|
|
 مراتع الطفولة الجميلة في الحاج عبدالله الخالدة في تلافيف القلب والذاكرة زمن الزمن الزين..
|
09:26 AM Feb, 19 2015
سودانيز أون لاين
ست البنات -
مكتبتي في سودانيزاونلاين
أتي بنا والدي رحمه الله من تنقاسي السوق حيث شبينا الي بلدة الحاج عبدالله والتي تم نقله اليها من عطبرة اذ كان يعمل في السكة الحديد, وكانت فكرة المجئ الي بلد فوق حلم الكثيرين.
ولم ينسي والداي أن يحملا بعض جولات البلح الذي قل ما يخلو منه منزلنا .
لم يكن عمري يزيد علي الثلاثة سنوات بهرني منظر القطار( المحلي) ورؤية العربات الكثيرة في الشارع . كان بيتنا الحكومي الانجليوي التشييد يجاور النيل الأورق .
وكانت والدتي يرحمها الله تخاف علينا من ( الهوي الطائر) انا واخواتي , فكانت تفتح لنا باب النملية وتتركنا نجلس خلفه لنشاهد ما يجري في الشارع ونتملي بجريان النيل دون الوصول اليه.
كانت بلدة الحاج عبدالله ذات مجتمع حميم متماسك الاواصر فنشأنا في مجتمع معافي دافئ المشاعر .
كان والدي يرحمه الله يصحو الرابعة صباحا تسبقه والدتي وعقب الصلاة تعد له الشاي باللبن المقنن والقرقوش ثم تجهز له افطاره الذي يحمله معه كل يوم
ثم يعود مع العمال الساعة الثانية ظهرا موعد الغداء المنتظم والمعتاد.
البلدة بها سوق اسبوعي كل ثلاثاء حيث يتقاطر الباعة نساء ورجالا في الشارع الوحيد المؤدي الي السوق والذي يمر أمام منولنا
فكان ذلك مولدا ومهرجانا للفرجة والترويح بالنسبة لنا نحن الصغار نتسابق لحجز مكان خلف الباب يسمح برؤية ما يجري في الشارع .
هنالك من يمتطي حمارا, واخر علي طهر الجمل يتارجح وتتمايل معه بضاعته من لالوب ونبق وفحم, وبعض البطيخ المتشابك بين خيوظ الشباك المتدلاة فوق جانبي البعير
وسيدات راجلات يحملن عصي يتراص حولها الفدجاج والفراريج
التي لا يخظئ السمع اصواتها وضجيجها وتعارك أرجلها المتداخلة بين الحبل والعصا التي تحملها المراة بمشقة لثقل ما تحمل.
وهنالك من يحمل حزم العنكوليب وجولات التبش والبصل وكثيرا من الفواكه خاصة الجوافة .
كانت هناك قري عديدة تحيط ببلدة الحاج عبدالله مثل: الدنيقيلة, ابوسقرة, البيلاوي, مزيقيلة وغيرها.
وكعادة سكان القري فللدجاج والبيض أهمية اقتصادية خاصة او ( الدح ) او (المح)
كما يطلقون عليه وأطن ان الدح جاءت من وصف القران الكريم للأرض ( والأرض اذا دحاها) .
كما ان للنبق واللالوب والسينات وقصب السكر حضور مهول .
وكان بعضهم يسوق الأغنام والحمير والعجول لبيعها في ذلك السوق ( بورصة الحلال).
كثير من السكان يزرعون علي حواف النيل (الجروف) وكان والدي يرحمه الله يزرع اللوبيا
وكانت والدتي يرحمها الله تسلقها لنا خضراء وما احلاها وكم اشتهيا الآن !
كانت لوالدي مكانة خاصة عند الجيران واعيان الحاج عبدالله فقد كان حلو المعشر صدوق وكريم الخلق.
فلم نراه طوال حياته يتعارك أو يسب أحدا, كما لم نسمعه يغتاب .
فكسب صداقات عديدة هو ووالدتي الشايقية اللبقة الفكهة الكريمة حلوة المعشر.
كانت المدرسة الابتدائية علي بعد امتار من منزلنا وكذلك الثانوية العامة .
فلم أتكلف واخواتي عناء في الذهاب للمدرستين .
لم تكن والدتي تحب اصتحاب الأطفال لبيوت المناسبات ,
وبما اني كنت اخر العنقود ولم ابلغ الخامسة بعد وكان جميع اخوتي بالمدارس فقد كنت أسبب لها مشكلة حين تكون هنالك مناسبة ما تستدعي مشاركتها (سماية, او فرح ) .
كما انها كانت حين تقوم باعداد الطعام والطبخ تعطيني بعض الخضار والبصل وتضعه لي في علبة الصلصة الفارغة ةتطحن بعض الطوب
وتقول لي هذه صلصتك ولكني كنت في بعض الاحيان اغافلها واسكبه في حلة الطبيخ الذي تعده !
ولعلاقتها الطيبة بناظرة المدرسة أخذتني يوما وطلبت منها ان تتركني أجلس كمستمعة بالفصل خاصة واني كنت احفظ بعض سور القران والاناشيد التي كنت استمع لأخواتي يرددنها حين المذاكرة ,
وأضافت امي بانه يمكنني كتابة اسمي , فطلبت مني الناظرة الكتابة فجلست في الأرض ومسحتها بيدي وكتبت اسمي ولكني اغفلت حرفا.
فقبلتني في المدرسة بشرط ان أذهب الي بيتنا حين يجئ أحد المسئولين لزيارة المدرسة ووافقت امي. وحين جاء امتحان الفترة الاولي جاءت نتيجتي الأولي علي الفصل,
فلم يكن أمام الناظرة سبيلاا سوي اتقبلني كتلميذة رسميا في الفصل وواصلت دراستي .
اكنت أرافق والدي بعد الغداء الي مكاتب السكة الحديد يجلس وزملاءه تحت شجرة النيم الظليلة يلعبون الطاولة
وما ان ينتهوا من اللعب نذهب أبي وأنا الي السوق ونشتري الحليب وتبدأ طقوس شاي المغرب باللبن المقنن واللقيمات او قراصة التمر المخمرة ذات الرائحة الذكية.
وليوم الماهية طعم خاص وبالرغم من صغر سني الآ اني كنت اعرف اليوم بحاستي الخاصة وانتظر ابي ذلك اليوم اما الباب
ولم يكن أبي وحده من يجود علي بشئ من الماهية بل حتي أصدقاءه المقربون,
كان سوق الحاج عبدالله يجود بخيرات طثيرة وأهمها السمك الذي نطلق عليه كما تسميه امي (الحوت), وكذلك البطيخ الروثمان الطويل وكبير الحجم أحمر وحلو الطعم.
وكان للعونكوليب موسم تمرست في معرفة الجيد منه حين كبرت قليلا. وكان قصب السكر أحمر قاني اللون بطعم العسل.
في بلدة الحاج عبدالله تعلمنا أشياء جميلة فقد كانت تحيط بها الكثير من القري التي التحم اهلها باهل الحاج عبدالله
فتلميذات من تلك القري درسن معنا بالمدارس وحدثت صداقات بيننا وكذلك بين الاسر .
فتعلمنا من التلميذات عمل شراك للطير , وجلبنا لنا السينات وهو شبيه بالتسالي لم نره من قبل,
كما عرفنا الدامبوية وهي ثمرة ييحفرونها من تحت جذوع الاشجار الكبيرة تشبه الترتوس لكنها رخوة حلوة الطعم وذكية الرائحة .
وبما اننا نشانا في منطقة الشايقية فلم يكن لنا معرفة بالعصيدة فنحن لا نعرف سوي القراصة والفطير ولكننا استطعمنا الكسرة والعصيدة وملاح الروب,
وفي الخريف عصيدة الدخن بالسمن البلدي اللذيد. واكلنا الموليته بدكوة الفول السوداني والبصل والليمون والشطة,ولسان الطير (الكداد) والتمليكة.
كنا نحن بنات وابناء السكة الحديد نعامل معاملة ابناء الموظفين .
كانت المدارس تحرص علي اقامة الجمعيات الادبية وليالي المسرح و مسابقات الالقاء الشعري والمسابقات الرياضية .
وكانت هنالك داخليات والمدرسة توفر وجبة الافطار لجميع الطالباتبالداخلية والطالبات الخارجيات
وكان عبارة عن عدس ولحمة محمرة وبرتقالة او موزة لكل طالبة وشاي بالحليب.
كانت اسرتنا تقضي اجازة المدرسة بين الخرطوم وتنقاسي السوق وكنا ننعم بالدرجة الاولي بحكم ما تقدمه
ادارة سكك حديد السودان للموظفين والعاملين فيها من امتيازات حين الاجازة السنوية.
ونعود محملين بجوالات البلح والفواكه لنا وللجيران والأصدقاء وما يتبقي من البلح يكفينا لمدة علم. نحمل منه كل صباح في شنط المدرسة .
كان عمال السكة الحديد وعمال الدريسة يشكلون كل قوميات شعب السودان ,
من جبال النوبة, شرق السودان , غرب السودان , الوسط والشمال بكل تركيبته .
وبالرغم من الفوارق الثقافية فقد كان هنالك تعاضد وتلاحم بين الجميع ,
ساعد علي ذلك التشابه الملحوظ في المساكن والواقع الاجتماعي والوضع المادي .
وفي الاجازة السنوية كل يذهب الي حيث منشأه
ويأتي بخيرات تختلف عن خيرات الآخرين من مناطق مختلفة,
وبهذا تيسر لنا التعرف علي التبلدي والعرديب الطازج
والحميض والقضيم والفريك المشوي علي الجمر .
كما تعرفنا علي الكجور التي كانت طقوسها يقوم بها
العمال من جبال النوبة وعائلاتهم والتي يطلون وجوههم بالجير والطوب المسحون المعجون
بالماء وحمل قرون الأبقار المنحوتة في اتقان وانسيابيه جعلتها تشبه (الفلوت)شكلا وصوتا.
يتبع ...
ست البنات.
(عدل بواسطة ست البنات on 02-26-2015, 06:59 AM)
|
|
  
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مراتع الطفولة الجميلة في الحاج عبدالله في الزمن الزين والخالدة في تلافيف الق (Re: عبدالعزيز عثمان)
|
سلامات يا ست الكل
يا سلاااااااااااام، الحاج عبدالله ؟؟؟؟..
الحاج عبدالله: طفولتي، مدرستي، اصدقائي الخُلص وكل شئ جميل.
فارقت منطقة الحاج عبدالله وريفها لاول في حياتي مرة حينما تم قبولى طالبا بمدرسة حنتوب الثانوية.
درست المرحلة لابتدائية، المتوسطة بمدارس الحاج عبدالله
جالت بخاطري الشفخانة وقصتنا مع الملاريا ، البوستة، المكتبة، السوق، النوادي المخلفة ....
Quote: في بلدة الحاج عبدالله تعلمنا أشياء جميلة فقد كانت تحيط بها الكثير من القري التي التحم اهلها باهل الحاج عبدالله
فتلميذات من تلك القري درسن معنا بالمدارس وحدثت صداقات بيننا وكذلك بين الاسر . |
انا من ريفي الحاج عبدالله، وكل القري المحيطة بالحاج عبدالله لدي فيها صداقات حميمة جدا، الما قابلناهو في الابتدائي قابلناه في المتوسطة والما قابلناهو في المدارس
لقيناهو في السوق او المناسبات المختلفة من افراح لي ماَتم.الدنيقيلة، دقيس، حلة دفع الله، حلة صالح، مكاوي، ابوسقرة، قنديل، حلة نصرودماهل، بولين، ودفقدة، نقاش،
دار الحاج، حلة داوود، نمرة خمسة، سبعة وخمسين، الشكاكيب (الشكابة النور، ...شاع الدين)، العُقد ( العقدة ملمة، العقدة المحطة، ... عيييييييييييييك
بصراحة: مشتهي لى شاي عاملنو بي المنقد و نار الترتوس
| Quote: وكان للعونكوليب موسم |
اهلي هم الذين كانوا ولا زالوا يمدون سوق الحاج عبدالله بالعنكوليب، التبش، العجور، الطماطم، البامبي، العيش (فتريتة، ودعكر، مايو،...) من حواشاتهم بالاضافة للدجاج والبيض.
سوق تبادلي بامتياز، تمشي تعرض العندك ولما يتباع تشتري المحتاج له بدون اي تكلف، والله كان في ناس بلقطوا القرض وبعرضوه للبيع، مافي اي تكلف وتنطع.
Quote: كان عمال السكة الحديد وعمال الدريسة يشكلون كل قوميات شعب السودان ,
من جبال النوبة, شرق السودان , غرب السودان , الوسط والشمال بكل تركيبته .
وبالرغم من الفوارق الثقافية فقد كان هنالك تعاضد وتلاحم بين الجميع.
|
بل التركيبة السكانية لمنطقة الحاج عبدالله وريفها فيها كل قبائل السودان يتعايشون في سلام
Quote: كانت بلدة الحاج عبدالله ذات مجتمع حميم متماسك الاواصر فنشأنا في مجتمع معافي دافئ المشاعر .
|
شهادة نعتز بها كثيراً
يا سلام عليك يا ست الكل،
الله يخليك
الي اللقاء
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مراتع الطفولة الجميلة في الحاج عبدالله في الزمن الزين والخالدة في تلافيف الق (Re: على عبدالله)
|
الأخت ست البنات حكي جميل كامل الدسم وبدون رتوش عن ربوع بلدنا الحبيب ...
وما تنسي مصنع غزل الحاج عبد الله الذي كان مؤسسة إجتماعية تلم كل الملل والسحنات ...
ومصنع ثلج الحاج عبد الله ليهو صولات وجولات في سوق الثلج الفي بورسودان ...
والمعدية (مشرع الحاج عبد الله( وبالضفة الشرقية بص ريغان ...
أيام جميلة عشتها مروراً بالحاج عبد الله ...
فعشيرتي الوالدة تمتد في القرى شرق وغرب النيل والضهاري الحول الحاج عبد الله ...
في إنتظار البقية ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مراتع الطفولة الجميلة في الحاج عبدالله في الزمن الزين والخالدة في تلافيف الق (Re: عباس الدسيس)
|
لم يكن للمدرسة الابتدائية سور كعادة المدارس بل كانت تسورها اشجار المسكيت ذي الثمار الحلوة الطعم وكنا نحن الصغار نطلق عليها اسم ( تمر ابونا ).
وكما قال الله تعالي في كتابه المحفوظ (وفاكهة وأبا متاعا لكم ولانعامكم) . فحين سال سيدنا عمر ابن الخطاب ابنه عبدالله : ما المقصود ب أبا ؟
فأجابه : المقصود العلف , ألم تقرأ ولانعامكم ! فقال ابن الخطاب قولته الشهيرة : ( كل الناس أعلم منك يا عمر !).
فكانت الأغنام ترعي وتاكل وتحول كل ذلك في ألبان هنية فيفوح عبق اللبن المقنن في الشوارع منبعثا من البيوت التي يسكن اهلها مجتمعين وقت المغرب
متحلقين المواقد انتظارا لشائ المغرب وكانت والدتي تتفنن في التحضير لشاي المغرب ذلك التقليد الذي يضعه في خانة الوجبة الرابعة ضمن الوجبات المعهودة
اذ لم يكن يقل اهمية , ولازلت أعاني الصداع وعدم التركيز ان تعذرت تلك العادة!
ولموسم الخريف طعم خاص اشهد الله بأني لم اتذوقه أبدا في كل بلاد العالم التي حللت !
كان والدي ملما بانواع السحب ما يحمل الخير منها وما يتسربل ماءه بفضل الرياح بعد حين !
فكان مرصدا طبيعيا لم تخب فراسته أبدا وما ان تبدا حبيبات المطر في تحاياها المرحب بها من قبل الارض حتي نتجمع نحن الصغار
ونبدا مناجاتنا للمطر واللعب وتعم ضحكاتنا المكان , فتتبلل ملابسنا وتنام خصلات الشعر فوق الجبين مثقلة بالبلل .
وفي مهرجان جمالي تتوشح الأرض الخضرة وتتفتح الأزهار وتبدا دواب الأرض زاهية الالوان في الخروج من قواقعها مستبشرة بالخريف مثلنا .
فتظهر ديدان مختلفة الالوان منها الاحمر اللون ذي الحراشف والشعيرات يسمي محليا ( الصرفة) يتثني متهادي في اطمئنان فيخلف ثقته تلك طائر نهم يطبق المنقار ويطير منتقصا بعض الجمال من جهد الخريف.
وتتناثر الفراشات زاهية الالوان , وتكثر العصافير ذات الألوان الجميلة المتناسقة . وكانت اغنام والدتي لا تدع مهرجان الخيرات هذا يفوتها فتضع التوائم وتكبر ضروعها ,
وما أجمل طعم اللبا الذي كانت والدتي تحرص علي أن نشاركه المواليد من الماعز والضان .
يتبع..
ست البنات.
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ست البنات
عبدالعزيز عثمان
على عبدالله
نزار عبد الوهاب
saidahmed shami
عباس الدسيس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست