اِنتقام التاريخ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-22-2006, 07:15 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اِنتقام التاريخ

    هذه ترجمة ( لتلخيص) بعض ابواب الكتاب المهم
    " انتقام التاريخ
    الماركسية وثورات شرق اروبا "
    لآليكس كولينكس
                  

01-22-2006, 07:17 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    انتقام التاريخ
    الماركسية وثورات شرق اروبا
    اليكس كولينكوس
    ترجمة عصام على

    كان شيئا نادرا ذلك الذى حدث فى الشهور الاخيرة من عام 1989 . فقد كانت بحق احداثا هزت العالم . سقطت ستة انظمة ( بولندا , الميجر , المانيا الشرقية , بلغاريا , تشيكوسلوفاكيا و رومانيا ) كانت تعتنق دينا رسميا اسمه الماركسية اللينينية ، بعد ان حولت الى مؤسسة فخمة من الايديولوجيا الصمدة , بفعل القيادة البيروقراطية لبنية تلك الدول ومنذ زمن بعيد قبل السقوط .
    لقد تم الاستنتاج وبشكل مريح : ان انهيار حكم الاحزاب الشيوعية هو انهيار الماركسية , هو موت الاشتراكية نفسها . ان الهدف من هذا الكتاب هو ضحد ذلك الاستنتاج . هو نفى ان موت الاستالينية هو موت لثقاليد الاشتراكية الثورية كما اسسها ماركس .
    الكتاب يخاطب بعض اليسار بسبب فشله فى فهم واقعة الانهيار . وفى تحديد اسباب غياب الفهم نجد انها اسباب سياسة . فمثقفوا اليسار افترضوا وجود تقليدين اشتراكيين فى اى لحظة . الاول : الذى سمى بالشيوعية الارثوذكسية , او الماركسية اللينينية - والتى اسميها الاستالينية – وهى الايديولوجيا الرسمية لدول المعسكر الاشتراكى , والتى ربطت الاشتراكية بنظام الحزب الواحد والادارة والتحكم البيروقراطيين لللاقتصاد . والثانى : هو الاشتراكية الديموقراطية ( تجارب ميتران - قونزالز وبابنديريوس فى الثمانينات .) . وهى التى طمحت الى تحويل الرأسمالية داخل اطار الديموقراطية اليبرالية الغربية . نحاول هنا اثبات ان هناك خيارا ثالثا تؤسس له التقاليد الثورية التى ارساها ماركس وانجلز , لينين والبولشفيك , لوكسيمبورج , قرامشى و اخرون . اسمى ( مع ايزاك دويتشر ) هذة التقاليد بالماركسية الكلاسيكية , وانفى ان استالين مثل استمرارا لها . فلم تقود اللينينية الى الاستالينية , ولم تكن الاخيرة امتدادا منطقيا للاولى . فقد كانت الاستالينية ثورة مضادة للثورة البلشفية , صفت كل شئ سعت ثورة اكتوبر لانجازه . ويمكن بالتالى وضع الاطروحة المنطقية التالية : انه اذا كان ذلك صحيحا ¬- وهو ممكن الاثبات من مجمل الوقائع التاريخية – اِذا فمعنى انهيار دول شرق اروبا , ياخذ معنى مغاير للمعنى الذى اضفى عليها . فاِن ما سقط فى شرق اروبا ليس المشروع الاشتراكى - صحيحا او مشوها - وانما نفى ونقيض هذا المشروع . أن غياب تلك التجربة يفتح المجال واسعا لانبثاق التقاليد الماركسية الاصيلة مجددا، فى ضوء النهار ، على عتبة التاريخ .

    الفصل الاول
    نهاية الاشتراكية ؟

    " الثورة هى هياج الفوضى الملهمة للتاريخ " تروتسكى .

    1-1 : الفوضى الملهمة للتاريخ :
    يبدو مدهشا ان يكون عام 1989 هو عام الثورة . فقد كان المزاج الاروبى محافظا وبشكل عميق , ومبتهجا بدورة الانعاش الاقتصادى , تلك التى استمرت خلال الثمانينات . كانت فكرة الثورة غائبة عن الافق الاروبى , فقد تمت ادانتها باعتبارها فعلا سيئا , دمويا وفاقد العقل . لقد تحققت صرخة دانيال بل (D. Bell ) بموت الايديولوجيا (1952). فبالنسبة للبرجوازى المتوسط – صاحب الياقة البيضاء – اكتملت الحياة , بقليل من الكوميديا الاجتماعية يبثها التليفزيون فى حلقات , وبحصاد الملذات وقلقها فى العلاقات الخاصة . والخطاب ما بعد الحداثى موجود لكل من يطلب تطمينات معرفية بصدد هذا النمط من الوجود . ففلاسفتهم على شاكلة ريتشارد رورتى على اهبة الاستعداد لاعلان موت السرديات الكبرى - التى بناها ماركس وهيجل- و لاقامة مراسم الاحتفاء النقدى الحديت بثقافة السعى وراء الكمال الشخصى .
    لقد تداعت عمليات الاصلاح التى بدأها جورباتشوف فى 1985 لتقود الى نتائج لم تكن متوقعة فى شرق اروبا . ففى 1989 ذهبت نقابة التتضامن من منظمة محظورة الى كراسى السلطة فى تحالف مع الحزب , الذى حل لاحقا !. فى اكتوبر 1985 رفض قورباتشوف قمع المظاهرات فى المانيا الشرقية لينهار الحائط فى 9 نوفمبر . وتوالت الاحداث فى تشيكوسلوفاكيا , واطاحت بشاوسيسكو انتفاضة مسلحة ، ارسلته الى غياب نهائى , وسارت باقى دول شرق اروبا فى طريق الديموقراطية الليبرالية .
    شكلت تلك الاحداث معان مختلفة لدى صانيعيها عن المعانى التى استبطنها مشاهدوا اجهزة التلفزيون فى الغرب . فالمعلقون الغربيون نسوا لعناتهم السابقة للثورة . واحتفوا بقتل شاوسيسكو بينما لعنوا فى السابق مقتل لويس السادس عشر ونيكولاى الثانى . هيو تروفر-روبر شيخ المؤرخين المحافظين يقول : " لاشك ان محاكمة رسمية كانت ستبدو افضل . ولكن فى الثورات تتسارع الاحداث وعلى الرجال أن يتصرفوا . ان الديكتاتوريين الذين حطموا بلدانهم , تنازلوا بجرائمهم عن حقوقهم المدنية . انهم اعداء الجنس الانسانى , وعليهم معرفة هذا . أما التاريخ فيمكنه أن يلحق فيما بعد " ( الثورة المتوجة . مجلة الاندبندانت 6 يناير 1990 )
    1-2 : وداعا ماركس ؟
    كم هو غريب ان تكون اكثر التفسيرات لما حدث هى انتصار الليبرالية الاقتصادية والسياسية . ذلك الانتصار الذى لايعّلم فقط لانتصار الغرب , بل وموت التاريخ , والذى يعنى بلوغ القمة فى التطور الايديولوجى للنوع الانسانى والسيادة العالمية للديموقراطية الليبرالية الغربية .. وبين موت التاريخ وموت السرديات الكبرى , تظهر المترتبات السياسة واضحة : لقد انتصر الرأسمال وماتت الاشتراكية . ريز موج محرر التايمز - من اكبر المثقفين المؤيدين لتاتشر - يقول : " ماركس رسول متوفى ".
    المثير للدهشة ايضا , موقف الانتليجنسيا اليسارية الليبرالية , والذين تشاركوا فى احساس عام بان ماحدث هو انغلاق الخيارات ! روبرت هيلبورنر (Heilborner ) اقتصادى امريكى تجول طويلا فى المسافة بين ماركس والليبرالية , - وقد نادى بضرورة التخطيط الاقتصادى كوسيلة لمد النظام الراسمالى باسباب الحياة - يقول الان , انه بعد 75 سنة من ظهور التنافس بين الاشتراكية و الرأسمالية , هاهى الاخيرة تفوز .
    أما عن موقف الشيوعيين – بالذات فى اروبا - فحدث ولا حرج ! محرر " الماركسية اليوم " مارتن جاكى يقول " ان الحركة الشيوعية العالمية تقف الان فى نقطة النهاية " ! . وفى مارس 1990 اصدر الحزب الشيوعى الايطالى قرارا بتحويل الحزب الى ديموقراطى والتخلى عن اسم الحزب (اصبح الحزب الديموقراطى لليسار – المترجم ) . . لقد كان تحول الاحزاب الشيوعية الى احزاب اشتراكية ديموقراطية , عملية قديمة تجد جذورها فى الجبهة الشعبية . (Populr Front) . وقد ظهرت فى شكلها الدراماتيكى فى الشيوعية الاروبية فى السبعينات . وما فعله انهيار دول اوروبا الشرقية , هو فقط تسارع هذه العملية . وهى عملية امتدت لخارج اروبا لتضم احزابا مثل الشيوعى فى جنوب افريقيا . ففى 1990 قدم سكرتير الحزب جو سلوفو , ورقة للنقاش بعنوان : هل فشلت الاشتراكية ؟ وفى الورقة اسقط فجاءة الحمولة الايديولوجية التى حملها الحزب لاكثر من 60 عاما , ليعلن الانحراف المؤسسى للاتحاد السوفيتى عن مبادئ ماركس ولينين , وليضع – للمفارقة - خط الحزب بعزم فى طريق يؤدى الى الديموقراطية الاشتراكية. اِن هذه السرعة فى اجراء تلك التغييرات الجذرية , لا تستدعى سوى الريبة فى امرها . فتلك الاكتشافات التى اظهرتها الجلاسنوست , كانت معروفة لكل من اراد - ومنذ الثلاثينات و مجددا فى الخمسينات على عهد خرتشوف - الاطلاع على جرائم الاستالينية . لقد كان الفقر الاخلاقى للاستالينية معروفا , وما تغير فقط هو انهيارها كنظام للقوة .
    اذن الكل يتغنى بانتصار الرأسمالية . اليسار يحلم برأسمالية ذات وجه انسانى . رأسمالية لا يقودها امثال بوش وتاتشر . وبدلا عن منح افق مغاير لليبرالية الغربية , يعمل الان الاشتراكيون فى اطارها ليعالجوا اخفاقاتها . اِن الاشتراكية كنظام اقتصادى اجتماعى مغاير , كنمط انتاج فى براح الفضاء الماركسى , يبدو بعيدا !
    1-3 : الماركسية نقيض الاستالينية :
    الاستالينية – فى تقديرى - ليسث حكم فرد او مجموعة معتقدات . بل هى كل نظام القوة الاجتماعية الذى تبلور فى الثلاثينات , وانتقل الى اروبا فى منتصف الاربعينات حتى اِنهيارها . اِنه نظام تميز بالتحكم المنظم التراتبى
    )Hierarchically organized control)
    لكل مناحى الحياة الاجتماعية والاقتصادية و السياسية و الثقافية . نظام تتحكم فيه اوليجارشية ضيقة تجلس على قمة جهاز الدولة/الحزب .
    عليه فاِن اطروحة المساواه بين الماركسية والاستالينية تقصد ان تقول : ان الاستالينية هى التطبيق العملى للتقاليد الماركسية ! هذه المساواة تفترض معادلة اخرى , هى الماركسية = الينينية = الاستالينية وتخلق علاقة تواصلية بين فكر ماركس ومشروع الثورة البلشفية - الذى انتصر فى 1917 - و الشكل النهائى الذى اتخذه فى مرحلة ما بعد الثورة ( فى الثلاثينات ) . ان الدفاع كما الهجوم على المعادلة من قبل السابقين واللاحقين من اليمين والمهاجرين الجدد اليه , لايمكن حمله باتساق . اِن انقطاعا نوعيا يفصل الاستالينية عن اللينينية والماركسية . اِن هذا الانقطاع النوعى العميق يمكن متابعته فى الوثائق التاريخية , وفى المسيرة العملية التى حولت الحزب الشيوعى الى جهاز قوة مرعب فى نهاية الثلاثينات .
    لقد لاقت عملية التحول هذه مقاومة مستمرة , وبشكل ملحوظ من لينين فى الشهور الاخيرة من حياته العملية فى نهاية 22 وحتى بدايات 1923 . بعض قيادات البلشفيك – والذين ساهموا فى تحطيم تقاليد الصراع الداخلى وتقاليد حق الاختلاف بتحالفهم مع استالين فى العشرينات – أذهلهم قبح الغول الذى خلقوه , فقد همس بوخارين لغريمه فى قيادة التيار اليسارى كامينيف " اِن استالين هو جنكيزخان والذى سوف يقطع رقابنا جميعا " ( ملحق كتاب تروتسكى
    379.P, 1981, York New " Challenges of the left opposition " )
    المجموعة الوحيدة التى صارعت استالين باستمرار منذ 1923 وبعده , هى مجموعة تروتسكى ( مجموعة اليسار ) وقد قتل تروتسكى فى المنفى اما باقى العضوية فماتوا – عن بكرة ابيهم - فى معسكرات الغولاغ . لقد مثلت تقاليد المعارضة للاستالينية استمرارا لحيوية التقاليد الماركسية الكلاسيكية , وهى بذلك تشكل مصدرا معرفيا ووسيلة بحث اساسية فى تفسير ما حدث . فالمادية التاريخية تفسر قيام وسقوط التشكيلات الاجتماعية بسبب التناقضات الناشئة بين قوى وعلاقات الانتاج فى ارضية الصراع الطبقى . لقد ركز ماركس – كما نعرف - على نظام اقتصادى محدد , وهو الرأسمالية . وقد تم توسيع وتطوير منهجه بمساهمة بعض من المتقدمين الماركسيين . وقد تمثلت اهم سمات احياء ماركس بعد نهاية الستينات فى تقديم تدقيق نظرى واِضاءات عملية للمادية التاريخية كنظرية عامة لتطور وتحويل المجتمع الانسانى ككل الى جانب النظام اللاأسمالي . وقد شملت حركة احياء ماركس المساهمة الفذة لالتوسير وباليبار فى " قراءة راس المال " , وهندس وهيرست " انماط الانتاج قبل الراسمالية " , وهارمان " البنية التحتية والبنية الفوقية " وكالينوكس " صناعة التاريخ " .
    Balibar & Althusser : “ Reading Capital “
    Hindess & Hirst : “Pre-capitalist Modes of Production “
    Harman : “ Base and SupperStructure “
    Alex Callinicos “ Making History “.
    وغيرها , كلها دلالة على الحيوية المعرفية للمادية التاريخية . والماركسية بالطبع هى اكثر من نظرية اجتماعية قائمة على فهم تاريخى , فهى فكر نظرى متكامل قام برسم معالم مشروع سياسى للتحرر الانسانى . وهذا هو البعد الثانى الذى يجعل الماركسية ذات صلة بثورات شرق اروبا . فقد انجزت الماركسية تطوير بنية مفهومية محددة للاشتراكية كمشروع للتحرر الذاتى للطبقة العاملة . فالبروليتاريا هى محررة نفسها بنفسها , اى ان تحررها لايقوم به وبالنيابة عنها اى مجموعة مهما كانت ( طليعة استالينية او مجموعة ديموقراطيين اشتراكيين برلمانيين ) . ماركس يصف حركة الطبقة العاملة عندما يقول : " هى الحركة المستقلة للوعى الذاتى لكثرة غالبة من اجل مصلحة الكثرة الغالبة " أى اِنها حركة بناء الاشتراكية من اسفل , تلك الحركة النابعة من النشاط الذاتى للجماهير . وقد قام لينين بتطوير هذه الفكرة فى " الدولة و الثورة " , الكتاب الذى انبنت موضوعته الاساسية على تجربة السوفيتات ( هيئات مناديب عمال المصانع ) خلال تجربة الثورتين 1905 و 1917 , واعتبرها لينين ممثلة لاسس الدولة ونموذج للديموقراطية الراديكالية التى تمثل الاطار السياسى للانتقال للمجتمع الشيوعى . وهذا هو المفهوم الذى اعتمده , حيث تبدو المفارقة واضحة بينه وبين " الاشتراكية " التى سادت فى روسيا وشرق اروبا . وبهذا المستوى فان ما مات فيهما لم يكن الاشتراكية :
    1- اِن ذلك امر يتعلق بالحقيقة التاريخية - وليس على سبيل الشينة منكورة – فالشواهد والادلة موجودة على الاختلاف بين ماركس ولينين من جهة , ومجموعة مفاهيم وتنظير وممارسات النظام الاستالينى من الجهة الاخرى . اِن الاصرار على هذا الفرق مهم وحيوى فى الرد على اليمين .
    2- اِن ذلك الفهم للاشتراكية والذى اسس للاستراتيجيات وكامل الفعل الذى انجز ثورة اكتوبر , هو الفهم الذى حفز وقاد مساهمة من صنعوها , ويكون من المنطقى والمستقيم والتاريخى أن نقيم ثورة اكتوبر وفقا للمفاهيم الذاتية لمن صنعوها .
    3- وبالاستناد على الماركسية يمكن فهم مشاكل التجربة وتحولاتها . ولقد ابتدأ تروتسكى هذه العملية فى كتابه " خيانة الثورة " فى تفسيره الظاهرة الاستالينية وتوطئة اسبابها فى ظاهرة الندرة الماحقة التى سادت فى ظروف الحرب الاهلية 18-1921 والتى سببت بداية نشوء ظاهرة البيروقراطية ..
    وختم مداخلته مستنتنجا ان الاتحاد السوفيتى هو دولة للطبقة العاملة تعانى من التشوه الخلقى. فهى دولة نجحت فيها البيروقراطية فى الاستغلال السياسى للطبقة العاملة , بينما ابقت على البناء الاقتصادى الاجتماعى الذى تتأسس عليه قوة هذه الطبقة . والملاحظة السريعة لمعالجة ترتوسكى هذه , تكشف وقوعها فى التناقض . فالتحليل يقول بأن الطبقة العاملة هى الطبقة الحاكمة التى تمسك بجهاز الدولة الذى يمنعهم فى نفس الوقت من ممارسة اى فعالية سياسة ! ان تحليل تروتسكى يعطل العلاقة بين الاشتراكية وقضية التحرر الذاتى للطبقة . فتصبح الاشتراكية بنية يمكن فرضها من اعلى بالجيش الاحمر أو عصابات المزارعين المسلحين (تجربة الصين ). تونى كليف ( تروتسكوى فلسطينى ) يرفض هذا التحليل . ويرفض استمرار تروتسكى فى اعتبار الدولة السوفيتية كدولة عمال , بالرغم من ان البيروقراطية الاستالينية " لخبطت " ومزجت بشكل خاطئ بين تملك الدولة القانونى لوسائل الانتاج , وعلاقات الانتاج الصحيحة , بشكل ادى الى استبعاد الطبقة من اى شكل للادارة الفعالة للقوى المنتجة . يقرر كليف ان الدولة السوفيتية وشرق اروبا والصين , هى دولة الرأسمالية البيروقراطية . فهى دولة فى مجتمعات تقوم فيها البيروقراطية بدور البرجوازية فى الحياز على فائض القيمة واِدارة عملية التراكم . طور تونى كليف هذه المفاهيم والتى اسست لاحقا لكتابه " راسمالية الدولة فى روسيا " , وهو كتاب يتسم بالاهمية العالية , فقد وفر اطارا لفهم طبيعة وتطور النظام الاستالينى . ولقد تنبأ كليف بسقوط هذه الانظمة حين كتب : " اِن الصراع الطبقى فى روسيا , سيعبر حتما عن نفسه , فى انتفاضات متوافقة للملايين " !
    (The nature of Stalinist Russia, State Capitalism in Russia 1948. London, 1988, p 276)
                  

01-22-2006, 10:06 PM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    , thanx isam

    , i really enjoyed those analysis

    , it answered some questions raised to my mind by a tv program concerning Gorbachev work

    ! that make sense to my mind now

    .. thanx for the time and effort you gave us

    tahiyati
                  

01-23-2006, 11:38 AM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: Elmuez)

    الفصل الثانى

    هناك تفسير شائع – بروايات متعددة – لاسباب ومالات الثورة البلشفية , يكرره اليمين وبعض اليسار. جوهر هذا التفسير : أن الثورة جاءت كمحصلة لاجتماع ظروف تم بالصدفة . ولقد عسكت هذه الظروف فى صدفة اجتماعها , مخاطر الحرب اكثر مما عكست تطورا اجتماعيا طويل المدى لروسيا . هذا - بالضبط - ما مكن البولشفيك من امتلاك السلطة . ولقد اخترع لينين وصحبه طرقا واساليبا لاستمرار الثورة , ادت فى النهاية الى ولادة الاستالينية , والتى عنت وانجزت تمركز السلطة فى ايدى قلة موجودة فى قمة جهاز الدولة/الحزب . بعض الاكاديميين المفسرين للتاريخ , يرجع النزعات التسلطية على مدى تاريخ روسيا الى " الجوهر " شبه الاسيوى للمسوسكوفايت . بعض اخر يجعل من الثورة – الحرب الاهلية – النيب و الخطة الخمسية الاولى لاستالين , مراحل متعاقبة فى صيرورة واحدة. وتتواتر الروايات المتعددة للتفسير الشائع لمالات الثورة البلشفية , لتطرح مختلف الصيغ التى تربط بين الثورة ونظام استالين .
    اِن تحديد قيام الثورة البلشفية بالصدفة , لهو امر خاطئ بوضوح . فهو تحديد يتجاهل الازمة العامة التى كانت تمر بها اجهزة الدولة فى كل اروبا , بعد نهاية الحرب العالمية الاولى . فقد اطاحت ثورة 19 نوفمبر بنظام كايزر فى المانيا , ولقد اعتبرت سنة 1919 من اقسى الفترات التى عانتها الدولة فى بريطانيا منذ الشارتيين . وقد احتل العمال الايطاليون المصانع فى سبتمبر 1920 . ( يصف فيكتور سيرجى المشهد الاروبى قائلا " مظاهرات فى باريس , فى لندن , ثورة فى بلجيكا , انتصار للسوفيتات فى بلغاريا , مظاهرات فى كوبنهاجن. اِنه , وللحقيقة , فقد كانت كل اروبا فى حركة , مجالس العمال يتوالى ظهورها فى كل مكان , حتى فى وسط جيوش الحلفاء . اى شئ ممكن , اى شئ" - المترجم) . فى تلك الظروف , وخلال الحرب العالمية الاولى , توصل بوخارين للنظرية الماركسية حول الامبريالية مفسرا الصراع العسكرى للقوى العظمى , بالاتجاه لتركيز ومركزة راس المال , والذى يجد اعلى تعبيراته فى الاتجاه نحو رأسمالية الدولة . اِن التنافس بين المنشأءات تم تبديله بالتنافس بين الدول .
    من هذا المدخل جاءت معالجة لينين المشهورة والتى قررت أن روسيا هى اضعف الحلقات فى السلسلة الامبريالية . وقد لاحظ تروتسكى ماسماه بميزة التخلف. فقد اتاح التخلف لروسيا استيراد تكنولوجيا صناعية متقدمة , وقد قاد ذلك الى ولادة وتركيز طبقة عاملة فى اكبر المصانع واكثرها تقدما . مما مكنها من ممارسة تاثيرا اكبر من حجمها , فقادت جماهير فقراء الفلاحين فى ثورة ليست ضد القيصر فحسب وانما ضد الرأسمالية .
    لماذا كان البولشفيك هم المستفيدون من كل هذه الظروف ؟ لقد جاءت البلشفية نتيجة لالتقاء ثلاثة تيارات :
    1- التقاليد النضالية التى راكمها المثقفون الروس فى صراعهم ضد القيصر , وبدوافع تطلعاتهم التى ساعدت النظرية الاجتماعية والسياسية الاروبية فى تكوينها .
    2- الماركسية الكلاسيكية ومشاريع تطبيقها على الواقع الروسى .
    3- حركة الطبقة العاملة الصاعدة والتى نظمت نفسها فى مجال العمل ( السوفيتات ) , والتى اصبحت الشكل التنظيمى فى تحقيق الثورة .
    لقد حبذ لينين منظمة منضبطة بشكل عالى كما فى " ما العمل " . ولكن تم التخلى عن تلك الصيغة خلال ثورة 1905 , ومرة اخرى خلال الانعطاف الكبير نحو الحزب فى الفترة 10-1914. وفى التخلى عن تلك التراتبية الصارمة , اصبح الحزب جماهيريا وعاكسا لكل وجهات النظر داخل المصنع . أنظر كتاب :
    M. Liebman “ Leninism under Lenin “ London, 1957
    لآحظ اليكساندر رابينوفتش أن بنية الحزب خلال الثورة فى 1917 عكست تنظيما مختلفا جدا عن تراتبية خانقة مفترضة فى المنهج اللينينى . بل بالعكس , فاللجنة المركزية كانت غير قادرة على السيطرة على سلوك المنظمات الاقليمية ولم تحاول الا نادرا . يقول رابينوفتش " اِن المرونة النسبية للحزب , الى جانب استجابته لمزاج الجماهير السائد , كانت ذات علاقة لا تقل اهمية فى انجاز الثورة تماما مثل علاقة الانضباط الثورى بها " .
    (Alexandre Rabinovitch, “ The Bolsheviks Come to Power”, London, 1969)
    لقد اتسم النقاش الداخلى للحزب بالحيوية المتدفقة , فكانت جماع وصفه وسبب وجوده وهى تجرى على جميع مستويات الحزب التنظيمية . مارس اعضاء اللجنة المركزية الاختلاف وبشكل علنى , وكثيرا ما وجد لينين نفسه ضمن اقلية , وبصدد مواضيع شديدة الاهمية , مثل استراتجية الحزب بصدد معارضة الحكومة الاقليمية فى سانت بيتربيرج , ومثل القرار بتنظيم الانتفاضة فى اكتوبر نفسها , واتفاقية برست ليتوفسك فى 1918 ( محاضر الاجتماعات ) .
    عمال القطاع الصناعى - الذين شكلوا اغلبية العضوية فى الحزب , بالذات فى الفترة فبراير-اغسطس 1917 عنما زادت عضويتهم بأكثر من عشر مرات - , وبالاستناد على تجاربهم فى النقابات ولجان المصانع و السوفيتات , كانوا كثيرا ما يقدمون مطالبهم بالتحرك وينفذوها لتتبعهم قيادة الحزب . والسؤال كيف امكن لهذة الثورة ان تذهب الى هذا الختام السئ ؟ ماهى الظروف التى ادت لتحول ديموقراطية السوفيتات الى نظام مطلق السلطة ؟
    يقترح فيكتور سيرجى- فى الايجابة على السؤال - بذل الانتباه الحاد للظروف التاريخية التى ادت الى تحول ديموقراطية السوفيتات الى نظام تسلطى. فقد جاء فى مقدمة هذه الظروف , الانهيار الاقتصادى , وندرة الغذاء , وفقد الوظيفة , وقفل المصانع. اِن انفجار الحرب الاهلية فى 1918 , والحصار الذى فرضته دول التحالف الغربى , دفع وضعا سيئا الى اتون الكارثة . وبسبب الندرة القاتلة لمدخلات الانتاج اِنكمشت الصناعة بشكل عميق وواسع . اِنخفضت اعداد الطبقة العاملة الحضرية , عندما قفلت المصانع وفر الجميع الى الريف بحثا عن الغذاء . فقد انخفض عدد العاملين من حوالى 3 مليون فى 1920 الى حوالى مليون فى 1921 . لاحظ واقع التردى العميق فى ظروف شديدة القسوة فى الفترة 1918- 1921. احتضنت هذا التردى وبشكال اعمق , بتروجراد عاصمة الثورة . انخفض عدد العمال المستخدمين فى المصانع حوالى 71 الف عامل فى اكتوبر 1918 , من حوالى نصف مليون فى ابريل من نفس السنة , اى خلال 6 شهور فقط (تونى كليف المرجع السابق) .
    لم تكن تلك التحولات فى بنية الطبقة العاملة كمية فقط وانما نوعية كذلك . فقد لاحظ ديفيد مانديل
    ( لقد فقدت المصانع مجموعة من العناصر الراديكالية النشطة , ومجموعات من شباب الطبقة و الحزب , الذين برزوا كقيادات طبيعية فى مجرى الثورة . فقد ذهبوا لخدمة الدولة الوليدة كجنود فى الجيش الاحمر , أو موظفين لدى جهاز الدولة .)
    (Mandel, D. “ Petrograd worker and Soviet seizure “ p383)

    .لقد كان الحزب البلشفى حاكما باِسم الطبقة العملة وهى الطبقة التى كانت موجودة كشبح , تصارع من اجل البقاء فى الحرب الاهلية 1918-1921 . فى ظروف الحرب , اضطر الحزب وبشكل متزايد للجوء الى القمع لادارة الحكم . , فقد عاناه حتى المنشفيك عندما ساندوا البيض(Whites) فى الحرب . لآقى البلشفيك انواع الرعب التى وجهت ضدهم بافظع منها, والتى خططتها ونفذها البوليس السرى ( الشيكا ) . أخذ القمح عنوة من المزارعين , تم تاميم الصناعة - ضد رغبات لينين الابتدائية – لتفادى الانهيار الكامل للقطاع الصناعى . الى جانب مجموعة اجراءات اخرى اقتصادية واجتماعية , كونت ما عرف بشيوعية الحرب . وهى مجموعة اجراءات ساوت بين سياسات الدولة فى ذلك الوقت (نظام الكوتة) - أى تلك الاجراءات التى فرضتها ظروف الحرب الكالحة - وتلك المطلوبة لتمهيد الطريق لبناء الاشتراكية . لقد صار الاستثناء طبيعيا . ولم ينج الحزب من هدير التحولات , فقد تحول الى جهاز منظم بيروقراطيا , تصدر فيه القوة وتتنزل من اعلى الى اسفل خلال شبكة من السكرتيرين المعينين الذين لم ينتخبهم احد . وترتب على ذلك نجاح نظام القوة هذا فى بسط سيطرته المتزايدة على جهاز الدولة و الحزب لدرجة التدخل فى اختيار مناديب مؤتمرات الحزب ( تونى كليف , المرجع السابق ) .
    لقد حاجج ماركس فى الايديولوجيا الالمانية " تكون الشيوعية ممكنة فقط , كفعل لكل الناس فى لحظة واحدة متزامنة . وهو فعل يشترط التطور السابق
    للقوى المنتجة , والذى بدونه يكون الحرمان والرغبة شأنا عاما . وفى وجود الحرمان يبدأ الصراع مجددا من اجل الضروريات , وبه - حتما - تستعاد كل القاذورات السابقة ."
    بالتأكيد لم يكن فى تصور البلشفيك بناء الاشتراكية فى روسيا , وهى اكثر بلدان اروبا تاخرا , يسود شعبها اكثرية من المزارعين . لقد كانت الفكرة الاستراتيجية هى ان الاستيلاء على السلطة يمثل ضربة البداية لعملية ثورية تنتظم العالم. فلقد اعلن لينين فى يناير 1918 " اِن الانتصار النهائى للاشتراكية فى بلد واحد هو من المستحيلات. واِنه بدون الثورة فى المانيا , سيؤل مصيرنا للهلاك . " و قد قادت هذه القناعات الى تاسيس منظمة الشيوعية الدولية , بغرض نشر الثورة فى البلدان الاروبية المتقدمة . وقد نجحت الدولية فى ضم جزء كبير من حركة الطبقة العاملة , الى صفوفها . ولكن , وبالرغم من ذلك , لاقى الفشل مشروع الثورة فى المانيا فى الفترة 1919-1923 , عندما تحالف الديموقراطيين الاشترالكيين مع ضباط الجيش والصناعيين لتنظيم ثورة مضادة حطمت مجالس العمال وجمهورية بافاريا السوفيتية . وفى نفس الوقت تعرضت روسيا للغزو من قبل جيوش 14 دولة , فى محاولة لاسترداد النظام القديم.
    لقد استمر نظام البلشفيك يعانى العزلة الضاربة . حتى فى ظروف خراب اروبا بسبب الحرب العالمية الاولى . لقد خرجت دولة الثورة العمالية منتصرة فى الحرب الاهلية , لتستوى على بناء اقتصادى مهشم , وعداء متزايد من قبل اغلبية قاطنى الريف , وقلة فى الانفس .
    لقد كان البلشفيك هو الحزب الوحيد الذى ايد استيلاء المزارعين على الاراضى ونزعها من طبقة الملاك فى 1917 . ولقد كان لذلك اثرا فعالا فى تعاطفهم مع الثورة . بل أن خوفهم من عودة الملاك كان من العوامل الحاسمة فى انتصار الحزب فى الحرب الاهلية . لقد ترتب على المعالجات الثورية لقضية الارض عددا من النتائج , كان من بعضها الاجتماعى , زيادة عدد فئة المزارعين اصحاب الحيازات الصغيرة والمتوسطة .فقد ازداد عددهم من 17 مليون فى بداية الثورة , الى 23 مليون بعد مضئ خمسة سنوات من عمرها . وضمن 3 فئات اجتماعية , ازدادت اهمية فئة المزارع المتوسط الذى يعتمد على عمل عائلته , مقارنة بشبه الرأسماليين-الكولاك , وشبه البروليتاريين من فقراء المزارعين . لقد ادت سياسات البولشفيك الرامية الى تحجيم تجارة الحبوب وتوفير الغذاء للمدن بنزع المحاصيل ومصادرة وتاميم حيازات كبار الملاك , الى اِبتعاد سكان الريف عن السلطة الجديدة . فقد راؤا فى هذه السياسات تهديدا لحيازاتهم الصغيرة .
    (Roi Medvedev . “The October Revolution” London,1979.)
    لقد اعترف لينين بمحنة البولشفيك فى يناير 1921: "ما نملكه حقيقة هو دولة عمال تمتلك هذه الخصائص المميزة:
    اولا:- يكون المزارعون فيها اغليبة السكان , وليس الطبقة العاملة .
    ثانيا :- انها دولة عمال تعانى من تشوهات بيروقراطية " .
    فهى دولة – اذن - فى زمن ملاحظة لينين , احاطها عاليا التوتر الاجتماعى الجماهيرى . فقد اضربت بتروجراد , وقامت انتفاضة مزارعين فى اقليم تامبوف , و وتمردت القاعدة العسكرية البحرية فى كرون-شتاد والتى تم اخمادها والمؤتمر العاشر يتبنى النيب , وهى السياسة التى هدفت الى المصالحة مع فئات المزارعين عن طريق تقديم تنازلات ملموسة . ابطلت مصادرة الحبوب , تم تلطيف تحكم الدولة , فانتعشت ماكنيزمات السوق . لقد اتاحت النيب - والتى كانت رد فعل لينين على تاخر قيام الثورة العالمية- انتعاشا سريعا للاقتصاد وعودة لمستويات ادائه قبل الحرب الاهلية . لقد ظل استهداف الثورة الاشتراكية افقا متقدما لدى النظام البلشفى , ولكنه كان موضوعا للصراع المرير على مستوى قيادة الحزب , بالذات بعد ان ازاح المرض لينين وابعده عن اى دور سياسى فاعل حوالى مايقرب العامين قبل وفاته فى يناير 1924 . قامت هذه الصراعات بين طرفين , تروتسكى وما سمى بالمعارضة اليسارية , ضد استالين . تحالف استالين اولا مع زينوفيف وكامينيف . ثم فى مراحل اخرى من الصراع تحالف مع بوخارين , وهو الذى كان فى قيادة ماسمى بالتيار اليمينى فى قيادة الحزب . وقد ارتبط بفكرة او منهج " الاشتراكية فى بلد واحد ". ولقد كانت معانيها الخاصة بالاعتماد على النفس مناسبة جدا لمجموعة من القيادة الحزبية , فى مقدمتهم استالين . لقد كانت اهم انجازات بوخارين - كقيادة لليمين – هى اطروحته بان النيب يجب ان تستمر كاطار دائم لبناء الاشتراكية , حتى ولو عنى ذلك اِبطاء عمليات التصنيع , أو استمرار نمو الملكية الخاصة فى الزراعة. خاطب بوخارين المزارعين فى 1925 قائلا : " اغتنوا " . لقد هاجم تروتسيكى هذه السياسة باعتبارها مهددة لوجود السوفيتات كسلطة , بتشجيعها تراكم راس المال عند الكولاك ورجال النيب والتجار الذين استفادوا من انتعاش السوق فى 1921 . كانت المعارضة اليسارية تؤيد تسريع التصنيع الثقيل وبوتائر عالية , باعتباره مدخلا لزيادة الثقل الاجتماعى والاقتصادى للطبقة العاملة الحضرية , مما يترتب عليه احياء عملية الديموقراطية فى الحياة الحزبية. لقد كانت الديموقراطية الحزبية هى الهدف العملى للعملية المعارضة التى خاضها يسار الحزب . كانت فكرتهم حول مصادر تمويل هذا التصنيع:
    1- مزيد من التعامل مع السوق الدولى , بما يتيح زيادة عائد الصادرات , ويفتح المجال للاستفادة من القروض .
    2- التراكم البدائى الاشتراكى كما سماه بريويازنكس , وهو تحويل الفائض او جزء منه , من القطاع الخاص الى قطاع الدولة عن طريق الضرائب و التبادل غير المتكافئ بين القطاع الزراعى والصناعى.
    لقد ناقش تروتسكى وزملاؤه ان تناقضات الاقتصاد الروسى لا يمكن حلها فى الاطار الوطنى . وبالتالى هاجموا وبشدة فكرة استالين القائلة " بالاشتراكية فى بلد واحد" . فقد رأوا فيها اسبابا كارثية فى انتاج سلسلة من الهزائم للكمنترن , وبصفة اساسية فى الصين خلال ثورة 25-1927 . انظر .
    (Alex Nove . “ An Economic History of USSR “ )
    .لم يكن النصر حليف اليسار او اليمين فى ذلك الصراع الحزبى والذى امتد منذ العشرينات , بل كان النصر من نصيب الوسط بقيادة استالين , وهم مجموعة ما يمكن تسميتهم بالجهازيين او موظفى الحزب . أستغل استالين ما سماه روبرت دانيلز " بتدفق القوة الدائرى " , وهو تركز السلطات بيد السكرتير العام للحزب ومن يعينهم فى اجهزة الحزب بالشكل الذى سمح له بالسيطرة على مؤتمرات الحزب ومن ثم السيطرة على تكوين القيادة نفسها . لقد وجدت الطبيعة الشخصية الفردانية المتزايدة للحزب , غايتها وتركيزها فى قرار المؤتمر العاشر للحزب بمنع تعدد التيارات .
    كان تروتسكى اول القادة البلشفيين الذين قاموا بتحليل ظاهرة البيروقراطية الحزبية كظاهرة اجتماعية . ولكن تحليله جاء مقصرا عن رؤية عملها ونتائجها – تحت قيادة استالين - فى تأسيس سيادتها السياسية تحت لافتة اللينينية , وتحولها الى نظام ايديولوجى يبرر لاهتمامها الرئيسى , وهو اقامة الاشتراكية فى بلد واحد .

    يتبع
                  

01-23-2006, 01:29 PM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    العزيز

    عصام على

    يازول يافنان

    كنت قد تابعت بإعجاب شديد ترجمتك لدراسة اليكس دى وال ...من هم الدارفوريين...وها أنت تختار

    بعنايه فائقه ... أنتقام التاريخ.... كموضوع أخر للترجمه ...لتعالج واحده من أهم قضايا

    عصرنا...الماركسيه وثورات شرق اوربا.

    أشد على اياديك..

    مع خالص التحايا

    وفى إنتظار بقية الحلقات
                  

01-24-2006, 01:37 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: عمر ادريس محمد)

    اكتمل النصر السياسى للاستالينية بهزيمة بوخارين والجناح اليمينى فى 28-1929 . و انفتح الباب على مصراعيه لتعميق عملية تحويل المجتمع الروسى عن طريق مشاريع التجميع القسرى ومشروع تصنيع روسيا . وهى التحولات العميقة التى انجزتها الخطة الخمسية الاولى(28-1932) , والتى اطلق عليها أحيانا الدفعة الثانية من الثورة وأحيانا ثورة استالين ! لقد كانت " ثورة استالين! " كم لاحظ تونى كليف هى النقطة الحاسمة التى تحولت فيها البيروقراطية الى طبقة اجتماعية تستغل قطاعا واسعا من الطبقة العاملة . لقد قامت الاستالينية بتحويل جهاز الدولة المشوه بيروقراطيا – أى ماتبقى منه حيا بعد تدمير ثورة اكتوبر – الى دولة بيروقراطية رأسمالية . و يمكن فهم الثورة المضادة الاستالينية على ضوء اربعة ملامح/محاور متداخلة :
    المحور الاول : سياسة التجميع الزراعى القهرى (27-1929 ) :-
    لقد شكلت هذه السياسة نقطة البداية للثورة المضادة . فقد كان الانهيار الحاد فى انتاجية الحبوب فى اكتوبر 1927 سببا فى انتهاء النيب . ولقد تاثرت كامل البنية الاقتصادية بذلك . نقص وبشكل حاد الصادر من الحبوب مما اثر سلبيا على استيراد ماكينات ومدخلات الانتاج الصناعى . وقد حملت دعاية الدولة الكولاك كامل المسئولية عن ما سمى باضراب الحبوب . بينما كانت سياسات الدولة هى الجديرة بالمسؤلية عندما خفضت من حوافز المزارعين لبيع الحبوب للدولة . .
    ازداد الامر سوءا , عندما قطعت بريطانيا علاقاتها مع الدولة السوفيتية (1927 ) , مما نشر المخاوف من اندلاع الحرب . واضافت ما سمى بالمعارضة المتحدة ( تروتسكى , زينوفيف وكامينيف ) لتوتر الاوضاع عندما " استغلت " مشاعر عدم الرضى لدى الطبقة العاملة , والتى كانت تعانى العطالة المنتشرة كالوباء فى وسطها فى اواخر عمر النيب . وقد ازيح العامل الاخير للازمة بسهولة باعتماد القمع الفظ ( لمن ؟ للطبقة العاملة ؟!) و القمع الفظ هو نفسه المنهج الذى اتبعه استالين لحل مشكلة ندرة الحبوب , حيث اشرف شخصيا على عملية مصادرة المحاصيل فى سيبيريا فى 1928 .
    اِن تبنى ماسمى بمنهج " اليورالز-سايبيريانز " ارخ لانفصال استالين عن بوخارين ومجموعته فى يمين الحزب وهزيمتهم فى 28-1929 . اتجه استالين المنتصر الى تحويل سياسة طارئة واستثنائية الى سياسات دائمة , الا وهى سياسات اجبار المزارعين للانتماء الى المزارع الجماعية فى 1929 , ليتبع ذلك اعلان انتهاء الكولاك كطبقة اجتماعية ! . وقد تبين ان الكولاك هى صيغة ايديولوجية مرنة يمكن مطها لتشمل اى مزارع قاوم سياسات التجميع , وقد تجاوز عدد من قاوموا تلك السياسات المليون , كان مصيرهم القولاق ( او الغولاق ) . والجدير بالذكر ان بواسل المزارعين ابدوا اشكالا مختلفة للمقاومة , مثل ذبح حيواناتهم بدلا من تسليمها للدولة . لكن القهر الفظ كان ناجحا فى اخماد اى مقاومة واضحة .
    المحور الثانى- سرعة بناء الصناعة الثقيلة- الخطة الخمسية :
    وقد مثلت المكون الثانى للثورة المضادة . اعلنت الخطة الخمسية فى اكتوبر 1928 , واعلن انتهائها قبل ميعادها بسنة فى 1934 . وقد تضمنت الخطة اهدافا طموحة , تمت مراجعتها لتاتى اهدافها اعلى من الاستهدافات الابتدائية . ولقد شن استالين هجوما عنيفا على منتقدى الخطة فى خطاب مشهور . اكد فيه ان الجميع قد هزم روسيا , كملمح ثابت فى تاريخها ( الفرنسيون , الاتراك , السويديون الخ ) , بسبب من تخلفها الصناعى . وقد قدر استالين هذا التخلف بمقدار 50 الى مائة سنة , واقترح تجاوز هذا الفارق وتلك المسافة فى 10 سنوات فقط . قال لهم استالين " اما اِنجاز هذا أو الموت " . وهى استراتيجية يمكن رؤيتها باعتبارها رد فعل للورطة التى لاحظها لينين فى مارس 1919 عندما قال " نحن نعيش ليس فقط فى دولة وانما منظومة من الدول , واِنه من غير المتصور أن تعيش الدولة السوفيتية بجوار الدول الامبريالية لوقت طويل . يتعين على واحد منهم ان يخرج منتصرا فى النهاية " . وقد اقترح لينين حلا تبناه تروتسكى بعد وفاته , هو نشر الثورة خلال الكمنترن . ولكن منهج الاشتراكية فى بلد واحد اخضع مصالح الثورة العالمية لمصلحة الدولة الروسية . كان الحل فى رؤية استالين ان تصبح روسيا دولة عظمى مثل الاخرين , ويتطلب ذلك فى البدء بناء الة حربية متساوية لتلك التى تملكها الدول الرأسمالية المتقدمة . ولقد تسارع التصنيع فى روسيا بوتائر دقت الاعناق .
    لم يكن متاحا لاستالين الاعتماد على اروبا فى الحصول على مدخلات انتاج صناعية متقدمة , بالذات فى مرحلة الانهيار الكبير للاقتصاد العالمى فى بداية الثلاثينات . لقد اعتقد الكثيرون فى المؤتمر السابع عشر للحزب ومن بينهم بريوبازينسكى ( صاحب نظرية التراكم البدائى الاشتراكى ) ان الموارد لتمويل خطة استالين تم توفيرها من خلال استغلال الفلاحين , وذلك بتحويل مواردهم لخزينة الدولة . ولكن هذا التفسير تم تحديه فى البحث المعاصر , والذى يقترح انه وبالعكس , فقد كان هناك صافى تحويل للموارد من القطاع الصناعى للزراعى فى الفترة 28-1932 . ولقد عكس هذا - ضمن عوامل اخرى :–
    (1) الارتفاع الرهيب لاسعار الغذاء فى السوق الخاص خلال سنين المجاعة .
    (2) الاستثمار الضخم بواسطة الدولة فى الالات الزراعية للتعويض عن المواشى التى ذبحها المزارعون حتى لا تأخذها الدولة , كما اشرنا سابقا .
    من الناحية الاخرى نجد أن التجميع الزراعى قد قام بتقديم مساهمة معتبرة لعملية التوسع الصناعى .-:
    اولا : فقد اتاح تصدير الحبوب وبشكل واسع , واستخدم العائد فى استيراد مصانع وتكنولوجيا متقدمة لبناء الصناعة الثقيلة من الغرب . ففى الفترة من 28-1931 ارتفعت صادرات الاتحاد السوفيتى الى السوق الخارجى حوالى ال56 مرة.
    ثانيا : لقد ترتب على التجميع طرد الكثير من المزارعين من الريف الى الحواضر ليعملون كشغيلة فى المصانع الجديدة . فقد ارتفع عدد العمال من 3 مليون فى 1928 الى 8 مليون فى 1940. وقفز عدد قاطنى المدن - فى نفس الفترة – من 18% الى 24% ليصل الى حوالى ال30 مليون تقريبا . كانت حركة التمدن مدهشة تماما ففى سنة 1931 وحدها رحل اكثر من 4 مليون ريفى الى المدن.
    وتظل قضية صافى التحويل بين قطاعى الصناعة والزراعة محل نظر . ولكن اذا لم يكن هناك صافى تحويل من الزراعة للصناعة , فمن اين اتى ذلك الفائض المطلوب بتلك الدرجة الهائلة من التراكم ؟ وفى محاولات الاجابة يقدم مؤرخ الاقتصاد السوفيتى باسوف ادعاءا فذا عندما قال " أن العبء الاكبر وقع على عاتق الطبقة العاملة " ! مايكل اِلمان يلخص نتائج بحث بارسوف قائلا : "ان مصدر زيادة التراكم فى الفترة 29-1931 هو الفائض الذى تم الحصول عليه بتشغيل اعداد زائدة من العمال فى القطاع الحضرى باجور حقيقية تنقص عن تلك الاجور التى نالها العاملون فى 1928 , والتى هى نفسها كانت تقل عن مستوى الاجور الحقيقية . لقد قدر بارسوف ارتفاع الفائض الاقتصادى من 27% فى 1928 الى 115% فى سنة 1932 !
    ( M , Ellman . Did the agricultural surplus provide the resources for the increase
    in investment in the USSR during the First Five Year Plan? Economic
    Journal December 1975)
    لقد كان معدل الاجور الحقيقية فى 1932 مساويا لنصفها فى 1928 . ويترتب على هذا ان التصنيع الاشتراكى فى الاتحاد السوفيتى صار ممكنا فقط بالاستغلال الطبقى فى اكثر صوره وحشية , لنفس الطبقة التى قام الحكم باسمها والتى يفترض ان تكون المستفيدة من عملية التغيير الاجتماعى . لم تكن حركة الطبقة العاملة خالية من اشكال المقاومة , فبالرغم من الانخفاض فى ديموقراطية السوفيتات على ايام النيب , الا انهم ومنظماتهم كانوا يحتازون على درجة ما من الاستقلال عن جهاز الدولة يحميها القانون . وهى الحماية التى تم الغائها تماما بعد 1928 . ففى مواجهة انخفاض مستوى معيشتهم , وفى مواجهة الضغوط الشرسة لتسريع عمليات الانتاج ووتائر التصنيع . اوجد العمال طرائق متعددة للمقاومة . فانتشرت الاضرابات فى الفترة 28-1934 . ولكن الطريقة الوحشية التى استخدمت فى اخمادها الجأت العمال الى ابتداع اشكال اخرى للمقاومة , اشتهرت انواع محددة منها , مثل ابطاء العمل وتغيير الوظائف (فى 1930 غير العامل وظيفته بمتوسط 8 مرات فى السنة ) والغياب . كانت هذه الاشكال ممكنة فى ظل ذلك الرعب الهائل لجهاز الدولة , فقط بسبب الميزة النسبية للطبقة العاملة التى خلقتها ظروف قلة الايدى العاملة التى احتاجتها سياسات تسريع بناء الصناعة . لقد مثل الصراع بين جهاز الدولة الاشتراكية والطبقة العاملة (!) بعدا واحدا من ظاهرة عامة فى الاتحاد السوفيتى فى الثلاثينات . وهى ظاهرة الحراك الاجتماعى الرهيب الذى انتجته سياسات استالين . يقول موشيه لوين فى وصف تلك الرمال المتحركة " العمال , الاداريون , الاخصائيون والمزارعون كانوا يتحركون باستمرار وباعداد مهولة . يبدلون وظائفهم , يخلقون فائضا غير مرغوب فى بعض الاماكن ونقصا حادا فى اخرى. يفقدون مهاراتهم أو يفشلون فى الحصول على مهارات جديدة . يخلقون فيضانات وتيارات جارفة تتحطم فيها الاسر , يفقد فيها الاطفال وتتحلل فيها الاخلاق . البنى الادارية والصناعية والسياسية كلها فى حراك " .
    المحور الثالث- القهر المنظم :
    . وهو السمة الثالثة للنظام الاستالينى وعماد بنائه للثورة المضادة . فلقد امتلك البوليس السرى قوة غير محدودة , وبدرجة كبيرة جهاز الجى بى يو , لآحقا
    (NKVD)
    والذى كان مسئولا عن نظام معسكرات العمل والتى عانى فيها حوالى الخمسة مليون افظع انواع عبودية العمل فى جولاغ ارشيبيلاقو فى نهاية الثلاثينات ( المترجم : استخدمت المعسكرات لتوفير العمالة لبناء خطوط السكة حديد و العمل فى المناجم. , وبناء محطات الكهرباء , فى اسوأ الظروف التى يمكن ان يعانيها انسان , وقد فقد الكثيرون حياتهم لسوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية والبرد ) . امتلأت هذه المعسكرات بالمعارضين السياسيين ثم الكولاك ثم ضحايا الرعب العظيم فى 36-1938 من ناشطى البلشفيك . انظر
    (J.F. Hough & M. Fainsod. “ How the Soviet Union Is Governed “Cambridge (Mass.),.
    1979, p. 176-7.)
    .لقد فقد الالاف حياتهم فى تلك المعسكرات , ومن نجى من تلك الاشكال الوحشية المباشرة للقهر , تعرض لاشكال اخرى. ففى يونيو 1940 صدر قرار يجعل من تغيير الوظيفة جريمة يعاقب عليها القانون . وقبلها - فى1934 - اصدر قانون الجوازات الداخلية وقانون التسجيل الاجبارى لدى مراكز البوليس , وهى القوانين التى كانت سارية ايام القيصر .
    المحور الرابع- الحراك الاجتماعى :
    اِن القهر وحده لايكفى لتفسير نجاحات استالين فى تحويل المجتمع الروسى , فقد كانت المصلحة عنصرا اخرا . كانت هناك قلة استفادت تماما من التغيرات التى احدثتها الثورة المضادة . اِن الحراك الاجتماعى الذى اطلقت عقاله هذه التغيرات مثل الركيزة الرابعة ذات الاهمية الفائقة فى فهم الثورة المضادة . لقد اتجه الباحثون الغربيون - فى الاونة الاخيرة – الى اعطاء اهمية متزايدة الى المدى الذى حققت فيه هذه التغيرات ما يسمونه بالثورة الثقافية فى الاتحاد السوفيتى . فالفترة الاخيرة من عمر النيب , كانت زمنا للتوتر الاجتماعى فى المدينة , سببته وتائر البطالة العالية , والفروقات المتزايدة والملحوظة فى مستوى معيشة العامة وبرجوازية النيب المنتعشة من جراء احياء المؤسسة الاقتصادية الخاصة . لقد كان ذلك مصدرا لغضب ناشطى الحزب وبالذات من فئات الشباب , ولذلك كانت النهاية المفاجئة لهذه السياسة فى 28-1929 امرا مرغوبا , يزيل عائقا امام مهام وواجبات بناء الاشتراكية . لقد تم استثمار مشاعر الغضب عند الشباب وتم حشدهم بواسطة النظام تحت شعارات متعددة .
    أولا : استخدمت شعارية عالية بصدد الحرب الطبقية , ودفع الخطاب الايديولوجى برؤى طوباوية حول التغيير المحايث فى مختلف اوجه الحياة . وقد حشدت الجماهير , بالذات الشباب , عن طريق التطوع والذى حفزه الشعار : " لا توجد غابة لا يستطيع البلشفى اقتحامها " .
    ثانيا : شن هجوم كاسح على فئات المثقفين غير الحزبين , والذين تم احتمالهم فى السابق للحاجة لمقدراتهم العلمية و التكنيكالية " النادرة " . وقد ابتدأت هذه السياسة وتم اعلانها من خلال محاكمة " شاختى " فى 1928 ( المترجم : تم اتهام خمسين من المهندسين – فى مدينة شاختى - بالتامر مع اصحاب المناجم والدول الامبريالية لتخريب المناجم , وحكم على 11 منهم بالاعدام. مثلت المحاكمة نقطة تحول , حيث اطلقت يد استالين وبوليسه السرى لمحاربة من اعتقد استالين بضلوعهم فى التجسس . وبهذا تمكن استالين من القضاء على المعارضة داخل الحزب ) . وتوالت حملات اعتقال المنهدسين , وتم تفريغ اجهزة الدولة من المهنيين . واخيرا تم دفع اتحاد الشبيبة الشيوعية للارياف لغصب المزارعين على الانضمام للمزارع الجماعية .
    هذا ما كان من امر ما سمى بالثورة الثقافية . فقد كانت مجموعة اجراءات تم التحكم فيها من اعلى . وقد كانت فى معناها الاجتماعى حراكا اجتماعيا لاعلى استفادت منه فئات من بيروقراطية جهاز الدولة , بينما عانت اغلبية السكان التردى المريع فى كامل ظروف حياتهم.
    لقد اقتضت سياسة تسريع التصنيع أن يصبح العمال غير المدربين عمالا مهرة , والعامل الماهر فنيا , والفنى مهندسا . لقد تم توسعا مهيبا فى انشاء المدارس الصناعية , لتقدم للعمال تعليما مهنيا وثانويا لمقابلة احتياجات الصناعة من العمال المدربين . وقد ترتب على ذلك تدفق وحراك اجتماعى واسع وانتقال لعمال الى مواقع الادارة ومواقع الرؤساء الفنيين . للوصول لهذه المواقع , كان لابد من توفر شرطين: عضوية الحزب , و التدريب . ففى الفترة من 30-1933 انتقل حوالى 660 الف عامل شيوعى الى مواقع ذوى الياقات البيضاء . وهذا الواقع لم يكن دليلا على انتهاء استغلال الطبقة العاملة والفلاحيين بل دليلا على وجوده . لقد انتج اتساع القاعدة الاجتماعية للثورة المضادة , تلك الفئات البيروقراطية التى تعمل الان لاستقرار تلك القاعدة الاجتماعية . فابطلت شعارات الحرب الطبقية , والغى نظام التطوع وحلت بدلا عنه سياسات اكثر محافظة سماها نيوكلاس تيماشيف بالتراجع العظيم
    (Nicholas Timasheff, The Great Retreat: The Growth and Decline of Communism in
    Russia (New York: EP Dutton, 1946)
    .اولا : فقد تبنى النظام سياسات اجور تقوم على فروقات واسعة تعطى الميزة للمتخصصين والمدراء ( وهولاء هم اعضاء الحزب كما راينا سابقا) . لاستالين خطبة مشهورة اعلن فيها ان " المساواة " لاتمت باى صلة بالاشتراكية الماركسية .
    ثانيا : يذكر موشيه لوين فى كتابه
    (M. Lewin, The Making of the Soviet System (London, 1985), p 273)
    . لقد عملت تلك السياسات على " خلق فئة من الرؤساء يمتلكون قدرا متزايدا من القوة . ضمت هذه الفئة مدراء المصالح الحكومية وكبار موظفى اجهزة الدولة . وهى فئة يحدد تلاحمها نظام من الانضباط والامتياز والقوة . لقد كانت استراتيجية للهندسة الاجتماعية استهدفت ابطاء ذلك الحراك الاجتماعى , وخلق تماسك واستقرار البنية الجديدة . رفعت تلك الاستراتيجية من شأن مدراء المصاتع فانتفخت اوداجهم , فقد قال كاقانوفتش – الفتوة المدلل لاستالين :" على الارض ان تهتز وترتجف خوفا عندما يمشى المدير فى ارجاء المصنع ".
    ثالثا : مثلت التنازلات التى قدمت للفلاحين , العنصر الثالث فى تثبيت الحراك الاجتماعى . كان اهمها السماح لاعضاء المزارع الجماعية ببيع القمح فى السوق الحر , كما سمح لهم بامتلاك خاص لمحراث وبقرة !
    رابعا : لجاءت الدولة الى احياء مجموعة موروثات تقليدية قائمة حول العلاقة العضوية بين الامة والاسرة , فالغت مجموعة من الانجازات التى حققتها ثورة اكتوبر فى هذا المجال . فقد اصبح الطلاق امرا عسيرا , ومنع الاجهاض , الى غيرها من الاجراءات .
    اِن الردة العظيمة , وجهود تهدئة ذلك الحراك الاجتماعى المتدفق لم تمنع انفجار العنف والذى طال حتى الحزب الحاكم نفسه فى الثلاثينات . لقد شجع ارك جيتى (Arch Getty ) على فهم الرعب باعتباره عملية اجتماعية اكثر منه تعبيرا عن الشخصية الشريرة للطاغية . فجيتى يلفت نظرنا للصراعات التى جرت داخل البيروقراطية بين الراديكاليين مثل موبوتوف والمحافظين مثل اوردزونى كيدز (Ordzhoni Kidze ) حول معدل النمو الاقتصادى . وبين مركز الحزب من جهة وقيادات الحزب فى الاقاليم والذين كثيرا ما تجاهلوا المركز واهملوا توجيهاته . لقد كان دور استالين – وفقا لهذا التحليل - اقل كطاغيه عنه كسمسار يناور بين الاجنحة المختلفة . الا انه رمى بثقله خلف مجموعة الراديكاليين – فى 36-1937 – ضاغطا من اجل هجوم كامل ضد خصومهم . كان يزاهوف الاداة الرئيسية فى تنفيذ المذبحة . لقد كان يزاهوف من منتجات ماسمى بالثورة الصناعية , فقد صعد مسئولا عن البوليس السرى (NKVD ) فى سبتمبر 1936 . وقد اطلق رعبا تضمن اجراء محاكمات صورية قضت على كل من تبقى حيا من قيادة ثورة اكتوبر . وامتدت يده الملطخة لتنال كل سكرتيرى المناطق فى حملة اعتقالات 1937 . بغض النظر عن اشكال الرعب الا ان نتائجه الاجتماعية مسألة لاتقبل الشك . فقد اكملت حملة الرعب عملية الصعود الاجتماعى للبيروقراطية التى اطلقت عقالها الخطة الخمسية الاولى . شيلا فيتزباتريك لاحظت : ان الصعود الوظيفى لالكسى كوسيجين ( رئيس الوزراء) ديميترى اوستينوف ( تولى وزارة الدفاع فى عهد بريزنيف ) , يقدم نموذجا معتبرا للصعود المدوخ لبعض الالاف. فكلاهما كان عاملا فى زمن الخطة الخمسية الاولى , تخرجا من تلك المدارس الصناعية فى 30-1934 , وفى 1941 كانوا وزراء! انهم جيل برزنيف , تلك القيادات التالية لصفوة المكتب السياسى فى عهد استالين .
    اِذن , يمكن رؤية الرعب باعتباره التوطيد السياسى والاجتماعى للثورة المضادة . لقد محى الرعب اجيالا من البولشفيك الذين عجنتهم التجربة النضالية ضد القيصر , والذين قادوا اكتوبر نفسها . وحل محلهم بيروقرطيوا الترقيات , وهم الذين سادوا الاتحاد السوفيتى حتى ميقات قورباتشوف .
    اِن الوقائع التاريخية المسجلة – اِذا - تترك شكا قليلا فى جوهرية الاختلاف بين البلشفية والاستالينية . فعلى أثر التحولات فى الثلاثينات اصبح الحزب منظمة من نوع مختلف وغير مسبوق . فقد تحول الى ادارة سياسية بيروقراطية , ممركزة بشكل عالى سهلة القيادة والتوجيه , منظمة مختلفة عن تلك التى كانت تحت قيادة لينين . اِن افضل الطرق للتعامل مع الاستالينية - ذلك النظام الذى ساد لاكثر من 60 عام- هو فى رؤيتها باعتبارها نوع من انواع النظام الرأسمالى بالتحديد رأسمالية الدولة البيروقراطية , كما عبر تونى كليف . ماركس يحدد خاصيتين رئيستين لنمط الانتاج الرأسمالى:
    1- الفصل بين قوة العمل وادوات الانتاج , و تحويل قوة العمل الى بضاعة يجب على العامل بيعها لكى يعيش .
    2- تراكم القيمة الزائدة واعادة استثمارها الذى يفرضه التنافس بين الراسماليين .
    وقد تشكل ذينك الملمحين واكتملا فى الخطة الخمسية الاولى . ولقد شابهت عمليات التجميع فى الزراعة فى مناحى متعددة , عملية الاستحواز التى خبرتها الزراعة الانجليزية والتى حللها ماركس فى الجزء الثامن من رأس المال ( الكتاب الاول ) فى حديثه عن التراكم البدائى . فى كلا الحالتين منع المنتجين المباشرين من اراضيهم . وخفضت اوضاعهم بحيث لم يكن لدى الكثيرين منهم سوى التحول الى عمال فى الصناعات الجديدة . الاختلاف , أن العمال لم يتحولوا الى عبيد لجهاز الدولة الاستالينى , فقد كان من اميز اشكال مقاومتهم خلال الثلاثينيات , المستويات العالية من التحول بين الوظائف والذى وصل الى مرة كل 8 شهور فى 1930 والى مرة كل 13 شهر فى 1939 .
    اِن البنية الرأسمالية لا تقف فى حدود تحويل قوة العمل الى بضاعة , فقد شهدت الخطة الخمسية الثانية اعادة ترتيب عميقة للاولويات الاقتصادية . فقد هبط نصيب السلع الاستهلاكية من النتاتج القومى من 67% فى 1928 الى 39% سنة 1940 . وفى نفس الفترة ارتفع نصيب السلع الانتاجية من حوالى 33% الى 61% . وهى ارقام توضح اخضاع الاستهلاك المتزايد , لحاجات الاستثمار فى الصناعة الثقيلة . وكما رأينا سابقا فقد كان هذا المستوى العالى للتراكم معتمدا على معدلات عالية لاستخلاص الفائض من الطبقة العاملة . وكما لاحظ كليف , فقد وضع التراكم السريع لرأس المال , على خلفية مستوى متدن من الانتاج ونصيب ضئيل من دخول الافراد , عبئا ضخما على عاتق الجماهير وعلى مستوى معاشهم . ففى ظروف كهذه فان البيروقراطية المتحولة كتشخيص للراسمالى - المندفع بغايات التراكم – تقوم بالتخلص من كل ما تبقى من اشكال السيطرة الجماعية للطبقة العاملة على عمليات الانتاج , تقوم باحلال القهر بدل الاقتناع , تقوم بحشر كل الحياة الاجتماعية السياسية فى بناء ديكتاتورى .
    لقد كانت المنافسة التى اعتمدت عليها الطغمة الاستالينية , منافسة من نوع اخر. كانت الخوف من الحرب مع الدول الامبريالية فى اروبا . لقد قاد ذلك الخوف لعملية التصنيع السريع , كما راينا سابقا . اِن التنافس والمواجهة الحربية مع بريطانيا فى 1920 , والمانيا فى 1933 وفى 1945 , وامريكا بعد ذلك , املى على الدولة السوفيتية ممارسة اولويات اقتضت التركيز على الاستثمار فى مجال الصناعة الحربية الثقيلة , وهو المنهج الذى استمر حتى وقت البروسترويكا

    ينبع
                  

01-25-2006, 07:12 AM

خالد فضل
<aخالد فضل
تاريخ التسجيل: 10-06-2002
مجموع المشاركات: 178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    الأستاذ/ عصام

    تحية وبعد

    هل بالإمكان إرسال الترجمة إلى على عنوان البريد الالكتروني [email protected] حتى أتمكن من طباعته بشكل يمكن تقديمه لبعض القراء الذين ليس لديهم إمكانية الوصول للأنترنت!! وجدت صعوبة في طباعة النص من المنتدى!!

    خالد
                  

01-25-2006, 00:57 AM

خالد فضل
<aخالد فضل
تاريخ التسجيل: 10-06-2002
مجموع المشاركات: 178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    الأخ/ عصام

    تحية صادقة

    أحييك على هذا الجهد. إنه فعلاً إسهام جيد في إزاحة الغبار عن العديد من المفاهيم الخاطئة والمشوشة. كتاب أليكس يعتبر من الكتب القيمة جداً، وهي محاولة في رأيي أنها نجحت لحدود بعيدة في تفسير ما حدث في شرق أروربا في أواخر ثمانينات القرن الماضي. شكراً لك فقد أنقذتني من هذه المهمة الصعبة التي لا أجد لها الوقت الكافي فقد بدأت في ترجمة هذا العمل الفريد من حوالي عام ولم أستطع إتمامه.
    العديد من الأخوة المهتمين الذين عرضت عليها النص الإنجليزي لم يقرأوه بحجة صعوبة لغته. أرجو أن تكون الترجمة معينة لمثل هؤلاء.
    شكراً لك مرة أخرى. هل هناك نية في نشر الترجمة في شكل كتاب؟؟

    خالد
                  

01-25-2006, 02:22 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: خالد فضل)

    الباب الثالث
    انتصار الغرب؟
    فى تفسير ماجرى , انفجر الاستنتاج داويا : ان ماحدث هو الانتصار النهائى للديموقراطية الليبرالية الغربية . وفى الحال يمكن ملاحظة ثلاثة مكونات لهذا الادعاء :
    1- أنه لم يعد هناك بديل للديموقراطية الليبرالية الرأسمالية .
    2- ان الانهيار يدعم قوة الرأسمالية الغربية بالذات قوة الولايات المتحدة الامريكية , فهى قد كسبت الحرب الباردة .
    3- اِن امتداد السوق الرأسمالى العالمى ( العولمة ) , اى بعد فتح السوق فى شرق اروبا , يمثل عهدا جديدا من ازدهار الرأسمالية العالمية
    وهى ادعاءات زائفة تماما , يرميها بالزيف المنهج الذى اتبع فى الوصول اليها. اِن اى تقييم لاثر انهيار الاستالينية فى النظام العالمى , يجب ان يمر بحالة الاقتصاد الرأسمالى العالمى لحظة الانهيار . ففى نهاية الستينات مر العالم الرأسمالى باسوأ مرحلة من عدم الاستقرار , بعد الانهيار الاقتصادى العظيم (Great Depression) . وقد سبق ذلك مرحلة طويلة من الازدهار الاقتصادى فى الخمسينات والستينات . وقد عانى الاقتصاد الرأسمالى العالمى مرحلتين من الركود الاقتصادى (Recession) فى 74-1975 و79-1982 . وقد تميزت دورات الركود بتصاعد وتسارع معدلات التضخم , انخفاض الانتاج وارتفاع معدلات البطالة .
    لقد مثلت حالة الاقتصاد الامريكى فى الفترة 83-1984 درجة عالية من الانتعاش امتدت فوائدها لاروبا حتى انهيار سوق الاوراق المالية فى يوم الاثنين الاسود فى 19/10/1987 . اقرت الفاينانشيال تايمز : " لقد ابتدأت مرحلة ازدهار ما بعد الحرب فى الاختفاء فى نهاية الستينات – ليس بسبب حقبة البترول كما هو شائع – واِنما بسبب نسب الربح والتى انخفضت بشكل واضح فى نهاية الستينات لعدد من الاقتصاديات الكبيرة " ( عدد سبتمبر 1989 ) . لقد كان ذلك الاقرار مدهشا حقا , فهو بالضبط مايراه ماركس باعتباره السبب الرئيسى للازمات الاقتصادية .

    لم يكن الانتعاش الاقتصادى فى الثمانينات نتيجة لاعادة ترتيب البنية القطاعية للاقتصاد بحيث يتم التخلص من انواع راس المال غير الفعالة , لضمان الارتفاع فى مدى الربحية على المدى الطويل , بل أن ما كان وراء تلك الطبيعة المحدودة للانتعاش , هو ازدهار انواع محددة من الاستثمار المالى , مثل شراء الشركات وتفتيتها وبيع اصولها , والمضاربة فى السندات والعقارات . وهذه الاخيرة اثبتت جاذبيتها وتفضيلها مقارنة بالاستثمار فى المنشاءات الصناعية وادوات الانتاج الصناعى . فبعد كل الحديث اذن عن عالمية رأس المال , اتضح ان الالة الدافعة للنمو هى مجرد الادارة الكينزية للطلب بواسطة الدولة , والتى استمرت تداخلية (interventionist) بالرغم من الهجمنة المعرفية المفترضة للاقتصاد النيوليبرالى على طريقة فريدمان وهايك . لقد كان انتعاش الاقتصاد الامريكى هو النتيجة غير المتوقعة لما سمى بالكينزية العسكرية فى عهد ادارة ريجان بتقليص الضرائب والانفاق السخى فى التصنيع العسكرى . ساعد على تحريك الاقتصاد ايضا سياسات التساهل المالى التى اتبعتها ادارة " البنك المركزى " (Fedral Reserve Board) التى استهدفت حماية النظام المصرفى من الانهيار بعد أن اخفقت المكسيك فى مقابلة التزاماتها بدفع خدمة الديون فى 1982 . لقد قامت كل الدول الرأسمالية باتباع سياسات تنشيط الطلب , عندما أبطأت معدلات النمو الاقتصادى فى 1986 مهددة بركود كبير . هذا اضافة الى استجابة البنوك المركزية ليوم الاثنين الاسود بتخفيض اسعار الفائدة واتباع مجموعة سياسات مالية متساهلة . وقد اجتمعت الجى سفن لتنسيق السياسات بغرض تحقيق الاستقرار لعملاتها .

    فيما يخص العالم الثالث فازمة القروض تسببت فى خلق ظروف تقهر الوجدان . اِن خدمة الديون ( دفع الاقساط + المتاخرات + سعر الفائدة ) خلق تيارا مستمرا من الدفوعات خارجا من الجنوب الى الشمال , لتكون النتيجة تحويلا صافيا من الفقراء للاغنياء . فى 1985 قدرت القروض ب 35 بليون دولار لتتجاوزها دفوعات مستحقات القروض , حيث وصلت الى 58 بليون دولار دفعت للبنوك الغربية ( انظر الفاينانشيال تايمز 22/9/1986 ) . فى 1986 تجاوزت مدفوعات خدمة الديون كل ما تلقته امريكا الاتينية من قروض منذ 1982 بما يقدر ب 100 بليون دولار , ماحقة كامل الدخل الصافى من راس مال القارة خلال فترة السبعينات كلها .
    فى نهاية 1989 ذكر البنك الدولى ان كل الافارقة تقريبا يعانون فقرا مدقعا اليوم , وهو نفس مستوى الفقر الذى عانوه قبل 30 سنة . هذا وقد لاحظ امارتيا سن (Amartya. Sen ) انه ليس من اسباب المجاعة ندرة الغذاء فى افريقيا , بل – ماسماه ب - الفشل فى الاستحقاق , والذى يعنى – ببساطة - ان الفقراء لايملكون المال اللازم لشراء الغذاء الموجود بفيض فى السوق العالمى . وهو وضع يأتى نتيجة لازمة اقتصادية ومالية تعبر عنها السيرة الشريرة : ارتفاع اسعار الغذاء , انخفاض اسعار المنتج الوطنى الافريقى , وازمة الديون الخارجية . ففى 1984 مثل الدين 58% من اجالى الناتج القومى ( مثل فى امريكا اللاتينية 46% ) . انه فقر افريقيا , والذى يتاتى من وضعها فى السوق العالمى , هو ما يسبب المجاعة .
    والفقر لا يوجد فى الهوامش بايدى القدر او القسمة والنصيب , بالذات عندما يتحقق وجوده فى داخل المركز نفسه . فقد اتسعت قاعدة الفقر وبشكل هائل فى دول مثل امريكا وبريطانيا عندما خفضت حكومات اليمين الضرائب على الدخول ( المترجم : فى 2001 حول 42% من عائد خفض الضرائب الى 1% من السكان , أى تلك الفئة من السكان ذات الدخول العالية فى امريكا , لينال كل منهم حوالى ثلث مليون دولار فى السنة . وفى 2003 خفضت الضرائب على ارباح الاستثمار فى سوق الاوراق المالية (Dividend Income) ليستفيد من تلك السياسة اصحاب الدخول العالية . فقد نالت تلك الاسر والتى يتعدى دخلها المليون دولار فى السنة , 17% من عائد خفض الضرائب . تمثل هذه الاسر نسبة 0.13% من السكان . ويساوى ما حصلت عليه اكثر مما حصل عليه 70% من مجموع الاسر فى امريكا ) . وقد وجد فى 1988 حوالى 32 مليون شخص يعيشون تحت حد الفقر , مقارنة ب24 مليون فى العقد السابق .
    وفى بريطانيا اتبعت تاتشر سياسات مماثلة انتهت بالتظاهر فى مقاومة شعبية باهرة عرفت بمعركة ميدان ترافالجر فى مارس 1990 احتجاجا على سياسة الضرائب المحلية (Poll Tax ) , والتى سعت للاخذ من الفقراء لتمويل الاغنياء .
    أن اتباع مثل هذه السياسات يوضح بجلاء انه لا احد يثق فى السوق كأداه لتوزيع الموارد كما يدعى الفكر الرأسمالى بمختلف مدارسه . يوضح ماركس ان عدم المساواة الاقتصادية الاجتماعية والتى هى خاصية منتظمة ومنظمة لعالم اليوم , هى نتاج علاقات الاستغلال الرأسمالية . ولايبدو هناك اى سبب لعدم تصيدقه او اطلاق الاحكام بخطئه . ماركس لم ينتقد الرأسمالية لانها قائمة على الاسغلال الطبقى فحسب , وانما لانه اعتبرها اكثر التشكيلات الطبقية ديناميكية . فبالرغم من خصائصها الابتدائية ( استغلال العمل المأجور , والتنافس بين الرأسمالين ) فمن شأنها ايضا توسيع تطور القوى المنتجة , الا انها وفى نفس الوقت لا تمكن الانسانية من الانتفاع الكلى لهذا النمو فى قوى الانتاج . وحالة المجاعة المذكورة سابقا توضح ذلك جليا : فبالرغم من هذا التوسع فى القوى المنتجة وقدراتها فى انتاج الغذاء الذى يفيض عن حاجة البشرية ويتجاوز معدلات زيادتها الا اِن سكان افريقيا يعيشون على حافة الجوع وفى مستقر الفقر . فالتطور فى القوى المنتجة لايعنى تطورا متوافقا فى مستوى المعيشة .

    الباب الرابع

    الاشتراكية مقابل الديموقراطية اليبرالية

    الكل يتكلم عن الديمقراطية الان ! وبعد سقوط الاستالينية , اصبح حتى اليسار مهتما بهذه القضية . واصبح هناك اتفاقا ان قضية الاشتراكية لا يمكن ان تتقدم الا اذا اتخذت اشكالا ديموقراطية . ولكن , كثيرا ما ياتى هذا الاتفاق يصطحب ِاشكالا يتمثل فى مساواة الديموقراطية بانواع دستورية محددة , هى بالتحديد الديموقراطية الليبرالية المعاصرة . تعتقد انجس هيلر (Agnes Heller ) ان الاشكال الرسمية للديموقراطية ذات اهمية , بالتحديد الفصل النسبى بين الدولة والمجتمع . يؤسس لهذا الانفصال وثيقة رسمية ( فى معظم الاوقات وثيقة دستورية او الدستور نفسه ) تعكس او تؤسس للحريات الديموقراطية المدنية , التعددية , انظمة التعاقد ومبدا التمثيل . والملاحظ ان هيللر تساوى بين الديموقراطية الرسمية والديموقراطية ككل . وتقول " كل الذين يحاولون استبدال الديموقراطية الرسمية بما يسمونه بالديموقراطية ذات المحتوى , مما يترتب عليه توحيد المجتمع وجهاز الدولة بطريقة كلية , انما يتنازلون عن الديموقراطية ككل " . تعبر هيللر هنا عن موقف يشتركه مؤيدوا ومعارضوا استالين , وتقترح بناءا عليه استبعاد كل من يسعى لاهداف اشتراكية خارج الديمقراطية الرسمية , من حظيرة اليسار . انظر :
    ( A. Heller “ On Formal Democracy” In J. Keane “ Civil society and the State “ . London. 1988, P.130-133)
    . اِن طرح هيللر بصدد التفريق بين الدولة و المجتمع يعكس رؤية نبعت فى فكر المعارضة فى دول شرق اروبا , الا وهى رؤية او فكرة المجتمع المدنى , والتى كانت ذات تاثير كبير فى الفكر اليسارى فى غرب اروبا . تيم جارتون اش فى كتابه " نحن الشعب " يقول عن 1989 " انه الزمن الربيعى للمجتمعات المتطلعة لان تكون مدنية (civil) . " . يحكى كتاب اش عن التجربة البولندية فى زمن " التضامن " , حيث وصف خطاب المثقفين البولندين - ومن بعدهم التضامن - حركتهم بانها حركة قوى المجتمع المدنى فى معارضة جهاز الدولة . من المعروف ان مفهوم المجتمع المدنى سابق للتجربة البولندية , ولقد تابع روبيرتو بوبيو حركة المفهوم ليجد انه مر بمرحلتين متميزتين:
    (1) حدد هيجل المجتمع المدنى باعتباره المجتمع الذى تسود فيه علاقات اقتصادية رأسمالية .
    (2) ربطها قرامشى بالتعارض بينها وبين المنظمات الثقافية والسياسية , حيث ان الاخيرة جزء من البنية الفوقية . يقول بيلزنسكى : " تحتوى منظمة المجتمع المدنى عند قرامشى على عنصرين , عنصر يضعها فى عالم المنظمات الاجتماعية المستقلة (غير الحكومية) , و عنصر ينسبها لعالم يمكن تسميته بالمجتمع السياسى , يوجد خارج جهاز الدولة وفى معارضة له . وهذه المنظمات ايضا تدين فى وجودها لدرجة من الاستقلال الاجتماعى " .
    (Pelczynski, Z. . in Keane, J. (Ed.) "Civil Society and the State")
    . يلاحظ كين ( المرجع اعلاه) " ان المجتمعات المدنية تحتوى على عناصر متعددة و متغيرة بشدة تصعب معها اختصارها فى قاسم مشترك اعظم , او جوهر ابتدائى او مبدأ عام. فقد احتوت ( اى هذه المجتمعات ) على مقتصدات وملكيات عائلية راسمالية , وحركات اجتماعية و ومجتمعات عامة تطوعية ( كالكنائس , منظمات المهنيين , اجهزة اعلام مستقلة , مؤسسات ثقافية) , كما ضمت احزاب واجهزة انتخابية ومنظمات حارسى التمييز بين الدولة والمجتمع المدنى . الى جانب المنظمات الطوعية هناك ايضا المؤسسات النظامية كالمدارس والمستشفيات والسجون " .
    وبالتالى , وفى ظل هذا الخليط تصبح هذه المطالبة باعتماد الحياة السياسية الديموقراطية على منظمات المجتمع المدنى المرصودة فى هذه القائمة الطويلة غير المتجانسة , تصبح امرا غير مفهوم . يقول اش ( نعم , لقد كان ماركس على حق , كما اعتقد سكان شرق اروبا , فقد قالوا على اثر مساواته للمجتمع المدنى بالمجتمع البرجوازى ( او السوق ) : " الشيئان مرتبطان , ونحن نريدهما معا : حقوق مدنية وحقوق ملكية , حرية سياسية وحرية سوق , استقلال ثقافى واستقلال مالى ") وهكذا تصبح الرأسمالية مساوية للديموقراطية , وهى كما نرى معادلة غير ممكنة الا فى فكر اليمين الجديد . اذا مفهوم المجتمع المدنى يمكن ان يقود الى هذا النوع من " اللخبطة " واستخدامه بهذا المستوى يمكن ان يعطل اى نقاش جاد للعلاقة بين الديموقراطية والاشتراكية . هيللر تعتقد ان الفكرة بسيطة بشكل مناسب فاليموقراطية الرسمية يمكن تحويلها الى ديموقراطية اشتراكية . اما بوبيو فيقدم صورة تبدو اكثر واقعية للعلاقة بين الديموقراطية الليبرالية والاشتراكية . يقول " فى الدول الراسمالية المتقدمة حيث يتزايد مركزة القوة , يتم تكوين الاحزاب على قاعدة متسعة من العضوية . وتتسم الاحزاب بدرجة مناسبة من الحركية السياسية , بالرغم من هذا فشلت الديموقراطية فى تحقيق وعودها , والتى تتمثل فى : (1) المشاركة (2) التحكم من القواعد (3) حرية الاختلاف . فى البلدان التى تطورت فيها المنظمات الديموقراطية هناك ظاهرتان تعملان ضد مبادى المشاركة العامة المعلنة أ) عدم الاهتمام بالسياسة , والتى عادة ما تؤخذ او تفسر كمؤشر للاتفاق العام مع النظام السائد ( السكوت رضا ) . (ب) تشويه المشاركة (Manipulation ) من قبل تلك القوى التى تمتلك نوعا من الاحتكار الايديولوجى على الجماهير . اِن التحكم من القواعد يصبح اقل فعالية وبشكل متزايد فى حدود العملية الجارية التى تنقل القوة الى تلك المراكز المسيطرة , بالدرجة التى تصبح معها السيطرة على الجماهير قائمة على مؤسسات غير فعالة او متوهمة . فى نفس الوقت تصبح المؤسسات ذات التاثير , مثل المؤسسات المالية الكبيرة , المؤسسة العسكرية والجهاز البيروقراطى بعيدة عن اى تحكم ديموقراطى . أما فيما يخص حق الاختلاف , فهو متاح نسبيا داخل النظام الاقتصادى ولكن بدون امكانية حقيقية لاختيارات راديكالية " (مرجع سابق )
    فى هذا الاقتطاف الطويل نرى بوبيو يقترب من الاستنتاج: ان المنهج الديوقراطى كما يمارس فى النظام الرأسمالى لا يسمح بتغيير هذا النظام . وهو يوضح ذلك بشرح الازمة التى تواجهها محاولة تحويل النظام الرأسمالى تدريجيا عن طريق اصلاحات بنائية , " هل يمكن تحويل النظام باجراءات اصلاحية لاتمتلك اى منها قدرات حاسمة على التغيير ؟ لنفترض ان التحويل يمكن ان يتم بسلسلة من الاصلاحات الجزئية , فالى اى نقطة يمكن اعتبار ان النظام جاهز لقبولها ؟ هل يمكن ان نتجاهل الامكانية فى وصول النظام الى حدود احتماله القصوى وانه لايمكن ان يقبل اى تعديلات اخرى بعد ذلك مما يتوجب معه تحطيمه ؟ واذا لجأ من ستضرر مصالحهم للعنف , ما الذى يمكن فعله غير مواجهتهم بالعنف ؟ " (نفس المصدر ) . هذه هى الصورة التى رسمها بوبيو للديموقراطية الموجودة فعلا , وهو المعادى النشط لاى تحويل ثورى اانظام السياسى , انها سمات النظام السياسى البرجوزاى المعاصر والذى يعانى:
    1- من السلبية السياسية .
    2- ازاحة الهيئات غير المنتخبة للاجهزة والهيئات البرلمانية المنتخبة , مثل اجهزة المخابرات وادوارها التى تلعبها فى الانتخابات وغيرها.
    هجرة راس المال من فرنسا اجبرت ميتران على التخلى من برنامجه الاشتراكى الذى رفعه لسدة الحكم فى 1981 .
    انه وبالتحديد لحضور مجمل هذه الخصائص , تصر الماركسية الكلاسيكية على وصف الديموقراطية الليبرالية بالديموقراطية البرجوازية . اِن هذا التحديد لا يعنى التخلص منها باعتبارها مجرد زيف , مما يعنى ان ان احلالها بدكتاتورية عسكرية او فاشية مسألة لاتعنى شيئا للاشتراكيين . بل بالعكس , فلينين ولوكسمبورج حاججا انه يتعين على اليسار الاتجاه لتحقيق الديموقراطية البرجوازية و حيث ان النظام الراسمالى يوفر ظروفا افضل لتطور حركة الطبقة العاملة .
    تروتسكى فى كتاباته الكلاسكية عن الفاشية الالمانية , اعتقد بضرورة ان يدافع الماركسيون عن المنظمات البرلمانية ضد هجوم اليمين . وبالرغم من هذا , لايعتقد الماركسيون ان الديموقرططية الليبرالية هى مؤسسات محايده واطر متجانسة مع الاشتراكية كما هى مع الراسمالية . بل انها شكل محدد من بين اشكال متجددة من السيادة الراسمالية .
    هل هناك بديل للديموقراطية الليبرالية ؟ بوبيو- فى انزلاقه المتواصل نحو مواقع الرجعية السياسية - يجيب بالنفى , مستمرا فى الاعتقاد ان الحكومة البرلمانية هل الشكل الوحيد المجدى من اشكال الديموقراطية بالرغم من محدوديتها ( راجع
    P. Anderson, “The Affinities of Norberto Bobbio,” New Left Review, No. 170 (July-Aug. 198
    لقد عرفت الانسانية اشكالا من الديمقراطية المباشرة , اشهرها ديموقراطية اثينا بالرغم من حيازة ملاك العبيد لاشكال سيطرة واسعة على البرلمان. ومن اشكال الديمقراطية المباشرة المعاصرة نجد ديموقراطية السوفيتات ومجالس العمال , والتى تطورت الى اشكال يمكن اعتبارها فى الحد الادنى كجنين لنوع جديد من انظمة الحكم السياسى . من المميزات الاساسية للسوفيتات هى انها قامت على مواقع العمل وليس الموقع الجغرافى , فقد نشأت بسبب وداخل العملية المنتجة , ونظمت العمال-المنتجين بشكل جماعى , وقد قامت السوفيتات عابرة لتقسيمات العمل والتخصصات والنقابات . وقد مثلت وقدمت نموذجا للديموقراطية المباشرة والتمثيلية . يتم انخاذ القرارات بواسطة اجهزة منتخبة خاضعة للمساءلة المباشرة للناخبين فى تجمعات كاملة للعمال فى المصنع الواحد او النقابة الواحدة . هذا النظام التمثيلى يخلق اطارا لوحدة سوفيتات المصنع فى اشكال اوسع جغرافيا , قائمة على مستشاريات العمال المحلية وعلى المستوى الوطنى . وعليه , فقد خبرت روسيا فى 1917 ذلك المحتوى للديموقراطية المباشرة فى لجان المصانع وسوفيتات المناطق والمدن والاقاليم وبرلمان روسيا . واخيرا فان السوفيتات مثلت توجها نحو تحطيم ذلك التمايز بين الخصائص الاقتصادية والخصائص السياسية للمجتمع الراسمالى . ولقد تم تكوين اول سوفيت عمال فى بطرسبيرج فى 1905 عندما اضرب عمال الطباعة عن العمل من اجل تخفيض يوم العمل ورفع الاجور . تطور ذلك الاصراب الى اضراب سياسى عام , اجبر قيصر روسيا على تقديم بعض التنازلات وقدم دستورا للبلاد . لقد عبر رئيس سوفيت عمال بطرسبيرج – تروتسكى – عن ملخص التجربة عندما اعتبرها حكومة عمال فى شكل جنينى .
    اذا السوفيتات لم توجد نتيجة للقرار الواعى للحزب البلشفى , او اى حركة سياسية اخرى تستهدف مشروعا سياسيا بشكل مباشر . على العكس – كما قال لينين – لم تكن السوفيتات اختراع احد . فلقد نشأت فى جوف الصراع البروليتارى فى ساعة شدته وانتشاره , فى خضم حراك سياسى عال لجاهير العمال . فقد كانت الثورتين الروسيتين فى 1905 و 1917 مجرد البداية , فقد شهدت اروبا فى الفترة بعد الحرب العالمية الاولى تطور مجالس العمال وبشكل متسع فى معظم دول اروبا الصناعية . وعبرت عن وجودها وباشكال حاسمة مرة تلو الاخرى , فلقد خلق رد فعل العمال على انقلاب فرانكو 1936 , انواعا شعبية من الحكم الذاتى واجهت الجمهوريين والفاشية على حد سواء . الثورة البلغارية فى 1956 اتسمت باشكال تحكم سياسى فعال لمجالس العمال . اشكال مشابهة مكنت من سيادة الحزب الشيوعى الفرنسى ليقود الاضراب العام فى مايو-يونيو 1968 . لعبت مجالس العمال فى ايران " شورى العمال " دورا اساسيا فى اسقاط نظام الشاه , ولقد كان تحطيمها بافظع انواع العنف الاسلامى شرطا لانجاز " تمكين " ايات الله .
    تعتقد الماركسية الكلاسيكية ان هذه الاشكال تمثل الاساس لاشكال مبدعة جديدة من القوة السياسية قادرة على تجاوز جهاز الدولة الحالى , وترسى اطارا للانتقال للمجتمع الشيوعى . يقول قرامش " اِن الدولة الاشتراكية موجودة وبشكل احتمالى فى مؤسسات الحياة الاجتماعية للطبقة العاملة المستقلة . أن تحقيق الترابط والتنسيق بينها , ودفعها فى تراتبية عالية متمركزة متسمة بالقوة والقدرة , مع توفر احترام استقلاليتها وحقوقها فى التعبير , هو نفسه الفعل الذى يخلق ديموقراطية عمالية حقيقية . ديموقراطية عمالية فى فعل معارض حقيقى ومؤثر ضد الدولة البرجوازية , مستعد لاستبدالها , هنا والان وفى كل اوجه وظائفها " . ويقول لينين بصدد ديكتاتورية البروليتاريا انها تتضمن " تمديد عميق للديمقراطية _ والتى تكون و لاول مرة , ديموقراطية من اجل الفقراء .. ديموقراطية للجماهير وليست ديموقراطية لحقائب المال "
    ( انتهى ).
                  

01-26-2006, 03:36 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    حباب الضيوف
    على ان اشكر جزيلا الصديق الفاضل الهاشمى الذى بذل جهدا ونصيحة فى مراجعة النص .. كتر خيرك وافضالك .
    وعلى ان اشكر صديقنا الشاب محمد حسبو لحماسه الفياض وتشجيعه .. فشكرا على الاهتمام ومودة الرفقة .
    وشكرا لصديقنا المعز وحماسه الابتدائى للموضوعة
    ولعلنى اوقعتك فى سوء اعمالى عندما لم انّبه الى تتابع البوست
    لقد بذل كولينكس جهدا هائلا فى متابعة تفاصيل ما جرى , واخبر عما قالته الاحداث
    كان ذلك شرطه المنهجى فى مقاربة الحقيقة
    انه لامر فذ ان نقارب الحقيقة .
                  

01-26-2006, 05:30 PM

Elmuez

تاريخ التسجيل: 06-18-2005
مجموع المشاركات: 3488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    Quote: وشكرا لصديقنا المعز وحماسه الابتدائى للموضوعة
    ولعلنى اوقعتك فى سوء اعمالى عندما لم انّبه الى تتابع البوست


    والله عملت فيني جنس عملية,

    خليتني " أتم الباقي من راسي " !

    لذلك أنا لي هسة أبلع في الـ tylenol
                  

01-27-2006, 08:28 AM

charles deng

تاريخ التسجيل: 09-27-2005
مجموع المشاركات: 503

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: Elmuez)

    Dear Isam Ali
    I believe Marxism as a theory has not failed. It was failed and betrayed by the communist parties around the world, particularly the Soviet communist party. These parties equated Marxism with dictatatorshih of the so-called prolateriat. Karl Marx never sanctioned the idea of a "vanguard party" or the deadly "democratic centralism". However, the biggest betrayal and failure came when these parties could not provide bread and butter which was promised to the masses of the proletariat, and when the "doomed" capitalism managed to provide bread and butter in quantity and quality. This great theory was suppose to enriched and give us tools for analysis of history and social phenomena, not as a book to be warshiped like the myths of religions. So, no wonder why six communist states folded in one day in the Fall of 1989. It is the biggest one failure of a social system in the history of mankind.

    (عدل بواسطة charles deng on 01-27-2006, 08:36 AM)
    (عدل بواسطة charles deng on 01-27-2006, 08:40 AM)
    (عدل بواسطة charles deng on 01-27-2006, 08:43 AM)

                  

01-28-2006, 09:09 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: charles deng)

    شكرا يا عمر على الاطراء
    والذى لانستاهله
    وياريت اقدر اعمل قدر جزء من جهودك فى الاسافير
    وكان قللنا من شكرك .
    ماهو بخل ولكنه التوقع
    شكرا كثيرا
    الاخ خالد
    تحية طيبة
    اشكرك على حسن الظن
    يبدو انا انفعلنا بشكل مشابه تجاه الكتاب .
    اهتميت بترجمة جزء من الكتاب
    ياهو المنشور اعلاه
    الباقى من الكتاب ناقش قضايا نظرية
    مطروحة باتساع .. لذلك لم اترجمها
    فمعليش ماعندك طريقة ترتاح .. الكتاب راجيك تترجمه كاملا
    شكرا على كلاماتك الودودة
    ارسلت الجزء المنشور اليك كما طلبت
                  

01-29-2006, 06:16 AM

A.Razek Althalib
<aA.Razek Althalib
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 11818

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
    Quote: الشيوعية...
    بما لها..
    وعليها..
    هي مذهب فكري يقوم على الإلحاد..
    ولو تنمقت تداعيات وتفسيرات مقولة الدين أفيون الشعوب..
    فإنكار وجود الله سبحانه وتعالى..
    ومعاها كل الغيبيات..
    وبشدة كمان..
    يحتم هذه الفرضية..
    بل يؤكدها..
    والفكرة قائمة على أساس أن الحياة..
    دي كلها عبارة عن مادة..
    وده أساس كل شيء..
    في هذا الكون..
    وأنتم لا تنظرون إلى الإبل كيف خلقت..
    فالشيوعية كقاعدة..
    تفسر التاريخ على أنو شيتاً بيسمي بصراع الطبقات أو بالعامل الإقتصادي..
    والشعار هنا هو..

    نؤمن بثلاثة..

    ماركس..
    لينين..
    وستالين..


    ونكفر بثلاثة..

    الله..
    والدين..
    والملكية الخاصة..


    وعلى هذا المنوال..
    هم في تضليلهم سائرون..
    بعدين تفتكرو إنو نكران البعث وإنو في يوم آخر للحساب..
    مع الإيمان بأزلية المادة..
    ومحاربة الأديان السماوية بلا هواده كلها..
    ومعاها مسألة الملكية الخاصة..
    والدق في شرور الحاسد إذا حسد..
    بتلقى ليها رواج..
    في مجتمع يعتقد نقيض ما تبغبغون..

    الحكاية من زمان..
    والناس..
    كانت بتقول..
    شعارات الشيوعية العسكرية..
    كانت تقول بالحديد والنار تنتصر الثورة..

    المعروف عن الشيوعية عالمياً..
    وسودانياً محلياً..
    حبها للعنف..
    وإبادة الخصوم بصورة وحشية..
    خصوصاً المخالفين ليها...

    فغابات سيبيريا بالإتحاد السوفيتي (سابقاً)..
    ومحلياً..
    أنموذج قصر الضيافة..
    وأحداث ود نوباوي..
    معاها أحداث الجزيرة أبا..
    وكرري وأم دبيكرات...
    في رحلة البحث والإنتقام لغلفة اليهودي سلاطين باشا..
    من مطهره الخليفة عبدالله التعايشي..
    هذا إن لم تكن عبرة تاريخية فقط..
    فآلة الموت قد حصدت مئات من حفظة الدين..
    وهي مثال حي...
    لكل مغيب ثقافياً..
    ما سخافات وثقافات الريف والحضر..
    ولكل من أراد أن يعتبر ..
    وأن لا يلدغ من الجحر مرتين..
    من وحي أجندة برتكولات بني صهيون..
    المعلنة.. وغير المعلنة..

    المراجع التي تؤكد يهودية أصحاب الفكرة..
    وعملهم وفق برتكول بني صهيون هي:
    المرجع الأول كتاب التضليل الماركسي صفحة 59..
    تحدث عن..
    كارل ماركس اليهودي ولد سنة 1818م في ألمانيا، وتوفي سنة 1883م واضع الأسس الفكرية والنظرية للشيوعية، كان أنانياً متقلب المزاج حاقداً.

    المرجع الثاني كتاب الموسوعة الميسرة.. ص 309
    لينين وهو فلاديمير أليتش، ولد سنة 1870، وتوفي سنة 1924م، يهودي الأصل، قائد الثورة البلشفية في روسيا، عام 1917م.

    المرجع الثالث الموسوعة الميسرة، ص 310..
    تحدث عن إستالين: وهو جوزيف فاديونفتش، ولد سنة 1879م، وتوفي سنة 1954، سكرتير الحزب الشيوعي..
    وفي جريدة الشرق القطرية بتاريخ 05/06/1991م..
    ورد مقال طويل عن.. يقول بالرغم من أنهم يعلنون محاربة الأديان وينكرون وجود إله، فإنهم يقولون بشأن اليهود وفلسطين "إننا لا نؤمن بالله حقاً، لكننا مقتنعون بأنه (أي الرب)، خصص أرض فلسطين لشعب إسرائيل".

    وللإستزادة أقرأ مدارج السالكين..

    توضيح لازم هنا...
    ما يجمع بين أهل الفكرة الشيوعية..
    والفكرة الجمهورية..

    ليس خيط توارد الخواطر فحسب..
    بل إنسجام خواطرهم وتحالفها في محاربة هذا الدين..
    مع إختلاف المواقع والسواتر..
    فهذا من الداخل وذاك من الخارج..
    ومثال لذلك الدليل الحي....
    لمعني ركون أستاذ الفكرة وإستعداء الدين من تحت مظلة المسلمين..
    كما حدث لمجموعة محمود محمد طه في عباية النميري الشيوعية..
    وتمردهم عليه بعد إعلان صاحب النهج الإسلامي لماذا وكيف..
    تطبيقه للشريعة الإسلامية..

    والأمور بخواتيمها تحسب..
    شوفتو كيفن..
    الخيط هنا وارد..
    وسنعيدها سيرتها الأولى..
    ونكرر بذات المنوال..

    إلين..
    يشهد شاهد..



    هبــــشة (منقولة)...



    إنفعال مضاد..
    لمعني إنتقام التاريخ..
    لثورة غلفة اليهودي سلاطين باشا..
    المطهر على كُبر في عهد الخليفة عبدالله التعايشي..
    على كُبر.. والغُلف في ذاك العهد على كتف من يشيل..

    والحلاقة على قفا اليتامي..
    من زمان.. الناس قالت حرام..
    والعبرة بالنتيجة.. مع لفتة النظر للمساكين..
    يمكن تنزل رحمة..



    سلام يا شباب..
                  

01-29-2006, 11:15 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: charles deng)

    Dear Charles
    I thanks you for your positive presence

    the party and the dictatorship of the proletariat are controversial issues,
    that were , and continue to be , at the centre of philosophical

    and political debate, past and contemporary amoung various groups of concern.
    within the arguments of the book and the translated part, the writer concentrated on the struggle within the party as it took place, and the alienation and suppression of the proletariat, which was possible because of the transformation of the party and the build-up of a system of power that has little concern for marxism or the Russian socialist experience.
    I believe Collincos provided us with a powerful answer to the really big question:
    what the hell happened
    thanks
                  

01-30-2006, 07:26 AM

charles deng

تاريخ التسجيل: 09-27-2005
مجموع المشاركات: 503

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اِنتقام التاريخ (Re: isam ali)

    Dear Isam Ali
    ?What the hell" happened is what we are discussing today. Why such a resounding failure
    The failure came because the communist higher organs of the parties became an incubator for the privileged few. To them, all the privileges starting from western wares to villas, were dispensed by the decision of the central buraecracy of the party. Goods that were supposed to be produced by the economic policy through the so-called public ownership of means of production and made available to the proletariate were sold in shops only accessible to the communist elite. Much of the resources that was supposed to be available for production of goods were wasted in empty prestigeous projects like space programs and unsustainable armed race with the west
    Much of the ideas in the communist manifesto were neglected and were adopted by the western European socialist parties, like the British Labor Party, and given human face, leading to what we call today as the welfare state. Again the lack of democracy in the parties'ranks because of the monster called democratic centralism, led to the emergence of lunny leadership like Stalin, who wasted no time in murdering millions of the very masses the party was supposed to serve.
    As to the Chinese experiments it never went beyond cult worship in form of Mao. Thank god ,after the cultural revolution the new communist leadersip realized that Maoism was taking them nowhere, but ultimate ruin to the Chinese society. As to the third world communist parties, they became caricatures of their local environments. Some espousing Arab nationalism like in the case of Sudan communist party

    (عدل بواسطة charles deng on 01-30-2006, 07:42 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de