أوسمة قديمة-قصة قصيرة ل: محمد بن ميلود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 05:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-28-2017, 09:36 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أوسمة قديمة-قصة قصيرة ل: محمد بن ميلود

    08:36 AM February, 28 2017

    سودانيز اون لاين
    بله محمد الفاضل-جدة
    مكتبتى
    رابط مختصر

    أوسمة قديمة:
    ___________
    (قصة قصيرة)
    محمد بن ميلود
    ___


    يحدث دائما أن أكح، رغم أني لا أدخن. يمكن للجارة الشابة أن تسمع كحاتي في عمق الليل، وأن تتخيل أني أنهض الآن من فراشي الخشبي، لأصعد الأدراج إلى السطح متكئا على الحيطان دون عكازة، باحثا كل مرة عن مكان دورة المياه في السطح.
    زوجها جندي ينام أغلب الليالي في الثكنة البعيدة حارسا شيئا ما عبر البرج. لذلك تمضي لياليها وحيدة، ولعلها تتسلى قليلا بسماع كحاتي الحادة في كبد الليل، وقرقعة سطل دورة المياه، ثم صوت الماء يفرغ في الماسورة دفعة واحدة لينزل مجلجلا كشلال. بعد ذلك تتبع بسمعها كعمياء خطواتي خطوة خطوة، مقرقعا فوق البلاطات المنزوعة بحذائي ذي الكعب الحديدي الذي أستعمله صندالا.
    مهما حاولتُ عدم إحداث أي ضجيج إلا وكان الضجيج أكبر.
    تتخيل الآن وأنا عائد أني قد أقع من أعلى الأدراج إلى أسفلها متدحرجا ككيس مليء بالمتلاشيات. تكون مضطجعة على جانبها الأيسر أو الأيمن فوق الوسادة، فتضطجع على ظهرها فاسحة المجال لأذنيها معا للتنصت الكامل.
    تصير رجلاها الآن ممدودتين عن آخرهما ومتلاصقتين وهي تحرك إبهام قدمها اليمنى كحركة التحية أثناء الصلاة للتسلية. ثم حين تسحب رجليها في وضعية رجلي جرادة يصعد قميص النوم المطاط إلى ما فوق الركبة فلا تعيده إلى مكانه إذ لا أحد سواها في الغرفة. لكنها رغم ذلك تعيده بعد لحظة إلى تحت الركبة وأكثر لسبب مجهول، فالخجل يصير أقوى أحيانا حين نظل وحدنا، الخجل الغامض من الأموات المطلين علينا ربما باستمرار من ثقوب الهواء.
    في هذا السن، لنزول الأدراج، يلزمني وقت أطول من الوقت الذي يلزمني لصعودها تفاديا لأي طارئ قد يفسد رتابة الصعود بسلام إلى دورة المياه والعودة من دورة المياه إلى السرير الخشبي بسلام. لكنّ السقطات الكثيرة من أعلى إلى أسفل رغم الحذر علمتني النزول بطريقة أخرى، سيصعب على الجارة الشابة تخمينها بالاعتماد على تحليل الصوت فقط.
    أجلس فوق كرتونة ثم أبدأ بالنزول رويدا بسحب الكرتونة بسلاسة من درج إلى آخر. درجا بعد درج دون أي صوت أو خطورة تذكر، سوى صوتِ سحب الكرتونة وصوت سحب الرجل من الدرج إلى درج يليه برفعها باليد ووضعها في المكان التالي.
    هذا الأمر لا يشبه المشي في شيء، بقدر ما يشبه الزحف في صحراء.
    لا صوت للحذاء الحديدي، سوى صوت خاطف أثناء الجر شبيه بصوت شحذ مدية على بعد أميال.
    لا شك أن الجارة اضطجعت على بطنها الآن، لتخمن حتى يتعبها التخمين دون أن تصل إلى نتيجة مقنعة.
    تخمن أحيانا أني قررت قضاء بقية الليل في السطح ملتحفا بجلبابي الصوفي مخفيا رأسي كسلحفاة عجوز داخل قب الجلباب. تتخيل أيضا أني خلعت الحذاء وانتعلته في يديّ كقفازين ثم نزلت الأدراج حافيا، تتخيل أني مت، تتخيل ما تريد، لكنها لن تستطيع أبدا تخيّل الحقيقة.
    متعتها تبلغ ذروتها حين يصير التخمين صعبا هكذا، إذ يكون أمامها كثير من الاحتمالات والفرضيات المسلية لمراوغة الليل، فليس هناك ما هو أسوأ من امرأة ضجرة تقضي الليل بطوله وحدها، ومتعتي الكبيرة دائما هي أن أخيب دائما أملها في اكتشاف اللغز، إذ أحيانا أقذف الحذاء من أعلى إلى أسفل ليقرقع أسفل دون معنى.
    أو أقف وسط الأدراج وأنزل خطوتين فقط نزولا عاديا متكئا على الحائط بيدي ناقلا الخطوة من درج إلى الدرج الذي يليه بقوة وزني كله لإحداث قرقعة رهيبة في ظلام الأدراج تشبه السقطة الكبيرة لرجل عجوز بلا أولاد وبلا أحفاد وبلا عكازة قبل أن أجلس على الدرج الموالي مقهقها دون صوت.
    أتخيل حينها أنها جلست فوق السرير بهلع واضعة يدها على صدرها لتلمّس النبضات في الصمت فاتحة فمها مركزة سمعها مستعدة باستثارة كبيرة للصراخ.
    لكنها الآن على الأرجح ستكون مضطجعة على بطنها كما خمنت قبل قليل، إذ لابد للراقد على ظهره أن يستدير بعد حين ليرقد على بطنه، وفستان نومها مشدود على خصرها بشدة بسبب استدارتها المفاجئة، وثنية ركبتها اليمنى عارية على الأرجح. إن لم تكن اليمنى فاليسرى، أو هما معا. لابد لشيء ما أن يتعرى في جوف هذا الليل، السقف القصبي للسطح يجب أن تأتي ريح مفاجئة لتطيره، أو الجير، يجب أن يسقط في قشور عملاقة عن حائط الأدراج العتيق حتى يلفت انتباهي وأنا أنزل هذه الأدراج اللعينة، أو ثنية ركبة زوجة الجندي العريضة يجب أن تتعرى في العتمة.
    إنها زوجة شابة، وأنا رجل عجوز، حاربت قبل ولادة زوجها ولم أربح شيئا. كنت جنديا ولم يكن لذلك أي معنى، سوى أن تعبر كل تلك الطريق الطويلة بين ثكنة وأخرى زاحفا على بطنك كضب الصحراء تحت الأسلاك الشائكة لتصل أخيرا إلى هذا العمر دون معاش ودون نياشين.
    الجميع ينهزمون في الحرب. أما الجنود المحظوظون الذين لا يموتون أثناء قتال، يكون مصيرهم أسوأ، يموتون ببطء أثناء السِّلم، بعد نهاية كل الحروب ونهاية كل السلام، وحيدين في غرف على السطوح، يعلقون أوسمة قديمة غير ذهبية على الحيطان وعلى صدور البذلات المهترئة، يربون قططا متشردة ويشترون حلوى لأطفال الزقاق، منتظرين رصاصة الرحمة التي أبدا لا تأتي.
    لقد ترك زوجته تتقلب على السرير كسمكة بلا أشواك فوق زيت يغلي وذهب إلى الحرب، إنها فكرة سيئة ومتهورة للغاية أن تترك زوجة من أجل الحرب. ليست زوجة جميلة كما قد يعتقد من سمع صوتها فقط دون أن يراها، أو من رآها فقط من الخلف تتقدم ورأى فقط مؤخرتها الكبيرة جدا مقارنة بنحافة خصرها دون أن تستدير قبل أن تنحرف عبر زقاق لتختفي.
    أنا رأيتها ذات مرة، يمكنني القول إنها في سن ابنتي لو كانت لي بنت، لكن، لا يمكن لجندي متقاعد قول شيء كهذا، فالتقاعد من الجندية لا يعني نهاية الحرب. بل حتى حين أبلغ مائة سنة سأظل مستعدا للضغط على زناد أي شيء.
    لعلها الآن توشك أن تغفو، أو ربما غفت قبل دقيقة، أو لعلها لم تستيقظ هذه الليلة أصلا بسبب كحاتي. لقد ظلت نائمة كالسمن الحار داخل وعاء الفخار.
    جاء بها من البادية، وتركها على السرير وذهب إلى البرج ليحرسه، يا لها من فكرة غير سديدة.
    قبل خمسة وأربعين عاما فعلت نفس الشيء. الجنود كلهم يفعلون نفس الشيء. أحضرت أنا أيضا زوجة من الأرياف البعيدة، تركتها هنا وذهبت إلى الحرب.
    حين عدت منهزما أعرُج لم أجدها. لقد عادت إلى الحقول. ما معنى أن يترك الجندي زوجته دون حراسة ويذهب ليحرس الأبراج. هذا عمل لا يجب أن يقبل به مقاتل حقيقي، وكي لا يقبل به يجب ألا يصير جنديا أبدا.
    زوجتي كانت تخونني، أنا متأكد من ذلك، لم أضبطها تفعل ذلك، لكني رأيت دائما تلك النظرة الساهمة في عيونها بحيث يصير البياض في العين طاغيا على سواد البؤبؤ، تلك النظرة المستريحة بعد عودة الجندي متعبا، وذلك اللمعان الداكن للسواك على الشفتين، وذلك السرحان المصاحب لتحفز مصطنع لمساعدتي أثناء نزعي للحذاء العسكري الطويل.
    الآن أريد أن أتأكد من خيانة زوجتي القديمة لي عبر تأكدي من خيانة زوجة الجندي الشابة له.
    لا يمكنني أبدا الوثوق في امرأة تبيت الليالي الطويلة بمفردها.
    لم أعد صالحا لتخونني معه، فكل ما أستطيعه الآن هو الكح وتفادي السقوط من طابق إلى طابق أو الموت بين الأدراج، لكن قضيبي مازال يعمل رغم ذلك كالبندقية القديمة التي يعلقونها على الجدران للزينة، لكنها بمجرد ما ترى الرصاصة تصير قاتلة.
    بل من الممكن جدا أن تعتبرني فرصتها التي لا تعوض في هذا القحط، فرصة خالية من أي شبهات أو خطورة: شابة طيبة تعتني بعجوز وحيد بعمر والدها ويعتني بها. تحضر له بعض الحساء، تكنس غرفته المعتمة محركة مؤخرتها أمامه يمينا ويسارا، تغير له الملاءات، ومقابل ذلك يترك لها قضيبه لتفعل به ما تشاء دون أن يتزحزح من مكانه.
    يوشك الليل أن ينجلي. أعتقد الآن أن زوجة الجندي الذي لن يصير أبدا جنرالا قد تأكدت أني عدت إلى سريري. أستطيع الآن أن أستمني بصمت فقط، متخيلا ثنية ركبتها، حتى أنام أو أموت ويدي على بندقيتي.
    لكن هذا في حقيقة الأمر لم يعد ينفع معي كثيرا، لذلك علي أن أقرقع الحذاء بقوة وأصرخ ممثلا أني سقطت، لتصعد الأدراج بسرعة، وتقتحم غرفتي بصدرها النافر لإنقاذي من موت محقق.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de