موت الشاعر على الطريقة العراقية واشياء اخرى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 10:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2003, 04:27 PM

Alsadig Alraady
<aAlsadig Alraady
تاريخ التسجيل: 03-18-2003
مجموع المشاركات: 788

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
موت الشاعر على الطريقة العراقية واشياء اخرى


    موت الشاعر على الطريقة العراقية
    منذ أن بكاه السياب في قصيدته "أنشودة المطر"
    والعراق ينزف دما واليوم هو يعيش أسوأ فترة في تاريخه
    بدر شاكر السياب
    حسونة المصباحي
    (تونس/المانيا)
    على غير العادة، هجرني النوم في الرابعة صباحا فوجدتني في العتمة انظر مستوحش النفس إلى جثتي الممددة على السرير ولا رغبة لي في القيام بأي شيء، لا في إنارة الضوء ولا في الاستماع إلى الراديو ولا في أي شيء آخر. وشيئا فشيئا بدا لي أنني مت بالفعل، وانه لم تعد لي آية صلة بعالم الأحياء. وها أنا انظر إليه من الضفة الأخرى بدون حسرة ولا أسف على مغادرته، فقد أصبح فيه من الشرور والكوارث والفواجع ما يكفي أو يزيد لجعل الحياة فيه اشد قساوة من الجحيم الذي ينتظر المارقين عن الأخلاق والدين. ثم سرعان ما أدركت الأسباب التي عجلت بموتي المتخيل. فعلى مدى الأعوام الماضية، لم اسمع الا أخبارا سيئة عن حروب تدور رحاها هنا وهناك، وعن أخرى يقع الإعداد لها على قدم وساق، وعن حكام أقوياء يحثون الشعوب على محاربة الشر غير أنهم لا يفعلون شيئا آخر سواه، وعن طغاة مستبدين يذبحون شعوبهم في الليل والنهار لكنهم يرفضون التخلي عن السلطة، لأنهم يتصورون أن ذلك سوف يبقيها يتيمة عزلاء في العراء، وعن إرهابيين ملتحين يخططون في الكهوف لقتل الأبرياء، وعن جنرال مهووس بالدم يسقط كل يوم عشرات المنازل على رؤوس أهلها انتقاما من فتيان في عمر الزهور، يرسلهم محترفو السياسة ليفجروا أنفسهم في الأماكن العامة متوهمين أن ذلك هو الطريق الصحيح إلى استرجاع الوطن المفقود. وثمة أخبار أخرى اشد شيئا ما ضاعفت من ألمي ومن أوجاعي، فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، فقدت أصدقاء أعزاء على قلبي، ولعلهم ماتوا كمدا هم أيضا، يائسين من هذا العالم الذي لم تعد فيه ذرة من الرحمة والحنان والحب. آجرهم كان الشاعر رعد عبد القادر الذي عرفته في بغداد أواخر الثمانينات. كان مهيبا بقامته الفارعة، وكان دائم الهدوء والصمت والتواضع، ولا مرة واحدة فلتت من لسانه كلمة نابية ضد احد. وعند الحديث عن الشعر هو لا يقول شيئا، يظل ينصت بانتباه إلى الآخرين لكن من دون أي تعليق، فإن فعل ذلك فانه يوجز الإيجاز البليغ، لكأنه يريد بهذه الطريقة أن يقول أن الشعر يعاش، أما الحديث عنه فيفسده. وكان الراحل الرائع عبد الوهاب البياتي هو أول من حدثني عنه، حدث ذلك ذات مرة في مدريد حيث كان يقيم، سألته عن الشعراء الشبان في العراق الذين لفتوا انتباهه فقال لي بعد أن سحب نفسا طويلا من سيجارته: "رعد عبد القادر.. أنا لا اعرفه شخصيا.. غير أني قرأت له قصائد راقت لي كثيرا". وعند ذهابي إلى بغداد لحضور فعاليات مهرجان المربد، التقيت به بواسطة الصديق العزيز فاروق يوسف الذي يعيش الآن في السويد، كما ابلغني بذلك صديقنا المشترك علي المندلاوي، وفي ذلك المساء البغدادي الرائق، تحدثت أنا كثيرا غير أن رعد عبد القادر لم يتلفظ الا بكلمات قليلة أدركت من خلالها أن الرجل مسكون بحزن عميق، حزن الشعراء الموهوبين في الوطن الذي تلجم فيه الألسن بقوة البطش والسلاح والترهيب. ثم حدث ما حدث ولم نعد نسمع عن العراق غير الأخبار السيئة، وانقطعت صلتي برعد عبد القادر وبأصدقاء وصديقات آخرين من أمثال فاروق يوسف وزاهر الجيزاني ورافع الناصري وزوجته مي مظفر.. وحسبما ابلغني احدهم، فإن رعد عبد القادر حاول أكثر من مرة ترك العراق كما فعل الآلاف من الشعراء والكتاب والفنانين لكنه لم يتمكن من ذلك، فقد كانت بلاد الرافدين عزيزة عليه إلى درجة أن تركها كان يعني الموت بالنسبة له. وظلت الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم، فيما كان الأطفال العراقيون يموتون بالآلاف، والناس تبيع ماء الوجه من اجل الحصول على القوت اليومي. أما بغداد التي أحبها رعد عبد القادر وبها تغنى، وعلى صدرها الحنون تعلم كيف ينطق كلمات الحب فقد أقفرت من الشعر ومن الأصدقاء وباتت موحشة، كئيبة، لا شيء فيها غير صور وتماثيل الديكتاتور الذي سلبها روحها، وروح بلاد الرافدين برمتها، ولأنه شعر انه لم يعد له مكان هناك وانه من الصعب عليه أن يتحمل المصائب والكوارث الأخرى التي تنتظره وتنتظر بلاده، فإن رعد عبد القادر سقط بعد أن خانه القلب تماما كما كان الحال بالنسبة لبلند الحيدري والبياتي وآخرين كثيرين من تلك البلاد المنكوبة التي اسمها العراق.
    وذلك اليوم كنت منشغلا بإعداد أكلة شهية لصديقة ألمانية تعشق الطبخ المتوسطي عندما رن الهاتف وجاء صوت صديق عراقي يقيم هو أيضا في ميونيخ ليعلمني أن رعد عبد القادر رحل والى الأبد.. تهالكت على الكرسي، وظللت غائبا عما حولي إلى أن امتلأت الشقة برائحة الأكل الذي احترق على النار.
    الموت متعدد الصفات والمواصفات، لكنه بالنسبة للأدباء والشعراء والفنانين العراقيين هو يكاد يكون واحدا، انه يفتك بهم دائما انطلاقا من الموضع الأشد حساسية عندهم، أي القلب. وقائمة الذين ماتوا من بينهم بالذبحة القلبية خلال السنوات العجاف الأخيرة طويلة.
    أما قلب الطاغية فلا يزال يدق بقوة وكيف لا ما دام التاريخ قد علمنا أن أعمار الطغاة أمثاله دائما مديدة، ذلك أنهم يتغذون من دماء شعوبهم، ومن العذابات والنكبات والفواجع التي يسببونها لهم، هم يستمدون القوة اللازمة للبقاء أكثر مما يمكن، وكان غابرييل غارسيا ماركيز على حق عندما اختار أن يكون عمر الديكتاتور في رائعته: "خريف البطريق" أزيد من 250 عاما!
    منذ أن بكاه السياب في قصيدته الشهيرة "أنشودة المطر" والعراق ينزف دما، واليوم هو يعيش أسوأ فترة في تاريخه المديد بعد غزو المغول. فالطاغية الجديد جمع كل مساوئ الطغاة في التاريخ البشري برمته، بحيث بات بإمكانه أن يقتل أبناء شعبه من دون أن يتعب نفسه بمقاضاتهم أو ملاحقتهم، يقتلهم وهم هكذا يمشون في الشارع العام ذات صباح أو ذات مساء مثلما حدث لرعد عبد القادر وآخرين كثيرين، ذلك انه صادر كل شيء في البلاد.. بما في ذلك الهواء النقي!
    عن جريدة الشرق الأوسط
    اديب عراقي يكتب لإيلاف من داخل بغداد رسالته الرابعة
    B52 وأخواتها
    السبت 22 مارس 2003 12:11
    إيلاف - بغداد من سعد هادي: منذ أن أعلن عن انطلاق بضعة طائرات من طراز B52 من قواعد لها في بريطانيا بعد الواحدة ظهرا بتوقيت بغداد (الجمعة21 آذار) وأعصابنا مشدودة في انتظار وصولها، كنت اعتقد إنها ستصل خلال وقت قصير ولكن المذيع أضاف ببرود في نهاية الخبر إنها من المتوقع إن تكون فوق بغداد بعد حوالي 6 ساعات والسبب هو حمولتها الهائلة من القنابل الثقيلة، هناك وحش سماوي بطيء إذن يحلق مخترقا أجواء العالم المتحضر باتجاه اعظم مدن الدنيا.
    في الثامنة مساء ومع حلول الظلام أطلقت صافرات الإنذار وبعد ذلك بقليل بدأ ت الحمم تتدفق على كل جزء من بغداد، لم اشهد زلزالا من قبل ولكن ما حدث كان يشبه زلازل متتالية تتابع بين دقيقة وأخرى، انفجارات عنيفة متلاحقة تهز كل شيء ولا بد إن القلوب هي اكثر ما يهتز. مرت الساعات بطيئة، كان القصف يهدأ ليبدأ من جديد بطريقة اعنف وأكثر تركيزا، في الظلام الذي يحيط بالمدينة لا تدري بالطبع أين تسقط القذائف ولا تدري ماذا تستهدف الصواريخ وقد أعلن في الصباح إن الـB52 لم تكن وحدها في السماء بل رافقتها أخوات لها، ربما اشد فتكا واكثر تدميرا. ولبضع لحظات كان بالإمكان تمييز أصواتها الشبيهة بالفحيح وهي تخترق السماء جيئة وذهابا وسط قذائف المضادات الأرضية.
    لا أدري لماذا تذكرت في تلك اللحظات العصيبة صراخ الطفل جيم في فيلم "إمبراطورية الشمس" لستيفن سبيلبيرغ وهو يصرخ بصوت هستيري من برج شاهق باتجاه السماء حين رأى الطائرات الأمريكية تقصف مواقع يابانية:
    ـ B51 كاديلاك السماء.
    هل كان ذلك مجرد توارد خواطر أم تعبير عن توتر داخلي أم رغبة في قول أي شيء. ولكن بينما كان جيم يرى تلك الطائرات القديمة (بحسابات تكنولوجيا هذه الأيام) وهي تحلق بالسرعة البطيئة ومع موسيقى تصويرية جذابة (لجون وليامز)، كنت أنا أتخيل أشكالها الحديدية القاسية في ظلمة ليل لا نهاية له. وهي تذهب وتعود في دورة لانهائية.
    من سعد هادي
    الخميس 20/3/2003 التاسعة مساء: لم استطع البقاء في البيت بعد أن تبين أن الضربة الأولى قد انتهت، خرجت في الحادية عشرة صباحا، الحركة شبه طبيعية وهناك مظاهر عديدة للحياة،أبرزها مرور الحافلات الحمراء ذات الطابقين في الشوارع، رغم أنها شبه فارغة، صعدت إلى أحدها، كانت متجهة إلى باب المعظم، جلست مع ثلاثة آخرين في الطابق الأعلى ومارست متعتي في النظر إلى المباني والأشخاص، لا نساء، إنهن ابرز من غاب أو سيغيب عن مشهد الحرب.
    هبطت في الوزيرية، سرت في شوارع اعرفها ولا اعرفها. الكليات والمعاهد مغلقة وكذا مطاعم الطلبة ومقاهيهم، واصلت السير وحيدا، بعد نصف ساعة لم أجد مكانا مناسبا للجلوس ولم اعثر على صديق، عدت إلى البيت، الشوارع في الواحدة بعد الظهر اكثر حياة كأن الناس تطامنوا مع ما حدث أو ما سيحدث.
    أخرجت كتابا بعد أن تغديت، حاولت أن اقرأ، بعد صفحتين بلا تركيز وضعت الكتاب جانبا، انه: الحب وشياطين أخرى لماركيز في طبعة مستنسخة، فكرت بأصدقائي في المدن البعيدة، ماذا يفعلون الآن، هل يفكرون بنا، ماذا يقولون عنا؟ ثم فكرت: ما الذي يمكن أن تقوله وأنت بعيد بآلاف الأميال عن ارض النار؟
    نمت واستيقظت في السابعة وجربت دون جدوى ان استمع إلى ما استجد من أخبار في الإذاعات العالمية.
    بعد الثامنة انطلقت صفارات الإنذار، الأعصاب تتوتر ثانية، والقلق يتجدد، هل تعرفون ذلك، هل جربتموه من قبل، هل يمكن لي أن انقل ذلك الإحساس؟
    أصدقائي تحياتي لكم، مشاعري معكم، دمتم سالمين.
    الرسالة الاولى
    استيقظت في الخامسة والنصف فجرا على صوت صافرات الإنذار، كنت قد نمت قبل ذلك بنصف ساعة، بعد أن أيقنت إن الهجوم الأمريكي المرتقب قد تأجل إلى الليل، استيقظت زوجتي أيضا، كان هناك إطلاق نار متواصل من المضادات الأرضية العراقية.
    إنها لحظة البدء التي أفكر بها منذ أسابيع وهي اصعب اللحظات دائما، ها قد بدأت الحرب إذا وستتسابق محطات التلفزيون والإذاعات في نقل وقائعها وتحليل أبعادها وملاحقة تطوراتها بينما سنكون نحن تحت نارها. سنكون كومبارسا حائرين على مسرحها الأسود.
    اتجهت أولا إلى النافذة المطلة على الشارع، كان خاليا ورأيت رجلا يمر بخطوات مسرعة، ثم اتجهت إلى المذياع ومن خليط أخبار لمحطات متفرقة بالإنكليزية والعربية فهمت إن صاروخا واحدا بدأ الحرب. استمررت في التنقل بين المحطات. قصف متقطع وأصوات انفجارات بعيدة.
    قبل الثامنة أعلنت الصفارات انتهاء الغارة الجوية ثم عادت للإعلان عن غارة جديدة في الثامنة وعشر دقائق. في غضون ذلك قال مذيع في الـ BBC إن الحرب لم تبدأ بعد وان ما حدث لا يعدو أن يكون جس نبض.
    اديب عراقي يكتب لإيلاف رسالة ثالثة من داخل بغداد
    نوروز في مقهى حسن عجمي
    الأربعاء 01 يناير 1800 00:00
    إيلاف - بغداد من سعد هادي: الجمعة 21/3/2003 – الثالثة عصرا: لم أر شارع المتنبي هكذا من قبل، انه شارع المثقفين الذي يحفل بالحركة صباح كل جمعة، لا أحد في الشارع، المكتبات مقفلة والأرصفة تخلو من باعة الكتب ومن ضجيجهم، في منتصف الشارع رأيت علي حبش مع ابنه، قال إن مقهى الشابندر الذي يقع في نهاية الشارع حيث تعودنا أن نلتقي كل أسبوع مغلق، أضاف انه سيذهب إلى مقهى حسن عجمي، المقهى الذي تركه بعض الأدباء مرغمين قبل بضعة اشهر رغم شهرته وموقعه الذي يتوسط الجزء الشمالي من شارع الرشيد، واصلت سيري وحيدا، سوق السراي فارغ أيضا وبإمكان أي عابر التوقف لبرهة دون أن يعكر مزاجه أحد لتأمل عمارته الفريدة في طرازها الجديد القديم والإحساس بجمالية أقواسه وحنياته، توقفت في بداية جسر الشهداء، بعض المارة يجتازونه ببطء وسيارات تخترقه باتجاه الكرخ، اتجهت نحو المدرسة المستنصرية، بابها الخشبي الكبير مغلق وثمة متجر وحيد مفتوح أمامها، أما صاحب المتجر فقد جلس على مقعد في الشمس، الجو ربيعي وثمة نسمات عليلة باردة، عدت أدراجي من خلال شارع الرشيد إلى مقهى حسن عجمي، في المقهى أحسست لأول مرة منذ الصباح بان الوضع طبيعي تماما، كان هناك أصدقاء عديدون في المقهى الذي يغص بالرواد، لم أر بعضهم منذ أسابيع، جلست قرب وارد بدر السالم على تخت قرب الواجهة الزجاجية، كان هناك أيضا مؤيد البصام وعلي حبش وعبد الأمير المجر وحامد الموسوي الشاب الظريف الذي يعيش حياة بوهيمية بين العقل والجنون ويفاجئ الآخرين دائما بأسئلة محيرة.
    قلت بعد دقائق من جلوسي:
    ـ أتدرون أن اليوم عيد؟
    وأضفت لكي لا أبدو هازلا:
    ـ انه عيد نوروز، الذي لم يتذكره أحد.
    تبادلنا التهاني جادين هذه المرة، تذكرنا كيف أن هذا العيد هو رمز لاخوة العراقيين وتعبير عن تلاحمهم الأبدي.
    في الطريق إلى باب المعظم أكملت مع وارد حوارا لم يكن ليكتمل في ضجيج المقهى. توقفنا أيضا لدقائق مع صديقنا المشترك جبار احمد الذي علق حين رآنا:
    ـ نحن نلتقي دائما في الأزمات.
    كان يشير إلى لقاءاتنا المتكررة وإفلاسنا الدائم في حرب عام 1991.
    في باب المعظم تعانقنا أنا ووارد على أمل أن نلتقي في الجمعة القادمة































                  

03-24-2003, 12:10 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت الشاعر على الطريقة العراقية واشياء اخرى (Re: Alsadig Alraady)

    مربح بالمبدع الصادق الرضي بيننا في المنبر، ونحن نتوق لمساهماتك0
    الى الامام
                  

03-25-2003, 02:38 AM

Yahya Fadlalla
<aYahya Fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2002
مجموع المشاركات: 699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موت الشاعر على الطريقة العراقية واشياء اخرى (Re: atbarawi)

    غياب رعد عبد القادر - عبد الرحمن مجيد الربيعي
    (1)
    كأن الذي فينا لا يكفينا، اما القادم فهو الويل والثبور، اتطلع الي عشرات البوارج الزاحفة نحو المياه العربية المعبأة بالغضب الامريكي من جند واسلحة وطائرات وغيرها من احدث مبتكرات القتل والابادة فلا اصدق ان كل هذا من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، نعم فلا أصدق، ان كل هذا من أجل بلد متعب ومحاصر وتستوطن ارضه الأوبئة وينهش السرطان أجساد أبنائه ويولد أغلب أطفاله مشوهين بفضل اليوارنيوم المنضب الذي انعموا به علينا.
    خرج راع ليقول ان أغنامه صارت ما ان تأكل العشب الذي نبت مع تهاطل الامطار هذا العشب حتي تنفق ، وخسر قطيعه الكبير، وصار يصفق يداً بيد وكأن لسانه يقول: عليّ بالخلف وعليهم بالتلف، وترك أمره لله.
    العراقيون يدفعون ثمن ما لم يقوموا به بل وجدوا انفسهم فيه، وعندما تأتي الحرب ويبدأ الغضب (البوشي) الذي (نفذ صبره) فآنذاك تأخذ المسألة وجها اكثر بشاعة، ومن يقول كما صار يكرر للامريكيين انهم سيكونون موضع ترحيب ويرش العراقيون عليهم الرز، يكذبون عليهم، فلو كان للامريكان تقدير لحال العراقيين الذين ابيد منهم بالاوبئة اكثر من مليون لو كان لديهم رز لأكلوه بدل ان يرشوه علي الجنود الذين جاؤوا لترتيب اوضاع النفط الذي وضع ملفه بيد ديك تشيني أقل المسؤولين الامريكان اطلاقا للتصريحات واكثرهم بعداً عن الأضواء.
    ان رجال النفط هؤلاء يدركون ان النفط الامريكي انخفض 12% وانه في عام 2020 تصبح حاجة امريكا الي ثلثي النفط المستورد من العراق والخليج، والنفط العراقي كما يقول الخبراء يتميز بجودته وسهولة استخراجه كما ان نفط الصحراء الغربية العراقية لم يبدأ التنقيب عنه بعد وعندما يحصل ذلك سيكون العراق البلد الاول في ما يمتلكه من احتياطي.
    اذن النفط هو الغاية والمبتغي في السياسة الامريكية تجاه العراق، اما الحرص علي الديمقراطية وحماية الشعب العراقي من الدكتاتورية فهذه امور لا تنطلي علي أحد، وهي مثيرة للضحك، وقد كان النظام العراقي صديقاً لامريكا، ورامسفيلد زاره عام 1983 واستقبله الرئيس العراقي، آنذاك، كان هناك عدو مشترك، وقد زج بالعراق في حرب لا معني لها، وكان الجميع يغذونها وعدد كبير من الدول بما فيها العربية ضالعة فيها من أجل كسر مد النظام الاسلامي في ايران.
    ذلك ما كان لكن الآتي الأعظم هو المخيف والمرعب لاسيما ونحن لا نملك الا الانتظار، وما أمرّه وأقساه من انتظار!

    (2)

    هناك من يحركه الفرح بأن (التحرير) قادم، ولو كان المقابل مليون عراقي واكثر، وصاروا يجمعون أغراضهم متهيئين للعودة (المظفرة) القريبة ليجلسوا علي كراسي الحكم التي تنتظرهم
    رغم انني اجزم ان بعضهم لم يعد يعرف من بغداد الا اسمها واغواء السلطة هاجسه حتي لو كانت تحت المظلة الامريكية. فكيف يعرف بغداد واهلها من غاب عنها اكثر من أربعين عاما!
    وهذه مسألة اخري في فيلم الرعب الطويل هذا!
    لندعها ونتحدث عن احبائنا واصدقائنا الذين يغادروننا فجأة، كأنهم يفضلون الموت علي ان يكونوا شهود الصمت علي ما حصل لوطنهم وما سيحصل له ولهم.
    بدأت القلوب تخون اصحابها، فيكثر ضحاياها، كلهم يموتون بقلوبهم، تكف عن النبض قرفاً من حياة لا ومضة فرح فيها.
    آخر الذين غادرونا، الشاعر المتجدد رعد عبد القادر، ولعله أحد أهم الشعراء الذين لم يقتنعوا بمغادرة الوطن حلا فبقي فيه، وعاش كل ما مرّ به، جنّد مع من جندوا. وعاش (عاصفة صحراء) بوش الأب عندما ظلت الفظائع تتساقط علي العراق لمدة 42 يوما. لم تبق خلالها علي جسر ولا علي مراكز الاتصال او مصافي النفط ومحطات توليد الكهرباء وتصفية المياه.
    وحقق بوش الأب ما أراد بأن جعل العراقيين يعودون للوراء عشرات السنين ويذهبون للنهر لجلب الماء بالصفائح.
    هذا عدا تدمير المباني والمعسكرات وكلها عراقية، ملك للشعب العراقي، مهما كان الحاكم، فالحاكم لابد أن يذهب ذات يوم ولن يعيش أبداً، ثم جاء الحصار ولجان التفتيش التي تستفز اي عراقي حتي لو لم تكن له أي علاقة بالنظام، وأنا أحدهم، نعم، انهم يستفزونني ويستهينون بي، وبكل عراقي! ولا أدري كيف يمكن للقلم ان يكتب كلمة استحسان عن هذا الفعل ، ووفقا لما قاله الكاتب البريطاني جون لوكاريه لمن يقول ان هذا من أجل البحث عن أسلحة الدمار الشامل. قال لوكاريه مستهزئا من هذا الادعاء ان اسلحة الدمار الشامل هذه (لن تكون سوي حبات فستق مقارنة بما ستقصفه به الولايات المتحدة واسرائيل خلال خمس دقائق).
    لقد آثر رعد عبد القادر ان يغادر قبل ان يري ويعيش الآتي:
    علي فكرة نري الشاعر سعدي يوسف الذي لم يقل كلمة طيبة بشاعر عراقي ظل مقيماً في وطنه قد كال له المديح كما أخبرني أحد الأصدقاء ولعله بهذا أراد ان يفرده عن العشرين مليون عراقي الذين عرض علي توني بلير ان يأخذهم هدية متواضعة مقابل أن يزيل رئيس النظام في قصيدة كارثية تداولوها هنا بتونس باستهجان لم تقابل به اي قصيدة عربية او عراقية، رغم ان سعدي يوسف لم يظهر لنا (طابو) ملكيته لهؤلاء العشرين مليون!

    (3)

    قبل رحيل رعد عبد القادر أخبرني صديقي كان في زيارة لتونس عن حالة الصحفي اللامع لطفي الخياط الذي كان من أوائل الذين ارتبطت معهم بصداقة اصيلة. وكان ذلك أواخر عام 1963 وكنت قد غادرت الناصرية مسقط رأسي متخليا عن كل شيء لأبدأ من جديد.
    ووفقاّ لشعاري الثابت: (أصدقائي هم اصدقائي سواء وافقوا أم عارضوا) لم أسأل أحدا منهم عن تغير موقفه فأنا اعتبر المسألة شخصية جدا، ولكنني (عدو) لدود للاعبين علي كل الحبال، يعرفون متي يخفون رؤوسهم ومتي يخرجونها مثل الجرذان! هؤلاء هم خصومي لأنهم الحقد يمشي علي أقدام وأشخصهم بحدسي وأفعالهم.
    كان لطفي الخياط صديقاً حقيقياً، لا بل ان شخصيته تسربت الي روايتي (الوشم) و (الوكر) عدا بعض القصص القصيرة.
    لطفي الخياط صحفي محترف، قد لا يكون كاتباً صحفياً ذا تأثير لكن حرفية الفعل والعمل الصحفي هو من أساتذتها.
    وقد وصلت ثقة زملائه به حد اختياره في الهيئة الادارية لنقابة الصحفيين.
    ثم جاءنا نبأ ما تعرّض له في (حفلة رشق) بالطماطم من قبل بعض زملائه وبحث ممن هو رئيس النقابة ونجل رئيس الدولة. والحكاية معروفة، جري الترتيب لها مسبقاً. ولم اعرف ان الحادثة أثرت فيه كل هذا التأثير وان احساسه بكرامته الجريحة امام زملائه بل وبعض من تعلموا الصحافة علي يديه كان يأكله. وتفاقمت حالته وصولا الي ما يشبه الجنون!
    هذا ما علمته، وقد جرّحني ما حصل لأحد أقرب أصدقاء العمر، فكأنه لم يكفني رحيل خالد الراوي وأحمد المفرجي وغازي العبادي وموسي كريدي اولئك الذين كنت أحس بان جزءاً مني يموت بموت كل واحد منهم.
    وها هو لطفي الخياط الوديع الطيب، رفيق لحظات التسكع والحاجة والحلم والعمل عندما أعانني (وهو سكرتير التحرير) علي انجاح اول تجربة صحفية لي عندما رشحني للاشراف علي الصفحة الادبية بجريدة (الانباء الجديدة) الاسبوعية منطلق اول تجمع لأهم جيل ادبي في العراق، جيل الستينيات وفيها نشر معظم اعماله وتجاربه الاولي.
    أخشي ان نواصل تدبيج المراثي من دون ان نجد ذات يوم فسحة لكتابة صفحة فرح واحدة.

    ملاحظة مرة:
    ما ان فرغت من كتابة هذا الموضوع حتي انبأني الصديق المبدع ابو زيان السعدي ان الاستاذ الاديب العراقي المقيم بتونس قاسم الخطاط الذي شغل مناصب كبيرة في مؤسسات الجامعة العربية قد وافته المنية اثر نوبة قلبية، صرخت: يا الله،. كأن العراقيين اصبحوا لا يموتون الا بخيانات قلوبهم!!

    جريدة (الزمان) العدد 1414 التاريخ 2003 - 1 - 24

    AZP09
    AYMK
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de