الأصابع الناعِمة

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-17-2025, 10:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-04-2017, 08:46 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأصابع الناعِمة

    08:46 AM November, 04 2017

    سودانيز اون لاين
    عبدالله الشقليني-
    مكتبتى
    رابط مختصر




    الأصابع الناعِمة


    بين طول القامة وقصرها ، يمكنك أن تصف طوله . متوسط الحجم ، معروق اليدين ، يقولون : ضربة من يده تصرعك أرضاً مغمى عليك . لطيف في المعاملة حَذر ، عيناه كالصقر . هادئ الطباع ، يأتي المناسبات العامة بخفوت . يتحرك كالظل ، بين الخفاء والحضور . لا يشارك الحديث العام ، بل يستمع بصمت . لا يوحي مظهره بشيء ، طيف هلامي. لا ملامح تستحق الوصف . يمسك بأحد أطفاله بلطف ، يحييك باختصار . " الوقيع " منذ عرفناه مغموس في الخفاء . يقولون خُلق الناس من الطين ، والجن من نار ، أما " الوقيع " فلا نعلم مم خُلق !.
    الريح نعرفها قبل وصولها ، تلتف لولبياً من أثر الشمس والظهيرة والحرّ . نرقبها وهي تتجول في الطرقات ، تحمل الأوراق و لفائف البلاستيك إلى الأعلى . في ذلك الوقت الغريب تراه واقفاً ، تهدأ الريح ولا تجد له أثر .
    سمعت مرة منْ يحكي عنه :
    - " الوقيع " دة رهيب !
    - كيف ؟
    - يسرق الكُحُل من العين
    - معقول ؟
    هذا بعيد عن التصديق ! . " النشالين " عالم غريب ، أفراده مجهولي الهوية . لا ينتمون لبيئة مثلنا ، و كنت أعتقد منذ طفولتي أنهم من قبيلة أخرى . تشبه قبائل الغجر ، يلفون الدنيا حول أصابعهم ، والبنان سيد الإبداع في الفعل المحرم .
    النشال ، صاحب اليد الناعمة ، مخيطة في الحرير . غاية إبداعها ، إلا تحس الضحية بأن المال قد تحول في لمح البصر من مالك ، إلى مالك منْ لا يستحق . شيء أقرب إلى السِحر ، لكنها الدروب الوعرة التي تفرزها المجتمعات . العالم الباطن الذي يعيش بيننا ، لن تعرفه إلا عند التقاطع الحرج . الحاجة أم الاختراع ، وقد تشكلت العوالم الخفية ،و أتقنت أدواتها . كيف تنمو الأوكار الباطنة عندنا ؟ لست أدري. وكيف تصطرع الذئاب على الفرائس الاجتماعية ؟. القتال هو بين عوالم الغنى الفاحش ، والفقر المدقع وعوالمه التي تنهش من أجل لقمة العيش . تحولت أشباه المدن و نهضت وتشكلت تحت سراديبها دروباً جديدة للعيش ، إذ غزتها العوالم السفلية . نمت وترعرعت و ازدهرت صناعتها ، وغطست في بِرك الباطن
    كيف يحيا أبطال تلك الغرائب ؟ . قرأنا عن مهنة النشل كخبرة تستوجب التعليم والتدريب . للسرقة الخاطفة أو ما يسمى بالنشل ، خفة ظل و أدب ومنهاج ودراية وأفق بعيد، ومناطق نفوذ . ولها مبدعون يعرفون نقاط الضعف البشري و كيف تستنفر الغفلة ، بل أين يمكننا صناعة الغفلة ، وإغراء الآخرين ببلع الطعم . إنها في موطننا صناعة الذكور ، ولا ندري ماذا يخبئ المستقبل .

    (2)

    الآن تكشفت لي عوالم الرجل الغامض ، فمن الحكايات بدأ يساورني الشك من أن " الوقيع " رجل من تلك العوالم . بطل من أبطال تلك الحياة الغريبة التي تحفها المخاطر . وتترقبها الفضائح حين يعبر الممتهن الحاذق السراط الرقيق ، ثم تنزلق قدمه ويسقط . عندها لن يجد الرحمة ، الأيدي الغليظة تهب للضرب ، وتحيط به الجماهير من عابري السبيل والمارة ، يأخذهم حب الاستطلاع ، وربما ينفذون الأحكام بأيديهم .
    تقول حكاية " الوقيع "إن ليالي المولد النبوي ، وأيام شهر الصوم ، عندما تتسوق الأسر ، وهي تترقب الأعياد هي من أفضل المواسم لرزقه . فلديه الأسرة والأطفال و لقمة العيش جبارة . يحتاج الجميع الكسوة الجديدة ، وأفراح الأعياد تستقطعها الأسر من لحمها اليومي ، في سعيها لتعيش كبقية البشر . يقولون زوجه واخوته لا يعلمون شيئاً عن عمله ، غير أنهم يعلمون أنه رجل سوق ، يبيع ويشتري ويسمسر ! . أين وكيف ؟ ، لا أحد يعلم! .
    الخطر كل الخطر إن شهدت اللحظة الهاربة ، التي يتم فيها عُرس الثواني . "لحظة النشل " الكهربائية ، لا حيلة لك الاّ الصمت . إن صرخت أو نبهت الضحيّة ، أصابك ما يصيبك ، مُدية تدخل الجسد أينما اتفق ، يهرع الجميع إليك ويختفي فريق النشل من الساحة . يتفرق دمك بين القبائل ، وتصبح أنت الخاسر .

    قطعة من شفرة الحِلاقة ، وعليها شريط لاصق يلتف على قمة إصبع السبابة هو سلاح التمزيق الفعّال . ملمس المتمرس على جانب الجيب المنتفخ ، ثم يسقط الثِقَل في اليد الأخرى ، ثم القفز السريع بعيداً . الفخاخ كلها تتجمع في الزحام . يقول المثل المفضل لدى الجميع : " الزّحمة فيها الرّحمة " !.

    (3)

    الآن الزحام عند المحطة الوسطى بأمدرمان ، قرب موقف البصات . الزمان أوائل الثمانينات من القرن الذي مضى . أسمع صراخ بعض المارة :
    " النشال ، أقبض النشال" .
    اجتمعت الجمهرة من كل حدب وصوب وسقط " النشال " ممسوكاً بالجرم المشهود . سقط المحترف من السراط الدقيق و كادت الدنيا أن تظلم في وجه . لكن غريزة حب البقاء تدفع الذهن أن يعمل . ويتفتق عن بصيرة تدربت على استنهاض غرائز الجمهرة ساعة الرعب . المباغتة والضرب على الأوتار الضعيفة . لمحت جزء من ملامح وجه يشبه " الوقيع " وأنا بين الشك واليقين ، لست متيقناً أهو أم غيره .
    فجأة أمسك " النشال " ببطنه ، وهو يصرخ :
    - يا ناس أنا مَطعُون .. يا ناس أنا مَطعُون .
    صُعق الجميع ، وتراخت الأيدي . عند اللحظة القاتلة يرتبك ذهنك ، وأنت بين تلك الجمهرة ، تهم بالهرب من شبهة القتل أو محاولة القتل . الكل بدأ مسلسل الهروب من الجريمة الدموية التي تلوح في الأفق . هكذا أفلت " الوقيع " ، وفي لمح البصر عبر السراط عبور المتمرس و اختفى بالمحفظة .

    *




















                  

11-04-2017, 09:39 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأصابع الناعِمة (Re: عبدالله الشقليني)

                  

11-05-2017, 02:19 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2189

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأصابع الناعِمة (Re: عبدالله الشقليني)

    بيكاسو يا أنيق
    في انتظار باقي الحكي الجميل ..واصل

    تحية وتقدير
                  

11-05-2017, 02:39 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7442

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأصابع الناعِمة (Re: Abdalla Gaafar)

    سرد ممتع
    شكرا
    يا شقليني
    و سلامي للمدام و العيال
    لا تنقطع عن كتابة هذه السرديات الممتعة
    و ليظل قلمك أخضراً

    طه جعفر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de