التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 02:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2016, 04:46 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)!

    قصة قرية احتضرت بين الواقع والخيال..

    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-05-2016, 01:53 PM)
    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-05-2016, 04:34 PM)
    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-07-2016, 06:48 PM)

                  

10-07-2016, 06:35 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)


    (0)
    مدخل:
    ودَّاها فوق قُوز الرماد
    كان ظنُّو يوم يومين تلاتِة
    المُوية تنزِل والبحرْ يشرد شُراد
    يفضل تَرا
    يبراهُو بالسلُّوكة من ورا
    والخير يعم يرقد رقاد
    ويبقى الخراب دا رهاب رِهابْ
    عِبرة وحكاوى بتنحكي
    بلدك مِتلْ كمِّين بلادْ
    بدت الدقون فيها الخَتَا
    نجَّس تراها المُتْرَفين
    كِترتْ مواعين الفسادْ
    وكان كلمة الإسلام غُتـَا
    جاتْ الَلَتْ الله وشالتا
    كان ظنُّو يوم يومين تلاتِة
    مشى السِبُوع والتاني جا
    والمُوية كلما ليك تزيد ويقلْ رجا
    قوز الرمادْ الكان قِريْب فات بعيد بقى ماب تخُوجْ
    قوز الرمادْ يا الضوْ فِضِلْ جزيرِة ضاربْ فيها مُوجْ
    يا الضوْ بِيُوت الناسْ حياتا مَبشْتَنة
    الحِلّة كلَّها في البحَرْ
    كَسَر البحرْ
    ولاَّ انتَحَرْ قلبْ المياهْ
    واِنكبَّ قَبَلَكْ وحْدَكْ
    ضاضاك فِ بلدكْ شرَّدَكْ
    ما أعتى حربك يا بشرْ إنت الغريبْ
    والموج يشيل غادي ويجيبْ
    والباقي كلُّو مقابلاتْ
    ضِدْ القوانينْ البدِيلَة
    اليَسْوَى ما يسْوَى الرَزِيلة
    جهنمْ الجنَّة الفَضِيلة
    ولا خَتَرْ في بالُنْ الحالْ الكَدَرْ
    لا حِكمةْ البحرْ الكَسَرْ
    ما ليهُو مُسْلِمْ لا الكَفَرْ
    هَبَدْ الجوامع من طَرَفْ

    -محمد الحسن حميد-
                  

10-07-2016, 06:50 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (1)
    قبل أن أغدو صديقا للبحر، كان للموج رهبة الموت في نفسي ، وماؤه العكر يقذف في قلبي حمم الخوف ليسقي بذرة الغرق والهلاك، جدتي (مسرة) رحمة الله عليها كانت شديدة الحب لي والخوف علي ، وكانت تحكي لي عن أحبائها الذين أخذهم البحر ( عمك أحمد "ولدي الكبير" شالوا البحر صبحية يوم "التساب" الغرق الحلة ، خالك الرضي غرقو "تور" أُمحمد ود أحمد يوم عرس أخوه "الفضل" ، التور شرد من "الضبح" ووقع البحر ، خالك لحقوا في نص الموية وبقى يدفر فيه لامن قرب "للقيف"، في النهاية التور مرق إلا الرضي "حتل" وماقلع تاني والفضل ما عرس لي يوم الليلة، "حامد" ود بتي النعمة "جنا حشاي" وقع من المركب وشالوا "العرق"، تاني ما اتلقى).

    ما أن تشرع جدتي في سرد هذه المآسي حتى أرتجف في حجرها من البرد، ومن حيث لا أدري علاقة للبرد مع الخوف كنت أختبي بين ذراعيها لأجد بعض الدفء والأمن واستمع لما يحكى، كانت هي تحكي لي من بين حزنها مزيد من القصص المثيرة، فتدفع بذلك طاقة جبارة في نفسي تلهمني بها خوف البحر وكره موجه ، و تمنعني مجرد التفكر في الاقتراب منه.

    حب جدتي الزائد لي هو ما انتهي بي لأكون في طفولتي عدوا للبحر، والبحر عند قبائل الضفاف في الشمال يطلق على نهر النيل، والنهر من شبقه يعتصر جسد قريتنا الصغيرة من بين أيديها، ويدع ماخلفها مكشوفا للصعيد، تمتد أطراف خيرانه تتحسس محاسنها وتشد إليه بطنها وجانبي صدرها ، ثم يموج حول خصرها كثعبان عملاق، يمد موجه الهادر في أحشائها ويقذف مع مائه سما زعافا يحصد به حياة الكثير من أهلها... أو هكذا كنت أخاله.

    على عكس موقفي من البحر ، كان أقراني الصغار يستمتعون بوجبة اغتسال يومي في مائه الدافئ خاصة عندما يغيظ الصيف وتلتهب سمومه، وكنت أسايرهم حتى أطراف الحلة، وما أن تلفحني نسمات البحر أو أسمع هدير الموج حتى تعجز قدماي عن المسير، فاترك لها العنان لترتخي على ظهر الجدول الكبير الذي يفصل اراضي الجرف من سواقي الحلة، أظل أغازل العشب منتظرا عودتهم بسراويلهم المبللة، وأقمصة قصيرة يحملونها مرفرة على عصيهم ريثما تجففها الرياح.

    رهبة البحر ملكت نفسي أعواما تبعدني عنه، حتى جاء عام أغاثت فيه السماء الناس بالماء فارتووا وشبعت البهائم، ثم فاضت على النيل كرما فهيجت صباه حتى ضاقت عليه الشواطئ وتنفس على السواقي والجزر، ثم هام شوقا لمن جفاه وأزمع أمر زيارتي في بيتي في بطن القرية من حيث لا آتيه، ولقد أرخ الناس لتلك الزيارة - فيما بعد- بفيضان عام ثمانية وثمانين.
    .
    .
    .

    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-07-2016, 08:54 PM)

                  

10-07-2016, 06:54 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (2)
    في ليلية خريفية ظلماء هبت على القرية عاصفة هوجاء متربة، قلعت الاشجار وجرفت أسقف الزنك وجريد النخل من حيطانها ، وكان مما زاد عتمة سمائها أنها حملت في جوفها أثقالا من تراب البطانة الخصيب، الناس في القرية اتفقوا على دفن الرؤوس ودسها في الثياب انحناءا للعاصفة، حتى إذا اقترب الفجر وهدأت الريح انقسم الناس فريقين، فريق استسلم أهله للفراش (أومستلزماته) ، ثم راحوا يغطون في نوم ثقيل يغسلون به تعب السواقي ورهق الحرث وأتربة العواصف ، وفريق خرج كباره للسواقي يتفقدون مزارعهم وبساتينهم ، ليجمعوا ما رمت به الريح من فواكه وخضر، أما نحن الصغار فقد درجنا على مناصرة الفريق الثاني، فما أن نشتم رائحة العاصفة حتى نرفع أكف الضراعة لله أن يجعلها (أم كبق) ، وأم كبق هذه ضرب من الريح الداكنة التي لا تكاد ترى فيها أصبع يدك إذا مددته أمام عينيك، وما ان تنقشع العاصفة حتى نخرج للمزراع والجنائن نحتطب من ثمارها وأطايب خضرها، ولا نعود إلا مع الاشراق وقد امتلأت جوالاتنا البلاستيكية الصغيرة بلحا وثمرا وتمني.

    في الوقت الذي انقسم فيه أهل القريه في مرحلة ما بعد العاصفة ، اجتمعت تيارات الغضب داخل النهر على قلب موجة واحدة ، وأزمعت أمراً إدا ، فقد استغلت شلالات المياه المزودة برؤوس طينية متفجرة جنح الظلام ، وامتطت العواصف الهوجاء لتضرب الشواطئ بعنف، ونتيجة لهذا التمرد العنيف خرجت تجمعات كبيرة من المياه وعسكرت في بطن خور عريض كنا نعده مصبا لمياه الأمطار، وبفعل هذا التجمع تسللت المياه والتفت على جانبي الجدول الكبير تنتظر الاشارة بالهجوم ... (البلولة ود البتوله) كان أقرب رجال القرية للعدو، فقد كان على موعد مع سرابات عجور يحصدها ناضجها ليلحق به السوق باكرا، وما أن اقترب من مزرعته التي تجاور الجدول الكبير حتى بدت له تجمعات المياه من فوق رأس الجدول تندفع بشراسة نحو السواقي ، وقبل أن يستوعب عقله الموقف كان النهر قد ابتلع سرابات العجور وماجاورها، والمياه الغاضبة أحاطت به من كل جانب يعلوها زبد ويسبقها خرير وهدير، ود البتوله ألجمته المفاجأة وتبلدت أحساسيه وهو ينظر لرأس ماله يغرق، وما أن لامس الماء البارد أرجله حتى استفاق وارتد على عقبية جريا ، يلوح بيديه لمن لحق به من بعده، يصيح في الناس ويصرخ - كمن وجدها- بأعلى صوته:
    - ألحقوا يا ناس الحلااا ..البحر كســ(ااااا)ر.. التساب جاااااااكم
                  

10-07-2016, 06:57 PM

وضاحة
<aوضاحة
تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 9116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

                  

10-07-2016, 07:53 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: وضاحة)


    مرحب بيك يا وضاحة ومرحب ب (منبرك) اللامع الوهيط

    ..
    ..
    حبوباتنا زمان بقولولو بنبر ، إلا داك قصير ومربط بالحبال ،
    أسع بتاعك ده لو واحدة جربت تعوس بيه بتتفنقل في الصاج
    عشان كدة سميتو (منبر الأميرة ) ، مع تحياتي الودودة.
                  

10-07-2016, 06:59 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (3)
    (الطاهر ود عبيد) كعادته عقب كل عاصفة ليلية ، أدركه النعاس فنام عن (النباهـ) الأول ، إلا أنه هب نشطا عند وقت الصلاة فخرج ليؤذن في الناس للفجر ، في طريقه للمسجد شاهدته حاجة (التومة) من عند باب بيتها، والتومة امرأة صالحة نذرت نفسها للعناية بمسجد الحي طوال عمرها، كانت تقوم الثلث الأخير من الليل في بيتها، ولا تغادر مصلاها إلا عند سماع صوت الطاهر وهو يناجي ربه بصوته الرخيم قبيل الفجر:(ألف صلاة وسلام عليك يا رسول الله، ألف صلاة وسلام عليك يا حبيب الله) ، وعندما يصل لقوله :(ألف صلاة وسلام عليك يا خاااتم أنبياء الله) ، تطوي حاجة التومة مصلاها الذي أتت به من البقاع المقدسة، تحمله وتتجه للمسجد لتنظفه وتبخره قبل حضور المصليين.

    وفي تلك الليلة التي كان فيها (ود البتولة) ينادي في الناس من السواقي، كانت حاجة التومة تشاهد - ولأول مرة في حياتها – (شيخ الطاهر) وهو يجري في الشوارع كمهر رشيق ، كانت تراقبه وهو قادم من بيته في طرف الحلة القريب من السواقي، وعندما اقترب من شارع بيتها عدل مشيته الوقورة فجاة، وانطلق يعدو نحو المسجد كمن مسه جان ..
    - اجي يا بنات أمي ، الليلة ود عبيد ده جنا ولا شنو؟
    أوجست التومة في نفسها مصيبة وهي تتذكر حادثة والد الطاهر الذي أورثه صفة مؤذن المسجد، حاج عبيد يحكى انه وقف يوما أمام الصفوف قبل صلاة الفجر كمن يهم لإقامة الصلاة، وفي الوقت الذي استعد الناس للقيام فاجاهم بخلع ملابسه والجرى عاريا خارج المسجد وهو يصيح بأعلى صوته (ياساتر يا عبد الستار.. ياساتر يا عبد الستار )، ظل يرددها ويجري حتى لحقوه وأودعوه القيد عند مسيد شيخهم الحفيان.
    كانت تلك خواطر حاجة التومة وهي تنظر للطاهر وهو يجري ويهتز، أما ما حدث لشيخ الطاهر في تلك الليلة قد كان بعيدا من المس والجنون، و كان لعدوه السريع ذكريات أخرى مرتبطة بجده ود الصافي، وأحداث فيضان مدمر عاش أحداثه المؤسفة في بيت جده وهو صغير.
                  

10-07-2016, 08:24 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (4)
    - أنا يا(أخوانّا) لمن سمعت صوت (ود البتوله) يكورك "البحر كسر" ، اتذكرت طوالي كواريك جدي "ود الصافي" لمن جاهم البحر سنة اربعة وستين وغرقهم وهم في بيوتهم.
    - لكن يا شيخ الطاهر ، "ود البتولة" لمن كان بكورك في الليل داك، مافي زول سمعو ، إلا الناس المرقوا للساقية .
    - كلامك صحيح "آلخير" .. ود البتولة كان بعيد ، إلا ربك رب الخير عشان ينقذ ناس الحلة دي ألهمني بي كرامة "ياسارية الجبل" الحكاها (شيخ الخواض) في خطبة الجمعة الفاتت، بتتذكروها يا جماعة؟
    - كيفن ما بنتذكرها ، عاد أنت يا شيخ الطاهر ماك ود شيوخ ، والبركة دي من جدك (اب عصا) المشي فوق البحر، إلا كلام ود البتولة ده ما ظنيتو يكون وصلك براهو، إلا كان "جن سيدنا سليمان" جابو ليك ؟
    - زي ما قلت ليكم يا اخوانّا ، البلد محروسها بي أهل الله، عشان كدة ود البتوله بقى لي كأنو بكورك في أضاني دي، وأنا مما سمعت كلمة "البحر كسر" ، طوالي جريت على الجامع وكوركت للناس في المكرفون.
    - عاد لكن ما خلعتنا خلعه ، وحات "سيدي الحسن" أنا مما سمعتك تقول:(عووك يا ناس ، أصحوا يا قوم البحر جاكم)، طفرت من عنقريبي وجري على الطورية والكوريق.
    - هي لكن الطورية والكورق مرقننا، كان ما (الترتر) حق (الزين ود ضبعة) ما كنا غرقنا.
    - عليك أمان الله (الترتر) اشتغل زي الترتيب، إلا الشوالات بتاعات (ود الجد) هن العملن الترس المسك البحر.
    - البركة في الشباب يا (اخونّا) ، كان ما عملوا الترس جنب الحلة بعد ما كسر الجدول الكبير، كنا رحنا شمار في مرقة.
    - البركة فيك انت يا شيخ الطاهر ود أب عصا ، كان ما نبهت الناس في الجامع كنا أسع عايمين زي (القعوي) .
    - ايوااا .. شفتو يا اخوانّا، حلة مدفون فيها جدي الفكي أب عصا والفكي ود الصافي ، تاني كان جا (طوفان نوح) ما بصلها، إلا يا جماعة الحذر واجب والبحر ماليهو ضمان ، عشان كده حقو الناس الليلة تقعد تحرس الترس وما في زول يمشي بيتو إلا للضرورة ، وكلموا النّسوان يسون شاي الصباح ويجيبنوا لينا في الترس ده ، وقولو ليهن الفطور والغدا برضو يلحوقنا بيهو هنا ، أقول لكم كلام يا اخونّا ... المبيت زااتو الليلة لازم يكون فوق ترسنا ده.

    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-14-2016, 04:47 PM)

                  

10-10-2016, 07:45 AM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)



    (5)
    بدأ شيخ الطاهر متفائلا وهو يلقي على الناس خطبته الاخيره ، أخرجها بصوته الغليظ الموبوء بـ (نخنخه) بائنة لايمر منها حرف النون إلا مثنى وثلاث ، رغم ذلك بعث حديثه بعض الاطمئنان في الناس ، وجعل من تلك اللحظة نقطة فارقة في حياتي، فها هو البحر الذي كنت أتحاشى الذهاب إليه ياتي إلي بنفسه ويسعى للقرب مني ، الآن فقط أشاهده يقف بجواري بكل عنفوانه ورهبته دون أن أشعر بالخوف منه ، انظر إليه متحديا هذ المرة وأتأمل أمواجه المكبوتة وهي تقاوم قيود الترس وتياره المعارض يسعى في يأس ليعيد تنظيم صفوف أمواجه تمهيدا لهجوم جديد، أدرت نظري في الناس وقد غلبهم التعب بعد أن قضوا ليلهم وصباحهم يكابدون غضب السماء وغضب البحر، الشباب بعد وجبة الشاي الصباحي بدأوا يتساقطون نياما على الشط الجديد، والكبار تراخوا في جلستهم ينعمون بهواء رطب من البحر ونسيم لم يألفوا مثله منذ أمد بعيد، الجميع تمددوا على الترس وأمنوا مكر البحر ومادروا ان السماء ما انتهت غضبتها ، وأن البحر مصدره الماء وفي السماء منه غيث كثير، فقد جاءهم الماء بغتة من بين أيديهم وخلفهم وهم لايشعرون، السحب الثقيلة قلبت عليهم موازين القوى من جديد فلم يستبينو الاستفاقة إلا ضحى ، ولم يعرفوا حجم الكارثة التي داهمتهم إلا بعد أن وصلهم صوت (حاج اللمين) وهو يصيح من وراء القرية:
    - يا ابو مرووووه ، ألحقوا الخور .. الخور الوراني نزل .. السيل جاااكم من الصعيد .

                  

10-10-2016, 08:38 AM

ياسر السر
<aياسر السر
تاريخ التسجيل: 08-06-2010
مجموع المشاركات: 3204

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    قمة في الابداع اخي الاستاذ عمر التاج فقد اجتررنا معك ذكريات زمنا كنا نعتقد انه زمن قاسي ولكن اتضح لنا جليا اننا نحن القساة فزمن اليوم اكثر قسوة وبشاعه ويا حليل ذاك الزمن الجميل ...
    فقد خطرت على بالي فورا قصيدة واغنية عمنا الجاغريو المشهورة ( البحر السطيت غيرك مافي ذكرى وكشفت العرايس العجوز البكره وهدمت البيوت ) وهي قصيده انشدها عمنا الجاغريو حينما اجتاح البحر ارض العيلفون في فيضان عام 46 المعروف ...
    واصل في هذا الشلال الابداعي ولي عودة .... حين ميسره ....

    تحياتي : ياسر العيلفون .......
                  

10-10-2016, 09:56 AM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: ياسر السر)

    مرحب بيك اخ ياسر واهلا وسهلا
    Quote:
    قمة في الابداع اخي الاستاذ عمر التاج فقد اجتررنا معك ذكريات زمنا كنا نعتقد انه زمن قاسي ولكن اتضح لنا جليا اننا نحن القساة فزمن اليوم اكثر قسوة وبشاعه ويا حليل ذاك الزمن الجميل ...
    فقد خطرت على بالي فورا قصيدة واغنية عمنا الجاغريو المشهورة ( البحر السطيت غيرك مافي ذكرى وكشفت العرايس العجوز البكره وهدمت البيوت ) وهي قصيده انشدها عمنا الجاغريو حينما اجتاح البحر ارض العيلفون في فيضان عام 46 المعروف ...

    وشكرا على مرورك وتعليقك وربطك لهذه الخواطر باغنية الجاغريو
    فهي وان جاءت بسيطة و مبعثرة ، إلا انها مجرد محاولة لتوثيق محطة بارزة من كوارث البلد ،
    ارجو ان تضيف بعض التفاصيل و تنال بعض القبول
                  

10-12-2016, 07:04 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (6)
    في اللحظة التي كانت فيها الأجساد المتعبة ملقاة على الترس بين نائم ومسترخ، عاد البعض بأواني الشاي الفارغة لبيوتهم ، وكان من بينهم حاج الأمين الذي ذهب بعد ذلك يتفقد زريبة بهائمه المطلة على الصعيد من طرف القرية ، وفي اللحظة التي فتح فيها الزريبة سمع صوت خرير عنيف يقترب منه، وعندما رفع رأسه في اتجاه الوادي البعيد رأى السيل يندفع بقوة نحو القرية ، فما كان منه إلا أن أطلق ساقيه للريح يسابق بهائمه نحو الحلة، ويصيح صيحته المدوية التي سمعتها كل خلائق القرية، حتى النائمين على الترس.
    أهل الترس عندما أفاقوا على الصيحة كانت جيوش المياة تدخل القرية من خلفها ، المشهد كان أشبه بجنود خالد ابن الوليد وهي تباغت المسلمين يوم أحد بعد أن ترك الرماة مواقعهم ، قبل الصيحة بلحظات كنت قد وصلت مع والدي أحمل ترمس الشاي للبيت، الوالد بعد وضع الصينية الكبيرة بما حملت أخذ مصلاته وذهب ليصلي الضحى، بينما انغمست أنا في لحافي مرهقا، وقبل ان أغمض عيني وصلت لمسامعي الجلبة العاليه والأصوات الصارخة ، التفتت تجاه مصلاة أبي فإذا به يقطع صلاته ويتسلق سور الحوش بخفة ومهارة ، تأملته عيناي الجزعتان وهو ينظر للشارع سريعا ثم يقفز نحونا وهو يردد مذعورا:
    - يلا قوموا أمرقوا سريع، الظاهر عليهو الترس كسر والموية حاتغرق الحلة.
    سرت في جسدي للحظات رجفة البحر من جديد ، أفقت منها سريعا فقفزت من سريري وانطلقت نحو باب الشارع، وعندما فتحته هالني منظر الماء وقد امتد لسان طويل منه على الشارع يحمل في أطرافه كل أوساخ القرية وبقايا فضلاتها، أغلقت الباب بسرعة وهرولت نحو الداخل أصيح في ناس البيت:
    - يمه البحر وصل بيتنا .
    الوالد لم يعير حديثي انتباها ، بل امتشق كوريقا ضخما وقفز من السور القريب من ناحية البحر ، اتجهت أنا للشارع مرة أخرى فوجدت الشارع وقد امتلا بجيوش من المياه الزاحفة نحو البحر ، في هذه اللحظة خطر لي أن البحر لا يأتي من الصعيد، ما هذه المياه إذن؟
    قبل أن أجد جوابا جاءني صوت شيخ الطاهر وهو ينادي عبر مكبرات الصوت :
    - ياناس الحله عوووك ، يا أخونّا هوي ألحقو السيل، السيل نزل من الخور الوراني .
                  

10-13-2016, 08:47 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)


    غدا باذن الله نجتهد لرفع الفصول الثلاثة الأخيرة من القصة
                  

10-13-2016, 09:24 PM

muntasir

تاريخ التسجيل: 11-07-2003
مجموع المشاركات: 7544

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    يا سلام يا عمر
                  

10-14-2016, 12:46 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: muntasir)

    شكرا اخي منتصر وتحياتي القلبية لك
                  

10-14-2016, 03:31 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (7)
    على حافة الترس كان الفزع مهولا والصدمة سيدة الموقف، حالة من الحيره و الذهول انتابت أهل القرية وهم ينظرون للماء يتدفق بين أيديهم ومن خلفهم ، فبعد أن باتوا يحرسون البحر من أمامهم ها هو السيل يطعنهم من وراء ظهورهم والموت يحيط بهم من كل جانب والغرق يأتيهم من حيث لايحتسبون، الترس الذي أقاموه ليحميهم أصبح وبالا عليهم لأنه يمنع تدفق مياه السيل إلى البحر.

    الشباب الذين كانوا يحملون معداتهم ليدافعوا بها موج البحر التزموا الدهشة وهم يشاهدون الماء في كل مكان، الصغار طارت قلوبهم من هول المشهد وحسبوه يوم الفزع الأكبر ، أما نفسي فقد أدركها الرعب من جديد وشعرت لأول مرة في حياتي بتغلب الخوف والبرد على جسدي تماما وهو بعيد عن حضن جدتي الآمن الذي كنت أتدثر به.

    حاج الزين ود ضبعة أدار محرك التراكتر وظل يدور به كالثور المجنون محاولاً تعلية الترس ، وعندما يئس من ذهول الناس صاح فيهم .
    -أردمو الترس يا شباب ما ينكسر ، أردموه بتراب (التبه) العالية ديك قبل ما تغرق.
    - البحر خليه أسع يا ود ضبعة ، نحن في السيل الماشي زايد ده ..
    - يعني نعمل ترس تاني للسيل ولا شنو؟
    - ترس شنو يا حاج الزين البنعملو تاني ، نحن حقو نكسر الترس ده ونخلي موية السيل تمشي البحر.
    - يازول انت ماك نصيح ، ترس شنو البتكسرو؟ على الجزيمة الترس ده تهبشوا إلا تغرق الحلال كلها .
    - يعني انت قايل الحلة لسة ما غرقت ، ياخ السيل النازل من الصعيد ده غرق حلة القوز الفوق حتين وصلنا هنا ، وبهائم حاج اللمين جاتنا طافحة مع السـ...
    قاطعهم صوت (التاج) الجهور وهو يصيح فيهم بنهرة ونبرة قاسية ..
    - آناس خلوها الحجة والكلام الكتير ، خلونا نمرق اولادنا قبال البحر والسيل ما يتفقوا علينا ، انتو ماعارفين الماشي عليكم شنو؟
    - شنو؟
    رد الجميع بالعبارة الأخيرة بعد أن أولوه اهتمامهم وجزعهم ، فأشار في اتجاه الشرق وصاح محذرا ..
    -هداك السيل جايكم نازل من الخور القدامي برضو .

    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-16-2016, 07:13 PM)

                  

10-14-2016, 07:51 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    (8)
    التهمت الرهبة الناس وهم يولون وجوههم شطر الخور (القدامي)، الشباب شاهدوه لأول مرة في حياتهم وهو يفيض من شرق القرية حاملا كتل الماء المسفوح بلون الدم و يندفع نحوهم هادرا كمقدمة جيش ضاري ، لحظات ماقبل العاصفة سادها صمت رهيب مرت على الناس وكأنهم صرعى ، القلوب تطايرت فزعا والوجوه تصدعت وبلغت القوب الحناجر ، الخلائق صمتت صمت المقابر قبل أن يفتح الله على (حاج التاج) بصيحة أخرى أصبحت مثلا وظل يرددها أهل القرية حتى اليوم .
    - ياجماعة مافي حل غير نحفر خندق.
    في حقيقة الأمر لم تكن الفكرة الأخيرة الغبية من بنات أفكار أبي، بل كنت أنا صاحبها ، ففي اللحظة التي كنت ألتف من الخوف بذراع أبي وأرتجف من برد البحر ، استحضر ذهني مشهد المسلمين في غزوة الأحزاب ، وفي اللحظة التي شعر فيها أبي باهتزاز جسدي النحيل تحت يديه مال إليّ برأسه مشفقا ، وما ان نظر إلي عيني الملتمعتين بالفكرة حتى فاجأته بقولي:(يا أبوي حقو نحن نحفر ترعة ونحبس فيها موية السيل).
    - ترعة شنو يا ولد؟ انت قايل دي موية بابور؟
    - قصدي خندق زي بتاع سلمان الفارسي .
    عند ذلك أطلق أبي صيحته المشهورة التي خلدت في موسوعة القرية باسمه حتى اليوم ، والتي صادف اطلاقها وصول شيخ الطاهر لجماعة الترس.
    - خندق شنو يا (أخوننننا) البتقولوا عليهو، يا زول انت قالينّا في غزوة الخندق.
    - قصدي نحفر خندق في شكلل ترعة كبييرة نحجز فيها موية السيل وبعدين نفرغها في البحر.
    شيخ الطاهر استوعب الفكرة سريعا وصاح في الناس .
    - كلام التاج صاح يا أخونننا ، مافي حل غير نحفر الترعة وبسرعة.
    - ترعة شنو يا شيخ الطاهر مع المويات ديل ؟
    - أسمعو الكلام قبال ما تغرقوا ويتمسح قوز الفكي من الوجود ، وأنت يا "ود ضبعة" أكشف الطين بالترتر واعمل لينا حوض نبدا منه.

    (عدل بواسطة عمر التاج on 10-16-2016, 06:59 PM)

                  

10-15-2016, 08:06 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    للقراء أيضا حس بناء في النقد القصصي..
    نقرأ لهم لنستفيد من آرائهم قبل الختام..


                  

10-16-2016, 07:19 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التَــرَسْ... (قصة احتضار قرية)! (Re: عمر التاج)

    لمزيد من القراءة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de