رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-01-2006, 07:40 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي

    أصل الحكاية : رازه ونطّاحه


    محمد موسى جبارة [email protected]

    رفض الإتحاد الأفريقي في دورة إنعقاده السادسة تولي السودان رئاسة الإتحاد رغم أنه المرشح الوحيد لدول شرق أفريقيا التي يحق لها ترشيح من تشاء. وكان من المأمول في حال رفض ترشيح السودان، أن يستمر الرئيس أوباسانغو في الرئاسة لحفظ ماء وجه القطر المضيف الذي بذل الغالي والنفيس ليتولى هذا المنصب ويضيفه إلى إنجازاته المتَوهَمة في الإختراق الدولي، مرهقاً بذلك ميزانية كان يجب أن تُصرف على التعليم والصحة بدلاً من بناء أربعين فيلا رئاسية لا يدري أحد كم كانت كلفتها الحقيقية مقارنة بالتكلفة المعلنة، وإلى مَن مِن قيادات المؤتمر الوطني ستؤول ملكيتها بعد إنفضاض القمة.
    غير أن هذا الحلم تبدد أيضاً بإصرار دول شرق أفريقيا على أحقيتها للمنصب وبالتالي تولت الكنغو برازفيل الرئاسة لهذا العام مع وعدٍ بتوفيره للسودان في العام القادم. وهو أمر قُصد به ترحيل المسألة التي أخذت جل وقت المؤتمرين من وزراء خارجية ورؤساء حكومات ورؤساء دول كانوا على قناعة تامة بأن رئاسة الإتحاد الأفريقي لن تؤول للسودان ما دام على رأس السلطة السودانية من هم فيها في الوقت الحاضر، وليس فقط بسبب مشكلة دارفور رغم أهميتها.
    أقول هذا وفي ذاكرتي دوماً الخطاب العروإسلامي الذي نزع به حكام الإنقاذ السودان من محيطه الجغرافي الطبيعي وألحقوه قسراً بما ألحوا على تسميته بالكيان العربي الإسلامي وقادوا بموجب ذلك حروباً ضارسة في جنوب السودان وغربه وشرقه ضد كل من لا ينتمي لهذا الكيان المزعوم.
    وكحالتهم دائماً في الرِشى وشراء النفوس، حاول النظام رشوة الحكام الأفارقة والتدليس عليهم بخطاب ضافٍ حول التراث الأفريقي المشترك والذي كان كماً منسياٌ طيلة ستة عشر عاماً من حكم الإنقاذ الذي بدأ عهده بمحاولة وزيره البائس وقتذاك عبد الله محمد أحمد، إزالة أصل الحضارة الإفريقية المتمثل في آثار النوبة وحضارة الحقبة المسيحية من متحف السودان القومي بحجة صنمية موجوداته، تمامأ كما فعل لاحقاً حكام طالبان مع تمثالي بوذا في باميان.
    وشاءت الإقدار أن يصل الأمر إلى منظمة اليونسكو، التي يحضر رئيسها إفتتاح القمة بوصفها قمة العلوم والثقافة، لتتدخل بطلب نقل الآثار إلى أي بلدٍ آخر إن كان حكام السودان لا يرغبون في بقائها لديهم، ذلك لأنها جزء من التراث الإنساني العالمي لا يحق لوزير مهوس التلاعب به خصوصاً وأن أموال إنقاذ آثار النوبة لم تأت إلا من اليونيسكو.
    في خطابه المطول، تحدث البشير عن السودان بوصفه إفريقيا مصغّرة، وكأني به يكتشف لأول مرة معلومة ظل يتحدث عنها طيلة غيبوبة الإسلاميين الحضارية، اساتذة إجلاء في قامة البروف الحقيقي (غير المزوَّر)، محمد عمر بشير، وأستاذ الأجيال جمال محمد أحمد وكتبا في ذلك أسفاراً حملها كالدواب، دون أن يفقهوا فيها شيئاً، بعضٌ مِن مَن يُطلق عليهم في الخرطوم خبراء الدراسات الإفريقيه. وقد كان لنا إسهام متواضع في ربط المفهوم الأدبي للغابة والصحراء بمفهوم سياسي عريض في حُلمٍ لنا بالعودة لمملكة مروي، التي ذكرها البشير بالخير، بوصفها الحضارة التي أرست دعائم النهضة الصناعية في ذلك الوقت السحيق من التاريخ بصهرها الحديد، ونقلها تلك التقنية المحدثة إلى اصقاع أفريقيا كافة...
    ما لم يذكره البشير في خطابه، ربما بسبب رواسب توجهه الإسلامي الحضاري، إنّ آلهة مروي عُبدت في كل القارة جنوب الصحراء، وذلك هو التأثير الحضاري الحقيقي الذي كنا نطمح ان نقود به القارة لا أن نستجديها بالموافقة على رئاسة مؤقتة لا تزيد على سنة ميلادية واحدة.
    إنّ حال نظام الخرطوم، في هذا المؤتمر، كحال حوت نهر التيميس الذي ترك فضاءه العريض ليسبح في نهرٍ ضيق الأفق لا يتقبله، وبعد مغامرة بائسة في مياه ضحلة حاول عبثاَ الرجوع إلى عالمه الذي ينتمي إليه فصده بقوة ظهرت جلية في رفض إفريقيا التي تنكّر لها دوماً في القبول به زعيماً عليها.
    تلك صفعة ليس كمثلها صفعة، غير أن نظام الإنقاذ مستلهماً الخطاب العروإسلامي المأزوم، أنحى باللائمة على القوى الأجنبية التي لا تريد للسودان خيراً...
    برأ النظام السوداني ساحة متخذي القرار، بل جردهم من مقدرتهم على إتخاذ القرارات المهمة وأدان اليمين الأمريكي والصهيونية العالمية وأوروبا الكلونيالية في التأثير على قرار الرؤوساء الأفارقة، وكأن حكاماً مناضلين في قامة ثابو أمبيكي وروبرت موغابي يمكن أن يصبحوا مطية في أيدي الإستعمار الأجنبي.
    إنه مفهوم التعالي على الأفارقة وبخسهم أشياءهم رغم أن نظام الإنقاذ لم يجد سواهم لحل مشاكله، بل ظل يتحجج بهم في رفضه للتدخل الأجنبي الذي لا أدري حتي لحظتي هذه ماذا عنى به حكام الخرطوم، لقناعتي بأن كل ما هو ليس بسوداني، يندرج تحت تعريف الأجنبي سواءاً كان عربياً أو إفريقياً...
    العقيد القذافي، وهو بالمناسبة "عربي ود قبايل"!!، جاء بورقة إعتبرها البعض مثيرة للجدل رغم أنها عين الحقيقة.
    الرجل قال "إنّ على أفريقيا أن تنأى بنفسها عن الشرق الأوسط حتى لا تنغمس فيما يمور به ذلك الشرق من فوضى وأعمال إرهاب وعدم فاعلية على النطاق الدولي".
    وقديماً قيل خذوا الحكمة من أفواه المجانين.
    هذه حكمة كان ينبغي أن يأخذ بها كل رموز الإسلامي السياسي السوداني سواءاً كانوا من الذين إرتدوا الجبب والعمائم، أم أولئك الذين وفدوا إلينا من أوكسفورد ولاسوربون، لأن السودان تاريخياً ليس له سواء هذا المحيط الأفريقي الذي كان يمنحه الريادة ويتأسى به في كل شيء منذ أن عرف حكام مروي طريقهم إلى جوف القارة السمراء...هذا كلام وثقه بروفسير أنتي ضيوف ووليام آدمز وشارل بونيه وغيرهم من علماء الآثار والمؤرخين الذين إعتبروا السودان قلب أفريقيا النابض ومهد حضارتها...
    أذكر أن الصديق أدَمَا ديينق السكرتير العام السابق للجنة الدولية للحقوقيين، والمدعي العام الحالي لمحكمة جرائم الحرب في رواندا، تحسر يوماً على مآل السودان والسودانيين عقب الإدانات المتلاحقة لنظام الخرطوم في المنظمات الدولية، وما كان يرد لمنظمته من إخبار لا تسر عن الوضع هناك...
    قال أدَمَا، إنهم في السنغال كانوا يعتبرون السودان ومثقفيه قدوة لهم وأنهم لم يترددوا يوماً في تقديم السودان لأي منصب دولي مهم ودعم ترشيحه واستقطاب التأييد الفراكفوني له...هذا الدعم والتأييد، وهو بالمناسبة يعني مساندة 52 دولة إفريقية لك، هو ما نفتقده اليوم في كافة المجالات لإنجرارنا خلف الوهم العروإسلامي الذي بدأ اصحابه الأصلاء ينفضّون عنه يوماً بعد يوم بعد أن جلب لهم من المشاكل ما لن يستطيعوا حله في قرن من الزمان...
    نتصدى لكل مشكلة عربية ونقف مدافعين عنها كأننا نريد أن ننفي عن أنفسنا عقدة الدونية أمام العرب العاربة...
    في إجتماع إتحاد المحامين العرب الأخير في دمشق، كان صوت إتحاد محاميي السودان، الذي يقوده نوبي "من إندِنا"، هو الأعلى دفاعاً عن سوريا من بين كل الأصوات التي استمعت إليها، حتى ظننت أن أسلاف عرب السودان قد وفدوا إلينا من الشام التي رفضت يوماً ما إنضمام السودان لجامعة الدول العربية، رغم تأييدي المطلق لها في موقفها ذاك...
    هذا الإتحاد زار وفد منه منطقة دارفور وجاء بتقريره الذي ذكر فيه بأنه لم يشهد حالة إغتصاب واحدة، وكأنما حالات الإغتصاب تُشاهد ولا تدون حسب إفادة المعتدى عليها أو عليه، وكأني بذلك الشخص قد ذهب إلى الفاشر أبو زكريا ليشهد فيلم بورنوغرافي لا أن يسجل حالة إعتداء وفقاً للمعايير القانونية التي من المفترض أن يكون قد درسها في الجامعة ومارسها كمحامي...
    نفس الإتحاد، طلب منه الرئيس الأسد، بطريقة مخاتِله evasive، أن يحقق في دور إسرائيل في موت ياسر عرفات، وقد قبل طوعاً القيام بهذه المهمة التي نعرف نتيجتها سلفاً وهي أن إسرائيل قد إغتالت أبو عمار رغم أن رأس أبو عمار كان مطلوباً في سوريا أكثر منه في إسرائيل...
    ولا أشك لحظة في توصل الإتحاد إلى هذه النتيجة، فذلك بعض من محصلة العقل العروإسلامي المغيّب عن الحقيقة والذي مضى في توهمه للقدرة الخارقة للكيان الصهيوني إلى درجة أنه جعل من إسرائيل إلهاً آخر كاد العروإسلاميون يعبدون قوته كما عَبَد قوم موسى عجل السامري...
    وزير الخارجية الأسبق ومستشار الرئيس الحالي يتوسط بين لبنان وسوريا في مشكلة عجزت كل من الرياض صاحبة إتفاق الطائف والقاهرة أم الدنيا، من حلها، فتصدى لها عنتر بن شداد العبسي الذي لم يتمكن من حل مشكلة شيخه الذي تخلى عنه، مع حواره، ولا حل مشكلة دارفور أو مشكلة الجنوب من قبل، ولا مشكلة السودان مع جارته إريتريا، والتي ظل يصب الزيت على نارها المتأججه التي لم تخمد إلا بعد تركه منصب الوزير...
    مشاكل السودان يتصدى لحلها الأفارقة والمجتمع الدولي بل حتى رئيس سلوفينيا الذي أشك في أنه قد زار السودان من قبل، قرر جزاه الله خيراً، طرح مبادرة لحل مشكلة دارفور وذكر إنه سيزور السودان لهذا الغرض...
    سلوفينيا التي تقع في وسط أوربا الشرقية تستنهض رئيسها ليحل مشكلة في أقاصي غرب السودان بينما مستشارنا الهمام يتوسط لحل مشكلة أناس لا يعيرونه أهتماماً، ألا يقدح هذا الأمر في أهلية هذه الحكومة في إدارة شئون البلاد والعباد؟...
    أعرف تماماً أن حكام السودان قد فقدوا عقولهم منذ أن إحتكموا للغيب ليديروا به الواقع المعيش، لكن أين الآخرين من هذا الذي يحدث؟...
    ورغم أني لا أدري كم من المبالغ قد صرفت على مفاوضات أبوجا وغيرها لحل مشكلة دار فور، أو تكلفة الحرب الدائرة هناك، لكني على قناعة بأن الجهد والوقت وتلك المبالغ لو بذلت جميعها في مجهود داخلي سوداني لإنحلت المشكلة وصُرف باقي المبلغ على إعادة التعمير...وقد كان في مقدور مستشار الرئيس أن يتبنى مقترح عقد مؤتمر جامع لأهل السودان ليجلسوا معاً ويناقشوا في هدوء كافة مشاكل الوطن الساخنة أو تلك التي في طور التسخين بدلاً من البحث في مشاكل دولٍ أخري فيصبح كمن ينطبق عليه المثل السوداني الدارج "غ.... وشايلهْ موسهْا تْطهر"
    وتصحيحاً لما أُسيء فهمه من أطروحات السودان الجديد، لا بد للمرء أن يذكر بأن مشكلة السودان ليست في أن أقوام من الأعراب المسلمين سكنوا هذا الجزء من الكرة الأرضية، بل أنها تكمن في أن هناك بعض من هؤلاء الأعراب تقمصه الفهم العروإسلاموي البائس في تفسير كل ما يدور حولنا في الكون وفقاً لمفهوم التآمر...
    الأصل في كل شيء هو المؤامرة...
    11 سبتمبر من صنع اليهود الذين غاب أربعة آلاف منهم عن المركز التجاري الدولي في ذلك اليوم، دون أن يذكر لنا فهمي هويدي، الذي إخترع كتاباً من بنات أفكاره ونسبه للموساد ليدين به د. قرنق، من هو الشخص الذي قام بعملية الإحصاء تلك...
    الزرقاوي لا وجود له في الواقع، هو فقط جزء من صناعة الخيال الأمريكي للإستمرار في حكم العراق...
    الحريري إغتالته المخابرات الإسرائيلية لتوريط سوريا في المسألة رغم أن في ذلك دليل على فشل الإستخبارات السورية التي كانت تتولى مسئولية الأمن في لبنان على مدى عقدين من الزمان...
    ياسر عرفات مات مسموماً بسمٍ زعاف لم تستطع كشفه مختبرات باستور الفرنسية التي ساهمت في إكتشاف مرض نقص المناعة المكتسبة...
    ليدي ديانا قتلتها المخابرات البريطانية حتى لا تلد شقيقاً مسلماً لوريث العرش البريطاني، علماً بأن ولي العهد الحالي الأمير شارلس، يكنّ للإسلام إحتراماً أشك في أن يوجد مثيله لدى محمد الفايد أو لدى الجماعات الإسلامية التي ترتزق من أموال الشعب البريطاني وتريد في نفس الوقت تدمير المجتمع الذي أحسن إليها.
    في قناة "العالم" الفضائية تمت إستضافة الدكتورة آمنة ضرار الأمينة العامة لمؤتمر البجه، وشخص آخر من لندن لا أذكر اسمه إلا أنه يبدو من مداخلاته أنه أقرب إلى المؤتمر الوطني منه إلى هموم أهله في شرق السودان... ثالثهم كان أمين السياسات وأحد منظري المؤتمر الوطني، الدكتور كمال عبيد، وهو الذي يهمني في هذا المقال.
    الرجل حصر كل مشكلة شرق السودان في أن بعضاً من الشيوعيين، عندما سقط مشروعهم في الإتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية لم يجدوا شيئاً يناضلون من أجله سوى التطفل على موائد الآخرين متصدرين مشاكل الأقليات والهوامش، ونصح أهل الشرق بالإهتمام بقضاياهم بعيداً عن التطفل الشيوعي...
    أولاً: لا أدري من هم الذين قصدهم الدكتور بشيوعيي الشرق، لكنني على علم تام بأن كل الذين يناضلون من أجل حقوق شرق السودان هم من أبناء ذلك الجزء العزيز من الوطن، حملوا همومه الحقيقية ولم يقتاتوا من فتات موائد المؤتمر الوطني على حساب الجوعى والمرضى والفقراء من ابناء جلدتهم...
    لقد عشت معظم طفولتي وردحاً من شبابي في شرق السودان وتنتمي جدتي لأمي لقبيلة البشاريين، وأعلم جيداً أنه ليس هناك أمة مهمشة أكثر من شعوب الشرق الأصيلة، البجه بتفريعاتهم المختلفة...وأذكر عند دخولنا جامعة الخرطوم في العام 1967، لم يكن بين دفعتنا من أبناء الشرق الأصيلين indigenous people، أكثر من 15 طالب وطالبة أعرفهم بالأسم، بينما كان هناك أكثر من مائة طالب من جنوب السودان وما يعادل ذلك العدد أو يزيد عليه من أبناء دار فور، فإن لم يكن التهميش في بناء قدرات الإنسان، ففي أي شكلٍ يكون التهميش إذن؟ لأن الأنسان القادر على البناء يستطيع أن يسهم في بناء منطقته المهمشة إقتصادياً ويرفع من قدرات مواطنيه الآخرين...
    ثانياً: لقد سقط أيضاً مشروعكم الحضاري يا دكتور بإعتراف مهندس المشروع نفسه الذي أعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، فلماذا لم تفعلوا ما فعله الحزب الشيوعي وتتبنوا مشاكل المهمشين مثلهم؟ أو لستم من تتبع خطوات ذلك الحزب في كل شيء حتى لإن دخل جحر ضبٍ دخلتم خلفه؟...
    ثم سؤال بريء خارج السياق، الإتفاق الذي وقعه نافع على نافع في حضورك مع أقوامٍ قادمين من الصين الشعبية، هل كان مع حزب الله الصيني أم حزب ماوتسي تونغ الماركسي اللينيني؟
    إذاً كيف تقول بسقوط الشيوعية وأنت توقِّع إتفاق صداقة وتعاون مع حزب شيوعي ما زالت راياته قانية، بل تخرج من طور الدبلوماسية وتعلن للملأ تمسكك بتبعية تايوان للصين، مع أن الأولى من أهل الكتاب أو البوذيين الموحدين؟...إنه الخطاب العروإسلامي المزدوج، وفقه الضرورة، ولكل حدثٍ حديث، وهو الذي يودي بالسودان إلى مهاوي التهلكة...غير أن الذي لا أفهمه كيف يحدث كل ذلك باسم الله؟...
    لقد تحدّث صديقنا الأستاذ خالد أبو أحمد عن مشاهداته لإطفال صغار يُزج بهم في حرب الجنوب في الميل 72، وقد كان وصفه كفيل بإدرار دمع أشد الناس قسوة ورغم ذلك فقد كان ذلك أيضاً فعلٌ يمارس باسم الله...
    أبو أحمد كان ضمن مجموعة برنامج ساحات الفداء الذي كان يتولى تقديمه حكّامة الإنقاذ! إسحق أحمد فضل الله، وشهادته في ذلك لا يجرحها جارح، رغم ذلك يريد دكتور كمال عبيد أن يقنعنا، في نفس البرنامج، بعدم وجود إبادة جماعية في السودان الذي عُرف بتداخل القبائل والإنسجام بين مواطنيه مما يحول دون إرتكاب إبادة جماعية كما ذكر...
    وربما كان هذا الكلام صحيحاً إلى حدٍ ما قبل أن تأتوا أنتم إلى السلطة وتقسموا السودان إلى دار حرب ودار سلام، بل وإلى كيان عربي إسلامي وكيان إفريقي، وللعلم هذا في حد ذاته أحد مفاهيم التطهير العرقي حسب مفهوم القانون الدولي، إذ أن إستهداف فئة من البشر بسبب عرقها أو جنسها أو لونها أو معتقداتها يعتبر تطهيراً عرقياً، أو ليس هذا ما حدث بالضبط في بورتسودان؟ ألم يكن كل الذين راحوا ضحية تلك المجزرة من أبناء البجه؟ بل من حيٍ واحدٍ في بورتسودان؟... وحتى يستوعب دكتور كمال المسألة، فإن عدد القتلى لا يؤخذ في الحسبان لتحديد ما إذا كان العمل المرتكب تطهيراً عرقياً أم إبادة جماعية...ما يحدد ذلك هو هوية القتلى إياً كان عددهم...وذلك بالضبط ما فعلتموه في الجنوب وجبال النوبة والأنقسنا ودارفور وأخيراً في شرق السودان...
    حقاً لقد إشترك معكم في هذه الأعمال بعض من أبناء تلك المناطق، لكنهم في نهاية المطاف ليسوا إلا مرتزقة أو كارهين لجنسهم حسب توصيف علم النفس لمثل هذه الحالة، وهو شيء فعله اليهود أيضاً حين شارك بعضهم في الإبادة الجماعية لإهلهم إلى جانب هتلر، بل استعان بهم الجستابو في تحديد هويات اليهود وأماكن أختبائهم...
    الذين استهدفتموهم بحملاتكم تلك كانوا جميعهم من شعوب إفريقيا الأصيلة، فكيف تريدون من الحكام الأفارقة، مع حساسية الماضي، أن يولوكم أمرهم وأيديكم ملطخة بدماء بعض منهم؟.... وقد يكون الأمر مقبولاً لو كانت حروبكم حروباً أهلية عادية كالتي تدور في أماكن كثيرة من القارة، لكنكم منذ البداية ديّنتم الحرب وجعلمتوها إثنية وذهبتم في البروبَغاندا إلى حد وصف الحركة الشعبية بإنها تريد أن تأفرق السودان وكأنما السودان ليس بلداً إفريقياً، وهو أمر ظل يردده معكم أيضاً الوجه الآخر من عُملة الإسلام السياسي، الإمام الصادق المهدي... أو أنها تريد أن تلغي الإسلام من السودان كما كنتم ترددون في برامجكم البائسة وقتذاك ... فهل ذاكرة الحكام الأفارقة قصيرة إلى هذا الحد حتى ينسوا لكم كل هذا؟
    الحكمة الدارجة تقول إنك لا تستطيع حجب عين الشمس بغربال، غير أن بعض الناس لا يكفون عن محاولة ذلك، وهو ما يجعلهم يتوهمون أشياء لا تخطر على بال شخص عاقل...
    الغرب أجندته معروفة ومكشوفة ولم يخفها يوماً: فَسْح مجال الإستثمار أمام الشركات الغربية لتحقيق أكبر قدر من الأرباح لتُسهم، بفرض الضرائب عليها، في تغطية تكلفة مجتمع الرفاه، مع خلق المزيد من فرص العمل لأبنائه...
    هدف واضح وصريح، وليس له علاقة بدينكم أو إيمانكم أو إثنيتكم...
    فَهْم هذه المعادلة والتعامل معها بالقدر الذي يمكننا من الإستفادة منها في شراكة لتنمية السودان، هو التحدي الذي يواجه كل سياسي ذي بصيرة...هذا ما فعلته النمور الأسيوية وبينها دولة إسلامية شبيه في تركيبتها الإثنية بدولتنا، وهو عين ما فعلته دول أمريكا اللاتينية التي استطاع البعض منها كالبرازيل والأرجنتين من تسديد ديون كانت تُحسب بمئات المليارات وهوما ينفي مقولة إن مثل هذه الديون لن تُسدد لأنها ربوية...
    ما دون ذلك هو هرطقة لن تقودنا إلا إلى قاع التخلف، وإنجرار نحو العقل العروإسلامي المصاب بالبارانويا...ومن سوء حظ السودان أنّ عروبييه ومسلميه لم يستلهموا شيئاً من كل ذلك التراث سوى فقه المؤامرة الذي أصبح يتغذي عليه الجميع...
    الفكر العروبي هو الذي رفدنا يوماً بشعار "لا صوت يعلو على صوت المعركة"، وبه تم إخضاع شعوب المنطقة لحكام أراذل نهبوا كل ما وقع تحت إيديهم من أموال شعوبهم المخدّرة بالمعارك من أمها إلى أختها إلى إبنة خالها...وبعد كامب ديفيد وأوسلو وأخواتها بدأنا مع الإسلام السياسي حدوة جديدة هي التآمر الغربي على العرب والمسلمين، مع أن أكبر متآمر على هذه الشعوب هم حكامها، بالإضافة إلى الجهل الذي يعيشونه والغيبوبة الحضارية التي أُخِضعوا لها بفضل الخطاب الشعبوي للإسلام السياسي والمسلسل المصري وقناة الجزيرة...
    صدقوني إن مشكلة دار فور ليست من صنع الغرب كما يدعي فقه المؤامرة... ويقول المنطق إن ليس للغرب مصلحة في تأجيج الصراع في منطقة يعتقد البعض إن بها كنوز النبي سليمان، ومن البديهي أن يهتم الغرب بإستخراج تلك الكنوز إن وجدت حقاً، لا أن يشعلها ناراً لا يدري هو كيف يطفئها، كما أنه لم يكن هناك وجود غربي أصلاً في تلك المنطقة قبل إندلاع المعارك...
    مشكلة دار فور صناعة سودانية بحتة تمتلك الحكومة حق براءة إختراعها، وحلها في يد هذه الحكومة، لكنها لا تريد ذلك لإسباب لا يعلمها إلا حكام الخرطوم...
    طلبات حملة السلاح في غاية البساطة، وأيّدهم فيها مؤتمر أهل دار فور الجامع الذي تولت رعايته الحكومة، إذن ما هو المانع في تلبيتها إن كان البعض يحرص حقاً على إستقرار السودان وعدم تأجيج الصراعات فيه لغرض في نفس أجهزة الأمن وجنرالات الحرب؟
    السودان الذي وُلد في الأول من يناير من عام 1956 قد قبرته إتفاقية نيافاشا، وهناك حِملٌ جديد في رحم الأمة السودانية، لكنه شائه، وما لم نتدخل جينياً لإصلاحه قبل ميلاده سنفاجأ بمولود منغولي...علينا إذن، لتفادي هذه المأساة، الجلوس على طاولة مفاوضات تعيننا على كيفية هندسة جينات مخلوقنا الجديد...و لا أخال ذلك بالأمر الصعب، حيث ليس علينا أن نعيد إختراع العجلة من جديد، فهناك تجارب كثير من شعوب العالم أوضحت أن السبيل الأمثل للحكم الرشيد في الحالات المماثلة للسودان، هو النظام الفيدرالي...علينا إذن أن نبدأ مناقشة هذه المسألة بصورة جادة ففيها الحل لمشكلات أقاليم السودان الخمسة ومن ثم الحل الدائم لإشكالية كيفية حُكم السودان...
    هذا الأمر يجب أن يحدث قبل الإنتخابات المزمع إقامتها وفقاً لإتفاقية السلام، لأن الإنتخابات يجب أن تجري وفق المفهوم الذي سيتفق عليه الناس لحكم السودان...
    غير أنني على قناعة تامة بأن حكام الإنقاذ لن يتبنوا هذه الفكرة لسبب بسيط، هو إعتقادهم الجازم بأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، وهو أمر لا يتأتى لبشرٍ لا يُوحى إليه، ويتنافى مع ما يعرف بالوعي المدني civic consciousness الذي عادة ما يتمتع به من يتصدى للعمل العام ليتقي به شر نفسه... تخلصهم من هذه العقدة سيخلص السودان من شرور كثيرة قادمة، وسيخلصهم من شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم...ولو كنت مكانهم لأدرت الأزمة بمفهوم مختلف عن ما يفعلونه اليوم، ولأوقفت سرعة العد التنازلي التي يهوى بها النظام، ولحفظت ماء وجهي وأكتسبت عمراً جديداً بالتصالح الحقيقي مع أبناء الشعب السوداني بالكف عن إدعاء تمثيلهم، ومن ثم طرحت الأمر برمته للإستفتاء الشعبي ليأتي من يأتي لحكم السودان دون تدليس أوتزوير أو إستغلال نفوذ كما حدث في إنتخابات المزارعين والمحامين...
    "إنّ شر الدواب عند الله الصُمُ البُكُم الذين لا يعقِلون* ولو علِمَ الله فيهم خيراً لأسمَعَهُم، ولو أسمَعَهُم لتولَّوا وهم معرِضُون*" الأنفال 22-23
    ويبدو أن بعضاً من تلكم الدواب "مِكَنْكِش" كالنمل السليماني، في حكم السودان... عليه فمن واجب منظمات المجتمع المدني أن تبدأ عملاً مع حاملي السلاح في الأقاليم المختلفة للضغط بصورة فاعلة على الحكومة للقبول بعقد مؤتمر يناقش هذه المسألة، أو تجاوزها في ذلك إن لم ترعوي...واقول منظمات المجتمع المدني لفقداني الثقة فيما يسمى بالأحزاب السياسية التي لا يرغب بعضها في تغيير هيكل الحكم الذي ورثناه من الإستعمار لأن ذلك سيفقدها هيمنتها المو######## على السودان بنقله السلطة من المركز إلى الهامش...
    وعندما نصل للمعادلة الصائبة والصيغة المرضية لحكم السودان، لن نجد من يقف في وجهنا في أي محفلٍ كان بسبب عروبتنا أو إسلامنا، لأننا لسنا الوحيدين في هذا العالم من يتحدث اللغة العربية أو يعتنق الديانة الإسلامية...فهناك عرب أقحاح يحتضون الحرمين الشريفين لم يمسسهم أحدٌ بسوء سوى الفئة الضالة من أبنائهم!...
    وقتها، ستعود إفريقيا لنا وغداً نعود ... للغابة الغنَّاء والكوخ الموشّح بالورود.
    محمد موسى جبارة
    28 يناير 2006
    www.sudaneseonline.com[/B]
                  

02-02-2006, 03:34 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي (Re: مكي النور)

    up
                  

02-03-2006, 03:34 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي (Re: مكي النور)

    ......
                  

02-04-2006, 03:34 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي (Re: مكي النور)

    .
                  

02-12-2006, 04:32 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رازه ونطّاحه، محمد موسي جبارة يكتب عن رفض رئاسة السودان للاتحاد الأفريقي (Re: مكي النور)

    >>>
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de