نشاز الكونشيرتو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 09:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-08-2014, 03:21 AM

Tagelsir Elmelik
<aTagelsir Elmelik
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 4028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نشاز الكونشيرتو



    في الصباح الباكر، أشار علينا كبير الأوز بالتهيؤ للرحيل، كنا قد صحونا باكراً، غسلنا وجوهنا في الماء، وبيننا ملحدون، قانعون بأن جنتهم هي الأرض المنبسطة، وتلالها وتخومها، وصحاريها، وظلال الشجر النابت عند اقدام الجسر العظيم، وسماءها بزرقتها وضبابها، وخضرة عشبها الذي يحف مجرى النهر، والفراش القلق، والديدان والأسماك الصغيرة، واتفقوا فيما بينهم، بأن الجحيم، فحيح الأفاعي، والحرس الشاكي السلاح، وكاميرات المراقبة المخبأة تحت معاطف شارات المرور، عددنا ما تبق من شملنا، حسبنا اسرانا، واحتسبنا موتانا، والذين تخلفوا عن الركب، بقي عشرون منا في كامل العد والعداد، ننظر الافق، فينفلق تحت سطوة أعيننا الراصدة، ومثل سرب من النفاثات المقاتلة، علونا سرج الريح، مطهم برذاذ القطر، كان صباحاً ضبابياً، غرقت في رماده عمائر البشر، وطرقاتهم المعبدة، وحين استوينا حذاء الأفق، أمطرنا مركباتهم سلحاً، ونحن نتغامز بلغة الأوز، وصحنا، آه لو أدركنا ببنادقه وبيادقه، ذلك الإنسان.
    طرنا صوب مشرق الشمس، وهي كليلة، حتى إذا اتحد الهواء الذي تفوح منه روائح المجاري، وريش الأجنحة، ابتدر الزعيم انشودة يمجد فيها الإله، هتفنا وراءه، سكري بالهواء العليل، ومكر الصبا، مثل جوقة الكنيسة، نردد آيات الشكر والثناء.
    في السرب ثلاث إناث، لم نكن نعلم عنهن شيئاً، سوى أن اثنتان منهن، مطلقات، وأنهن بسبيلهن للحاق باسرهن نواحي الدانوب، سمعت الزعيم، وهو يحدث أحداً من ثقاته، يكتم ضحكاً خفيضاً، مشيراً إلى التي يجلس الصياد إلى يمينها، قال بأنها عادت بعد يومين من زفافها، هرباً من بيت الزوجية، وحين سألها الناس إن كان زوجها فظأ، أجابت بالقول:
    (والله أنا كنت قايلا العرس أجهز للراجل الاكل والشراب، واملا الابريق وافرش المصلاية، لكن الراجل قال داير قلة الأدب، اديتو كف ومرقت)
    صحت من مكاني غير قادر على كتمان رأي، كعادة الأوز، إن سئل أم لم يسئل، بأنها لن تتزوج ثانية، وأنها لن تنجب اوزاً، أرعد صوت الزعيم غضباُ، ونفث حنقاً
    (وانت مالك)
    خيم الصمت علينا، وفسد مزاج الجنة الواقعة تحت أقدام الجسر العظيم، احتملت التقريع الصامت الذي حملته إلى العيون على مضض، وحينما عاد الهدوءعلى جناح فراشة، إعتذر لي الزعيم عن قسوته، ومازحني بقوله، لماذا لاتعلمها بعضاً من فنون المواقعة والمواطئة، فهي لاتزال بكراً، ليس في أعين الناس على الأقل، تظاهرت بالعفة والبراءة، إلا أنني لم أكن أعني ما تظاهرت به، ولكن أعانني على ذلك، قبحها ولؤمها البائن.
    فوق منارة (كونستانزا)، التي تقف في مواجهة البحر الأسود وعنفوانه، حلقنا سويعة ريثما تخفت أصوات النوارس وهي تزدرد السمك النئ، ورأينا النساء الغجريات العاملات، يقايضن أجسادهن بتبغ (كِنت)، لفافة بيضاء واحدة تكفي، لم يزل منا العجب، حتى تقيأ البحر زبده ملحاً، وبقايا سفن غارقة، ونفط يلتصق بأرجل البجع، وينزلق عن سطح ظهور الدلافين الطيبة.
    في المقهى وكلانا يقف في انتظار المرأة البائعة المكسيكية، حتى تفيق من مهمة تنظيف بوصة من السطح الخشبي والذي يشبه باباً افقياً، الفاصل بيننا وبينها، وبين خزانتها الالكترونية، أنا وإمرأة والتاريخ الفاصل بيننا، تناولنا القهوة والفطائر لتقبض الثمن، سمعت صوت جارتي الزبونة وهي تقول (أود أن أدفع ثمن قهوته)، إلتفت يميني علني اري من تعني، فلم أجد أحداً، ويساراً كانت تقف وبيننا الهواء، وفصل صلادين وريتشارد، فعلمت بأنها إنما عنتني بقولها، ونظرة البائعة بكماء خرساء، إلتفت ناحيتها، رايتها تنطوي مثل القنفذ داخل نظرة خجولة، حينما هممت بشكرها، فانطويت في حيرتي، تلجلت في إطلاق كلمة شكر لسيدة غريبة لا أعرفها، دفَعَت ثمن قهوتي وفطائري في هذه الثانية، ومن دون مناسبة، ولكنها أجابت على حيرتي بقولها (وددت أن أفعل معروفاً اليوم)، وبداخلي كتمت صرختي، إلهي، هل وصل بي الحال فبدوت كمتشرد أو متسول؟؟ كنت معطوناً في سوء الظن حتى أظافري، وريش ذيلي، ومنقاري المفلطح العريض، إمرأة من الجنوب لكنتها، بيضاء فارعة وعمرها ينذر بانتهاء صلاحية جمالها، رفيعة رقيقة كعمود البرق، وتمثال الكونفدرالي ، خافض الراس من عار الوقوف في وجه حرية الإنسان، عيونها نافذتين مفتوحتين وقلبها تراه، أمام ناظريك، مثل تحفة أدبية خطتها (فرجينيا وولف)، لحظة قبيل أن تمارس طقس أنتحارها في جهم النهر.
    تشجعت فسألتها وكأننا كنا على موعد، أن تسمح لي بمشاركتها الجلوس، فلم تتردد في السماح، فأدركت بأنها ليست قديسة، ولا اخت النبي الخضر، حسب بشارة المعني الديني، وإن هذه الصدقة، صدقة فدرالية، لأهل كركوك والنجف وبربرة وعصب واديس، والفائزين منهم بشهادة القرعة، والمنتظرين عطف ال NGO’s ، شعوب الجزر القريبة، المسافرون ليلاً على قوارب قُدّت من نصف برميل قديم، يغرق في لج احتمالات دفينة عند (غوغان)، هل كان بمقدور هذا ليحدث لو أنني تأخرت دقيقتين؟ أو جئت عقب الأريحية الطارئة بخمس دقائق؟ قالت أنها تعيش في (شارلوت) مع زوجها، وأنها هنا هي مهمة عمل كمتعاقدة مع الحكومة، فأدركت ما أين أتى العطف، وأنها تقيم مع صديقة لها خفضاً للنفقات، تحدثنا ولم يطل بنا الزمان، حتى انهمكنا.
    درنا حول المنارة في شط الظلمات، والعامل في غرفتها المستديرة مستلق على قفاه في المقعد الخشبي، يغط في نوم عميق، ومصباح الهداية ذو الضوء الازرق، يدور في فلك نصف دائرته، ملقياً بأشعته مثل سيف القضاء عبر الضباب الأسود، بجانبه مدفأة الزيت، وعليها براد الشاي الأسود، وكسر الخبز الأسود حلماً بأن يعود إلى طلاوته الأولي، لايفيق العامل، حتى تخرج الكائنات من (اتلانتيس)، عبر درج زجاجي ملتصقة قواعده بجذور اللغة القديمة، وعشرة من الأثافي المرجانية، يقف عليها الثور الذي يحمل العالم على قرنيه.
    أدركنا خلاء العمر العريض، قال المرشد: هنا تنتفي الحاجة للأرقام، فلا يعد لازماً أن تسألك امرأة المقهي عن عمرك، ولا أن تسألها، يفقد الحاسوب منطقه الرياضي، وقد يموت الأطفال قتلا قبل العجزة المعمرين، من باب تسلية المشاهدين، كل مرة يفتحون فيها التلفاز بحثاً عن إثارة، تسلية لهم ولضيوفهم، هدية من سانيو وسامسونغ وأخوتهم، موت حقيقي، تهنئ معه نفسك بحيازة عالي الدقة، والتلفون ذو الشاشة الصغيرة، وتقول لنفسك (ما أرخص الجمل لولا الهرة).
    لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين، أو أمضي حقبا، قال موسى، صعدنا السماوات طبقا عن طبق، كسرب مقاتلات نفاثة، في مثلث هيولي دون قاعدة، طلقاء من أسر الجاذبية وسلطان الغابة، ليت للغزلان والذئاب والأفيال أجنحة، إذن لحلقو وتحلقو، وإذنت لهم الريح بالعبور حين تفتح أشداقها، ولما قضو سحابة النهار في السفح والمسافحة، وهكذا فإن النساء يتعمدن الأ يربطن الكلمات ببعضهن، فيكسبن الكلمات بذلك، حياة خاصة لكل كلمة، فلا تاس إذا أجبنك على حديثك (يعني شنو أنا ما فهمتك)، واحجم عن التضرع لهن بأنك أنما عنيت أنك إنما تود النوم معهن، ولا تاس فإنك لا محالة منهمك، طال الزمن أم قصر.
    شهدنا ميلاد الطفل (تيموجين)، شهدناه وهو قابض على قطعة الدم، في يده الصغيرة، وفرحة المنابع الأولي، حينما رجعت إلى المدينة، انطمست معالم المكان حين نما العشب في كبد المندرس، تأخرت الطائرة التي تعود بأبني الصبي، من رحلته إلى الغرب الأوسط، وكنت قلقاً على حياته، رطوبة أغسطس الخانقة تمسك بتلابيب الشجر، والشرطة يرقبونك من على البعد، حتى تنقضي الخمس دقائق المسموح لك فيها بالإنتظار، كل ثانية بعد ذلك تضعك في قائمة الإرهاب، ليس بوسعك غير مغادرة المكان، سالكا طريقا دائريا، طويلا، مملاً، لتعود إلى نفس نقطة البدء، آملا أن تجده، في نفس قامته الرهيفة، وذقنه المهملة، أو متكوما فوق حقيبته الممتدة انبوباً أفقياً، من قماش محصن ضد الماء، وعليها ملصقات متناشزة، وحروف وكتابات مبعثرة، وفتحات شبكية على الجوانب، أو تجده غارقاً مبتلاً في الحديث عبر الهاتف، يبتعد بشكل آلي كلما اقترب منه سابل.
    Ok brother, don’t waste your time on me
    يردد مع (زابا)، ونحن تحت قبضة حصار الهواء الخانق، داخل العربة، وزابا لم يتوقف عن حواره مع الآخر حول الغبار الكوني، أحسست بخجل عظيم، حينما ادعيت للإطفائي الذي ينظرني عبر النافذة، حاملا بيده (البوت) الفارغ لجمع التبرعات، بأنني قد تبرعت قبل دقيقتين في التقاطع السابق، حتى علمت بأن كل متبرع يحصل على ملصق مدور، عليه صورة اطفائي ينقذ طفلا من الحريق، يوضع في مؤخرة السيارة، فيتباهى بذلك الناس الفضلاء، نظرني بوجه خال من اي تعبير، ومضى، وكعادة العاجز، سببت عضو أمه الذي يحفظ بقاء الجنس البشري، دونما سبب محدد لجدوى البقاء، نعرفه فنقول بصوت واحد (أها... عشان كده).
    وصلنا إلى البيت، مع نهاية الأغنية، فصاح إبني و (زابا) معاً:
    What kind of a Guru are you?
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de