قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 04:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-26-2015, 01:12 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني)

    12:12 PM Mar, 26 2015
    سودانيز اون لاين
    Mohamed Yousif-Vienna
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني)
    الفصل 9
    سيدهارثا
    إذا كنت تكره شخصا ما فأنت تكره شيئا ما بداخلك
    تجده فيه، فما ليس بداخلنا لا يزعجنا.
    هيرمان هيسى
    زيارته للهند في وقت لاحق تمخضت بروايته سيدهارثا )1(, وهي رواية تستند إلى بداية حياة بوذا. الكتاب يتناول قصة ابن تمرد ضد ابيه وهو احد افراد طبقة الكهنوت العليا عند الهندوس والعادات والتقاليد المحكومة بالطريقة البراهمان) 2( الإله الهندوسى .والكتاب ردد تطلعات جيل يسعى إلى إيجاد مخرج من التقيد والمادية والتسلط. وهو انعكاس لتجربة الكاتب نفسه في البحث عن ذاته وانغماسه في تعاليم بوذا. الجميع لمس ان سيدهارثا سيصبح كاهنا مثل والده وان يكون معلما في طريقة البراهمان المقدسة ولكن سيدهارثا لمس في قلبه ان هناك شئ مفقود في التعاليم المقدسة وعليه أن يكتشف بنفسه الطريق الحقيقى الذي يقوده للتنوير. نشأ سيدهارثا مع صديقه جوفيندا و شارك في محادثات الحكماء وجادل مع صديقه ومارس فن التأمل.كان والده فخورا به و رأى فيه العالم العظيم والقسيس والامير بين البراهمان. أثار الحب في قلوب بنات البراهمانيين الصغار حينما يسير في شوارع المدينة كالملاك. لقد أحبه الجميع ولكنه لم يكن سعيداً. وشعر ان حب والديه وحب صديقه جوفيندا له لا يجلب له السعادة والرضاء والسلام ... وادرك ان مجموع المعارف التى تحصل عليها من ابيه وحكماء البراهمن لم تشبعه. وبات الشك يراوده وكثيراً من الأسئلة
    تحوم في رأسه. سيدهارثا عرف كثيرا من حكماء البراهمين بجانب والده وكنَ لهم الإحترام لعلمهم الغزير في شئون الكون والخليقة ولكنهم يذهبون الي الينابيع المقدسة لغسل خطاياهم وتقديم القرابين ...وراوده الشك ... لماذا وماذا عن الآلهة ...هل
    براجاباتى هو الإله الذى خلق الكون ام الإله أتمن ... عليه المضي قدما نحو تحقيق الذات والإقتراب نحو الإله أتمن. كل هذا الغموض جعله يفكر في البحث عن طريق جديد. وفي يوم من الايام طلب سيدهارثا من صديقه جوفيندا ان يذهبا الي شجرة البنيانة للعبادة والتأمل. وجلسا تحت الشجرة. سَرد سدهارتا المقطع التالي:
    *
    أٌمْ القوس، السهم الروح،
    برهمان هدف السهم
    يهدف له ثابِتُ الجَأْش.
    *
    أٌمْ )3( هو رمز الهندوسية وتعني الله والخليقة ووحدة كل المخلوقات.وعند المساء قال سيدهارثا لصديقه " صباح غد سأقوم بالانضمام الي سمانس 9( وهي طائفة دينية تؤمن بهجر الحياة ( التقليدية والإلتزامات في الحياة الاجتماعية من أجل ايجاد طريقة
    حياة أكثر إنسجاما مع الطبيعة . سأله صديقه ان كان ابيه سوف يسمح له. قال له سدهارتا " لن نضيع الكلمات ... غدا عند الفجر سأبدأ حياة السمانس, ولنحرص على ألا نناقش الموضوع مرة أخرى." اخبر والده وجرى بينهما الحوار التالي:
    سيدهارثا: " جئت لأقول لك سوف اغادر بيتك غدا للانضمام الي المتصوفين. رغبتي ان اكون سَمانا وأنا على ثقة... والدي لن يعترض." وكان والده صامتا لوقت طويل الى ان مرت النجوم عبر النافذ الصغيرة وتغير ترتيبها. فقال له
    الوالد: " لا يليق ان تنطلق منا عبارة غاضبة ولكن هناك استياء وغضب في قلبي. أرجو ألا أسمع منك هذا الطلب من مرة ثانية."
    وبقي سيدهارثا صامتا مَطْوِيّ الذِراعين لا يتحرك من وقفته.
    الوالد: " لماذا الانتظار"
    سيدهارثا: "انت تعرف لماذا"
    تركه والده هكذا وغادر لينام ولكنه لم يستطع النوم ونظر من النافذة وشاهد سيدهارثا في وقفته تلك لايتحرك. وتكرر المشهد خلال ساعات اليل. عند مطلع الفجر ذهب الوالد الي سيدهارثا ووجده واقفا لا يتحرك.
    الوالد: " لماذا الانتظار"
    سيدهارثا: "انت تعرف لماذا"
    الوالد: " سوف تظل واقفا طيلة اليوم"
    سيدهارثا: "اقف وانتظر"
    الوالد: " سوف تتعب"
    سيدهارثا: "سوف اتعب"
    الوالد: " سوف يدركك النوم"
    سيدهارثا: "لن انوم"
    الوالد: " سوف تموت"
    سيدهارثا: "سوف اموت"
    الوالد: " اتفضل الموت على اطاعت والدك"
    سيدهارثا: "سيدهارثا دائما يطيع والده"
    الوالد: " سوف تتخلى عن المشروع"
    سيدهارثا: "سيدهارثا يفعل كل ما يتطلبه والده "
    ظل سيدهارثا واقفا وقد لاحظ الوالد اعين ابنه تنظران بعيدا...
    واقتنع من غير ريب ان ابنه رحل منه هذه اللحظة. لمس كَتِفه وقال
    له " يمكنك الذهاب الى الغابة لتصبح سَمانا".
    واخيرا غادر سيدهارثا منزل ابيه بعد ان ودع امه للإنضمامم الى
    سماناس وبدأ حياة جديدة للبحث عن الذات.

    يتبع
                  

03-28-2015, 05:04 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني) (Re: Mohamed Yousif)


    مع سماناس:
    في الفجر غادر المدينة برفقة صديقه جوفيندا، وأعطى سيدهارثا ملابسه لاحد فقراء البراهمن واحتفظ بإِزَار و عباءة مفتوقة، وفي مساء ذالك اليوم التقيا بالسماناس وطلبا اِصْطِحابهم وولاءهم. سيدهارثا بدأ يتناول وجبة واحدة يوميا ثم صام أربعة عشرة يوما ثم تلاها بثمانية وعشرين يوما حتى صار نحيلا جدا. اراد ان يكون خالى من كل شيئ مثل الظمأ والرغبة والأحلام والمتعة والحزن حتى تموت ذاته ويعيش سكينة القلب الخالى والفكر النقي. وقد تعلم سيدهارثا الكثير من السماناس ... وسار في
    طريق نكران الذات خلال الألم والمعاناة وتعلم ان ينتصر علي الألم خلال الجوع والظمأ والإرهاق . على الرغم من كل هذا المجهود وجد نفسه يعود الي ذاته ومرة أخرى عاش في عذاب. وسأل صاحبه "هل توصلنا الي هدفنا". قال له صاحبه "لقد تعلمنا وسوف نتعلم الكثير ". قال سيدهارثا لصاحبه "ما تعلمناه يمكن ان اتعلمه
    بيسر في المدينة بين لاعبي الميسر وحانات البغاء." استنكر صاحبه هذا الحديث وحينما ذهبا للمدينة للتسول من اجل الطعام جري بينهما الحوار التالي:
    سيدهارثا:"هل نحن علي الطريق الصحيح؟ هل اقتربنا من الخلاص
    والنجاة"
    جوفيندا:" تعلمنا الكثير وسوف نتعلم اكثر"
    سيدهارثا:"كم من العمر يبلغ اكبر السماناس؟"
    جوفيندا:" ستون عاما"
    سيدهارثا:"ستون عاما ولم يبلغ نِرفانا) 5(. اعتقد لا احداً منهم
    سوف يبلغ نِرفانا "
    جوفيندا:" لا تنطق بهذه الكلمات المفزعة "
    سيدهارثا:" قريبا سأترك طريق السماناسا. كنت دائما متعطش
    للمعرفة و بدأت أعتقد أن ألد أعداء المعرفة رجل العلم والتعلم منه
    " . جوفيندا:" ازعجتني كلماتك " ثم همس جوفيندا بهذا المقطع:
    "ذا الروح المنعكسة النقية... تغوص في آتمن يعرف السعادة التى
    لايمكن وصفها بالكلمات"
    أسهب سيدهارثا في التفكير بعد سماع المقطع ولم يقل شيئا.
    ينتقل الكاتب بنا الي مرحلة جديدة من حياة سيدهارثا ومواصلة البحث للوصول لنِرفانا من معلم بلغها أو البحث بنفسه والوصول الي هدفه. ولا شك ان هيسى عكس تجربتة الي حد ما في شخصية سيدهارثا برفضه مجتمعه الذى عاش فيه قبيل الحرب واختار ان يكون حرا لاتقيده قيود وتقاليد ذلك المجتمع. وهدف إلى تحرير الفرد من الاستبداد والسيطرة وانغمس في نهل المعرفة من العارفين من العلماء والفلاسفة خاصة في بلاد الهند والصين وهم كثر. وانعكست تجربته في سيدهارثا ومؤلفاته العدة. ترك سيدهارثا طريق السماناسا وتبعه صديقه جوفيندا وفي طريقهما سمعا ان شخصا ذائِعُ الصِّيت باسم غوتاما بوذا) 4 ( يعظ الناس ويعرض لهم تعاليمه الممثلة في الحقائق النبيلة الاربع, أولى هذه الحقائق هي:
    المُعاناة: وهي لا تخلو من المعاناة التي يسببها الشقاء ومصادر الشقاء في العالم هي :الولادة والشيخوخة والمرض والموت ومصاحبة العدو ومفارقة الصديق والاخفاق في التماس ما تطلبه النفس. و يقول بوذا:ان سر هذه المتاعب هو رغبتنا في الحياة وسر الراحة هو قتل تلك الرغبه، والحقيقة الثانية :هي الاصل في منشأ المعاناة وعدم
    وجود السعادة وهي ناجمة عن التمسك بالحياة و ان منشأ هذه المعاناة الحتمية يرجع الى الرغبات التي تمتلئ بها نفوسنا للحصول على أشياء خاصة لنا اننا نرغب دائما في شئ مثل السعادة أو الأمان أو القوة أوالجمال أو الثراء أي أن سبب الشقاء و عدم
    السعادة هو الأنانية الأنسانية وحب الشهوات والرغبات والحقيقة الثالثة :هي حقيقة التخلص من المعاناة ولا يتم الا بالكف عن التعلق بالحياة والتخلص من الانانية وحب الشهوات في نفوسنا وتسمى هذه الحالة )النيرفانا( ) 5( أو الصفاء الروحي والحقيقة
    الرابعة : هي أن طريق التخلص من الأنانية والشهوات و متاع الدنيا يوجب على الانسان اتباع الطريق النبيل وهو: -الادراك السليم للحقائق الأربع النبيلة وهي التفكير السليم الخالي من كل نزعة هوى أو جموح شهوة أو اضطراب في الأماني والأحلام -الفعل السليم الذي يسلكه الانسان في سبيل حياة مستقيمة سائرة
    على مقتضى السلوك والعلم والحق -الكلام السليم أي قول الصدق بدون زور أو بهتان -المعيشة السليمة القائمة على هجر اللذات تماما والمتطابقة مع السلوك القويم والعلم السليم –السلوك السليم -الملاحظة السليمة -التركيز السليم. الالتزام بالقواعد الخمس التي تشكل أساس الممارسات الأخلاقية للبوذية وهي: -
    الكف عن القتل، - الكف عن أخذ ما لم يُعطى له، - الكف عن الكلام السيئ، - الكف عن السلوكيات الحِسية المُشينة، - الكف عن تناول المشروبات المُسْكِرة والمخدرات. بإتباع هذه التعاليم يمكن القضاء على الأصول الثلاثة للشرور: الشهوانية، الحِقد والوَهم. سيدهارثا سمع هذا الكلام وتمعن فيه ووجده جذاب,
    ساحر, محبب. وعلم أن كثيرا من البراهمين والسمناس اصبحوا اتباعا له. ولمس رغبة صديقه جوفيندا للمثول امام المعلم الجديد والسمع اليه وقال له " جوفيندا تعلم انني صرت قليل الثقة في التعليم والتدريس رغم ذلك انا مستعد للاستماع إليه. وذهبا
    لمقابلت المعلم الجديد والإستماع اليه.
    تبع
                  

03-29-2015, 10:11 AM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني) (Re: Mohamed Yousif)

    مع بوذا:
    سيدهارثا وصديقه وصلا بلدة سافاتهى وفيها علما ان بوذا مقيم في جيتافانا في حديقة اناتهابنديكا ووجدا كثيرا من القوم مجتمعين لسماع بوذا) 6(.في المساء تجمع الناس لسماع الوعظ من بوذا سمعوا صوته مليئ بالسلام وتحدث بصوت ناعم ولكنه راسخ و صلب. الكثير طلبوا الإنضمام اليه وقبلهم بوذا قائلا "انضموا إلينا, سيروا الي النعيم والهناء واضعوا حدا للمعاناة." وانضم جوفيندا واصبح من قوم بوذا. اما سيدهارثا فلازمه الشك وقرر ان يخوض معترك الحياة باحثا عن النرفانا بنفسه. وقال لصديقه أمل أن تجد طريق الخلاص من بوذا. ثم نظر إلى اعلى وحوله وقد أشرق وجهه وسار في الطريق مسرع الخطوات وهو يقول "سوف اتعلم من نفسى ولن اهبُ ذاتى لأتمن واحزان العالم ولن ادمر ذاتى من اجل البحث عن سر وراء حطام. ونظر حوله وكأنه رأى الدنيا لاول مرة.
    مرحلة الحياة الدنيوية:
    كاتبنا انتقل بسيدهارثا من عالمه الروحي حيث كان الزهد والتقشف شعاره ليبلغ حالة الاستنارة, الي مرحلة الحياة الدنيوية بعيدا من حياة الزُهّاد. هيسى اراد ان يعكس التجربتين تجربة الزهد والتقشف وتجربة الحياة الدنيوية البحتة و تأثيرهما علي
    شخصية سيدهارثا وفي ذاكرته تجربة بوذا بمراحلها , حيث تربَى بوذا الأمير الشاب في رعاية والده وعاش حياة باذخة وناعمة، حتى إذا بلغ سن التاسعة والعشرين، أخد يتدبر أمرهُ وتبين له كم كانت حياته فارغة ومن غير معنى. قام بترك الملذات الدنيوية، وذهب يبحث عن الطمأنينة الداخلية وحالة التيقظ )الاستنارة(. قام بممارسة اليوغا لبعض السنوات، وأخضع نفسه لتمارين قاسية وكان الزهد والتقشف شعاره في هذه المرحلة من حياته.بعد سبع سنوات من الجُهد، تخلى بوذا عن هذه الطريقة، والتي لم تعُد تقنعه، واتبع طريقا وسطا بين الحياة الدنيوية وحياة الزُهّاد. كان يجلس تحت شجرة التين، والتي أصبحت تُعرف بشجرة الحكمة، ثم يأخذ في ممارسة التأمل، جرب حالات عديدة من التيقظ، حتى أصبح مؤهلا لأن يَرتقى إلى أعلى مرتبة وهي بوذا المتيقظ. في كل خطوة علي مساره الجديد فتن سيدهارثا بالعالم وكأنه يراه لأول مرة. وفي الليل رأى النجوم في السماء والقمر كمركب عائم
    في الزرقاء. سمع الطيور تغرد, والنحل تهمهم والريح تهب برقة عبر الحقول. قد شاهد الشجر والنجوم والحيوانات والسحب والصخور والزهور والأنهار والندى يتلألأ علي الشجيرات في الصباح الباكر. كل هذا لم يكن ذا بال في حياته بالأمس. امضى سيدهارثا ليلة في قطية مراكبي علي ضفة النهر وفي الصباح الباكر طلب من المراكبي ان يعدى به الي الشاطي الأخر واعجب وهو يشاهد صفحة الماء العريضة لاحت وردية في ضوء الصباح. قال للمراكبي "نهر جميل" "نعم احبه فوق كل شيء, لقد استمعت له كثيرا وتعلمت منه الكثير." رد المراكبي. عندما وصلا الشاطي الأخر دار بينهما الحديث التالي. سيدهارثا "شكرا لك ياأيها الرجل الطيب ليس لدي أي هدية أو أي أجر أدفعه لك فانا بلا مأوى وابن براهاما وسمانا " المراكبي " لم أكن أتوقع أي شئ ولكنك سوف تقدمها لي في وقت آخر" سيدهارثا " هل تعتقد ذلك ؟
    "المراكبي " بالتأكيد. وقد تعلمت من النهر أي شيء يعود وأنت أيضا يا سمانا سوف تعود والآن الوداع." وصل سيدهارثا الي مدينة كبيرة وانغمس بشغف في حياة المدينة من ملزات والتقى بكمالا وفتن بجمالها. وطلبت منه ان يعمل حتى يكسب المال اذا ود التقرب منها وسألته عن عمله فقال :" أستطيع التفكير وألصيام والإنتظار " ابتسمت وقالت "فقط " . فقال "أغرض الشعر... وهل تقبلينى اذا نظمت قصيدة لك " قالت "نعم". فقال المقطع التالى:
    الي بُسْتانها ذهبت كمالا الوسيمة,
    وفي مدخل البستان وقف سمانا الأسمر,
    حينما شاهد زهرة اللوتس ,
    انحنى.
    وابتسم مرحباً بكمالا,
    افضل,... فكر سمانا الشاب,
    تقديم التضحيات من أجل كمالا الوسيمة
    افضل من تقديم التضحيات للأله.
    فابتسمت وقبلته وتقرب منها ومارس معها الجنس وقادته كمالا المومس الي كماسوامى التاجر للعمل معه لكسب المال. والتاجر كماسوامى يمثل الجشع وعند لقائه بسيدهارثا دار بينهما الحديث التالى والذى عكس التباين بينهمها.
    كماسوامى: " قد علمت انك تود العمل معي فهل انت بحاجة"
    سيدهارثا:"لست بحاجة. كنت أنتمي لسماناس وعشت معهم
    لفترة طويلة"
    كماسوامى: " اذا قدمت من سماناس كيف تكون لست بحاجة
    فالسماناس ليس لهم ممتلكات "
    سيدهارثا:"نعم ... ولست بحاجة لممتلكات"
    كماسوامى: " كيف تعيش بدون ممتلكات "
    سيدهارثا:" لمدة ثلاث سنوات تقريبا ولم يحدث لي التفكير في هذا الشأن "
    كماسوامى: " يعنى عشت من ممتلكات الأخرين "
    سيدهارثا:" كما يبدو... والتاجر ايضا يعيش من ممتلكات
    الأخرين "
    كماسوامى: " ولكن يعطي بضاعته في المقابل... ماذا تعطي انت
    في المقابل "
    سيدهارثا:" أستطيع التفكير وألصيام والإنتظار "
    كماسوامى: " وأي فائدة تجنى من ذلك "
    سيدهارثا:" فان كان الانسان ليس لديه ما يأكل فالصيام هو
    أذكى شيئ يمكن عمله. تعلمت كيفية الصيام وأستطيع أن أبتعد
    عن الجوع وقتا طويلا "
    كماسوامى: " أنت على حق وأي فائدة تجنى من ذلك "
    خرج كماسوامى وعاد وهو يحمل ورقة كتب عليها اتفاقية مبيوعات و طلب منه قراءتها. اعجب بقراءته وطلب منه أن يكتب شيئا. واعجب بكتابته وقال
    له "كتابة جيدة ...تفكير افضل... ذكاء جيد...وصبر افضل".
    وقرر أن يستفيد من هذه الخصال في تجارته ودعاه الى منزله والعمل معه. وافق سيدهارثا واقام بمنزل كماسوامى وشاركه في اعماله التجارية. وواظب علي زيارة كمالا بملابسه الجميلة وحسن طلعته وتعلم منها سر الحب والمتعة به. كان سيدهارثا في معاملته على عكس كماسوامى لا يندم اذا فشل واذا نجح تقبل الربح بهدوء. وفي مرة من المرات ارسله كماسوامى لكي يشتري كميات من الارز ولما وصل الي المكان وجد الرز بيع لاحد التجار قبل وصوله ولم يقلق وبقي في تلك القرية لعدة ايام حيث تعرف على اهل القرية وأعطى أموالا للأطفال وعاد مسرورا. لامه التاجر وغضب للخسارة الفادحة وضياع الوقت شأنه شأن تاجر جشع لا يهمه غير جمع المال. قال له سيدهارثا "تعلمت منك كم تكلف سلة السمك وكم اكسب من تقديم القروض ولكن لم اتعلم منك كيف افكر ". يعني انه مستقل في فكره. لم يكن مولعا بالتجارة ولكنها مفيدة لجلب المال لحبيبته كمالا. وهو متعاطف مع الناس ولكن شيء فاصل بينهما لكونه عاش سمانا. شاهد الناس تؤذي بعضها البعض من اجل المال وأشياء عديمة الأهمية . ونرى سيدهارثا متعلق بحياته السابقة رغم التجربة الجديدة والتى قصد منها اكتساب تجارب لم تكن في الحسبان من قبل. سيدهارثا لم
    يكن مولعا بالتجارة ولكنها كانت مفيدة لجلب المال لحبيبته كمالا، وقد جلبت له اكثر من اللازم.كثير من الناس جاءوا للتجارة معه وكثير منهم جاءوا لخداعه وكثير منهم يستمع الى نصيحته. كان يشغل أفكاره في كل هذا الانفعال العاطفي مع كل
    لعبة, التي يلعبها الرجال من حوله . ونرى سيدهارثا متعلق بحياته السابقة وكان يشغل أفكاره بالآلهة وبراهمان رغم التجربة الجديدة والتى قصد منها اكتساب تجارب لم تكن في الحسبان من قبل. وقد لاحظ بوضوح انه يقود حياة غريبة , الناس من حوله يتعذبون من أجل الحصول على المال والمتعة بكل الطرق ويؤذي بعضهم البعض. وكان يعامل الناس سواسية الفقير والغني والخادم والمحتاج. لم يكن سيدهارثا قنوعا بحياته هذه وفي داخله صوت يناديه بأن الحياة الحقيقية تذهب بعيدة عنه وظل يلاحقها في داخل نفسه. واظب على زيارة كمالا وقال لها يوما انها مثله يمكنهما اللجؤ اليه وكثير من الناس حولهما كأوراق الشجر الساقطة تدور في الهواء وتسقط على الأرض وقليل منهم كالنجوم تسير في خط مرسوم لا تصله الرياح وهناك رجل واحد أعرفه يدعى بوذا "المتيقظ".
    "غاوثاما" يعلن طريقةً لخلاص البشر من دائرة الولادة المتكرّرة )سمسرة(. قالت له كمالا انت افضل عاشق صادفته وسوف ارزق منك طفلا رغم أنك سوف تبقى سامانا ورقم انك لا تحبنى ولا تحب أحدا. قال لها إنك مثلى لا تحبى احدا وإلا كيف تباشرين الحب كفن من الوان الفنون.
    استيقظ من جديد:
    يتبع
    x
                  

03-29-2015, 12:51 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى(الجزء الثاني) (Re: Mohamed Yousif)

    استيقظ من جديد:
    منذ فترة طويلة عاش سيدهارثا حياة العالَم من دون الانتماء اليه. تجربته خلال السنوات التى عاشها كسمانا عادت واستيقظ من جديد. جرب طعم الثراء والعاطفة والسلطة, ولكن لفترة طويلة من الزمن وهو ما زال سامان في داخل قلبه. منذ فترة
    طويلة إمتلك بيتا لنفسه و خدم و حديقة والناس جاءوا إليه يطلبون المال والمشورة. رغم ذالك لم يكن له صديق غير كمالا. التجربة الرائعة والرفيعة في شبابه بعد أن إستمع لتعاليم بوذا "المتيقظ" تمكنت في نفسه واصبحت تعود اليه . روح التنسك
    والتقشف عادت اليه رويدا رويداًَ و تسللت إلى روحه. وقد لاحظ ان الصوت المشرق الواضح بداخله والذى كان دائما يستهدي به في أجمل ساعاته أصبح صامتا. ممتلكاته والغنى قد عاقت عليه السبل. عندما استيغظ من الحلم, طغى عليه شعور بالحزن العميق. ذهب سيدهارتا الى حديقة يمتلكها ، وأغلق الأبواب وجلس تحت
    شجرة مانجو و شعر بالموت في قلبه. تدريجيا ، جمع أفكاره وسار خلال حياته السابقة منذ البداية . متى كان سعيدا؟ انه واجه هذا عدة مرات. ذاق السعادة في طفولته عندما حصل على الثناء من البراهمين عند تفوقه في تلاوة الآيات المقدسة وفي حججة مع رجال الدين وعند مساعدته في الأُضْحِيَّة الدينية . تذكر عندما كان هدفه باستمرار البحث عن الذات وسعيه الحثيث لفهم تعاليم البراهاما و كل المعارف المكتسبة حديثا جعلته يتوق إلى معرفة جديدة ، ثم مرة أخرى في خضم العطش لمعرفة جديدة. وكاد يسمع صوته عند ما غادر منزله ثم اختيار طريق السمانسا . كم
    من فترة طويلة قضاها دون الهدف النبيل .وكان هذا العالم بأسره من الناس مثل كماسوانى لعبة رقص فقط ،وكوميديا فقط كانت كامالا عزيزة له ولكن هل هو لا يزال بحاجة لها ؟ لا انتهت اللعبة, لعب لعبة والتي ربما كانت ممتعة بمجرد مرتين ... عشرة أضعاف ... ولكن هل كان يستحق اللعب بشكل مستمر ؟ ثم عرف ان اللعبة شارفت الانتهاء ؛ شعر وكأن شيئاً قد توفي في داخله. كان يجلس في ظل شجرة المانجو وتذكر والده و غوفيندا وقوتاما. جلس هناك حتى حلول الليل. ودع
    شجرة المانجو والحديقة. لم يكن لديه أي طعام ذلك اليوم و شعر بالجوع وتذكر منزله في البلدة و غرفة نومه المريحة و الغذاء المتوفر. ابتسم و هز رأسه ، وقال وداعا إلى هذه الأشياء. نفس الليلة غادر سيدهارثا حديقتة و منزله و المدينة ولم يعد أبدا. منذ فترة طويلة حاول كماسوانى العثور عليه معتقدا انه سقط في أيدي قطاع الطرق . ولكن كمالا لم تحاول العثور عليه. لم تكن فوجئت عندما علمت ان سيدهارثا قد اختفى. هو سامانا لم تغيره حياة المدينة. وقد شعرت أنه في أكثر من أي وقت مضى في اجتماعهم الأخير انه مقرب من قلبها. عندما سمعت أخبار اختفاء سيدهارثا ، ذهبت إلى النافذة حيث طائر غريد في قفص ذهبي. فتحت باب القفص ، وأخرجت الطائر واطلق صراحه والسماح له بالتحلق بعيدا. لفترة طويلة نظرت اليه وهو يحلق بعيدا محتضنا الحرية بجناحيه. منذ ذلك اليوم اغلقت منزلها ولم تلتقي بالمزيد من الزوار. بعد فترة ، وجدت أنها حامل بعد اجتماعها الأخير مع سيدهارتا.
    تجول سيدهارتا في الغابة بعيدا من المدينة وهو مصمم أن لا يعود ، والحياة التي عاشها لسنوات عديدة قد مضت و استنزفت إلى درجة من الغثيان. والطير المغرد قد مات. شعر بالغثيان و الموت يحيط به من جميع الجوانب ؛ لم يكن هناك أي شيء في العالم يمكن أن يجتذبه. وتمنى الخلود للسكينة والموت. وتمنى أن يأتي نمر يفترسه أو أن يتحصل على بعض النبيذ ، بعض السموم لتمحه النسيان. أي خطيئة و حماقة إرتكبها...هل يمكنه العيش ؟ لا ذال يجول في داخله يعتصر مرارة تجربته حتى وصل النهر الذى عبره من قبل في شبابه تاركا صديقه جوفانا مع اتباع بوذا. توقف عند
    النهر. غلبه الإرهاق والجوع فجلس و اتكأ على شجرة جوزة الهند ووضع ذراعه حول الجذع و بدأ ينظر في المياه الخضراء التي تتدفق تحته. الفراغ البارد في الماء عكس الفراغ الرهيب في روحه. نعم ، انه في النهاية. وسمع صوت أُم المقدس واستيقظ فجأة ، واعترف بحماقة وشعر بالفزع الشديد في الرغبة في الموت والعثور على السلام خلال تدمير الجسم. عند سفح شجرة جوز الهند غلبه التعب وغرق في نوم عميق. استيقظ بعد عدة ساعات, بدا له كما لو كانت قد مرت عشر سنوات. سمع تموج الماء ؛ وأعرب عن دهشته لرؤية الأشجار و السماء ولم يتذكر حيث كان و كيف انه جاء الى هناك. وشعر برغبة في البقاء هناك لفترة طويلة. الماضي بدا له محجوب وبعيد للغاية و غير ذات اهمية. في اللحظة الأولى من عودته إلى وعيه بدت له حياته السابقة مثل ولادة سابقة لذاته الحاضرة. عرف أن حياته السابقة قد انتهت وقد كانت ملئة بالبؤس والحقارة والتعاسة. تحت شجرة جوز الهند مع الكلمة المقدسة أُم على شفتيه سقط نائما و حينما استيغظ نظر للعالم مثل رجل جديد. نهض وشاهد راهبا في ثوب أصفر حالق الرأس ، جالس قبالته في موقف المفكر. نظر سيدهارثا للرجل وعرف انه غوفيندا صديق شبابه و الذي لجأ لبوذا. ولكن عندما نظر له غوفيندا لم يتذكره. سأله سيدهارتا "كيف أتيت هنا ؟" رد غوفيندا " وجدتك نائما ولأن هذه الأماكن بها ثعابين وحيوانات مفترسة حاولت أن أوقظك ولكنك كنت في نوم عميق جدا ، وفضلت البقاء حتى لايصيبك مكروها" . شكره سيدهارتا "أود أن أشكركم سامانا ولكن الآن أذهب في طريقك" . غوفيندا انحنى
    وقال له وداعا. وقال له سيدهارتا "وداعا ، غوفيندا". وقف الراهب وقال "العذر يا سيدي ، كيف عرفت اسمى ؟". ضحك سيدهارتا وقال له " أعرف أنك غوفيندا ، من والدك و مدرسة البراهاما وإقامتنا مع سماناس و عندما أقسمت يمين الولاء إلى بوذا "
    قال غوفيندا بصوت عال " أنت سيدهارثا" . قال له سيدهارثا "يطيب لي أن أراك مرة أخرى. أود أن أشكرك مرة أخرى على الرغم من أنى لا احتاج لحارس. الى اين انت ذاهب ، صديقي ؟"
    قال له غوفيندا "نحن دائما على الطريق ، ما عدا خلال موسم الأمطار. نحن دائمى الانتقال من مكان إلى آخر وفقاً للقاعدة نوعظ ونجمع الصدقات . ولكن أين أنت ذاهب سيدهارثا ؟ "سيدهارثا قال: "مثلك ... أنا فقط على الطريق...في رحلة حج." غوفيندا قال: "أنت لا تبدو مثل الحجاج. ملابسك ملابس رجل غني ... شعرك معطر وليس شعر سامانا. " قال له سيدهاتا "هذا صحيح ... أنا كنت رجل غني والأن لم اعد ولا ادري ما سوف أكون غدا ". غوفيندا ذهب في طريقه . وسيدهارثا شاهد صديقه المخلص ذاهب في طريقه وقد انطبعت عليه ابتسامة. و في تلك اللحظة في تلك الساعة الرائعة بعد نومه تغلغل مع أوم أحب كل شيء من حوله. وهو يبتسم شاهد صاحبه الراهب يغادرة. النوم اعطاه قدرة و لكنه عانى كثيرا من الجوع. وتذكر كيف تجنب الجوع في الماضى و كان يتباهى بثلاثة أمور ...الصيام والإنتظار والتفكير. وكانت هذه ممتلكاته. تعطيه السلطة والقوة. انه تعلم
    هذه الفنون الثلاثة خلال السنوات من شبابه. والآن فقدها. و الآن ، على ما يبدو انه قد أصبح بالفعل شخص عادي. نظر سيدهارتا إلى حالته. وقد وجد أنه من الصعب التفكير ؛ انه حقا ليس لديه اي رغبة ولكنه اجبر نفسه. الآن ، يعتقد أن كل هذه الأمور الانتقاليه تراجعت بعيدا عنه مرة أخرى ، يقف مرة أخرى تحت الشمس ، كما وقف مرة وهو طفل صغير. لا يملك شيئا لا يعرف شيئا ، لم يتعلم شيئا. غريب كيف! الآن ، لم يعد من الشباب. بدأت قوة الشباب تضمحل. وقال "نعم ، انا ذاهب الى الوراء و الآن وقفت مرة أخرى فارغ عاري و جاهل في العالم". الا انه لم يحزن من ذلك ؛ لا ، بل شعر برغبة كبيرة في الضحك ، الضحك على نفسه وعلى هذا العالم الاحمق الغريب. وقال لنفسه الامور تسير باتجاه عكسي معي وعندها نظر نظرة سريعة على النهر و شاهد النهر أيضا يتدفق باستمرار إلى الوراء بغناء مرح. سره ذلك كثيرا وابتسم للنهر. ألم يكن هذا النهر الذي كان مرة يود أن
    يغرق نفسه فيه؟- مئات السنين قبل — أو كان يحلم بذلك ؟ كم كانت غريبة حياته. انه كان في أرجائها على طول مسارات غريبة. عندما كان صبيا إنشغل مع الآلهة و التضحيات ، وشبا إنشغل بالتفكير والتأمل. لقد كان يبحث عن البراهمي و التبجيل الأبدى في اتمن .عاش في الغابات و عان من الحرارة والبرد. تعلم بسرعة قهر جسمه. ثم اكتشف بعجب تعاليم بوذا الكبير. ولكن شعر مجبرا بترك بوذا والبحث عن معرفة اكبر. ذهب ليتعلم ملذات الحب من كمالا و التجارة من كماسوامى وجمع المال ، وفقد القدرة على التفكير ومن خلال هذه الانحرافات تغير من رجل الى طفل ، من المفكر إلى شخص عادي. ولكن هذا المسار كان جيدا رغم تجربة الغباء وخيبة الأمل والغثيان. وشعر أنه كان عليه أن يخوض هذه التجارب لكى يستمع الى الرب أم مرة أخرى . شعر بسعادة كبيرة متزايدة بداخله . وسأل نفسه ما هو سبب
    هذا الشعور بالسعادة ؟ هل هذه السعادة نشأت من النوم الطويل أو من كلمة أم الذي نطقتها ؟ أو لهروبى من ذالك الواقع واصبحت حرا وأقف كالطفل تحت السماء ؟ لقد كرهت عالم الثروات ، الآن وضعت حداً لتلك الحياة الفارغة. وأثني علي نفسه أنه بعد سنوات عديدة من الحماقة عاد الى رشده وأشاد بنفسه راضا. استمع الى بطنه التي دمدمت من الجوع. أدرك سيدهارثا الآن لماذا قد ناضل عبثا مع ذاته عندما كان براهمان وراهبا. الكثير من المعارف وقفت في طريقه والعديد من الآيات المقدسة ، وطقوس القرابين الكثيرة جداً . كان مليئا بالغطرسة وكان على الدوام الأدهى والاحرص وكان متقدما علي الآخرين . وسيدهارتا طيلة هذه التجارب المريرة مات وهو الأن سيدهارتا جديد قد استيقظ من نومه. وبات سعيدا جدا. مرت هذه الأفكار من خلال عقله. تبسم ، و استمع الى بطنه واستمع إلى أزيز نحلة. وبسعادة نظر الى النهر المتدفق. أحب النهر وكأن النهر يود أن يقول شيء خاص له . وسيدهارتا الجديد شعر بحب عميق لهذه المياه المتدفقة ، وقرر أن لا يغادر النهر مرة أخرى بسرعة .
    المراكبى:
    سأظل بجانب هذا النهر ...فكر سيدهارتا... وهو النهر نفسه الذي عبره في طريقه إلى المدينة , عندما أخذه المراكبي الودود عبره. وقرر الذهاب لمقابلته . الآن أبدأ حياتي من جديد. نظر بمودة إلى المياه المتدفقة. عندما وصل وجد القارب والمراكبى
    وطلب منه أن يأخذه عبر النهر. وقال له سيدهارتا "قد اخترت حياة رائعة ...أن تعيش بالقرب من هذا النهر و الإبحار كل يوم " ابتسم المراكبى وقال له " انها بخير يا سيدي ، كما تقول ، ولكن ليس كل الحياة ... وليست لمن يرتدى ملابس جميلة". ضحك سيدهارتا وقال "لقد حكمت علي بملابسى اليوم بعين الريبة ...
    سبق أن عبرت هذا النهر دون دفع ، اليوم أرجو اخذ ملابسي بدلا من الاجرة لانى لا املك مالا و تعطيني بعض الملابس القديمة وأبقى مساعدا لك وأن أتعلم كيفية التعامل مع القارب". نظر المراكبى له وتعرف عليه أخيرا. وتذكر انه حل عليه ضيفا مرة ونام في كوخه منذ زمن بعيد ، ربما أكثر من عشرين عاما. قال له سيدهارثا " كنت سامانا واسمي سيدهارتا" رحب به المراكبى فاسوديفا. جلس سيدهارتا على القارب يشاهده و شعر بالمودة نحوه و عندما وصلا إلى ضفة النهر ساعده لتأمين القارب. ثم قاده المراكبى الى كوخه و عرض عليه الخبز والمياه و ثمار المانجو و أكل
    سيدهارثا بشغف. لاحقاً، عند المغيب جلسا على جذع شجرة على النهر و قص سيدهارتا قصة حياته وقد استمرت القصة الى ساعات متأخرة من الليل. واستمع فاسوديفا) 8( باهتمام كبير. قال له فاسوديفا" كما اعتقدت تحدث النهر إليك ... جيد جداً. أبقى معي سيدهارتا كصديقي. كانت لدي زوجة ولكن توفيت منذ
    فترة طويلة. عشت لوحدى منذ وقت طويل. سوف تتعلم من النهر ... النهر يعرف كل شيء ؛ وسوف تصبح مراكبى مثلى وسوف تتعرف على شيء آخر أيضا. " وقال له سيدهارتا بعد توقف طويل: "ما هو الشيء الآخر ". قام المراكبى وقال" علينا الذهاب إلى الفراش. لا استطيع ان اقول لك ما هو الشيء الآخر. سوف تعرف بنفسك ما هو الشيء الآخر لا أعرف كيفية التحدث أو التفكير اعرف فقط كيف استمع. أنا فقط مراكبى قد اخذت آلاف أشخاص عبر هذا النهر. كانوا قد سافروا لجمع المال والأعمال وإلى حفلات الزفاف والحج وكان النهر فى طريقهم عقبة وعبرت بهم بسرعة عبر العقبة. ومع ذلك، بين الآلاف هناك عدد قليل أربعة أو خمسة منهم لم يكن النهر عقبة. استمعوا إليه وأصبح النهر المقدس لهم كما هو الحال بالنسبة لي. دعنا الآن نذهب إلى النوم" . سيدهارثا بقي مع المراكبى وتعلم مهنتة و
    كان يعمل في حقل أرز مع فاسوديفا ويجمع الحطب و الفاكهة. وتعلم كيفية تحسين القارب وأعرب عن سروره بما تعلم . الأيام والأشهر مرت بسرعة. تعلم من المراكبى كيفية الاستماع بقلب مطمئن وروح منفتح. عاش سعيدا مع فاسوديفا وتبادلا أحيانا
    الكلمات القليلة. كان فاسوديفا لا يتحدث كثيرا. ولم ينجح سيدهارتا أن يجعله متحدثا. و طلب منه إن كان هو ايضا تعلم ذلك السر من النهر أن لا يوجد شيء اسمه الوقت ؟ إنتشرت ابتسامة مشرقة على وجه فاسوديفا وقال له " نعم " وقال له
    سيدهارثا " هل هذا ما تعنيه ؟ أن النهر في كل مكان في نفس الوقت ، في المصدر... في المصب في الشلال في العبارة في المحيط و في الجبال في كل مكان ، وأن الحاضر فقط موجود لديه ، لا ماضي ، ولا مستقبل ؟ "
    عرف سيدهارتا أن حياته بمراحلها المختلفة كالنهر لا ماضى ولا مستقبل كل شيء له حقيقة و وجود. هذا الاكتشاف جعله سعيدا. وقال سيدهارتا: "أ ليس صحيحا ، صديقي أن النهر له عدة أصوات ... أصوات جميع المخلوقات الحية ؟" ضحك
    المراكبى و ابتهج ومال نحو سيدهارتا وهمس أم المقدسة في أذنه. و هذا ما سمعه سيدهارتا للتو. وكثيرا ما كانا يجلسا معا في المساء على جذع الشجرة بجانب النهر .كل منهما يستمع بصمت إلى المياه التي لم تكن مجرد مياه ، ولكن صوت الحياة. حدث ذلك في بعض الأحيان أن أثناء الاستماع إلى النهر كلاهما فكرا في نفس
    الأشياء.
    مرت السنوات وفي يوم جاء بعض الرهبان من اتباع بوذا ليعبر النهر. وعلما أن المعلم الكبير بوذا على فراش الموت وتوافد الناس كأسراب النحل حيث كان يرقد بوذا الكبير على سرير الموت ... الى مرحلة الخلود ... حيث الحدث الكبير. كمالا
    ايضا انخرطت ضمن هذه الأسراب إلى حيث يرقد المعلم الكبير.
    انطلقت على الأقدام ، بملابس بسيطة مع ابنها. منذ زمن طويل غيرت كمالا طريقة حياتها ووهبت حديقتها مأوآ لراهِبى بوذا واصبحت من النساء في خدمة حجيج بوذا , تاركة حياتها السابقة الى الأبد. عندما سمعت بقرب موت بوذا , انطلقت على الأقدام ، بملابس بسيطة مع ابنها وعندما وصلت الى النهر كان الإبن منهكا من الرحلة الشاقة ولم يستوعب ويفهم لماذا تصر امه على المسيرة الشاقة من أجل رجل غريب ولي وعلى فراش الموت. وبالقرب من مركب فاسوديفا توقفا للراحة والإستجمام على الأرض بجانب النهر. وبعد لحظات صرخت كمالا من الألم اثر لدغة ثعبان ,صرخ إبنها مستنجدا وجاء المراكبى وحمل الام الى قاربه. حينما وصلو الى قطية المراكبى كان سيدهارتا واقفا ولمح وجه الطفل واستغرب أن شيئا ما خطر على باله ... وشاهد كمالا بين يدى فاسوديفا مغما عليها وعرفها في الحال وأن الطفل إبنه من كمالا.
    فاقت كمالا من الاغماء ووجدت نفسها على سرير سيدهارثا الرجل الذى حبته ينظر إليها وكأنها في حلم وتحدثت بصعوبة والسم يسرى في جسدها "قد كبرت عزيزى والشيب اخذ منك ... لكن بقيت سمانا الشاب الذى أتى الى حديقتى بدون ملابس مغبر القدمين ... قد كبرت أنا كذلك ... هل عرفتنى؟" "نعم عرفتك عزيزتى كمالا في الحال" قال لها. ابتسمت كمالا رغم الألم. وضع سيدهاثا إبنه على ركبته وهو يجهش بالبكاء وتذكر صلات البراهاما حينما كان طفلا وصار يعيدها من الماضى بصوت عزب الى أن نام الطفل ووضعه على سرير فاسوديفا. ماتت كمالا وذهب فاسوديفا و سيدهارثا واقاما محرقة الجثث فوق تل.
    الإبن:
    الصبي قد حضر تشييع والدته ؛ مغمور بالبكاء والخوف ، واستمع إلي سيدهارتا مرحبا به كإبنه في منزل فاسوديفا. لعدة ايام جلس الطفل علي التل حزينا. سيدهارتا تركه لوحده احتراما لحزنه . فهم سيدهارتا أن ابنه لم يعرفه ولا يمكن أن يحبه باعتباره أب. وأدرك أن الصبى نشأ في كنف الأم مدللا وأنه اعتاد على حياة الاغنياء
    ولا يمكنه التحول الي حياة والده الا بالصبر والود والحنان وأعرب عن أمله للفوز به. لكن مر الوقت وظل الصبي عابسا و متعجرفا و متحديا ، لا يحترم الناس ، بدأ سيدهارتا يدرك أن لا سعادة وسلام مع ابنه فقط الحزن و المتاعب. لعدة شهور وسيدهارتا انتظر بصبر على أمل أن يكون له عونا في العمل في الكوخ والحقول و
    ليفهم ويتقبل حبه. ولكن الصبي لم يتغير في سلوكه. أخذه يوما صديقه فاسوديفا جانبا في المساء ، تحدث معه وقال له " اغفر لي يا صديقي, أستطيع أن أرى أنك تشعر بالقلق و غير سعيد.
    صديقي العزيز إبنك مثير للقلق لك ولي أيضا. هو شاب اعتاد على حياة مختلفة . انه لم يعش بعيدا عن ثروات المدينة ولم يصبه شعور الاشمئزاز والغثيان كما فعلت أنت. يا صديقي ، إستفسرت من النهر مرات عديدة فضحك لي و ضحك لك ؛ ابنك لن يكون سعيدا في هذا المكان. اطلب من النهر ، واستمع إلى ما يقول".
    قال سيدهارتا و في وجهه الرقيق العديد من التجاعيد وقال بهدوء.
    " أعطني بعضا من الوقت صديقي العزيز. أنا أحاول الوصول إلى قلبه بالحب والصبر. كما سيتحدث له النهر له يوما ما." إبتسم فاسوديفا وقال" إن قلبه فخور وقاسي . انه ربما يعاني الكثير ويرتكب الكثير من الاخطاء و الكثير من الظلم و ارتكاب الخطايا العديدة. صديق هل تعلم ابنك ؟ هل يطيعك ؟ هل تضربه أو
    تعاقبة ؟ " لا , لا أفعل أي من هذه الأشياء. "رد عليه الأب. قال فاسوديفا "كنت أعرف ذلك. لم تكن صارما معه ، لا تعاقبه ، لا تأمره — لأنك تعرف أن الدماثة أقوى من الشدة, و المياه أقوى من الصخور و أن الحب أقوى من القوة. جيد جدا ، الثناء لك, ولكن ربما يكون خطأ أن لا تكون صارما معه وأن لا تعاقبة؟ الا تقيده بحبك ؟ هل أنت تجبر هذا الفتى المتعجرف ، لكي يعيش في كوخ مع اثنين كبار السن أكلي الموز حتى الرز طعام لذيذ, وأفكارهما لا يكون مثل أفكاره ، اليس هذا عقاب له ؟ " نظر سيدهارثا الي الأرض مرتبكا. قائلا "ما رأيك يجب أن أفعل ؟".قال له فاسوديفا "خذه الى المدينة ؛ الى منزل والدته. سيكون هناك الخدم؛ تأخذه لهم و إذا لم تجدهم خذه الي معلم وليس فقط من أجل التعليم ، ولكن لكي يقابل الفتيان والفتيات في العالم التي ينتمي إليها. ألم تفكر أبدا في ذلك ؟ " قال الأب حزينا "يمكنك أن ترى في قلبي ،فكرت في ذلك كثيرا. ولكن كيف انه حتى سيستمر
    في هذا العالم ؟ ألا يعتبر نفسه أفضل وفوق الجميع و يفقد نفسه في المتعة والقوة ، ويكرر أخطاء والده، و يضيع في ) سانسارا ) 1 "؟ ابتسم فاسوديفا مرة أخرى. ولمس ذراعه برفق وقال:" اسأل النهر عن ذلك ، صديقي استمع إليه". خلال تجربته في المدينة ومع كمالا لم يخضع أبدا لحماقات الحب لشخص آخر. انه لم يكن قادرا على القيام بذلك ومن ثم قد بدا له أن هذا هو الفرق بينه وبين الناس العاديين. ولكن الآن ، ومنذ مجئ ابنه اصبح تماما مثل واحد من الناس من خلال الخوف علي ابنه وحبه له والحزن الذى إعتراه . هذا الألم هذه حماقات أيضاً أن يكون من ذوي الخبرة. كان هذا الأب رجل طيب رجل لطيف رقيق وربما كان رجلا تقيا ، وربما كان رجل مقدس — ولكن كل هذه لم تكن الصفات التي يمكن أن يفوز بها على الصبي. علنا تحول الإبن ضد والده. أصبح متحديا والكراهية والغضب والاحتقار شيمته كل ذلك في وجه أبيه. كمالا، قالت له منذ وقت طويل. 'لا يمكن أن تحب،'
    وقد اتفق معها. كان يقارن نفسه بنجمة، وكل الناس كأوراق الشجر المتساقطة، ومع ذلك شعر ببعض اللوم في كلماتها. كان صحيحاً أنه ابدأ لم يفقد نفسه في شخص آخر إلى درجة ينسى نفسه؛ ولم يخضع ابدأ لحب شخص آخر. لم يتمكن من القيام بذلك، ومن ثم يبدو له أن هذا هو الفرق الأكبر بينه وبين الناس العاديين. ولكن الآن، لأن ابنه معه، أصبح تماما مثل واحد من الناس، من خلال الحزن، عن طريق المحبة. أنه جنون في الحب، ومغفل من أجل الحب. والآن جرب متأخراً, ولو لمرة واحدة في حياته، أغرب وأقوى عاطفة: أنه عانى كثيرا من خلالها وبعد ارتفع
    بطريقة متجددة وأكثر ثراء. شعر بأن هذا الحب، هذا الحب الأعمى لنجله، وكان
    عاطفة بشرية جداً، أنها سنسارا، ربيع مضطرب للمياه العميقة. وفي الوقت نفسه شعر أنها ليست عديمة الفائدة، أنها ضرورية، وجاءت من طبيعته. هذه العاطفة، وهذا الألم، هذه الحماقات أيضا يجب أن تجرب. وفي الوقت نفسه، ابنه جعله يرتكب حماقات, دعه يكون متواضعا بمزاجه. لم يكن هناك شيئا في والده يجتذب إليه وليس هناك ما يخشى. هذا الأب كان رجل طيب، رجل لطيف وربما كان رجلاً تقيأ، ربما رجل مقدس – ولكن ولم تكن كل هذه الصفات تمكن الأب من استمالت إبنه. هذا الأب الذي أبقاه في هذا الكوخ البائس الممل ، وعندما أجاب علي غلظته بابتسامة،
    وكل إهانة بالود، وكل وقاحة بلطف. يوما ما تحول الإبن علنا ضد والده. عندما أبلغه أن يجمع بعض أغصان, ولكن الصبي لم يتحرك من الكوخ، وكان واقفاً هناك، متحديا وغاضبا، معلنا الكراهية والازدراء في وجه والده. وقال الإبن لوالده " أنا لست بخادمك. ولا تجرؤ على ضربي ومع ذلك أعلم أنك تعاقبني باستمرار وتجعلني أشعر صغيرا بتقواك وتسامحك. كنت تريد مني أن أصبح مثلك ورع و لطيف وذا حكمة، ولكن أفضل أن أكون لص وقاتل وأذهب إلى الجحيم، من أن أكون مثلك. أنا أكرهك. أنت لست أبي حتى إذا كنت عاشق أمي اثنتي عشرة مرة". مليئا بالغضب والبؤس، وغاضب على والده. خرج الصبي وعاد في وقت متأخر في المساء. في صباح اليوم التالي هرب الإبن آخذا معه بعض القطع النحاسية والفضية واشياء اخرى وأخذ القارب. رأه سيدهارتا على الجانب الآخر من الضفة. وقرر أن يلحق بإبنه خوفا عليه أن يصيبه ضرر في الطريق خلال الغابات. مع صديقه فاسوديفا اعدا طوفا لعبور النهر. وأستأذن سيدهارتا فاسوديفا للبحث عن الصبي. قضي سيدهارثا وقتا طويلاً في الغابة باحثا عن إبنه ووجد أن بحثه عديم الفائدة. و ظن أن الصبي ترك الغابة منذ فترة طويلة ووصل إلي في المدينة. عند وصوله إلى الطريق الواسع بالقرب من المدينة، وقف عند المدخل إلى حديقة جميلة كانت ملكا لكمالا. الماضي بعث أمام عينية. مرة أخرى رأى نفسه واقفا هناك ، سامانا الشباب الملتحي، عاريا، شعره مليئ بالغبار. سيدهارثا وقف هناك وقتاً طويلاً، ونظر من خلال بوابة مفتوحة في
    الحديقة. شاهد الرهبان تحت الأشجار الجميلة. وقف هناك لفترة طويلة، التفكير، ومشاهدة الصور، ورؤية قصة حياته كشريط يعكس كل أيامه الدنيوية مع كاماسوامي وكمالا والخدم وفي الحفلات. أنه عاش كل ذلك مرة أخرى، تنفس سنسارا، والتعب، مرة أخرى شعر بالغثيان والرغبة في الموت، مرة أخرى سمع أٌم المقدسة. بعد أن كان واقفاً لفترة طويلة عند البوابة إلى الحديقة، أدرك سيدهارثا أن الرغبة التي دفعت به إلى هذا المكان حمقاء، أنه لا يمكن أن يساعد ابنه، أنه لا يجب فرض نفسه عليه. شعر بحب عميق للفتى الهارب، مثل جراحة التي أصيب بها، ومع ذلك رأي في الوقت نفسه أن هذا الجرح لا يقصد أن يستفحل فيه، بل أنه يجب
    أن يلتئم. لأن الجرح لم يلتئم خلال تلك الساعة، كان حزينا. بدلاً من الهدف الذى جاء من اجل ابنه، لم يكن هناك سوى الفراغ. بحزن جلس. ورأى شيئا يموت في قلبه؛ لا مزيد من السعادة، ولا هدف. يجلس هناك باكتئاب وانتظر. تعلم ذلك من النهر:
    الانتظار، الصبر، الإستماع. جلس واستمع في الطريق المغبرة، استمع إلى قلبه الذي نبض بحزن وأسف وانتظر صوتا. جلس القرفصاء هناك واستمعت لساعات طويلة، لم يرى وغرق في الفراغ وترك نفسه تغرق دون رؤية طريقة تنغزه. وعندما شعر
    بالجرح يئن ، همس الكلمة أٌم ، شغل نفسه مع أٌم.ْ رأوه الرهبان في الحديقة يجلس القرفصاء هناك لعدة ساعات وجمع الغبار في الشعر الرمادية، فجاء أحد الرهبان تجاهه ووضع موزتين أمامه. يد لمست كتفه أيقظته من حلمه. لمسة رقيقة، خجولة. نهض واستقبل فاسوديفا، الذي كان يتبعه. عندما شاهد وجه فاسوديفا، مشرق العينين، بابتسامة، ابتسم أيضا. الآن شاهد الموز ملقاة بالقرب منه. اعطى واحدة للمراكبى وأكل الأخرى. ثم ذهب في صمت مع فاسوديفا من خلال الغابة إلى العبارة. ولا تحدث عن ما حدث؛ ولا ذكر اسم الصبي، ولا تكلم عن رحلته. سيدهارثا ذهب إلى سريره في الكوخ، وعندما ذهب فاسوديفا له بعد فترة من الزمن ليقدم له بعض حليب جوز الهند، وجده نائماً.
    أٌ م:
    الجرح لم يلتأم لفترة طويلة. سيدهارثا اخذ العديد من المسافرين عبر النهر بأبنائهم أو بناتهم ... اصابه الحسد وفكر أن الكثير من الناس يملكون هذه السعادة العظيمة – لماذا احرم منها؟ حتى الأشرار من الناس واللصوص لهم أطفال يحبونهم إلا أنا. أصبح
    يتصرف مثل الناس العاديين. واعتبر الناس الآن في ضوء مختلف من قبل: ليس ذكي جداً وليس فخور جداً ولذلك يزيد دِفأ وتعاطفا. النوع المعتاد للمسافرين مثل رجال الأعمال والجنود والنساء، لم يبدو غرباء بالنسبة له كما فعلوا من قبل. لا يفهم أو يبادل الأفكار ووجهات النظر، ولكن يشاطرهم متطلبات الحياة والرغبات. رغم أنه قد وصلت إلى مرحلة عالية من الانضباط الذاتي، ويتحمل جروح الماضي جيدا، أنه يشعر الآن كما لو كان هؤلاء الناس العاديين إخوته. والرغبات والتفاهات لم تعد تبدو سخيفة له؛ أنها أصبحت مفهومة ومحبوبة وحتى تستحق الاحترام. هناك الحب الأعمى من الأم لطفلها، والفخر الأحمق والأعمى من الأب الى ابنه الوحيد، مجاهدة وحرص الشابه لإعجاب الرجال. كل هذه الأشياء لم تعد عديمة القيمة لسيدهارثا. شاهد الناس تكدح من اجل العيش والقيام بأشياء عظيمة مثل السفر وإجراء الحروب والتعاني. صار يحبهم لذلك. أنه شاهد الحياة وحيوية والبراهمان في جميع رغباتهم واحتياجاتهم. هؤلاء الناس جديرون بالحب والاعجاب في ولائهم الأعمى، وفي قوتهم الأعمى ومثابرتهم. مع استثناء شيء صغير واحد، أنهم يفتقدون لا شيء مما يمتلكه المفكر وهو ضمير وحدة الحياة كافة. وفي كثير من الأحيان شك سيدهارثا إذا ما كانت هذه المعرفة، وهذا الفكر، له قيمة عظمى ، وما إذا كانت ربما إطراء صبيانية من المفكرين، الذين يفكرون وربما فقط كأطفال. الرجال في العالم مساوية للمفكرين
    جميع النواحي الأخرى، وغالباً ما تفوقو عليهم، تماما كما قد يبدو أن الحيوانات في حالات الضرورة غالباً ما تتفوق على البشر. داخل سيدهارثا هناك نما ببطء ونضج معرفة ما هي الحكمة في الحقيقة وهدفه في السعي إلى فترة طويلة. لم يكن شيئا سوى إعداد الروح، وقدرة، وفن سري للتفكير والشعور وتنفس أفكار الوحدة في كل لحظة من الحياة. وهذا الفكر نضج فيه ببطء، وتجلى في وجه فاسوديفا: الوئام ومعارف الكمال الأبدي للعالم والوحدة.ولكن الجرح ما زال يؤلم. سيدهارثا تَشَوَّقَ بمرارة لابنه، دع الألم ينخره ، خضع جميع حماقات الحب. اللهب لا يطفئ نفسه. في يوم عندما كان الجرح يؤلمه وفي شدته ، سيدهارثا جذف عبر النهر اِسْتَهْلَكَه الشوق، وخرج من الزورق للذهاب إلى المدينة للبحث عن ابنه. النهر يتدفق بهدوء ولطف؛ كان في موسم الجفاف ولكن النهر رن بصوت غريب. كان يضحك، كان يضحك بطريقة مميزة! النهر كان يضحك بوضوح وبمرح على المراكبى العجوز. وقف سيدهارثا ومال نحو مياه النهر بغية الاستماع أفضل. شاهد وجهة منعكس في المياه المتحركة بهدوء، وكان هناك شيء في هذا الانعكاس ذكره بشيء قد نِساه وعندما
    فكر فيه تذكر. وجهة يشبه شخص آخر، كان يعرفه من زمن وأحبه وخشيه. أنه يشبه وجه والده، براهمين. تذكر كيف حينما كان شابا كيف أرغم والده بالسماح له بالذهاب والانضمام إلى سمانسا وكيف ودعه وكيف ذهب ولم يعد. ألم يعاني والده الألم نفسه الذى يعانيه هو الآن لإبنه؟ ألم يمت والده منذ فترة طويلة، وحده، دون أن يشهد ابنه مرة أخرى؟ أنه يتوقع نفس المصير؟ ألم تكن كوميديا، شيئا غريبا وغبي، هذا التكرار، وهذا المسار للأحداث في دائرة المشؤوم؟
    سيدهارثا عاد إلى الكوخ، فكر في والده وفكر في ابنه، ضحك منه النهر، شارف على اليأس، ومال إلى الضحك بصوت عال على نفسه وعلى العالم بأسره. ماذال الجرح يؤلمه ويتمرد ضد مصيره. لا صفاء ولا خلاص من معاناته. ومع ذلك كان متفائلا وعندما عاد إلى الكوخ كان مليئا برغبة لا تقهر على الاعتراف لفاسوديفا و بالكشف عن كل شيء للرجل الذي يعرف فن الاستماع. جلس فاسوديفا في الكوخ ينسج سلة. أنه لم يعد يعمل في المعدية؛ عينية أصبحت ضعيفة، وأيضا ذراعيه ويديه، ولكن دون تغيير لوجهه المشرق. سيدهارثا جلس إلى جانب الرجل المسن،
    وبدأ يتكلم ببطء. قال له كيف أنه ذهب إلى المدينة متأثراً بجراحه و الحسد من الآباء السعدا و معرفته بجنون مثل هذه المشاعر، من نضاله الميئوس منه مع نفسه، ذكر له كل شيء، حتى الأشياء المؤلمة؛ وكيف ضحك منه النهر.واصل حديثة واستمع إليه
    فاسوديفا بوجه هادئ، وسيدهارثا أدرك تماما أكثر من أي وقت مضى اهتمام فاسوديفا. شعر سيدهارثا أكثر فأكثر أنه لم يعد فاسوديفا، لم يعد الرجل الذي كان يستمع إليه. شعر أن هذا المستمع بلا حراك استوعب اعترافاته كما تمتص الشجرة المطر، أن هذا الرجل بلا حراك كالنهر نفسه، أنه "الله نفسه"، والخلود نفسه حينما توقف سيدهارثا عن التفكير في نفسه وجرحه ، هذا الاعتراف بالتغيير في فاسوديفا ملكه وكلما ادرك ذلك وجد انها اقل غرابة وأكثر أدرك أن كل شيء طبيعي وأن فاسوديفا منذ زمن طويل كان مثل هذا تماما؛ والواقع أنه هو نفسه كان مثله. أنه
    يشعر أنه يعتبر الآن فاسوديفا كما ينظر الناس إلى الآلهة. عندما أنهى حديثه، فاسوديفا نظر اليه نظرة ضعيفة ولم يتكلم، ولكن وجهة يشع بالحب والصفاء، والفهم والمعرفة. واخذ يد سيدهارثا، وقاده الى مقعد على ضفة النهر، وجلس إلى جانبه وابتسم الى النهر. وقال 'سمعت أنه يضحك'، ' ولكن أنت لم تسمع كل شيء.
    فلنستمع وسوف تسمع المزيد. " استمعوا. سيدهارثا تتطلع إلى النهر، وشهد العديد من الصور في المياه المتدفقة. أنه شاهد والده وحيدا حاداً على ابنه؛ أنه يرى نفسه وحيدا، أيضا مع أواصر الشوق لابنه البعيد؛ أنه شاهد ابنه، وحيدا أيضا، والصبي بشغف يمضي قدما على الطريق المحرق في الحياة، كل واحد ركز على هدفه، كل واحد مهووس بهدفه، كل واحد يعانى. ' صوت النهر كان حزينا. أنها غنت مع الحنين والحزن، تتدفق نحو هدفها.
    'أتسمع؟' سأل فاسوديفا. سيدهارثا طاطاء رأسه. إستمع أفضل!
    "همس فاسوديفا. وحاول سيدهارثا للاستماع أفضل. صورة لوالده والصورة وصورته وصورة إبنه جميعها تتدفق بعضها البعض. صورة كمالا ظهرت وكذلك صور جوفيندا وآخرون ظهرت ومرت. أنهم جميعا أصبحوا جزءا من النهر. يتدفق النهر نحو هدفه. سيدهارثا شهد النهر يسارع، والذى يتألف من نفسه وأقاربه وجميع الناس الذين شاهدهم أي وقت مضى. الماء يتغير إلى البخار ارتفع وأصبح مطراً ونزل مرة أخرى، أصبح الربيع وجداول ونهر، تغيرت مجددا، تتدفق مجددا. ولكن غيرت صوت الحنين. لا يزال صدى الحزن، ولكن أصوات اخرى أصوات السرور والحزن،
    أصوات الخير والشر، الضحك والتباكي أصوات، مئات أصوات، آلاف أصوات. استمع سيدهارثا. الآن يستمع باهتمام، يستوعب تماما وفارغ تماما، ياخذ كل شيء. شعر أنه الآن تعلم تماما فن الاستماع. أنه كثيرا ما يسمع كل هذا من قبل جميع هذه الأصوات العديدة في النهر، ولكن اليوم بدت مختلفة. أنه لم يعد يمكن التمييز بين الأصوات المختلفة – صوت مرح من صوت باكى صوت طفل من صوت رجل. عندما استمع سيدهارثا باهتمام لهذا النهر، إلى هذه الأغنية من ألاف الأصوات ؛ عندما لم يستمع إلى الحزن أو الضحك، عندما لم يربط روحه إلى أي صوت معين واحد ، بل استمع إلى كل منهم، والوحدة كلها ؛ ثم أغنية عظيمة لألاف الأصوات تتألف من كلمة واحدة: أُوم – الكمال. 'أتسمع؟' سأل فاسوديفا مرة أخرى. الابتسامة على فاسوديفا كان إشعاعاً؛ تأرجحت زاهية في جميع التجاعيد من الوجه العجوز، كما أُوم حلقت فوق جميع أصوات النهر. والآن ظهرت نفس الابتسامة
    على وجه سيدهارثا. شفي الجرح، وألمه قد تفرق وذاته دمجت في الوحدة. من تلك الساعة توقف سيدهارثا عن القتال ضد مصيره. هناك أشرق في وجهة صفاء المعرفة، لم يعد يواجه صراع الرغبات، وجد الخلاص، اصبح في وئام مع مجرى الأحداث، مع تيار الحياة، مليئ بالتعاطف والرحمة، واستسلامه إلى الذين ينتمون إلى وحدة
    جميع الأشياء. عندما نهض فاسوديفا من المقعد على ضفة النهر، وعندما تطلع إلى
    عيون سيدهارثا ورأى صفاء المعرفة مشرقة فيهما، قد لمس كتفه بلطف بطريقته الواقية الرقيقة، وقال: ' لقد انتظرت لهذه الساعة، صديقي. الآن وقد وصلت، اسمح لي أن انتقل. لقد كنت فاسوديفا، المراكبى لفترة طويلة. الآن يتم إكمالها. الوداع للكوخ الوداع للنهر الوداع سيدهارثا. ' سيدهارثا ركع للرجل المغادر.
    'كنت أعلم ' قال بهدوء. 'أنت ذاهب إلى الغابات؟' 'نعم، أنا ذاهب إلى الغابات: أنا ذاهب إلى وحدة جميع الأشياء،' أجابه فاسوديفا. وهكذا ذهب بعيداً. وشاهده سيدهارثا. بفرح عظيم ونظر لخطواته الملئة بالسلام، ووجهة المتوهج و شكله ملئ بالضوء.
    غوفيندا:
    غوفيندا أمضى فترة الراحة مع بعض رهبان آخرين في بستان السرور الذي أهدته كمالا إلى اتباع غوتاما) 6( .قد سمع الحديث عن مراكبى كبير السن يعيش على نهر، وكثيرون يعتبرونه أسطورة. ذهب غوفيندا إلى العبارة، تواق لرؤية هذا المراكبي .
    وصل إلى النهر، وطلب من الرجل المسن أن يأخذه عبر النهر. عندما قفز من القارب على الجانب الآخر، وقال للرجل ' أظهرت الكثير من العطف للرهبان والحجاج, اخذت العديد منا عبر النهر. ألست انت أيضا باحث عن الطريق الصحيح؟ ' ابتسم سيدهارثا و قال: 'هل تسمي نفسك الباحث عن الطريق الصحيح و أنت تقدمت في السن وترتدي رداء الرهبان ؟' قال غوفيندا 'أنا كبير في السن فعلا ولكن ابدأ لم أتوقف عن السعي. وسوف لا أتوقف عن السعي. يبدو أن هذا مصيري. يبدو لي أنك أيضا تبحث. هل ممكن أن تتحدث لي قليلاً عن ذلك، صديقي؟ ' سيدهارثا قال: 'ماذا يمكن أن أقول لك لكي يكون ذا قيمة، عدا ربما أنك تسعى كثيرا، ونتيجة لسعيك لا يمكنك أن تجد.' 'كيف؟' سأل غوفيندا.
    وقال سيدهارثا 'عندما يسعى شخص، يحدث بسهولة تامة أن يرى فقط الشيء الذي يسعى إليه؛ أنه غير قادر على العثور على أي شيء، غير قادر على استيعاب أي شيء. لأنه فقط يفكر في الشيء الذي يسعى إليه، لأن لديه هدف، لأنه هاجس مع هدفه. البحث يعني: أن يكون له هدف؛ ولكن إيجاد الوسائل: أن يكون حراً،
    أنك بالتأكيد تبحث في السعي إلى تحقيق الهدف لا تشاهد العديد من الأشياء التي تحت انفك. " وقال غوفيندا 'أنا لم أفهم تماما،ماذا تعني؟ ' سيدهارثا قال: ' منذ عدة سنوات، أتيت إلى هذا النهر ووجدت رجلاً نائماً هناك. جلست إلى جانبه لحراسته بينما كان ينام، ولكنك لم تعرفه، غوفيندا. ' دهش غوفيندا وسأل بصوت خجول 'أنت سيدهارثا؟'. ' أنا لم أعرفك هذه المرة أيضا. ويسرني جداً أن أراك مرة أخرى، سيدهارثا، غاية السرور. لقد تغيرت كثيرا صديقي. وقد أصبحت مراكبي الآن؟ 'ضحك سيدهارثا بحرارة. ' نعم، لقد أصبحت مراكبي. كثير من الناس يتغيرون. أنا
    واحد من أولئك، صديقي. أنت طيب جداً، غوفيندا، وأنا أدعوكم إلى البقاء الليلة في كوخي. ' غوفيندا بقي الليلة في الكوخ، ونام في سرير فاسوديفا. وتبادل الصديقان الحديث عن حياتهما وعندما حان الوقت غادر غوفيندا في الصباح و قال مع بعض التردد: ' قبل أن اذهب في طريقي، سيدهارثا، أود أن أسألك سؤالاً آخر. هل عقيدة أو معتقد أو المعرفة يمكنك التمسك بها مما يساعدك على العيش، والقيام بالشئ الصحيح؟ 'سيدهارثا قال: ' أنت تعرف، يا صديقي، حتى حينما كنت رجلا شابا، عندما كنا نعيش مع بعض في الغابة، وصلت لعدم الثقة في المذاهب والمدرسين وحولت ظهري عليها. أنا ما زلت كذلك على الرغم من أننى كان لي كثير من المعلمين. وكان مومس جميلة معلمتي لوقت طويل و تاجر غني ولاعب النرد. وفي إحدى المناسبات، أحد الرهبان الهائم من أنصار بوذا كان معلمي. أنه توقف إلى الجلوس إلى جانبي عندما سقطت نائماً في الغابة. كما تعلمت شيئا منه، وأنا ممتن له، ممتن جداً. ولكن الأهم من كل شيء، تعلمت من هذا النهر ومن سلفي، فاسوديفا. أنه كان رجلاً بسيطاً؛ أنه لم يكن مفكرا بل أنه أدرك الأساس، إضافة الي قوتاما. أنه كان رجلاً قديس. 'قال له غوفيندا "يبدو لي، سيدهارثا، ما زالت تريد قليلاً من باب الدعابة.
    اصدقك واعرف أنك لم تتبع أي مدرس، ولكن ألم يكن لك إذا لم تكن عقيدة، بعض الأفكار؟ ألم تكتشف معرفة تساعدك أن تعيش؟ أكون مسرورا إذا كنت سوف تقول لي شيئا عن هذا. " سيدهارثا قال: ' نعم، لقد كانت لدي أفكار ومعرفة هنا وهناك. في بعض الأحيان، لمدة ساعة أو لمدة يوم واحد، لقد أصبحت أعلم المعرفة، فقط كما يشعر الواحد بالحياة في القلب. لقد كان لدي العديد من
    الأفكار، ولكن سيكون من الصعب بالنسبة لي أن أقول لك عنها. ولكن هذا هو واحد أعتقد أنه قد أثر بي، غوفيندا. الحكمة غير قابلة للنقل. الحكمة التي يحاول الحكيم نقلها دائماً تبدو سخيفة.'
    وقال غوفيندا ‘أهذه دعابة؟'. ' لا، أنا أقول لك ما اكتشفت. يمكن أن تنقل المعرفة، لكن ليس الحكمة. ويمكن للمرء أن يجدها ويكون محصنا بها ويعمل العجائب بها ولكن لا يمكن نقلها وتعليمها. كنت أظن ذلك عندما كنت شابا وكان هذا سبب
    عزوفي عن المدرسين. هناك فكر واحد تملكني , غوفيندا والتي سوف تظن مرة أخرى من باب الدعابة أو حماقة: وهو في كل حقيقة العكس بالتساوى حقيقة أيضاً. على سبيل المثال الحقيقة يمكن فقط أن أعبر عنها واغلفها بالكلمات إذا كان احادية
    الجانب. كل ما هو فكر ومعبر بالكلمات أحادي الجانب فقط سوى نصف الحقيقة؛ كل شيء يفتقر إلى مجمل، والكمال، والوحدة. عندما درس "بوذا اللامع" عن العالم، كان عليه تقسيمه إلى سنسارا والسعادة القصوى، في الوهم والحقيقة، إلى معاناة
    وخلاص. لا يمكن لأحد أن يفعل خلاف ذلك، ليست هناك وسيلة أخرى لأولئك الذين يقومون بالتدريس. ولكن العالم ذاته، فينا ومن حولنا، ليس ابدأ أحادي الجانب. لا يكون الرجل أو الفعل كلياً سنسارا أو كلياً سعادة قصوى , لا يكون الرجل كلياً قديس أو أثم. ويبدو هذا فقط لأننا نعاني من الوهم أن الوقت شيئا
    حقيقيا. ليس الوقت حقيقي، غوفيندا. وقد أدركت ذلك مرارا وتكرارا. وإذا كان الوقت ليس حقيقي، فالخط الفاصل الذي يكمن بين هذا العالم والخلود، بين المعاناة والنعيم، بين الخير والشر، يبدو أيضا وهم. '
    بحيرة غوفيندا يسأل، 'كيف يتم ذلك'؟. ' إصغاء، صديقي! أنا أثم وأنت أثم ولكن في يوم ما الأثم سيكون براهما مرة أخرى، يوما ما يحقق السعادة القصوى، سيصبح يوما ما بوذا. والآن هذا "يوما ما " من الوهم, وهو فقط مقارنة. الآثم ليس شبيهة ببوذا؛ وأنه لا يتطور، رغم أن تفكيرنا لا يمكن تصور الأمور خلاف ذلك. لا، بوذا المحتمل موجود بالفعل في الآثم ؛ مستقبله هو هناك. ويجب التسليم بوذا المخفي المحتمل في الجميع. العالم، غوفيندا، ليس منقوصا أو ذو عيب أو يتتطور ببطء على طول طريق طويل إلى الكمال. لا،هو الكمال في كل لحظة؛ كل خطيئة تحمل نعمة داخلها، وجميع الأطفال فيهم الرجل البالغ من العمر ، كل طفل رضيع يحمل الموت بداخله وكل الموتى – الحياة الأبدية. ليس من الممكن لشخص واحد معرفة مدى آخر الطريق؛ بوذا موجود في السارق ولاعب النرد؛ السارق موجوداً في براهمين. خلال التأمل العميق من الممكن أن يبدد الوقت، أن نرى في نفس الوقت كل الماضي والحاضر والمستقبل، وثم كل شيء جيد، كل شيء مثالي، كل شيء براهمي. ولذلك، يبدو لي أن كل شيء موجود جيد –الخطيئة الموت، فضلا عن الحياة، فضلا عن القداسة والحكمة، فضلا عن الحماقة. كل ما ضروري، كل شيء يحتاج فقط لموافقتي، فهمي المحبة؛ ثم لا يضرنى شيء . لقد تعلمت من خلال جسدى وروحى أنه من الضروري أن ارتكب الخطيئة، و الشهوة، وعلي السعي للممتلكات والخبرات والغثيان وأعماق إلياس بغية تعلم مقاومتهم ، لكي نتعلم أن نحب العالم، ولم نعد مقارنته مع نوع ما من العالم التخيلي المرجو، بعض رؤية تخيلية للكمال، بل اتركه
    كما هو، احبه وأكون سعيدا للانتماء إليه. هذه غوفيندا، هي بعض الأفكار التي في مخيلتى. " سيدهارثا انحنى ورفع حجر من الأرض، وامسك بهه في يده. وقال "هذا حجر، وضمن مدة معينة من الزمن سيكون ربما التربة، وسوف يصبح تربة ومن التربة النبات أو الحيوان أو رجل. سابقا ربما قلت: هذا الحجر حجر فقط؛ لا قيمة
    له، فإنه ينتمي إلى عالم المايا، ولكن ربما لأن إطار دورة التغيير يمكن أن تصبح أيضا رجل وروح، كما أنها ذات أهمية. وهذا هو ما كان ينبغي أن يكون تفكيرى. ولكن الآن أعتقد: هذا الحجر حجر؛ كما أنه الحيوان والله وبوذا. لا احترمه وأحبه لأنه كان شيء واحد وسوف يصبح شيئا آخر، ولكن لأنه منذ زمن طويل فعلا كل شيء ودائما هو كل شيء. أحبه فقط لأنه حجر، لأنه اليوم والآن يبدو لي حجر. أرى قيمة ومعنى في كل واحدة من علاماته وتجاويف، باللون الأصفر، في الرمادي، في الصلابة والصوت، في جفاف أو الرطوبة من سطحه. هناك الحجارة التي
    مثل النفط أو الصابون، التي تبدو كأوراق الشجر أو الرمال، ويختلف كل واحد ويعبد أوم بطريقته الخاصة؛ كل واحد هو البراهمي. في الوقت نفسه هو حجر, زيتي أو زالق، وهذا هو فقط ما يحلو لي، ويبدو رائع وجدير بالعبادة. ولكن لا أقول أكثر عن ذلك. الكلمات لا تعبر عن الأفكار جيدا جداً. دائماً تصبح مختلفةً بعض الشيء على الفور حينما تقال, مشوهة قليلاً، وقليلاً من الحماقة. وبعد فإنها تحلو لي وتبدو صحيحة أن ما هو قيم وذات حكمة لرجل يبدو الهراء إلى آخر. "
    وقد استمع غوفيندا في صمت وسأله 'لماذا تخبرني عن الحجر'.'
    فعلت ذلك عن غير قصد. ولكن ربما أنه يوضح إننى أحب الحجر والنهر وجميع هذه الأمور التى نراها، ونتعلم منها. يمكن أن أحب حجر أو غوفيندا، وشجرة أو قطعة من اللحاء. هذه هي الأمور والواحد يمكن أن يحب الأشياء. ولكن لا أحد يحب الكلمات. ولذلك التعاليم عديمة الفائدة لي ؛ ليس لديها صلابة، ولا نعومة ولا طعم ولا لون ولا زوايا، ولا رائحة – وليس لديها شيئا سوى الكلمات. وربما هذا ما يمنعك من العثور على السلام، ربما هناك كلمات كثيرة جداً، حتى الخلاص والفضيلة، سنسارا والسعادة القصوى كلمات فقط، غوفيندا. السكينة لا شيء هناك فقط كلمة السكينة. '
    غوفيندا قال: السكينة ليس فقط كلمة، صديقي؛ هي فكر.
    تابع سيدهارثا: "قد يكون فكر، ولكن يجب أن اعترف، صديقي، أنا لا اميز كثيرا بين الأفكار والكلمات. وبصراحة، لا أعلق أهمية كبيرة للأفكار. أعلق أهمية أكبر على الأشياء. على سبيل المثال، كان هناك رجل في هذه العبارة الذي كان سلفي ومعلمي. أنه كان رجلاً تقي اعتقد فقط في النهر ولا شيء آخر لسنوات عديدة. ولاحظ أن صوت النهر تحدث له. تعلم منه. النهر على ما يبدو مثل الله له ومنذ سنوات عديدة لم يكن يعلم أن كل الرياح، كل سحابة، كل الطيور، كل خنفساء هي بنفس القدر الإلهي وتعلم مثل النهر المحترم. ولكن عندما ذهب هذا الرجل المقدس إلى الغابات، كان يعرف كل شيء؛ أنه يعرف أكثر من أنت وأنا،
    بدون مدرسين، دون كتب، لمجرد أنه يعتقد في النهر." غوفيندا قال: ' ولكن ما تسميه شيء، هل هو شيء حقيقي، وهو أمر جوهري؟ ليس سوى وهم المايا، فقط الصورة والمظهر ؟ حجرك ، شجرتك هل هما حقيقية؟ '
    وقال سيدهارثا 'وهذا لا يصعب علي كثيرا،'. ' إذا هي الوهم، ثم أنا أيضا الوهم، وهكذا هم دائماً من نفس طبيعة نفسي. الذي يجعل منهم حتى محبوب وجليل. ولهذا السبب يمكن أن أحبهم. وهنا عقيدة سوف تضحك منها. يبدو لي، غوفيندا، أن الحب هو الشيء الأكثر أهمية في العالم. قد يكون مهم للمفكرين لتفحص العالم، لشرحه واحتقاره. ولكن أعتقد أن من المهم حب العالم، لا احتقاره ، ليس بالنسبة لنا كراهية بعضنا البعض، ولكن لنكون قادرين على مراعاة العالم وأنفسنا وجميع الكائنات بالحب والاعجاب والاحترام." 'أفهم ذلك،' قال غوفيندا، ' ولكن هذا ما
    سماه بودا الوهم. بشر الإحسان، الصبر، والتعاطف، والصبر –لكن لا الحب. أنه يحظر علينا إلزام أنفسنا بالحب الدنيوي. '
    'أعرف،' قال سيدهارثا، مبتسما، ' أنا أعرف ذلك، غوفيندا. وهنا نجد أنفسنا داخل متاهة المعاني، ضمن صراع الكلمات، لسوف لا أنفي أن كلماتي عن الحب في تناقض واضح لتعاليم بوذا. وهذا فقط لماذا أنا لا اثق بالكلمات لأنى أعلم أن هذا التناقض وهم. وأنا أعلم أن بوذا حب الإنسانية كثيرا حتى أنه كرس حياة طويلة
    فقط لمساعدة وتعليم الناس. أعماله والحياة أكثر أهمية بالنسبة لي من آرائه. وليس في الكلام أو الفكرة اعتبره كرجل عظيم، ولكن في أعماله وحياته.' استعد غوفيندا للرحيل وقال: ' شكرا لك، سيدهارثا لإخبارى شيئا من أفكارك. بعضها أفكار غريبة. لم استوعبها علي الفور شكرا لك وأتمنى لك أياما سلمية. إعتقد غوفيندا أن سيدهارثا رجل غريب ويعرب عن أفكار غريبة. يبدو أن أفكاره مجنونة. أفكار بوذا واضحة، مباشرة، مفهومة؛ أنها لا تحتوي على شيء غريب أو مثيرة للضحك. ولكن سيدهارثا يديه وقدميه عيونه، بتسامتة، تؤثر في بشكل مختلف من أفكاره.
    ابدأ، منذ بوذا انتقل الي السكينة، لم اقابل رجل في أي وقت مضى مع استثناء سيدهارثا شعرت: رجل مقدس! قد تكون أفكاره غريبة، وكلماته حمقا، بل له نظرة ويده وجلده تشع النقاء والسلام والصفاء، والدماثة و التي لم آرها في أي رجل منذ موت المعلم الشهير .
    وبينما كان يفكر غوفيندا ويقلب هذه الأفكار والصراع في قلبه، مرة أخرى ركع لسيدهارثا مليا بالعاطفة تجاهه. وأضاف وقال 'نحن الآن كبار السن وقد لا نرى بعضنا البعض مرة أخرى في هذه الحياة. أستطيع أن أرى، صديقي العزيز، قد وجدت السلام. وأنا أدرك أنني لم اجده. قل لي كلمة واحدة صديقي المحترم شيء يمكنني أن افهمه. أعطني شيء لمساعدتي في طريقي، سيدهارثا. مسارى غالباً صعب ومظلم. ' وكان سيدهارثا صامتا ويتطلع إليه مع ابتسامة هادئة وسلمية. يتطلع غوفيندا مطردا في وجهة، مع القلق، مع الشوق. كتب المعاناة والسعي المستمر والفشل المستمر في نظرة. 'إقرب مني!' وهمس في أذنه . ' قبلنى على جبهتى، غوفيندا. '
    بالرغم من أنه تفاجأ، اضطر غوفيندا بحب كبير أطاعته؛ ولمس جبهته بشفتيه. حينما فعل ذلك، حدث شيء رائع له. وفي حين لا يزال الإسهاب في كلمات سيدهارثا الغريبة، في حين سعى جاهدا دون جدوى لتبديد التصور للوقت، أن يتصور السكينة وسنسارا كأحد، بينما ازدراء حتى بعض الكلمات صديق له تتعارض مع كثير من الحب والتقدير حدث له هذا: أنه لم يعد يرى وجه صديقة سيدهارثا. بدلاً من ذلك أنه رأى وجوه أخرى، دفع مستمر من وجوه وجوه كثيرة، سلسلة طويلة – مئات، الآلاف، أتت واختفت ورغم ذلك تكون هناك في الوقت نفسه، تغيير وتجدد نفسها والتي كانت كلها سيدهارثا. أنه شاهد وجه سمكة تحتضر بعيون خافتة. أنه شاهد وجه طفل مولود حديثا مُحمور وملئ بالتجاعيد ، جاهز للبكاء. شاهد وجه القاتل، رأوه يزج بسكين في جسم رجل؛ في نفس اللحظة أنه شاهد هذا المجرم يركع إلى أسفل، وقطع رأسه الجلاد. شاهد جثث عارية من الرجال والنساء في حب عاطفي. شاهد الجثث ملقاة، لا تزال باردة ومفرغة. ورأى رؤس الحيوانات، الطيور الخنازير البرية، التماسيح الأفيال، والثيران. رأى كريشنا و أجنى. شاهد جميع أشكال ووجوه
    في ألاف العلاقات إلى بعضها البعض، جميعها تساعد بعضها البعض، حب وكراهية وتدمير بعضها البعض، وتصبح مولودة حديثا. كل واحد كان قاتلاً، مثال عاطفي، ومؤلم للجميع. ولكن لا يوفي منهم أحدا، فقط يتبدلوا، كانت دائماً تولد من جديد، وبوجه جديد باستمرار. وجميع هذه الأشكال والوجوه تسبح في الماضي وتندمج في بعضها البعض، وفوقها جميعا كان هناك باستمرار شيء رقيق، وغير واقعي وباستمرار هناك شئ غير حقيقي رغم ذلك موجود إمتد مثل الزجاج أو الجليد، مثل جلد شفاف، ونموذج أو قناع للمياه – وهذا القناع هو الوجه الباسم
    لسيدهارثا الذي لمسه غوفيندا بشفتيه في تلك اللحظة. وشهد غوفيندا أن هذا القناع-مثل ابتسامة، يشكل ابتسامة هذه الوحدة على تتدفق، هذه الابتسامة ومتزامنة على مدى آلاف المواليد والوفيات – هذه ابتسامة سيدهارثا –وقد علم غوفيندا أن بوذا ابتسم. لم يعد يعرف ما إذا كان هناك وقت، عما إذا كان هذا
    الكشف قد دام ثانية أو مئات من السنين. ما إذا كان هناك سيدهارثا، أو بوذا. ركع غوفيندا وقلبه السيطرة علي دموعه. غرق في شعور بحب كبير، أمام الرجل الذي يجلس هناك بلا حراك، وابتسامتة تذكره بكل شيء حباه في حياته.

    انتهى.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de