الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائقية 9م الجمعة (صور من البرنامج)

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 02:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2016, 06:28 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائقية 9م الجمعة (صور من البرنامج)

    u1.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    ستبث قناة الجزيرة الوثائقية فيلما وثائقيا عن الاستاذ والفكرة يوم الجمعة القادم في حوالي الساعة التاسعه مساء بتوقيت السودان
    وسيعاد يوم الاحد الذي يليه.البرنامج بعنوان افكار علي حبل المشنقة
    في التييلر الخاص بالبرنامج يظهر عدد من كبار الاخوان والاخوات وهم يتحدثون عن الاستاذ محمود محمد طه
    ممن يظهر في البرنامج الأستاذة أسماء محمد محمد طه، د. النور حمد و د. أحمد المصطفى دالي

    87.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 06-23-2016, 09:19 AM)

                  

06-20-2016, 09:05 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36938

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    يا مصطفى يا كتابا من كل قلب تالف ويا زمان سياتي يمحو الزمان المزيف
    عبدالله البرودني

    والله خبر يسعد الانسان زمان سعيت في عمل فلم تسجيلي عن حياة محمود محمد طه.سنة 1986..وسعت الاستاذة واسماء وخليل عثمان ايضا من اجل هذه الامر ولكن وقف في وجهي في ذلك الزمن اهل التلفزيون والمركز التعيس
    اعتقد بعد حالة الانهيارات المستمرة لفكر الاخوان المسلمين على مستوى السودان والدول العربية والعالم قد بداء زمن الفكرة واتمنى من الاخوان الجمهوريين ايضا المشاركة في المنتديات الفكرية التي تقيمها تونس والمغرب
    لان دول المغرب العربي اثبتت عمليا انها هي المؤهلة لاطلاق الفكر السوداني الى العالم

    تمنيت ان يطبع كتاب ديباجة الدستور تجاريا بسام ((الامم الحرة ))وهي الامم التي تنبا به الاستاذ في مرحلة ما بعد الامم المتحدة والمدنية الفاضلة والمجتمع الديموقراطي الاشتراكي
                  

06-21-2016, 06:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: adil amin)

    Quote: يا مصطفى يا كتابا من كل قلب تالف ويا زمان سياتي يمحو الزمان المزيف

    مرحبا بالأستاذ عادل محمود الأمين

    أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ
    كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ
    قال عبدالله بن عباس رضي الله عنه
    أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، أنزل علما
    الأودية قال هي قلوب العباد
    محو الزمان المزيف
    قال الأستاذ محمود محمد طه

    ty.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


                  

06-21-2016, 08:03 AM

ANWAR SAYED IBRAHIM
<aANWAR SAYED IBRAHIM
تاريخ التسجيل: 12-02-2014
مجموع المشاركات: 900

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)


    السلام عليكم اخى عبد الله ورمضان كريم عليكم

    نسال الله التوفيق .. واتمنى ان يوفّى الرجل حقّه

    خاصّة لما قراته من بعض كتبه .. ان الكثير مما تنبّأ وانبأ به ومنذ عشرات السنين

    اراه الآن حقيقة ماثلة امامنا

    رحم الله الاستاذ رحمة واسعة واسكنه الجنّة

    دمت بخير .. وسنتابع وشكرا لك



                  

06-21-2016, 08:22 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: ANWAR SAYED IBRAHIM)

    نور سيد ابراهيم خيري
    كيفك يا زميل
    والله مشتاقين
    Quote: ان الكثير مما تنبّأ وانبأ به ومنذ عشرات السنين اراه الآن حقيقة ماثلة امامنا

    كتب الأستاذ محمود محمد طه في كتابه "مشكلة الشرق الأوسط" والذي صدر في العام 1967

    us.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-21-2016, 09:27 AM

MOHAMMED ELSHEIKH
<aMOHAMMED ELSHEIKH
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 11825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    السلام عليكم والرحمة والبركة وكل عام وانتم بخير

    ومن حسنومن حسن حظنا ان كان في منزلنا اخ جمهوري استطعنا وفي سن مبكرة وفي نهاية المرحلة المتوسطة ان نطلع على كتب
    الفكرة واحدا تلو الآخر وبخلفيتنا الصوفية لم نجد صعوبة في فهمها وهضمها ولكن واجهتنا صعوبة الالتزام وبعض الأسئلة المعلقة التي لم نشفي غليلنا باجابتها حتى ارتحال الأستاذ.
    نأمل ان نجد الأجابات في الحلقة هذه وماتجره من حوارات صحفية واسفيرية ونقاش واسع

                  

06-21-2016, 10:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: MOHAMMED ELSHEIKH)

    يا ألف مرحب يا أخ محمد الشيخ والتحايا عبركم للفكي عابدين وقومه
    Quote: وبخلفيتنا الصوفية لم نجد صعوبة في فهمها وهضمها

    الأستاذ كتير كان بردد "الصوفية سلفنا ونحن خلّفهم" أي خلفاءهم
    وقد ذكر هذه العبارة في آخر ما ذكر وهو حديث الفداء المشهور
    كان أيضا يقول: أنا عبد صوفية ودي عبودية ماني داير منها فكاك
    ---
    نأمل معكم أن تجد إجابات ما تبحث عنه - هاك بي هاك - ببركة حبكم للمتصوفة
    فالصوفية كما قال الأستاذ محمود "ما بياكلوا البايتة"
    دائما لسان حالهم ولسان مقالهم: أعندك من ليلى حديث محرر بإيراده يحيا الرميم وينشر
    دة المحتاجة ليهو البشرية الآن
                  

06-21-2016, 03:38 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)


    ,
    سلاااام أستاذ عبدالله، وأهله...
    ...
                  

06-23-2016, 06:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالغني كرم الله)

    يا ألف مرحبا يا غني، أيها القاص العظيم
    مرحبا بكم وبآلكم


    u.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-23-2016, 09:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    يشارك د. النور حمد بالتعليق

    y.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-23-2016, 09:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    كذلك يشارك د. أحمد المصطفى دالي معلقا

    7.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-23-2016, 09:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    كذلك يشارك د. حسن مكي محمد أحمد بالتعليق

    66.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-24-2016, 06:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    يا الف مرحب الأخ مصباح علي من نافذة الفيس
    آمل أن ارد على سؤالكم لماذا يؤيد الجمهوريون مايو
    مزمع سفر اليوم ومتى ما توفر الزمن سأرد لكم بأذن الله
    سلام كبير ورمضان كريم
                  

06-24-2016, 10:33 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    تم عرض البرنامج ونأمل في وضعه هنا قريبا
                  

06-25-2016, 00:34 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    سلامات يا عبد اللهالبرنامج أعيد مرة أخرى حوالي منتصف الليل اليوم.يمكن مشاهدة الإعادة في موقع الجزيرة الوثائقية البث المباشر يوم الأحد.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 06-25-2016, 12:33 PM)

                  

06-25-2016, 09:21 AM

MOHAMMED ELSHEIKH
<aMOHAMMED ELSHEIKH
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 11825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    لم يتم تحميل الحلقة حتى الان
                  

06-25-2016, 11:39 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: MOHAMMED ELSHEIKH)

    من الأصوات المعارضة للفكرة الجمهورية أورد الفيلم عدة مداخلات للدكتور شوقي بشير عبد المجيد، ولكن الغريب أن الفيلم لم يورد ولا حتى بعض ما كتبه الدكتور عبد الله الفكي البشير مؤلف كتاب "محمود محمد طه والمثقفون" عن أطروحة الدكتوراة لشوقي بشير عبد المجيد وكان الحياد يقتضي أن يذكر ذلك.

    http://sudaneseonline.com/board/460/msg/1388200226.html

    الأستاذ بدر الدين الأمير في هذا البوست الذي وضعت رابطه وعنوانه:
    قراءات في كتاب محمود محمد طه والمثقفون: شوقى بشير عبدالمجيد والمكاشى طه الكباشى ومحمد وقيع الله الخ
    كتب ما يلي:

    Quote: الثلاثة المذكورين في عنوان البوست يحملون درجة الدكتوارة
    و تدليسهم لسيرة المحمود وفكره كان تدليس خبط عشواء
    والعشواء هى الناقة التى لاترى امامها ....
    Quote: كتبت ووعدت في بوست تدشين كتاب عبدالله الفكى بدار د. حيدر بدوى
    أنني انهيت مطالعة كتاب عبدالله الفكى (محمود محمد طه والمثقفون )وذكرت ان سرد عبدالله للاحداث والمواقف لحد كبير غطت رحلة حياة الشهيد الانسان والمفكر والمناضل واغلب من جرو قلم وقالوا كلمة في حق الشهيد مدحا او قدحا وهناك العشرات من (بورداب موقع سودانيز اونلاين) قد استشهد المؤلف باكتاباتهم بالاضافة للكتاب والشعراء والادباء والسياسين وهناك الاكادميين اصحاب الرسائل العلمية وقد صدمنى الؤلف وهو يستعرض رسالة الدكتوراة لشوقى بشير عبدالمجيد وهو قريبى من ابناء اربجى (كوز مؤتمر شعبى) وقد تكون رسالة شوقى بشير هى اول رسالة دكتوراة عن الفكر الجمهورى نالها من جامعة ام القرى بالسعودية ويالهول الكضب المجانى وامية القراية والجهل فوق جهل الجاهلين بل عند شوقى يستوى الذى يعلم والذى لايعلم ورسالة شوقى تلك سوف افر د لها بوست خاص وتعرية عبدالله الفكى لشوقى بشير بالمنطق والعلم والحقائق والتاريخ تجعله يخجل من الدال التى تسبق اسمه وكيفية نيله لها وهناك برضو العجب العجاب فى الضلال الذى يندى لهو جبين الطفل كتاب للمكاشفى طه الكباشى انا كنت بقرا استعراض عبدالله لكتاب المكاشفى وبصرخ كمن مسه جن وسالت نفسى هل الناس ديل بنومو زى مانحن بنوم وفى بالى مقولة شكسبير على لسان هاملت : ان قوة الضمير جعلتنا جميعا جبناء.

    Quote: يقول المؤلف عبدالله الفكى البشير في مقدمة كتابه:
    أولاً: الدكتوراة التي قدمها شوقي بشير عبدالمجيد

    كان من أبشع نماذج الدراسات الجامعية العليا التي قدمتها في متن هذا الكتاب، أطروحة دكتوراة بعنوان: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها. قدم الأطروحة الطالب آنئذ شوقي بشير عبدالمجيد لنيل درجة الدكتوراة في العقيدة، من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الدراسات العليا الشرعية، فرع العقيدة، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، وهو مبتعث من جامعة أم درمان الإسلامية إلى جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية. حينما درست هذه الأطروحة، وتكاد تكون هي من أوائل الدراسات الجامعية التي أعدت في نقد الأستاذ محمود والإخوان الجمهوريين، لم تكن هذه الأطروحة فاقدة للأسس العلمية فحسب؛ وإنما كانت تضج بالجهل والسذاجة والعبث. كانت المعلومات فيها غير دقيقة وبعضها غير صحيح البتة ليس على مستوى الفكرة الجمهورية والأستاذ محمود فقط، بل على مستوى تاريخ السودان ومساره السياسي. لقد أحاط الجهل بأول مائة صفحة منها، للحد الذي يصعب على قارىء مطلع ملم، دعك من متخصص، أن يكمل قراءتها. وللأسف فقد أعتمدت على هذه الأطروحة العديد من المؤسسات في تصميم مناهجها الدراسية، وأخذت الكثير من الدراسات بما جاء فيها باعتبارها أهم المراجع عن الفكرة الجمهورية. ومثل هذه الأطروحة لا تزيد الناس إلا ظلاماً ولا تزيد الأرض إلا إظلاماً وظلماً. الأمر الذي يعكس مستوى الأكاديميين في العالم الإسلامي والعربي وفي السودان، ويعكس كذلك مستوى المؤسسات الأكاديمية في السودان وفي العالمين الإسلامي والعربي. وتكشف هذه الأطروحة بشكل جلي أسباب الإنحطاط والتدهور في السودان وفي العالمين الإسلامي والعربي. سيجد القارىء الكريم كل ما ذهبت إليه مثبتاً ومبرهناً عنه في الموضع الذي تناولت فيه هذه الأطروحة وغيرها من الدراسات ضمن الفصل الثاني: "قراءة في الدراسات السابقة، مرحلة الفقهاء: تعطيل الطاقات الحيوية وتجميد حركة التغيير والتحرير".
    Quote: يواصل عبدالله الفكى بقوله :
    في الفصل الثانى تحت محور بعنوان:
    نقد مرحلة الفقهاء: صدام الجديد مع القديم (اختطاف الفقهاء لمنابر الحوار وسوح السجال بلا إمكانيات فكرية). كتب عبدالله قائلاً:
    ... الشاهد أن جامعة أم درمان الإسلامية انتقلت بعد ذلك إلى مرحلة جديدة في موقفها من الأستاذ محمود، إذ ابتعثت أحد الطلاب لنيل درجة الدكتوراة من المملكة العربية السعودية، فنال الطالب (آنذاك) شوقي بشير عبدالمجيد درجة الدكتوراة عام (1403ه/ 1404ه-1983م/1984م)، وكانت رسالته بعنوان: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها. أتبع شوقي نيله للدكتوراة بنشر العديد من الكتب والأوراق، منها كتابان الأول بعنوان:موقف الجمهوريين من السنة النبوية، والكتاب الثاني بعنوان: منهج الجمهوريين في تحريف القرآن. وعدد من الدراسات منها: "التأويل الباطني عند فرقة الجمهوريين بالسودان"، و"الجمهـــوريين ومشايخ الصوفية"، و"فرقة الجمهوريين في السودان". كما ساهمت أطروحة شوقي في تصميم المقرر الدراسي بجامعة أم القرى عن الجمهوريين كواحدة من الفرق المعاصرة. أيضاً، قُدمت رسالة ماجستير بعنوان: نقض نظرية الإنسان الكامل عند الجمهوريين، من إعداد الطالب: الباقر عمر السيد، بجامعة أم درمان الإسلامية. كذلك، أصدر محمد نجيب المطيعي، وهو من مصر، وقد عمل رئيساً لقسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية، أصدر كتاباً بعنوان: حقيقة محمود محمد طه، أو الرسالة الكاذبة، وكان قبل ذلك أعد تقريراً بعنوان: "النبأ الأثيم أو الهوس اللاديني الذميم"، وقدمه عام 1983م لمدير جامعة أم درمان الإسلامية. نشر المطيعي تقريره ضمن كتابه هذا، ونُشر التقرير كذلك ضمن كتاب صنفه أساتذة جامعة أم ردمان الإسلامية عن الجمهوريين، سترد الإشارة إليه لاحقاً. كما نشر المكاشفي طه الكباشي، كتاب بعنوان: تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان بين الحقيقة والاثارة، وكتاب آخر بعنوان: الردة ومحاكمة محمود محمد طه في السودان، أيضاً، نشر محمد حسان كسبه، كتابين ضمن سلسلة الفكر الباطني، كان الكتاب الأول بعنوان: الباطنية وفكر الإخوان الجمهوريين، والكتاب الثاني بعنوان: موقف الإسلام من فكر الإخوان الجمهوريين. وقد نشرتهما الدار الإسلامية للطباعة والنشر بالمنصورة، مصر. لقد ذكر كسبه أنه زار السودان قبل تأليفه للكتابين. سترد الإشارة لكتابيه لاحقاً.

    وتحت محور بعنوان: نماذج انخفاض السقف المعرفي وانعدام الورع العلمي، وقلادة للأحمد ضحية تقول: (فمع محمود محمد طه كانت الحرية هي القاعدة التي ينهض فيها الإسلام، وكان العقل –لا الوجدان فحسب– مصدرا للحصول على المعرفة لا يقل أهمية). كتب عبدالله قائلاً:

    إن أنصع نموذج لانعدام الورع العلمي، فيما أطلعت عليه من دراسات وكتب في نقد الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، هو رسالة الدكتوراة الموسومة بـ: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها، والتي قام بإعدادها الطالب (آنذاك) شوقي بشير عبدالمجيد. فقد نال بها درجة الدكتوراة عام 1404ه (1983م/1984م تقريباً) في العقيدة من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الدراسات العليا الشرعية، فرع العقيدة، بجامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، وهو مبتعث من جامعة أم درمان الإسلامية، أم درمان، السودان. لقد وقفت على أطروحة الدكتوراة هذه. والدكتوراة كما هو معلوم، من أرفع الدرجات العلمية، لقد درست هذه الأطروحة وخرجت من دراستها بأنها تمثل أنصع النماذج لمستوى السجال والجدل الذي جابهه وواجهه الأستاذ محمود في السوح السياسية والفكرية، والذي كان يقوم على تقديم الغرض على الوثيقة. فالأطروحة لا تصمد ولا تتماسك أمام نقد النقد، ليس لأنها لم تنهض بموضوعها بشكل كافٍ فحسب، وإنما لأنها كشفت عن مدى الضعف العلمي والجهل بالتاريخ، والجرأة في النيل من الجمهوريين بلا وازع معرفي أو ورع أكاديمي. الأمر الذي ينتفي معه سلامة التحليل وصحة الاستنتاجات والخلاصات. فقد اشتملت الأطروحة على خلط للحقائق وأخطاء علمية، تؤهلها بكل بساطة لتصنف في خانة الدراسات المشوهة للتاريخ وللحقائق. إنني سأتوسع قليلاً في قراءتي لهذه الأطروحة، دون غيرها من الدراسات، وذلك للأسباب التالية:

    1. كانت من أوائل الرسائل الجامعية عن الجمهوريين إن لم تكن الأولى.
    2. مثَّلت، بحكم صبغتها الأكاديمية، أهم المراجع للدراسات التي تمت بعد عام 1983م في نقد الأستاذ محمود ومشروعه.
    3. اعتمدت عليها الكثير من الدراسات التي تمت خارج السودان وداخله، وأخذ البعض بما جاء فيها، بحكم صبغتها الأكاديمية، بثقة تامة.
    4. كانت الأطروحة حاضرة ضمن المقررات الدراسية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة التي يدرسها الطلاب عن الفرق المعاصرة، ومن بينها فرقة الجمهوريين. وقد استند المقرر على أطروحة الدكتوراة التي قدمها الطالب شوقي بشير عبدالمجيد، وعلى دراساته التي استلها منها لاحقاً أو تلك التي قام بها وهي متصلة بأطروحته للدكتوراة. كان حضور أطروحة شوقي واضحاً في المقررات الدراسية عن الجمهوريين لا سيما: التسمية والنشأة، حيث جاء:

    وقـد بين الدكتور شوقي بشيـر عبد المجيد حقيقة هذه الفرقة الضالة بقوله: " فرقة الجمهوريين بالسودان فرقة باطنية، وذلك لأن مؤسسها وأتباعه ينسبون لكل ظاهر باطناً، ويمكن أن نطلق ألقاب الباطنية وأسماءها على هذه الفرقة، فهم باطنية، وهم إباحية يدعون إلى انتقال التحريم من الأعيان المحسوسة إلى صور السلوك المعنوية وهم بذلك يستحلون ما حرم الله، وهم خرمية؛ لأن حاصل مذهبهم هو حاصل مذهب الخرمية وهو القول بسقوط التكاليف، ومذهب الجمهوريين في حقيقته مذهب تلفيقي جمع بين الأفكار المناوئة للإسلام.

    5. بعد أن نال شوقي الدكتوراة، استل ونشر عدداً من الكتب والدراسات معتمداً على ما جاء في أطروحته أو على مناخها، ومما نشره كتابان وردت الإشارة إليهما، الأول بعنوان: موقف الجمهوريين من السنة النبوية، والكتاب الثاني بعنوان: منهج الجمهوريين في تحريف القرآن. كما نشر عدداً من الأوراق بعضها في أكثر من دورية منها:"التأويل الباطني عند فرقة الجمهوريين بالسودان"، و "الجمهـــوريين ومشايخ الصوفية "، و"فرقة الجمهوريين في السودان"... إلخ.
    6. لاحقاً وبعد أن نال شوقي الدكتوراة بأطروحته المشار إليها، ترقى في السلم الأكاديمي بجامعة أم درمان الإسلامية، فأصبح يشرف على طلاب الدراسات العليا، لا سيما تلك التي درست الجمهوريين، ومن الأمثله على ذلك إشرافه على رسالة ماجستير بعنوان: نقض نظرية الإنسان الكامل عند الجمهوريين، إعداد الطالب: الباقر عمر السيد.

    لهذه الأسباب مجتمعة سأقف قليلاً عند أطروحة الدكتوراة التي نال بها شوقي بشير عبد المجيد درجة الدكتوراة من جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية. ولكن يصعب تغطية كل الأطروحة في هذه المساحة، فإلى جانب ضيق المساحة في هذا الفصل، فهناك ثلاثة أسباب أخرى تجعل الأمر أكثر صعوبة: الأول أن الأطروحة تنضح بالمغالطات وخلط الحقائق، ولم تتوفر فيها الشروط الأكاديمية اللازمة، وتعاني الأطروحة كذلك من غياب الورع العلمي سواء فيما ورد فيها من معلومات وحقائق أو فيما خلصت إليه من نتائج وخلاصات. والسبب الثاني أن الأطروحة ضخمة جداً فهي تقع في (1431) صفحة، ومقسمة على مجلدين، الأول من الصفحة (1) إلى الصفحة (692)، والمجلد الثاني من الصفحة 693 إلى 1431. والسبب الثالث إن ما حمله الباب الأول من أخطاء علمية ومغالطات تاريخية يقدم لنا تصوراً كافياً لما يمكن أن يكون عليه ما تبقى من الأطروحة. لهذا سأقف على بعض الجوانب التي تبين صحة زعمي بغياب الورع العلمي بخلط الحقائق والمغالطات والأخطاء التاريخية الفادحة. تهيكلت الأطروحة في مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة وقائمة للملاحق. تناول الباب الأول من خلال أربعة فصول: "الجمهوريون وتاريخهم ومنشؤهم وأساليبهم في الدعوة"، والباب الثاني وقف من خلال أربعة فصول على: "آراء الجمهوريين الاعتقادية وموقف الإسلام منها". أما الباب الثالث فتناول من خلال خمسة فصول: "آراء الجمهوريين التشريعية وموقف الإسلام منها". لم ينس الطالب أن يشير إلى موقف الجمهوريين من المؤسسات الإسلامية ومن رابطة العالم الإسلامي، وهي الرابطة التي أصدرت قراراً بردة الأستاذ محمود عن الإسلام، وقد وردت الإشارة لذلك، وهذه إشارة مفيدة تدعم صحة قيام التحالف الإسلامي الواسع ضد الأستاذ محمود وتلاميذه، يقول الطالب في الصفحة (ج) وهو يتحدث عن الجمهوريين:







    كما هاجموا رابطة العالم الإسلامي والبنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية، وقادوا حملات التشكيك في المؤسسات الإسلامية، وفي القيم الإسلامية الثابتة، لذلك رأينا أنه لابد من دراسة عقائد هذه الفرقة لقياسها على الكتاب والسنة لبيان زيفها حتى لا ينخدع الناس بها لما يبدو في مظهرها من آثار إسلامية، وكشف الستر عن حقيقة الجمهوريين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة".

    يقول الطالب إن الجمهوريين قادوا حملات التشكيك في المؤسسات الإسلامية، وفي القيم الإسلامية الثابتة، هنا سؤال مهم يدفع بنفسه وهو ما هي العلاقة بين رابطة العالم الإسلامي والبنوك الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية، والقيم الإسلامية الثابتة؟ فتلك مؤسسات إسلامية وهذه قيم إسلامية. وعن منهج البحث، كتب الطالب قائلاً: "سلكت في هذا البحث منهجاً أذكر أهم معالمه فيما يلي: أولاً: قمت باحصاء دقيق لكل ما كتبت هذه الجماعة أو ما كتب عنها فكانت بين يدي مادة ضخمة". ثم عدَّد الطالب ستة معالم لمنهجه. الشاهد أن الطالب لم يُبين منهج بحثه وإنما أشار لأهم معالمه ومع ذلك لم يوف تلك المعالم الحد الأدنى من استحقاقها العلمي. ففي أولى صفحات أطروحته، بل في الصفحة الثانية من مقدمته، إنتفى أول معالم منهجه، وظهر أن الطالب لم يحص بدقة، كما أشار، كل ما كتب عن الجماعة، بل ظهر أنه يعاني نقصاً في معرفته بالتطور السياسي للسودان، وأن معلوماته حول الجمهوريين يشوبها خلط تاريخي كبير. فالطالب يتحدث في معظم صفحات أطروحته عن الحزب الجمهوري الإشتراكي على أساس أنه هو النواة الأولى لفرقة الجمهوريين (كما سماها) وهو يقصد الحزب الجمهوري الذي ترأسه الأستاذ محمود منذ نشأته في يوم 26 أكتوبر 1945م. والخلط ليس في اسم حزب فقط وإنما في المعلومات التي أوردها حول ظروف نشأة الحزب وفلسفته ومبادئة...إلخ إلى جانب التحليلات والاستنتاجات العرجاء. إن إشاراته وحديثه بتفصيل مخجل عن الحزب الجمهوري الاشتراكي وهو يقصد الحزب الجمهوري في عشرات الصفحات، أدى إلى اختلال الباب الأول من الأطروحه، والذي خصصه الطالب للحديث عن الجمهوريين وتاريخهم ومنشئهم، اختلالاً كبيراً في الناحية العلمية منه يصعب معها قبول الباب الأول كبحث علمي، وبالتالي يتعذر قبول الأطروحة (التي تتكوَّن من ثلاثة أبواب) في أي جامعة تراعي الأسس العلمية والمسؤولية الأخلاقية وتحرص على الصرامة الأكاديمية. كتب الطالب في صفحة (ب) وهو يشير لنشأة نواة فرقة الجمهوريين قائلاً: "نشأ الحزب الجمهوري الاشتراكي علماني الاتجاه منذ اللحظة الأولى..."، وفي صحفة (15) يقول:

    إن بعض الأحزاب لم تعتمد على السند الديني في قيامها فقد نشأت علمانية منذ اللحظة الأولى، بل أن بعضها لم ينشأ اعتماداً على سند شعبي بل نشأت مبنية على أفكار اشتراكية مستوردة حاولوا تطبيقها على أمة يدين معظمها بالإسلام ومن هذه الأحزاب الحزب الجمهوري –في بداية نشأته- وقبل اعتماده على الفكر الباطني –فاتجاه الحزب كان واضحاً منذ البداية، فهو حزب علماني، يدعو إلى النهضة بأي سبيل ويدعو إلى وضع الدين نفسه في منضدة البحث الفكري فليس الدين نفسه في رأيهم- بمفلت من التشكيك.

    وفي صفحة (17) يقول: "والحزب الجمهوري الاشتراكي الذي بحث له عن قاعدة دينية صوفية أو باطنية يعتمد عليها بعد شعوره بأن عدم الاعتماد على السند الديني أو القبلي يؤدي بالحزب إلى نهايته..."، وفي صفحة (42) يقول: "كما أن الحزب الجمهوري الاشتراكي قد نشأ –منذ اللحظة الأولى- داعياً إلى الحفاظ على المؤسسات الموجودة والتي خلفها الاستعمار عاملاً على إبعاد الدين من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية منادياً بإقصاء الدين حتى عن دوائر الأحوال الشخصية". الشاهد أن ما ذهب إليه الباحث في حديثه عن نشأة الحزب الجمهوري الإشتراكي، لا صلة له البتة بالإخوان الجمهوريين. فنواة الإخوان الجمهوريين التي أشار إليها الطالب هي الحزب الجمهوريالذي نشأ يوم 26 أكتوبر 1945م وليس الحزب الجمهوري الاشتراكي الذي نشأ عام 1951م، ودعا إلى استقلال السودان، وقيام جمهورية اشتراكية مستقلة، وكان إبراهيم بدري (1897م-1962م) أمينه العام، ومكي عباس (1909م-1979م)، أحد مفكريه ومنظريه، إلى جانب آخرين. لقد ظل هذا الخلط ملازماً للطالب في جل صفحات أطروحته، بل تجرأ في صفحة (53) وكتب بلا ورع علمي أو وازع أكاديمي قائلاً:

    لا بد لنا من الحديث عن الحالة الاقتصادية حتى تتضح لنا صورة نشأة فرقة الجمهوريين كاملة وإن كنا نرى أن الحالة الاقتصادية في السودان ليست ذات أثر واضح في نشأة هذه الفرقة أو غيرها من الأحزاب السياسية الموجودة، وإن كان لها أثر فأثرها منحصر في الشعارات التي يرفعها حزب من الأحزاب للكسب السياسي أو في التسمية التي اختارها الحزب الجمهوري الاشتراكي في بداية نشأته، فقد اختار الجمهوريون هذه التسمية في البداية إشارة إلى أنهم سيطرحون في برامجهم الانتخابية بعض ملامح الفكر الاشتراكي الاقتصادي، وأنهم سيعتمدون على الحلول الاشتراكية في أحيان كثيرة. وبالفعل طرح محمود محمد طه –بعد الاستقلال- مبدأ المساواة الاقتصادية كطريق لتحقيق العدالة الاجتماعية التي يراها...

    وفي صفحة (57) أضاف الطالب لاسم الحزب مفردة "السوداني"، إذ كتب قائلاً: "إن أول نواة لفرقة الجمهوريين، هم مجموعة من السودانيين الذين انتموا إلى الحزب الجمهوري الاشتراكي السوداني، للمساهمة والاشتراك في الحياة السياسية قبل استقلال السودان... وكانت بداية نشأة الحزب الجمهوري الاشتراكي في آخر أكتوبر 1945م بزعامة محمود محد طه". ليس هذا فحسب، فقد شطح الطالب بخياله، شطحاً تسنده التصورات المسبقة، أكثر من الوثيقة التاريخية أو المعلومة الدقيقة، فذهب بعيداً في تحليلاته واستنتاجاته المُخجلة والفاسدة علمياً ومنهجياً بسبب غياب الحد الأدنى من المعلومات الصحيحة، ففي صفحة (66) كتب قائلاً:

    ولقد أطلق الجمهوريون على أنفسهم اسم (الجمهوريين) للملابسات التي نشأ فيها الحزب الجمهوري الاشتراكي، وللاتجاه العام للحزب فقد هدفوا منذ البداية إلى تمييز أنفسهم من بقية الاتجاهات السياسية الموجودة وهدفوا إلى الدعاية السياسية فسموا أنفسهم بهذا الاسم إشارة إلى أنهم هم الذين ينادون بنظام جمهوري إشتراكي يسير عليه نظام الحكم في السودان بعد أن ينال استقلاله، ويكون الاتجاه المميز للحكم أيضاً الاتجاه الاشتراكي، والغريب في الأمر أن الجمهوريين عندما يتحدثون عن حزبهم الآن لا يذكرون كلمة (الاشتراكي) هذه.

    الغريب حقاً، هو أن الفقرة أعلاه ليس فيها كلمة واحدة صحيحة، كما أن كل الاستنتاجات التي خرج بها الطالب من تحليلاته في هذه الفقرة، كانت استنتاجات فاسدة وضالة ومضللة. ومحاججتي هنا ليست بما يقوله الجمهوريون عن أنفسهم، وإنما بما هو ثابت في المصادر والمراجع الأكثر شهرة ووفرة في السودان. فاسم الجمهوريين لا صلة له بملابسات نشأة الحزب الجمهوري الاشتراكي. في واقع الأمر كان الاقتراح بتسمية الحزب بالحزب الجمهوري من أمين مصطفى التّنى، اشارة لمطالبتهم بقيام جمهورية سودانية مستقلة عن دولتى الحكم الثنائى، ولم تأتِ التسمية من الأستاذ محمود الذي أُختير رئيساً للحزب. والشواهد على ذلك كثيرة ومتوفرة ومنها المصادر التي أشرت إليها سابقاً، كما ورد الخبر في صحف عديدة في شهر نوفمبر1945م. يقول الأستاذ محمود في حوار تم معه في يوم السبت 22 نوفمبر 1975م:

    قبل ما ينشأ الحزب الجمهوري أنا كانت عندي مقالات في الصحف .. منها صدر مقال زي يقول: لماذا مصر ولماذا بريطانيا؟ المقال دا لعله، وبعض النشاط الأدبي في الصحف المحلية، لفت نظر بعض الإخوان المهتمين برضو بالسياسة، الواحد يذكر منهم أمين مصطفى التنى .. في يوم زارني أمين مصطفى التنى وقال لي نحن لفيف من الشبان فكرنا في إنشاء حزب جمهوري ووقع الإختيار عليك أن تكون معانا.. الفكرة جات من هنا .. أنا ما كانت عندي، لكنها جات من أمين مصطفى التنى .. بعدين مشينا فى الدعوة الوجهوها لينا ، كنا قليلين.. اجتمعنا أول اجتماع فى المقرن .. الناس الأوائل فيهو ، فيهو بجانب أمين مصطفى التنى ، عبد القادر المرضى ومنصور عبد الحميد –ديل موجودين هسه– بعدين واحد من الإخوان زى مدة طويلة ما شفته ، محمود المغربى ، اسماعيل محمد بخيت حبة، موجود هسه، افتكر هم ديل الإجتمعوا أول اجتماع في المقرن .. أنا كنت بسكن في الموردة ، قرروا الاجتماع التانى يكون في بيتي أنا .. بعدين اجتمعنا الاجتماع التانى فوزعوا المناصب واختاروني أنا كرئيس واختاروا عبد القادر المرضى سكرتير ... دى بداية نشأة الحزب والملابسات القامت حوله - حول نشأته .. ومن وقتها مشى ليتجه فى نفس الروح بتاع "لماذا مصر ولماذا بريطانيا

    لم يكن البحث والتدقيق من ضمن ما اتسمت به الكتب التي صدرت في نقد الأستاذ محمود ومشروعه، فقد أفرد محمد حسان كسبه، في كتابيه: الباطنية وفكر الإخوان الجمهوريين، والكتاب الثاني بعنوان: موقف الإسلام من فكر الإخوان الجمهوريين. مساحة لمسألة التسمية، وتحت عنوان: الموقف الأول: في التسمية ودلالتها، وذهب كسبه مشرعاً ومنظراً تنظيراً لا صلة له البتة بأصل التسمية كما ورد. يقول كسبه: "ويهمنا هنا أن نتوقف أمام تعبيره "الإخوان الجمهوريين" لنحلل هذه الألفاظ ونفهم معانيها وندرك ما ترمز إليه. ومن خلال ذلك نعرف السر في اختيارها كاطار يتجمع في داخله اتباعه". ويضيف كسبه وهو يتحدث عن التسمية "الجمهوريون"، يضيف قائلاً:

    أما محمود طه فلما كان هدفه ليس الإسلام والغيرة عليه كما يدعي، وإنما هدمه، والانسلاخ منه، وإن تظاهر بغير ذلك، أو تحدث بغير ذلك. فمن أجل ذلك استخدم كلمة الجمهوريين- والجمهور لفظ إذا استخدم انصرف إلى مجموع الناس بصرف النظر عن عقائدهم الخاصة وأصبح يستخدم في العصر الحديث بمدلول معين ذي مغزى سياسي على تفاوت.

    أعود للطالب شوقي في أطروحته للدكتوراة، وهو يتحدث عن مسألة أن الجمهوريين عندما يتحدثون عن حزبهم، لا يذكرون كلمة (الاشتراكي)، فالسبب في تقديري بسيط وهو أنهم لم يكونوا ضمن الحزب الجمهوري الاشتراكي، وهذا أمر ثابت وليس فيه غرابة. لقد تجرأ الطالب في تحليلاته واستنتاجاته، جرأة بلا علم وهي لا تتناسب مع طالب دكتوراة، ينبغي أن يكون قد تلبسه بعض الورع العلمي والأمانة الأكاديمية والقدرة على البحث والتنقيب.

    على الرغم من أن الطالب أورد في المقدمة ستة معالم كانت، كما أشار، هي أهم معالم منهج بحثه، وكتب عن أحدها قائلاً: "ثالثاً: رجعت إلى كتب تاريخ السودان الحديث لمعرفة الأحوال الاجتماعية والثقافية والسياسية التي أسهمت في نشأة هذه الفرقة"، على الرغم من هذا، فإن كثرة الأخطاء الفادحة وتكرارها في الأطروحة تجعلها من الضعف بمكان، يصعب معه قبول فكرة أن الطالب بالفعل رجع للكتب والمراجع. ففي ص (68) أتى الطالب بنماذج من الأخطاء الفادحة والتي يمكن قياساً عليها الاستغناء عن متابعة القراءة لأطروحته بسبب ضعفها وركاكة ما ورد فيها، فقد كتب قائلاً: "وقد اشترك الحزب الجمهوري الاشتراكي مع بقية الأحزاب السودانية في إعداد الاتفاق الذي سجلت بعده الأحزاب السودانية جميعها وثيقة خطيرة يتم على أساسها التفاوض مع مصر، وكان ذلك بعد أن أعدت مصر مذكرة في 2 نوفمبر 1952م بعثت بها إلى الحكومة البريطانية...". فالذي لا يعرفه الطالب، وكان يمكن أن يعرفه إذا ما أنفق بعض الوقت في دار الوثائق القومية في الخرطوم، ليطلع على المصادر والمراجع والوثائق والدوريات، لأدرك أن الحزب الجمهوري الذي ترأسه الأستاذ محمود، لم يشترك منذ نشأته في إعداد أي وثيقة من الوثائق مع الأحزاب السودانية، سواء كانت الوثيقة خطيرة أو لم تكن خطيرة، بل كان على الدوام له آراء ناقدة وموقف مبدئي رافض لنهج الأحزاب السودانية في السعى لنيل الاستقلال. كان هذا ديدنه منذ أول وثيقة صيغت ووقعت بين الأحزاب السودانية وعُرفت بوثيقة الأحزاب، وهي الأحزاب المكوِّنة لوفد السودان الذي سافر إلى مصر في مارس عام 1946م. نصت الوثيقة على قيام سودان مستقل في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. كتب الأستاذ محمود قائلاً:

    إن الحزب الجمهوري قد اعترض في فجر الحركة الوطنية على ما سموه بوثيقة الأحزاب... في منشور أخرجناه بالرونيو ووزعناه في أواخر عام 1946م في شوارع العاصمة وكان عنوانه (لماذا مصر ولماذا بريطانيا؟؟)... ولما كان الفريق الأول يتمسك بالإنجليز والفريق الثاني يتمسك بالمصريين... ولقد نقدهم الحزب الجمهوري نقداً مراً قوياً في ذلك المنشور ونعى عليهم جهلهم وغفلتهم ثم واصل الحملة ضد جهل الحركة الوطنية ولا يزال يفعل إلى يومنا هذا كلما وجد إلى ذلك سبيلا...

    الشاهد أن الحزب الجمهوري لم يشترك في أيِّ وثيقة، سواء بالاتفاق أو التوقيع، مع الأحزاب السودانية، منذ نشأته حتى يوم اغتيال الأستاذ محمود في يوم 18 يناير 1985م، عدا مشاركته لبعض الوقت في الجبهة الاستقلالية الأولى 1946م، والجبهة الاستقلالية الثانية 1955م، اللتين ضمتا الأحزاب الاستقلالية، واللجنة القومية للدستور التي شُكلت في سبتمبر سنة 1956م، وهي لجنة قومية تكونت من 46 عضواً لوضع الدستور الدائم للبلاد. وما لبث أن انسحب الحزب الجمهوري من الجبهتين ومن اللجنة القومية بإعلانات وخطابات منشورة مع تفصيل لأسباب الإنسحاب.

    يمعن الطالب شوقي في تشويه التاريخ وخلط الحقائق فيكتب في ص (68) قائلاً: "ولقد اشترك الحزب الجمهوري الاشتراكي في أول برلمان سوداني، وقد كان ذلك بعد أن بدأ السودان ينعم بثمرة اتفاقية السودان التي أبرمت بين مصر وإنجلترا بعد نهاية المفاوضات بينهما في 12 نوفمبر 1953م"، وبتأكيد واطمئنان تام، يذهب الطالب شوقي مستخدماً حقيقة خاطئة، ليستنتج منها خلاصة أبشع خطأ، وهو يدلل على ضعف حضور الجمهوريين وضعف قبول حزبهم، إذ كتب في صفحة (68) قائلاً: "وقد نال الحزب الجمهوري الاشتراكي في انتخابات أول برلمان سوداني ثلاثة مقاعد وهي أقل نسبة نالها حزب في الانتخابات". وفي صفحة (69) يضيف الطالب قائلاً: "وجاءت انتخابات مجلس الشيوخ مؤيدة الأغلبية التي نالتها بعض الأحزاب في مجلس النواب، أما أعضاء مجلس الشيوخ (السوداني) المعينون وعددهم عشرون فقد وزعهم الحاكم العام بموافقة لجنته بحيث نال الحزب الوطني الاتحادي عشرة وحزب الأمة أربعة والحزب الجمهوري الاشتراكي واحداً والمستقلون اثنين والجنوبيون ثلاثة. ويبدو أن الحزب الجمهوري لم ينل ثقة الشعب السوداني بعد ذلك...". الشاهد، أن كل ما ورد في نص الطالب أعلاه، ليس فيه كلمة واحدة يمكن أن تنطبق على الحزب الجمهوري الذي ترأسه الأستاذ محمود. فالطالب هنا يتحدث عن حزب لا صلة له مطلقاً بالإخوان الجمهوريين. الشاهد هنا، وكعادة جل الذين نقدوا الأستاذ محمود، يتقدم الغرض على الوثيقة، وهذا من أخطر أنواع التزوير للتاريخ. إننا بقليل من الجهد في سبيل استيفاء الشروط والمتطلبات العلمية للدراسات، والتزاما بالمسؤولية الأخلاقية عند تقديم الخدمة التنويرية، ومن أجل الحد الأدنى من الصدق في الخصومة، إن كان ذلك هو أحد مرتكزات السجال والجدل، كان يمكن أن ندرك أن الحزب الجمهوري شيء والحزب الجمهوري الاشتراكي شيء آخر. المؤسف أنه شاع هذا الخطأ الفادح بكل استنتاجاته العرجاء وخلاصاته البكماء، في معظم الدراسات التي اعتمدت على أطروحة الطالب شوقي، وهي دراسات كثيرة، لا سيما المقررات الدراسية الجامعية. إلى جانب أن هناك دراسات أخرى ورد فيها هذا الخلط أيضاً، بين الأحزاب الجمهورية. بيد أن شوقي في أطروحته، فوق الخلط، يستنتج ويبني الخلاصات ويلقي بالاتهامات جزافاً. وهذا يكشف الكثير من المعضلات التي تعاني منها الدراسات في السودان، إذ أن الكثير من الدراسات والبحوث تتسم بالسطحية في التناول، وتفتقر للورع العلمي، ويتميز بعضها بالجرأة في الاستنتاج وتقدم الغرض على الوثيقة التاريخية في دراسة الحدث أو الواقعة التاريخية.

    إن السودان شهد قيام العديد من الأحزاب الجمهورية. فهناك الحزب الجمهوري برئاسة الأستاذ محمود، وحزب الاستقلال الجمهوري، وحزب الأحرار الجمهوري، والحزب الجمهوري الاشتراكي. الشاهد أن الكثير من الكُتاب السودانيين يخلطون بين الأحزاب الجمهورية، بل كان لمعظم الذين نقدوا الأستاذ محمود في القرن الماضي، مذهب خاص في ذلك الخلط، كحالة أطروحة الطالب شوقي، والدراسات التي استندت عليها كمرجع، إذ كثيراً ما تُسحب الاخفاقات والأخطاء التاريخية، إن كانت ثمة أخطاء واخفاقات، للأحزاب الجمهورية ويلقى بها في ساحة الأستاذ محمود، على أنها من إخفاقاته وأخطائه، والأستاذ محمود منها براء. إن الذين انبروا لنقد الأستاذ محمود ونقد مشروعه، اتسموا بكسل العقول وكانوا مشغولين بالغرض أكثر من إنشغالهم بالتوثيق واستنطاق الوثيقة، جاءوا بسقف معرفي منخفض وبانعدام للورع العلمي. فقد تحدثت مصادر عديدة لا حصر لها، صدرت في منتصف أربعينيات وخمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي عن الأحزاب الجمهورية. فقد تحدث أحمد خير المحامي في كتابه: كفاح جيل: تاريخ حركة الخريجين وتطورها في السودان، وهو من أوائل الكتب التي تناولت نشأة الأحزاب السودانية وصدر الكتاب في طبعته الأولى عام 1948م. أفرد أحمد خير المحامي في كتابه عنواناً جانبياً للحديث عن الحزب الجمهوري وتحدث عن نشأته وعن رئيسه الأستاذ محمود وعن أعضائه، كما أشار إلى نشأة حزب الأحرار عام 1944م، وانشقاقه في أبريل 1954م. أما الأحزاب الجمهورية الأخرى فلم ترد إشارة لها في كتاب أحمد خير المحامي، إذ أنها نشأت بعد تاريخ صدور كتابه. وقد وردت الإشارة إلى كل الأحزاب الجمهورية في كتاب محمد عامر بشير "فوراوي" (1908م- 1978م): الجلاء والاستقلال، وهو يتحدث عن الاجتماعات والمداولات حول الحكومة القومية لتحقيق الاستقلال، فقد أورد مداولات الاجتماع الخامس يوم الاربعاء 14 ديسمبر 1955م بغرفة اللجان بمجلس الشيوخ، وبالطبع لم يكن من بينها الحزب الجمهوري برئاسة الأستاذ محمود، وذلك لسبب بسيط وهو أن الحزب الجمهوري لم يكن له في أيِّ يوم من الأيام عضوٌ نائبٌ بالبرلمان، ولم يتقدم في أي يوم من الأيام لخوض الانتخابات في السودان منذ بداية الخمسينيات وحتى اغتيال الأستاذ محمود صبيحة يوم الجمعة 18 يناير 1985م. وهذا خلاف ما أتى به الطالب شوقي في أطروحته، كما ورد آنفاً. الشاهد، ان الخلط بين الأحزاب الجمهورية، أمرٌ شائعٌ بين الكُتاب السودانيين. فقد لا ينشغل الباحث كثيراً بهذا الخلط، ولكن يصبح الخلط أمراً واجب التصحيح، حينما تبنى عليه تحليلات ويقود إلى استنتاجات عرجاء، وخلاصات خاطئة لحد التضليل والتزوير في الحقائق كما هو الحال مع الأستاذ محمود ومع الحزب الجمهوري الذي كان رئيساً له. ولهذا، فإنني أفردت في الفصل الرابع من هذا الكتاب، والذي موضوعه: "السودان في مشروع الأستاذ محمود"، محوراً للحديث عن "الخلط بين الأحزاب الجمهورية والجرأة في الاستنتاجات العرجاء". إن الباب الأول من أطروحة شوقي يغني عن متابعة دراسة البابين التاليين. فالأطروحة أضعف مما يضيع فيها الباحث وقته ووقت القراء. الشاهد أن الدراسات الضعيفة في نقد الأستاذ محمود، قد ساهمت بقوة في توطين سابقة محكمة الردة، والإغتيال بسبب الفكر، كما أنها حجبت شعوب السودان عن الأستاذ محمود، وبنت جداراً سميكاً عازلاً بين الأستاذ محمود وشعوب السودان، ولما كان الجدار قد بنيَّ بغير حق فإنه سيهدم بالحق لا ريب في ذلك. وها هي معاول الهدم قادمة لا تنقصها الشجاعة ولا أدوات التنقيب والبحث، إنهم أهل العقول الجديدة، أهل الحق في المستقبل وأصحاب المصلحة في المستقبل.
                  

06-25-2016, 04:13 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    mahmood-2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    برداً في الحرِّ وسلاما

    ليس من طيب إلا أن يتمكن المُدققون من نفرة علمية تهُز جزوع أنصاف الجهلاء ، فما الكسب الذي حققه الفلم الوثائقي في الجزيرة الوثائقية ، إلا جنوح لمعرفة التاريخ من مصادره ، وعرض أئمة الفجور التقليدي وتلامذة الأستاذ . وكشف الصراع التاريخي الذي بينه في التاريخ منذ أكثر من مائتي عام سِفر " محمد النور بن ضيف الله "(كتاب الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان الذي حققه وعلّق عليه وقدّم له البروفيسور يوسف فضل حسن ، بعد أن تحرى نُسخ الكتاب الست التي كدّ حتى وجدها . ويذكر قصة من قصص الصراع بين أهل الظاهر وأهل الباطن .

    إن مكر السوء قد انكشف من قبل ، وجاءت الجزيرة الوثائقية ، وكشفت الوثيقة المدسوسة ، التي كشفت تآمر حركة الإخوان المسلمين ، ودقة حربائية التنظيم الدقيق لاغتيال الأستاذ / محمود محمد طه ، واستخدم كل الوسائل التي لا يَشرف بها مُنازل صاحب رأي وفارس صاحب فكر ، إلا وقد عجزوا عن مقارعته الحُجة ، وبالمكر قضوا على الحياة الجسدية ، ونهضت الروح أكبر من المكر . واختفى الجلاد الأول في دولة الإمارات لا يعرف أحد ، ولا يعرفه أحد ، في مذلة مهينة .أجازت المحكمة العليا تبرئت ساحة الأستاذ من حُكم الردة ، خلال الفترة الانتقالية ، الذي دُفن بحقد غرب صحراء أم درمان ، مما يتعرف المرء على خُبث المكر .

    الشكر للجزيرة الوثائقية *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 06-25-2016, 04:16 PM)

                  

06-26-2016, 02:45 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله الشقليني)

    الدكتور شوقي بشير عبد المجيد الذي جاء ذكره في مداخلاتي بعاليه

    shawgi.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

                  

06-27-2016, 09:07 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    تحية يا شباب
    لماذا لا يترحم الجمهوريون إطلاقا على ( الأستاذ ) محمود محمد طه ؟؟
    شخصيا سمعتهم يترحمون على الموتى حتى من ألد خصوم الفكرة في حين لم اسمع ولم أقراء لأي منهم اي ترحم عليه ، فهل هناك سر أو مانع ؟؟؟
    تحياتي
                  

06-27-2016, 06:23 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)



    الأكرم : محمد الزبير

    Quote: تحية يا شباب
    لماذا لا يترحم الجمهوريون إطلاقا على ( الأستاذ ) محمود محمد طه ؟؟
    شخصيا سمعتهم يترحمون على الموتى حتى من ألد خصوم الفكرة في حين لم اسمع ولم أقراء لأي منهم اي ترحم عليه ، فهل هناك سر أو مانع ؟؟؟
    تحياتي

    لست جمهورياً .. .... ولكن أتظن هذه هي القضية الفكرية التي عَظُمت لديك ...؟

    تقبل التحية والاحترام


    *
                  

06-28-2016, 09:42 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: لست جمهورياً .. .... ولكن أتظن هذه هي القضية الفكرية التي عَظُمت لديك ...؟

    تقبل التحية والاحترام

    ولك التحية والاحترام
    نعم هذه قضية فكرية عظيمة جدا لها دلالات عميقة جدا جدا جدا ، يفهمها الجمهوريون الحقيقون واصحاب الفهم المتعمق في الفكرة وعقائدها بينما لا يفهمها اصحاب الفهم السطحي والمطبلون للفكرة دون فهم !!!
    تحياتي
                  

06-28-2016, 01:28 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    Quote: ولكن أتظن هذه هي القضية الفكرية التي عَظُمت لديك

    نعم:
    قال تعالى
    إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
    لذا نصلي علي النبي الكريم .
    وقال :
    وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا
    لذا نقول عيسى عليه السلام .
    ونقول رضي الله عنهم للصحابة لقوله تعالى:
    لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
    ابوبكر رضي الله عنه
    عمر رضي الله عنه
    ونقول عن علماء الأمة رحمهم الله
    الأمام مالك ، الامام احمد ، النووي رحمهم الله .
    ثم نترحم على بعضنا البعض وحتى على العصاة منا ، فنترحم على اصحاب الكبائر والمدمنين والزناة ما كانوا لا يشركون بالله شيا لأن الكبائر لا تخرج المسلم من الملة ولا تسقط عنه حق الترحم والاستغفار .
    ولكن للفكر الجمهوري موقف ومعتقد ، لذا لا يترحمون على ( الأستاذ ) !!!
    الذي يعلم علما يقينيا يتفضل بالرد ، والذي لا يعلم يتفرج وبس !!!
    دا سؤال أكبر من مستوى المشجعين والمطبلين وموزعي المنشورات وأصحاب الفهم القشري حتى من اتباع الفكرة !!!
    تحياتي


                  

06-29-2016, 06:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    سلام يا قوم وشكري لكل الذين مروا من هناآسف أني غبت شوية لظروف سفر وغيرها===
    Quote: يا الف مرحب الأخ مصباح علي من نافذة الفيس
    آمل أن ارد على سؤالكم لماذا يؤيد الجمهوريون مايو

    للإجابة على هذا الإستفسار أنوّه بالرجوع لكتابنا "لماذا نؤيد سلطة مايو"
    وكتابنا "أربعة أسئلة من الجمهور" وكتبنا عن الطائفية
    ومعظمها موجود في موقع الفكرة
    http://http://www.alfikra.orghttp://http://www.alfikra.org
    http://http://www.alfikra.orgwww.alfikra.org
    أيضا سأضع ملفا قام بجمعه والتقديم له الأخ قصي همرور شيخ الدين جبريل

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 06-29-2016, 06:48 AM)

                  

06-29-2016, 06:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    كتب الأخ قصي:
    الجمهوريون ومايو
    حقائق التاريخ وأسس الموقف

    مقدمة

    منذ بدايتها، وعلى مدى تاريخها، اشتهرت الحركة الجمهورية في السودان، بقيادة الأستاذ محمود محمد طه، بالأفكار والمواقف مثار الجدل، الجديدة على الساحة والغريبة عما هو معتاد من طروحات وتوجهات.. لم يكن هذا التميّز على مستوى المفاهيم الإنسانية الوجودية فحسب، بل ظهرت تجسداتها في برامج السياسة والاقتصاد والاجتماع، وفي تجاوب هذه الحركة مع معطيات الواقع السوداني في سياقه التاريخي.. في جانبها السياسي ظهر هذا التميّز منذ المواقف الأولى للحزب الجمهوري، في بواكير الحركة الوطنية ومناهضة الاستعمار، واستمر هذا التميّز سمة دائمة للحركة الجمهورية على مدى تاريخها، مرورا بسنوات الحكم الوطني وحتى تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود في 18 يناير 1985 على يد نظام جعفر النميري (نظام مايو)، كما ظهر في طروحات الفكرة الخاصة بالسياسة الخارجية للسودان والقضايا السياسية العالمية عموما.
    بطبيعة الحال، استقبل الناس طروحات ومواقف الحركة الجمهورية بمستويات شتى، فمن تأييد إلى إعجاب إلى عجب إلى نكران إلى خصومة، إلى فجور في الخصومة.. العامل المشترك الوحيد بين كل ردود الفعل هذه أن الحركة الجمهورية واجهتها جميعا في مستوياتها، فلم يألُ قائدها وأعضاؤها جهدا في تبيان منهجهم وأسس مواقفهم، مستعينين بالحجة الموضوعية والمعلومة الوافية والموقف المتسق، ومتحملين لمشقات تبليغ الفكرة، للشعب وزعاماته، وتبعات المسؤولية التي تحل بكاهل كل صاحب رؤية جديدة في مجتمع يقتات على القديم.
    بيد أنه، في المجال السياسي، تقف مواقف للجمهوريين هي أشدها مثارا للجدل، وأكثرها عرضة لتباين الفهم وغياب التفاصيل المفصلية في أخلاد مستقبليها.. أحد أكبر هذه المواقف قصة الجمهوريين مع نظام مايو، الدكتاتوري العسكري، والسر وراء تأييد الجمهوريين لنظام حكم لا يشبه طروحاتهم التي ظلوا عليها، يعيشونها ويتعدونها بالرعاية والتنمية، منذ ظهور حركتهم.. يمكن تلخيص النابعة من هذه القضية كالآتي:

    • كيف أيد الجمهوريون نظام حكم عسكري دكتاتوري، وهم الداعون، بالكلمة والموقف، للحكم المدني والديمقراطية والاشتراكية – الحقوق الأساسية و الحريات العامة – منذ بدايات حركتهم؟
    • ما هي المكاسب التي جنتها الحركة الجمهورية جراء تأييدها لهذا النظام، سواء أكانت مكاسب معنوية ام مادية؟
    • ألا تدل معارضة الجمهوريين لهذا النظام، في مراحله اللاحقة، وما جرى لهم من تنكيل بسبب ذلك، على أن الجمهوريين أخطؤوا في البداية حين أيدوا هذا النظام، وأنهم أفاقوا من هذا الخطأ لاحقا؟ فلم إذن يصرون على عدم الاعتراف بهذه الكبوة الواضحة في تاريخهم السياسي؟
    • ما هو أثر تلك العلاقة التاريخية على مستقبل الحركة الجمهورية ومصداقيتها في أعين الناس، وبخاصة الشعب السوداني؟

    وهي أسئلة مشروعة بالتأكيد، ولا بد للجمهوريين من أن يجيبوا عليها إجابات وافية شافية، أو يعتذروا بوضوح عن هذا الموقف.. هذا، باختصار، ما ينبغي على الجمهوريين أن يواجهوه بخصوص الهذه القضية.. والتاريخ يقول إنهم قد واجهوه فعلا، وحاولوا الإبانة فيه قدر استطاعتهم، لكن ما يزال الكثير من التشويش وغياب المعلومة الوافية موجودا في أذهان الناس، وعليه فإن مسؤولية الجمهوريين في الاستمرار في محاولة توضيح الأمر ما زالت قائمة، في مستوى من المستويات.
                  

06-29-2016, 06:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    واصل الأخ قصي همرور:
    في الصفحات التالية من هذه الورقة نقدم مكتوبين، كاتباهما من الجمهوريين الذين عاصروا تلك المرحلة وكانوا جزءا من تفاصيلها، يحاولان اليوم الاستمرار في محاولة التوضيح هذه.. المكتوبان أدناه في أصلهما كانا ردين على ورقة واحدة، هي ورقة الدكتور محمد المهدي بشرى المعنونة "المثقف والسلطة: مصائر فاجعة"، والتي كان قد قدمها في المؤتمر العام الثاني لاتحاد الكتاب السودانيين.. في تلك الورقة تناول الدكتور بشرى علاقة الأستاذ محمود محمود طه (كمثقف) بنظام مايو (كسلطة)، ومن خلال هذا التناول انتقد الدكتور موقف الحركة الجمهورية من نظام مايو بصورة تتمحور حول الأسئلة التي ذكرناها آنفا.. ليس هناك ما يميّز هذا النقد الذي قدمه الدكتور بشرى عن كثير من أشباهه وسابقيه، ولكن ما يميّزه في سياق اليوم أنه أعطى هذين الكاتبين فرصة جديدة لإعادة توضيح هذه القضية القديمة.. يمكننا أن نلخص مسار نقاش الكاتبين في النقاط التالية:

    • كيف كان الوضع السياسي في البلاد قبل مجيء مايو؟ هل كان حكما ديمقراطيا حقا أم دكتاتورية مدنية مقنعة بآليات الديمقراطية الميكانيكية وتهدف أيضا للاكتساء بقداسة الدين؟
    • ماذا كان هناك من خيارات واقعية، متاحة، في تلك الحقبة، أفضل من نظام مايو؟ أي ما هي البدائل الجاهزة التي كانت متوفرة حينها؟
    • كيف أيّد الجمهوريون مايو؟ هل كان تأييدا مطلقا أم مشروطا؟ وهل كانوا متسقين مع أقوالهم المعلنة بخصوص ذلك أم لا؟
    • كيف نتابع مراحل العلاقة بين الجمهوريين ومايو، من التأييد السلبي، مرورا بالتأييد الإيجابي، وحتى المعارضة المباشرة، ونخرج بمنهج واضح يبرر سيرورة هذه المراحل؟

    كل هذه النقاط متروكة للقارئ كي يستنبط إجاباتها من المكتوبين أدناه، لكن نريد أن ننوه فقط إلى أن التقييم الموضوعي المنصف لموقف الجمهوريين مع مايو يتطلب إدراكا لقضايا الدستور والحكم الدستوري، وقضايا الديمقراطية وشروطها الأولية، وكذلك قضايا الإسلام والإصلاح الاجتماعي والمسائل التشريعية، فعمدة حجج الجمهوريين بخصوص موقفهم من مايو هي أنهم إنما كانوا يحافظون على كرامة الحكم الدستوري ونقاء الديمقراطية والإسلام ممن يرتكبون المظالم بحق الشعب تحت مسمى جميع هذه القيم العليا، وأن مايو، لكونها كانت دكتاتورية عسكرية صرفة، لم تستتر بأي من تلك القيم العليا أو تدعيها، كانت أفضل من غيرها في تلك الحقبة لمجرد هذا السبب البسيط، بغض النظر عن بقية التفاصيل التي سيتابعها القارئ أدناه.
    وفي ختام هذه المقدمة نهدي القارئ معلومتين مهمتين جدا، تعينه على استقراء موقف الجمهوريين.. المعلومة الأولى هي أن الجمهوريين لم يحصل لهم، على مدى سنين الحكم الوطني، أي سجن أو اعتقال، إلا في عهد مايو، وبهذا فإن الجمهوريين لم يُسجنوا ويُعتقلوا قبل مايو إلا أيام الاستعمار (برغم أنهم تعرضوا لمضايقات السلطة وتقييداتها لحقوقهم التعبيرية عموما تحت أنظمة الحكم الأخرى التي مرت على السودان)، وقد كان الأستاذ محمود محمد طه ممنوعا، من سلطة مايو، من الحديث في المنابر العامة منذ العام 1973، أي نسبيا منذ بدايات مايو.. المعلومة الثانية هي أن الجمهوريين كانوا، منذ البداية، على رفض مبدئي للمشاركة التمثيلية في أجهزة مايو، وقد حاولت مايو في بداياتها احتواء بعض الجمهوريين كممثلين في أجهزة حكومتها، لكن رفض الجمهوريين ظل مبدئيا وواضحا على طول المدى، وبهذا لم يجن الجمهوريون أي مكاسب سياسية تنظيمية، أو مادية عموما، من وراء فترة تأييدهم لمايو.

    قصي همرور
    سبتمبر 2008
                  

06-29-2016, 06:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    أبدأ أولا بنقل مقال البروفسير محمد المهدي بشرى عن موقع الفكرة
    ثم بعدها الردود عليه من الملف الذي أعده قصي همرور
    ====

    كتابات حول فكر ومواقف الحركة الجمهورية




    المثقف والسلطة: مصائر فاجعة





    د. محمد المهدي بشرى

    تدرس هذه الورقة مآلات ومصائر بعض المثقفين في مراحل تاريخنا المعاصر، خاصة تلك المصائر الفاجعة لأولئك الذين دفعوا حياتهم ثمناً لافكارهم ومبادئهم، مقابل هؤلاء الشهداء والمنارات نجد مثقفين انتهوا إلى مصائر تتناقض تماماً مع ما ملأ جوانحهم من أشواق، وهؤلاء انقلبوا على أنفسهم وانحازوا لأنظمة استبدادية نكلت بالشعب وأذاقته الويلات، ويمكن القول أن المثقف هو الجلاد والضحية، وخير مثال للطائفة الأولى من المثقفين الشهداء الحسين الزهراء ومحمود محمد طه وعبد الخالق محجوب، وخير مثال للطائفة الثانية الضحية والجلاد جمال محمد احمد وصلاح أحمد إبراهيم ومنصور خالد وعبد الله علي إبراهيم؛ وهؤلاء هم نماذج فحسب فالقائمة تطول على مر الزمان، خاصة في عهود الاستبداد، حيث تهافت المثقفون على السلطة وتساقطوا حولها كالفراشات، وعلى الرغم من التجارب المريرة التي راكمها تاريخنا السياسي، برغم هذا ظل العديد من المثقفين على ضعفهم وهوانهم. فالعسكري يتفق بليلٍ مع هؤلاء من زملائه العسكريين على الإستيلاء على السلطة، وما أن ينبلج الصبح حتى يتم الأمر دون عناء يذكر، وتهدر في الشوارع المواكب التي تهلل وترحب بالمنقذ والمهدي المنتظر، وسرعان ما نجد ذلك الضابط المغمور وقد أطاحت هالة من السلطة حول شخصيته التي كان حتى مساء أمس نكرة لا بريق لها أو مجداً، وسرعان ما يهرول المثقفون والأكاديميون من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة نحو القائد الذي سيصحب القائد الملهم ومجدد العصر... إلخ، خير مثال لما نقول ما تم في عهد مايو (1969-1985م) حيث تمت صناعة ديكتاتور اسمه جعفر نميري وقد درس محمود قلندر هذا الأمر في كتابه سنوات النميري (قلندر: 2005م).
    تقول قلندر "منذ أن توجهت سفينة مايو عن سواحل الماركسية بعد يوليو 71، بدأت الانتلجنسيا الوطنية هي الأقرب من مايو. وكان اقترابها أول الأمر في خطى كسولة مترددة، ثم ما لبثت تلك الخطى في الشارع بعد فترة قصيرة."(نفسه: 265)، ومن الواضح أن قلندر يسعي لتبرير مواقع هذه "الانتلجنسيا الوطنية." التي لم تتقرب من مايو إلا بعد أن تخلى عن الماركسية، وكأن هذه الانتلجنسيا لم تكن مدفوعة بمصالحها الذاتية الضيقة ورغبتها في التمرغ في تراب النميري، الأمر الذي اعترف به بعض أفراد هذه "الانتلجنسيا" مثل منصور خالد الذي نجده يقول: "قلة يومئذ [مايو] كانت تعف عن المغنم، ويا له من مغنم، وكثر كان لهم في ظل السلطان مبيت ومقيل يترجعون فتاته." (خالد: 2001م).


    الحسين الزهراء:

    تقول كتب التاريخ عن الحسين الزهراء أنه عالم أزهري متفقه في الدين ملك ناصية البيان شعراً ونثراً وكان واحداً من مجددي الشعر في عصره، ويقول عبد المجيد عابدين عن شعره: "وشعر الحسين بوجه عام أقل عناية بالمحسنات البديعية اللغوية" (عابدين: 220) أما عن بلوغ باعه في النثر فليس أدل من استعمال المهدي الزهراء كأحد كتابه الرسميين، ومن أشهر الرسائل الرسمية التي كتبها الزهراء رسالة المهدي إلى أحد الزعماء الذين لم يؤمنوا بدعوة المهدي وهو صالح المك الشايقي (عابدين: 317) وقد علق عابدين على نثر الزهراء وأشار إلى ما يميز هذا النثر من اقتباس وسجع وجناس، وأسلوب الزهراء في تقدير عابدين هو "الأسلوب البديعي الديني [الذي] لقي رواجاً في عهد المهدية على يد المهدي نفسه" (عابدين: 317).
    مهما يكن من أمر فقد انخرط الزهراء في ركاب الدولة بعد حملة هِكْس التي هزمها المهدي في واقعة شيكان نوفمبر 1883م (شبيكة: 663)، وأعلن إيمانه بالمهدية، لكنه أتهم الدولة الجديدة باحتقار العلم والعلماء وموالاة الجهلة (نفسه: 132) ويقال أنه نصح المهدي بوجوب إسناد الوظائف إلى العلماء (شقير: 841) ومع هذا وبسبب إيمانه بالمهدية عمل مع المهدي وناصره، وبعد وفاة المهدي عمل قاضياً للإسلام وهو أعلى منصب قضائي في تطبيق الشريعة، وكان لا يعمل بالمنشورات إذا تعارضت نوعاً ما كما أمر المهدي بذلك (شبيكة: 205) وكما هو واضح فإن الزهراء حرص على نزاهة الحكم وعدالته ورفض أن يكون أداة في يد الخليفة. تقول الروايات أن الزهراء قضى بعدة مسائل على خلاف ما أراد الخليفة، (شقير: 842) ولا شك أن سلوكاً مثل سلوك الزهراء في ذلك الزمان البعيد وفي ظل دولة ثيوغراطية لم يكن بالسلوك المقبول على ما ينطوي عليه من تمرد، وكان بدهياً أن يلقى الزهراء جزاءه ثمناً لشجاعته وحرصه على العدالة كما أقرها الدين والشرع، فقد حُبِس في غرفة ضيقة بسجن (الساير) ومنع من الطعام والماء إلى أن مات قهراً 1895م (شقير: 824) ليس هذا فحسب بل أن الخليفة حرص على تصفية فكر الزهراء وشبهه بالشجرة التي في وسط الزرع فإنها تأوي الطير الذي يُفسد الزرع، فما يستريح الزارع حتى يقطعها من أصلها (شقير: 824).
    ومن أسف أن شخصية الزهراء لا تجد الاهتمام اللائق بها، فأغلب كتب التاريخ لا تتحدث عنه إلا بطرف خفي، هذا إذا لم يتم تجاهل الشخصية تماماً، حتى في الكتابات المعاصرة نلمس ذات التجاهل لشخصية الزهراء، ففي كتابه الذي أرخ فيه لأكثر من ستين عالماً لا يشير صديق البادي للحسين الزهراء على الرغم من تركيز الكاتب على منطقة الجزيرة التي ينتمي إليها الزهراء (البادي: 1994م)، أما الشاعر والمفكر محمد المكي إبراهيم فهو لا يشير بوضوح للزهراء وموقفه الشجاع، بل يتجاهل الأمر برمته ويشير له عرضاً، نجد ذلك في معرض حديث محمد المكي عن مساوئ حكم الخليفة عبد الله الذي على يديه تم اضطهاد المثقفين والعلماء السودانيين والتنكيل بهم (إبراهيم: 33:1986م).
    إهتم بعض الكتاب بشخصية الزهراء فالكاتب بشرى أمين أفرد دراسة لشخصية الحسين الزهراء بعنوان (القاضي حسين إبراهيم الزهراء مثل رائع للنزاهة والعدل) (أمين: 1970م) وقد أشار الكاتب إلى ظروف وملابسات اختلاف الزهراء مع الخليفة ورجاله. وكان الشيخ الحسين إبراهيم الزهراء ضعيف البنية، نحيفاً، فاحتمل ثقل الحديد كالمارد الجبار بهمة صلبة ونفس جَلِدَة(…) وكان بإمكانه أن يتراجع عن رأيه الذي سبب محاكمته لينجو من السجن ومن بعده الموت صبراً فأنف من ذلك ولم يفعل (نفسه:9).
    لم يكن غريباً أن يكون الشاعر والمفكر صلاح أحمد إبراهيم واحداً من القلائل الذي توقفوا أمام سيرة الزهراء والإعجاب بها، ففي معرض حديثه عن تكوين شخصية المثقف السوداني نجده يشيد بالتاريخ الناصع للشاعر والثائر الحسين الزهراء، يحاول صلاح قراءة العلاقة المتوترة بين الخليفة عبد الله وبين المفكرين مثل الزهراء يقول صلاح "لم يكن الخليفة عبد الله بحاجة للقلم فعنده ذهب المعز (…) ثم كان هناك الساير (السجن) حيث يسجن العالم والشاعر والكاتب الثائر الذي كان يحض الناس على العصيان والثورة باسم مستعار يعرفه الفطن (بأخي الحسن" (إبراهيم: 81: 1968م).


    محمود محمد طه:

    الأستاذ محمود هو أحد المفكرين الإسلاميين المجددين المعاصرين ، أكثرهم وأعمقهم إدراكاً لمأزق الفكر السلفي في مواجهة متغيرات الواقع المعاصر وما تطرحه من إشكاليات متواترة ومعقدة ولقد كان عميق الإدراك بنفس القدر لقصور محاولات الكثيرين من دعاة التجديد (بولا: 1996م: 30) والتجديد يبدو واضحاً منذ نشوء الحزب الجمهوري إذ نشأ بعيداً عن المؤسسة الطائفية على عكس الأحزاب السودانية خاصة حزبي الأمة والاتحادي.
    ويشير روجالسكي في دراسته الرائدة عن أيديولوجيا الفكر الجمهوري إلى آفاق التجديد التي ارتادها الفكر الجمهوري (روجالسكي: 1992م) يقول روجالسكي أن أهم ما يميز الفكر الجمهوري هو اختلافه عن الجماعات الإسلامية الأخرى في النأي عن المؤسسات التقليدية كالطرق الصوفية، ويعتقد روجالسكي أن حداثية الفكر الجمهوري تتركز في كونه يتجه أساساً نحو تحليلات الواقع المعاصر لرؤية السياسي والاجتماعي ويضع نقده التاريخي والتراث الإسلامي في الاعتبار (نفسه: 80).
    ومما يجدر ذكره أن روجالسكي هو الباحث الوحيد الذي نظر في مستقبل الجماعة بعد إعدام زعيمها، فهو يقول في هذا الصدد: "وما زالت الحركة الجمهورية في السودان، فيما يتعلق بالاتباع النفوذ وهامشية الأثر، ولم يتغير الوضع كثيراً بعد إعدام الأستاذ ولكن من المستبعد انهيار التنظيم في المستقبل القريب." (نفسه: 87).
    إن الفكرة الأساسية في فلسفة الفكر الجمهوري تتلخص في الشعار الذي يتصدر مطبوعات وأدبيات الحزب وهو شعار (الحرية لنا ولسوانا) ويذهب حيدر إبراهيم علي في هذا الصدد إلى أن محمود محمد طه كان مع هذا الشعار مما جعله مفكراً ليبرالياً محترماً خلال الحقبة الدستورية- البرلمانية في السودان فقد شارك في كثير من الفعاليات الخاصة بتدعيم الديمقراطية في السودان (علي: 1992، 13) بل إن حيدر يصف محمود بغاندي السودان وذلك حين يقول: "كان الأستاذ محمود ديمقراطياً حقيقياً ينبذ العنف ويسلك سلوكاً إنسانياً راقياً ولذلك استحق عن جدارة لقب (غاندي السودان) وكان ضد العنف سواء بالفعل أو بالقول "نفسه:14".
    ومن أسف أن محمود برغم أفكاره النيرة المنحازة للديمقراطية والعدالة لكنه تعجل النظر في الحكم على سلطة مايو الاستبدادية فقد وقف إلى جانب سلطة النميري وناصره بقوة، وحتى عندما بالغ النظام في العداء للشعب السوداني كان محمود وجماعته يدافعون عن سياسات النظام ويسوغون لها المبررات، فالفكر الجمهوري لم ير في الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي جرت البلاد إليها سياسات نميري، لم ير فيها سوي "أزمة أخلاق"، فنجدهم يكتبون في مطبوعاتهم "إن أزمة أمتنا الراهنة هي أزمة أخلاق فنحن لا ينقصنا التخطيط العلمي ولا الخبرة الفنية ولا الكوادر المؤهلة بقدر ما تنقصنا الأخلاق." وقد ظل هذا الفكر يركز على مفهوم أزمة الأخلاق ويوظفها كمنظور في رؤية الواقع السياسي في البلاد ولعل هذا مما قاد الفكر الجمهوري وقادته ليروا في نظام مايو بكل دكتاتوريته واستبداده المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي، فهم يقولون عن هذه السلطة: "لقد وجد نظام مايو الشعب معطل الوعي السياسي والديني قاصراً عن مستوي المسؤولية، وتلك جريرة الأحزاب الطائفية، ولذلك كان لابد أن يقوم أمر السلطة التي تأتي لإصلاح ذلك الفساد على الوصاية الرشيدة على الشعب ريثما تبلغ به مبلغ الرشاد والمسؤولية." (الأخوان الجمهوريون: 1982م).
    ومن الغريب حقاً أنه برغم التأييد المطلق الذي وجده النميري بدكتاتوريته من محمود وجماعته إلا أن المعيار يختلف لدى الجمهوريين في النظر لعبد الناصر، وكما هو معروف فقد وصل نميري للسلطة عن طريق انقلاب عسكري ونفس الشئ بالنسبة لعبد الناصر، لكن الجمهوريين يقفون موقفاً عدائياً ضد عبد الناصر. فعبد الناصر بالنسبة للفكر الجمهوري" وصمة عار في التاريخ السياسي المعاصر للشعوب العربية (طه: 1967م) بل أن عبد الناصر في زعم الفكر الجمهوري هو المسؤول عن الهزيمة التي ألحقت بالعرب في حزيران وأن خزي الهزيمة الذي جلل الشعوب العربية ينوء به الزعماء ونصيب السيد جمال منه نصيب الأسد." (نفسه) وعلى النقيض من هذا الموقف المتطرف ضد عبد الناصر نجد موقف الفكر الجمهوري تجاه السادات الذي كتب الجمهوريون عنه كتاباً بعد موته جاء في مقدمته "هذا كتاب السادات.. حياته واستشهاده وحياته بعد الاستشهاد، فقد أعطي السادات حياته لقضية السلام واستشهد وهو يدافع عن السلام." (الجمهوريون: 1982م:3) وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر.
    لسنا هنا بصدد مراجعة الفكر الجمهوري ولكننا حاولنا تلمس التأييد المطلق الذي حظي به نميري ونظامه من قبل الفكر الجمهوري ومن خلال هذا التأييد نستطيع تلمس رؤية هذا الفكر تجاه الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية، ومهما يكن من أمر فهذا التأييد لم يشفع لمحمود عند نميري عندما اختلفا فلم يتردد النميري في تشكيل محكمة خاصة أهدرت فيها أبسط مجريات العدالة، لتقضي بإعدام محمود والحكم عليه بالردة، كل هذا بالطبع لا يقدح من قيمة استشهاد محمود وموقفه الشجاع في خاتمة حياته وهو الشيخ الذي ناهز السبعين فقد دافع محمود عما يراه صواباً ولم يساوم، وبهذا يكون محمود قد قدم نموذجاً للمفكر الشجاع الذي دفع حياته ثمناً لفكره، ولا شك أن تفاصيل وملابسات محاكمة محمود وإعدامه تؤكد حرص نميري على الإيقاع به، فالمحكمة الخاصة التي حاكمته لم تقم بإعدامه والحكم بردته فحسب بل كفرت الفكر الجمهوري بأجمعه وأمرت بحرق كتبه ومطبوعاته وصادرات دوره وأوصت بدفن جثمان محمود في مكان لا زال مجهولاً إلى يومنا هذا.
    يحار المرء حقاً من إهمال أو تجاهل أغلب الكتاب الذين عالجوا أمر الفكر الجمهوري لموقف الفكر من نظام جعفر نميري الاستبدادي (1969-1985م) فقد وقف هذا الفكر مسانداً ومؤيداً هذا النظام بل والتبرير لعسف النظام وبطشه بالشعب وتنكيله بالحريات، هذا نلمسه بوضوح في أدبيات الفكر الجمهوري التي ظلت تصدر طوال فترة تأييد الفكر الجمهوري لنظام مايو، من أسف أن مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن وحزبه، يقفان وقفة المؤيد بل والمدافع عن نظام استبدادي قمعي وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري وعلى أنقاض نظام ديمقراطي، ومن الصعب تبرير مثل هذا المسلك من مفكر تصدى لتجديد الفكر الديني. على كل انقلب نظام مايو على الفكر الجمهوري وزعيمه بعد أن تغيرت الموازين الداخلية وتنكر النظام لكل المبادئ التي يدعي أنه جاء لأجلها، وقد فارق النظام الفكر الجمهوري عند إعلان الشريعة الإسلامية أو ما يسمى بقوانين سبتمبر في 1984م الأمر الذي رفضه الفكر الجمهوري، فكان أن قُبض على محمود وبعض أنصار الفكر الجمهوري وزج بهم في السجن ثم لفقت لهم تهمة الردة وشكلت محكمة خاصة من ألد أعداء الفكر الجمهوري حكمت بالإعدام على محمود ومن معه ثم أُعطيت لهم فرصة الاستتابة للرجوع عن أفكارهم وتراجع الجميع عن أطروحات الفكر الجمهوري عدا محمود الذي أصر على موقفه وتمسك بأفكاره ولم يتزحزح عن موقفه مما قاده إلى المقصلة.
    نادرة جداً المرات التي يقف فيها باحث أو كاتب أمام علاقة الفكر الجمهوري بنظام جعفر نميري القمعي، فهذه العلاقة تطرح الكثير من التساؤلات وأهمها مبررات وقوف مفكر في استنارة محمود مع حاكم مستبد، ومن الغريب حقاً وقوف الفكر الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل أحزاب الشعب السوداني والدراسات التي أشارت لهذه العلاقة لم تعالجها بعمق، ففي دراسته عن ملامح التجديد في الفكر الجمهوري يشير بولا على استحياء للعلاقة، يقول بولا "فقد كان تنظيم الأخوان الجمهوريين نموذجاً ممتازاً للجماعة الملتزمة المنضبطة النشطة (…) هذا على الرغم مما يمكن أخذه عليهم من بعض اضطراب في التحليل السياسي والمواقف المتصلة بمبادئ الديمقراطية في بعض لحظات فترة حكم النميري بالذات مما ليس يسعه الحيز." (بولا: 45) هنا وحده صلاح أحمد إبراهيم أشار لموقف محمود مع نميري (إبراهيم 2000) وأسمى الموقف برمته سذاجة، حيث يقول في معرض إشادته بصمود محمود وشهامته "كنت وصفته (محمود) في مجلة الدستور بأنه المايوي من منازلهم المايوي بالمجاني لسذاجته السياسية على الأقل في مساندة نظام بانت سوأته وانكشفت عورته واتضح للغاشي والماشي فساده، وما جرى للبلاد من دمار ونهب لثروات الشعب." (نفسه: 112) لكن صلاحاً بعد هذا العتاب يعود ليشيد بمحمود قائلاً "على أن محمود قال كلمته الصادقة ووقف شامخاً كالطود الأشم." (نفسه:112) بالطبع يمكن فهم عتاب صلاح الرقيق لمحمود وموقفه مع نظام نميري الاستبدادي، إذ وقف صلاح مع النظام وسانده وعمل سفيراً له لكنه استقال من منصبه احتجاجاً على تصاعد سياسة النظام القمعية وناصبه العداء إلى أن سقط النظام في أبريل 1985م. على كل، فإن الكثير من الكتاب والباحثين الذين درسوا الفكر الجمهوري لم يتوقفوا أمام علاقة هذا الفكر بنظام استبدادي غاشم مثل نظام مايو (1969-1985م) ولا ينظر هؤلاء الكتاب والباحثين لمسؤولية دعم الفكر الجمهوري لمثل هذا النظام الذي راح محمود بنفسه ضحية لبطشه واستبداده، وعادة ما تحمل المسؤولية للزعيم حسن الترابي وحزبه الجبهة الإسلامية القومية، فقد ظلت هذه الجماعة تترصد بالفكر الجمهوري وتعمل على تصفيته، يقول حيدر إبراهيم علي في هذا الصدد بأن الجبهة الإسلامية تتحمل مسؤولية إعدام محمود (علي: 20) ويبقى السؤال حول مسؤولية نميري نفسه في هذا الأمر، فليس من المنطقي القول بأنه كان أداة في يد الجبهة الإسلامية، بل يمكن القول أن الشهيد محمود مسؤول إلى حد كبير، فقد وقف إلى جانب حاكم سفاح ومستبد أرتوى من دماء خصومه، وفي جانب آخر يفسر محمد أحمد محمود إعدام الاستاذ محمود محمد طه قائلاً "إن ما جعل إعدام الأستاذ ممكناً في بلد إسلامي وفي الربع الأخير من القرن العشرين هو افتراض أن من يملك سلطة التفسير الديني يملك في نفس الوقت حق إعدام من يختلفون معه في الرأي والاعتقاد" (محمود: 1992-67-68).
    نخلص مما سبق للقول أن الذين دفعوا حياتهم ثمناًَ لحرية الفكر كانوا طلائع الدفاع عن هذه الحرية كانوا جميعاً من رجال الدين بل والمثقفين ولم يكونوا كفرة أو علمانيين أو أي شيء من هذا القبيل، وفي جميع الحالات كانوا من مؤيدي السلطة ومناصريها، أي كانوا جزءاً من المؤسسة الدينية، لكنهم منذ أن أعلنوا خلافهم مع المؤسسة صاروا أخطر أعداءها مما حدا بالسلطة للتنكيل بهم والحرص على تصفيتهم جسدياً، وهنا يبرز سؤال: لماذا يسارع الحاكم ويتسعجل الخلاص من هؤلاء المفكرين؟ وثمة مفارقة في هذا الصدد وهي أن العنف والإرهاب لا يطال سوى رجال الدين والفقهاء من الوطنيين، وأوضح مثال هذا المعاملة التي تلقاها اثنين من الأوربيين المسيحيين وهما سلاطين باشا والأب أهرولد، فقد جاء سلاطين باشا النمساوي الأصل إلى السودان وعمل مع غردون منذ 1879م، حيث كان حاكماً على دارفور في 1879م وبعد نجاح ثورة المهدية قبض عليه وأودع السجن وأدعى دخوله الإسلام وتمكن من الفرار من السجن، وحضر فيما بعد في معية حملة كتشنر التي هزمت المهدية في كرري 1898م، وقد ألف كتابه المعروف (السيف والنار) وهو من أشهر الكتب والمصادر التي كتبها الأوربيون عن تاريخ المهدية، وقد علق شقير على الكتاب قائلاً أنه نشر في أوائل 1896م ثم ترجم إلى أهم اللغات الأوروبية، وكان له أعظم شأن في أوروبا (شقير: 846) نفس الشيء الذي فعله الأب أهروالدر الذي حضر إلى السودان ضمن إحدى البعثات التبشيرية، ثم قبض عليه بعد قيام الثورة المهدية وأودع السجن، ولكنه تمكن من الهرب وأعد كتابه المشهور (عشر سنوات في سجن المهدي) (فانتيني، 1978م، 245) وكما هو واضح فإن الثورة لم تلجأ لإعدام أياً من الرجلين أو غيرهما، بل حرصت على بقاءهما في السجن، وقد عومل سلاطين معاملة خاصة وقرَّبه الخليفة له، خاصة عندما أوهمه سلاطين بإسلامه، لكن كل هذا لم يشفع للخليفة فيما بعد، وعندما كتب سلاطين كتابه كرس معظم الحديث عن شخصية الخليفة التي صورها أبشع تصوير.
    على كل، من الصعب تبرير السلوك الاستبدادي للحاكم المطلق، خاصة ضد مخالفيه في الرأي من المفكرين والفقهاء وربما يمكن تفسير الأمر بفهم شخصية الحاكم نفسه، فمفتاح هذه الشخصية هو القبيلة التي نشأت وتطورت وإزدهرت في مجتمع رعوي زراعي وتكرست فيه قيم السلطة الأبوية، فالبداوة هي مفتاح هذه الشخصية وهذه البداوة كما يعتقد عبد السلام نور الدين "تؤدي بالجماعة إلى أمرين، أولهما إنعدام الولاء للجماعة الكبيرة إذ أن الولاء مقصور للعشيرة أو القبيلة، والثاني أنها تمحو الحرية الفردية، لذلك فإن الفرد أنما هو قائم وموجود وعائش ومعترف به لأن الوحدة لكل القبيلة أو كل العشيرة) (نور الدين 115) وهذه البداوة تجعل المرء شديد الارتباط ببئته لدرجة يختزن معها كل العالم في هذه البيئة، لهذه يصبح من المستحيل عليه الاعتراف بالآخر، وقد يترتب على هذا الإقصاء أشكال من الاستبداد، الأمر الذي لاحظه نور الدين وذلك في قوله "إن طرد الآخرين من دائرة وعي البدوي يجعله لا يفرق بين القوة والحق." (نور الدين 120).
    مهما يكن من أمر، فمن الصعب النظر في سيرة هؤلاء المفكرين وإعدامهم دون إدانة الأمر أو على الأقل رفضه، فأي قراءة هذه التي تحاول تبرير مثل هذ السلوك، خاصة عندما يصدر من حاكم وطني يرفع شعار الإسلام ويدعي أنه يأتمر بأمر الله سبحانه وتعالى، ومع هذا فقد سعى نفر من المؤرخين السودانيين لتفسير العنف الذي انتهجته الدولة المهدية، خاصة في عهد الخليفة عبد الله، فنجد شبيكة يحرص بكل جهد لإيجاد بعض العذر في هذا العنف، وذلك في قوله: "وعهد الخليفة مثلاً ككل عهود الثورات على أنظمة المجتمع يرافقه العنف ولا يقبل إلا الخضوع والإذعان ولا مكان للمخالفين فيه." (شبيكة: 774) بل أن شبيكة يذهب إلى أن الخليفة برغم كل شيء مثله مثل المهدي صاحب مُثُل عليا، فشبيكة يقول: "ومهما قيل عن قسوة الخليفة وما عزي إليه من حكم بالحديد والنار فإنه كان يطبق مُثلاً عُليا دينية اجتماعية وفقاً لتعاليم المهدية بتنقية النفوس" (نفسه: 774) إننا لا نريد إسقاط مفاهيم عصرية مثل فكرة حقوق الإنسان والحريات العامة واستخدام هذه المفاهيم معياراً لمحاكمة المهدي ومن بعده الخليفة ونميري. وإذا كان من الممكن النظر لسلوك المهدي وخليفته في سياق عصرهم وفي ظل الظروف الدولية التي فرضت على المهدية دولة وثورة والبحث عن مبررات للسلوك الاستبدادي للحاكم، يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل؛ النظر لسلوك نميري تجاه محمود بذات المنظور، فقد تم إعدام محمود بالأسلوب الذي أشرنا إليه والقرن العشرين يلفظ أنفاسه، وفي وقت أصبحت الحريات الأساسية وعلى رأسها الحرية الفكرية من البدهيات ومن المعايير التي ينظر بها المجتمع الدولي للحكم على مصداقية أي سلطة، عسكرية كانت أو مدنية قضت بإعدامه ومصادرة داره وحرق كتبه، وكان هذا الحكم واحداً من أسوأ جرائم نظام مايو، وهكذا انتهت علاقة المفكر الجمهوري الذي حاول مصالحة نظام تسلطي استبدادي.


    صلاح أحمد إبراهيم:

    بدأ صلاح أحمد إبراهيم حياته السياسية عضواً بالحزب الشيوعي السوداني ولكنه خرج عنه وصار من أكبر معارضيه، خاصة سكرتيره العام الشهيد عبد الخالق محجوب والذي دبج القصائد في ذمه، بادر صلاح بتأييد الانقلاب العسكري في مايو وعمل دبلوماسياً حتى ترقى إلى درجة سفير، واستمر في منصبه حتى بعد المجازر الدموية التي أقرها النظام في يوليو 1971م، لكنه سرعان ما اختلف مع نظام مايو واستقال من منصبه كسفير في الجزائر واستقر بباريس وظل يناصبه العداء موظفاً موهبته الشعرية ضد الطاغية جعفر نميري، وكتب العديد من القصائد اللاذعة التي جمعت فيما بعد في ديوانه محاكمة الشاعر للسلطان الجائر (إبراهيم: 1986) وظل يصدر صحيفة يحررها بمفرده كرسها لنقد الحكم، وفي هذا الصدد نشير لخطأ وقع فيه الطيب صالح في مقدمته لديوان صلاح (صلاح:1984م)، يقول الطيب صالح: "وقد عمل الشاعر لفترة طويلة في وزارة الخارجية وتقلد مناصب عدة كان آخرها منصب السفير في الجزائر، وقد استقال من ذلك المنصب حين أعدم النميري الشفيع أحمد الشيخ وعبد الخالق محجوب وآخرين بعد المحاولة الانقلابية التي قادها هاشم العطا." (نفسه: 19).
    وفي واقع الأمر فإن صلاح ظل يعمل مع الحكم المايوي لسنوات بعد إعدام الشهيد الشفيع أحمد الشيخ، وقد تحدث صلاح عن علاقته بمايو في حوار صحافي (جمال الدين: 1986م) يقول صلاح في هذا الحوار: "الحقيقة ظللت حتى قراري _أي الاستقالة_ سفيراً للحكم المايوي (1976م) كان بإمكاني الاستمرار مدة أطول وكان النميري يضع حساباً لي ويعفو عن كثير طالما لم أمسه." (نفسه) ويستمر صلاح سارداً الأسباب المباشرة التي دعته للخروج على النظام ومعارضته في أنه [النميري] كان يلاحق شعبي ويلاحق رجال أمنه بعض أهلي لا سيما شقيقته. حين استقلت من النظام كان النظام في أوج قوته، وكان كثيرون لم يفقدوا الثقة فيه ولم يكتشفوا سوءه الحقيقي الكامل وإنه لا رجاء فيه." (نفسه) ثم يستطرد صلاح متحدثاً عن الدور الذي حدده لنفسه ويقول: "حين استقلت كان الخوف مسيطراً على الجميع. وكان لابد من صوت جهير وكنت أعرف أن الصوت صوتي." (نفسه) وكما هو واضح فإن صلاح قد ظل على تأييده لمايو لأكثر من خمس سنوات. بل نجده يدين الحركة التصحيحية في يوليو 1971م، ونجده يتحدث عن هذه الحركة قائلاً: "بعد مذبحة دار الضيافة في يوليو، عقب فشل الانقلاب العسكري الأخرق الذي غامر به المرحوم هاشم العطا وضباطه اليساريون (أو يزعمون) تلك المذبحة التي قتل فيها أسري مقيدون على الأرجح بتخطيط مدروس ومكر محسوب تمهيداً للفظائع التي بررت بها وترتب عليها." (نفسه:85) وفي خضم حزنه على بعض شهداء المعركة لا يستطيع تجاوز كراهيته لعبد الخالق محجوب الذي كان واحداً من شهداء الحركة، يقول صلاح إن الحركة "عصفت ببعض أفضل أبناء شعبنا وقادته الأوفياء ولا سيما الشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق واستثني الموعز بتلك المغامرة التي لا يزال شعبنا يدفع ثمنها الفادح وسيظل لأمد طويل." (نفسه).
    وكما هو واضح فقد أخذ الصراع السياسي الكثير من وقت صلاح وطاقته الإبداعية، وستجد جزءاً ليس باليسير من انتاج صلاح الإبداعي يوظف مباشرة لهذا للصراع، وخير مثال هنا الكراسة الشعرية التي كرسها صلاح للهجوم على الحكم المايوي، وهي مجموعة "محاكمة الشاعر للسطان الجائر" ونلاحظ إن صلاح خرج على النظام المايوي بعد أن ظل مؤيداً له لأكثر من خمس سنوات وتحول صلاح من التأييد والقبول إلى المعارضة الشرسة. ولا شك أن العلاقة بين صلاح ونظام مايو لم تكن أصلاً على ما يرام، نلمس هذا في حدة الرفض التي قابل بها حكام مايو عندما بادر جمال محمد أحمد بنشر القصيدة في جريدة الصحافة التي كان يرأس تحريرها ويحكي صلاح في ديوانه (غابة الأبنوس) الطبعة الجديدة، الواقعة بمرارة ويقول: "إن جمال محمد أحمد لم يتردد نشرها (القصيدة) ومع توسله لذلك بتصدير تلطف فيه كثيراً ولطَّف من وقعها، استدعاه الضباط الصبية المذعورون قادة النظام النميري [هكذا] يعنفونه بإحساس بالإثم وهلع شديد، تعنيفاً وقمعاً على نشرها مهددين منذرين." (نفسه).
    أما عن علاقة صلاح بالإنقاذ فهي تتأرجح بين التأييد والرفض. وعلى الرغم من تأييد صلاح لنظام الإنقاذ لكنه ظل محافظاً على موقفه المستقل وظل مطالباً بالديمقراطية، وكان عشمه أن يقوم نظام الإنقلاب بإصلاحات ديمقراطية. وظل صلاح يؤيد بشدة الحرب التي يشنها النظام في الجنوب، وهذا ربما يرجع لإختلافه بل وكراهيته للعقيد جون قرنق، نلمس هذا في الرسالة المهمة التي أرسلها صلاح لقادة الإنقاذ (إبراهيم: 1999م)، فيها يقول صلاح: "إن طريق المصالحة الوطنية الكبرى يمر بلا جدال أو شك عبر مصالحة صغري تتم في الشمال (...) لقد انتهزت فرصة وجودي بالعاصمة لتحسس آراء المواطنين وقد وجدت تمسكاً شديداً بالديمقراطية." (نفسه) وعن جون قرنق يقول صلاح "وجون قرنق على عكس ما يتظاهر به من ثورية وتقدميه واشتراكية(....) عدو مبين لشعب السودان، عدو ذو نوايا انتقامية عنصرية."(نفسه) ويطالب صلاح النظام بإصلاحات ديمقراطية بقوله: "أرى أن تطلق السلطة اليوم القادة النقابين من السجون، وأن تجرى انتخابات حرة وديمقراطية وبإشراف جهات محايدة ترضاها قيادات النقابات القائمة الآن وجمهور النقابيين."(نفسه).


    عبد الله علي إبراهيم:

    أما عبد الله علي إبراهيم فقد انتمي لليسار في سن مبكرة وذلك بحكم نشأته في مدينة عمالية هي مدينة عطبرة التي كانت واحدة من قلاع النضال الوطني، وفي جامعة الخرطوم تفتحت مواهب عبد الله ككاتب وقاص وكرَّس هذه المواهب للدفاع عن الفكر الماركسي وأطروحاته، وصار من قيادات الحركة الطلابية في جامعة الخرطوم، وكان واحداً من ضحايا القمع والتشريد اللذين كانا ديدن النظام المايوي خاصة بعد فشل حركة 19 يوليو الانقلابية، وبرغم القمع والإرهاب إلا أن عبد الله ظل واحداً من قيادات الحزب الشيوعي النشطة وظل يواصل مهامه في مخبئة السري لأكثر من خمس سنوات، لكن عبد الله خرج من المخبأ بعد المصالحة الوطنية في 1979م وأعلن استقالته عن عضوية الحزب الشيوعي، واصل نشاطه الإبداعي والفكر المستقل كمثقف ديمقراطي يساري، ورجع لوظيفته كأستاذ بجامعة الخرطوم وأنجز رسالة دكتوراه في الفوكلور في الولايات المتحدة، وفي عام 1988م أعلن إنشائه لمركز الدفاع عن الديمقراطية وظل يساهم بحماس بكتاباته العلمية والصحفية. وبقيام انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989م كان عبد الله من أول المؤيدين للانقلاب منذ ساعاته الأولى، وظل يشارك في مؤتمرات الإنقاذ بنشاط وفاعلية. وخلال هذه الفترة أصدر عبد الله بعضاً من مؤلفاته المهمة التي تدل على هويته كمثقف ديمقراطي، وعلى رأس هذه المؤلفات مؤلفه المهم الذي يدرس فيه الثقافة السودانية من منظور ديمقراطي (إبراهيم: 1996م) وظل يواصل كتاباته مركزاً على نقد غياب الديمقراطية في الحزب الشيوعي السوداني؛ الأمر الذي تأكد في تقريره بضلوع الحزب في انقلاب 19 يوليو 1971م، يقول عبد الله "ألقى انقلاب يوليو بظلال كثيفة على دفاع الحزب الشيوعي عن الديمقراطية الليبرالية والتغيير الاجتماعي (...) وألمت بالحزب مصائب الانقلابات التي حرمته من التصالح المشكوك فيه مع الديمقراطية الليبرالية." (إبراهيم: 1999م) وبرغم نقده المستمر للكثير من ممارسات الحزب الشيوعي نلاحظ أن عبد الله يسعى لتجميل صورة الشهيد عبد الخالق محجوب ونفي تهمة مسئوليته في الأخطاء التي ارتكبها الحزب، وعبد الله يشبِّه عبد الخالق بالتشيللو المنفرد كناية عن تفرده وعبقريته (إبراهيم: 1999م) وفي دفاعه عن عبد الخالق يرفض عبد الله آراء بعض خصوم عبد الخالق، خاصة صلاح أحمد إبراهيم الذي يشبِّه عبد الخالق بـ(نانسي) أو العنكبوت المخادع، يقول عبد الله "أما صلاح فشهادته مطعون فيها وتحامله وارد على عبد الخالق الذي يظن صلاح أنه السبب في طرده من الحزب دون وجه حق." (نفسه) وفي جانب آخر نجد عبد الله يقرظ أفكار عبد الخالق محجوب حول الدين (إبراهيم: 2001م) وربما هنا تكمن إشارة عبد الله لعبد الخالق بالتشيللو المنفرد، يقول عبد الله "من المؤسف أن نظرات عبد الخالق حول غربة الماركسية والدين لم تجد من الحزب الشيوعي لا تجديداً ولا تطويراً." (نفسه) ويضيف عبد الله "لم يتسنَّ للشيوعيين وهم بهذا الانشغال بـ(تهويس) الدين أن ينموا فكرة عبد الخالق عن يوتويبا الإسلام التي تعبئ المسلمين حول المثال الباكر لمجتمع النبي (صلي الله عليه وسلم) والصحابة الذي اتسم ببساطة الحكم وكرامة الرعية." (نفسه) ولا شك أن عبد الله كان يتمني لو كرس الحزب الشيوعي مبادئ الديمقراطية ولم ينحرف عنها، وعبد الله هنا يعيد أفكاره حول التعددية، وهي الأفكار التي ظل ينادي بها إبان الديمقراطية الثالثة، فنجده مثلاً يكتب في عموده (ومع ذلك) "لقد أقنعتنا سنوات عجاف من الديكتاتورية في ظل الفريق عبود بأن الديمقراطية الليبرالية ليست كلمة جوفاء، وتعلمنا في ظل نظام نميري الطويل أن الديمقراطية الجديدة أو الثورية في تعبير فريد لعبد الخالق محجوب، "ليست صراخاً من أعلى البيوت (...) واستقر عندنا لذلك أن المساواة الاجتماعية، الكفاية والعدل، لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا من فوق ممارسة نشطة وتمثل عميق للحقوق الأساسية المكفولة في الديمقراطية الليبرالية." (إبراهيم: 2001م) ونجد عبد الله يتحدث عن ضرورة التمسك بالديمقراطية، فعلى سبيل المثال نجده بعد إستيلاء حركة التمرد على الكرمك، يقول"علينا ألا نمل القول أن الذي ندافع عنه من حول الكرمك هو النظام البرلماني التعددي الذي حصل عليه شعبنا بعد جهاد [هكذا] طويل، من أجل هذا النظام لأنه هو وحده الذي يعطينا حق الخلاف وبناء وحدة بلدنا من واقع التنوع." (إبراهيم: 2001م) ونجده كذلك يعبر عن هواجسه وشكوكه حول قدرة العساكر على حماية الديمقراطية الأمر الذي يعني تخوفه من حدوث إنقلاب يقضي على الديمقراطية، يقول في هذا الصدد "أجد في نفسي شخصياً صعوبة جمة في تعليق الأمل على العسكر في الدفاع عن الوطني ككيان ديمقراطي ولا أخيراً، وهذه الصعوبة ناجمة عن أن مثل قلمي قد نشأ وتربى في لعن العساكر." (نفسه)، ومع إيمان عبد الله بالديمقراطية وتمسكه بها ظل معادياً لحركة تحرير السودان وقائدها جون قرنق، وهو لا يرى في الحركة سوى دمية في يد النظام الاثيوبي برعاية زعيمه السابق الديكتاتور منقستو هيلا مريام، نلمس هذا في قول عبد الله "هذا النظام هو الذي تستعلي عليه تكتيكات العقيد جونق قرنق المغامرة التي ترعى بقيد النظام الإثيوبي المفارق للديمقراطية في نشأته وتقاليده وتوجيهاته، ففي الكرمك إذا تصطدم قوى الديمقراطية وقوى الحروب والعنهجية."(نفسه) وبرغم دفاع عبد الله عن الديمقراطية إلا أنه لم يتردد في تأييد نظام الإنقاذ الذي قضى على الديمقراطية الثالثة، بل يدافع عن النظام ويبرر قيامه، وهو يرى أن قيام الإنقلاب بقيادة الجبهة الإسلامية القومية أمر طبيعي وهو ينطوي على رد من قبل الجبهة الإسلامية ضد القمع الذي مارسته الأحزاب والجماعات السياسية في حقها، وعبد الله يجيب على تساؤل الطيب صالح الذي أطلقه في مقالته الشهيرة من أين أتى هؤلاء؟ إضافة لكل هذا فإن عبد الله ظل على عداء مع التجمع الوطني المعارض لنظام الإنقاذ.
    وفي عموده (الذي يصلحك) الذي كان يحرره في صحيفة الصحافي الدولي، ظل عبد الله يعلن موقفه المتعاطف مع سلطة الإنقاذ والرافض لأطروحات المعارضة، خاصة التجمع الوطني، وفي آخر كتاباته في تعليق له على مذكرة د.فاروق محمد إبراهيم التي بعث بها إلى عمر البشير حول واقعة تعذيب تعرض لها (إبراهيم: 2001م) وطالب عبد الله أن يبادر كل من أذى فاروق بالاعتذار له وطلب الصفح قبل أن تجعل الإنقاذ ذلك سياسة مقررة (نفسه) ويعلق عبد الله على هؤلاء بقوله "وأنا حسن الظن بهم لأنهم رجال دين هم أكثر من فاروق حاجة إلى طلب العفو لأنه يطهرهم ويزكيهم." (نفسه).
    ولعله من الغريب جداً تأييد عبد الله لنظام ظل يعلن أن الحرب الأهلية ضد الأخوة في جنوب السودان حرب مقدسة، فعبد الله معروف بمناداته بالحوار بين الثقافات، ففي لقاء معه حول هذا الحوار في أوائل الثمانينيات يؤكد ضرورة التعايش بين الثقافات السودانية ويخلص إلى أن هذا الحوار يحتاج إلى خيال خلاق وشروط ديمقراطية متسامحة للتساكن الثقافي في السودان، ويقع عبء هذه الشروط أول ما يقع على الثقافة العربية الإسلامية وهو خيال وشروط هي مناط إعلان 9 يونيو 1969م (ابراهيم: 1981م).
    نخلص للقول أن عبد الله علي إبراهيم مثله مثل أغلب المثقفين السودانيين يدافعون عن الديمقراطية نظرياً فحسب لكن على مستوي التطبيق يختلف الأمر كثيراً.
    وهكذا تباينت مصائر ومآلات المثقف مع السلطة في السودان منذ ظهور الدولة بشكلها الحديث، فالسلطة المركزية التي يسيطر عليها الديكتاتور تتربص بالمثقف وتغازله، فإذا أذعن لها وتغنى بفضائل وعبقرية الدكتاتور فهو الفائز برضا ومحبة الديكتاتور، ويكون له مبيت ومقيل في السلطة على حد قول منصور خالد. إما إذا تمسك بأفكاره وقال (لا) ساعتها لن يتردد الديكتاتور في إهدار حياة هذا المثقف، وهذا ما حدث مع الزهراء ومحمود.
    نخلص للقول إن الاحترام والتوقير للمثقف لا يتم إلا بإرساء قواعد الديمقراطية والشفافية وبانهاء ثقافة العنف والإقصاء في حياتنا السياسية.

    محمد المهدي بشري
    أكتوبر/2007م
    عبد الكريم ميرغني


    المراجـع:

    إبراهيم عبد الله علي 1968م الصراع بين المهدي والعلماء
    الخرطوم: جامعة الخرطوم، أبحاث السودان كراس رقم (3)
    إبراهيم، محمد المكي 1989م الفكر السوداني: اصوله وتطوره
    الخرطوم: مطبعة ارو التجارية
    إبراهيم، صلاح أحمد 1968م المثقف السوداني في المصطرع الثقافي
    الخرطوم- العدد الأول أكتوبر ص(68-81)
    أمين، بشري 1970م القاضي حسين إبراهيم الزهراء مثل رائع للنزاهة والعدل
    الخرطوم: عدد سبتمبر (1970): 84-91
    بادي، (ال) صديق 1994م معالم وإعلام
    الخرطوم: وزارة التخطيط الاجتماعي
    جموريون (ال) الأخوان 1982م السادات رجل السلام
    الخرطوم
    نور الدين عبد السلام 1986م في نقد العقل البدوي
    الرباط- دار التنوير
    فانتيني، ج1978م تاريخ المسيحية في الممالك القديمة والسودان الحديث
    الخرطوم. (د.ن)
    شبيكة، مكي 1968 تاريخ السودان
    بيروت دار الآداب
    شقير، نعوم 1964م جغرافية وتاريخ السودان
    بيروت دار الآداب
    عابدين، عبد المجيد 1967م تاريخ الثقافة العربية في السودان
    بيروت دار الآداب
    طه، محمود محمد 1967م رئيس الحزب الجمهوري يقدم مشكلة الشرق الأوسط
    امدرمان- الحزب الجمهوري
    أخوان (ال) الجمهوريون 1977م تماسك الجبهة الداخلية، لإحباط تآمر الشيوعية
    الدولية ولتأمين دين الشعب ومستقبله ط/2
    أخوان (ال) الجمهوريون 1977م الصلح خير
    الخرطوم- الخرطوم
    أخوان (ال) الجمهوريون 1979م مخطط الصادق والترابي والهندي لاحتواء نظام مايو
    أخوان (ال) الجمهوريون 1979م ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغني
    الخرطوم
    باشري، محجوب عمر 1986م رواد الفكر السوداني
    الخرطوم: ودار الفكر، بيروت: دار العالم الإسلامي
    بخيت، كمال حسن إعداد 2000م "الدكتور منصور خالد في حوار الصراحة مع الصحافة"
    الصحافة 8 فبراير 2000م
    حجازي، أحمد مجدي 1986م المثقف العربي والإلتزام الأيدولوجي دراسة في أزمة
    المجتمع العربي في مي عزت حجازي وآخرين نحو
    علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات
    العربية الراهنة
    بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية
    خالد، منصور 197م حوار مع الصفوة
    الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للنشر
    "المغامرات النخبوية: في حكاياتنا مايو"
    خالد، منصور 200م الصحافة 10 أكتوبر
    عبد الله، إسماعيل حسين- 2000م " العوائق الهيكلية للتجارب الديمقراطية في السودان"
    علي، حيدر إبراهيم – 2001م ، المثقفون: التكوين في السودان
    سلبية الثقافة السياسة
    القاهرة: مركز الدراسات السودانية
    عثمان فتحي- 1994م حوار مع الصلحي
    كتابات سودانية
    سيد أحمد، عبد السلام الفقهاء والسلطة في سنار:1991م قراءة في تاريخ الإسلام والسياسة في السودان
    1500-1821
    براغ: نايل للإعلام والدعاية والنشر
    قلندر، محمود سنوات النميري 2005م الخرطوم: مركز عبد الكريم ميرغني
                  

06-29-2016, 07:11 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    كتب الأستاذ عيسى ابراهيم محمد صالح 4 مقالات في الرد
    أضعها هنا على أجزاء وللأسف لا يتيح لي السستم وضع المصادر
    ==
    في حوارية المثقف والسلطة أو جدلية الفكر والواقع
    الجمهوريون ومايو: جرد حساب
    (نـُشرت في أربع مقالات بصحيفة الأحداث السودانية، يناير 2008)

    عيسى إبراهيم

    دوافع الكتابة

    قدَّم أخي وصديقي وابن "دفعتي" في "الميري" البروفسور محمد المهدي بشرى ورقة بعنوان "المثقف والسلطة: مصائر فاجعة" في المؤتمر العام الثاني لاتحاد الكتاب السودانيين، تناول فيها ضمن من تناول علاقة الأستاذ محمود محمد طه (اقرأ الجمهوريين) بسلطة مايو، وهي علاقة كثيراً ما يعتورها سوء التفسير ومجانبة الفهم للواقع المعاش والقراءة الظاهرية المتعجلة وعدم الانصاف عند الكثيرين ممن نعدهم علماء ومفكرين وكتـّابا وحتى باحثين. لا نريد أن نسوق الأعذار أو نلتمس المبررات خاصة وأن الفترة المعنية، والتي حملت شهادتها ومضت، لم يمض عليها كثير زمن ولم تدخل في ذمة التاريخ بصورة لا يمكن استدعاؤها، والكثيرون ممن عنيناهم بالذكر هم شهود عيان ومعاصرون لفترة العقدين من 1965 إلى 1985 ومن ضمنهم أخي دكتور البشرى.
    نعت محمد المهدي الأستاذ محمود بـ "تعجل النظر في الحكم على سلطة مايو الاستبدادية" وقال إن محموداً: "وقف إلى جانب سلطة النميري وناصره بقوة"، وواصل ليقول: "وحتى عندما بالغ النظام في العداء للشعب السوداني كان محمود وجماعته يدافعون عن سياسات النظام ويسوغون (هكذا في الأصل وأعتقد أن الدكتور بشرى يقصد يسوقون) له المبررات"، إلى أن يقول: "فالفكر الجمهوري لم ير في الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي جرّت البلاد إليها سياسات نميري، لم ير فيها سوى "أزمة أخلاق"، فنجدهم يكتبون في مطبوعاتهم "إن أزمة أمتنا الراهنة هي أزمة أخلاق، فنحن لا ينقصنا التخطيط العلمي ولا الخبرة الفنية ولا الكوادر المؤهلة بقدر ما تنقصنا الأخلاق". ما يُستغرب له أن الدكتور يتبع أسلوباً غير محكم في الإشارة إلى المراجع التي استقى منها المعلومات فنجده يكتب: (الأخوان الجمهوريون: 1982)، وهي إشارة لا تفي بالغرض فالجمهوريون كتبوا عشرات الكتب في العام المشار إليه.
    ولكن، هل حقاً كان الجمهوريون يرون في نظام مايو المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي؟! أنظره يقول: "وقد ظل هذا الفكر يركز على مفهوم أزمة الأخلاق ويوظفها كمنظور في رؤية الواقع السياسي في البلاد، ولعل هذا مما قاد الفكر الجمهوري وقادته ليروا في نظام مايو بكل دكتاتوريته واستبداده المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي". تساءل محمد البشرى في ورقته عن أسباب الكيل بمكيالين من الجمهوريين تجاه نميري والسادات، من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر، إذ – في وجهة نظر بشرى – الجمهوريون يعتبرون عبد الناصر هو المسؤول عن الهزيمة التي لحقت بالعرب في يونيو/حزيران".
    يقول الدكتور: "حاولنا تلمس التأييد المطلق الذي حظي به نميري ونظامه من قبل الفكر الجمهوري"، فهل حقاً كان تأييد الجمهوريين لنميري ونظامه تأييداً مطلقاً من غير قيد أم كان مقيداً؟ أبدى دكتور محمد حيرته "من إهمال أو تجاهل أغلب الكتـّاب الذين عالجوا أمر الفكر الجمهوري لموقف الفكر من نظام جعفر نميري الاستبدادي"، وقال أيضاً: "نادرة جداً المرات التي يقف فيها باحث أو كاتب أمام علاقة الفكر الجمهوري بنظام جعفر نميري القمعي، فهذه العلاقة تطرح الكثير من التساؤلات وأهمها مبررات وقوف مفكر في استنارة محمود مع حاكم مستبد"، والغريب أن كل هذه الحوافز و"المشهيات" المطروحة من قبل أخي وصديقي الدكتور الباحث والبروفسور بشرى لم تـُنهضه للتصدي لهذه المعضلة ليفك شفرتها ويذلل صعابها للمتسائلين والمحتارين، وهو على رأسهم!!. بالرغم من قول البشرى "وإذا كان من الممكن النظر لسلوك المهدي وخليفته في سياق عصرهم وفي ظل الظروف الدولية التي فُرضت على المهدية دولة وثورة، والبحث عن مبررات للسلوك الاستبدادي للحاكم"، لكنه يتجاوز معايير الحكم هذه ولا يستدعيها لمحاكمة الجمهوريين وفق منظورها!!.
    هذه باختصار – أرجو ألا يكون مخلا – الدوافع التي قادتنا للكتابة، وإثارة الموضوع، ومحاولة رفد القارىء العزيز بالمعلومات التي تجلي غامض الموقف، وتقرب إلى الأفهام ما بعُد من تفسيرات ومبررات.

    البحث عن "فولتير" سوداني

    الحاجة إلى "فولتير" سوداني حاجة ملحة وعاجلة، يقول فولتير: "قد لا أتفق مع رأيك ولكنني على استعداد لأن أدفع حياتي رخيصة في سبيل أن تقول رأيك"، ولقد عانى الجمهوريون ولا يزالون في سبيل توصيل فهمهم إلى الناس، ولقد تضافرت جهود كثيرة لحجب وتشويه رأيهم، ليست بغائبة على المراقبين والدارسين، ولقد سعى الجمهوريون طوال حركتهم لبناء رأي ثالث يسعى للحوار وتكون مصلحته الحقيقية في تقويم أركانه وتثبيت أقدامه، فلم لا تكون، عزيزي القارىء، فولتيراً سودانياً؟

    مرافعة أولى
    المناخ السياسي قبيل مجىء مايو (65 – مايو 69)

    أولاً: الأوزان السياسية للأحزاب السودانية

    في أول انتخابات بعد ثورة اكتوبر (انتخابات مايو 65)، نال حزب الأمة 75 مقعداً، والوطني الاتحادي 52 مقعداً، والمستقلون 15 مقعداً (من ضمنهم أحد عشر مقعداً يمثلون الحزب الشيوعي السوداني)، ومؤتمر البجا 10 مقاعد، وجبهة الميثاق الإسلامي 3 مقاعد، وحزب الشعب الديمقراطي (رغم مقاطعته المعلنة للانتخابات) 3 مقاعد، و3 مقاعد فاز بها من ليس لهم انتماء معلن للأحزاب السياسية، وكان العدد الكلي للمقاعد 158 مقعداً من غير دوائر الجنوب.
    في الانتخابات التالية (مايو 68) كان الوزن الحزبي كالآتي: الاتحادي الديمقراطي 101 مقعد، جبهة الجنوب 10 مقاعد، الأمة جناح الصادق 36 مقعداً، الأمة جناح الإمام 30 مقعداً، مستقلون 9 مقاعد، إشتراكيون مقعدان، جبهة الميثاق الإسلامي 3 مقاعد، حزب أمة 5 مقاعد، مؤتمر البجا 3 مقاعد، حزب سانو 15 مقعداً.

    ثانياً: عظم نزاع الفترة

    اتسمت الفترة المشار إليها، بالنزاع الساخن بين دعاة تطبيق ما يسمى بالدستور الإسلامي وبين قوى المجتمع المستنيرة، المقاومة لهذه النزعة المتسارعة والمستغلة للقوى ذات الغلبة العددية في برلمانات تلك الفترة، وتمثلت قوى المقاومة في حركة الأخوان الجمهوريين تحت قيادة الأستاذ محمود محمد طه وقوى اليسار عموماً.
    البداية: تم تشكيل لجنة فنية للدراسات الدستورية في يوم 26 يناير 1966 برئاسة محمد ابراهيم خليل، وزير العدل حينذاك، وعضوية السادة جلال علي لطفي، د. حسن الترابي، د. مدثر عبد الرحيم، مامون سنادة، أحمد متولي العتباني، إبراهيم المفتي، اسحق محمد الخليفة شريف، حسن عمر، نتالي الواك، د. سيد أمين، وقد اعتذر ابراهيم المفتي عن قبول عضوية اللجنة نسبة لأعبائه الوزارية، وفي 11 ديسمبر 1966 أعاد مأمون سنادة، وزير العدل آنذاك، تشكيل اللجنة بإضافة السادة: عبد الماجد أبو حسبو، كمال الدين عباس، اميل قرنفلي، أحمد زين العابدين، د. عقيل أحمد عقيل، وفي 19 فبراير 1967 تم انتخاب د. المبارك الفاضل شداد رئيساً لها.
    أخذت اللجنة الفنية توالي تقديم مذكراتها الفنية فجاءت بالمذكرة رقم (2) عن "الدولة الإسلامية والعلمانية"، وبعد مداولات ومباحثات في أربع جلسات متتالية اتخذت القرار الآتي: "أن يكون دستور السودان مستمداً من مبادىء الإسلام وروحه". في 27 يونيو 1967 بعث عبد الماجد أبو حسبو، وزير العدل في تلك الفترة، بخطاب لأعضاء اللجنة الفنية شاكراً ومقدراً لما بذلوه من جهد، وضمن خطابه قرار مجلس الوزراء الذي يوكل مهمة صياغة قرارات اللجنة القومية لعدد محدود من الأعضاء، وذلك نسبة لاقتراب الموعد المحدد لتقديم مشروع الدستور للجمعية التأسيسية وكانوا هم: مأمون سنادة، أحمد متولي العتباني، د. عقيل أحمد عقيل، نتالي الواك، محمد ابراهيم خليل، د. حسن الترابي، حسن عمر أحمد، وهاشم محمد السيد.
    فرغت اللجنة من اجازة أبواب الدستور في جلستها الختامية رقم (75) بتاريخ 10 يناير 1968 حيث أكملت مشروع الدستور وقدم للجمعية التأسيسية في 15 يناير 1968. قدمت اللجنة الفنية احدى عشرة مذكرة حوت هيكل مشروع الدستور والدستور الإسلامي والدستور غير الديني. حوى الجزء الأول اعتبارات ترجح الدستور غير الديني، والجزء الثاني اعتبارات ترجح الدستور الإسلامي، والجزء الثالث نبذة حول الدستور الإسلامي، والجمهورية البرلمانية والجمهورية الرئاسية، والحكم الاقليمي، والمبادىء الموجهة، والحريات والحقوق الأساسية، والهيئة القضائية، والهيئة التشريعية، ولجنة الانتخابات، وتعديل الدستور، وأخيراً الخدمة المدنية والرقابة الإدارية.

                  

06-29-2016, 07:12 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    يواصل الأستاذ عيسى ابراهيم محمد صالح
    ===
    مرافعة ثانية
    الغلبة لحزبي الأمة والاتحادي

    حاز الحزبان الكبيران "الاتحادي والأمة" على الأغلبية البرلمانية المطلقة، إذ حصلا مجتمعين على 127 مقعداً في انتخابات مايو 65، فإذا أضفنا إليهما مقاعد جبهة الميثاق الإسلامي، الرصيد السلفي الجاهز، تصبح المقاعد 130 مقعداً من أصل 158 مقعداً، باستثناء مقاعد الجنوب، مما شكل نسبة 82% من قوى البرلمان.
    في انتخابات مايو 68، حازت مجموعة الأحزاب التقليدية؛ الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة بجناحيه (الصادق والإمام) وجبهة الميثاق؛ ما مجموعه 175 مقعدا من أصل 211 مقعداً، وهي أغلبية مطلقة شكلت أيضاً آنذاك نسبة 82% من قوى الجمعية التأسيسية. هذه الأغلبية الميكانيكية المرعبة هي التي دارت تحت مظلتها معارك غير متكافئة بين دعاة ما يسمى بالدستور الإسلامي والقوى المعارضة له، وتم بتدبير منها وتحت رايتها حل الحزب الشيوعي السوداني إثر تداعيات ما عرف بقضية معهد المعلمين العالي، وعقدت محاكمة صورية، من محكمة شرعية غير مختصة، للأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين قضت بردة الأستاذ، وهو أمر سنتعرض له لاحقاً.

    أولاً: حل الحزب الشيوعي السوداني

    استغلت جماعة الأخوان المسلمين حادثة ندوة معهد المعلمين العالي (كلية التربية جامعة الخرطوم حالياً) المختلف حول حدوثها بالكيفية المثارة بها، فحركت مجاميع الطلاب وجماهير المساجد في مظاهرات وحشود، وكان لها دور مفصلي – بجانب جماهير الأحزاب الطائفية المحشودة حول مايسمى بالدستور الإسلامي – في حل الحزب الشيوعي السوداني وتعديل الدستور.
    تمت مناقشة أمر تعديل الدستور داخل الجمعية التأسيسية، وأجيز قرار التعديل في 24 نوفمبر 1965، وأدخلت عليه مادة تحرم الترويج والعمل لنشر الأفكار الشيوعية، وكذلك تقرر طرد نواب الحزب الشيوعي السوداني وكان عددهم احد عشر نائباً. وصرح المرحوم عبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب، لوكالة أنباء الخرطوم بأن الأحداث التى أعقبت الندوة تمثل قمة التحضير لضرب الديمقراطية عن طريق تصوير المشكلة كصراع بين الإسلام والإلحاد، وان قرار حل الحزب الشيوعى يمثل خوف الأحزاب الرجعية من نمو حركة المعارضة.
    وعند مرحلة الاستئناف أصدر القاضي صلاح حسن، عضو المحكمة العليا، حكماً ببطلان قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية. علق السيد الصادق المهدي، رئيس مجلس الوزراء آنذاك، على هذا بقوله إن حكم المحكمة حكم تقريري غير ملزم للحكومة، مما شكل وقتها أكبر إهانة للجهاز القضائي، وهذا ما يفسر قدوم بابكر عوض الله، رئيس القضاء في ذلك الحين، في ركب مايو، وهو صاحب الدور المشهود في انجاح ثورة أكتوبر 64.
    أصدر دكتور حسن الترابي، الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامي، كتاباً بعنوان "أضواء على المشكلة الدستورية"، يوافق ويبرر لتعديل الدستور وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه، وقد تصدى له الأستاذ محمود محمد طه في كتاب ذائع الصيت هو "زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1- الثقافة الغربية 2- الإسلام، من كتابه أضواء على المشكلة الدستورية" مفنداً ومدافعاً عن الديمقراطية باعتبار أن المادة التي تم تعديلها هي روح الدستور ولا يمكن تعديلها، إذ في تعديلها تزييف للديمقراطية.
    ونحن الآن لسنا بصدد استعراض الكتابين أو التعرض للأزمة الدستورية الناتجة عن التعديل الدستوري المشار إليه، وإنما نحن حقيقة بصدد استعراض إرهاصات ظهور مايو باستعراض السياق الذي أنتجها، ولمن شاء الاستزادة الاطلاع بتوسع في الكتابين المذكورين، ويمكن قراءة كتاب الأستاذ محمود في موقع الفكرة الجمهورية (http://http://www.alfikra.orgwww.alfikra.org. ولقد وقف الجمهوريون ضد تعديل الدستور وضد طرد النواب دفاعاً عن حق الحرية للجميع الذي بدونه لا يكون دستور، مبينين أن الطائفية، تحت ستار محاربة الشيوعية، تريد أن تُحكم قبضتها على الشعب وتكبت كل صوت حر، مستغلة في ذلك دعوة "الدستور الإسلامي" المزيف.

    ثانياً: محكمة الردة؛ المكيدة السياسية

    قاوم الجمهوريون، بكل سبيل متاح، دعوة ما يسمى بالدستور الإسلامي، وأطلقوا عليه مسمى "الدستور الإسلامي المزيف"، فعقدوا المحاضرات والندوات وأركان النقاش وأقاموا المعارض وأصدروا ووزعوا الكتب بطريقتهم المعهودة في كل مكان، ونظموا الأسابيع لتوعية المواطنين بالحقوق الأساسية، الأمر الذي أزعج الطائفية وربائبها من الأخوان المسلمين. نعى الجمهوريون على الأحزاب السودانية افتقارها لفلسفة حكم، منذ فجرها الباكر، تعصمها من الخطأ، وبرامج تخول لها حكم البلاد، وهي أحزاب طائفية، تكاتفت بُعيد ثورة اكتوبر وسعت بكل سبيل، وعن طريق الترهيب بواسطة جماهير الأنصار، حتى أسقطت حكومة أكتوبر الأولى بقيادة المرحوم سر الختم الخليفة الذي استجاب لضغوطات الطائفية وتقدم باستقالته.

    تآمر جنائي!!

    ضاق السياسيون والسلفيون ذرعاً بالنقد الموضوعي الذي تولاه الجمهوريون وكشفهم زيف الأحزاب السلفية، وها هو المدعي الأول في محكمة الردة، الأمين داوود، ينقل لنا خطاباً من أحد أعضاء مجلس السيادة، الفاضل بشرى المهدي، بتاريخ 3/11/1968، أي قبل أسبوعين من المحكمة، يقول فيه، في دعوة صريحة لإيقاف محاضرات الأستاذ محمود: "وأرجو أن يتخذ الإجراء الرادع ضده"، وتُحدّثنا أيضاً جريدة الرأي العام الصادرة بتاريخ 14/11/1968، أي قبل أربعة أيام من انعقاد محكمة الردة، بالآتي: "وبنفس الوقت جاءنا من وزارة التربية والتعليم أن السيد رئيس مجلس السيادة لم يصدر أية تعليمات لمنع المحاضرة المذكورة، وكل الذي حدث هو أن فضيلة مولانا قاضي قضاة السودان بعث بخطاب إلى السيد رئيس وأعضاء مجلس السيادة، بصورة لوزارة التربية وسلطات الأمن، ينصح فيها بعدم تقديم المحاضرة خشية أن يكون فيها ما يثير المسلمين، وتقول الوزارة إنها اتصلت من جانبها، دون ايعاز من مجلس السيادة الموقر، بالسيد عميد معهد المعلمين العالي لإبلاغ الطلاب مقدمي الندوة، باحتمال إثارة الأمن"، وتمضي الرأي العام لتقول بعد هذا: "ونود أن نؤكد أن العميد بالإنابة قد اجتمع بالطلاب وأبلغهم اعتراض الرئيس الأزهري على المحاضرة، وطلب منهم إلغاءها، وأنهم أصروا على تقديمها، وقدموها بالفعل". في مثل هذا المناخ كانت الدعوة للدستور الإسلامي على أشدها، وكان الإمام الهادي يتحدث في الصحف اليومية عن فرض الدستور الإسلامي بالقوة، وكان الأزهري يتحدث عن جعل القضاء الشرعي فوق القضاء المدني.
    في مثل هذا المناخ من الهوس والتهريج السياسي اتصل الامين داوود، مدعي محكمة الردة الأول، بقاضي القضاة وبقاضي المحكمة العليا، توفيق احمد صديق الذي سينظر الدعوى، ووجد منهم قبولاً وموافقة على رفع الدعوى حسبة، ولقد تحدث الامين داوود عن هذه الاتصالات في كتابه "نقض مفتريات..." صفحة 45 الطبعة الثانية.

    المحكمة المهزلة

    في يوم الاثنين 18 نوفمبر 1968، انعقدت ما سميت بالمحكمة الشرعية العليا لتنظر في دعوى الردة المرفوعة ضد الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري، من الشيخين الامين داوود محمد وحسين محمد زكي، حيث حكمت بالردة على الأستاذ محمود. إن الأخطاء القانونية التي ارتكبتها هذه المحكمة يكاد يخطئها العد، ونورد فيما يلي طائفة منها:

    1. لا توجد محكمة على الاطلاق تملك صلاحية سلب المواطن حقه في الرأي، لا ولا المحكمة العليا نفسها، بل إن المحكمة العليا من أوجب واجباتها حماية هذا الحق، وذلك وفاء للواجب الدستوري الذي ينص على أن المحكمة العليا هي حامية الدستور.
    2. قاضي محكمة الردة استشاره المدعي في رفع الدعوى، ووثق المدعي من وقوف القاضي معه ثم رفع الدعوى بعد ذلك.
    3. قاضي القضاة يؤيد في الصحف اليومية حكماً قد يرفع له في استئناف غداً.
    4. رُفعت الجلسة لمدة ثلث ساعة صدر بعدها أخطر حكم أصدرته محكمة سودانية، وثلث الساعة لا يكفي لمجرد قراءة أقوال المدعيين وأقوال شهودهما، فضلاً عن فحصها وتقييمها ووزن البينات مع مراجعة نصوص القانون، مما يقف حجة قاطعة على أن هذا الحكم قد كان معداً وجاهزاً قبل انعقاد المحكمة.
    5. قبلت المحكمة بيانات سماعية من الشهود، وقد كانت كلها ادعاءات باطلة من خصوم سياسيين.
    6. أورد بعض الشهود نصوصاً من كتب لم ترجع المحكمة للأصل حتى تستوثق من صحة ما عرض لها، وجميع النصوص التي عرضت للمحكمة كانت مبتورة.
    7. صرفت محكمة الردة النظر عن البنود من (ألف إلى زاي)، وهي بنود الآثار المترتبة على حكم الردة، وان صرف المحكمة النظر عن هذه البنود ينهض دليلاً عملياً على أن المحكمة قد واجهها العجز الحقيقي عن تنفيذ آثار الحكم، فكأنها أدركت بلسان حالها أنها غير صاحبة اختصاص.

    الأستاذ محمد إبراهيم خليل من القانونيين السودانيين الذين تقلدوا أرفع المناصب القانونية في البلاد. قال في خطاب للسيد رئيس تحرير صحيفة الأيام بتاريخ 21/11/1968، بعد أن ناقش قانون تأسيس المحاكم الشرعية لعام 1902: "لذلك ترى يا سيدي أنه ليس من اختصاص المحاكم الشرعية في السودان أن تحكم بكفر أحد أو زندقة أحد أو ردته".

                  

06-29-2016, 07:13 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    ويواصل الأستاذ عيسى ابراهيم محمد صالح:
    ===
    مرافعة الأساس
    مايو التوقيت والدلالة

    جاءت مايو كما قلنا ونقول دائماً في ساعة الصفر، وكان الدستور الإسلامي المزيف في طور القراءة الثانية، تمهيداً لإجازته بالأغلبية الميكانيكية (82% من حجم الجمعية التأسيسية) التي تتمتع بها قوى الطائفية وقوى الهوس الديني.
    للجمهوريين رأي سلبي عتيد في الحركة السياسية السودانية، منذ بواكير فجر الاستقلال وإلى يوم الناس هذا، لانعدام المذهبية لديها وفلسفة الحكم والبرنامج المصاحب، والاعتماد على الحشد الطائفي وتجميد وعي الأتباع، ثم سعيها الحثيث، ممثلة في الحزبين الكبيرين وحركة الأخوان المسلمين، إلى محاولة الجمع بين السلطتين الزمنية والروحية بإجازة دستور إسلامي يلتحف قداسة الدين ويهزم حركة الوعي بالكبت والإرهاب، معتمدة على سلطة روحية زائفة يوفرها لها ما يسمى بالدستور الإسلامي، وكان الجمهوريون لهم بالمرصاد كما رأينا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة.
    ولعل مجيء مايو في تلك اللحظة التاريخية الفارقة، هو في حد ذاته أكبر دليل على صدقية ما ذهبنا إليه، وشاهد حقيقي على صحة تحليلنا لتلك الفترة العصيبة (65-69) التي كانت تمر بها البلاد. جاءت مايو بمثابة إنقاذ للبلاد وخروج على الواقع وسلبياته، مدعومة بالشيوعيين، أو على أقل تقدير ملبية لأشواقهم، فالتحقوا بها. شاهد آخر هو ظهور بابكر عوض الله رئيس القضاء السابق في ركب مايو، انتصاراً لما لحق بالهيئة القضائية من ازدراء وتهوين في الفترة المشار إليها إبان تعديل الدستور وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وعدم الانصياع لقرار المحكمة الدستورية الملزم للحكومة.

    لماذا أيد الجمهوريون مايو

    جاء في خاتمة كتاب "زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان..." الذي صدر في أعقاب الأزمة الدستورية قبيل ظهور مايو، قول الأستاذ محمود: "ولكن الله لن يخلي بين هذا البلد وبين مضلليه، فقد عوده الخير وسيصل عادته إن شاء الله"، وكانت الاستجابة سريعة، وحيل بين الطائفية وكراسي الحكم. كتبت مجلة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم تحت عنوان "محمود: كنا أمام خيارين؛ مايو أو الطائفية والهوس الديني.. فارتضينا أخف الضررين"، وجاء سؤال الطلاب للأستاذ: تأييدكم لهذا النظام علي أي أساس كان؟ فأجاب الأستاذ محمود: نحن ما عندنا فرصة لنجد المستوى اللي نحن عايزنو للدعوة للفكرة وكان علينا اختيار أخف الضررين: الطائفيــة أو مــايو.
    أيد الجمهوريون مايو لسبب بديهي، وهو إيقافها للمد الطائفي الذي كاد أن يعزز سلطته الدينية المستولية بالسلطة الزمنية الشاملة، ولذا كان تأييدهم لمايو مبدئياً ثابتاً، لا تمليه رغبة في كسب سياسي، ولا تحركه نزعة للاحتواء والوصاية.

    الجمهوريون؛ سذاجة أم حصافة؟!

    الجمهوريون، على عكس جميع الذين أيدوا مايو، عفُّوا ولم يشتركوا في أجهزة النظام، تشريعية كانت أو سياسية أو تنفيذية، مما قاد مراقبيهم لوصفهم بأنهم "مايويون من منازلهم أو مايويون بالمجاني"، كما هو عند الشاعر المرحوم صلاح أحمد إبراهيم، لأن في عرف هؤلاء المراقبين لابد من جني ثمار التأييد مالاً أو وظيفة أو جاهاً وسلطة. وما دامت السياسة هي فن الممكن فلا يمكن وصف الأستاذ أو الجمهوريين بالسذاجة السياسية لأنهم، كما يقول صلاح فيما أورده عنه محمد المهدي بشرى، ساندوا نظاماً "بانت سوءته وانكشفت عورته واتضح للغاشي والماشي فساده"، إذ في مساندتهم لهذا النظام استقراء حصيف للواقع الذي لا يملكون تغييره، والذي لا يمكن أن ينتج بديلاً أفضل، والبديل الجاهز هو الطائفية التي تراهن على تجميد وعي المواطنين، والهوس الديني الذي نعيش نحن اليوم في براثن إحباطاته، وهو المروض بفعل الزمن.

    هل هناك شبهة عجلة في الحكم على مايو

    مجىء مايو كما قلنا كان استجابة لدعاء الجمهوريين الذي أوردناه قبل قليل، ونزيد القارئ علماً بما حدث في جلسة الجمهوريين لتقييم مايو. بُعيد حلولها بيومين فقط قال الأستاذ محمود:

    "أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية، لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله في حماية الشعب من المؤامرة دي، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر
      لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية، نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين.. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد ايجابي، بل نؤيد تأييد سلبي بمعنى أننا لن نعارضها، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية.. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي إلا إذا تعرضت لمؤامرة الطائفية في الوقت داك نأيدها تأييد ايجابي.. مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية، وبعد أن تؤدي دورها راح تفسد وتكون أخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة فتذهب على أيدينا".

      هل يمكن – عزيزي القارئ – بعد هذا التوافق الواضح بين الفكرة والحدث أن تكون هناك شبهة عجلة في الحكم على مايو لرجل نذر نفسه لإيقاظ الفكر في نفسه وفي من حوله؟!

      الاستبداد بين "الملساء" و"الكوكابا"

      الطرفة تقول: إن درويش المهدية حينما أدرك طريدته المستيقنة من الموت، التفتت إليه مستحلفة له: عليك الله بالملساء.. وللذين لا يعلمون "الملساء" و"الكوكابا" هي حربة ذات رأسين أحدهما "أملس" والآخر "مشرشر". "دَحين" نقول لصديقي دكتور محمد الذي وصف مايو بالاستبداد: الفرق بين استبداد مايو واستبداد الطائفية هو الفرق بين "الملساء والكوكابا" فاستبداد مايو علماني ومقدور عليه من حيث امكانية كشفه بسهولة، أما استبداد الطائفية فيلتحف الدين وكشفه "عويص" في حين أن كلاهما استبداد، فانظر هداك الله..

      بين مايو ومعارضيها

      أورد د. محمد المهدي بشرى نقلاً عن دكتور حيدر إبراهيم علي قوله: "كان الأستاذ محمود ديمقراطياً حقيقياً ينبذ العنف ويسلك سلوكاً إنسانياً راقياً، ولذلك استحق عن جدارة لقب (غاندي السودان) وكان ضد العنف سواء بالفعل أو بالقول".. ونتوكأ على هذه الشهادة في الولوج لمعالجة هذه الفقرة من الكتابة.
      مايو كما هو واضح نظام عسكري استولى على السلطة عن طريق القوة، وجابهته قوى معارضة عن طريق القوة المادية العسكرية، والبداهة تقول إن الغلبة ستكون للأكثر استعداداً للمجابهة. ومايو تصدت لمعارضيها الذين رفعوا في وجهها السلاح، وكل مبررات الجمهوريين التي كانوا يسوقونها لبقاء النظام هو أن البديل الجاهز لمايو هي الطائفية وقوى الهوس الديني، والبديل الغائب هو الوعي الشعبي، الذي اشترى الجمهوريون الزمن لإحداثه.

      الاقتصاد وأزمة الأخلاق

      قدم الجمهوريون الحل الجذري للمشكلة الاقتصادية على المستوى النظري حين دعوا لتطوير التشريع من مستوى آية الزكاة الصغرى "خذ من أموالهم صدقة..." إلى مستوى آية الزكاة الكبرى "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" التي تحت مظلتها يمكن أن يقوم التطبيق الاشتراكي، لتدار موارد الدولة لصالح الكافة، وعلى المستوى العملي قدموا كتابهم "ساووا بين السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغنى". أما الحديث عن الأخلاق فهو الوجه الذي كان يطالعنا آنذاك فنحن حقاً "لا ينقصنا التخطيط العلمي ولا الخبرة الفنية ولا الكوادر المؤهلة بقدر ما تنقصنا الأخلاق"، والجمهوريون لم يغب عن بالهم "الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي جرَّت البلاد إليها سياسات نميري"، فقد نقدوا نظام نميري في حركته الاقتصادية وقدموا له النصح حين قالوا: "وبالطبع هناك الأخطاء التي يتحمل النظام وحده المسؤولية عنها، سواء في التخطيط، أو في التنفيذ، أو في المتابعة.. ومن تلك الأخطاء عدم الترشيد الكافي للصرف على التنمية، وللصرف الجاري، ومنها الصرف على مشروعات عمرانية، ليست تنموية بحتة، أو الصرف على أوجه غير إنتاجية وغير خدمية إطلاقاً".

      الجمهوريون: بين عبد الناصر والسادات

      قدم الأستاذ محمود في كتابه "مشكلة الشرق الأوسط" حلين لمشكلة العرب مع إسرائيل، أحدهما عاجل والآخر آجل، ودعا العرب في الحل العاجل للاعتراف بإسرائيل ومباشرة تفاوضهم معها واستبعاد الوسطاء، وخلاصة الحل الآجل تكمن في نهوض العرب لحمل رسالتهم الأساسية "الإسلام" والعودة إلى "لا إله إلا الله"، ومفارقة الدعوة للقومية العربية، هذا باختصار يكاد يكون مخلاً، لضيق الحيز المتاح، ولمن أراد الشرح والتطويل الرجوع إلى الكتاب المشار إليه في موقع الفكرة الجمهورية (http://http://www.alfikra.orgwww.alfikra.org. تساءل محمد المهدي في ورقته عن الموقف المغاير للجمهورين تجاه عبد الناصر من جهة والسادات من جهة أخرى، واعتبره كيلاً بمكيالين، وهو في حقيقته يتسق مع موقف الجمهوريين المبدئي من مشكلة الشرق الأوسط، فالسادات كان شجاعاً ومتسقاً مع ما طرحه الجمهوريون في الحل العاجل، لذا أيدوه وناصروه، أما عبد الناصر (يرحمه الله) فقد تنحى عن السلطة متحملاً آثام الهزيمة، فما هو الغريب في ذلك؟!
                  

06-29-2016, 07:16 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    ويختم الأستاذ عيسى ابراهيم محمد صالح بـ:
    ===
    تأييد الجمهوريين بين الاطلاق والقيد

    لم يكن تأييد الجمهوريين مطلقاً، كما ادعى صديقي بشرى، وانما كان مقيداً بحيلولتها بين الطائفية وكراسي السلطة، وهو ما نجحت فيه، ثم بسيرها في إتاحة نشر الوعي بين المواطنين، وهو أمر أخفقت فيه ولم تفلح.
    ولكن هل حقاً كان الجمهوريون يرون في نظام مايو المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي؟! انظره يقول: "وقد ظل هذا الفكر يركز على مفهوم أزمة الأخلاق ويوظفها كمنظور في رؤية الواقع السياسي في البلاد، ولعل هذا مما قاد الفكر الجمهوري وقادته ليروا في نظام مايو بكل دكتاتوريته واستبداده المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي". لقد أيد الجمهوريون نظام مايو كنظام مرحلي، للاعتبارات التي ذكرناها.. ومايو بالطبع لا تمثل رأيهم، فرأيهم معروف. قال الجمهوريون لنظام مايو، كتابة، في كتاب وزع على الشعب أنه نظام مرحلي، ومما جاء في ذلك "اننا نرى أن "ثورة مايو" مهما قيل عن حسناتها، ومهما عددنا من إنجازاتها، فهي حركة مرحلية، نرجو أن يخرج الشعب، بفضل الله، ثم بفضل إنجازاتها في محاربة الطائفية وفساد الإدارة الأهلية، وما تبعها من انجازات الوحدة الوطنية بالجنوب، وتعمير البلاد بحركة التنمية، نرجو أن يخرج الشعب بعد كل أولئك الى رحاب الديمقراطية الواسعة فينخرط "رجال مايو" مع الشعب في وحدة وطنية شاملة، بعد ان أدوا دورهم في المرحلة".

    تساؤل

    قد يتبادر إلى الذهن سؤال، بل لا بد أن يتبادر؛ وهو "ما هو حصاد الجمهوريين في مجال التغيير، بعد الفداء العظيم، هل ذهب الفداء سُدًى؟!"، خاصة والجمهوريون يقولون إن الله استجاب لدعائهم، "ولكن الله لن يخلي بين هذا البلد وبين مضلليه، فقد عوده الخير وسيصل عادته إن شاء الله"، ونحن نرى الحركة الإسلامية وهي تقبض على مفاصل السلطة الآن؟!
    الاجابة تقرب أن تكون بديهية، فقد راهن الجمهوريون على الزمن الذي يغير كل شيء، وها هي الحركة الإسلامية تفرض دستورها لعام 98 وقد خالفت فيه صريح الشريعة الإسلامية، حيث رفعت الحرج عن الدستور باسقاط شرطي الإسلام والذكورة عن المرشحين لرئاسة الجمهورية، واعتماد المواطنة معياراً للحقوق والواجبات، رغم اعتراض اللجنة القومية للدستور بقيادة خلف الله الرشيد، رئيس القضاء السابق، على النص المجاز من قبل المجلس الوطني والذي استخدم كلمة "فقط" في النص، ويعتقدون أن المجلس يعني كلمة "قط"، وكلا النصين يوافق رأي الجمهوريين في تطوير التشريع الإسلامي!..
    وأخيرا.. نضع القلم وفي النفس شىءٌ من حتى، لاتساع الموضوع وتشعبه من جهة، ثم لغزارة المعلومات المتوافرة من جهة أخرى، ولضيق الحيز المتاح، ولاعتقادنا أن ما قيل فيه غنى للقانع، وفيه للمستزيد وقود للتفكير، والله المستعان وعليه التكلان.
    ===
    إنته حلقات الأستاذ عيسى ابراهيم محمد صالح
    تليها 4 مقالاات كتبها الأخ د. عمر القراي وهي موجودة بموقع الفكرة أيضا
                  

06-29-2016, 07:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)


    الجمهوريون ومايو (1 - 4)
    في التعقيب على مقال د. محمد المهدي بشرى (المثقف والسلطة: مصائر فاجعة)


    د. عمر القراي

    الجمهوريون ومايو (1-4)

    (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
    صدق الله العظيم

    د.عمر القراي
    لم أطلع على أوراق المؤتمر العام الثاني لاتحاد الكتاب السودانيين، وإن كنت صديقاً لعدد منهم، اعتز بصداقتهم، ومعرفتهم خلال سنوات الدراسة، ورفقة المشاركات المستمرة، في الحراك الثقافي والفكري، في شتى المنابر العامة.. ولعلها مناسبة لأشكر اتحاد الكتاب، في إحياء الذكرى الثالثة والعشرين لاستشهار الاستاذ محمود محمد طه، والتي أقاموها مشكورين، بمركز عبد الكريم ميرغني بام درمان، وألقى فيها د. محمد جلال كلمة ضافية، تنضح وفاء ومحبة. كنت، وفي ذهني هذه المواقف، اتوقع ان تكون الأوراق التي تناولها المؤتمر العام لإتحاد الكتاب، عميقة، وصادقة، وعلمية، وذات إدراك دقيق، لكثير من إشكالات، واقعنا الاجتماعي والسياسي.. ولكني، وانا اطالع ما نقلته لنا صحيفة السوداني الغراء، في عددها رقم 776 بتاريخ 11يناير 2008م، في سلسلة "المثقف والسلطة" خاصة الجزء الذي يتحدث عن الاستاذ محمود محمد طه، قد اصبت بخيبة أمل في اتحاد الكتاب السودانيين!! فعلى الرغم من انني لا اجنح للتعميم، واعرف ان كاتباً واحداً مهما كان نشاطه، يجب الا يصم انتاجه مجموعة من الكتاب، ربما اختلف معه سائرهم، واتفقوا على سطحية طرحه، الا انني ارى ان الكتابة ليست تنطعاً أجوفاً، عجولاً، وإنما هي مسئولية. ولعل شرف الكلمة، يضع كل اعضاء اتحاد الكتاب، في موقف يستلزم منهم درء مغبة هذا العمل، وذلك بتصديهم لنقد هذه الكتابات غير الموضوعية، والتي تحط من قدر اتحادهم!!
    قبل التعليق على مقال د. محمد المهدي بشرى، عن علاقة الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين بنظام مايو، أود أن أشير لظاهرة عامة، غلبت على المقال، وهي التكرار الذي يظهر الكاتب بمظهر الحانق، المتعصب، بدلاً من المحلل الموضوعي المحايد، الذي يشغله التحليل العميق، عن التكرار الممجوح.. فقد كتب د. محمد المهدي (ومن أسف فان محمود برغم افكاره النيّرة المنحازة للديمقراطية والعدالة.. فقد وقف الى جانبه سلطة نميري وناصره بقوة) وكتب أيضاً (ومن الغريب حقاً انه برغم التأييد المطلق الذي وجده النميري بدكتاتوريته من محمود وجماعته) ثم كتب (حاولنا تلمس التأييد المطلق الذي حظي به نميري ونظامه من قبل الفكر الجمهوري) وأيضاً (وقف هذا الفكر مسانداً ومؤيداً هذا النظام بل والتبرير لعسف النظام وبطشه بالشعب) كما كتب أيضاً (ومن أسف أن مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن حزبه يقفان وقفة المؤيد بل المدافع عن نظام استبدادي قمعي) وكتب (وقوف مفكر في استنارة محمود مع حاكم مستبد) وأيضاً (وقوف الحزب الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل أحزاب الشعب السوداني)!! ولقد كان يكفي الكاتب الموضوعي، واحدة من هذه العبارات، ليوصل المعنى الذي يريده للقارئ، وهو ان الجمهوريين أيدوا نظاماً دكتاتوراً مستبداً، مما يناقض دعوتهم للحرية والديمقراطية. ثم بعد ذلك ينفذ الى التحليل، الذي يفسر به هذه الظاهرة، التي استعصت عليه، وعلى غيره من المثقفين. بدلاً من تكرار نفس المعنى، أكثر من ست مرات، في مقال واحد، الأمر الذي يدل على قصورٍ مزرٍ في هيكل المقال، دع عنك المحتوى، الذي أرجو الله ان أتمكن من إظهار سحطيته في الحلقات القادمة.
    ومن عجب ان الذين نقدوا موقف الاستاذ محمود من نظام مايو، شهدوا للأستاذ بالشجاعة والثبات على المبدأ، كما شهدوا له بالزهد في دنيا الناس.. فقد كتب د. محمد المهدي بشرى نفسه ما يلي (كل هذا بالطبع لا يقدح من قيمة استشهاد محمود موقفه الشجاع في خاتمة حياته وهو الشيخ الذي ناهز السبعين فقد دافع عما يراه صواباً ولم يساوم، وبهذا يكون محمود قد قدم نموذجاً للمفكر الشجاع الذي دفع حياته ثمناً لفكره).. وكتبت الأستاذة رشا عوض عبد الله، الكاتبة النابهة، وعضوة حزب الامة النشطة (فالأستاذ محمود لم يرفع سلاحاً ولم يسفك دماً في معارك الصراع على السلطة والثروة فهو العابد الزاهد القانع من كل زينة الدنيا وزخرفها ببيت (الجالوص) و(عنقريب الحبل) و(الكسرة بالويكة) والذي قاده الى حبل المشنقة هو مجاهرته بأفكاره التي توصل اليها بادائه لفريضة التفكير الحر المستقل من المسلمات الموروثة) الى أن تقول (ويجب ان تشمل المراجعة النقدية الجميع ولا تستثني أياً من التيارات الفكرية والسياسية بمن في ذلك الجمهوريون أنفسهم فقد وقعوا في خطأ تاريخي عندما أيدوا (ثورة مايو) في بداية عهدها، وهو خطأ لا يحتمل التبرير فثورة مايو التي اعتقد الجمهوريون وعلى رأسهم الأستاذ أنها خطوة الى الأمام فأثبتت التجربة العملية أنها أخصب أرضية لازدهار الهوس هي أرضية الاستبداد وهذا النقد لا ينتقص من قدر الأستاذ وجماعته فلا وجود في هذه الدنيا لتجربة إنسانية كاملة ومبرأة من كل عيب) (رشا عوض: السوداني 19/1/2008م).
    فإذا كان الأستاذ بشهادة هؤلاء الكتاب، والمئات الذين شهدوا تنفيذ الإعدام بساحة سجن كوبر العمومي، لا يخشى الموت، وهو آخر ما يخافه الناس، فيضطرهم للمداهنة، والكذب والنفاق، والتملق.. وإذا كان يعيش حياة من الزهد، والبساطة، لم تتأت لغيره من أوائل الخريجين، وصفتها الأستاذة رشا، في عباراتها المشرقة، فلا تغريه المناصب والأموال، وهو عملياً لم يتطلع إليها، ولم يحصل عليها، فقد شهد له نقاده، بالبراءة من الخوف، والطمع..
    لماذا يؤيد رجل حر من الخوف والطمع، نظاماً دكتاتورياً مستبداً، مثل نظام مايو؟1 هل يعقل – إذا كان الأمر كذلك – ألا يشعر مفكر في قامة الأستاذ محمود محمد طه، ذكر ان غاية الدين إنجاب الفرد الحر، بالتناقض، وهو يؤيد نظام دكتاتوري مقيد للحريات؟! أليست هذه الظاهرة، تدعو للتأمل، والتأني، بدلاً من المجازفة بالرأي الفطير، دون تبصر، كما فعل د. محمد المهدي بشرى، وتبعته الأستاذة رشا عوض؟! أما كان الأجدر مراجعة الكتيبات، التي أصدرها الجمهوريون، خاصة كتاب (لماذا نؤيد سلطة مايو؟!) ومناقشة ما أثاروه من حجج، والحكم عليها، في وقتها، وما إذا كانت تبرر موقفهم أم لا؟!
    إن تاريخ الأستاذ محمود محمد طه، في مصادمة الاستعمار الانجليزي المصري، والذي جعله أول سجين سياسي، في مقتبل الحركة الوطنية، ومواجهته الصارمة للطائفية، ودعاة الهوس الديني، في علم، وجرأة، وصمامة لا نظير لها، وكتابته لأكثر من ثلاثين كتاباً، في أصول المعرفة، يمكن أن تجعله الأب الروحي لاتحاد الكتاب، كان من المفترض ان تجعل من يختلف معه، في موقفه من نظام مايو، خاصة اذا كان عضواً في اتحاد الكتاب، ان يتريث قبل الحكم عليه، وان يتأنى قبل ان يحاول الغاء هذا التاريخ الناصع بجرة قلم.. ولكن د. محمد المهدي بشرى، قد أعجل نفسه وقراءه، ولم يطلع بقدر كافٍ، يؤهله لتقييم هذا الموقف، ولم ينظر للموضوع في إطاره الظرفي التاريخي، ولم يقارن مايو ببدائلها في ذلك الوقت، وإنما اكتفى بتكرار العبارات التي أشرنا إليها آنفاً.
    بل إن د. محمد المهدي بشرى، يعجب لماذا لم يتناول الكتاب، موقف الجمهوريين من مايو فيقول (يحار المرء حقاً من إهمال أو تجاهل أغلب الكتاب الذين عالجوا أمر الفكر الجمهوري لموقف الفكر من نظام جعفر نميري الاستبدادي).. والحق ان كثيراً منهم تناول الموقف، ولقد ذكر هو بعضهم، ولكنهم لم يتناولوه بالحدة التي أبداها، ولهذا لم يعتبر تناولهم، لأنهم قد اختلف معه!! ولهذا يقول عن تناول كاتب أطول باعاً، وارسخ قدماً، مثل د. عبد الله بولا (والدراسات التي أشارت لهذه العلاقة لم تعالجها بعمق ففي دراسته عن ملامح التجديد في الفكر الجمهوري يشير بولا على استحياء للعلاقة..)
    ودراسة د. عبد الله بولا، لم تكن عن التجديد في الفكر الجمهوري، وإنما كانت عن التجديد في الفكر الاسلامي، والذي اعتبر بولا الفكر الجمهوري اعظم نماذجه. ومع ذلك، كان يمكن ان نواجه ما قاله بولا، عن علاقة الفكر الجمهوري بنظام مايو، لولا انه لم يقف عندها، مثلما وقف عند ايجابية موقف، وفكر الأستاذ محمود، فبعد أن أورد حديث الأستاذ في المحكمة قال (كان هذا حديث الرجل إلى المحكمة التي كان يعلم أنها أضمرت قتله أو إذلاله بالتراجع عن آرائه ، حديث رجل صلت على عنقه سيف مديد طوله ألف وثلاثمائة عام ونيف، فما زاغ بصره وما طغى، ولا أقول لم يرمش له طرف، بل لم تهتز منه ظل خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن:
    وقد كان فوت الموت سهلاً فساقه إليه الحفاظ المر والخلق الوعر
    وأمام المشنقة ثانياً: فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وأزاحوا غطاء الرعب عن وجهه الوضئ، وجدوا رجلاً يبتسم لا ساخراً ولا مستهزئاً بالموت، بل موقناً بالفداء الكبير، مطمئناً الى اختيار ربه، منسجماً حتى النهاية مع منطقه التوحيدي، وهذا أقصى ما يصل اليه الصدق. وهكذا فقد مضى (الى الخلود بطلاً ورائداً وقائداً رعيل الشهداء ورمز إيمان جديد بالفداء.. وبالوطن). أقول هذا وأنا جد قلق مستوحش من أن اكون قد أسأت الوقوف في حضرة هذا الشيخ الجليل) (د. عبد الله بولا 1996) محاولة للتعريف بمساهمة الاستاذ محمود محمد طه في حركة التجديد في الفكر الإسلامي. مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان – رواق عربي اكتوبر ص 54-46).
    إن ما جعل د. بولا، وأمثاله، من كبار النقاد، يقفون بحذر، وأدب، وهم يتناولون هذا الموضوع، مما تعجب له الكاتب، هو دقة الأمر، وعمقه، وغياب تفاصيله عن الكثيرين، وهو ما لم يراعه د. بشرى، فإقتحم الأمر بلا دراية، وسقط فيه بلا تأن، ولم يزد على أن اعطانا فرصة للتوضيح، فخدم بذلك الفكرة، من حيث لا يشعر.
                  

06-29-2016, 07:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)


    الجمهوريون ومايو (2-4)

    تعقيب على د. محمد المهدي بشرى

    د. عمر القراي


    الوضع السياسي قبل مايو

    يقول د. محمد المهدي بشرى (ومن أسف أن محمود برغم أفكاره النيرة المنحازة للديمقراطية والعدالة لكنه تعجل النظر في الحكم على سلطة مايو الاستبدادية فقد وقف إلى جانب النميري وناصره بقوة) (السوداني 11/1/2008م) . فهل حقاً استعجل الأستاذ محمود حين أيد مايو ؟! أم انه درس الوضع السياسي قبل مايو، وطرح آراءه لعلاجه، قبلها بكثير، ولما جاءت مؤيدة لما سبق ان قرره، وعمل له، أيدها، في معنى ما أيد برنامجه الأصلي، الذي طرح قبلها ؟!.
    لقد درج الجمهوريون، منذ نشأتهم، على مصادمة الاستعمار، ونقد الطائفية لتجميدها وعي الشعب، وعجزها عن مواجهة أعدائه، مما شل الحركة الوطنية .. ولقد اعتبر الاستاذ محمود محمد طه الطائفية، منذ ذلك الوقت المبكر، خطراً حقيقياً يهدد قضية الاستقلال والحرية، وقال قولته المشهورة (قد يخرج الانجليز اليوم او غداً ثم لا نجد انفسنا أحراراً ولا مستقلين) !! وبعد الاستقلال، واصل الحزب الجمهوري الدفاع عن قضايا الدستور، والديمقراطية، والحريات العامة .
    ولقد كتب الأستاذ يصف الوضع قبل مجئ مايو (فقد كانت أحزابنا السياسية طائفية الولاء، طائفية الممارسة، فهي لم تكن تملك مذهبية في الحكم .. والطائفية نقيض الديمقراطية .. ففي حين تقوم الديمقراطية على توسيع وعي المواطنين، تقوم الطائفية على تجميد وعيهم .. وفي حين ان الديمقراطية في خدمة مصلحة الشعب، فان الطائفية في خدمة مصلحتها، هي، ضد مصلحة الشعب .. ومن هنا جاء فساد الحكم النيابي الأول عندنا .. فكانت أصوات الناخبين توجه بالإشارة من زعيم الطائفة، كما كانت تشترى ! وكان النواب يشترون أيضاً ! وذلك في جو من الصراع الحزبي الطاحن على السلطة أدى إلى تهديد سيادة البلاد، واستقلالها .. فكانت الحكومة ائتلافية بين حزب الأمة، وحزب الشعب – حزبي الطائفتين ذواتي الخصومة التقليدية، طائفة الأنصار، وطائفة الختمية .. ودخلت البلاد في أزمة سياسية من جراء عدم الانسجام في الوزارة، وبروز الاتجاه للالتقاء بين الحزب الوطني الاتحادي، الذي كان في المعارضة، وحزب الشعب عن طريق وساطة مصر .. فسافر رئيسا الحزبين، السيد إسماعيل الأزهري، والسيد علي عبد الرحمن، إلى مصر لهذا الغرض .. ولقد نسب لرئيس الوطني الاتحادي تصريح، بمصر، يعترف فيه باتفاقية 1929م التي كانت حكومة السودان الشرعية قد ألغتها " وهي الاتفاقية التي أبرمت في الماضي بين دولتي الحكم الثنائي بريطانيا ومصر بينما كان السودان غائباً تحت الاستعمار، فأعطت السودان نصيباً مجحفاً من مياه النيل بالنسبة لنصيب مصر " . وكان ذلك الاعتراف بالاتفاقية بمثابة مساومة مع مصر لتعين الحزب على العودة إلى الحكم .. كما صرح السيد رئيس حزب الشعب، بمصر، بان حزبه يقف في المعارضة ! " أنباء السودان 15/11/1958م – الرأي العام 9/11/1958م"
    في هذا الجو السياسي الذي يتهدد استقلال البلاد، وسيادتها، بالتدخل الأجنبي، سلم السيد عبد الله خليل رئيس الوزراء السلطة للجيش .. " إبراهيم محمد حاج : التجربة الديمقراطية وتطور الحكم في السودان" . فكان انقلاب 17 نوفمبر 58 بمثابة إنقاذ للبلاد .. وحكم الحكم العسكري لست سنوات، صادر فيها الحريات الديمقراطية .. وبرغم انه حقق شيئاً من التنمية الاقتصادية، إلا انه آل إلى صور من العجز عن الإصلاح، ومن الفساد، أدت إلى قيام ثورة أكتوبر 1964م ..
    ولقد تمثل في تلك الثورة الشعبية، السلمية، إجماع الشعب السوداني الكامل على الرغبة في التغيير .. تخطى الشعب الو لاءات الطائفية وهو ينادي بعدم العودة لماضي الحزبية الطائفية .. ولكن سرعان ما أجهضت الأحزاب الطائفية تلك الثورة، وصفت مكتسباتها . فقد ضغطت، بالإرهاب السياسي، على رئيس حكومة أكتوبر الثورية حتى استقال، وشكل حكومة حزبية برئاسته .. ثم عادت الأحزاب الطائفية للسلطة عن طريق الأغلبية الميكانيكية الطائفية في الانتخابات .. وقامت حكومة ائتلافية من حزب الأمة والوطني الاتحادي .. وتعرضت الديمقراطية، في هذه التجربة النيابية الثانية، لأسوأ صور المسخ، علاوة على المسخ الذي تعرضت له الديمقراطية من جراء فساد القلة، ومن جراء قصور وعي الشعب .. فقد عدّل الدستور مرتين للتمكين للحكم الطائفي من الاستمرار : مرة ليتمكن أزهري ليكون رئيساً دائماً لمجلس السيادة، في إطار الاتفاق بين الحزبين على اقتسام السلطة .. ومرة أخرى لحل الحزب الشيوعي، وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية .. فقد عدلت الجمعية التأسيسية المادة 5/2 من الدستور، والتي تعد بمثابة روح الدستور .. وهي المادة التي تنص على الحقوق الأساسية كحق التنظيم وحق التعبير .. ولما حكمت المحكمة العليا بعدم دستورية ذلك التعديل " مجلة الأحكام القضائية 1968م" أعلن رئيس الوزراء، آنذاك، السيد الصادق المهدي " ان الحكومة غير ملزمة بان تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية " الرأي العام 13/7/1966م" .. فتعرض القضاء السوداني بذلك لصورة من التحقير لم يتعرض لها في تاريخه قط ! ولما رفعت الهيئة القضائية مذكرة الى مجلس السيادة تطلب فيها تصحيح الوضع بما يعيد للهيئة مكانتها " الرأي العام 27/12/1966م" وصف مجلس السيادة حكم المحكمة العليا بالخطأ القانوني " الأيام 20/4/1967م" فاستقال رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله، وقد جاء في استقالته: "إنني لم أشهد في كل حياتي القضائية اتجاهاً نحو التحقير من شأن القضاء، والنيل من استقلاله كما أرى اليوم .. إنني أعلم بكل أسف تلك الاتجاهات الخطيرة عند قادة الحكم اليوم، لا للحد من سلطات القضاء في الدستور فحسب، بل لوضعه تحت إشراف الهيئة التنفيذية " الكتاب المشار إليه آنفاً " .. هذه صورة لفشل التجربة الديمقراطية النيابية في بلادنا، مما حولها الى دكتاتورية مدنية فهددت الاستقرار السياسي، حتى جاءت مايو بمثابة إنقاذ للبلاد !) ( محمود محمد طه : ديباجة الدستور 1984م) . وبدلاً من ان يقف د. بشرى امام هذا التحليل فيرفضه أو يقبله تركه جانباً وذهب يقول (من أسف ان مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن حزبه يقفان وقفة المؤيد بل والمدافع عن نظام استبدادي قمعي وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري وعلى انقاض نظام ديمقراطي) .. فهل حقاً كان النظام قبل مايو ديمقراطياً ؟! وهل كان من الممكن لشخص كان ينسب الى اليسار يعرف ما ذكره الاستاذ اعلاه عن قضية حل الحزب الشيوعي ان يعتبر ذلك العهد ديمقراطياً لو نظر الى الموضوع بحياد ؟!.


    الدكتاتورية المدنية

    لقد كانت التجربة السياسية، قبيل مايو، مؤوفة بآفات كبيرة، حولتها إلى دكتاتورية مدنية، تتحالف فيها الطائفية، مع جبهة الميثاق الإسلامي، وترفع فيها شعارات إسلامية، بغرض السيطرة على الحكم .. وحين قاوم الأستاذ محمود، تزييف الديمقراطية، بسلسلة من المحاضرات، تحت عنوان " مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني "، سعت الطائفية والجماعات الإسلامية،إلى إسكات صوت الجمهوريين، بما عرف بمحكمة الردّة، التي حكمت بردة الأستاذ محمود، وإغلاق دور حزبه، ومصادرة كتبه .. ولكن محكمة الردّة فشلت، ولهذا سعت الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي لطرح الدستور الإسلامي، حتى يتمكنوا من إسكات صوت معارضيهم باسم الدين .. وفي عام 1969 م كان الدستور الإسلامي، مطروحاً للقراءة الثانية، في الجمعية التأسيسية.. وكانت لجنة الدستور، في مداولاتها، شديدة الجهل، شديدة التخلف، حتى أنها ذكرت إقصاء كلمتي ديمقراطية، واشتراكية، لانهما (لم يردا في الكتاب والسنة) !! يحدث هذا في النظام الذي سماه د. بشرى نظاماً ديمقراطياً!!
    في ذلك الوقت، ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي، يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور، فان الأنصار سيجيزونه بحد السيف .. في هذه الظروف التي تتهدد البلاد، بتحول النظام البرلماني المتعثر، إلى دكتاتورية دينية، تفرض دستوراً متخلفاً، يهدف إلى تصفية خصوم الطائفية، وحلفائها في جبهة الميثاق الإسلامي، وقع انقلاب مايو 69، لهذا اعتبره الاستاذ محمود إنقاذاً للبلاد !! فقد أوقف مؤامرة الدستور الإسلامي في الجمعية، ومحاولة فرضها بالسلاح، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا، ثم انه افلح في إيقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955م بين الشمال والجنوب، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن إيقافها . أخلص من هذا إلى حقيقتين في غاية الأهمية: أولهما أن الجمهوريين، كانوا قبل مايو، يطالبون بإيقاف الدستور الإسلامي، وإيقاف حرب الجنوب، وإبعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وأيدت، عملياً، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ، حتى بعد أن تنصل عنها نميري، واخذ يهدم فيها ابتداءً بالتحالف مع الطائفية والأخوان المسلمين، وانتهاء بإشعال حرب الجنوب، وإعلان الدستور الإسلامي، مرة أخرى .. وثانيهما ان مايو كانقلاب عسكري، لا يقوم على فكرة، لم يكن من الممكن للجمهوريين تأييده، وإنما كان موقفهم في البداية التأييد السلبي، أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة، حتى لا يسقط النظام، الذي كان بديله الجاهز أسوأ منه بكثير .. ولقد قرروا ذلك، في اجتماعهم لتقييم مايو، بعد يومين فقط من قيامها، وكان مما سجل في ذلك الاجتماع، الذي عقد بمدينة ودمدني، قول الأستاذ محمود ( أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني، ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية .. لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله، في حماية الشعب من المؤامرة دي، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر، للحيلولة بين الشعب السوداني وبين مؤامرة الطائفية .. لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية .. نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين .. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد إيجابي، بل نؤيدا تأييد سلبي، بمعنى اننا لن نعارضا، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية، ولو عادت الطائفية ستعود طائفية كلوب .. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي، الا اذا تعرضت لمؤامرة الطائفية، في الوقت داك، نايِّدها تأييد ايجابي ... مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية، وبعد ان تؤدي دورها راح تفسد، وتكون اخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة، فتذهب على أيدينا ) !!.
    وكان لابد ان يعترض التحالف بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، على حكومة مايو، التي أجهضت برنامجهم .. ولم يتحركوا في اتجاه التوعية، أو الدعوة إلى المقاومة السلمية، أو العصيان المدني، وإنما اتجهوا إلى جمع السلاح، وبدأوا تدريب الأنصار، بواسطة أعضاء جبهة الميثاق، من أمثال المرحوم محمد صالح عمر.. ولقد حاول النظام تجنب المصادمة، وأرسل إليهم القائد أبو الدهب يحمل رسالة للتفاوض، لكنهم جلدوه، وأرسلوه في رسالة واضحة، إلى الحكومة ترفض التفاوض، وترفض دخول رموز الحكومة، إلى جزء من أجزاء الوطن .. فكان لابد من المواجهة المسلحة، ولقد كانت الحكومة أمضى سلاحاً فانتصرت .. ولقد تكونت جبهة للمعارضة، جمعت بين الأحزاب التقليدية، وجبهة الميثاق الإسلامي، وبدأت تعارض من الخارج، ثم قررت غزو السودان وإسقاط النظام في عام 1976!! ولم يكن من المحتمل، أن يواجههم النظام بغير السلاح، فدحر الغزو.
    لقد أيد الجمهوريون مايو، لأنها حالت بين الشعب وبين الطائفية والاخوان المسلمين من جهة، وبين الشعب وبين الشيوعية من الجهة الاخرى، وليس لأنها النظام الأمثل.

                  

06-29-2016, 07:26 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    الجمهوريون ومايو (3-4)

    د. عمر القراي


    والشيوعيون أيضاً

    يقول د. محمد المهدي بشرى (وحتى عندما بالغ النظام في العداء للشعب السوداني كان محمود وجماعته يدافعون عن سياسات النظام ويسوِّغون لها المبررات) والحق ان تأييد الجمهوريين لنظام مايو، انما كان من أجل الشعب، وخوفهم عليه من تسلط الشيوعيين، مثلما خافوا عليه من تسلط الطائفية والجماعات الاسلامية.
    منذ منتصف الخمسينيات، وحتى أواخر الستينيات، كانت الحركة الشيوعية العالمية على أشدها، وكان الاتحاد السوفيتي، لا يتردد في احتلال الدول، وضمها عنوة الى المعسكر الشرقي .. فدخل المجر في الخمسينيات، واحتل تشيكوسلفاكيا في الستينيات، ولم تستطع معظم الاحزاب الشيوعية، بما فيها الحزب الشيوعي السوداني- وهي تزعم انها تدافع عن الشعوب المضطهدة - إدانة الاتحاد السوفيتي، وهو يعيد الاستعمار القديم، تحت شعارات الحداثة والتقدم .. ولقد كان الجمهوريون، على وعي بمخطط الشيوعية الدولية، وخطرها على الشعوب، ولقد نبهوا لذلك في عديد الكتيبات، التي كانوا يوزعونها بأنفسهم ويحاورون الناس حولها، ومن ذلك مثلاً (استراتيجية السياسة السوفيتية في المنطقة العربية الافريقية : 1- السيطرة على منطقة النفط في الشرق الأوسط بإحاطتها، مرحلياً، بمناطق نفوذ سوفيتية " افغانستان، اليمن الجنوبية، العراق، سوريا، اثيوبيا، ليبيا " .. وتشير مصادر اقتصادية الى توقع اشتداد أزمة البترول في الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات حيث سيضطر للإعتماد، في سد احتياجاته منه، على استيراده من الخارج .. 2- السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية .. فالوجود السوفيتي الكثيف في اثيوبيا وعدن يقوي من مركزه في المحيط الهندي، وسيطرته على مداخل البحر الأحمر، ويسعى الى اقامة قواعد بحرية على ساحل البحر الأحمر الغربي، ويركز على الدول التي تقع في الشريط الساحلي لشرقي وغربي افريقيا ..فهذه الممرات المائية هي طريق المواد الخام الاستراتيجية وامدادات البترول الى المعسكر الغربي 3- السيطرة على موارد المواد الخام في افريقيا، مما يخلق به ازمة حادة في المعسكر الغربي، ويقوض دعائم اقتصاده . هذه هي الخطوط العريضة للاستراتيجية السوفيتية في المنطقة العربية الأفريقية، وهي التي تفسر تحرك الدول العربية والأفريقية الدائرة في الفلك السوفيتي لتغيير الأوضاع في الدول المجاورة لها لمصلحة هذه الاستراتيجية السوفيتية " حرب عدن ضد اليمن الشمالية، وحرب منقستو ضد الصومال، وحربه ضد الثورة الارترية، وتحرشات القذافي العسكرية بمصر، وتورطه مع المعارضة السودانية في عملية الغزو الأخير على السودان " )( الاخوان الجمهوريون: لماذا نؤيد سلطة مايو؟؟ الخرطوم 1979م).
    وبسبب مثل هذه المخططات، استطاعت الشيوعية الدولية، ان تحتوي معظم حركات التحرر الوطني في افريقيا، ومعظم الانقلابات العسكرية، في العالم العربي في الستينيات، ومن اجل وضع السودان الاستراتيجي، بين العالمين العربي والأفريقي، فان مخطط الشيوعية الدولية كان يتهدده .. أما في الداخل، فقد حاول الشيوعيون منذ البداية أحتواء نظام مايو، لانه قد جاء في الاساس لاحباط مؤامرة (اليمين الرجعي) .. وفي ظل التأثر بالشيوعيين، مارس النظام دكتاتورية عقائدية متطرفة .. وادخل مبدأ (التطهير) للخصوم السياسيين من الخدمة المدنية، وهو ما تضرر منه الشيوعيون وغيرهم حين طبقه الاخوان المسلمون، مؤخراً، وسموه (الصالح العام) .. وفي اطار التطهير طرد أكثر من ثلاثين من اساتذه جامعة الخرطوم مِنْ مَنْ عرفوا بخلافهم مع الشيوعيين .. ورغم ارتباط الحزب الشيوعي بالحركة النقابية، ودفاعه عنها، حلت الحكومة ممثلة في وزير العمل آنذاك الاستاذ فاروق ابو عيسى جميع النقابات !! وشهدت الحركة الطلابية التي كانت في ذلك الوقت القلب النابض للشعب، هجمة شيوعية شرسة اذ حل اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الذي كان يتكون من عدة اتجاهات سياسية، وعينت بدلاً عنه "سكرتارية الجبهات التقدمية"، التي جمدت النشاط الطلابي، واصبحت تدير شؤون الطلاب كلجنة خدمات.. وحين قاوم الطلاب هذا الاتجاه الاستبدادي، وتظاهروا ضده، واعتصموا بالجامعة، لم يتردد نظام مايو، الذي يوجهه الشيوعيون، في التهديد بضرب الجامعة عن طريق الجيش، لأول مرة في تاريخ السودان .. وجاء ابو القاسم محمد ابراهيم، على رأس دبابة مصوبة نحو الطلاب، وهم يهتفون ضد الحكومة داخل الجامعة .. ومن عجب ان هذا التدخل المعادي للديمقراطية، ولمصالح الطلاب، كان يجد السند من الشيوعيين، الذين كانوا خارج اسوار الجامعة يهتفون (اضرب اضرب يا ابو القاسم) !! وفي تبرير هذا الموقف المعادي للديمقراطية، المساند لمايو لحد التطرف، قال أبرز متحدثي الشيوعيين في ذلك الوقت، الاستاذ الخاتم عدلان، رحمه الله (لن تظل الجامعة جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر) !! فاذا جاء د. بشرى، بعد كل التاريخ الحافل، وهو منسوب لليسار ليقول (بل يمكن القول ان الشهيد محمود مسئول الى حد كبير، فقد وقف الى جانب حاكم سفاح ومستبد ارتوى من دماء خصومه) (السوداني 11/1/2008م) فان في ذلك ما يكفي من عدم الصدق مع النفس ومع الآخرين .


    أحداث شعبان

    في اغسطس - شعبان 1973 تحالف الشيوعيون والاخوان المسلمون داخل الجامعة، وجماهير الاحزاب خارجها، فكانت احداث شعبان المشهورة، وبدأت النقابات تتحرك نحو الاضراب .. في هذا الوقت بالذات بدأت مساعدة الجمهوريين للنظام، وتأييدهم السافر له . فأخرجوا المنشورات، واتصلوا بقادة النقابات، وتحدثوا داخل الجامعة مع الطلاب، واعلنوا للشعب بان مايو أفضل من الشيوعيين، وافضل من الاخوان المسلمين .. وسقطت محاولة أغسطس - شعبان 1973 وازداد النظام بسقوطها قوة، واكتسب أعداداً من المؤيدين .. هذا هو موقف الجمهوريين، في تأييد مايو، فماذا كان يمكن ان تفعل حركة وطنية، نشأت على نقد الطائفية ومقاومة الاستعمار، ثم استمرت بعد الاستقلال تنشر فهماً متقدماً للدين وللحياة، لا يحول دون الشعب ودونه شئ، مثل الطائفية الدينية، والدكتاتورية الشيوعية ؟ ..
    إن تأييد الشيوعيين لنظام مايو في أول عهده، مبرر عندهم لانه طرح برنامجاً يتفق مع فكرتهم .. ومع ذلك لا يعذرون الجمهوريين في تأييدهم لنميري !! في نقاشنا معهم، كانوا يقولون ان الفكرة الجمهورية فكرة دينية، تؤمن بالقيم المطلقة، ولا تعتمد على "التكتيك" أو الموازنات السياسية، وليست فكرة (براغماتية) تبحث عن الاصلح والانسب .. ولهذا فانهم يرون انها كان يجب ان تعارض نميري وتظل على معارضتها للطائفية والاخوان المسلمين !! والحق ان الفكرة، وان كانت تؤمن بالمبادئ المطلقة كالخير والسلام والعدل، الا انها ترى في تطبيقها ضرورة التقيد بالواقع، ومن ثم ترى نسبية هذه المبادئ .. فما يكون اليوم حق، يمكن ان يكون غداً باطلاً. ومن هنا يجئ الفهم الداعي لتطوير التشريع نزولاً عند حكم الوقت، وهو فهم مؤسس وعتيد .. فالمقارنة ليست بين نظام نميري الدكتاتوري، ونظام الاحزاب الديمقراطي، ولكن المقارنة بين النظام الدكتاتوري العسكري، والنظام الدكتاتوري المدني، الذي حل الاحزاب وعقد محاكم التكفير !!.


    تراجع مايو عن مبادئها

    في عام 1976 صالح زعماء الطائفية نظام مايو دون أي شرط، ودخلوا في الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي رغم ادعائهم الايمان بالتعددية .. وقام نميري بتنصيب د. حسن الترابي و السيد الصادق المهدي، والسيد محمد عثمان الميرغني الذي ناب عنه شقيقه السيد أحمد الميرغني، في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ضرورة قيام المنابر الحرة، حيث تضطر الاحزاب ان توضح مبادءها، فتنكشف للشعب ويأخذ منها النظام حذره .. كتب د. منصور خالد ( ومن بين كل القوى السياسية فان الفئة الوحيدة التي دعت لاعلاء مكان متقدم للجانب الفكري في حوار المصالحة كانت هي الاخوان الجمهوريون . ففي بيان وقعه عبد اللطيف عمر حسب الله جاء " لقد آن الاوان للتكتلات الطائفية العقيدية ان تبني نفسها في صورة احزاب ذات مناهج تقوم على مذهبية واضحة مفصلة تلتزمها في اخلاق قادتها وفي اخلاق قاعدتها، وعلى هداها تورد تفاصيل حل مشكلات المجتمع المعاصر" ) ( منصور خالد: النخبة السودانية صفحة 562 ).
    ولكن نميري لم يستمع لذلك، ولم يستطع دعم أشياعه، الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم الذي يبطن المعارضة ويظهر المصالحة، ويخطط للتأثير على اتجاه الحكومة .. وبعد فترة، بدأ نميري يتأثر بالجماعات الإسلامية، بدلاً من ان يؤثر فيها، فعين الترابي مستشاراً له، فقبل ذلك دون تردد، ولم يرفض التعاون مع النظام، الذي قتل أفراد تنظيمه، حين شاركوا كجنود في الغزو من الخارج .. وحين استجاب نظام مايو لكيد معارضيه، الذين ادعوا مصالحته، اخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الآخر، فبدأ باتفاقية أديس أبابا، فتنصل عنها، وسعى الى تقسيم الجنوب، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم إغلاقها.. ثم أخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد، وخضع النظام إلى البنك و الصندوق، فرفع السعار، وبدأ في خصخصة السكة حديد، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي، وأعفى كبار قادة الجيش، ثم واجه إضراب القضاة في مايو 1983 بإعلان القوانين الإسلامية في سبتمبر 1983 . حين رجع النظام إلى نقطة البداية وانقلب الى المعسكر الذي كان ينافحه، وتبنى الافكار التي كان نقيضاً لها، ورجعت البلاد الى الدستور الإسلامي، والقوانين الإسلامية، أخذ الجمهوريون في المعارضة، بالصورة التي يعلمها الناس حتى حدثت المحاكمة، والاعتقالات، والتنفيذ للاعدام .. الذي تكون بسببه التجمع الوطني الديمقراطي واشتعلت المعارضة، وسقط النظام بعد 76 يوماً فقط !! المهم هنا، هو حديث الأستاذ محمود في يومية التحري، والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد أن الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تأييد المبادئ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسار مبادئ ثورة مايو، وسنظل نحن مع تلك المبادئ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو، لأنها في رأينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب .


    من الذي لم يؤيد مايو ؟!

    فالشيوعيون قد أيدوا مايو وانخرطوا فيها، وحزب الأمة، ممثلاً في رئيسه، أعلن تأييده، ودخل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، وكذلك فعل الإتحادي الديمقراطي .. فاذا حدثنا د. بشرى، بعد كل ذلك، بقوله (ومن الغريب حقاً وقوف الفكر الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل احزاب الشعب السوداني)، فانما هي السطحية والغرض .. فلقد كانت هذه الاحزاب الطائفية، تدعو الى الديمقراطية وترفض نظام الحزب الواحد، ولهذا عارضت مايو منذ قيامها، ثم أنشأت الجبهة الوطنية بالخارج، وحاربت النظام بالسلاح في عام 1976م . وحين هزمت صالحت النظام عام 1977م، دون ان يتم أي تغيير فيه، ودخلت قياداتها في حكومة مايو، وفي الاتحاد الاشتراكي، وهو نظام الحزب الواحد . فهل كانت هذه الأحزاب صادقة في معارضتها ؟! وهل كانت صادقة في مصالحتها، أم كانت تظهر السلم، وتبطن الحرب ؟! وحين عارضت مايو، كانت مايو في مرحلة ايجابيتها، وكبرى انجازاتها، وحين صالحت مايو، كانت مايو تدخل مداخل عجزها وتخبطها .. هذا في حين ان الاستاذ محمود، أيد مايو حين كانت منحازة للشعب، ومهتمة بمصالحه، وساعية للتنمية، وتحقيق السلام، وعارضها، حتى الموت، حين وقفت ضد مصالح الشعب، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟!.
                  

06-29-2016, 07:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    الجمهوريون ومايو (4-4)

    د. عمر القراي


    نحن والسادات وعبد الناصر

    يقول د. محمد المهدي بشرى (إن المعيار يختلف لدى الجمهوريين في النظر لعبد الناصر، وكما هو معروف، فقد وصل نميري للسلطة عن طريق انقلاب عسكري ونفس الشئ بالنسبة لعبد الناصر لكن الجمهوريين يقفون موقفاً عدائياً ضد عبد الناصر .... بل ان عبد الناصر في زعم الفكر الجمهوري هو المسئول عن الهزيمة التي لحقت بالعرب في حرب حزيران ... وعلى النقيض من هذا الموقف المتطرف ضد عبد الناصر نجد موقف الفكر الجمهوري تجاه السادات الذي كتب الجمهوريون عنه كتاباً بعد موته جاء في مقدمته " هذا كتاب السادات حياته واستشهاده وحياته بعد الاستشهاد، فقد أعطى السادات حياته لقضية السلام واستشهد وهو يدافع عن السلام " وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر) ( السوداني 11/1/2008م).
    وليس أدل على القراءة المبتسرة، والغرض المبيت من عبارة د. بشرى السابقة .. وإلا كان يفترض ان يورد طرفاً من الحجة التي بنى عليها الاستاذ محمود نقده لعبد الناصر، ثم بدلاً من كلمات وردت في مقدمة كتاب " السادات "، ما ضره لو قرأ في داخل الكتاب، واورد ما ساقه الجمهوريون، من أسباب لتأييدهم السادات، ثم علق على كل هذه الحجج، بما يفيد خطأها أو عدم موضوعيتها ؟!.
    لقد كان عبد الناصر، رحمه الله، يستمد زعامته على العرب، من انه سيرمي اسرائيل في البحر، وكانت إذاعة صوت العرب، تذيع هذا التهديد والوعيد لإسرائيل، كل يوم، وتظهر بان العرب، وعلى رأسهم جمال، لا يبالون من حلفاء إسرائيل، بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية !! ولكن عبد الناصر، كان في الحقيقة، يخاف من أمريكا، أشد الخوف، ويبرر عدم مباغتته لاسرائيل بالضربة الأولى، بأنه لو فعل ذلك لضربته أمريكا !! ( قال السيد جمال في معرض الرد على تساؤلات من تساءل، لماذا انصاع لنصيحة الرئيس الامريكي فلم يبادر باطلاق النار؟ قال " المسألة الثالثة اننا بتحركنا واخذنا المبادأة لدفع الخطر عن سوريا كنا ندرك اننا، خصوصاً من وجهة النظر الدولية، ان نبدأ بالضربة الأولى في معركتنا المسلحة . ولو كنا فعلنا ذلك لكنا عرضنا أنفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله. ولقد كان اول ما سوف نواجه به هو عمل عسكري أمريكي مباشر ضدنا يجد الحجة والعذر من اننا اطلقنا الرصاصة الأولى في المعركة . واريد في هذا الصدد ان الفت نظركم الى نقاط هامة . أول نقطة التحذيرات الأمريكية ويمكن قرأتم عن هذه التحذيرات الامريكية في الصحف ولكن مستشار الرئيس الامريكي جونسون طلب سفيرنا في وقت متأخر من الليل في واشنطن وقال له انه فيه معلومات عند اسرائيل انكم حتهاجموا . وقال ان ده يعرضنا لوضع خطير وناشدنا ضبط النفس " وفي موضع آخر من هذا الخطاب نفسه يقول السيد جمال " في هذا الاجتماع ماحدش ابداً اتكلم عن الهجوم على اسرائيل مكنش في ابداً أي فكرة انو احنا حنقوم بعمل هجومي على اسرائيل . وزي ما وضحت من الأول اللي كان باين من كل تحليلاتنا ان أي عمل هجومي على اسرائيل حيعرضنا لمخاطر كبيرة أول هذه المخاطر هجوم أمريكا علينا نظراً للتصريحات اللي اعلنتها امريكا وقالت فيها انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة وكان باين لينا ان امريكا لما تقول انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة ولا تسمح بأي تغييرات في هذه المنطقة مكنش امريكا تقصد بهذا ابداً الدول العربية ولكن امريكا كانت تقصد بهذا اسرائيل كانت تقصد انو اذا حصل عدوان على اسرائيل ان امريكا حتنفذ التصريح اللي قاله الرئيس كنيدي قبل كده ان امريكا تضمن للجميع الحدود في هذه المنطقة على هذا الاساس مكنش في ابدا أي بحث عن موضوع البدء بالهجوم على اسرائيل ولكن عمليتنا كلها في القيادة المشتركة كانت عملية دفاعية وكان حشدنا في تقديرنا في هذا الوقت هي عملية ردع حتى لا تقوم اسرائيل بالعدوان على سورية " . هذه وتلك ما قاله السيد جمال عبد الناصر في ذلك الخطاب الذي القاه بعد الهزيمة بمناسبة العيد الخامس عشر لثورة الجيش المصري، ونحن نرجو ان يتعمق القراء هذه الاقوال وبخاصة قوله " كنا ندرك اننا، خصوصاُ من وجهة النظر الدولية، ان نبدأ بالضربة الأولى في معركتنا المسلحة . ولو كنا فعلنا ذلك لكنا قد عرضنا أنفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله . ولقد كان اول ما سوف نواجهه هو عمل عسكري أمريكي مباشر ضدنا يجد الحجة والعذر من اننا اطلقنا الرصاصة الأولى في المعركة " لماذا؟ يحدثنا السيد جمال فيقول "نظراً للتصريحات اللي اعلنتها امريكا وقالت فيها انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة .... كانت تقصد انه اذا حصل عدوان على اسرائيل ان امريكا حتنفذ التصريح " .
    والسؤال الآن هو أليس غرض العرب المعلن على العالم دائماً، والقائم خلف عدم الاعتراف باسرائيل، وعدم الصلح معها، وعدم التفاوض معها، هو ان يمحو العرب دولة اسرائيل من الوجود في أرض فلسطين ؟ فاذا كنا نحترم ضمان امريكا لحدود إسرائيل، أو كنا نخاف امريكا الى حد نشعر معه اننا اذا خالفناها نكون " قد عرضنا انفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله "، فهل ننتظر يوماً تتخلى فيه امريكا عن هذا الضمان لحدود اسرائيل ؟ أم هل ننتظر يوماً يكون لنا فيه القوة العسكرية والسياسية والدبلوماسية بما يمكننا من مناهضة أمريكا ومن تحدي ضماناتها لحدود اسرائيل ؟ أم ان ضمان امريكا لحدود اسرائيل لا يكون ملزماً لامريكا الا اذا كنا نحن البادئين بالهجوم على اسرائيل، فنحن إذاً ننتظر ان تبدأنا اسرائيل بالهجوم،لنقوم بمباشرة محوها من الوجود في فلسطين، ونحن في عذر مديد أمام أمريكا ؟ فاذا كان التصريح الذي أشار اليه السيد جمال عبد الناصر، والذي ظهر انه يخشاه كل هذه الخشية، لم يكن جديداً من جانب امريكا، وانما يرجع الى عام 1950م، أفليس من الحق ان نتساءل هل كان السيد جمال عبد الناصر فعلاً يعني التهديد الذي يذيعه على العرب كل عام مرة أو مرتين ضد دولة اسرائيل ؟ أم هل كان يريد به الى بسط زعامته على العرب، وذلك باشاعة جو الخوف حولهم، واستغلال روح القطيع فيهم ؟) (محمود محمد طه : مشكلة الشرق الأوسط . امدرمان السودان 1967م ) . هذا موقف من عدة مواقف رصدها الاستاذ محمود لجمال عبد الناصر، في كتاب مشكلة الشرق الاوسط، وهي تبين بجلاء، كيف كان عبد الناصر يخدع العرب، ويضللهم، ويجعلهم يحتملون من عداوة الغرب، ما يجعلهم يقعون لقمة سائغة في فم الشيوعية الدولية، وكيف أن الاتحاد السوفيتي كان يغري العرب بعداوة اسرائيل في العلن، ويساندها ضدهم في السر. لقد لوح عبد الناصر بالحرب، وحين حان حينها، لم يحقق أي قدر من النصر .. ثم انه حتى بعد الهزيمة، عجز عن تحقيق السلام، وعن استرداد سيناء، التي أخذت من مصر بسبب الحرب، التي حدثت بسبب تراكم سياساته الخاطئة، منذ خطوة تأميم قناة السويس، ثم عدم الاعتراف بإسرائيل، وعدم قبول مبدأ التفاوض معها . لقد دعا الاستاذ محمود محمد طه العرب في ذلك الكتاب، إلى الاعتراف بدولة إسرائيل، والصلح مع اسرائيل، وضمان أمنها، والتعامل معها .. وفي مقابل ذلك تنسحب اسرائيل من الاراضي المحتلة، وتقام دولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة بالتقسيم 1948م، ويتم إرجاع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وضمان الأمم المتحدة للوضع الجديد، مع إيقاف الهجرة اليهودية الى اسرائيل . ولكن العرب بزعامة عبد الناصر، عقدوا مؤتمرهم في الخرطوم تحت شعار " لاصلح ولا تفاوض ولا سلام مع اسرائيل"، فأين العرب اليوم مما دعاهم إليه الأستاذ محمود عام 1967م ؟!
    إن تأييد الجمهوريين للسادات، ينطلق من انه كان صادقاً مع نفسه، وشجاعاً أمام أعدائه .. فقد بادر بالهجوم على اسرائيل في حرب 1973م، ولم يتردد خوف تدخل امريكا، وحين تدخلت بالفعل، وهو يعلم انه لن يقدر على مواجهتها، ذكر ذلك، ولم يصر على حرب تسوق إلى الخسران .. ثم اتجه إلى السلام، وحرر بذلك الأرض، التي عجز عبد الناصر عن تحريرها، فكان كما وُصف بطلاً للحرب وللسلام . فاذا كان الاستاذ محمود قد طرح السلام مع إسرائيل، وكان عبد الناصر يرفضه، وجاء السادات وحققه، فهل يعتبر تأييد السادات ونقد عبد الناصر كيلاً بمكيالين ؟! أقرءوا مرة أخرى، قولة د. محمد المهدي بشرى: (وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر) (السوداني 11/1/2008م). فهل حقاً قرأ هذا الكاتب المراجع بدقة، وحللها بذكاء، فوصل إلى هذه النتيجة الممعنة في السطحية ؟! أم أن هذا حكم مسبق، لا علاقة له بما كتب الجمهوريون، مبعثه خلافه معهم، من منطلق يساري، يناصر عبد الناصر ويعارض نميري والسادات ؟.


    خاتمة:

    لقد تعرضت الفكرة الجمهورية، إلى كثير من التشوية، والتكفير، والتحريض، من أناس لم يقرءوها وإنما حكموا عليها بأقاويل معارضيها .. ولم تظفر الفكرة، حتى اليوم، بنقد موضوعي، يعتمد على نصوصها، ويناقش حججها، فيقبلها أو يفندها، ويبين خطأها . وكان يمكن لدكتور محمد المهدي بشرى، باعتباره كاتباً، وعضو اتحاد الكتاب، أن ينال ذلك الشرف – شرف نقد الفكرة الجمهورية بموضوعية، لولا أن الغرض المبيت، في النيل منها، أعجله، ودفعه إلى مثل هذا التعليق ..
    لم يخرج نقد د. بشرى عن إبداء حيرته، واستغرابه، من كون مفكر في قامة الأستاذ محمود محمد طه من الاستنارة، عرف بدعوته للحرية والديمقراطية، يؤيد نظاماً عسكرياً دكتاتورياً مستبداً . ولكنه كغيره لم يقف عند الحجج، التي ساقها الأستاذ محمود والجمهوريون، لينظر في حقها من باطلها .. ولو كان د. بشرى محايداً، أو مفكراً عميقاً،يستشعر المسئولية في كل ما يكتب، لأورد مثلاً قول الجمهوريين، أن مايو جاءت بمثابة إنقاذ لهذا الشعب، لأنها أوقفت مؤامرة الدستور الإسلامي المزيف، التي كان يقودها تحالف متخلف يجمع بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، كان سيحكم بدكتاتورية دينية، تتعذر معارضتها، ثم أن مايو سارت في طريق التنمية، وأوقفت نزيف الدم في الجنوب، وحلت الإدارة الأهلية، ووضعت أسس الحكم الإقليمي، ولهذا فان نظام مايو أفضل من هذا البديل الذي كان يتربص به .. ثم رد على هذا الزعم، كأن يقول مثلاً انه لم تكن هنالك مؤامرة لفرض الدستور الإسلامي المزيف، أو أن ذلك الدستور كان إسلاميا، ولم يكن تزييفاً للإسلام، أو أن تحالف الطائفية وجبهة الميثاق، أفضل من نظام مايو رغم كل شئ ..الخ
    وكان يمكن أن يورد حديث الجمهوريين، عن أن السودان كان مستهدفاً من الشيوعية الدولية، وان الحزب الشيوعي السوداني كان مخلب قط لهذا التآمر الدولي، وانه حين سيطر على نظام مايو، وضح رغم قصر الفترة، انه لا يختلف من جبهة الميثاق في الاعتداء على الحريات، مما يدل على انه لو استمر فستكون دكتاتورية خطيرة، لأنها ستفتح الباب من اجل حمايتها، لتدخل الاتحاد السوفيتي .. وكان يمكن أن يرد على هذه الحجج مثلاً بان يقول أن هذه مبالغة، فليس هناك خطر شيوعي دولي يهدد السودان، وان الحزب الشيوعي لو قدر له الحكم فسيحترم الحريات العامة، وانه لذلك أفضل من مايو ...الخ فإذا ما فند كل الحجج التي برر بها الجمهوريون تأييدهم لمايو،يمكن أن يخلص من ذلك إلى أن تأييد الجمهوريين لمايو لا مبرر له، وبناء على ذلك يمكن له أن يبدي ما شاء من الدهشة والاستغراب !!.
    لقد ذكرت في بداية هذه المقالات، أنني لم اطلع على أوراق مؤتمر اتحاد الكتاب السودانيين، وأني لأرجو أن اعثر عليها، وان اقرأ أيضا تعليق ناقد لورقة د. بشرى، حتى لا يعتبر اتحاد الكتاب راضياً عن مستواها في الصياغة، وفي المحتوى، فتتحقق بذلك خيبة أملي في اتحاد الكتاب السودانيين، الذي كنت دائماً أرجو له التقدم، واحترم فيه أعزاء لي، جديرين بالاحترام والتقدير.
                  

06-29-2016, 09:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    سلام للجميع

    هذه القصيدة أصلا للشيخ محي الدين ابن عربي وجاء الشيخ عبد الغني النابلسي وقام بتخميسها (يعني إضافة الشطرات الثلاث باللون الأزرق).
    http://www.adab.com/modules.php؟name=Sh3eranddoWhat=shqasandqid=62755http://www.adab.com/modules.php؟name=Sh3eranddoWhat=shqasandqid=62755


    لقد نظرت قوم بطرف لهم قذي

    فلم يشهدوا إلا حجاب جمال ذي

    وقوم لقد شموا شذا روضها الشذي


    يقولون لي ما العلم ما السرّ ما الذي ** هو الجوهر الغالي عن البحر خبرنا
    على صحبنا غنت فصاح طيورنا

    وذات الحميا أشرقت في صدورنا

    تجلت علينا تنجلي فوق طورنا


    فقلت لهم هذي مطالع نورنا ** ومغربها فينا ومشرقها منا
    إلى حضرات الحق كان ارتفاعنا

    ومنا لقد مدّت إلى الغيب باعنا

    وفي أزل الآزال زاد انتفاعنا

    على الدرة البيضاء كان اجتماعنا ** ومن قبل خلق الخلق والعرش قد كنا
    سحاب غيوب الذات تمطر ماءنا

    ومن حُط قدرا كيف يدري سماءنا

    ولما استرحنا واطرحنا عناءنا

    تركنا البحار الزاخرات وراءنا ** فمن أين تدري الناس أين توجهنا
    كشفنا عن الوجه الجميل غياهبا

    وقد صار منا السرّ للكل ناهبا

    ومن حضرة الرحمن نلنا مواهبا


    ألا يا لقومي قد قرأتم مذاهبا ** ولم تدر يا قومي رموز مذاهبنا
    فوائدكم أضحت قيود رهيننا

    وعنكم لقد أخفي مقام أميننا

    ويا علماء الرسم هل من معيننا


    مذاهبكم نرفو بها بعض ديننا ** ومذهبنا عمى عليكم وما قلنا
                  

06-29-2016, 11:26 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36938

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    شفت يا عبدالله ذى ما كان بقول القراي زمان
    الشيوعيين والكيزان وجهين لعملة واحدة
    قدر مت تشرح علاقة الجمهوريين بي مايو يجيك شيوعي مرة تانية سنة 2020 يقول ليك الجمهوريين ايدو مايو
    طيب مايو ذاتا كانت مايوهات
    مايو 1969-1971 كانت انقلاب دبرته المخابرات المصرية مع القوميين والعرب واتحالف معهم الشيوعيين والمخازي التي اتمارست في هذه المرحلة كثيرة نجملا
    مسخ العلم والشعار والتعليم والاقتصاد بالتاميم والقوات النظامية والامن -فرع مصر- واهانو الازهري لحدي مات واغتالو الهادي المهدي رغم استسلامه والامر ده كله في معية قاضيهم القاعد في كاردف لحدي هسة في برطانيا وليس مصر التي قدمو لها خدمات جليلة في تدمير ديموقراطية وست منستر في السودان
    مايو2 ودي اتفاقية اديس ابابا 1972 ودستور 1973 وافضل فترة نعم فيها السودان بي السلام والتنمية والازدهار...ودي مايو التي عبرت عن ملاييين الشعب السوداني بما في ذلك الجنوبيين
    مايو 3 ودي 1978-المصالحة الوطنية- وانتهت بي انتفاضة 1985...
    وطبعا دي التمكين الاول للاخوان المسلمين الذى جاء بابشع ادواتهم في ازلال وقهر الشعب السوداني
    1- قوانين وسبتمبر 1983
    2- بنك فيصل الاسلامي 1980 الذى دمر الاقتصاد السوداني ونشر الفقر وفي كتاب للجمهوريين باسم البنك واتحدى اكبر اكايديمي شيوعي او دكتور يكتب زيه
    يا عبدالله ويا اخوان الصفاء
    كل ما يمر الزمن يعري الاخوان المسلمين والشيوعيين معا والمستقبل للفكرة الجمهورية السودان الحقيقي بتاع 1 يناير 1956
                  

06-29-2016, 11:31 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36938

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: adil amin)

    الجمهوريين ايدو مايو2 دي 1972-1978
    وايضا منصور خالد عشان برضه مدخلنو في المسلسل التركي المدبلج بتاع انه من سدنةمايو
    عشان كده ما تتعبو مع ترهات الشيوعيين

    الكلام ده قالو في الفتوحات المكية صحي يا اخوان
    قلت اجيبو هنا عرضا عن نهاية الراسمالية ...وادواتها الرخيصة في المنطقة


    d.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

                  

07-02-2016, 06:15 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: adil amin)

    سأضع التسجيل كاملا تحت.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 07-03-2016, 09:37 AM)

                  

07-03-2016, 09:07 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: تحية يا شباب
    لماذا لا يترحم الجمهوريون إطلاقا على ( الأستاذ ) محمود محمد طه ؟؟
    شخصيا سمعتهم يترحمون على الموتى حتى من ألد خصوم الفكرة في حين لم اسمع ولم أقراء لأي منهم اي ترحم عليه ، فهل هناك سر أو مانع ؟؟؟
    تحياتي
                  

07-03-2016, 09:44 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    Alustaz Mahmoud on Al Jazeera Documentary



                  

07-03-2016, 10:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    الأستاذ عادل بدوي السنوسي من نافذة الفيس بوك كتب متسائلا

    Quote: Adil Badawi Elsanousi · College of Fine and Applied Arts
    في الجزء الثاني من التسجيل، هل من ظهر بين المنشدين ، في الدقيقة الرابعة وأربع ثواني هو الصديق وداعة ؟ زميلي السابق في كلية الفنون الجميلة ؟



    تحية طيبة
    نعم هو الأستاذ وداعة الشيخ بخيت.

                  

07-03-2016, 02:08 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    دالي يكذب جهارا نهارا في حديثه حيث يدعي ان ( الأاستاذ ) لم يحج لعدم الإستطاعة بينما تقول بنته اسماء انه لم يحج لأنه أصيل وليس لعدم الإستطاعة !!
    ويكذب حين يدعي ان النبي محمد هو رسول الرسالتين وان الناس شوشوا علينا بان محمود هو رسول الرسالة الثانية وهذا كذب وتزوير وتحوير ، فالرسالة الثانية لها رسولان :
    رسول مبلغ نزلت عليه وهو النبي ورسول مبين وهو رسول الرسالة الثانية اي محمود محمد طه !!!
    كفى كذب وتزوير وتحوير وتدليس يا جمهوريين !!
    وفي النهاية محمود كان يدعي انه المسيح المحمدي والحقيقة المحمدية والانسان الكامل وهو الله !!!
    وكل ذلك مبسوط في موقعكم واتحداكم تكذبوا او تنفوا ما اقول عشان أجيكم بالأدلة الدامغة !!!
                  

07-04-2016, 09:41 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    ممتنون يا غوث على اتحافنا باليوتيوب
    لاحظت أن القناة أعادت بثه كثيرا
    لي قدام








                  

07-04-2016, 07:01 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    سلام أستاذ عبدالله وجميع الإخوة ،،، كل عام وأنتم بألف خير وصحة وعافية

    وللذين لا يرونه :

    الأستاذ جسد حياة النبي الحبيب فكراً وقولاً وعملاً ... لم يك يدخر لغد وعاش عيشة البسطاء وهو المهندس المرموق !!

    حتى لا نجافي الحقائق


    تحياتي وأشواقي
                  

07-04-2016, 08:24 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    الرد الثاني
    :الأكرم : محمد الزبير محمود :تحية طيبة
    (1)كتبت أنت الآتي
    :Quote:
    ولكن أتظن هذه هي القضية الفكرية التي عَظُمت لديك

    نعم
    :قال تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًالذا نصلي علي النبي الكريم .وقال :وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّالذا نقول عيسى عليه السلام .ونقول رضي الله عنهم للصحابة لقوله تعالى:لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًاابوبكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه ونقول عن علماء الأمة رحمهم الله الأمام مالك ، الامام احمد ، النووي رحمهم الله .ثم نترحم على بعضنا البعض وحتى على العصاة منا ، فنترحم على اصحاب الكبائر والمدمنين والزناة ما كانوا لا يشركون بالله شيا لأن الكبائر لا تخرج المسلم من الملة ولا تسقط عنه حق الترحم والاستغفار .ولكن للفكر الجمهوري موقف ومعتقد ، لذا لا يترحمون على ( الأستاذ ) !!!الذي يعلم علما يقينيا يتفضل بالرد ، والذي لا يعلم يتفرج وبس !!!دا سؤال أكبر من مستوى المشجعين والمطبلين وموزعي المنشورات وأصحاب الفهم القشري حتى من اتباع الفكرة !!!تحياتي


    (2)

    ذكرت أنت الآتي :{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح18والآية خاصة بصلح الحديبية تحت الشجرة ، والصحابي أبوبكر وعمر قد أسلموا قبل صُلح الحديبية ، إذن الآية التي استشهدت بها ليست لها علاقة بالصحابي أبوبكر أو الصحابي عمر .
    (3)

    أنا لا أقرأ القلوب ولكن النقد تطور وصار أيضاً يدخُل فيه ما سكت عنه المرء ، عندما تقول: ( أن السؤال أكبر من المشجعين والمُطبلين وموزعي المنشورات وأصحاب الفهم القشري حتى من أتباع الفكرة ) ،فإنك سيدي تسكُت عن الوصف الحقيقي الذي وصفتني به ،...لا يهُم لكل أمرئ ما نوى .

    (4)

    الإمام مالك والإمام أحمد والإمام أبو حنيفة والنووي ، يكتبون اجتهادهم ، وهو حق لديهم ، ولكنني لا ألتزم باجتهادهم .

    (5)

    ما أقول ولا ألزم به أحد ( محمود محمد طه ، قدّس الله سره ) ولا أحسبه من أصحاب الكبائر وهو أراه صادقاً مع نفسه ، وأحسبه صادقاً بمعرفتي به وبأحاديثه وكتاباته ، وهو يستحق أن يكون مَشمولاً مع الصادقين بإذن الله وفق ما ورد في الذكر الحكيم : -
    {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }المائدة119

    تقبل تحياتي

    *
    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 07-04-2016, 08:30 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 07-04-2016, 08:32 PM)

                  

07-05-2016, 09:42 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله الشقليني)

    سلام للجميع
    وكل عام وأنتم بخير
    أحب أن أضع في هذا البوست هذه المواد المرئية عساها تكون مكملة للفيلم الوثائقي لقناة الجزيرة:







                  

07-05-2016, 11:05 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: ولا أحسبه من أصحاب الكبائر

    الأخ الشقليني لك التحية والود
    أي كبيرة أكبر من ان يترك الانسان تقليد النبي الكريم ويدعي انه اصبح اصيلا ويأخذ شرعه من الله مباشرة ؟
    اي كبيرة اكبر من ان يترك صلاة النبي وصومه وحجه ويبتدع شريعة ما انزل الله بها من سلطان ؟؟
    اي كبيرة أكبر من ان يترك الشهادة لأن الشاهد هو المشهود ؟؟؟
    اي كبيرة اكبر من ان يقول بان الانسان يكون الله ؟؟؟
    محمود سبق الأولين والآخرين في هدم الشرائع واركان الاسلام الواحدة تلو الأخرى !!!
    كنت أتمنى ان يتداخل الجمهوريون وهم اصحاب الألسن الحداد والأقلام والأفلام ليكذبوا ما أقول ولكنهم آثروا السلامة وتفويت الحدث ، لا خوفا من الكاتب ولكن لعلمهم بان كل ما كتبت حق وموجود ومسطر في كتبهم لذا آثروا السلامة والتجاهل .
    الجمهوريون لا يصلون على محمود ولا يترحمون عليه لأنه الإنسان الكامل او الله !!!
    هل في شك من ذلك ؟؟؟
    وبعدين تاج الدين دا ما بيخجل وهو الذي شهد في التلفاز بكفر محمود وردته ومروقه من الاسلام معلنا توبته من افكاره ، المفروض الجمهوريين لو عندهم أقل مبدأ يطردوا مثل هذا من صفوفهم ؟؟؟
    استحي يا تاج الدين !!!

    الفكر الجمهوري : عقيدة باطنية وشريعة مرقعة ، هل تصدق ؟؟؟الفكر الجمهوري : عقيدة باطنية وشريعة مرقعة ، هل تصدق ؟؟؟

    تحياتي

                  

07-05-2016, 09:30 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)





    الرد الثالث :


    الأكرم : محمد الزبير محمود
    تحية طيبة ،،

    وكما قلت لك إنني لم أنتم للجمهوريين ، ولكن يتعين أن تقرأ أفكار " محمود محمد طه " من صاحبها وهي متوفرة في
    مدونة " الفكرة " ويمكنك القراءة والقطوف من صاحب الفكرة ، وليس تلامذته ، ومن اقتباس النصوص يمكننا أن نتناقش .
    وأتمنى أن تكون رحب الصدر ، فإنا أختلف معك فيما وصلت إليه ، لأنك لم تأت بالمصدر من كتب " محمود محمد طه " نفسه
    كما عهدناك
    تقبل محبتي

    *
                  

07-05-2016, 10:52 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله الشقليني)

    لك الشكر اخي عبد الله وعيدكم مبارك
    اعدك بسعة الصدر وحسن الحوار وحسن التوثيق ، ذكرت انا نقاط كثيرة عن المهندس محمود فما هي النقطة التي تريد الشاهد من كتبه وانا جاهز وابشرك انا ممن يحرصون على اخذ الفكرة من المصدر وقرأت كل كتب الفكرة واحتفظ بها ورقا منذ الثمانينات وبحوزتي حتى كتاب قراءة الايام للدكتورة بتول مختار ، هات النقطة التي تريد توثيقها والشاهد عليها وابشر ، تحياتي
                  

07-11-2016, 09:48 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48745

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: محمد الزبير محمود)

    هذا برنامج بين زمنين من قناة أبو ظبي الفضائية تم بثه في العام 2002..



    من النميري إلى البشير.. ومن قوانين سبتمبر إلى قوانين الترابشير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de