حكاية لم تكتمل

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 04:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2005, 03:03 AM

أبوشيبة


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكاية لم تكتمل

    - يا زول مالك حايم نصة نهار نعل ماعندك عوجة ؟

    نظر جاد السيد "القرفان" إلى الطاهر ود علي نصف نظرة ولم يرد على سؤاله الفضولي .. إضافة إلى أن الطاهر ود علي كان يمثل له رجل "نصف شريف" يصلي بهم صلاة الجمعة ، ويأكلهم أكلا عندما يكون في دكانه نصف الممتلئ ...

    جاد السيد قرر أن لا يتحدث مع أحد في ذلك اليوم ... قرر أن يتخاطب مع نفسه فقط ... سمح لنفسه أن يحكم عليهم جميعا ... ويحاكمهم في صمت ... مر بجوار بيت السارة التي عادة ما يكون باب بيتها نصف مفتوح .. حتى تتمكن من معرفة (خبر الماشي والغاشي) سمعت وقع مركوب جاد السيد "القرفان" وظهرت عند الباب ترتدي نصف ثوبها والنصف الآخر لا زالت تعالجه ...

    - أجي ... مالك الليلة شايل عبد القادر ؟

    كان ينظر دائما إلى "السارة" على أنها نصف أنثى خاصة عندما يطالع أقدامها "الدشنة" و"السفنجة" التي كانت تشكل دوما زاوية حادة مع قدمها "المكتحة"
    لم يكلف نفسه حتى أن ينظر إليها فضلا عن أن يرد .
    حلة وهم ... تمتم في نفسه ...

    السارة اكتفت بمتابعة "جاد السيد" بنظراتها لعلها تجد ما يروي فضولها الزائد ... ولكن لم يكن هناك جديد في "جاد السيد" ... هو ..هو بنطلونه الكاكي وقميصه المخطط ذو الأكمام "المكفكفة" ... ويحمل جريدة مطوية غالبا ما تكون العدد الصادر في الأسبوع الماضي ...

    - المجانين في نعيم .

    تمتمت بالعبارة واكتفت من الغنيمة بالإياب ... وعادت إلى داخل المنزل .. وتركت الباب نصف مفتوح ... لغنيمة جديدة ..
    وجد جاد السيد نفسه أمام "سبيل حاجة نفيسة" مجموعة من الأزيار مرصوصة بعناية تحت شجرة نيم ... أحس بالعطش والتعب ..اتجه نحو السبيل ... مسك بالكوب المربوط بجنزير خفيف وأدخله في أقرب زير ... وعندما أخرجه أحس أن الكوب ممتلئ ... فأفرغه إلى النصف .. هو اليوم متمرد حتى على نفسه .... كل الاشياء بالنسبة له أنصاف حقائق ... أفرغ الكوب في جوفه ... وأعاده إلى مكانه بالرغم من أنه لم يرتوي ....
    لماذا أرتوي ؟

    قال لنفسه ...

    جلس تحت ضل النيمة ... ليس بعيدا عن الازيار ... كان هناك كلب يرقد في نفس المكان ظل يراقب حركة جاد السيد منذ وصوله إلى السبيل .... انتبه جاد السيد إلى العيون التي تراقبه ... وقرر أن يضع حدا لفضول هذا المخلوق أيضا .... نظر الى الكلب الذي لم تنزل عينه عن جاد السيد ... وكأنه توجس خيفة من هذا الشخص الغريب ... أخذت عينا جاد السيد تبحثان عن حجر قريب ...

    - جر ... جر ... قوم من هنا ....

    تحلل من نعاله نصف المهترئة وجلس عليها ممددا أقدامه أمامه .... نظر إلى قدميه وتذكر أقدام السارة "المكتحة" وابتسم نصف ابتسامة ... فتح الجريدة التي يحملها ... كان منتصف الجريدة قد ذابت حروفه بفعل قبضته القوية ... والعرق الذي كان ينزل منها ... قرأ هذا العدد مائة مرة .... لا جديد ...

    فوزية بت البقاري مرت بالسبيل لتشرب .... وفوجئت بجلوس جاد السيد ... فوزية امرأة بدينة كان جاد السيد يتذكر حركة "فرّامة الخدرة" عندما يراها تمشي ....
    - جاد السيد ... كيف حالك ... أمك طيبة ....
    لم يرد عليها ... إنه يوم المقاطعة العامة ... فوزية كانت تعرف طبعه الغريب ولكن إكراما لأمه حاجة التومة ...

    - سلّم عليها ...

    في هذه اللحظة كان جاد السيد يراقب نملة تحاول جاهدة الوصول إلى قمة أصبع قدمه اليمين في محاولات حثيثة ... حسمها جاد السيد بضربة من الجريدة
                  

12-28-2005, 04:19 AM

أبوشيبة


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية لم تكتمل (Re: أبوشيبة)

    راقب جاد السيد النملة وهي تتلوى وتتقلب قبل أن تأخذ طريقها إلى اتجاه آخر وهي تسير مترنحة بنصف وعي ...

    - ياربي النملة دي رايها شنو في تصرفي دا .. ؟

    انتابه شعور عارم أن يمسك النملة بأصبعيه ويتفرس في وجهها ليعرف شعورها نحوه ... تملكته الفكرة وضع الجريدة جانباً ونزل برأسه نحو الأرض ليمسك بالنملة ووجهه تعلوه ملامح جادة ... غضوبة .... كان يأخذ الأمر على محمل الجد ... وفي اللحظة التي تحرك فيها إصبعيه ليضما النملة المسكينة ... فاجأه صوت مجوعة من صبية المدرسة كانوا يراقبونه من خلف أزيار السبيل دون أن ينتبه لهم .... حينما هتفوا بصوت واحد :

    - جاد السيد المجنون ... !

    فقفز كالملسوع ... وأطلق الصبية سيقانهم للريح ....
    لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها نعت "المجنون" ... سمعه قبل ذلك من "السارة" وهي تحكي عنه عند باب بيتها نصف المفتوح مع إحدى الجارات ...

    - انتي يالسارة اختي ... ود التومة دا ما لقوليهو علاج ؟
    - بري يا يمة ... زول سائل منو مافي .... تراهو حايم كدي دا ... نسأل الله السلامة .
    - انا سمعت قالوا شرب ليهو سجارة .... ياها السوتا فيهو ...
    - لا لا ياختي دا ماجن سجارة جن السجارة انا بعرفو ... دا جن راسو عديل ..

    قرر أخيرا الذهاب إلى البيت ... آآآآآآه البيت ... أمه حتما تنتظره بعينيها الشفوقتين ... تذكر وجهها الحنون ... ذو الشلخات الثلاثة ....وصوتها الآتي من العمق إلى أعماقه ... هي فقط الحقيقة الكاملة لديه ... كل شيء ما عداها أنصاف حقائق .... كلهم .... حتى والده ... كان يرى فيه نصف أب ....
    دفع باب البيت بكلتا يديه محدثا صريرا عاليا ناتج من احتكاك الباب الحديدي بالعتبة الخرسانية ... كان أبوه يرقد على عنقريب تحت النيمة في وسط حوش البيت رافعاً قدمه اليمنى فوق اليسرى .. متوسدا يده اليسرى .. ويده اليمنى تخاطب جاد السيد ....
    - حمد الله على السلامة ... الليلة جيت بدري ...
    أطرق برأسه ولم يجيبه ... وقعت عيناه على المركوب الذي طالما اصطدم برأسه ... وبأجزاء عديدة من جسمه حينما يحتد النقاش بينه وبين والده ...
    لماذا يكرهني .. ؟
    ألست ابنه ؟
    لماذا لا يكون مثل أمي ... آآآآآآآه أمي تلك الحقيقة الكاملة ... الناصعة ...
                  

12-28-2005, 10:15 AM

أبوشيبة


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية لم تكتمل (Re: أبوشيبة)

    - تعال يا جاد السيد ...

    جاءه صوت أمه كلفحة نسيم بارد في وهج الصيف من داخل المنزل ...

    - تعال خش جوة ....

    رفع رأسه لينظر إلى الوجه الذي يألفه ... ويحن إليه ...

    - مافي زول خارب الولد دا غيرك ...
    - الله يرفع العليك يا ولدي ...

    جلس على طرف السرير .... بدأ وعيه يعود إليه تدريجياً .... صارت عينيه أكثر تركيزاً ... وعاطفة .... أرخى قبضته عن الجريدة التي كان يطويها في يده بعنف طوال اليوم ... خلع حذائه ... تحرر من جميع الهواجس التي كانت تطارده خارج المنزل ...

    - أجيب ليك تاكل ؟

    هز رأسه بالإيجاب .... الآن اكتشف أنه جائع ... تابع أمه وهي تتجه إلى المطبخ حتى غابت داخله ... تحول ببصره إلى الصالة التي يجلس عليها ... خزانة كتب صغيرة ... كراسي بلاستيكية ... تلفزيون .... رفع رأسه ببطء نحو أعلى الجدار المدهون بلون أزرق سماوي ... صورة بـ "روب التخرج " وشهادة بجوار الصورة ... قرأ الاسم : جاد السيد علي جاد السيد محمد .... بكلاريوس هندسة .... وابتسم ابتسامة كاملة وهو ينظر إلى قدميه المتعبتين .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de