عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي 2

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-06-2006, 07:50 PM

محمد طه محمد احمد


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي 2

    بسم الله الرحمن الرحيم
    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي القطار يستريح في محطة التسامح ( 2 )
    يا هند هل لك في شيخ أبداً وقد يكون شباب غير فتيان
    هل صحيح أن زعيم حزب الأمة فقد الحكم لأنه يجامل الجميع ؟
    ما من زعيم سياسي يستدل بالأدب والشعر والأمثال مثلما يفعل السيد الصادق المهدي ولهذا فإن أحاديثه السياسية كانت دائماً تجد من ينتبه إليها أن المورد العذب كثير الزحام .
    حينما كانت حكومة مايو التي يقودها الرئيس المشير نميري تماطل في تنفيذ الإصلاحات التي اتفق الصادق المهدي والنميري عليها بعد مصالحة 7 / 7 / 1977 م فإن الصادق كان يلخص الهروب من تنفيذ الإصلاحات ببيت من الشعر قال شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة
    كلما قلت متى موعدنا *** ضحكت هند وقالت بعد غد
    ونفس هذا البيت الشعري كان يردده الصادق حينما ماطل التجمع في تنفيذ اصلاحات فإضطر حزب الأمة للخروج منه .
    وفي كلمة في الاحتفال بعيد ميلاده السبعين استدل الصادق بشعر محمد سعيد العباسي وشعر اليشكري وشعر ابن الأطنابة وقال :
    الإنسان لديه ثلاثة أعمار . عمره الاحصائي المعدود منذ يوم ولادته وعمره الفسيولوجي الذي يتوقف على صحته وأسلوب حياته ، وعمره النفساني الذي يعتمد على حالته النفسية . نعم كل عمر إلى نهاية ( ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ) أسلوب الحياة الصحيح يؤخر ولا يلغي الشيخوخة وكذلك الحالة النفسية . الناس عادة يقولون : العقل السليم في الجسم السليم . لكنني قلبت هذه المقولة ، الصحيح أن نقول : الجسم السليم في العقل السليم لأن العقل السليم هو الذي يصوغ ويصور ويحقق الجسم السليم باختياره اسلوب الحياة الصحيح .
    أمام تقدم العمر نجد اختلافاً كبيراًفشاعرنا الفحل الشيخ محمد سعيد العباسي نعى نفسه إلى سبعينه .
    سبعون قصرت الخطى وتركنني *** أمشي الهويني ضائعاً متعثرا
    وقد كنت مثل الليث أطأ الثرى *** تيهاً واستهوي الحسان تبخترا
    ولكن غيره وصف حالاً مختلفاً قال شعرهم :
    يا هند هل لك في شيخ فتى أبداً *** وقد يكون شباب غير فتيان !
    وقال العراقي :
    عمري إلى السبعين يركض مسرعاً *** والروح باقية على العشرين !
    وحول اليشكري تقدمه في العمر لصفات ايجابية :
    كيف يرجون ساقطي بعدما *** جلل الرأس بياض وصلع ؟
    فكرت ملياً كيف اعنون وقفتني على عتبة السبعين وتزاحمت على الخواطر ، وتأملت حياتي حتى الآن فوجدت أنني في الحقيقة كنت مرشحاً بمولدي لحياة ناعمة هنيئة يرفدها الحسب والارث . وربما كان هذا ممكناً لولا التقلبات الانقلابية ولولا التصدي للسلطات الذي أقامه الانقلابيون لا سيما وقد عرض علينا جميعاً التعاون معهم ومشاركتهم والاستمتاع بالخطوة معهم . ولكن التمسك بمواقف مضادة لهم انحيازاً لمبادئ معينة جعلهم يسلقوننا بالسنة حداد ويبطشون بنا ويغرون أهلنا ضدنا بكل وسائل الترغيب والترهيب . فكرت ملياً في هذه الحالة وتذكرت كيف أن النفس كانت أحياناً تميل للمساومة ولكنه ميل لم يدم .
    بعض زملائي وبعد كذا شهر من الحبس كان يقول لي انك يابس أكثر مما يلزم ولا بد للسياسة من قدر من المرونة . والمدهش أن نفس هؤلاء يقولون في مجال آخر : الصادق متردد ولا يتخذ القرار إنه يريد ارضاء الجميع وهذا مستحيل ! رميت بالعناد واللين في آن واحد ! .
    الحقيقة هي أنني بسرعة وبعد دراسة اتخذ القرار في كل أمر يطرأ علي ، بل تجدني أن أردت جاهزاً بقرار محدد في آية مشكلة داخلية أو خارجية ، ولكنني مهما كنت حاسماً في قراري وموفقاً من صحته أترك حتماً مساحة للرأي الآخر حتى في أخص خصوصياتي . وأرى يقيناً أن هذا اللين أو التدبر في اتخاذ القرار بما يوسع المشاركة هو سياسة النبوة ( ما خاب من استشار ) ( فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ( خذ العفو وامر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين ) أما أمام ظلم الظلمة وفي وجه السلطان الجائر فالعناد هو الفضيلة . أعاند لأحمي مبدأ المشاركة في اتخاذ القرار وفي سبيل ذلك العناد أدفع الثمن اعتثالات ومصادرات واهانات ومؤامرات تحاك ضدي مع الأباعد والأقارب . وبينما جالت في خاطري هذه الحياة التي انقلبت بارادتي من النعومة إلى الخشونة خطرت ببالي أبيات ابن الأطنابة :
    أبت لي همتي وأبى بلائي *** وأخذي الحمد بالثمن الربيح
    واقحامي على المكروه نفسي *** وضربي هامة البطل المشيح
    وقولي كلما جشأت وجاشت *** مكانت تحمدي أو تستريحي
    لا دفع عن مآثر صالحات *** وأحمي بعد عن عرض صحيح
    فاخترت عبارة ( مكانك تحمدي أو تستريحي ) عنواناً .
    نعم للحرص على اتخاذ القرار ولكن ينبغي أن تسبقه دراسة وتصحبه مساحة للرأي الآخر . لقد شقيت بلادنا كثيراً بالتطلع للقرارات الفوقية الحاسمة لاسيما عندما صحبتها فكرة تعميد جيل جديد من القيادات . لقد شقيت بلادنا كثيراً في عهدي مايو والانقاذ بسبب شعارين هما تجديد دماء القيادة وسرعة اتخاذ القرار تجديد الدماء عن طريق تواصل الأجيال ضرورة أما طريقة النظام المايوي ونظام الإنقاذ في تجديد الدماء والحسم في اتخاذ القرار فقد سبب لبلادنا ما لا حد له من الدمار .
    أبنائي وبناتي في مكتبي رأوا أن أكتب بمساعدتهم مذكراتي منت في الماضي أرفض هذه الفكرة باعتبار أنني أوثق الأحداث الهامة في كتبي ولا أؤيد فكرة المذكرات لتمجيد الذات ، ولكن في النهاية اقتنعت بأن هناك بعض الدروس المستفادة من تجاربي المختلفة وبعض التفاصيل الهامة لا يغطيها نوع التابة الذي مارسته ، وتفلح المذكرات في نقل تلك التجارب والدروس المستخلصة منها للأجيال الناشئة القادمة ، فوافقت أخيراً على فكرتهم فحضروا ما عليهم ، وخططوا لإقامة حلقات سردية ممتدة في محاور ثمانية على أن تكتمل المذكرات وتنشر بمناسبة بلوغي السبعين ، ولكنني لم استطع تكملة الجزء الخاص بي ، واتفقنا أن نرجئها إلى عام آخر ، ولكنني في هذا المحور سوف أتناول عشر محطات في حياتي وسيأتي يوم إن شاء الله أكتب فيه مذكرات كاملة وموثقة فحياتي رغم مطاردة أجهزة الأمن لاخفاء أوراقي من بطشهم وضياع بعضها وبعض أنفس الكتب بسبب تلك المطاردة موثقة بصورة شبه كاملة ولا أخالني أذكر حقيقة هامة دون دعمها بوثيقة واضحة .
    الطفولة : مع أن جدي الامام عبد الرحمن كان منذ الثلاثينات من أثرى أثرياء السودان فإنه تعامل مع المال الذي جمعه كقوة اجتماعية ، شيد به كياناً دينياً قوياً وكياناً سياسياً جامعاً ، ودعم به الأنشطة الأهلية في كل المجالات : بناء المساجد والمعاهد والمدارس ودعم التعليم الأهلي وبناء المستشفيات ورعاية الأنشطة الدينية والأدبية والفنية وممارسة الدبلوماسية الشعبية في تكريم كل الوافدين إلى الوطن .
    ومد اليد السخية للكافة ، مع ذلك كنا نحن أسرته الخاصة حتى الخمسينات نعيش كأواسط الناس ، وكانت طفولتي منقسمة ما بين أمدرمان حيث كنا نسكن حي العباسية ، والجزيرة أبا حيث كان يعمل والدي .. أهم ما في هذه المرحلة ثلاثة أمور الأول عاديتها من الناحية المادية ، وحريتها إذ كان لنا مجتمعنا الخاص بالأطفال شبه المستقل عن مجتمع الكبار والثالث أنني منذ نعومة أظفاري بدات اسمع عبارات أكبر من سني عبارات مثل ما قاله الامام عبد الرحمن لوالدتي وأنا دون العاشرة ( يا رحمة ولدك هذا هو الذي سوف يسد فرقتي ) وبكت أمي قائلة ( يا سيدي فرقتك أن شاء الله ما نشوفها ولو بسفر طويل ) فقال لها هذا شئ لا بد منه ، ولدي اصابتي بالتهاب السحائي جاء الامام عبد الرحمن ومسك رأسي وكانت حياتي في خطر وردد دعوات ثم قال اللهم أن وعدك الحق أنت لا تخلف الميعاد ما قالته السيدة أم سلمة جدتي لأمي يا رحمة ولدك هذا سيكون له شأن عظيم فقد رأيته في المنام يخاطب جمعاً كبيراً ثم قال ( وأذن في الناس بالجح يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) .
    التعليم : كان تعلمي عادياً في البداية في الخلوة وفي كتاب الأحفاد في أمدرمان وفي كتاب الجزيرة أبا ولكن بعد ذلك حدثت طفرة بدخولي كلية كمبوني في الخرطوم ثم كلية فكتوريا في الاسكندرية كان هذا المعهدان أجنبيين وكان مناخ كمبوني تبشيرياً وان كانت الإدارة ملتزمة بعدم استغلال التعليم للتبشير المباشر . أما كلية فكتوريا فكانت تتعمد التبشير الثقافي الأنجلوفوني لدرجة لم أجدها محتملة فتمردت على التعليم فيها وقاطعت التعليم الحديث كله لفترة عامين متتلمذاً للشيخ الطيب السراج ، ثم عدت للتعليم الحديث في جامعة الخرطوم لمدة عام ونصف ردتني عن التعليم المضاد للحداثة وغير النظامي وألحقتني بالتيار التعليمي العادي وعرضتني بقوة لتيارات الفكر والسياسة التي سادت الأوساط الطالبية في أوائل الخمسينات ثم تحولت لجامعة أكسفورد ضمن ظروف قصصتها في مجال آخر وربما كان فيها تخطيط غير مرئي في وقته .. فقد كنت منذ عام 1948 قد التلقيت السيد جراهام توماس صديق جدي وأحد أعضاء الإدارة البريطانية في السودان بمناسبة عيادته في مرضه نيابة عن جدي الامام عبد الرحمن وتسليمه هدية عبارة عن ( أبجورة ) صناعة سودانية . وكان السيد جراهام شخصية واعية ومرحة فدخل معي في نقاش سياسي وديني طويل وبعد ذلك كما روى لي بعد حين كتب للسكرتير الإداري السير جيمس روبرتسون يقول له اني التقي طفلاً هو شخصي سوف يكون قيادة للسودان في المستقبل . وفي عام 1953 انقطع تعليمي في كلية الخرطوم الجامعية وهئ لي خيار بديل لم يكن في حسباني هو التوجه للتعليم في جامعة أكسفورد ببريطانيا كانت تلك مرحلة مهمة تناولتها بالتفصيل في مقام آخر . ولكن أهم ما فيها أن المؤثرات والنشاط اللاصفي الذي اشتركت فيه في تلك الفترة في اكسفورد نفسها وفي لندن لى عضويتي في اللجنة التنفيذية للطلاب السودانيين في المملكة المتحدة ورئاسته في لندن كانت أهم كثيراً من التعليم الصفي الذي نلته .

    محمد طه محمد احمد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de