الأراضي المقدسة في قصيدة بعنوان “أب جاها حوانا”:

    “ننزل في سواكن لينا شانا/ ومن سوق الحداربة أهل الرطانة/ اتشهلنا من بيعنا وشرانا”.



    بين النيل والنيجر: هل بقي السودان بلدا غامضا وخرافيا دون حدود؟

    هذا البلد الذي كان معروفا بشكل جيد نسبة للعرب على خلاف الغربيين الذين بقيت علاقاتهم به مشتبها فيها، وحتى نهر النيجر الذي استرعى اهتمام الجمعية الإفريقية وأصبح نسبة للغرب أكثر أهمية من النيل، وكان ابن بطوطة عرفه ولكنه أخطأ به، أي ظن أنه نهر النيل، وكتب في نص رحلته الآتي:

    (ثم سرنا من زاغرى فوصلنا إلى النهر الأعظم وهو النيل وعليه بلدة كارسخو، والنيل ينحدر منها إلى كبرة ثم إلى زاغة ثم ينحدر النيل من زاغة إلى تنبكتو ثم إلى كوكوة).

    ماذا يعني السودان إذن؟

    والسودان نسبة للعرب هي النيل العظيم دون شك، وهي في شيء منها السحر والهيبة التي تفتقر لها أية بقعة من بلاد العالم، وهي الحدود الإسلامية وسط قارة إفريقيا، وهي الإسلام هناك والتي ترد وتغلغل مثلما كانت تركيا تتغلغل في آسيا الوسطى والأندلس تتغلغل في أوروبا.

    والسودان هو أندلس العرب في إفريقيا، وحماتها السنانير وهي مختلفة كليا عن نظرة الغرب لها من الإغريق وحتى الفتح الكولنيالي، وحتى صراع المصريين عليها مع الإنجليز، وتختلف بكل تأكيد عن الصورة التي طرحها الغرب عنها، فهي ليست أرض السحر والأعاجيب كما وصفها ألكسندر دوما، أو أرض “المنوكولات” التي تعدو على قدم واحدة وتبز بسرعتها النعامة والغزال، كما وصفها هيرودت، أو أرض “الليوكرات” التي لها سيقان الأيل ورؤوس الغريري كما وصفها سترابون، أو أرض “الأبسيلات” التي يشفي لعابها لدغة الثعابين كما وصفها فرومنتان، ولكن هذه الكلمة السحر التي تدعونا إلى الحدس أكثر مما تدعونا إلى الاكتشاف، لم تجذب المستكشفين الغربيين على عكس العرب- بسبب المخاطر، ولكنها بقيت أرض الغرائبية التقليدية للعالم كله حتى ظهور الخط الذي يعبر تومبكتو، والذي سار عليه بوركهارت.

    تأخر اكتشاف الأوروبيين للسودان زمنا طويلا، ولكن العرب كانوا يعرفونه بطبيعة الأمر، لا لأنهم يعرفون الكثير عن القارة الغامضة منذ العصور الوسطى، حين كانت قوافلهم تعبر الصحراء من بلاد المغرب إلى تمبكتو. وقد كتب ابن بطوطة في القرن الرابع عشر الميلادي وصفا مفصلا لإفريقيا، ولكنهم يعرفونها بحكم الروابط الاجتماعية والسياسية والدينية، وكلنا يعرف أن المعلومات العربية بقيت مجهولة جهلا تاما نسبة للغرب، ولم يكن أثرها بارزا في الرحلات الاستكشافية فيما بعد، ومع ذلك فإني أجادل هنا بأن معرفة الأوروبيين الضئيلة بالسودان كانت مقتصرة على الاستكشافات التي قام بها المصريون فيما مضى.



    المرحلة الاستعمارية: وبالرغم من أن الاستكشافات الغربية المرافقة للفتح الكولنيالي امتدت منذ القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر، وكان الرحالة البرتغاليون يواصلون توغلهم نحو الجنوب بقي السودان عصياً على الدخول، وبمنأى عن رحلاتهم، فالمعلومات المقدمة عنه كانت شحيحة دون شك، وحتى عندما افتتح (بروس) طريق فتح إفريقيا، والذي مهد فيما بعد للفنجستون الذي توفي في العام (1873) فلم تكن المعرفة ممكنة أو ناجزة، أو خبيرة، وكان علينا الانتظار حتى مرحلة الاكتشاف السياسي، والتي حدثت بعد منتصف القرن التاسع عشر، وربما بدأت مع رحلة ستانلي إلى الكونغو في العام 1874 وانتهت بتقسيم القارة بين الدول الأوروبية، ثم يأتي دور رحالة علماء وهم يضعون علومهم تحت وصاية القوى الكولنيالية، وهو الدور الذي لعبته المعرفة في إسناد سياسات القوة، وفي إرشادها وتقويتها ودعمها، وبالرغم من أن القارة أفادت منها في تقوية هيكلها العلمي والثقافي والسياسي، ولكنها جعلت منها ساحة للتدخل ونهب الثروات.



    رحلة مخلوف: واختلف خط رحلة محمد حسين مخلوف مع مسار رحلة محمد حسين هيكل الذي جاء بالقطار، حيث وصل مخلوف السودان بالطائرة إلى وادي حلفا، وبعد استقبالهم من قبل عدد كبير من الأعيان والتجار والشبان، جلس مع السودانيين واستمع إليهم، وسواء أكان في عطبرة أو الخرطوم أو أم درمان أو سنار أو كوستي، فهو يسمع السودانيين وهم يتحدثون عن مصر، ويعرفون كل شيء عن مصر، أما المصري بطبيعة الأمر فهو لا يعرف أي شيء عن السودان، ثم يستدرك وكأنه يعجب بأن هذه الملايين من “إخواننا في السودان تلبس وتأكل وتسكن وتعيش، كما نلبس ونأكل ونسكن ونعيش، هنا في مصر، وفي الإسكندرية، وفي طنطا، وفي جرجا، وفي أسوان”.



    رحلة صبيح: وبدأت رحلة محمد صبيح في العام 1946 أي بعد الحرب العالمية الثانية، وهو شخصية سياسية معروفة من حزب مصر الفتاة. وطبقا إلى معاهدة 1936 كما يذكر الكاتب، والتي تعطي الحق إلى المصري الهجرة إلى السودان، قرر السفر هناك، أي أن دافع الرحلة كان في بادئه مختلفا كليا عن الرحالتين السابقين اللذين كان سفرهما مبنيا على أساس سياسي، أو على أساس دعوة رسمية، غير أن الأمر لم يستمر هكذا إلى النهاية، فيبين محمد صبيح الصعوبات والعراقيل التي يضعها الحاكم الإنجليزي أمام المصريين في الدخول إلى السودان، غير أنه لا يتوقف ويذلل هذه الصعوبة من خلال حيلة جديدة، وذلك عن طريق وزير المعارف السنهوري باشا الذي كانت لديه مهمة في السودان وهي السفر لافتتاح المدارس المصرية هناك، فيرجوه أن يكون من أفراد بعثته، ويوافق السنهوري على ذلك.



    صور نمطية غير حقيقية عن الجنوب

    وهنالك الكثير من الصور النمطية السالبة التي تخص السودان في مصر، وعدد هيكل الكثير منها، وهذه الصور هي أفكار تروج في مصر. ومن هنا جاء كتاب هيكل للكشف عن زيف الصورة التنميطية الضارة، وتكوين صورة صحيحة (بعيدة قدر المستطاع عن أن تلونها شهوات الساسة بألوان خداعة تنفر أو تستهوي) وهذا، بطبيعة الأمر، ما جعل هيكل يضع مشاهداته في كتاب منشور عن السودان، فسافر الكاتب من القاهرة إلى الأقصر، بعد أن قطع المسافة ليلا، ثم انتقل إلى الخط ما بين الأقصر والشلال، ووصف بدقة شديدة الطريق من (القاهرة) إلى (الأقصر)، عبر (كوم أمبو) ثم إلى (أسوان)، وغلب على أسلوبه الوصف الإثنوغرافي، وكانت رحلته أقرب إلى طابع الرحلات الغربية في تعاملها مع الصور المنقولة للناس منها إلى الريبورتاج الصحافي. ويستمر هيكل في وصف رحلته بعد أن قطع القطار المسافة ما بين (أسوان) و(الشلال)، وقد بلغه في الساعة الخامسة والنصف، وفي هذه المرحلة بدأ هيكل بوصف مسلات الفراعنة الأقدمين وتماثيلهم التي أقيمت، ومعابدهم، وآثارهم، ثم الوصول إلى محطة الشلال حيث كانت تنتظره الباخرة (بريطانيا) التي أعدت لتقله وتقل المسافرين معه إلى حلفا. وفي هذه النقطة بدأ الكاتب بوصف الباخرة (بريطانيا)، وركز على مسألة مهمة وهي أن حكومة السودان هي التي كانت تتقاضى أجور الركاب، وهي التي تقوم بنقل البريد والبضائع، وكانت الطوابع التي تباع على بواخرها من طوابع حكومة السودان، وهذه دلالة سياسية مهمة، وملاحظة دقيقة من هيكل كي يصور الحالة السياسية، ودرجة الاستقلال عن الإنجليز من خلال ملاحظة صغيرة.

    ومن الملاحظ أن هيكل قد أعار بعض الاهتمام إلى الآثار الكائنة بين (أسوان) و(حلفا)، مثل: (وادي السبوع)، و(آماد)، و(حماد)، و(أبو سنبل). وذكر أن حكومة السودان هي التي تتقاضى رسوم الدخول إلى هذه الآثار أيضا، وكانت الباخرة تعرج عند كل أثر من هذه الآثار الخالدة، فقد عرجت عند (وادي السبوع)، وعند (آماد) وعند (أبو سنبل) وغيرها، ووصف بدقة مظاهر الفن القديم الذي رآه، على تفاوته فيما بينه في (العظمة والقوة وفي الدلالة على المجد والسطوة). وقد أعجب جدا بآثار (أبو سنبل) من بين آثار مركز (الدر) وهو أكثرها “عظمة وقوة ومجدا وسطوة” على حد تعبيره، ووصف المعبد الذي أقامه رمسيس ليكون واحدا من أكبر معابد العالم، وقد وصف رسو السفينة عند (أبو سنبل) في منتصف الليل، وكيف مدت إليه أسلاك الكهرباء، ليرى السائح هذه الآثار العظيمة فيالليل.

    نقلا عن (الخليج ا لامارايتة )

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de