تدشين كتابى: "التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان وآفاق التغيير السياسى".

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 00:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-16-2018, 04:44 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تدشين كتابى: "التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان وآفاق التغيير السياسى".

    04:44 AM August, 15 2018 سودانيز اون لاين
    حسين أحمد حسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دعوة لكم جميعاً بدون فرز:

    يشرفنا حضوركم لتدشين كتابى: "التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان وآفاق التغيير السياسى"

    على منصة مجموعة أجندة مفتوحة فى يوم السبت الموافق 18/08/2018،

    المكان: Emmanuel Church, 389 Harrow Road, London W9 3NA

    مع الشكر،
    حسين أحمد حسين.

    (عدل بواسطة حسين أحمد حسين on 08-16-2018, 04:47 AM)
    (عدل بواسطة حسين أحمد حسين on 08-16-2018, 04:49 AM)
    (عدل بواسطة حسين أحمد حسين on 08-16-2018, 04:51 AM)





















                  

08-20-2018, 11:18 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تدشين كتابى: andquot;التشكل الإقتصادى الإجتما� (Re: حسين أحمد حسين)

    شكراً جزيلاً مجموعة أجندة مفتوحة على هذا المشروع التنويرى المضارع المهم الذى تقوم به مجموعتكم الموقرة،
    شكراً لكل الذين تكبدوا مشاق حضور التدشين من كل مدن المملكة المتحدة وغيرها،
    شكراً لمن إقتنى الكتاب ولمن سيستمع وسيشهاد الفيديو بعد حين على إذاعة المجموعة،

    تعنينى مساهماتكم النقدية بشكل خاص، ولكم جميعاً منى عظيم الإمتنان.

    حُسين.
                  

08-23-2018, 09:18 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تدشين كتابى: andquot;التشكل الإقتصادى الإجتم� (Re: حسين أحمد حسين)

    ملخص لكتاب التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان وآفاق التغيير السياسى


    أولاً: يتكون الكتاب من أربعة أبواب هى:


    1- مدخل حول منهجية الكتاب،


    2- محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان،


    2-1 آليات الحوكمة العالمية وأثرها على التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان
    2-2 دور الدولة فى التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان
    2-3 الطبقات كمحدد للتشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان
    2-4 دور الشريحة المهيمنة فى التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان
    2-5 محددات أخرى للتشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان


    3- تضافر محددات التشكل الرأسمالى وأثره على الواقع السودانى،


    3-1 مأزق المنهج المادى التاريخى فى السودان: التحديات والإشكالات
    3-2 خصائص الرأسمالية السودانية
    3-3 التشكل الرأسمالى وأثره على بنية الوعى والصراع الإجتماعى فى السودان
    3-4 الهدر المؤسسى واختلال وتداخل النظم فى السودان
    3-5 صعود شريحة رأس المال المالى كشريحة مهيمنة


    4- آفاق التغيير السياسى،


    4-1 المتغيرات السياسية على المستوى العالمى
    4-2 المطلوبات الآنية للتغيير السياسى على المستوى المحلى
    4-3 المرتكزات المؤدية للثورة الوطنية الديموقراطية
    4-4 خاتمة.


    ثانياً، المشكلة الرئيسة التى يعالجها هذا الكتاب،


    المشكلة التى يُحاول هذا الكتاب أن يجد لها حلولاً هى مشكلة الإنقضاض الدائم على الديموقراطية وبالتالى قصر فتراتها إذا ما قارناها بالفترات الديكتاتورية فى المشهد السياسى السودانى (11 – 51).


    هذا الطرح يقوم على فرضية أن العسكر مهما أوتوا من قوة السلاح، لايستطيعون بمفردهم الإنقضاض على الديموقراطية وخيار الشعب، ما لم يجدوا التمويل الكامل من الشرائح الرأسمالية للقيام بذلك؛ خاصة من الشريحة ذات الهيمنة فى المجتمع السودانى.


    ثالثاً، إضاءات حول المنهج،


    1- الكتاب يعتمد المنهج المادى التاريخى، بالتركيز على التحليل الطبقى.


    2- هناك أسئلة أخرى مهمة يحاول أن يتدارسها هذا الكتاب:


    2-1 كيف يؤثر الخطاب الليبرالى فى تشكل واقعنا السودانى، وكيف تعاطينا ونتعاطى معه الآن،


    2-2 ما هى محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى والسياسى فى السودان،


    2-3 ما هى آفاق التغيير السياسى المرتقب، وأين نحن من مسلكه، ومن المستفيد منه، ولماذا تأخر عندنا كل هذا الزمن، وهل من بارقة أمل؟


    3- السقف الذى يتطلع إليه هذا الكتاب هو الثورة الوطنية الديموقراطية، ولا يتعداها إلى أىِّ ايديولوجيات شاهقة فى الوقت الراهن.


    4- الإسلامويون قد يتساءلون لماذا المنهج المادى وليس "الإسلامى"؟ والليبراليون قد يسألون نفس السؤال. والإجابة هى أنَّ:


    1- النظرية الإقتصادية الإسلاموية إستُنبِطت خطأً من القرآن الكريم لسببين: عدم الإنتباه لحقيقة النظرية الإقتصادية وكونها نظرية سلوكية وتستنبط من سلوك البشر وليس من التعاليم الدينية المجردة، والسبب الآخر الراجح عندى هو قد تم استنباطها من التعاليم الدينية المجردة لغرض أيديولوجى هو التعمية على سلوك الإسلامويين المجافى لجوهر الدين والإخلاق المدنية الرفيعة.


    2- ولليبراليين أقول بأن النظريات الحداثوية كمفهوم ثقافى/تنويرى لم تكن شراً مستطيراً، ولكنها فى واقع الإقتصادى السياسى إرتبطت إرتباطاً وثيقاً بالتنمية كمفهوم أمنى: حارس لاكتمال تمدد النظام الرأسمالى ونشؤ الطبقات عند مرحلة إعادة الإنتاج البسيط، كفاتح أسواق ومصرف بضائع، وآخر شئ خطر ببال تلك النظريات ومن يقف من خلفها هو تنمية العالم الثالث.


    5- لكل هذه الأسباب تم إختيار المنهج المادى التاريخى.


    رابعاً: إضاءات على محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان


    التشكل الإقتصادى الإجتماعى يعمل وفق مقتضيات قانون الصراع الأزلى على البقاء بمعناه الآنى والإستراتيجى.


    فالواقع المعقد لسيرورة الحياة المحتدمة بصيرورة التشكل الإقتصادى الإجتماعى يجعلنا نستشرف أربع محددات رئيسة للتشكل الإقتصادى الإجتماعى:


    أولاً، الحوكمة العالمية وأثرها على التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان:


    الحوكمة كانت تعنى ابتداءاً الإستيلاء، ثم تهذبت إلى السيطرة من على البعد، ثم تحولت إلى نمط إدارة داخل الشركات المتعدية للجنسية (Corporate Governance). ونحن هنا بصدد المفهومين الأول والثانى.


    1- التحكم من الداخل: فترة ما قبل الإستقلال


    1-1 كانت إتجاهات النظام الرأسمالى العالمى بعد إكتمال تمدده فى المراكز الغربية، وبداية ظهور عمل قانون تناقص الغلة الصناعى أن يتم الزحف إلى دول العالم الثالث لإلحاقها بالنظام الرأسمالى العالمى واستغلال مواردها لاشباع حاجات المركز، وبغرض تلافى ظاهرة ميل الأرباح للتناقص المرتبط بقانون تناقص الغلة. وبالتالى كان ذلك سبباً فى الإستعمار المباشر للعديد من بلدان العالم الثالث.


    1-2 وصل الإستعمار الإنجليزى إلى السودان، ووجد أن التشكل الإقتصادى الإجتماعى السابق لمجيئه قد أوجد واقعاً كانت فيه مجموعات التجار (القوية إقتصادياً إلى حدٍ ما) وزعماء القبائل والطرق الصوفية (المؤثرة إجتماعياً نوعاً ما) والإنصار (المنهزمين من الحكم الثنائى والذين كانت لهم السيادة إلى وقتٍ ما) هى الفئات الإقتصادية الإجتماعية الأقدر على البقاء والتماسك والمواكبة حتى مجئ الإستعمار. وبالتالى كان على الإستعمار أن يختار توازناته من بين هذه الفئات بما يضمن إعادة إنتاج النظام الرأسمالى الجديد.


    1-3 فى مرحلة غرس النموذج الرأسمالى فى الواقع السودانى بدأ المستعمر بسيطرة الدولة من عَلٍ على كل شئ، ثم بدأ يستوعب المجموعات أعلاه فى النموذج الوليد والسماح لهم بتملك بعض المشروعات، ثم بدأ لاحقاً ينسحب من بعض المشروعات التى كان يسيطر عليها لصالح بعض الفئات الخاصة. وبذلك يكون المستعمر هو أول من إجترح الخصخصة فى السودان. وهنا نلاحظ ثلاثة مستويات من التشكل الإقتصادى الإجتماعى:


    - مرحلة النموذج الإستنزافى (إستنزاف ما هو قائم من عمل وأدوات عمل: سواقى وشواديف)،


    - المرحلة الثانية هى مرحلة إدخال الطلمبات وتحسن فى نوعية العمل بالتدريب، والبدايات الاولى لإنتقال الطابع القبل – رأسمالى إلى الرأسمالى بسبب إرساء القيمة التبادلية فى الإقتصاد المعاشى المحلى.


    - المرحلة الثالثة شهدت بدايات إدخال الحزم الإدارية التقنية للمشروعات، وبداية دخول المستعمر مستثمراً فى مشاريع بعينها وبأدوات إنتاج أكثر تطوراً.


    لقد قام المستعمر فى هذه المرحلة بتوسيع عمليات العمل الأجير الأكثر تدريباً والأوسع خبرةً. ورويداً رويداً بدأت تتوسع عمليات استيعاب العناصر البشرية، وأدوات الإنتاج القديمة قد تم إجبارها لأداء وظيفة رأسمالية. وحينما تعجز تلك العناصر والأدوات البدائية عن المواكبة يتم استبدالها بآلة حديثة. وبتكثيف هذه العمليات بدأت تنتفى الصفة القبل – رأسمالية التى لازمت نمط الإنتاج فى المرحلتين الأولى (بشكل واسع) والثانية (بدرجة أقل)، وصرنا نتحدث فى أسوأ الأحوال عن نمط إنتاج لارأسمالى خاصةً فى المناطق الريفية النائية. وهذه الصفة اللارأسمالية هى بسبب قبلية وعشائرية التشكيلات الإجتماعية هناك، الناتج من عدم وجود مدنية وسياسية للعمال فى السودان يهتم بهذه التشكيلات الإجتماعية فى تلك المناطق النائية، كما أن الأحزاب التى كانت تتحدث بإسم العمال قد كانت متمركزة فى المدن أكثر منها فى الأرياف فى ذلك الوقت من الفترة الإستعمارية.


    1-4 إنَّ إنزال المستعمر لذلك النموذج على الأرض، وإيجاد واستيعاب فئات كمبورادورية للعمل وفق منظومته، قد شجع المستعمر على جدولة وجوده فى السودان وفق عملية التشكل الإقتصادى الإجتماعى للنظام الوليد.


    1-5 هذه الفئات الكمبورادورية شكلت بواكير تخلَّق الشرائح الإقتصادية الإجتماعية فى السودان. ولقد حاز الأنصار من بين هذه الشرائح على القدر الأكبر من المشاريع الزراعية، والختمية على الجزء الأكبر من المشروعات التجارية ومن التوظيف فى الخدمة المدنية (إلى جانب العديد من المشروعات الزراعية ألتى منحها لهم المستعمر).


    1-6 فى هذا الأثُناء لعبت الكينزية فى حث العالم على الإنفاق الإستثمارى ونقل التكنولوجيا والخبرات دوراً مهماً للغاية، فانبرت نظريات التحديث التنموى للمهمة. ولكن على غير المقصد النبيل للإقتصادى البريطانى جون مينارد كينز مبتدع بريتون وودس، فقد أراد السياسى أن تكون مهمة نظريات التحديث التنموى مهمة أمنية كما أسلفنا (تكافئ الأثر الناتج من الإستعمار بنوعيه المباشر وغير المباشر ريثما يكتمل تمدد النظام الرأسمالى الجديد بشكل كامل، تكافح الشيوعية التى بدأت تشكل خطراً مُحدقاً بالتمدد الرأسمالى، تفتح أسواق جديدة لبضائع الغرب عن طريق الإملاءات التى تقوم بها مؤسسات التمويل الدولية، او عن طريق الحرب إذا لزم الأمر)، وبعيدة كل البعد عن الإفعال التنموى الذى تم فى أوروبا عن طريق خطة مارشال.


    1-7 وتبقى المحصلة أن النموذج الرأسمالى الذى تمت موضعته فى الواقع السودانى، قد أدى إلى خلخلة الأنماط القبل رأسمالية، وأجبرها على أداء وظيفة رأسمالية وخلق تشكيلات إقتصادية إجتماعية رأسمالية جديدة مغايرة لسابقتها، وصارت فيما بعد تعيد إنتاج نفسها بنفسها دون دعم من العالم الخارجى؛ ذلك العالم الخارجى الذى بالفعل أدار ظهره لها بعد اكتمال تمدد النظام الرأسمالى بنهاية الحرب الباردة.


    2- التحكم/الحوكمة من على البعد

    لعل حيثيات الصراع الإجتماعى فى السودان بعد خروج المستعمر أفرزت واقعاً يتطلب العديد من التدخلات غير المباشرة على الصعدين الإقتصادى والسياسى.


    2-1 على الصعيد الإقتصادى


    تجلت عملية تحكم النظام الرأسمالى فى واقعنا الإقتصادى عن طريق إعادة إنتاج النظام الكولونيالى من جهة حث الدولة الوطنية (تحت تأثير النظرية الكينزية) على الدخول فى إنفاق إستثمارى حكومى كبير فى بداية الإستقلال (159 مشروعاً فى إطار الخطة العشرية)، ثم لاحقاً بالسماح للقطاع الخاص وتشجيعه بمشاركة الحكومة له فى بعض المشروعات (الخطة الخمسية الأولى المعدلة)، ثم تنسحب الحكومة وتترك له المجال كليةً؛ وهو ما عرف ببرنامج الخصخصة السودانى القائم الآن.


    لقد تم كل ذلك عن طريق المؤسسات الدولية، وعن طريق شروط المنح والقروض فى الإطار الثنائى والمتعدد (multilateral)، وعن طريق منظات الأمم المتحدة فى شكل دعم فنى؛ حتى إنتهى الأمر إلى القضاء كليةً على رأسمالية الدولة فى الواقع السودانى، وصار البلد مستباحاً لكل أنواع الأموال الخبيثة ويا للأسف.


    2-2 على الصعيد السياسى:


    1- لقد تُرك المضمار السياسى فى السودان لصراع الطبقات الإجتماعية (خاصةً بعد إشتداد عود شرائح رأس المال)، مع بقاء الباب موارباً لِلَعِب دور خفى من الرقابة الإستخباراتية والتدخل فى الوقت المناسب من قِبَل النظام الليبرالى العالمى، لمنع أىِّ تغييرات غير مواتية ربما تؤثر سلباً على عملية التمدد الرأسمالى قبل أن يصل إلى منتهاه.


    2- فى هذا الإطار كان هناك نوع من الرقابة المحكمة على الأنظمة الديموقراطية فى السودان. وذلك لأن الديموقراطية فى السودان – على نبلها – كانت غير مأمونة العواقب من جهة كونها مدخلاً لانتخاب الراديكاليين السودانيين – خاصة الشيوعيين – الذين كان يحسب لهم النظام الرأسمالى العالمى ألف حساب منذ أحداث ثورة 1924 المجيدة؛ والذين من أجل محاربتهم أوجد النظام الإستعمارى تنظيم ما يُسمى بالأخوان المسلمين فى مصر بالجوار، وصدره فى الوقت المناسب للسودان.


    3- يحدث هذا لان الحزب الشيوعى السودانى (ممثلاً فى تكويناته الأولية) والمنظومات الراديكالية الأخرى منذ الفترة الإستعمارية (ثورة 1924 والجبهة المعادية للإستعمار) وعقب الأستقلال، كانت من أكبر الأحزاب والمنظومات الممانعة لطريق التطور الرأسمالى، الذى لم يكتمل بعد فى أفريقيا والوطن العربى، ولذا كان ذلك سبباً وجيهاً فى تخوف الغرب منهم.


    4- ولما كانت الإطلالة الحرة الوحيدة للأحزاب الراديكالية هى عبر نافذة الديموقراطية، فقد كانت الشرائح الرأسمالية السودانية ومعها النظام الليبرالى يتحكمان فى الفترات الديموقراطية ويتعاملان معها كفترات إنتقالية لاستقراء وتحديد موضع الهيمنة الجديد بالنسبة لهذه الشرائح المتنافسة فيما بينها ولمنع إطلالة الراديكاليين، أكثر من تعاملهما مع الديموقراطية كضرورة سياسية لواقع إقتصادى – إجتماعى بدأ يتشكَّل رأسمالياً فى جزءٍ كبيرٍ منه. ويظهر ذلك جلياً فى إنقاص المعونات التنموية للفترات الديموقراطية بغرض إرباكها وخلخلتها، إذا ما قارناها بالمعونات التنموية للفترات الرأسمال – عسكرية فى السودان (جدول رقم 1).

    5- وحينما يحتدم الصراع الإجتماعى فى الفترات الديموقراطية فى شكل حركات مطلبية عمالية ويتعين موضع الهيمنة الجديد، يهمس النظام الرأسمالى للشريحة القائمة بالمهيمنة فى المجتمع لتسليم السلطة لعسكريين يتم إختيارهم بعناية بواسطة شرائح رأس المال السودانية لا سيما الشؤيحة المهيمنة، ويوافق عليهم النظام الرأسمالى من واقع فعل استخباراتى محكمٌ ودقيق (وفى هكذا واقع من يلوم الأحزاب الراديكالية أن تبحث عن إطلالة من منفذٍ آخر خاصة مع غياب
    حزب للعمال والقوى الحديثة؛ المطية الديموقراطية الوحيدة لوصول هذه الإحزاب للسلطة).


    وذات الواقع جعل شرائح رأس المال أزهد الشرائح فى استمرار الديموقراطية (ذات الإحتجاجات المطلبية) واستدامتها، بالرغم من أنَّهم يظفرون عبرها بالسلطة فى كل مرة؛ وهو لُغز لا يُفسرُهُ إلاَّ غياب حزب للعمال والقوى الحديثة فى السودان؛ الأمر الذى جعل نفراٌ كثيراُ من العمال ينضوى تحت شرائح رأس المال ويُعيدهم فى السلطة فى كل مرة. وتفسره حقيقة مادية أُخرى هى أنَّ ما نالته هذه الشرائح بالديكتاتورية لم - ولن - تنله بالديموقراطية؛ تلك التى تعنى دِمَقرطة واتزان العملية الإنتاجية/الإقتصادية لصالح كل شركاء العملية الإقتصادية على السواء (عمال ورأسمال) وليس لصالحهم وحدهم.


    ولذلك كانت الشريحة المهيمنة فى كل فترة ديموقراطية تبحث عن ديكتاتور يُخلصها من مطالبات العمال والمستضعفين باتزان وعدالة وديموقراطية العملية الإنتاجية ومحاولات استدامتها.


    6- عندما إكتمل تمدد النظام الرأسمالى بنهاية الحرب الباردة (أى بانتقال التشكل الإقتصادى الإجتماعى من مرحلة إعادة الإنتاج البسيطة إلى مرحلة إعادة الإنتاج الكثيفة والتراكبية)، ما عاد النظام الرأسمالى يتخوف من الإحزاب الراديكالية أو غيرها. وبالتالى إنتقلت آلية التدخل السياسى للنظام الليبرالى فى الشأن السودانى إلى برادايم جديد، خاصة مع ظهور الحروب الكامنة المتولدة من عدم وجود تنمية قومية استراتيجية متوازنة بالبلد منذ الإستقلال إلى نهاية الحرب الباردة.


    7- أما فى فترة النيوليبرالزم منذ العام 1989 فصاعداً واستشراء فقه الإستباحة فى كل شئ فى السودان، فقد أصبحت الدول الغربية مصدر إزكاء لتلك الحروب الداخلية المؤجلة ببيعها السلاح للقادر على الدفع لا سيما الشريحة المهيمنة، خاصةً إذا كانت تلك الحروب فى أقاليم غنية بالموارد. بل أحياناً تلجأ الدول الغربية إلى خلق تحالفات إقليمية بين الإطراف المتحاربة ودول الجوار المترفة بالأموال – خاصةً مع رفض دافع الضرائب الغربى لأىِّ نوع من الدعم لحركات الممانعة والمقاومة - لضمان شراء كل الأطراف للأسلحة الغربية وبذلك تكون قد نجحت تلك الدول فى تجاوز فترات الكساد الدورية الملازمة للنظام الرأسمالى وفى تجاوز ظاهرة ميل الأرباح للتناقص التى تكلمنا عنها.


    8- فى ظل هذا الواقع المأزوم نادى الغرب بدور فاعل للمنظمات الطوعية، والتى عجزت هى الأخرى بعجز موازناتها (الحكومات لا تدعمها دعماً فاعلاً خوفاً من دافع الضرائب، وبالتالى فهى تعتاش على مساهمات الجمهور فى الغرب) لتلعب دوراً فاعلاً ذا بال فى درء آثار هذه الحروب الرأسمالية البينية (الحروب بين الناس كما يسميها سميث – (سميث 2005))، فتحولت فيما بعد لشرطى سرى يتلصَّص على الموارد الخبيئة فى باطن الأرض لصالح الدول الغربية وفى نفس الوقت تغازل الشريحة المهيمنة بغض الطرف عن كثير من المحظورات (مجازر دارفور واغتصابات تابت مثالاً) ليبقى هو نفسه على قيد الحياة.


    9- فالآن حروب رأس المال على مواردنا تستعر، والضحايا بالآلاف والشرطى السرى موجود، ولكن الساحة تفتقد إلى قاضى يُمعن فى تمويه تلك الحروب، فما كان من الغرب إلاَّ أن ابتدع المحكمة الجنائية الدولية كوسيلة للتدخل من الناحية السياسية. غير أنَّ هذه الوسيلة إلى الآن لم تقبض على رئيس إمتدت يدُهُ بالقتل لشعبه فى إطار تلك الحروب الرأسمالية المفتعلة. وذلك لعمرى لجملة المفارقات الموجودة على هذا الكوكب حينما يكون البعض معنى بضرورات التحكم فى شعوب العالم، ولمقاومة الشعوب المتحكم فيها لهذه الفكرة المخجلة، صرف النظر عن أن الحكام يستأهلون القبض عليهم أم لا.


    ثانياً، إضاءات على دور الدولة فى التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان


    هناك جدل واسع حول طبيعة الدولة الرأسمالية أرجو أن يقرأه الناس من الكتاب أو من مراجع الكتاب، ولكننا سنكتفى هنا بالعنواين العريضة التى توضح المنطق الداخلى لهذا الكتاب.


    1- حول طبيعة الدولة الرأسمالية فى المركز الرأسمالى:


    - الدولة عند الليبراليين،
    - الدولة عند الماركسيين: الكلاسيك (ماركس، أنجلز، لينين)، والبنيويين.
    - إضافات كارشيدى،
    - نقد تصور الدولى فى المركز الراسمالى.


    2- طبيعة الدولة فى الهامش الرأسمالى


    - تصور دولة الهامش عند حمزة ألفى،
    - تصور دولة الهامش عند طارق أمين خان،
    - نقد تصور الدولة فى الهامش.


    3- البديل النظرى لطبيعة الدولة الرأسمالية وأثره على التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان (The Reconciling Schematic Approach).


    - من واقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى الحقبة الإستعمارية،


    - من واقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى بعد الإستعمار: حول إزدواجية التشكل الرأسمالى فى الهامش،


    - طبيعة الدولة من وجهة نظر الـ Reconciling Schematic Approach


    الكل يقضى بحقيقة إستغلال الدولة (المطلق عن الليبراليين، النسبى عند الماركسيين) عن الطبقات الإجتماعية المسيطرة إقتصادياً فى نهاية المطافً، ولكن لم يطلعنا أحد عن شكل الدولة الرأسمالية فى إطار تشكلها الذاتى فى واقع تشكل إقتصادى إجتماعى متعولم قبل الوصول إلى نهاية المطاف هذا.


    - الخلاصة.


    أنَّ الدولة تتحالف مع الطبقات الغنية عند مستوى إعادة الإنتاج البسيط للتشكل الإقتصادى الإجتماعى (Simple Reproduction of the Socioeconomic Formation)، وتميل للإستقلال النسبى عن الطبقات المهيمنة فى المجتمع فى حالة إعادة الإنتاج الرأسى للتشكل الإقتصادى الإجتماعى (Extended Reproduction of the Socioeconomic Formation) القائم على إتزان وديموقراطية معادلة الإنتاج/الإقتصاد واستدامتها.


    ثالثاً، إضاءات حول الطبقات كمحدد للتشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان


    - مدخل: التشكل الإقتصادى الإجتماعى من غير طبقات فهو حالة عدمية، فهو لا شئ.


    - جينات التشكل الطبقى قد بدأت فى الحقبة الإستعمارية: تخلق مجموعات إقتصادية، ثم الشرائح الرأسمالية، ثم الفرز والتناقض الحاد بين الطبقات كما هو شاخص الآن.


    - ملامح التشكل الطبقى فى السودان:


    1- الشريحة التجارية
    2- الشريحة الزراعية،
    3- الشريحة الصناعية،
    4- شريحة البورجوازية الصغيرة،
    5- الشرائح الفقيرة،
    6- شريحة رأس المال المالى.


    - الخلاصة:


    - عمد المستعمر فى بداياته على حفظ التوازن بين المجموعات الإقتصادية القائمة، ثم دعم من دعم من بينها ليكون نواة لشرائح رأسمالية تُعيد إنتاج نظامه الوليد فيما بعد، وعلى حساب شرائح أخرى بطبيعة الحال وشركاء أصيلين فى العملية الإنتاجية/الإقتصادية ومعادلتها. وظل المستعمر يرعى ويحمى هذه المجموعات الكمبورادورية (فيما بعد شرائح) من خطر الفكر الماركسى.


    - ولما كان المستعمر يدرك أنَّ أهم أركان التشكل الإقتصادى الإجتماعى هو الصراع الطبقى والقوى المنتجة، فقد قام على إدارة هذا الصراع الطبقى – كفاحاً وبالوكالة – بما يضمن تمدد النظام الرأسمالى حتى مبلغ إعادة إنتاجه من الداخل؛ وذلك بجعل الفئات الراديكالية ذاهلة عن محط تحالفها الحقيقى مع العمال، وحضَّها على التحالف المرحلى المزمن مع شرائح رأس المال، وبجعل العمال قابعين طائفياً فى كنف وأحضان الشرائح الرأسمالية.


    - وهكذا كان المستعمر ذكياً بالقدر الذى يجعل العمال والراديكاليين يتنفسون برئة الشرائح الرأسمالية وبالتالى يخدمون – بعلم أو بدون علم – التشكل الرأسمالى فى السودان الذى عملا ويعملان على ممانعته.


    رابعاً، إضاءات على دور الشريحة المهيمنة فى التشكل الإقتصادى الرأسمالى فى السودان


    1- الشريحة المهينة مصطلح مستشف من كتابات أنطونيو قرامشى عن الهيمنة الثقافية، غير أنَّ الألتوسيريين من أمثال بولانزاس قد اشتغلوا عليه وطوروه فى حقل الإقتصاد السياسى.


    2- على أى حال، الشريحة المهيمنة ليست هى الشريحة الأقوى إقتصادياً وحسب بين الشرائح الرأسمالية الأخرى المسيطرة، بل هى الشريحة التى لها القدرة على التأثير على قرارات بورجوازية الدولة وتجييرها لصالح حلفها؛ حلف القوى الإقتصادى بطبيعة الحال، وبالقدر الأكبر لصالحها هى داخل هذا الحلف.


    3- وبالتالى دور الشريحة المهيمنة فى عملية التشكل الإقتصادى الإجتماعى يرسمه ويحدده صراع الطبقات ودرجة تطور القوى المنتجة فى علاقتيهما بمستوى التشكل الإقتصادى الإجتماعى الداخلى وعلى مستوى بنية النظام الرأسمالى ككل.


    4- وفى السودان فإن شريحة الدولة – إستناداً على النموذج الكلونيالى الذى كان يضاعف من دعم شرائح رأس المال استتاراً - قد عملت على تمهيد الطريق صراحةً للقطاع الخاص فى أن يقوِّى من قدراته الإقتصادية. وذلك يعنى فيما يعنى أنَّ قررات شريحة الدولة بدأت تتأثر بمرادات ورغبات حلف القوى الإقتصادى خاصةً الشريحة المهيمنة منذ فجر الإستقلال.


    5- والقاعدة التى يعوِّل عليها هذا الكتاب هى أنَّه حينما ينتفى التوازن فى العملية الإنتاجية/الإقتصادية بانتفاء دولة القانون والمؤسسات والحريات والديموقراطية، وحينما يكون التشكل الإقتصادى عند المستوى البدائى/البسيط تكون الدولة منحازة طبقياً لضرورة تثوير التشكل الإقتصادى الإجتماعى ونقله والأخذ به لوضعية التشكل الإقتصادى الإجتماعى التراكبى/المتطور.


    وعليه، فإن الدولة حين تدخل مستثمرة فى قطاع ما دون الآخر، فذلك يعنى أنَّ ذلك القرار بالإستثمار فى هذا القطاع المحدد متأثر برغبات الشرائح المسيطرة إقتصادياً خاصةً برغبات الشريحة المهيمنة داخل حلف القوى الإقتصادى.


    6- وعليه بتحليل معامل الإرتباط بين الإنفاق الإستثمارى ورغبات حلف القوى الإقتصادى إستطعنا تعيين موضع الهيمنة/الشريحة المهيمنة بين شرائح هذا الحلف. فمثلاً فى الفترة:


    - 1954 – 1956 كانت الشريحة التجارية فى موضع الهيمنة،

    - 1956 – 1958 كانت الشريحة التجارية والزراعية معاً فى موضع الهيمنة غير أنَّ الريادة كانت للشريحة الزراعية،

    - 1958 – 1964 كانت بورجوازية الدولة فى وضعية الهيمنة،

    - 1964 – 1969 كانت بورجوازية الدولة والشريحة التجارية فى موضع الهيمنة والريادة لشريحة الدولة،

    - 1969 – 1977 كانت الشريحة التجارية والصناعية فى وضعية الهيمنة، وفى الفترة من 1977 – 1985 كانت الهيمنة للشريحة التجارية،

    - 1985 – 1989 كانت الشرائح الطفيلية داخل الشريحة التجارية فى وضعية الهيمنة،

    - 1989 – إلى الآن فالشريحة المهيمنة هى شريحة رأس المال المالى الطفيلية.


    خامساً، إضاءات على محددات أخرى:


    - نوع الحكم (ديمقراطى/ديكتاتورى)،

    - الرؤى الإستراتيجية،

    - مستوى تراكم رأس المال،

    - الإدخار (إختيارى/قسرى)،

    - الإستثمار الأجنبى،

    - تدفق مدخرات السودانيين العاملين بالخارج،

    - القطاع الخاص المنتج الخلاق،

    - وضوح الرؤية السياسية والخط السياسى العام،

    - الإدارة الحديثة الفاعلة للإقتصاد القومى،

    - مستوى توظيف القوى الحية.


    خامساً، إضاءات حول تضافر محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان


    أولا، مأزق المنهج المادى التاريخى فى السودان التحديات والإشكالات:


    بطبيعة الحال أن المحددات المذكورة بعاليه متضافرة، متمفصلة، وجدلية. وهذه الصفات الثلاث هى التى تعطى التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان نكهته ولونيته. ولعل تصارع الأفكار والأيديولوجيات الذى اجتاح السودان بعد الإستقلال السياسى، وتمحورها واستقطابها عالمياً وإقليمياً ومحلياً قد أثر على منظور العديد من المناهج والنظريات - تقدمية كانت أم رأسمالية – وجعلها تجابه العديد من التحديات والإشكالات.


    تحديات المنهج المادى التاريخى


    1- لما كان نمط الإنتاج الرأسمالى هو المحدد الرئيس والحاسم لوقائع التاريخ المادى للعالم منذ زمن طويل وبالأخص منذ نهاية الحرب الباردة، فبالتالى فهو بعيد عن نمط الإنتاج الإشتراكى، وهو أبعد ما يكون عن نمط الإنتاج الشيوعى. عليه فإنَّنى أجد أنَّ الأحزاب التى تشحذ همم شعوبها نحو إنجاز الإشتراكية والشيوعية (خاصة بعد ترسمل الإتحاد السوفياتى الداعم لهما أيديولوجياً) سترهق شعوبها بطول الأمل واللاجدوى؛ كونها تفعل ذلك بحرق المراحل. والتاريخ المادى للشعوب بنائى ولا يعرف حرق المراحل، ولكنه يتناقضها ويولد منها واقعاً متنافياً فى حِراكات أزلية مرتبطة بمصالح الشعوب.


    عليه، لماذا لا يسعى الفكر التقدمى لدمقرطة العملية الإقتصادية ولاتزانها ولاستدامتها أولاً؛ وذلك بغرض خلق إقتصاد قومى متجانس يُفضى إلى حالة العمالة الكاملة المؤدية بدورها إلى مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية. وشركاء العملية الإنتاجية خاصةً العمال أكثر إنتفاعاً من

    الثورة الوطنية الديموقراطية (إذا ما قارنَّاها بديكتاتورية البروليتاريا (كما سنرى) وديكتاتورية الشرائح الرأسمالية (كما رأينا))، إذ يتلاشى بموجبها استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وتُكبح الإنقلابات الرأسمال - عسكرية التى تلجأ إليها شرائح رأس المال لتكريس الهيمنة وتكديس الأرباح على حساب الشرائح الأخرى، وتسود حالة من الإستقرار السياسى ينتفع منها كل شركاء العملية الإنتاجية، ويبدأ مضاعف الإستثمار يفعل فعله فى تثوير الإقتصاد القومى بميل الشعب نحو الإدخار واجتذاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج ورأس المال الأجنبى لمصلحة كل المجتمع.


    وإذا أُنجزت الثورة الوطنية الديموقراطية، فسوف ينفتح الأفق للحديث عن دولة الرفاهية أو عن الإشتراكية أو عن أىِّ خيار آخر يُتيحه التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى اللحظة التاريخية المحددة.


    2- الأيديولوجيا تشكل تحدى كبير للأحزاب التقدمية (وغيرها)؛ كونها تحول تصورها للكون والإنسان والطبيعة، ونظرياتها الصائبة/الخاطئة المنبثقة عن ذلك التصور، إلى معتقدات/مواقف صمدية جامدة يصعب الفكاك منها. وتحول المدافعين عن تلك المعتقدات/المواقف – لا يهم أنهم أصحاب عقل طلعة – إلى أشخاص عاطلين عن المواهب وبالتالى عاطلين عن الوطن تماماً كما كان يحدث قبل نهاية الحرب الباردة. ... أقول ما أقول، والأيديولوجيا مهمة للتعبئة فى مجالات عديدة.


    3- إنحياز البورجوازية الصغيرة للطبقات العمالية والفقيرة والتحدث باسمهم دون حثِّهِم على تكوين حزب يخصهم، قد طمر على أهمية الدور الإقتصادى السياسى للعمال والقوى الحديثة بجعله تابعاً لأديولوجيات البورجوازية الصغيرة. ولو كان دور العمال والقوى الحديثة فاعلاً على مستويي العملية الإقتصادية والسياسية وتحالفت معه البورجوازية الصغيرة، لكان لنا اليوم مشهداً سياسياً مختلفاً فى السودان من حيث كفاءة المؤسسات الديموقراطية، الإستقرار السياسى والنمو الإقتصادى المستدام. فهل الفكر التقدمى السودانى قادر على حث العمال لتكوين حزب خاص بهم والتحالف معه؟


    4- التنمية الإقتصادية ليست فعلاً خرافياً يتأتَّى للغرب "الذكى" كما يدعى ذلك الغرب المتمركز على ذاته، بل هى فعل إنسانى قابل للحدثان فى أى زمان ومكان. غير أن الكثير من دول العالم الثالث كان ولا يزال ممنوعاً منها بحكم قوانين الحوكمة/التحكم والهيمنة العالمية. والسؤال: هل يستطيع الفكر التقدمى أن يُجد للبشرية مخرجاً من مأزق الحوكمة هذا؟ خاصةً أنَّ هناك العديد من الدول فى القارة الآسيوية نمت من وراء النظام الليبرالى؛ خاصةً مع وجود دولة محورية كالصين.


    5- أكبر التحديات التى تواجه الفكر التقدمى هى كيفية إنتزاع الحرب من نموذج التطور الرأسمالى (تناقص أرباح/كساد – حرب – تسوية إقتصادية جبرية – ثم تناقص أرباح/كساد – ثم حرب من جديد)؛ فكيف تتم أنسنة هذا النموذج الدموى؟


    الإشكالات المنهجية


    1- مهما تحدث شخصٌ ما عن قضايا طبقية خارج طبقته من قبيل المناصرة والمؤآزرة والإنحياز، سنجد أنَّ رؤيته تلك ملتبسة ومستشكلة بهموم طبقته هو بوعى وبلا وعى. وبالتالى نجد أنفسنا محتاجين للفرز الطبقى على مستوى الفكر والمنهج والممارسة لتمحيص تلك الإلتباسات/الإستشكالات. فهل الفكر التقدمى قادر على تصحيح هذه الإشكالات من غير أن يتحسس مسدساته؟


    2- هناك إشكالية يفضحها التحليل الطبقى حينما نقارن بين الأنظمة الديموقراطية والأنظمة العسكرية فى السودان على أنَّها أنظمة مختلفة. وفى الحقيقة أننا نقارن فقط بين أنظمة مثَّلتْ شرائح رأس المال (شريحة رأس المال المالى/الجبهة، الشريحة التجارية/الإتحادى، الشريحة الزراعية/الأمة، وشريحة بورجوازية الدولة/ نظام عبود ونظام نميرى)، ولم تُمثِّل شريحة العمال والقوى الحديثة والمستضعفين المغيبة عمداً فى المشهد الإقتصادى السياسى السودانى.


    ويحدث هذا ببساطة لأنَّ ديموقراطيتنا فى السودان لم تنبع من ديموقراطية العملية الإنتاجية/الإقتصادية؛ وذلك لعمرى الخطأ التاريخى الذى تواطأت عليه أحزاب البورجوازية الصغيرة (خاصة التقدمية منها) وشرائح رأس المال على السواء، ومعهما النظام الليبرالى العالمى؛ بل هو أكبر سرقة سياسية تمت على المستوى السياسى السودانى.


    3- التغييب القسرى لحزب جامع للعمال والقوى الحديثة وجميع الفقراء فى المشهد السياسى السودانى يزيد كثيراً من أعباء التغيير ويُعقدها. وذلك لأنَّ تغييب هذا الحزب هو العامل الرئيس فى أن أعداداً غفيرة من العمال والقوى الحديثة قد إنضوت تحت الأحزاب الرأسمالية ذات الصبغة الدينية، وهو أيضاً السبب الحاسم فى التحالفات المرحلية التى ابتدعتها أحزاب البورجوازية الصغيرة مع شرائح رأس المال خاصةً الطائفية منها.


    وتكمن خطورة هذا التغييب فى كون أن خروج العمال والقوى الحديثة على ظلم الشرائح الرأسمالية ذات الخلفيات الدينية المتحالفة مع أحزاب البورجوازية الصغيرة (خاصة التقدمية منها) يُرى وكأنه خروج على الدين لتسربل هذه الشرائح بالدين، وفى نفس الوقت يُعتبر خروجاً على هذه الأحزاب التقدمية التى ظلت تنادى بحقوقهم ردحاً من الوقت، وقد ضحت من أجلهم بالنفس والنفيس وما فى ذلك أدنى شك.


    كذلك فإن الإستمرار فى التحالفات المرحلية (التجمع الوطنى، الإجماع الوطنى، البديل الديموقراطى) فى هذا الوقت الدقيق من وقائع الفرز الطبقى الحاد، قد يُربك مسألة التغيير ويزيد من كلفته (210 شهيداً فى 2013). إذ أن الفقراء المنضوين تحت الشرائح الرأسمالية خاصةً المهيمن منها يقتلون فقراء العمال والقوى الحديثة من الأحزاب الأخرى؛ فالرأسمالى لا يُقاتل بنفسه ولكنه يقاتل بالفقراء. وبالتالى لا أحسب أن الأحزاب التقدمية تتضرر من قيام حزب للعمال والقوى الحديثة وتتحالف معه؛ بل هو سندها وعمقها الطبيعى، والسبيل الآمن للتغيير القليل الكلفة أروحاً ومالاً ووقتاً.


    4- إن التحالف مع شرائح رأس المال هو عين التسيب السياسى. إذْ أنه ثبت فيما تقدم أنَّ أحزاب الشرائح الرأسمالية (خاصة الشريحة المهيمنة) غير معنية بالديموقراطية ولا ترغب فيها؛ إذْ ما نالته بالديكتاتورية لم تنله بالديموقراطية؛ تلك التى تزيد من الحركة المطلبية للعمال والقوى الحديثة لمصلحة كافة شركاء العملية الإنتاجية/الإقتصادية، الأمر الذى يقلل من الأرباح وعمليات التراكم الرأسمالى التى تتطلع إليها الشرائح الرأسمالية.


    وفى هكذا واقع، فإن تحالف أحزاب البورجوازية الصغيرة المرحلى مع الشرائح الرأسمالية (لا مع العمال والقوى الحديثة المنتفعة من الديموقراطية) لإنجاز قضايا العمال والتوزان فى العملية الإقتصادية، وبالتالى الوصول للثورة الوطنية الديموقراطية يصبح مغالطة كبيرة، وياتى بنتائج عكسية: يُكرِّس للديكتاتورية، يُفرِّخ اليأس، ويعشى الناس عن البديل.


    5- التحدث بواسطة البورجوازى الصغير نيابة عن العمال والقوى الحديثة صرفهم وألهاهم عن تكوين حزب يخصهم، وبالتالى غاب دورهم فى المشهد السياسى السودانى منذ الإستقلال إلى يوم النالس هذا. وقد حمل هذا الصنيع أغلبهم على الإنضمام إلى أحزاب الشرائح الرأسمالية المتسربلة بالدين كما أسلفنا. وبالتالى فإنَّ وصفنا ووصمنا الدائم للعمال الذين حملناهم بصنيعنا هذا على الإنضمام لأحزاب الشرائح الرأسمالية وإلى الأحزاب التى إنضموا إليها بالجهل وبالإستلاب وبالأفينة (وقد فعلنا ذات الشئ بالتحالف المرحلى مع هذه الشرائح لأكثر من 62)، وتحميلهم كل أسباب عشانا السياسى وفشلنا وتقاعسنا عن أداء أدوارنا عند كل صغيرة وكبيرة، لن يبرئنا من تقصيرنا وخيانتنا لهم ومن ذات الجهل والإستلاب والإفينة وإن سودنا صحائف التاريخ كلها بالحديث عن قضياهم.


    6- إن العمال أكثر إنتفاعاً من ديموقراطية العملية الإنتاجية/الإقتصادية إذا ما قارناها بديكتاتورية البروليتاريا أو ديكتاتورية الشرائح الرأسمالية وذلك للآتى:


    1- مجرد الإختلال فى معادلة الإنتاج يربك التوليفة المثلى لعوامل الإنتاج، ناهيك عن ديكتاتورية أىٍّ من شركاء العملية الإنتاجية.


    2- النظام الرأسمالى تاريخياً قام على ابتزاز العمل، وسوف يظل يجنح إلى ذلك كلما بعد المجتمع عن الديموقراطية والمؤسسية والشفافية (أى به ميل طبيعة نحو الجبرية والقهر والطمع). هذا الواقع يجعل الديموقراطية هى الإصلح للعمال، والعمال هم الأحرص عليها من الرأسماليين؛ بل العمال هم حُرَّاس الديمقراطية (أو هكذا يجب أن يكون) وذلك لِإبعاد شبح الإبتزاز الملازم للنظام الرأسمالى عنهم.


    وفى ظل ديكتاتورية البروليتاريا، فإنَّ شريحة بورجوازية الدولة هى من ستلعب دور الرأسمالى فى الداخل (التجارة والتوظيف) وفى الخارج (التبادل مع العالم الخارجى)، وبالتالى هى من سيجنح للديكتاتورية لا البروليتاريا. وإذا علمنا أن بورجوازية الدولة هى بالأساس تنتمى لشرائح رأس المال فى التقسيمات الحديثة (أو على الأقل بها ميل للتحالف معها عند مستوى إعادة الإنتاج الإبتدائية البسيطة)، إذاً يتعذر قيام ديكتاتورية للبروليتاريا، وسوف تنهض مكانها ديكتاتورية رأسمالية أشرس من الرأسمالية فى ظل نظام ديموقراطى. وهنا تنتفى الحاجة والمسعى إلى ديكتاتورية البروليتاريا، إذ الأصلح للبروليتاريا هو الثورة الوطنية الديموقراطية وحسب.


    3- من الصعب أن يتنازل العمال من المزايا التى توفرها لهم الثورة الوطنية الديموقراطية التى تعمل لاتزان وعدل وديمومة العملية الإقتصادية للجميع، وتدفع بالإقتصاد القومى إلى آفاق رحبة من التطور والنماء والتجانس.


    فإذا ما أُجبر رجال الأعمال على توزيع أرباحهم بما يُغلَّب مصلحة العمال فقط، فإن ذلك سيقود حتماً إلى تراجع الإنتاجية فالإنتاج، وبالتالى يتضرر العمال أنفسهم. وكذلك يتفاقم الأمر حين يوكل الإقتصاد القومى فى ظل ديكتاتورية البروليتاريا إلى طبقة رأسمالية أقل كفاءة؛ فتضعف القدرات التنافسية للبلد مع العالم الخارجى، وسيدخل فى حلقات لولبية من الكساد المؤدية إلى إنهياره إقتصادياً وسياسياً واجتماعياً كما حدث للإتحاد السوفياتى.


    4- يجب ألاَّ يُترك الإقتصاد لقدرية عدل الحاكم المطلق فى ظل ديكتاتورية البروليتاريا، ولا لقدرية عدل الحاكم فى ظل ديموقراطية يغيب عنها التمثيل السياسى الحر للعمال (يغيب عنها حارسها)، فكل ذلك لا يُفضى إلى عدل الدولة والمجتمع. إذ أن عدل الدولة والمجتمع يرتبطان باتزان وديموقراطية واستدامة المعادلة الإقتصادية وبالتمثيل السياسى لشركاء العملية الإقتصادية فى مؤسسات الديموقراطية والشفافية.


    5- يجب ألاَّ ينخدع العمال بالحاكمية لله (كلمة الحق) التى تنادى بها (باطلاً) شرائح رأس المال المتسربلة بالدين، ولا بديكتاتورية البروليتاريا التى تنادى بها شرائح البورجوزاية الصغيرة؛ فآٌّىُّ نظام غير ديمقراطى ليس فى مصلحتهم، وأى نظام ديموقراطى لا ينشأ من ديموقراطية العملية الإنتاجية/الإقتصادية وتمثيل شركائها فى العملية السياسية فليس فى مصلحتهم أيضاً.

    وبالتالى يجب أن يكون للعمال حزبهم؛ إذ أن أحزاب البورجوازية الصغيرة بالتجربة لا تستطيع الصمود طويلاً فى المنافحة عن العمال وقضاياهم، خاصةً حينما تتقاطع تلك القضايا مع قضايا أحزاب البورجوازية الصغيرة. ونقول ذلك لا تخويناً لأحد، ولكن بحكم طبيعة التكوين الطبقى للبورجوازية الصغيرة.



    إضاءات حول خصائص الرأسمالية السودانية التى أفرزها تضافر محددات التشكل الرأسمالى فى السودان.


    لقد أفرز تضافر محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان رأسمالية سودانية لاتختلف عن عموم الرأسمالية فى كل العالم ولكنها مسودنة ببعض الخصائص التى تضيف وتخصم من طريق التظور الرأسمالى الذى اتخذه السودان منهجاً منذ الإستقلال.


    1- دموية طريق التطور الرأسمالى


    - كما ذكرنا من قبل فإن الصراع على البقاء الآنى (إشباع حاجات المجتمع عند الحكومات المسئولة طبعاً) والإستراتيجى (تأمين واستدامة إشباع تلك الحاجات وتحقيق أرباح من ذلك) يشكل الدافع الحاسم لكل محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى الرأسمالى فى أى مكان على هذا الكوكب. فاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، استغلال طبقة لطبقة، واستغلال دولة لدولة كله يتم بدافع الصراع على البقاء.


    - حينما يقل تأمين إشباع تلك الحاجات وتميل الأرباح للتناقص فى حالات الكساد بسبب قوانين تناقص الغلة فى كل القطاعات، فإن ذلك نذير شؤم بالنسبة للدول الغنية بالموارد فى دول العالم الثالث. إذ كثيراً ما يتبع هذا الأمر حروب واتفاقيات/تسويات مجحفة فى حق دول العالم الثالث.


    - هذه القراءة من هذا المنظور الطبقى مكنتنا من أن نميط اللثام عن حقيقة مهمة وهى أن طريق التطور الرأسمالى يتبع نموذجاً معيناً لتثوير التشكل الإقتصادى الإجتماعى، وأداته فى ذلك هى الحرب (الحرب هى المحور الأزلى لإعادة صياغة الشعوب على الهوى الرأسمالى كما يقول بروفسير مارك دوفيلد). والنموذج هو: كساد/تناقص أرباح – حرب – تسوية إقتصادية جبرية – كساد/تناقص أرباح من ثان – ثم الحرب من جديد؛ وهكذا دواليك الديالكتيك الرأسمالى.


    - يلطَّف الغرب هذا النموذج بالعديد من التمويهات: ثورة العرب 1916، ثورة الربيع العربى 2016، وحتى الصراع المقدس بين العرب وإسرائيل يدخل فى هذه التمويهات.


    - والعاقل من يجتاز الحرب إلى التسوية إذا وجد إلى ذلك سبيلاً كما كان يفعل الملك عبدالله رحمه الله. وأقول ما أقول والحرب سلعة كما يفيد مشيل فوكو، خاصة فى الكينزية العسكرية، وبذلك فهى مرتبطة بالعرض والطلب، وقد لا يمكن تفاديها إذا كان المردود منها أعظم فائدة من التسوية.


    - النموذج المذكور بعاليه ليس نموذجاً أكاديمياً، ولكن تؤيده مسطورات التاريخ: فالحرب العالمية الأولى 1914 قد سبقها كساد شرس للغاية، وتجدون سيرته فى (O’Brien and Williams 2007). ثم أعقبت الحرب العالمية الأولى تسوية فراساى 1919 والتى انبثقت منها عصبة الأمم. وبعد عشرٍ من السنوات أطبق على العالم ما يُعرف بالكساد الكبير 1929، والذى ما كان يمكن الخروج منه إلاَّ بحرب كونية أخرى هى الحرب العالمية الثانية فى 1939، والتى استمرت ست سنوات ولم تتوقف إلاَّ بإتفاقية بريتون – وودس 1945.


    وبعد بريتون – وودس سادت فى العالم الأول الكينزية المدنية (نظريات إقتصادية، تسويات، إتفاقيات، إلخ)، وسادت فى العالم الثالث الكينزية العسكرية. وعلى أى حال أعقبت بريتون - وودس العديد من الكسادات آخرها كساد 2008، والعديد من الحروب (الحروب بالوكالة كالحرب الكورية الأولى والثانية، والحرب العراقية الإيرانية. والحروب بين الناس فى البراديام الجديد للحرب كما فى أفغانستان، الصومال، السودان، سوريا، وغيرها).


    - فى السودان؛ وما أكثر وأطول حروبنا فى السودان: حرب الجنوب؛ أطول حروب القرن، حرب دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، والحرب التى تقوم بها الإخوانوية نيابة عن الدائنين فى الجزيرة، والرهد والشمالية.


    2- أُكذوبة وجود إزدواج فى أنماط الإنتاج فى الرأسمالية السودانية، بل هو نمط إنتاج وحيد هو نمط الإنتاج الرأسمالى.


    3- الرأسمالية السودانية تحتمل ثورة وطنية ديموقراطية ولا تحتمل إشتراكية ولا شيوعية.


    وبالتالى المناداة بالإشتراكية والشيوعية فى واقع التشكل الرأسمالى المهيمن فى العالم وفى السودان بخاصة، يمثل استدعاء لتاريخ موغل فى المستقبل ليتم تقييده بتشكل إقتصادى إجتماعى رأسمالى محدِّد ومهيمن. خاصة إذا علمنا أن الإشتراكيات (والشيوعيات المنتظرة) المحققة كانت محضاً رأسمالياً كما كتب عن ذلك إيمانويل وولارشتاين فى منتصف الثمانيينات من القرن المنصرم.


    4- الرأسمالية السودانية رأسمالية خراجية،


    هى خراجية ويسيطر على أمرها العقل الريعى/ الخراجى (أفضل العقل الريعى على الرعوى الذى يقول به أستاذنا الجليل د. النور حمد).


    5- إنحياز الرأسمالية السودانية للديكتاتورية


    تميل الرأسمالية السودانية للديكتاتورية خاصة فى غياب حزب للعمال والقوى الحديثة فى السودان، وبالتالى أنا أبرئ المؤسسة العسكرية السودانية (خلا نخبها) من أى نزوع للإنقلابات فى السودان.


    6- فى تناقض مع واقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان الآن، مازالت الدولة السودانية طبقية،


    ويحدث ذلك لاختلال التوازن فى العملية الإقتصادية بسبب غياب حزب للعمال فى السودان.


    إضاءات على تأثير تضافر محددات التشكل الإقتصادى الإجتماعى على بنية والوعى والصراع الطبقى فى السودان.


    أولاً، بنية الوعى


    - من المعلوم أن المنتوج المادى لأى حضارة يمثل قمة تجسيد الوعى والعقل لتلك الحضارة. وبهذا الفهم لا تلومنى إذا قلتُ لكم أنَّ آباءنا أكثر تقدماً منا.


    فتقييد التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان فى إطار عقل ريعى ورأسمالية خراجية غرسها الأتراك وسقاها المستعمر البريطانى، قد زاد من تعميق قطيعتنا من حضارتنا الملهِمة وتبعيتنا للرأسمالية العالمية ولكن فى إطار رأسمالية زراعية خراجية غير خلاقة.


    - وبالرغم من هذا التقييد برزت عدة تيارات للفكر والوعى فى السودان منذ الحقبة الإستعمارية، أهمها: التيار الراديكالى، التيار اليمينى المرتبط بالرأسمالية الخراجية، وبعض التيارات الأخرى المستقلة التى أهمها وأينعها الفكر الجمهورى الإشتراكى.


    هذه التيارات الثلاثة بدأت تؤثر فى بنية الوعى بشكلٍ كبير خاصةً أحزاب اليسار السودانى التى تتحدث باسم العمال والمستضعفين، وأحزاب الشرائح الرأسمالية اليمينية المتسربلة بالدين فى مظهره الطائفى والمعنية برجال الإعمال فى السودان. أما الفكر الجمهورى الذى لم يتأسس على الواقع المادى للعملية الإقتصادية، فقد إنحصر نشاطه فى تطوير الفكر الدينى بمفازة عن واقع الصراع الإقتصادى الإجتماعى خاصةً فى بداياته.


    - ملاحظتى فى هذا الجانب أن أحزاب الشرائح الرأسمالية المتسربلة بالدين تجمهر حولها العمال والمستضعفين فى واقع أشبه بالسخرة. واشتغلت على توظيف عقلها الريعى لهذا النمط من الرأسمالية الخراجية، وظلت تتربص بمن يمس دينها الطائفى وعمالها المسخرين لها، خاصة بمساعدة المستعمر البريطانى لها.


    وحتى حينما انضمت شريحة رأس المال المالى ذات العقيدة الكالفينية إلى حلف القوى الإقتصادى التقليدى، لم تتجاوز هى الأخرى أُطُر الوعى الريعى والرأسمالية الخراجية بيد أنها صارت شريحة مهيمنة؛ كونها أدارت عائدات البترول والذهب والزكاة وسائر المشروعات التى إجترحتها خارج الموازنة العامة للدولة ولصالحها الخاص على حساب الشعب السودانى.


    - هذا العقل الريعى الكسول لا يتجاوز أُفُقُهُ (إقتصاد النَّقَّاطة) إحتلاب مشروعات الدولة وإيجاد نقاطة تدر له المال حتى موعد وفاته. وبالتالى لكون العقل الريعى ذاتى وأنانى، فهو لا يعمل فى الفضاء الخلاَّق المرتبط بترقية الحياة للأجيال القادمة فى إطار جمعى إستراتيجى؛ فلا فائدة تُرجى من الخراجيين.


    - أما الإحزاب الراديكالية التى تبنت الأفكار الإشتراكية والشيوعية، فقد جعلتها فى إطار عقل بورجوازى صغير، هو الآخر ريعى بالمجاورة/بتحالفاته العضودة مع شرائح رأس المال السودانية، وبعيدة كل البعد عن واقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى السائد. فقد أسمعتنا أجمل الأشعار عن الإشتراكية وعن العمال، ولكنها غيَّبتهم فى الممارسة السياسية. كما أنَّ الحزب الجمهورى الإشتراكى قد استنكف أن يرتبط بالأرض، وصار يطوِّر فكره الدينى – على صحته واتساقه – بشكل متقدم على واقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى، لدرجة التأنُّق المستعصى على الفهم لدى كثيرٍ من الناس.


    - كانت محصلة التربص (المذكور بعاليه) بتلك الإيديولوجيات الشاهقة، أن كان الشهيد محمود محمد طه أول سجين سياسى سودانى، وفيما بعد طرِد الحزب الشيوعى السودانى من البرلمان. وكانت الخسارة الفادحة وفاجعة السودان الأكبر فى تاريخه الحديث يوم أعدمت شرائح رأس المال الأستاذ عبد الخالق محجوب ورفاقه الميامين فى العم 1971، وأعدمت الأستاذ محمود محمد طه فى العام 1985؛ رحمهم الله أجمعين (إذا أردتَ أن تقعِد بأمة فاذبح مفكريها).


    - هناك بوادر تغيير فى بنية الوعى السودانى: الإسلام السياسى الذى كان يتنطع بتطبيق الشريعة صار ينادى بحزف حد الردة، خاصة بعد أن تفرد بتملك عوامل الإنتاج. الحزب الجمهورى صار يبحث عن أساس إقتصادى إجتماعى للفكرة، والراديكاليون يجرون مراجعات كبيرة لتقويم الأفكار (مساهمات د. الزيلعى مثالاً). ويحدث ذلك بطبيعة الحال لتخلص هذا التيارات الفكرية من الوعى الزائف والأيديولوجيات الشاهقة المرهقة خاصةً بعد نهاية الحرب الباردة، أى بعد تحول التشكل الإقتصادى الإجتماعى من الإبتزاز المباشر للعمل
    إلى الإبتزاز الغير مباشر للعمل.


    ثانياً، الصراع الطبقى


    - لقد أُقتدح الصراع فى السودان منذ بواكير نشؤ المجموعات الإقتصادية والعمل الأجير، التى تحولت إلى طبقات لها مؤسسات سياسية ومدنية متغذية بالأفكار سالفة الذكر. غير أن الفوارق الطبقية بين الشرائح الضعيفة (كقوى ذات إرادة جمعية) وبين المجموعات/الطبقات التى شكلت حلف القوى الإقتصادى (كقوى ذات قدرات مادية) هى التى شكلت – ومازالت تشكل – الصراعات الإقتصادية الإجتماعية الممتدة والمواجهات المستمرة فيما بينهما بعد الإستقلال؛ خاصةً بعد إنتشار النقابات الفئوية التى ساهم فى تكوينها الراديكاليون من أحزاب البورجوازية الصغيرة؛ أعنى الحزب الشيوعى المجيد.


    - ويظل تكوين النقابات الفئوية خطوة واعية من الإحزاب الراديكالية لخلق توازن فى الأرينة السياسية غير أنَّها غير مكتملة وغير كافية. والسبب فى عدم إكتمالها وعدم كفايتها هو أن التوازن فى العملية السياسية يبدأ من التوازن فى العملية الإنتاجية/الإقتصادية، كما أن التوازن فى العملية الإقتصادية لا يتأتَّى إلاَّ بخلق حزب جامع للعمال والقوى الحديثة والمستضعفة ليكافئ ميل أحزاب الشرائح الراسمالية للديكتاتورية، وليكافئ ميل أحزاب البورجوازية الصغيرة للتحالف مع هذه الأحزاب.


    - على أى حال هذا الصراع جعل حياتنا السياسية تتقلب بين الحياة المدنية والحياة الرأسمال – عسكرية فى السودان لأكثر من 62 سنة. ولأن التحالف مع بورجوازية الدولة صار يشكل خصوصية فى الفارق فى إطار عمليات تراكم الثروة والسلطة بين الطبقات الإجتماعية والأحزاب التى تمثلها أو تتحدث باسمها، فإن مضمار الدولة (The domain of the state) قد أصبح المرآة التى تعكس قمة الصراع الإجتماعى فى السودان. وبالتالى فإن الطبقة/الشريحة التى تفلح فى استمالة بورجوازية الدولة لصالح منافعها الخاصة ومنافع حلفها تكون وقتها فى وضعية الهيمنة.


    - من الملاحظات المهمة التى يكشفها التحليل الطبقى، أن موضع الهيمنة هذا قد تم تبادله بين معظم شرائح حلف القوى الإقتصدى (الشريحة التجارية، الشريحة الزراعية، شريحة بورجوازية الدولة، ومؤخراً شريحة راس المال المالى)، غير أنه لم يحدث أن تبادلت هذا الشرائح موضع الهيمنة هذا مع شريحة العمال والقوى الحديثة والمستضعفة على كثرة أفرادها (85% من الشعب السودانى). ولعل مرد ذلك يرجع بالأساس إلى غياب حزب للعمال والقوى الحديثة ينافح عن هذه الشريحة بالأصالة لا بالوكالة.


    كما انه لم يقع أيضاً أن كانت الأحزاب التى تتحدث باسم شريحة العمال والقوى الحديثة فى السودان فى موضع هيمنة ابداً (خلا ثلاثة أيام فى 1971). وذلك لعدة أسباب: أهما غياب حزب للعمال والقوى الحديثة، الذى بدون التحالف معه لن تتمكن هذه الأحزاب من الوصول للسلطة مطلقاً؛ وايضاً لسبب آخر هو أن هذه الأحزاب صغيرة الحجم (غير أنها كثيفة الفاعلية) عقائدية، والعقائدية غير جاذبة لسائر عمال/أهل السودان أصحاب التدين الصوفى الغالب (خلا القلة المعتنقة لتلك العقائد من العمال)؛ كما أنها محاربة من قبل الليبرالية العمالية، ويغيبها عن موضع الهيمنة أيضاً محاربة شرائح رأس المال لها بوسيلة ذكية هى التحالفات المرحلية العضودة معها (62) لإنجاز قضايا العمال والقوى الحديثة؛ وأنَّى لهم.


    - ومن الملاحظات المهمة ايضاً خاصية تبادل الهيمنة حتى بين شرائح رأس المال بسيطرة شريحة رأس المال المالى قد فُقِدت منذ 1989م بالسيطرةً المطلقة للشريحة المهيمنة على كل شئ. ولم تقبل هذه الشريحة المهيمنة بشركائها فى حلف القوى الإقتصادى إلاَّ بعد موالاتهم التامة لها وبعد تخلصهم من تحالفاتها مع أحزاب اليسار السودانى.


    وقد كان الجانب القاسى من سياسات هذه الشريحة واقعاً على الشرائح العمالية والمستضعفة التى مُسخت نقاباتها بنقابة المنشأة، وشرد المتحدثون باسمها فى بلاد الله الواسعة. ولكن بالرغم من ذلك ظل الوعى متقداً وعالياً ومايزال. ويرجع الفضل فى ذلك للأحزاب التقدمية وفى طليعتها الحزب الشيوعى السودانى الذى قال زعيمُهُ عبد الخالق محجوب حينما سُئل أبان محاكمته الشهيرة ماذا قدمت لشعبك فقال رحمه الله "القليل من الوعى". ونشهد أن السيد الشهيد عبد الخالق محجوب قد قدم تلك الجرعة من الوعى.


    - وعلى أى حال فإن تلك الجرعة قد بدأت فى حض شركاء العملية الإنتاجية من العمال والقوى الحديثة على المطالبة بتحسين أوضاعهم، ولكن فقط من منفذ البورجوازية الصغيرة التى ينتمى إليها المرحوم عبد الخالق محجوب رغم إنكاره لها، ووصمه للمخالفين له فى الرأى بها؛ وهم بعد جميعاً أعضاءاً فيها وإن نفوها وانتبذوها.


    كما أن جرعة الوعى تلك قد خلقت وعياً موازياً عند شرائح رأس المال، فصارت تنادى بتوفير مناخ ملائم للإستثمار؛ على ما يعنيه ذلك من ضبط الحركات المطلبية التى تنادى بخفض الأسعار وزيادة الأجور؛ الأمر الذى يؤثر على الأرباح وعملية التراكم والتركز الرأسماليين؛ وهنا يكمن الصراع بين العمال ورجال الأعمال.


    ولما كانت شريحة الدولة دائمة الإنحياز للطبقات الغنية وأحزابها (لأنها جزءٌ من حلفها) على حساب الفئات الفقيرة (المغيب حزبُها فى العملية السياسية)، فقد إستطاعت شرائح النخب الإقتصادية أن تُجيِّر عائدات العملية الإقتصادية دوماً لصالحها.


    - فيا تُرى ماذا كان سيحدث لو أن جرعى الوعى تلك قد هَدَتْ السيد عبد الخالق محجوب رحمه الله للإعتراف ببورجوازيته الصغيرة، وهدته إلى تكوين حزب للعمال والقوى الحديثة ثم التحالف معه لإنجاز قضايا العمال؟ ماذا كان سيحدث لو أن الأستاذ محمود محمد طه (الحزب الجمهورى الإشتراكى) أسس إشتراكيته تلك على التوازن فى شراكة العملية الإنتاجية/الإقتصادية وديموقراطيتها واستدامتها كأساس مادى – ذلك التوازن الذى يقتضى التحالف مع حزب العمال والقوى الحديثة السودانى لإنجاز الثورة الوطنية الديموقراطية – وبالتالى ربط الفكرة الجمهورية بسياقاتها الإقتصادية الإجتماعية.


    - ولعمرى لو حدث ذلك لكان المشهد السياسى اليوم مختلفاً جداً. وذلك لأن حزب العمال والقوى الحديثة سيحدث توازناً فى العملية الإقتصادية والمعادلة السياسية، وسيجبر شريحة الدولة على الوقوف على مسافة متساوية من طبقات المجتمع وفكرها ووعيها، وسوف تقل الإنقلابات العسكرية، وسيُرغم هذا العقل الريعى على ابتكار وسيلة جديدة غير الإبتزاز المباشر للعمل، أى بالتطور الصناعى والتكنولوجى والمعلوماتى.


    لو حدث ذلك لتحول الحقد الطبقى إلى توازن طبقى، ولتحول الصراع على السلطة إلى صراع برامج لخدمة شركاء العملية الإجتماعية/لخدمة الشعب.


    - ولأن جرعة الوعى القليلة تلك قد جاءت قليلة بالفعل – كونها مقيدة بعقلية البورجوازى الصغير المتريِّع بتحالفاته العضودة المتناقضة مع شرائح رأس المال الخراجية الريعية التى تعتاش على ابتزاز العمل، وبنهج محاربة الشيوعية والفكر الدينى الخلاق كفكر الأستاذ محمود رحمه الله – لم يحدث أن وقفت شريحة الدولة على الحياد من العملية الإقتصادية وشركائها؛ بل كانت دائمة الإنحياز للطبقات الغنية فى السودان.


    لذلك كلما علا صوت الراديكاليين (المتحدث باسم العمال والقوى الحديثة من بين شركاء العملية الإنتاجية) فى الفترات الديموقراطية للمطالبة بحقوق العمال، أوحى النظام الليبرالى العالمى للشريحة المهيمنة لتسليم السلطة لعسكريين من إنتخابها هى، وبمعرفة ومباركة ذلك النظام الليبرالى العالمى لهم. ولهذا السبب لم يتجاوز مجموع عمر الفترات الديموقراطية فى السودان (11 سنة) مقارنة بـ (51 سنة ويزيد) من الحكم الديكتاتورى.


    - لذلك أجد أنه من الغفلة بمكان أن تتحالف شرائح البورجوازية الصغيرة مع شرائح رأس المال التى لا تعبأ بالديموقراطية لجلب الديموقراطية ولإنجاز الثورة الوطنية الديموقراطية، ولابد من الفِكاك من هذه الفخاخ الرأسمالية إن كنا معنيين بالتغيير. ولقد جاءت جل هذه التحالفات عقيمة وغير مثمرة - التجمع الوطنى مثالاً - وذلك للآتى:


    1- كان التجمع الوطنى الديموقراطى يتوقع دعماً لا محدوداً من الغرب نظير التغول على ديموقراطيته ولكن خاب الظن. فالتجمع لم يدرِ أن ديمقراطيته قد تم التغول عليها بإيعاز من الغرب نفسه، أى بهمسه للشريحة المهيمنة أن تقوم بالإنقلاب.


    2- خروج التجمع كان داعماً للحكومة من ثلاثة أوجه: بقلة الإحتكاك اليومى معها، وبالإستفادة من تحويلات السودانيين بالخارج، وبخلق جيل منبت من الحركة النضالية السودانية وسهل التشكل و الإنقياد، والمعاند منه يتم تدميره بالخنى والسحر والمخدرات.


    3- أخطأ التجمع حين أحسن الظن ببقاء الشريحتين التجارية والزراعية معه كفصيلين معارضين لشريحة رأس المال المالى، وهما بعد حليفتان حقيقيتان لها فى حلق القوى الإقتصادى.


    4- رهن إرادة القوى الحية التى تريد التغيير لقيادات مدبرة عن الحياة منذ العام 1989 فى شأن إفعال التغيير لهو أمر يُقعِد بالتغيير ولم ولن يُحدثه,


    5- من أخطاء القوى التقدمية هو إخراج المؤسسة العسكرية من معادلات التغيير.


    إضاءات على الهدر المؤسسى واختلال ةتداخل النظم فى السودان


    - لا يستطيع أحد أن يُفرِّق بين مؤسسات الدولة ومؤسسات حزب المؤتمر الوطنى.


    - موت الدولة وموت المؤسسات وتيبُّس الحكومة على الحقيقة الأمنية.


    - تزاوج الرأسمالية الخراجية برأسمالية الكازينوهات (Casino Capitalism)، فانهار الإقتصاد، وانهار النظام المصرفى، وخرجت الأموال منه إلى السوق الموازى، وساد فقه الإستباحة على كل المستويات.


    إضاءات على صعود شريحة رأس المال المالى كشريحة مهيمنة


    - إنقلاب محظوظ، عرابه ليس الترابى، وعلى الناس البحث عن هذا العراب.
    - الأوضاع عشية الإنقلاب.
    - الإنقاذ منذ صبيحة الإنقلاب.
    - خطاب الرئيس


    - كيفية ممارسة الإنقاذ للسلطة: سياسات التمكين


    - التمكين بسرقة أموال الزكاة،
    - التمكين بالهدر المؤسسى،
    - سرقة الإحتياطى النقدى،
    - الخصخصة لصالح عناصر النظام،
    - سرقة أموال الخدمات الإجتماعية وتحويلات المغتربين،
    - سرقة عائدات البترول والذهب والمعدن النفيسة الأخرى،
    - التمكين السياسى والإجتماعى: الإحلال والإبدال، الفصل للصاح العام، الحوارات اللولبية
    مع المعارضة المسلحة.
    - التمكين العسكرى.


    - هل من مزايا للإنقاذ فى مقابل شرائح رأس المال الأخرى.


    - القدرة على تراكم رأس المال،
    - حكومة تكنوقراطية (وإن تحولت كليبتوقراطية)،
    - قدرات تفاوضية
    - فكاكها من القبضة التحكمية العالمية لبعض الوقت،


    خاتمة


    كان من الممكن أن تُحدث الإنقاذ طفرة تنموية حقيقية داخل حكمها الطويل وبحكم تلك الميزات، لو لا أنها آثرت أن تبقى ريعية العقل، خراجية، كليبتوقراطية، تمارس رأسمالية الكازينوهات.


    سادساً، إضاءات على آفاق النغيير السياسى


    أولا،ً المتغيرات السياسية على المستوى العالمى


    - كما يعلم الجميع أن الأسئلة المرتبط بالتغيير ملحة ومن الضرورى الإجابة عليها، وذلك لأنها دالة فى الزمن وبالتالى فى تفاقم الأزمة الذى تراكم أثرها على الفئات الضعيفة، والطبقات الوسطى. غير ان المأساة الكبرى أن الإجابة على هذه الإسئلة ليست بلا أو نعم فى حقل الإقتصاد السياسى. وعلى أى حال علينا:


    1- قراءة المتغيرات السياسية العالمية قراءة حصيفة واختيار ما يناسب واقعنا من بين البدائل المطروحة على مستوى الاقتصاد والسياسة وغيرهما، وذلك بالتعاطى الحكيم مع النظام الليبرالى الجديد المسيطر والمهيمن.


    2- الاتجاه العام للنظام الليبرالى بعد الحرب الباردة أنه لم يعد راغباً فى إجهاض الديموقراطيات فى العالم الثالث (على الإقل من الناحية النظرية)، لكون أن النظام تمدد إلى غاياته، وما عاد يتخوف من أحد، وقد وجد ان التنمية المستدامة تُعاق فى المدى الطويل بإفقار الشعوب وطول عمر الديكتاتوريات. وبالتالى علينا أن نغتم هذه الفرصة لأزاحة هذا الكابوس من على البلد.


    3- علينا أن ننادى بنظام إنسان عالمى جديد، خالى من الحروب. وكما قال المرحوم تونى بن "لماذا نحارب الالمان لنخلق الوظائف ونزيد الارباح؟ لماذا لا نبنى المدارس المستشفيات".


    ثانياً، المطلوبات الآنية على المستوى المحلى:


    1- توفير المال اللازم لتسيير دولاب البلد إذا حدث التغيير (بنك السودانيين العاملين بالخارج) لان اللصوص لن يتركوا شيئاً بالخزانة العامة.


    2- بناء نظام ديموقراطى متناغم مع شراكة العملية الانتاجية يجمع السودانيين على مرتكزات الوحدة والإجماع – لا التشرذم والجهوية – فى حده الأدنى العملى فى البلد من أقصاها إلى أقصاها.


    3- نحتاج الى فضائية


    4- فض التحالفات المزمنة مع الشرائح الرأسمالية وإعادة بنائها على اساس متجانس طبقياً.


    5- على القوى الحية ان تقود التغيير وعلى شيوخه التراجع إلى المقاعد الخلفية.


    6- التغيير يحتاج إلى عسكرة ولو من باب توازن الرعب.


    7- التسيوق المستمر للتغيير فى العالم الحر.


    8- على الإنتلجنسيا نبذ التقاعس والإطلاع بدورها لقيادة التغيير.


    9- صرف أنظار الصينيين والروس من دعم النظام إلى دعم الشعب.


    10- تحريض العالم على إجبار النظام على استرداد ما سرقه من أموال الشعب، وإجباره على دفع ديون السودان من تلك المسروقات.


    اضاءات على المرتكزات المؤدية للثورة الوطنية الديموقراطية


    1- اتزان وديموقراطية واستدامة العملية الانتاجية/الاقتصادية لصلح كل شركائها.


    2- ايجاد حزب للعمال والقوى الحديثة فى السودان.


    3- مراقبة الشريحة ذات الهيمنة فى السودان.


    4- استقلالية كافة المؤسسات النظامية والمدنية والعدلية والتنفيذية والتشريعية.


    5- خلق نظم للانذار المبكر لفهم اتجاهات العالم بشكل استراتيجى.


    مع الشكر.
                  

08-24-2018, 05:04 AM

عبد الصمد محمد
<aعبد الصمد محمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تدشين كتابى: andquot;التشكل الإقتصادى الإجتما� (Re: حسين أحمد حسين)

    أكاد أجزم بأنه سيكون كتاباً ممتازاً نحتاج كلنا لإقتنائه لما شهدت به صفحات المنبر من تشريح عميق للجوانب المختلفة لأزمتنا الاقتصاديةلي سؤال عن كيفية إقتناء الكتاب يا أستاذ
                  

08-25-2018, 04:23 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تدشين كتابى: andquot;التشكل الإقتصادى الإجتم� (Re: عبد الصمد محمد)

    Quote: أكاد أجزم بأنه سيكون كتاباً ممتازاً نحتاج كلنا لإقتنائه لما شهدت به صفحات المنبر من تشريح عميق للجوانب المختلفة لأزمتنا الاقتصاديةلي سؤال عن كيفية إقتناء الكتاب يا أستاذ


    الأستاذ عبد الصمد محمد تحياتى،

    شكراً كثيراً العزيز عبد الصمد على التشجيع والإهتمام. ... وفى الحقيقة ثمن الكتاب لا يتجاوز العشر جنيهات إسترلينية، ولكن تزداد تكلفته بتكلفة البريد ونوعيته. وبالتالى الكتاب يُمكن أن يصلك فى البلد الذى تريد، متى ما كان ذلك البلد يحترم خصوصيات البريد.

    مع الشكر.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de