عرض لكتاب المرأة والدين- للكاتبة ناهد محمد الحسن قامت بالعرض- الحبيبة رباح الصادق المهدي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 04:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2018, 03:17 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض لكتاب المرأة والدين- للكاتبة ناهد محمد الحسن قامت بالعرض- الحبيبة رباح الصادق المهدي

    03:17 PM October, 01 2018 سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصرhttp://www.up-00.com/http://www.up-00.com/

    (عدل بواسطة زهير عثمان حمد on 10-04-2018, 09:17 AM)





















                  

10-01-2018, 04:10 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أحتفالية كتاب المرأة والدين للكاتبة ناهد (Re: زهير عثمان حمد)

    يا سلام يا زهير
    عبرك نرسل تهايننا للأخت ناهد الناشطة النشيطة والمثابرة
    وياريت لو حاول بعض بورداب الداخل إقتنائه وعرض تلخيص للنقاط الأساسية المطروحة
    سأحاول التواصل مع الأخت ناهد لإستئذانها في ذلك
                  

10-02-2018, 06:27 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أحتفالية كتاب المرأة والدين للكاتبة ناهد (Re: Sinnary)

    لمرأة والدين.. حكايتهن حكايتي بجامعة الخرطوم التغيير الثلاثاء, 2 أكتوبر, 2018 زمن القراءة المقدر: 0 دقيقة
    المرأة والدين.. حكايتهن حكايتي بجامعة الخرطوم
    التغيير: لؤي قور

    ينظم منتدى الكتاب بمكتبة جامعة الخرطوم، وضمن برنامج الكتاب الشهري جلسة مناقشة لكتاب (المرأة والدين “حكايتهن حكايتي”)، من تأليف د. “ناهد محمد الحسن” وتقديم الأستاذة “رباح الصادق المهدي” في الثانية عشر من ظهر الأربعاء الثالث من أكتوبر الجاري، بقاعة السودان – المكتبة الرئيسية.

    وكان كتاب “حكايتهن حكايتي”، بعنوان جانبي “عن المرأة والدين”، قد صدر عن دار رفيقي للنشر والتوزيع هذا العام. ويضم الكتاب عدد من المقالات الصحفية للكاتبة كانت قد نُشرت بشكل متباعد بصحيفة “أجراس الحرية”. ويهتم الكتاب بالتساؤل عن أهمية ان تلعب المرأة دور المصلح الديني مثلها مثل الرجل، وتناقش من رؤية دينية آراء الفقهاء والمفكرين وغيرهم حول المرأة، لكن من موقع ينظر للدين على أنه الطريق الوحيد للتغيير الحقوقي النسوي في السودان. وتري”ناهد” ان تجاهل الخطابة الدينية يُضعف من قضية المرأة ويصيب حركتها النسوية “بانتكاسات خطيرة”. لذلك فالذكر المستهدف هنا هو المُصلح والمثقف الديني. وتستمر المؤلفة في موقفها التي تري فيه أن على نسوية الحداثة أن تهتم بالتدين والإشتغال بالدين، ووضع تصورات للحقوق النسوية من منطلقات دينية. فهو كتاب يناقش تجديد الفكر الديني لحقوق المرأة في السودان.



    في الثالث والعشرين من مارس للعام “2014 “، وبمناسبة عيد الأم كتبت د. ناهد:(في عيد الام لهذا العام أريد ان أؤدي شكراً خاصاً لله الذي منحنا الامهات، والمحبة لنكون أمهات. وأريد أن أتوقف عند لحظة بعينها، أود أن تكون هي اللحظة التي أراها مناسبة لنحتفل فيها بعيد الأم، وعيد النساء. تلك اللحظة التي وجدت فيها هاجر نفسها وحيدة في رمضاء بكّة، تلهث ووليدها من العطش. حيث امتحن الله أمومتها بتجربة قاسية من الظمأ، جعلت وليدها يتلوى لساعات وهي تركض بين الصفا والمروة، ترجو رحمة ربها. حتى سمع الله لهاثها ودموعها، وفجّر لها زمزم رأفة بها وبوليدها. ومن يومها هرول البشر ويهرولون في السعي استحضاراً لتلك اللحظة، التي جعلت الاعتراف بعظمة الأمومة جزءاً من طقس الحج والعبادة. وكلما تأملت تلك اللحظة فكّرت، كان بوسع الله القدير أن يفجر زمزم دون مسألة ولا سعي، وكان يمكن أن تكون إحدى منحات الرب لإبراهيم الذي دعا أن يكون البيت آمناً، ونحو ذلك. لكنه سبحانه وتعالى أراد لهاجر تجربة دعاء خاصة بها، ومناجاة وفعل اجابة. وجعل وقع اقدامها اللاهثة لسبع اشواط ذكرى داوية لتلك اللحظة الخاصة في المناجاة، بين الله وأنثى من عباده).

                  

10-04-2018, 09:14 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض لكتاب د-ناهد محمدالحسن قامت بالعرض الحبيبة رباح الصادق المهدي (Re: زهير عثمان حمد)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    جامعة الخرطوم- كتاب الشهر (حكايتهن.. حكايتي: المرأة والدين) للدكتورة ناهد محمد الحسن
    عرض: رباح الصادق 3 أكتوبر 2018م
    محتويات مدخل تعريفي بالكتاب
    1 مقدمة:
    2 أولاً: حول المرأة والدين:
    3 ثانياً: حول مدارس التجديد الديني في السودان
    6 ثالثاً: تحليل الأساطير والحكايات
    8 رابعاً: حكايتهن.. حكايتي
    10 القصص الشعبي:
    12 السرديات النسوية
    13 خامساً: تصحيحات لازمة
    15 ختام: 15




    مدخل تعريفي بالكتاب
    حضرت في أمسية السبت 21 أكتوبر 2017م بدار اتحاد الكتاب السودانيين، فعالية تم فيها تدشين كتابين للدكتورة ناهد محمد الحسن كانا قد صدرا للتو: رواية المحاربات التي تحدث عنها الناقد الأدبي الأستاذ نادر السماني فاعتبرها نصاً إبداعياً (سيكون علامة بارزة في حركة الرواية السودانية) وكتاب (حكايتهن حكايتي) الذي نحن بصدد عرضه اليوم وقد تحدثت عنه يومها الدكتورة عشة الكارب.
    إنه مائدة فكرية دسمة ولا نحتاج للقول إنه نتاج ولد بأسنانه، فهو يحتوي على مجموعة من الكتيبات، والدراسات، والمقالات التي صدرت للكاتبة من قبل، اختارت لها العنوان الذي كانت تكتب تحته في صحيفة أجراس الحرية في العقد الأول من هذا القرن، وفيه برزت للوجود ككاتبة مقتدرة ومدهشة في آن.
    صدر الكتاب عن دار رفيقي للطباعة والنشر بدولة الجنوب الحبيبة. ويقع في 440 صفحة من القطع المتوسط. ويحتوي كراستين:
    • الكراسة الأولى (حكايتهن حكايتي: المرأة والدين) قدم لها د. النور حمد واشتملت على ورقتين:
    o ورقة (المرأة في الفكر الإسلامي السوداني) تعرضت لتاريخ أوضاع المرأة السودانية منذ القدم المروي مروراً بالمملكات النوبية ثم الإسلامية في الفونج والفور ثم التركية والمهدية ثم الاحتلال الثنائي. ولوضع المرأة في الفكر الإسلامي التقليدي بالتركيز على كتاب عواطف عبد الماجد عن سيداو، وأخيراً وضع المرأة في المدارس الفكرية التجديدية مفصلة لأربعة منها: مدرسة الدكتور حسن الترابي التي اعتبرتها تجديدية سلفية، والإمام الصادق المهدي الذي اعتبرت تجديده وسطياً، والأستاذ محمود محمد طه الذي رأت تجديديته إصلاحية، والأستاذ طه إبراهيم الذي رأت أنه أسهم في حل أزمة العقل العربي المسلم.
    o وورقة (الأساطير المؤسسة للثقافة الذكورية) التي اتبعت فيها خطى المفكر الضخم روجيه جارودي في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسية الإسرائيلية) فاضحاً دعاوى الأساطير التوراتية المتسربلة بالدين التي صارت سيفاً توراتياً محمولاً بيد الهيمنة الأمريكية العالمية اليوم. بحثت ناهد هنا أسطورتين توراتيتين ذواتي أصل سومري: أسطورة خلق حواء من ضلع آدم الأعوج، وأسطورة حواء الحية وأصل

    الخطيئة، وقد شكلا أصلاً مقدساً للاسترابة في النساء واقتبسا في بعض تفاسير القرآن وصارا جزءاً من ثقافتنا الجنسانية. كذلك أسطورة كيد النساء الذي هو أعظم من كيد الشيطان، الناسلة عن قصة صويحبات يوسف وكيدهن العظيم، وأسطورة الزهراء الكوكب الملعون بتأنيثه بعد غوايته للملكين هاروت وماروت، وما أدت له تلك الأساطير من ربط للنساء بالغواية والريبة وغيرهما من الشرور، فجردت تلك الأساطير من وثوقيتها الدينية وألحقتها بتراث ذكوري تسرب من الثقافات التي حملته إلى أقلام الفقهاء والمفسرين، مظهرة تحررية الدين الإسلامي الأصلية.
    • الكراسة الثانية (حكايتهن حكايتي: سلام من الذات) قدمت لها الأستاذة رشا عوض، وفيها يتمظهر منهج ناهد المقتبس من فكرة الصوفية النسوية: الغوص بعيدا والصعود إلى السطح لكارول بي كريست. تحتوي الكراسة على:
    o دراسة حول الإسقاطات النفسية لقضية الهوية في الأحاجي الشعبية، حللت فيه بقراءة نفسية نصوصاً أصدرها الأستاذ يحي فضل الله لحكايات شعبية من مناطق مختلفة في السودان.
    o دراسة للسرد النسائي كمدخل للهوية حللت فيه بذات المنهج نصوصاً إبداعية لقاصات سودانيات بداية بملكة الدار، وزينب بليل، وبثينة خضر، ونائلة فزع، وملكة الفاضل، وليلى صلاح وسارة الجاك، واستيلا قايتانو.
    o عدد من الدراسات التي غطت قضايا متنوعة، مثل التأريخ للكاريترست الرائدة فوزية حسن اليمني (كردفانية)، ونقاش زواج القاصرات كقرينة للتخلف الحضاري، ومسألة الاتجار بالأطفال في السودان، وعلاقة البيئة المدرسية بالعنف الجامعي، والهمباتة في السودان. إضافة إلى مقالات شملت قضايا يلتف فيها الاجتماعي بالنفسي بالسياسي بالأدبي بالأنثروبولوجي: الأكتاف الباردة: الشوق وود مسيخ، التسامح، كيف نسكت الغضب، عرائس الماساي، بابون (قيسان)، مآزق الفكر الإسلامي، وحمى التغيير.
    مقدمة:
    بعد جزيل شكري لإتاحة الفرصة لي في هذا المنبر الفخيم والحبيب للنفس، وكم غنينا أيام الطلب للجامعة (أمنا، المن فيض عيونك ارتوينا، من مهاد عزك نشأنا، قمنا بي هديك مشينا) إلى أن نقول: جابني ليك الشوق وجيتك/ أديني من إشراق جديدك.. أبدأ بالقول إنني شهدت من موقع الجوار مولد قلم هذه السيدة الجسور، منذ مؤتمر المرأة المنعقد بمناسبة يومها العالمي والذي نظمه مركز الدراسات السودانية عام 2003م، فحينما قدمت ناهد ورقتها عن الفكر الديني التجديدي السوداني، كنت أقدم ورقتي عن فنون النساء في السودان، وحينما كانت تحرر حكايتهن.. حكايتي وتفضح الأساطير المؤسسة للثقافة الذكورية على صفحات (أجراس الحرية) كنت أكتب بيننا وأحرر صفحة (الجمعة الجامعة) الدينية في ذات الصحيفة. ترافقنا في مبادرة (لا لقهر النساء) مناصرة لأستاذة لبنى محمد حسين والضحايا بعدها، وسجنا معاً فاستمعت لشعرها خلف القضبان، وغنينا لصم أذان الجلاد، وحملنا الكبس في وجه ردة السلطة ورأسها عن منع الختان، وأشهد، كجارة، أن هذا الفكر معمولٌ ليس فقط بعقل، بل بوجدان وروح، وبدمع.
    وحينما نشأت ناهد في بيت وصفته بالصوفية الأقرب للسلفية لوالد التحق بالأخوان في شبابه وأستاذ ضمها لحشود الجبهة الإسلامية منافحة عن الشريعة التي يزعمون في عمر غض، حتى هداها عقلها وحدسها الأنثوي وتساؤلاتها الوجودية إلى الانعتاق. فقد نشأت بمزاج ديني متشدد يميل للتلفلف والنصوصية مع اعتداد شديد بنوعي، ولكن جدتي لوالدي مستنيرة الفكر رحمها الله، ووالدي نفسه حفظه الله، جراني: الأولى بغذاء التدين اللطيف المحب، والثاني بالأسوة، والكتابات المنيرة التي التهمتها عن بكرة أبيها في صباي وشبابي الباكر، وبالحض على الإقدام، بشتى وسائل التربية بالإيحاء والقصص، فساقاني نحو رؤى للدين رحيبة ما برحت تمزق حجبي القديمة.
    ناهد إذن نجمٌ ذاتي التوهج، ومهمة عرضي لعصارة فكرها الذي نشرته في هذا الكتاب مهمة في غاية الصعوبة، لأنها تسافر في عوالم الدين، والتفاسير، والسيكاتري، والأنثروبولوجي، والتاريخ، والميثولوجيا، والحكاية الشعبية، والنقد الأدبي، والنثر الأدبي، والسوسيولوجيا، والجنسانية، والفن التشكيلي، بأدوات شحذتها طيلة تلك السنين، ولو أرادت لنشرت كتابها هذا في ما لا يقل عن خمسة كتب بنفس الحجم، لأنها تكتب بلغة عصارة لا شرح، وتتحرك بين العلوم المذكورة بصورة لا يمكن القبض عليها في مثل هذا العرض. صعوبة واجهتني فقط حينما كنت أحاول الإمساك بتلابيب ليفي اشتراوس ونظريته البنائية التي التهمت اللسانيات، والسيكولوجي، والفلسفة، والأنثروبولوجي، والبايولوجي، والجيولوجي، وفيزياء الكم والمجال والنسبية، والماركسية، وعلمي المصفوفات والنمذجة الرياضيين..
    يضيف للصعوبة الحالية أن ناهداً في كثير من أجزاء الكتاب ذات الأصل الصحفي تكتب بلغة شاحذة محفزة مرهقة للوجدان على متعتها، وفي عرضها للآلام قاصمة للروح. فعرضها لمعاناة السيدة هاجر في هرولتها بين الصفا والمروة، وتناصها مع سارة الجاك في ميثولوجياها الخاص، ووصفها للحيرة الأنثوية إزاء الحيض والتبكيت الذكوري، وغيرها كثير مما تداعت فيه بشكل محرك، كان يستحق اشتراطات حميد رحمه الله للقماري: شرطاً ما تقوقن لي/ قوقيي يبهلن عيني/ ويوقد في دواخلي أساي.
    وسأحاول تلخيص عرضي في نقاط محددة بالطبع لن تفي كل القضايا التي أثارتها فهي تند عن الحصر، ولكن فقط تلك التي أثارت اهتمامي بشكل خاص ودفعتني للتناص:
    أولاً: حول المرأة والدين:
    ناهد تعنى بالفكر الإسلامي السوداني في المقام الأول، وبتحركها بين الرؤى الإسلامية العامة شرحت بتفصيل ووضوح ضرورة الاهتمام بملف المرأة والدين بنظرة نسوية مؤمنة بقدرات النساء وخطورة ترك عالم الدين للذكور لوحدهم، فمن كنانتهم يطلقون كل سهام تبخيس النساء ويلبسونها قداسة الدين من جهة، ومن جهة أخرى هذا يحرم النساء حقهن في التدين والسمو الروحي ويجعل الدين عالماً للذكور. وقد تصدت للمهمة باقتدار، بأدوات الفقه نفسها، فدكت حصون الرؤى الذكورية بحصان طروادة المعرفة النسوية بالدين. تساءلت دكتورة عشة الكارب عن موقع بقية الأديان في السودان في خارطة ناهد الدينية حيث تم الاكتفاء بالإسلام (وحتى الأساطير التوراتية أوردتها بسبب تسربها للمرويات الإسلامية عبر حبر اليهود وهب بن منبه). هذا التساؤل تزداد وتيرته إذا عرفنا أن شاشة ناهد الوطنية لا تقصي دولة الجنوب التي صدر فيها كتابها ذاته، بدليل تضمينه في القصص الشعبي والسرديات النسائية، وما انكشف من أساطير ذكورية في أديان محلية أفريقية. كما طرقت عشة قضية طبعات الدين الإسلامي نفسه في بقاع السودان المختلفة فهو ليس نسخة واحدة. قال روجيه جارودي في كتابه "عظمة الإسلام وانحطاطه" إن "التأسلم داء الإسلام" . لذلك فإن الفرز الداخلي لطبعات التأسلم المختلفة يحتاج لمزيد عناية.
    في عرضحالها للفكر الإسلامي التقليدي أحسنت بمسح أقاويله عن سيداو، وأرى لو أتيح التوسع مستقبلاً أن تركز أكثر على مضخات ظلامية مستها مساً خفيفاً مع أنها تقبض على أنفاس الفتوى والإعلام الديني في السودان، أمثال شبكة المشكاة وصاحبها د. عبد الحي يوسف، وهيئة علماء السودان، والأجسام الشبيهة.

    إن تصريحات الكاتبة التاريخانية للطابع الديني في مراحله المختلفة ووضع النساء فيه تستحق نقاشاً:
    - مثلاً تقول إن الممالك الإسلامية في السودان نشأت على طابع صوفي، وهي مقولة شديدة التعميم، فهناك فرز جغرافي وتاريخي لمدى الأثر الصوفي في السودان، إذ وجد فيه وضع ذو شبه بما في العالم العربي الذي شهد ثنائية الخانقاه المرتبطة بضريح الولي/ والزوايا المرتبطة بمدرس الشريعة كما وصف ترمنجهام نشأة التصوف في مصر والهند وغيرها . لقد شاع في كتاباتنا حقاً أن المزاج الشعبي كان محكوماً بالمزاج الصوفي الذي قرأناه في طبقات ود ضيف الله من أن العلماء كانوا بعيدين عن مزاج الناس الذين لاذوا بالطرق، ما تمظهر على سبيل المثال في الصراع الشهير بين الشيخ الهميم والقاضي دشين، وهي مرويات تحتاج للتحقق، الدكتور شرف الدين الأمين عبد السلام عليه الرحمة مثلاً قام ببحث في التاريخ الشفاهي ونفى صحة أن الشيخ الهميم جمع بين الأختين، واعتقد أن أسطورة شيوع التطرق بالشكل الطاغي كذلك تحتاج لتحقق. معلوم مثلاً أن الجزيرة هي موطن لا يُغالط للطرق، ولكن بؤر التعليم الديني في كثير من البقاع لم تكن متطرقنة، مثلاً، في خلاوي الغبش، حيث كان الشيخ محمد الخير لا يرضى لتلميذه أن يطلع على (إحياء علوم الدين) بدون أن يحفظ ألفية ابن مالك .
    - تشريح حالة المرأة في فترة الممالك الإسلامية من فونج وفور وتقلي وكنوز ومسبعات تؤكد أننا لو أمعنا النظر لوضعنا يدنا على مكمن الجرح. فدخول الإسلام لم يمنع من أن تملك النساء على النهج المروي القديم لدى الجعليين، مثلما ملكت الملكة ستنا في نهايات القرن الثامن عشر أي قبل دخول الأتراك بعقود قليلة؛ ولا أن يقول محمد عمر التونسي عن أهل دارفور واعتمادهم الكلي على نسائهم: ولولاهن لما استقام لأهل دارفور شيء . وسنجد أن تعليم النساء، التعليم الديني بالطبع السائد للجنسين حينها، كان هو الحالة الرائجة التي تصفها أبيات الشيخ فرح ود تكتوك: وعلم لما ملكـت يـــداك عقائــدا/ وفقها كـذا أصـل الطريقة لا تـذر/ بنات وأبنـاء شبـابا عجائـزا خديمـا/وكـذا عبـــــــــدك الذكـر، فهو كما قال البروفسور جعفر ميرغني قد بز رائدي التنوير الأوربيين: جان جاك روسو الفرنسي وجون لوك البريطاني. وفي تلك الفترة كانت خلاوى النساء أمراً شائعاً فأمونة بت عبود في منطقة الشايقية، وفاطمة بت أسد في منطقة الجعليين، والشيخة رية بت أبو زيد (والدة الشيخ العبيد ود رية) وأمها عزلة، وبنات الشيخ بدوي ود أب صفية السبعة في كردفان، والشريفة مريم الميرغنية، وشيخات البجة في الشرق، وحوارات الطريقة السمانية في وسط السودان، وحلقات التجانية في غرب السودان، كلهن كن نساء يعلمن القرآن والفقه ويشاركن التدين مثلما وثق المرحوم الطيب محمد الطيب . وفي كردفان أيضاً الشيخة آمنة الهوارية زوجة القاضي عربي (جد الرائدة فوزية يمني عربي، كردفانية)، وبناتها الإﺣﺪﻯ ﻋﺸﺮ، وحفيداتها ومنهن ميمونة ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﺩﺭ وأختها رقية، وقد استشهد الشيخ بابكر بدري بهن وقال إن أسر السودان الكبيرة اهتمت بتعليم بناتها حينما واجه اعتراضات لدى سعيه لتعليم البنات، ومرد ذلك الرفض برأيي أن التعليم في السودان نشأ دينيا وفي الريف بعيداً عن مراكز الحضر، هذا ما وصفه يحي محمد عبد القادر في كتابه القيم (التعليم الديني في السودان). تلك المدن اعترضت وقد غزتها مؤثرات (الحداثة) التركية، ففصمتها من ماضيها الذي يعطي النساء وسعاً كبيراً. دخول ثقافة (عصر الحريم) التركية، لا الثقافة الإسلامية per se هي المشكلة. ليس هذا إنكاراً لدور الفقه الإسلامي التقليدي السلبي، ولكن السودانيين استوعبوا الجرعة الإسلامية الطوعية باقتدار أمومي كبير، حتى جاءت مؤثرات الحداثة المفروضة في التركيتين السابقة واللاحقة. لقد كان أول من لفتني لذلك أستاذي المنير الدكتور صلاح الدين الشاذلي رد الله غربته، وقد علق على ما سقناه من كلام حول أن التركية عهد مفصلي في تاريخ السودان المتأخر بلبل ذاكرة الناس في المدن وأدخل فيها ذهنية الحريم المخالفة للموقف السوداني تجاه المرأة. علق الشاذلي قائلا إن العهد التركي ليس مفصليا بل تضعضعي، ولا زالت تبعاته تترى على السياسة والمجتمع في السودان. وأن التركية لما أتت أحدثت تغييرا جذرياً في بنية المجتمع السوداني وأحدثت انقساماً زائفا بين المستقر والبدوي. وفي الحقيقة فإن الكثير يمكن أن يقال حول الطريقة الشائهة التي تم بها بناء السودان الحديث على عهد الاحتلال الثنائي (التركية اللاحقة) والذي كان يمت بصلة قوية للعهد التركي المصري (التركية السابقة).
    - أما فترة المهدية فقد تحاشت الكاتبة نقاش أمرها بروية مع أنها كانت الاجتهاد التأصيلي الإسلامي السوداني الأول، وما فتئت الاجتهادات اللاحقة في فترة نميري والإنقاذ تزعم الاتصال بالمهدية متمسحين بها كتاريخ وطني بطولي عليه بعض اتفاق، كما يوافقهم بعض معارضيهم ومعارضي المهدية الذين يرون كل هذه المشاريع نسخاً متشابهة، على نحو ما وصف هاشم صديق باكياً على القرنتية المظلومة في أوائل أيام الإنقاذ: تقول الدنيا مهدية. وهو أمر رد عليه الشاعر الأنصاري مكي مصطفى ود غليب بقوله: أريت الدنيا مهدية! كانت فقرة ناهد حول المهدية أقرب ما تكون لـ(الملفوحة). نهلت في غالبها من كتابات تعرضت للمهدية ضمن رصد تاريخي عام غير متخصص، أو من مداخلات في ورش أو مقابلات تطرقت للموضوع بشكل ثانوي، ولم ترجع لأي من الكتابات التي تخصصت في وضع النساء في المهدية، وهي حسب علمي قليلة ومنها رسالة الماجستير لنوار الشيخ (النساء السودانيات في المهدية) ، وورقتي (نساء أم درمان في المهدية)، ودراسة الدكتورة اليابانية يوشيكو كوريتا (بنات أم درمان) . بحسب ما جاء في مراجعها، فقد وقعت ناهد على ورقتي فقط، ولكني ذهلت من الجملة الوحيدة التي أوردتها منها مجتزأة من سياقها حول أحكام قاسية وردت في منشور للمهدي وقعت على النساء، وكنت أوردتُ بعدها استدراكاً أن المنشور يناقض أقوال المهدي في مجالسه، أما لو رجعت الكاتبة للمنشور نفسه فستجد الأحكام على الرجال أكثر قسوة بما لا يقاس. وأعظم اللفح في الفقرة كان منقولاً عن فاطمة بابكر، التي ادعت أن المهدي تدخل في المنشور رقم 47 في زينة النساء لدرجة تحريم (الشاف والطلح)، والذي يعود للمنشور، يجد المهدي سئل عن الدخان فأباحه مع عدم تراكمه بحيث يكون قشرة تحول دون وصول الماء في الوضوء والغسل، أي ناقش قيوداً من وجهة نظر طهارة. وكذلك في حديث فاطمة عن براغماتية ذرائعية رأتها في تعامل المهدية إذ أن للحرب فقهها كما يبدو في المنشور 93، وللسلم فقهه كما في المنشور 29. والحقيقة إن المنشور الأول أصدره أثناء حصار بارا والأبيض في 15 سبتمبر 1883م ويتعلق بعصم النساء والرجال داخل وخارج الققرة وهو فقه مرتبط بالحرب وأحكامها، والمنشور الثاني أصدره لدى العزم على السير لفتح الخرطوم في 26 أبريل 1884م، ويتعلق بضرورة تخلف غير القادرين على السير الطويل عن الموكب لئلا يتعطل فهو كذلك مرتبط بحالة الحرب. أي كانت حرباً في الحالين، والمنشوران كما رأينا يختصان بقضيتين مختلفتين لا مجال لمقارنة بينها . ونفس التعجل لدى الحديث عن الموقف من لبس الذهب والحديث عن تحريم مع أن المهدي حين سئل قال: إن الذهب والفضة لا يحرم لبسهما إلا أنهما يعطلان في الآخرة لتعاطي المباهاة الكثيرة . وطبعاً هذه الفكرة ليست من بنات أفكار المهدي فهي واردة مثلا في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمس مائة سنة) ، قيل لأن الغني من أهل الجنة لا يدخلها حتى يسأل عما أعطاه الله من الدنيا. المهم لم يحرم المهدي لبس الذهب ولكنه حض على الزهد للرجال والنساء ولهذا كانت بنات المهدي لا يلبسن الذهب أبداً بل يتزين بالأحجار الكريمة.. طبعاً هذا ملف تخصص لدي، وناهد كانت متوجسة منذ التدشين الأول من (كِبِس) المهدية هذا، ولذلك سأكتفي بهذا القدر وأعيذ بناهد المحققة المدققة أن تطرق أي موضوع كان بمثل هذه العجلة.
    - تشير الكاتبة باطراد لأن المطلوب هو المساواة، وأن كثير من الأصوليين يطالبون بالعدالة كمدخل انتقاص، وينفون مبدأ المساواة. هذا فهم موجود بالفعل خاصة بين جماعات الأصولية الإسلامية والفاتيكان. ولكن هناك فهم جندري للعدالة في مقابل المساواة equity versus equality يجعل العدالة النوعية خطوة أكثر تقدماً من المساواة، لأنه يشمل فكرة التمييز الإيجابي المضمنة في كل إستراتيجيات تمكين المرأة الحالية. فالعدالة النوعية تنظر لضرورة تحليل نوعي لاحتياجات الجنسين ومن ثم بناء الاستراتيجيات طبقاً للاحتياجات المختلفة.

    ثانياً: حول مدارس التجديد الديني في السودان
    قدمت ناهد عرضاً ممتازاً للمدارس الأربعة المذكورة، وناقشت أثرها على المجتمع، وهي تراكم دراستها حول المسألة التي بدأت بها اجتهاداتها الفكرية، وكان نهجها أقرب لنظرية العطف عند مي زيادة، : "إن ألزم مميزات الناقد هي العطف، لست أعني العطف بمعنى الإغضاء والتساهل واعتبار العيوب والنقائص حسنات وكمالات، وإنما أعني عكس التحامل والتعنت، ليتهيأ له التجرد من ذاتيته تجردا موقوتا يتسنى معه الدخول في حياة المنقود شاعرا معه، متوجعا لحاجته". فهي لا تدعو للحياد، ولا تدعو للتفاعل حسب الغرض، ولكنها تدعو للعطف.
    واعتقد أن هذا العطف، خاصة مع مدارس تنادي بحقوق النساء من داخل الدين، ضالتها ومناها، جعلها تقف في نقد المدارس المذكورة في حدود الإشارة، مثلما فعلت مع الدكتور الترابي الذي اكتفت بعد كل فقرة ترصد فيها فكره في قضية أو أخرى، بالتقرير الحيي أن هذا ناقض الفترتين اللتين طبقت فيهما أحكام إسلامية وكان جزءا منها إبان مايو أو عرابها إبان الإنقاذ. وأشارت كذلك للتناقض الذي وجدته في أحاديثه وقالت إنها اكتفت بإيراد ما تجده مكتوباً أو إثبات الرأي الأخير. والحقيقة إن نهج تلك المدرسة أظهر ميوعة فكرية قصوى تدثرت باللغة الإنشائية والغامضة كثيراً، والتزمت درجة الصفر في الاتساق، وذبحت المرأة ذبحاً معنوياً بل واغتصاباً مادياً حينما تقلدت السلطة، بما لا يمكن تبريره بحال.
    وأحياناً أحجمت الكاتبة عن النقد، مثلما في حالة الطهوية، فمع أنها أوردت لدى حديثها عن المهدية أن البعض أنكر الحضرة لدرجة التكفير، بالرغم من أن الحديث عن الحضرة معلوم في مضابط الدين وهناك كتاب الإمام السيوطي على سبيل المثال: تنوير الحلك في جواز رؤية النبي والملك. إلا أنها لم تورد هنا أن الحديث عن رسالتين أولى في القرن السابع وثانية في القرن العشرين هو ليس اجتهاداً من داخل مضابط ونصوص الدين المعلومة، فلم يبشر الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة ثانية في أي من المرويات عنه. كذلك الحديث عن النسخ تم فيه قلب للمعلوم من أن الآية المتأخرة تنسخ المتقدمة فالنسخ هنا عكسي بناء على تأويل صادر عن الرسالة الثانية، بحيث تنسخ الآيات المكية التي هي آيات أصول الآيات المدنية التي هي آيات فروع بحسب ما يرون. وقد أضافت ناهد شرح القراي الذي يقول إن تحديد هل الآية آية أصول أم فروع ليس قاصراً على مكان النزول فلربما آية أصول نزلت في المدينة وآية فروع نزلت في مكة. هذه الإضافة الأخيرة في نفس الوقت الذي تحل فيه إشكالية وجود آيات تتسق مع الحزمة القيمية التي ينادي بها الجمهوريون، تضيف مشاكل لا حصر لها في جعل التفرقة بين الأصول والفروع أمراً خاضعاً للتأويل. هذه الاجتهادات تتضمن اعتقاداً برسالة لا تنطلق من نبوءات نصوص مرجعية، بخلاف المهدية مثلاً التي توجد كثير من الأحاديث التي تبشر بها.
    كذلك فإن الكاتبة لم تشر من قريب أو بعيد لموقفهم الفكري المتناقض مع خطاب حقوق الإنسان الذي يتقلدونه، حينما هللوا لذبح الآلاف في الجزيرة أبا بيد الطاغية بذريعة ضرورة القضاء على الطائفية، ولا للذبح المرافق لانقلاب هاشم العطا تأييداً لسفح الدم الشيوعي. هذا الموقف الإقصائي لا يزال متحكماً، ولا أدري هل حضرت الكاتبة أحد لقاءات مبادرة (لا لقهر النساء) بدار الأمة ونحن نتضامن مع مقهورات حينما خطبت فينا الأستاذة أسماء محمود محمد طه مؤكدة أنه لا فائدة في هذه البلاد ولن تتقدم قيد أنملة طالما هناك أحزاب تقليدية وطائفية، اقرأ: الأمة والاتحادي، فإزالتها عن الخارطة هي طريقنا الوحيد للأمام. طبعاً تسبب الخطاب في أزمة يومها، وكان ضمن ما خلخل وحدة المبادرة وأفلت قبضتها المتحدة، في حين تحتاج حقوق النساء لخطاب تعايش يعم الجميع حول أهدافنا العليا بتمكين النساء.
    وقالت ناهد إن المفكرين الأربعة أقروا حق المرأة في العمل والتعليم (غير ان الإمام الصادق المهدي والترابي ومحمود محمد طه حثوا المرأة على تعليم علوم بعينها واختيار أنماط من العمل مقاربة لطبيعتها البيولوجية ووظائفها المنزلية) . والحقيقة ليس بيدي كل المراجع التي رجعت إليها، اللهم إلا كتاب (حقوق المرأة الإنسانية والإسلامية) للإمام الصادق. في الصفحة التي ذكرتها، 37، كان يلخص (الرأي الإسلامي الآخر) في مقابل (الرأي الإسلامي التقليدي)، فأورد آراء السباعي من جواز عمل المرأة لكل الوظائف إلا رئاسة الدولة، وآخرون استشهدوا بعمل النساء زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في التمريض والإسعاف، بل حملت السلاح أحيانا، وإن للمرأة أن تعمل في السياسة وغيرها من آراء،
    لكنه لم يناقش رأيه إلا لاحقا حينما قال: (ينبغي أن تتساوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة للرجال والنساء وأن تصان فكراً ودستوراً وتشريعاً) . وقدم ميثاقاً للمرأة فيه نادى بإزالة كافة أشكال الهيمنة الثقافية والتمييز ضد المرأة وتنميط دورها. وبالاعتراف بدور المرأة الاقتصادي الهام خاصة في القطاع التقليدي وتوطين ثقافة العمل لدى النساء، وحل كافة القضايا التي تعوق النساء العاملات.
    ثالثاً: تحليل الأساطير والحكايات
    كدارسة فولكلور شدني نقاش ناهد للميثولوجيا والقصص الشعبي. وفيما يخص الأساطير فقد تعرضت الكاتبة لرأي هردر مفاده أن الحكايات الشعبية بقايا المعتقدات وبقايا تأملات الشعب الحسية وبقايا قواه وخبراته، ولسيد القمني أن الأسطورة تمثل الوعي واللا وعي الجمعي. ثم اعتبرت أن تلك الأساطير المؤسسة للثقافة الذكورية نشأت في مجتمع رعوي بدوي، أراد أن يقضي على ثقافة المجتمع الخصيب الذي استعمره وبالتالي رموز خصبه وأموميته. ومن ثم صادر تراث المنطقة ووظف أساطيرها بعد أن غلفها بالقداسة لصالح ثقافته وسياسته.
    الحقيقة إن تعريف الميثلوجيا وتحليلها خاضع لاتجاهات علمية متباينة، تعد نظرية (البقايا) من النظريات الآفلة التي لم يعد يؤبه بها في دراسة الأدب الشعبي.
    قال فرويد في تفسير الأحلام إنها تعبر عن الرغبات المكبوتة ومخاوف الطفل الجنسوية بشكل رمزي، والخطوة التالية له كانت مساواة الأحلام بالأساطير. قال تلميذه ابراهام ان الحلم هو اسطورة الفرد الخرافية، ونفس الميكانيزمات النفسية تعمل في الأحلام والأساطير، وتكون عرضة لنفس التفسيرات. لو كشف الحلم عن الرغبات الطفولية لشخص فرد، فإن الأساطير تكشف عن المكبوتات النفسية لطفولة العرق. وإن ميكانيزمات التكثيف، والتوسيع، والإبدال تحول الرغبات الجنسية الطفولية نصف المنسية إلى أشياء وصور مأخوذة من الحياة اليومية. وإن أشكال الرموز حينما يتم فهمها بشكل صحيح وترتيبها منطقيا تخبر عن قصة الجوع الجنسي، والشعور بالذنب والخجل. إذ تكمن تحت المحتويات الظاهرة تخيلات مستترة للاستمناء والخصي وإضرار الجسد وحسد الذكورة والزنا بالمحارم. ومهمة عالم الفولكلور النفسي التحليلي أن يخترق الحجب التي يقيمها الرقيب ويتفهم المحتوى الحقيقي للخيال.
    وجاء كلود ليفي اشتراوس بفكرة البناء الكامن للأسطورة الذي إذا ما وصلنا إليه بعد عملية تحليل مضنية يمكننا من فهم آلية عمل العقل البشري لحل التناقضات الثنائية ومعالجة القضايا المؤلمة وفق معطيات أي ثقافة.
    ويحلل الانثروبولوجيون في الغالب من وجهة نظر وظيفية، كرادكليف براون وبرونسلاف ماليونفسكي، وفي دراسة الأخير بعنوان "الأسطورة في علم النفس البدائي" يؤكد أنه لا يمكن فهم الأسطورة بدراستها كنص بدون فهم طبيعتها ومرجعيتها الاجتماعية. ويذهب وليام باسكوم صاحب "وظائف الفولكلور الأربعة" إلى أن تلك الوظائف تشمل:
    الوظيفة الأولى: أنه وسيلة لتنفيس الضغوط النفسية سواء أكانت جنسية أو غيرها، مشيراً لأن مدرسة التحليل النفسي تحاول إعطاء أجوبة للتناقضات في عناصر الفولكلور بتحديد الرموز الجنسية وتفسير التناقض باعتباره تنفيسا للرغبات المكبوتة أو الهروب من التابوهات بالخيال عبر ميكانيزمات شبيهة بالتي تحدث في أحلام النوم أو اليقظة. ولكن وظيفة التنفيس الفولكلورية ليست قاصرة على الجنس، بل تدخل في الضغوط كل تلك المتعلقة بوضع الجماعة وظروفها وأقدارها والفجوة بين ما تريد وما تستطيع.
    الثانية: تأكيد الثقافة وتبرير طقوسها ومؤسساتها. فكما أوضح مالينوفسكي فإن الأسطورة ليست مجرد شارحة للثقافة ولكنها تلعب دور ضمانة أو عهد أو دليل عملي للسحر والاحتفالات والطقوس والبناء الاجتماعي، فالأسطورة في الثقافة البداية تقوم بوظيفة لا مناص منها: إنها تعبر عن المعتقد وتؤطره، وتحمي الأخلاق وتؤكدها، فهي ليست مجرد حكاية عاطلة.
    الوظيفة الثالثة: تعليمية خاصة في المجتمعات غير الكتابية.
    الوظيفة الرابعة: برغم أهميتها يتم تجاهلها في العادة، وهي ضمان الالتزام بأنماط السلوك المقبول .
    من هنا يمكننا أن ننطلق لنقاش الأساطير التي أوردتها الكاتبة فنقول:
    - إن ناهداً انطلقت من تحليل وظيفي للأساطير، خاصة لتأكيد الثقافة وتبريرها بل لقد كررت بكلماتها نفس فكرة أنها ليست مجرد حكايات بقولها عن أسطورة الخلق (لا يمكن النظر لها ببراءة كحكاية والسلام) . كذلك نظرت لها كآليات ضبط وضمانة للسلوك المقبول.
    - إن حديثها حول ثقافة رعوية فرضت قيمها على مجتمعات أمومية عادت ونقضتها بإرجاعها للنص التوراتي لإرث سومري خصيب أيضاً. بل كذلك في تحليلها لأساطير جنوب السودان لم يمنع الخصب من الذكورية الماحقة لأي حقوق أنثوية.
    - لا أدري مدى سداد إرجاع الذكورية للبداوة والرعوية، إن سياحة في الجزء الرابع من سفر العلامة عبد الله الطيب، المرشد، في تتبعه للشعر العربي القديم تظهر مكانة متقدمة للمرأة في الشعر العربي الموغل في القدم . دكتور جعفر ميرغني يشير لآثار ثقافات أخرى وفدت على العرب والساميين عموماً وغيرت مواقفهم، ويشير لمخاطبة سيدنا موسى لأخيه: يا ابن أم، كملمح أمومي. عبد الله الغذامي تتبع الإرث اليوناني القديم وتمثال أفروديت برأس بحجم حبة الزيتون. وما هو حجم الأثر الفارسي؟ أوردت ناهد انزعاج بعض الكتاب من موقف نيتشة الذي أعلن موت الله وفي نفس الوقت ذبح قيمة المرأة مثله ومثل الأصوليين. نيتشة كتب: هكذا تكلم زرادشت، والزرادشتية كانت منبعاً أصيلاً للذكورية في الثقافة الإسلامية. تتبعت دوروتيا كرافولسكي- المسألة النسوية في إيران وتحدثت عن الزرادشتية المتأخرة الآتية من غرب إيران والتي اعتبرت فيها المرأة أداة في يد أهرمن (الروح الشرير) حيث أن "أداته الرئيسية لإضلال الصالحين هي الغريزة الجنسية والشهوة (أز) ممثلة في المرأة" ، قالت كرافولسكي: "دخل الإسلام إلى إيران فغير من أوضاع المرأة تغييرا جذرياً، وكان التغيير لصالحها". ولكنها تتبعت وجود الأفكار الزرادشتية حول المرأة في أفكار الإمام الغزالي وأنه "تبنى الرؤية الزرادشتية

    (المتأخرة المقتبسة من الزارونية) لوجود الشر، وحاول إدخالها ضمن المفهوم القرآني للخلق وطبيعة المعصية، عندما زعم مثل الزرادشتية المتأخرة تماماً أن المرأة أداة الشيطان" .
    - فكرت وأنا أقرأ تحليل لأسطورة الخلق التوراتية وما قيل من أن الرب لم يرد لآدم وزوجه الطعام من شجرة المعرفة، أن هذا يقابل نصاً نقيضاً في القرآن الذي ميز آدم بالمعرفة: وعلم آدم الأسماء.
    - فيما يخص تحليل الحيض والموقف منه، أورد السير جيمس فريزر أشكالاً وألواناً من الاسترابة بالحيض في غصنه الذهبي، وهو أمر وجد لدى ثقافات عديدة، ولكنه ليس كالقبة الزرقاء. إن موقف نوال السعداوي لا يعتد به فأي تحليل لكتاباتها يفضح أنها نتاج ذكوري وإن انطلقت من موقف محتج على قهر النساء، مثلما قال الغذامي . نفس المعنى التفت له جورج طرابيشي في تناوله لأدب نوال السعداوي. حتى أن كتابه الذي يحلل أدبها نفسيا عنوانه: أنثى ضد الأنوثة! إن تجربتي مختلفة جداً، فقد هرعت لأمي فزعة فطمأنتني وباركت لي أنني كبرت وعلمتني أسساً صحية، أما أختي الأصغر فقد غارت أنني كبرت قبلها، و"بركت" فوق المصلاة تسأل الله حتى لحقتني بعد أسبوع واحد. وذكرت لي الوالدة إنعام المهدي إنه في الماضي كان حدثاً يستدعي عمل طقوس الجرتق. والوالد يقول: على الفتيات والنساء في هذا الظرف أن يلبسن علامة تجعلنا نعرف فنراعيهن ونراعي ظرفهن الخاص الذي يسبب لبعضهن الكدر بتغيير الهرمونات، وهو وضع ينبغي في الشريعة أن يراعى فلا يستحب للرجل مثلاً أن يطلق زوجته وهي نفساء أو حائض. والأحاديث النبوية كذلك تفيد أن إسقاط العبادات ليس عقوبة أو بسبب النجاسة بل للتخفيف. هكذا ورد اللفظ مثلا عن بعض أحكام الحج، "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ ِ" . وعلى المرأة أن تصبر عليه، يدل على ذلك حديث عائشة كيف أنها بكت إبان الحج بعد أن حاضت فدخل عليها رسول الله  ووجدها تبكي فسألها: "أَنَفِسْتِ يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ" ، وهكذا.
    - ولكم تماهيت مع تحليل الكاتبة للمقارنة بين كيد صويحبات يوسف وكيد أخوته، وقد ظللتُ دائماً أرى أن ما قام به الأسباط (لا حِكى لا بِقى)، ولا أمر أبداً على ما قالوه حول بنيامين بدون أن أتعبّر، حينما دس أخوه له صواع الملك في رحله، إذ قالوا بعد أن رموه بالجب وما دروا أميتٌ هو أم حي: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ. هل يمكن مقارنته بما فعلت امرأة العزيز؟

    رابعاً: حكايتهن.. حكايتي
    ما نادت به كارول بي كريست من استنطاق النساء وحكاياتهن واستلهمته ناهد في تحليلها لحكايات النساء أمر صار هاجساً للنسويات خاصة في مجال الأدب، هذا الوجع بدأ قبل أكثر من قرن، وكانت مي زيادة في العالم العربي إحدى رافعات راياته. فمي نادت بألا يكرر النساء خطى الرجل في التعبير لأن لهن تجارب مختلفة "إنما نحن من الذات الإنسانية الواحدة الجهة الماثلة إزاء جهة الرجل، فنختبر إذن بفطرتنا ما لا يستطيع الرجل أن يعرفه كما أن اختبارات حضرته تظل أبدا مغلقة علينا" .
    أشار عبد الله الغذامي لأن الرجل في مجال الأدب استأثر بالكتابة وجعل للنساء الحكي بعد أن وصمه بالدونية ، واستأثر باللفظ وجعل لها المعني بعد أن جعل المعنى أسيراً للفظ .. وفي الحديث والشعر عندنا في السودان اعتبرت لغتها ومفرداتها - خاصة المستعملة لوصف المصائب وفي المناحات- دون المستوى فهي "ألفاظ تحرم على الرجل ".
    والغريبة أن بعض شعرائنا المحدثين تحركوا بين المفردات النسائية المحرمة بدون أن يوصم شعرهم بالدونية التي ينظر بها لمناحات النساء. ومن ذلك مرثية محجوب شريف للشفيع وفيها "واحلّالي" ومرثية صلاح أحمد إبراهيم لعلي المك –رحمهما الله- وهو يصور أم درمان مكلومة تقول "ويب لي" وأيضا قصيدة محجوب شريف الشهيرة الموجهة لوالدته مريم "حي قولي ما حي ووب" ومثل ذلك متكرر، ويمكننا رصده كتأثير للغة النساء وفنهن على الشعر بعمومه وشعر الرجال في السودان.
    إن ميكانيزمات القيمة ليست محايدة ولا موضوعية.
    فمن يدرينا أن حكايتهن وحكاية ناهد لا تضيع هباء، ومن يجعلها تراكم مسيرة الكشف التي وصفتها ناهد؟
    تبرز مؤثرات العصر والحداثة في رؤى ناهد دائماً مقترنة بنهضة النساء، وتمكين النساء، وفكرة المارد الذي خرج من القمقم منذ عهد الملك سليمان، إنها أنشودة أمل. قال لي الأستاذ منار الحلو ذات مرة وكنتُ أكتب حينها منافحة عن العدالة النوعية: أحييك، لأني أقف مسانداً لكل أولئك الذين يقفون بقوة خلف القضايا الخاسرة، مثل قضيتكن! هذا ليس يأساً، ولكني ألتمس أن تكر ناهد البصر كرتين بشان ما جلبته لنا الحداثة. نعم جاءت بترسانة من المواثيق الدولية التي استفادت منها شرائح متزايدة من النساء في خدمات صحية وتعليمية وغيرها، ولكن خدمة الشفاه تلك كما يقول الفرنجة لم تمنع أن يظل تمكين النساء في الدوائر العامة متراجعاً، ويظل الفقر قرين النساء، وكل أنواع العنف. نسويات كثيرات التفتن لهذا الأثر الملتف للحداثة، وكما ساقت إحدى الناقدات الفنيات، فإنه، وبالرغم من أن الحداثة تعطي حرية واستقلالية أكبر، فإنها بالنسبة للنساء تسببت في إنكار هويتهن النوعية حيث أن كل تاريخ الفن الحداثوي يمكن تفسيره بأنه تمجيد لإبداعية الذكر وجنسويته .
    وحتى القصص الشعبي الذي يشار لأنه فن للنساء لا يدلف للتدوين إلا عبر ألسنة أو أقلام الرجال. فتعريف الأحاجي كما وجدها البروفسير حريز عند الجعليين أنها خاصة بالنساء، وأنه "ليس يمنع الرجال حكي الأحاجي كونها مخصوص ثقافي للنساء في مجتمع الجعليين." شذوذا عن العرف . وبالرغم من ذلك فإن عمل الدكتور حريز المذيل بقائمة لرواته يحمل حقيقة مدهشة، وهي أنه من بين الرواة الـ29 الذين جمع منهم قصصه كانت النساء اثنتين فقط! . وذلك يعني أن حكاية الرجال للقصص على أرض الواقع شذوذ عن العرف، ولكن تدوين القصص من النساء في المقابل هو أيضا شذوذ عن عرف التدوين! هذه الحقيقة ليست بلا ثمن إذا لاحظنا أن الرواة يغيرون في القصص حسب أفكارهم الخاصة.. يذكر ذلك بقول بنت الشاطئ التي ترى أن مؤرخي الأدب قد تعمدوا طمس أدب المرأة العربية في عصورها الماضية، وأنهم قد ألقوا بآثارها في منطقة الظل. ومارس عصر التدوين ورجاله بخس النساء حقوقهن وهو ما تسميه بنت الشاطئ بمحنة الوأد العاطفي والاجتماعي .
    وطالما أن الأدب يحتاج للنقد لكي يحيا، فإن معضلة المرأة الكاتبة روائياً تقع في الفخ الذي أشرنا له أن الرصد يتم بأيدي الرجال. وحتى إذا قامت النساء بالمهمة فإنها أيضا تذهب أدراج الرياح، أو هذا ما توحي به تجربة مثل تجربة مي زيادة. تقول ألفت الروبي: "ولعل من أهم ما قدمته مي هو دراساتها النقدية التي خصصتها لبعض أديبات عصرها أو السابقات عليها مثل دراستها عن ملك حفني ناصف وعائشة تيمور ووردة اليازجي. وهي دراسات لم تكن معزولة عن إيمانها بقضية تحرير المرأة.. غير أن الذين أرخوا للأدب العربي في مصر لم يعنوا بذكر مي زيادة". ولذلك يقول الغذامي "لو تيسر للمرأة أن تكتب تاريخ الزمان والأحداث وتولت بنفسها صياغة التاريخ ولم يك ذلك حكراً على الرجل وحده، إذن لكنا قرأنا تاريخا مختلفا عن فاعلات ومؤثرات وصانعات للأحداث، وهنا ستكون الأنوثة قيمة إيجابية مثل الفحولة تماما" .
    ومع الإشارة لتأخر الحركة الأدبية السودانية الناضجة في مجال الرواية والقصص كثيراً عن الكثير من البلدان العربية، فإن الرواية النسائية لم تأت متأخرة نسبيا عن رواية أو قصة الرجل. يرجع الفضل في ذلك لأعمال ملكة الدار محمد التي بدأت منذ الأربعينيات من القرن العشرين حيث نالت جائزة عن قصصها القصيرة، ثم جاءت روايتها "الفراغ العريض" مباشرة بعد الاستقلال، وقد كانت في منافسة ريادة الرواية السودانية. وقد أدرجها الشاعر والناقد النور عثمان أبكر ضمن أربع من الروايات الرائدة والمهمة في تاريخ الرواية السودانية. يقول أبكر: "إن "بداية الربيع" لأبي بكر خالد تعطينا خطاً فاصلاً بين نوعية رسوم الطفل المتسطحة وفرشاة الفنان التشكيلي المقتدرة، وتؤرخ لنا بداية العمل الروائي في السودان. ربما كانت ملكة الدار محمد قد كتبت روايتها قبله، أو ختم خليل عبد الله الحاج عمله قبله ولكن رواية (بداية الربيع) تبقى أول رواية سودانية جديرة بالاسم طبعت" . ثم يدلف النور أبكر في تحليل الروايات الأربع التي نسب لها الريادة ومنها رواية ملكة الدار حتى يقول: "شرف للرواية السودانية وهي تبدأ مسيرتها أن يساهم صوت نسائي في إصدار رأي في الحياة الاجتماعية والثقافية والشخصية لدوائر النشاط النسائي والرجالي في السودان في الفترة الواقعة بين الأربعينات والستينات، وأن يكون هذا الصوت ثرياً بالتجربة العملية عامراً بالوعي الواقعي الجاد" .
    مي زيادة". ولذلك يقول الغذامي "لو تيسر للمرأة أن تكتب تاريخ الزمان والأحداث وتولت بنفسها صياغة التاريخ ولم يك ذلك حكراً على الرجل وحده، إذن لكنا قرأنا تاريخا مختلفا عن فاعلات ومؤثرات وصانعات للأحداث، وهنا ستكون الأنوثة قيمة إيجابية مثل الفحولة تماما" .
    ومع الإشارة لتأخر الحركة الأدبية السودانية الناضجة في مجال الرواية والقصص كثيراً عن الكثير من البلدان العربية، فإن الرواية النسائية لم تأت متأخرة نسبيا عن رواية أو قصة الرجل. يرجع الفضل في ذلك لأعمال ملكة الدار محمد التي بدأت منذ الأربعينيات من القرن العشرين حيث نالت جائزة عن قصصها القصيرة، ثم جاءت روايتها "الفراغ العريض" مباشرة بعد الاستقلال، وقد كانت في منافسة ريادة الرواية السودانية. وقد أدرجها الشاعر والناقد النور عثمان أبكر ضمن أربع من الروايات الرائدة والمهمة في تاريخ الرواية السودانية. يقول أبكر: "إن "بداية الربيع" لأبي بكر خالد تعطينا خطاً فاصلاً بين نوعية رسوم الطفل المتسطحة وفرشاة الفنان التشكيلي المقتدرة، وتؤرخ لنا بداية العمل الروائي في السودان. ربما كانت ملكة الدار محمد قد كتبت روايتها قبله، أو ختم خليل عبد الله الحاج عمله قبله ولكن رواية (بداية الربيع) تبقى أول رواية سودانية جديرة بالاسم طبعت" . ثم يدلف النور أبكر في تحليل الروايات الأربع التي نسب لها الريادة ومنها رواية ملكة الدار حتى يقول: "شرف للرواية السودانية وهي تبدأ مسيرتها أن يساهم صوت نسائي في إصدار رأي في الحياة الاجتماعية والثقافية والشخصية لدوائر النشاط النسائي والرجالي في السودان في الفترة الواقعة بين الأربعينات والستينات، وأن يكون هذا الصوت ثرياً بالتجربة العملية عامراً بالوعي الواقعي الجاد" .
    وبالرغم من ذلك، فقد لاحظ الدكتور محمد المهدي بشرى إهمال ملكة الدار في القيد الأدبي السوداني..قال: "على الرغم من الأهمية الأدبية والتاريخية للكاتبة ملكة الدار محمد ولروايتها "الفراغ العريض" إلا أننا نلحظ أن إنتاجها الأدبي لم يلق حظه من الاهتمام والدراسة". وأشار لخلو عمل الدكتور علي المك –رحمه الله- البانورامي للإبداع كما خطط صاحبه من الإشارة إليها .
    ومثلما أهملت ملكة الدار التي كانت لها الريادة أو اقتسمتها، أهملت كردفانية التي أماطت ناهد اللثام عن ريادتها المحتملة في ساحة الكاركتير.
    القصص الشعبي:
    تقدم الكاتبة لتحليلها للقصص الشعبي بمقولات البروفسور عبد الله علي إبراهيم من أن دراسة للحكايات الشعبية في أوربا وصلت لأن جميع الروايات كانت من وجهة نظر رجالية بمعنى أن المرأة تستبطن الموقف الرجولي وتفرزه، كما خلصت دراسة لحكايات فارسية لأنه بالرغم من أنها حكايات تصور بدقة دونية المرأة في المجتمع الفارسي إلا أنه لا دور محسوس لنوع الراوي ذكراً كان أم أنثى في وجهة النظر التي تتخذها الحكاية، فالرواة النساء مثلهن مثل الرجال يحكين الحكايات من وجهة نظر رجالية .
    استغربت وقوف الكاتبة لدى هذا الحد من حديث دكتور عبد الله، فدراسته أصلاً بعنوان (ما وراء حجاب أحاجي المرأة في السودان)، وأطروحته الأساسية هي اعتباره مثل تلك الحكايات التي تستبطن عقلية ذكورية (مثالاً للنساء) تحمله حكايات المرأة في المجتمعات المختلفة، في مقابل مثال النساء الذي يعبر عما تحمله المرأة من صورة عن نفسها . وهو ما سماه عبد الله محمد الغذامي الميثاق الأنثوي الذي يؤمن على سعة قدرات النساء وكفاءتهن ويحمل الأزواج مسئولية تعريض أمن البيت للأخطار المستمرة، في مقابل (الميثاق الجسدي) الذي يجعل فيه الرجال من خلال حكاياتهم النساء مجرد كومبارس في دراما الرجال أو "كلاعبات" مفرطات في عهد الزوجية
    إن تحليل ناهد سواء للقصص الشعبي الذي درسته أو للحكايات السردية أظهر بوضوح وجود مثال النساء، وإن وجدت حالات استلاب ذكوري. هذه الحالة كما هو مذكور نتاج توتر بين ثقافة أمومية أصيلة وأبوية وافدة. والدكتور سيد حامد حريز في بحثه للحكاية الشعبية للجعليين لاحظ التوفيق بين المكونات الإفريقية والعربية، كما لا حظ التوتر في عدة مناح منها موضوع المرأة، وكيف عالجت القصص خاصة التي ترويها النساء هذه المعضلة .
    السرديات النسوية
    تحلل الكاتبة الحكايات النسوية بمنهج الصوفية النسوية الذي يستند كثيراً إلى الحدس، مثلما أنها كما ذكرنا من قبل تحتوي على نظرية العطف.
    واعتقد فيما يتعلق مثلا بنتاج بثينة خضر مكي فقد بز عطفها حدسها، لقد التفتت للاستعلاء العرقي في استحضار حادثة المتمة وقهوة جون قرنق، ولكنها في غير ذلك جعلت نص بثينة حكاية تحاور أوضاع المرأة وتبحث عن حلولها. صحيح وصلت في بعض إشاراتها لتماهٍ ذكوري فيها، ولكنها احتفت باستحضار حكاية فاطمة السمحة التي تجاوزت بالحيلة الصعاب وإن كان بقتل العجوز كشكل من أشكال مواجهة المسؤولية والتخلص من وهم البراءة، وفقما رأت، واحتفت باستحضار طقوس العبور العديدة في الرواية، ورأت في تماسيح النيل ذاكرة للخوف ورغبات الجسد الأنثوي.
    ولكني وقد قمت بمحاولة لتحليل الفولكلور في رواية "صهيل النهر" وجدت أن الرواية تدخلت في تفاصيل عديدة بالحذف والإضافة لتأكيد معان ورؤى موغلة في الذكورية. أضافت بثينة مشهداً جديداً للقصة فمحمد طفق يقيس السبيبة على شعور بنات القرية .. (ثم أن فاطمة أخته برزت إليه من وسط البنات تحمل سطوة جمالها وهي تضحك وتقول في غنج ودلال من تعرف قدر نفسها: تعال يا محمد أخوي.. قسها على شعري حتى نرى آخرتها معاك شنو؟) فضحك حتى صعقة تطابق السبيبة، وأطرق وسط ذهول البنات ووجوم فاطمة، ثم انتفخ كبرياؤه وهز يمينه وقال (أنا اخوك يا فاطنة) لا أرجع مما أقوله وست السبيبة عروسي.
    الجديد الذي أضافته الكاتبة هنا للنص الأصلي هو ابتدار فاطمة وطلبها أن يقيس أخوها السبيبة على شعرها. فاطمة هنا هي المذنبة بطرح نفسها في المنافسة حتى ولو كان ذلك على سبيل المزاح. وهذا المشهد يذكر بتكرار بطلة الرواية الندم على أنها تركت زوجها وأنها تجلد ذاتها وتذبح نفسها "بشفرات كرامة أنثوية ساذجة توارثناها في بلاهة".
    تحضر هنا المقابلة بين هروب فاطمة من محمد أخيها لأنه أراد أن يتزوجها، وبين هروب رجاء بطلة الرواية من عاصم زوجها لأنه تزوج عليها بأخرى. ومثلما وجدت فاطمة (ود النمير)، فإن رجاء ظلت تبحث عن ود النمير. لكن كما أن رجاء أخطأت بحسب الرواية لأنها هجرت زوجها وتمنعت عنه وهي راغبة فيه، فإن فاطنة كان عليها أن تخطيء، فهي التي ابتدرت وطالبت بالقياس.
    والرواية تكثر في تفاصيلها تحميل النساء وزر الأحداث، فهن (يتمنعن وهن الراغبات)، والنساء السودانيات يعشن في المهجر بلا مبرر حقيقي ويتشبثن بأفكار عنيدة لا عقلانية: "تركت بلدي وأهلي واستقراري وسكني وهاجرت لأواصل التنقل من مدينة إلى مدينة ومن بلد إلى بلد آخر لا أدري من أي رفض قسري يكون هروبي"، والمرأة الكاتبة تتسم بالغموض الغبي بل والزائف والكاذب: "إلى متى سأظل أبتسم أمام الجميع مثل رسم الجيوكندا الجميل في غباء قسري.. إلى متى ستظل هذه الشخصية المزدوجة تلعب هذا الدور الذكي المثالي. من سيكشف الزيف ويحطم التمثال الجميل؟ من يجرؤ على تحطيم قبة الولي الأكذوبة؟"
    وتستمر الكاتبة في الحكاية فتذكر أن فاطنة السمحة هربت لوحدها وودعت صويحباتها وأوصتهن بأن يتسترن على هروبها "ويكتمن خبر فرارها سبعة أيام حتى تستطيع أن تبتعد عن الديار، وعاهدنها بأن يذكرن أن فاطنة تقضي عند كل واحدة منهن ليلة حتى لا يشك في أمر اختفائها من منزلها".
    ومعلوم في نسخ الحكاية الشعبية أن فاطمة لم تهرب لوحدها بل كن سبع فتيات، وأثناء مطاردتهن وصلوا لبيت الغولة التي رحبت بهن بأمل التهامهن وصنعت لهن كسرة من عظام الموتى لأنها سوف تسبب كساحهن ولن يستطعن الحركة ولكن فاطمة فطنت لذلك وحذرتهن فهربن إلا واحدة بلهاء ، هذه التفاصيل كلها محذوفة من "صهيل النهر"، ولعل السبب في ذلك أن الكاتبة أرادت تحويل النص إلى سياق أكثر فردانية يشابه ظروف بطلة القصة التي هربت لوحدها، ويشابه الذهنية العصرية الأشد فردانية. مثلما جعلت محمداً يرد النهر لوحده وليس مع أصحابه كما في السياق التقليدي للحكاية وللمجتمع التقليدي الجمعي.
    أما حذف التفاصيل المتعلقة بالغولة أو السعلوة فغرضه ربما تقليل المخاطر التي تواجهها فاطمة أثناء هروبها، وحصر المشاكل والمهددات في الخيارات الخاصة والشخصية للبطلة، فكما رأينا أن الكاتبة تحاول اختزال المشاكل التي تقابلها النساء في خيارات خاطئة أو أسلوب تفكير غبي أو معوج. وتنفي وجود مخاطر حقيقية.
    وفي نص الحكاية وصفت الكاتبة مقتل فاطمة للرجل العجوز ولبسها لجلده واختبائها في مغارة ثم أقحمت الموتيفات التالية: "وتوسدت يدها اليسرى، ونامت نوماً متقطعاً تطاردها فيه خيالات وأشباح رجالية، من بينها شبح الرجل العجوز، وشبح أخيها محمد الذي يلاحقها ليتزوجها، وكان سبب هروبها من وسط قبيلتها وقريتها هو إصراره على الزواج منها".
    هذه التفاصيل ليست موجودة في نسخ الحكاية الشعبية وهي غريبة عنه فهي تنتمي إلى سرديات حديثة، ولكنها مقحمة للتقابل المفروض في الرواية بين حال فاطنة السمحة وبين النساء السودانيات (أخوات فاطنة)، فرجاء بطلة الرواية أحلامها مؤرقة وقلقة بسبب موقفها من زوجها عاصم، وسناء صديقتها التي يطاردها الرجال أينما حلت ويتهجمون عليها ويتحرشون بها بسبب جمالها يطاردها الحلم المستمر بتمساح يرقد إلى جانبها ويلتهمها. وبالطبع في فولكلور العديد من الشعوب هناك موتيف تحول الرجل إلى تمساح .
    ولو كانت الدكتورة ناهد ترى أن السحر والعين والكتابة ثلاثي يشكل أفيوناً للشعب السوداني وشماعة كلما انكسرت صورة الذات عنده، فرواية بثينة تكثر من استحضاره مرة بالسخرية (فيما يسمى بمعارضة التراث) وأحياناً أخرى بالتصديق.

    وهي تضيف للاستعلاء العرقي على الجنوبيين تنميط دور الفلاتي الساحر ف(حاج أحمد الفلاتي) شخص يستخدم السحر من رقي وتعاويذ وأشياء يسحر بها، ويلجأ إليه البعض لقضاء أغراضهم وقد تمت الإشارة له مرتين، مرة لدى استشارة عواطف له بعد زواجها ليساعدها في الإنجاب، وأعطاها بخرات لكنها لم تجد. المرة الثانية كانت حينما سحر بدرية الصبية إذ وصف كتاجر "دلالي" وساحر في نفس الآن، أعطاها خاتم فيروز وعقد وجعلها تتلمس قماشاً فصارت مسحورة وأتم ذلك بتعويذات نفثها عليها فانقادت خلفه وصارت القرية كلها تجري وراءهما وتناديها بلا جدوى حتى انهالت عليه الفؤوس والعصي وسقط مثخناً بجراحه وتوفي على إثرها. بحسب الرواية ينبغي أن يكون حاج أحمد توفي منذ صبا البطلة لأن حادثة سحر بدرية كانت وهي صبية في الثالثة عشر من عمرها وهي صديقة طفولتها، وعواطف نفسها صديقة طفولتها، مما يعني أن حاج أحمد الفلاتي الذي ذهبت له عواطف هو شخصية أخرى، ولكن بنفس الاسم والإثنية (الفلاتي) ونفس الوظيفة.
    ولا يلزمنا أن نكرر أن مواقف الاستعلاء العرقي، قرينة بالاستعلاء الذكوري، وبالعنف، فهذه أشياء تتخلق في رحم واحد يتخذ لفظ الآخر مشيمة تغذي الكراهية وتبني الحواجز.
    إن حساسية ناهد المفرطة إزاء الاستعلاء، والاستضعاف تجعلها تصطف بحرارة خلف العدالة، فكيف لم تصطك ذائقتها من مشاهد "صهيل النهر"؟
    خامساً: تصحيحات لازمة
    اعترفت الكاتبة إنها جمعت كتاباتها السابقة بين دفتي هذا الكتاب لتعميم الفائدة ولكن بدون العمل على مراجعة دقيقة ولا تطوير للنصوص التي كتب بعضها كمقالات صحفية. ومع أهمية الكتاب والدراسات التي يحويها أعتقد ينبغي التفكير في الطبعة الثانية بسرعة، وفيها ينبغي تلافي العديد من الأخطاء.
    أما الأخطاء الطباعية فهي ليست كثيرة والحمد لله، ولكن هناك أخطاء كثيرة جداً في استخدام المراجع، وفي إيراد المراجع.
    وهناك حاجة لتصحيح بعض المعلومات الواردة. مثلاً لدى الحديث عن عقوبة القاذف ذكرت إنه يعزل اجتماعياً ولا تقبل شهادته وإن بعض الفقهاء نص على جلده، وطبعاً هذا ليس من عند الفقهاء بل هو نص قرآني واضح: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا).
    ومن الأخطاء كذلك الحديث عن أن ثريا امبابي وسعاد الفاتح غادرتا الاتحاد النسائي فذهبت ثريا لحزب الأمة وسعاد للأخوان المسلمين، والصحيح أن ثريا كسعاد ذهبت للأخوان ولم تنضم لحزب الأمة.

    ختام:
    في عرض لكتاب دكتور الصادق محمد سليمان (الحروز) بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية الشهر الماضي كان الجميع محتفياً بالكتاب ولذلك جُعل مادة للعرض، ولكن مزاجنا الذي شبهه دكتور عبد الله علي إبراهيم ب"الفتاشة" وهي آلة تنقي الذرة من الشوائب، تجاوز الاحتفاء للبحث عن تلك الشوائب والثغور، علقت بذلك، وبعد كلمتين عن قيمة الكتاب ولجتُ كالعادة أفتش، فقال لي أستاذي البروفسور محمد المهدي بشرى: لا تنه عن خلق وتأتي مثله، قلت: ظننتُ أنني أوفيت قيمة الكتاب حقه وهذه ملاحظات. الآن مع احتفائي العظيم بهذا السفر القيم الذي يشكل دفعة قوية في دراسات النوع والدين، والجنسانية، ونظرات قيمة في الأدب والميثولوجيا، ودفقات لا تنضب من المتعة ومن الانجذاب الوجداني، أرجو أن تكون مادة التقدير والمحبة هي الأظهر، وألا أكون قد ارتكبت ذلكم العار العظيم!


                  

10-05-2018, 02:33 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عرض لكتاب د-ناهد محمدالحسن قامت بالعرض ال� (Re: زهير عثمان حمد)

    أنا ساع في الحصول على نسخة وإذن من أختنا الدكتورة ناهد حتى نقرأه قراءة نقدية في المنبر
    أعتقد أن الأخت رباح قدمت تنوير سريع وممتاز عن هذا الكتاب الذي تتجاوز نسخه ال400
    والذي أتمنى أن يقتنيه كل بورداب الداخل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de