مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 05:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-29-2014, 11:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم

    الحركة الإسلامية تهاجر الى الله ؟!


    08-29-2014 04:53 AM

    د. عمر القراي

    (فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) صدق الله العظيم
    بعد أن قام الاخوان المسلمون، بسرقة الحكومة من أهل السودان، سياسياً بإنقلاب عسكري، واقتصادياً بنهب الخزينة العامة، وبيع المؤسسات العامة، وإشاعة الفساد المالي، حتى أصبح السمة الغالبة على الخدمة المدنية .. وبناء القصور داخل وخارج السودان، ثم أشعال الحروب وفصل الجنوب، وصنع مأسآة دارفور، وقتل مئات الآلاف من المواطنين الابرياء، وزادوا على ذلك القصف العشوائي، بالبراميل الملتهبة، للمواطنين العزل، الذين احتموا بقمم الجبال، في جبال النوبة، وجبال الانقسنا .. وضرب الطلاب، بالرصاص، في شوارع الخرطوم، وقتل المناضلين في المعتقلات، وبيوت الاشباح .. جاءوا ليخبرونا الآن أنهم قرروا التوبة والهجرة الى الله !! جاء عن ذلك :(أعلنت الحركة الإسلامية السودانية إطلاق برنامج " الهجرة إلى الله" لتطوير أدائها في المرحلة المقبلة ولتجديد "التوبة والأوبة إلى الله". وفي الملتقى التنظيمي الخامس للحركة ليل السبت، حسب وكالة الأنباء الرسمية " سونا"، قال الأمين العام للحركة الزبير أحمد الحسن، في كلمته للمؤتمرين، بأن المرحلة القادمة مرحلة هجرة إلى الله سبحانه وتعالى. ودعا إلى هبَّة جديدة لاستقبال برنامج "الهجرة إلى الله" ) !!( حريات 25/8/2014م).

    ومع أنه في الدين، يمكن التوبة عن أي ذنب، مهما كبر، إلا أن للتوبة شروطاً هي: الإقلاع الفوري عن الذنب، والندم على ما مضى، والاصرار على عدم العودة إليه، ورد الحقوق الى أهلها. فإذا كان الاخوان المسلمون جادون في التوبة، والهجرة الى الله، فيجب إيقاف جرائمهم اليوم، كما يجب رد أموال الشعب، التي سرقوها، ورد السلطة التي اغتصبوها، والإستعداد لتحمل مسؤولية جرائمهم دون تهرب منها. وليس في مقدور أحد، ان يعيد عليهم كل جرائمهمن في مقال واحد، ولكن سأذكر لهم بعضها، ليفكروا فيها، خاصة عضويتهم الجادة، التي ربما فرحت بحلم التوبة هذا، الذي وزعه كبار الساسة، ليخدروهم به .

    إن من أكبر جرائم حكومة الأخوان المسلمين، أنها افقرت الشعب، وجوعته، واضطرته الى التسول والفاقة، بسبب فسادها، وسرقتها للمال العام، وفشل سياساتها العامة .. فقد جاء (حذر المجلس تشريعي الخرطوم من سيطرة شركات محدودة على السلع الاستهلاكية وقالوا: "إنها مهدد حقيقي للسلطة" واضافوا "لوإمتنعت الشركات اسبوعاً واحداً عن العمل سوف تسقط الحكومة " في وقت دق فيه النواب ناقوس الخطر حول الاوضاع المعيشة بالولاية، ونوهوا الى ان المواطن قلص وجباته لواحدة في اليوم، وزادوا "الناس قرفت، واصبحنا متهمين لأننا يجب ان يكون لنا قرار تجاه السياسات ".


    وفي الاثناء شن النواب هجوماً على سياسة التحرير الاقتصادي وطالبوا بالتدخل الفوري لحماية المواطنين من الغلاء ووصفوا تقرير منظمة الغذاء العالمية التي اعتزمت فيه تحويل البلاد لمنطقة تحتاج الدعم الغذائي وصفوه بالخطير، واشاروا الى ان ولاية الخرطوم تعيش على انتاج الولايات الاخرى كمستهلك فقط، واضافوا "كنا نتحدث عن قفة الملاح الآن نعجز عن توفير حلة الملاح ")( الراكوبة 22/8/2014م). فهاهو مجلسهم، يعترف بأنهم جعلوا المواطن، العامل، المستقر، يأكل وجبة واحدة، فما بالك بالمواطن النازح، من منطقته بسبب الحرب، ولا يجد عملاً في المدينة ؟! وإذا كانت الاسرة لا تستطيع أن توفر "حلة" الملاح، فما الذي يتوقع من أفرادها، ليوفروا حياة أفضل ؟! وإذا عجز الأخوان المسلمون، بإعتراف أعضاء مجلسهمن من إطعام الشعب الحد الأدنى، وعجزوا عن توفير الحد الأدنى، من الأمن للمواطن، فما هي حجتهم في استمرار حكمهم ؟!

    والسبب الأساسي في أن حكومة الاخوان المسلمين قد عجزت عن توفير الضروريات، هو أن الأموال التي تجمعها من المواطنين، في صورة ضرائب، وجبايات، يقوم النافذون في الحزب، وكبار المسؤولين، بسرقتها !! ولقد شمل هذا النهب كافة الوزارات، حتى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ووزارة الشؤون الاجتماعية، اللتان يجب عليهما مساعدة الشرائح الاجتماعية المحتاجة .. فقد جاء (اتهم المراجع العام بالخرطوم وزارة الرعاية الاجتماعية بتبديد مبلغ مليون جنيه سلمته لمنظمة «مجددون» لتنفيذ وقف إفطار تلميذ ولم تقدم المنظمة ما يثبت إنفاقها للمال بمستند مبرئ للذمة، وأكد عدم المتابعة والإشراف من الهيئة مما أدى لعدم وجود ضمانات للتنفيذ الفعلي للمشروع، وكشف التقرير عن تجاوز بهيئة الأوقاف الإسلامية بالخرطوم لشرط الواقف بنسبة «100%» بلغ «11.723.354» جنيهاً. بينما أظهر المراجع عجزاً فعلياً في سداد الأوقاف بلغ «2.368.479»)(الراكوبة 27/3/2014م).

    إن المعاناة التي حدثت للشعب السوداني، والغلاء الفاحش، والافقار المنظم، وتدمير المشاريع التنموية، وبيعها لعصابات المؤتمر الوطني، إنعكس تفككاً للأسر، ولقيمها، وضياعاً لتربيتها.. فليس مع الجوع كرامة، ولا مع الفقر المدقع شرف، ولا مع الحاجة الماسة للضرورات رعاية للأخلاق لغالبية الناس .. ولهذا شهدت البلاد، على يد مشروعهم الحضاري، فساداً أخلاقياً، فظيعاً، لم يعرفه هذا الشعب، قبل أن تأتي حكومة الأخوان المسلمين .. واتسعت دوائر الفساد، لتشمل الأطفال، فصادرت براءتهم، وبددت عفتهم .. فقد جاء (قال خبراء 3 الف حالة إعتداء جنسي ضد الأطفال دونت بالمحاكم ، وان 80 % من الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي ! وقالت الناشطة الدكتورة صديقة كبيدة، في تدشين مبادرة " لا للصمت" التي أطلقها مركز الفيصل الثقافي، أمس، ان الإعتداء الجنسي علي الأطفال يتم من داخل الأسر والمدارس، و"حتى المساجد التي باتت تشكل خطراً علي الصغار". وأضافت " لابد من ورش توعيه للمعلمين والأمهات وائمة المساجد بمدي خطورة هذه الاعتداءات الجنسية على الأطفال"، مؤكدة ان "الحالات المدونه بالمحاكم وصلت الي 3 الف حاله" !

    وقال الأستاذ القانوني عثمان العاقب، أن ائمة المساجد أصبحوا أكبر هاجس لثقة اولياء الامور بهم، وانتقد وزارة التربية والتعليم لكونها تعين معلمين غير مؤهلين تربوياً ونفسياً، مضيفاً: "أصبحنا نخاف على أطفالنا حين يذهبون إلى المدارس". وإعترفت الأستاذة مني محمد عثمان ممثلة وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم بالكارثة، قائلة ان وزارتها تقوم بجهود لتقليل حالات الإعتداء علي الأطفال. وقال الأستاذ عمر إبراهيم إمام وخطيب مسجد "القبلة"، أن الجريمة حينما تأتي من رجل الدين والمعلم تكون أشنع، لأن الناس يوفدون أطفالهم الي هذه المؤسسات لكي يتعلموا لذلك يكون الأمر صادماً عندما يحدث العكس تماماً. ومن ناحيته قال الأستاذ أسامة ادريس الناشط في المجتمع المدني، ان 80% من الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي وفقاً لدراسات علمية أجريت مؤخراً . وقال الدكتور هشام يوسف عبد الرحمن مدير مركز الفيصل الثقافي، أن ظاهرة إغتصاب الأطفال في تزايد مستمر رغم التعديلات القانونية التي ادخلتها الجهات العدلية، وعزا ذلك الي غياب الدراسات واسس التربية السليمة)(حريات 31/3/2014م). هذا الفساد الاخلاقي، الذي اعترف به أعضاء المؤتمر الوطني، ماذا فعلوا في علاجه، قبل أن يهاجروا الى الله تائبين ؟!


    إن الأطفال الذي يتم هذا الإعتداء الجنسي عليهم، في المدارس، وفي المساجد، هم أبناء أسر مستقرة، إستطاعت أن تدخلهم المدارس.. ولكن ما الذي يحدث للأطفال المشردين، الذين جاءوا الى العاصمة، هرباً بعد قتل آباءهم، وذويهم، في دارفور، أو جبال النوبة، أو النيل الأزرق ؟! إن هؤلاء يباعون مثل السلع بواسطة كبار النافذين، ورجال الأمن، الذين لا يطالهم القانون، حتى إشتهر السودان، على عهد حكومة الاخوان المسلمين، بتجارة البشر!! فقد جاء (أعلنت معتمدية اللاجئين بالسودان عن دعم تقدمت به دولة سويسرا يبلغ 550 مليون دولار للإسهام في مكافحة إتجار وتهريب البشر بالسودان . ويعد الاتجار بالبشر ثالث نشاط اقتصادي عالمي غير شرعي بعد المخدرات والسلاح ويزداد ضحاياه في العالم وداخل البلدان بسبب الفقر وحدة الفوارق الاقتصادية ، كما يزداد بسبب الفساد، وحدوث نزاعات وصراعات مسلحة. ويعد السودان مناخا مثالياً لانتشار هذه التجارة. وسبق وصرحت وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم عفاف عبد الرحمن بان السودان تحول إلى أهم مصادر الاتجار بالبشر. ورشح في وسائل الإعلام مؤخرا الحديث عن تفشي أشكال مختلفة من تجارة البشر منها بيع الأطفال واختطافهم ، وبيع الأعضاء مثل الكلى ...

    وتصنف دراسة عالمية السودان في القائمة الثالثة وهي أسوأ نوع من البلدان الموصوفة بالدائرة القذرة من ناحية إتاحة تجارة البشر وكون البلاد المعنية معبر أو منشأ لتجارة البشر بمختلف أشكالها ومن ضمنها تجارة الأعضاء. وتتغاضى حكومة المؤتمر الوطني عن الظاهرة حماية لسمعة "المشروع الحضاري" خاصة وأن قسما أساسيا من تجارة البشر معني بأشكال الاستغلال الجنسي المختلفة)( حريات 16/10/2012م). هل هذا مجرد طمع في الدنيا وجشع للمال ؟! أن يبيع المسؤولون الأطفال أو أعضاءهم من أجل المال؟ أم أنهم لا يعتبرون هؤلاء النازحين بشر مثلهم ؟! ترى كم من التوبة، يحتاج اليه الأخوان المسلمون، حتى يقبل الله هجرتهم إليه، وهم يأكلون في بطونهم أموالاً من بيع البشر ؟!

    وإذا استطاع طفل، أن يهرب من جحيم البيع، أو الإستغلال الجنسي، وحاول الإنتحار، فقبض عليه، وحول للشرطة، التي يفترض ان تحمي المواطنين، وتوفر لهم الأمن، حتى يفصل القضاء في شأنهم، فإنه سيعذب داخل "حراسات" الشرطة، حتى الموت، طالما أنه مشرد، وليس هناك من يسأل عنه، لأن أهله قد قتلوا، في اصقاع السودان المختلفة !! فإن لم تصدقوا ان هذا يحدث في حكومة هؤلاء التوابين، فاقرأوا (إعترفت شرطة "وحدة حماية الطفل" بمقتل طفل داخل حرسات القسم، 24 يوليو الماضي. وقال مدير الوحدة سيد عكود، انه "سيتم تشكيل مجلس تحقيق لمعرفة ما إذا كانت هناك مشكلة حدثت داخل الحراسات أدت لوفاة الطفل" ! وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الحكومية "سونا"، ان الطفل المتوفى تم إحضاره للوحدة بواسطة النقل النهري في 14 يوليو الماضي، وتم فتح بلاغ بموجب المادة 133 بواسطة النيابة لمحاولته السقوط من كبري القوات المسلحة بغرض الانتحار. وأضاف أنه وفي اليوم التالي قدم البلاغ للمحكمة وحددت جلسة يوم 17 يوليو. وكالعادة إدعى مدير الوحدة بأن الطفل معاق عقلياً، وان القاضي في المحكمة طلب تقريراً طبياً لم يتم استخراجه من مستشفى التجاني الماحي لعدم دفع الرسوم البالغة 750 جنيهاً!!


    وإعترفت آمال محمود الأمينة العامة لمجلس رعاية الطفولة بمقتل الطفل داخل "حراسة الشرطة" وكعادة المسؤولين في التهرب من المشكلة الحقيقية قالت ان المشكلة حدثت نتيجة لعدم وجود مستشفيات للطب النفسي للأطفال، داعية لمساهمة ديوان الزكاة ودعمها لحماية الأطفال ! وأكد ناشط حقوقي تحدث لـ "حريات" مقتل الطفل على يد الشرطة، قائلاً "إستناداً لعدد من الشواهد من بينها ترديد نفس رواية الشرطة الدائمة بان المحبوس مختل عقلياً، كما حدث من قبل عندما قتلت الشرطة مواطناً آخر بقسم شرطة الكبجاب وإدعت نفس هذه الإدعاءات، لذا فانني لا إستبعد إطلاقا قتل الشرطة للطفل بعد تعذيبه". وأضاف: "حتى لو سلمنا برواية الشرطة الدائمة والضعيفة، فلماذا يحبس طفل مختل عقلياً داخل حراسة القسم ؟

    وهل هذا يتوافق مع قانون حماية الطفل الذي على أساسه قامت هذه الوحدة ؟! هذا وسبق وقتلت شرطة هاشم عثمان بقسم "الكبجاب بأمدرمان مواطناً يعمل في "غسيل العربات" أثناء إحتجازة داخل حراسة القسم 23 أبريل الماضي. وقتل الشاب عبده أحمد صالح 30 عاما بضربه في رأسه بآلة صلبة بحراسات الشرطة اغسطس 2012 بمدينة ود الحليو بولاية القصارف وقتلت شرطة أمن المجتمع " النظام العام" الصادق يحي محمد عبد الله ، تحت التعذيب 11 يونيو 2012 بقسم شرطة السوق المركزي بالخرطوم كما قتلت شرطة النظام العام الشهيدة عوضية عجبنا بحي الديم بالخرطوم 5 مارس 2012م وعذبت مجموعة من عناصر الشرطة الخير العوض ود سعدة – عامل يومية – الى درجة تورم جسده وبصقه دماً واصابته بالفشل الكلوي يوليو 2011 بشندى كما قتلت شرطة المسيد بالجزيرة أحد المواطنين تحت التعذيب كما أوردت صحيفة " آخر لحظة" الجمعة 12 أغسطس)( حريات 8/8/2014م).

    وهكذا أفسدت حكومة الأخوان المسلمين جهاز الشرطة، وبعد أن كانت الشرطة في خدمة الشعب، في كل العصور السابقة، أصبحت الشرطة في خدمة الأخوان المسلمين، وضد الشعب .. بل هي عدو الشعب، خاصة الطبقات الفقيرة، والنازحيين، والأطفال المشردين. إن قتل هذا الطفل البرئ، أعظم عند الله، من أن تنقض الكعبة حجراً حجراً !! فكم من التوبة يحتاج له الأخوان المسلمون ليكفروا عن هذه الجريمة المنكرة ؟!

    إن الحركة الإسلامية لا تفكر في التوبة، ولكنها تفكر في خداع الشعب السوداني، باسم الدين، مرة اخرىن مع قرب موعد الإنتخابات. ولما كانت مفارقاتهم ماثلة، أمام أعين الناس، فإنهم قد إتجهوا لإدعاء التوبة، حتى يكسبوا أصوات من يصدقونهم، بأنهم لو فازوا سيكونون أحسن حالاً مما مضى، وهم في دواخل أنفسهم، يعلمون أنهم يخدعون الشعب، وأنهم لو أرادوا توبة نصوحة، لكلفهم ذلك تنازلهم عن الحكم، وهو أمر لا يطيقون عليه صبراً.


    ولمزيد من الكذب، والتضليل، يحدثوننا عن مواصفات مرشحيهم للإنتخابات، التي لو قامت لزوّروها، كما فعلوا من قبل .. فقد جاء(الخرطوم " سونا" كشف المؤتمر الوطني عن تحدّيده نحو 18 مواصفة ومعياراً، توخى فيها ما أسماه بالضبط الشديد لاختيار مرشحه لرئاسة الجمهورية والحزب والولاة. وقال المهندس حامد صديق رئيس قطاع الاتصال التنظيمي بالحزب، إن مرشح الوطني لرئاسة الجمهورية ينبغي أن يتسم بصفات القوي الأمين والحفيظ والعليم، وأن يكون ليناً في غير ضعفٍ وقوياً من غير عنفٍ وجواداً في غير إسراف ومقتصداً في غير بخلٍ، وأضاف: "كذلك لا يصانع ولا يضارع ولا يعمل في عمل تجاري"، وشدد على أن مواصفات مرشح الرئاسة تتمثل في أن يأمن الأبرار ويخاف الفجار ولا يغلق بابه دون حاجات الناس، بجانب حُسن الخلق والمؤهل العلمي المناسب والوسطية والاعتدال وسعة الأُفق وقوة البصيرة ومبادرته وخبرته)( الراكوبة 27/8/2014م).
    د. عمر القراي
                  

08-29-2014, 11:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    وهنا مقال اخر مميز للاستاذ سليمان حامد وهو يشخص ما حدث للاقتصاد السودانى
    اقرا المقال واشكر كاتبه

    حمدى عراب تحرير الاقتصاد والخصخصة ينكر دوره فى دمار الوطن ومعاناة وافقار الشعب
    حمدى عراب تحرير الاقتصاد والخصخصة ينكر دوره فى دمار الوطن ومعاناة وافقار الشعب


    08-28-2014 04:06 AM
    سليمان حامد الحاج

    قبل الدخول فى مناقشة د. عبد الرحيم حمدى فى دوره فى تحرير الاقتصاد ’ نسجل اعترافه بفشل الحوار الوطنى ووصفه بأنه مضيعة للوقت ’ وبدل الحوار كان الاجدى –حسب تصريحه- الجلوس (لحلحلة ) المشاكل الاقتصادية , نهدى هذا التصريح للذين لازالوا يرمون بكل ثقلهم السياسى فى الصراع الدائر فى اروقة السلطة مع من يقفون مع الحوار .

    د.حمدى يعلم قبل غيره بأن الحوار الذى اقترحه رئيس الجمهورية كان احد اسبابه الاساسية هو الواقع الاقتصادى الماساوى الذى اوشك على الانهيار بسبب سياسات التحرير الاقتصادى وما افرزه من مساوئ مثل خصخصة معظم مؤسسات الدولة الزراعية والصناعية والخدمية وتسبب فى تشريد الآف العاملين ’ وادى الى اعتماد البلاد على انتاج البترول الذى كان يساهم فى الموازنة العامة بما مقداره 85%-90% ’ انتهت بانفصال الجنوب , وفقدت البلاد اهم مواردها الاقتصادية التى كانت تجلب العملة الصعبة وتسد اكثر من 65% من احتياجات السكان , وتحول السودان من بلد منتج ومصدر الى مستهلك يستورد حتى قوته الضرورى من الخارج , ومع فقدان العملات الصعبة اصبح استيراد اهم السلع اليومية لحياة المواطن شبه معدومة , وتحولت حياة المواطنين الى حجيم بسبب الضرائب والجبايات التى صارت تمثل 90% من الموازنة العامة وارتفعت اسعار السلع الضرورية الى ارقام فلكية يصعب حتى على متوسطى الدخل من الحصول عليها ’ ناهيك عن الفقراء وذوى الدخل المحدود الذين لا تتجاوز مرتباتهم 435 جنيها فى الشهر ’ بينما الدخل المفترض رسميا من قبل اتحادات النقابات الحكومية لايقل عن الفين ونصف جنيه فى الشهر كحد ادنى .

    حمدى يعلم قبل غيره حجم العجز فى الموازنة العامة والذى اصبح يسد بالاستدانة من النظام المصرفى , ويعلم ضخامة العجز فى ميزان المدفوعات , ويعلم جسامة الدين الخارجى والداخلى , وقبل ذلك كله يعلم جسامة الخسائر الى تتكبدها الدولة بالاستدانة عبر شهادات شهامة والذى وصفه المراجع العام فى تقريره بتاريخ 2012م امام المجلس الوطنى والقائل فيه ان شهادات شهامة تسبب ارهاقا كبيرا للدولة ويجب وقف التعامل معها .

    رغم كل ذلك فأن حمدى الذى تبرأ من انه واضع سياسة التحرير الاقتصادى الا انه لا يدينها ولايقترح وقف العمل بها ’ بل يعزى الانهيار الاقتصادى الى افرازات سياسة التحرير هذه ويحملها وجود 6 مليار دولار تباع سنويا عبر الصرافات بالسوق الاسود بواسطة تجار العملة مما يجعلها خارج النطاق المصرفى , أليس هذا السلوك من افرازات سياسة التحرير الاقتصادى واحد الاسباب المباشرة له ؟ ويعزى عدم ثبات الاسعار لا لسياسة التحرير الذى يطلق يد السوق كيفما شاء فى التحكم فى الاسعار ويعزى عدم ثبات الاسعار هذا للفساد الادارى وضعف الرقابة من الدولة الخ ..

    حمدى لايتورع من تكرار تمسكه واصراره على سياسة تحرير الاقتصاد عندما يقترح عدة حلول للخروج من الازمة :

    اولها : عمل برنامج تدخل سريع لزيادة انتاج بعض السلع الاساسية مع تمويل هذا البرنامج باستدانة كبيرة من الداخل عن طريق بيع شهادات شهامة عبر الارباح.

    هذا هو مربط الفرس , فشهادات شهامة لحمدى باع طويل فيها ’ وهو يعلم ان المراجع العام اوقف التعامل بها لانها سببت اضرار كبيرة للاقتصاد السودانى وارهقت وزارة المالية وبالفعل تم ايقاف التعامل بها , الا أن اوامر عليا قررت اعادة التعامل بها فى العام 2012-2013م وهى احدى ادوات تحرير الاقتصاد .

    ثانيها : تحرير القطاع الخارجى مع تحرير سعر الصرف وهذا يمثل جوهر سياسة التحرير الاقتصادى , اذ من اين تتم تغطية هذا التحرير الذى يجعل سعر الصرف منفلتا لاقيد عليه ولارسن , ويجعل سعر الدولار اضعاف ما يقابله من العملة السودانية وسيتجاوز فى وقت قريب العشرة جنيهات بل ربما زاد كثيرا عليها ’ فقد تم تخفيض سعر الجنيه 13 مرة دون فائدة تذكر .

    ثالثها : فرض ضريبة على البترول (البنزين ) بشكل خاص . وبهذا يصل حمدى الى جوهر مايريد الوصول اليه وهو وضع كل اعباء الازمة ونتائجها المدمرة على عائق الشعب المثقل مسبقا بما تنوء عن حمله الجبال .

    لايهمنا قول حمدى انه لايمثل المؤتمر الوطنى او لعنه (لابو المؤتمر الوطنى ) ما يهمنا هنا هو ان حمدى كان ولازال وسيظل عرابا لسياسة التحرير الاقتصادى التى وضعت ثروات البلاد فى يد حفنة من سدنة النظام ومنظيره والمدافعين عنه والمبررين لسياساته التى افقرت البلاد والعباد ودمرت الاقتصاد السودانى وجعلت البلاد فى قائمة افقر وافسد وافشل ادارة للحكم وحولت فوائض اقتصاده للطفيليين المتأسلمين .

    لقد صدق بعض المساهمين فى المنتدى الدورى للجمعية السودانية لحماية المستهلك عندما قالوا بأن ( الاقتصاد تتم ادارته من عمارة الفيحاء بأنشاء قطاعات سلطوية وان الدولة بتطلع قروش تسجل بيها شركات ولديها 500 شركة تسيطر على كل المجالات وهى ليست مملوكة للدولة ولايعلم عنها المراجع العام شيئا , بالاضافة للهيمنة من المنظمات الخيرية التى تعمل فى استيراد الدواء دون ان تفرض عليها الدولة (مليما واحدا ) هذه المنظمات تتبع للسلطة وتركز الثروة عند قلة معينة مما مما خلق اقتصادا عشوائيا يفتقر للتخطيط والرؤية التنموية …الخ )

    نقول لحمدى (خليها مستورة ), فليس العيب فى نكرانك انك عراب تحرير الاقتصاد , بل العيب كل العيب هو دفاعك عنه وانت تعلم علم اليقين انه جعل حياة الشعب جحيما لايطاق , ان كل التبريرات التى تسوقها لن تحميك من الحساب الآتى والذى لاريب فيه وهو حساب للنظام كله الذى يقبل العمل بهذه السياسات

    الميدان
                  

08-29-2014, 12:05 PM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    كلام موزون وتشريح لجزء مهم من علل السودان المذمنة
    مقالان جديران بالقراءة والاطلاع، شكرا للاساتذة القراى
    وحامد وشكرا الكيك على جلب هذا الى هنا،،،
                  

08-30-2014, 09:56 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: صديق الموج)

    شكرا صديق
    تحياتى لك

    نتواصل مع مقال اخر للزميل فتحى الضو وهو مقال مهم كما تعودنا منه دائما



    لماذا سَكَت التُرابِي عن الكلامِ المُباح؟!..
    لن يهدأ له بال إلا بعد أن يغمد خنجره في جسد الذين أذلوه.
    الصادق المهدي قال لي «أنا اسميه كانديد» !


    08-30-2014 12:33 AM
    فتحي الضَّـو

    (1)
    ألا رحِم الله صديقي محجوب عثمان الذي رحَل عن دنيانا في العام 2010 كما ترحل النوارس إلى ما وراء البحار. كان شفيفاً وعفيفاً وصريحاً. ما انتظم عِقد لمجالسيه حتى صار ريحانتهم. حذق الجمع بين (الضرتين) السياسة والصحافة. ومن خلالهما كدح إلى وطنه كدحاً إلى أن لاقى ربه راضياً مرضياً. كان قد شرَّفني بكتابة مُقدمة كتابي الأول الموسوم بعنوان (مِحنة النُخبة السُّودانية) والذي صدر في القاهرة العام 1993 واقتبِس من تلك المُقدمة العبارة التالية «يُشبِه المُؤلف قناعات قادة الجبهة الإسلامية بنظرية الفرد روزنبرج فيلسوف النازية الشهير، والتي تقول: (إذا كانت القسوة لازمة فلماذا لا نستخدمها لإرادتنا الوطنية)» ويضيف محجوب «وهنا تستشعر ذاكرتي رأياً للدكتور التُرابي أطلقه ونحن في سجن كوبر خلال الأسابيع الأولى بعد انقلاب 30/6/1989 التي مكثها معتقلاً مع المعارضين كواحدة من وسائل التمويه يومذاك. قال الترابي ما معناه إن الشعب السوداني لا ولن يسلك الطريق القويم إلا بالقهر. وعندما اعترض أحدهم بأن القهر يُولِد الانفجار، كان رد السيد المرشد: دعك من هذا، فإن القهر يبدو شاذاً وغريباً في أيامه الأولى ولكن سرعان ما يعتاد عليه الناس» وختم محجوب تلك الفقرة بتساؤل مزلزل: «ألا يكمل هذا نظرية فيلسوف النازية ويدعمها ويطورها»؟! ولعمري ذلك سؤال جاوبته السنين وفجورها!

    (2)
    في صيف عام 2011 جلست إلى الدكتور حسن الترابي في منزله بالمنشية، كان ذلك أثناء زيارة للبلد الصابر أهله، وقد خططت لها الأقدار ونفذتها طائعاً مختاراً. وبحكم البعد الجغرافي أو إن شئت فقل القسري، لم يتسن لي رؤية تلك الدار من قبل، غير أني سمعت عنها قصصاً أشبه بالأساطير. يقولون كادت أن تكون محجاً للحواريين، وإنها كانت تعج بالغاديين والرائحين عندما كان شيخهم يأمُر فيُطاع. بل قيل إن البعض كان يستبقي نفسه فيها حتى مطلع الفجر ولا يغادرونها إلا وهم مكرهون. ولهذا استغربت يومذاك عندما رأيتها تكاد تكون خاويةً على عروشها، ولفت نظري كذلك أن الساحة التي أمامها تخلو من أي دابة، وكانت - بحسب ما قيل لي – يعز أن تجد فيها موطئ قدم ناهيك أن تجد مكاناً لدواب كثرت أنواعها. دلفت للدار وقلت في سري أدخلوها بسلامٍ آمنين. وجدت الترابي يجلس في الصالون وحده، بل للدقة كان يجلس على مقربة منه شاب تبدو على سيمائه الطيبة والوقار، عرفت فيما بعد أن اسمه تاج الدين بانقا وهو يشغل وظيفة سكرتيره الخاص، وهي ذات الوظيفة التي كان يشغلها صديقنا المَحبُوب عبد السلام في العشرية الأولى كما وصفها في كتابه الذائع الصيت. أخذت موقعي بالقرب من الترابي وجلس إلى جانبي السيد كمال عمر وهو الذي رتب اللقاء أصلاً. وعمر هذا للذين لا يعلمون، لم يكن من الذين بزغ نجمهم في فجر السنين العشر وما تلاها، ولكنه في العشرية الثانية وما جَلاّها، اقترب من الترابي حتى أصبح عينه التي ترى وأذنه التي تسمع ولسانه الذي ينطق، ومن المفارقات أن التداعيات التي حدثت في مواقف المؤتمر الشعبي مؤخراً، وبدا فيها عمر يتقلب كتقلب المُحب على نار الجوى، كشفت للمراقبين أن فيه شيئاً من خُلق الترابي، ومن شابه شيخه ما ظلم!

    (3)
    امتد ذلك اللقاء لنحو ثلاث ساعات، وعلى الرغم من أنه جرى في رمضان حيث الطقس حار وجاف ونهاره غائظ كالعادة، إلا أن شهية المرشد للكلام - بحسب تعبير محجوب – كانت ساعتئذ أشبه بجهنم، كلما قلت كفى قال هل من مزيد. ولا أظن أن مثل تلك الرغبة كانت متاحة لمثلنا في العشرية الأولى، أي في عزَّ سطوته وجبروته. فيومذاك حتى حوارييه، لو أن أحدهم ظفر بِرد التحية فقط لطار قلبه من الفرح وانقلب إلى أهله مسروراً. لهذا لم يكن عصياً عليَّ أن اهتبل سانحة غضبه وضيقه وحنقه منهم لاستخرج بُغيتي من أسرار وأوطار، وبالطبع ما كان لها أن ترى النور لولا جور الزمان ومكائد الحِبان. وفي سياق مقالنا هذا قد لا يهم كثيراً كل ما قال، غير أنني كنت ألحظ مدى تغير تقاسيم وجهه واصطكاك أسنانه عندما يتحدث عن عقوق الحواريين ويترفع عن ذكر اسمائهم، بل لحظت أيضاً أنه كلما ازدادت دواخله غضباً كان يضغط على طاولة صغيرة أمامه بإبهامه حتى يخال للمرء إنه سيثقبها أو سيُدمي أصبعه. ثم من باب التنفيس أو الترويح عن الضيق كان فمه يفتر عن تلك الابتسامة الغامضة التي تتضاءل قدرات أبرع الممثلين المسرحيين في أن يأتوا بمثلها. يومذاك فقط أيقنت تماماً بعد أكثر من عقد من الزمن، أن ما سُمي بالمفاصلة بين القصر والمنشية ليست مسرحية كما أشيع عنها، ولكنها حقد وكراهية وثارات مؤجلة!

    (4)
    قبل أن يبادر أحد ويتهمني بالسذاجة، أقول لست وحدي. إذ أن قرائن الأحوال ووقائع الأحداث في الفترة التي أعقبت المفاصلة شهدت فجوراً في الخصومة من الجانبين لم يسمع الناس بمثلها إلا في قصور خلفاء الدولة الأموية. رئيس ابتذل الحكم، فضرب مثلاً ونسي نفسه. وقف ذات يوم أمام حشد من الناس ومدَّ يده إلى عنقه وقال على رؤوس الأشهاد «الشيخ يستاهل الضبح» أي الذبح بمثلما يفعل تنظيم (داعش) بضحاياه هذه الأيام. والشيخ الذي أخذ من الجِمال (بكسر الجيم) أهم صفاتها، راح يقتص من حوارييه ويجلدهم بألسنة حداد ويتحرق شوقاً لليوم الموعود. رآه الناس يوماً في ندوة مبثوثة في وسائل التواصل الاجتماعي، ينقل عن الرئيس الذي توعده (بالضبح) حديثاً لا يملك المرء حين سماعه إلا أن يستغشى ثيابه ويولي الأدبار هرباً. ثم تدور دائرة الأيام وبينما الناس في انتظار المعركة الفاصلة أو المؤجلة، يُعاد ترتيب المسرح بطريقة جديدة قبل إنزال الستارة. ثمَّ تستوجب المسرحية تغيراً مفاجئاً في المشاهد. يبتدع الرئيس «الضرورة» ما سُمي بـ (خطاب الوثبة) ويطرح خواراً سُمي بالحوار، ثم يتقابلا، الرئيس والمرؤوس أو الشيخ وحواره السابق، أقبلا على بعضهما ويكادان يطيران من الفرح. ثم تعانقا عناق من تحرى لقاء بعد طول فراق محا فيه الليل كلام النهار. تلك بدأت للبعض كطلاسم ولكن وراء الأكمة ما وراءها يا سادتي! فمهلاً إذ أن ما حدث وراء كواليس المسرح أمره عجباً!

    (5)
    ذلك هو السؤال الذي سبرنا أغواره من مصادرنا العليمة، وخرجنا بمعلومات ثرة نضع خطوطها العريضة بين يدي القارئ ربما أزالت بعضاً مما التبس في ذهنه من طلاسم. قالت المصادر: كانت قطر قد راهنت كثيراً على صعود موجة الإسلام السياسي في دول ثورات الربيع العربي، وعلى وجه الخصوص مصر وليبيا وتونس. وفجأة على غير ما تمنَّت واشتهت، بل وعملت لذلك طويلاً بدوافع يعلمها المراقبون، وبالذات الصراعات الخفية مع المملكة العربية السعودية. بدأت الأرض تميد تحت طموحاتها وانتاشتها سهام الكراهية والشحناء والبغضاء. فقرر صناع القرار في الدولة الصغيرة عمل إسناد Pack up لطموحاتهم أو تمنياتهم – سيان - فكان نظام الخرطوم محط أنظارهم، لا سيِّما، وأنه النظام الوحيد في الإقليم أو قل في العالمين العربي والأفريقي الذي كان يشاركهم السراء في تمدد مشروع الإسلام السياسي في الدول المذكورة، مثلما أصبح الوحيد الذي يشاركهم الضراء بعد أن لاحت علامات تعثره. زاد من الاختيار أن للدوحة يداً سلفت على الخرطوم في المبتدأ، علاوة على أن أزمات النظام وبالذات الأزمة الاقتصادية كانت قد استحكمت حلقاتها. ومن جانبها أيضاً اشترطت قطر على العصبة الحاكمة أن تبسط يدها للترابي ليعود إلى سالف عهده بوجهٍ جديد New Look كما يقولون، وهو ما وجد هوى في نفس الرئيس المشير للتخلص من المتربصين به في عصبته!

    (6)
    طلبت الدوحة من الترابي زيارتها - وهو الذي لم تنقطع صلته بها منذ المفاصلة - حيث عرضوا عليه ابتداءً مشروع مصالحة مع تلاميذه أو حوارييه السابقين. من ناحيته زاد الترابي - الذي جاءه الثأر يجرجر أذياله - من جرعة طموحاته، واقترح عليهم أن يطلبوا من الرئيس البشير الإقامة بين ظهرانيهم في الدوحة. فقالوا له سبق وأن عرضوا عليه ذلك بإيعاز من الإدارة الأمريكية، وبضمان إيجاد مخرج له من المحكمة الجنائية، بل كشف القطريون على أن ما درج على تسميته بـ (الوديعة القطرية) هي في الأساس اقتراح أمريكي لمزيد من الترغيب، ولكنه رفض بدواعي احتمالات صراع المتربصين بالسلطة من عصبته. عندئذ طرح الترابي اقتراحاً آخر تلقفه القطريون وقضى بالضغط على النظام لإزاحة كل الوجوه القديمة من واجهته، وبالأخص التسعة الذين يتحكمون في صناعة القرار (ملحوظة: لم يفصح المصدر عن اسمائهم) غير أن الترابي قرأ على محدثيه الآية «وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون» وقال إن ذلك سيكون ضمان للمصالحة التي يقترحونها وإنقاذاً للمشروع أيضاً. بالطبع حدث ما اقترح، ولكن بآليات معلومة لم يألوا القطريون جهداً في بسطها. وبالتالي مضى الترابي في المشروع توخياً للخطوة التالية!

    (7)
    انتهت إفادات المصدر، أما إفادتي الخاصة التي قد تصيب وقد تخطيء، تقول إن الترابي سيمضي في المشروع غير عابئ بالوطن ومآلاته، وقد تأبط ثأره الشخصي الذي سبق وأن حددنا شواهده في بداية المقال. الترابي الذي علَّم حوارييه الميكافيلية، لن يهدأ له بال إلا بعد أن يغمد خنجره في جسد الذين أذلوه، ولن تغمض له عين إلا بإعادة تحقيق حلمه القديم بحكم كل السودان ولو بالوسيلة التي نقلها عنه الراحل محجوب عثمان. يظن البعض وهماً أن الترابي مسؤول عن العشرية الأولى وحدها وأنه تطهر بعد أن لفظه حواريوه كما تلفظ النواة، لكن الترابي في تقديري يظل المسؤول الأول عن أخطاء وخطايا ربع قرن من الحكم الفاسد. وهو بهذا المعيار يعد الأسوأ في التاريخ السياسي السوداني الحديث. كنت قد خصصت له في كتابي المذكور أعلاه فصلاً يحاول فض مغاليق شخصيته، وكان بعنوان (طموح مهره الدم) الأمر الذي نرى أنه تحقق بمقدار. بيد أنني أرى في الأفق وميض السكاكين الطويلة تلمع في الظلام.. في انتظار ليلة ليلاء اتسعت دوائر حاضريها وزاد احتمال تكاثر ضحاياها. يومذاك لن يعرف الناس من القاتل ومن المقتول، من الضحية ومن الجلاد. فقط سيدرك البعض بعد فوات الأوان أن وطناً كاملاً زحف نحو الهاوية.. فمن ذا الذي يُخبِر الثعلب؟
    حاشية: سئل أحد الظرفاء... هل يلد الثعلب أم يبيض؟ أجاب، والله ده مكَّار ممكن يعملهم الاثنين!

    (8)
    في أعقاب هروبه من السودان إلى إرتيريا بما أسماه (عملية تهتدون) في ديسمبر من العام 1996. جلست إلى السيد الصادق المهدي في حوار مُطوَّل. سألته في إحدى المحاور عن الدكتور حسن الترابي الذي كان يومذاك الحاكم بأمره، بل إن المهدي كان قد أعزى كل ما حدث له من سجن وتهديد بالقتل وإهانات شخصية كانت بأوامر من المرشد. وفي الواقع لم يكن ذلك بالأمر الغريب، فقد ظلت العلاقة بينهما ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب منذ أن باعدت بينهما دروب السياسة بعد طول صداقة. وقد لخص المهدي مؤخراً وصف ما بينهما بقوله في حوار صحافي مع جريدة السوداني «أنا افتكر في مشكلة كيمياء بيننا» بالتأكيد على هذه الكيمياء نعود لسؤالنا الذي طرحته على المهدي في الحوار المذكور حول شخصية الترابي، فقال لي «أنا اسميه كانديد» وقلت له من هو كانديد هذا؟ فقال لي «كانديد بطل في رواية للكاتب الفرنسي الشهير فولتير، كان يُقبِّح الجميل ويُجمِّل القبيح» وقبل أن ترتد إلىَّ اجابته، أضاف: «لو أن هناك أحداً من الناس قُطِعت رجله، لقال الترابي خير وبركة فقد وفَّر ثمن فردة الجزمة»!!
    آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!

    ---------------------

    صراعات دارفور القبلية هي المهدد الأكبر


    August 29, 2014

    محجوب محمد صالح


    رغم انحسار حدة المواجهات بين حركات دارفور المسلحة والقوات الحكومية فإن الصراع القبلي الدموي الذي يدور في ذلك الإقليم فاقت خطورته على النسيج الاجتماعي خطورة المواجهات بين حملة السلاح والحكومة، وبات يهدد بشكل كبير النسيج الاجتماعي خاصة في ظل انتشار السلاح غير الشرعي في أيدي المواطنين وانتشار الميليشيات ومشاركة بعض الجماعات المسلحة المحسوبة على الحكومة.


    الصراع القبلي في دارفور ليس ظاهرة جديدة فهي ظاهرة قديمة متجددة ولكنها كانت محدودة وقليلة الضحايا؛ لأن معاركها كانت تدور بأسلحة تقليدية تخلف عددا قليلا من الضحايا، ولكنها الآن تحولت إلى معارك شرسة تدور بين متحاربين يملكون مهارات قتالية عالية وأسلحة قتالية فتاكة ومتطورة، ما يضاعف عدد الضحايا ويلحق دماراً بالممتلكات ويشرد الآلاف ويودي بحياة المئات إضافة إلى عدد الجرحى وإهدار الموارد، وأسوأ من ذلك كله أنه يؤدي إلى تشظي الإقليم وسيادة ثقافة العنف وتمزيق النسيج الاجتماعي، ما يجعل استعادة الإقليم لأمنه واستقراره أمرا بالغ الصعوبة حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام، والتزمت به كل الأطراف بها.


    خلال تاريخها القديم كانت الصراعات تحسم من خلال مؤتمرات الصلح التي يلعب فيها الوسطاء (الأجاويد) دوراً كبيراً وتسهم الحكومة المركزية من موقعها المحايد في دعم وتنفيذ مخرجات مؤتمرات الصلح، أما الآن فإن أسباب الصراع باتت أكثر تعقيدا والمركز أصبح جزءا من الصراع وهو متهم بالانحياز لطرف دون الآخر والميليشيات باتت أكثر استقلالية ولا ترضخ للضغوطات القبلية ولا تعترف بالسطات القبلية ولا حتى بالسلطات المركزية أو الإقليمية، والتدخلات من دول الجوار أصبحت أكثر تأثيرا وتسرب السلاح منها للمنطقة أصبح أكثر سهولة.


    الصورة تغيرت الآن تماماً خاصة بعد انهيار النظام الإداري خلال سنوات الحرب الأهلية التي دخلت عقدها الثاني وتجييش الحكومة للميليشيات ومدها بالسلاح وانعكاسات الحرب التشادية الليبية ثمانينيات القرن الماضي وما أفرزته من نتائج سالبة على الأوضاع في دارفور، وما صحب ذلك من دخول أسلحة حديثة ومتطورة ودخول مهاجرين من دول الجوار في غرب إفريقيا واحتلالهم أراضي بعض القبائل الدارفورية وتحالفهم مع بعض قبائلها ضد القبائل الأخرى، واستعانة الحكومة بميليشيات قبلية لمواجهة الحرب الأهلية كل ذلك زاد الواقع تعقيداً وخطورة.


    وإذا كانت صراعات الماضي تدور حول المنافسة المحتدمة بين القبائل بالنسبة للموارد الطبيعية لأغراض الزراعة والرى فإن الجفاف والتصحر أخرج أراضي كثيرة من الدورة الإنتاجية فتناقصت الأراضي المنتجة، ما زاد الصراع حول ملكية الأرض اشتعالاً. كما أن متغيرات مستجدة زادت من حدة ذلك الصراع بسبب ثروات باطن الأرض التي ظهرت مؤخرا في الإقليم متمثلة في البترول والذهب، وقد جاء اكتشاف وتطوير هذه الثروات المعدنية وسط ظروف صراعية وعسكرية حادة داخل المجتمع الدارفوري ووجود الميليشيات الكثيرة والأسلحة الثقيلة، ما صعد من وتيرة المواجهات المسلحة حتى أصبح عدد ضحاياها يفوق عدد ضحايا الحرب الأهلية، واستعصت على الحلول التقليدية عبر مؤتمرات الصلح القبلية التي ظلت تنعقد وتنفض دون أن تحقق سوى هدنة مؤقتة في الصراع الممتد والمتطاول والمتجدد.


    هذا هو التحدي الأكبر في دارفور اليوم وهو سيظل يشكل خطرا كبيرا حتى لو قدر للسودان أن يعالج أزمته السياسية الشاملة فإن هذه الصراعات التي امتدت لأجزاء واسعة وشملت قبائل كبيرة ستظل هاجسا للدولة حتى لو أنجزنا التحول الديمقراطي الذي نتطلع إليه، ومن أسف أن هذا الصراع القبلي لا يجد الاهتمام المطلوب ولا الدراسة المتعمقة بحثا عن وسيلة لمعالجة تداعياته هذه.


    البعض يحاول أن يقنع نفسه بأن تراجع حدة المواجهات بين الحكومة والحركات المسلحة يعني عودة الاستقرار والسلام للمنطقة وهذا مجرد وهم، فالموقف في دارفور أسوأ مما كان والانفلات الأمني أشد خطورة والصراع القبلي يهدد بالتشظي، ويجعل من الصعب استعادة الأمن والاستقرار، والميليشيات المسلحة المنفلتة أكثر خطورة على مستقبل الإقليم من الحركات ذات الأهداف السياسية. لقد أصبحت الميليشيات الآن جيوشا عالية التدريب والتسليح، وتوصلت إلى تحالفات بين مجموعات مختلفة وبعضها تدرب ونشط في إطار برامج حكومية وبعضها لا يزال ينتسب للحكومة بصورة أو أخرى وبعضها متمرد على السلطة الإقليمية والمركزية، وحدة الصراعات بينها تزيد ولا تقل وهي مرشحة لأن تزداد عنفا بسبب التنافس على موارد الأرض المكتشفة حديثا من بترول ومعادن، ما يزيد في تطلعات بعض القيادات المحلية في الاستحواذ على الأراضي بقوة السلاح وإبعاد المنافسين الآخرين منها، وهذا هو السبب الذي يؤدي إلى فشل كل محاولات الصلح عبر الحوار وتجدد القتال كلما هدأت حدته قليلا.


    هذه الأوضاع تحتاج إلى مقاربة جديدة للبحث عن حل يأخذ كل المتغيرات في الحسبان ويحقق حيادية السلطة المركزية والإقليمية واستعادة مفهوم التعايش السلمي بين القبائل ويحل مشكلات حيازة الأراضي.
                  

08-30-2014, 01:35 PM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    كل ما أوردته جدير بالقراءه ....
    تحليل وتشريح دقيق للواقع السياسي والاقتصادي الاجتماعي الراهن ..
                  

08-31-2014, 10:57 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: جمال ود القوز)

    شكرا جمال
    واهديك هذا المقال

    خصائص رئيسنا القادم !! ..

    بقلم: سيف الدولة حمدنالله
    الأحد, 31 آب/أغسطس 2014 20:56


    وقفت على الشروط والمواصفات التي أعلن حزب المؤتمر الوطني طلبها في مُرشحيه لوظيفة رئيس الجمهورية في الانتخابات القادمة، والذي ضع هذه الشروط (وعددها 18) فهلوي ونصّاب، قصد أن يأكل عقل الناخبين بسجع لغوي وعبارات لها إيقاع، والشروط في مجملها تصلح لاختيار أمين صندوق لجمعية خيرية، لا رئيس جمهورية مهمته تصريف شئون دولة ومواطنين.

    وجه الفهلوة، أن معظم الشروط لا علاقة لها بمتطلبات الوظيفة المطروحة للمنافسة، ومثلها يُقال له في القانون أنها شروط غير مُنتجة، وهي الشروط التي لا يتأثر المركز القانوني لصاحبها بتوافر أركانها من عدمه بحسب المهام المطلوبة منه، كأن يُشترط في طبيب للمركز الصحي - مثلاً - أن يكون طويل القامة.


    في ضوء ما ورد، للمرء أن يسأل: ما علاقة كرم الرئيس القادم أو بُخله فيما هو مُنتظر منه كرئيس للجمهورية حتى يضع المؤتمر الوطني مثل هذا الشرط الذي يقول: "أن يكون جواداً في غير إسراف ومقتصداً في غير بخلٍ"!!، فمن جهة، الشعب لا يعنيه أن يكون الرئيس القادم كريم وأخو أخوان أو بخيل و"جِلدة"، وقد تمت صياغة الشرط بهذه حتى يوحي للناس بأن المقصود هو ضمان عدم تجوّد الرئيس القادم بالمال العام كما يفعل الرئيس الحالي، الذي تبرع بملايين لبناء ضريح للرئيس الإثيوبي السابق، وأهدى "35" سيارة للمنتخب القومي المصري بمناسبة فوزه في منافسة أفريقية ..الخ، بيد أن في هذا الإيحاء نفسه تسليم بحقه في التصرف في التصرف في المال العام إذا تم ذلك بمعقولية واتزان وهو ما يكشف عن جهل الحزب بمطلوبات الوظيفة بحسب ما نقوم بتوضيحه لاحقاً.


    ما يؤكد حقيقة غرض التضليل في هذه الشروط المُفخّخة، أنها جاءت هُلامية بحيث لا يمكن فحص الشروط للتحقق من توافرها في المرشح من عدمه بأي وسيلة معروفة، فالقاعدة في الشريعة والقانون هي ضرورة أن يكون الشرط "منضبط"، أي يمكن قياسه في نوعه أو مقداره، كأن يُشترط عدد سنوات معينة من الخبرة أو نوع المؤهل الدراسي ..الخ، فليس هناك مقياس يتيح معرفة مقدار القوة ودرجة الأمانة في"القوي الأمين" أو معدّل الخوف من "الفجّار" أو الأمن من"الأبرار" في الرئيس القادم وما إذا كان من فصيلة "الحفيظ" أو"العليم" ..الخ بحسب صياغة الشروط.

    هذه عبارات ليس لها قيمة، وقد قصد الحزب صياغتها بهذا النحو الذي يوحي بأن لها مصدر في الدين، وهذه حيلة قديمة ومُستهلكة ويعرفها الشعب عن هؤلاء الأدعياء، بدأت منذ فجر الإنقاذ باستخدام هذه الحيلة في تسمية الشركات والمحلات التجارية، والذي فتح هذا الباب في أول عهد الإنقاذ أحد أركان النظام قي ذلك الوقت (اللواء طيار الفاتح عبدون) الذي قام بتأسيس شركة لبيع وتوزيع الفراخ أطلق عليها "إقرأ".


    في كل أركان الدنيا تقوم الأحزاب بإعتماد مرشحيها وفق تاريخهم من واقع عملهم بالحزب ومواقفهم من القضايا العامة وصلابتهم ..الخ،بعد التثبت من إستيفاء المُرشّح للاشتراطات التي يتطلبها الدستور، وهي عادة عبارة عن شروط عامة تنحصر في الجنسية والعمر ..الخ وتختلف من دولة لأخرى (كل الشروط التي يضعها الدستور الأمريكي في الرئيس تنحصر في أن يكون أمريكي بالميلاد وألاّ يقل عمره عن خمسة وثلاثين عاماً، وأن يكون مقيماً في الولايات المتحدة لمدة أربعة عشر عاماً قبل الترشح للرئاسة".


    الأمم التي عرفت طريق النجاح وحصدت نصيبها في التطور والتقدم، لم تفعل ذلك بفضل الخصائص الفاضلة للرؤساء الذين تعاقبوا عليها، فالرئيس الذي يتطلع إليه المواطن هو الذي يلتزم في حكمه بنصوص الدستور والقانون، وأن يكون خادماً للشعب لا سيّداً عليه، وأن يكون رئيساً لكل الشعب لا لأفراد حزبه وأنصاره، وأن ينتصر للمظلوم ولو كان من خصومه ويجازي الظالم ولو كان من أهله وعشيرته، وألاّ يُسلّم أذنه للذين حوله من المنافقين والأرزقية، فيخفوا عنه الحقيقة، ويصورا له أنه نصف إله، فيجمعوا له من يهتفون بحياته ويحجبوا عنه صوت الذين يلاحقونه باللعنات.
    الواقع أن الأوطان لا تُبني بالصفات الحميدة للرؤساء، فليس هناك دولة تنهض بلا قضاء وقادر ومستقل يعمل له الرئيس ألف حساب قبل أن يُخالف الدستور أو القانون، ويكون - القضاء – قادراً على الحكم ببطلان القرارات والقوانين التي تُخالف الدستور، ويستطيع الحكم ببطلان الحصانة مثل هذه الأنظمة على المفسدين والمجرمين.


    إن نجاح الأمم يُبنى على دولة المؤسسات لا على الأشخاص، فأمريكا هي أمريكا إذا كان رئيسها "أوباما" أو "عبدالرحمن الخضر".

    -------------------------

    برنامج خماسي..!!
    الأحد, 24 أغسطس 2014 13:13

    - إليكم

    - الطاهر ساتي
    :



    :: بلغ حجم الاستثمار السوداني بإثيوبيا (2,4 مليار دولار)، وتم تصنيف السودان كثاني أكبر استثمار أجنبي بإثيوبيا، أي بعد الصين مباشرة.. ومع ذلك، لا يزال الدكتور بدر الدين محمود، وزير المالية السوداني، يتحدث عن جذب الاستثمار الأجنبي إلى السودان عبر المسمى بالبرنامج الخماسي.. وهذا البرنامج الاقتصادي المتواصل منذ عهد الوزير السابق علي محمود فريد من نوعه، ويجب تدريسه لطلاب الاقتصاد وأساتذتهم ليحتاروا (أكتر من كده).. فالبرنامج الخماسي لا يتوانى عن طرد الاستثمار السوداني إلى إثيوبيا، وكذلك لا يستحي من تقديم طلب الدخول إلى الاستثمار الأجنبي.. فأي نهج اقتصادي هذا الذي يطرد المال الوطني إلى إثيوبيا وغيرها ثم يستنجد بالمال الأجنبي؟، وهل المال الأجنبي بهذا الغباء، بحيث يدخل دياراً يفر منها (مالها)؟.


    :: والمهم، في إطار هذا البرنامج الخماسي، يبدو أن الوطن والمواطن على موعد آخر مع المزيد من المعاناة و(ضنك العيش).. فالغلاء حالياً تجاوز طاقة المواطن، وكل يوم تشهد أسعار السلع ارتفاعاً، فبدلاً عن بحث أسباب هذا الغلاء وإزالتها، يؤكد وزير المالية -وهو يخطاب صباح أمس مؤتمر القطاع الاقتصادي للحزب الحاكم- أن الحكومة تمضي قدماً في سياسة رفع الدعم عن السلع، أي وكأن ما تم رفعه في سبتمبر الفائت لا يكفي.. ثم تحدث وزير المالية عن الإصلاح الضريبي والجمركي بغرض (زيادة الإيرادات)، وهذا المسمى بالإصلاح الضريبي والجمركي حين يأتي متزامناً مع الرغبة في زيادة الإيرادات، يعني أن الضرائب والجمارك على موعد مع المزيد من (الزيادات).. وبالتأكيد كاهل المواطن وحده هو المنوط به تحمل (زيادات الجمارك والضرائب).


    :: هكذا البرنامج الخماسي بالسودان، برنامج سياسته تركز على تهجير الاستثمار الوطني إلى إثيوبيا، ثم ترفع الدعم عن السلع مع زيادة الجمارك والضرائب عاماً تلو الآخر، أي معاناة المواطن هي (مورد الدولة).. وهناك بنك تنمية إثيوبيا ينشئ صندوقاً قرضياً ليقرض المستثمرين بما قد يصل (70%) من جدوى تكاليف المشروع، ثم يخطط لتخفيض رأس المال الاستثماري من (200 مليون دولار) إلى (3 ملايين دولار فقط لا غير)، وذلك لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، بما فيها رأس المال السوداني. إثيوبيا تجذب الاستثمار الأجنبي بالحوافز، وبلادنا تطرد -حتى الاستثمار الوطني- بالبرنامج الخماسي.. ليبقى المواطن هو (المورد الأساسي)!.


    :: والمؤسف في الأمر أن الذين أوصلوا اقتصاد البلد إلى هذا الدرك، هم الذين يتحدثون عن المستقبل والبرنامج الخماسي.. لا جديد في مؤتمر القطاع الاقتصادي، فالوجوه هي ذات الوجوه، والعقول هي ذات العقول، ولذلك ليس بمدهش أن يراهنوا على (رفع الدعم) و(الجمارك والضرائب)، وهذا وذاك من الحلول السهلة التي ليست بحاجة إلى (عبقرية).. لم ولن يسألوا أنفسهم عن الأسباب التي طردت -إلى إثيوبيا- استثماراً سودانياً مقدراً بـ(2.4 مليار دولار).. ولم ولن يسألوا عن الأسباب التي أسست بإثيوبيا أكثر من (800 شركة سودانية).. هم ذاتهم، وليس غيرهم (الأسباب).. ومع ذلك يحتشدون في مؤتمرهم ويتحدثون عن المستقبل، وكأنهم لم يخربوا (الماضي والحاضر)!
                  

09-03-2014, 11:01 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    وهنا مقال بطريقة اخرى

    5a66135a1c933844a812b1baa2e48c0d.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

09-05-2014, 06:04 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    جوائز التفوق الصحفي.. بين النفاق والفشل
    September 5, 2014

    د. فيصل عوض حسن

    وفقاً لـ(سونا) وغيرها من وسائل الإعلام، احتفل المجلس القومى للصحافة والمطبوعات يوم الأربعاء الثالث من سبتمبر 2014، بإعلان ما وصفوه بـ(جوائز) الـ(تفوُّق) الـ(صحفي)، بحضور أحمد بلال عثمان وعلي شمو و(الفاتح عروة)، وبعضٌ ممن يُطلق عليهم (قادة) العمل الإعلامي والصحفي والأكاديميين والخبراء ورؤساء التحرير والصحفيين! تحدث أحمد بلال كـ(عادته) حديثاً (خيالياً) و(بعيداً) عن الواقع، مشيراً لـ(تحديات) تواجه صناعة العمل الصحفي (دون تحديدها تفصيلاً)، (مُتَّهماً) كثافة المعلومات وتقدم الاتصالات بـ(أكبر) مهددات الصحافة والأمن المجتمعي! ولم يبعد علي شمو (كثيراً) عن (سابقه) بلال بالحديث العام (غير المحدد)، كالحديث عن الـ(تقنية) والـ(مضمون) والـ(عدد) والـ(تأثير)! وغيرها من المُصطلحات العامة، ومن ذلك ما ذكره (نصاً): الأوضاع الاقتصادية التي يجب العمل (على تطويرها) حتى تصبح المؤسسة الإعلامية مؤسسة متكاملة! و(ضرورة) قيام الحكومة بمساعدة الصحافة لـ(بناء) مؤسساتها، حتى تتفرغ للأهداف التي تلعبها كبناء الأجيال التي تسهم في تكوين بيئة متكاملة ومتنوعة! دون إشارة إلى كيفية هذا (لا صراحةً ولا ضمناً)!

    بذات الـ(سبهللية) تحدث الفاتح عروة عن الـ(دور) الـ(رائد) للــ(صحافة) السودانية في التثقيف والتعليم، و(تطوير) الأنماط السلوكية للمجتمعات! بما (يـدفع) لـ(تكريم) الـ(متفوقين) تقديراً لما (يؤدونه من أعمال ذات أهمية وكبيرة)!! منبهاً لـ(أهمية) مُجابهة الفضاء الإلكتروني والشبكات العنكبويتة التي أصبحت ذات تأثير سالب على الـ(دور) الـ(خبري) للـ(صحافة)! أما قمة الـ(تضليل) والـ(لعب) بالألفاظ، فقد مارسه رئيس لجنة الجوائز بمجلس الصحافة، حين ذكر (نصاً) بأن الجوائز أضحت معلماً بارزاً وثمرة من ثمار أعمال هذه الدورة (يمدح مجلسه)! وتقف (شاهداً) على (رسوخ) الـ(معايير) التي وضعها خبراء واكاديميون لتطوير الطرق الموضوعة لإختيار المتفوقين! الأمر الذي انعكس على تنامي الإقبال على الجائزة و(رعايتها) من قبل جهات متعددة (كبرى)، تسهم في تطوير الأداء الصحفي المهني!! بربكم ماذا فهمتم من هذا؟!

    تساءلت مع نفسي، ألا يرى صانعو الـ(دهشة) بالعصابة الحاكمة في السودان، والذين أفقدونا القدرة على الدهشة، ما يفعلونه من تشوهات واختلالات في القيم والمفاهيم والأصول الإنسانية عامة، والسودانية بنحوٍ خاص؟! ألم (يَأنِ) لهم الوقوف ولو (لمرة) واحدة في لحظة صدق مع ذواتهم ويسألوها و(يحاسبوها) عما فعلوه (بها) و(بنا)؟! نقول للذين نافقوا في الكلمات أعلاه، ما هي ملامح الـ(تفوُّق) التي حققها من أحتفيتم بهم ومدى مُساهمتها في مُعالجة الـ(اختلالات) والـ(تراجعات) التي يشهدها السودان في كافة المجالات والأصعدة؟! وما هي المعايير التي وضعها أولئك الـ(خُبراء) المزعومون ومدى ارتباطها بالرسالة الـ(حقيقية) للصحافة بالمنظور الـ(شرعي) والإسلامي الذي تتدثرون خلفه وتحت غطائه (زوراً) و(بُهتاناً)! أو من المنظور الوضعي والإنساني والـ(أكاديمي) والـ(مهني) والـ(صحفي) العام؟!

    فالصحافة الـ(إسلامية) الـ(حقيقية)، يتحتم عليها اعتماد الـ(صدق) منهاجاً، والابتعاد عن الـ(نفاق)! وعليها الـ(دفاع) عن قضايا الأمة وكشف نقاط الضعف والقوة، وتوعية وتثقيف وتوجيه المواطنين! على أن يتولى أمر هذه الـ(صحافة) الأكفاء (شرعياً) و(أخلاقياً) و(مهنياً) و(أكاديمياً). فالصحافة وفق المنظور الإسلامي، تعمل على تصحيح المفاهيم وغرس القيم ومخاطبة العقول، وتعبر عن آمال المُجتمع وطموحاته. ومن المنظور الـ(مهني) والـ(أكاديمي)، فإنَّ الصحافة من أهمَّ أدوات التأثير على المجتمع بمختلف فئاته ومشاربه، كمهنة رسالية سامية تخدم كافة قطاعات المجتمع بما فيها الـ(سلطة)، من خلال النقد وتسليط الأضواء على النواقص وكشف التجاوزات وأوجه القصور، ثم طرح المعالجات والمقترحات بالآراء المستنيرة والأفكار البنَّاءة والرصينة للإعلاميين والقراء (أفراد المجتمع) على حدٍ سواء، وتوسعة قاعدة المشاركة. وما جرى من مسرحية (سخيفة) و(سيئة) الـ(إخراج) تحت مُسمَّى (جائزة التفوُّق الصحفي) يدفعنا (دفعاً) لنتساءل عن رؤية الدولة والقائمين عليها وفهمها لـ(مفهوم) الصحافة ومهامها؟!.

    فبالعودة للأنباء أو القضايا التي نشرتها الصحف خلال الفترة الماضية، نلحظ غيابها (أي الصحف) الواضح عن (واقع) الوطن الـ(جريح) والـ(مُتراجع) في كافة الأصعدة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ورياضياً وصحياً، نتيجة للارتباط الوثيق بين عصابة الخرطوم الحاكمة وبين الصحف، حيث تنتقي العصابة ما تصفهم بالـ(خُبراء/خوابير) والـ(مُحلِّلين) لـ(يتناولوا) توافه الـ(أمور) و(ساقط) الأحداث والمواقف، بإيعاز منها وتحت مراقبتها وإشرافها (أي العصابة الحاكمة)! وبمُجرَّد إشارة (بعض) الـ(شرفاء) للـ(حقائق) التي تعمل العصابة وآلتها الإعلامية على إخفائها، نتلمَّس و(بوضوح) ضيق (صدر) هذه العصابة و(أذنابها)، بما يُعزٍّز القناعة بـ(انحطاط) الصحافة و(عدم) قيامها بمهامها الرقابية والإصلاحية!

    فعصابة الخرطوم الحاكمة بقيادة البشير ومن تبعه، هم المسيطرون الفعليون على مسار الإعلام بوجهٍ عام، وبالتالي مهام ورسالة الصحافة، التي دمروها تماماً و(رسَّخوا) لقيم أكثر (انحطاطاً) لها، بدايةً باختيار قيادات غير مُؤهَّلة (أخلاقياً) و(شرعياً) و(أكاديمياً) و(مهنياً) لتسيير و(إدارة) مؤسسات الإعلام عامة، والصحافة بوجهٍ خاص، مما انعكس على الأداء العام للصحافة السودانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

    1. التعاطي الإعلامي عموماً والـ(صحفي) بوجهٍ خاص، مع أحداث سبتمبر الماضية وذكراها السنوية حالياً.

    2. تعاطي الصحافة مع المُشكلة الاقتصادية للسودان.

    3. تعاطي الصحافة مع النزاعات القبلية والجهوية بالسودان وآخرها بين المعاليا والرزيقات.

    4. تعاطي الصحافة مع اعتقال الصحفيين وإغلاق الصحف.

    5. في ما عدا الأستاذ محجوب محمد صالح، كم هم رُؤساء التحرير الـ(مُؤهلون) علمياً ومهنياً لهذا المنصب؟!!

    6. وزير الإعلام نفسه هل هو مُؤهل (مهنياً) و(أخلاقياً) لهذا المنصب؟!

    7. الانحطاط المهني المُزري للصحافة ممثلاً في التطبيل والـ(نفاق) لمن هم في السلطة ثم الانقلاب عليهم.. ولي في هذا تجربة (شخصية) مع أحد الذين أصبحوا (رُؤساء) تحرير في غفلة من الزمان، أو فلنقل زمان الانحطاط، وثمَّة شهود لا يزالون أحياءً وفي صحيفة مشهورة ومعروفة! قالها لي بالحرف (أرجوك يادكتور ما عايزين أي كلام ضد فلان دة وكان وزيراً يعتمد في عمله على الإعلام)، وفي الأسبوع الثاني للإطاحة به من الوزارة كتبت ذات الصحيفة (مين شييت) :…. تكشف عن تجاوزات مالية وإدارية في وزارة …..!!!!!!!!!!!

    8. تعاطي الصحف مع تجاوزات (وقلة أدب) أفراد ورموز عصابة الخرطوم الحاكمة في حق الشعب السوداني (وما أكثرها)، ومن أبرزهم وزير الصحة بولاية الخرطوم، بعدما استنكر كل ذي بصيرة و(أخلاق) أحاديثه و(وقاحاته) الـ(مُتعددة) والـ(مُتكررة)، بدايةً بتسبُّبه في موت آلاف الأنفس البريئة من أطفالنا، وفلذات أكبادنا وتشتيت شملهم وشمل من يرعاهم (صحياً)، مروراً بالقصور الإداري والمهني الواضح الذي يعتري المؤسسات الصحية، ليس فقط بولاية الخرطوم، وإنما التي يمتلكها هو نفسه (أي الوزير)، انتهاءً بحديثه الـ(######) عن أكل الضفادع ######ريته من التعاطي الأسفيري لها، مع خزي وتراجع وصمت قبيح ومُخجل لما يسمى صحافة!

    من غير الذكاء جعل الصحافة نصيرة للسُلطة الحاكمة، لأنها بالأساس سلطة رقابية ولا يستقيم عمل السلطة الرقابية تحت ظل السلطة التنفيذية، وهو أمرٌ لا يستقيم حتى في إطار المؤسسات الخاصة فما بالكم بالدول؟! وبدلاً الـ(حركات) الـ(هايفة) تحت مسمى (جائزة التفوق الصحفي) وغيرها، قوموا بـ(تقييم) و(تقويم) الصحافة، وفقاً للمعايير الموضوعية التي وضعها العالم الـ(محترم) في هذا الخصوص! وهذا لا يعني إطلاقاً أنَّنا (نرغب) في صحافة جامدة دون تنوع أو تغيير، بقدر ما نسعى لصحافة (نزيهة) و(مُتقدِّمة) و(مُتطورة) وتعمل في إطارٍ من قيم الحق والخير والصدق والجمال، لا تؤذي عقلاً، ولا تهضم حقاً، ولا تجرح نفساً.
                  

09-06-2014, 09:07 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    الحوار السوداني يبحث عن مخرج في أديس أبابا!
    September 6, 2014

    محجوب محمد صالح


    قبل تسعة أشهر طرح رئيس الجمهورية دعوته لكافة القوى السياسية السودانية وكافة الحركات المسلحة التي تدير حربا ضد الحكومة إلى حوار حر ومفتوح حول قضايا حددها في خطابه في أربعة محاور على أمل أن يتم توافق حولها بين كافة القوى السودانية حتى يخرج السودان من أزمته الراهنة. الدعوة لحوار سوداني شامل وجامع ظلت تتردد منذ استيلاء الإنقاذ على السلطة في السودان قبل ربع قرن من الزمان عبر انقلاب عسكري أطاح بحكومة ديمقراطية منتخبة دون أن يحرز مشروع الحوار تقدماً لأن الحكومة كانت تريد لحزبها الأحادي أن يظل مسيطرا على الدولة، وغاية ما تطمح له اتفاقات ثنائية مع بعض القوى التي تقبل أن تصبح جزءا من الحكم ولا تعارض الهيمنة الكاملة للمؤتمر الوطني على مفاصل الثروة والسلطة.


    الجديد في الدعوة التي أطلقتها الحكومة مطلع هذا العام كانت أنها دعوة جاءت من الحزب الحاكم وليس من قوى المعارضة وجاءت في ظروف وصلت فيها الأزمة قمتها بانفصال الجنوب وفي وسط أزمة اقتصادية كانت وما زالت تطبق على رقاب الشعب ووسط موجات ثورية إقليمية أطلقها الربيع العربي الذي أطاح بحكومات وأدخل دولا عربية قاومت التغيير في حروب أهلية مدمرة، وقد رأى البعض أن تلك المتغيرات الداخلية والخارجية هي التي دفعت بالحزب الحاكم لأن يطرح مبادرته ورغم تجارب سابقة تجعل المعارضين يتشككون في مقاصد الحزب الحاكم، ورغم مناخ عدم الثقة السائد فإن كافة القوى السياسية بما فيها حملة السلاح رحبت بفكرة الحوار حلا لأزمة مستحكمة، ورجحت أحداث التغيير سلما وتفاوضا إن كان ذلك متاحا لتجنيب البلاد مخاطر التغيير بوسائل أخرى ولكنها جميعا كانت ترى أن الحل الحواري التفاوضي له مستحقات ينبغي أن تتوفر على أرض الواقع حتى يكون الحوار جادا وقاصدا ومنتجا لتغيير سلمي يؤسس نظام حكم جديد ديمقراطي وحر على قاعدة من المساواة والعدل والإنصاف والتنمية المتوازنة، وسيادة حكم القانون، واجتثاث الفساد وضمان التبادل السلمي للسلطة، وإعمال مبادئ العدالة الانتقالية.


    ومنذ مطلع العام والبحث عن المستحقات المطلوبة لإنجاز حوار بهذه المواصفات تراوح مكانها وتصرفات الحكومة لا تعكس جدية في توفير الجو الحر المحايد المطلوب لإدارة حوار حقيقي وترسل إشارات متناقضة؛ حيث تواصل الحصار لحرية التعبير وملاحقة المعارضين والتعسف في اللجوء لقوانين تضمن ليس محاصرة المعارضين فحسب، بل حبسهم في السجون وليس محاصرة الرأي الآخر بل مصادرته وإغلاق منابره.


    النتيجة التي وصلنا إليها الآن هي أنه بات لدينا منبران للحوار أحدهما داخل السودان والآخر خارج السودان؛ إذ اضطر رئيس حزب الأمة القومي وأكبر الداعين لحوار مع الحكومة والسعي لتحقيق التغيير عبر التفاوض بعد أن تعرض للتعسف والحبس أن يغادر البلاد ليصل إلى تفاهم مع الجبهة الثورية في باريس، ومن ثم ينخرط في نشاط سياسي مكثف لبناء قاعدة خارجية وتحالف واسع للمعارضين يستقطب حتى الحركات المسلحة، ويواصل اتصالاته مع القوى الإقليمية والدولية، وينسق مع معارضة الداخل في الوقت الذي انخرطت فيه قوى سياسية داخلية في حوار داخلي مع ممثلي الحكومة على أمل أن تدفع بآلية الحوار من الداخل عبر لجنة إدارة الحوار، وتبنت خريطة طريق اشتملت على جزء من مطالب المعارضة لفتح الأفق السياسي لحوار جاد، ولكنها ما زالت أماني على الورق لم تنفذ الحكومة أي جزء منها، وما زال الحجر على حرية التعبير قائما وما زال المحبوسون في السجون وما زالت قرارات لجنة السبعة حبراً على ورق.


    لجنة إدارة الحوار ما زالت تواصل مساعيها، وهي تدرك أن للحوار الآن منبرين أحدهما في الخرطوم والآخر في أديس أبابا؛ ولذلك قررت أن تسعى لتجسير الهوة بين الطرفين عبر لقاء مباشر بين مبعوثيها (د.غازي العتباني وأحمد سعد عمر) الأول يمثل أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار والثاني الحكومة، وبين قادة الجبهة الثورية الممثلة لحملة السلاح في أديس أبابا بوساطة لجنة امبيكي،

    ولكن المبعوثين لم تدعمهما الحكومة بتنفيذ أي من توصيات اللجنة حول تهيئة الأجواء للحوار المضمنة في خريطة الطريق والمجازة بموافقة ممثل الحكومة البروفيسور غندور، فما زال الحصار للنشاط الإعلامي والسياسي قائما وما زال المسجونون في محبسهم، ولو كانت الحكومة جادة لنفذت شيئا من تلك القرارات ليحمله المبعوثان معهما إلى أديس أبابا كعربون لجدية الحكومة، ولكننا –ونحن نكتب هذه الكلمات قبل أن ينعقد اللقاء المرتقب- لا نتوقع له أن يحدث اختراقا في الصراع الدائر، وغاية ما يمكن أن يصل إليه أن يردد المطالب المعروفة سلفا.


    أيّ حوار ناجح لحل الأزمة السودانية لا يمكن إنجازه إلا إذا كانت الحكومة مستعدة للتغيير الشامل، وليس لإصلاحات تجميلية للوضع الراهن، وليس في الأجواء ما يشير إلى أن الحكومة وصلت إلى مثل هذه القناعة، وربما كان بعض النافذين في الحكومة على قناعة بالفكرة ولكن ميزان القوى الداخلية لا يسمح لهم بالتعبير علانية بهذا الرأي، وهذا هو ما يفسر حالة الاضطراب الحكومي تجاه الموقف الراهن من تصريحات متفائلة بشأن انطلاق الحوار، وأخرى تريد حوارا بمن حضر، وربما كان الخيار الأخير المتمثل في حوار جزئي هو الخيار الوحيد المتاح للحكومة تحت هذه الظروف.

    ---------------------

    السودان و بداية الصراع المذهبي
    September 6, 2014

    زين العابدين صالح عبد الرحمن

    السؤال الذي يتبادر إلي ذهن المهتمين بقضية العلاقة الإستراتيجية بين السودان و إيران، هو لماذا قررت حكومة السودان في هذا الوقت إغلاق المركز الثقافي الإيراني في السودان؟ و هل هذا سوف يحد من انتشار المذهب الشيعي في السودان؟

    السؤال الثاني هل سوف يبطل القرار الصراع المذهبي في السودان مستقبلا؟ و هل سوف يفتح القرار أبواب الحوار مع عواصم بعض دول الخليج لكي تحتضن النظام السوداني و تخرجه من محنته؟

    إن قرار الحكومة السودانية إغلاق مكاتب المركز الثقافي الإيراني، سوف لن يضع حدا لانتشار المذهب الشيعي في السودان، بل هو بداية الصراع المذهبي الحقيقي، و سوف ينتقل الصراع من العلن إلي السر، و هو لن يكون في مصلحة السلطة، لأنه لن يكون تحت بصرها، و سوف يأخذ مسارات كثيرة، كما إن 12 ألف شيعي هو نتاج عمل هذه المراكز منذ عام 1987 هو تاريخ تأسيس هذا المركز، كما إن الذين اعتنقوا المذهب الشيعي ليس هم من عامة الناس أو من الرعاع، بل هم نخبة متعلمة و مثقفة و واعية بدورها، و مدركة إدراكا كاملا للصراع الفكري و السياسي في السودان و في المنطقة، كما إن هؤلاء سوف يطالبون بحكم حقوق الإنسان حقهم في ممارسة عقائدهم، و بالتالي لا يستطيع دعاة حقوق الإنسان و الديمقراطية أن يقمعوهم، و يمنعونهم من حقهم في ممارسة شعائرهم، هذه المراكز الثقافية قد أكملت رسالتها بأنها وضعت قضيتها في أيدي سودانيين، أصبحوا بحكم القانون و القوانين العالمية لهم حق في ممارسة شعائرهم، فالإغلاق أو المنع لا يؤثر كثيرا، و هو الصراع المرتقب مستقبلا، و سوف يأخذ منحنيات متعددة، و ليس صراعا من أجل السلطة أنما صراع مذهبي فكري.

    عندما زارت البوارج العسكرية الإيرانية ميناء بور تسودان، قال وزير الخارجية السوداني علي كرتي إن وزارته لا علم لها، و لا تعرف من الذي سمح لهذه البوارج بالزيارة, و هي زيارة سوف تقلق أصدقاء لنا في المنطقة، و في ذات الوقت تحدث السيد الوزير في البرلمان، و قال إن العلاقة الإستراتيجية مع إيران سوف تفقدنا أصدقاء في المنطقة، و أخذ بعض من نواب البرلمان يطالبون بأن لا تكون العلاقة مع إيران علي حساب دول الخليج، هذا الحديث بدأ يتطور و يرتفع داخل دوائر الحكومة بين أجنحة مختلفة، كل منهم يحاول أن يقرأ الواقع وفقا لمعلوماته، و لكن تفاقم الأوضاع في السودان، و الحرب علي الإسلام السياسي في المنطقة، و التحالفات التي بدأت تظهر في المنطقة، إضافة إلي الحصار الاقتصادي علي السودان، و أزمته الخانقة التي جعلت أغلبية الشعب تتضجر أقلقت السلطة، ثم بدأت المملكة العربية السعودية تتخذ إجراءات اقتصادية تجارية و بنكية و كذلك دولة الأمارات العربية السعودية، شعرت الحكومة في الخرطوم بالخطر من جراء ذلك، و حاولت أن لا تخسر النظام المصري، و تسعي لمد الجسور معه بشتى الطرق، و طلب السودان من مصر تحسين علاقاته مع دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية و دولة الأمارات العربية المتحدة.

    تحدث وزير الخارجية السوداني علي كرتي بشكل مباشر مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن تلعب القاهرة دورا في إصلاح العلاقات بين الخرطوم و كل من الرياض و أبوظبي، و تحدث وزير الخارجية المصري أيضا بصراحة في إن القاهرة و الخرطوم يجب أن تلعبا لصالح مصالح شعبيهما، إذا كانت الخرطوم تعتقد إن للقاهرة دور تلعبه لمصلحة الخرطوم مع دول الخليج، أيضا للخرطوم دور تلعبه لصالح القاهرة في محورين، الأول سد النهضة و التفاهم مع الجانب الإثيوبي لكي يتفاهم مع القاهرة، و الثاني أن تنصح الدوحة في أن توقف هجومها علي القاهرة و مساعدة الأخوان المسلمين، هذه مصالح متبادلة لكل واحد دورا يلعبه لمصلحة الأخر و قبل كرتي هذه المعادلة المصلحية.

    في الاجتماع الذي عقد لوزراء الخارجية للدول المحيطة بليبيا، قال وزير الخارجية المصري لنظيره السوداني، إن ما يؤرق مضاجع القيادات في دول الخليج، العلاقة الإستراتيجية بين الخرطوم و طهران، و إن وجود إيران من ناحية الغرب و خاصة في البحر الأحمر يهدد أمن دول الخليج، لابد من النظر بصورة عاجلة في هذه العلاقة لكي تكون مدخلا للحوار، نقل وزير الخارجية هذا الحديث للرئاسة، إن إعادة العلاقة مع دول الخليج في هذا الظرف الذي يمر به السودان، مسألة في غاية الأهمية، و في داخل أروقة السلطة كان الحديث كيف يكون المخرج، باعتبار إن الخرطوم تريد أن تعيد علاقاتها الطبيعية مع دول الخليج، و في نفس الوقت أن تحتفظ بعلاقة مع إيران، فكان الاتفاق علي إغلاق المركز الثقافي الإيراني و فروعه في السودان، لذلك جاء بيان وزارة الخارجية محدد العبارات و ينحصر في الجانب الثقافي حيث قال البيان ( إن الدور الذي يلعبه المركز الثقافي الإيراني يهدد الأمن الفكري و المجتمعي في السودان) و تعلم السلطة إن إغلاق المركز سوف لن يؤثر في المجموعات التي ارتبطت بهذا المركز، و الذين تشيعوا في السودان أصبحوا أعدادا كبيرة في المجتمع، و هؤلاء من النخب المثقفة و المتعلمة، و هؤلاء قادرين علي أن يشقوا طريقهم وسط الصراعات السياسية و الفكرية في السودان، و إيران سوف تتفهم هذا الرأي، كما ليس في مصلحة إيران أن تقطع علاقتها مع السودان.

    الجانب الأخر في هذه القضية و التي أرقت الخرطوم، زيارة السيد الصادق المهدي لدولة الأمارات العربية المتحدة، و مقابلته لوزير الخارجية السيد عبد الله بن زايد، و الزيارة لم تكن متوقعة، حيث سافر السيد الصادق المهدي من القاهرة لدولة الأمارات، و تعتقد القيادات السياسية في السلطة، إن الزيارة قد ترتبت من قبل القيادة السياسية المصرية، و هي أيضا وسيلة ضغط علي الخرطوم، و هذا اللقاء، يلوح إن المعارضة في الخارج، ربما تجد دعما من الدول التي تحارب الإسلام السياسي، و أيضا وجود السيد الصادق في أديس و إعلانه سوف يزور دولة جنوب أفريقيا، سوف تفتح أبواب معارك دبلوماسية جديدة بين الحكومة و المعارضة، و سوف تكون المعارضة مدعومة في حركتها في الخارج، الهدف من حركة المعارضة إغلاق الأبواب في الاتحاد الأفريقي أمام الخرطوم، بعد ما أصبحت جامعة الدول العربية شبه معطلة، في ظل التحالفات في المنطقة، هذه الحركة للسيد الصادق و فتحه بابا جديدا في المنطقة، جعل الخرطوم تبحث عن إغلاق هذا الباب أمام المعارضة، و أن تحاول الخرطوم إعادة علاقاتها مع بعض دول الخليج بشتى الطرق، و هذا أيضا سببا عجل بإغلاق المركز الثقافي الإيراني.

    إن المركز الثقافي الإيراني أفتتح في عام 1987 عقب انتفاضة إبريل، بعد عودة العلاقات السودانية الإيرانية، التي كانت مقطوعة في عهد الرئيس جعفر محمد نميري، و الذي وقف في الحرب العراقية الإيرانية إلي جانب بغداد، و أرسل كتائب من الجيش السوداني تقاتل مع العراق، و بعد الانتفاضة تمت إعادة العلاقة السودانية الإيرانية، و قام الدكتور محمد علي أزجرد بفتح المركز الثقافي الإيراني، و استطاع الدكتور ازجرد بناء علاقات وطيدة مع النخب السودانية خاصة في قطاع الإعلام و الصحافة و السياسيين و القيادات الطلابية و الكتاب و المشتغلين بالفكر، و أرسلت العديد من الدعوات لكثير منهم لحضور احتفالات تأسيس الدولة الإسلامية التي تقام في 11 فبراير من كل عام، ثم بدأت إرسال أعداد من الطلاب السودانيين، و خاصة من حفظة القرآن للحوزات العلمية في كل من مشهد و قم و غيرها، و اللحوزات العلمية يدرس فيها الفقه و السيرة و علم الكلام إضافة إلي الفلسفة و المنطق، و هؤلاء أصبحوا حاملين للمذهب الشيعي ليس عن جهل أنما عن وعي و إدراك مبني علي قناعة، و استطاع الدكتور أزجرد أن يستعين بأية الله محمد علي تسخيري المستشار الحالي لأية الله السيد علي خامئني مرشد الدولة الإسلامية في إيران، و أيضا هو المسؤول عن حوار المذهب في أن يلتقي بعدد كبير من النخب السودانية و يؤسس لحوار المذاهب و كان مدخلا للاستقطاب، و دعوة أعداد من النخب السودانية للمشاركة في حوارات تقيمها الجمهورية الإسلامية في الخرج.

    إن الفرق بين الخلاوي السودانية و الحوزات العلمية في إيران، إن الخلاوي السوداني تهتم فقط بتحفيظ القرآن و قليل من علم الحديث، و بالتالي يخرج هؤلاء إلي المجتمع نصف متعلمين، بينما الحوزات العلمية في إيران، أو عند الشيعة بصورة عامة، تتكامل عناصر العملية التعليمية الدينية، إلي جانب حفظ القرآن، يدرس الطالب علم الحديث، و السيرة بكل جوانبها، و علم الكلام، و مسألة أساسية دراسة الفلسفة و علم المنطق، لكي يساعد الدارس مستقبلا علي مسألة التأويل، و بالتالي يخرج للمجتمع هو حامل رسالة و يعرف ما يريد أن يقدمه، هذا القصور المستمر في الصوفية السودانية التي لم تستطيع تطوير ذاتها، أصبحت تفرخ للجماعات الإسلامية الأخرى، ذهب بعضهم إلي الجماعات المتطرفة، و تبني العنف كمسار لتحقيق تطلعاته السياسية، و لا أقول الدينية، و البعض الأخر وجد طريقه لتبني المذهب الشيعي، هذا الفراغ المعرفي و القصور في الطرق الصوفية في السودان، جعلها هي نفسها عرضة، أن تمثل طابورا خامسا لأية سلطة قهرية في السودان، و تسعي دائما أن تحقق لها السلطة تطلعاتها بقرارات إدارية أو سلطوية، و هذا الذي سعت إليه في تصديها للذين تشيعوا، لم يكن لديها الاستعداد في مواجهتهم فكريا و تفنيد دعاويهم، لأنها لا تملك المعرفة الكاملة، التي تؤهلها في الدخول في حوارات فكرية إن كانت دينية أو غيرها، و لذلك هي تتجه إلي تأليب السلطة في أن تتخذ قرارات تساعدها علي الاستمرار في تواجدها كمنظمات فقدت الأهلية في السودان.

    في مقال سابق كنت قد ذكرت إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ترصد 85 مليون دولار أمريكي سنويا للمجال الدعوي و الثقافي في أفريقيا، و هذا المبلغ قد فتح أبواب كثيرة في عدد من الدول الأفريقية، لم يكن المذهب الشيعي قد وصل مسامع الناس هناك، و أصبح لهم مجموعات منتشرة في المنطقة، و ارتبطوا هؤلاء بعدد من الروابط الثقافية و العقدية بينهم.

    إذن قضية التشيع في السودان رغم إغلاق المركز الثقافية، هي معركة لم تنته بل هي معركة بدأت الآن، و لن تستسلم إيران بعد ما أصبح لها أتباع في السودان و لن تقطع الحبل السري منهم بل هؤلاء سوف يجدوا أنفسهم في معركة مكشوفة و مفتوحة، و سوف تأخذ بعدا إستقطابيا، و إن السلطة رسميا قد تعلل إنها قد أغلقت المراكز الثقافية حتى لا يكون للجانب الإيراني دورا إداريا تلعبه، و لكنها لا تستطيع قمع الذين تبنوا المذهب الشيعي، و سوف تغض الطرف عنهم، باعتبار إن هؤلاء سوف يجدوا معاضدة من حركات الإسلام السياسي، و هي المعركة الأكثر خطورة، و إن إيران سوف تستعيض عن ذلك بزيادة المنح الدراسية للطلاب السودانيين، و في ظل الأزمة الاقتصادية، والفقر و البطالة، التي جعلت عشرات الآلاف من الشباب دون عمل و مستقبل مظلم، عرضة لعملة الاستقطاب، و هؤلاء لن يترددوا في قبول هذه المنح الدراسية أو فرص عمل لمساعدة أهلهم، أنها معركة في ظل الصراع المذهبي، نسال الله البصيرة

    ---------------------

    نساء المؤتمر الوطني !!
    September 6, 2014

    د. عمر القراي

    (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ).

    صدق الله العظيم

    المؤتمر الوطني، حزب سياسي، وهو الآن الحزب الحاكم في السودان.. والذي إغتصب السلطة بالسلاح، قبل ربع قرن من الزمان، ولا يزال يسيطر عليها بالقوة !! وهو أيضاً، يمهد، الآن، لإقامة إنتخابات صورّية، جديدة، ليدعم بها موقفه المنهار دولياً ..فإذا قامت هذه الإنتخابات، فسيفوز فيها بالتزوير، ليكسب بعض الثقة، التي قد تمنحه استثمارات، أو جدولة ديون، ليغطي عجزه الإقتصادي، الذي سببه فساد النافذين في الحزب.

    وأعجب ما في حزب المؤتمر الوطني، أنه ينسب نفسه للإسلام، ويدعي أنه أقام في السودان المشروع الحضاري الإسلامي !! وهو بسبب هذا الإدعاء المفضوح، يجد مساعدات أطالت في عمره، من دول مثل قطر، وتركيا، وإيران، فرقت بينها العقائد، وجمعت بينها أطماع السياسة،التي تغلفها بدعاوى تطبيق الفهم التقليدي للإسلام، على واقع الحياة المعاصر، الذي تجاوزه ببعيد.

    ولما كان الفهم الإسلامي، الذي ينطلق منه المؤتمر الوطني، فهماً خاطئاً، ومتخلفاً، ولا يمثل جوهر الإسلام،مارس الرجال، في هذا التنظيم العجيب، اضطهاداً مزرياً، ووصاية غليظة، على النساء ، حتى أوصلوهن الى مستوى بعيد من الخنوع، والقناعة بدور الوقوف خلف الرجال، يحمسونهم، كما كانت المرأة تفعل، في العصور السالفة. فقد جاء ( أبدت أمانة المرأة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان مخاوف واضحة من الدفع بمرشحات لمنصب رئيس الدولة أو ولاة الولايات وقالت إنها لا تريد خلق مشادات مع المجتمع وأن هناك أسباباً تمنعها من الخوض في هذا الإتجاه. وقالت أمينة المرأة للحزب بولاية الخرطوم إبتسام خضر إن القطاع النسوي بالمؤتمر الوطني حريص على إشراك المرأة بصورة حقيقية وفاعلة في الإنتخابات العامة لكن دون التركيز على المناصب التنفيذية والسياسية. وضافت أنهن سعين للمشاركة الحقيقية في وضع السياسات التي تدير البلاد في المرحلة المقبلة مؤكدة تمسك الحزب بمواصلة حملة الإصلاح وقالت أنه لا تراجع عن الإصلاح ومستعدون لتقديم من كانوا يديرون العمل من خلف الكواليس لاعتلاء المناصب)(حريات 31/8/2014م).

    هذه هي شهادة نساء المؤتمر الوطني على أنفسهن !! وهذا هو استبطان المهانة، والرضا بالمذلة، وهي حالة نفسية معروفة، تحدث من طول ممارسة الإهانة، والإحتقار لشخص، واشعاره بعدم قيمته، بصورة مستمرة، حتى يستمرئ هو نفسه هذا الوضع، ويتأقلم عليه، ويعتقد أنه أقل في طبيعته، من الشخص المسيطر عليه،والذي يشعره دائماً بالدونية .. وهو نوع من أساليب اضعاف الشخصية، وتسخيرها لخدمة من يستغلها..


    وهي حالات معروفة من الإجرام، الذي يقوم على توظيف ملكات الاقوياء، لاستغلال ضعف الضعفاء. على أنها في الواقع الذي اختبره علم النفس، تمارس على أفراد، في مجتمعات مختلفة، ولا تمارس على نطاق واسع، يشمل نصف المجتمع، كما يحدث الآن داخل حزب المؤتمر الوطني ..فهذا الحزب الذي يبشرنا بالديمقراطية، ويستعد للإنتخابات، يخبرنا بأن نصف عضويته، غير مؤهلة لتترشح لمنصب رئيس الجمهورية، أو منصب والي أي ولاية، أو أي من المناصب التنفيذية أو السياسية العليا !! لماذا ؟؟ لأنهن إناث !! ومع ذلك، تقول قائلة حزب المؤتمر الوطني:( إنهن سعين للمشاركة الحقيقية في وضع السياسات التي تدير البلاد في المرحلة المقبلة ) !! كيف تضعين السياسات وأنت ناقصة، بدليل أنك حرمت من الترشح لمنصب الوالي، أو القيادي التنفيذي، أو القيادي السياسي ؟؟

    وما من شك، أن من بين نساء المؤتمر الوطني، متعلمات، وخريجات جامعيات.. وهن لا بد أن يكن قد سمعن بحقوق المرأة، ومشاركتها في القضايا السياسية، وفي الحياة العامة .. ولا شك أنهن يعرفن أن المرأة السودانية، تقدمت على نظيراتها من نساء المجتمعاتالعربية، والأفريقية، وولجت مجالات السياسة قبلهن .. فلماذا قبلن هذه الحقوق المنقوصة، من قادة تنظيم المؤتمر الوطني ؟! الجواب قريب، وهو أنهن افهمن، أن هذا الدور الثانوي للمرأة، هو ما يريده لها الإسلام، وهن ليكن طائعات لله، وخاضعات لشرعه الحنيف، يجب ان يخضعن أيضاً للرجال.

    وهذا الفهم الخاطئ للإسلام، ليس جديداً على الأخوان المسلمين، فقد قال به كبار مفكريهم، فقد كان الشيخ حسن البنا–رحمه الله- مؤسس الجماعة، يرى أنه ليس من حق المرأة، أن تطالب بحق الإنتخاب، أو تشتغل بالمحاماة !! ويقول ( أما ما يريده دعاة التفرنج وأصحاب الهوى من حقوق الإنتخاب والإشتغال بالمحاماة فنرد عليهم بأن الرجال وهم أكمل عقلاً من النساء لم يحسنوا آداء هذا الحق فكيف بالنساء وهن ناقصات عقل ودين)!!(حسن البنا –حديث الثلاثاء صفحة 37). ومن شدة إستهانة مفكري الأخوان المسلمين بالنساء، حاولوا تبرير ما جاء في الحديث، عن نقص عقل المرأة ودينها ..


    فقد كتب د. محمد عمارة، الكاتب الإسلامي المصري المعروف ( ونحن هنا نود ان نتساءل هل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا عن نقصان العقل والدين يعني “الذم”أم أنه يعني تقرير واقع غير مذموم، بل قد يكون هو الواقع ” المحمود” ، إن النقص المذموم في أي مر من الأمور هو الذي يزوول بتغييره ،فهل يجوز للمرأة أن تجبر النقص في شهادتها عن شهادة الرجل فتزيل الذم عنها؟ بالطبع: لا. فهي مثابة ومحمودة على هذا النقص لأنها به تمتثل شرع الله فهو ليس بالنقص المذموم، إنما هو “المحمود”)!!( د. محمد عمارة : هل الإسلام هو الحق ؟ ص 152).أنظر الى هذا الإلتواء، الذي بسبب الحرص على تضليل النساء، وسوقهن عمياوات، لتأييد الأخوان المسلمين، يقرر أن نقص العقل، ونقص الدين، ليس أمراً ” مذموماً”، بل هو ” محمود” !!


    أما المنطق الذي إعتمد عليه، فهو لأنه غير قابل للتغيير !! إن من تبتر يده، أو يولد أعمى، لا يستطيع ن يغير ذلك، فهل هو أمر ” محمود” أم ” مذموم” ؟! وحين تساءلت بعض المثقفات، المصريات، محتجات على بعض أحكام الشريعة، مثل حق الرجل في ضرب زوجته، بغرض تأديبها، سارع مفكرو الأخوان المسلمين، حين أعوزهم الفكر السليم، الى التبرير، والتضليل، والمراوغة..فقد جاء (يتفرع من قوامة الرجل على المرأة حق الزوج في تأديب زوجته الناشز وهو الحق الذي تبينه الآية “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا” ويلاحظ أن الآية تدرجت في بيان وسائل التأديب حتى وصلت الى الضرب –غير المبرح- في نهاية المطاف..


    لا بد من سلطة محلية تقوم بهذا التأديب وهي سلطة الرجل المسؤول في النهاية عن امر هذا البيت وتبعاته فإذا لم تفلح جميع الوسائل فإننا أمام حالة من الجموح العنيف لا يصلح لها إلا إجراء عنيف هو الضرب بغير قصد الإيذاء وإنما بقصد التأديب لذا نص التشريع على أنه ضرب غير مبرح . وهنا شبه الإهانة لكبرياء المرأة والفظاظة في معاملتها ولكن ينبغي ان نذكر من جهة ان السلاح الاحتياطي لا يستعمل إلا حين تخفق كل الوسائل السلمية الاخرى ومن ناحية ثانية أن هنالك حالات إنحراف نفسي لا تجدي معها إلا هذه الطريقة ..)( محمد قطب-شبهات حول الإسلام ص 129). إن تبرير محمد قطب –رحمه الله- بأن الضرب هو العلاج الذي قرره الإسلام، بسبب وجود حالات انحراف نفسي، وسط النساء، لا يصلح معها إلا الضرب، قول نكر، وهو يسئ الى الإسلام، أكثر من إساءته للمرأة، التي وقع عليها الضرب.

    ذلك أن المرض النفسي، لا يعالج في الإسلام بالضرب، وإنما يعالج بالرفق، وطلب الاستشفاء لدى الطبيب المختص. إن الأستاذ محمد قطب في كتابه هذا ” شبهات حول الإسلام”، يزعم أنه يرد على أعداء الإسلام، من المستشرقين والشيوعيين، الذين يودون طعن الإسلام، فإذا به يعطيهم حجة لم تخطر على بال أحدهم، ليطعنوا بها الإسلام،هذه الحجة مفادها أن الإسلام فرض على الرجل ضرب زوجته، لأن هنالك حالات إنحراف نفسي،وسط النساء، لا يعرف لها الإسلام علاجاً غير ضرب المريض، فالإسلام، كما قدمه محمد قطب، قد جاء بالضرب للمريض، حين جاءت الأديان بالرحمة حتى للاصحاء !!

    إن الحقيقة التي يجب ان يفهمها نساء المؤتمر الوطني، ورجاله، هي أن الشريعة الإسلامية لا تساوي في أحكامها بين الرجال والنساء .. فإذا طبقت كما طبقت، في الماضي، لن تسمح للنساء بتولي مناصب قيادية، يكن فيها قيّمات على الرجال .. ولكن المؤتمر الوطني لا يطبق الشريعة، لأنه ليس في الشريعة أحزاب، وإنتخابات،وما دام هو قد فارق الشريعة، فأقام المؤسسات الديمقراطية، وجعل النساء يشاركن فيها، فلماذا لا يتجاوزها، ويجعل لهن حقوقاً مساوية للرجال؟!

    لقد قامت ” داعش” بقتل غير المسلمين، وفرضت عليهم الجزيّة، وأخذت النساء سبايا، وقامت ببيعهن في الأسواق !! مما رفضه وأدانه الحس الإنساني السليم .. فهل سألت نساء المؤتمر الوطني أنفسهن، لماذا لم يدن المؤتمر الوطني ” داعش”، أو “القاعدة”، و “التكفير والهجرة، وكلها جماعات أضطهدت النساء باسم الدين ؟! السبب هو أن هذه الأفعال على بشاعتها، تجد ما يمكن ان يبررها، مما سلف من تطبيق، لأحكام الشريعة الإسلامية، ولكن لحسن التوفيق الإلهي، فإن الشريعة ليست كلمة الإسلام الاخيرة.

    إن وضع المرأة، في الفهم الصحيح للإسلام، هو وضع الكرامة .. وإن مكانة المرأة، التي يبشرها بها الله سبحانه وتعالى، ليست مجرد المساواة مع الرجال، بل التفوق عليهم !! قال تعالى في ذلك (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)!!وإن الأحكام التي جاءت في الشريعة، تحد من مكانة المرأة،وتمنع مساواتها بالرجل، إنما هي أحكام مرحلية، ناسبت وضع المرأة في القرن السابع الميلادي، ولكنها لا تناسب وضعها في مجتمعنا المعاصر.. إن الآية الفاصلة، في أمر الحقوق، في الدولة الحديثة، هي قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)لأنها تساوي بين جميع الناس، وتمنع أي تمييز بينهم إلا بالتقوى ..

    والتقوى علم، وعمل بمقتضى العلم.. علم بالله، وعمل في معاملة خلقه، بحسن الخلق .. فكل تشريع يميز بين الناس على غير أساس العلم والخلق، ليس من أصل الدين !! ومن هنا، اصبح تطوير التشريع الإسلامي، بالانتقال من نصوص القرآن الفرعي، الذي قامت عليه الشريعة، ووقع فيه التمييز بين الرجال والنساء، الى نصوص القرآن الأصل، الذي جاء بالمساواة بينهما، والذي دعا إليه الاستاذ محمود محمد طه، هو واجب المسلمين اليوم، لأنه هو أحسن ما جاء في ديننا .. قال تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) .


    . في هذا المستوى، الذي هو جوهر الإسلام، يحق للمرأة أن تكون رئيسة جمهورية، وأن تكون الوالين وأن تكون المسؤول السياسي القيادي، وأن تكون القيادي التنفيذي، والتنظيمي، الأرفع درجة، إذا اثبتت كفاءة علمية، وخلقية، أكبر من الرجال .. وهذا المستوى، بالاضافة الى أنه صل الدين، ونحن مطالبون بتحقيقه، حين أصبحت البشرية قادرة عليه، هو أيضاً، المستوى الذي يتفق مع روح العصر، التي تقوم على حقوق الإنسان، والتي اضطرت الأخوان المسلمين، والأخوات المسلمات، لما رأينا من القبول بالحقوق المنقوصة، والإلتواء لتبريرها.. يقول الأستاذ محمود محمد طه ( قوله تعالى ” ولهن مثل الذي عليهن” .. يعني لهن من الحقوق مثل الذي عليهن من الواجبات ..

    فإذا كانت الواجبات التي عليهن، وينهضن بها مساوية للواجبات التي على الرجال وينهضون بها، فقد أصبح لهن من الحق مثل ما لهم لا وكس ولا شطط. أحب لبناتنا أن يعلمن هذا ، وأن يجودن فهمه ، وألا يترددن في وصف قصور شريعة القرن السابع-وبخاصة في أمر الاسرة- عن شأو القرن العشرين، وليكن واضحاً في أذهانهن أنهن حين يفعلن ذلك، لا ينسبن الظلم، ولا القصور الى الله، تعالى الله عن ذلك، وإنما ينسبنه ل “رجال الدين”، الذين يطيب لهم أن يتحدثوا باسم الله ، وهم لا يكادون يفهمون عنه شيئاً، وإنما يتحدثون فيما لا يعلمون، حين يريدون للناس ن يعتقدوا أن كلمة الإسلام الأخيرة في أمر التشريع قد قيلت في القرن السابع ..

    أحب لبناتنا أن يدافعن عن حقوقهن في تشريع الدين، لا أن يبحثن عن الإنصاف في شرائع الغربيين، فإنها لا تحوي لمشاكلهن حلولاً ولا لمشاكل الرجال .. وأحب لهن أن يستيقن أنهن أولى بالدين ممن يسمون أنفسهم ب “رجال الدين” ممن جمدوا الدين، وجعلوه قضايا فقهية متحجرة ، لا روح فيها ولا حياة)(محمود محمد طه : تطوير شريعة الأحوال الشخصية
                  

09-08-2014, 00:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    السُّودانُ: مشروعانِ للتَّسوية!
    September 7, 2014

    كمال الجزولي

    (1)

    يحار المرء كيف أن رجلَ دولةٍ بقامة إبراهيم غندور يمكن أن يتكئ، في سياق الصِّراع السِّياسي، على فرية محتومة التلاشي قبل صياح الدِّيك ثلاثاً، حيث “كذبة الأمير بلقاء مشهورة” على كلمةٍ لزياد بن أبيه. لكن غندور لم يكتفِ، فحسب، بتنكب الصِّدق في زعمه اعتذار الحركة الشَّعبيَّة/قطاع الشَّمال عن دعوة آليَّة الوساطة الأفريقيَّة الرَّفيعة، برئاسة الرَّئيس الجَّنوبأفريقي السَّابق تابومبيكي، إلى جولة جديدة للتفاوض مع حكومة السُّودان، عالماً، للعجب، بأن الحركة موجودة، وأن الآليَّة موجودة، وأن الحقيقة ليست في بطن غول بأعالي البحار، بل ذهب، مع ذلك، إلى مطالبة الآليَّة بعقد الجَّولة المزعومة حتف أنف “اعتذار” الحركة المدَّعى به (السُّوداني؛ 31 أغسطس 2014م)، ما يعنى تحريض الآليَّة على الحركة، لحملها حملاً إلى طاولة المفاوضات، وهذا، بالطبع، لا يكون!

    على أيَّة حال، وبصرف النظر عن معقوليَّة أو عدم معقوليَّة هذا المطلب العجيب، فإن مبارك أردول، المتحدِّث باسم وفد الحركة في المفاوضات، لم يجد عسراً في أن يثبت عدم توجيه الآلية، أصلاً، مثل هذه الدَّعوة، وأن يكيل لغندور، من ثمَّ، صِيعاناً من الاتهامات بالكذب والخداع والتضليل (صحف ووكالات؛ 31 أغسطس 2014م)؛ وما كان أغنى غندور عن كلِّ هذا، لو لم يلجأ للاختلاق، ولم يضِفْ إليه التحريض، ضغثاً على إبالة!

    ولعلَّ مِمَّا يعضِّد وقوع الاختلاق، بالفعل، من جانب غندور، وعدم تجنِّي أردول عليه، ليس، فقط، غياب خبر جولة المفاوضات الجَّديدة المزعومة عن كلِّ أجهزة الصَّحافة والإعلام العالميَّة والإقليميَّة التي لا تترك حركة شاردة، ولا نأمة واردة، في عاصمة الدِّبلوماسيَّة الأفريقيَّة دون أن تسلط عليها أضواءها الكاشفة، وإنَّما، ضف إلى كلِّ ذلك، التَّسريبات التي لم يسارع غندور لنفيها، البتَّة، بل لم يأبه لذلك، أصلاً، والتي تحدَّثت عن مسعاه، دون جدوى، لعرقلة زيارة ياسر عرمان، مسئول العلاقات الخارجيَّة للجَّبهة الثَّوريَّة، إلى ألمانيا، أواخر أغسطس المنصرم، ومحاولته، بلا طائل، لإقناع الألمان بعدم استقباله (الرَّاكوبة؛ 31 أغسطس 2014م).

    وقبل أن يخمد جمر هتين الواقعتين، انفجر، من ركن آخر، تصريح زميل غندور في الحزب والدَّولة، د. مصطفى عثمان اسماعيل، وزير الاستثمار، والمسؤول السِّياسي بالمؤتمر الوطني، زاعماً أن حزبه تلقي، عبر صدِّيق ودعة، مسؤول اتصالهم بالحركات المسلحة، موافقة شفاهيَّة على الحوار مع النظام من مني أركو مناوي، رئيس حركة جيش تحرير السُّودان، ونائب رئيس الجَّبهة الثَّوريَّة (سودان تريبيون؛ 30 أغسطس 2014م). غير أن الحركة المذكورة ما لبثت أن كذَّبت التَّصريح، مؤكدة أن رئيسها لم يلتق مع ودعة لأكثر من سبعة أشهر، ومتَّهمة إسماعيل بأنه إنَّما يهدف لإحداث بلبلة داخل صفوفها، والتَّشويش على علاقاتها بحلفائها في الجَّبهة الثَّوريَّة والمعارضة السِّياسيَّة (الرَّاكوبة؛ 1 سبتمبر 2014م). ولم يكتف مناوي بنفي الحركة الرَّسمي، بل زاد عليه، شخصيَّاً، خبر حديث قال إن إسماعيل أدلى به لتلفزيون السُّودان قبل خمسة أشهر، قاصداً إثبات “صدقيَّة” حكومته في تعهُّدها لقادة الحركات المسلحة بضمان دخولهم البلاد، إن أتوها مشاركين في “الحوار الوطني”، وعودتهم سالمين، ضارباً المثل بأنه سبق أن حاور مناوي في مدينة الأبيِّض عام 2004م، ولمَّا لم يصلا لاتفاق تركه يعود إلى قواته سالماً! وفي تعقيبه على ذلك الكلام اكتفى مناوي بأن أكد على أنه “لم يحدث أن زار الأبيِّض طوال حياته!” (الرَّاكوبة؛ 30 أغسطس 2014م).

    ثمَّ إن بعض الصُّحف ووسائل الإعلام السُّودانيَّة المنسوبة للنظام روَّجت، مؤخَّراً، لمحادثات وصفتها بـ “المكوكيَّة”، زاعمة أنها جرت بالعاصمة الإثيوبيَّة بين صدِّيق ودعة عن الحزب الحاكم، من جهة، وبين كلٍّ من جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي، من جهة أخرى، سوى أن جبريل سارع لنفي الخبر من أساسه، موضحاً أن ودعة تصادف أن نزل معهما في نفس الفندق بأديس أبابا، فتبادلوا التحايا، والمجاملات الاجتماعيَّة، والسؤال عن أخبار السودان، كأبناء بلد واحد، لكن “لم تكن هنالك محادثات مكوكيَّة أو غير مكوكيَّة” (الرَّاكوبة؛ 2 سبتمبر 2014م).

    (2)

    والآن، لئن كان تنكب الصِّدقيَّة، سواءً في الوقائع أعلاه أو في غيرها، ضارَّاً بالسُّمعة السِّياسيَّة لأقصى حدٍّ، فما الذي ألجأ الحكومة وحزبها إليه؟! الإجابة تكمن، غالباً، في ملابسات بعض الأحداث التي وقعت مؤخَّراً، وأورمت أنف النظام الذي يمثِّل الاستعلاء التَّاريخي في أسوأ صوره، حيث لم يسهل عليه أن يتحمَّلها أو يبلعها، وهو الذي لم ينفطم، بعد، من نهج الأحاديَّة، والفردانيَّة، والشُّموليَّة الذي يجعله يستنكف العدل، والسَّويَّة، والنَّصَفَةَ مع الآخرين، فهم، طاروا أم حطوا، لم يبرحوا، في نظره، محض مشروع للإخضاع والاستتباع، خصوصاً إذا كانوا من أهل الهامش. ومن أبرز هذه الأحداث:

    أوَّلاً: إقدام أمبيكي، بعد أن أضيف “الحوار الوطني” في السُّودان لاختصاص آليَّته الرَّفيعة، على توجيه الدَّعوة إلى قيادة الجَّبهة الثَّوريَّة للحضور إلى أديس أبابا بغرض التفاكر معها حول فرص هذا الحوار (وكالات ـ الرَّاكوبة؛ 31 أغسطس 2014م)؛

    ثانياً: الاجتماعات التي عقدتها الآليَّة مع الجَّبهة، في هذا الإطار، والتي كان الجَّديد الاستثنائي فيها، والذي أثار، ولا بُدَّ، ثائرة المؤتمر الوطني:

    (1) رفض الجَّبهة، بصرامة، مقترح الوساطة للاجتماع مع الحركات منفردة، وتمسُّكها بوفد كيانها الموحَّد، وإلا فإنها لن تحضر الاجتماع المقرَّر له الأول من سبتمبر (الرَّاكوبة؛ 31 أغسطس 2014م). كانت حُجَّة الوساطة الابتدائيَّة هي عدم وجود تفويض لديها بالاجتماع مع الجَّبهة متَّحدة، لكن الجَّبهة أثارت، فوراً، التساؤل المنطقي، من جانبها، عن التفويض الذي كان لدى الوساطة عندما اجتمعت مع لجنة “7 + 6and#8243;! وحسناً فعلت الوساطة عندما تراجعت، بعد ذلك، عن مقترحها، مِمَّا عدَّه مراقبون هزيمة لسياسة تجزئة الحلول التي يعتمدها النظام، كما أكدت بعض التَّسريبات ورود احتجاجات إلى الوساطة من الخرطوم، فضلاً عن وقوع بعض المحاولات لعرقلة الاجتماع (المصدر). وسيتعيَّن على الوساطة، في مقبل الأيام، أن تنأى بنفسها عن هذه الشَّاكلة من المقترحات الجالبة للشُّكوك، المثيرة للريب!

    (2) اتِّساع وفد الوساطة، بمشاركة شخصيَّات دوليَّة وإقليميَّة مرموقة إلى جانب آليَّة أمبيكي، لأوَّل مرَّة، كمحمَّد بن شمباس، رئيس البعثة الأفريقيَّة الأمميَّة المشتركة بدارفور “يوناميد”، وهايلي منقريوس، مبعوث الأمين العام للمنظمة الدَّوليَّة إلى السُّودان وجنوب السُّودان، والسَّفير لسان، ممثل رئيس الوزراء الأثيوبي وهيئة الإيقاد، وعبد السَّلام أبو بكر، الرَّئيس النيجيري السابق (الجريدة؛ 2 سبتمبر 2014م)؛

    (3) ضخامة وفد “الجَّبهة الثَّوريَّة” الشامل لرئيسها مالك عقار، ورئيس هيئة أركانها عبد العزيز آدم الحلو، وأمين علاقاتها الخارجيَّة ياسر عرمان، فضلاً عن نوَّاب الرَّئيس والشَّخصيَّات السِّياسيَّة المهمَّة: جبريل إبراهيم، وعبد الواحد محمَّد نور، ومني أركو مناوي، ونصر الدِّين الهادي المهدي، وزينب كباشي، والتوم هجو، وعلي ترايو، والهادي نقد الله، وأحمد آدم بخيت (الرَّاكوبة؛ 31 أغسطس 2014م).

    ثالثاً: شمول الدعوة للصَّادق المهدي الذي التقى، في عشاء عمل مطوَّل، مساء 30 أغسطس 2014م، بقيادة الجَّبهة (المصدر)، وجرت، على هامش ذلك، مصالحة بينه وبين نصر الدين الهادي، وقد اتفقا على مواصلة اجتماعاتهما بالقاهرة خلال الأيَّام المقبلة، وربَّما يطلقان للعلن حقيقة أن انتماء نصر الدين إلى الجَّبهة تمَّ، منذ البداية، باسم حزب الأمَّة، وبموافقة وتوجيه المهدي!

    رابعاً: الاتصالات والمشاورات الواسعة للجَّبهة الثَّوريَّة مع قوى الإجماع الوطني المعارضة في الدَّاخل (المصدر)؛

    خامساً: اجتمـاع 31 أغسـطس 2014م العاصف بالخرطوم لـ “لجنة 7 + 7and#8243; (تجدر تسميتها “لجنة 7 + 6and#8243;، بعد انسـحاب حـزب الأمَّـة منها)، والذي تمخَّض، بعد خلافات وجدل طويل، عن قرار إيفاد كلٍّ من غازي صلاح الدِّين، رئيس حركة الإصلاح الآن، واحمد سعد عمر، وزير مجلس الوزراء، إلى أديس، باعتبارهما مسؤولي اللجنة عن الاتصال الخارجي، للاجتماع مع “الجَّبهة الثوريَّة”، عن طريق الآليَّة الرَّفيعة (سونا؛ 31 أغسطس 2014م)؛ علماً بأن مشاركة الوزير سعد عمر في هذا الاتِّصال قد تُقرأ كإشارة لا تجوز المكابرة فيها لـ “اعتراف” الحكومة بالجَّبهة، رغم أن الأمر قد احتاج لوساطة أمبيكي كي توافق هذه الجَّبهة على الالتقاء بالوفد (سودان تريبيون؛ 2 سبتمبر 2014م).

    سادساً: توجيهات الميرغني، زعيم الاتحادي الدِّيموقراطي، لقادة حزبه، بالتقارب مع الجَّبهة، وذلك قُبيل اجتماعات أديس، وعقب لقائه مع وفدها بلندن (الرَّاكوبة؛ 31 أغسطس 2014م).

    وإذن، فقد غضب النظام أشدَّ الغضب، واحتشد غيظاً من جملة تلك الأحداث وغيرها، إذ أَنَّى لهؤلاء “المتمرِّدين” المشرَّدين في الآفاق أن يتطاولوا، فيقوم لهم ذكر، وتسلط عليهم أضواء باهرة، ويقطفون، وحدهم، اللقاءات، والحوارات، والتفاهمات، والمواثيق مع هذه المؤسَّسات والقامات الدَّوليَّة والأفريقيَّة الرَّفيعة، وربَّما تعاطفها أيضاً، بينما السُّلطة، بقضِّها وقضيضها، قابعة في العتمة، بمنأى عن مركز الاهتمام في أديس، وقبله في باريس؟! أفلا يكفي كلُّ ذلك لتفسير سبب لجوء النظام للتشويش على المعارضة، ولو بإطلاق الأكاذيب، واختلاق الوقائع؟!

    (3)

    من جهة أخرى كانت لجنة “7 + 6and#8243; التي تتمتَّع السُّلطة فيها بغلبة مريحة قد صاغت، في التاسع من أغسطس المنصرم، مشروع خارطتها للطريق، وأبرز ملامحها، المصوغة أغلبها بأكثر العبارات فضفضة، التَّأسيس الدُّستوري للدَّولة الرَّشيدة، والعدالة الاجتماعيَّة، والانتخابات النزيهة، وتوفير مطلوبات الحوار، كإطلاق سراح المعتقلين، وكفالة الحريَّات، كحريَّة التعبير والنشر، وضمان انخراط الجَّميع في الحوار، بمن فيهم حملة السِّلاح، مع الوقف الشامل لإطلاق النار.

    وفي اجتماعها الذي استغرق أربع ساعات مع آليَّة الوساطة الأفريقيَّة الرَّفيعة، مطلع سبتمبر الجاري، طرحت الجَّبهة الثَّوريَّة، بالمقابل، خارطة طريقها هي للحلِّ السِّلمي، وأرفقت بها “إعلان باريس” مع حزب الأمَّة، والذي اجتذب، مع الأيَّام، قوى جديدة، كالميرغني وأبو عيسى إلى جانب الصَّادق؛ وفحوى الوثيقتين “الخارطة + باريس” عمليَّة دستوريَّة لتغيير بنيوي شامل، وتحوُّل ديموقراطي كامل؛ ويأتي إنهاء الحرب، ووقف العدائيَّات لتنفيذ العمليَّة الإنسانيَّة، بتوصيل الغذاء والدَّواء وما إليهما، كمدخل أساسي لإقناع جماهير الشَّعب بجدوى وإنتاجيَّة العمليَّة السِّياسيَّة، فيدعمونها باتجاه الحوار الذي يتطلب، إلى ذلك، توفير الحريَّات، وإلغاء القوانين التي تقيِّدها، وإطلاق سراح المعتقلين والمساجين السِّياسيين، وتبادل الأسرى، فضلاً عن التوافق، منذ البداية، على أن يفضي الحوار المنشود إلى قيام حكومة انتقاليَّة تعالج إفرازات الحرب، وتضع دستوراً دائماً، وتسلم السُّلطة لحكومة منتخبة، ثمَّ تأتي، بعد ذلك، لا قبله، المسائل المتعلقة بتحديد الأجندة، والحضور، والوسطاء، ومكان الانعقاد، ومدَّته، وطريقة اتخاذ القرارات .. الخ.

    وكان مِمَّا زكَّت به الجَّبهة مشروعها، وأهَّلته لإغراء الطرف الآخر بقبوله، أنه يرسي، بدلاً من قاعدة الحوار القديم الذي أضحى يترنَّح في البرزخ بين الحياة والموت، قاعدة أخرى لـ “حوار وطني” أقرب لأن يكون مقبولاً ومرغوباً فيه، وأن ثمَّة من سيفيد منه في معسكر السُّلطة، وفي مقدِّمتهم ثلاث جهات أساسيَّة: رئيس الجُّمهوريَّة، حيث سيتحرك الجُّمود الحالي في ما يتَّصل بمشكلة المحكمة الجَّنائيَّة الدَّوليَّة؛ والحركة الإسلاميَّة التي من مصلحتها الفكريَّة والسِّياسيَّة والأخلاقيَّة فتح صفحة جديدة مع الشعب؛ وإلى ذاك وتلك الجَّيش الذي سـينزاح عن كاهـله عـبء الرَّاهن الثقيل؛ وكلها أمور من شأنها أن تشدَّ الانتباه حتى وسط غلاة الإسلام السِّياسي.

    (4)

    مشروعان يحمل كلٌّ منهما عنوان “التَّسوية السِّلميَّة”، بيد أنهما ما يزالان شديدي التَّباعد، رغم ما قد يلوح بينهما، للوهلة الأولى، من تقارب مظهري في مرتجِّ العيون الجَّائلة بين حِزَم البنود والفقرات، ورغم الإقرارين المتطابقين، معنى ومبنى، والصَّادرين في أديس فجر 5 سبتمبر 2014م، حيث قام موفدا “لجنة 7 + 6and#8243;، غازي صلاح الدِّين وأحمد سعد عمر، من جهة، وممثلا إعلان باريس، مالك عقار والصَّادق المهدي، من جهة أخرى، بتوقيعهما بثماني نقاط، وشهد على كلٍّ منهما رئيس الآليَّة الرفيعة، وحازا على ترحيب ومباركة الأمين العام للأمم المتَّحدة، وحثِّه الحكومة، بوجه مخصوص، على “ضمان خلق بيئة مفضية إلى حوار شامل، وشفَّاف، وذي صدقيَّة، حسب ما ورد في الإقرارين، بما في ذلك وقف العدائيات، وضمان الحريات السِّياسيَّة شاملة حريَّة التَّعبير والتَّنظيم، وإطلاق سراح المعتقلين السِّياسيين، وغيرها من إجراءات بناء الثقة”، وذلك وفق النَّصِّ الذي أصدره الناطق الرَّسمي باسم الأمين العام، بعد بضع ساعات من توقيع الإقرارين، مثلما حاز إعلان باريس نفسه، وإنْ بطريق غير مباشر، على اعتراف المنظمة الدوليَّة، مِمَّا قد يوحي بتقارب المواقف شيئاً، خصوصاً في ما ورد، ضمن الإقرارين، لجهة اعتبار “الحلِّ السِّياسي الشَّامل” بمثابة الخيار الأمثل لمشاكل السُّودان، و”ضمان حقوق الإنسان الأساسيَّة”، وما إلى ذلك مِمَّا اجتزأ الناطق الرَّسمي باسم الأمين العام للأمم المتَّحدة في بيان الترحيب بالإقرارين.

    لكن، مع ذلك كله، وبصرف النظر عن أيِّ تقارب محتمل في أيَّة جزئيَّة، هنا أو هناك، فثمَّة مسائل أساسيَّة لا تحتمل الخلاف، ولا يُنتظر من تباعد المواقف حولها غير تدمير أيَّة إمكانيَّة لأيِّ “توافق” متصوَّر، ومن ثمَّ لأيَّة “تسوية سلميَّة” مرتجاة، اللهمَّ إلا بالكثير من “التنازل” غير المتوقع من جانب تحالف “المعارضة” لصالح تحالف “السُّلطة”؛ ولنضرب لذلك مثلاً بمسألتين مركزيَّتين:

    المسألة الأولى: مطالبة مشروع الجَّبهة الثَّوريَّة وحزب الأمَّة، وجميع قوى الإجماع الوطني الدِّيموقراطي المعارض، في كلِّ ما صدر عنهم من وثائق، بوضع انتقالي كامل، خلال فترة انتقاليَّة محدَّدة، وتحت إشراف حكومة انتقاليَّة توافقيَّة يُعهد إليها بمهام انتقاليَّة معلومة؛ غير أن موقف “السُّلطة” هو الرَّفض التَّام لهذا المطلب جملة وتفصيلاً، وبالتالي لم يرد أيُّ تعبير عنه، لا في وثيقة التاسـع من أغسطـس 2014م لـ “خارطـة طـريق لجنة 7 + 6and#8243;، ولا في وثيقة الخامس من سبتمبر 2014م بإقرار ممثلي هذه اللجنة، على النحو المار ذكره؛ علماً بأن هذا الترتيب الانتقالي هو كلمة السِّر المفتاحيَّة في أيَّة تسوية سلميَّة، حيث أن الكثير يتوقف عليه، ولا شئ يمكن أن يتمَّ بدونه!

    المسألة الثانية: مطالبة مشروع الجَّبهة الثَّوريَّة وحزب الأمَّة، وجميع قوى الإجماع الوطني الدِّيموقراطي المعارض، في كلِّ ما صدر عنهم من وثائق، بوقف جزئي عاجل للعدائيَّات يتيح إنفاذ العمليَّة الإنسانيَّة التي لا يمكنها أن تنتظر، والمتمثِّلة في توصيل الغذاء والدَّواء للمدنيين فـي معسـكـرات النزوح ومناطـق العـمليَّات. فعـلى الرُّغـم من أن موفدي “7 + 6and#8243;، غازي وأحمد سعد، لم يتمسكا، في إقرارهما بأديس أبابا، بـ “الوقف الشَّامل لإطلاق النار”، كما هو وارد في خارطة طريق لجنتهما، ووقعا، بدلاً من ذلك، على صيغة “إعلان وقف إطلاق النار، ومعالجة الأوضاع الإنسانيَّة في مدخل أيِّ حوار”، إلا أن موقف السُّلطة الاستراتيجي الثَّابت، والذي يُخشى أن يفرض الارتداد إليه ما يمكن أن يرد على النَّصِّ، لاحقاً، من تفسيرات وتأويلات، هو عدم استعدادها للقبول بأقلِّ من تجريد الحركات من سلاحها، أولاً، قبل السَّماح لها بالتَّوغل في أجندة أيِّ حوار. ولعلَّ من دلائل خطورة موقف السُّلطة الاستراتيجي في هذا الشأن سابقة تشكيله لأحد أهمِّ أسباب انهيار المفاوضات مع قطاع الشَّمال، بالعاصمة الأثيوبيَّة، خلال الأسبوع الأخير من أبريل الماضي!

    (5)

    مشروعان للتَّسوية: فثمَّة، من جهة، مشروع السُّلطة الذي يستهدف تركيع المعارضة “سلميَّاً”، ولا يحظى إلا بدعم أقليَّة اجتماعيَّة يعلم راعي الضَّأن في الخلاء أنها، وحدها، المستفيدة منه، بالكامل، وفق شروط تحققه الرَّاهنة، وهي، بالضَّرورة، شروط “فاسدة”. بالتالي، وبما أن أيَّ مساس بهذا المشروع هو، في الواقع، مساس مباشر بمصالح هذه الأقليَّة في العظم، فما من سبيل، إذن، للاستمرار في حراسته بغير “القمع” المجلل بـ “الكذب”، صباح مساء؛ وثمَّة، من جهة أخرى، مشروع المعارضة الذي يأذن “إعلان باريس” بتأهيل طاقته الكامنة potential نحو تحشيد شعبي غير مسبوق، ودفع ثوري أقوى من أيِّ وقت مضى، في ما لو أحسنت إدارته، ولم تسلمه الأثرة، والأنانيَّة، والمزايدات، ونزعات التهافت، وضيق الأفق، والتقديرات الذَّاتيَّة المعزولة، لمصير التَّبدُّد والضَّياع!

    وهكذا، ما لم يتراجع مشروع “الأقليَّة” لصالح مشروع “الأغلبيَّة”، قولاً واحداً، وفق تسوية سياسيَّة سلميَّة ومستقيمة، فستواصل السُّلطة صبغ المستقبل كله بلون “القمع”، وطعم “الكذب”، بحيث لا يتبقى لـ “الحقيقة التَّاريخيَّة”، كيما تفرض تجليها المحتوم، في نهاية المطاف، سوى خيار وحيد، لكنه للأسف .. عالي الكلفة
                  

09-08-2014, 08:20 AM

أيمن الطيب
<aأيمن الطيب
تاريخ التسجيل: 09-19-2003
مجموع المشاركات: 5845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    السلام عليكم عزيزى الكيك,,,

    جرعة مركزة وعالية جدا فى وصف وتفصيل وتشريح الواقع المرير جدا والكارثى الذى تعيشه البلاد
    والمؤكد انه لم يشمل كل النواحى لكثرتها والمؤكد أيضا أنه فقط فى الأيام القلائل قد تكون بعض
    الأمور قد تطورت ووصلت لمراحل متقدمة من الخطر متجهة لمآلات أسوأ والبلاوى والأخطاء التى ترتكب
    تتزايد يوما بعد يوم!!!

    السؤال بعد أن نقرأ ونشاهد ونسمع ثم ماذا بعد ذلك ؟؟ إلى أين يتجه هذا البلد وما هى الحلول!!
    كثير من الناس وصلوا لمرحلة القناعة بعدم الحوجة للقراءة ومحاولة فهم ما يجرى فقد ملّ الناس
    كذب هؤلاء الناس الذى فاق الحدود والظنون فهم يكذبون كما يتنفسون !!
    الواقع يتحدث عن نفسه وإنهيار وتهاوى البلد أمامهم وكل شئ واضح ومكشوف !!

    ما العمل وما الحل؟؟

    تحياتى
                  

09-08-2014, 10:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: أيمن الطيب)

    الاخ
    ايمن الطيب

    تحياتى الخاصة
    اشكرك على التعليق والمشاركة هنا .. اعتقد ان الصورة الان اكثر وضوحا لما حصل ويحصل ووصل الاخوان الى الدرك الاسفل وكل الشعب السودانى ينظر اليهم لا بعين الشفقة ولكن بعين الشماتة ..
    والتغيير بانت معالمه وفى الطريق القريب وعليك بالتفاؤل لنتفاءل خيرا لنجده

    تحياتى لك
                  

09-08-2014, 10:28 AM

أيمن الطيب
<aأيمن الطيب
تاريخ التسجيل: 09-19-2003
مجموع المشاركات: 5845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    تحياتى يا عزيزي الكيك وشاكر لك ردك والدعوة إلى التفاؤل,,
    Quote: والتغيير بانت معالمه وفى الطريق القريب وعليك بالتفاؤل لنتفاءل خيرا لنجده
    أبشر بالخير والأمل لهذا الشعب الطيب المكلوم بأيدى بعض أبنائه العاقون,,
    قبل مدة ذهبت لمعرض كتاب ومن ضمن كتب المعرض كان كتاب (ثورة الوسط: أعالي أشواق الإنسان المهدور،لمؤلفه الوليد مادبو) وصادفت للحظ د.وليد مادبو
    نفسه وكان سؤالى له بعد أن أنتهيت من الكتاب وطبعته وقبل أن نقرأه هل أنت متفائل؟ وكان رده بأنه متفائل جدا وأن الأمم العظيمة لم تنهض
    إلا بعد كوارث كبيرة ونحن على ما أظن قد حدثت لنا معظم الكوارث والمحن التى يمكن أن يراها شعب,,

    إحترامى لك..
                  

09-11-2014, 11:26 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: أيمن الطيب)

    أزمات السودان وبهلوانيات الإخوان
    September 11, 2014

    أزمات السودان(عثمان ميرغني)

    مشكلات السودان المتفاقمة في الآونة الأخيرة، ليست داخلية فحسب بل خارجية أيضا بسبب البهلوانيات التي اتبعها النظام في علاقاته وحساباته الخارجية. خذ على سبيل المثال الضجة التي أثيرت حول إعلان الخرطوم في مطلع الشهر الحالي عن إغلاق المركز الثقافي الإيراني وفروعه، وما تردد عن دوافع القرار بالنظر إلى العلاقات القوية بين النظام السوداني وإيران. فالسلطات السودانية حاولت إعطاء القرار مسحة «بطولية» قائلة إن طهران سعت عبثا لإثنائها عنه لكنها أبلغت أن القرار نهائي، وأن السودان «لن يسمح باستغلال إيران حاجته سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو العسكري لتحقيق مآربها على حساب المجتمع والدين والجوار والصداقة»، على حد تعبير وزير الخارجية علي كرتي.

    الوزير كرتي، وهو أيضا قيادي في الحزب الحاكم والحركة الإسلامية، حاول توجيه رسائل إلى الداخل والخارج في تصريحاته. إلى الداخل لاحتواء انتقادات متزايدة حول ما وصف بظاهرة التشيع في السودان التي جعلت بعض الجهات الدينية تطلق تهديدات بالتصدي لها، وإلى الخارج لمعالجة التوتر المتفاقم مع السعودية والإمارات. لكن إذا كانت العلاقات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية بين النظام في الخرطوم وإيران ليست جديدة، ونشاطات المراكز الإيرانية التي تقدر بأكثر من 26 مركزا ومدرسة وجمعية ومكتبة معروفة منذ سنوات، لماذا اتخذت الحكومة السودانية خطوتها الآن؟

    التفسير يكمن في أن السعودية والإمارات بدأتا أخيرا في تنفيذ إجراءات اقتصادية ضد النظام السوداني، إذ أوقفت بنوك سعودية وإماراتية معاملاتها مع البنوك السودانية، كما تردد أن الإجراءات تشمل وقف استيراد المواشي من السودان والتعامل في سلع أخرى. الإجراءات كانت محدودة لكن الرسالة بدت صارمة وواضحة، وهي أن الأمور خرجت من طور الاحتجاجات في اللقاءات الثنائية، ودخلت مرحلة العقوبات والإجراءات الاقتصادية لدفع الخرطوم إلى إعادة النظر في سياساتها. من النظرة الأولى بدا أن النظام السوداني شعر بالقلق لأن الإجراءات تأتي في وقت يواجه فيه أزمة اقتصادية متفاقمة ربما تفجر الأوضاع الداخلية على غرار ما حدث في مظاهرات سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

    المشكلة بالنسبة للنظام أن سياساته في اللعب على الحبال أفقدته المصداقية والصداقات، لذلك شكك البعض في خطوته الأخيرة وحذر من أنها قد تكون مجرد مناورة لامتصاص الغضب الخليجي خصوصا أن طهران أعلنت أنها لم تتلق إخطارا رسميا من الحكومة السودانية، كما أن الإجراء كان متعلقا بالمركز الثقافي بينما العلاقات السياسية والعسكرية والأمنية مستمرة وراسخة.

    هناك مشكلة أخرى للنظام وهي أن الإجراءات السعودية – الإماراتية قد تكون طلقة تحذيرية في اتجاه آخر أيضا ناجم عن تداعيات الخلاف الخليجي مع قطر. فالتقارير المتداولة أخيرا تفيد بأن قطر تحت ضغط الدول الخليجية الأخرى لاحتواء الأزمة التي دفعت السعودية والإمارات والبحرين إلى سحب سفرائها من الدوحة، وافقت «جزئيا» على بعض المطالب التي وضعت أمامها، أحدها إبعاد عناصر الإخوان – وبالذات المصريون – من أراضيها. لكن قطر لم تذهب بعيدا في تنفيذ هذا المطلب ولم تغير كما يبدو من سياسة التحالف مع الإخوان ودعمهم، إذ دلفت إلى الاتفاق مع النظام السوداني لاستقبال عناصر الإخوان. هذه الخطوة ستؤدي إلى نقل الضغط الخليجي إلى السودان أيضا، وفي هذا الإطار يمكن قراءة الإجراءات الاقتصادية السعودية والإماراتية ضد نظام الخرطوم.

    تحالفات النظام السوداني السرية والعلنية مع الحركات الإسلامية كانت سببا من أسباب توتر علاقاته الخارجية منذ تسعينات القرن الماضي، إذ أحدثت له مشكلات امتدت في أوقات مختلفة من المغرب والجزائر وتونس، إلى مصر والأردن. واليوم تسلط الأضواء من جديد على هذه التحالفات بسبب ما ذكر عن طلب قطر من السودان استقبال القيادات الإخوانية المصرية. فالسعودية والإمارات والكويت والبحرين التي انزعجت من دعم قطر للإخوان ويهمها أيضا دعم الاستقرار في مصر، لن تسكت إذا انتقلت القيادات الإخوانية إلى السودان.

    ليس بعيدا عن ملف الإخوان أيضا الجدل الأخير حول الطائرة السودانية التي ورد أنها كانت تنقل أسلحة لدعم الميليشيات الإسلامية والمتطرفة التي سيطرت على طرابلس وتستعد لمهاجمة بنغازي. فعلى الرغم من نفي الخرطوم أن الأسلحة كانت متوجهة إلى الجماعات الإسلامية في طرابلس، فإن دعم النظام السوداني لإسلاميي ليبيا معروف منذ أواخر عهد العقيد الراحل معمر القذافي وأكدته قيادات النظام السوداني. وبغض النظر عن حادثة الطائرة، فإن جهات عدة ترى أن النظام السوداني وقطر وأطرافا أخرى تدعم إسلاميي ليبيا الذين إذا تمكنوا من السلطة فسوف يكمل هذا الطوق الإخواني حول مصر.

    نظام «الحركة الإسلامية» في السودان سيبقى يناور للتشبث بالسلطة بأي ثمن، ولخدمة أهدافه وارتباطاته الإخوانية. لكن بهلوانياته السياسية لن تجلب على السودان سوى المزيد من المصائب والأزمات
                  

09-12-2014, 10:16 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    المشهد السياسي السوداني يستعصي على التنبؤ والتكهن
    المشهد السياسي السوداني يستعصي على التنبؤ والتكهن


    09-12-2014 03:01 AM
    محجوب محمد صالح


    حتى لا نسرف في التفاؤل لا بد أن نعترف بأن الطريق ما زال طويلا أمام مشروع الحوار السوداني الشامل الذي يمكن أن يحدث تغييرا حقيقيا في السودان، وذلك رغم الخطوات التمهيدية التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية، وهي خطوات وجدت تأييدا ومساندة من كل الذين يحلمون بحل سلمي لأزمة السودان المستحكمة والمركبة، لكن تجاربنا الماضية تحتم علينا ألا نسرف في التفاؤل فما يزال الأمر في بداياته، وكل ما تم هو الخطوة الأولى من المرحلة التمهيدية لمشروع الحوار، وتظل هناك خطوات عديدة لا بد من التفاوض حولها حتى تتهيأ الأجواء لحوار جاد وحقيقي وقاصد يحدث تغييرا شاملا في أوضاع السودان.

    لقد طرح الحزب الحاكم مشروعه للحوار عبر خطاب (الوثبة) الذي أطلقه في يناير الماضى –قبل تسعة أشهر- وهو خطاب كان أميز ما فيه غموضه، وقد تجاوبت معه الكثير من القوى السياسية وتحفظت عليه قوى أخرى، لكن الأمل في تطويره لمشروع قومي وجاد لم ينقطع، وقد أعقب بيان يناير لقاء مائدة مستديرة في مارس الماضي حاول أن يتجاوز غموض الخطاب الأول وأن يكسو الهيكل العظمي للحوار لحما ويخلق له آليات حتى ينطلق، وكان المتفائلون يتحدثون عن انطلاق الحوار ووصوله إلى نتائجه المرجوة خلال شهرين!! وانفتحت شهية المطالبين بالحوار حينما أصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهوريا رقم (159) ليفتح الأفق السياسي أمام الأحزاب ويرفع عنها الحصار المضروب عليها ويتيح لها ممارسة نشاطها، ويوفر حرية التعبير للصحافة وأجهزة الإعلام، ولكنها كانت فرحة لم تتم لأنه بعد أسابيع من صدوره تعرضت الصحف لهجمة شرسة، وعاد الحصار للأحزاب ووصل ذروته بسجن رئيس حزب الأمة وهو أكبر داعم لمشروع الحوار وبقي حبيسا قرابة الشهر يواجه اتهاما عقوبته الإعدام، ولحق به في المحبس رئيس حزب المؤتمر السوداني، واعتبرت هذه الإجراءات إعلانا رسميا لموت مشروع الحوار الوطني الشامل.

    وإذا كان مشروع الحوار قد عاد للحياة من جديد فهذا يعود لجهود رئيس حزب الأمة عند خروجه من السجن والاستراتيجية التي اتبعها بخلق مركز آخر لمشروع الحوار عندما اتجه لباريس وعقد لقاء من قادة الجبهة الثورية ووقع معهم بيانا مشتركا يضع (السلام) في قلب مشروع الحوار السوداني، ويؤكد استعداد حملة السلاح للحل السلمي عبر الحوار، ثم نشط سياسيا على عدة مستويات إقليمية ودولية مبشراً بأطروحات إعلان باريس وساعيا لحشد التأييد لها، وقد نجح مسعاه في إعادة الحياة لمشروع الحوار بوجه جديد.

    والتقط القفاز رئيس لجنة الوساطة الإفريقية وأعضاء لجنته الذين سعوا لترتيب لقاء بين الجبهة الثورية ولجنة السبعة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا انتهى ببيان مشترك بين قوى إعلان باريس ولجنة إدارة الحوار في الداخل (لجنة السبعة) لم يتم التوقيع عليه في وثيقة مشتركة، لكن كل طرف وقع منفرداً على نفس النص المشترك.

    هذه النطورات هي التي أطلقت موجة التفاؤل السائدة حاليا لأن الوثيقة المشتركة اعتبرت خطوة كبيرة على طريق (مشروع تهيئة الأجواء) لحوار هادف، ولكن ما زالت هناك مستحقات ومطلوبات غائبة عن الوثيقة ستثار في مرحلة لاحقة قبل أن تتهيأ الأجواء لحوار جاد وحقيقي. لجنة الوساطة تدرك ذلك وأطراف النزاع تدرك ذلك والوثيقة نفسها تعترف بذلك؛ حيث نصت على أن الحوار يبدأ (بعد وضع الأسس والقواعد والإجراءات التي سيتم بموجبها الحوار) (البند الرابع من الاتفاق) وقد وضع هذا البند لضمان مناقشة المستحقات الأخرى التي تتمسك بها المعارضة والتي لم يتضمنها الاتفاق غير أن الأمر المهم هو موقف الحكومة من البنود التي تضمنها الاتفاق حول إطلاق سراح المعتقلين والمحبوسين وتوفير الحريات للنشاط السياسي والإعلامي؛ لأن هذه المطلوبات بيد الحكومة وقد أجازتها لجنة السبعة في خريطة طريقها التي شارك في وضعها المؤتمر الوطني ورفعتها للحكومة قبل شهر تقريبا ولم تتسلم ردا حتى الآن، ثم جاءت في اتفاق أديس أبابا ولم تتسرب أنباء عن قبولها، ولكن المتوقع أن تنقل الحكومة رأيها حولها عند اللقاء المرتقب –والذي قد يتم قبل نشر هذه السطور– بين رئيس الجمهورية ورئيس لجنة الوساطة الإفريقية ثابو

    أمبيكي، وإن كان البعض يعتقد أن القرار الصادر بإطلاق سراح نائبة رئيس حزب الأمة الدكتورة مريم الصادق ربما كان مؤشراً على قدر من الاستجابة الحكومية الجزئية، وإذا تجاوبت الحكومة تجاوبا كاملا مع ما ورد في اتفاق أديس أبابا الذي رفع إليها تبقى العقبة الأخرى وهي مدى إمكانية التوافق على باقي المستحقات التي تطالب بها المعارضة وهي تشمل (الفترة الانتقالية والحكومة القومية والانتخابات) وغيرها من القضايا المثارة.

    وهذا ما يدفعنا لكي نحذر من الإسراف في التفاؤل قبل أن تستبين الحقائق على الأرض حول مشروع الحوار ومآلاته؛ لأن المشهد السياسي السوداني دائما يحفل بالمفاجآت ويستعصي على التنبؤ والتكهن
                  

09-29-2014, 03:13 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    تعقيب على مقال الأستاذ تركي الحمد (إنها أزمة فكر لا أزمة فعل يا خادم الحرمين) ..


    بقلم: د. عمر القراي

    الأحد, 28 أيلول/سبتمبر 2014 19:59

    mailto:[email protected]@gmail.com
    تعقيب على مقال الأستاذ تركي الحمد ( إنها أزمة فكر لا أزمة فعل يا خادم الحرمين)
    وضعت الفأس على أصل الشجرة !!
    (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
    صدق الله العظيم
    سعدت، كآلاف القراء، بالمقال الرصين، الذي كتبه الأستاذ تركي الحمد، ونشرته صحيفة العرب اللندنية، في عددها رقم 9651 بالصفحة السادسة، بتاريخ 17/8/2014م. ذلك أنه مقال نادر بين كتابات المثقفين العرب المسلمين. فقد أوضح بجلاء، عمق الأزمة التي نعيشها في كافة بلادنا العربية والإسلامية، حيث نتأذى كل يوم، من مختلف الجماعات الإسلامية المتطرفة، والتي اصبحت تجتاح المدن، والقرى، تقتل الأبرياء، وتسبي النساء، وتحطم المنشآت، وتثير الذعر والخراب، باسم الإسلام !! وحين نهرع الى علمائنا، وأئمة مساجدنا، ووعاظنا، مستنجدين بهم من فظائع ما تفعل بنا "داعش" ، أو " القاعدة" ، أو غيرها من الجماعات المتطرفة، لا نسمع منهم إدانة لهذه الجماعات، ولا فتاوى ضدها، ولا تحريض للمسلمين عليها !! والسبب في كل ذلك الخذلان، هو ما ذكره الكاتب، من أن فقهاءنا، وعلماءنا، ووعاظ مساجدنا، لا يختلفون في فكرهم، عن فهم هذه الجماعات المتطرفة، وإن قصروا في فعلهم عن منكراتها !! يقول الأستاذ تركي (الأزمة كل الأزمة يا سيدي الكريم تقبع في ذات الفكر، وذات الخطاب، ومفردات الفقه الذي يحمله هؤلاء عبر القرون والسنين، ولا يستطيعون النظر من منظار غيره، ولذلك هم غير قادرين على التصدي لجماعات العنف والتطرف وحزّ الأعناق، لا لكسل أو تكاسل، بل لكون الجميع يشتركون في ذات الفكر وفي ذات المقولات، وينطلقون من ذات الفقه، ويقولون بذات الخطاب، ولذلك كيف يمكن لهم أن يتصدوا لفكر هم أنفسهم يحملون أسسه في دواخلهم، وتلافيف أدمغتهم؟)(صحيفة العرب 17/8/2014م).


    الإجتهاد يجب ان يكون في النص:
    ولعل جوهر المشكلة هو أن فقهاءنا نقلوا عن السلف، دون تفكير، وقدسوا آراءهم، دون النظر فيها بعمق، رغم اختلاف زماننا، وطاقة، وحاجة، ومشاكل، مجتمعاتنا عن الأمم الماضية .. وعن ذلك قال الأستاذ تركي (مشكلتنا تكمن في فقهنا الذي نستمده من هذا وذاك من سلف عاش أيامه واجتهد مشكورا في استنباط أحكام قدسناها رغم أنها تخص ذاك الزمان ومشكلاته، ولكنها أحكام لا تصلح لزماننا)(المصدر السابق). ومن أخطر ما تناقله علماؤنا عن السلف عبارة ( لا أجتهاد مع النص) التي رددوها كثيراً واتفقوا عليها وكأنها حق مطلق .. وخطورتها أنها قفلت كل السبل للإجتهاد الحقيقي، فما دامت الأحكام التي جاءت بها النصوص باقية كما هي، لا يمكن فهمها بصورة أخرى، فسيظل الناس أسرى لها .. والجماعات المتطرفة، التي تقوم بالقتل اليوم، وتعتبره جهاداً في سبيل الله، تدعم كل أفعالها حتى سبي النساء، واسترقاقهن، وبيعهن، بالنصوص القرآنية ونصوص الحديث النبوي !! ولهذا لا يستطيع الفقهاء معارضتها، ما داموا يرون أن احكام النصوص باقية كما هي، وأن فهمها الأكمل، هو ما تناقله السلف، عن الأصحاب رضوان الله عليهم ..
    والحقيقة إن عبارة ( لا اجتهاد مع النص)، والتي تعني أنه لا يجوز الإجتهاد، في أمر وردت فيه آية، أو حديث، ويمكن الاجتهاد فقط فيما لم ينزل فيه نص، عبارة خاطئة من عدة وجوه .. ولكن ابرز هذه الوجوه هو ان الأمور التي لم ينزل الله فيها نصاً من قرآن أو حديث، لا أهمية لها عنده سبحانه وتعالى، فلو كانت مهمة، لأنزل فيها نصاً .. فلماذا نجتهد في أمور عديمة الأهمية عند الله، ونترك الأمور المهمة، التي أنزل فيها الله سبحانه وتعالى النصوص ؟! إن الإجتهاد الحقيقي يجب ان يكون فيما ورد فيه النص، بمعرفة الحكمة وراء النص. فإذا خدم النص غرضه، حتى استنفده، يجب ان يترك العمل به، ويطبق النص القادر على استيعاب حاجة وطاقة المجتمع، في الوقت المعين. ولنضرب لذلك مثالين: أما المثال الأول فهو إيقاف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة فقد جاء في ذلك الأمر :
    (فإن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا من الصدقات ، ولم ينكر أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، فإنه روي أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا أبا بكر وسألوه أن يكتب لهم خطا كتابة رسمية بسهامهم ، فأعطاهم ما سألوه ، ثم جاءوا إلى عمر ، وأخبروه بذلك ، فأخذ الخط من أيديهم ومزقه ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطيكم ليؤلفكم على الإسلام ، فأما اليوم فقد أعز الله دينه ، فإن ثبتم على الإسلام ، وإلا فليس بيننا وبينكم إلا السيف ، فانصرفوا إلى أبي بكر فأخبروه بما صنع عمر رضي الله عنه ... ولم ينكر أبو بكر قوله وفعله )( مجلة البحوث الإسلامية الجزء 29 ص 117). ومعلوم ان حق المؤلفة قلوبهم من الزكاة، وارد في صريح النص القرآني الكريم، قال تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ومع ذلك منعهم عمر رضي الله عنه، لفهمه الحكمة وراء النص، ثم زوال هذه الحكمة، بعد ان قويت شوكة الإسلام.
    وأما المثال الثاني، فهو الحديث المشهور، في صحيح البخاري (عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدخل الملائكة بيتاً فيه ###### ولا صورة). فإن الحكمة وراء تحريم التصوير، والتماثيل، والرسومات، هي أن الناس حين كانوا حديثي عهد بالاسلام، يخشى عليهم إذا رأوا التصاوير، الحنين الى عبادة الأصنام، التي اعتادوا عليها زمناً طويلاً .. أما المسلمون اليوم، فإن هذا الأمر لا يقوم في حقهم، بل إذا رأى أحدهم لوحة متقنة، أو نحت لتمثال متقن، أعجبه صنعه، فإنه سيرى فيه قدرة الله، التي وهبت الفنان، هذه المهارة الفذة، ولن تحدثه نفسه بعبادته. ثم ان الصورة أصبحت من ضرورات حياتنا، فلا يخلوا منها بيت، وهنالك الصورة المتحركة في التلفزيون، وفي الكمبيوتر، وفي الجوال والتي نحتاجها في عملنا وفي دراستنا، فلا يصح أن نلغي كل هذا، بسبب الحديث، بدعوى ان أي نص واجب الاتباع، ولا يمكن الإجتهاد فيه.
    تطوير التشريع الإسلامي :
    يقول الاستاذ تركي (آن أوان التجديد، والخروج من عباءة أصبحت ضيقة علينا، ومعيقة لحركتنا، دون سند من دين أو عقل، بل هو التقليد المميت بخيره وشره. وقانا الله شر الأزمات، ما ظهر منها وما بطن، ولكن لنتذكر دائما أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإليه عاقبة الأمور).
    وإني إذ أتفق مع الأستاذ تركي، في ان الوقت قد حان لطرح فهم جديد، من الدين، يحل مشاكل عصرنا، أقترح عليه، وعلى القراء، النظر، والتأمل، والبحث الصبور، في ما طرحه المفكر السوداني، الشهيد الأستاذ محمود محمد طه (1909-1985م) فيما أسماه تطوير التشريع الإسلامي. فقد ذكر أن الإسلام كما جاء في القرآن الكريم، وكما بلغه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكن مستوى واحداً، وإنما كان من حيث التشريع مستويين. أحدهما أصل، والآخر فرع، أي أحدهما هو مراد الدين بالاصالة، والثاني مستوى فرعي تنزل عن الأصل، حتى يناسب حاجة المجتمع في القرن السابع الميلادي، والقرون التي تلته مما هي مثله.
    أما المستوى الأصل، فقد جاء سائره في القرآن المكي، وقليل من القرآن المدني، الذي نزل في أول العهد بالمدينة، ولهذا سمى الأستاذ محمود القرآن المكي، قرآن الأصول .. وهو الذي طرح مستوى إنسانياً، رفيعاً، يقوم على المسؤولية، ولذلك أعطى الحرية الكاملة، والمساواة التامة، وقرر كرامة الإنسان، من حيث هو إنسان. ولقد ظل النبي الكريم، عليه السلام، يدعو الى هذا المستوى، الأصل، ثلاثة عشر عاماً، هي عمر الدعوة في مكة. ولهذا أكد على حرية الإعتقاد، قال تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) فأعطى أهل مكة الحق في ان يكفروا ثم يذهبوا موفورين !! ولقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم، وفياً لهذا الأصل، فلم يقاتل في مكة أحداً، ولم يدفع الأذى عن نفسه، ولا عن اصحابه، الذين كان يعذبهم جبابرة قريش، في بطحاء مكة .. وكانت الدعوة بالتي هي أحسن، وكان القرآن المكي، يخاطب ب " يأيها الناس" ويا " بني آدم"، ليؤكد الدعوة الإنسانية، التي في ظلها يتساوى البشر، دون تمييز بينهم، بسبب إختلاف أديانهم .. وقد أمر الله تعالى النبي صلى لله عليه وسلم أن يخبر الكفار بقوله (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) .. فهو وان إختلف معهم في العقيدة، يقر لهم بأن ماهم عليه دين، ولا يطلب منهم إلا الاعتراف بدينه، كما اعترف بدينهم !! ولقد استمر هذا المستوى الرفيع، ثلاثة عشر عاماً حتى قامت الحجة على القرشيين، أنهم لا يستحقونه، وهو لا يصلح لهم، بدليل أنهم تآمروا على الرجل، الذي دعاهم بالحسنى ليقتلوه، ويفرقوا دمه بين القبائل، وحين لزمتهم الحجة، بعجزهم عن المستوى الرفيع، نسخ في حقهم، وأحكم فيهم المستوى الثاني-المستوى الفرع من الإسلام، الذي يقوم على الوصاية، ومصادرة الحرية بحد السيف، وقد جاء سائره في القرآن المدني، الذي أسماه الأستاذ محمود قرآن الفروع.. ولقد تدرج هذا الخطاب بالناس، حتى جاء قوله تعالى من سورة براءة (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). جاء في تفسير هذه الآية ( " فاذا انسلخ الاشهر الحرم " أي اذا انقضت الأشهر الاربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم وأجلناهم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم ... قوله " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " أي من الأرض وهذا عام والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم .. قوله " وخذوهم " أي وأسروهم إن شئتم قتلاً وان شئتم أسراً قوله " واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد " أي لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم . بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم الى القتل او الاسلام ولهذا قال " فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم " ولهذا اعتمد الصديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وامثالها حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الافعال وهي الدخول في الاسلام والقيام باداء واجباته ... وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال " أمرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة " الحديث ... وهذه الآية الكريمة هي آية السيف التي قال فيها الضحاك بن مزاحم انها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عقد وكل مدة وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لم يبق لأحد المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة وانسلاخ الاشهر الحرم ...)(تفسير ابن كثير – الجزء الثاني 317 -318 طبعة دار الحديث القاهرة) . أما أهل الكتاب من يهود ونصارى فقد قال تعالى عنهم (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) جاء في التفسير ( قوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين آتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " ... وهذه الآية الكريمة أول الأمر بقتال أهل الكتاب بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا واستقامت جزيرة العرب أمر الله رسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع ... قوله " حتى يعطوا الجزية " أي إن لم يسلموا " عن يد " أي عن قهر وغلبة " وهم صاغرون " أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واذا لقيتم احدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ...) (المصدر السابق ص 332 ). ومن هنا من مستوى الإسلام الفرع، وليس الاصل، قام الجهاد، وتبعته ملحقاته من الاسترقاق، وملك اليمين، وعدم المساواة بين المسلمين وغيرهم، وعدم المساواة بين الرجال والنساء، وكافة صور الوصاية، التي فصل فيها القرآن المدني. وما كان من الممكن أن تقوم أحكام الإسلام الفرع في التطبيق، إلا إذا نسخت الآيات التي يعتمد عليها الإسلام الأصل، ولهذا نسخت آيات الفروع آيات الأصول .. ومن هنا نسخت آية السيف، آيات الإسماح، ونسخت أحكام الوصاية العديدة، أحكام المسؤولية والحرية. وكان هذا النسخ بمثابة تنزل التشريع من الاصل، وهو الحرية، الى الفرع وهو مصادرة الحرية بالسيف، تقديراً لحاجة وطاقة المجتمع، في القرن السابع الميلادي. إذ دعا النبي صلى الله عليه وسلم، على رفعة خلقه، الناس بالتي هي أحسن، فلم يستجيبوا، ودلوا على أنهم دون مستوى تلك المسؤولية، فصودرت عنهم، وأحكم فيهم، ما يتناسب مع ثقافتهم وطاقتهم من الحرب والقتال. ولما كانت أحكام الوصاية التي جاءت في فروع القرآن،والتي قامت عليها الشريعة الإسلامية، لا تناسب طاقة وحاجة مجتمعنا المعاصر، فقد عجز دعاة الشريعة عن تطبيقها، في كل مكان، في وقتنا الحاضر .. ولقد فهم السلف أن النسخ إلغاء دائماً لحكم النص المنسوخ، ولهذا ظنوا أن أحكام الشريعة، القائمة على فروع القرآن باقية الى يوم القيامة !! ونقل عنهم علماؤنا المعاصرون، هذا الفهم الخاطئ، مع أن النسخ إرجاء وليس إلغاء. ولقد كان الاستاذ محمود يسأل الفقهاء : إذا كانت الآيات التي نزلت في أول العهد، وعجز الناس عن تطبيقها، في الماضي، ونسخت سيظل نسخها سرمدياً، فما هي الحكمة من إنزالها ؟! ولم تكن هنالك إجابة . فكان يقول لهم إذن النسخ إرجاء، وليس إلغاء، وإلا أصبح تغيير رأي، وعن ذلك تعالى الله علواً كبيراً.
    بعث الأصول :
    إن بعث الإسلام، في الوقت الحاضر، ليواجه التطرف والهوس الديني، لا سبيل إليه، إلا ببعث آيات الأصول، التي تمثل أصل الدين الإسلامي، والتي نسخت في الماضي، لأنها كانت أكبر من طاقة المجتمع، وهي تناسب اليوم مجتمعنا تماماً .. فإذا كان التشريع الإسلامي قد منح الناس حق الكفر في مكة، ثم جاء وصادر ذلك بالسيف في المدينة، فإن هذين مستويين من الحكم لا يقومان في نفس الوقت، فالمسلمون لايمكن أن يشرعوا لقتال المشركين وأهل الكتاب، وعدم قتالهم في نفس الوقت .. فإذا إلتزموا بعدم قتال الوثنيين، وأهل الكتاب، ودعوهم بالتي هي أحسن، فقد طبقوا القرآن المكي-قرآن الأصول المنسوخ، شعروا بذلك أو لم يشعروا.. أما إذا دعوا اليوم الى إحكام الجهاد، وقاتلوا غير المسلمين، من وثنيين وأهل الكتاب، فإنهم قد طبقوا القرآن المدني-قرآن الفروع الناسخ، وهذا ما تقوم به داعش و القاعدة، وطالبان، وكافة الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي تقتل أي شخص غير مسلم، على أساس أنه كافر، وأي شخص مسلم مخالف لهم في الفهم، على أساس أنه مرتد، وتسبي نساءهم، وتصادر أموالهم، كما فعل المسلمون الأوائل، إستناداً على فروع القرآن.. وعندنا في السودان، قد قامت حكومة الأخوان المسلمين، منذ بداية عهدها، بإعلان الجهاد على جبال النوبة، وجنوب السودان، فقتلت عشرات الآلاف، وشردت مئات الآلاف، مما أدى الى إنفصال الجنوب وتمزيق أوصال الوطن في حروب لا تزال مشتعلة حتى اليوم.
    إن تطوير التشريع الإسلامي، ببعث آيات الأصول، التي تحوي المستوى الإنساني من الدين الإسلامي، ليس مجازفة بالرأي الفطير، وإنما إتباع لأرفع ما جاء في ديننا، إمتثالاً لقوله تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) ولقد شمل التطوير كل أوجه الحياة من إقتصاد، واجتماع، وسياسة، مما ورد تفصيله في مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه، والتي تجاوزت الثلاثين كتاباً، والتي يمكن للقارئ الكريم، أن يجدها مع محاضرات وحوارات مسجلة، بصوته، على الإنترنت على موقع الفكرة
    http://http://WWW.alfikra.orgWWW.alfikra.org
    طريق محمد
    ومما أعجبني في مقال الاستاذ تركي قوله (فلسنا سلفيين أو صوفيين أو سنة أو شيعة، بل نحن مسلمون أولا وآخرا وكفى. نبينا محمد، وليس ابن حنبل أو ابن تيمية أو ابن القيم أو ابن عبدالوهاب، نبي الهدى هو محمد بن عبدالله وكفى، و”كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر”، كما قال الإمام مالك بن أنس، وهو يشير إلى قبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم). أما الأستاذ محمود محمد طه، فقد ربط بعث الإسلام في مستوى الأصول، بالتربية .. وجعل إتباع النبي صلى الله عليه وسلم منهاج التربية، التي تفضي بصاحبها، الى كمالات الدين العلى. فقد أصدر كتاباً في مارس عام 1966م اسماه " طريق محمد"، وجعل شعاره في أول صفحاته ( بتقليد محمد تتوحد الأمة ويتجدد دينها).. وجاء في إهدائه ( الى الراغبين في الله وهم يعلمون، والراغبين عن الله، وهم لا يعلمون .. فما من الله بد ). وعن شخصية النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، جاء ( هذه نفس اكتملت لها عناصر الصحة الداخلية، واتسقت قواها الباطنية، وتحررت من الاوهام، والاباطيل، وسلمت من القلق، والخوف العنصري ، البدائي، الساذج .. ما أحوج بشرية اليوم ، كلها، الى تقليد هذه النفس التي اكتملت لها اسباب الصحة الداخلية ، تقليداً متقناً يفضي بكل رجل، وكل إمرأة ، الى إحراز وحدة ذاته، ونضج فرديته، وتحرير شخصيته، من الاضطراب ، والقلق الذي استشرى في عصرنا الحاضر بصورة كان من نتائجها فساد حياة الرجال والنساء والشبان في جميع أنحاء العالم )( محمود محمد طه-طريق محمد –الطبعة الثالثة ص 16).
                  

10-15-2014, 10:51 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    أوجه القصور الدبلوماسي السوداني في معالجة نزاع حلايب
    ArticleComments (0). Email PrintSave
    --------------------------------------------------------------------------------

    بقلم دكتور فيصل عبدالرحمن على طه

    1- منطقة حلايب البحرية
    لحلايب ساحل على البحر الأحمر يمتد إلى مسافة قد تصل إلى حوالي مائة وثمانين كيلومتراً. وسينتج هذا الساحل لإقليم حلايب البري مناطق بحرية تمتد إلى وسط البحر الأحمر. وربما يثبت في مقبل الأيام أن الإقليم البحري لمثلث حلايب له جدوى اقتصادية كبرى لجهة ثرواته الطبيعية الحية وغير الحية. وحتى يكون القارئ غير المتخصص على بينة من الأمر، نذكر هنا أنه وفقاً للقانون الدولي للبحار، فإن الدولة التي تملك السيادة على مثلث حلايب ستكون لها قانوناً مناطق بحرية في الرقعة البحرية المتاخمة لها. فالقاعدة الجوهرية في هذا المجال هي أن الأرض تسيطر على البحر. أي بمعنى أن الحقوق البحرية تُستمد من سيادة الدولة الساحلية على إقليمها البري. ففي قضية تعيين الحدود البحرية بين قطر والبحرين، قالت محكمة العدل الدولية إن الوضع الإقليمي البري ينبغي أن يؤخذ كنقطة البداية لتحديد الحقوق البحرية للدولة الساحلية.

    بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ومصر والسودان من أطرافها، ستكون لاقليم حلايب البري مياه داخلية وبحر اقليمي ومنطقة اقتصادية خالصة وجرف قاري، وقد نصت الاتفاقية التي أصبح معظمها الآن عرفاً دولياً على اتساع كل منطقة وطريقة تحديدها وخصائصها القانونية. حسبنا أن نذكر باختصار شديد أن الدولة صاحب السيادة على إقليم حلايب البري ستكون لها سيادة كاملة على المياه الداخلية. وباستثناء حق المرور البرىء المكفول للسفن الأجنبية ستكون لها أيضاً السيادة على البحر الإقليمي. وتشمل هذه السيادة الحيز الجوي فوق البحر الاقليمي وكذلك قاعه وباطن أرضه. وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة ستتمتع تلك الدولة بحقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية. كما ستكون لها في نفس المنطقة ولاية على إقامة واستعمال الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات، وولاية على البحث العلمي البحري وحماية البيئة والحفاظ عليها. أما في الجرف القاري فستمارس تلك الدولة حقوقاً سيادية لاغراض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية التي يحتويها الجرف. ويُقصد بذلك الموارد المعدنية وغيرها من الموارد غير الحية لقاع البحر وما تحته.

    نأمل أن يكون ما سقناه في الفقرة الفائتة قد عكس بشكل كافٍ أهمية الإقليم البحري لمنطقة حلايب. ولكن يُؤسف المرء أن يذكر أن هذا الإقليم لا يجد الاهتمام الذي يستحقه من السودان وسندلل على ذلك بوقائع سترد من بعد.

    2- قرار رئيس جمهورية مصر رقم (27) لسنة 1990
    بمقتضى قرار رئيس جمهورية مصر رقم (27) لسنة 1990 أعلنت مصر عن خطوط الأساس المستقيمة التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية. نصت المادة الأولى من القرار على أن يبدأ قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية مصر بما فيها بحرها الاقليمي من خطوط الأساس المستقيمة التي تصل بين مجموعة النقاط ذات الإحداثيات التي وردت في المادة الثانية من القرار. وقد نصت الفقرة (2) من المادة الثانية على أن تكون الإحداثيات في البحر الأحمر وفقاً للمرفق رقم 2. وبمطالعة هذا المرفق نجد أن الإحداثيات المصرية تشمل في البحر الأحمر ساحل منطقة حلايب وذلك عبر إحداثيات النقاط من 50 إلى 56. ودلالة ذلك على مسألة السيادة على حلايب لا تحتاج مني لشرح أو تفسير.

    ولفائدة القارئ أنوه إلى أن القرار رقم (27) لسنة 1990 منشور في موقع قسم شؤون المحيطات وقانون البحار التابع للأمم المتحدة. لا تتوافر لدي معلومات حول ما إذا كان السودان قد بعــث بمذكرة احتجاج للحكومة المصرية يتحفظ فيها على القرار رقم (27). ولكن يستطيع المرء أن يقطع بأن السودان لم يسجل أي مذكرة تحفظ لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة كما تقتضي الأصول القانونية والدبلوماسية المرعية في مثل هذه الحالات، لأنه إن فعل ذلك فإن تحفظه كان سينشر في موقع شؤون المحيطات وقانون البحار.

    3- الوجود العسكري ووضع علامات على خط 22
    إن لمصر الآن وجود عسكري كبير في حلايب يعود تاريخ نشره إلى ديسمبر 1992. ونجد تفصيلاً لذلك في الرسالة التي بعث بها في 27 ديسمبر 1992 وزير خارجية السودان آنذاك علي أحمد سحلول إلى رئيس مجلس الأمن. جاء في تلك الرسالة أن القوات المصرية توغلت بتاريخ 9 ديسمبر 1992 في الأراضي السودانية لمسافة 28 كيلومتراً جنوب مدينة حلايب السودانية في محافظة حلايب، وعلى الطريق الذي يربطها بميناء بورتسودان. كما جاء فيها أن تلك القوات أقامت عدة معسكرات في الأراضي السودانية. وجاء في مذكرة السودان كذلك أنه في مساء نفس يوم 9 ديسمبر تقدمت قوة مصرية أخرى مكونة من ستمائة جندي وضابط داخل الأراضي السودانية واستقرت على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب مدينة حلايب وفرضت حصاراً كاملاً على المدينة وأحاطت بنقاط عسكرية سودانية كانت موجودة في المنطقة. وقد توقفت تلك القوة عند خط 22 وأقامت على طول الخط عدداً من المعسكرات وعلامات حدودية كُتِب على جنوبها الجغرافي السودان وعلى شمالها مصر.

    رد وزير خارجية مصر آنذاك عمرو موسى في رسائل بتاريخ 3 و14 يناير 1993 إلى رئيس مجلس الأمن على الرسالة السودانية. ففي إحداهما رفض عمرو موسى ما وصفها بالادعاءات التي تضمنتها رسالة سحلول واعتبرها مساساً بسيادة مصر على أراضيها. وشدد على أن مصر لم تنقطع عن ممارسة سيادتها على المنطقة الإدارية الواقعة شمال خط العرض 22 منذ توقيع وفاق 1899. وأبرز من مظاهر تلك السيادة ما يلي:

    الوجود المصري الأمني والإداري في المنطقة بكل صوره.
    مسؤولية مصر عن اصدار القرارت الخاصة بالتنقيب على المعادن في المنطقة للشركات المصرية والسودانية على السواء علاوة على ممارسة مصر لانشطة تعدينية في المنطقة منذ عام 1915.
    إنشاء محمية طبيعية في المنطقة بهدف حماية مظاهر الحياة الطبيعية فيها.
    صدور الخرائط الرسمية لمصر منذ توقيع وفاق عام 1899 موضحاً عليها حدودها الدولية التي يمثلها خط عرض 22.

    وفي رسالة أخرى بتاريخ 30 مايو 1993 إلى رئيس مجلس الأمن قال عمرو موسى إن الاختصاصات الادارية المحدودة التي خولتها مصر للسودان في المناطق الواقعة شمال خط عرض 22 هي اختصاصات لا ترقى بحال إلى الدرجة التي تستحق معها صفة أعمال السيادة، ولا تصلح سنداً لاكتساب أية حقوق على الإقليم. وأوضح عمرو موسى أن وجود قوات حرس الحدود على طول الحدود المصرية أمر طبيعي ومن قبيل ممارسة مصر لسيادتها على أراضيها، وتقتضيه في الآونة الأخيرة دواعي حماية الأمن المصري في مواجهة العناصر الإرهابية التي تزايد نشاطها واختراقها للحدود.

    يلاحظ مما تقدم ما يلي:
    (أ) لم يطلب السودان دعوة مجلس الأمن للأنعقاد لمناقشة الأحتلال العسكري المصري لحلايب ووضع علامات حدود احادية على خط andordm;22 شمال.
    (ب) لم يتبع السودان مذكرته بتاريخ 27 ديسمبر 1992 بمذكرة اخرى يفند فيها الأدعاءات المصرية على مثلث حلايب التي وردت في رسائل عمرو موسى بتواريخ 3 و 14 يناير و 30 مايو 1993.

    4- المفاوضات المصرية - السعودية
    في 26/1/1431هـ الموافق 12 يناير 2010 أصدرت المملكة العربية السعودية المرسوم رقم (م/4) لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي وفق قوائم إحداثيات جغرافية ضمنت في ثلاثة جداول تحمل الأرقام 1 و2 و3. وهذا المرسوم منشور في موقع قسم شؤون المحيطات وقانون البحار.

    وبما أن السودان من الدول المشاطئة للبحر الأحمر فمن الطبيعي أن يتوقع المرء أن تعكف الجهة المختصة في السودان لدراسة الإحداثيات الواردة في الجدول رقم 1 المتعلقة بالبحر الأحمر واتخاذ موقف بشأنها حيال الدولة المعنية وتسجيل هذا الموقف لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. خاصة وأن الحدود البحرية بين السودان والمملكة لم تحدد بعد ولكنهما أبرما في 16 مايو 1974 اتفاقية بشأن الاستغلال المشترك للثروة الطبيعية الموجود في قاع وما تحت قاع البحر الأحمر في المنطقة المشتركة بينهما.

    أما مصر فقد تحفظت على خطوط الأساس السعودية بإعلان بتاريخ 15/9/2010 بعثت به إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ونُشر الإعلان المصري في موقع شؤون المحيطات وقانون البحار. وتكمن أهمية الإعلان المصري في أنه كشف عن مفاوضات تجري بين الحكومتين المصرية والسعودية لتحديد الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر وأن هذا التحديد ربما يشمل المنطقة البحرية لمثلث حلايب. جاء في الفقرة الثانية من الإعلان المصري: «إن جمهورية مصر العربية تعلن بأنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية في الجدول رقم 1 المرفق بالمرسوم الملكي رقم (م/4) بتاريخ 12 يناير 2010 - المقابلة للساحل المصري في البحر الأحمر شمال خط عرض 22 الذي يمثل الحدود الجنوبية لمصر - بما لا يمس بالموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدين».

    في ضوء ما أسلفنا فإن المرء كان يتوقع تحركاً دبلوماسياً سريعاً من السودان: كأن تطلب وزارة الخارجية مثلاً توضيحاً من المملكة عن الحدود التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر وما إذا كانت تشمل إقليم حلايب، والتحفظ على الإعلان المصري لأنه مؤسس على فرضية أن منطقة حلايب تخضع للسيادة المصرية، والتحفظ كذلك ورفض نتائج أي مفاوضات سعودية - مصرية تقوم على أساس الاعتراف بالسيادة المصرية على حلايب. ومن ثم تضمين الموقف القانوني في مذكرة أو مذكرات وإيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وطلب تعميمها على الدول الأعضاء ونشرها.

    ولكن يبدو أن شيئاً من ذلك لم يحدث. بل أدلى الناطق الرسمي لوزارة الخارجية بتصريح لصحيفة الاهرام اليوم السودانية في 12 يناير 2011 قال فيه «إن معالجة النزاع التاريخي في مثلث حلايب أمر متروك لتقدير وحكمة القيادة السياسية للسودان ومصر. ونبه إلى أن موقف السودان في القضية معلوم وموثق في أضابير الأمم المتحدة. وأكد أن أي اتفاق ثنائي لا يدحض موقف السودان في النزاع القانوني القائم حول خط 22. وقطع خالد موسى بأن أي اتفاق بين دولتين ليست له سلطة نفاذ على طرف ثالث مجاور».

    لا خلاف في أن المعاهدة لا تنشئ إلتزامات أو حقوقاً للدول الغير بدون موافقتها. فهذا مبدأ ثابت في القانون الدولي العرفي وقد قننته المادة 34 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969. ولكن إذا مست أو حتى لو كان هناك مجرد احتمال بأن تمس معاهدة ما حقوق طرف ثالث، فإنه ينبغي على هذا الطرف الثالث أن يتدخل لتأكيد حقوقه أو الحفاظ عليها وذلك بالاحتجاج لدى الدولتين المعنيتين وتسجيل موقفه لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. فلا مجال للسكوت أو عدم الاحتجاج في ظرف يستوجب رد فعل إيجابي للتعبير عن الاعتراض أو الدفاع عن الحقوق. فالقبول الضمني والإذعان ينشأ من السكوت أو عدم الاحتجاج عندما يكون الاحتجاج أو التدخل ضرورياً بل واجباً لحفظ الحقوق.

    5- حلايب في قائمة مجلس الأمن
    في 20 أغسطس 1996 أصدر رئيس مجلس الأمن مذكرة بشأن تبسيط قائمة المسائل المعروضة على مجلس الأمن. ورد في هذه المذكرة أن مجلس الأمن قرر ألا يحذف أي بند من قائمة المسائل المعروضة على المجلس دون الموافقة المسبقة للدول الاعضاء المعنية وفقاً للاجراءات التالية:
    (أ) سيحدد البيان الموجز السنوي الذي سيصدره الأمين العام في يناير من كل سنة بشأن المسائل المعروضة على المجلس البنود التي ستحذف من القائمة في حال عدم صدور أي إخطار من دولة عضو بحلول نهاية فبراير من تلك السنة.
    (ب) إذا أخطرت دولة عضو في الأمم المتحدة الأمين العام برغبتها في الاحتفاظ ببند من البنود في القائمة، فإنه سيحتفظ بذلك البند.
    (ج) سيظل الإخطار سارياً لمدة سنة واحدة ويمكن تجديده سنوياً.
    أرفق رئيس مجلس الأمن مع مذكرته قائمة بالمسائل المعروضة على المجلس آنذاك وقد كان بضمنها البند رقم 6: «رسالة مؤرخة 20 شباط / فبراير 1958 موجهة إلى الأمين العام من مندوب السودان». نحسب أن بعثة السودان الدائمة في نيويورك تواظب على تجديد هذا البند وفقاً للمطلوبات الاجرائية.

    في الختام نود ان نذكر مايلي:
    (أ) ان على السودان ان يستثمر استمرار وضع مسألة حلايب على قائمة مجلس الأمن لتأكيد سيادته على المنطقة بكافة السبل المتاحة.
    (ب) ان على المسؤولين والدبلوماسيين السودانيين ان يكفوا عن التصريحات بجعل حلايب منطقة تكامل لأن الطرف الأخر يرفضها بالفهم السوداني. ان الرؤية المصرية للتكامل كما وردت على لسان رأس الدبلوماسية الأسبق احمد ابو الغيط في برنامج 90 دقيقة على قناة المحور بتاريخ 21 سبتمبر 2013 هو ان القاهرة على استعداد لجعل حلايب منطقة تكامل في مقابل ان تخصص الخرطوم منطقة مماثلة جنوب خط 22 للتكامل على نفس النمط. وغني عن القول ان قبول هذا الفهم للتكامل سيعني بالضرورة اقرار السودان بسيادة مصر على مثلث حلايب.

    لذلك نرى ان يعكف السودان منذ الأن على اعداد وتقوية ملف حلايب من كل جوانبه القانونية والسياسية والأستراتيجية
                  

10-15-2014, 11:07 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    الحيثيات السياسية والقانونية لتنحي الرئيس البشير
    د. الطيب زين العابدين:


    10-15-2014 04:26 PM
    د. الطيب زين العابدين

    تصر حكومة الإنقاذ على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر أبريل 2015 بحجة أنها استحقاق دستوري لا بد من الوفاء به، وذلك رغم مطالبة كافة أحزاب المعارضة والحركات حاملة السلاح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بتأجيل تلك الانتخابات حتى ينتهي مؤتمر الحوار الوطني، الذي دعا له رئيس الجمهورية في يناير 2014 وسار ببطء متعمد من قبل الحكومة، من مداولاته وينظر في كيفية تنفيذ مخرجاته ومنها مسألة الانتخابات القادمة. ويبدو أن الحكومة تسير قدماً في إجراء العملية الانتخابية بصرف النظر عن مشاركة الأحزاب ذات الوزن الجماهيري فيها أو عدم مشاركتهم. فقد استعد الحزب الحاكم لتلك الانتخابات منذ عام 2012 ورصد لها الموارد اللازمة ماليا وإداريا وبشريا، وقام منفرداً بتعديل قانون الانتخابات وبتشكيل مفوضيتها وجهازها الإداري، وترتيب قوائم لجانها الانتخابية في الولايات والمحليات بالصورة التي تمكنه من الفوز بها دون كبير عناء. وتشير كل الدلائل إلى أن الرئيس البشير عازم على أن ينال فترة رئاسية جديدة تحت كل الظروف، وليس هناك في أجهزة الحزب القيادية من يجرؤ على منافسته أو الاعتراض على ترشيحه، خاصة بعد أن أحال للتقاعد الإجباري زمرة من المؤسسين لسلطة الإنقاذ في الثامن من شهر ديسمبر الماضي حتى لا تتوافر بدائل يمكن أن يخطر ببال أحدهم التفكير في المنصب الأول. ونريد في هذه المقالة أن نسرد الحيثيات السياسية والقانونية ضد ترشيح الرئيس البشير لفترة أخرى لا طمعاً في قبولها من الحزب الحاكم، ولكن معذرة لله وتذكيراً للشعب السوداني لعله ينتصح بمنعرج اللوى فيسجل موقفاً يحفظه له التاريخ قبل أن يُصبح عليه ضحى الغد.

    أولاً الحيثيات السياسية:
    لقد بقى الرئيس البشير على رأس السلطة التنفيذية في البلاد منذ الإنقلاب العسكري على الديمقراطية الثالثة في الثلاثين من يونيو 1989 وإلى الوقت الحاضر، أي أنه ظل رئيساً للسودان لمدة خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف (حتى 15/10/2014) بالتمام والكمال، وهي أطول فترة قضاها رئيس سوداني في السلطة بل هي أكثر من ضِعف المدة التي تولاها كل الرؤساء في الفترات الديمقراطية الثلاث.ومن حق التلاميذ الذين أكملوا مرحلة الأساس في عام 1989 أن يشهدوا رئيسا جديدا للبلاد بعد أن بلغ بهم العمر 40 سنة حسوما، والمثل السوداني يقول "كترة الطّلة بتمسخ خلق الله "! ولا يبدو أن الرئيس لديه ما يضيفه لكسبه الماضي رغم ضعف ذلك الكسب بعد أن بلغ السبعين من العمر. وتعتبر هذها لفترة الطويلة من عمر الإنقاذ بمعايير المصالح العليا للبلاد فاشلة بامتياز، فقد فشلت الدولة في الحفاظ على وحدة البلاد، وفي تحقيق السلام والأمن، وبسط العدل والمساواة والشورى بين الناس، وفي إجراء انتخابات تعددية حرة ونزيهة، وفي رعاية حقوق الإنسان، وفي احداث تنمية اقتصادية واجتماعية، ومحاربة الفقر. واتسمت هذه الفترة الطويلة بمصادرة الحريات،وبغياب الشفافية وتفشي الفساد في كل أجهزة الدولة بصورة غير مسبوقة، وبضياع أكثر من خمسين مليار دولار هي عائدات تصدير البترول بين عامي 1999 و2011 ، لم تصرف على الزراعة ولا على الصناعة ولا على الخدمات الضرورية، ولا يعرف أحد أين صرفت. وشهدت الفترة إعلاء شأن القبلية في العمل السياسي والوظيفي والعسكري على حساب التأهيل والكفاءة، وانهيار مؤسسات الدولة المدنية والنظامية، وإضعاف مستوى التعليم والصحة، وتدهور علاقات السودان الخارجية مع محيطه الإقليمي والدولي حتى أصبح جواز السفر السوداني عبئاً ثقيلاً على المواطنين ومصدر تهمة لهم في مطارات العالم. وسيبقى السودان سنوات عديدة يبرر أخطاء الإنقاذ وحماقاتها ومغامراتها التي ارتكبتها في حق الآخرين، ومن الأفضل له أن يبدأ الآن عهداً جديداً برئيس جديد.

    ولم يضرب الرئيس المثل والقدوة في مشاركة الناس همومهم وأحزانهم حين تلم بهم المآسي والكوارث الجماعية مثل: احتلال حلايب بالجيش المصري، ودخول حركة العدل والمساواة إلى قلب أمدرمان، والهزائم العسكرية التي حاقت بالقوات الحكومية في كبويتا والكرمك وقيسان وهمشكوريب والفاشر وهجليج وأم روابة...، وكوارث السيول والأمطار التي ضربت الجزيرة والخرطوم والشمالية، وغير ذلك مما كان يتطلب حضور الرئيس شخصياً إلى مواقع الأحداث الأليمة بهدف المواساة وتخفيف المعاناة عن الناس،والتربية العسكرية تفترض أن يكون القائد في طليعة جنوده عندما يحتدم الوغى.

    ويبدو أن طول المقام في السلطة جعل الرئيس أكثر انفراداً باتخاذ القرار خارج أجهزة الحزب والدولة، وأقل احساساً واستجابة للرأي العام ومطالبه وشكاويه. ولا يشعر المرء المراقب للأوضاع أن الرئيس يبذل جهداً مقدراً في معالجة مشكلات البلاد كما كان يفعل الرئيس نميري مثلاً، بقدر ما هو مهتم بالاحتفاء والاستمتاع بمظاهر السلطة وبروتوكولاتها واحتفالاتها، وأن العلاقات الشخصية لها أثر كبير في سلوكه وقراراته ومن يحضر مجالسه. وأخيراً أصبح الرئيس ملاحقاً من قبل محكمة الجنايات الدولية بسبب جرائم الحرب المرتكبة في دارفور، والتي شهدت عليها لجنة دفع الله الحاج يوسف في 2004 ولجنة القضاة الأممية التي بعثها الأمين العام للأمم المتحدة في 2005 ولجنة الاتحاد الافريقي بقيادة ثابو أمبيكي في 2009، مما حرم البلاد أن تمثل برئيسها في المنتديات الدولية في معظم أقطار العالم التي يمكن أن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وبسبب تهاون السودان في محاكمة مرتكبي الانتهاكات الإنسانية الجسيمة في دارفور، تعرضت البلاد إلى عدم إعفاء ديونها الخارجية (43 مليار دولار) رغم أنها من ناحية اقتصادية وفنية تستحق ذلك بجدارة، وإلى وضعها في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإلى توقيع عقوبات دولية قاسية عليها، وحرمانها من المعونات والقروض الميسرة من مؤسسات التمويل العالمية،ومن اجتذاب الاستثمارات الدولية. ما ذنب أهل السودان ليتحملوا كل تلك النوازل والعقوبات بسبب مغامرات حكومة الإنقاذ في سياساتها الخارجية الحمقاء؟وإلى متى يستمر هذا التحمل؟ ألا تكفي كل السنوات المضنية الماضية؟ أليس من العدل والشجاعة أن تتحمل سلطة الإنقاذ وحدها وعلى رأسها البشير عواقب تلك الأعمال وتفدي الشعب السوداني المسكين ولو برقبتها؟

    ثانياً الحيثيات القانونية
    تضع دساتير الدول آجالاً محددة للبرلمانات وللسلطة التنفيذية المنتخبة ومنها منصب رئاسة الجمهورية، تجري بعدها انتخابات جديدة. وفي حالة السلطة التنفيذية عادة ما يذكر الدستور إن كان يجوز إعادة انتخاب نفس الشخص مرة أخرى أم لا. وهذا ما ورد في دساتير السودان السابقة، لكننا نستشهد هنا بالدساتير التي أجيزت في عهد سلطة الإنقاذ بالنسبة لولاية رئيس الجمهورية، والتي يجب أن تكون أكثر إلزاماً لهذه الحكومة.
    فقد جاء في دستور جمهورية السودان لسنة 1998م الذي وقعه في 30/6/1998مالفريق الركن عمر حسن أحمد البشير، رئيس الجمهورية، ما يلي بالنسبة لأجل ولاية رئاسة الجمهورية في المادة (41): "أجل ولاية رئاسة الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه، ويجوز إعادة انتخاب ذات الرئيسلمرة أخرى فحسب."

    وتكرر ذات النص في دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005م، تقول المادة (57):

    "يكون أجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنواتتبدأ من يوم توليه لمنصبه ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب.".
    ومن المعلوم أن البشير ظل رئيساً للجمهورية منذ عام 1996 وبقي في المنصب لتسع سنوات حتى إجازة الدستور الإنتقالي في يونيو 2005، واستمر رئيسا في ظل الدستور الانتقالي لمدة عشر سنوات حتى حلول الانتخابات في ابريل 2015،وتساوي المدة الأخيرة وحدها فترتان انتخابيتان. وبهذا يكون الرئيس البشير قد أكمل المدة المقررة له في الدستور الحالي وزاد عليها بما سبق، ولا يجوز ترشحه مرة ثانية لرئاسة الجمهورية. هذا إذا قبلنا الدستور الانتقالي الذي وضعته هيئة معينة وأجازه برلمان معين، وإذا تجاوزنا الطعن في انتخابات 2010 التي تأخرت سنة كاملة عن موعدها المحدد لها في الدستور، وقاطعتها عدد من الأحزاب الكبيرة نسبة لما شابها من خروقات واستغلال للنفوذ وتحيز من اللجان الإدارية للحزب الحاكم

    ؛ وقد استمر البشير في منصبه لمدة أربع سنوات بعد انفصال الجنوب الذي شارك في انتخابه! وليس صعباً على الحزب الحاكم أن يعدل الدستور قبل موعد الانتخابات القادمة ليمد أجل ولاية الرئيس لفترة أو فترات أُخر، مثل ما فعل معظم الحكام العسكريين في الوطن العربي، في سوريا ومصر والعراق والجزائر واليمن وليبيا وتونس. وفي هذه الحالة سيكون دستوراً مفصلا على مقاس رجل واحد ومثل هذه الدساتير لا تبقى زمناً طويلاً، كما أنه يتناقض تماماً مع دعوة الرئيس لتجديد شباب قيادة الحزب والدولة والتي احتج بها حين أحال عدداً من المؤسسين للإنقاذ للتقاعد الإجباري في ديسمبر الماضي. وقد أشار لذلك بشجاعة الدكتور أمين حسن عمر حين صرح لإحدى الصحف إن إعادة ترشيح البشير ينافي روح التجديد التي اعتمدها الحزب.
    وقد تضمن النظام الأساسي للمؤتمر الوطني ودستور الحركة الإسلامية ذات الاتجاه الذي جاء في الدساتير السابقة.

    تقول المادة (3/أ) من النظام الأساسي لحزب المؤتمر الوطني (المعدل في 2011): "أجل العضوية في المؤتمر العام (على كل المستويات) أربعةأعوام."
    وتقول المادة (36) من ذات النظام الأساسي: "لا يجوز إعادة انتخاب أو اختيار شاغلي المهام التنظيمية للمؤتمر الوطني في كافة المستويات التنظيمية لأكثر من دورتين."وهذا يعني ألا يعاد انتخاب البشير رئيساً للحزب وبالتالي لا ينبغي أن يرشح لرئاسة الجمهورية مهما هلل المطبلون في المؤتمر العام القادم، فاحترام دستور الحزب هو أدنى مطلوبات القيادة الرشيدة.

    ويقول دستور الحركة الإسلامية لسنة 2012 في المادة (30/5): "يكون دورة القيادات التنظيمية في مستويات الحركة كافة (بما فيها الحزب السياسي التابع لها حسب الدستور) أربعة أعوام ويمكن أن تجدد لدورة ثانية فحسب."
    إذن فإن دستور البلاد والنظام الأساسي للمؤتمر الوطني ودستور الحركة الإسلامية كلها تمنع الرئيس البشير من أن يترشح مرة أخرى لرئاسة الحزب أو لرئاسة الجمهورية، وقد كان البشير يفتخر أن حزبه هو نموذج متميز ينبغي للأحزاب الأخرى أن تقتدي به. وتشكل فرصة الانتخابات القادمة تحدياً للرئيس البشير أن يبرهن على أن حزبه يلتزم بدستوره ونظمه وسياساته التجديدية المعلنة. وليس هناك من مبرر لمخالفة دستور الحزب ودستور البلاد إلا أن يكون الرئيس قد استمرأ السلطة ويريد البقاء فيها ما وسعه ذلك. وأن شعار هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه! هو شعار فارغ المحتوى من أجل الاستهلاك الرخيص في أوساط العامةبقصد التدجيل والتضليل.
                  

11-17-2014, 04:52 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    في «تابت» عارٌ لا يُغسل إلا بالانتقاممحجوب حسين
    November 16, 2014


    «تابت» القرية الريفية الواقعة شمال مدينة الفاشر، غرب السودان، ليست أحد المعالم الاثرية السودانية التي وضعتها «اليونيسكو» ضمن مواقع التراث الإنساني لتنال شهرتها، أو بالاحرى هزيمة الإنسانية فيها.
    «تابت» هي الجرح والألم والحزن السوداني، بهذا المعنى «تابت» شكلت عنوانا للعار في ظل حكم إسلامويي الخرطوم، وحتما الموقع والحدث والاشياء والتاريخ الواقع محلا لذاكرة جماعية سودانية مؤلمة، ومدعاة في الوقت ذاته للتاريخ والتوثيق حتى يستحضر الشعب السوداني هذا اليوم، «يوم العار» ضمن تاريخ نُظم حكمه السياسية، شأنه شأن أيام الانتصارات والهزائم، فلا يكفي أن يستذكر التاريخ انتصاراته فقط.
    الإشارة هنا للجريمة ضد الإنسانية المكتملة الاركان التي قامت بتنفيذها عناصر من الجيش السوداني ضد ساكنة قرية «تابت» من العنصر النسوي في 31/10، الركن المادي لهذه لجريمة يتمثل في اغتصاب جماعي لأكثر من 200 من النساء، فيهن قاصرات وفتيات ومحصنات، وحتى لا ندخل في التكرار، حيث قال الشعب السوداني عبر كل الوسائط المتاحة موقفه، إلا اعلام الخرطوم «المسؤول» الذي التزم الصمت، هذا فضلا عن الحملة الاعلامية النشيطة للشعب السوداني وقواه السياسية الوطنية الديمقراطية، كما ثبتت العديد من الدول الغربية مواقفها ما بين الاستنكار والإدانة والشجب والتعبير عن القلق، صاحبتها دعوات لإقرار العدالة – كل على شاكلته – ما عدا الدول العربية والإسلامية، سواء في هيئاتها أو بمفردها، لم تسجل كعادتها اي موقف.
    الأهم في هذا السياق،

    دفعت تلك المجهودات الإنسانية مجلس الأمن الدولي إلى تخصيص جلسة يوم الاثنين 17.11.2014 – مقالنا قبل جلسة مجلس الامن- للنظر في الاغتصاب الماثل في «تابت»، وهي الواقعة في الجغرافيا السودانية الممثلة عبر سلطتها السيادية كعضو دولي «محترم»، أُرتكب جرمُ دولي عبر ايدي قوات البشير ونظامه، يصنف جريمة ضد الإنسانية، بالطبع هي مخالفة للقانون الدولي والعرف والقيم والثقافة لكل المجتمعات الإنسانية، بل هي أكثر حدة وعمقا وتأثيرا وردة في الفعل في بعض الثقافات والاديان مثل الإسلامية، وبالاخص بين القوي التقليدية والقبلية مثل الحالة السودانية، على سبيل المثال. وهنا لا نستبق قرارات مجلس الأمن في التعاطي مع هذه الجريمة، التي نأمل ان تتخذ القرارات لمعالجة كلية للامن والسلم في اقليم دارفور، واعادة النظر في قوة «اليوناميد» الدولية الهجين، الفاقدة للمصداقية والواقعة تحت رشى الحكومة السودانية، وتشكيل لجنة دولية محايدة بدون مشاركة «اليوناميد» تتولى مهام التحقيق الدولي،

    ومن ثم إحالة الملف بكامله للمحكمة الجنائية وفق الفصل السابع، والعمل على تنفيذ القرار في مساءلة ومحاكمة دولية شاملة.
    اغتصاب «تابت» لا يمكن النظر اليه بمعزل عن فلسفة عقل الحكم المهيمن القابع في السقوط والانحراف السياسي بشكله المعنوي والمادي، لقهر الروح والغائها، بل قتلها في مفارقة بين العقل والجسد والروح، لانتاج مجتمعات ذليلة قابعة خانعة مستسلمة منهــــزمة،لان هذا العقل السياسي هو المرجع الذي ينتج الفــــعل الإجرامي، ليتحول الامر إلى عقيدة ايديولوجية بامتياز، تمارس وتُطبق في كل المجالات من الاقتصاد إلى الثقافة إلى الاجتماع إلى الدين إلى الأمن، مضافا إلى كونه مرتكزا محـــوريا في ضبط ايقاع الهيمنة وفق اصول ومبادئ واسس حكم «الرذيــــلة» الإسلاموي الذي وقع في الســــودان، جاءت هــــذه الممارسات والتطبيقات في أشكال مختلفة، كالابادة الجمـــاعية الثابتة شكلا وموضوعا، وجرائم حرب ضد الإنسانية في عدد من اجزاء السودان، وسلاح التجــــويع إلى القهر وفق عقيدة الاغتصاب التي باتت نموذجا من نماذج القهر لنظام الحكم.

    الاغتصاب في «تابت» هو اغتصاب مادي يتحمله الرئيس السوداني ونظام حكمه، هذا هو الاغتصاب الاول.
    اما الاغتصاب الثاني فهومعنوي/ رمزي، وقع على مؤسسة الدولة السودانية منذ وقوع الانقلاب علي الارادة الشعبية السودانية، فيها تم اغتصاب الدولة ومؤسساتها عبر مجموعة سياسات وقعت في العقد الاول للحكم، الذي سجل أسوأ تعذيب «إسلاموي» جرى في الارض السودانية في بيوت خصيصة سميت «بيوت الاشباح» فيها يدخل الإنسان إنسانا ويخرج شبحا، وهنا على الناظر التأمل. فيما العقد الثاني الذي امتد إلى العقد الثالث فيها، توسع العقل الإسلاموي المنتج للآفات البشرية ليضع منظومة القيم والاعراف والاخلاق على المحك.

    ان الاغتصابين اللذين وقعا على السودان، جاء الاول في ماديته كما وقع في «تابت» ومثيلاتها الاخريات والسابقات، دورية أو يومية أو سنوية، ما زالت تتسم بالاستمرار والديمومة. اما الثاني فهو الاغتصاب الرمزي/ المعنوي الذي وقع على الوطن ككل، إلى ان تم تقسيم في ظل ادوات قهرية عاملة في الاغتصاب الشامل لكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والقانونية.
    انهما، اي الاغتصابين، لا يتم حلهما رغم توافر اسسهما القانونية الدولية الجنائية الا بفعل القوانين القبلية التقليدية، كأعراف شرعية، جوهر احكامها يقوم على فعل الانتقام، وهو فعل وعرف شرعي في منظومة القيم القبلية التقليدية التي توجه بالدرجة الاولى نحو رأس الحكم مباشرة، ودعوتنا هنا ان يكون يوم 31/10، من كل عام يوما «للعار السوداني» حتى يعرف الشعب السوداني ما حل به في تاريخه الحديث في ظل حكم الامبراطورية الإسلاموية الحاكمة في البلاد السودانية. إسلامويون منتجون لفعل الاغتصاب للنساء والاوطان.

    ٭كاتب سوداني مقيم في لندن

    محجوب حسين
                  

11-17-2014, 10:21 AM

Hisham Ibrahim
<aHisham Ibrahim
تاريخ التسجيل: 02-19-2006
مجموع المشاركات: 3540

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: الكيك)

    دا الكلام الجد ..... جد

    لقد بقى الرئيس البشير على رأس السلطة التنفيذية في البلاد منذ الإنقلاب العسكري على الديمقراطية الثالثة في الثلاثين من يونيو 1989 وإلى الوقت الحاضر، أي أنه ظل رئيساً للسودان لمدة خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف (حتى 15/10/2014) بالتمام والكمال، وهي أطول فترة قضاها رئيس سوداني في السلطة بل هي أكثر من ضِعف المدة التي تولاها كل الرؤساء في الفترات الديمقراطية الثلاث.ومن حق التلاميذ الذين أكملوا مرحلة الأساس في عام 1989 أن يشهدوا رئيسا جديدا للبلاد بعد أن بلغ بهم العمر 40 سنة حسوما، والمثل السوداني يقول "كترة الطّلة بتمسخ خلق الله "! ولا يبدو أن الرئيس لديه ما يضيفه لكسبه الماضي رغم ضعف ذلك الكسب بعد أن بلغ السبعين من العمر. وتعتبر هذها لفترة الطويلة من عمر الإنقاذ بمعايير المصالح العليا للبلاد فاشلة بامتياز، فقد فشلت الدولة في الحفاظ على وحدة البلاد، وفي تحقيق السلام والأمن، وبسط العدل والمساواة والشورى بين الناس، وفي إجراء انتخابات تعددية حرة ونزيهة، وفي رعاية حقوق الإنسان، وفي احداث تنمية اقتصادية واجتماعية، ومحاربة الفقر. واتسمت هذه الفترة الطويلة بمصادرة الحريات،وبغياب الشفافية وتفشي الفساد في كل أجهزة الدولة بصورة غير مسبوقة، وبضياع أكثر من خمسين مليار دولار هي عائدات تصدير البترول بين عامي 1999 و2011 ، لم تصرف على الزراعة ولا على الصناعة ولا على الخدمات الضرورية، ولا يعرف أحد أين صرفت. وشهدت الفترة إعلاء شأن القبلية في العمل السياسي والوظيفي والعسكري على حساب التأهيل والكفاءة، وانهيار مؤسسات الدولة المدنية والنظامية، وإضعاف مستوى التعليم والصحة، وتدهور علاقات السودان الخارجية مع محيطه الإقليمي والدولي حتى أصبح جواز السفر السوداني عبئاً ثقيلاً على المواطنين ومصدر تهمة لهم في مطارات العالم. وسيبقى السودان سنوات عديدة يبرر أخطاء الإنقاذ وحماقاتها ومغامراتها التي ارتكبتها في حق الآخرين، ومن الأفضل له أن يبدأ الآن عهداً جديداً برئيس جديد.

    ولم يضرب الرئيس المثل والقدوة في مشاركة الناس همومهم وأحزانهم حين تلم بهم المآسي والكوارث الجماعية مثل: احتلال حلايب بالجيش المصري، ودخول حركة العدل والمساواة إلى قلب أمدرمان، والهزائم العسكرية التي حاقت بالقوات الحكومية في كبويتا والكرمك وقيسان وهمشكوريب والفاشر وهجليج وأم روابة...، وكوارث السيول والأمطار التي ضربت الجزيرة والخرطوم والشمالية، وغير ذلك مما كان يتطلب حضور الرئيس شخصياً إلى مواقع الأحداث الأليمة بهدف المواساة وتخفيف المعاناة عن الناس،والتربية العسكرية تفترض أن يكون القائد في طليعة جنوده عندما يحتدم الوغى.




    من يوصل هذه للسيد / الرئيس ...
    شكراً د. الطيب فقد كفيت ووفيت ....
                  

11-19-2014, 09:19 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال مميز جدير بالاطلاع ....القراى ..يحاصر الاخوان المسلمين بافعالهم (Re: Hisham Ibrahim)

    لم يبقِ العَار مُزعة لحَم في وجُوهِنا! ..

    بقلم: فتحي الضَّـو



    الخميس, 13 تشرين2/نوفمبر 2014 11:02

    mailto:[email protected]@hotmail.com
    ما الذي جرى لنا.. ما الذي أصابنا.. بل ماذا دهانا.. هل وصلت بنا اللا مبالاة إلى هذه الدرجة التي تدعو للرثاء؟ هل هو انكسار ينعي إنسانيتنا أم خنوع دخل في قاموس الأمة التي طالما افتخرت بقيم الشجاعة والبسالة والشهامة؟ هل فعلاً أعاد الأبالسة صياغتنا بمثلما نطقوا وخططوا ونفذوا كالنازيين؟ لماذا صارت الدهشة رد فعلنا الوحيد أمام مصائبنا التي تكاثرت وصارت كالموج يدفع بعضه بعضاً. ما أن تتلاشى واحدة حتى نعود لممارسة ذات الدهشة البلهاء مع موجة أخرى؟ ما الذي جعل العُصبة الحاكمة تستمرأ فينا أفعال السوء بكل أشكالها وموبقاتها حتى لم تُبقِ لنا مُزعة لحم في وجوهنا نقابل بها وجه هذا الوطن الرؤوم؟ كيف لا ندرك بعد أن تكسرت النصال على النصال، أن ما تقوم به العصبة من جرائم وخطايا هو عمل ممنهج القصد منه تدمير السودان بما فيه ومن فيه. وإذا سأل سائل عن الغرض، ستجيبه عِبَر التاريخ التي لا يتعظ بها الغافلون، وستقول إن الأنبياء الكذبة استنسخوا تجارب الأمويين والعباسيين والتتار، وأن الذين اندهشوا لممارسات وأفعال داعش في بلاد الشام والرافدين، تناسوا سابقتها في بلاد السودان. لم يجتهد نافع علي نافع كثيراً، ولم يتطلب الأمر منه شيئاً سوى تحضير روح أبي العباس عبد الله بن محمد أول الخلفاء العباسيين، الذي اعتلى المنبر يوم توليه وخطب في الناس خطبته الدموية وختمها بقوله «وأعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلّمه إلى عيسى بن مريم عليه السلام» وعندما يقول علي عثمان طه يوم الخميس الماضي في نادي الشرطة، بعد حصاد ربع قرن في دولة المشروع الحضاري «إن إقامة الدولة الإسلامية لا يعني نهاية الجوع والوصول للرفاة» هل يظنن أحد أنه نقص حرفاً مما نطق به يزيد بن معاوية يوم جاءته الخلافة تجرجر أذيالها؟ إننا يا سادتي أشبه بمن دخل دهليزاً وأغلق الباب على نفسه ووضع المفتاح في جيبه في انتظار أن يُفتح له الباب من الخارج!
    (2)
    نعيد قراءة الحدث للذين قرأوا ولم يبالوا، أو الذين قرأوا وهم لاهون، أو حتى الذين قرأوا وتوسدوا أحزانهم وهم غير ملومين. خبر طاف الدنيا في لمح البصر لأنه يُعد بكل المقاييس من الأخبار التي تزلزل الضمير الإنساني، لأنه عرف ويلاتها وذاق مرارتها وأدرك مالآتها، حدث ذلك بعد أن تواترت أنباء باغتصاب نحو 200 إمرأة، بينهن متزوجات وبنات يفع وأطفال قُصر في قرية (تابت) وكالعهد بنا أخرج كل حزب وتنظيم ما في كنانته من بيانات الشجب والاستنكار، كأننا في مباراة لتأكيد الذات الوطنية. حدث بالقطع لم تشهد الدولة السودانية له مثيلاً إلا في ظل العصبة نفسها التي كررت ما فعلته في مدرسة طويلة الثانوية بنات العام 2004 وما ظل مستمراً بين الفينة والأخرى. وقد أعاد للأذهان أيضاً ما فعله التتار ببغداد بعد استباحتها، وما أقدم عليه الصرب في البوسنة بعد تواطؤ القوات الأممية، وما فعله الهوتو بالتوتسي في رواندا على غفلة من المجتمع الدولي. فنحن في دولة الأبالسة بتنا لا نبحث على الأمثال من كثرة ما تناوبت علينا البلايا ونحن صامتون. وطالما الشيء بالشيء يذكر، خرج بالأمس مئات الآلاف من الهنود للاقتصاص لبنت لقت حتفها بعد أن اغتصبها ستة من البلطجية، ولم يعد المتظاهرون لمنازلهم إلا بعد أن أخذت العدالة مجراها ومرساها. وتلك قصة أعادت لنا حمية المعتصم بالله (أبو اسحق محمد بن هارون الرشيد) التي اشتعلت فجيش جيوشه واتجه صوب عمورية بعد أن استغاثت به إمرأة من بني هاشم لطمها رجل من الروم، أي أنه لم يغتصبها كما هو حال نسائنا وفتياتنا، اللائي بحت أصواتهن وهن يستغثن بمعتصمٍ خرُس لسانه، واستغشى ثيابه حتى لا يسمع أنينهن ولا يرى خيبته في وجوههن!
    (3)
    ما الذي حدث؟ تقول الروايات التي ثبتت من كثرة تداولها، إن قوة عسكرية أعادت لنا سيرة (حملة الدفتردار الانتقامية) دخلت قرية تابت مساء يوم 31/10/2014 بذريعة البحث عن جندي مفقود، وعلى مدى تسع ساعات قضتها عاثت في القرية فساداً، ثمَّ انسحبت فجر اليوم التالي مُخلِّفة وراءها الضحايا المغتصبات وأحزانهن والعار الذي سارت به الركبان. وبعد يومين يعود قائد القوة العسكرية الرائد سعد عبد الكريم ليقدم اعتذاراً، كأنما الذي حدث كان نزهة للترويح عن النفس. هنيهةً وطرق الموضوع أبواب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (اليوناميد) فتحركت قوة منها حاولت الوصول للقرية، إلا أن السلطات العسكرية منعتها من مباشرة مهمتها، فعادت لموقعها. وكالعهد بها لجأت لوسيلة العاجز وأصدرت بياناً وضَّحت فيه المنع وملابساته. لكن خبراً كهذا لا يمكن أن يظل رهين المحبسين، الجدران والصدور. فعلى عكس ما عملت سلطة الدفتردار بغية محو آثار العدوان، انتشر الخبر وسرى في أركان الدنيا الأربعة، فالتقطته بعض الدوائر الرسمية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تقف بالمرصاد لنظام جُبل على ممارسات السوء. وفي نفس الوقت كان الأنبياء الكذبة قد شرعوا في تفعيل آلياتهم المعروفة في الفهلوة والتجديل. وفي يوم 9/11/2014 أي بعد نحو تسعة أيام من الواقعة، اتفقوا مع مجموعة أخرى من قوات اليوناميد تحت غطاء السماح لها بتقصي الحقائق، أي حتى يقال إنهم من الذين يسمعون القول ويتَّبِعون أحسنه!
    (4)
    دخلت بعثة اليوناميد القرية وانتشر أفرادها، ولكن في معية كل منهم خمسة أفراد من العسكريين، بينهم واحد من جهاز الأمن وآخر من الاستخبارات، وإمعاناً في الشفافية كان الأخير يحمل كاميرا لتصوير المُستطلعين، ربما للذكرى والتاريخ! عندئذٍ كان من البديهي أن يلتزم الضحايا الصمت خشية مزيد من الكوارث التي لا يُخاف عُقباها. على إثر ذلك خرجت البعثة الأممية ببيان هزيل لم يقنع حتى رئاستها في نيويورك، حيث قال جاري كوينلان رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر «إن زينب بانجورا ممثلة الأمين العام المختصة بالعنف الجنسي في مناطق الصراعات، وعدداً من أعضاء مجلس الأمن، أبدوا قلقهم إزاء تواجد جنود سودانيين أثناء استجواب ضحايا الاغتصاب» وتعلمون أن محصلة كهذه تعد من المسلمات التي لا تحتاج (لدرس عصر) كما نقول في عاميتنا الدارجة. ولكن دعني أقول لك ما هو أكثر إيلاماً – أيها القارئ الصبور – إن هذا التضارب والتذبذب والتناقض ليس بجديد في سيرة بعثة حفظ السلام الهجين، فذلك مجرد غيض من فيض، فقد غمرتنا البعثة بفسادها المتجذر في أركانها حتى لم يبق من درنها شيء، وهو الفساد الذي كشفت نذراً منه السيدة عائشة البصري، والمحزن أن موقفها هذا لم يجد منّا التقدير اللائق، ولكن تلك قصة نرجئها لمقال آخر حتى لا نكثر على القراء تقليب المواجع. على كلٍ بعد تسعة أيام جفَّ فيها الضرع والدمع والماء المهين، ختم (الناكر الرسمي) الصوارمي خالد سعد بضخ أكاذيبه التي ألفتها الأذن حتى حفظناها عن ظهر قلب، فلم يكن منظوراً منه غير النفي المعتاد.. وكالعادة دون أن يطرف له جفن!
    (5)
    هذه جريمة شنعاء تعد من أبشع الجرائم اللا إنسانية. فهي لا تكتفي بحيونة المرأة، وإنما إذلالها ببذر كائن غريب في رحمها لتحمله وهناً على وهن وهي كارهة له. هل ثمة شعور أقسى من ذلك؟ هل تخيل أحدنا نفسه مكان ذاك الأب الذي أُقتيد عنوة ومن ثم اغتصبت بناته أمام ناظريه؟ هل استشعر أحدنا توسلات تلك الطفلة للوحوش بأن يتركوها لأنها يتيمة؟ هل أدركنا كيف يكون الانكسار الذي سيتبع الضحايا كظلهم حتى يوم يقبرون؟ إذن ما جدوى الحياة؟ ولكن لأن الحائط المائل لا يسقط فجأة، هل أقول جزى الله الشدائد عنَّا كل خير، فلربما ذكَّرنا ما حدث بضرورة تسمية الأمور بمسياتها الصحيحة، التي تُوجه فيها أصابع الاتهام لموضع الداء دون تلجلج أو تلكَّع أو مداراة. أليس رئيس الدولة السنيَّة وحامل أوزار النظام هو من أعطى الاغتصاب معنىً مغايراً، وقال إنه شرف ينبغي أن تتباهى به نساء الإقليم المنكوب؟ لم ينفطر قلبه عليهن من حرب ثكلن فيها الزوج والإبن والأخ والعم والخال، ولم تدمع عينيه وهن يرزحن في معسكرات الذل والهوان عاماً بعد عام. ومن عجبٍ هو ذات الرئيس الذي وقف متنبراً وقال بالنص «أحسن يسمعوها مني مباشرة.. أنا قاعد رئيس ما في قوات أممية بتدخل دارفور.. لأنه أنا أسهل لي مليون مرة أبقى قائد للمقاومة في دارفور ضد القوات الأجنبية ولا رئيس جمهورية» فتأمل سيرة من أصبح مسليمة مجرد تلميذ صغير في مدرسته!
    (6)
    صفوة القول دعونا نخلص إلى مباديء نسوقها بأضعف الإيمان لعلها تكون ترياقاً للجرح النازف:
    أولاً: نقول للذين برعوا في إصدار بيانات الشجب والاستنكار ذلك يكفي. فالمسألة أكبر من أن تصبح مزاداً في مضمار الوطن والوطنية. وإذا كان المقصود بها مخاطبة الرأي العام السوداني، فالرسالة قد وصلت، وجزاكم الله عن المكلومات خير الجزاء، وليت الأمر بعدئذٍ ينتقل من دوائر التنظير إلى دوائر التفعيل!
    ثانياً: عوضاً عن ذلك لعل الحادبين يعمدون إلى مخاطبة المنظمات الدولية بمذكرات ضافية، وعلى رأسها الهيئة الأممية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان، والمنظمات الإقليمية كالاتحاد الأفريقي ومنظمة دول الإيغاد والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذا الاتحاد الأوروبي وتحديداً دول الترويكا، وحكومات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا، للنهوض بموقف دولي حازم، لا يتمثل في القيام بتحقيق تتوفر فيه عوامل النزاهة والاستقلالية والشفافية فحسب، وإنما ينحو إلى معاقبة فجور النظام وتماديه في إنتاج الخطايا حيال الشعب السوداني!
    ثالثاً: ليس صدفة أن السيدة عائشة البصري التي صوبت سهامها مباشرة نحو فساد قوات حفظ السلام العاملة في السودان، وفرت لنا فرصة تاريخية بحيثيات تستطيع القوى السياسة المعارضة النهوض بها إن شاءت تسجيل مواقف تزيح عنها عبء الركود والعجز واللا مبالاة!
    رابعاً: لا يخفي على أي مراقب أن الحادثة مهدت الطريق نحو المحكمة الجنائية لمزيد من شد الأنشوطة حول رقاب أركان النظام وعلى رأسهم رئيس النظام!
    خامساً: علاوة على ذلك أمام الحركة الشعبية قطاع الشمال، وكذا الجبهة الثورية فرصة أخرى، يمكن استغلالها لوضع حد لعبث واستهتار النظام بمصائر الشعب السوداني، ذلك ما يمكن أن يتأتى عبر تعليق المفاوضات التي من المنظور أن تبدأ اليوم مع الأولى في أديس أبابا برعاية تامبو أمبيكي رئيس لجنة الوساطة المكلفة من الاتحاد الأفريقي، أو تلك غير المباشرة مع الثانية، وإلا فإن مضيهما في هذا الطريق سيعد مخاتلة وخنوعاً إن لم يكن مباركة لجرائم الاغتصاب!
    سادساً: في تقديري يجب الانتباه للتوابع التي تلت الزلزال. فنحن نخطيء كثيراً عندما نقول المغتصابات الدارفوريات، إذ إنهن سودانيات في المقام الأول بحكم الهوية القومية التي لا تمنحها دارفور بالهوية الجغرافية. فتلك من ترهات النظام الذي يجد في القبلية والجهوية والمناطقية ملاذاً لهدف يضمره في أجندته الخفية كما تعلمون!
    سابعاً: بنفس القدر نقول ليت المنظرين يكفون عن ترديد ما نضح به قاموس النظام في تقسيم جغرافيا السودان بين مركزٍ وهامش، ففي ظل الدمار الشامل الذي لم يستثن شبراً، تصبح هذه المصطلحات غير واقعية بل ليست بذي جدوى، هذا إن لم نقل إنها ترمي في اتجاه تغذية مسارات التفكيك المحدقة بالوطن، سيَّما، وأن البعض بدأ يجنح عنوة إلى تحميل الشعب كله أوزار العصبة وهم براء. لكن تبعاً لذلك لو شئنا تصحيفاً لتلك المصطلحات، فلا بأس من تلبيس السلطة صفة المركز طالما أن أبناء وبنات الشعب (الفضل) ظلوا في هامشها يدورون!
    ثامناً: لقد قتلت الديكتاتوريات الحس الوطني فينا أو تكاد، ومع ذلك لن نكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم. فما جدوى القلم إن لم ينزف دماً كذاك الدم المهراق، وما جدوى الكتابة إن لم تكن ممزوجة بعرق الكادحين والبؤساء والمساكين، وما جدوى الحديث إن لم يكن معطوناً بمحنة وطن ومعجوناً بمأساته... فيا ويح قلبي وقلمي معاً، إن كانت تلك صرخة في وادٍ بذي قفر!!
    آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de