أسئلة الزمن السلفي!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 07:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2014, 11:51 AM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسئلة الزمن السلفي!

    تاريخيًّا، تتخذ السلفيّة عدة تمظهرات تتبدّى من خلالها، سواء من سلفيّة علميّة إلى سلفيّة جهاديّة، أو غيرها، ولا يهم كثيرًا الوقوف على هذه الفروق بين السلفيّات لأنّ ذلك شأن من يريد أن يرتّب البيت السلفي من الداخل. بيد أنّني أروم أن أفهم السلفيّة كنموذج للتفكير وليس كمنطق للعمل؛ فالمحاكمة إلى الممارسات هي إيمان مسبق بصحّة نموذج التفكير، والانخراط في أفقه والتعاطي مع إشكالاته بيسر وسعادة كبيرين.
    ولا يمكن أن نفهم نموذج التفكير السلفي، أو ما سنطلقُ عليه: البراديغم السلفي، إلّا إذا كنّا خارجه لا داخله، حتى يكون بالإمكان تعرية هذا النموذج وفهم آليات تفكيره وتأويله. خاصّة في ظلّ المدّ السلفي وما له من أثر في المجتمعات الإسلاميّة إرشادًا ودعوة للناس لاتباع نموذج معيّن في دينهم واجتماعهم وسياستهم. بيد أنّني لا أعني بالسلفيّة هاهنا مجموعة الارتكازات المنهجيّة التي يتكّئ عليها ما نسمّيه السلفي، بل أعني بها هذا البراديغم الذي يسيطر على العقل ويشدّ من أزره لتفهّم الإشكالات المعرفيّة والسياسيّة عمومًا.
    وأوّل ما يمكن أن نلحظه في البردايغم السلفي هو محاولة التعالي على التاريخ والواقع، ليس بعدم الانخراط فيه -وإن كان عدم الانخراط في الواقع ممارسة سلفيّة أصيلة ومنظّر لها-، ولكن من خلال إماتة الواقع والراهن والحدث بردّه إلى نماذج تاريخيّة، والعمل على تفسير الواقع الحالي من خلال نماذج تاريخيّة تختلف بنيويًّا وتاريخيًّا عن الراهن الذي نعيشه. بل يمكن القول إن الراهن في البراديغم السلفي لا يكتسب أهمّية إلّا من خلال اقترابه من التاريخ-النقطة التي تمثّل عند السلفي المرتكز التفسيري والأساس.
    يشوّش علينا السلفيون دائمًا بهذه الفكرة: إنّ الحلّ للراهن الإسلامي سواء في المعضلة السياسيّة أو في الإصلاح الديني هو العودة للنموذج الأول الذي كان عليه الدين نقيًّا من كلّ الشوائب، ومحاولة صنع نماذج تحاكي هذا النموذج/ المعيار حتى تحصل النهضة التي يرومها المسلمون. بيد أنّ هذا الحل فيه تشوّش ومصادرة لا بدّ من توضيحها. فالسلفي، حقيقةً، لا يرجع بنا إلى العصور الأولى، لأنّنا لم نشهد منه أيّة إبداعات مماثلة لما كان في الجيل الأوّل الإسلامي من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنّ هذا المنطق لرؤية تاريخ غير عملي ومتخيل ولا يوجد إلّا في الأذهان.
    السلفي اليوم يعلّقنا في فراغ تاريخي هائل باسم العودة إلى القرون الأولى، وفي الحقيقة هو لا يعود ولا يتقدّم، إنّه واقف وعاطل عن الإبداع، وبلا معنى يدعونا للعودة. هل الإنسان -ككائن زماني- قادر على أن يعود إلى تاريخٍ غير تاريخِه، وتصوّر تصورات سياسيّة واجتماعيّة وكلّ ما يتعلّق بالإنسان تصوّرها غيره ؟ ليس ههنا أيضًا المشكل. المشكل الكبير، هو تنقية المسلمين من التجربة التاريخيّة، وأنّ النماذج متعالية على التاريخ، وأنّ الإنسان المسلم في راهنه اليوم عليه أن يكرّر ما قامت به الأمّة في القرون الأولى اجتماعًا وتديُّنًا وسياسةً.
    هذا التصور الطهوري لدى السلفي جعل منه داعية للهويّة، ويرى أن منهجه هو منهج للحفاظ على الهويّة الإسلاميّة من الانحرافات والبدع إلى آخر المعجم السلفي الكبير. فالسلفيّة تعرضُ نفسها دائمًا ضمن عدّة مفاهيم أخرى تحاول أن تصنع منها سلسلة متلازمة، فتجد أنّها ترتبط بمفاهيم كالهُويّة والحفاظ على الدين وحماية التراث، إلى آخر هذه المفاهيم التي تدخل في علاقة ملتبسة مع مفهوم السلفيّة.
    ولذلك، فإنّ أوّل المهمّات هو تحرير السلفيّة من هذا الوهم المفاهيمي الذي تصنعه كيّ تعرض نفسها بشكلٍ مغرٍ أمام الهزّات التي يتعرّض لها داخلنا الإسلامي. فلا بدّ من التأكيد، أنّ السلفيّة ينبغي أن تتخلّص من وهمِ كونها انتماءً، مما يعطيها هذا التعالي الذي يتصوّر أنّه يحفظ الأمّة، إنّما علينا أن نُحايثها كبراديغم معرفي متجذّر في بنية العقل وينظر للمستجدّ ضمن هذه الخطاطة السرّية لنفسه.

    (عدل بواسطة mwahib idriss on 11-27-2014, 12:30 PM)
    (عدل بواسطة mwahib idriss on 11-27-2014, 10:20 PM)

                  

11-27-2014, 11:53 AM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سكان الارض ينتقلون للمريخ ٢٩٩٩ م (Re: mwahib idriss)

    إن السلفيّة ليست انتماءً، وإن حاولت أن تصدّر ذلك لنا، إنّه موقف فقط، وبكثير من الاحتياط: موقف من التاريخ، ومن الراهن، ومن الأحداث عمومًا. ومحاولة تشبّثها بالانتماء هو رغبة سلفيّة جامحة للاكتمال الهويّاتي التي تظنّه.

    فالسلفي ليس حارس هويّة من تطرّف خارجي، أو من بدع خارجي، إنّما له موقف كباقي المواقف الداخليّة الإسلامية التي تعمل معه، فقط. فالسلفيّة ليست قضيّة انتماء، إنّما هي براديغم نظري يعمل على صناعة حائط صدّ تجاه الراهن بإرجاعه إلى العصور الأولى، أو التخلُّص منه ضمن ما يمكن أن نصطلح عليه بـ”استراتيجيّة البدعة” التي تقوم على الإزاحة لا الاعتراف

    ولا تكاد تنزل بالمسلمين نوازل تاريخيّة، إلّا وتجد أن السلفي يتعاطى معها ضمن استراتيجتين: إمّا تبديعها ومحقها -علينا أن نقرأ بتمعّن الموقف السلفي من الثورات العربيّة-، أو ما نسمّيه: إماتة الواقع؛ أو بالانخراط في الحدث وتشويهه ثمّ العودة مرّة أخرى إلى الثكنات السلفيّة، ثكنات الهويّة، والانكفاء على الجماعة الصغيرة.

    فالسلفي اليوم يعيش محنةً كبيرة، لأنّ المجتمعات التي ظنّ أنه قام على إصلاحها منذ عدّة عقود عادت إليه في صورة متشظية وملعونة بالواقع، وتفلّتت الجماهير مع أوّل ثورة في الداخل العربي من بين يديه إلى الميادين، ويبدو أن عقود الدعوة والإرشاد لم تُجدِ، فكان الحدث أكبر من الأفكار السلفيّة، ولم يكن أمام السلفي سوى الانخراط في الحدث، أو الانكفاء مرّة ثانية على نفسه وجماعته المتخيّلة وتصوراته الطوبابويّة.

    فإذا كانت الثورات، كمثالٍ، أحدثت هذا الانشقاق في المجتمع -ما يسمّيه السلفي: “الفتنة”-، فالسلفيّة مثّلت جدارًا صلبًا يُمكن الاتكاء عليه عند حدوث هذه الهزّة المعياريّة للداخل الإسلامي، ولذلك فهي لا تفتأ تتخذ أشكالًا عديدة وتجليّات كثيرة كي توفّر هذا “الأمان النظري” للذين لا يستطيعون أن يواجهوا الحدث والراهن والحاضر بما هو كذلك.

    لقد تفاءل العديد من الباحثين باندماج السلفيين في المجتمع والسياسة بعد الثورة، إلّا أن سرعان ما ذبلَ هذا التفاؤل وغدا وجعًا ونكسة. وكلّ من يتابع الشأن السلفي ويتدبّر ماهية السلفي، يعلم أنّ هذا كان متوقّعًا.

    إن الطهارة النظريّة التي يعيشها السلفي لا يمكن أن تتلاءم وطين الواقع والراهن، ولذا فالسلفي يمكن أن يتحالف مع أي خصم جذري ولا يتصالح مع مختلف داخلي من البيت الإسلامي، بدعوى أنّ الخصم الجذري معلومة هويته، أمّا المختلف الداخلي فيمكن أن يضيّع هذا النقاء والطهوريّة التي يعيشها السلفي. فالسلفي له عصره الذي يحلم به طوال الوقت.

    لكن علينا أن نتساءل بصوتٍ عال: هل يمكن أن يتحقّق العصر الذي يتخيّله السلفي؟ ربّما هو عصر لا يكون إلّا في الأذهان، لذلك فهو متخيّل، وعلاقة السلفي بالتاريخ هي علاقة تنافر وكره؛ بل إنّ حنين السلفي إلى العصر الأول، هو حنين غير تاريخي، لأنّه لا يفهم العصر الأول بكلّ مكوناته وكلّ أحداثه وحركاته العلميّة، وإنّما يريد من التاريخ شيئًا معيّنًا، متخيّلًا.

    بيد أن ثمّة نسخة جديدة من السلفيّة بدأت في الظهور منذ عدّة سنوات، ويبدو أن الساحة تهيّأ لهم بشدّة على الصعيد الإسلامي والسلفي، وهي تلك النسخة التي تمتلك أفقًا أوسع من السلفيّة التقليدية والعلميّة، وتحاول أن تعيد المنهج السلفي إلى حقيقته، وتشتبك مع العلوم الاجتماعيّة والفلسفيّة والمناهج الغربيّة. وأخيرًا نشهد السلفي يحاول أن يبلور منهجيّة معيّنة، وينخرط في النقاش الراهن للأسئلة الإسلاميّة ومناقشة المشاريع الفكرية للمفكرين العرب. فهل نجحت هذه النسخة ؟

    يبدو أنّ هذه النسخة من السلفيّة لا تمتلك بعدُ تقاليد راسخة حتى يمكن محاكمتها، إلّا أنّها في نظري تمثّل أزمة السلفي مرّة أخرى ولكن في صورة جديدة. فالأحكام نفسها من الراهن الضاغط علينا هي هي، والتصورات نفسها لتصوّر نهضة حقيقيّة للمجتمعات العربيّة والمسلمة، والموقف السياسي نفسه الرافض للديمقراطيّة. لكن المختلف في هذه النسخة هو اختلاف تفاصيل الرفض وأدواته. تستخدم هذه النسخة الجديدة من السلفيّة العلوم الاجتماعيّة ضدّها، نجدهم ينقلون عن الغرب مقولاتٍ في نقد الديمقراطيّة كي يكون الحلّ لا ديمقراطيًّا (!)، ويعتمدون على الفلاسفة الذين ينقدون الحداثة كي يكون الحلّ لا حداثيًّا (!) وهلّم جرّا.

    المراوغة السلفيّة الجديدة تريد أن تقول إن المشكل كلّه في تطبيقات السلفيّة وليس في المنهج السلفي، في فصلٍ عجيبٍ وغريبٍ بين الممارسة والتنظير، وطبعًا هذا لكي يكون المنهج مبرّأً من كلّ عيبٍ تاريخيّ أو خلل ممارساتي. فبدل أن يكون المنهج هو تاريخ أخطاء متبعيه، ومن ثمّ يتم العمل على تجديد جذري للمنهج، يتم إلصاق كلّ الخطأ للممارسة، بينما المنهج يتربع على العرش نظيفًا وهادئًا ووديعًا.

    هل نشهد النسخة الأخيرة من السلفيّة ؟ لقد ضجّ الراهن، وخرج عن طوره، والسلفية لا تعمل إلّا على إماتة الحدث والتنكّر للأسئلة السياسيّة والدينية التي تلحّ علينا وتثقلنا ولا جواب سلفيّ يشفي الغليل. فهل تحمل السلفيّة بذور موتها بداخلها بما أنّها تتجاهل أسئلة الراهن ؟ ربّما. لكن لا بدّ من التفكير عمومًا خارج البراديغم السلفي، والعمل على إنشاء موقف ديني وسياسي واجتماعي من خلال راهننا، دون الالتفات للزجر السلفي الجموح، والعمل على إرساء ذلك خارج فضاء السلفيّة. آن للسلفيّة أن تستريح.
    كريم محمد
    باحث مصري
    المصدر: موقع التقرير، 26 نوفمبر 2014
                  

11-27-2014, 10:02 PM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سكان الارض ينتقلون للمريخ ٢٩٩٩ م (Re: mwahib idriss)

    قال عز وجل: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام:108] .
    قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالى ناهياً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو: الله لا إله إلا هو. ا.هـ
    وقال القرطبي رحمه الله: قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم ولا دينهم وكنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك. أ.هـ
    والله أعلم
                  

11-27-2014, 10:18 PM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سكان الارض ينتقلون للمريخ ٢٩٩٩ م (Re: mwahib idriss)

    هذه دراسة علمية رصينة، حررها الفقيد، الزميل والباحث المصري حسام تمام، الذي رحل عنا يوم الأربعاء الماضي بمصر المحروسة، وجاءت تحت عنوان "أسئلة الزمن السلفي"، وتعتبر من أولى الدراسات العربية والإسلامية التي تنبأت بصعود نجم التيارات السلفية (في نسختها الوهابية من وجهة نظرنا)، قبل منعطف "الربيع العربي"، وتلتها دراسة لاحقة تحت عنوان "تسلف الإخوان" للفقيد حسام، ولأهمية هذه الدراسة، فقد استشهد المفكر والمحقق والمترجم اللبناني رضوان السيد، في آخر مقالاته الصادرة في عدد اليوم، بصحيفة الشرق الأوسط، (عدد 28 أكتوبر الجاري) وجاء تحت عنوان: "ربيع العرب بين الإسلاميين والمدنيين"، حيث نقرأ لرضوان السيد ما يلي: "رغم التجربة السياسية الطويلة للإخوان المصريين (المشاركة في النقابات والانتخابات النيابية)؛ فإن حيويتهم الفكرية توقفت في التسعينات من القرن الماضي، كما أنهم لا يملكون قيادات كارزماتية بارزة. وقد صاروا في العقدين الأخيرين شديدي المحافظة، وأشبه ما يكون بأحزاب اليمين الأوروبي الجديد، وقد ظهر لديهم تسلف في الاعتقاد.. انظر دراسة حسان تمام".

    رحم الله الفقيد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
    ...
    أنا من الذين يذهبون أن مؤشر العالم الإسلامي دخل في الزمن السلفي، وأن السلفية ستكون- إن لم تعد بالفعل- سيدة الزمن القادم. لقد صارت السلفية الدينامية الأقوى والأكثر اشتغالا في عالمنا الإسلامي وقدرة علي التأثير فيه، وهي تتمدد في كل فراغ تنسحب منه الديناميات الأخري.
    قراءة سريعة تقول أن المشروعات الإصلاحية المختلفة في عالمنا الإسلامي متعثرة بل ومتراجعة، وأن كل تعثر يمد السلفية بأسباب من القوة لم تكن لها من قبل...وأن كل الطرق التي يسير فيها عالمنا الإسلامي تؤدي به إلي السلفية. التراجع لم يعد رهنا بمشروعات الإصلاح "العلمانية" إن صح التعبير فحسب؛ هذا بالمشروعات العلمانية فحسب بل ينطبق أكثر علي المشروعات "الإسلامية" التي تصدرت الواجهة حينا من الدهر.

    إن قراءة مدققة لمشروع الإخوان المسلمين الذي ظل العنوان الأبرز علي المشروع الإسلامي طوال ثلاثة أرباع القرن الأخير لتؤكد أن هذا المشروع أُنهك حد الإعياء واُستنزف تاريخيا وتفككت روايته الكبرى حتى لم يعد يتبقي منها – عند التحقيق- إلا عناوين وإشارات أقرب إلي نوستالجيا ( الحنين ) لزمن الإخوان الجميل!
    يحدث هذا في الوقت الذي زادت الطاقة الأيدلوجية للسلفية حتى وصلت إلي أقصاها، فبلغت القمة في القدرة علي اجتذاب الجماهير والتأثير فيها وتغيير أفكارها وتصوراتها وسلوكياتها إضافة إلي حشدها وتعبئتها بل واخترقت المنظومة الإخوانية حتى صارت السلفية تيارا فاعلا بل وأكثر التيارات فاعلية وتأثيرا داخل الإخوان.
    أتصور أن هذا يجب أن يعجل بفتح ملف السلفية وأتاحته لنقاش علمي غير حجاجي يسعي لبسط الحقائق واستجلائها، بل ويطمح إلي تطوير الحالة السلفية نفسها ضمن السعي إلي استنهاض الإصلاحية الإسلامية بالجملة.
    ***
    هناك أسئلة تستحق أن تطرح للنقاش علي رموز السلفية والمختصين بها..فإذا كانت السلفية كفكرة تتنازعها تيارات وجماعات مختلفة ويمكن فهمها علي أكثر من مستو؛ كمذهب اعتقادي أو كمذهب فقهي أو كتيار فكري أو حتى كحركة سياسية..فكيف يمكن رسم خريطة للتيارات السلفية في العالم الإسلامي؛ ما القواسم المشتركة التي تجمع أبناءه، والأفكار الرئيسية التي تنتظمه، والقواعد التي يحتكم إليها في التعرف عليه؟

    ثم ما أهم الكتابات التي تمثل إطارا مرجعيا يتكون عبره السلفيون ويضع لهم لبنات البناء الفكري والعقدي ؟ ومن أهم المراجع المعتمدة تاريخيين أو معاصرين لهذا التيار؟ كيف يتكون المرجع لدي السلفية؟ وكيف تتعامل السلفية مع فكرة المرجع أصلا؟
    ***
    وكيف نفسر حالة المد السلفي التي تجتاح العالم وخاصة العالم العربي بل وتخترق الجماعات والتنظيمات الإسلامية الأخرى – كحالة الإخوان؛ لماذا تتسارع دينامية السلفية حتى توشك أن تكون اللحظة القادمة هي لحظة السلفية كما أسلفنا؟

    كيف نفسر تمدد الخطاب السلفي في شرائح اجتماعية ظلت بعيدة تقليديا عن تأثيره؟ كيف صار الخطاب السلفي الأكثر قدرة علي اجتذاب الجماهير..ما تأثير الحضور السلفي في الفضائيات ( سلسلة قنوات المجد والناس ..وغيرها ) وفي مواقع الإنترنت ( السلفية هي الأكثر حضورا علي الشبكة العنكبوتية) في ذلك بل وما تأثير هذه الوسائل الحديثة علي الخطاب السلفي نفسه وما إذا كان من الممكن أن نراهن علي تطويره عبر هذه الوسائل والتقنيات؟

    في أي مساحات يحضر الخطاب السلفي في وسائل الإعلام وفي أيها يغيب؟ لماذا نجد تكثيفا في المساحات التاريخية ويغيب في المساحات الفكرية والسياسية؟ وسيجرنا هذا بالضرورة إلي تساؤلات طرحت وما زالت من زمن عن ما موقف بل مواقف السلفية من قضايا الجدل مثل المرأة والأقليات والفنون باختلافها من غناء وموسيقي وتمثيل وخلافه.
    ***
    وإذا كنّا نلاحظ أن الانتشار السلفي يتم – في الغالب الأعم- بسهولة ومن دون تنظيم أو مؤسسة، وأن الجسم الأكبر للسلفية غير مؤطر تنظيميا وليس له ما يمثله في أو يتحدث باسمه في الفضاء العام، فهل لهذا الوضع صلة ببنية السلفية نفسها التي تجعلها أقرب لتيار يبقي دائما من دون تنظيم ورأس أم أنه وضع مرشح للتغير والتطور باتجاه تأطيره في كيانات منظمة ولو في صيغ رسمية ؟

    كيف يمكن وصف علاقة التيارات السلفية في مختلف أنحاء العالم بالوهابية التي ينظر إليها كمنبع لكل التيارات السلفية؛ ما وجه اللقاء ووجه الافتراق؟ وهل صحيح أن العلاقة بين هذه التيارات وبين الوهابية علاقة عضوية لا يمكن أن تنقطع فكريا وبل لا ماديا في كثير من الأحيان؟! ومن جهة أخري كيف يمكن تفسير حالة التشظي السلفي والتعدد اللا نهائي للسلفية وتياراتها والتي تصل أحيانا إلي حد التكفير والتقاتل علي الرغم من أنها –يفترض- تنطلق من أساس واحد؟

    ثم كيف يمكن تفسير هذا الزخم والحضور المتعاظم للحركة الجهادية السلفية التي تجتاح العالم؛ هل هي إعلان بقيادة السلفية للمد الديني أم دليل علي عدم قدرتها علي التعايش داخل بلدنها وتحول علاقتها مع المجتمع والعالم إلي صراع؟

    وإذا سلمنا بأن التيار الغالب والأكثر انتشار بين السلفية هو تيار ما يعرف بالسلفية العلمية الذي يركز علي قضية تصحيح الاعتقاد ومسائل العبادات وإحياء التراث دونما أي مقاربة للسياسة جدلا أو اشتغالا..لكن يبدو أن الانتقال سهل وميسور من السلغية العلمية إلي الجهادية..فكيف يمكن أن نفسر هذا التحول لدي بعض الشباب السلفي؟ هل يتعلق بعدم وضوح مقولات السلغية العلمية بما يسمح بتجاوزها؟ أم أن الفراغ السياسي – رؤية وممارسة- كان المسئول عن هذا التحول نحو إطار سياسي يتناسب مع مقولة هذا التيار؟ أم أن السياق المحلي والدولي وتصاعد الهجمة علي الإسلام مسئول عن هذا كله؟ وهل لدي رموز وشيوخ ما يعرف بالسلفية العلمية تصور للتعاطي مع هذا الأمر الذي جعل من كل سلفي مشروعا لجهادي يمكن أن ينفجر في أي لحظة ولأسباب شتي؟!
    ***
    ما ملامح رؤية التيار السلفي للعالم في هذه اللحظة؟ كيف تكونت؟ وما مصادرها؟ هل هي المصادر التراثية فقط أم أن هناك مصادر معاصرة تأخذ بعين الاعتبار عالم اليوم بتعقيداته وتركيبيته ؟ كيف يري السلفيون الغرب مثلا؟ هل بإمكانهم- علي تنوعهم وتعدديتهم- أن يميزوا بين تنوعات العالم وتعدديته في الرؤية والتعامل أم يرونه ككيان موحد؟

    كيف يتعاطى السلفيون مع المفاهيم الحديثة التي تحكم علاقات العالم؛ التعددية الدينية والثقافية، قبول الآخر الديني، التعايش، التسامح...؟ هل يتابعون الفلسفات الحديثة؟ ما موقفهم منها؟ وهل لديهم رؤية نقدية لها وللثقافة الغربية عموما؟ وهل هو موقف مبدئي أم جدلي قائم علي الاطلاع والنقاش؟

    مثلا؛ إذا كانت الأدبيات التراثية تمثل- كما هو الأرجح والأوضح- المصدر الرئيس في بناء رؤية السلفيين للعالم، وهي أدبيات تنتمي في مجملها إلي لحظة تاريخية مضت كان العالم ينقسم فيها إلي دار كفر ودار إسلام وتتحدد فيها العلاقات بين الدول علي أساس الحرب ( دار الكفر ) والسلام ( دار الإسلام)..ولم يكن العالم قد عرف الدولة القومية الوطنية التي تقوم علي مبدأ المواطنة التي يشترك فيها المسلم مع غيره..ألا يمكن النظر إلي أن إعادة إنتاج التيار السلفي للمقولات التراثية في هذا الموضوع هو المسئول عن سوء فهم العالم وعن حالة التوتر والصدام معه؟..هل لدي السلفيين وعي بذلك؟ وهل جرت مراجعات لهذا التراث؟ وهل ثمة احتمال بهذه المراجعة؟..
    ***
    يمكن أيضا أن نتوقف عند السلفية والآخر الإسلامي؛ ما موقف السلفيين إزاء غيرهم من الفاعلين الآخرين في المشهد الإسلامي؟ هل يؤمنون بإمكان تعددية مناهج الدعوة وتياراتها التماسا لوحدة العاملين في الصف الإسلامي أم أن " التوحيد" مقدم علي الوحدة كما يبرر البعض توجههم لنقد التيارات الإسلامية المخالفة لهم بدعوي خروجها علي ما يناقض مفهوم التوحيد؟! ما موقفهم- مثلا- من المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف في مصر؛ هل مازالوا ينظرون إليه كمنافس لهم أم كشريك في الدعوة؟ وهل يؤثر الاختلاف المذهبي علي هذا الموقف؟ هل مازال- مثلا- في أولياتهم نقد المذهب الأشعري مذهب الأزهر الاعتقادي وغالبية المؤسسات الدينية العالم السني ( كما في مصر وتركيا والمغرب..)؟ وإلي أي مدي يؤثر ذلك علي توتير السلفية للمجال الديني الذي كان شبه منسجم في بلاد كالمغرب ومصر؟

    ما موقفهم من الجماعات الأخرى العاملة في حقل الدعوة الإسلامية سواء السياسية كالإخوان أو الدعوية كالتبليغ والدعوة أو الجهادية كالقاعدة؟ أين تلتقون وأين تختلفون؟ وهل بالإمكان التعاون في المشترك بينهم وبين هذه الجماعات أم أن مرج بحورها لا يلتقي؟!
    ***
    ولابد أن نتوقف أيضا عند موقف السلفية من الأنظمة الحاكمة في بلدانها وفي مجمل بلدان العالم الإسلامي؟ وما منهجيتكم في التعاطي معها؟ يبدو أحيانا أمام مقاربتين سلفيتين في هذا الموضوع واحدة تتحالف مع الأنظمة وأخري ترفضها بل وربما تكفرها وكلتاهما سلفية! فكيف نفسر هذه المفارقة؟ كيف ينظر السلفيون لجدل الإصلاح في بلدانهم؛ أين موقعهم منه؟ ما تصورهم عنه: هل هو إصلاح ديني أو يتجاوز ذلك؟ وما مدخلهم إليه هل سيظل مدخل الدعوة أم سيطورون ذلك إلي مداخل سياسة؟
    ***
    سنتوقف أيضا عند السلفية كحركة اجتماعية تتجاوز الفكرة النقية؛ لنتساءل: هل تخضع السلفية لسنة التطور والتبدل أم أنها متجاوزة للزمان والمكان كما قد توحي معظم الكتابات التي تقارب مسألة السلفية؟ ألا تتأثر السلفية الواحدة بزمانها ومكانها وتطبع بطابع التعدد والتنوع؟ ألا تتمايز السلفية الوهابية في الخليج – مثلا- عن نظيرتها في المغرب حيث تيار السلفية الوطنية ؟ وهل يمكن النظر إلي السلفية في لبنان التي تتوزع ما بين الانضواء تحت تنظيم القاعدة إلي التحالف مع تيار المستقبل باعتبارها خارج السياسة وخارج إمكان التأثر بها؟

    بل ويمكن حتى أن نتساءل دون التورط في المنظور الاستشراقي : هل هناك سمات خاصة للسلفي تميزه عن غيره من الإسلاميين علي من الناحية النفسية والسلوكية ؟ أم أنها منهجية فكرية لا تلزم بالضرورة هيئة خاصة بها؟
    ***
    إن اللحظة التي نعيشها توجب علينا أن نفتح ملف السلفية بعيدا عن رطانة الأيديولوجيا ولغتها الخشبية، وألا نتعاطى معها علي وقع معارك الشارع السياسي والثقافي العربي، فاللحظة الآنية لحظة سلفية بامتياز، والزمن القادم – وإلي وقت ربما يطول- هو زمن السلفية!

    حسام تمام
                  

11-28-2014, 09:02 AM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
x (Re: mwahib idriss)

    x
                  

11-28-2014, 11:56 AM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: x (Re: mwahib idriss)

    الإسلام السياسي.. في تشريح المرجعيَّة والتَّكوين


    لأنها ليست الأكثر غموضاً فهي سريعة السقوط وقليلة الصمود إزاء إحداثيات الوطن؛ هكذا يمكن توصيف حال ومقام تيارات الإسلام السياسي، أو الجماعات السيسيودينية، التي اعتلت صدارة المشهد السياسي منذ استقرار الانتفاضة الشعبية في يناير 2011، وبرغم أن الصورة الإعلامية التي صورت تلك التيارات السياسية التي استهدفت جمهورها من بوابة الفقر الديني لديهم انحصرت في كونها تيارات سرية وغامضة مما يعتقد الكثيرون أنهم الأكثر حراكا وقدرة على التنظيم والاستهداف المباشر، إلا أن الحقيقة النفسية لتلك التيارات لا تؤكد ذلك أو تشير إليه من قريب أو بعيد.
    الأكثر سطحية
    المستقرئ لحركات الإسلام السياسي منذ اشتعال الفكر الوهابي في شبه الجزيرة العربية؛ مرورا بالحركات المزجية بين الدين والسياسي في مصر وسوريا والعراق وتونس، يدرك أن هذه الفرق بعيدة تمام البعد عن تطوير الاستخدام السياسي مما جعلها أكثر سطحية ومباشرة لا غموضاً وسرية ويكفي تحركات ما بعد ثورة يونيو لتكون خير شاهدة على افتقار هذه الفصائل والحركات إلى سرية التكوين والتنفيذ. لكن ظل الغموض فقط مصاحباً لسير المؤسسين لهذه التيارات، فمن بالغ الصعوبة أن تجد سيرة لهؤلاء الذين صاغوا حركاتهم سيرا بأقلام غير المريدين لهم ، بل إن قصص حيواتهم تظل رهن الاستقطاب التمييزي ولا تقترب إلى حد المكاشفة التاريخية رغم وجودهم التاريخي.
    وكون هذه الحركات لا تفكر في تطوير المصطلح السياسي لديها فهي الأقرب إلى الجمود منه إلى الفعالية والنشاط حتى وإن كانت قادرة على التحشيد، لكن الشهود الحضاري يفي بأنها على علاقة مستدامة بفكرة الامتلاء السياسي ومن ثم الاكتفاء الفقهي ووجود مرجعية ثابتة لا تعرف للاختلاف سبيلاً ولا تفطن للتعددية طريقا.
    هذا الامتلاء السياسي هو الدافع الحقيقي وراء معظم أفكار تيارات وحركات الإسلام السياسي، وهذه الأفكار شكلت منظومة أيديولوجية يمكن توصيفها في ملامح محددة ، منها ضرورة التغيير الشامل وليس التطوير الجزئي، ورغم ما يشاع عن تيارات الإسلام السياسي ومنها جماعة الإخوان بأنها تسير بخطى وئيدة حتى تحقيق أهدافها فإنها بلفعل حركات تفتقد حيلة ومزية الصبر، كما تفتقد فضيلة التواضع لأن أبرز عوامل سقوط الجماعة سياسيا هو الاستعلاء السياسي الذي مورس على قطاعات عريضة من الشعب. وظل الاستعلاء كسمة مصاحبة لتيارات الإسلام السياسي في نمائه حتى أصيب بحالة من التضخم الذاتي للقيمة مما دفعها جميعاً إلى عدم الاكتراث بأية تنظيمات أخرى .
    ليس من المنطق أن تحدث تغييرا شاملاً إلا إذا كنت نبياً يوحى إليك ولست بشراً عادياً ربما لا تمتك قدرات استثنائية، لكن هاجس التغيير الشامل ظل وسيظل محركاً لكافة الممارسات السياسية لتلك الجماعات دون أدنى اعتبار لوقع الشارع وأدائه.
    خطاب المظلومية
    من ملامح الأيديولوجية أيضاً استخدام خطاب المظلوم سياسيا والذي يعاني دوما الإقصاء عن المشاركة الدينية أو السياسية وربما انتفاء الذوبان المجتمعي اللهم سوى الذوبان داخل التنظيمات الخاصة فقط ، مما أدى إلى استسلام المنتمين إلى تلك الحركات إلى نهايات التهميش والاضطهاد من قبل طبقات المجتمع ، لذلك لم يكن عجباً أن تسعى جماعة الإخوان في مصر إلى تهميش الجميع حينما وصلوا إلى سدة الحكم وهو ما أطلق عليه آنذاك أخونة مفاصل الدولة.
    ذلك الشعور بـ"الاضطهادية" أو المظلومية التي ما تزال محل شعور الجماعة أو التيارات التي اقتحمت العمل السياسي من بوابة الدين، واستهداف فقر المواطن دينيا ومعرفيا جعلت المنتمي إليها يرى المجتمع منحرفاً عن الوجهة الصحيحة التي تلقى تعاليمها أو مواصفاتها في نفس الوقت الذي تتنامى لديه عقدة الشعور بالظلم مما يجعله حاكماً على مجتمعه بالكفر، وفي كثير من الأحايين يرى وجوب محاربة العدو القريب بدلاً من أعداء الخارج وهو ما نراه واضحاً في حالتي الجماعة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
    قتال داخل الوطن
    هذا ما وجدناه رأي العين في كتاب "الفريضة الغائبة" حينما نطالع قولاً يرى أن قتال العدو القريب داخل الوطن أولى من قتال العدو البعيد، وإذا استرجعنا وعي هؤلاء بذواتهم المضطهدة من وجهة نظرهم والمهمشة بفضل ممارسات الأنظمة السياسية التي لم تر نفعاً في دمج هذه التيارات داخل سياق المجتمع ، نكتشف مشاهد الثأر المستدامة صوب بعض الفئات كالقضاء والشرطة وأخيرا الجيش، وهذه المشاهد نراها متأصلة في تاريخ الجماعات التي وصفت مؤخرا بالإرهابية.
    إن الثأر كسمة تعد ملمحاً مهماً ونحن بصدد تحليل الحالة النفسية لتيارات الإسلام السياسي، لأن موقف الثأر الدائم يفرض على تلك الجماعات وجود حالة من التعبئة الدائمة للصراع مع السلطة والذي انتقل مؤخراً بفضل البلادة السياسية لهذه الفصائل إلى الصراع مع كل فئات المجتمع الرافضة لوجودها نظراً لأعمال العنف والإرهاب وترويع الآمنين.
    ربما أساتذتنا من علماء النفس الذين غرقوا حتى آذانهم في أوراقهم التي لا تخص سواهم غفلوا عن حقيقة تصل إلى تمام الشهود الحضاري وهي سيطرة اللاوقعي على فكر وسلوك تلك التيارات والفصائل السيسيودينية. وسيطرة اللاوقعي تعني أنهم فقدوا السيطرة في التمييز بين السلطة كنظام سياسي حاكم وبين المواطنين كأفراد مستقلين يشكلون المجتمع الكبير. فرأينا حوادث القتل في الشوارع وتدمير بعض البنايات وحوادث الترويع وإشاعة الخوف من تفجيرات قادمة مرتقبة الأمر الذي يدعو إلى مزيد من الدراسات السيكولوجية لطبيعة شخصيات المنتمين لتلك الفصائل.
    النموذج التركي
    بسبب سيطرة اللاواقعي على فكر تنظيمات الإسلام السياسي كانت الدعوة إلى إحياء فكرة الخلافة، والانفصال عن الوطن وقضاياه ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية وغلق فكر الاجتهاد إلى منتهى غير معلوم، وبات الأمر في البداية شركاً أوقع الكثير من البسطاء في فخاخه وأوكاره، لاسيما أولئك الذين استمرأوا ثقافة الاستماع دون اكتراث بفعل القراءة والتأويل وتحليل المعطيات. ورغم طموحات المغامرين بفكر الخلافة إلا أنهم سقطوا وطنياً حينما سقطت دولتهم بإرادة وثورة شعبية في يونيو الأحمر فتخلوا عن مزاعم تحرير القدس من الغاشم الصهيوني وتحولت فكرة الثوار والأحرار المجاهدين صوب القدس لتحريره إلى حرب غير واعية من الدولة والمواطنين في الداخل.
    وربما لم تدرك تلك الفصائل الحراك السياسي التركي نحوها ومدى الاهتمام المدهش في رصد أنشطتها الليلية في منتديات الرأي أو مظاهرات الجامعة وطرقات القرى المصرية ، لكن ثمة أسئلة ربما تفضح هذا الحراك ، منها لماذا لم تتحرك تركيا بنفسها وتعلن مزاعم عودة الخلافة المنشودة وتذهب مباشرة تجاه إسرائيل لتخليص القدس من براثنها ومخالبها ومخططاتها الخبيثة؟
    لماذا تأخرت تركيا كل هذا الوقت في مساندة حليف يحمل الحلم القديم نفسه وهو الخلافة؛ وانتظرت حتى بزوغ تيارات الإسلام السياسي في مصر؟ ويظل تساؤل آخر يبدو مهماً وهو أن تركيا التي تلهث وراء ترويج منتجات الشرعية وتحالف القوى الوطنية هي نفسها التي تؤكد ليل نهار أنها استحالت حضنا هادئاً وناعماً للعلمانية، وأنها لن ترجع خطوة واحدة مرة أخرى للوراء؟ لكن مشكلة تيارات السيسيو دينية أنها لم تع إلى مشاهد المباحثات الأمريكية التركية أو التركية الصهيونية، وربما هذا المشهد يدرج أيضاً تحت السمات المميزة لتيارات الإسلام السياسي ألا وهو الغفلة!
    بليغ حمدي إسماعيل
    كاتب مصري
                  

11-28-2014, 12:18 PM

قصي محمد عبدالله

تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 3140

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رأي المستشرق ( كوستاولوبون ) حول الإسلام (Re: mwahib idriss)

    يقول : إن انتشار الإسلام في شرق وغرب العالم جعل أعدائه في حيرة .

    وفي ذلك قالوا : ( بما أن الإسلام فتح باب الشهوات أمام الناس لذلك نجد الناس يقبلون عليه ويعتنقونه ، ثم إن انتشاره كان بقوة السيف ) .

    وللرد على ذلك أقول : أنه هذا التصور باطل ولا أساس له من الصحة ، ومن يطلع على القرآن يبدو له واضحاً أن الضوابط الأخلاقية في القرآن لم تكن أقل مما ورد في باقي الكتب السماوية .

    وأما عن تعدد الزوجات الذي أقره الإسلام ، فهذا الأمر ليس بجديد وإنما كان معمولاً به بين الأمم في الشرق .

    وعندما ننظر إلى فتوحات المسلمين بشكل دقيق أخذين بنظر الاعتبار أسباب نجاحهم في ذلك نجد أن انتصارهم لم يكن بالسيف لأن الأمم المغلوبة هي التي اعتنقت الإسلام ، كما أنها اختارت بنفسها اللغة التي تريدها .

    كل ذلك دعا تلك الأمم إلى قبول الحكام المسلمين الجدد ، ورفض أولئك الحكام الذين حكموهم بالنار والحديد .

    وبالإضافة إلى ذلك أن أهالي البلاد المفتوحة اعتنقوا الدين الإسلامي الذي هو أقرب إلى الحقيقة من المذاهب التي كانت سائدة عندهم ، وهذا يثبت لنا أن انتشار أي دين إسلامي لا يمكن أن يكون بالقوة .

    وعندما غلب المسلمون المسيحيين وأخرجوهم من ( الأندلس ) كان هؤلاء على استعداد أن يضحوا بأنفسهم ، ولم يكونوا مستعدين لأن يغيروا دينهم أو مذهبهم .

    صحيح أن الإسلام انتشر بالقوة ، ولكنه انتشر بين الأمم بالترغيب وقوة التبليغ ، وهذه المسألة هي التي جعلت ( التُرك ) و ( المغول ) عندما غلبوا العرب المسلمين في العصر العباسي دخلوا في الإسلام .

    وفي ( الهند ) لا يزال الكثير من المسلمين وهم الآن في تزايد ، مع العلم أن العرب مروا بتلك البلاد مروراً عابراً بالرغم من آلاف المبشرين المسيحيين الذين يعملون هناك جادين لنشر الدين المسيحي ، إلا أنه ليس هناك ضمان لنجاحهم في هذا العمل .
    ولو راجعنا القواعد والعقائد الأساسية في القرآن الكريم ستبدو لنا صورة المسيحية واضحة ، وأنها تختلف عن الدين الإسلامي في كثير من المسائل العقائدية ، وبالخصوص في التوحيد الذي يعتبر أصل أساسي من أصول الدين .
    لأن توحيد الله عز وجل الذي دعا إليه الإسلام والذي يكون فيه الخالق سبحانه له السلطة المطلقة فوق كل شيء يختلف عما جاءت به المسيحية .
    ومثل هذا التوحيد الخالص موضع افتخارنا بهذا الدين لأنه جاءنا بالتوحيد الصحيح .
    وإن سهولة الدين الإسلامي وفي ظل هذا التوحيد الخالص أدى إلى سهولة انتشار الإسلام وكثرة معتنقيه ، لأنه يخاطب العقل السليم على العكس من الأديان والمذاهب الأخرى التي مُلئت بالتعقيدات والتناقضات .
    فالإسلام يعتبر الناس سواسية أمام الله ، فالمطيع يدخل الجنة ، والعاصي يدخل النار ، وليس هناك أمام الله فوارق طبقية ، فلا فرق بين الغني والفقير في أداء الواجبات الإلهية .
    بينما نجد العكس هو الصحيح في المسيحية ، فالمسيحي لا يستطيع أن يفهم التثليث الذي تدعو إليه المسيحية ، ولا الاستحالة ، ولا بقية المسائل المعقدة التي لا يفهمها إلا من عنده باع طويل في علم اللاهوت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de