|
لكي لا تستغل المرونة الدستورية لفرض قوانين متناقضة
|
تتميز الدولة بعدة خصائص ومن أهم خصائصها السيادة التي تنقسم الي السيادة الداخلية والسيادة الخارجية، فالسيادة الداخلية حين تتمتع السلطة بالشرعية من خلال الانتخاب المباشر اوكما حدث فى السودان من خلال فقه المصالحة الوطنية وتعديل الدستور واكتساب شرعية عالمية بعد توقيع اتفاق السلام وهذه السلطة تمثل الهرم السيادي لمثلث السلطة المتمثل بقاعدتيه السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. والسيادة هي التعبير والفكرة التي تضع السلطة فوق إرادة الأفراد من خلال اختيارهم وتفويضهم لهذه السلطة تمثيلها بما يعني إقرارهم بالموافقة علي أن تكون الدولة ممثلاُ لهم ووكيلاًُ عن أرادتهم السياسية والقانونية، والتفرد بالقرارات التي تقتضيها الحياة العامة. وتتمتع الدولة بشخصية معنوية تقتضيها الظروف والحياة، وأنها موجودة قبل وجود الدستور الذي ينظم حالها وأحوالها، والذي سيجد له مكانة وتقدير بعد إقراره والتقيد بالعمل وفق نصوصه، حيث أنه المعني بتنظيم حياة الأفراد وحقوقهم وواجباتهم، ويشكل الأساس القانوني الذي ترتكز عليه القوانين والتعليمات والأوامر الصادرة من السلطة التشريعية للدولة. وينظم عمل نظام الحكم في الدولة مجموعة من القواعد القانونية التي تقرها الهيئة العامة للمجتمع وتصبح ملزمة للجميع بما فيها السلطة القابضة علي الحكم، وتنظم هذه القواعد القانونية عمل وحقوق الأفراد والسلطات وتنظم أسس القوانين والتعليمات والأوامر الصادرة استنادا علي الدستور. ويعني الدستور الأساس أو القاعدة للبناء القانوني أو تنظيم أسس الدولة في البلد وطرق وجود التنظيمات السياسية وحماية الحريات العامة. والدساتير نوعان منها ما هو مكتوب ومنها ما هو غير مكتوب، والدستور الإنكليزي علي سبيل المثال من الدساتير غير المكتوبة. كما أن الدساتير تنقسم الي دساتير مرنة ودساتير جامدة. وبالرغم من السلبية التي تواجهها الدساتير الجامدة، لكن هذا لا يعني ان المرونة التي تحيطها الايجابيات بالمرونة تتوافق مع الاستقرار وعرضة للتغيير وفق رغبة السلطة. ومن خلال التجارب التي مرت بها الدساتير المتنوعة يتضح أن العمل بالدستور الجامد الذي يضفي علي الدستور نوعاً من الهيبة والقدسية، وألا يتم إلغاء أو تعديل أو إضافة نص دستوري إلا بموافقة الرأي العام أو البرلمان، وجعل عملية التعديل مرنة في حال الضرورة، إضافة الي تحقيقه الاستقرار من التحكم في نصوصه مستقبلاً، إضافة الي الحماية التي يشكلها وجود المحكمة الدستورية، ومهما يكن الأمر فأن الابتعاد عن التحجر في النصوص وجمود عملية التعديل لا يخدم آلية الحياة الدستورية، كما أن عملية المرونة وتمكن السلطات من تغيير النصوص والتلاعب بها يعرض السياسة المستقبلية للتحكم والرغبات والمصالح، لذا فأن الوسطية في تبني هذه النظريات هي الأوفق والأنسب في التطبيق، أي ان الحل يكون في مرونة في التعديل مع نصوص نحافظ علي متانتها وحمايتها. ولا يجوز لقانون أن يصدر عن الهيئة التشريعية مخالفاً لنصوص الدستور وهلم جرا، وفي حال صدور قانون أو نص يتعارض مع نصوص وأحكام الدستور فيعتبر النص أو القانون غير دستوري مما يجوز الطعن به من الناحيتين الشكلية والموضوعية. تلجأ الدول الي أنشاء هيئة قضائية متخصصة في الرقابة علي دستورية القوانين أو في مدي خرق السلطة السياسية لنصوص الدستور. كما تلجأ الدول الي أيجاد هيئات قضائية أخري تفسر النصوص الدستورية وترسل دراستها وبحوثها الي الدوائر والجهات المعنية التي تستوضح منها أو تختلف فيما بينها حول قضية دستورية.
إلا أن الواقع يفرض أن تكون هناك جهة محايدة تحسم عملية الطعن في مشروعية وقانونية تصرفات الدولة والتزاماتها الدولية ومطابقتها لنصوص الدستور، وليس غير القضاء العادل والنزيه من يضطلع بهذه المهمة الكبيرة، كما أن هذا التوزيع في السلطات والمراقبة يعزز من دور الدستور وحمايته من الخرق ويعزز مسألة الرقابة الدستورية علي السلطات من قبل السلطة القضائية. ومهما يكن الأمر فأن النصوص الدستورية ليست لها أية قيمة أذا لم يصار الي تطبيقها الفعلي وانعكاسها علي الحياة العامة للجماهير، لأن مجرد وجود النصوص لا يعني أن الحياة الدستورية قائمة بشكل طبيعي، حيث أن اغلب السلطات تعمد الي الإيعاز لخلق دساتير تأخذ صبغة الإقرار الشكلي من الجهات التي ترسمها أساليب إنشاء مشريع الدستور، ومن ثم إقرارها دون التقيد بمضمون نصوصها ألا فيما يتوافق مع مصالحها ورغباتها. وهاهو الحال كما كان قبل دستور حكومة الوحدة الوطنية , حملات شرسة من النظام العام على المواطنين بما يتعارض مع حق المواطن فى الدستور والحريات العامة. مما يتعارض مع حريات بعض الاثنيات والتى وصى الدستور بكفالة حقوقها , لذا لكى لا نفرض قوانين متعارضة مع دستورنا يجب ان تكون مرجعيتنا القانونية هى الدستور الذى تراضي علية كل من المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية اللذان اصبح همهما هو الحقائب الوزارية والسلطة الزائلة بلا استدراك لحوجات ومطالب هذا الشعب الصابر .
|
|
|
|
|
|