|
|
 (سعيد النايحة)
|
بقلم الصحفى الرياضى
اسماعيل مخاوي
(سعيد النايحة)
///////
سعيد هذا بطل لمسلسل سوري بطولة (ايمن زيدان) بأسم (بطل من هذا الزمان) يحكي عن شخص يحاول ان يعيش سعيدا في مجتمع حزين فأختار له الكاتب اسم (سعيد النايحة) والمعنى واضح ولا يحتاج لكبير عناء لفهمه
ونحن اليوم نحاول ان نظهر سعادتنا وسط وطن تعيس تنوح نائحته صباحا ومساء ..
ففي يوم امس استوقفني حديث محزن لاحد اهالي دار فور وهو يتحدث ل(راديو دبنقا) وجاء حديثه يحكي عن الاسف والحرقة لتباطؤ المجتمع الدولي من مجلس امن وامم متحدة لوقفتهم وقفة المتفرج حول ما يدور في هذه البقعة من الارض التي ظلت ترزح تحت وطأة الحرب والنيران لما يزيد عن العشر سنوات دون ان يقل احد (ستوب) لهذه الحرب اللعينة .. فوجه هذا الرجل حديثه لمجلس الامن بقوله كم تنتظرون ان يصل عدد الضحايا والعشرات يقتلون يوميا .. لتلتفتوا لدارفور ؟؟
الي كم من المشردين والنازحين تنتظروا ان يصل الرقم وقد وصل العدد الي ملايين نازح ومهجر ؟؟
وخاطب (بان كي مون) الامين العام للامم المتحدة بضرورة التدخل السريع من اجل وقف نزيف الحرب وحماية المدنيين الابرياء
واضاف منذ العام 2003 يتعرض انسان للتصفية والابادة الجماعية قرى كاملة تحرق ويقتل ساكنوها وتشرد الملايين وقتل الالاف والمجتمع الدولي من امم متحدة ومجلس امن واتحاد افريقي وجامعة الدول العربية يمارس الصمت المريب .. وهو الذي يتدخل وبكل سرعة في كل قضايا الصراع في كل مناطق العالم !!؟؟
والدليل علي ذلك (اجتماعات الجامعة العربية اليوم بالكويت لم يتعرض لقضية دارفور وكأن الشأن ليس عربيا .. وكأن الامر لا يعنيهم)
وواصل الرجل بخطابه ومناشدته للدستوريين في ولايات دارفور من ولاة ووزراء ومعتمدين واعضاء المجالس التشريعية من ابناء الاقليم الكبير بقوله ان لم تستطعوا فعل شي من اجل حماية مواطن دارفور عليكم بتقديم استقالاتكم فورا ودون تردد
فالعربات التي تركبونها ليست بأغلي من الدم الذي يراق والمرتبات التي تأخذونها ليست اغلى من انسان دارفور الذي عاني ويلات الحرب والدمار ..!!
ايضا كتب الاستاذ عثمان ميرغني في صحيفة اليوم التالي مقالا سماه (اعلان الحداد) ..
وهذا جزء منه (تفتح اي قناة تلفزيونية تجد فيها الاغنيات والمباهج ونحن نرقص ونغني على اشلاء الابرياء الذين يموتون يوميا في دارفور .. بلادنا ترقص علي طبول الطرب وترقص الاحزان في دارفور علي طبول الحرب المدوية في كل مكان ..
بالله عليكم اعلنوا حالة الحداد العام .. كيف نفرح في الخرطوم والدماء تروي دارفور والمنطقتين .. ليس وحده قاتلا من يطلق الرصاص .. بل من يدعم القتل بالصمت والفرح واللامبالاة ..
وطالب الاستاذ عثمان ميرغني في مقاله الشعراء والفنانين والمبدعين ان يعلنوا حالة الحداد الابداعي .. ونرفع وتيرة التضامن المعنوي .. نبدع لكن عن الحزن الكبير والفقد الجلل الذي يعتصر قلب بلادنا المنكوبة .. نشد من عصب الترابط الاجتماعي .. نرهن الفن جله ان لم يكن كله لأثارة قضية القتل المجاني الجماعي في دارفور واخواتها .. واختتم حديثه بأن الصمت اصبح جريمة) انتهى مقال عثمان ميرغني ..
ففي يوم امس سمعت اتصال احد مواطني دارفور وقرأت عمود الاستاذ عثمان ميرغني وشاهدت مسلسل (سعيد النايحة) الذي يعرض هذه الايام في احدى القنوات السورية ..
واليوم تابعت على مضض جزء من خطابات اصحاب (السمو .. والفخامة .. والمعالي.. والسعادة والجلالة) قنعت من ان يكون فيها خيرا لاهل دارفور واهاليها المنكوبين .. الذين لا وجيع لهم ولا نصير وقوات (حميدتي) و (موسي هلال) تعيث فيها فسادا وتقتيلا واحراق واهراق للدماء
وعن الصمت الذى عناه استاذ عثمان ميرغني .. يا ليته لو كان صمتا فقط يا استاذي العزيز .. نحن اصبحنا نهتم بالرغوة والزبد ونترك الغوص في اعماق القضية بعدم مبالاة غريبة وكأن دم الانسان عندنا ارخص من شربه ماء من مياه النيل ..
واصبح انصرافنا يحكي عن نفسه ونحن نمثل دور (سعيد النايحة) ونهرق مدادنا في مواضيع وقضايا انصرافية وتركنا قضيتنا الاساسية وادرنا وجوهنا عن جزء عزيز من ارض هذا الوطن الحبيب .. سكانه مسلمون وجمعهم معنا وطن قارة بما يسمى السودان ويتعرضون يوميا لابشع عمليات القتل والقهر والتشريد ..
ونحن نمارس ضعفا وانكسارا وصمتا لم يشهد له العالم مثيلا من قبل وتركنا قضايا الوطن واصبحنا نهتم ب(الكلاسيكو) الاسباني وخلال يوم الامس تحديدا كتبنا ملايين الحروف عن اهداف ميسي وكريستيانو ونسينا او تناسينا الاهداف التي توحد السودان ومن اجلها نهض وقام .. نحزن لخسارة الريال او برشلونة اكثر من حزننا والموت يحصد الابرياء في بلادنا نشجب وندين ونستنكر اعتداء من لاعب علي ميسي او كريتسانو ولا يفتح الله علينا بكلمة واحدة من اجل الدماء التي سالت وروت الارض ..
تركنا الحديث عن مشكلات وقضايا الوطن واصبحنا نحفظ تاريخ الدوريات الاروبية والتي لو طلبنا فيزا دخول لاحداها لما منحت لنا ..
انها الفاجعة والكارثة التي نمسى ونصبح عليها دون ان ندري بالذي يدور في دارفور واخواتها ..
قبل ايام قليلة تفاعل الملايين صغار وكبار ونساء ورجال مع صوت الشاب السوداني (نايل) الذي ظهر عبر برنامج غنائي علي احدي الفضائيات ..
وكل الصحف والصفحات والمنتديات وطلاب الجامعات وحتى (قعدات الجبنة) يتحدثون عن نايل وبرنامج (the voice) والتي تعني الصوت وتناسينا وتغافلنا مع سبق الاصرار والترصد الصوت المكتوم الذي تئن به سيدات واطفال دارفور ومن صدور انهكتها الحروب والجوع والقهر والتشرد
وهو الصوت الذي يجب ان ينال اهتمامنا ونسمعه جيدا ونتفاعل معه .. بل الادهى والامر ان وصل الامر لعويل و(ث######ة) طالبات احدي الداخليات بالخرطوم حتى دعى الامر ان تهرع عليها دوريات الشرطة بعد ان اطلق الجيران استغاثة للشرطة بعد سماعهم لصراخ الطالبات وظن هؤلاء ان شيئا عظيما قد حل بسكن الطالبات
ولكن هذا الشي لم يكن موت احد .. ولا حريقا قد شب بمنزل احد انما كان لخروج الشاب نايل من المنافسة .. ويقيني ان معظم اولئك الطالبات لا يعلمن ولا يدرين بما يدور في دارفور ولو بالنذر اليسير اما لغياب الوعي او تغييبه عن عمد
لان انخفاض قيمة الوعى عند غالبية المجتمع السوداني اصبح ظاهرة مستشرية واصبح الاهتمام بالقشور وترك لب المواضيع فأصبح اهتمام معظم طلاب الجامعات وخاصة شريحة البنات في متابعة الموضة والمسلسلات التركية منها و(المتوركة) .. وحفلات التخرج ولوازمها من حنة الخريج والزفة ..
وغيرها من القشور من حفلات ومباهج وعادات دخيلة علي المجتمع حتي افقدته البوصلة ..
فكيف لمثل هؤلاء ان يحسوا بقضايا الوطن والالاف يعيشون تحت وطأة الحرب والموت الزؤوم في دارفور واخواتها
وثالثة الاثافى هي ان الاعلام وللاسف قد غيب قضية دارفور واصبح التحدث فيها والحديث عنها من الموبقات المهلكات المصادرات للصحف
ولو ان هذه الوسائل الاعلامية صحف وقنوات واذاعات اعارت قضية دارفور ربع ما اظهرته من اهتمام ادبان صراع (سلفا - مشار) في دولة الجنوب وهي ترصد وتتابع كل صغيرة وكبيرة حول تلكم المشكلة في ارض الجنوب ..
لو اظهرت ربع ما اظهرته في قضية الجنوب الاخيرة حول قضية دارفور و بكل تجرد وشفافية لما وصلت هذه القضية لما وصلت اليه الان من تعقيد ومسح للانسان والحيوان والجغرافيا والتاريخ ..
فهل كانت قضية الجنوب مسرحا للمهنية والموضوعية .. ودارفور للتهميش الاعلامي والتغييب المقصود !؟
فصمتنا وعدم مبالاتنا وانصرافنا نحو القضايا التي لا تقدم ولا تؤخر قد تفعل بدارفور ما فعلت بالجنوب ونحن نقف موقف المتفرج
فيكفى ما حدث من تشظي وما يحدث من مرارات واحقاد جعلت السودان يعيش (رجل افريقيا المريض) فعلا ليس قولا ..
|
|
  
|
|
|
|
قاسم المهداوى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست