شارع الحوادث بالخرطـــــــــــــــــــوم

شارع الحوادث بالخرطوم، هو ذاك الشارع القديم وسط الخرطوم. يمتد متفرّعاً من شارع القَصـر الأصل! (فيكتوريا قديما) غرباً باتجاه الشرق، اتجاه واحد ليس له من ضريع..! لا يلوي على شيء، وقد يلوي على أشياء كثيرة قتيرة؛ موازياً لشارع "المهدي شرق" في الناحية الشمالية لمحطة الخرطوم للسكك الحديدية؛ هل أقول القدييييييمة..!!؟ لاسيما وأن كوبري المسلمية (وفي مصطلحهم التأصيلي الجديد هو جِسر المسلمية!) قد بدأت الولاية والمعتمدية ومستشاريتها لشؤون الهيكلة العاصمية، في هَــدِّه ومُساواته بالأرض، ومن ثَم، تفريق دَمَه بين الشوارع.
ذات الشارع القديم، ظلّ على منواله، بل وربما أسوأ، لم يزل يزدحم بذات الوجوه القديمة؛ بلا أيّ أملٍ جاد في انصلاح حاله واستدراك سوء مَآلِه. هو ذات الحنين القديم، والزمن الفلاني لولا أنّ وزارة الولاية للصحة العائرة وعاثرة؛ قد اتخذت رأيها بإخلاء أعيانِه ومعيناتِه. إخلاء - ليس المرضى- بل أقسام وهيئات من مستشفى الخرطوم الذي كان حكومياً أميريَّــا؛ ويجهدون أن يكون غير مشفى! ولا ازدحام. نعم، اتخذت قرارها زاعمة بأن المكان ليس مُناسباً، وأن الخدمة العلاجية يُراد لها أن تذهب لطالبيها بأطراف الأحياء الخرطومية، بمعنى أن تذهب الفُرص بِرِجْلَيها إلى المفروصين في ديارهم! وإلى المعصورين بين حيطانهم. يقولون: لا بُدّ من أن تذهب الفُرَص إلى أهلها في الأحياء الطرفية؛ فتلك فُرَصهم يا صاحِ! ولا طريق لهم يُمكِّن من نقل عدواهم إل وسط الخرطوم؛ والخرطوم لبعضهم بلد لَـكــّوم! فَــ جُك الخرطوم سـَــيُــهَكَل إلى نسق هندسي حداثي ولمّاح جَـمّاح، يتماشى وفكرة القوم الحاكمين بالبغي وغيره وأزرط منه! وعليه، فوسط الخرطوم، ليس بالشيء الهُلامي يُترَك لمواطنين مَرضى معلولين بغرائب التشخيص، موبوئين بطرائف التمحيص ومـَـرْزوِّين بعجائب الخَصْخَصة والتخصيص والتّنصيص..! على هوى بعضهم من مُترفي القرية الظالِم كُبرائها، قد كــَــرَّهونا الزنجبيلا.

شارع الحوادث، كذلك هو الشارع الذي يحدُّ مربعاً معمارياً تاريخيّا كاملاً، من الناحية الشمالية؛ يحوي ذاك المربع المعماري بين جَنباتِه، مستشفى الخرطوم وأخواتها، من مستشفى العلاج بالذرّة، مستشفى الشعب، مستشفى الخرطوم التعليمي، الحوادث "الطوارئ". أولاتي الأخوات، هُنّ كأخوات كانَ للمستشفى الخرطومي التاريخي، ومن لدن الحُكم الثنائي ربما..! ولها إخوان ذكور! كذاك الذي قعدتْ به الأيام، وأعني مُختَبر الخواجة استاك..! ظلّ مبنى بغير كثير معنى! ولمستشفى الخرطوم، بنات عصريّات ومَلساوات، يدُرْنَ عل حَلِّ شَــعــْرَهِنَّ! كالمختبر الأردني، مركز الخرطوم التشخيصي المطوّر، وبُنَيّات طريق أُخَر! جئنَ جماعات لا فُرادَى "والمصائب لا تأتي فُرادَى" كما يقولون. جئنَ بالأخصّ بعد ميلاد الابنة الكُبرى، والتغييرة السياسية الكُجرى، حكومة الإنقاذ، وهيَ حكومات تعددت أشكالها وال "جوكر" واحد..! فاقت الرّماد في البقاء السّاكِن وسط الديار! لا تزحزحها المصائب، فهي منها وإليها، ولا تستنهِض عزائمها النّوائب، فــَـــ هيَ ضَرْب يدِها، ومُنتهى هِمَم ساداتها. تتعزّز قبضاتها وقبضاياتها بتلك النوائب الدّهرية، وذلك حسبما يبدو، ووفق ما يجري ويُستــَدام. يــُعوِّل أهل الإنقاذ، وكثيراً، على النوائب تسعى بين الناس! يوطئون أكناف إجراءاتها واشتراطاتها وانتخاباتها، كأنّما لا يَـــعون! بل يرفدون النوائب بـــِــ كلامات – بلا حقائق - تتغير في الطريق من المايك إل الأُذُن! وتتبدَّل بنسبة 98.9% درجة في الأثير الخامل بين القائل الماحِل والمُخاطَب الجائل؛ بيد أنهم يتقاولون ولا يرمشون.

هل شاهدتّم الانكباب على هذا الشارع؟ فــَــ العَيَّان شايل عَيّانين يكادْ، والمُترَف الواحد راكب سيارتين من النوع أب أربعة! دوماً جافلات، وبسوء ال وَقفة راكّات! ومعظمهنّ مُظلّلات مُجلّلات غير حافيات؛ وهذا وذاك، غير السارينا المجنونة! تلك الصفافير التي ترافقها إضاءة ملوّنة بالأحمر والأزرق والبرتقالي والأصفر والأنكر! وأحياناً لايكون فيها غير نَفرِ فَــذِّ ..! يُمارِسْ ربما..! مـَــا يستهويه من الإحساس بالزمن الإنقاذوي! والحِس بالــجــَخِّ. لا يأبه لأيِّ فــَــخْ أو شَــخ؛ والناس في ذاك الشارع، مرْضى، زَهْجى، فــَلسَى، جِرْسى وغَــرْثى.



....................

Quote: فيها ايه لو عملوا موقع مستشفى الخرطوم الحالي ميداناً للقصر الجمهوري الجديد ياخي امرضوا بعيد من قصر الحكومة

Quote: كنت وحاتم حاضران في تمام هذا المشهد, كان حاتم شديد النشاط في مبادرةِ "شارع الحوادث" .. ذات الشارع الذي نتكلم عنه الآن .. وجاءت تسمية الشارع لوقوعِ قسم الطوارئ والحوادث عند منتصفه تماماً .. والمبادرة تُعنى بتوفيرِ السكن لمرتادي هذا الشارع من أبناء الأقاليم .. يجئونه بصحبةِ مرضاهم فلا يلقون, لا هم ولا مرضاهم, ما يعصمهم من إفتراشِ الأرض وإلتحاف السماء .. ثم ولا يجدون سبيلاً لجرعة الدواء المستحيل .. الكادحون من أبناء هذا الوطن المسروق بالحلال .. حلال التتار الحرام .. حرام الوطن والدين والذي يتاجرون بإسمه صباح مساء .. وفي التيه تمضي قوافل المتعبين من أبناء هذا الشعب نحو الغياب أو الموت في زمنِ هذا التتار الوطني الرجيم .. كان هؤلاء التتار وتماماً كالبراغيثِ التي تقتات من دماءِ الفقراء والجوعى .. براغيثٌ ذات لحىً مقيتة وجلابيب بيضاء وكانها النجوم الزواهر .. ترى في وجوهِهم نضرة النعيم زمان المسغبة الوطنية الفادحة .. كانوا منهمكون تماماً في هذه "المأكلة" الوطنية العظيمة والتي يدعونها بالمشروع الحضاري لدولة السودان الرسالية .. وكأننا كنا فيئاً قد أفاءه الله عليهم يوم أن فتحَ الله لهم بلادنا على ظهرِ دبابةٍ ولحيةٍ و "كلاشينكوف" .. عقدان من الزمان وما تركوا فينا أخضراً ولا يابساً إلا والتهموه حلالاً بلالاً .. إبتنوا القصور المشيدة فوق هياكل المساكين من أبناء هذا الوطن الحزين .. ونمت أرصدتهم في البنوكِ الأجنبية ثم ربت جراء هذا الفيء العظيم .. تراهم من خلفِ زجاج فارهاتهم المظللة وهم في غاية الطمأنينة والسلام الديني والخشوع .. مسابحهم الوضيئة وكأنها الدر المنثور يدور في آلية عجيبة .. تماما كماكينات عد النقود التي نراها في البنوك التي نراها لماما لماما .. كان أنحطاطًا بالغاً أن تسرقَ من مسكينٍ قوته, أن تغتني بجرعةِ دواء لمريضٍ ضلت طريقها نحو حسابك البنكي, أن تشتري رصاصةً بدماءِ المسحوقين لتحكمهم. كان إنحطاطاً بالغاً ما فعلوه ويفعلوه في عباد الله المساكين من أبناءِ السودان .. وكأنهم لم ينتموا يوماً لهذا الشعب الكريم .. لهذا ولغيره تسائل الطيب صالح: من أين أتى هؤلاء؟!!)

Quote: أما أنا فقد كان لي حادث "عاطفي" في هذا الشارع، ندوبه لاتزال بائنة، لكأن الحادث العاطفي ذاك كان قد وقع قبل لحظات!

Quote: المسافة بين شارع الحوادث والسكرية، كانت مسافة ضرورية ومناسبة جدا، بل وحاسمة!

Quote: أكتب عن شارع الحوادث, عن تلك المحاور والدوائر ما شهدت حكايات الصبا .. وعن تلك الدهاليز القصيات ما تغنى بها مصطفى .. وعن ذلك الوطن الحزين وقد تراكمت عليه أعوام الفجيعة واجتاحه التتار وأمضته المسغبة .. أكتب وإنًا ههنا جالسون !!

Quote: ليتنا كنا من المفروصين عاطفيين - أي عديل كدة- قبل أن يتفرق دمه بين الشوارع، ويبدو أن الحكومة معها حق فبعد المرضى والعيانين بان أن هناك عاشقين ولهانين. ---------------------------------- في انتظار الفت معاك أستاذ أبوجودة كان بنفت.

Quote: وشارع الحوادث كذلك إسم لمجموعة خيرية غير رسمية كونها فتية آمنوا بانسان هذا الشارع فإذدادوا حبا" له, يتخذون من هذا الشارع مقرا" لهم لمساعدة من يحتاجه. ينشرون الحالات على الفيسبوك وتنهال التبرعات عن طريق الموبايل وفي ساعات أو دقائق يكون مريضا" أكمل حق العمليةأو قيمة الدواء وهكذا إلى آخر الليل.

Quote: أما بخصوص الـ "فــَتْ"، فلا أعتقد أن صاحبي دا ــ ها زول فَتْ! مُمكِن كان بتاع حَــتْ ساي!

(عدل بواسطة سيف اليزل الماحي on 02-03-2015, 10:55 AM)

Quote: سأعود

Quote: أموت في "القصر العيني" وتنقذني الطبيبة ..

(عدل بواسطة سيف اليزل الماحي on 02-04-2015, 01:19 PM)

Quote: فلماذا تنكرون علينا ان "نستطيب" هناك مثل غيرنا