أعطاب الجماعات السلفية المعاصرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 01:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2014, 03:12 PM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أعطاب الجماعات السلفية المعاصرة

    هناك الكثير من الأخطاء ترتكبها الجماعات السلفية المعاصرة، نذكر البعض منها تعميما للفائدة، ومساهمة منا في ترشيد وتصحيح وتوجيه هؤلاء القوم، ليس تشفيا أو حقدا أو بغضا في ذواتهم، وإنما من باب الدين النصيحة ومنها:


    عدم فهمهم للعبادة ومقاصدها
    العبادة في الإسلام كثيرة ومتنوعة كالبر والإحسان ومحبة الوالدين والصلاة والصيام والحج والزكاة..وصلة الأرحام، والصدق في الحديث والأمانة والوفاء بالعهود، ومساعدة المحتاج والملهوف، والذكروالدعاء وقراءة القرآن والتوكل على الله والتوبة والاستغفار، وكفالة الأيتام والصدقة على الفقراء والأرامل وإبن السبيل وطاعة أولي الأمر..كذلك الصبر والشكر والرضا والخوف والرجاء والحياء..والعبادة هي الغاية التي خلقنا الله لأجلها، يقول سبحانه وتعالى: "وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" (1) ؛ حيث عبرت هذه الآية الكريمة عن الغاية الكبرى التي انتدب الله سبحانه الإنسان لأجلها، بعد أن عجزت السماوات والأرض والجبال عن حملها وأشفقن منها:"إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" (2). ومن أجلها كذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب ..وعموما فالعبادة في الإسلام تعد جزءا أساسيا ومحوريا من نظام الإسلام وتعاليمه وهديه، فضلا عن أنها الوسيلة الناجحة التي تنقل الإنسان من حال العلم والاقتناع العقلي بوجود الله تعالى، إلى مقام الإحساس والشعور بهيمنته وقوته وعظمته وقدرته المطلقة التي لايحدها زمان ولامكان.... القادر والآمر والناهي والمسيطر، والأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده كل شيء وإليه المصير، فإذا تتبعنا حركات وسكنات الجماعات السلفية المعاصرة بتلاوينها وأطيافها من سلفية علمية وتكفيرية وجهادية (داعش وأخواتها) نجدها تجتمع وتلتقي في نقطة أساسية وجوهرية في مفهومهم للعبادة في الإسلام والمتجلية في تطبيق الحدود وفقط، أي رجم الزاني والزانية وقطع يد السارق والسارقة، وجلد الشباب لأتفه الأسباب..!! لهذا تراهم في أي منطقة أو مدينة استولوا عليها -بعد الإعلان عن إمارتهم مباشرة - يبدأون بتطبيق الحدود، وخيرمثال على ذلك ما شاهدناه في أفغانستان والعراق وليبيا ومالي وتونس وسوريا التي اعلنت داعش تطبيق الشريعة الإسلامية، وخاصة المدن التي أصبحت تحت إمارتها بجلد المتبرجة وإعدام بعض الموالين للنظام السوري، مع العلم أن الحدود لاتطبق في الحروب والجفاف والمجاعات والزلازل..!!.
    عدم معرفتهم لحكمة العبادة وأهميتها في حياة المسلمين
    شرعت العبادة في الإسلام لحكم كثيرة وجليلة منها تحقيق مصالح الناس في عالم الغيب والشهادة، وأنها تزكي النفس وتطهرها وتسموبها إلى أعلى درجات الكمال الإنساني؛ مما تجعله يعيش في استقرارنفسي وأمان وسعادة حقيقية، لايتذوقها إلا من عاش لله ولله، وفي سبيل الله، يقول تعالى: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" (3). وقوله تعالى:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألابذكر الله تطمئن القلوب" (4). وقوله: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى.." (5). فطبيعة النفوس البشرية لاتطمئن في الدنيا إلا بذكرالله وعبادته، ولاتأنس بأي شيء من متاع الدنيا وحطامها إلابأنس القرب من الله والسيرفي طريقه ؛ ولهذا فأهل العبادة، وأهل القرآن، وأهل الذكر، هم أهل الله وخاصته، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ: همْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ " (6).
    قال المناوي رحمه الله: "أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله المختصون به اختصاص أهل الإنسان به، سموا بذلك تعظيما لهم كما يقال : "بيت الله ". قال الحكيم الترمذي : وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه وذهبت جناية نفسه، وليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهرا وباطنا، وتزين بالطاعة، فعندها يكون من أهل الله " (7) . فالإنسان بطبعه وتكوينه مخلوق فقير وضعيف، مفتقر ومحتاج إلى عبادة الله والاحتماء به، أكثر مما هو محتاج للطعام والشراب، علما أن للروح غذاء وللجسد غذاء، فغذاء الروح تقوى الله وعبادته واتباع سنة رسوله، وغذاء الجسد هو مايحتاجه من الشراب والطعام، كالأسماك واللحم والشحم والبيض والتين والزيتون والعنب ونحو ذلك..!. ومن فوائد العبادة أنها تحرر العبد من رق المخلوقين والخوف منهم، والتعلق بهم، وطلب الشفاعة والعون منهم..كما تسهل على الإنسان فعل الخيرات والطاعات وترك المنكرات، وتهون عليه مصائب الحياة وهموم الدنيا ومكدراتها، فيتلقاها بقلب منشرح مؤمن بقضاء الله وقدره؛ لأنه يعلم علم اليقين أن ما أصابه من هم وحزن وغم وفقر وجوع يؤجرإن صبر. قال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون"(8). وعن أبي سعيد وابي هريرة- رضي الله عنهما- عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" (9). يستنتج مما سبق أن العبادة في الإسلام لاكما يفهمها السلفي المعاصر والتي أناطها بنوع من الطقوسية المظهرية من لحية وسواك وقصر الثياب وكفى ..!!بل العبادة هي تجديد العهد مع الله في كل لحظة من لحظات عمر الإنسان، من لحظة خروجه من بطن أمهه برفع الآذان في أذنه، إلى لحظة سكرات الموت بتلقينه شهادة الإسلام، حتى لايكون للغفلة سبيل، ولأ صحاب النيات الحسنة الخالصة لله شبهة، يمكن أن تتسرب منها غواية الشيطان ووساوسه ليحرم منها هذا المؤمن المسلم العابد من معية الله، من هنا نفهم معنى الاستثناء الإلهي من قول إبليس اللعين: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ" (10) .
    وخلاصة القول فالعبادة بمفهومها العام والشامل هي استخلاف الله في الأرض وإعمارها واستخراج مابها من خيرات ونعم، ومن ثم تسخيرها لخدمة الإنسان وسعادته.. يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" (11). فعمارة الأرض كما يسميها إبن خلدون في مقدمته- هي إقامة الحضارة، وهي من مهمات الإنسان الأساسية الكبرى...لكن مع الأسف الشديد الجماعات السلفية المعاصرة اليوم، أومن يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة الإسلامية، أصبحوا في الحقيقة -بقصد أو بدون قصد- معاول هدم لهذه الحضارة الإسلامية والإنسانية عموما..!!.
    الفهم المنقوص لشعائر الإسلام
    يقف المسلمون اليوم في حيرة من أمرهم لايعرفون ماذا حصل بهم حتى غادوا في مؤخرة الركب الحضاري؛ بل هم في تراجع مستمر نحو الهلاك والدمار والشتات والطائفية البغيضة ..!! تباعدت أمصارهم بعضها عن بعض بحدود وهمية صنعها الاستعمار بذكاء وخبث مع سبق الاصرار والترصد ..!! مزقتهم مراكب القومية والبعثية والاشتراكية والماركسية اللينينية، تبعتهم الجماعات السلفية في النسل والانقسامات والاختلافات والتقاتل..تولد من رحمها حركات متنطعة ارهابية خطيرة (داعش وأخواتها) لاترى إلابمنظور الحلال والحرام والأبيض والأسود والإيمان والكفر ودار الحرب ودار الإسلام.!! دعم هذا التوجه بالمال الحلال والحرام وبتجارة المخدرات عبر البر والبحر وبدولارات الذهب الأسود والأحمر، تارة تحت جنح الليل المظلم، وتارة أخرى في كبد النهار..!! مع العلم أننا كنا قد استبشرنا خيرا في بداية وجودها؛ لكن مع الأسف الشديد خاب ظننا فيها نظرا لسطحية أفكارها، وعقم أبنائها في فهم الإسلام ومقاصده، فبنظرة بسيطة لصحوة وتدين هؤلاء تجد الطامة الكبرى والمصيبة العظمى في تصرفاتهم وسلوكياتهم وأفكارهم وأفعالهم البعيدة كل البعد عن الهدي النبوي ومقاصد ديننا الإسلامي، وغالبا مايشحن هؤلاء الشباب من قادتهم وشيوخهم وكبرائهم بأفكار مثالية "طوباوية" وأحلام وردية وخرافية، بعيدة كل البعد عن فقه الواقع وتطورات الزمان والمكان، فنوعية هذا الفقه المثالي العاطفي الذي أصبح يسيطر على عقول المسلمين عامة وشباب الجماعات السلفية خاصة، أسقطهم كالخرفان أمام المدرسة العلمانية الغربية المعرفية والعلمية، واستراتيجياتها المحكمة المتقنة في تسيير العالم وقيادته والتحكم في مصالحه العليا عن بعد؛ والمشكل كما أقول دائما في بعض كتاباتي، يكمن في عدم فقه هؤلاء لكتاب الله المسطور(القرآن) وكتاب الله المنظور "الكون" ؛ وكتاب الله الحركي (شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته وهديه) وإلى أيام الناس هذا نجد من هؤلاء القوم من يذهب بعيدا بتحريفاته لمعاني القرآن الكريم، وأحاديث رسولنا العدنان ويقرر أن أب الرسول صلى الله عليه وسلم وأمه في النار، وهناك من يعلن وعلى منبر الجمعة وشاشات الفضائيات بأن طرب المرأة من أوجب الواجبات وضربها نقترب به إلى الله تعالى كالصلاة ..!!.
    كما أن الكثير من هذا التوجه السلفي يعتبر الأمة الإسلامية، هي أمة أمية بنص القرآن "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم.."(12) لاينبغي لها أن تضيع وقتها في طلب العلم والمعرفة، وبلاد الإسلام ترزخ تحت مخالب الاستعمار حسب رأيهم..!.فهؤلاء القوم يجهلون أن أول ماخلق الله "القلم" وأول كلمة أنزلها على قلب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم "إقرأ" وهذه دلائل قاطعة، وإشارات واضحة على ما للعلم من قيمة في منظومتنا الإسلامية وجذورنا التاريخية والحضارية، وفي هذا السياق تنسب مقولة للإمام الشافعي رحمه الله حيث قال: "من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أرادهما معا فعليه بالعلم ". فتقدمنا وتنمية أوطاننا وعزتنا وتغلبنا على من عادانا تكمن في العلم والتعلم، لافي الشعارات والتظاهرات والاعتصامات والأحلام والخرافات، أو في قطع الرؤوس والأعناق، فالمعجزات انقطعت بموت الأنبياء، وأن السماء لاتمطر ذهبا ولافضة..!! وأول خطوة على درب الإصلاح والتصحيح نحو التقدم والرقي تنطلق من مفهومنا الصحيح لشعائر الإسلام، كما تنطلق كذلك من هذا الإنسان نفسه، مصداقا لقوله تعالى: "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"(13). لهذا المسؤولية كبيرة اليوم أمام علماء المسلمين والمشايخ والدعاة وأصحاب الفكر والثقافة والرأي والصحافة والإعلام والجامعات والمدارس ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية بالبلاد العربية والإسلامية في ترشيد وتوجيه هؤلاء إلى طريق الخير والصلاح والفلاح، وإن تقاعسنا عن دورنا التوعوي والتثقيفي والتنويري فستكون النتائج كارثية وسلبية جدا على واقعنا ومستقبلنا وأوطاننا، وحتى أرواحنا التي أصبحت مهددة ومستباحة من بعض هؤلاء- الذين ينتشرون هذه الأيام في أوطان المسلمين كالنار في الهشيم- نظرا لأميتهم الفقهية بالعلم الشرعي الإسلامي بمعناه العام، وهذا ماجعل مفهوم العبادة عندهم يضيق وينحصر بين الرشاش وجدران المساجد، على حساب جدران المحلات التجارية والمعامل والشركات الاقتصادية والحياة العامة ..!! مما دفعهم إلى طلب الشهادة في سبيل الموت، وعدم اندفاعهم إلى الجهاد والشهادة في سبيل الحياة؛ علما أن الحياة عند الله أغلى من الموت ؛ لأن فيها تتحقق مدى استجابة المسلم لأوامر الله ونهيه، المتجلية في الحياة والموت "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"(14). وشهادة لا إله إلا الله في عالم الشهادة مرة واحدة، أفضل من مائة ألف سنة تحت الثرى في عالم الأموات..!! فالمسلمون اليوم وخاصة شيوخ ودعاة هذه الجماعات والحركات السلفية المعاصرة أطنبوا في التحدث عن ثقافة الموت وعذاب القبر، والحساب والميزان، والنار وعذاب جهنم والجهاد في سبيل الله..!! وعليه فلاغرابة وأنت تتجول على أبواب مساجد المسلمين في الدول العربية والإسلامية تحييك في ساحاتها الآلاف المؤلفة من الأشرطة المجهولة النسب والمصدر، تصب جلها في عالم الشعوذة والدجل ولحظات سكرات الموت..!!والحث على الجهاد في أوطان المسلمين على اعتبارأن حكام المسلمين كفرة وفجرة يجب إسقاطهم بغية إقامة الدولة الإسلامية التي تطبق فيها الحدود حسب زعمهم..!! والنتيجة هي تحريف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاسترزاق بدين الله تعالى "ولاتشتروا بآياتي ثمنا قليلا"(15) . صحيح أن النار حق وأن الجنة حق، وأن الموت حق وأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة ؛ لكن في المقابل نحن خلقنا الله تعالى لنحيا ونعيش ونشيد ونبني ونعمر الكون بالمشاريع النافعة، وأن نكتشف ونفقه مكنونات خلقه، على أرضه وفي سمائه وبحارة، وفي شتى مجالات الحياة البشرية، من معرفة في الطب والفلاحة والهندسة والزراعة والفزياء والكمياء..يستفيد من هذه العلوم والمعارف الأجيال القادمة ؛ بغية تقدم الأمة الإسلامية في سلم الرقي والازدهار والأمان والتقدم والحضارة.
    هذا من صميم العبادة في الإسلام؛ لكن ياليت قومي يعلمون!!. تحضرني في هذا الصدد فقرة رائعة للداعية محمد الغزالي رحمه الله في كتابه القيم (16) إذ يقول: "ومن المستحيل إقامة مجتمع ناجح الرسالة إذا كان أصحابه جهالا بالدنيا، عجزة في الحياة، والصالحات المطلوبة تصنعها فأس الفلاح، وإبرة الخياط، وقلم الكاتب، ومشرط الطبيب، وقارورة الصيدلي، ويصنعها الغواص في بحره، والطيارفي جوه، والباحث في معمله..ماتقول في فتيان يريدون إشعال معارك ضارية من أجل قضايا جزئية خلافية تتعلق باللباس ونحو ذلك، وقد تأتي في نهاية سلم الأولويات، إن دين الله لايقيمه ولايقدرعلى حمله ولاعلى حمايته الفاشلون في مجالات الحضارة الإنسانية الذكية، الثرثارون في عالم الغيب، الغرس في عالم الشهادة".
    فعدم إدراك هؤلاء لمعاني الإسلام وبؤسهم الفقهي للقوانين الشرعية والكونية والمنهج الإسلامي القويم هو الذي ساهم ومازال يساهم في إيصال بلاد الإسلام والمسلمين إلى ما هي عليه من التخبطات والهموم والمشاكل في مقدمتهم مشكلة التنطع والإرهاب والتطرف والعنف الأعمى والتعصب للطائفة والمذهب، وإلى ذلك يذهب الأمير "شكيب أرسلان" في إحدى مقالاته: "فقد أضاع الاسلام جاحد وجامد؛ أما الجاحد فهو الذي يأبى إلا أن يفرنج المسلمين وسائر الشرقيين، ويخرجهم عن جميع مقوماتهم ومشخصاتهم، ويحملهم على إنكار ماضيهم..أما الفئة الجامدة التي لا تريد ان تغير شيئاً، ولا ترضى بإدخال أقل تعديل على أصول تعليم الإسلام ظناً منهم بأن الاقتداء بالكفار كفر، وأن نظام التعليم الحديث من وضع الكفار.."!!.
                  

10-07-2014, 03:15 PM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعطاب الجماعات السلفية المعاصرة (Re: mwahib idriss)

    تقديس الفرقة والمذهب والزعيم على حساب الوطن والدين
    هذه آفة خطيرة أبتلي بها المسلمون منذ زمان، ويكررها أبناء الجماعات السلفية اليوم ؛ بحيث قدسوا المذهب والطائفة والزعيم، لهذا تراهم يستشهدون بكلامه في دروسهم وحلقاتهم ومواعظهم وخطبهم أكثر مما يسشهدون بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبآيات الذكر الحكيم، وتحولت المذاهب الفقهية إلى أحزاب سياسية إيديولوجية كل حزب بما لديهم فرحون ؛ فبعدما كانت المذاهب والمدارس الفقهية خادمة للشريعة الإسلامية، إلى مخدومة من قبل جحافل من المشايخ المتعصبين لها، يكفرون الناس حسب البعد والقرب منها، هذا مما أدى إلى ظهور فقه جديد وسط المسلمين وخاصة بين أوساط هذه الجماعات لايستند إلى الدين الإسلامي بشئ؛ بقدر ماهو تحريفات وتأويلات بعيدة كل البعد عن ضوابط وقواعد الشرح والتفسير لأحاديث سيد المرسلين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضلوا وأضلوا الشباب معهم، ومن خالط هذه الجماعات سيرى العجب العجاب ؛ بحيث يحلون لأنفسهم مايحرمونه على غيرهم، ومن هذه العجائب يحرمون دفع الزكاة على فقراء المسلمين ؛ اللهم إذا كان هذا الفقير المسلم ينتمي لصفوفهم وجماعتهم وشيخهم ومذهبهم ويؤمن بأفكارهم، وهكذا في الزواج، يمنع الشاب المنتمي لهم الملتزم بمذهبهم الزواج من أي فتاة مسلمة خارج عن المذهب أو التنظيم..!! وبهذا يكونون قد أضافوا للأصناف الثمانية المحددة في القرآن الكريم التي تجب في حقهم الزكاة، صنف جديد..!!. كما أضافوا لأركان الزواج المعروفة في كتب الفقه الإسلامي ركنا جديدا سموه بركن "الإنتماء للمذهب" وفي هذا السياق يقول إبن قيم الجوزية في كتابه(17): "لقد ظلت الأمة تدور مع الدليل والبرهان، وتقف عند الحجة والاستدلال، وظهرت منذ القرن الرابع الهجري خلوف فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون، وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا، وجعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون، ورؤوس أموالهم التي بها يتاجرون، وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد وقالوا "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون". والغريب في الأمر هو أن كل طائفة تعتقد اعتقادا جازما بأنها على الحق وعلى طريق الإسلام الصحيح، وما سواها من الجماعات والمذاهب الإسلامية الأخرى هو الضلال البعيد..!! إنها فتنة العصر حقا، فإذا لم يقم علماء الإسلام ب تصحيح الخطى وترشيد هؤلاء، وتجديد المسار، واستشراف المستقبل، أكيد سنجد أوطان المسلمين في يوم من الأيام في حرب دروس بين أبنائها وأحزابها وطوائفها ومذاهبها يقتلون بعضهم بعضا على أتفه الأسباب، وقد بدت ملامحها في البلاد العربية هذه الأيام..! لقد تحدث الدكتور مصطفى السباعي عن هذه الظاهرة معلنا خطورتها على الدين والدنيا في كتاب له(18) فقال:" ما من شك في أن العلة هي الجهل بالدين..إن الفرق بين الدين والطائفية هو فرق بين العلم والجهل، والحق والباطل، والخير والشر، والإيمان والعصيان، الدين إخاء وتعارف ولقاء، والطائفية عداء وتقاطع وجفاء، الدين حب ورحمة وسلام، والطائفية كره وقسوة وخصام، الدين وفاء وحسن خلق وطيب نفس وسماحة يد، والطائفية غدر وسوء خلق وخبث نفس وقذارة يد..".
    ولذلك فالحاجة ماسة اليوم أن يفهم المسلمون رسالة الإسلام بمفهومها الحقيقي وأهدافها النبيلة بغية تجفيف هذا التعصب المذهبي الأعمى، كما هي الحاجة ماسة إلى كشف شيوخ وزعماء هذه الجماعات السلفية المتنطعة ووضع انحرافاتهم وخزعبلاتهم أمام مرآة الشريعة الغراء، والساكت عن إبراز الحقيقة لهؤلاء شيطان أخرس، وخاصة إذا كان من أهل العلم .
    انعدام القيم الأخلاقية والفهم المعوج لكلمة "الصلاح"
    للأخلاق الإسلامية دور أساسي وحضاري في تقدم الشعوب ونهضتها؛ لذا شرعت العبادات في الإسلام للوصول بالإنسان إلى قمم السمو الأخلاقي الرفيع، لقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته، والمنهاج المبين في دعوته بقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الخلاق"(19)، فجميع العبادات والطاعات التي فرضها الله على عباده المؤمنين تؤدي في النهاية إلى تزكية النفوس وطهارتها من الدنس والحقد والغل والنميمة والكذب والزور والبهتان..قال تعالى: "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"(20) وقد جاء في حديث قدسي يرويه لنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: "إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، ولم يبت مصرا على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب "(21). فالمسلم الشرير الذي يؤذي جيرانه حكم عليه الإسلام حكما قاسيا فيقول فيه الرسول (ص) : "والله لايؤمن، والله لا يؤمن، والله لايؤمن، قيل من يا رسول الله، قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه"(22) أي شروره.
    وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له: يارسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: "هي في النار.."(23) وفي هذه الإجابة تقدير لقيمة الخلق العالي في الإسلام، روى مالك: أنه بلغه عن يحيى بن سعيد : أن عيسى عليه السلام مر بخنزير على الطريق، فقال له: انفذ بسلام! فقيل له: تقول هذا لخنزير؟!فقال: إني أخاف أن أعود لساني النطق بالسوء!. ومن أجل ذلك وسع ديننا الإسلامي في دلالة ومفهوم الصلاح والصدقة فقال صلى الله عليه وسلم :"تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة، وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة"(24). فأين أبناء الجماعات السلفية وأبناء الصحوة عموما من هذه التعاليم النبوية الشريفه، الذين اختزلوا العبادة ودين الإسلام كله في قص الشارب والعفو عن اللحى، ولبس القصير من السروال..!! علما أننا لا ننكر هذه السنن الحميدة أبدا؛ بل نريد تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن مفهوم العبادة في الإسلام وشموليتها، وعليه أقول ما قيمة أشعار وجهك الطويل أيها المسلم السلفي الملتزم؛ إذا لم يكن مشفوعا بطهارة القلب وسلامته من الحسد والبغض والكراهية على عباده المؤمنين..؟! وإذا لم يكن قلبك محلى بمحبة إخوانك وأصدقائك وعائلتك وأمك وأبيك وجيرانك وأبناء وطنك ومدينتك وولي أمرك وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قيمة التزامك..؟! وما نتيجة عبادتك وأثرها على واقع الناس؟!. إن العبادة في الإسلام منطقة واسعة جدا لاتنحصرفي بعض الأمور المعينة، وإنما تشمل جميع مناحي الحياة الإسلامية، يقول تعالى:" قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها ومابطن، والإثم والبغي بخير الحق"(25). يقول الدكتور محسن عبد الحميد في كتابه(26): "وليس المقصود بالفواحش والمنكرات في الإسلام الانحرافات الجنسية فحسب، وإنما المقصود بها تلك الانحرافات التي تقع فيها الغرائز الحيوانية بأنواعها، فالانحرافات الجنسية وشرب الخمر، وأكل مال اليتيم واللحوم المحرمة، والقتل والسرقة، وقطع الطريق، وأكل أموال الناس بالباطل في مختلف مظاهر النشاط الإنساني، يدخل جميعها في باب الفواحش والمنكرات، وليس ذلك فحسب؛ بل هنالك مجموعة من الانحرافات السلوكية والنفسية تدخل في باب المنكرات أيضا. فالنفاق وشهادة الزور والكذب والغيبة والنميمة وقطع صلة الرحم، والإفساد بين الناس والرشوة والغش، مظاهر أخرى لمجموع المنكرات التي حرمها الإسلام " . وللعالم إبن خلدون رحمه الله دراسة مهمة في مقدمته جعل دور الأخلاق أساسي جدا في قيام الدول وسقوطها، خاصة قيم الحرية والعدالة والتعاون والشورى والإيثار والعدل..إن كثيرا من هذه القيم الأخلاقية اختفت من حياة المسلمين وفي مقدمتهم الجماعات السلفية، الذين يحسبون ويظنون أن الشريعة الإسلامية محصورة ومختزلة في قطع رؤوس المرتدين وتكفير المسلمين، ورجم أجساد الزناة والسكيرين، وقطع أيدي السارقات والسارقين..!! والعفو عن اللحى وقصر "البناطيل"، فالمفهوم الأعوج الذي فهمه هؤلاء من العبادة في الإسلام وسنة النبي العدنان؛ لاكما يفهمه أهل العلم والعرفان والمتنورون بنور الإيمان، فأبناء هذه الجماعات اليوم يهتمون بعود السواك وبقص الأظافر، ونتف شعر الإبطين أكثر مما يهتمون بتشييد المصانع وتأمين حوائج الفقراء واليتامى والمساكين؛ مما جعل الغرب ينظرإلى الإسلام نظرة سلبية سوداوية قاتمة، معتبرين إياه دين دموي بربري شرس المسلك، بعيد كل البعد عن المدنية والحضارة، لاهم له إلا إراقة الدماء ..!!.
    فهذه النظرة – للأسف- ترسخت في عقول الدول الغربية يصعب تغييرها في خضم جحافل من الدعاة والشيوخ مازالوا بعد يغردون على منابرهم بقطع رؤوس الكفار والمشركين والطغاة والملحدين وتكفير من يخالفهم في المذهب والدين..!! ونحن في ميدان العلوم والتكنولوجيا الحربية فقراء ضعفاء عيال عليهم ..وجوائز "نوبل" للسلام تقسم كل عام بين علماء الفيزياء والكيمياء والطب والهندسة والفلك ولا تجد واحدا من أبناء المسلمين شملته هذا الجائزة منذ تاريخ تأسيسها ..!! في الحقيقة مادام المسلمون عاجزون عن استخراج بركات الله، من أرض الله لن تؤدي رسالة الله على أحسن وجه ؛ نظرا للبؤس الفقهي الكوني والشرعي، وعليه عندما يقرأ أبناء هذه الجماعات اليوم قول الله عز وجل :"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"(27) تتبادر إلى أذهانهم وتفسر عند شيوخهم كلمة الصلاح بقيام الليل، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، أما ما يتعلق بحقوق العباد والكون والطبيعة والحيوان والعمران..، فأمرها متروك إلى المشركين والوثنيين وأعداء الدين، الذين يطلبون منا مشايخ هذه الجماعات المتنطعة الأفاضل وعبر الشاشات الفضائية العابرة للقارات محاربتهم وغزوهم وسبي نساءهم..!!. يقول إبن الجوزي في كتابه (28) "وقد ظهرت في حقب التاريخ الإسلامي فرق وطوائف وتيارات إٍسلامية أوصلت المسلمين على هذا الفهم الجزئي لمعنى الصلاح..فقد لبس إبليس على الكثير من أفرادها فتركوا العلم ولبس عليهم في تضييق دائرة الحلال في الحياة".
    ضيق الفهم لبعض المصطلحات كـ"الفقه" و"الإنفاق في سبيل الله"
    عندما جاءت رسالة الإسلام وبزغ نور القرآن، وبدأ الوحي يتقطر على فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم قطرة قطرة، حسب السؤال والأحوال والزمان والمكان والمقام.. فهم الصحابة الكرام العبادة والوحي والنص القرآني والكلام النبوي بعمق وبصيرة ثاقبة، ولهذا رضي الله عنهم كانوا لايفرقون بين علوم الدين وعلوم الدنيا، ولا يبخسون العمل لدار الفناء "ولاتنس نصيبك من الدنيا"(29) كما لايهملون استعدادهم لدار البقاء، فإذا قمنا بتدبر لكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، نجد أنها لاتفرق بين عالم الغيب وعالم الشهادة، ومنها قوله تعالى :"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"(30). وفي قوله تعالى: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مون فلنحيينه حياة طيبة.."(31) وهناك مقولة للإمام علي عليه السلام يقول فيها : "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" ؛ لذا لما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس وقال:"اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل" أوعندما قال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"(32) كان صلى الله عليه وسلم يعني بالفقه هنا بمفهومه العام، يشمل جميع مناحي الحياة الإسلامية، من فقه في الأنفس والآفاق، والجبال والبحار والجغرافيا، وفقه سياسي واجتماعي..غير أن مفهوم العبادة عموما والفقه على الخصوص عند المسلمين وعبر تاريخهم الطويل ظل يضيق رويدا رويدا حتى أصبح محصورا في زاوية الحيض والنفاس، والاستنجاء والاستجمار ثم استقر في آخر المطاف ببرامج تسمى "ركن المفتي" بعدما بوب في بطون الكتب الصفراء والبيضاء في باب : "العبادات" هذا الجمود والفهم العقيم لرسالة السماء أدى بتهميش الأمة وتخلفها عن الركب الحضاري والإنساني، بالإضافة إلى انعدام دور العلماء والمشايخ والدعاة في إيجاد حلول ناجعة لما تتخبط فيه أوطاننا الإسلامية، من تخلف وفقر وجوع وجهل.!!.مما دفع بالكثير من شباب المسلمين إلى الترامي في أحضان الإرهاب والتطرف وقتل الأبرياء، بحثا عن حياة سعيدة مريحة في عالم غيبي جميل فقدوه في حياتهم اليومية..!! يقول صبيح في كتاب له:(33) "إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا.
    نظام الدين بالمعرفة والعبادة، لا يتوصل إليها إلا بصحة البدن، وبقاء الحياة، وسلامة قدر الحاجات، من الكسوة والمسكن والأقوات والأمن، فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية، وإلا فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة، وطلب قوته من وجوه الغلبة، متى يفرغ للعلم والعمل، وهما وسيلتان إلى سعادة الآخرة.."؟
    في هذه الأجواء المظلمة القاتمة والجهل المركب الخطير بمعرفة مقاصد الدين الإسلامي عموما تجاهلت هذه الجماعات فروض وواجبات سنن كتاب الله المنشور، التي تتماشى جنبا إلى جنب مع فرائض وواجبات كتاب الله المسطور. كما تعرض مفهوم "الفقه" للإجحاف والحيف، تعرض كذلك مفهوم "الإنفاق في سبيل الله" إلى التضييق والاختزال والانزواء في زاوية مظلمة ..! فترى المسلم عموما سخيا كريما في المساهمة في إعمار بيوت الله تعالى، بخيلا شحيحا في إعمار بيوت الفقراء والأرامل واليتامى والمساكين..؛علما بأن كفالة يتيم واحد ترقى بصاحبها وتوصله إلى جوار النبي في الجنة. يقول صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" (34).
    فشباب الجماعات السلفية اليوم فرسان في قيام بعض الشعائر الدينية، ضعفاء في إقامة مرافق عامة اجتماعية وتربوية وتعليمية وصحية، من مدارس وجامعات وساحات خضراء، ومؤسسات فكرية وثقافية واجتماعية، ترعى الفقراء والمرضى وأصحاب العاهات.
    نحن هنا لا ننكر المساهمة في إنشاء المساجد وبعض المدارس.. ؛ بل نكراننا هو إخراج المصالح العامة وخدمة الصالح العام من دائرة "في سبيل الله" وهذا ضعف في فهم العبادة في الإسلام، وبؤس في معرفة أهداف ومقاصد رسالة الإسلام الخالدة.
                  

10-07-2014, 03:17 PM

mwahib idriss

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 2802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعطاب الجماعات السلفية المعاصرة (Re: mwahib idriss)

    العزوف عن اتخاذ أسباب النصر والتمكين
    تصاب بالدهشة وأنت تستمع إلى بعض شيوخ ودعاة هذه الجماعات السلفية في أشرطتهم أو دروسهم ومواعظهم التي يخيل إليك أن أصحابها مازالوا يعيشون خارج التاريخ البشري، أو يعيشون في جزر الوقواق، أفكارهم بعيدة كل البعد عن العقل والنقل معا وعن مقاصد الإسلام؛ ومن هذه الأفكار على سبيل المثال لا الحصر أن الأمة الإسلامية اليوم لا يمكن أن تنتصر على أعدائها وأن تصل إلى العزة والتمكين في الأرض؛ إلا إذا وصل عدد المصلين في صلاة الفجر، نفس عدد المصلين في صلاة الجمعة، وأن تعلن الجهاد في سبيل الله ضد أوروبا وأمريكا والغرب الكافر عموما..!! شيء جميل جدا؛ وكأن النصر هدية يمنحها الله تعالى – بدون عدة وقوة- لمن يصلون الفج رفي جماعة فقط ؛ حتى ولو كانت قيم الظلم والقهر والاستغلال والغش والتدليس والنفاق وشهادة الزور وأكل مال اليتيم والفقير والمسكين، والتطفيف في الكيل والميزان، والسعي بين الناس بالنميمة والهمز واللمز، والتخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي يعشش بين جدران هذه الجماعات..وهذا تفكير وفهم للدين فيه عوج..!!.
    ومما زاد في الطين بلة كما يقال هو استشهادهم ببعض الأحاديث والآيات القرآنية يزكون بها آراءهم كقوله تعالى: "ولوا أن أهل القرى آمنوا والتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض .."(35) وقوله : "إن تنصروا الله ينصركم .."(36) وقوله :"إن الله يدافع عن الذين آمنوا.."(37) وقوله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه "(38) ومشكلة هؤلاء أنهم يفهمون التوكل على الله بمفاهيم عجماء، وبعقول خرساء، وبآذان صماء، فمفهوم التوكل كما قرره الإسلام، وطبقه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهمه المسلمون الأولون، لا يتنافى مع اتخاذ الأسباب الكونية، والسعي في مجالات الحياة ، فعلى المسلم الذي فقه سنن واقعه أن يسلك الأسباب والوسائل التي وضعها الله في ملكوت السماوات والأرض ..فمثلا عندما حرم الله سبحانه وتعالى بعض الأطعمة والأشربة لضررها، وإذا كان هذا الأمر لايمكن أن يعلم إلا باستخدام المختبرات والبحوث والتحاليل لتلك الأطعمة، فلاضير من استخدامها ؛ بل تصبح من الواجبات، لأن بدونها لا تتحقق العبودية لله كاملة، ولا يدخل المسلم في زمرة المؤمنين الصالحين إلا باكتسابها ؛ لهذا علماؤنا رحمهم الله تعالى وضعوا لذلك قاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب". فالمنتمون إلى الإسلام والصحوة الإسلامية بحق ووعي وفقه، يعتبرون الدنيا ميدان تنافس في عمارة هذا الكون بالخير والأمن والسلام والاستقرار.
    فالطائرة والسيارة والغسالة والثلاجة والكناسة وأدوات الزينة، وأدوات الترفيه، والأثاث واللباس، وما هنالك من مخترعات ومنتجات وأدوات، التي تنتجها المصانع عبر شرق الدنيا وغربها، ماهي إلا وسائل وأدوات مسخرة للإنسان لينعم فيها وبها، كما سخر لنا باقي مخلوقاته من طير وحيوان.. وسورة النحل أبلغ تعبير في هذا الباب حيث يقول تعالى: "والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشقّ الأنفس، إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر، ولو شاء لهداكم أجمعين، هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون، ######ر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، وما ذرأ لكم في الأرض مختلف ألوانه، إن في ذلك لآية لقوم يذكرون، وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريّا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها، وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" (39).
    فهل فهم المسلمون اليوم وأبناء الجماعات السلفية المعاصرة من كتاب ربهم هذا المعنى، وشمروا عن سواعدهم للإعمار والإبداع والتخطيط والإنتاج في صفحات كتاب الله المنظور؟ الذي نحن في هذا الميدان عيال لا رجال..!! كم من صناعة عسكرية ومدنية تتعلق بالذهب الأسود واستخراجه وتكريره لانعرف منها أي شيء؟!! ولولا الغرب، لكانت هذه النعم ماتزال تحت الثرى لا يستفيد منها أحد ؟!، ولبقينا إلى اليوم نصلي في مساجدنا ونقرأ كتاب ربنا بالقنديل والشمع..!! ولو أرادت أوروبا على سبيل المثال أن تقتل جميع المسلمين وبدون دبابات ولا طائرات ولا جيوش؛ بل بشئ بسيط يمكن أن تفعله هو وضع السم في علب الأدوية المصدرة إلى العالم الإسلامي ؛ لأن بعض علماء وشيوخ السلفية ومريديهم ليس لهم الوقت الكافي لتعلم هذا الفن العظيم وتوجيه شباب الأمة إلى اكتسابه ؛ نظرا لمشاغلهم الكثيرة في تتبع عورات المسلمين وأخطاء العلماء وزلاتهم، والتكفيرلمن يخالفهم في المذهب والرأي والله المستعان.
    الفظاظة وغلظ القلب والجنوح إلى التنطع والتشدد والتكفير
    الفظاظة والشدة والتنطع والغلو هي هي نتيجة طبيعية عندما يفقد المسلم حلاوة الإيمان ويبتعد عن روح العبادة الحقيقية الخالصة لوجه الله تعالى؛ لذا أصبحت الشدة والفظاظة سمة من سماة أغلب الجماعات السلفية اليوم، فمقياس الالتزام عندهم هو تقطيب الجبين، والشدة في القول والعمل، والميل إلى تحريم كل شيء، وجعله هو الأصل ؛بينما الإسلام الذي فهمناه وتعلمناه من شيوخينا الأفاضل في جامعة القرويين بفاس، وماجاء به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، من قيمه وأصوله وأركانه الذي بني عليها التيسير لاالتعسير، وأن تنطع هؤلاء في المسائل الخلافية وإثارتها بين العامة وعلى صفحات الجرائد ومواقع الشبكات العنكبوتية دليل جهل برسالة الإسلام وبشريعته، وأحكامها ومقصادها وعدم فهمهم لتعاليم السماء عموما.
    ومما يؤكد أن هناك علاقة حميمية بين قلة المعرفة والفقه والتنطع والتشدد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:" إن الله لم يبعثني معنتا ولامتعنتا، ولكن بعثني معلما وميسرا"(40). فمدارس ومناهج التيسير دائما ارتبطت بالفقهاء والعلماء الكبار، ولذلك كان حبر هذه الأمة وترجمان القرآن ومن دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين ومعرفة التاويل، وهو إبن عباس رضي الله عنه، هو أفقه الصحابة ورائد هذه المدرسة.
    ولو سلك المسلمون ومشايخ السلفية على الخصوص في دعوتهم طريق اليسر والعفو والتسامح والصبر، والابتعاد عن التطرف والعنف، لجذبوا العقول والقلوب إليهم، لأن من طبيعة البشر يميل إلى من يعطف ويحن عليه.
    مخطئ من يعتبر الحلم عجز، وأن العفو ضعف، وأن البسمة خنوع وإذلال، وخفض الصوت دروشة، فهذه حجج يلجأ إليها اللائمون، ويتبجح بها الجاهلون والحمقى، والذي يريد أن يسبر روح الحقيقة وأن يتفحص ماهيه الأمور، يجد أن ضبط النفس عند الغضب والاحتكام إلى العقل في ثورة الانفعال هو شارات القوة، ومن مقتضيات البطولة في حياة الإنسان عامة، والمسلم خاصة، روى مالك في موطئه أنه عليه الصلاة والسلام قال :" ليس الشديد بالقوة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". فقد أكد القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، أن الفظاظة وغلظ القلب ... تسبب النفور، وتورث العداوة، وتقضي على روح تقبل الخير في الناس، وتؤخر مسيرة النصر، وتفجر طاقة اليأس، وصدق الله العظيم إذ يقول :" فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفرلهم.." (41).
    روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" بال أعرابي في المسجد، فقام الناس ليوقعوا فيه، فقال صلى الله عليه وسلم دعوه وأريقوا على بوله سجلا " دلوا " من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولن تبعثوا معسرين"(42).
    في هذا السياق يقول الأستاذ طه العلواني في كتابه(43):"..حين يضعف الفقه عند المتدين فإن العاطفة تحتل المساحة الشاغرة، ومن ثم يندفع الشباب بحسن نية، وبدافع الحرص على الإسلام وعلى تطبيق أوامره واجتناب نواهيه، يندفع إلى معاملة الفرعيات كالأصول، والوسائل كالمقاصد، ويحرص على التفسير التآمري وتضخيم المنكرات، ويميل إلى تفعيل سد الذرائع أو فقه الطوارئ بصورة مضخمة، ويميل دائما إلى الأحوط من الأقوال، ولايكتفي بنفسه، بل يدعو غيره إلى ذلك، بكل ما أوتي من قوة، وهذا كله يساعد على توسيع دائرة التعسير، وتضييق دائرة التيسير..".
    وحين ندرس تاريخ الإسلام والجماعات الإسلامية عبر تاريخ الأمة الإسلامية، نجد هذا المرض والعقم الفقهي والمعرفي للعبادة وللدين الإسلامي بدأ مع الشجرة الملعونة لجماعة "الخوارج" فقد كانت أزمتهم وانحرافهم، ليس فيما يتعلق بأداء العبادات والواجبات من صلاة وزكاة وصيام وحج ونحو ذلك ؛ بل إنحرافهم وتنطعهم أتى عن طريق فكرهم الأعوج والأعرج، مع ضعف البصيرة لحقيقة العبادة والدين، ولنصوص القرآن الكريم، فقد كانوا يقرأون بدون تدبر، ويحفظون بدون وعي، لذا كفروا أكثر المسلمين والصحابة على الخصوص، وفي مقدمتهم سيدنا الإمام علي رضي الله عنه. يقول إبن تيمية في الخوارج: "لاريب أن الخوارج كان فيهم من الاجتهاد في العبادة والورع، مالم يكن في الصحابة، كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكن لما كان على غير الوجه المشروع أفضى بهم إلى المروق من الدين.." مع الأسف الشديد مازال هذا العرق لشجرة "الخوارج " ساريا إلى يوم الناس هذا..!!.
    فلا مخرج للمسلمين اليوم ولأبناء الجماعات السلفية على الخصوص إلا بفهم القرآن، مع فهم مقاصد الدين الإسلامي كما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، فكانوا أسياد العالم وصناع التاريخ والحضارة.

    الصادق العثماني

    باحث مغربي وكاتب عام المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية بالبرازيل
                  

10-07-2014, 03:34 PM

قصي محمد عبدالله

تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 3140

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعطاب الجماعات السلفية المعاصرة (Re: mwahib idriss)

    كل مسلم يؤمن بالقرءان والسنة مسئول من ثغرة في حياته...
    تتحرك معه وتقف حيث توقف..
    فيها يدافع عن دينه ، ويكن سدا يتكسر عنده كل خبيث نتن و لا يمر من عنده إلى غيره إثم،
    ومنها يتحرك في مجال الدعوة والتذكير.
    ----------------
    خلاصة القول:
    من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..
    فهو سلفي.
    الأمر لا يحتاج إلى إعلان انتماء،
    ولا يعفى منه من زعم أنه ينتمي إلى حزب آخر، سواء كان حزبا سياسيا لا دينيا، أو حزبا سياسيا إسلاميا...
    الكل يشترك في السلفية طالما أنهم جميعهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله...
    وكثيرون ينكرون انتمائهم لكتاب الله وسنة نبيه،
    ويعلقون شماعة اعتذاراتهم على الأوضاع السياسية ، الداخلية والخارجية،
    ويمنون أنفسهم بسودان لا ديني...
    هم كذلك من قديم الزمان..
    وفي سوداننا تاريخهم الحديث يبدأ من قبل الإستقلال...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de