قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد السودان)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 05:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-10-2018, 12:31 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد السودان)

    12:31 PM June, 10 2018 سودانيز اون لاين
    احمد الملك-هولندا
    مكتبتى
    رابط مختصر

    المغناطيس


    كان حاج عبدالله يجلس وحيدا فوق تل الرمال أمام دكان حاج سليمان، يبدو بطاقيته الحمراء الممزقة الأطراف، ووجهه الجاف ببقايا الشلوخ التي إختلطت مع تجاعيد الوجه بسبب الفاقة والزمن، وجلبابه الطويل الذي لم يعد له لون محدد، والذي يخفي قدميه، مثل شجرة غريبة نبتت فجأة في الرمال، يستمع دون إهتمام الى لغط النسوة اللائي يشترين بعض احتياجاتهن من داخل الدكان، الذي تحجبه فراندة نصف متهدمة انتصبت شجرة سيسابان على جانبها، كأنها تخفي الجدار الذي تهدّم بسبب مياه فيضان نهر النيل، التي أغرقت المكان قبل سنوات. جاء بعد قليل حفيده الزين جاريا، كان هناك ضيف من إحدى القرى المجاورة يقف أمام البيت سائلا عن حاج عبدالله.أحضر حاج عبدالله الشاي للضيف بعد أن أدخله الى المضيفة الصغيرة. يبدو أن الضيف كان متعجلا قليلا، فقد بدأ الكلام قبل أن يصب له حاج عبدالله كوب الشاي. عرّف نفسه: أنا ساتي ود شيخ الأمين، والدك كان زمان اشتغل مع والدنا في إدارة المشروع التعاوني، لكن الزمن دة مع المشاكل والشغلة الناس بقت ما بتتعارف.عندنا في الحقيقة بت كانت قاعدة ما إتزوجت، زي المعمول ليها عمل، البنات الاصغر منها عرّسن، الا هي قعدت، وهسع كبرت شوية، وبقت تجيها مرات حالات نفسية كدة، تحرد الأكل والكلام. قلنا نحاول نزوجها يمكن أحوالها تتصلح. الزول الكان متزوج بتكم دة جة قبل أيام طلبها، قلنا ناخد شورتكم ونعرف ليه هو طلّق بنتكم؟رحّب عبدالله مرة أخرى بشيخ ساتي ، صب له كوب الشاي وصب لنفسه كوبا آخر، وأمسك بالكوب في يده وقال وهو ينظر الى الكوب وكأنه سيستخدمه ليقيم الحجة على ما سيقول: حليل زمن المشروع التعاوني الدنيا كانت بخيرها، والناس بالقليل حالها مستور. صمت قليلا ثم قال وهو يجلس بجانب الضيف على العنقريب:والله الطلاق حصل بس عدم اتفاق و قسمة، هو زول طيب لكن مرّات كان يقوم بدون سبب يضرب الناس، ولو لقى اي حاجة قدامه يكسرها!حاجة زي شنو؟كباية، صحن، زير موية، لكن هو زول طيب! بعد يكسر الزير يقعد مسكين يبكي، الظاهر يتذكر ان الزيار غالية بعد يكسرها، لكن هو زول طيب.قال شيخ ساتي وكأنه كان يتوقع مصيبة أكبر: الزير هيّن، هسع الكهرباء جات، بتقطع مرات لكن أخير من عدمها، الله أعلم ما اظن يقدر يكسر التلاجة، وتاني مشكلته شنو؟والله الزول دة زول طيب جدا، زي الطفل، لكن بس أحيانا عنده جن كدة، لو حضر أهل زوجته في زيارة، لازم يعمل مشكلة معاهم ويطردهم من البيت، زوجته مشت للفقرا قالوا عين، أدوه بخرات يستعملها ومحاية يشربها، دفق المحاية في الارض، ولم في البخرات ولّع فيها النار! لكن هو زول طيب الغضب الشديد دة من الطبع، لكن المهم الزول يرجع ويستغفر ربه!أها ومعاملته مع الأطفال كيف؟والله كويس، لكن مرات وكت الجن يقوم عليه، بيقطع ليه عصاية نيم لينة ويقع في شفع الجيران يدقهم، بعدين بيعمل زي المدرسة يخلي ولدين يشيلوا الولد العاوز يضربه، انا قابلت الدكتورولد ناس حسن الزين ، كان جة هنا في اجازة من السعودية، حكيت ليه الموضوع قال لي الزول دة عنده مرض نفسي والعياذ بالله، الظاهر في طفولته كان بيدقوه في المدرسة شديد عشان كدة داير يخلص الدق الدقوه ليه في الاولاد المساكين! لكن هو زول طيب صراحة، وفي حاله، بيمشي الحواشة ويرجع البيت آخر اليوم! انا قلت لي الدكتور لو حبوب ولا حاجة، جبنا ليه الحبوب، شال كباها في المرحاض، وضرب زوجته، قال ليها دايرة تجننيني رسمي بالحبوب! تقول بقت على الحبوب عشان يجن رسمي! لكن هو زول طيب يعني ما شفنا منه عوجة كتيرة!أها ومعاملته مع الجيران كيف؟كويس، في رمضان بيجيب فطوره ويجي في المسيد مع انه مرات ما بيصوم، في ناس قالوا الجن بتاعه نصراني، مرة كان في عزاء في المسيد واحد من الاولاد وزّع مصاحف، مسك ليه مصحف وقرأ شوية فيه، فجأة قفل المصحف وكان ظاهر عليه متأثر وفي دموع في عيونه وقال: مسكين يا عيسى ! ظلموك الأنبياء! (قالها كدة بحنية زي كأنه بيعرف سيدنا عيسى!) لكن بيصلي معانا العشاء. مرة الشفع كانوا بيتونسوا بخلف المسيد بصوت عالي في اثناء الصلاة، قام قطع صلاته وجة لم في الشفع بعكازه لامن شردوا كلهم، بعد الصلاة العشاء اتأخر لأن الشفع الطردهم مفروض قبل نهاية الصلاة يجيبوا العشاء من البيوت! مرة كان تعبان نام بعد صلاة التراويح قبل ما يتعشى، الجماعة نسوا يصحوه وخلوه نايم في المسيد الظاهر خافوا لو قام من النوم يضربهم ولا حاجة. صحوه عشان صلاة الصبح، الظاهر كان تعب في صلاة التراويح، قال ليهم الدفسيبة القبل شوية دي ما كان فيها صبح! لكن زول طيب وعلى نياته، الغنماية تاكل عشاه! مرة قبل كم سنة في غنماية دخلت زراعته، لمّ فيها ضبحها وفرّق لحمها في الحلة، الناس مساكين في جوع في البلد مافي زول سأل اللحم دة من وين، قالوا كرامة سلامة وأكلوها! زول طيب الغنماية تاكل عشاه، لكن ما تقدر تاكل من زراعته والا تبقى كرامة في الحلة! لكن زول طيب والله وابن ناس، أبوه كان راجل طيب لكن جنّ في آخر العمر ولمّ الكيزان! عنده يافطة كلما يجي السوق يرفعها في الدكان، مكتوب فيها: لا تبديل لشرع الله! الناس قالوا ليه انت زول مستور مافي سبب يخليك تلم الحرامية آخر عمرك. الظاهر تعب من الفقر وقال احسن يرتاح شوية، اهو الدنيا كدة لا راحة في الدنيا ولا فرارا من الموت، هو برضه كان زول طيب! مسّكوه إدارة الغابات قطع الشجر كله عملوا فحم وباعه! لكن كان زول مجامل، أي مناسبة في الحلة يجي أول واحد، ومرات يمسك الكشف في المناسبات، في عرس الطاهر ود عمنا الزين، مسك الكشف، وبقى يمشي يشجع الناس يقول ليهم الطاهر محتاج للمساعدة تعالوا ادفعوا، أها وكت الناس كلها تقريبا دفعت، جمع القريشات وإختفى، قالوا كان مديون مشى سدد الدين وفي ناس قالوا الزول دة كان طالب الطاهر قروش، ولقاها فرصة خلص القروش، إختفى فترة قالوا مشى الدفاع الشعبي ، رجع بعد فترة بدقن كبيرة وغرة صلاة، الدقن سمحة لكن غرة الصلاة ظاهر عملها بحجر ولا حاجة، قالوا في ناس بيعملوها بخمسة جنيه في سوق ليبيا! بتاعته يمكن تكون كلّفت أقل من كدة! لأن ظاهرة ما أصلية! رجع حكومة، مافي زول يقدر يسأله يقول ليه سرقت قروش الكشف ليه! ولو في الزول اتكلم عن بيع الفحم وشتول المسكيت بدون ايصال، طوالي يجيب ناس الأمن يقول ليهم الزول دة علماني والعياذ بالله! وفي العلماني كمان أكعب نوع: شيوعي! ما داير حكم الله! لكن كان زول مجامل وفي حاله! وآخر ايامه عملوه إمام في الجامع، وكت يوعظ الناس يبكي! وينزل من المنبر يبيع الفحم، حيعمل ايه المعايش جبارة وأسعار الفحم كويسة! وكت الغاز ظهر والناس رسلوا لاهلهم في السعودية رسلوا ليهم بابور الغاز، مسكين، الفحم بقى ما بيتباع كويس، حاول ينوّع في الشتول لأن الحكومة منعت بيع شتول المسكيت قالوا بيخرب الارض، وناس الحكومة دايرين الأرض يبيعوها.نظر شيخ ساتي حواليه محتارا، ثم تشبس بالأمل مرة أخرى، رغم أن الأمل كان (يناتل) محاولا الهروب! نظر الى ظل الجدار محاولا تقدير الوقت، ثم قال: وفي الشغل كيف، ناجح في زراعته؟زراعته سمحة يرمي شوال قمح ويشيل أربعين! الناس قالوا بينجّح القمح بالسماد! مع انه هو بينكر انه بيستعمل السماد، ناس قالوا عنده جن نشيط بيزرع معاه! في السنين الأخيرة إنتاجه نقص ما زي الاول، ناس قالوا عصر الجن في الشغل، يخليه الليل كله سهران يقرع الموية، وكت تعب شرد خلى البلد، لكن الحقيقة المزارعين الكويسين في السنين الاخيرة ما بيحبوا يزرعوا معاه، مرة العيش اتسرق من القيساب قبل يوزعوه بين المزارعين، الناس قالوا لقوا اتر اقدامه! الظاهر جة آخر الليل سرق العيش! دة كلام الناس، لكن بعض الظن إثم مافي زول شافه! كان مشى اشتغل فترة في البلدية مع ناس الحكومة والظاهر اتعلم السرقة هناك، لكن هو راجل طيب ، والناس كلها بتغلط، المهم الزول ما يشيل في نفسه حاجة من الناس!ومع ناس البيت كيف، كان بيجيب الطلبات وما منقص عليهم حاجة؟ما بيقصر، وكت سكر التموين يجي بيكون أول زول واقف في الصف! يحب القهوة، ويحب شاي المغرب دائما يقول شاي المغرب اهم من العشاء! لكن مرات وكت الجن يقوم عليه، يقفل نفسه في البيت كم يوم، يخت الرادي جنب راسه، واليوم كله يسمع الاخبار، لو جة زول قال ليه في حاجة ناقصة يقول ليهم دقيقة بس في اخبار مهمة اسمعها واقوم، لو ما حجارة البطارية انتهت ما يقوم، بعدين وكت يتابع الاخبار يبطل اي خدمة تانية، أيام حرب الخليج حضن الرادي لغاية الحرب إنتهت! لو ما كان في شوية ويكة وقمح في المخزن كان ماتوا بالجوع لغاية ما بوش يمرق صدام من الكويت! بعدين يقول ليك انا ما بنوم الا بالراديو، قبل فترة قبضونا في شكلة في السوق، لقيته شغال ضرب في ناس البوليس جيت أحجز قبضوني انا ذاتي معاهم، في الحراسة قلت ليه انت طبعا ما حتقدر تنوم بدون راديو! قال لي لأ حأكون صاحي للصباح! لسة ما يكمل كلامه شخر، نام للصباح الا العساكر صحوه! لكن رجل طيب وخدوم، وكت يكون في فراش في المسيد يتولى عمل الشاي والقهوة! ناس قالوا لأن بيحب شراب الشاي والقهوة بيلقاها فرصة عشان يشرب كتير مجان! لكن رجل طيب وفي حاله.قال شيخ ساتي وكأنه عثر أخيرا على شئ إيجابي: القهوة والشاي هينين، نعلو ما بيشرب العرقي؟بيشرب شوية قبل ينوم، مرات وكت الموسم يكون كويس بيمشي الاندايات يشرب، مرة دخل الانداية ما مرق منها الا بعد شهرين بعد ما قطع قروش الموسم كله! لكن زول طيب وفي حاله، لو السكارى اتشاكلوا في الانداية ولا في بيوت الاعراس بيقعد بعيد، ما بيتدخل، يقول راسنا دة صرفنا عليه قروش عشان يتوزن، ما بنضيع تعبنا ساكت نحجز الناس! أنشاءالله يكملوا بعضهم!لكن زول طيب وفي حاله!نعله بيشرب في الشارع؟لأ، .. بيشرب في البيت أو في الانداية، زول ملتزم جدا، ولو ماصلى العشاء ما بيقعد للشراب، دايما يقول بعد العشاء مافي اختشاء، في ناس بيقولوا هو ما بيختشي من الصباح، لو الجن قام عليه، يطرد الناس ويقعد يسمع أخبار الحروب، يحب الحروب، دايما يقول الحمدلله الانجليز ما رسموا حدود الدول، خلوها مطلوقة ساكت، عشان كدة الدول كل ما تلقى قرشين تجيب سلاح، يقوموا على جيرانهم!لكن كويس يعني بيعامل المرة كويس؟والله هو زول طيب، بالذات وكت يشرب يبكي زي الجنا، المرة تسوقه توديه يبول وترقده، وكت يشرب يبقى طيب، لكن ناس الحكومة منعوا الشراب وبقوا ينطوا على الناس في البيوت ويشموهم لو لقوا ريحة عرقي يجيبوك تاني يوم يجلدوك في السوق، هو مسكين، مرة ناس الحكومة نطوا في بيته، لقوه واعي، مسكين كان مفلس ومشى حاول يستلف العرقي أبوا يدوه لأنه كان متدين عرقي كتير. دينه في الدكان ألف جنيه وفي الانداية عشرة آلاف! لكن زول طيب، الفلس مرقه من الجلد في السوق، لكن ناس الحكومة قالوا ليه ما بنخليك ساكت، ما دام جبناك النقطة، تبيت وتمشي الصباح! نام في الحراسة مسكين بدون راديو، لكن زول طيب وفي حاله!وليه ما جاب أولاد؟والله مسكين ما فضى من العرقي والراديو، يمكن لو ما حرب الخليج كان جاب ليه حاجة! بعدين ما وعى كتير، جة ساق البت دي يوم العرس وهو سكران، جابوا الجماعة شايلنو شيل دخلو على عروسته! وكت طلقها بعد سبعة سنين كان سكران برضو! وبرضو جوا نفس الجماعة شالوه شيل ودوه بيتهم! مشينا للفقير أدانا مسحوق قال يشرب منه قبل النوم، رفض يشرب، المرة ختت ليه شوية في شاي المغرب، اتضح بعد داك ان الفقير كذاب، كان بيجيب الحباية الزرقا يطحنها مع الحلبة ويديها للناس العندهم العجز الجنسي، يقول ليهم انتوا معمول ليكم عمل اشربوا من الاعشاب دي العمل بيتفك، اها سمعته ضربت لحدود مصر والخلق كسروا عليه، الاعمى شايل المكسح، ومعظم الناس كانت بتجيه بالليل عشان الناس ما يشيلوا حسهم! لكن زول طيب وفي حاله، لو سكر يبكي زي الجنا، ينوم بالراديو وفي الصباح عينه ما تفتح لو ما هبش قزازة العرقي تحت السرير بيده ولقى فيها حاجة! لكن زول طيب وفي حاله ويحب الناس.كان شيخ ساتي يصارع في (الأمل) الذي كان يقاوم ليهرب، أمسك به من عنقه حتى لا يهرب، أملا في أن يجد شيئا ينعش الأمل قليلا: أها وعنده اخوان كويسين؟عنده أخو واحد اصغر منه، زول كويس، بس شوية بتاع مشاكل، كان فتوة في الحلة يدق الناس ولو مشى حفلة يفرتقها. الاولاد كان سامنه في الحلة المغناطيس، يحب الحديد، سرق الحديد الفي الحلة كله باعه لشركات الخردة، حتى سراير الحديد شالها، لو انت نايم في الحوش في سرير حديد يجي براحة ينزلك من السرير ويشيله، الكويس ما يرميك في الواطة يجيب برش صلاة يختك فوقه ويغطيك كويس عشان البرد بتاع أول الصباح ما يمرضك، ويشيل السرير يمشي يبيعه، الناس كلها رجعت لعناقريب الخشب. أها ايام كدة وكت عدم الشغل لم ناس الحكومة ومشى الجهاد، قبل يمشي الكيزان ادوه شوية قروش وعربية واشتغل مع منظمة اسمها النشاط الطلابي، ديل قالوا يراقبوا الطلاب ويجندوهم لحزب الحكومة ويرسلوهم الجنوب. عرّس قبل يمشي الجنوب، اها بعد فترة من سفره، سمعنا قالوا استشهد، جوا الجماعة في بيتهم رقصوا وضبحوا تور وادوا امه ورقة قالوا عقدنا ليه على حورية، وواحد من الكيزان الكانوا معاه حلف بالله وقال جنازة الشهيد كانت طالعة منها ريحة المسك! نحن ضحكنا براحة وكت سمعنا الكلام دة، لأن المرحوم كان وكت حي ريحته ترمي الصقر! وكت يجي ماشي جنبك تقول في فطيسة جات ماشة! ما بالك وكت مات. قالوا هسع بيكون مشى شهر العسل في الفندق في السما! واحد من المساخيط قال أنا خايف لو لقى سرير حديد في الفندق في السماء يشيلو معاه! في ناس كانوا طالبنه قروش من حساب عرسه الاول قالوا كيف يعرس تاني بدون يحاسبنا على حاجات العرس الاول! واحدين قالوا يا اخوانا نحن لينا سنين مرة واحدة ما قادرين نعرسها كيف الزول دة يعرسوه ليه مرتين! قالوا لأ دة شهيد وكوز، ممكن يعرس مثنى وثلاث ورباع. وكت قالوا استشهد، ناس كتار عندهم شوية حديد في بيوتهم فرحوا وقالوا الحمدلله، بعد شهر من عرسه على الحورية رجع تاني فجأة لقيناه حايم في القرية!بعاتي؟لأ ، ما كان مات، الزي دة ما بيموت ، الظاهر في زول مات وهو كان اتجرح، وكت جات البرقية عكسوا الاسامي الناس المجروحين قالوا ماتوا والماتوا قالوا انجرحوا! ! وهسع وين؟بقى مسئول كبير في الحكومة، مع الجماعة ناس صندوق الطلبة. بنى البيت وصلّح أحواله وعرّس تاني تلاتة نسوان، يعني بقى عنده أربعة فوق الحورية!وكدة ما حرام لكن!الناس قالوا يمكن وكت جة يعرس الرابعة طلّق الحورية! لكن ولد كويس، لو قصدته في حاجة بيقضاها ليك، عندك زول مقبوض في شيك، زول اختلس قروش، داير ليك جبخانة، داير ليك شهادة مضروبة لولدك، كله بيجيبو ليك وياخد حقه، لكن ما طمّاع! وفي ناس قالوا بيبع السجائر الأخضر كمان!نعلو بنقو!أيوة بنقو، أخضر حيكون نيم يعني! لكن زول طيب وفي حاله، حتى سرقة الحديد بطّلها بعد بقى مسعول كبير، بقى يرمي لقدام ، في مسعول كبير بيسرق سراير ؟ دة شغل حرامية مساكين ساكت!.سرح شيخ ساتي بنظره بعيدا، حاول (الأمل) الهروب لكنه أمسك به وعصره تحت عجزه الضخم حتى صرخ (الأمل) وكادت تخمد أنفاسه ويفقد أية أمل!!قال محاولا إعطاء مُحدثه خيارات سهلة لإحراز أية نصر بأية ثمن يبرر زواج إبنته : وعنده بهائم سمحة!قال شيخ عبدالله: عنده تيس واحد مطلوق في الحلة ، يجوا الناس يسوقوه عشان يفحّل ليهم الغنم، ياكل مع بهائم الناس، وشغّال عريس جماعي! وكت أحواله تتيسر وموسمه يكون ناجح، بيشتري شوية بهايم، لكن في الصيف وكت يحتاج حق العرقي كل يوم جاري ليه بهيمة من اضانها على السوق ومن السوق على الانداية! لكن زول فاضل ما يتفضل عليك..

    المجموعة كاملة يمكن طلبها من هنا:
    https://www.amazon.com/dp/B07DC7DN9Q

    (عدل بواسطة احمد الملك on 06-13-2018, 04:30 PM)
    (عدل بواسطة احمد الملك on 06-16-2018, 10:00 AM)
    (عدل بواسطة احمد الملك on 07-11-2018, 11:44 AM)





















                  

06-11-2018, 12:52 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    .
                  

06-12-2018, 12:38 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    الكوز (المحترم) يواجه الإهانة في المحكمة!



    في الباحة الواسعة المواجهة للسوق خلف مبنى البلدية، جلس القاضي ومساعده خلف منضدة حكومية ضخمة، مصنوعة من خشب يشبه الخشب المستخدم في صناعة فلنكات السكة الحديد. قال شيخ الطيب: التربيزة دي الظاهر صنعوها أيام الانجليز، متينة جدا وثقيلة لا يستطيع ثلاثين رجلا رفعها من الأرض!
    قال شيخ النور مساعد القاضي: الحمدلله إنها متينة وثقيلة مافي زول يقدر يحرّكها. لو كان بتتحرك كان الجماعة بدري باعوها!
    قال شيخ الطيب بفخر بصوت هامس: الليلة حنحاكم كوز كبير سرق سكر التموين!
    ضحك شيخ النور وقال: اليسمع كلامك يقول دي المحكمة العليا. إنت ما حتحاكمه عشان سرق السكر، الحرامية في البلد هم البيحاكموا الناس. انت حتحاكم زول مشوا ليه مواطنين يسألوه عن حصة السكر رد عليهم بالعكاكيز والحجر!
    قال شيخ الطيب مصرّا على الاحتفاظ بإنتصاره البائس: المهم المتهم كوز!
    ضحك النور وقال: غايتو الله اعلم كان ما نخاف الكضب دي حتكون اخر محكمة ليك! أحسن بعد دة تمشي تشوف ليك شغلة تانية!أنا لو محلك نأجل القضية ! أو لو لقينا الموضوع ما ماشي كويس نرفع الجلسة للتداول ونكب الزوغة!
    قال شيخ الطيب: والله لو بقى ترابي ما أخليه! بعدين ما تخاف، هو أصلا لو كوز قوي ما بيصلنا هنا، دة كوز درجة تالتة. ديل الجماعة الرموا ليهم العضم، لجان شعبية وسكر وضرائب النخيل، قبل أكتر من عشرة سنة قال منتظر أقرب تعديل وزاري حيعملوه وزير. أها الوزارة عدّلوها مية مرة وهو لسة في سرقة السكر، لامن خلقته إتغيرت، راسه كبر وبقى يشبه نمل السكر! .
    قال شيخ النور: زمان كان مبتلي يمشي الاسواق يقيف في الزحمة ( يدّقّر) للأولاد، كم مرة الناس مسكوه دقوه! ويحب العرس، كل سنة يطلق واحدة من نسوانه ويتزوج واحدة جديدة، هسع بقى مجاهد!
    قال القاضي هامسا: يمكن مشى جهاد النكاح!
    المواطن عبد السميع يتقدم، نادى حاجب المحكمة!
    جاء المواطن عبد السميع. كانت يده المكسورة في جبيرة من جريد النخيل، ولا تزال بعض بقع الدم في جلبابه،كان قد ربط رأسه بالعمامة كأن أحدهم شج رأسه. سأله القاضي ان كان مصابا ايضا في رأسه، بدا المواطن عبد السميع سعيدا بالسؤال، أكثر من سعادته بجلب الكوز الى المحكمة، أوضح:
    عندي وجع رأس شديد يا مولانا أسبوع ما شربت شاي ولا قهوة. حاولت اشرب بالبلح لكن ما قدرت. الزول دة حوّل سكر التموين الخاص بالقرية لمصلحته الخاصة. كل القرى في الخط دة استلمت حصة السكّر وتم توزيعها على المواطنين. الا بلدنا دي. السكّر مشى وين ما معروف. وكت مشينا نسأله السكر وين، استقبلونا هو وأولاده بالعكاكيز وضربونا ضرب غرائب الإبل!
    وفي زول تاني انضرب معاك من ضرب الإبل دة؟
    كان معاي نفرين شردوا وكت الضرب كتر علينا، قالوا لي نرجع أحسن ونمشي نعمل بلاغ، ديل ناس كيزان ومفترين، حننضرب وما حنلقى حقنا!
    وين الاتنين الشردوا، دايرنهم شهود!
    قال عبد السميع: واحد منهم جاري لليلة. مسكين قالوا مخه ضرب! بقى كلما يشوف عسكري أو زول بدقن يقوم جاري
    والتاني وين؟
    التاني في المستشفى الدكتور قال عنده إرتجاج في المخ!
    تساءل شيخ النور: يعني شنو إرتجاع في المخ!
    قال عبد السميع: إرتجاج، الضرب كان شديد على رأسه. مخه إتخلبط فوق تحت. كان في حاجات نساها مدفونة في قعر المخ ليها سنين. جات طالعة فوق. وحاجات جديدة نزلت تحت وإندفنت! قبل خمسة سنين كان حصل ليه حادث، وقع من جمل. نسى حاجات كتيرة، من ضمنها ديون . قبل الحادث كان تاجر شاطر، يحفظ معاملاته كلها في مخه، ما بيسجل اي شئ في الدفتر، يشوفك من بعيد يقول ليك أنا عاوز منك كدة انت اشتريت يوم كدة رطلين زيت، ووقية شاي ووقيتين بن! عشان كدة الناس سمّوه: أنا عاوز منك! الناس نست إسمه القديم! بقى أول ما يظهر في مناسبة ولا أي محل الناس تقوم جارية قبل ما يفضحهم بالديون! الصراحة كان طالبنا كلنا، بعد وقع من الجمل نسى كل الديون، حمدنا الله لأن الظروف كانت صعبة الفترة الفاتت، لو لقيت زول ينسى واحد من ديونك، بيكون خفّف عليك شوية لغاية ما يتذكر بعدين يحلها الله! في الزمن العلينا دة يا مولانا لو زول نسى حقه العليك، تساعده عشان ما يتذكر، تغيّر إسمك، تغير شكلك شوية! هسع الدق بتاع الكيزان طلّع الحاجات القديمة كلها. وكت مشيت ازوره في المستشفى قال لي أنا داير منك ألف جنيه. انت اشتريت مني تلات مرات سكر وشاي وصابون وزيت بدون تدفع. قبل فترة كنت أديته جوال بلح عشان يبيعه. قلت ليه اخصم الألف جنيه من تمن الشوال وأديني الباقي، لقيته نسى إنه استلم مني جوّال بلح! الكيزان حتى وكت يضربوك ضربهم ضرب مضرة. خلو الزول يتذكر القروش الدايرها من الناس وينسى حق الناس العليه!
    وجد القاضي قصة الرجل الذي تذكر ديونه ونسي حقوق الناس عليه، مسلية. حتى أنه ضحك دون أن ينتبه لاحتمال ضياع هيبة المحكمة. تذكر بعد أن إنفجرت ضحكته في هواء الدميرة المشبع برائحة الجروف ورائحة المريق، أنه في المحكمة وليس في السوق. فقطّب وجهه وحاول جمع ما يستطيع من ضحكته التي تناثرت فوق الحضور حتى تطايرت أسراب الحمام التي تبحث عن بقايا الحبوب في باحة السوق أمام المحكمة فزعة. خبط المنضدة العتيقة أمامه ليستعيد هيبة المحكمة وأعلن بغضب: لا بأس، أين المتهم وأولاده!
    تقدم المتهم، عبدالرسول صلاح الدين
    يبدو أن عبدالرسول لم يكن يؤمن كثيرا بأنه يجب أن (يحدّث) بنعم ربه! كان يكتفي بإخفاء كل النعم التي يحصل عليها. لأن الدنيا ما (دوّامة) حتى أنه كان يختفي من القرية حين تكون هناك مظاهرات في العاصمة تطالب بسقوط الحكومة. وحين يتم إخماد المظاهرات، كان يعود الى القرية سرا ويواصل حياته، واذا سأله أحدهم عن غيابه كان يقول أنه استدعوه للمشاركة في ضرب الخارجين على القانون!
    قال النور: وينه القانون اليخرجوا عليه! مافي خارج على القانون غيره هو وجماعته، بعدين مافي زول بيمشي يحارب الخارجين ويسوق معاه أولاده ويشيل معاه عفشه!
    كان يرتدي جلبابا قديما متسخا تحول لونه الأبيض الى اللون الرمادي بفضل الغبار والعرق.
    قال النور بصوت خفيض: زولك مسكين ما فاضي من السرقة وبيع السكر في السوق الأسود عشان يغسل هدومه!
    تفضل يا سيد صلاح الدين. أولادك الاتنين مطلوبين ايضا في المحكمة.
    قال صلاح الدين: الولد الكبير عنده ملاريا والتاني مشى مع والدته المستشفى.
    كان يبدو متوترا فقد كان يتوقع ان يعين في منصب كبير وفجأة يجد نفسه في المحكمة، وأي محكمة؟ محكمة شعبية تختص بمنازعات صغيرة وسكارى مساكين، ولصوص صغار تتعذر رؤيتهم بالعين المجردة، يسرق أكثرهم خبرة حمارا أو ربطة قصب لا يساوي سعرها أكثر من جنيه واحد.
    شعر شيخ النور أن الكوز المتوتر قد يسبب مشكلة في المحكمة، فحاول أن يخفّف من توتره، قال موجها الكلام له: طوّلنا ما شفناك يا شيخ عبدالرسول، يظهر المشاغل كثيرة، بعدين شكلك إتغير شوية، بقيت تشبه واحد من الكيزان الكبار، الزول بتاع الدفاع الشعبي!
    تلفت عبدالرسول حوله محدقا في حضور المحكمة كأنه يبحث عن شخص ما كان يتوقع حضوره، قبل أن يعلن: الما لقى شبهه الله قبحه!.
    نظر شيخ النور الى جلبلب عبدالرسول المتسخ ووجهه المتوتر وقال بسرعة: أهو انت لقيت شبهك وبرضو الله قبحك! ثم استدرك كلامه بضحكمة عالية حاول أن يوحي بها أنه كان يمزح!
    قال عبدالرسول: يا مولانا أنا بأعتبر كلامك دة إهانة في المحكمة. أنا جاهدت في الجنوب وعندي شهادة الداير يشوفها يجيني البيت بوريها ليه!
    ضحك شيخ النور وقال: احسن تجيبها هنا المرة الجاية، لأن البيجيك البيت كله قاعد ينضرب ضرب غرائب الابل!
    قال شيخ الطيب: كيف يكون إهانة للمحكمة؟ أنت ما معانا في المحكمة!
    لأ ما تفهم غلط يا مولانا أنا ما قلت اهانة للمحكمة أنا قلت اهانة في
    المحكمة. يعني اهانة لمواطن محترم في داخل المحكمة
    ضحك شيخ النور وقال بصوت خفيض وين في كوز محترم! ثم تنحنح ونظر حواليه خوفا أن يكون أحدهم سمعه!
    حاول القاضي تجاوز نقطة إهانة الشاكي الى موضوع القضية:
    ؟ الناس ديل مقدمين بلاغ أنهم تعرضوا للضرب منكم؟.ممكن توضح للمحكمة الحصل لو سمحت
    قال عبد الرسول: نحن كنا في حالة دفاع عن النفس! الجماعة ديل إعتدوا علينا، والدين بيقول: من إعتدى عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم..
    ممكن توضح كيف اعتدوا عليكم؟
    هاجمونا ونحن آمنين في بيتنا.
    الناس ديل بيقولوا انهم جوا يسألوك من سكر التموين، بيقولو ان حصتهم من السكر اتباعت في السوق الاسود!
    قال عبد الرسول وكأنه يتخذ قرارا نهائيا: اسود أحمر ابيض ما ليهم دخل. نحن شغالين لمصلحة الدولة العليا!
    قال القاضي: نرجع للقضية. الحصل شنو؟
    قال عبد االرسول: أنا زول مجاهد حاربت في الجنوب يجي واحد زي دة يتهمني بسرقة السكر!
    قال القاضي: نحن ما عندنا دخل بالسكر، في جهات تانية مختصة بالموضوع دة. نحن هنا قضيتنا الناس ديل اعتديت عليهم ولا لأ؟
    أعلن المتهم: ما إعتديت عليهم!
    والدم الفي جلابية الزول دة شنو ويده المكسورة! وإعترافك إنكم رديتو العدوان!
    الزول دة قاصدني، قال داير قطعة واطة لولده. جانا بعد عملنا الخطة الاسكانية. قلنا ليه الخطة خلصت، قدّم بعد سنة نكون بدينا الخطة التانية. دي بلد زراعية لو وزعناها كلها سكن، الناس حيزرعوا وين؟ ولا يبقى القمح زي الجرجير يزرعوه في حيشان البيوت؟!
    تدخل المواطن عبد السميع بدون إذن القاضي: إنت كذّاب. انت الشغال توزع في الاراضي الزراعية الحكومية وتبيعها. المشروع التعاوني نزعتوا نصف أراضيه الحكومية وبعتوها للمغتربين سكن، كان ممكن توزعوا ليهم في الخلاء شرق القرية أراضي غير صالحة للزراعة لكن إنت داير تستفيد عارف الارض هنا سعرها غالي! ومشروع الشجرة الكانت البلد دي وكل القرى المجاورة عايشة منه، دخلتوا أصحابه السجن وغشيتوا الناس قلتوا حنعمله مشروع تعاوني وبعتوه لمستثمر عربي! والقروش في جيوبكم، أنتم قايلين نحن نايمين..
    إنت بتتهمني بالسرقة إنت نسيت إنك طول عمرك متهرب من دفع الضرائب والزكاة ولولا تقديرنا لظروفك وظروف أولادك الصغار كان دخلناك السجن!
    خبط القاضي المنضدة لوقف المشاجرة، لكن شيخ النور لكزه بيده: خليهم! دي فرصة نسمع فضائح الكوز دة، أنا أول مرة أعرف بقصة المستثمر العربي دي!
    قال القاضي همسا: الجماعة جوا وزرعوا البرسيم انت ما عندك خبر الحاصل في البلد.قال النور: ما تجيبوا لي المستثمر العربي دةأبيع ليه حتة واطة، تعبت من الزراعة بدون فائدة!
    إنتبه القاضي على صوت عبدالرسول وهو يتقدم محاولا الاعتداء على المواطن عبد السميع: تمسك خشمك ولا أكسر ليك يدك التانية كمان!
    قال القاضي: دي محاولة للاعتداء على مواطن في المحكمة واعتراف انك اعتديت عليه بما إنك اعترفت بكسر يده الاولى!
    قال عبدالرسول: أنا جاهدت في الجنوب وعندي شهادة مجاهد و.....
    قال القاضي: جاهدت في الجنوب جاهدت في الشمال، دي ما شغلتنا هنا، الزول دة والجماعة المعاه ضربتهم ليه ؟
    أنا جاهدت في الجنوب، يجي واحد يتهمني قدام أولادي بسرقة السكر! أعمل ليه شنو، أضرب ليه تعظيم ولا أجيب ليهم قهوة!
    حكمت المحكمة حضوريا على المتهم عبدالرسول صلاح الدين بالسجن شهر والغرامة عشرة الاف جنيه تعويض للمجنى عليهم وتحمّل منصرفات علاجهم.
    رفعت الجلسة.
    يحيا العدل.
    تأهب القاضي والحضور للانصراف من المكان بينما بقى الكوز في مكانه يردد:
    أنا جاهدت في الجنوب يجي واحد زي دة يحكم علي بالسجن، أنا عندي شهادة ..







                  

06-16-2018, 09:59 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)


    محاولة إغتيال الوالي!



    كانت السيارة القديمة تكاد تتفكك الى قطع صغيرة وهي تسابق الريح في الأرض غير الممهدة بين كرمة النزل وأرقو. كانت هناك ثلاث سيارات تسبقها في الطريق لكن صديقنا السائق كرم الله أصر على ان يسبقها جميعا. تصاعدت سحب التراب الناعم مثل الدقيق الى السماء، بفضل عراك السيارة مع نفسها ومع الأرض. بعد قليل، حين سبق السيارة الاولى ،أعلن لى: قول واحد!
    قلت واحد فيما ضغط هو (دوّاس) البنزين حتى كاد الموتور يمزّق غطاء الماكينة وينطلق الى الفضاء بدلا من البقاء داخل صندوق العذاب هذا المسمى تويوتا هايلوكس موديل 1981. رأيت السيارة الثانية داخل الغبار وتعرفت عليها. حين أعلن : قول اتنين. فرحت أنا ايضا هذه المرة. كانت السيارة الثانية تخص أحد جيراننا. قبل أيام كنت اقود سيارة قديمة إستلفتها من أحد الاصدقاء. توقفت السيارة في منتصف الطريق. ربما لأنها معتادة على ذلك، (ومن خلّى عادته قلّت سعادته) لم تكن العربة القديمة راغبة أن تقل سعادتها، خاصة أن السعادة في تسعينات الانقاذ باتت كائنا غريبا لا يمشى على ساقين، بل يطير بجناحين بعيدا عن الناس وحيواتهم. باتت السعادة سلعة نادرة، أصبحت مثل الغول والعنقاء والخل الوفي. المهم حرنت السيارة. إعتقدت أنها تحتاج لدفرة كعادتها. حيث يبدو أنها أصبحت مدمنة على حكاية الناس بالناس، أو العربات بالناس. حين خرجت من السيارة إكتشفت أن اثنين من عجلاتها كانت فارغة تماما من الهواء المباح، حتى لامس عجل الحديد الأرض وإختلط بالتراب. وقفت محتارا، وفجأة سمعت صوت سيارة قادمة، توقف جارنا جاد الله. كان جارنا مشهورا بطول عضوين مهمين في جسمه: اليد واللسان! توكلت على الله وأخبرته انني بحاجة الى (لستكين)! دهش من حكاية أن يفرغ (لستكان) من الهواء في نفس الوقت! تردد قليلا ثم أعطاني (لستكين) احتياطيين كان يحملهما لحسن الحظ، وهو يتذمر أنه في طريقه الى مشوار بعيد وربما يحتاج الى اللساتك الاسبير. ولمعرفتي بعدم اهتمام صديقنا بمعدات سيارته. استوقفت جارنا جاد الله حتى أبحث عن الرافعة. ومفتاح العجل، وكما توقعت لم أجد لهما أثرا (بعد عين). أحضر جارنا الاشياء المطلوبة وهو يسب ويلعن! ولسوء الحظ كانت سيارته ملأى بالبشر فقد كانوا يتجهون لحضور مناسبة زفاف في مكان ما. أعلن لي بصوت جهوري سمعه كل من في السيارة وفي القرية وهو يغادر: متين تجهزوا عرباتكم قبل تطلعوا مشوار زي الرجال؟ ثم تساءل محتاجين حاجة تاني. نفك ليكم المكنة ولا عندكم؟!
    لحسن الحظ كانت توجد ماكينة في السيارة. لا بد أن الماكينة تدخل ضمن تجهيزات (الرجال) لسياراتهم كما أعلن جاد الله. ذات مرة ذهبت مع صديقي لترخيص السيارة. طلب الشرطي أن يرى الماكينة. قبل أن نجازف بفتح الكابوت، بسبب خوفنا من إنكشاف عورة السيارة، أمام شرطي غريب، قد يقدم على التحرش بها (مثل الدبلوماسيين). تصرّف أحد الاصدقاء الذين رافقونا، بدافع الرغبة في (السترة)، (غمت) للشرطي الهميم مبلغا من المال. كان المبلغ قليلا جدا، لكن من قال أن رجال الشرطة طمّاعون؟ الشرطي مثله ومثل أية مواطن قنوع طيب، يرضى بالقليل، كان المبلغ القليل كافيا ليصبح الشرطي، شرطيا أليفا وطيبا مثل قط أليف. حين رفعنا غطاء الكابوت عن (عورة) السيارة. لم نر شيئا في البداية بسبب الدخان الكثيف، ثم تكشّف المنظر عن حبال ودلاقين تثبّت بقايا ما كان يعرف بالماكينة. إحتار الشرطي في البداية. لم يعرف ان كان ينظر الى ماكينة عربة أم مركب شراعي. وضع يده فوق جيبه حيث العملة الورقية التي تسلمها للتو، كأنه يتأكد انها موجودة ولم تتبخر بفضل التضخم. ثم تساءل وهو ينظر الى الحبال والدلاقين: فراملها شغالة؟
    تنهد صديقنا مرتاحا وقال: شغالة زي الكلب! إكتفى الشرطي بالاجابة الكلبية،.يبدو أنه يؤمن بتفوق الكلاب، وأن أي كلب مثلما لديه حاسة شم قوية لديه أيضا فرامل جيدة. قبل أن يشرع قلمه ويضع توقيعه على الورق معلنا بأن كل شئ تمام التمام!
    كنت قد سرحت قليلا حين أعلن السائق: قول ثلاثة. نظرت الى الخلف فوجدت العالم يكاد ينهار من فرط فوضى الغبار. بقيت أمامه في المدى سيارة واحدة، كانت تسير مثل الصاروخ، صرخ السائق بصوت أشبه بصوت موتور سيارته. عربيتي قاعد أصرف عليها، لازم هي كمان تديني زي ما أنا بديها!. لم أكن أعرف حتى تلك اللحظة أن السيارات تحفظ الجميل مثل بعض البشر. وأن السيارة حين تهتم (بعمرتها) وزيتها وشرابها. تكافح بكل طاقتها كي تبقيك في المقدمة. بعد مناورة ترابية سريعة أعلن كرم الله: قول أربعة! كنت قد تعبت من القول. فلم أقل شيئا، كأنني أعلم أن نصره سيتبدد سريعا على يد من هو أقوى وأقدر.
    أحرز المركز الأول في سباق الغبار . لكن فرحته بنصره الترابي لم تدم طويلا، ففجأة مرقت سيارة مثل السهم بجوارنا. كانت تبدو إحدى عربات الحكومة. قلت وكأنني أحمّسه لمواصلة السباق:
    لن تستطيع أن تسبق عربة الحكومة!
    فكر قليلا، لابد أنه فكر في الضرائب وفي المشاكل التي يمكن أن تسببها له السلطة. في جرّاره الزراعي غير المرخص. وفي ضرائب الأرض والنخيل التي كان يتهرب من دفعها. سائق العربة الحكومية ايضا ساهم في دفع كرم الله الى التطرف حين أبطأ السرعة قليلا أمامنا حتى يعطينا فرصة أكبر لندفن في أطنان التراب الكثيف الذي كانت تلقيه عجلات سيارتهم فوق عربتنا، حتى إنعدمت الرؤية من أمامنا. كان سائق السيارة الحكومية يمرق كالسهم ثم يبطئ ليغرقنا في الغبار ثم يهرب قبل أن نلحق به. كرم الله كان مترددا، إبتلع في البداية خسارته غير المتوقعة للسباق، لكنه في النهاية حسم أمره وتوكل على الله وأعلن: الحي الله الكاتل الله! قبل أن يضع ثقل قدمه الفيلية فوق دوّاس البنزين، ولولت السيارة وكأنها تعرف مصيرها المحتوم في المعركة غير المتكافئة مع السلطة الإنقلابية!
    بسبب ضيق الطريق كان كرم الله مضطرا أن يسير وراء السيارة الحكومية لبعض الوقت، لكن لأنه كان يحفظ الطريق جيدا فقد عرف أن هناك منطقة قادمة سيتسع فيها الطريق قليلا ويمكنه بجهد قليل أن يتجاوز السيارة الحكومية. خاصة وأن سائق السيارة الرسمية بدا مستمتعا بالسير ببطء وإلقاء أطنان الغبار فوقنا. قال كرم الله: هذا كل ما نجده من الحكومة. الغبار والتراب والحقارة!
    فجأة وقبل أن يتنبه سائق السيارة الحكومية لاتساع الطريق المفاجئ، مرق كرم الله مثل السهم بجانبه واضعا السيارة في المقدمة. ثم بدأ إنتقامه من السلطة: يبطئ السرعة في الطريق الضيق حتى دفنت السيارة الحكومية في التراب. يتذكر بحقد حين جلد في السوق قبل أشهر بتهمة السكر، ومضايقات رجال الأمن له حتى لا يستخدم جراره الزراعي في حراثة الأرض لأهل القرية، حيث إعتاد على التعامل مع جيرانه الفقراء بالدفع الآجل حتى نهاية الموسم الزراعي، لكن الحكومة أنشأت شركة للخدمات الزراعية وتريد احتكار العمل، واجبار المزارعين على الدفع نقدا لقاء حراثة الأرض ودرس المحاصيل بأسعار باهظة. ولمضايقته ومنعه عن العمل تعرّض للاعتقال والمساءلة حول ترخيص جرّاره الزراعي وأنه لا يدفع ضرائب الجرّار منذ سنوات. شرح لهم أن الجرّار يخص شقيقه الذي يعيش في السعودية وأن شقيقه إعتاد في كل مرة يحضر فيها على دفع الضرائب وتجديد رخصة الجرّار وأنه مجرد وكيل ينفذ طلبات شقيقه، لكن أحدا لم يستمع له وأجبروه على دفع غرامة كبيرة.
    كان كرم الله يواصل إنتقامه بلذة وصبر، تسير السيارة بأقل سرعة ممكنة، تعطّل المسئول الحكومي الكبير صاحب الوقت الثمين، وقت كان يكفي لإبرام عدة صفقات، وبيع عدة مؤسسات خاسرة أو غير خاسرة. هذا الوقت الثمين كان كرم الله يبدده عن سابق قصد وتصميم.
    فجأة بدأ الشارع يتسع مرة أخرى، زاد كرم الله من سرعة السيارة حتى لا يجد سائق السيارة الأخرى فرصة ليسبقه. لكنه أضطر للتوقف بعد قليل فقد كان الطريق مغلقا بحاجز من سيارات الشرطة! وكانت إشارات الطوارئ الضوئية في سيارات الشرطة تلهث بقوة ملوّنة، توضّح جسامة المشكلة التي تجمعت الشرطة بسببها.
    يبدو أن الشرطة باتت تعمل بكفاءة ويقظة تامة. كلما وقع حادث ما يهدد راحة المواطن وأمنه، تنطلق الشرطة فورا وتقيم حواجزها لمنع أية مجرم من الفرار.
    مرقت السيارة الاخرى من الحاجز وإنطلقت مثل السهم. أما نحن فقد ذهبنا مع الشرطة. لينتهي سباقنا مع الحكومة. بالتهمة الرهيبة التي لم يحسب لها كرم الله حسابا أثناء صراعه الترابي ضد السلطة: محاولة إغتيال الوالي!


                  

06-19-2018, 06:55 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)



    حين رأى الفكي خضر الريس يضحك مع الحبيب ترمب!


    أزاح فكي خضر صحن الماء الضخم أمامه الذي يرى الدنيا من خلاله وقال:
    شايفك قدامي تضحك مع طرمبة!
    عليك النبي! لو كدة الضحك شرط ناس المعارضة وناس قروبات الواتساب والاسافير!
    أشار الريس لطه فرمى شوالين (بياض)
    اشار فكي خضر بطرف اصابعه بإحتقار نحو شوالين البياض، وقال متجاهلا خشخشة أوراق الجنيه الخشنة التي يعرفها (مثل جوع بطنه): دة شنو دة!
    دة البياض
    ياتو عُملة؟ نعلو الما يتسمى الما جايب حق الورق والحبر؟!
    إنت فكي معارض ولا شنو؟ دي عُملتنا الوطنية، الجنيه!
    وينه الوطن عشان يكون في عملة وطنية؟ يا ريس الوطن ما فضلت فيه غير الورقة الما جايبها تمنها دي! بعدين دي ما عُملة يا ريس، دي عمل، عمل داير يمرقوه، عمل أسود! أقول ليك شايفك مع طرمب تقول لي جنيه! والله الجنيه دة ما يقعّدك مع حُسني مبارك!
    حسني مبارك دة ما خلاص زمان راح فيها!
    لو كان عرف سكتي كان يكون قاعد لليلة ويوم يفتر ينزل كان ركّبنا الولد في محله! هسع انت ذاتك ، اول ما الجنيه نزل، طرمب طلع وسكة حسني مبارك ظهرت بيضا قدامك!
    خازوق، يا حارس يا حفيظ من شرّ الانتفاضة والعصيان والحركة الشعبية قطاع الشمال! طه كُب ريال!
    ريال شنو؟ ريال دة مسلم ما ياكل عيش مع كفّارّ! طه كُب يورو وإن بقى دولار أسكت كِب !
    طه كُب دولار!
    أفرغ طه حقيبة صغيرة من الدولار أمام فكي خضر!
    إبتسم فكي خضر للمرة الاولى منذ ستة أسابيع حسوما وقال: انت ذاتك عارف جنيهك ما نافع! ، لو نافع ما كان تجيبه في شوال خيش! وتجيب الدولار في شنطة ماسونايت قدر المحفظة!
    ما ان هبط الدولار حتى اشتعلت كل انواع البخور اوتوماتيكيا في موقد فكي خضر وتصاعدت بمختلف ألوانها مثل استعراض جوي في عيد الثورة الى عنان السماء:
    سبحان الله، الدولار دة مبروك خلاص، طوالي درب حسني راح ورجعت تناضم سيدي طرمب اب شعرا اصفر وتضحك معاه.
    هزّ فكي خضر الموقد وقرّب الصحن الفضائي الملئ بالماء منه وقال: عارف يا ريس أب شعرا اصفر دة زول مبروك خلاص، دة النوع البعدين بعد عمر طويل، يعملوا ليه قُبة في واشنطن دي سي، والناس تجي من بلد بلد تتمردغ قدامه و تاخد البركة ! دة .. حبيب الشعب!
    قال الريس بسرعة دون تفكير: حبيب الشعب ..يا نميري؟
    نميري شنو، انت من زمنه يا ريس، دة سيدي طرمبة ، طرمب دة قالوا لو أحدث (والعياذ بالله) الواطة حوالينه تتملي بالدولار! عنده برج أكبر من برج الاسد!
    برج الاسد دة شنو كمان يا فكي خضر إنت اتطورت بقيت تتابع الابراج بتاعة حظك اليوم ؟مفروض تعمل تأصيل وترجع تفتح الكتاب!
    أبراج شنو وحظك اليوم شنو يا ريس، برج الاسد دة برج الفاتح، عشان الحكومة قلعت جنينة الحيوانات وباعت الاسد وبنت برج في محله، الناس سموه برج الاسد!
    والله ما شاءالله ، رئيس عنده برج في امريكا، أنا برج حمام ما عندي و عشان شوية حجج ميتة هنا في كافوري الجماعة بتاعين النت شايلين حسنا! قُدر ما قلنا ليهم الرزق من الله برضه حاسدننا!
    صمت الريس قليلا ونظر الى صحن فكي خضر فلم ير شيئا سوى ما يشبه قاع بئر عميق، ثم قال: برج الاسد، برج القرد، برج التور برج الغنماية، دي هسع ما شغلتنا شوف لينا موضوع طرمب دة كيف الامور حتمشي؟ نفسي امشي الاراضي المقدسة وازور الحبيب دة اليومين ديل، كمان دي ايام مبروكة بالمرة الواحد يعمّر بعد نزور الحبيب طرمب !
    انشاء الله يحصل خير، ما دام الدولار نزل الموضوع ميسّر انشاء الله، خليني كدة اعمل شغل للعوارض دي واشوف النتيجة!
    انت لسة حتشوف؟ وكت الدولار نزل والبخور قام، ما قلت درب حسني راح في الموية، والكافر ظهر!
    قال طه بعد فترة صمت: شد حيلك لو الموضوع دة نجض، حنديك ملف المحكمة الجنائية، حنعمل عطا جديد ونسحبه من جماعة النيل الابيض ونرسّي العطا الجديد ليك!
    جماعة خزان مكوار ديل اناطين كورة ساكت! وفي الكورة ذاتها تمشي ليهم يدوك بخرة يقولوا ليك علّقها في القون ضبانة ما تخش، لو جة قندران يخش! اي كورة تتشاط حتى لو من برة الملعب تلقاها في قونك!
    حاول الريس مرة اخرى ان ينظر في صحن فكي خضر: انت شايف حاجة انا ما شايف اي شئ في صحنك دة؟
    ما اي زول يقدر يشوف يا ريس، لو انت شفت حاجة هنا طوالي تمسك الصحن وأنا امشي القصر رئيسا، هسع انا اشوفك قدامي تضحك مع طرمب لكن الغريبة الصورة ما ثابتة، يمكن من الشبكة! الشبكة اليومين ديل تعبانة تقول في انتفاضة! مرة مرة وشك وانت بتضحك يظهر لي زي وش طه دة! يكون القلوب عند بعضيها وكدة!
    بعد عمل اللازم أعلن فكي خضر: الموضوع خير بس أوعك تعتذر في اليومين الجايين ديل! حتى لو اديت ليك زول طلقة في بيت عرس زي ما عملت زمان، اوعك تعتذر دة كلام الجماعة.
    ارتفع من مبخر فكي خضر مع الدخان الملون صوت يغني سامحني غلطان بعتذر.. بعتذر .. بعتذر!
    كان الريس قد وقف ليغادر، قال غاضبا: منو البغني سامحني غلطان بعتذر دة!
    دة شيطان جديد، لسة صغيّر، يا دوب عمره خمسمية سنة، لسة مسكين غشيم ما بيعرف السياسة!


                  

06-19-2018, 01:54 PM

مني عمسيب
<aمني عمسيب
تاريخ التسجيل: 08-22-2012
مجموع المشاركات: 15691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)


    لك التحية استاذنا \ احمد الملك ..

    وكل عام وانت والاسرة الحبيبة بالف خير ..


    بوست داير ليهو زمن غير اضافي بمعني مخصوص
    للبوست دا لانه بستحقه . عمومآ اليوم المساء ما عندي
    شئ حا اتفرغ لقرايته .






    ثم ثانيآ : حارمنا ليه من برامجك الجميلة ؟
    والله حرام عليك !
                  

06-19-2018, 08:15 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: مني عمسيب)

    شكرا جزيلا أختنا العزيزة منى وكل عام وأنت بخير.
    الناس الظاهر انشغلت يا منى وفي ناس سافرت والنتيجة تراجعت البرامج والنشاطات، ياريتكم تقدروا تستأنفوا نشاطاتكم الثرية في القريب.
    تحياتي وشكري.
                  

06-19-2018, 10:55 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    سلام يا أحمد الملك
    كثير الأشواق وكل عام وأنت والأسرة بألف ألف خير.. شكرا لك
    حتى الآن قرأت المغناطيس. رووووووعة.



    ياسر
                  

06-20-2018, 01:43 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: سلام يا أحمد الملك
    كثير الأشواق وكل عام وأنت والأسرة بألف ألف خير.. شكرا لك
    حتى الآن قرأت المغناطيس. رووووووعة.

    ياسر


    شكرا لك د. ياسر على مرورك الكريم. سعدت جدا بقراءتك للمغناطيس. كل عام وأنت والاسرة الكريمة بكل خير.
                  

06-20-2018, 02:09 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    الصديق العزيز الاديب أحمد الملك

    تحية وتقدير وكل سنة وانت طيب
    كالعادة ابداع وفي الصميم
    ولي عودة ان شاء الله

    عبدالله جعفر
                  

06-21-2018, 04:34 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: Abdalla Gaafar)

    مرحبا بصديقنا الشاعر والأديب عبدالله جعفر.
    لك الشكر وكل الامنيات الطيبة.
    أحمد
                  

06-23-2018, 07:34 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)




    حكاية خواجة شغال (إبتلا) في القصر الجمهوري!



    المكان القصر الجمهوري
    الزمان: أحد أزمنة عهد الكيزان الأغبر!
    شغال شنو يا خينا؟
    وزير بدون حقيبة
    احسن من قعاد ساكت! وانت شغال شنو
    انا؟
    ايوة...
    انا مساعد للرئيس
    احسن من قعاد ساكت...
    والله قعاد ساكت احسن..
    كيف؟
    انا عينوني هنا لي خمسة سنين الاتفاقية الجابتني نسيت اسمها. الريس شفته
    مرة واحدة من بعيد في اداء القسم، القسم ذاته اديته جماعي!

    قصدك عرس جماعي! أول ما جيت خشيت معاهم الزواج الجماعي ولا شنو؟
    لا .. نحن وكت أدينا القسم مستشارين ومساعدين ووزراء بدون حقائب
    وبحقائب، كنا زي سبعة وستين ألف! أدينا القسم في الاستاد! المصاحف جابوها
    باللواري، لو عاوز تشوف الريس بيدوك نظارة مقرّبة بتشوفه صغيّر قاعد في
    كرسي جنب القون! مرة واحدة قابلته بالصدفة في بيت بكا، لكن ما عرفني!
    المشاغل كثيرة! الحقيقة انا ذاتي في الاول ما عرفته! مع أن مكتبي على بعد
    عشرين متر من مكتبه!، قعدت أسأل يا ربي الراجل دة شفته وين، شفته وين!
    واحد جنبي قال لي يكون في التلفزيون!
    وانت شغال شنو؟
    انا؟ ويتلفت حواليه
    أيوة انت، ابطاقية خضرا دة.
    انا مستشار اقتصادي للرئيس
    كويس ما خاب من استشار
    والله خاب ونص وخمسة كمان
    كيف؟
    مرة واحدة شاوروني كيف يوقفوا الدولار الطاير كل يوم دة
    وقلت ليهم شنو؟
    تدخل مساعد الرئيس (بتاع الاستاد): والله الداير يوقف الدولار الطاير دة
    الا يطير وراه، زي الزول الشرب الريد بول وطلع بال فوق الطيرة البالت
    فوقه!
    قال المستشار الاقتصادي: قلت ليهم نزرع القطن!
    كويس، على الاقل نلبس مما نزرع، وقالوا شنو؟
    قالوا لي لسة حنزرع ونقعد ننتظر يا قام يا ما قام، وبعدين تجي الافات،
    ذبابة بيضا تخلص منها يجيك عنكبوت أحمر، نخلص منه تجي الدودة القارضة
    نخلص منها يكون ما فضل قطن يعمل سروال! شوف لينا حاجة نبيعها بسرعة
    ونخلص! قلت ليهم طيب بيعوا نحاس ولا دهب قالوا لي لسة حنقعد نحفر، ويجوا
    عمال المناجم دايرين نقابات، ويجوا وراهم الشيوعيين! وناس حقوق الانسان
    الحقيقة أنا إحترت اقول ليهم شنو، قمت قلت ليهم بالهزار: طيب بيعوا واطة
    قالوا لي ما تقول كدة من الاول!
    واها حصل شنو؟
    انت ما عارف؟ القصر دة مؤجر، باعوه مع شارع النيل! وكت باعوا القصر كان
    في فندق عائم تابع لشركة سياحية واقف قدام القصر، بالاستعجال باعوه مع
    القصر!
    وانت شغال شنو؟
    والله ما عارف!
    كيف ما عارف؟
    ما عارف ! خليك مني، الريس بتاع المحل دة ذاته ما عارف هو شغال شنو؟
    لأ خليك من الريس انت وكت جيت هنا، جابوك لي شنو!
    أنا جيت مرسال!
    مرسال الشوق يا الكلك ذوق!
    لأ .. شوق شنو.. أنا جايي من السعودية، في زول اداني أمانة قال لي
    وصّلها العنوان دة، وكت وصلت العنوان، لقيت في زحمة، حفلة ولا عزاء ولا
    عرس جماعي، المهم أول زول قابلته قلت ليه ياخي انا معاي أمانة! قال لي
    إنت جاهز! قلت ليه جاهز لي شنو انا قلت ليك معاي أمانة!
    قال لي أدخل ، ساقني وقفت في صف طويل، أنا قلت يمكن صلاة شكر ولا استسقاء
    لأن الوقت ما كان وقت صلاة، بعد شوية واحد قرأ قرار جمهوري بتعيينا
    مستشارين ومساعدين ووزراء ولائييين! الجماعة رفعوا يدهم، انا وقفت ساكت،
    واحد نهرني قال لي ارفع يدك! رفعت يدي بالخلعة ومن الوكت داك انا قاعد
    هنا! أي زول جاب أمانة اليوم داك بقى وزير او مستشار! بعد أدينا القسم،
    قالوا لينا الجماعة الواقفين على اليمين ديل وزراء ولائيين، تبلغوا في
    الاستقبال عشان يسفروكم ولاياتكم، الجماعة العلى الشمال بتكونوا هنا
    مستشارين ومساعدين، الحمدلله أنا بقيت مع الجماعة العلى الشمال! في زول
    الظاهر ما داير يسافر الاقاليم شفتوا براحة اتسحب من اليمين دخل معانا!
    أها من اليوم داك أجي الصباح وأمشي البيت آخر اليوم! أول ايام كنت خايف
    اقامتي تنتهي وما اقدر ارجع شغلي، لكن بعد شوية وكت لقيت الشغلة ساهلة
    والماهية ما بطالة قلت مالي ومال الكفيل وجهاز المغتربين والمساهمة
    الاجبارية!
    الدقن نفعتني! أنا كنت مطول من البلد وعرفت في زول سجّل قطعة الارض
    بتاعتي بإسمه، جيت ارفع قضية واحد نصحنى قبل أسافر من السعودية قال لي
    عشان تحلحل مشاكلك سوي ليك دقينة، الحقيقة ما عارفها بتحلحل المشاكل
    لدرجة ابقى مستشار رئاسي وما عندي خدمة!
    وانت شغال شنو يا خواجة؟ والجابك هنا شنو؟ والا سياستنا بقت زي كورتنا،
    خبراء أجانب وبرضو ما نافعين!
    أنا...
    أمال أنا؟ أيوة انت! إنت كمان بقيت تأنأن
    نعمل شنو من جاور القوم اربعين سباحا صار متلهم!
    انت شكلك بقيت متلهم وفتهم بغادي كمان!
    غادي دة وين؟ مدينة جديد؟ وين من أبو آدم؟
    خليك من غادي وأبو آدم، آدم ذاته ما عنده أبو الناس ديل سووا ليه أبو!
    انت شغال شنو؟
    انا شغال إبتلا!
    إبتلا دة شنو، يعني بالنهار بتعمل شنو؟
    إبتلا، لو مطرة شديد نزل مسح البيوت، مش يقولوا دة ابتلا؟
    ايوة ابتلا! وانت دخلك شنو بالابتلا؟
    انا منظمة دولية جابني نراقب وقف اطلاق بتاع نار، اطلاق نار شغال ليل
    ونهار ما يقيف الا انا نجي نقيف، انا كمان ما نقدر نقيف ليل ونهار! ناس
    كيزان ديل قالوا لي بدل تقعد في خلا ، حر وبعوض ومتمردين، ضرب نار ،
    جنجويد وكلام فارغ، تعال اقعد هنا.
    وجيت قعدت؟
    أيوة نعمل شنو، ربنا كمان ما أمر بهلاك! لكن مرات مرات وكت نشوف عمايل
    ناس قصر ديل، نتذكر مثل بتاعكم: خلا ولا رفيق الفسل!
    هرامية في قصر دة أكتر من هرامية في سجن!
    وبتاخد مرتب كم؟
    أنا عندي مرتبين واحد من منظمة دولية وواحد من رفيق فسل!
    طيب انت ذاتك ما بقيت هرامية وفسل معاهم! وحكاية ابتلا دة شنو؟
    ناس حكومة كلما واحد يسألهم خواجة دة الجابو هنا شنو؟ يقولو دة إبتلا،
    انا قلت دة يمكن اسم شغلي بقيت انا ذاتي قبل نفهم ابتلا يعني شنو، كلما
    زول يسألني شغال سنو نقول ليه شغال إبتلا! نعمل شنو أحسن من قعاد ساكت!


                  

06-24-2018, 02:28 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)
                  

06-26-2018, 09:53 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)




    دجاجي يلقط الحب ويجري وهو فرحانا


    كانت المرة الأولى التي أراه فيها في مناسبة عقد زواج في مطلع تسعينات القرن المنصرم، وكان واقفا يتحدث مع شيخ من معارفه القدامى، كان الشيخ وهو امام المسجد الذي تم فيه عقد الزواج، يريد الحصول منه على عصا جميلة يحملها في يده. قال هو بهدوء للامام: (العصاية دة ما بينفع معاك!)
    استفسر الشيخ الامام: ليه ما بتنفع معاي؟
    لكنه وكأنه لم يسمع سؤال الشيخ واصل ترديد نفس كلامه:( العصاية دة ما بينفع معاك)!!.
    كرر الشيخ سؤاله: ليه ما بينفع معاي؟
    وكأنه يصر على ان قوله هو اجابة لسؤال الشيخ، تفسّر نفسها بغموضها، ظل مثل اسطوانة مشروخة يردد نفس الكلام: العصاية دة ما بينفع معاك!
    وأخيرا أمام اصرار الشيخ على معرفة لماذا لن (ينفع) العصا معه.
    رد قائلا: (العصاية دة .. مال حرام)!
    ويبدو أن الشيخ نسي بسرعة موضوع خطبة الجمعة التي ألقاها قبل قليل فوق رؤوسنا ولم يترك فيها شيئا الا و(حرّمه) بحيث لم يبق من الاشياء المتاحة للشرب في دائرة الحلال سوى الماء (الأزرق)! ضحك الامام حتى اهتزت لحيته البيضاء التي بدت في تلك اللحظة وكأنها مثبّتة في ظهره، وأن لا علاقة لها بجشع وجهه الطيب، ثم قال يا زول اديني، حلال حرام انا لاقي!
    كان مصطفى مشهورا بأنه (مثل الانقاذ) يأكل مما يقلع، وكان يردد المثل: الناس بالناس والكل برب العالمين، بإعتباره (مثله) الاعلى، رغم انه كان دائما يمثل الشق السلبي في حكاية الناس بالناس، فقد كان يستخدم المقولة بإتجاه واحد فقط، فمن جهته لا يخرج شئ(للناس) لكنه يعيش على كل حال بالناس.
    وحين عاش لفترة من حياته في إحدى دول الخليج حيث عمل سائقا على عربة تاكسي، اشتهر انه الوحيد الذي شوهد عدة مرات وعربته (قاطعة) بنزين ! وهو يحمل جالونه بحثا عن من يعيره بعض البترول! حيث إحتفظ هناك أيضا بمثله الأعلى: الناس بالناس، في بلاد تموت من كثرة البترول في باطن الأرض، أشجارها! !
    كنت أنا الوحيد الذي نجح في (قلع) شئ ما منه، ذات مرة كان عائدا من بلاد الاغتراب، وكان يرتدي ملابس أنيقة وينتعل حذاء اسودا لامعا ويتوكأ على ذقن تقترب من الارض حققت له بعض المآرب الصغيرة مع بزوغ فجر الانقاذ الكاذب، وكان يحمل في جيوبه عدة مشاريع إستثمارية، تبدأ من ثلاجات لتصدير الفواكه ومشاريع زراعية كانت كافية إذا تم تنفيذها لتحويل الشعار الإنقاذي البائد: نأكل مما نزرع الى حقيقة واقعة، لكنه لم يجد ممولا واحدا والحقيقة ان مظهره الورع فتح له بعض الابواب ، لكن تلك الابواب لم تؤد قط الى خزانة البنك بل الى خارجه ! لم تكن ذقنه طويلة بما يكفي ليحصل على بعض القروض، وكان واضحا من عجلته الإستثمارية إنه لم يكن كوزا أصليا، لكنه كان يرغب في ركوب الموجة على أمل اصطياد شئ ما يغنيه عن سؤال اللئيم! وكانت البنوك الانقاذية ترفع شعارات دينية ولكن حين تطلب منهم المال كانوا ينحّون الدين جانبا، ويسألون عن ارضك وضماناتك، ويشرعون سكين المرابي الجشع التي لن تتورع عن قطع لحمك لسداد الدين!
    كنت اقيم آنذاك مع أحد اقربائي في طريقي للسفر، حين جاءنا مساء ولاحظ اول ما لاحظ أن قريبنا ذاك يربي اعدادا من الدجاج، عرض عليه صفقة إنقاذية سال لها لعاب قريبنا، سيأخذ الدجاج مقابل النفط، اقصد مقابل خروف ضخم، اعتقد قريبنا ان بإمكانه خداع مصطفى، الحصول على خروفه والاحتفاظ بالدجاج في الوقت نفسه، نفس الاسلوب الانقاذي: حكم الوطن وبيعه في الوقت نفسه!. في الصباح ذهب قريبنا لمكان عمله وبقيت أجهز نفسي للسفر، وفجأة اقتحم مصطفى البيت ومعه عدد من الناس الذين استدعاهم لمساعدته في جمع الدجاج، وحين لاحظ دهشتي قال لي أنه يعرف انني احب التصوير وسيقوم بإهدائي كاميرا ممتازة احضرها معه من اغترابه ، سال لعابي لذكر الكاميرا فقطعت الحركة وساعدتهم في جمع الدجاج! وبدلا من الخروف الضخم ترك لقريبنا خروف ترانزيستور صغير اقرب في مظهره للعتود منه الى العمبلوق! والحقيقة ان حجمه كان يساوي تقريبا احد ديوك قريبنا المغدورة.
    حين عاد قريبنا من العمل، لم يجد في بيته الذي كان عامرا حتى انه كان يفتخر دائما بأنه يأكل مما يربي! ثم يوضح بسرعة حكاية بيته العامر بالدجاج حتى لا يعتقد الناس خطأ انه يأكل من أبنائه حين يقول: نأكل مما نربي. وكان الناس يندهشون قليلا في البداية لعلمهم انه لا اولاد له لأنه لم يتزوج قط.
    ثار قريبنا، وارغى وأزبد، الحقيقة انه أرغى فقط ، فقد جف ريقه من فرط المفأجأة الدجاجية فلم يجد ما يزبد به، وفي البداية هدد انه سيفتح بلاغا على مصطفى! وسيخرب بيته ثم تذكر ان مصطفى لم يكن يخشى من رجال الشرطة لأنه كان ضخم الجثة كما أنه لن يستطيع ان يخرب بيته لأن مصطفى لم يكن عنده بيت آنذاك. كان قريبنا يجلس كل مساء يشرب العرقي وحين يحين موعد العشاء الذي كان طبقه المفضل فيه أحد ديوكه السابقة، كان ينخرط في البكاء ويهدد بأنه سيفتح في الصباح بلاغا على مصطفى وسيخرب بيته.
    لكنه في الصباح كان ينسى كل شئ، يبدو ان العرقي كان قويا لدرجة انه كان يسلو كل جراح قلبه الدجاجية أثناء الليل، ولم تمض سوى بضعة ايام حتى برهن على وفائه القليل حين نسي ديوكه ودجاجاته التي كان يغني لها أحيانا حين يطعمها وجبة العشاء في ساعة الاصيل: دجاجي يلقط الحب ويجري وهو فرحانا. والحقيقة ان دجاجه لم يكن يجد وقتا ليفرح وهو يلقط الحب، فبسبب قلة الحبوب كانت الديوك والدجاجات تتعارك وهي تلقط الحب وتجري وهي جائعة.
    وقد إعترف مرة انه كان يحفظ نشيد دجاجي يلقط الحب ويجري وهو فرحانا، لأنّ مدرس اللغة العربية كان يقوم بضربه ضرب غرائب الحمير، بسبب إهماله لواجبات المدرسة.
    بعد (غزوة) الدجاج اختفى مصطفى عدة سنوات حتى وجدته امامي ذات يوم وانا اقطع شارع الجمهورية، قلت له: يا زول وين انت من يوم همبّت الدجاج تاني ما شفناك!
    بدا عليه التأثر من ذكر الدجاج، حتى أنّ دمعة صغيرة لمعت في عينه اليمنى، حكى لي أن حكاية الدجاج ظلت تطارده في حله وترحاله حتى أطلق عليه أحدهم لقب الثعلب، رغم أنه لا يحب كرة القدم، وإنه ذهب ذات يوم الى أحد البنوك وهو يرتدي (عدة الشغل) بذلته الانيقة اليتيمة التي كان حين يرتديها يعرف الناس انه مشرف على الافلاس وان (القريشات) التي حضر بها من اغترابه الأخير على وشك النفاذ، إستقبله مدير البنك بحرارة من لا يعرفه، واحضر له كوبا من القهوة وأخذ منه نسخة من المشروع الذي يريد تنفيذه، ولكنه حين قرأ إسمه على دراسة الجدوى، قال له بإرتباك: إنت السرقت دجاج شيخ الدين! ثم قال لي لم أفهم إصرار قريبك على تربية الدجاج، ثم فكر قليلا قبل ان يجد تفسيرا مدهشا لذلك الاصرار، قال: ربما يكون من هواة مصارعة الديكة! والحقيقة ان قريبنا كان يهوى صرع الديكة وأكلها لكنني لم اره مطلقا وهو يراقب عراك الدجاج.
    ذكّرته بوعده القديم لي بالكاميرا، اعتذر لأن صعوبة الحياة الانقاذية أجبرته على الهرب بعد أن ألقى بعض المجندين القبض عليه قبل سنوات وادخلوه بالقوة معسكرا للتدريب لارساله للحرب ، وكيف تعرض للتعذيب في المعسكر وحرم من النوم، وكان المدرب يوقظه كل يوم فجرا ويجبره على الزحف على ركبتيه عدة أميال حتى يزول اللحم الحرام الذي يملأ كرشه كما كان المدرب يعلن. وحين سنحت له فرصة للهرب من المعسكر لم يتوقف عن الجري حتى وجد نفسه خارج حدود الوطن ومعه كل اللحم (الحرام) الذي تبقى في جسده!.
    أخرج كاميرا من حقيبته، دفع بها اليّ، كانت تبدو في حال جيدة رغم انني اكتشفت لاحقا بعد ان اختفى من امامي انها مثل خروفه الترانزستور الذي استبدل به الديوك،والذي كان صغيرا جدا حتى انه لم يكن يقوى على اصدار اية صوت من جوفه. رغم أن الكاميرا كانت تحمل اسم ماركة مشهورة لكن يبدو انها كانت مجرد تقليد كما انني وجدت فيها ثقبا لم اعرف وظيفته ويبدو ان الثقب كان سببا في ادخال كميات اضافية من الضوء أدت لاحتراق الفلم الوحيد الذي استخدمته معها .
    لا بد ان مصطفى بات الان أكثر شراسة، بعد أن دخلت الانقاذ (العظم) وتجاوزته بفسادها وإحتقارها للإنسان السوداني الى الروح نفسها.



                  

06-28-2018, 07:48 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)



    السيد الوزير يشرع في الزنا!



    في ظلال شجرة الجميز العتيقة جوار المسيد إنعقدت المحكمة. جاء سعد الشهير بأبو الجاز وكان اكتسب الاسم منذ سنوات بسبب بيعه للجاز المسروق أيام عمله كسائق لجرّار في إحدي المؤسسات الحكومية الزراعية. جاء يرتدي جلبابا فخما وعمامة ضخمة، وبدا بذقنه الطويلة الورعة التي تكاد تلامس الأرض، وغرة الصلاة التي تغطي جبهته، كأنه القاضي وليس المتهم.
    افتتح شيخ الطيب المحكمة: نبدأ الجلسة يا اخوان، وين حاجة ست البنات جاءت ست البنات تسحب معها ابنتها . ابنتها كانت لا تزال قاصرا، وكانت جافة الجسم مثل عود من العشر وقد لفت حول رأسها قطعة قماش أزرق وارتدت فستانا طويلا من قماش الشيت الرخيص. فبدت أشبه ب (الحقن برو) او عروس القصب باللغة النوبية..
    افتتح شيخ الطيب المحكمة بعبارته الشهيرة التي يستخدمها حين يكون مزاجه معتدلا: لا بأس. شيخ النور مساعد القاضي كان يقول ضاحكا أن شيخ الطيب يصر على استخدام بعض عبارات العربية الفصحى غير المفهومة، ليفند بها مزاعم من اعترضوا علي تعيينه كقاض شعبي.
    كانت قد حضرت آنذاك لجنة يرؤسها قاض للفصل في الطعون المقدمة ضده، كان صاحب الطعن الاول رجل درس في الازهر الشريف ثم عاد ليستقر في القرية وبسبب مطاردته لسبل العيش بدأ ينسى تدريجيا كل ما درسه في الازهر، ضاعت ألفية ابن مالك في متاهة السنوات والتفاسير وفقه السنة أثناء مطاردة الأرزاق، وكان كل ما جاء شخص يستفتيه في امر ما ويكتشف انه نسي الجزء الشرعي الخاص بتلك القضية يعلّق قائلا: المعايش جبارة.
    وحين قرر فجأة العودة عن مساره العلماني بعد ان مضت السنوات، لم يكن قد تبقى شيئ من علمه السالف سوي بعض الاحاديث الضعيفة والروايات غير المؤكدة.
    ضحك شيخ النور حين وقف حاج الأمين ليعظ الناس بعد أداء صلاة التراويح في المسيد وقال :
    زولك دة خلي بالك لو كان شغال في الازهر دة بوّاب في العشرة سنين العداهم فيه كان بقي نبي!
    وضحك شيخ الطيب وقال هو اصلا قالو مشي يشتغل بوّاب في الازهر ، لقي مرتب البواب تلاتة جنيه ومرتب الطالب أربعة جنيه، قام اشتغل طالب!
    قال حاج الأمين أمام لجنة الطعون :
    الزول دة بتذكر المؤنت وبتأنث المذكرة!
    علّق رئيس لجنة الطعون : ما مشكلة، الدناقلة كلهم كدة!.
    قال ود التاجر: الزول دة ما بتعرف تكتب!
    أمر القاضي باحضار ورقة وقلم، أمسك شيخ الطيب بتلابيب القلم كأنه يمسك منجلا وأعلن مفتتحا الاملاء :
    بسم الله نبدأ…
    تعاطف القاضي مع شيخ الطيب، فلم يلجأ لعبارات معقدة تجعل التلميذ العتيق يرسب في مادة اللغة العربية.أعلن القاضي متذكرا مقطعا قديما من ايام المدرسة: الولد ولد البلد.
    كتب شيخ الطيب: الود ولد البيت.
    البنت بنت البلد.
    كتب شيخ الطيب: البت بت البيت!
    قال القاضي: كانت حليمة تعمل بائعة للبن.
    وكتب شيخ الطيب:
    كانت حليمة تعمل وتبيع البن!
    طلب شيخ الطيب ورقة اخري لأن الورقة امتلأت وتدفقت الحروف حتي سالت علي المنضدة العتيقة في مبني البلدية الذي بناه الانجليز.
    قال القاضي: ودخلت نملة واخذت حبة!
    فكتب شيخ الطيب: ودخلت نملة واخدت واحدة
    قال القاضي: المتهم برئ حتى تثبت إدانته!
    فكتب شيخ الطيب: المتهم غير برئ حتى تثبت إدانته!
    ضحك القاضي بحزم رسمي حين رأي الخط الكبير والكلمات الضخمة الشبيهة بعربات قطار، وقال لشيخ الطيب: انت كنت شغال شنو زمان؟
    حك شيخ الطيب شعره الاشيب وقال : سواق قطر.
    قال القاضي: عشان كدة.
    قال القاضي هامسا: ستصبح قاضيا، كيف لا تعرف أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته؟
    قال شيخ الطيب: كان ذلك حين كان هناك قانون! الآن اللص في الحكومة وأصحاب الحقوق يموتون بالجوع!
    تغاضى القاضي عن الميول الثورية للمرشح العتيق وأصدر قراره : يعيّن شيخ الطيب قاضيا شعبيا.
    افتتح شيخ الطيب المحكمة بخبطة علي المنضدة و بعبارته الشهيرة : لابأس. .. ثم أردف متسائلا : ريحة العرقي دي شنو؟
    تلفت الجميع بحثا عن مصدر الرائحة التي كانت مختلطة بكثافة مع رائحة القيظ ورائحة نوار شجر السنط، وكأن الناس كانوا في انتظار قرار من القاضي لينتبهوا للرائحة.
    نادي عبد العاطي علي الشاكية. تقدمت مع ابنتها، وحين أشار لها القاضي لتحكي شكواها قالت مشيرة الي سعد أبو الجاز: الراجل دة قابل بتي في السوق وقال ليها أنا بقيت مسئول كبير، دخلت المؤتمر الوطني، ويمكن يعملوني وزير إقليمي، والوزير لا زم يكون عنده أقل شئ مرتين، واحدة للبيت والأولاد وواحدة للسفر والمؤامرات الدولية ! .
    قاطعها شيخ النور مساعد القاضي: قصدك المؤتمرات الدولية يمكن!
    قالت المرأة دون إهتمام بوجوب إحترام هيبة مساعد القاضي: مؤتمرات، مؤامرات، كله كلام فارغ ومصاريف ندفعها نحن المساكين!!
    قاطعهم القاضي مدعيا عدم الفهم : المشكلة شنو طيب لو بقى وزير إقليمي ولا إتحادي وعرّس مرة تانية؟ ما الحكومة كلها قاعدة تعرّس مثنى وثلاث بالدس وبالعلن!
    قالت ست البنات: الصبر يا مولانا، أنا بقول الزول دة قال كدة لبتي ولسة ما خلصت كلامي، بعدين مين جاب سيرة الحكومة؟ إنت ما داير وظيفتك دي ولا شنو؟!.
    ارتفع صوت (المتهم المرشح للوزارة): يا مرة ما تخافي الله البت دي انتي براكي ما جيتي قلتي لي تعال عرّسها!
    خبط شيخ الطيب المنضدة بالعصا وكرّر السؤال : الحصل شنو بالضبط.
    قالت ست البنات: يوم السبت رسلت البت السوق تشتري خضار ولحمة، خالها رسل لينا قال جايي يقعد معانا يومين، طبعا هو مغترب زي ما انت عارف،
    وقال شيخ الطيب حتي لا يعطي سعد ابو الجاز الفرصة ليقاطع المرأة: واها بعدين..
    البت مارقة من السوق وقّفها الراجل العايب دة وقال ليها دايرك في كلمتين، أنا خلاص قرّبت أبقى وزير ودايرك في موضوع. وكت وقفت ، قال ليها نتقابل في المريق بالليل الساعة تمانية!
    وقال القاضي : واها ما قال ليها دايرها في شنوبالضبط لأن قصة حيبقى وزير ممكن يشرحها في الشارع، ولا الوزارة بقت فعل فاضح الزمن دة الا يمشوا ليها الحواشات بالليل؟
    قالت ست البنات بصبر نافذ: وزارة ايه يا مولانا، بالليل وجوة المريق حيكون داير يمشط ليها شعرها؟
    قال شيخ النور مساعد القاضي: كان ما أخاف الكضب، دة شكلو كدة شروع في الزنا والعياذ بالله!
    قال سعد ابو الجاز مهتاجا: يا رجل اتقي الله البخليك تقول كدة شنو؟
    وقال شيخ النور: امال داير تقابلها في المريق بالليل تلعبوا صفرجت يعني؟!
    خبط شيخ الطيب التربيزة بعصاه حتي كادت تتحطم وقال هدوء من فضلكم.
    واصل سعد ابو الجاز صراخه: الولية دي دايراني أعرس بتها كان بالحق ولا بالباطل.
    أصدر شيخ الطيب أمرا: اي واحد يتكلم بدون اذن المحكمة حأديه اربعة وعشرين ساعة في الحراسة.
    صمت الناس وتعالي فقط صوت ضحكات طفل يبدو انه لم يحمل تهديد القاضي محمل الجد، أو انه لم يكن يلاحظ وجود فرق بين البقاء في السجن او في خارجه.
    همس شيخ الطيب في اذن عبد العاطي فارتفع صوته، المتهم سعد ابو الجاز يتقدم الي الامام. تقدم سعد أبو الجاز، قال له القاضي: رايك شنو في اتهام المرة دي.
    كان يضع عدة اقلام فوق جيب الجلابية الفخمة، وكان واضحا أنه بذقنه التي تلامس الأرض، وخبرته كسارق حكومي، وزان وطني، مؤهل تماما لشائعة تقلده الوشيك لمنصب الوزير.
    في تلك اللحظة حين واجه المحكمة بدا جليا انه كان مصدر رائحة العرقي.
    كانت رائحة العرقي تكاد تقتلع الأنوف، سأله شيخ الطيب : انت شارب حاجة؟
    علّق شيخ النور : شكلو كدة المرة دي استحم بيه، مسكين الوزارة كمان ما ساهلة ومسئوليتها كتيرة لازم يستعد ليها.!
    شرح المتهم الصبغة الخيرية العلاجية لمجونه الليلي: والله يا مولانا بالليل بطني كركبت شوية، مشينا كرامة رجوع ولد ناس حاج الأمين من العراق، قلنا ضروري نمشي نحمد السلامة، الظروف بقت صعبة لكن السلام على الزول العائد من الحرب، عمل خير. كانوا ضابحين، انت عارف مع التضخم أسعار اللحم بقت ضخمة، اللحم بقى زي الدهب الناس تشتريه بالوقية، وبعد دة غالي. تقلت شوية في اللحمة، بالليل تعبت مشيت جبت لي نص.
    وقال شيخ الطيب: اها وانشاء الله العلاج نفع وبقيت كويس!
    قال المتهم رافعا يديه للسماء : الحمدلله تمام التمام. نعمة من الله، الدوا ذاته زي ما عارف يا مولانا بقى غالي شديد ومقابلة عزرائيل أسهل من مقابلة الدكتور. ومستشفيات بقت زي الفنادق، تدفع ترقد. ما تدفع، برضو ترقد لكن في الواطة، في القبر! لكن ربك كريم، إن الواحد يتوفق يلقى علاج بسهولة لمرضه بدون يقابل دكتور ولا يمشي أجزخانة!
    قال القاضي : طيب موضوع السكر دة نجيه بعدين هسع رايك شنو في كلام الناس ديل.
    وضع سعد ابو الجاز يده فوق صدره وقال : الحقيقة يا مولانا الناس ديل كلامهم نصو صاح؟
    استفسر القاضي : كيف؟
    انا فعلا قلت للبت داير اقابلك علي انفراد. علّي غرضي كان شريف !.
    ضحك شيخ النور وقال : شرف شنو جوة المريق!
    تنحنح القاضي ونقل جسمه الي الامام قليلا ليستمع جيدا للاعتراف الفضيحة: وقال لسعد ابو الجاز وليه عملت كدة.
    قال سعد ابو الجاز : الحقيقة انا كنت عاير اتفاهم معاها في امور داخلية جوهرية !.
    ضحك شيخ النور وقال : تضخم وجوهرية، يا زول ما تصبر بعد تصل الوزارة بعدين تصرّح!.
    ضرب شيخ الطيب المنضدة. وسأل : تتفاهم معاها في شنو؟ وايه حكاية جوهرية دي؟
    قال سعد ابو الجاز: انت ما قاعد تسمع رادي يا مولانا جوهرية معناها مهمة جدا..
    وقال القاضي : وايه القضايا المهمة الداير تناقشها بالليل جوة المريق؟
    وقال سعد ابو الجاز: والله زي ما تقول يا مولانا كدة الموضوع خاص،كان محتاج لمكان خاص!
    وقال شيخ النور: أها..
    وقال شيخ الطيب: لا بأس.. ممكن نعرف الامر الخاص دة لأن في اتهام لازم نفصل فيه..
    نظر سعد ابو الجاز الي الناس التي تجمعت لسماع الاخبار وقال بعد تردد : يا مولانا البيوت اسرار، وأنا زول بقيت عضو في حزب الحكومة وبدفع اشتراك شهري، ومرشح لمنصب كبير. .
    أصر القاضي: يا توضح الموضوع يا أحكم عليك بالشروع في الزنا!
    وقال سعد ابو الجاز: ودي تهمة جديدة ولا شنو، انا يا مولانا ما عملت شئ وين شهودك الاربعة العدول؟ البت اهدي قدامكم ودوها الدكتور يكشف عليها.
    قال القاضي: الشروع في الزنا معناه انك ما زنيت لكن كنت ناوي تزني .. فهمت!
    ضحك سعد ابو الجاز وقال : طيب ما اي زول اذا كدة مجرم يا مولانا، هسع انت ذاتك قبل فترة الناس قالوا انت بت ناس شيخ علي كانت عاجباك وطلبتها للعرس الا ابوا يدوها ليك عشان عندك تلاتة نسوان، يبقي تصرفك دة برضو شروع في الزنا يا مولانا!
    قال مولانا وقد بدأ الغضب يغطي علي هدوء صوته: كيف؟
    انت كنت داير تعرسها يا مولانا وقالوا مخصوص اتوسطت وعينتها كاتبة في المجلس لغرض في نفس يعقوب، ثم صمت سعد أبو الجاز قليلا كأنه يتذكر شيئا ما..
    خبط شيخ الطيب المنضدة: واصل كلامك.
    بما انك يا مولانا كنت معجب بيها وداير تعرسها لازم حتكون فكرت فيها ونويت تزني معاها.
    قاطعه القاضي: ازني معاها شنو يا رجل انا كنت عايز أعرسها علي سنة الله.
    وقال أبو الجاز: ما خلاص.. النتيجة واحدة..
    خبط القاضي المنضدة خبطة اخيرة: حكمت المحكمة شهر سجن علي المتهم سعد أبو الجاز لاهانته المحكمة الموقرة وأربعون سوطا حد الخمر!

    رفعت الجلسة!

                  

06-28-2018, 10:06 AM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)


    شكراً لإشراكنا هذا الإبداع،
    Quote: المجموعة يمكن الحصول عليها من أمازون.
    طوال أيام كانت المجموعة ضمن قائمة أكثر مائة كتاب بالعربية مبيعا في متجر أمازون.
    https://www.amazon.co.uk/Best-Sellers-Kindle-Store-Arabic-eBooks/zgbs/digital-text/14089267031/ref=zg_bs[/QUOTE]

    عندي سؤال:
    النسخة المبذولة عبر الواتساب، هل يتم تداولها بمعرفتك وموافقتك؟
    سواء كانت الإجابة لا أو نعم .... ألا يؤثر ذلك على مبيعات الكتاب؟
                  

06-28-2018, 11:54 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    Quote: شكراً لإشراكنا هذا الإبداع،Quote: المجموعة يمكن الحصول عليها من أمازون.طوال أيام كانت المجموعة ضمن قائمة أكثر مائة كتاب بالعربية مبيعا في متجر أمازون.https://www.amazon.co.uk/Best-Sellers-Kindle-Store-Arabic-eBooks/zgbs/digital-text/14089267031/ref=zg_bs[/QUOTE]عندي سؤال:النسخة المبذولة عبر الواتساب، هل يتم تداولها بمعرفتك وموافقتك؟سواء كانت الإجابة لا أو نعم .... ألا يؤثر ذلك على مبيعات الكتاب؟
    شكرا لك عزيزي محمد على مرورك الكريم. كل فترة يمكن تحميل الكتاب من أمازون مجانا كنوع من الدعاية، وكما تعلم أنّ الشراء من أمازون غير متاح للبعض خصوصا في السودان لأسباب تقنية وغيرها .

    (عدل بواسطة احمد الملك on 06-28-2018, 11:55 AM)

                  

06-30-2018, 07:58 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    حين رأى الفكي خضر الريس يضحك مع الحبيب ترمب!


    أزاح فكي خضر صحن الماء الضخم أمامه الذي يرى الدنيا من خلاله وقال:
    شايفك قدامي تضحك مع طرمبة!
    عليك النبي! لو كدة الضحك شرط ناس المعارضة وناس قروبات الواتساب والاسافير!
    أشار الريس لطه فرمى شوالين (بياض)
    اشار فكي خضر بطرف اصابعه بإحتقار نحو شوالين البياض، وقال متجاهلا خشخشة أوراق الجنيه الخشنة التي يعرفها (مثل جوع بطنه): دة شنو دة!
    دة البياض
    ياتو عُملة؟ نعلو الما يتسمى الما جايب حق الورق والحبر؟!
    إنت فكي معارض ولا شنو؟ دي عُملتنا الوطنية، الجنيه!
    وينه الوطن عشان يكون في عملة وطنية؟ يا ريس الوطن ما فضلت فيه غير الورقة الما جايبها تمنها دي! بعدين دي ما عُملة يا ريس، دي عمل، عمل داير يمرقوه، عمل أسود! أقول ليك شايفك مع طرمب تقول لي جنيه! والله الجنيه دة ما يقعّدك مع حُسني مبارك!
    حسني مبارك دة ما خلاص زمان راح فيها!
    لو كان عرف سكتي كان يكون قاعد لليلة ويوم يفتر ينزل كان ركّبنا الولد في محله! هسع انت ذاتك ، اول ما الجنيه نزل، طرمب طلع وسكة حسني مبارك ظهرت بيضا قدامك!
    خازوق، يا حارس يا حفيظ من شرّ الانتفاضة والعصيان والحركة الشعبية قطاع الشمال! طه كُب ريال!
    ريال شنو؟ ريال دة مسلم ما ياكل عيش مع كفّارّ! طه كُب يورو وإن بقى دولار أسكت كِب !
    طه كُب دولار!
    أفرغ طه حقيبة صغيرة من الدولار أمام فكي خضر!
    إبتسم فكي خضر للمرة الاولى منذ ستة أسابيع حسوما وقال: انت ذاتك عارف جنيهك ما نافع! ، لو نافع ما كان تجيبه في شوال خيش! وتجيب الدولار في شنطة ماسونايت قدر المحفظة!
    ما ان هبط الدولار حتى اشتعلت كل انواع البخور اوتوماتيكيا في موقد فكي خضر وتصاعدت بمختلف ألوانها مثل استعراض جوي في عيد الثورة الى عنان السماء:
    سبحان الله، الدولار دة مبروك خلاص، طوالي درب حسني راح ورجعت تناضم سيدي طرمب اب شعرا اصفر وتضحك معاه.
    هزّ فكي خضر الموقد وقرّب الصحن الفضائي الملئ بالماء منه وقال: عارف يا ريس أب شعرا اصفر دة زول مبروك خلاص، دة النوع البعدين بعد عمر طويل، يعملوا ليه قُبة في واشنطن دي سي، والناس تجي من بلد بلد تتمردغ قدامه و تاخد البركة ! دة .. حبيب الشعب!
    قال الريس بسرعة دون تفكير: حبيب الشعب ..يا نميري؟
    نميري شنو، انت من زمنه يا ريس، دة سيدي طرمبة ، طرمب دة قالوا لو أحدث (والعياذ بالله) الواطة حوالينه تتملي بالدولار! عنده برج أكبر من برج الاسد!
    برج الاسد دة شنو كمان يا فكي خضر إنت اتطورت بقيت تتابع الابراج بتاعة حظك اليوم ؟مفروض تعمل تأصيل وترجع تفتح الكتاب!
    أبراج شنو وحظك اليوم شنو يا ريس، برج الاسد دة برج الفاتح، عشان الحكومة قلعت جنينة الحيوانات وباعت الاسد وبنت برج في محله، الناس سموه برج الاسد!
    والله ما شاءالله ، رئيس عنده برج في امريكا، أنا برج حمام ما عندي و عشان شوية حجج ميتة هنا في كافوري الجماعة بتاعين النت شايلين حسنا! قُدر ما قلنا ليهم الرزق من الله برضه حاسدننا!
    صمت الريس قليلا ونظر الى صحن فكي خضر فلم ير شيئا سوى ما يشبه قاع بئر عميق، ثم قال: برج الاسد، برج القرد، برج التور برج الغنماية، دي هسع ما شغلتنا شوف لينا موضوع طرمب دة كيف الامور حتمشي؟ نفسي امشي الاراضي المقدسة وازور الحبيب دة اليومين ديل، كمان دي ايام مبروكة بالمرة الواحد يعمّر بعد نزور الحبيب طرمب !
    انشاء الله يحصل خير، ما دام الدولار نزل الموضوع ميسّر انشاء الله، خليني كدة اعمل شغل للعوارض دي واشوف النتيجة!
    انت لسة حتشوف؟ وكت الدولار نزل والبخور قام، ما قلت درب حسني راح في الموية، والكافر ظهر!
    قال طه بعد فترة صمت: شد حيلك لو الموضوع دة نجض، حنديك ملف المحكمة الجنائية، حنعمل عطا جديد ونسحبه من جماعة النيل الابيض ونرسّي العطا الجديد ليك!
    جماعة خزان مكوار ديل اناطين كورة ساكت! وفي الكورة ذاتها تمشي ليهم يدوك بخرة يقولوا ليك علّقها في القون ضبانة ما تخش، لو جة قندران يخش! اي كورة تتشاط حتى لو من برة الملعب تلقاها في قونك!
    حاول الريس مرة اخرى ان ينظر في صحن فكي خضر: انت شايف حاجة انا ما شايف اي شئ في صحنك دة؟
    ما اي زول يقدر يشوف يا ريس، لو انت شفت حاجة هنا طوالي تمسك الصحن وأنا امشي القصر رئيسا، هسع انا اشوفك قدامي تضحك مع طرمب لكن الغريبة الصورة ما ثابتة، يمكن من الشبكة! الشبكة اليومين ديل تعبانة تقول في انتفاضة! مرة مرة وشك وانت بتضحك يظهر لي زي وش طه دة! يكون القلوب عند بعضيها وكدة!
    بعد عمل اللازم أعلن فكي خضر: الموضوع خير بس أوعك تعتذر في اليومين الجايين ديل! حتى لو اديت ليك زول طلقة في بيت عرس زي ما عملت زمان، اوعك تعتذر دة كلام الجماعة.
    ارتفع من مبخر فكي خضر مع الدخان الملون صوت يغني سامحني غلطان بعتذر.. بعتذر .. بعتذر!
    كان الريس قد وقف ليغادر، قال غاضبا: منو البغني سامحني غلطان بعتذر دة!
    دة شيطان جديد، لسة صغيّر، يا دوب عمره خمسمية سنة، لسة مسكين غشيم ما بيعرف السياسة!


                  

07-03-2018, 06:42 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    السرقة مباحة أثناء خسوف القمر!!




    افتتح القاضي المحكمة الشعبية: لا بأس، نبدأ. وأشار للحاجب لينادي على القضية الاولى.
    نادى عبدالعاطي على الشاكي الأول حسن الاعور، الذي أعلن دون مقدمات ودون أن ينتظر القاضي ليسأله عن مشكلته: الحنين سرق مني ربطة قصب!
    مسح القاضي وجهه الضخم من العرق بمنديل أبيض ضخم ولوّح به كأنه يرفع راية استسلام أمام القيظ: ربطة واحدة فقط؟
    دة العرفناه يا مولانا، يمكن سرق قبل كدة، ويمكن يسرق تاني. لكن الناس شافوه يوم خسوف القمر. الاولاد في الشارع شافوه منتظر أول الدنيا أظلمت بعد الخسوف والناس انشغلت بدق الصفائح عشان يساعدوا القمر يمرق بسرعة. واحد من الاولاد شافه بالصدفة وهو بيسرق ربطة قصب من سقف بيتي!
    قال القاضي: لكن ربطة دي حاجة رخيصة، والزول دة لو ما محتاج ما كان حيسرق القصب. ممكن تعافيه المرة دي وأنا بجاملك في القضية الجاية!
    تجاملني في شنو يا مولانا محكمة دي ولا سوق السبت؟ الزول دة متعود دائما يسرق القصب. في الصيف قلت ليه تعال أزرع معاي شوية مريق على الاقل تستفيد بالقصب للبهائم لكن رفض، قال لي الصيف ما للشغل، للراحة، كفاية علينا التعب في الشتاء!
    قال شيخ النور مساعد القاضي: إعتبرها زكاة! بعدين ما دام الراجل دة ما بيسرقك الا وقت خسوف القمر ما مشكلة لأن الخسوف بيحصل مرة كل عدة سنين!
    قال الحنين: الزكاة دفعناها. ناس الزكاة بقوا ينتظروا المحصول قبل نجمعوا في الجوالات ويقسموا حقهم! وكت أحتجت في الصيف ولدي مرض ومحتاج عملية زايدة مشيت ليهم قالوا ما عندهم، القروش مشت كلها للعاملين عليها!
    قال القاضي: كدة خلينا يا زول من شغل السياسة دة، انت داير تقطع عيشنا ولا شنو.
    واصل الحنين: بعدين لو هو التزم يسرق القصب فقط وقت يكون في خسوف ما عندي مانع،. لكن الضمان شنو يكون بيسرق في ايام الظلام وكت القمر يغيب بدري؟
    قال القاضي مبتسما: ما مشكلة نحن ممكن نخليه يتعهد قدام الناس ديل ما يسرق القصب الا وقت خسوف القمر.
    أشار القاضي لعبد العاطي فنادي بصوته : المتهم الحنين.
    جاء الحنين. كان يبدو مسكينا وضعيفا لا يقوى ولا حتى على رفع عود قصب واحد من الارض. حتى الجلباب الممزق الاطراف الذي يرتديه كان يبدو كأنه يسير وحده ولا يوجد إنسان في داخله
    قال القاضي: اها يا الحنين. انت سرقت القصب؟.
    قال الحنين ببساطة وكأنه يرد على السلام: نعم!
    شعر شيخ الطيب بخيبة أمل من سرعة الاعتراف الذي كان يأمل في إنتزاعه بعد استدعاء الشهود وبعد عدة اسئلة ومداولات.
    كانت لديه عدة اسئلة حول مكان وجوده لحظة ارتكاب السرقة، لم يعد لها معنى. فكر قليلا وسأل سؤالا غير ذكي: وسرقت ليه!
    صمت الحنين وقال: والله قسمة ربنا بس!
    ضحك شيخ النور وقال: دي ما قسمة ربنا، براك قسمت لي نفسك!
    قال شيخ الطيب بلهجة تحقيقية ليعوض عن الاعتراف السريع: لازم يكون في سبب قوي. عشان الرجل دة مقدم شكوى ضدك!
    قال الحنين: يعني القسمة ما سبب قوي؟
    تحير القاضي قليلا، حاول أن يلقي محاضرة يستعين فيها بإرثه من دراسة الفقه، لكنه إكتشف أنه لا يذكر شيئا من الأحاديث التي يمكنه أن يفند بها دعاوي الحنين لتأصيل سرقة القصب. سحب كرسيه للخلف قليلا وأعطى المتهم عدة خيارات ليسهل له الاجابة بعيدا عن إلقاء تبعة ما اقترفته يداه على القسمة والنصيب:
    لا إنت وكت مشيت تسرق القصب كنت محتاج مثلا، البقرة جيعانة؟ داير تعمل راكوبة في البيت؟ كنت مستلف قصب من زول جة ضايقك عاوز ترجعها ليه؟ زوجتك قالت ليك جيب قصب عشان نولع بيه النار لعمل العشاء؟ وبعدين ليه اخترت وكت الخسوف للسرقة؟
    بدا الحنين مترددا كأن خيارات القاضي لم تنطبق كلها على سرقته. حاول التمسك بمسألة القسمة حتى لا يتهم بتغيير أقواله، فكر قليلا ثم قال: والله القسمة ودتني مراح البهائم مع أن دائما الاولاد بيعشوا البهائم ويحلبوا البقرة، يوم الخسوف كنت ماشي أسهر مع رضوان في الحلة بحري، رضوان قال لي سكر يوم الكسوف ما بينفع، بننسخط لو سكرنا، عشان كدة رجعت بدري! لقيت البقرة جيعانة، ما قدرت أحلبها، بعدين الاولاد الصغار كانوا جعانين، الكبار مشوا إتعشوا في كرامة الخسوف في المسيد. مشيت اسرق قصب من جنينة العمدة، هناك القصب كتير مافي زول حيعرف ان في ربطة اتسرقت، لكن لقيت المحل ملان بالاولاد جايين عشان الخسوف. كل محلات القصب لقيتها ملانة بالشفع. جيت ماري جنب بيت حسن الاعور لقيت الاولاد قاعدين في الشرع قدام البيت منتظرين الخسوف. قررت خلاص ارجع أو امشي الحواشات أحاول القى شوية قش رغم ان اليومين ديل مافي حاجة، ناس الرعي ما خلوا حاجة في الحواشات. في اللحظة دي القمر غاب والدنيا بقت ظلام. إنتهزت الفرصة قلت مافي زول حيشوفني.
    لكن الكلام دة حرام!قال القاضي .
    قال الحنين: حرام شنو، في زول من ناس الحكومة ديل قالوا سرق بلد كاملة باعها بناسها وبهائمها! بقت على ربطة القصب بتاعتي دي!
    تجاهل القاضي كلامه حول السرقة الحكومية وقال: كان ممكن تستأذن الزول دة وتستلف منه القصب!
    قال الحنين: استأذنت منه كتير. آخر مرة قبل أيام قال لي ما عندي قصب، العندي ما حيكفيني لغاية نهاية الموسم!
    وقف حسن الأعور وقال:
    الزول دة يا مولانا لازم يتسجن ويدفع لي تعويض، الزول دة قبل كدة سارق مني حمار!
    قال القاضي: الشهود اثبتوا الزول دة كان مريض وعنده ملاريا وكت حمارك اتسرق. ودي بلد مفتوحة تجار حمير مارين ممكن يسوقوا حمارك وسطهم بدون زول يلاحظ وانت حمارك مطلوق اليوم كله، الناس كلها تشتكي ان حمارك كان بيتلف الزراعة عشان كدة الناس فرحت وكت حمارك اتسرق!
    أنت فرحان يا مولانا عشان حماري اتسرق؟ انت مفروض رجل قانون ترجع المسروق مش تفرح وكت الناس تسرق!
    قال القاضي: أنا ما فرحت، قلت ليك بعض الناس فرحوا لأن حمارك كان معذبهم، أكل برسيم الناس ودخل الحواشات أتلف الزراعة!
    لم يفند حسن الأعور إتهام حماره المسروق بإتلاف المزروعات، أصر على إتهام الحنين:
    الزول دة سكر بحماري!
    قال القاضي: كيف الزول يسكر بالحمار؟ قصدك ركب الحمار مشى سكر بيه؟
    لأ سرق الحمار وباعه ومشى اشترى بالقروش العرقي !!
    قال شيخ النور: لو عندك شهود جيبهم الزول دة سكر بحمارك او دة حنعتبره قذف!!
    قذف شنو انا عمري ما جدعت الحجر. بالعكس زمان وكت كنت فنان بغني في الاعراس الناس جدعوني بالحجارة، في الاول كنت بصبر عليهم وبرد عليهم بالغناء، لكن وكت الضرب كتر بقيت أردم الحجر جنبي قبل ما أبدأ الغناء، ولو أي واحد رماني بحجر بضربه أنا كمان بالحجر وما بوقف الغنا. بكون بغني واضرب والزول يكون جاري من ضرب الحجر وبيرقص من الغنا في نفس الوقت!!
    - قذف يعني اتهمت الزول بالكضب
    كضب كيف الزول اعترف قدامكم!
    اعترف بالقصب ما بالعرقي
    ما خلاص زول معترف بالسرقة غالبه شنو يجيب العرقي يسكر بيه!
    بادره القاضي : وإنت عرفت كيف انه باع الحمار وسكر بقروشه؟
    تردد حسن الأعور قليلا، وتلفت حواليه كأنه يحصي عدد من سيشهدون فضيحة إعترافه قبل أن يعلن: ست العرقي قالت لي!
    قال القاضي: والوداك محل العرقي شنو؟
    ما مشيت أي محل يا مولانا، ست العرقي دي الا امشي اشتري منها، يمكن قابلتها في السوق!
    وست العرقي القابلتها في السوق دي، شافت الزول دة وهو بيبيع الحمار ويجي يشتري العرقي!
    لأ لكن وكت اشترى العرقي طلّع من جيبه قروش كتيرة دفع منها تمن العرقي، ست العرقي قالت ليه : بعت التمر؟
    قال ليها لأ، دي قروش حرام عشان كدة بدفع منها تمن العرقي عشان يذهب الحرام من حيث أتى!
    ضحك شيخ النور وقال: وأي قروش حرام معناها قروش حمارك؟
    قال القاضي مصرا: وانت الوداك لست العرقي شنو؟ معقول حتحكي ليك الكلام دة كله في السوق؟
    فرغ صبر حسن الأعور: مشيت سكرت يا مولانا. ولو أنا ما سكرت يا مولانا انت حتشتغل شنو؟ عندك شهود ناديهم وأجلدني!
    حكمت المحكمة بالحبس ثلاثة ايام على حسن الأعور لاهانته المحكمة الموقرة. وبغرامة عشرة جنيهات على الحنين لسرقته ربطة قصب على أن يعوض الشاكي بمبلغ خمسة جنيهات.
    قال الحنين: عشرة جنيه عشان ربطة قصب، دة حكم جائر يا مولانا!.
    مسح مولانا العرق الغزير من وجهه ولوّح بمنديله الابيض الضخم مستسلما للقيظ، وقال: دي قسمة يا الحنين، ليه سرقتك تبقى قسمة وحكمنا يبقى جائر؟
    رفعت الجلسة.


                  

07-05-2018, 09:33 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)




    إنقلاب في بوركينا فاسو!



    أخرج سليمان التاجر جهاز تلفزيون صغير يعمل بالبطارية من بيته القريب ووضعه في الباحة أمام المسيد .
    في جهاز التلفزيون ظهر رجل يشرح أن سبب الغلاء والابتلاءات هو ابتعاد الناس عن الدين!
    قال سليمان الاعرج: ابتعدنا مشينا وين؟ ما هو نحن قاعدين هسع فوق برش الصلاة في المسيد! في زمن الانقاذ دة بقينا كلنا زي خليفة المهدي، قاعدين فوق برش الصلاة راجين الموت!
    وقال حاج سعيد، وطيب مش قالوا البلاء يعم، ولا ناس الحكومة بياخدوا حقن تحصين ضد البلاء!!
    ضحك الطاهر وقال: ديل زمان قطّعوا فاتورة البلاء مع فاتورة البترول!
    إقترب صلاح الجاز محدقا في التلفزيون وقال: الزول دة أعور، مش كدة؟!
    لم يرد أحد على صلاح في البداية، ثم قال حاج سعيد: الزمن دة يا صلاح الناس بالجوع بقت ما شايفة قدامها، الناس ماشة ساكت، كلهم خارج التغطية زي ما بيقولوا في التليفونات، لو عرفت القدامك دة زول ولا ما زول ما خليت شئ، قبل أيام لقيت الحنين، بيشاكل في زول بصوت عالي، ويقول ليه ليه ما ربطت الحمار كويس، الحمار شرد ودخل في برسيم حاج الطيب، وودوه الكارة. مافي زول ظاهر قلت يمكن بيتشاكل مع ولده يكون واقف ورا حاجة انا ما شايفه، وكت بقيت قريب، ما لقيت زول، قلت ليه انت بتشاكل منو؟ إتخلع وبقى يعاين حواليه وقال لي الولد كان واقف هسع، عاينا حوالينا ما في اثر للولد في الارض، لكن لقينا الحمار حايم قريب في الزراعة! وأثره في الأرض! الظاهر شاف الحمار افتكره ولده!
    إستمعوا قليلا لحديث الرجل في التلفزيون، ثم قال حاج سعيد: طيب الانجليز ديل ما مسلمين وبعد دة الدنيا في زمنهم كانت بخيرها، وكت الفيضان شال بيت أبوي مشى قدم طلب ادوه تعويض! واذا في مرة دايرة تلد يضربوا للإسعاف بالتليفون العنده منفلة يجي الاسعاف يوديها المستشفى، تولد وتقعد في المستشفى مجان. هسع الاسعاف لو جة يوديك الآخرة! يدوك حقنة غلط، تروح فيها ولو أهلك ما دفعوا تمن الحقنة الغلط ما يسلموهم جنازتك!
    هسع ما بيرجوا الفيضان، بيجوا براهم يشيلوا بيتك، يقولوا دايرين نعمل طريق! ولو قدمت طلب بدل التعويض يقولوا ليك مر علينا بعد فترة، ترجع بعد زمن يقولوا ليك مافي طلب بإسمك أكتب طلب جديد، وفي النهاية ما بتطلع منهم بشئ. ولو ما جة فيضان يغرق بيتك بيبنوا ليك سد، وعشان ما يعوضوك بيحرقوا النخيل قبال يبنوا السد، ويقولوا ليك بيتك قديم جالوص وعوضك علي الله! دي قسمتك!
    قال سليمان الأعرج: الاولاد الوديناهم يقروا الجامعة على حسابنا أول ما خلصوا القراية ومسكوا الحكم، باعوا الجامعة ذاتها! ديل زي أولاد العقرب، أول ما يطلعوا من بطن أمهم، ياكلوها، بعدين ينطلقوا عشان يلدغوا الناس من طرف!
    بقت على الجامعة البلد ذاتها مبيوعة ونحن قاعدين فيها بالدين! البحر دة ذاته قالوا مبيوع، خايف نصحى يوم نلقاه خلا!
    إبتسم الطاهر، أخيرا خبر سار: حسين ود عبد الرسول قالوا لقى ليه كتلة دهب كبيرة يمكن عشرة ولا عشرين كيلو!!
    ربنا فتحها عليه، زي الكيزان! بس هو جابها بضراعه مشى الخلا بحمار ورجع بي بوكس!
    قال الطاهر: أبوه كان مخاصمه عشان أبى يجي يزرع معاه، وهو ذاته كان ماخد في خاطره لأن أبوه اتزوج فوق امه وطلقها! وكت الولد شاكله وقال ليه يرجع أمه، قال للولد ما معافيك دنيا ولا آخرة!اها اول ما سمع بخبر الدهب مشى للولد حضنه وقال ليه عافيت منك الدنيا والاخرة!
    لاحظ حاج سعيد: العفو بقى بنظام الدفع المقدّم زي الكهربا، مافي زول غيرنا قاعد يعافي الاولاد مجانا ساكت!
    قال سليمان التاجر: الولد قبل يومين ضرب لي تليفون قال داير رصيد وسكر وشوية حاجات للبيت، وقال لي رسلها مع الولد، ولدي عبد الرحمن مشى القش، شلت الحاجات ومشيت خبطت الباب مافي زول فتح لي وانا سامع صوته هو وابوه يتكلموا. دفرت الباب وخشيت لقيت حسين راقد بالسروال وأبوه بارك فوقه يدلّك ليه في ضهره!
    ضحك سليمان الاعرج وقال: بركات الدهب! سبحان الله أيام الفلس كانوا كلما يتقابلوا يتشكلوا! مرة واقف جنب عبدالرسول في الحواشة كان ماسك الموية جة حسين قعد في الواطة يمرق ليه شوكة من كراعه، ابوه قال ليه بتعمل في ايه؟ قال ليه بمرق لي في شوكة.
    أبوه قال ليه: شوكة في قنيطتك!
    عبد الرسول اتلفت كدة والولد قام عليه بالعكاز وقال ليه ما تصلّح ملافظك ياخينا!
    ضحك سليمان التاجر وقال: مرة قاعدين معاي في الدكان، حسين قال عاوز يسافر العمرة، بعدين يتكلم مع ابوه زي صاحبه قال ليه: ما تقوم يا عبد الرسول الله يهديك بيع حتة الواطة بتاعتك دي، اصلك وارثها من ابوك ما داقي فيها حجر دغش! بيعها وادينا القروش نسافر بيها! والقروش انشاء الله تلقاها قدام!
    عبد الرسول قال ليه: أوديها وين قدام وأنا (منيوك) هنا! بعدين سكت شوية وقال لي حسين:
    يا ولدي في زول بيكره ولده، علي الطلاق انا كرهتك!
    حسين قال ليه والله نفس الشعور يا ابوي!
    ضحك حاج سعيد وقال: ما محبة الا بعد عداوة! بعد الدهب ظهر، يظهر عبد الرسول حيرجّع أم حسين، ويمكن يطلّق المرة الجديدة! زواجه الجديد دة كان فلس ساكت!
    قال سليمان التاجر: فعلا وكت قاعد يدلك للولد انا لقيتهم يتونسوا وقفت مسافة اسمع كلامهم، حسين يقول لي ابوه مرتك الجديدة دي مرة فقر، مرة أنا صغير مشيت عليهم في البيت، انت رسلتني اجيب منهم ميزان الشمار، ابوها كان فقير يكتب البخرات، لقيته قاعد وسط النسوان، واليوم داك عيادته المحولة عمرانه، فيها نسوان مغتربات، كورك فوقي من بعيد وقال لي داير شنو يا ابن الكلب! مرتك دي أكبر مني في العمر شوية، جات من جوة البيت طردتني برة وقفلت الباب في وشي. من اليوم داك كرهتها وكرهت أبوها، وكمان وكت طلقت امي وجيت عرستها كرهتها زيادة. هسع سيبك من قصة انا بحبكم وانتوا اولادي الكبار وأمك دي انا بتفاءل بيها! في زول يتفائل بي زول يمشي يطلقو؟ لو داير ليك قريشات، تطلّق المرة دي وترجع امي بعدين نتفاهم.
    أبوه ضحك، ظاهر ضحك خوف! يمسح في ضهر الولد، بحنان شديد، حنان بتاع زول مفلّس، ويقول ليه، امك بنرجعها، لكن والله بت شيخ النذير دي طيبة ومسكينة، أنت بس ما تعرفها بعدين بت يتيمة، حرام انا لو طلقتها اخو يراعيها ما عندها. وكت طردتك من البيت، ابوها رسلها، أبوها فعلا كان راجل فقر، والله انا فرحت وكت مات!
    وحسين يقول ليه: دي مرة قاهرة، بتقدر تدبر حياتها، نديها الورقة ومعاها عس لبن. وكيف ما عندها أخو؟ النسوان زمان كان بيقولوا نمشي للنذير يدينا الجنا، طيب ليه ما جاب الولد!؟ ولا باب النجّار مخلّع!

    شيخ النذير دة استغفر الله من ذنبه قالوا بتاع سفلي. عزالدين ود حسن نوري قبل يمشي الخرطوم زمان مشى ليه وقال ليه عندي عوارض محل ما اشتغل تحصل مصيبة، قال ليه الجماعة مكن يفكوا العارض ويشوفوا ليك شغل !
    ضحك سليمان الاعرج وقال: شغل شنو دة جن سفلي ولا مكتب عمل!
    بعدين بعد يشتغل قالوا ليه الجن بيجيك في اليوم تلاتة مرات!
    قال سليمان مدعيا عدم الفهم: يجيه ليه؟
    قال سليمان التاجر: حيجوه يعني لقولة خير، حيجوه ينوموا معاه عشان يخلصوا حقهم!!!
    أها وعزالدين قال شنو؟
    قال ليهم تلاتة مرات في اليوم كتير! حنشتغل متين يعني لو الجن حينط علينا كل شوية!
    ضحك الاعرج وقال:
    يا سليمان السنة الفاتت حسين قالوا طلب بتك الصغيرة ابيت تديه، هسع كيف؟
    ضحك التاجر وقال: والله انا ما أبيته، البت قالت دايرة تقرأ، أصلها بت فقر، القروا عملو شنو؟ هسع لو وافقت كان مرقنا لينا بي كيلو دهب زي البرنامج بتاع التلفزيون!
    قال الطاهر: قبل سنتين جاني قال لي داير أزرع معاك في الحواشة. أنا في الحقيقة كنت محتاج لي زول معاي، كنت داير أزرع مساحة أكبر شمار، أنا كنت سامع انه بيشتغل كويس لكن ما بيسمع الكلام ومرات يسافر اثناء الموسم بدون يكلمك، قلت ليه يا حسين انت مزارع كويس لكن أنا كمان بحب الانضباط.
    قال لي إنضباط شنو. دي زراعة ولا دفاع شعبي! قلت ليه دفاع شعبي ما بعرفه، لكن انا عندي كل شئ في مواعيده، نسد البوغة بالمواعيد، ننضف الزراعة ونرويها بالمواعيد، قال لي خلاص اديني يومين أفكر في الموضوع لأن قصة إنضباط دي بتذكرني الجيش. قبل سنتين ناس الجيش كان قبضوه في سوق السبت، ودوه معسكر الظاهر تعب فيه تلاتة شهور لغاية ما شرد. قلت ليه خير، لكن تاني ما رجع.يعني شرد قبل ما نبدأ معسكر الزراعة! يا ربي يكون ماخد في خاطرو مني لغاية هسع؟!
    ضحك حاج سعيد وقال: أنا الحمدلله لا جاني لي عرس ولا لي زراعة. لو جاني للزراعة كنت بشغله، الأولاد كلهم مشوا الدهب ما تصدق وكت تلقى ليك زول يجي داير يزرع! حتى لو زرع القمح في الصيف! والعيش في الشتاء!
    قال الطاهر: لكن أنا نفعته، لو قلت ليه تعال أزرع ما كان مشى الدهب ولقى نصيبه! لو زرع معاي كان مرق ليه بشوال شمار وشوال قمح وقيراطين ويكة!
    قال صلاح الجاز: الطاهر انت الظاهر عاوز ليك سلفية ولا حاجة!
    ضحك الطاهر وقال: والله لو لقيت زول يموّل لي الموسم كان وسّعت الزراعة شوية السنة دي، أولاد حسن أخوي قالوا ماشين الدهب وقالوا لي ممكن تزرع ارضنا معاك السنة دي!
    جاء فارس بعد قليل، رحّب به حاج سعيد: مرحبا بمنسق الشرطة الشعبية السابق!
    قال سليمان الأعرج: بدل السابق أحسن تقول ليه منسق الشرطة الشعبية المخلوع! لأن الكيزان وكت استغنوا منه ولا حتى قالوا ليه رفدناك. جة تاني يوم لقى زول قاعد في محله! الشرطة الشعبية بقت زي بلدنا الهاملة دي، اليصحى بدري يقلبها!
    قال فارس: الحمدلله لقينا شغل! الدهب بتاع حسين جة في وقته!
    مالك ومال حسين كمان؟
    مالي كيف؟ الزول صاحبي من زمان، في المدرسة كان وراي والزمن داك كان ضعيف وقصير عشان كدة الاولاد الكبار بيقلعوا منه الفطور ويدقوه بلا سبب، انا كنت شغال ليه حارس شخصي من الزمن داك، لو كنت بحرسه أيام حق الفطور ما عنده، أولى أبقى حارسه الشخصي بعد بقى غني!
    وحتحرسه من منو؟
    الكيزان الحرامية أول ما سمعوا بقصة الدهب، جاه ضابط أمن قال ليه ناس الجيش بيفتشوا عليك عشان إنت شردت من الجيش، انا ممكن أعمل ليك حماية، لكن تديني كيلو دهب! بالله شوف الناس الما بتختشي دي! حسين أداه مليون جنيه وقال ليه تعال لي بعد فترة!
    ضحك حاج سعيد وقال: حراستك ليه دي زي حراسة الديب للغنم! زي حراسة الكيزان لبلدنا!
    واصل فارس: أنا قلت ليه جرام ما تديه! الناس ديل انا بعرفهم كويس، لو جاك تاني قول ليه قابل فارس، السكرتير بتاعي!
    إنت سكرتير ولا غفير؟
    غفير شنو يا حاج أصلها وكالة، أنا مدير أعمال حسين عبد الرسول!
    يا زول انت مالك ترقي نفسك بسرعة كدة من غفير لي سكرتير لي مدير أعمال، بعد شوية حتقول الدهب حقي!
    قال فارس: شيخ علي بتاع اللجنة الشعبية جاهه قال ليه أدفع لينا تبرع للجنة الشعبية وانا بعفيك من الضرائب والزكاة وبوقف ناس الجيش لو جو يفتشو عليك!
    قال سليمان الاعرج:وطبعا التبرع حيمشي على جيب شيخ علي!
    قال فارس: جيب غريق تقول فيه (كوروكي) أصلا ما بيتملي!
    أنا قلت ليه قول ليه خير، لكن ما تديه حاجة هسع، لأن ممكن ينفعك لي قدام لو عاوز تصديق لأرض ولا حاجة! حسين قال عاوز يعمل مصنع تعليب، أنا قلت ليه أحسن تقلب بالقروش دي في السوق!
    قال حاج سعيد: يقلب وين، دة لو طلع شبر من البلد دي، يأكلوه تماسيح الكيزان حي!
    قال الطاهر : أنا رأيي يعمل مشروع قمح كبير، يجيب الرشاشات!
    قاطعه فارس: رشاشات شنو دة مشروع ولا جنجويد! ما قادر تقول الرش المحوري!
    واصل الطاهر: الارض فوق في الخوي واسعة وخصبة بس مشكلتها الموية. لو جاب الشركات الكبيرة البيحفروا الارض بالمكنات، ممكن يطلعوا موية كتيرة!
    قال فارس: مكنات شنو اليحفورا بيها، مشروع دة ولا النهر الصناعي العظيم!
    قال حاج سعيد: الموية مشكلة والكهرباء بقت تقطع كتير، ما ممكن يزرعوا بيها وفي نص الموسم تقطع. عشان كدة أحسن يشوف ليه حاجة تاني.
    قال الأعرج: خليه يعمل مشروع تسمين، يشتري بهايم، وعجول وممكن لي قدام يعمل مصنع للأجبان!
    طيب ما نفس المشكلة، مع زراعة الاعلاف حتكون التكلفة عالية. لو بلدنا دي فيها مطر ومراعي كبيرة ممكن.
    قال فارس: أنا رأيي قلت ليه تخلي الدهب قاعد أو تشتري دولار أو بيوت. لأن بعد شوية الجنيه حقنا دة الا تشيل منه تلاتة شوالات عشان تشتري ربطة جرجير. بعدين الجماعة ديل ما حيخلوه الا يقلعوا القروش دي. نعمل بلاغ نقول اتسرق أو يعمل ليه دقينة وننجر ليه غرة صلاة ويقول ليهم انا بقيت معاكم، يديهم شوية قروش يقول ليهم دة دعم للجهاد.دة احسن مشروع الان. ويترشح مجلس الشعب. حيجوا ناس المؤتمر الوطني يترشحوا معاه عشان يلقوا ليهم قرشين ويخلعوا . والدقينة ساهلة، أنا قلت ليه حتى الكيزان الاصليين ناس شيخ علي، شايلين الموس في جيبهم، شيخ النور مرة حكى لي قال لي مشيت لي شيخ علي في البيت داير لي شهادة سكن للولد. أنا شعرت في حاجة لأن في الاول ما كان داير يقابلني، سامعه يقول لي الولد قول ليه مافي، كوركت قلت ليه امرق يا علي والا بجي داخل! أها جة مارق! لقيت دقنه محلوقة نضيف، قال لي ما بقدر أطلع ليك الشهادة الا الدقن تمرق شوية عشان اقدر امرق من البيت، قلت ليه وطيب حلقت الدقن ليه؟ ضحك وقال لي المرة الصغيرة مسكينة غشيمة شوية. سمعت أخبار انقلاب عسكري في بوركينافاسو في التلفزيون، بدون تسمع الخبر كويس جات جارية وانا في الحمام خبطت لي الباب، قلت ليها في شنو: قالت لي ألحق في انقلاب! ضربتني لخمة بدون ما اشعر حلقت الدقن، وجيت جاري كنت مجهز لي حفرة في الحوش عشان الظروف ما معروفة لو حصل شئ ندس فيها شوية دهب النسوان لغاية نعرف الحاصل! أها شغال أجهز في الحفرة وألم في الحاجات جاتني المرة التانية قالت لي: الانقلاب في بوركينافاسو!

    حاشية:
    سد البوغة: يطلق في شمال السودان على عملية ري الزرع في المرة الأولى، تسمى المرة الثانية التالان.
    الكوروكي: يطلق في مناطق شمال السودان على حفرة تنفتح دائما في الأرض العطرونية وتبتلع كميات كبيرة من الماء دون أن تمتلئ!
                  

07-06-2018, 08:35 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    .
                  

07-10-2018, 06:59 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)



    بين رضوان الفنّان وحسين صاحب الألوان!


    لا مفر من الوقوع في فخاخ الحزن في الذاكرة! أثناء تفتيش طابور الوجوه التي تصطف في ضوضاء المغيب ، في وهج رياحين الذاكرة. تتساقط الصور مثل شريط سينمائي، الصبايا يتدافعن في مواسم قطع التمور، الجلبة في قلب القرية ليلة عيد الفطر، حين يعبر شارع القرية الرئيسي في الذاكرة قريبا من القلب، غناء الصبايا في مواسم الحصاد. فجأة رأيت وجها يتقدم صفوف الانتظار، يسبقه نغم يحفر أخدودا في قلب الذاكرة تتساقط فيه ذكريات زمان حسبته ضاع في النسيان. رأيته يعمل بجد في جمع محصول التمر. وفي الاستراحات حين يهبط الرجل الذي يقوم بقطع سبائط ثمار النخيل، ليرتاح قليلا قبل ان يصعد الى شجرة اخرى، كان رضوان يغني على طنبوره، كان يحفظ اغاني البنات التي تؤدى في مناسبات الاعراس. كان صوته يرتفع أحيانا في الجروف الغارقة في ماء الدميرة:
    أنا زولي ما جة يمة انا زولي ما جة!
    ولأن هذا الزول أدمن عدم (الجية) أدمن الغياب. كان هو يعلن سأمه أحيانا من هذا الزول، الذي يغني له الناس جميعا دون ان يستطيع أحد ولا حتى أكثر العرّافين شهرة الجزم بمكان وجوده، ففي حين تؤكد نسخة قديمة من الاغنية: أنه في الكويت (باني بيت)، ويبدو أنه قنع من الوطن وخيرا فيه، قنع من نأكل مما نزرع ومما نقلع ومن خطاب الوثبة وخطاب (الكضبة) أذهب الى القصر حبيسا. تعود نفس الأغنية في طبعة تسعينية لتؤكد أنه في (توريت) مات شهيد! في تماه جهادي مع إعلام الكذب الحكومي، ورغم أن ملف القضية المزمنة يفترض أنه أغلق بموته التأصيلي، لكن الأغنية سرعان ما تعيد اليه الحياة لتعطيه في نسخة أخرى صفة علماني سعيد (كمّل الفرحة وخلاني منشرحة).
    إنتهى رضوان الى القول: لو كان ماشي بالخلف كان وصل!!
    كان العالم سعيدا في زمن الانتفاضة، قبل وقوع الكارثة. كان العالم كله يمارس الحياة بضراوة كأن الجميع شعروا بوقع خطوات الانقلاب المشئوم الذي يسير الموت في معيته حذوك النعل بالنعل، الانقلاب الذي كانت تنسج أشرعته في الغيب الجماعي والانشغال بممارسة الديمقراطية، التي سيسميها الانقلابيون وصحافتهم فوضى تستلزم ظهور النبي العسكري الذي سيستعيد هيبة السلطة ويملآ الدنيا ضبطا وربطا وجورا.
    ينسجون شراع انقلابهم من قماش الاهمال الرسمي والاستهتار الطائفي. الشراع الذي سيصبح (كفنا) لطموح بلدنا نحو الحرية والاستقرار والوحدة ودولة القانون.
    لم يعد (زولي) وحده من يمشي بالخلف، قطار وطننا أيضا أصبح ومنذ بيان الكذبة الأولى يسير الى الخلف. حتى وجدنا أنفسنا نرزح في قرون جاهليتنا الوسطى: دولة القبيلة. ندمن هز ساعاتنا في زمن(البكور) لنعرف في أي قرن نحن.
    يطلق حسين خوجلي طائر شؤمه المسمى ألوان، تصنع من الديمقراطية الوليدة وحكم القانون، جنازة وتشبع فيها لطم، (تلّمع) في (قيادات المستقبل!) عينك يا تاجر، تنسج من بحر أكاذيبها خرابا متعمدا وإنهيارا وشيكا في كل شئ، وتنادي معتصماه! دون وجود حتى نساء يسحلن في طرقات عمورية ، فيلبي بشيراه النداء: فارس دينكيشوتي، ينتمي لعصور ما قبل التاريخ، يأتي في زمان أغبر. لو رآه دون كيشوت لأسف على اضاعة عمره في منازلة طواحين الهواء، فليس أسهل من الانقلاب طريقا لسعادة الدنيا وللشهرة ودخول التاريخ من أوسع أبوابه. ترتسم على وجهه (تكشيرة) عسكرية تخفي جزعه الدنيوي وحبه للتسلط، لتعطي إنطباعا أوليا بجديته في إستعادة هيبة السلطة! وإنه خير من نستأجر ونستجير بقوته وأمانته، ليكتشف الجميع أنه: أسد فقط حين يشن الحرب علي بني وطنه الذين يفترض به حمايتهم. أما في حرب الفساد وجيوش الاجانب التي تحتل الاراضي، فيصبح بقدرة قادرنعامة ربداء تجفل حتى قبل أن يصفّر الصافر! يا للكارثة. لقد إستولى على السلطة من يكذب ويصدّق أكاذيبه! لو قرأ هذا المعتوه ومن خلفه جوقة النفاق والاعلام الكاذب فقط تاريخ الاسلام الذي يتشدقون بالدفاع عنه، لعرفوا أن هيبة السلطة مناطها العدل، مناطها أخلاق الحاكم القويمة، الذي يساوي بين مصيره ومصير بغلة تعثر في أرض العراق! وليس التكشيرة والعصا التي ستتحول لاحقا الى بندقية سريعة الطلقات تزرع الموت والدمار في أرجاء الوطن كله. يأتي راكبا صهوة جواد الحركة الاسلامية المريض، المتوثب للسلطة. ترى نفسها أحق بأية إمتيازات دنيوية او أخروية. تنّصب نفسها راعيا رسميا للبشر تعيد صياغتهم وتربيتهم، بما يضمن طاعتهم لأولي الأمر، والزهد في الدنيا طمعا في نعيم الآخرة.
    جريمة واحدة اختطاف فتاة وقتلها جعلت منها ألوان انهيارا تاما للقانون والاخلاق! وإستخدمتها مسمارا أخيرا في النعش الوشيك للنظام الديمقراطي. فملأت الدنيا زعيقا، حتى بات الناس يخافون أن يخرجوا الى الشوارع فيتلقفهم الجناة القتلة. وهاهو صاحب الألوان، بعد أن اكمل دورته القوس قزحية، وجاء ليتربع فوق (وجوهنا) يتناسى الملايين من ضحايا العهد الذي بشّر به. ضرب الناس بالرصاص في المساجد، هدمت القرى فوق رؤوس أهلها. عذب الناس في بيوت الأشباح وأغتصبت الحرائر في بيوت أجهزة الأمن، التي يفترض أن تنشر الأمن في الربوع، فإذا بها تشيع الموت والخوف والدمار. أصبح الموت هو القاعدة والحياة هي الاستثناء. ولا حياة لمن تنادي. كل من تنادي أصبح في عداد المفقودين.
    الجنرال الانقلابي سيكون الوحيد الذي يدخل من باب التاريخ، ثم يثب خارجا من فوق جداره، يركل نفسه بنفسه ليسقط خارجا. تلاحقه لعنات شعب لم ير في تاريخه مثيلا للظلم الذي وقع عليه في عهد جنرال توازت لديه رغبات التسلط والشروع المعلن في الرقص فوق أشلاء وطن.
    حسين خوجلي الذي كان في أيام الديمقراطية يلّمع في المجهول، (يلّمع من لا يستحقون كما إعترف) يعود ليمارس الآن نفس أدواره القديمة، بل أسوأ منها، فبدلا من المجهول، يشكّر الآن (الراكوبة) في الخريف وعلى رؤوس الأشهاد. بعناية جزار محترف يحاول تسويق (الشخت والعظام الصدئه) بإعتبارها لحما. يزيح بعض الأسماء من المنضدة أمامه ويقدم أسماء أخرى قديمة بإعتبارها لم تكن تملك الحل والعقد، بإعتبارها لم تتلوث في المستنقع الذي أنتنت روائحه حتى الأرواح. دون أن ينتبه الى أنه يمارس نفس لعبة ألوان القديمة. الفرق أنه ينطلق من مرحلة زمنية ترقى الى عصور الاستبداد الوسطى وليس الى عقد الثمانينات زمان الانتفاضة. يستخدم التكينيك نفسه : الاشخاص! لو أنه صادق، لو أنه يفهم أن المشكلة ليست في الاشخاص بقدر ماهي في النظام، بقدر ما هي في دولة القانون، دولة الصحافة الحرة. دولة المؤسسات الراسخة القوية. التي يتضاءل دونها الأشخاص، يصبحون مجرد أشخاص، يعبرون من أمامها فيما هي ثابتة مثل الجبل. لو أنه يفهم ذلك بعقل وقلب مفتوح على الاخلاص لهذا الوطن، وليس للموازنات وأرباح الاعلانات: لما شن حملته الألوانية الأولى لتدمير دولة القانون التي ولدت من رحم معاناة شعبنا وتوقه نحو الحرية والانعتاق. ولما غرق في الحملة الثانية لانقاذ و(تلميع) من أضاعوا بلدنا، من أضاعوا وطنا عرضوه للبيع في كل محفل وبالتقسيط المريح.
    حقا أن زولي (لسة) ما جة كما ظلت الأغنية تؤكد في طبعاتها اللاحقة. زولي تخلى عن طموحاته الجهادية، وإنسحب من موته عائدا الى الأغنية. قنع من خير الدنيا بالاياب. رضوان الذي بقي وفيا لفنه، ولأزمنة ما قبل الطوفان. قررأن يتفرغ لقضية (زولي). سألت عنه أحد الاخوة وعرفت انه بخير. نجا من كشّات التجنيد الاجباري، ومن جائحة الاسهالات المائية، نجا من الفجوة الغذائية، ومن الموت كمدا أو جوعا.
    سألت: شغال شنو؟.
    جاءتني الاجابة: شغال فنّان!
    حتى وقت قريب لم يكن البعض يصدقون أن الفن يمكن أن يكون شغلة. مثل جارنا المسن الذي سأل فنانا متجولا عثر عليه في إحدى الحفلات.
    عندك ملوية؟ ( أي هل لديك عمل؟
    فقال الفنان: لا ( يبدو أن الفنان نفسه لم يكن يعترف أن عمله كفنان يجب أن يسمى عملا.
    عندك عس لبن؟
    أي هل لديك ماعز للبن؟
    فرد الفنّان الذي يبدو أنه لم يكن من عشاق حليب الماعز: لا!
    فسأله المسن بصبر نافذ: عندك شنو طيب!
    تنفس الفنّان الصعداء. أخيرا سؤال يصلح للإجابة، وقال: عندي طنبور!
    قال المسن خاتما حوار الطرشان الفني: سوهن إتنين!
    رضوان سوّاهن أربعة، ليس أربع نساء مثل اهل النظام، أنشأ فرقة موسيقية. حين بدأ في إحتراف الفن كما عرفت. كانت فرقته فقيرة ومرهقة. ينام العازفون أثناء الفواصل وأحيانا داخل الاغنية. بسبب أعمالهم الشاقة اثناء النهار لكسب العيش في زمان الانقاذ. وبسبب فوضى ضجة الموسيقى والعرقي الردئ الذي يفقدك الوعي أولا والحياة لاحقا، لم يكن هناك من يميز صوت الشخير من صوت الآلات الموسيقية والساوند سيستم المشروخ. تقفز العناكب أحيانا مع ضربة قوية للطبلة بسبب الفقر وقدم الآلات الموسيقية التي إنتهى زمانها الافتراضي قبل قرون. فوضى الموسيقى الترابية كانت تترك أحيانا أثرا رومانسيا سيئا في نفوس بعض السكارى الذين يبحثون عن أنغام تاهت عنهم منذ ثمانينات القرن المنصرم. فيبدأون بالعراك وتحطيم كل شئ. لكن رضوان الذي يملك جسدا قويا. كان يؤمن أن الفن يحتاج أيضا لمنطقة خضراء لحمايته من عشّاق البهجة الانتحاريين.
    المعجزة أنه كان يواصل الغناء أثناء ضرب السكارى المزعجين. كأنه ينتقم من ذلك (الزول) الذي لا يجئ رغم أننا نغني له منذ منتصف الثمانينات: زمان الانتفاضة! يمة أنا زولي ما جة يمة!

    يمكن الحصول على المجموعة كاملة من امازون:

    https://www.amazon.de/%E2%80%ABعمايل-الكيزان-بلاد-السودان-Arabic-ebook/dp/B07DC7DN9Q

                  

07-11-2018, 11:44 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    خمسة سنين (حِوار) معاك يا زينة الأيام!!


    عاد فارس الى القرية بعد غياب إستمرّ عدة سنوات، كان يمشي بنشاط كعادته رغم انّ وزنه ازداد كثيرا بصورة واضحة، ورغم إمارات الكِبر التي ظهرت عليه والشيب الذي غزا رأسه..
    قال سليمان الاعرج ضاحكا: الزول دة كان مربوط وين سوى ليه فِقرة زي تور البلدية، ودة حالته الحكومة فلّست، سرقوا القروش كلها، خزنة بنك السودان قالوا مافيها غير الغبار وبيوت العنكبوت!
    قال حاج النور وهو يصافحه: وين يا أخينا؟ عاينا في التلفزيون قلنا يمكن عملوك مسعول كبير بعد التعديل الوزاري الأخير، وفتشنا الجرايد قلنا يمكن نلقى ليك تصريح ولا حاجة، لكن لا حس ولا خبر الحكاية شنو؟ ولا زي ما الكيزان قالوا الوظيفة إبتلاء، يمكن قلت: واذا بُليتم فإستتروا! ما عايز الناس تستفيد معاك!
    في واحد قال لي الزول دة سافر العمرة وأنا قابلته منجعص في الجمعية ياكل الكبسة ويلعب الحريق، وبقى نصيح باب أربعة ضلف ما يمرقه!
    لأ أنا مشيت الحوار!
    الحوار؟ دي بلد جديدة فتحت بدل ليبيا؟ ولا من الامتدادات الجديدة الجنب مدني؟ وين من الكلاكلة؟
    كلاكلة شنو؟ الحوار، ما سمعتو بمؤتمر الحوار المجتمعي؟
    خمسة سنة حوار؟ تكون حليتو مشكلة فلسطين ومشكلة كوريا ونووي ايران وثقب الأوزون، ورجعتو للنور الأحمر مرته، وحاربتو الكوليرا والطاعون والفجوة الغذائية، وحليتو مشكلة سد النهضة ومشروع الجزيرة ومشروع القاش، ورجعتو الجنوب ووقفتوا الحرب في الغرب. !!
    ضحك سليمان الاعرج وقال: والله ديل ما يقدروا يحلوا اي شئ غير سراويلهم!
    قال حاج سعيد: كيف ياخي تقول كدة الزول مسكين تعبان ليه خمسة سنة عشانكم، يحاور ويحاور لامن صوته راح، بدل ترحب وتضبح ليه تقول ليه سروال وبتاع!.!
    انت ما شايفه بقى قدر ايه؟ تعبان شنو؟
    يعني الناس دايرها تحل مشكلتك وتموت بالجوع؟ ما لازم الحوار يكون مصلّح، قالوا الاكل يجيهم من الفندق! وفارس كمان نفسه مفتوحة على الحوار! بعدين فارس شديد دة النوع اليقعّد الضيوف في الصواني التعبانة، ويحجز صواني الاكل الدسمة على جنبة لغاية الضيوف ياكلوا بعد داك يقعد ياكل برواقة!
    قالوا الحكومة كانت عاملة حسابها الحوار يستمر سنة، لكن الظاهر جرّ شوية، خمسة سنة ولي الليلة ما خلص!!
    غنى الاعرج بصوته الجميل: خمسة سنين معاك يا زينة الأيام ويا نوّارة الحلوين!
    ضحك فارس وقال: الاعرج والله صوتك ما بطال لو مشيت لجنة النصوص كان أجازوه!
    خلينا من لجنة النصوص السنة دي اصحابك ناس لجنة اللصوص، اللجنة الشعبية تعّبوا الناس شديد، زولك شيخ علي عارف ظروف الناس والموسم التعبان بعد دة جاب زيادة على ضرائب النخيل، وكت الناس احتجت قال دي اوامر عليا!.!
    شيخ علي هو لسة ماسك في اللجنة الشعبية؟ قبل ما اسافر الحوار قال لي دي آخر سنة لي في اللجنة حيعينوني وزير ولائي!
    قال سلمان الاعرج: انا قلت ليه خلاص مادام مرشحنك لمنصب كبير، خلّي اللجنة الشعبية، قال لي الناس ديل ما عندهم راي واحد، ولموا الخلق من الدنيا دي كلها جابوهم الحوار دايرين يقسموا معاهم السلطة والثروة، لو أدو كل زول من الخلق الجابوهم ديل وظيفة، أنا مخزنجي في المجلس ما بلقاها، عشان كدة لو ما ضمنت الوزارة ما بفرط في اللجنة الشعبية، الناس حيقولو عليّ الطمع ودّر ما جمع! وأنا الحمدلله ما زول طمّاع!!!
    أها ووصلتو لي شنو في الحوار؟ وهسع انتوا متذكرين المشاكل البديتو تحلوها قبل خمسة سنة؟
    لأ خلاص المشاكل كلها اتحلت وهسع بس منتظرين تشكيل الحكومة!
    سجمنا يعني هسع مافي حكومة في البلد؟
    ضحك سليمان وقال: في ذمتك دة حال بلد فيه حكومة، ديل عصابة عايشين بالسرقة والقلع من الناس.
    واهم مقررات الحوار شنو؟
    حيعينوا رئيس وزراء!
    كويس، يعني الزمن دة كله الوزراء ديل كانوا مطلوقين ساكت بدون رئيس؟
    لأ، دة كان شغل الريس! لكن ناس الحوار قالوا الشغل كتر على الريس، لازم يكون في زول تاني يساعده في تحمل الأعباء الوظيفية!
    حلوة الأعباء الوظيفية دي ، الظاهر دي المرقت بيها من مؤتمر الحوار!
    الريس مسكين ما فضي من السفر، عشان يغيظ اوكامبو، أي فاتحة ولا طهور في أي محل في الدنيا يركب طوالي، لامن الطيارة مكنتها خفّت، في سنة واحدة عمروها ستة مرات!
    يعني هسع حيتفرغ بعد عيّن رئيس وزراء للفاتحات والكرامات، يعني حيسوي ليه فقرة زي فقرتك دي السيف ما يرميها.
    دي يمكن سعادة الكُبُر!
    سعادة شنو؟ قالوا نميري مرة قابله في فاتحة، سأله قال ليه: مسعول من الخير ترابي وين؟ الريس قال ليه ترابي في السجن. قال للريس اوع تخليه يمرق! لو مرق يخليك زيي كدة من فاتحة لي فاتحة!!
    وما مرقت ليك بحاجة انشاءالله نائب في البرلمان ولا عقيد أركانحرب جنجويد؟
    رئيس الجنجويد قالوا بقى دكتور!
    ما شاءالله زمان قالوا كان بتاع حمير، هسع يعالج الناس!
    لأ مش دكتور بتاع الناس، دكتور في الجامعة.
    ماشاءالله يدرّس الاولاد، الريس كمان عنده برضه دكتوراة كان ما نخاف الكضب.
    لأ الريس عنده ماجستير.
    والماجستير أكبر ولا الدكتوراة
    الدكتوراة
    يعني رئيس الجنجويد بقى اعلى من الريس؟!
    دة دكتوراة فخري ساكت، يعني نوع من التكريم زي ما بيقولو في التلفزيون، تقديرا لجهوده المخلصة!
    وهو اخلص في شنو؟ في الكتل؟
    ياحاج سعيد انت الليلة داير تجيب لينا مصيبة الظاهر بأسئلتك الابت تخلص دي
    طيب سؤال اخير زي ما بيقولو في التلفزيون: ماجستير الريس دة برضو فخري ولا جابها بضراعه؟!
    ضحك شيخ النور وقال: أكيد جابها بضراعه! لكن من راسه ولا من كرّاسه الله ورسوله أعلم!
    أها دة سؤال تابع لآخر سؤال: وهسع وكت الريس يكون بيعمل الامتحان الحرس بيكون معاه؟
    طبعا
    ولو شايل بخرة ممكن المراقب يمسكها ولا الحرس بيمنعه؟
    يا اخوانا حاج سعيد دة بيجيب ليكم مصيبة الليلة، أحسن غيّروا الموضوع دة!
    وليه ما عملوك وزير خارجية بدل الوزير الرفدوه عشان شال حسهم قال مفلسين!
    أنا كنت بسترهم، أرجّع الدبلوماسيين كلهم من برة، وفي كل عشرة عشرين بلد اعمل لي سفارة واحدة صغيرة، بي فد دبلوماسي!
    أحسن ترجعهم اصلا قالوا ما عندهم خدمة برة غير التِحِرش في البصّات!! الواحد بدل يشوف شغله اليوم كله حايم من بص لي قطر!
    لو كان عينوك سفير كان نبوءة حبوبتك مك الدار اتحققت!
    حبوبته اتنبأت بشنو؟
    لقيتها مرة تغني ليه تقول ولدي يكبر يبقى مسعول كبير! قلت ليها يبقى دكتور؟ قالت لي دكتور شنو ولدي يبقى سفيه! الظاهر قصدها يبقى سفير! لكن زي ما قال عبدالله الطيب، أخطأت فأصابت!
    ما تستغربوا يوم لو سمعنا عينوه (سفيه) في وزارة الخارجية!
    الزيو دة قالوا يسووه ملحق اعلامي، يشتم الناس ويشكّر الحكومة!

    بصق شيخ النور وقال: ووصلت متين؟ الليلة ما سمعنا صفارة وصول البص!
    انا جيت يوم الجمعة الاسبوع الفات، كنت تعبان نمت شوية!!
    أسبوع نائم، تعبان من السفر ولا من الحوار؟
    الجماعة طلبوا مني اعمل تقرير عن ناس المؤتمر الوطني هنا، قالوا ناس الحزب كرّهوا الناس في الحكومة!
    يعني بقيت جاسوس على ناسك؟!
    ودة داير ليه تقرير ما الناس كلها عارفة ان جماعتك حرامية سرقوا الدنيا كلها باعوها.
    احتمال يعملوني معتمد لو الأمور مشت كويس!!
    زمان وعدوك بالوزارة عملوك مُنسق شرطة شعبية! هسع وعدوك بي معتمد معناها حيعينوك مراسلة في المجلس!.



    المجموعة كاملة:
    https://www.amazon.com/dp/B07DC7DN9Q

                  

07-13-2018, 09:40 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    .
                  

07-15-2018, 02:11 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)




    إنقلاب عسكري للكيزان في جمهورية منطادستان!


    دراما من سبعة مشاهد
    منطادستان 2021

    بعد سقوط دولة الكيزان في بلاد السودان إكتشفت الحكومة المنتخبة أنّ (الحتات) كلها باعوها الكيزان!
    المشهد الأول: مظاهرة تقطع شارع الصحراء(النيل سابقا)، يتعالى صوت الهتافات: حاكموا سدنة النظام الكيزاني الذي باع الوطن، أعيدوا لنا نهر النيل الذي باعه الخونة! القصاص بالرصاص!
    توقفت عدة عربات هبط منها أجانب، يتقدمهم شخص يحمل مكبرا للصوت:
    بالله فضوا لينا الشارع دة وامشوا شوفوا ليكم بلد تاني اتظاهروا فيه!
    ليه؟
    نحن مشترين الشارع دة لينا سنين ودة عقد موثّق من محكمة العدل الدولية!
    مشهد ثاني: مباراة بين الهلال والمريخ
    شجار وهتافات في الملعب بين مشجعي الفريقين!
    فجأة توقفت أعداد كبيرة من السيارات حاصرت الملعب، هبط منها أجانب، تقدم أحدهم وكان يحمل مكبر صوت نادى من خلاله طالبا من الحكم إيقاف المباراة وتسليم الملعب الذي باعته حكومة الكيزان لشركة صينية!
    شوفوا ليكم بلد تاني كمّلوا فيه مباراتكم دي! ثم قال الصيني بصينية مخلوطة مع عربي المنشية : أصلكم ما حتجيبوا مديدة تامزين! ساكت زحمة وتذاكر وجهاز فنّي على الفاضي! اليشوف جرايدكم الرياضية يفتكر نفسه في البرازيل!

    مشهد ثالث

    في بيت عزاء: الفاتحة، اللهم أغفر له وأرحمه، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا ..
    كان احد الحضور يحكي لشخص يجلس بجانبه ما حدث لهم بالأمس في صلاة الجمعة: الإمام نزل من المنبر وصلى بينا ، سلّم على اليمين وقبل ما يسلّم على شماله طلع واحد صيني المنبر، الناس إستغربت، انا قلت يمكن أجور الوعّاظ بقت غالية الحكومة جابت واعظ من الصين! الظاهر عندهم برضه هيئة علماء وكدة! الصيني طلّع ورقة قلنا ما شاءالله خطبة صينية! دي أكيد بتخلص بسرعة وبتكون عن السوق ومافيها سيرة نار ولا عذاب قبر! واحد من المصلين قال ليه نحن صلّينا، خطبتك دي خليها الجمعة الجاية! قال لأ دي ما خطبة، والجمعة الجاية انشاءالله تصلوا في بلدا طيرها عجمي! دة عقد شراء المنطقة دي كلها موثّق ومسجّل في المحكمة الدولية. لو سمحتوا أخلوا لينا المنطقة دي براحة!
    قبل أن يكمل الرجل حكايته، ظهر نفس الأجانب وإنتشروا في المكان، تقدم نفس الرجل صاحب مكبّر الصوت الذي قام بإخلاء إستاد كرة القدم:
    يلا يا اخوانا شوفو ليكم بلد تاني ابكوا فيه!

    مشهد رابع: بيت عرس، كانت حلبة الرقص عامرة وفي اللحظة التي قام فيها زملاء العريس من السكارى الطيبين بحمل العريس الضخم حتى إنقطعت أنفاسهم بسبب العرقي الجيد وثقل وزن العريس، حتى أن احد حاملي العريس سأل جاره بنفس مقطوع: انت العريس دة كان كوز ولا شنو؟
    لأ دة زول كويس، ليه قلت كدة؟
    أمال جاب الكرش و(الجعبات) ديل من وين؟
    حتى أنقذهم من عذاب (عتالة) العريس صوت الرجل صاحب الميكرفون: يلا يا جماعة شوفو ليكم بلد تاني ارقصوا فيه! الرقيص ذاته مش قالوا (هرام).

    وكحل مؤقت لمشكلة الوطن، قبلت حكومة الثورة عرضا من شركة صينية لشراء كوكب منطادي صغير، يكون محلقا بالأجرة فوق المجال الجوي للوطن القديم الذي باعه الكيزان.
    المشهد الخامس: مخفر الشرطة في جمهورية منطادستان:
    في جدار المخفر في الخارج كتب بعض المتظاهرون بخط عشوائي جميل: الشرطة في خدمة الشغب! الضابط في الداخل جالس أسفل لوحة مكتوب عليها: الشرطة في خدمة الشعب. دخل أحد أفراد الشرطة يجرجر رجلا ملتحيا.
    قال الضابط بدون أن يرفع وجهه:
    تهمته شنو الزول دة؟
    كوز !
    حرامي يعني! وسرق شنو؟
    لقيناه مزور عقد بيع ملكية جزء من المجال الجوي البيطير فيه المنطاد، كان من الجماعة المتعودين يسرقوا الارض ، كان مدمن على بيع الأراضي، هسع ما قادر ينوم، قال لو ما سرق واطة وباعها ما بيرتاح! وكت بقى مافي واطة داير يجرب يبيع الهواء!
    أقوال الصحف من مواقع التواصل المنطادي: خطة متكاملة لنقل جمهورية منطادستان الى المريخ بعد أن أثبت العلماء إمكانية الحياة والموت هناك!
    رئيس نادي الهلال يعلن رفض مشروع نقل الدولة الى المريخ! وفي حواره التلفزيوني أعلن رئيس نادي الهلال: (القمر دة عيبوا لي!) الناس دي كلها تغني للقمر عمركم سمعتوا ليكم زول غنّى للمريخ!
    مقدم البرنامج: لكن الغنا حاجة والوطن حاجة!
    رئيس نادي الهلال: كيف كلامك دة! الناس بتغني للوطن، الناس بتحب الوطن. نعم زمن الكيزان حكومتهم كانت بتحب الوطن حب تجاري، الكيزان كانوا يحبوا الواطة! من نشيد العلم ما بيعرفوا الا : هذه الأرض لنا! نحن نغني للأرض وهم يبيعوا في الارض ويجوا يغنوا معانا! لغاية قعدنا في السهلة! أقصد في الهوا! هسع الرئيس لو داير يعمل وثبة الا يطير!
    نحن دايرين الناس يرجعوا يحبوا الوطن زي زمان.
    قاطعه المحاور: مش وكت نلقاه في الاول بعدين نحبه!
    مشهد سادس، في المخفر:
    ودة كوز تاني سعادتك!
    سرق شنو؟
    ما سرق حاجة، الظاهر في إجازة اليومين ديل! لكن لقيناه واقف يبكي وكت المنطاد عبر فوق واحة في الصحراء.
    البكاء ما ممنوع حسب الدستور! وبيبكي ليه! يمكن محتاج لشئ أو فقد واحد من أولاده!
    قال الواحة دي كان مؤجرها من أصحابها، والظاهر كان مستفيد منها، وإتفق مع أصحابها يشتري جزء منها، دفع ليهم القروش وقبل يعمل التسجيل جات الثورة، واتضح ان حكومتهم قبل سنين حرقت النخيل وباعت الارض كلها لشركة أجنبية!
    مشهد سابع:
    نفس مخفر الشرطة:
    ودة كوز تاني سعادتك!
    سرق شنو؟
    ما سرق، لكن لقيناه واقف يضحك بصوت عالي فوق السطح وكت المنطاد مرّ فوق نهر النيل!
    الضحك ما ممنوع في جمهورية منطادستان حسب الدستور ، وبيضحك ليه (أب قلبا ميت)
    سعادتك الزول دة حاسد!
    الحسد ما ممنوع حسب دستور جمهورية منطادستان! وكيف عرفتوه حاسد وهو بيضحك بس؟
    مبسوط، كان إستولى زمان على جزيرة في نهر النيل، وكت طردوهم من الحكم بعد الثورة، إتضح ان حكومتهم باعت الجزيرة وباعت البحر ذاته! وهو ما عنده خبر. هسع شاف الجزيرة غرقت بسبب ارتفاع منسوب النيل بسبب فتح بوابات سد النهضة ، قال ربنا إستجاب لدعائه
    وكان (بيدعي) يقول شنو؟
    كان بيدعو الله من سنوات، يقول انشاء الله سد النهضة يتهد وجزيرتي والبلد كلها تغرق!
    نبهه الضابط: الدعاء حرية شخصية وليس ممنوعا حسب دستور جمهورية منطادستان.
    عناوين الصحف في دولة منطادستان:
    الهلال يرفع شكوى الى المحكمة الدستورية لإلغاء قرار إنتقال جمهورية منطادستان الى كوكب المريخ.
    الوفد الحكومي يلتقي وفد حركة تحرير منطادستان في الدوحة!
    إلقاء القبض على خلية كيزانية كانت تخطط لإنقلاب عسكري للإستيلاء على السلطة في جمهورية منطادستان! وإعلان المنطاد إمارة إسلامية.





                  

07-18-2018, 10:47 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    .
                  

07-19-2018, 10:01 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)

    سلامات عزيزي أحمد ..
    الأديب الرواي أمير تاج السر كتب تذكرة جميلة على الفيس ..
    عن روايتك ( الخريف يأتي مع صفاء ) ..
    قال هي من أفضل الرويات التي أرخت للدكتاتورية في السودان وقد تمت ترجمتها للفرنسية وقال بأنك كاتب موهوب ..
    اعتقد دي تذكرة تسحق التقدير لإن الرواية بالفعل من أعظم الرويات االتي زينت مكتبة الرواية السودانية بشهادة خبراء النقد السودانين والاجانب ..
    اشجع من لمن يقرأها بقراءتها.
                  

07-21-2018, 11:39 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: محمد على طه الملك)

    Quote: لأديب الرواي أمير تاج السر كتب تذكرة جميلة على الفيس ..
    عن روايتك ( الخريف يأتي مع صفاء ) ..
    قال هي من أفضل الرويات التي أرخت للدكتاتورية في السودان وقد تمت ترجمتها للفرنسية وقال بأنك كاتب موهوب ..
    اعتقد دي تذكرة تسحق التقدير لإن الرواية بالفعل من أعظم الرويات االتي زينت مكتبة الرواية السودانية بشهادة خبراء النقد السودانين والاجانب ..
    اشجع من لمن يقرأها بقراءتها.


    شكرا أستاذ محمد علي. شهادة أستاذنا أمير أعتز بها جدا، فهو قامة عملاقة، وحقق بأعماله المتميزة الكثير من الفتوحات، وله الفضل الكبير في التعريف بالرواية السودانية الحديثة في كثير من المحافل الإقليمية والدولية، لك وله كل التقدير والامتنان.
                  

07-23-2018, 01:07 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المغناطيس، قصة قصيرة من مجموعة (عمايل الك� (Re: احمد الملك)




    أعلن المشير.. صرّح الجنرال ، ندّد الرقيب أول! أكّد الدكتور!
    أو
    يوم واحد من حياة رجل عادي!


    يعشق شراب العرقي، يراه أقصر طريق الى السعادة حين يُفرغ الرأس من شحنات المصائب اليومية والذكريات التالفة. يهتم قليلا بالحاضر فقط ليدير ظهره بسرعة للماضي ، خاصة حين تقتحم واجهة ذاكرته بعض تفاصيل ماضيه الفاشل ، يحاول أن تمضي تفاصيل حياته اليومية كشخص عادي، لا تؤرقه أية ذكريات، أو يشعر بالحرج تجاه ماضيه. قضي عدة سنوات من عمره في عاصمة اوروبية يدرس طب الاسنان، حين يتحدث عن تلك الفترة في أحيان نادرة كان يعترف دون مجد:
    عشرون عاما من غسيل الأواني!.

    سيذّكره ببعض التفاصيل التي يحاول دفنها في النسيان، زميل شاطره الدراسة الفاشلة والاحلام المؤجلة وغسيل الأواني وشراب الخمر الردئ في حانات البحّارة، لكنه يبقي نقطة ضعف ، كونه يعرف كل الاسرار التي لا يجب ان يعرفها البعض ممن يشاطرونه العرقي ويشاطرهم فضائحهم، ما ان يشرب الكأس الاول حتي يفارقه كل هدوءه ويتفرغ فقط للشتائم.
    يواجه الثرثار الذي يصر على إفساد بهجة المساء بقراءة نشرة الأخبار التي يحفظها مثل ببغاء فضائي من التلفزيون الحكومي: أعلن المشير، صرّح الجنرال ، ندّد الرقيب أول! أكّد الدكتور!
    تسمي هذه أخبارا أيها الوضيع! وتسمي هذا تلفزيونا! هذه ثكنة عسكرية! حين يكون مزاجه هادئا سيشرح كل تحفظاته: لحسن الحظ ان الكهرباء انقطعت منذ سنوات، فتحته مرة واحدة قبل سنوات فأطل وجه المشير المتجهم وإنفجرت قنابل الأكاذيب في وجهي فحطمت شاشته بالمطرقة التي تستخدم لسحن الحبوب. وبدلا ان يغرب وجه المشير إنتهز فرصة تحطم الشاشة وخرج منها وبقى طوال الليل يهذي بالأكاذيب وهو جالس على مقعد بجانب فراشي، تحدث عن امجاد منسية ومشروعات ضخمة لم يتكبد من جهد لانجازها سوى قص الشريط التقليدي! وعن حروبه التي خاضها من أجل الوطن، دون أن أجرؤ على سؤاله، لماذا تنكمش خريطة الوطن كلما تطاولت سنوات حكمه رغم حروبه المجيدة! وفي النهاية حين اصم اذني بالاكاذيب حتى تسرّب كل الخمر الذي شربته من رأسي، نبهته برفق حتى لا يغضب، أن حديثه علاوة على انه كذب فهو غير حقيقي أيضا، فقد تحطم جهاز التلفزيون، وإنقطع الحبل السري الذي يصل بين أذني وتفاصيل بطولاته الزائفة، ويجدر به ان يخرج من بيتي وحياتي!
    حتي ذلك الرجل الطيب لم يسلم من لسانه، الرجل الطيب الذي يؤمن بأن كل رزق يستحق الشكر، فيقول له حين يقدم له كأس العرق: جزاك الله خير! ويقول حين يري زجاجات العرق المرصوصة علي المائدة في انتظار مصيرها المحتوم،
    ما شاء الله تبارك الله : يخشي علي كل هذا الرزق(وقود البهجة السائل) من العين.
    يقول عبد السميع: شربنا مع كل اصناف البشر ولم يسبق ان شربنا مع مثل هذا الشخص العبيط!
    فيقول العبيط: جزاك الله كل خير.
    يجتر زميل الفشل ذكريات الماضي المشترك . يستخدم هو تكنيكا مماثلا ليجبر زميله علي تجاوز الماضي بمراراته، يبحث عن أسوأ ذكرياته، يستخدمها بفعالية مثل قوات الدعم السريع، لقمع ثورة ذكريات زميل الفشل:
    أسكت يا لاحس فروج النساء!
    تستفز العبارة زميل الفشل، الجاد أيضا في نسيان غرقه القديم بلسانه في قاع البهجة! فيقسم: (عبد السميع لو تاني قلت الكلام دة العرقي دة حيكون في رأسك) !.

    زملاء الليل بعضهم تستفزهم شتائمه فيبدأ العراك ولا ينتهي قبل ان تتحطم عدة مقاعد فوق رأسه، صديقه الزين لا يرد عليه الا بعد ان يفرغ كل مرارة أحقاده.
    يسأله : هل أفرغت كل مافي جوفك ؟. وحين يسمع كلمة نعم، تكون تلك الكلمة ايذانا بانطلاق جهاز الراديو الصيني واستقراره مهشما في رأس عبد السميع ليكون ذلك خاتمة تلك السهرة الشتائمية المباركة. وفي البيت الذي اقاما فيه فترة من الزمان تمددت مساحة اجهزة الراديو المهشمة حتي ابتلعت الفناء كله، ليستغرقا في الصيف في النوم وسط فوضى هذا الحقل الالكتروني! .
    يقول الزين: لحسن الحظ انها رخيصة، نسمع نشرة أخبار الكذب، وحين نحطّم جهاز الراديو نشعر بنشوة النصر الزائف على جمهورية الكذب! ويقول مقلّدا مذيع نشرة الاخبار:
    صرّح المشير وأعلن الرقيب مهندس دكتور أركانحرب: ارتفع معدل النمو الي 11 في المائة!، لا حاجة لهم ليعلنوا لنا كيف تنمو أرصدتهم، وتنخفض قيمتنا ( يحرزون أغرب نمو: لا يحتاج حتى لضوء) يوضح:يجب تحطيم كل شئ ينقل هذا الكذب الى آذاننا. يعترف بفائدة واحدة للإعلام في مواجهة العرقي: الراديو مفيد لتحطيم وجه كل من يتجاوز عن حدوده. .
    اثناء النهار يجلس في متجر والده الراحل، الدكان فارغ تقريبا الا من بقايا أشياء قليلة لم يعد تمييزها سهلا بسبب أطنان الغبار من مخلّفات أعاصير القرن الماضي، لا يجرؤ ولا حتى على إزاحة الغبار، خوفا من أن تنزاح معه ذكريات وقائع لم يحفظها بعد في ذاكرته.
    يجلس عبد السميع صباحا أمام المتجر، يشرب القهوة ويراقب الناس، ينسي تفاصيل الليلة السابقة، تصطدم صور الذكريات التي تترقرق احيانا الي ذاكرته مصحوبة بعطر غامض يجعله يشعر بخدر طفيف ولذة لا تمت بصلة للزمن الحاضر، يري نفسه صبيا يجلس الي منضدة في منتصف الفناء الواسع في بيتهم وعلي ضوء مصباح الزيت كان يحاول ان يكتب الشعر، مضيعا الوقت كله في الزعيق فوق اخوته الصغار ليصمتوا حتي يجد شيطان الشعر فرصة ليهبط فوق رأسه، وفي محاولة طرد الباعوض الذي يجذبه ضوء المصباح بكثافة اكبر كثيرا من انهمار الشعر الي رأسه. انه الوحيد الذي يسب الدين لشيطان الشعر ليزوره دون جدوي.
    ضاعت القصيدة الوحيدة التي نجح في كتابتها في متاهة السنوات ولم يتبق منها سوي وهج باعوض المصباح وبعض بقايا تفاصيل شجاره مع اخوته الذين توزعهم العالم.
    ذات مرة صمم ندماء الليل علي عدم اعطاءه الفرصة لاستفزازهم بشتائمه، قال للنور: ايها الكلب تسير طوال النهار وراء زوجتك التي لا تشبه النساء، أحرف جزار لا يستطيع ان يستخرج منها كيلو لحم واحد!
    فقال النور: جزاك الله خير !
    وقال للطيب: عامل فيها شيخ يا دجال وانت كل قطعة لحم في جسمك بالحرام، ابوك مشي السعودية قال للناس داير ابني جامع، لم القروش وجة أكلها وما بني ولا حتي زاوية!
    قال الطيب: بارك الله فيك ياأخي!
    قال لعثمان: عامل فيها دكتور وانت كل همك تتفرج علي أعجاز النساء، اي واحدة تجيك حتي لو عندها وجع ضرس تديها حقنة في الأرداف!
    فقال عثمان: فضلة خيرك، إنت كمان لو ما الظروف كان بقيت دكتور كبير تجيب الضرس من جذوره، من آخر القدمين!!
    وقال للزين: اليشوفك بالنهار لابس هدومك المكوية يقول دة المحافظ مش مخزنجي في المجلس، يا لص المخازن والمهمات!!.
    عرف الزين أنه سيوفّر جهاز راديو لسهرة الغد: نعمل شنو دي قسمة ربنا!
    قال لزميل فشله: يا لاحس فروج النساء!
    ابتلع الزميل اعصارا من الغضب حتي سمعت أصوات قرقعة العاصفة داخل بطنه وقال: أحسن من بعض من الناس!.
    نظر عبد السميع حواليه، وضع كأس العرقي جانبا ولبس مركوبه خارجا: أحسن النوم بدل السكر مع اللواي.. (تم حذف الطاء والياء المربوطة لدواعي الحياء العام ..الخ)
    يشرب القهوة في الصباح أمام المتجر، لا يزعجه سوي الأصوات العالية، أحدهم ينادي علي المركب الواقفة في الشط الآخر، المركب التي لا تأتي أبدا، بسبب عدم وجود هواء! ففي جمهورية الكيزان السعيدة إنعدم حتى الهواء! حتى أنه إنتهي الى القول:
    لو عاوز تقطع البحر الى الضفة الأخرى...إلا تبقى كيجاب!
    أحدهم يصيح وهو قادم من المشرع: ايوة أنا شاهد في القضية، يكررها عدة مرات، يصيح فيه عبد السميع: اصلك شاهد في لوكربي! ما حمار مسروق يا قزازة عرقي!
    أقنعه الندماء ان يذهبوا الي حفل عرس، اقتنع بعد لأي، كان يخشي من المضايقات بمجرد ان نزل من المركب وهو يترنح حتي فال احدهم:
    ألحق عبد السميع كرجبون! ( أي سكران بشدة بلغة الدناقلة!)
    فقال له : ايوة كرجبون، كرجبون من جيبك يا سخيف!
    يقول زميل فشله : عشرين سنة تقرأ طب أسنان يا عبد السميع، وضم طرف صباعيه الابهام والسبّابة ليبيّن تفاهة الشئ الذي سيشير إليه: ضرس.. ضرس ما تقدر تقلعو!
    نسي عبد السميع التهديد، ولجأ للدعم السريع: أسكت يالاحس فروج النساء!.
    أمسك زميل الفشل بجركان العرقي وسكبها فوق رأس عبد السميع الذي أخرج لسانه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العرقي السائل فوق وجهه بكثافة، ولتقليل تكلفة الغسيل الباهظ لرأسه الفارغ!!

                  

07-23-2018, 01:16 PM

حاتم أحمد آدم

تاريخ التسجيل: 10-04-2010
مجموع المشاركات: 53

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    منتهى الإبداع استاذ أحمد. ثابر على هذا الإبداع في وقت عز فيه كل شئ جميل

    (عدل بواسطة حاتم أحمد آدم on 07-23-2018, 01:17 PM)

                  

07-24-2018, 08:59 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: حاتم أحمد آدم)

    Quote: منتهى الإبداع استاذ أحمد. ثابر على هذا الإبداع في وقت عز فيه كل شئ جميل


    شكرا جزيلا لك أخي حاتم على كلماتك الكريمة. لك كل الود والتقدير.
                  

07-27-2018, 07:02 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    السرقة مباحة أثناء خسوف القمر!!



    افتتح القاضي المحكمة الشعبية: لا بأس، نبدأ. وأشار للحاجب لينادي على القضية الاولى.
    نادى عبدالعاطي على الشاكي الأول حسن الاعور، الذي أعلن دون مقدمات ودون أن ينتظر القاضي ليسأله عن مشكلته: الحنين سرق مني ربطة قصب!
    مسح القاضي وجهه الضخم من العرق بمنديل أبيض ضخم ولوّح به كأنه يرفع راية استسلام أمام القيظ: ربطة واحدة فقط؟
    دة العرفناه يا مولانا، يمكن سرق قبل كدة، ويمكن يسرق تاني. لكن الناس شافوه يوم خسوف القمر. الاولاد في الشارع شافوه منتظر أول الدنيا أظلمت بعد الخسوف والناس انشغلت بدق الصفائح عشان يساعدوا القمر يمرق بسرعة. واحد من الاولاد شافه بالصدفة وهو بيسرق ربطة قصب من سقف بيتي!
    قال القاضي: لكن ربطة دي حاجة رخيصة، والزول دة لو ما محتاج ما كان حيسرق القصب. ممكن تعافيه المرة دي وأنا بجاملك في القضية الجاية!
    تجاملني في شنو يا مولانا محكمة دي ولا سوق السبت؟ الزول دة متعود دائما يسرق القصب. في الصيف قلت ليه تعال أزرع معاي شوية مريق على الاقل تستفيد بالقصب للبهائم لكن رفض، قال لي الصيف ما للشغل، للراحة، كفاية علينا التعب في الشتاء!
    قال شيخ النور مساعد القاضي: إعتبرها زكاة! بعدين ما دام الراجل دة ما بيسرقك الا وقت خسوف القمر ما مشكلة لأن الخسوف بيحصل مرة كل عدة سنين!
    قال الحنين: الزكاة دفعناها. ناس الزكاة بقوا ينتظروا المحصول قبل نجمعوا في الجوالات ويقسموا حقهم! وكت أحتجت في الصيف ولدي مرض ومحتاج عملية زايدة مشيت ليهم قالوا ما عندهم، القروش مشت كلها للعاملين عليها!
    قال القاضي: كدة خلينا يا زول من شغل السياسة دة، انت داير تقطع عيشنا ولا شنو.
    واصل الحنين: بعدين لو هو التزم يسرق القصب فقط وقت يكون في خسوف ما عندي مانع،. لكن الضمان شنو يكون بيسرق في ايام الظلام وكت القمر يغيب بدري؟
    قال القاضي مبتسما: ما مشكلة نحن ممكن نخليه يتعهد قدام الناس ديل ما يسرق القصب الا وقت خسوف القمر.
    أشار القاضي لعبد العاطي فنادي بصوته : المتهم الحنين.
    جاء الحنين. كان يبدو مسكينا وضعيفا لا يقوى ولا حتى على رفع عود قصب واحد من الارض. حتى الجلباب الممزق الاطراف الذي يرتديه كان يبدو كأنه يسير وحده ولا يوجد إنسان في داخله
    قال القاضي: اها يا الحنين. انت سرقت القصب؟.
    قال الحنين ببساطة وكأنه يرد على السلام: نعم!
    شعر شيخ الطيب بخيبة أمل من سرعة الاعتراف الذي كان يأمل في إنتزاعه بعد استدعاء الشهود وبعد عدة اسئلة ومداولات.
    كانت لديه عدة اسئلة حول مكان وجوده لحظة ارتكاب السرقة، لم يعد لها معنى. فكر قليلا وسأل سؤالا غير ذكي: وسرقت ليه!
    صمت الحنين وقال: والله قسمة ربنا بس!
    ضحك شيخ النور وقال: دي ما قسمة ربنا، براك قسمت لي نفسك!
    قال شيخ الطيب بلهجة تحقيقية ليعوض عن الاعتراف السريع: لازم يكون في سبب قوي. عشان الرجل دة مقدم شكوى ضدك!
    قال الحنين: يعني القسمة ما سبب قوي؟
    تحير القاضي قليلا، حاول أن يلقي محاضرة يستعين فيها بإرثه من دراسة الفقه، لكنه إكتشف أنه لا يذكر شيئا من الأحاديث التي يمكنه أن يفند بها دعاوي الحنين لتأصيل سرقة القصب. سحب كرسيه للخلف قليلا وأعطى المتهم عدة خيارات ليسهل له الاجابة بعيدا عن إلقاء تبعة ما اقترفته يداه على القسمة والنصيب:
    لا إنت وكت مشيت تسرق القصب كنت محتاج مثلا، البقرة جيعانة؟ داير تعمل راكوبة في البيت؟ كنت مستلف قصب من زول جة ضايقك عاوز ترجعها ليه؟ زوجتك قالت ليك جيب قصب عشان نولع بيه النار لعمل العشاء؟ وبعدين ليه اخترت وكت الخسوف للسرقة؟
    بدا الحنين مترددا كأن خيارات القاضي لم تنطبق كلها على سرقته. حاول التمسك بمسألة القسمة حتى لا يتهم بتغيير أقواله، فكر قليلا ثم قال: والله القسمة ودتني مراح البهائم مع أن دائما الاولاد بيعشوا البهائم ويحلبوا البقرة، يوم الخسوف كنت ماشي أسهر مع رضوان في الحلة بحري، رضوان قال لي سكر يوم الكسوف ما بينفع، بننسخط لو سكرنا، عشان كدة رجعت بدري! لقيت البقرة جيعانة، ما قدرت أحلبها، بعدين الاولاد الصغار كانوا جعانين، الكبار مشوا إتعشوا في كرامة الخسوف في المسيد. مشيت اسرق قصب من جنينة العمدة، هناك القصب كتير مافي زول حيعرف ان في ربطة اتسرقت، لكن لقيت المحل ملان بالاولاد جايين عشان الخسوف. كل محلات القصب لقيتها ملانة بالشفع. جيت ماري جنب بيت حسن الاعور لقيت الاولاد قاعدين في الشرع قدام البيت منتظرين الخسوف. قررت خلاص ارجع أو امشي الحواشات أحاول القى شوية قش رغم ان اليومين ديل مافي حاجة، ناس الرعي ما خلوا حاجة في الحواشات. في اللحظة دي القمر غاب والدنيا بقت ظلام. إنتهزت الفرصة قلت مافي زول حيشوفني.
    لكن الكلام دة حرام!قال القاضي .
    قال الحنين: حرام شنو، في زول من ناس الحكومة ديل قالوا سرق بلد كاملة باعها بناسها وبهائمها! بقت على ربطة القصب بتاعتي دي!
    تجاهل القاضي كلامه حول السرقة الحكومية وقال: كان ممكن تستأذن الزول دة وتستلف منه القصب!
    قال الحنين: استأذنت منه كتير. آخر مرة قبل أيام قال لي ما عندي قصب، العندي ما حيكفيني لغاية نهاية الموسم!
    وقف حسن الأعور وقال:
    الزول دة يا مولانا لازم يتسجن ويدفع لي تعويض، الزول دة قبل كدة سارق مني حمار!
    قال القاضي: الشهود اثبتوا الزول دة كان مريض وعنده ملاريا وكت حمارك اتسرق. ودي بلد مفتوحة تجار حمير مارين ممكن يسوقوا حمارك وسطهم بدون زول يلاحظ وانت حمارك مطلوق اليوم كله، الناس كلها تشتكي ان حمارك كان بيتلف الزراعة عشان كدة الناس فرحت وكت حمارك اتسرق!
    أنت فرحان يا مولانا عشان حماري اتسرق؟ انت مفروض رجل قانون ترجع المسروق مش تفرح وكت الناس تسرق!
    قال القاضي: أنا ما فرحت، قلت ليك بعض الناس فرحوا لأن حمارك كان معذبهم، أكل برسيم الناس ودخل الحواشات أتلف الزراعة!
    لم يفند حسن الأعور إتهام حماره المسروق بإتلاف المزروعات، أصر على إتهام الحنين:
    الزول دة سكر بحماري!
    قال القاضي: كيف الزول يسكر بالحمار؟ قصدك ركب الحمار مشى سكر بيه؟
    لأ سرق الحمار وباعه ومشى اشترى بالقروش العرقي !!
    قال شيخ النور: لو عندك شهود جيبهم الزول دة سكر بحمارك او دة حنعتبره قذف!!
    قذف شنو انا عمري ما جدعت الحجر. بالعكس زمان وكت كنت فنان بغني في الاعراس الناس جدعوني بالحجارة، في الاول كنت بصبر عليهم وبرد عليهم بالغناء، لكن وكت الضرب كتر بقيت أردم الحجر جنبي قبل ما أبدأ الغناء، ولو أي واحد رماني بحجر بضربه أنا كمان بالحجر وما بوقف الغنا. بكون بغني واضرب والزول يكون جاري من ضرب الحجر وبيرقص من الغنا في نفس الوقت!!
    - قذف يعني اتهمت الزول بالكضب
    كضب كيف الزول اعترف قدامكم!
    اعترف بالقصب ما بالعرقي
    ما خلاص زول معترف بالسرقة غالبه شنو يجيب العرقي يسكر بيه!
    بادره القاضي : وإنت عرفت كيف انه باع الحمار وسكر بقروشه؟
    تردد حسن الأعور قليلا، وتلفت حواليه كأنه يحصي عدد من سيشهدون فضيحة إعترافه قبل أن يعلن: ست العرقي قالت لي!
    قال القاضي: والوداك محل العرقي شنو؟
    ما مشيت أي محل يا مولانا، ست العرقي دي الا امشي اشتري منها، يمكن قابلتها في السوق!
    وست العرقي القابلتها في السوق دي، شافت الزول دة وهو بيبيع الحمار ويجي يشتري العرقي!
    لأ لكن وكت اشترى العرقي طلّع من جيبه قروش كتيرة دفع منها تمن العرقي، ست العرقي قالت ليه : بعت التمر؟
    قال ليها لأ، دي قروش حرام عشان كدة بدفع منها تمن العرقي عشان يذهب الحرام من حيث أتى!
    ضحك شيخ النور وقال: وأي قروش حرام معناها قروش حمارك؟
    قال القاضي مصرا: وانت الوداك لست العرقي شنو؟ معقول حتحكي ليك الكلام دة كله في السوق؟
    فرغ صبر حسن الأعور: مشيت سكرت يا مولانا. ولو أنا ما سكرت يا مولانا انت حتشتغل شنو؟ عندك شهود ناديهم وأجلدني!
    حكمت المحكمة بالحبس ثلاثة ايام على حسن الأعور لاهانته المحكمة الموقرة. وبغرامة عشرة جنيهات على الحنين لسرقته ربطة قصب على أن يعوض الشاكي بمبلغ خمسة جنيهات.
    قال الحنين: عشرة جنيه عشان ربطة قصب، دة حكم جائر يا مولانا!.
    مسح مولانا العرق الغزير من وجهه ولوّح بمنديله الابيض الضخم مستسلما للقيظ، وقال: دي قسمة يا الحنين، ليه سرقتك تبقى قسمة وحكمنا يبقى جائر؟
    رفعت الجلسة.




                  

07-30-2018, 08:58 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    .
                  

08-01-2018, 08:50 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)


    أفضل الناس في القرية هم المجانين !

    بدأ الشتاء، هبت رياح الشمال الباردة فإكتسحت أوراق الاشجار المتكومة في الأفنية ، فتطايرت في الفضاء مثل الفراشات. كان شيخ النور يجلس في الشمس أمام المسيد، تعود منذ وفاة والده المسن قبل أيام أن يقضي معظم وقته في المسيد، هرع الناس جميعا الي الحواشات فأصبحت القرية خالية وموحشة، جاء بعد قليل سليمان الاعرج وحاج بشير وفارس المجنون.


    قال شيخ النور: وانت السنة دي ما ناوي تزرع؟

    قال فارس: زراعة شنو السنة الفاتت شلت سلفية من البنك وزرعت، يوم الحصاد جو ناس البنك شالوا المحصول كلو ووكت ما كفاهم ساقوني انا ذاتي معاهم!

    وضحك شيخ النور وقال : أخير ليهم كان يسوقوا حمارك يمكن يجيب أحسن منك في السوق ويتم ليهم قروشم الناقصة!

    وقال الحاج بشير: وداير تعمل شنو يا ولدي داير تمشي العمرة؟

    قال فارس: السنة الفاتت مشيت حاولت العمرة قالوا تمشي في الأول تعمل الخدمة الإلزامية في الجيش ، مشيت غيرت الجواز بعمر كبير برضو لقيتهم زادو سن الخدمة الوطنية. لكن السنة دي عندي فكرة جديدة.

    قال شيخ النور: أها ناوي علي شنو.

    قال فارس : داير أمشي أجاهد في الجنوب!

    ضحك شيخ النور واشار الي جركان العرقي الصغير الذي يحمله فارس المجنون في حله وترحاله وقال :

    انت جهاد نفسك غلبك ماشي تجاهد الناس التانيين!

    قال فارس : دة بزنسن، قالو تمشي تعديلك كم شهر هناك، طبعا ما تمشي تكابس قدام، تكون في الصفوف الورا ، تجيب الموية للناس البيحاربو، تربط لي زول مجروح يدو، تعمل ليهو جبيرة لو اتكسر، بعد تكمل كم شهر يدوك شهادة مجاهد، دي لمن ترجع بتفتح ليك الدرب!

    سمعوا من علي البعد صوت عزف حزين علي الصفارة، تسرب الصوت ببطء في خمول الضحي واختلط برائحة القهوة ودخان النار التي بدأت النسوة في اعداد خبز القراصة لطعام الفطور عليها. قال العم بشير : دة باين عليه سيد قيلة!

    ظهر امامهم بعد قليل سيّد قيلة المتسول الموسمي، يظهر في القرية في مطلع الشتاء ويختفي فجأة ليظهر في نفس الوقت بعد عام، توقف سيد وحياهم من علي البعد وطلب حسنة لوجه الله، كان ينادي بصوت جهوري ويتسول من موقف قوة وثقة وكأنه يطالب بحقوق له عندهم، وبدا كأنهم هم الشحاذين وليس هو، وكان يطالب في الغالب بمبالغ ضخمة ليستثمر الصدمة في الحصول علي مبالغ معقولة،

    أصدر أمره : شيخ النور داير لي مية ألف !.

    ضحك شيخ النور وقال : لو بعت الحلة دي كلها بناسها وبهائمها ما تجيب ليك نص المبلغ دة!

    أصدر سيد قيلة أمره البديل : طيب أديني بطانية أبوك تبقي ليه صدقة جارية.

    ضحك شيخ النور وقال : يا اخوي ابوي لو كان عندو بطانية ما كان مات، أبوي مات بالبرد!

    قال مخاطبا شيخ النور وكأن فارس المجنون غير موجود: فارس دة ظروفو كيف داير لي منو عشرة ألف !.

    قال شيخ النور : فارس دة راسمالو الجركان دة، لو داير عرقي ممكن تتملي فل، لكن كاش والله اعلم ما عندو!

    ضحك فارس وقال : نتصدق بالعرقي كمان ولا شنو؟

    واصل سيد قيلة مخاطبة شيخ النور: وعمك بشير دة كيف، ولدو ما قعد يرسل ليه من السعودية ما يشوف لي مية ألف؟

    قال شيخ النور: نقيت علي ولدو من السنة الفاتت قالو هسع طردوه، لم في الكفيل دقاهو دق الرخصة عملو ليه خروج بدون عودة! حتي الحج ذاتو ما يقدر يمشيهو تاني!

    وسأل سيد قيلة: وهسع شغال وين ولدو؟

    قال شيخ النور : رجع قالوا شغال سمسار في السوق العربي.

    نفض سيد قيلة جلبابه الممزق وجيوبه المحشوة بالورق وقال: أحسن بترولنا طلع .. بعد دة ممكن الناس يجوا يحجوا عندنا!.

    ضحك شيخ النور وقال : بترولك دة وينو أما ما شفنا منو التكتح، نفس الجوع والغلاء، أمبارح محمد علي ودا اولادو المستشفي عندهم اسهال، قبل ما يطعنوا الجلكوز للولد قالوا لي ابوه يدفع تمنو!وكت غلبو يدفع ساق الاولاد وشرد من المستشفي!

    واردف شيخ النور: انت بدل كدة ما تمشي مع فارس الجنوب تجاهدوا وتاخدوا شهادة الجهاد قالوا بتفتح ليكم الدروب يمكن بعد داك تلقوا ليكم قطعة واطة يا سلفية من البنك يسددوها اولادكم بعدين!

    عبر في تلك اللحظة حسن المجنون الذي يركب علي ظهر حماره طوال اليوم، يقف في مكان واحد ونادرا ما يتحرك، فاجأه سيد قيلة: أديني الحمار دة يا حسن بديك صفارة بوص!

    نزل حسن علي الفور وسلمه الحمار وتسلم صفارة البوص، ضحك سيد قيلة بصوته الاجش وهو يعتلي صهوة الحمار وقال : والله المجانين في الحلة دي أحسن من العقّال! قبل ان يضرب الحمار ويمضي.

    جلس حسن يعزف بجانبهم علي الصفارة وواصل شيخ النور كلامه مع فارس: وانت هسع ضامن تجي راجع من الجنوب حي؟

    وقال فارس: ما قلت ليك انا ماشي أقيف بي ورا، أجيب الموية واعالج الجروح.

    وقال شيخ النور: طيب الضربة ما ممكن تجي من ورا. ولا يقوم بيك لغم يبقي بدل ما تلم قرشين وتجي تعرس، يعرسوا ليك الحور العين.

    قال فارس : وعرس زي دة كويس معاكم هنا تمشوا تتملوا علي حساب الحكومة واكون انا رحت شمار في مرقة.

    وقال شيخ النور: ميزتو الوحيدة عرس الشهيد انو ما فيهو كشف!

    أخرج فارس المجنون ورقة وقلما ليحسب الارباح المحتملة من رحلة الجهاد، غفا شيخ النور قليلا ثم استيقظ علي صوت اذان الظهر، تساءل قائلا : يا اخوانا أنا فسيت؟ شميتو ليكم شئ؟ خايف يكون الوضوء اتقطع!.

    لم يجبه احد ، كان فارس مشغولا بحساباته، فيما مضي حسن المجنون بعيدا ونغمات صفارته تمزق صمت الحياة في الشتاء.
                  

08-04-2018, 06:22 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    .
                  

08-07-2018, 12:04 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    ساحرة أرجنتينية تُهدي السيد الرئيس قميص ميسي وحذاء أوكامبو!!




    كان الفرعون يشعر بالسأم، الأمن مستتب سيدي الرئيس! الخريف مبشّر هذا العام، كل المتآمرين غرقى، كل سيارات الانقلابيين غارقة في الوحل! الجنجويد يحرسون الشوارع الغارقة.
    سمعت أنه كانت هناك محاولة انقلابية، يجب إعدام الجميع!
    لم تكن هناك محاولة انقلابية سيدي الرئيس، كانت فبركة من جهاز المخابرات الوطني، لطرد عشرة آلاف معلّم من وظائفهم، وإحلال عشرة آلاف معلم من كوادر حزبنا سيدي الرئيس! هؤلاء الصغار هم مستقبل وطننا لا يجب أن نسلم آذانهم لأعداء الثورة والوطن!
    قال مندهشا من تفاهة الفكرة: كيف يدبّر المعلّمون محاولة إنقلابية؟ هذا وطن بمشاكله المعقدة وليس مدرسة إبتدائية! ماذا اذا لم يجد الناس الخبز، هل سيقولون لهم: لا مشكلة ليس بالخبز وحده يحيا الانسان! هل سيأكل الناس الطباشير! ماذا لو هطلت الأمطار الغزيرة وإكتسحت السيول الوطن، وعمت الابتلاءات في كل مكان! هل سيقولون للناس من تهدّم بيته يجيب بنعم! ثم يقومون بجلد اللصوص الذين استغلوا الفوضى لسرقة الاشياء القليلة التي يمتلكها الفقراء! هذا وطن مشاكله معقدة، لن يستطيع المدرسون حلها، كل من يختلف قليلا مع رجال السلطة يحمل السلاح! كيف يمكنك أن تجلد بالعصا (كما يفعل المعلمون في مدارسهم) شخصا يحمل بندقية كلاشنكوف ويتوكأ حين يسير على مدفع آر بي جي!
    يقولون ان ذلك حدث في تركيا!
    هنالك ربما لدى بعض الناس فراغ، يدبّرون إنقلابا عسكريا لمحاربة السأم والتضخم! نحن ليس لدينا وقت او تضخم، الجميع مشغولون بالعمل من أجل الوطن، وحماية مكتسبات الثورة، نحن نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع!
    لكن مواقع المعارضة على الشبكة العنكبوتية في الخارج تقول أننا لا نأكل شيئا ولا نلبس شيئا!
    لقد قلت ذلك بنفسك، شبكة عنكبوتية هل ننتظر خيرا منها؟ أليس أوهن البيوت هو بيت العنكبوت؟ المعارضة لا تعرف شيئا عما يدور داخل الوطن، لقد اصبحنا نأكل الهوط دوق والبيتزا! بدلا من البوش والملوحة! في عهود الظلام لم يكن المواطنون يذهبون الا نادرا الى المرحاض! ماذا سيتبول من يأكل شيئا شبيها بالغائط! في عهد ثورتنا المجيدة، عاد الناس الى المراحيض، ثورة المراحيض المجيدة!
    لكننا لا نزرع الهوط دوق سيدي الرئيس، ولا نزرع البيتزا!
    لدينا رجال اعمال أجانب، يمكننا الاتفاق معهم لزرع مساحات إضافية بالهوط دوق والبيتزا، سنحقق الاكتفاء الذاتي ونصدّر الفائض ونصبح سلة هوط دوق العالم!
    لكن الدولار إرتفع سيدي الرئيس، الفقراء يحبونك سيدي الرئيس، لكن ليس بالحب وحده يحيا الانسان، لا بد من الخبز والدواء!
    في عهود الظلام كان الناس يحيون بالحب! ألم يقل احد مفكري حزبنا أن الناس في عهود الجاهلية الحزبية كانوا يقفون اليوم كله في صفوف الحب! صفوف العاهرات! الآن لا توجد صفوف للحب، لقد وفرنا كل شئ، الحب موجود في وطننا أكثر من الهواء، الحب الجماعي!. حين يرتفع الدولار أحيانا بسبب الإستهداف والحصار الامريكي، تكون هناك صفوف للخبز! تطورت في عهد ثورتنا المجيدة إحتياجات الناس إيجابيا!
    تثاءب السيد الرئيس وقال برغبة إلغائية لكل البرامج التي تبقت له في ولايته تلك:
    هل لدينا مواعيد مهمة اليوم؟
    هناك موعد هام مع ساحرة أرجنتينية!
    ساحرة أرجنتينية؟ ما الذي أتى بها من تلك البلاد البعيدة؟
    كانت أحد حضور مؤتمر السحر والساحرين الذي نظّمه جهاز الأمن والمخابرات الوطني!
    لا أرغب في مقابلة ساحرة من الأرجنيتن! حتى لو كانت ملكة جمال أمريكا اللاتينية! هل نسيت انها بلد أوكامبو! أليس من الممكن أن تكون هذه الساحرة هي أوكامبو نفسه جاء متخفيا! بعد ان فشل في الايقاع بي لعدة سنوات! رغم أنه ظل بدأب يحسد عليه، ينصب شباكه المثقوبة أمام طائرنا الرئاسي الميمون!
    لكن اوكامبو ترك العمل معهم، كما ان هذه الساحرة لديها مقدرات عجيبة!
    ماهي مقدراتها؟
    يمكنها أن تحضر لك أية ملابس تخص أية شخص في العالم في دقائق! تجرّد ذلك الشخص من ملابسه فيجد نفسه عاريا فجأة، حتى لو كان يقود جيشا لدحر إنقلابيين أو يرأس إجتماعا في البيت الأبيض أو يحاضر في أرقى جامعات الدنيا!
    أريدها أن تحضر لي حذاء اوكامبو، حتى لا أشعر أبدا أن هذا الأفّاق يتبعني، حين يكون القصر هادئا ولا يوجد مستثمرون أجانب في الحديقة، يريدون شراء أراضينا الزراعية، ولا عشّاق في شارع النيل يغنون لغروب الشمس، او أصوات دبّابات إنقلابيين جدد، فإنني أسمع دائما صوت خطوات تتبعني! قال لي عرّاف قبل سنوات: أنها خطوات أوكامبو!
    لا بد أن حذائه قد بلي سيدي الرئيس ما دمت تسمعه يدبّ نحوك منذ سنوات!
    تقول الساحرة أنها ستصنع لك ثوبا لا تكون رؤية من يرتديه في متناول الجميع، حين تفتّش حرس الشرف لن يراك من حرّاسك الا المخلصين، حين تجلس في إجتماع مجلس الوزراء لن يراك الا الوزراء المخلصين الأنقياء الذين يعملون ليلا ونهارا في خدمتك وخدمة شعبك!.
    ضحك السيد الرئيس وقال: إذن لن يراني أحد في مجلس الوزراء! ولا حتى الحاجب!
    سيكون ذلك أفضل، يمكنك عندئذ حضور الاجتماع كاملا دون أن يلاحظ أحدهم إنك موجود، يمكنك أن تعرف كل أخبارهم وكل المؤامرات التي يحيكها منافسوك في الحزب من المدنيين الذين أحلتهم الى التقاعد، حين إكتشفت أن طموحهم إمتد الى كرسيك سيدي الرئيس!
    وما إسم هذا الثوب الذي ستصنعه الساحرة ؟
    لقد إسمته الساحرة بإسم لاعب كرة قدم شهير إسمه ميسي! الثوب نفسه مصنوع على نفس شكل الفانلة التي يرتديها هذا اللاعب الشهير ويسجّل بها الأهداف الذهبية، حين ترتدي ثوبه يمكنك أن تسجّل ايضا عدة أهداف! تتحول الى الهجوم، بدلا من بقائك للدفاع طوال اليوم عن عرشك المهدّد بين دبّابات الانقلابيين ومؤامرات المدنيين من فلول حزبك!
    ألا يجب أن أخاف أيضا من الشارع؟ ام أنّ شعبي السعيد يحبني!
    شعبك يحبك سيدي الرئيس وحين يراك بثوب ميسي سيزداد حبه لك، شعبنا يحب ميسي سيدي الرئيس!
    لكن ألا يمكن ألا يراني شعبي حين ارتدي ثوب ميسي الذي لا يراه اللصوص والمتآمرين!؟ ألا يوجد لصوص ومتآمرين بين صفوف الشعب؟
    الشعب نقي إجباريا سيدي الرئيس! ليس فقط بسبب تفشي القيم النبيلة في عهدك السعيد، ولكن لأن السياسيين في حزبك لم يتركوا شيئا للشعب ليسرقه! لقد سرق أعضاء الحزب حتى أعمدة التليفونات، حتى شوارع الاسفلت طووها مثل السجاد ورفعوها في عربات ضخمة حملتها الى خارج الوطن، حيث بيعت لبعض الدول النامية ، لقد باعوا البنية التحتية سيدي الرئيس! حتى مجالنا الجوي باعوه، جميع الطيور التي تحلّق في مجالنا الجوي السابق أصبحت تخص ملّاكا آخرين سيدي الرئيس! لا يمكننا صيد القطا! اذا طربت لغناء القماري فوق أشجار النيم ستصلك فورا فاتورة واجبة السداد للشركات التي تملك المجال الجوي وتملك معها العصافير! إذا ردّدت مساء وأنت مستلق في الفناء أغنية (يا نجوم الليل أشهدي على لوعتي وتسهدي .. على بكاي وتنهدي) سيكون هناك شهود أخرين أيضا يشهدون على لوعتك وتسهدك، كاميرات الشركات التي إشترت المجال الجوي، وستبكي وتتنهد حين تصلك الفاتورة خلال أيام قليلة، ألم تشاهد الاعلان الذي تبثه شاشات فضائية ضخمة: ممنوع السهر دون إشتراك شهري، في ضوء النجوم التي بيعت مع المجال الجوي!
    دهش السيد الرئيس: اذن لقد باعوا الهواء وباعوا النجوم، وباعوا الشوارع! هذا يفسّر لم اصبح الغبار يهب يوميا في منطقة قصري الجديد! لقد باعوا شارع الاسفلت!!
    باعوا أشجار اللبخ القديمة ايضا سيدي الرئيس، أشجار اللبخ التي غرسها الانجليز! إضطر عشّاق شارع النيل الى نصب خيام ملونة صغيرة حتى أصبح شارع النيل يبدو من على البعد مثل السوق الشعبي سيدي الرئيس! ينصبون الخيام ليقوا أجسادهم من أشعة الشمس الحارقة، التي تحرق الرؤوس أثناء قراءة العشّاق لآخر قصائدهم، مما يجعل العشّاق يرتبكون بسبب القيظ ويقرأون قصائد كتبت لحبيب آخر، أو ينسون تغيير اسم الحبيب القديم في قصائد عشقهم المستهلكة فيبدأ العراك ويرتفع الغبار في فوضى عراك الحب!
    فليحضروا الساحرة الأرجنتينية!
    وفي اليوم التالي إرتدى السيد الرئيس قميص ميسي، لم يره أحد في مجلس الوزراء، ولا حين خاطب الاجتماع التشاوري لقادة وأعضاء حزبه، لم يره أحد في أي مكان، لكنه حين نزل الى الشوارع الغارقة في الشمس يتفقد الرعية، رآه الناس عاريا، كما ولدته الساحرة الارجنتينية صاحبة الميول الاوكامبوية! التي نسيت إبلاغه أنّ الحزاني والمسحوقين من ضحايا عهده السعيد سيرونه حين يخطر بينهم، دون ملابس، لا يرتدي شيئا سوى حذائه العسكري الضخم الذي يشبه قاربا صغيرا حمله موج منسي ليرسو ذات يوم في قدميّ فيل السلطة العتيق!




                  

08-23-2018, 10:15 PM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)

    .
                  

09-01-2018, 04:25 AM

احمد الملك

تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصص قصيرة من مجموعة (عمايل الكيزان في بلاد (Re: احمد الملك)



    السيد الوزير يشرع في الزنا!

    في ظلال شجرة الجميز العتيقة جوار المسيد إنعقدت المحكمة. جاء سعد الشهير بأبو الجاز وكان اكتسب الاسم منذ سنوات بسبب بيعه للجاز المسروق أيام عمله كسائق لجرّار في إحدي المؤسسات الحكومية الزراعية. جاء يرتدي جلبابا فخما وعمامة ضخمة، وبدا بذقنه الطويلة الورعة التي تكاد تلامس الأرض، وغرة الصلاة التي تغطي جبهته، كأنه القاضي وليس المتهم.
    افتتح شيخ الطيب المحكمة: نبدأ الجلسة يا اخوان، وين حاجة ست البنات جاءت ست البنات تسحب معها ابنتها . ابنتها كانت لا تزال قاصرا، وكانت جافة الجسم مثل عود من العشر وقد لفت حول رأسها قطعة قماش أزرق وارتدت فستانا طويلا من قماش الشيت الرخيص. فبدت أشبه ب (الحقن برو) او عروس القصب باللغة النوبية..
    افتتح شيخ الطيب المحكمة بعبارته الشهيرة التي يستخدمها حين يكون مزاجه معتدلا: لا بأس. شيخ النور مساعد القاضي كان يقول ضاحكا أن شيخ الطيب يصر على استخدام بعض عبارات العربية الفصحى غير المفهومة، ليفند بها مزاعم من اعترضوا علي تعيينه كقاض شعبي.
    كانت قد حضرت آنذاك لجنة يرؤسها قاض للفصل في الطعون المقدمة ضده، كان صاحب الطعن الاول رجل درس في الازهر الشريف ثم عاد ليستقر في القرية وبسبب مطاردته لسبل العيش بدأ ينسى تدريجيا كل ما درسه في الازهر، ضاعت ألفية ابن مالك في متاهة السنوات والتفاسير وفقه السنة أثناء مطاردة الأرزاق، وكان كل ما جاء شخص يستفتيه في امر ما ويكتشف انه نسي الجزء الشرعي الخاص بتلك القضية يعلّق قائلا: المعايش جبارة.
    وحين قرر فجأة العودة عن مساره العلماني بعد ان مضت السنوات، لم يكن قد تبقى شيئ من علمه السالف سوي بعض الاحاديث الضعيفة والروايات غير المؤكدة.
    ضحك شيخ النور حين وقف حاج الأمين ليعظ الناس بعد أداء صلاة التراويح في المسيد وقال :
    زولك دة خلي بالك لو كان شغال في الازهر دة بوّاب في العشرة سنين العداهم فيه كان بقي نبي!
    وضحك شيخ الطيب وقال هو اصلا قالو مشي يشتغل بوّاب في الازهر ، لقي مرتب البواب تلاتة جنيه ومرتب الطالب أربعة جنيه، قام اشتغل طالب!
    قال حاج الأمين أمام لجنة الطعون :
    الزول دة بتذكر المؤنت وبتأنث المذكرة!
    علّق رئيس لجنة الطعون : ما مشكلة، الدناقلة كلهم كدة!.
    قال ود التاجر: الزول دة ما بتعرف تكتب!
    أمر القاضي باحضار ورقة وقلم، أمسك شيخ الطيب بتلابيب القلم كأنه يمسك منجلا وأعلن مفتتحا الاملاء :
    بسم الله نبدأ…
    تعاطف القاضي مع شيخ الطيب، فلم يلجأ لعبارات معقدة تجعل التلميذ العتيق يرسب في مادة اللغة العربية.أعلن القاضي متذكرا مقطعا قديما من ايام المدرسة: الولد ولد البلد.
    كتب شيخ الطيب: الود ولد البيت.
    البنت بنت البلد.
    كتب شيخ الطيب: البت بت البيت!
    قال القاضي: كانت حليمة تعمل بائعة للبن.
    وكتب شيخ الطيب:
    كانت حليمة تعمل وتبيع البن!
    طلب شيخ الطيب ورقة اخري لأن الورقة امتلأت وتدفقت الحروف حتي سالت علي المنضدة العتيقة في مبني البلدية الذي بناه الانجليز.
    قال القاضي: ودخلت نملة واخذت حبة!
    فكتب شيخ الطيب: ودخلت نملة واخدت واحدة
    قال القاضي: المتهم برئ حتى تثبت إدانته!
    فكتب شيخ الطيب: المتهم غير برئ حتى تثبت إدانته!
    ضحك القاضي بحزم رسمي حين رأي الخط الكبير والكلمات الضخمة الشبيهة بعربات قطار، وقال لشيخ الطيب: انت كنت شغال شنو زمان؟
    حك شيخ الطيب شعره الاشيب وقال : سواق قطر.
    قال القاضي: عشان كدة.
    قال القاضي هامسا: ستصبح قاضيا، كيف لا تعرف أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته؟
    قال شيخ الطيب: كان ذلك حين كان هناك قانون! الآن اللص في الحكومة وأصحاب الحقوق يموتون بالجوع!
    تغاضى القاضي عن الميول الثورية للمرشح العتيق وأصدر قراره : يعيّن شيخ الطيب قاضيا شعبيا.
    افتتح شيخ الطيب المحكمة بخبطة علي المنضدة و بعبارته الشهيرة : لابأس. .. ثم أردف متسائلا : ريحة العرقي دي شنو؟
    تلفت الجميع بحثا عن مصدر الرائحة التي كانت مختلطة بكثافة مع رائحة القيظ ورائحة نوار شجر السنط، وكأن الناس كانوا في انتظار قرار من القاضي لينتبهوا للرائحة.
    نادي عبد العاطي علي الشاكية. تقدمت مع ابنتها، وحين أشار لها القاضي لتحكي شكواها قالت مشيرة الي سعد أبو الجاز: الراجل دة قابل بتي في السوق وقال ليها أنا بقيت مسئول كبير، دخلت المؤتمر الوطني، ويمكن يعملوني وزير إقليمي، والوزير لا زم يكون عنده أقل شئ مرتين، واحدة للبيت والأولاد وواحدة للسفر والمؤامرات الدولية ! .
    قاطعها شيخ النور مساعد القاضي: قصدك المؤتمرات الدولية يمكن!
    قالت المرأة دون إهتمام بوجوب إحترام هيبة مساعد القاضي: مؤتمرات، مؤامرات، كله كلام فارغ ومصاريف ندفعها نحن المساكين!!
    قاطعهم القاضي مدعيا عدم الفهم : المشكلة شنو طيب لو بقى وزير إقليمي ولا إتحادي وعرّس مرة تانية؟ ما الحكومة كلها قاعدة تعرّس مثنى وثلاث بالدس وبالعلن!
    قالت ست البنات: الصبر يا مولانا، أنا بقول الزول دة قال كدة لبتي ولسة ما خلصت كلامي، بعدين مين جاب سيرة الحكومة؟ إنت ما داير وظيفتك دي ولا شنو؟!.
    ارتفع صوت (المتهم المرشح للوزارة): يا مرة ما تخافي الله البت دي انتي براكي ما جيتي قلتي لي تعال عرّسها!
    خبط شيخ الطيب المنضدة بالعصا وكرّر السؤال : الحصل شنو بالضبط.
    قالت ست البنات: يوم السبت رسلت البت السوق تشتري خضار ولحمة، خالها رسل لينا قال جايي يقعد معانا يومين، طبعا هو مغترب زي ما انت عارف،
    وقال شيخ الطيب حتي لا يعطي سعد ابو الجاز الفرصة ليقاطع المرأة: واها بعدين..
    البت مارقة من السوق وقّفها الراجل العايب دة وقال ليها دايرك في كلمتين، أنا خلاص قرّبت أبقى وزير ودايرك في موضوع. وكت وقفت ، قال ليها نتقابل في المريق بالليل الساعة تمانية!
    وقال القاضي : واها ما قال ليها دايرها في شنوبالضبط لأن قصة حيبقى وزير ممكن يشرحها في الشارع، ولا الوزارة بقت فعل فاضح الزمن دة الا يمشوا ليها الحواشات بالليل؟
    قالت ست البنات بصبر نافذ: وزارة ايه يا مولانا، بالليل وجوة المريق حيكون داير يمشط ليها شعرها؟
    قال شيخ النور مساعد القاضي: كان ما أخاف الكضب، دة شكلو كدة شروع في الزنا والعياذ بالله!
    قال سعد ابو الجاز مهتاجا: يا رجل اتقي الله البخليك تقول كدة شنو؟
    وقال شيخ النور: امال داير تقابلها في المريق بالليل تلعبوا صفرجت يعني؟!
    خبط شيخ الطيب التربيزة بعصاه حتي كادت تتحطم وقال هدوء من فضلكم.
    واصل سعد ابو الجاز صراخه: الولية دي دايراني أعرس بتها كان بالحق ولا بالباطل.
    أصدر شيخ الطيب أمرا: اي واحد يتكلم بدون اذن المحكمة حأديه اربعة وعشرين ساعة في الحراسة.
    صمت الناس وتعالي فقط صوت ضحكات طفل يبدو انه لم يحمل تهديد القاضي محمل الجد، أو انه لم يكن يلاحظ وجود فرق بين البقاء في السجن او في خارجه.
    همس شيخ الطيب في اذن عبد العاطي فارتفع صوته، المتهم سعد ابو الجاز يتقدم الي الامام. تقدم سعد أبو الجاز، قال له القاضي: رايك شنو في اتهام المرة دي.
    كان يضع عدة اقلام فوق جيب الجلابية الفخمة، وكان واضحا أنه بذقنه التي تلامس الأرض، وخبرته كسارق حكومي، وزان وطني، مؤهل تماما لشائعة تقلده الوشيك لمنصب الوزير.
    في تلك اللحظة حين واجه المحكمة بدا جليا انه كان مصدر رائحة العرقي.
    كانت رائحة العرقي تكاد تقتلع الأنوف، سأله شيخ الطيب : انت شارب حاجة؟
    علّق شيخ النور : شكلو كدة المرة دي استحم بيه، مسكين الوزارة كمان ما ساهلة ومسئوليتها كتيرة لازم يستعد ليها.!
    شرح المتهم الصبغة الخيرية العلاجية لمجونه الليلي: والله يا مولانا بالليل بطني كركبت شوية، مشينا كرامة رجوع ولد ناس حاج الأمين من العراق، قلنا ضروري نمشي نحمد السلامة، الظروف بقت صعبة لكن السلام على الزول العائد من الحرب، عمل خير. كانوا ضابحين، انت عارف مع التضخم أسعار اللحم بقت ضخمة، اللحم بقى زي الدهب الناس تشتريه بالوقية، وبعد دة غالي. تقلت شوية في اللحمة، بالليل تعبت مشيت جبت لي نص.
    وقال شيخ الطيب: اها وانشاء الله العلاج نفع وبقيت كويس!
    قال المتهم رافعا يديه للسماء : الحمدلله تمام التمام. نعمة من الله، الدوا ذاته زي ما عارف يا مولانا بقى غالي شديد ومقابلة عزرائيل أسهل من مقابلة الدكتور. ومستشفيات بقت زي الفنادق، تدفع ترقد. ما تدفع، برضو ترقد لكن في الواطة، في القبر! لكن ربك كريم، إن الواحد يتوفق يلقى علاج بسهولة لمرضه بدون يقابل دكتور ولا يمشي أجزخانة!
    قال القاضي : طيب موضوع السكر دة نجيه بعدين هسع رايك شنو في كلام الناس ديل.
    وضع سعد ابو الجاز يده فوق صدره وقال : الحقيقة يا مولانا الناس ديل كلامهم نصو صاح؟
    استفسر القاضي : كيف؟
    انا فعلا قلت للبت داير اقابلك علي انفراد. علّي غرضي كان شريف !.
    ضحك شيخ النور وقال : شرف شنو جوة المريق!
    تنحنح القاضي ونقل جسمه الي الامام قليلا ليستمع جيدا للاعتراف الفضيحة: وقال لسعد ابو الجاز وليه عملت كدة.
    قال سعد ابو الجاز : الحقيقة انا كنت عاير اتفاهم معاها في امور داخلية جوهرية !.
    ضحك شيخ النور وقال : تضخم وجوهرية، يا زول ما تصبر بعد تصل الوزارة بعدين تصرّح!.
    ضرب شيخ الطيب المنضدة. وسأل : تتفاهم معاها في شنو؟ وايه حكاية جوهرية دي؟
    قال سعد ابو الجاز: انت ما قاعد تسمع رادي يا مولانا جوهرية معناها مهمة جدا..
    وقال القاضي : وايه القضايا المهمة الداير تناقشها بالليل جوة المريق؟
    وقال سعد ابو الجاز: والله زي ما تقول يا مولانا كدة الموضوع خاص،كان محتاج لمكان خاص!
    وقال شيخ النور: أها..
    وقال شيخ الطيب: لا بأس.. ممكن نعرف الامر الخاص دة لأن في اتهام لازم نفصل فيه..
    نظر سعد ابو الجاز الي الناس التي تجمعت لسماع الاخبار وقال بعد تردد : يا مولانا البيوت اسرار، وأنا زول بقيت عضو في حزب الحكومة وبدفع اشتراك شهري، ومرشح لمنصب كبير. .
    أصر القاضي: يا توضح الموضوع يا أحكم عليك بالشروع في الزنا!
    وقال سعد ابو الجاز: ودي تهمة جديدة ولا شنو، انا يا مولانا ما عملت شئ وين شهودك الاربعة العدول؟ البت اهدي قدامكم ودوها الدكتور يكشف عليها.
    قال القاضي: الشروع في الزنا معناه انك ما زنيت لكن كنت ناوي تزني .. فهمت!
    ضحك سعد ابو الجاز وقال : طيب ما اي زول اذا كدة مجرم يا مولانا، هسع انت ذاتك قبل فترة الناس قالوا انت بت ناس شيخ علي كانت عاجباك وطلبتها للعرس الا ابوا يدوها ليك عشان عندك تلاتة نسوان، يبقي تصرفك دة برضو شروع في الزنا يا مولانا!
    قال مولانا وقد بدأ الغضب يغطي علي هدوء صوته: كيف؟
    انت كنت داير تعرسها يا مولانا وقالوا مخصوص اتوسطت وعينتها كاتبة في المجلس لغرض في نفس يعقوب، ثم صمت سعد أبو الجاز قليلا كأنه يتذكر شيئا ما..
    خبط شيخ الطيب المنضدة: واصل كلامك.
    بما انك يا مولانا كنت معجب بيها وداير تعرسها لازم حتكون فكرت فيها ونويت تزني معاها.
    قاطعه القاضي: ازني معاها شنو يا رجل انا كنت عايز أعرسها علي سنة الله.
    وقال أبو الجاز: ما خلاص.. النتيجة واحدة..
    خبط القاضي المنضدة خبطة اخيرة: حكمت المحكمة شهر سجن علي المتهم سعد أبو الجاز لاهانته المحكمة الموقرة وأربعون سوطا حد الخمر!

    رفعت الجلسة!

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de