خواء المُنشاق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2016, 06:56 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خواء المُنشاق

    06:56 PM August, 21 2016

    سودانيز اون لاين
    Dahab Telbo-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    إهداء

    سُئل مايكل. ك عن عمل والدته في البساتين فأجاب :
    إنها تترك الاشجار تنمو بسلام .

    الى اخوان مايكل.ك الذين لم يعرفوا
    السلام قط تحت خيام النزوح الشحيحة

    ثم إلى
    ياسر المدو حُرقاص

    تلبو
                  

08-21-2016, 07:03 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)



    عندما تعكرت مياه النيل الأزرق تعكرت رطوبة الغرفة المهجورة على شاطئه الموحش فهيج ذلك فيه شجن الظعن ليتحسّر بصوت قوي أراد به إسماع أعماق النهر العكِر:"ماذا كان سيحدث لو أن جدي الأول عرج بأبله قِبٓل احدى الجهات الأربعة ، شرقا باتجاه الجنوب او غربا باتجاه الشمال او الى الجنوب قليلا ليقع في كمائن المستنقعات ، وحل طين الاستواء اللزج الذي ما انفكت منه حلزونات المطر ولا قوارض البوص وهي تجاهد فقط لمحاربة الاخضرار الجامح ، متجاوز المنعرج الألف للماء المندلق بسخاء صخري والغيوم الرمادية المتضجرة في سمائها التي تكاد تلثم قمم أشجار الأبنوس فبعد ذلك الاحتشاد الفضولي للوخم تسكن بلاد الله المباركة ارض "جومو" التي يرقد بعدها التشابك الجبلي الأخضر ذي المناخ المعتدل طوال العام"يصمت قليلا وهو يردد بصوت اقرب للهث "تشابك جبلي اخضر!... لا اظنه اخضر ولكن فليكن لسنا في محضر تحقيق" كانت شكوكه توخزه بإبرها المباغتة كلما غرق في استغراقه الموحش ذلك، فهو يعرف هدير الظنون وعمله على شجيرات الأماني المستحيلة ، حرك رأسه الأشعث بانتفاضة فجائية وكأنه ينش الشكوك ليستطرد" لو انه تجاسر لخوض المغامرة بالاتجاه الشمالي الغربي حيث ستواجهه ارض بشجيرات هزيلة تسد رمق جِماله ريثما يصل السهل الضارب للصفرة ذي الأشجار التي توازي تماما -في الاستواء والجموح- فاتناته المعتزات بنوبات طمثهن الأولى ، فقط لو تملكته روح المغامرة التي تسكن أرواح الأسلاف في قلب القارة الداكنة ، كنت سأكون بأي مكان ولكن ليس هنا ! أي مكان قبل قداسة حدود الغزاة أيها نهر الضجِر ، لِما تركته يقيم هنا يا الله ؟ ها.... لِما!،ولكنك لن تجيب فمنذ أن كنت أرعى الأغنام ظللت رباً صامتاً هكذ! مثل هذا الجدار المثلوم بالدماء.صمت ثقيل مر عبر نافذة الغرفة الضيقة ليتوزع على الظلام المسيطر على فضاء الليلة الخريفية بينما ظل هو متقرفصاً على الأرض الرطبة ينش شكوكه الملحاحة ، لم يلحق تجديفه الغاضب بهمهمات استغفار، فقط تنهيدة عميقة متأخرة خرجت بذات طريق الصمت يحفها ظلام الغرفة الرطب.

    تلبو

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 09-02-2016, 11:09 AM)

                  

08-21-2016, 07:10 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    ا
    في الشق الأخر من ظلام تلك الليلة كانت القافلة الصغيرة تتحرك بحذر تحت نجيمات ناتئة في جلد السماء الداكن مثل سخام قِدْر ، تتخالج بين النجيمات شُهب متعجلة كأنها مناوشات لفلول قائد مهزوم هو النهار الذي قوض الليل السائر -بتمهل غافلة بدوية- سلطتة عند معركة الشفق الفاصلة ، يتحرك الهودج المتوجة جنباته بقطع مرايا ميتة ، ما بث فيها ضوء الشهب المتعجل روح انعكاس ولا تبسمت للنجيمات التعِبة من جراء حصار الغيوم ، رغي مبحوح لجِمال الحمل التي تنوء بأثقالها الحطبية التي تعيقها أمهاتها - الأشجار - أبداً ، يتنحنح " الصليل" مختبرا صوته الغارق في صرير الجنادب الخريفية ذات الأصوات الحادة المباركة بسلطان الجن الغابي الغامض، غثاء الحملان التي تحتضنها الجيوب الجلدية الكبيرة على ظهور الجِمال ، ثم الرغي المهلك لفحل القطيع وهو يتوسط أهله أمام الهودج المتهادي على ظلامه العتيق ، كان " حمّاد" سيعير نحنحة والده كثير قلق وتأهب لو حدث ذلك في ليلة ظلماء تكسر شوكتها نار الهشيم وصوت مبحوح هو للهداي "ودالفكي"وسط خيام بادية " حسن الصليل "، لأن ذلك نذير صريح لقول له ما يتبعه من تكاليف تتوسطها لعنات مجانية من الوالد الضجِر حال كل البدو الابّالة، لحسن حظ حمّاد لم تكن تلك النحنحة المباغتة ماضية مثل عواء بنات أوى الذي ما قطع حبل نظم شعر السنجك* الذي يحاول الفتى إعداده لاحتفالات رقص المُنشاق*.

    تلبو

    ___________________________________________
    المُنشاق : النشوق عند البدو الرحل في دارفور وشرق تشاد هو المسير بإتجاه الجنوب وعكسه "المُوطاة -من واطي" وبالتالي المُنشاق رحلة قوافل الماشية السنوية من الشمال الى الجنوب هربا من جدب الصيف العطِش ثم العودة عند بواكير الخريف تفادياً لوخم الجنوب وعادة ما تنتهي تلك الرحلة بمهرجان رقص عند وصول الديار وملاقاة الاحبة.
    السنجك : رقصة شعبية عند الرحل تعتمد على التصفيق الجماعي ومقاطع شعر غزلي ذات ترنيم مموسق.
                  

08-21-2016, 07:14 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    مرت لحظات سوداء طويلة مبلولة بزخات المطر الفاترة وكأنها قطعت مع الأنعام كل تلك المسافة التي بدأت من أقصى الجنوب حيث امهات الأبنوس الوارف لتدخل الى غابات "قريضة" الجنوبية ذات أشجار السنط التي ما قست عليها الحياة لتترك عادة التشابك الحميمي ، ثمانية أيام من المسير المتواصل والقافلة المندفعة شمالاً بروح سلحفاة عطِشة - وحركتها أيضا- لم تجد ما يمنح قائدها " الشيخ سعيد " ذو الوجه الطلق دون ابتسام أمان من الوخم ، رغم شجيرات الكِتر والشحيط المخضرة خضرة خفيفة مثل أي بشارة لخريف ماطر،ذلك الزحف البطيء جعل مشهد القرى المنهمكة في إزاحة الشجيرات ذات الخضرة الطفيلية وإصلاح المحاريث يجد مدخل الى أعماق الابن الأصغر للصليل ليجمع اكبر عدد من مقاطع شعر السنجك التي كان يرتبها في ليلته السائرة. قبل ان يطلق الصليل كلمة من عقد كلماته المبتور على الدوام صرخت "فاطني" من داخل هودجها المتهادي كما ليله "يا للتعاسة لقد كسرت الأشجارالقِدر ثانية "
    "النجسة التعيسة كيف كسرتيه" أرسل "الصليل" لعناته عبر الظلام المطري السائر قبل أن يعلن عن التوقف الطارئ.

    تلبو

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 08-25-2016, 02:30 PM)
    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 08-25-2016, 02:32 PM)

                  

08-21-2016, 07:16 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    تمر السحب وتنبعج دائما دون الحاجة الى أن تريه نفسها كأي سجين منسي تحت زنزانةٍ رطبةٍ توشحه الأيام بجديد ساعاتها المعطوبة ، لتترك في حلقه لزوجة التماسيح حديثة الفقس ، تلك التي لها حموضة اللون الأخضر ورتابة البنايات المهجورة ، للأوان طعمها الخاص داخل الغرف الرطبة ذات الجُدُر المدهونة بدم الضحايا ، ذلك الطعم الذي يلهمك الهيام وهو يجرك الى بحور التفكر مثل باخرة طيّارة، بل يزرع فيك عشق الاغتراب ، وما الغربة سوى معرفة طعم الألوان وكثافتها التي تأجج وحشة رغي النوق وتماوج الهوادج.
    يتذكر الوعيد بخوف ما فاز به جلاوه الحانقون " كنت هناك وقريباً ستعود" "هناك! لا لم اكن في أيما مكان" غمغم وهو يتذكر جملة أخرى من جمل الوعيد "نعم سوف تصعد ولو بضيق الصدر" فبدأ بضرب رأسه بالحائط مرارا الى ان ساقته لعنات الجلاد اليومية نحو الغرفة الأكثر ضيقاً.
    تلتئم الأحاسيس المفجعة لتنمو غريبة داخل الزنزانة الباردة ، يتحرك العشب الأصفر أمام المدخل وكأنه يبرهن بأن للون قدرة ما لم تُكتشف بعد .تقترب الذكريات فيرنو القلب الى الأمسيات الأكثر روعة ،عندما يتحلّق الجمع على ساحة الرقص وتتلألأ جياد الحسان الموشحة بالعقود الصٓدفية ذات ريالات الذهب المتوهجة مع أشعة الأصيل ما بقيت سطوة المعدن النفيس، يُضرب الدُف المتمكن في الأرض بأرجله الثلاث الوطيدة فيتحرك عقد الحسان المنظوم وكأنه من صٓدف بشري، مرفوعات الرؤوس مع اهتزازهن المتناسق وجميل التبسم " تباً..ضربات النُقّارة تخاطب القلوب لا الأجساد" تمتم وهو يحاول إيقاف النزيف بحفنة من التراب الرطب. تجد عضلة القلب فرصتها لنتقلب باتجاه الجرح الكبير،فتظهر أمسية معبأة بغبار المدينة الضاجة على شاشة الذكريات، سلطة الأحداث الجليلة تجعله يصمت طويلا قبل أن يغمغم
    " يا للفساء لقد قُضي الأمر وبقي التحدي لن تحصل رطوبة الأرض على ما هو ليس لجلاديها ، فالسجن والسجان حيلة ، نعم السجن حيلة والسجان مسجون بلا زنزانة ولكن ، هل حقاً كنت هناك!"

    تلبو

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 09-02-2016, 11:21 AM)

                  

08-21-2016, 07:19 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)



    تنزل القافلة السلحفاة الى ارض بأدغال أكثف من عانات المجانين ، لتكتشف الاحورة لأول مرة اصرار الغيم ذي الاثلام الفضية مندهشة من تتلذذ أمهاتها بطعم الشجر الطري طراوة أرضه الطينية اللزجة التي اثقلت كاهل " فاطني" وهي تحاول قتل المسير في غافلتها بالبناء ، منكبة بهمة حقيقة لتشييد خيمتها السوداء التي خبرت أصابعها ضفائر كل شملة فيها، " المطر لعنة" تمتمت وهي تنظر الى السماء الدانية التي بدأت إرسال وفد مقدمتها المائي بتمهل.
    وخزة ما ، بجراءة المُنِذر شعرت بها "فاطني" قرب الضلع الخامس من الجانب الأيسر لصدرها ذي القلب المتحرّق كلما مر يوم دون يأتي به ، "الأيام الماجنة تضن بالأحباب دوما بل هي تشرب حتى نسائم طيفهم العليلة مع جريها المائي البليد" زفرت العجوز المنكوبة ، فثلاث سنوات ليست بالوقت القصير ليصمد أمامها صبر الأمهات ، ثلاث سنون كالحات خطفن ابنها البكر تاركات لها وجد ابتسامه وسوء الظنون فمنذ تلك المكالمة الهاتفية المقتضبة التي بشرت بوصول تأخر لثلاث سنوات لم يظهر شيء يدل على وجوده غير عذابات الفراق " لعن الله المدارس " لعنت العجوز وهي تمسك بوتد الخيمة وتشده ، ليأتيها صوت زوجها نشاز كعادته " النصارى شياطين يا فاطني، إنهم شياطين ومن يجاري الشيطان يُمسخ".
    الشك المطمئن الى الشك يملأ الارض بالتهيؤ،تعبر قوافل الضجر سريعاً الى حيث يطيب لها المقام ،صمود الأرق ، سهاد الظن الذي اصبح اشد فتك بالقلب ، يفكر بنملة مرت متعجلة فيجد حقيقتها التي هدته بدورها الى التفكر بالإبل ليجد لوعة ليالي السمر وجن الغابات الذي ما هدته عِتاق الكتب الى حقيقته فيهرب الى الغول الذي عرف حقيقته في حضن أمه "فاطني بت مسار" ،يسكن هناك طويلاً قبل أن يفكر في البشر ثم لا يجد شيء، سوى قذارة الزنازين، فيصدح " كنت هناك ... أنا كنت هناك امممم لابد من أن الأمر هناك مختلف.
    "قلبي يأكلني عليه يا أبا الذكور " ردت العجوز بعد قفزة وجله هي ما يتركه الصوت النشاز دائماً في النفوس القلقة ثم استطردت " هلا ذهبت الى المدينة وسألت عنه؟"
    "اسأل عنه! الى أين سأذهب يا أم الذكور، أين! فالمدينة جحر نمل الله الضال وسكانها كلابه الجائعة ، لن يسلم احد من تناوشهم اتركيه سيأتي لحاله عندما يطرده الجوع" تمر لحظات ثقيلة على حلق " فاطني" قبل أن يصدق المطر وعده المنجز على الدوام لتسكن الخيمة القعيدة وأصحابها تحت مشمع كبير.

    تلبو

                  

08-21-2016, 07:56 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)



    احد ما لم يجبره على ادعاء سعادته البائسة تلك عندما جهر متفكراً حال كل مسجون توحد مع الوحشة الرطبة لسنوات رتيبة
    "أنا سعيد ألان ! نعم سعيد وما يجعلني كذلك هو موت الدهشة داخلي ، رغم أن هذه العاهة مصطلح عليها في علم الفلسفة " بموت الفيلسوف " وهي بلا شك عاهة مانعة للتنظير العميق ولكني سعيد بها على كل حال ، فمنذ أن عرفت الانكسارات الألفية لجميع الذين أطلقوا على أنفسهم ألقابا رنانة في دنيا الأحياء هذه قررت قتل الدهشة بسُم اللامبالاة ، ولكني فشلت ، ثم بسيف الهروب للأمام ،هباءً، لألجأ للخنق بالأمل ، لا فوز، ثم بارود الألم ، بلا جدوى !. كل تلك المحاولات الحثيثة باءت بالفشل اللزج مثل اللون الأصفر، ذلك اللون البائس على حلاوته، لا يشير اللون الأصفر الى شيء محدد قط دون الاستعانة بلون أخر، وقد صدق أبي عندما اخبرني ذات لحظة زلقة من خريف قرية كسارة الطري " اللون الأصفر خدعة! " ومن حينها وأنا اكره الأصفر بيد أنهم يعزون ذلك العداء لزرقة قديمة تعود لهلاليتي المقتولة بسبب " كابوندا ودالحلة" حتى أن الضابط النشوان بإذلال ضحاياه دوّن ذلك صراحة في محضر التحقيق عند أول زيارات الرطوبة فقط لأَنِّي رفضت ارتداء البزة الصفراء المهترئة بعد أن تهرى قميصي ،فغباء العسكر لا يكبحه ذلك الإجماع الوطني على لزوجة اللون الأصفر بعد جائحة الفقر الأخيرة وتوشح وجوه الجناة ابتسامتهم التي لا يختلف منكوبان على صُفرتها ، كل ذلك والدهشة تخرج لي لسان الانكسار الى أن أخذها الله الان بتدبيره الخاص ، ولأن موت الغرماء عيد سيظل وجهي هكذا متهلل باحتشاد الحٓلك التائه في ليالي السجناء، فهي سعادة السواد المقدس الغارقة في رطوبة الزنازين إذاً ، حال كل الذين لم تخدمهم الصدف ، لكنها باقية، أخاديد السعادة العادية باقية أبدا في الروح يا نهر الزنازين -ميتة الشاطئ- وكرجل سعيد بموت الدهشة -لن تستطيع الزنازين اليائسة تكدير صفو وحدته- لا اشعر الآن بأي شيء إزاء ذلك الكم الخرافي من القلق الذي يتبارى في إثارته جموع الساسة والمنظومات التي تدّعي النشاط دائماً دون الحاجة الى إثبات ذلك ،فما عاد السجان يملك أمره ولا حتى السجن ! نعم و لا السجن يا نهر ، فسر عكرا او صفوا، كله تدبير العُلا حيث كنت قبلاً.

    تلبو
                  

08-21-2016, 08:02 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    حدث وان كان فصل الخريف بكل ذلك السخاء المائي قبل أن تتمكن القافلة من العودة الى البادية الأم ، كان ذلك عن ميلاده الأول، فقبل سنين طويلة و عند دغل الجميز المستسلم لثورة الماء العنيفة كان المخاض -غير العسير- يرتل ترانيم الولادة، حيث شُد طرف الحبل المربوط على فرع شجرة جميز باسقة والمنتهي طرفه الأخر عند يدي الفتاة التي لم تكمل سنتها الرابعة بعد العقد الاول ، المطر يحيل الألم الى خدر لذيذ والماء الساخن يملأ الفراغ المائي بخاراً ولا صوت يعلو فوق صوت الرعد الضاج بفرح مع أرجحة الحبل الذي يعلو ويهبط هو الاخر حاملا ثقل الفتاة التي تحاول انقاص وزنها بمقدار وليد ، كان البرق يحتفل على طريقته الصاخبة التي أعانه عليها الوليد بصراخ أفزع حتى جذوع الجميز. قُبض قلب " فاطني" وهي تشم في كل قطرة من ذلك الماء المدلوق بسخاء إلهي رائحة صراخه الاول ، بل تجد ابتسامه في ثلوم السماء الضوئية ، فتئن مع أزيز شلال المطر المنهمر على ظهر خيمتها أبدًا ، صرخت للمرة العاشرة نادبة كسر القدر الطيني وهي تمتم " ليس بخير ..ولدي ليس بخير يا أبا الذكور"
    "وهل يكون بخير من تبع مدارس النصارى " أجاب زوجها بضجر الإمطار المتواصل"
    "وما الحل إذاً ؟" سألت الزوجة وهي تقترب من كهلها داخل الخيمة المُنهكة بالماء محاولة استجداء سطوة ما لسؤالها وهي تضيف" قلبي يأكلني ، وقلب الام دليل يا الصليل أليس أنت من قال ذلك!" ثم قذفت بقطع القدر الخزفي المتكسر خارج الخيمة ،
    " فليكن عظة لكل من تسول له نفسه الذهاب وراء المدارس ، لست محتاجا للدرجة التي تجعلني اجري وراء من أنجبته من صُلبي " قال بتحدي تعرف هي وحدها درجة تعنته لتبتهل بيأس قبل ان تغرق في النشيج "فليحفظه الشيخ ماحي ، جدي ماحي الولي تولى هذا التائه.
    انت يا غرينيق انت يا غرينيق*
    انت يا غرينيق غرينيقي يا البعيد
    انت يا غرينيق رفيقي وانا ليك رفيق
    انت يا غرينيق رِفيقي فوق الطريق
    انت يا غرينيق ضاوي نور الفريق
    انت يا غرينيق قليبي انا البريد
    انت يا غرينق بسكونك في التُرد*
    قليبي المحروق ياغرينيق مابرد
    دا ريدك ياغرينيق علي قليبي انا انفرط
    ضميرك ياغرينيق كيف الجدي الشرد
    انت ياغرينيق شبيه الريل الورد"


    تلبو

    ______________________________________________________________________
    انت يا غرينيق : قصيدة للشاعر ومغني ربابة البري بري المشهور يوسف حسب الدايم " الحلة ام خروص"
    الغرنوق : طائر شبيه بالطاووس يكثر تواجده بالجنوب له عُرف أحمر بتاج ذهبي وعنق طويل
    التُرد: جمع تردة وهو مشرب الماء وتُحفر دائماً على رمال الوديان والرهود بعد ذهاب فصل الخريف .

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 08-28-2016, 06:44 PM)

                  

08-21-2016, 08:19 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)


    صراخ ضائع بين حشائش النهر العكر ينتهي الى أنين دامي داخل الغرفة الرطبة ، يمر صف الجميلات ، قطيع الإبل، حشود الطلاب ،ثم فاطني في ومضة سريعة تلهمه نجواه الأخيرة بعد أن وسع مجرى شريانه ليسقي الأرض الرطبة
    " لقد كنت هناك حقا ، لذلك سيلتقي الذي بين الضلوع والذي خارجها لا محال" تتقلص جميع الدنيا أمام عينيه الذابلتين لتكون شيئين متماثلين تماما كما فلقتي حبة بُن ،متساويين في تناقض وجودي،آمر ومأمور بلا تكليف ، سيد وتابع دون عبء ،ثم تتوحد الظروف وتُطوى الأمكنة ليلتقي المحبوب حبيبه ، ينكمش الزمن انكماش جناحي نسر مات لتتحلل أجنحته ويذهب الريش هباء ،" هباء هذا الوجود وذلك الكم الرهيب من التنوير المدلوق تحت أمهات اللبخ" يقول مجاهدا وقد جحظت عيناه " للون الأحمر سطوته وللبنفسج نكهة الحبيبات، كما للرمادي السكون ، سكون مطمئن الى سكون العُلا وخٓرس الجمادات ، الروح جماد متحلل ، فهي بنت الهواء المطمئن الى دواخل الأشياء وقدرة الشيئين المنفصلين المندمجين المتلاعبين بالقٓدٓر والقدرة".
    ثم تنطبق شفتاه ليلتئم جُرح حبة البُن.

    تلبو
    16 اغسطس 2016

                  

08-22-2016, 05:47 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1801

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    تحياتي ومعزتي صاحب الحرف الأنيق والمفردة الأنيقة ، مفردة مابين الحاضر والماضي والقادم،
    نشقت وأنا صغيرا بعُرفي محمولا علي الهودج، وكلما طال وقت المُرحال، أمد يدي، إلي مابداخل الشليل من قديد الصيد، وإلي مابداخل البطة من سمن......الخ
    ثم نشقت وأنا صبي في السادسة او السابعة "مردوفا" وراء والدي علي بعيره
    ثم نشق/غ ت وأنا شابا أمتطي بعيري أو حصاني أو حماري، اسير خلف نعمي........
    ثم تجولت في تلال كردفان الغرة وسهول دارفور الحبيبة أتدري ياصديقي تلبو، وجدت أكثرها حُزنا
    نشوق/غ مابعد الحروب
    ونشوق/غ الروح وأنت يعيد عن هذه الحياة في بلاد أخري

    لك معزتي وسعيد بكتابتك العميقة ياربيع النشوغ والموطي /اة والدمر والشوقارة
    دمت شامخا تعيد للمنبر توازنه وألقه
    *ربيع بالراء المرققة من "رباعة" وتعني الذي جاورك بنعمه وبهائمة وهو لا ينتمي لقبيلتك
    وهي من مصطلحات البادية العميقة وذات المدلول الإنساني والإجتماعي العميق
    لأن "الربيع" عندهم يصير كأبن العم وتتطور الرباعة إلي صداقة عميقة وواسعة تشمل كل الأهل القبيلة
    حتي نجدهم يعزفونها علي "النَّاي" الزُمبارة"
    يا البلول حليل البلّة
                  

08-22-2016, 06:36 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: عبيد الطيب)

    تلبو مدعوما بود الطيب

    الأثنان لكما صفة المحراث الذي يقلب واقعنا الصلد لتشم دواخلنا النسيم

    سر يا ابننا تلبو

    فأنت أقحوانة نبتت في وسط قحطنا المزمن تبشر بمستقبل زاهر

                  

08-22-2016, 06:27 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: درديري كباشي)


    Quote: فأنت أقحوانة نبتت في وسط قحطنا المزمن تبشر بمستقبل زاهر


    بل تائه على الدوام يجد من يمسك بيده دالا الى الطريق

    شكرا استاذي درديري "ان كانت تكفي لمعادلة جميل كلماتك المؤازرة على الدوام لحرفنا المايل!"

    بالحب يا مروض الحروف

    تلبو
                  

08-22-2016, 06:20 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: عبيد الطيب)


    استاذي عبيد الطيب شكرا للمشاركة الثرة التي تأتي بمثابة لحظة رواح في هذا المُنشاق الحزين
    ثم ممتن لأطراءك الجميل واتمنى ان اكون استحق كل ذلك

    شكرا

    مودتي
    تلبو
                  

08-28-2016, 06:45 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)










                  

08-22-2016, 07:08 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    الاستاذ دهب تلبو ..
    استمتعت جدا بهذه الكتابة الواعية الأنيقة وصمت لحظة أتأمل حين كتبت
    Quote: نعم السجن حيلة والسجان مسجون بلا زنزانة ولكن ، هل حقاً كنت هناك!"
    فعلا السجن الحيلة والسجان مسجون بلا زنزانة كلمات عميقة ، ربما ذهب مانديلا لمعنى قريب بأن السجن هو داخلنا إن لم نتحرر منه فسوف نظل سجناء إلى الأبد .. أعحبت أيضا بإختيارك للعنوان والآن فهمت ما قاله حميد " جينا ليك والشوق دفرنا يا نشوق روحنا ودمرنا يا المحطات الحنينه القصرت مشوار سفرنا ياما شايلك فيني حايم لا الليالي المخمليه لا العمارات السوامق لا الاسامي الاجنبيه" ... شكرا لك وواصل ، بحاجة إلى أن أقرأ ما كتبت بشيء من التمعن خارج لحظات الدوام الرسمي ... لك شكري
                  

08-22-2016, 06:47 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: انور الطيب)


    الاستاذ انور الطيب شكرا للمرور ونثر كل هذا الرحيق ذي الورود النضرة
    ولأبوينا حميد ومانديلا السلام والرحمة العلية

    ثم مشكور للفتة البارعة لمفردتي " نشوق ودمرنا" في قصيدة " نورا والحلم المدردح" لأبونا حميد حيث ان المفردتين تحملان معنى متناسق جدا مع المعنى اذا فُسرتا بحسب قاموس المُنشاق الذي نحن فيه فبالاضافة الى مفردة "نشوق" المعرفة اعلاه نجد ان مفردة " دمر" هي جمع مفرده "دامرة" وتعني البادية الام او الديار الثابتة للبدو التي منها ينطلقون واليها الاوبة بعد رحلة المنشاق الطويلة . وبين منشاق البدو وقول حميد "يا نشوق روحنا ودمرنا " رحلة طويلة أختصرها اعجاز النظم مع الاحتفاظ بكامل بهجتها وامتنانها الصادق للحبيبة ، مع التعبير الكامل عن معنى التيم .
    شكرا لحميد ولك ايضا استاذي أنور

    مودتي
    تلبو
                  

08-23-2016, 06:00 PM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: Dahab Telbo)

    دهب النضير

    ازيك يا زول يا سمح

    وان شاء الله دائما طيب و شديد و سعيد

    قول آمين

    وداير اسالك

    انت نضير عشان انت دهب ؟

    ولا دهب عشان انت نضير ؟
                  

08-28-2016, 06:52 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواء المُنشاق (Re: أبوذر بابكر)

    استاذي الجميل أبوذر بابكر مرحب بيك وسعيد بمرورك الزهر والله
    وإنشالله دايما انت كمان طيب
    بخصوص سؤالك انا نضير بنضارة روحك وجميل كلماتك

    مغبوط بإطراءك ياحبيب

    تلبو

    ______________________________________________
    اسف استاذي على اللخبتة الظهرت في المداخلة الاولى لأني كتبتها بموبايل وما انتبهت ليها الا اليوم . صادق اسفي استاذي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de