|
|
أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف
|
أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف "مِداد/منفى/عزف/هدم" نشرت بملحق الأربعاء/جريدة المدينة – 9/4/2008م
لنبحث عن المرايا والضوء المغامر...
1- مِدَادْ
"بعضٌ مِنكَ.. لا يلقاكَ، إلا في المدادْ، إذ.. هَكَذا النّيرانُ..، تدفنُ غُبْنَها في حُزْنِ ذاكِرةِ الرَّمادْ، فأحْفَظْ لنَفْسِكَ ضَوْءهَا، لو مَسَّها شيءٌ مِنْ التّهميشِ، في غَبَشِ الحِيادْ"
" بعضٌ مِنكَ.. لا يلقاكَ، إلا في المدادْ " غيّب صاحبنا بمدخله (كثير) من عنى واكتفى بـ (بعضه)، وهذا الـ (بعض) لا يلقى نفسه إلا في المداد.. ولعل هذا هو واقع الحال، ففي اللهاث نحو الأشياء تتشظى الروح في اتجاهات شتى، لكنها تنسل في الوقت عينه إبان التركيز في محادثة ما إلى مسارب أخرى، بمعنى أننا نكون منفصلين إلى شخوصٍ عدة تقطن جسداً واحداً، من هذه الشخوص ما لا يلقى ذاته إلا في الكتابة، ولعله لم يعن الكتابة بحد ذاتها وإنما استعاض بها عن شيءٍ يخصه؟ وهنا فإنه يمهد لنا بأنه سيدخل إلى الكتابة/الشيء الذي يخصه بهذا الشخص والذي هو بعضه، على أنه جاء إلى الكتابة من الخارج عبر المتلقي/المُخاطب والذي أحسبه معني أيضاً بذات الأمر، أو أنه معه بذات الركب...
" إذ.. هَكَذا النّيرانُ..، تدفنُ غُبْنَها في حُزْنِ ذاكِرةِ الرَّمادْ " ولمعرفة لِم تغلب (شخص المداد) والذي هو جزء من (شخص الكاتب) وليس كله، فإنه يفيدنا بأن الأمر لا يعدو كونه نِتاج الغبن والاحتقان الذي دسته/دفنته بذاكرته الكلية (التي ترتع بها الأحزان المتراكمة من حِقبٍ طويلةٍ) الأحداثُ/النيرانُ التي لم يشخصها لنا ويبينها هنا لكنه أفادنا/دلنا إليها بقولٍ سائرٍ مفاده (النار تحت الرماد)، مما يجعلنا نقول بأنه مال إلى المداد كي يدس به (وموجهاً خطابه في الوقت عينه إلى الآخر/شريكه) ناره.
" فأحْفَظْ لنَفْسِكَ ضَوْءهَا، لو مَسَّها شيءٌ مِنْ التّهميشِ، في غَبَشِ الحِيادْ " ولعله هنا يشخص لنا سبب دسه للنار بالرماد، فبعبارته (الحياد) نمسك المغزى الرئيس، فلا حياد البتة لكنه إخفاء الضوء/النار لوقتٍ تسطع فيه وتعم، لذا فإنه لا ضير من دسها بالرماد {وأظنها إلى اللحظة مدسوسة ولا نعلم متى آوانها؟}... لا الأمر ليس كذلك أظنه... ككتلةٍ واحدة دون النظر إلى الجمل واحدة تلو أخرى، فإن النص وبانقلاب مني على ترتيبه يعني: دام أنك في زمانٍ ومكانٍ لا يسمح لك بالتأجج جراء استشراء غبش الحياد، فلا تأبه للأمر، بل احتفظ بنارك متأججة رغم هذا الغبن المتفشي (التهميش)... وبذلك فإن المرآة الأولى تتضح معالمها وتتمثل في: غبش حياد يناظره التهميش ويعبر عن الضوء المغامر لهذه المرآة اللا حياد المندس في المداد...
2- مَنْفَى
"غنّى المُغنّي.. في اشْتِبَاهٍ، بين فُصْحَى..، لُكْنَةٍ عُجْمَى..، وفي حزنٍ.. رَطَنْ، كان صوتاً عَالقاً، أوْ غَارقاً في اليُتْمِ، صِدْقاً..، كان حُلماً أمسكَ الإيقاظ،َ من غَفْوِ الوسَنْ، هكذا أدركتُ مَعنى، أنْ يصيرَ القلبُ منفَى..، لاغترابٍ في وطَنْ"
يتراء لي بأن الغناء للوطن حيث اختلط الحابِلُ بالنابِلِ، و أظنني هرولتُ إلى أن الغناء هو (الخطابة) التي تصم أرواحنا لا للغتها ولكن للنفاقِ والدجلِ الذي خيّط حروفَها وقد تناثرت علينا بلغاتٍ عدة تتشابه في أنها تزحف إلى الفصحى لكنها متعثرة بين الشفاه خارجة منها إلى الفضاء في سحنات متباينة...الخ. لكنما استوقفتني في النص إشاراتٌ: حزن المغني، صوته العالق أو اليتيم، الإدراك فقلتُ لا ريب بأن الأمر يخص المغني لا سواه، أو ربما تكون تجربة لشخص أو جماعة ما منفية تبنى القول أو تداعى عنها... وأنه وسط هذه البيئة (أي المغني) التي تحيطه تاهت هويته كصوتٍ عالِقٍ لا يبلغ أحداً لأنه لا يعيه، أو كما اليتيم أو أن الأمر أقرب للحلم الذي لم يفق منه بعد كلية لكنه يتأرجح فيه بين بين، لكنه يدرك بأنه أضحى يشبه حال من أثقلته الغربة بالديار فانتحى... ولعل المرآة هنا تتمثل في الفصحى التي تناظرها اللكنة أما الضوء المغامر فإنه المغني الغريب..
3- عَزْف
"هل تَنْوِي أنْ تعزفَ مُنْفرداً، هذي مأساةُ العَوْم مع الطُّوْفَانْ، المسرحُ باعَ مقاعدَهُ، واستأجر نِصْفَ لِسانْ، إنْ كُنْتَ مُصِرَّا، فَلْتَبحَثْ عن وَطَنٍ مفتوحِ الآذانْ"
لعل هذا النص من الجلاء بمكان، ذلك على الرغم من غياب ما يرشدك إلى المعني بالخطاب، لكننا نعرف بأنه كان في جسم واحد إلا أنه كان يمضي وحده باتجاهٍ يخصه، ولعله الاتجاه السديد إذ أننا ألفنا بأن كل من يعود (ضد) الطوفان وليس (مع) هو (الأصح)، لكن بقوله (مع) لعله أراد إرشادنا إلى أنه كان يسير (معهم) في ذات الاتجاه لكنه كان يشير إلى آخر، إلا أنه لم يكن هناك من يستمع إليه فقد مضوا إلى ما يعتزمون فيخبره بأن هذه هي مأساته فليقبل بها ويمضي أو ليبحث عن آخرين يقدرون ما يقول فهؤلاء قد صموا آذانهم... وأخلص إلى أنه نتيجة لغياب الحدث المحدد الذي أشمه من خلال العبارات أعلاه فإن هذا النص على بساطته من حيث التركيب وسلاسة المفردات والنغم فإنه يعد نص مغلق على الرغم مما قدمت من تفسير... وبناء على تفسيري فإن المرآة هي العزف المنفرد ويناظرها الطوفان بينما الضوء المغامر تهكم المغني...
4- هَدْم
"حُلمُكَ أنْ تبنِي بَيْتاً مِنْ لَبِنٍ، وتعيشُ سلاماً ووِئامْ، ضدُّكَ يستأجرُ أضغاثاً، تهدمُ فيكَ الأحْلامْ، نَمْ.. في نَوْمكَ وأحْلَمْ.. ما أقْسَى أنْ تَشْتَجِرَ الأحلامْ"
من الملاحظ الإصرار التام على عبارة (حلم) واصطحابها من مقطع إلى آخر، وعلى الرغم من عدم ميلي إلى اصطحاب عبارة واحدة في النص لأكثر من مرة حيث أحبذ الإشارة إليها أو الإتيان ببدائل لها دالة عليها، إلا أن الرسالة التي حملها النص لا تأبه للعبارات وإنما تأبه فقط للإيصال للآخر دون مواربة أو فذلكة شعرية تغيب المراد... وأزيد على ذلك، بأن مدخله (حُلمُكَ أنْ تبنِي بَيْتاً مِنْ لَبِنٍ) ينبئ عن المقطع الثاني (وتعيشُ سلاماً ووِئامْ)، وأيضاً ولذات السبب أراد الكلام مكتمل الدلالة غير منقوصاً... ولعلي أغبطني على هذه اللمحة الشعرية الفارعة (ضدُّكَ يستأجرُ أضغاثاً، تهدمُ فيكَ الأحْلامْ) فهي جوهر النص أو بيت القصيد... ومؤدى النص للقارئ/الشريك: تحلم ببناء عش هادئ متناغم فيما بينك (أي بدواخلك)، لكنما (ضدك) والتي لا تعني الآخر بالضرورة لأن الأمر يخصك وحدك دون تأثيرات خارجية (وقد تُقبل في تفسير ثان أو ثالث للنص)، يأتي/يستأجر (ضدك) بـ (أضغاث) أي (ما يعكر صفوك/يهدم حلمك-عش تناغمك الروحي)، فيرى أنه من الأجمل في هكذا حال (النوم/الغفلة-التشاغل-التغافل) عن (ضدك) والخلود إلى ما يشغلك عن ذلك فالأقسى من كل شيء أن تكون أنت نفسك موغلاً في عدم التصالح مع ذاتك... وأجد أن المرآة هنا هي البيت يناظره الهدم بينما الضوء المغامر هو الذات...
ولعلنا بذلك نكون قد توصلنا إلى الأربع مرايا والضوء الذي يغامر فيها جميعاً والذي يتمثل في المتوغل بالنصوص الأربع وإن اختلف مسماه من نص لآخر، ويؤكده توجيه الخطاب المضمر أو المباشر...
|
|
   
|
|
|
|
|
|
|
Re: أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف (Re: بله محمد الفاضل)
|
مَنْفَى
غنّى المُغنّي.. في اشْتِبَاهٍ، بين فُصْحَى..، لُكْنَةٍ عُجْمَى..، وفي حزنٍ.. رَطَنْ، كان صوتاً عَالقاً، أوْ غَارقاً في اليُتْمِ، صِدْقاً..، كان حُلماً أمسكَ الإيقاظ،َ من غَفْوِ الوسَنْ، هكذا أدركتُ مَعنى، أنْ يصيرَ القلبُ منفَى..، لاغترابٍ في وطَنْ
| |
   
|
|
|
|
|
|
|
Re: أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف (Re: بله محمد الفاضل)
|
Quote: 1- مِدَادْ
"بعضٌ مِنكَ.. لا يلقاكَ، إلا في المدادْ، إذ.. هَكَذا النّيرانُ..، تدفنُ غُبْنَها في حُزْنِ ذاكِرةِ الرَّمادْ، فأحْفَظْ لنَفْسِكَ ضَوْءهَا، لو مَسَّها شيءٌ مِنْ التّهميشِ، في غَبَشِ الحِيادْ" |
وفى قراءة اخرى اجد نفسى/اوجد نفسك فى الكتابة /القراءة/ المعرفة فى فضاءتها الواسعة فهى نعم الصديق/ الرفيق من جور/خيانة الزمن/الاصدقاء /الاحباب فهى السلوى/ العزء كالرماد تدفن فيه النار حرها/لهيبها/شظاها اذا مستها ايادى النسيان/التهميش /الاهمال
تحياتى لك وللطيب
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف (Re: امير الامين حسن)
|
يا لها من مرايا ..ويا له من ضوء مغامر ...
أعجبتني النصوص ..ولا عجب فهي لشاعر مطبوع ...ومن إختيار آخر ..مطبوع حد الثمالة ...
قرايتك للنصوص .. يا بله ..في السلك ...وتليق بأن تصدر عنك ...
فشكرا للطيب ...وشكرا ليك يا بله ...هذه المناولة الحصيفة ...مع الكتالوج الضوئي المرفق .
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف (Re: بله محمد الفاضل)
|
الاخ بله الفاضل تحياتنا لك والشاعر المطبوع الطيبب برير فانا جد سعيد وانت تنلقنا الي عالم الطيب برير هذا العالم التي عشناها مع الاخ الطيب في ربوع كلية الزراعة جامعة الخرطوم فكانا الطيب حينها يقرض الشعر ماشيا وجالسا وكنا ننتظر المناسبات التي تمر بالجامعه لاننا كنا موعودن بقصيدة عصماء في كل مناسبة حينما انتقل رفيق دربه الي رحاب ربه علي حسن ابن مدينة رفاعة كتب يؤمها مرثية صقدت من الزاكراة لكن صدي كلماتها باق اتمني ان تتحفنا من معينكم ومعين الاخ الصديق الطيب برير مع خالص الود
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: أربع مرايا وضوء مغامر-الطيب برير يوسف (Re: حسن ادم محمد العالم)
|
عذراً أخي حسن العالم على التأخير وما باليد من حيلةٍ منه
وأكرم وأنعم بها من رفقةٍ فإني في رياضها أنعمُ فنعم الصديق والأخ هذا الرجل دع عنك شاعريته ثقافته وعيه مقدرته الفذة في الإلقاء والحضور والألق والقراءة لما بين وفوق السطور وغير ذلك من مقدرات المعرفة التي ننهل من معينه الغدق فيها ولا يبخل أبداً بأي ساعة ومكان
سأعود إليه لأتيك بالمرثية التي إليها أشرت وحبذا لو أنك تواصل الدفع بما بمعينك من سيرة تسر ولك العتبى حتى ترضى على التأخير
تحياتي، محبتي واحترامي
| |
   
|
|
|
|
|
|
|