عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 05:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-19-2003, 12:35 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36991

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد

    سيرة مدينة
    عطبره..مدينة النهر المتمرد
    عادل محمود الأمين*


    يشبه الشاعر الراحل نزار قباني المدن بالنساء ولكن مدينتنا رجل فحل!!.. عطبره، يسمونها في السودان عاصمة الحديد والنار،تقع في الشمال الأوسط للسودان عند ملتقى نهر النيل القادم من الجنوب بنهر عطبره القادم من الشرق،النهر المتمرد الذي يندفع من جبال إرتريا في عنفوان جنوني ويأتي دائما فجأة كالأقدار، يحمل في طريقه الدمار والشرور ويلتق بالنيل في رحلته الهادئة ويرحلا معا شمالا إلى مصر المؤمنة..
    استوطن الإنجليز مدينتنا نسبة لوجود مرفق السكة الحديد الضخم من حيث الورش وخطوط السكة حديد التي تتشعب داخل أحياء المدينة لذلك تجد أن القطار يحمل اكثر من معنى في حياتنا ويتغن به مطربين المدينة في العديد من أغانيهم"قطاروا حل يا ناس قطارو حل ،ترك لعمر الآلام والمزلة..الزول مسافر ودعتك الله" وفى أغنية أخري "قطار الشوق بتين ترحل تودينا نزور بلدا حنان اهلا وترسى هناك ترسينا..نسالم عطبره الحلوة"
    كما إن نمط الحياة الإنجليزي الطابع،الهادئ واحترام قيمة العمل سائدة بين سكان المدينة اللذين جلهم من العمال..تقسم محطة السكة الحديد الضخمة المدينة إلى جزئين كبيرين،تنتشر المنازل الحكومية المبنية على الطراز البيرطانى في كل أنحاء المدينة،كما يوجد كبرى الحرية الذي يمر فوق محطة السكة حديد ويربط طرفي المدينة ويكسب المدينة طابع حديث..اجملا إن مدينتنا هي قطعة من بريطانيا في قلب أفريقيا.تجد اللمسات الإنجليزية في كل مكان وفى كل إنسان رغم رحيلهم عن السودان منذ أمد بعيد 1956 وتدهور مرفق السكة حديد وكل مظاهر الحياة المعاصرة التي اكتسبناها منهم في ظل الحكومات الوطنية المتعاقبة.لم تتم إضافات نوعية أو كمية لهذا المرفق الحساس إلا في عهد الفريق عبود 1958-1964 وسبعينيات الرئيس نميرى الذهبية
    يمتد حتى السودنة الراقي في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة وتظلله أشجار اللبخ_ficus sangalasis بكثافة ويمتد معه شملا حي الداخلة الذي يسكنه العمال وجل بيوته مبنية من الطين اللازب وتنتشر في أشجار النيم-azadrikhta indica وفى بيت من هذه البيوت الطينية الذي بناه جدي احمد الأمين وكان يعمل خفير في السكة حديد كان مولدي 1961..في هذا الحي الفقير والغنى بأهله الطيبين أما بقية الأحياء التي تقع شرق محطة السكة حديد فهي كثيرة وبمسميات مختلفة طبقا للمناطق في الشمال التي جاء منها قاطنوها،الحصايا ..امبكول،الموردة الامتداد الشرقي ،الامتداد الشمالي ،حي المطار..الفكي مدني
    ديموقرافية المدينة تتركز على القبائل الرئيسة الثلاث في شمال السودان،الدناقلة والشايقية والجعليين واقليات أخرى مثل الهد ندوة والزبيدية من شرق السودان والنوبة من غرب السودان والدينكا والنوير من الجنوب يوجد أقباط مصريين وبعض التجار من اليمن وينتشر نسيج ديني بين المسلمين والمسيحيين فالمدينة تجسد الوحدة الوطنية تنتشر فيها المساجد والكنائس والمقابر ذات الصلبان والمقابر العادية..لقد جعل هذا التداخل الفريد بين القبائل والأعراق مع التواجد المكثف للإنجليز في الماضي إلى إظهار روح أخلاقية متميزة لابناء عطبره تبهر كل زائر يأتي إلى المدينة..سكان هذه المدينة قد كتب الله لهم برآة من النفاق،تلك السلعة الرائجة في المجتمعات المتخلفة،لذلك كان للمدينة دورها النضالي والمستمر عبر العصور"عطبره رأس السهم في طليعة التغيير والحرية"..يعيش الناس في مدينتنا مبدأ الحرية لكل فرد وفقا للحديث القدسي "يا عيسى عظ نفسك إن اتعظت فعظ الناس أو استحى منى"،فهم أناس أسوياء يعيشون في مرحلة متقدمة .."مدينة الإنسان" التي لم تأتى بعد..عذرا عزيزي القارىءآ سأتوقف هنا لأني اعتقد أن الوقت المناسب للكتابة فبه عن المدينة الساحرة التى تقع عند مجمع البحرين لم يأتي بعد
    **********
    الغجر..أول دروس الحرية
    عندما كنا أطفال في مدينتنا عطبره،كنا نراهم يأتون من الشمال رجال ونساء وأطفال يشبهون الملائكة،نحن نسميهم "الحلب"..يأتون من مصر،يدفعون معهم قطعان من الحمير،عندما يصلوا حارتنا يجلسون تحت أشجار النيم الظليلة،تدور النساء فى البيوت يبعن الأواني المنزلية وأدوات خان الخليلى التي جلبوها معهم من مصر بينما يعمل الرجال فى صناعة المواقد من التنك والصفيح كانو عمال مهرة فى هذه الصنعة لدرجة الإبهار،الغجريات الشابات الجميلات ذوات الجمال والسحر الفاجر يطفن بالمنازل لشراء الملابس القديمة أحيانا توفير متعة عنيفة عابرة لأي رجل تتاح له فرصة الانفراد والتهام هذه الفاكهة البرية المحرمة،بعيدا عن الملل الجنسي المزمن فى المدينة،نساء الغجر يتحلين بالأساور الرخيصة ويضمخن أعينهن بالكحل وايديهن بالوشم..كنا نحن الأطفال نركض خلف نساء الغجر المسنات آلائي يحملن الأواني فى سلة كبيرة على رأسهن،يجلبن الزبائن لبضاعتهن بالصياح بصوت ممطوط يشوبه غنج ودلال قديم ..كنا نردد خلفهن أهزوجة بذيئة
    هي يا هي
    هي الحلبية
    شايلةا قفتا
    ماشة حلتا
    العقرب قرصتا
    فى (..)
    كنت انظر إلى الغجر كظاهرة غريبة موسمية بعيني طفل متأمل..لماذا هم هكذا؟!
    _ لا يحدهم زمان وليسو بقايا المكان..فى حلة رحيل دائم
    بعد تلك السنين وأنا ادرس فى الجامعة ،جئت فى العطلة إلى مدينتنا وكنا نسكن فى منزل حكومي جوار مدرسة البنات الثانوية..كان أبى مدير المدرسة،فى ذلك اليوم شاهدت امرأة غريبة تجلس مع أمي،شابة بيضاء فى غاية الجمال..أيقظت ذاكرتي الطفولية..كانت من الغجر..جمعت لها أمي الطيبة الملابس القديمة،حملت صرة الملابس وظلت ترمقني بشبق جنوني وانصرفت،لسعنى التيار الكهربي المنبعث من عينيها..ترددت لحظة ثم هرولت خلفها..اتجهت نحو أشجار النخيل أمام المدرسة حيث كان يجلس رجل غجري يفترش بطانية وجواره قطيع من الحمير وطفلين يلعبان.. نظرت أليها وهى تبتعد متهادية فى غنج ودلال وعدت احصد الخيبة لأني تأخرت كثيرا استحياء من أمي..وعند الغروب أمرتني أمي بان احمل الموقد القديم الى الحلبي ليقوم بإصلاحه، حملت الموقد حيث يجلس الرجل فى العتمة مع عائلته الصغيرة, كنت اقترب منهما وهما يتلاطفان ويضحكان فى براءة..كانا أشبه بطائرين فى البرية وطفلاهما نائمان,لم اشعر بأي استهجان لذلك ولم أتراجع..اقتربت اكثر واكثر لمحنى الرجل وفلت المرأة ونظر الى وابتسامة مشرقة تغمر وجهه وضعت عنده الموقد وطلبت منه إصلاحه حتى الغد وسأعود صباحا لاخذه
    انبرى الرجل قائلا فى لهجة ودودة"لا عليك ستقوم هادية بإحضاره لكم"..اليقظ ذلك الأمل مجددا فى نفسي الأمارة بسوء وقبل أن استدير منصرفا انقض الرجل على زوجته مواصلا لعبة الطبيعة..هكذا كانو يمارسون الحياة دون تكلف.تجدد أملى بالتهام الفاكهة البرية غدا وتركتهم سعداء
    استيقظت فى العاشرة صباحا آخى تعد الإفطار فى الموقد الجديد..خرجت على عجل ونظرت الى مكانهم حيث كانو يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ولم اعثر لهم على اثر
    هكذا سكنتن روح الغجر فى التحرر والحرية الى يومنا هذا حيث أصبحت اكره كل أنواع القيود والتسلط التي تفرضها المجتمعات إوز الانفراد المختلين الوعي والشعور من أصحاب الأفكار الهدامة الوافدة الى السودان والعلاقات الإنسانية المشوهة..ما اجمل حياة الغجر..والرحيل الدائم..البساطة وخلوها من تعقيدات المدنية الزائفة..فمن منا لا تسكنه روح الغجر المتمردة؟!!
    الغجر الزمن لا يعرف أحدا منهم وانهم ليسو بقايا المكان

    أبو رحيل
    حديقة صنعاء القديمة 11/8/1998
    ************
    تيس عبد المعروف
    كنا نراه يجوس في طرقات مدينتنا،يمشى بخيلاء تسبقه رائحته النتنة في كل مكان،تلك الرائحة القبيحة التي يمكنها أن تسقط صقرا من ارتفاع عشرة ألف قدم فوق سطح البحركان لا يتوانى في الإعلان عن فحولته أمام الآخرين بإصدار تلك الأصوات العالية التي يسمعها كل سكان الحارة..كان يسبب لنا فزع رهيب نحن الأطفال،متخصص في مطاردة الأطفال خاصة الإناث ولا يتركهن حتى يلوثهن ببوله النتن..انه أحد معالم مدينتنا في تلك الفترة في السبعينات..انه تيس عبد المعروف سمعنا نحن الصغار أن عبد المعروف رجل من ولياء الله الصالحين فكان لابد لهذا التيس الضخم الجثة أن يستمد قدسيته،من ذلك الولي..يدخل بيوت المواطنين يعيث فيها فسادا..يلتهم كل شيء ولا أحد يستطيع أن يزجره حتى لا تذهب البركة من البيت..أحيانا يغزو السوق ويتناول الحبوب في الفراشات..هذا التيس يتجول في كل طرقات المدينة يعاشر كل الماعز ولا يجد من يقف في طريقه حتى جاء ذلك اليوم المشهود وكنت قد غبت عن المدينة طويلا بحكم عمل الوالد في وزارة التربية وتنتقل عبر مدن السودان المختلفة أخبرني صديقي عوض(طقش) في يوم كانت مباراة حاسمة لفرقة كرة القدم (نادى الوادي)
    الذي يشجعه أبناء حارتنا أدت النتيجة إلى هزيمة فرقتنا وسقط إلى درجة الثانية،خرجت الجماهير الغاضبة تندب حظها العاثر وكان تيس عبد المعروف..الذي دب فيه الكبر لا يعرف ذلك،اندفع خارجا من زقاق يسير بخيلائه المعهود أمام الشباب اللذين لم يعاصرو الأسطورة ونشأوا في ثورة مايو الاشتراكية،ما كان منهم إلا أن اندفعوا يرجموه بالحجارة ويضربوه بالهراوات والسيخ حتى اسلم الروح وسحبو ا جثته بالحبال والقوه في مزبلة المدينة مع القوى الرجعية المرتبطة بالاستعمار وانتهت أسطورة التيس الذي لا يقهر ،التيس المقدس..تيس عبد المعروف,الذي قضى عليه حظه العاثر ولم يمتد إلي عصرنا هذا الذي أصبحت فيه التيوس من أرباب المجالس
    ************
    أبو جنزير
    في السبعينات الذهبية غزت روايات الجيب مدينتنا وتكالب الشباب في ذلك والوقت على قراءتها وعلى ضوء الأجواء المرعبة البوليسية لقصص أرسين لوبين للكاتب الفرنسي موريس لبلان انتشرت أسطورة مرعبة فى المدينة..أبو جنزير هذا اللص الخطير الذي يضرب ضحاياه ليلا فى مخادع نومهم وينهب أموالهم ويوزعها على الفقراء..سببت هذه الأسطورة لنا نحن الصغار الرعب جعلتنا نلجأ للنوم مبكرين..مع مرور الزمن انحسرت الأسطورة وتجسدت فى شكل مواطن عادى يعمل فى السكة حديد اسمه"محمد عوارة" هذا الذى كان يعيش وحيدا ويقال انه هرب يوما بالسفينة من ميناء بور تسودان الى الهند وتعلم فنون السحر حيث اصبح كلما اعتقلته الشرطة يتسرب كالهواء من الزنزانة ويعود لارتكاب جرائمه بطريقته المفضلة الإجهاز على الضحية بجنزير الدراجة وسلبه
    اعتقد انها كانت أكاذيب لا تسعها مخيلتنا الصغيرة.إلا إن هذا الرجل الذى تمخضت عنه الأسطورة قام بدور بطولي وطنى جعل الرئيس نميرى يكافئه عليه وذلك عندما شب حريق مدمر فى مخازن السكة حديد استطاع هذا الرجل أن ينقذ ماكينة غالية الثمن كانت ستكلف الدولة كثيرا أصيب جسده بحروق ظلت كالوسام تغطى جسده المشوه ثم بعد ذلك سنين اصبح يتجول فى المدينة بدراجته الهوائية ويمازح الناس فى الطرقات والأسواق مرددا بصوته الجهوري

    - حذراك من ثلاث الله والكهرباء ونميرى!!


    *************8
    صافرة السكة حديد
    عندما يأتي زائر غريب الى مدينتنا لا بد إن يصاب بالذعر ويهب من نومه صباحا على صوت صافرة داويه تجتاح المدينة لكن سرعان ما يعرف من مواطنينا.انها صافرة العمل وليست صافرة إنذار بغارة أو كارثة فقط عليه الخروج إلى شارع ليشاهد ارتال الدرجات الهوائية التى يركبها العمال تنساب من كل حدب وصوب نحو ورش عمل السكة حديد،الموظفين الى المكاتب والطلاب الى المدارس والنساء الى الأسواق يجلبن الطعام واللحوم لاعداد وجبة الفطور والغداء
    هكذا كانت مدينتنا فى الستينات والسبعينات,كانت هناك صافرة متميزة تحدث آخر كل شهر فى الساعة العاشرة تماما تهز وجداننا ونحن الاطفال وتسعدنا..انها صافرة الماهية "المرتب".يوم صرف المرتب اسعد يوم فى مدينتنا ياتى الاباء والاخوان محملين بما لذ وطاب ومن الهدايا التى
    تسعد الأطفال

    *************8

    سوق الزيارة
    في يوم صرف المرتبات عصرا وأيام الجمعة ينتعش سوق الزيارة ،هذا سوق سمى كذلك لان من العادات الخاصة جدا بمدينتنا وبعض المدن السودانية الأخرى زيارة المرضى بصورة منتظمة في المستشفى الحكومي الكبير المشيد منذ أيام الإنجليز نجم عن ذلك سوق مؤقت يفرش فيه البائعين كل ما يخطر في بال من أشياء تلزم الأطفال والنساء والرجال..ملابس وعطور أواني منزلية،لعب وحلويات..هذا السوق الذي يمتد أمام المستشفى يعتبر ظاهرة فريدة في المدينة ،تجد فيه كل الناس وكل الأخبار..الناس في أبهى حلة وهم يعودون مرضاهم،الشيء الذي يجعل المريض يحس في تلك اللحظة الحرجة للانتقال إلى جوار ربه انه محبوب وانه عزيز على كل الناس ولا زال هناك فسحة من الوقت للتسامح ..يجد كل العزاء في الوجوه الطيبة التي تحيط به من كل جانب،نحن السودانيين في الحقيقة اناس وجدا نيون نعيش في عالم المعاني.زكما نه عند زيارة المرضى تنتهي الخصومات وتعقد الصفقات التجارية وتتولد قصص الحب العابر بشقيه العذري والحسي لا فرق،انه طبيعة إنسانية كما يقول ما يكل جاكسون في أغنيته الشهيرة human nature نحن في مدينتنا لا نهين النساء ولا نستهجن الحب ولا نحاصر الناس بسلوكياتهم الخاصة كل إنسان شريف ما لم تصل قضيته دوائر الشرطة والمحاكم اذا كنا نبحث عن التميز،مدينتنا تحيا بالديموقراطية وتموت بموتها ،نحن لا نتبع الظن أو نجرم الآخرين.. لا ازدراء لا تحقير هذه الحرية تعطى كل إنسان في المدينة طابع مميز
    فندق السلام-صنعاء 19/8/1998
    جانوار
    من معالم الحضارية في مدينتنا والتي نعتز بها كثيرا..السينما توجد بالمدينة ثلاثة دور للسينما، الوطنية ، الجمهورية ، الجديدة ولكل سينما نكهتها الخاصة وجمهورها .. إن للسينما في مدينتنا شعبيتها ، يدخلها الكبار والصغار النساء والرجال. المثقفون والمنحرفون .. أنا شخصيا أجد نفسي مفتونا بهذه الساحرة وذلك لان أبي كان يأخذنا ونحن صغار الي السينما .. أضحت تجري في دمائنا .. كانت في السبعينات موجة الأفلام الهندية وقدرة السينما الهندية غير العادية علي الإبهار جعلت من الأفلام الهندية اكثر شعبية واعتقد أن فلم( جانور )و (تسري منزل) و (من اجل أبنائي) من أكثر الأفلام التي حققت إيراد في ذلك الزمن .. لقد انبهر الناس بجمال الطبيعة وجمال الممثلين والممثلات الهنود فكان حلم الشباب في عمر أخي الأكبر السفر الي الهند والتزوج من هندية كما أصبحت الأغاني الهندية تصدع في محلات لبيع المشروبات والسيارات .. هذا حال الأفلام الهندية ، النوع الأخر المفضل من الأفلام تعرضه السينما الجمهورية بحكم موقعها حيث سكن الأحياء حولها مواطنين من أبناء جنوب السودان وجبال النوبة وهؤلاء يحبون أفلام رعاة البقر التي تترك فيهم أثر رهيب وبحكم أنهم يعملون خياطين في السوق ، قاموا بتفصيل ملابسهم علي طريقة أفلام دجانقوا وسارتانا.. أما السينما الجديدة فتوجد في حي السودنة الراقي لذلك تمتاز أفلامها بالنزعة الرومانسية ، أفلام إنجليزية ، فرنسية ، وعربية ويدخلها المثقفون وأصحاب الشأن .
    تعتبر مدينتا أول من حاول أن ينهض بصناعة السينما في السودان ، أول فلم قام بإنتاجه الرجل الموهوب الرشيد مهدي أخرجه ملاسي ، وكان اسمه آمال وأحلام الشيء الذي جعلنا نحلم دائما بان عطبرة ستكون يوما ما هوليود السودان وحتي الآن يحصد أبنائها الميداليات الذهبية والفضية في الدورات المدرسية الثقافية في مجال المسرح والتمثيل
    إن الوعي الحضاري الذي تجسده مدينتنا واكتسبته من تواجد الانجليز قديما جعل المواطنين يعتبرون السينما أداة للتثقيف وليس للتسلية وإزجاء الفراغ كما أنها ليست عيبا رفعت الحس التذوقي للإنسان ، أسوق لكم هذه القصة لتدل علي ذلك .. في أواخر الثمانينات التقيت بالمواطن عيسي هبن وهو من أبناء قبيلة الهدندوه ، ويعمل حلاب ابقار في مزرعة ألبان عطبرة جلست مع هذا الرجل الذي يشبه الهنود الحمر أخبرني أنه يحب أفلام رعاة البقر وجت إن مستواه الثقافي عالي رغم انه أمي لا يعرف القراءة والكتابة وذلك بفضل دخوله المستمر الي السينما وتعرفه علي العالم الخارجي وقد قاده ذلك أن يربي أولاده وبناته بطريقة لبرالية خالية من مظاهر التخلف والاستبداد رغم بساطة الحياة التي يعيشها في خيام حول المدينة .
    كان حلمي يوما ان ادرس إخراج سينمائي في مصر إلا ان الظروف حالت دون ذلك اتجهت أثناء دراستي في كلية العلوم في نشاط سينمائي ( نادي السينما) في الكلية وتعرفت من خلاله علي أكثر القائمين في هذا المجال السحري ( السينما) منهم من اثر علي إيجابا ولا زلت اعتز بمعرفتي بهم ، الأستاذ هاشم صديق الأستاذ عبد الرحمن نجدي والأستاذ وجدي كامل ومنهم من اثر علي سلبا مثل جاد الله جبارة وإبراهيم شداد وايمان ويل (قسم الإنتاج السينمائي) ونكتفي بهذا القدر من الآلام مع الجميلة والمستحيلة السينما ومشوارها الصعب
    *****
    المولد :
    من المناسبات السعيدة التي ننتظرها بشوق ولهفة مولد الرسولحيث تنصب الصيوانات الجميلة في ساحة المولد أمام الجامع الكبير في السوق وتعلق انوار الزينة كأنما خيمة النجوم قد سقطت علي الأرض وتقام محلات بيع الحلوى التي نحبها كثيرا : تأتي الطرق الصوفية والتي لها أكبر الاثر في تشكيل المجتمع السوداني من أنحاء البلاد تضرب طبولها وصنجاتها فتهز قلوبنا الصغيرة هزا ويستمر الاحتفال شهرا كاملا من الحلوى والليالي الروحية في عرس التاريخ مولد الرسول الكريم (وليلنا طهر بلا راح سكاري )*
    ***




    صرخة ميتا :
    قصة قصيرة من وحي التداخل الديني والتشابك الإنساني في مدينتنا وقد كتبتها في شكل قصة..من ضمن المجموعة القصصية الاولى تحت اسم "كل ألوان الظلام"
    ميتا رجل من معالم مدينتنا عطبره وقد قابلت صديقي حمزة وهو زميل دراسة عبر مراحل التعليم في عطبره وفى جامعة الخرطوم ويكتب شعر باللغة الإنجليزية..كنا نجلس عام 1994 في حديقة الشعب بالحديدة نسترجع الذكريات وتذكرنا ميتا أخبرني حمزة ان له قصيدة باسم صرخة ميتا وتحداني ان اعمل قصة باسم صرخة ميتا حتى نخلد تلك الصرخة الداوية التي كان يطلقها عند الغروب وهو في نشوة السكر شفى منطقة الحلفا عن نهر عطبره
    أنا إعطائي لشخصية ميتا بعد ميتا فيزيقى وتشبيهه بالمسيح الذي جاء يخلص الناس من آثامهم ..تجعل كل مسيحي من أصدقائنا في السودان يحس ان هناك مسلم يقدره ويدافع عنهم في زمن تشنجت فيه الأشياء لم يعد هناك فرق بين الحقيقة والابتذال
    ونهدى القصة الة الأستاذ الجليل وهيب جورج وأسرته الذي ترك عطبره وهاجر إلى بريطانيا والى جمال الياس دولتلى زميلي في الجامعة الذي هاجرت جل معظم أفرادها الى كندا وأمريكا وبريطانيا والأخ فرانسيس الذي هاجر الى استراليا
    المجد لله في الأعالي وعلى الناس المسرة
    وعلى الارض السلام








                  

01-19-2003, 12:48 PM

omdurmani

تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 1245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)

    dear ustaz adil
    i enjoyed what you wrote.i will comment later.
    please continue
                  

01-19-2003, 01:50 PM

azza

تاريخ التسجيل: 12-16-2002
مجموع المشاركات: 606

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)

    زرتها مرة واحدة في الطفولة و لكنها حقا تستحق ما يقال عنها و لانو بحبها دخلت هنا
                  

01-19-2003, 02:09 PM

kofi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)

    اتبرة كمان وكمان عاصمة اجعص قبيلة فى السودان قبيلة السكة حديد
    عطبرة اللهب القارص لكل استعمار وديكتاتور
    عطبرة دايما ولها الحب الصادق
                  

01-19-2003, 03:18 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)

    الاخ عادل سلامات
    شكرا لسردك الشيق وتلك الذكريات الحميمة والتي اعادت الذكارة الى مخزن الالق والمحبة
    على فكرة هل انتتقصد استاذ حمزة الجعلي؟ من حلة امبكول؟
    ان كان هو واعتقد هو بالظبط لانه تنطبق عليه كل اوصافك، يكتب الشعر بالانجلزية واستاذ حاليا باليمن0 ان كان هو ، فهو جاري العزيز، وبيتنا لصقهم بالحيطة يعني بنتبادل الشطةوالملح
    وعلى فكرة كان هنا بعطيرة في شهر 8 الفات يعزي في وفات والده الله يرحمه واتلاقينا، وقد اهداني مشكورا آخر دواوينه بالانجليزية0
    له ولك التحايا
                  

01-20-2003, 10:37 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36991

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)

    الاحباء/امدرمانى/كوفى /عزة
    نشكركم على التفاعل
    الاخ عطبراوى
    نعم هو حمزة الذى تقصده وهو معى فى اليمن قد نزلت ليه اكثر من قصيدة انجليزية فى البورد
                  

01-21-2003, 08:44 PM

KOSTA
<aKOSTA
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 3138

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: adil amin)


    الاخ عادل

    فى بداية التسعينات .. بعثت فى مأمورية من مقر عملى بالحرطوم الى عطبرة ... قال لى رئيسى المباشر انها لن تستغرق سوى اشهر بسيطة
    جئت لهذه المدينة و بالنفس العديد من الاخيلة عنها ... سكتها الحديد منشأ شهرتها و مجدها التليد ... انسانها ذاك المتمرد الا على الحرية ... عبق التاريح فيها و نيلها الذى يذكرنى مدينتى و ملتقى النيلين

    برغم عظم المسؤولية الخاص بالمأمورية و صرامتها الاستثنائية .. الا ان ذلك لم يمنعنى من ممارسة هوايتى المهووسة بحب التعرف على المدن و الناس و حياتهم ... وكان يهمنى العمق الاجتماعى لحياة النسيج الديموغرافى لمدينة عطبرة .... و لعل اول ما لفت نظرى هو هذا التساوى و التشابه الواصل لحد التطابق فى معيشة الناس ... فالكل متساوى فى فى اقتسام الفقر .... و المحبة

    عم ضرار كان غفير الاستراحة الخاصة بنا فى وسط سوق عطبرة شمال شرق عمارة عباس بالقرب من طلمبة البنزين .، كان كعادة سكان المدينة يقتنى عجلته الانيقة ... تكاد تبصر تفاصيل عظام جسمه من وراء ذلك الجلباب الابيض الذى يتدثر به ... من دنقلا اتى منذ زمان بعيد و اصبحت عطبرة وطنه .. له العديد من الابناء بعضهم و بعضهن تزوج .. و البقية بالمدارس .... منزله فى غاية التواضع .. و حالته المعيشية تبعث على الاسى ...... و رغمآ عن ذلك اصرّ على دعوتى للغداء معه فى البيت ... و لما تمنعت عليه متعللآ بمشغولياتى ...رأيت رنة حزن مهابة و جليلة على محياه ( لم اشأ فى واقع الامر ان اكلف الرجل و انا عالم باحواله ... خاصة و فى كثير من الاحايين ما استمع اليه بانتباه و هو يفضفض لى عن همومه و احزانه التى قاسمها المشترك هو الفقر )... و قررت ان لا اكسر خاطر هذا الجبين النبيل و لبيت دعوته و تناولت معه الغداء و انا متألم لاننى متأكد من انه قد كلّف نفسه فوق طاقته ... و عندما فرغنا من الاكل و استأذنته للعودة الى عملى .. رأيت على وجهه و هو يودعنى على باب منزله ابتسامة رضا غريبة ... لقد انتصر لذاته و انتصر لموروثات شعب باكمله يكابد الجمر و يستطعمه من اجل ان يكرم الوافد .... هذا الرجل هو عطبرة بذاتها

    امتدت مأموريتى لعام و نصف العام ... و لولا اختلافى مع واليها و نائبه فى تلك الفترة لما عدت الى الخرطوم و لامتدت المأمورية اكثر و اكثر

    فول صلاح بالموردة .. و ليمون عم محجوب بوسط السوق عند موقف الباصات و الامسيات فى امبكول ... اما العصارى فى الحى الشرقى او حى المطار فهى لا تنسى ... كانت هنالك باطراف المدينة الشرقية خيام متناثرة لعرب الشرق و بعض المجموعات البجاوية ... كنت اتجول بينهم و اسامرهم ... و كان يستهوينى برغم فقرهم المدقع رضا نفوسهم بحالهم و اقتناعهم بما هم فيه ... لا طموح اكثر من الحصول على لقمة اليوم ... و لكن تراثهم اغنى من كل فقر يحيط بهم ، سيوفهم تتراقص فى ايديهم مثل الدابة التى تكابد اللحظات الاخيرة و رجفة تحتوى كل جسدها ..... انه تحدى الذات للذات

    كان ياسرنى كثيرآ ان اتنزه فى شرقى كنور ... و احيانآ ادخل الى داخل الازقة و الحوارى ....

    اما اشد ما المنى هو منظر هدم و اقتلاع المنازل و النخيل من اجل اقامة مشروع الامن الغذائى من فريق البحر و حتى بداية المطار
    و هذا موضوع طويل عسى ان نعود له لاحقآ

    و الجرافات تقوم بهذا العمل .، داخلنى احساس غريب بان اصول اناس و معها تاريخ و رائحة حياة ممتدة لمئات السنين قد اجتثت من الارض
    قلت وقتها : ترى اى تعويض سيعادل عبق الماضى و ارثه النضيد ؟؟




                  

01-22-2003, 02:32 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36991

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطبره..مدينة النهر المتمرد/الاهداء الى كل محبيها فى البورد (Re: KOSTA)

    الاخ الحبيب كوستا
    التحية والتجلة لك
    عندما استطالت بنا الغربة..اجد نفسى فى مدرسة فى الريف اليمنى الساحر. انا والنجم والمساء ..اتداعى وياتى طيف مدينتى عطبره فى شريط من الذكريات ويا ريت لو كل ناس البورد يتداعو فى ذكريات عن

    مدنهم

    شكرا كوستا على المداخلة والاسلوب الادبى الجميل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de