الجمهوريون بين العلمانية المؤقتة ومشروع الدولة الدينية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-15-2024, 11:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-17-2013, 10:50 AM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الجمهوريون بين العلمانية المؤقتة ومشروع الدولة الدينية

    الجمهوريون بين العلمانية المؤقتة ومشروع الدولة الدينية

    محمد محمود

    MMahmoud.jpg




    [1]
    أصدرت مجموعة من أعضاء الحركة الجمهورية تتصدرها الأستاذة أسماء محمود محمد طه والبروفيسر عبد الله النعيم والدكتور عمر القراي بيانا يوم السبت 2 نوفمبر 2013 عنوانه "ماذا بعد الطوفان؟" يعلنون فيه تأييدهم لانتفاضة سبتمبر ويدينون نظام الإسلاميين ويقترحون بدائلهم. وعنوان البيان يحمل صدى البيان الذي أصدرته الحركة الجمهورية يوم الثلاثاء 25 ديسمبر 1984 بعنوان "هذا أو الطوفان"، والذي أعقبه اعتقال الأستاذ محمود محمد طه ومحاكمته وإعدامه. ولا شك أن هذا البيان هو أهم ما خرجت به الحركة الجمهورية على أهل السودان بعد سُبات دام زهاء الثلاثين عاما، إلا أنه يصدر بكل أسف في ظرف انقسام داخلي في الحركة ويعكس رأي أقلية استيقظت بينما تواصل أغلبية الحركة سُباتها وانسحابها. ولا شك أن كل حادب على مستقبل الوطن يجب أن يرحب بهذا البيان وغيره من البيانات التي صدرت عن قوى إسلامية أخرى أدانت ما فعله النظام ونادت بمراجعته لأفعاله أو التحقيق فيما ارتكب من جرائم وانتهاكات أو بإزاحته من السلطة.

    ولقد دعا البيان لفكرة إيجابية وهي أن القوى التي تنشد التغيير لابد لها من أن تطرح البدائل وأن تتحاور "حتى يتم التغيير المنشود". وأنا أكتب تعليقي هذا من باب مساندتي لهذه الدعوة ومن باب المساهمة في حوار طرح البدائل. وأبدأ بملاحظة أن تعبير "التغيير المنشود" الذي ربما يبدو وكأنه تعبير إنشائي غائم هو في واقع الأمر تعبير مقصود لأن صائغي البيان يخاطبون السودانيين وفي ذهنهم أفقان: أفق قريب وأفق بعيد. أما الأفق القريب فهو أفق الوضع الذي سيعقب إسقاط النظام وهو وضع ديمقراطي تتنافس فيه الأحزاب تنافسا حرا وهي تعرض بضاعتها الفكرية (وإن كان البيان لا يتحدث صراحة عن إسقاط النظام وإنما عن "تغيير الحكومة الحالية بحكومة تمثل كافة الشعب"، وهي جملة من الممكن أن تفسر في إطار تغيير وزاري يجريه النظام نفسه، ولا شك أن صائغي البيان من المعرفة ما يجعلهم يميزون بين مفهومَي النظام والحكومة، إلا أنني في نفس الوقت لا أشك إطلاقا أن الموقعين على البيان يريدون في نهاية الأمر ذهاب النظام). أما الأفق البعيد فهو أفق انتصار الفكرة الجمهورية التي ستحقق للسودان "مجده وكرامته ورخاءه" (وبما أن توجّه الفكرة الجمهورية لا يقتصر على السودان وأنها "عالمية التوجه" فإنها ستنتصر أيضا على مستوى العالم).

    [2]
    لا شك أن الدرس الأساسي الذي تعيه قوى التغيير في السودان اليوم هو أن الديمقراطية ضرورة لا فكاك منها وأنه "لابد من الديمقراطية وإن طال السفر" كما يذكّرنا الأستاذ فتحي الضو دائما في نهاية مقالاته. إلا أن درس الديمقراطية هذا لم يكتمل وينضج عند القوى الإسلامية لأنها عاجزة فكريا عن قبول أن الديمقراطية لا تنفصل عن العلمانية، وأنها لا يمكن أن تتحقّق من غير فصل للدين عن الدولة واعتباره أمر اعتقاد شخصي يخضع للاختيار الحر للمواطنين ولا يقع تمييز بينهم بسببه. هذه القضية المركزية هي التي أدّت لمطالبة الجنوبيين بالاستقلال إذ أنهم قد رأوا، وعن حقّ، أن السودان لا يمكن أن يظلّ موحّدا وهو يستظلّ بظل دولة إسلامية تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثالثة (بالإضافة بالطبع لمظاهر القهر والتمييز التاريخية الأخرى).

    هذا العجز عن قبول العلمانية كشرط أولي وضروري لا تقوم للديمقراطية قائمة بدونه عجز أصيل في فكر الحركات الإسلامية ويشمل ذلك الحركة الجمهورية. كان مشروع الأستاذ محمود محمد طه مشروع دولة دينية، وبذا فقد كان مشروعا معاديا للعلمانية. ولذا يمكننا القول إن أغلبية الجمهوريين (خاصة البارزين منهم أو من يسميهم الجمهوريون: "الكبار") الذين غابت أسماؤهم عن هذا البيان يمثلون الموقف الأصيل للفكرة الجمهورية. إلا أن الأقلية التي وقّعت على البيان لم تقطع صلتها قطعا تاما بالمشروع الأصيل وكل ما في الأمر أنها رأت ضرورة أن تقدّم للشعب "ما يتجاوب معه" في ظل الظرف التاريخي الماثل وأعلنت قبولها لفكرة فصل الدين عن الدولة قبولا مؤقتا إلى أن يصل السودانيون وهم يتدرّجون في "مراحل تطورهم" للمرحلة التي يتهيأون فيها لقبول الدولة الدينية حسب الفهم الذي تطرحه الفكرة الجمهورية.

    إن هذا القبول المؤقت و"التكتيكي" للعلمانية ليس بموقف فكري متّسق وهو يعكس في تقديري الأزمة العميقة التي يعيشها الإسلاميون في عالمنا المعاصر طالما أصروا على هيمنة الإسلام على السياسة ومناحي الحياة الأخرى. تتضّح هذه المفارقة عندما يتحدّث البيان عن "احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية". إن هذه المرجعية الإنسانية تعلو في واقع الأمر على المرجعية الإسلامية التي تستند عليها الفكرة الجمهورية (وعلى أى مرجعية دينية أخرى)، وهكذا فبينما تنشد الفكرة الجمهورية إحياء عقوبات الشريعة من رجم وبتر للأطراف وجلد وقِصاص فإن مواثيق حقوق الإنسان ترفض هذه العقوبات وتعتبرها عقوبات قاسية ولاإنسانية ومُحِطّة لكرامة الإنسان. إن ما أتمنى أن يدركه الموقعون على البيان أن العلمانية ليست بشرط ظرفي مؤقت في عملية التطبيق الديمقراطي وإنما هي شرط لكل الفصول، وأن ما سقط في السودان ليس مشروع الإخوان المسلمين فحسب وإنما مشروع الدولة الدينية نفسه. إن إصرار الحركات الإسلامية على رفض العلمانية التي قبلها أصحاب الأديان الأخرى وتصالحوا معها ليس منشأه قدرة الإسلام على حلّ مشاكل البشر في أي زمان ومكان وإنما غربة هذه الحركات عن معارف عصرنا الراهن وقيمه.
    ====================
    1 في ظل الدولة الإسلامية المحكومة بالشريعة فإن الرجل المسلم هو مواطن الدرجة الأولى والمرأة المسلمة هي مواطن الدرجة الثانية. (وعندما نتحدث عن الوضع التاريخي الذي ساد فيه أيضا نظام الرق الذي قبلته الشريعة فإن الوضع يكتسب تعقيدا ليس هذا مجال الحديث عنه
    ====================
    [3]
    إن الديمقراطية هي الحد الأدنى الذي من الممكن أن يتفق عليه السودانيون، وهذه الديمقراطية ستكون ناقصة ومشوهة إن داخلها عنصر الدين (أي دين). هذا هو ما أدركه قادة الهند الذين قادوا معركة الاستقلال فلم يستسلموا لإغراء فرض "ديمقراطية هندوسية" وإنما أصرّوا على علمانية الدولة التي ساوت بين الأغلبية الهندوسية وباقي الأقليات الدينية وفي مقدمتها الأقلية المسلمة. هذه القناعة الديمقراطية البسيطة هي ما حرّك السودانيين في ثورة أكتوبر 1964 وفي مارس 1985 وفي سبتمبر 2013، وهي ما سيحركهم في مستقبل كفاحهم. ومثلما اعتبر الأستاذ محمود ثورة أكتوبر عاطفة بلا فكر، فإن البيان ينظر لانتفاضة سبتمبر كحدث تجلّت فيه "وحدة عاطفية" إلا أنه يفتقر "للوحدة الفكرية". صحيح أن الثورات عمل ينطوي علي العاطفة (ولابد أن تكون عاطفة جارفة وقّادة حتى تنجح الثورة) إلا أن الثورة عمل فكر أيضا. لقد انفجرت انتفاضة سبتمبر من اتحاد عاطفة وقّادة وفكرة واضحة وكبيرة وجذّابة، وهي فكرة الحرية (وهل هناك فكرة أعظم منها) --- لم تحمل الانتفاضة برنامج حزب معين وإنما فكرة كبيرة وحلما كبيرا لم يفاجيء النظام فحسب وإنما الأحزاب أيضا، وهو حدث شبيه بما حدث في تونس ومصر عندما فاجأت هبّة الجماهير النظام والأحزاب. إن من خرجوا الشوارع وواجهوا الرصاص بصدورهم العارية وماتوا وهم يهتفون ويحلمون لم يخرجوا بعاطفة فقط وإنما أيضا بفكر.

    =============================================================================
    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان ومؤلف كتاب
    Quest for Divinity: A Critical Examination of the Thought of Mahmud Muhammad Taha (Syracuse, NY: Syracuse University Press, 2007)

    (عدل بواسطة Amin Elsayed on 11-17-2013, 01:55 PM)

                  

11-17-2013, 11:25 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48892

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجمهوريون بين العلمانية المؤقتة ومشروع الدولة الدينية (Re: Amin Elsayed)

    سلامات يا عزيزي أمين السيد والتحية موصولة للدكتور محمد أحمد محمود..

    هذا هو رابط البيان في سودانيز أونلاين

    بيان: "ماذا بعد الطوفان؟؟" بتوقيع مجموعة كبيرة من الجمهوريين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    "ماذا بعد الطوفان؟؟"
    بيان
    نحيي شهداء سبتمبر / أكتوبر الأبرار، ونترحم على أرواحهم الزكيّة .. ونحيي الشعب السوداني العظيم، على ثالث ثوراته المجيدة، التي نرجو الله ان تُتوّج بتخليص بلادنا من هذا الوضع الذى تسبب فيه نظام الاخوان المسلمين.
    إن الملحمة البطولية، التي قدم فيها الشبان والشابات السودانيين، أرواحهم بأنفسهم للفداء، تضحية جسيمة .. ولكنها لم تذهب هدراً ، وإنما وضعت الشعب على الطريق الصحيح، حيث وحَّدت مشاعره، وحدَّدت أعداءه، وكشفت مضلليه، وأبانت من أضاعوا القضية ومن تاجروا بها، ومن كانوا مذبذبين مرة مع الشعب، ومرات عليه .. وليس وراء الوحدة العاطفية، غير الوحدة الفكرية، التي هي السبيل الوحيد، لإحداث ثورة التغيير. ثم ان هذه التضحية العظيمة تلقي على كل الشعب مسئولية العمل المستمر لتحقيق أهداف الشهداء المتمثلة فى الحرية والديمقراطية والمساواة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
    إن ما ظل يجري لسنوات، من تقتيل أبناء هذا الشعب، وحرق قراهم، وتهجيرهم، وتشريدهم خارج أوطانهم، وضرب واغتصاب النساء السودانيات، وتعذيبهن، وإهانتهن، في جنوب السودان، وفي دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الازرق، ثم ما جرى مؤخراً، من تقتيل طلبة المدارس والجامعات في الخرطوم، وفي مختلف مدن السودان، وضربهم، واعتقالهم، وتعذيبهم، لم يترك لحكومة الاخوان المسلمين، بمسمياتهم المختلفة، أي شرعية. فكيف تقتل حكومة - مهما كانت - شعبها جهاراً نهاراً، ثم ترجو أن تستمر في حكمه ؟!
    لقد تم، فى عهد هذه الحكومة، تدمير منظم، ومتواصل، للموارد الاقتصادية، والمشاريع التنموية، بغرض إفشال أغلب المشروعات الإنتاجية، كما تم بيع أغلب هذه المشاريع، بعد إفشالها، إلى أعضاء الحزب الحاكم، إمعاناً في الفساد، وإهداراً لحقوق المواطنين .. ووظفت عائدات النفط لشراء السلاح، والصرف البذخي على مؤسسات الأمن، وقيادات المؤتمر الوطني، وذويهم، حتى أصبح الشعب السوداني، الغني بموارده الطبيعية، من أفقر شعوب العالم، وتسوَّل كرام المواطنين، الذين كانوا موئل الكرم، ومأوى المحتاج. ثم عجز سائر أهلنا في الريف وفي المدن، عن العيش الكفاف، بالحد الأدنى من الكرامة.
    إن الشرفاء، الشجعان، الذين رفضوا الظلم، وخرجوا في مظاهرات سلمية، ضد حكومة الجوع والفساد، يعانون الآن في المعتقلات، أو في المحاكم، أو يُعذبون في "بيوت الأشباح" .. والمترفون، المفسدون، هم قضاتهم وجلادوهم. وأصبح الوطن الحزين، سجنا كبيرا، تقف على بوابته، عصابة مدججة بالسلاح، صوَّر لها ذعرها، وجهلها، أنها تستطيع أن تقوم ب(قتل ثلث الشعب السوداني) حتى يدوم لها حكمها الزائل !! لقد ذبحت الحرية، وحقوق الانسان على قارعة الطريق، وليست هنالك سيادة لحكم القانون، بل ان القوانين التي تحكم البلاد اليوم، مثل القانون الجنائي الذي يصادر حق الحياة بدعوى الرِّدة، وقانون النظام العام الذي ألهب ظهور النساء بالسياط،لأول مرة في تاريخ بلادنا، لهي أسوأ من قوانين سبتمبر، التي ثار عليها الشعب، وأسقط بسببها نظام نميري !! ولا ملاذ للشعب في القضاء، لأن القضاء قد تم تدجينه، وإخضاعه للسلطة التنفيذية، حتى فقد هيبته تماماً، وأخذ الناس يتحدثون عن أن بعض القضاة، ضباط في جهاز أمن الدولة، الذي فقد مهنيته وأصبح أداة الحكومة القوية، لإجهاض حقوق المواطنين، وتعذيبهم، وتقتيلهم فى الشوارع!!
    لقد بلغ السوء، والضرر حداً لا يقبل معه أي حياد، أو صمت، أو تجاهل، من أي مواطن سوداني، مهما كان توجهه .. ولهذا فإن على الاغلبية الصامتة، من أبناء شعبنا، أن تعبر عن إدانتها بشتى الوسائل، لما يحدث لهذا الشعب الكريم. إن كل تخاذل، أو تهاون، أو انصراف عن هذا الواجب المباشر، يلبس صاحبه ثوب الذل، ولا يبقي له أي قدر من الكرامة الإنسانية.
    إننا أصحاب فكرة عتيدة، ودعوة قاصدة إلى التغيير.. ونزعم أن تلك الفكرة، قادرة على أن تحقق للسودان، مجده وكرامته ورخاءه .. وهي فكرة سودانية المنشأ، وعالمية التوجه، ولكنها حجبت عن شعبها طوال تاريخها، بسبب التشويه والتحريف المتعمد، الذي أثاره حولها دعاة الهوس الديني والتطرف، واستغلوا فيه حرمة المساجد .. ونحن بطبيعة الحال نتطلع إلى اليوم الذي يقتنع فيه شعبنا بهذه الفكرة ويسعى إلى تطبيقها كي يحل مشاكله المستعصية وفقها.. ولكن هذا لا يمنعنا من الإسهام مع بقية أبناء الوطن في إصلاح شأنه الراهن، بالقدر الذي تسمح به المعطيات والظروف، ويمكن للشعب أن يتجاوب معه، في هذه المرحلة الهامة، من مراحل تطوره .. ثم إن نظرنا إلى غايتنا النهائية، لا يزال قائماً في كل حين. ومن أجل ذلك، فإننا نحب أن نؤكد الآتي:
    1-السودان بلد واسع، متعدد الاديان، والثقافات، والاعراق، وهو لم ينصهر حتى الآن، بصورة تامة، في وحدة قومية حقيقية، تجعله أمة واحدة الهوية والشعور. ولهذا فإن من أكبر ما أدى الى الوضع السيئ الذي تمر به بلادنا، الفهم الإسلامي، الإقصائي، المتخلف، والتعالي العنصري البغيض. وليس هنالك من سبيل يراعي ويحترم هذا التنوع، ويتجاوز هذين المأزقين، إلا إقامة نظام حكم ديمقراطي، يقوم، الآن، على أساس فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية. فلا بديل عن الديمقراطية، التي تصاحبها التوعية، حتى يظهر للناس كيف ان الديمقراطية ضد الدكتاتورية، وضد التعصب، وضد العنصرية، وضد الطائفية.
    2- ثم لابد من حماية الديمقراطية، بإشاعة المنابر الحرة، التي يحميها وينظمها القانون .. وتسخير كافة وسائل الإعلام، لتطرح فيها، وجهات نظر الأحزاب، والتنظيمات، والجماعات، والأفراد، حول المفاهيم الاساسية، ويتم فيها الحوار بين كافة الكيانات، في جو معافى، ويستمع إليه الشعب بمختلف فئاته، ويتابع ويدعم هذه المنابر، حتى ينشأ رأي عام حر، مربى على الوعي، وبعيد عن الهوس والتعصب، وذلك لأن المؤسسات لا تحمي الديمقراطية، وإنما يحميها وعي الشعوب. ومن هذا الصراع الفكري الحر، ستجيء الفكرة الأمثل، وستلتف حولها الأغلبية، فيكون بها النظام المنشود.
    3- لقد تم فصل الجنوب نتيجة استفتاء، ولكن ما سبق الاستفتاء، من تنفير منظم، من حكومة الإخوان المسلمين، للإخوة الجنوبيين، يعتبر مؤامرة استهدفت الشمال والجنوب معاً.. لذلك نرى أن يفتح الحوار الشمالي الجنوبي، بهدف عاجل هو حل كل المشاكل العالقة بين البلدين وهدف آجل هو النظر في إعادة وحدة البلاد.
    4- إن ما لحق بالوطن من دمار، وتمزق، لن يزول بزوال النظام .. وإنما يحتاج لتضافر كل الجهود، وكافة الإمكانات، كما يحتاج للصدق، والتجرد، والاخلاص .. فمهمة الثوار لا تنتهي بزوال سلطة "الانقاذ"، بل تستمر حتى تقيم الصلاح مكان الفساد .. ولهذا، فإن القوى التي تشارك في التغيير، هي صاحبة المصلحة الحقيقية فيه، وليس الزعامات التقليدية، التي نأت بنفسها عنه. وهذه المجموعات المختلفة، المشاركة بفاعلية في التغيير، هي التي يجب ان تباشر طرح البدائل، والحوار حولها حتى يتم التغيير المنشود.
    إننا نضع أيدينا في أيدي كل الحادبين على هذا الوطن، الساعين لخلاصه، وإصلاحه .. ولكن لا يكفي ان تصدر كل جماعة بياناً، وإنما يجب ان تسعى هذه الجماعات المختلفة، لتتحاور مع بعضها البعض، وتصل الى مبادئ عامة، يمكن الإتفاق حولها وتطبيقها، للحفاظ على الوطن وتغيير الحكومة الحالية بحكومة تمثّل كافة الشعب وتعمل بوعى لتحقيق غاياته. هذا وعلى الله قصد السبيل.
    صدر هذا البيان في اليوم الثانى من نوفمبر عام ألفين وثلاثة عشر بتوقيع الأسماء التالية من الجمهوريين:
    أسماء محمود محمد طه
    عبد الله أحمد النعيم
    عمر أحمد القراي
    بدر الدين عثمان موسى
    ياسر الشريف المليح
    أبوبكر بشير الخليفة
    عبد الله عثمان بابكر
    صلاح أحمد فرح بابكر
    بابكر الطاهر بابكر
    بثينة عمر تروس
    إلهام صالح
    صلاح الدين موسى
    دعاء صلاح الدين
    محمود صلاح الدين
    نجدة المبارك محمد الحسن
    محمد علي عبد الرحمن
    ياسر بشرى محمد أحمد
    صبري الشريف
    صلاح الدين حميدة الفكي
    الحاج البشير نور الدايم
    مصطفى الجيلي
    حنان الأمين عبد الغفار
    إسماعيل علم المهدى
    عبد الرحمن الضريس
    عوض الله أحمد محمد الفادني
    محمد الفضل محمد الأمين
    هدية عبد الله سليمان
    إلهام أمير
    محمود خيرى احمد
    لطفى أحمد عمر
    عائشة عبد الرحمن العوض

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 12-10-2013, 07:48 AM)

                  

12-10-2013, 07:43 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48892

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجمهوريون بين العلمانية المؤقتة ومشروع الدولة الدينية (Re: Yasir Elsharif)

    سلام يا أمين السيد لك وللجميع وتحية خاصة للدكتور محمد أحمد محمود

    كتب الدكتور محمد:

    Quote: وعنوان البيان يحمل صدى البيان الذي أصدرته الحركة الجمهورية يوم الثلاثاء 25 ديسمبر 1984 بعنوان "هذا أو الطوفان"، والذي أعقبه اعتقال الأستاذ محمود محمد طه ومحاكمته وإعدامه. ولا شك أن هذا البيان هو أهم ما خرجت به الحركة الجمهورية على أهل السودان بعد سُبات دام زهاء الثلاثين عاما، إلا أنه يصدر بكل أسف في ظرف انقسام داخلي في الحركة ويعكس رأي أقلية استيقظت بينما تواصل أغلبية الحركة سُباتها وانسحابها. ولا شك أن كل حادب على مستقبل الوطن يجب أن يرحب بهذا البيان وغيره من البيانات التي صدرت عن قوى إسلامية أخرى أدانت ما فعله النظام ونادت بمراجعته لأفعاله أو التحقيق فيما ارتكب من جرائم وانتهاكات أو بإزاحته من السلطة.

    هذا البيان ليس صادرا عن "حركة" أو تنظيم، ويمكن تسمية الموقعين عليه بأنهم أصحاب مبادرة لمشاركة الشعب السوداني في حمل هم مستقبل السودان. طبعا الجمهوريون أساسا مجموعة صغيرة وحتى لو اجتمعت المجموعة كلها لن تشكِّل جماعة يكون لها وزنها العددي الكبير. وليس صحيحا أن الجمهوريين ظلوا في سُبات كما ذكر الدكتور محمد محمود، فقد تمكن جماعة منهم، يمكن تسميتهم أيضا بأصحاب مبادرة، من إنشاء موقع الفكرة الجمهورية في شبكة الإنترنيت، وقد وفر هذا الموقع مرجعا لتراث الفكرة الجمهورية استفاد منه الكتاب والمفكرون في جميع أنحاء العالم.. أنا أعتقد أن هذا أعظم إنجاز، وهو يفوق ما قد أعجب الدكتور من أمر مبادرة أصحاب هذا البيان.
    http://www.alfikra.org/
    ولكن بقية الجمهوريين، لم يظلوا في سبات، وإن بدا عليهم هذا الأمر، فهم قد احتفظوا بقدرتهم على البقاء ككيان استعصى على الإزالة والتشتيت. وأخيرا، وفي ظل هامش الحرية الذي جاء بعد اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، تمكنت جماعة من الجمهوريين من انتزاع حق افتتاح مركز باسم الأستاذ محمود محمد طه في أمدرمان، وفي عطبرة، وفي بلدة الهجيليج التي نشأ فيها الأستاذ محمود. وقد تمكنت هذه المراكز من إقامة كثير من الندوات وورش العمل المفيدة. يمكن زيارة موقع المركز هنا لنجد رصدا كبيرا لهذه الندوات بالصورة والصوت تحت بند ندوات ومحاضرات، وضعت أيضا في موقع يوتيوب.
    http://alustadhcenter.org/



    يقول الدكتور محمد محمود:

    Quote: ولقد دعا البيان لفكرة إيجابية وهي أن القوى التي تنشد التغيير لابد لها من أن تطرح البدائل وأن تتحاور "حتى يتم التغيير المنشود". وأنا أكتب تعليقي هذا من باب مساندتي لهذه الدعوة ومن باب المساهمة في حوار طرح البدائل. وأبدأ بملاحظة أن تعبير "التغيير المنشود" الذي ربما يبدو وكأنه تعبير إنشائي غائم هو في واقع الأمر تعبير مقصود لأن صائغي البيان يخاطبون السودانيين وفي ذهنهم أفقان: أفق قريب وأفق بعيد. أما الأفق القريب فهو أفق الوضع الذي سيعقب إسقاط النظام وهو وضع ديمقراطي تتنافس فيه الأحزاب تنافسا حرا وهي تعرض بضاعتها الفكرية (وإن كان البيان لا يتحدث صراحة عن إسقاط النظام وإنما عن "تغيير الحكومة الحالية بحكومة تمثل كافة الشعب"، وهي جملة من الممكن أن تفسر في إطار تغيير وزاري يجريه النظام نفسه، ولا شك أن صائغي البيان من المعرفة ما يجعلهم يميزون بين مفهومَي النظام والحكومة، إلا أنني في نفس الوقت لا أشك إطلاقا أن الموقعين على البيان يريدون في نهاية الأمر ذهاب النظام). أما الأفق البعيد فهو أفق انتصار الفكرة الجمهورية التي ستحقق للسودان "مجده وكرامته ورخاءه" (وبما أن توجّه الفكرة الجمهورية لا يقتصر على السودان وأنها "عالمية التوجه" فإنها ستنتصر أيضا على مستوى العالم).
    [2]
    لا شك أن الدرس الأساسي الذي تعيه قوى التغيير في السودان اليوم هو أن الديمقراطية ضرورة لا فكاك منها وأنه "لابد من الديمقراطية وإن طال السفر" كما يذكّرنا الأستاذ فتحي الضو دائما في نهاية مقالاته. إلا أن درس الديمقراطية هذا لم يكتمل وينضج عند القوى الإسلامية لأنها عاجزة فكريا عن قبول أن الديمقراطية لا تنفصل عن العلمانية، وأنها لا يمكن أن تتحقّق من غير فصل للدين عن الدولة واعتباره أمر اعتقاد شخصي يخضع للاختيار الحر للمواطنين ولا يقع تمييز بينهم بسببه. هذه القضية المركزية هي التي أدّت لمطالبة الجنوبيين بالاستقلال إذ أنهم قد رأوا، وعن حقّ، أن السودان لا يمكن أن يظلّ موحّدا وهو يستظلّ بظل دولة إسلامية تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثالثة (بالإضافة بالطبع لمظاهر القهر والتمييز التاريخية الأخرى).

    لا شك أن الجمهوريين ينتظرون يوما تنتصر فيه الفكرة الجمهورية. ولكن، في أدبيات الجمهوريين، هذا الأمر مرتبط بتغيير روحي كبير لا يدَّعيه أحد من الجمهوريين؛ ولو جئنا للحقيقة، نجد أن الأستاذ محمود نفسه كان منتظرا مثل هذا النصر ولكنه في نفس الوقت لم يزعم أبدا محاولة تطبيق الفكرة الجمهورية على المستوى السياسي والقانوني والدستوري، وكان يوجِّه نشاط الجمهوريين لمنع وصول الفهم الديني السلفي إلى السلطة تحت مسمى الدستور الإسلامي، ولذلك رحَّب بمجيء نظام مايو ذي التوجُّه العلماني، كأخف الضررين، بل اعتبره بمثابة انقاذ للسودان، وقتها. هناك شواهد تؤكد كل ذلك من أحاديث الأستاذ محمود ولقاءاته الصحفية ومن منشورات الجمهوريين. هناك منشور للجمهوريين بتاريخ 11 أغسطس 1984 تحت عنوان "نحن ندق ناقوس الخطر" بخصوص قوانين سبتمبر، وقد خرج المنشور أثناء وجود الأستاذ محمود في معتقل جهاز الأمن (يونيو 1983 ـ ديسمبر 1984)

    Quote: "إن العمل الذي يجري في البلاد اليوم، عمل خطير للغاية وهو قد شوَّه الإسلام، وهدّد وحدة البلاد.. ثم إن لإخواننا الجنوبيين حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة الحاضرة، وإنما يكفله لهم هذا الدستور العلماني كما سيكفله لهم الدستور الإسلامي الصحيح في قمة لا تُجارى.. ولقد كان من الخير لمايو أن ترجع لعلمانيتها التي حققت بها نجاحها الماضي، وأن تترك الإسلام، الآن، لأنها غير مؤهلة لبعثه.. وسيجيء الإسلام بنقاوته وطهره، يوم يجيء، وسيكون للعالم مفازة وملجأ.. ويومها لن يختلف اثنان حول الإسلام لأنه سيجيء بنفحته الروحية الظاهرة وبآيته التي تخضع لها الأعناق "

    وفي آخر لقاء صحفي للأستاذ محمود أجرته معه مجلة الجامعة بتاريخ 4 يناير 1985، قبل يوم واحد من إعادة اعتقاله نقرأ:
    Quote: س : الأستاذ محمود من الذين عاصروا فترة النضال الوطني واستقلال البلاد. فأين نقف نحن اليوم من تحقيق مفهوم الإستقلال الحقيقي ؟.

    ج : بسم الله الرحمن الرحيم .. يسرني في هذا اليوم أن ألتقي بأبنائي من طلبة جامعة الخرطوم، أعضاء هيئة تحرير مجلة الجامعة. وسأواجه أسئلتهم بالقدر الكافي من التفصيل.
    أما بخصوص السؤال فنحن اليوم في أبعد موقع عن تحقيق الإستقلال في جميع عصورنا. والناس لو كانوا يتعمقوا في الأمور بيلاحظوا مافي استقلال حقيقي وما بتحقق إلا إذا كان قائم على مذهبية وفكر. وحركتنا الوطنية تهمل المذهبية وتهتم بالأغلبية الميكانيكية ولذلك من البداية ما حققنا الإستقلال، وقد نجلوا الإستعمار اليوم أو غدا ولا نكون أحرارا أو مستقلين، وإنما متخبطين في فوضى لا قرار لها والفوضى التي نشاهدها اليوم علي عهد مايو في أخريات أيامه. ونحن إن نلاحظ أن عهد مايو عندما قام في 1969م جاء في ساعة حرج، في ساعة الصفر ممكن تقول، والبلاد كانت ستتورط علي يد الطائفية في ما يسمى ظلما وجورا وبهتانا بالدستور الإسلامي، وأنقذت مايو البلد من الهوس الديني والطائفية من تقنينها لوجودها وللشريعة الإسلامية والدستور الإسلامي، ولا هي دستور إسلامي ولا تشريع إسلامي، والدستور الإسلامي بصورة خاصة تزييف للإسلام. وسلطة مايو في أول عهدها أوقفت هذا العمل، ولكن في آخر أيامها تورطت فيه هي بنفسها بسنها قوانين سبتمبر 1983م، نحن كنا مؤيدين لمايو بنصحها لأنو نحن بنعرف إنو ما عندها بديل غير الهوس الديني والطائفية، ونحن كنا مناهضين للطائفية والهوس الديني. ومعروف إنو الطائفية حاربتنا سياسيا بقيام محكمة الردة، لكن واجهناها بالصورة الكافية. قبل أن تنجح في مؤامراتها، جاءت مايو. وكانت مايو ثورة علمانية ولن تستطيع أن تكون ثورة دينية، ولكن علي علمانيتها ودستورها العلماني في الوقت الحاضر، كانت أحسن مرحلة من مراحل الحكم الوطني، ولكن تورطت في الهوس الديني وانحرفت وأتت بقوانين سبتمبر 1983م، لا هي إسلامية ولا هي شرعية ولا علمانية وكانت الفوضى، واختلطت الأمور وانحدرت البلد، وهنا برزنا نحن لمناهضتها وخاصة معارضة قوانين سبتمبر 83.

    س: قلت أن الإستقلال يبني على مذهبية وفكر ؟ أو بمعنى آخر تأييدكم لهذا النظام على أي أسس كان؟

    ج : نحن ما عندنا فرص لنجد المستوى اللي نحن عايزنو للدعوة للفكرة وكان علينا اختيار أخف الضررين: الطائفية أو مايو.


    إذن محاولة الجمهوريين الموقعين على البيان الآن، للتوافق مع بقية السودانيين، على إلغاء قوانين سلطة الإنقاذ ثم على صيغة دستور يقبله كل السودانيين، بما في ذلك غير المسلمين، يشكِّل ممارسة ليست بعيدة مما نصح به الأستاذ محمود نظام مايو في اللقاء الصحفي بعاليه، بالعودة إلى علمانيتها.
    كتب الدكتور محمد محمود:





    Quote: هذا العجز عن قبول العلمانية كشرط أولي وضروري لا تقوم للديمقراطية قائمة بدونه عجز أصيل في فكر الحركات الإسلامية ويشمل ذلك الحركة الجمهورية. كان مشروع الأستاذ محمود محمد طه مشروع دولة دينية، وبذا فقد كان مشروعا معاديا للعلمانية. ولذا يمكننا القول إن أغلبية الجمهوريين (خاصة البارزين منهم أو من يسميهم الجمهوريون: "الكبار") الذين غابت أسماؤهم عن هذا البيان يمثلون الموقف الأصيل للفكرة الجمهورية. إلا أن الأقلية التي وقّعت على البيان لم تقطع صلتها قطعا تاما بالمشروع الأصيل وكل ما في الأمر أنها رأت ضرورة أن تقدّم للشعب "ما يتجاوب معه" في ظل الظرف التاريخي الماثل وأعلنت قبولها لفكرة فصل الدين عن الدولة قبولا مؤقتا إلى أن يصل السودانيون وهم يتدرّجون في "مراحل تطورهم" للمرحلة التي يتهيأون فيها لقبول الدولة الدينية حسب الفهم الذي تطرحه الفكرة الجمهورية.

    أرجو أن يكون قد اتضح أن وصف الدكتور محمد محمود لمشروع الأستاذ محمود بـ "مشروع دولة دينية" قول غير دقيق.. نعم، الأستاذ محمود لم يدعُ إلى العلمانية، ولكنه ساير الأنظمة التي كانت قائمة على نظم علمانية وضعية مثل نظام مايو في أول أمره، ومثل أنظمة الحكم الوطنية منذ الاستقلال. وربما يعرف المتابعون لمهزلة محكمة الردة ضد الأستاذ محمود في عام 1968 أن الدستور الوضعي "العلماني" الذي كان حاكما وقتها، قد حفظ حقوق الأستاذ الأساسية، ولم يكن يسمح بتنفيذ حكم تلك المحكمة.

    ثم أن الأستاذ محمود لم يدعُ إلى الديمقراطية فحسب، بل دعا إلى مزاوجتها بالاشتراكية، وقال أن الحكم الصالح لا يقوم إلا بهما معا. ثم أن الحركة الجمهورية كانت عملية عندما نصحت نظام مايو بالسير خطوة نحو الاشتراكية الحقيقية وذلك في كتاب عنوانه: "ساووا السودانيين في الفقر حتى يتساووا في الغنى"، ومما جاء فيه:

    Quote: إن المقترحات الثورية التي يحملها هذا الكتاب إنما قصد بها المعالجة المرحلية لواقع معاش، وإلا فإن العلاج الجذري للمشاكل الاقتصادية، إنما يقوم بنيانه على الاشتراكية.. ولكن من المعلوم أن التطبيق الإشتراكي لا يقوم في فراغ، وإنما هو يأخذ فى اعتباره الواقع الاقتصادي المعاش، فيرتفع بـه، ويتخذ حياله الخطوات العملية التى تطامن من سلبياته، وتجعله ممهدا للتغيير، وللتطبيق الاشتراكى الذى يحتاج، أول ما يحتاج، الى وضع أولويات تأميم وسائل الإنتاج، كما يحتاج الى وضع الضوابط التي تؤمن مساره، وتجنبه مخاطر الانتكاس.. وفوق كل ذلك، فإن النهج الإشتراكي، ليكون واقعيا، وعمليا، إنما يحتاج، أشد الحاجة، الى التربية


    يقول الدكتور محمد أحمد محمود:
    Quote: إن هذا القبول المؤقت و"التكتيكي" للعلمانية ليس بموقف فكري متّسق وهو يعكس في تقديري الأزمة العميقة التي يعيشها الإسلاميون في عالمنا المعاصر طالما أصروا على هيمنة الإسلام على السياسة ومناحي الحياة الأخرى. تتضّح هذه المفارقة عندما يتحدّث البيان عن "احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بمرجعية إنسانية، تحكمها المواثيق الدولية". إن هذه المرجعية الإنسانية تعلو في واقع الأمر على المرجعية الإسلامية التي تستند عليها الفكرة الجمهورية (وعلى أى مرجعية دينية أخرى)، وهكذا فبينما تنشد الفكرة الجمهورية إحياء عقوبات الشريعة من رجم وبتر للأطراف وجلد وقِصاص فإن مواثيق حقوق الإنسان ترفض هذه العقوبات وتعتبرها عقوبات قاسية ولاإنسانية ومُحِطّة لكرامة الإنسان. إن ما أتمنى أن يدركه الموقعون على البيان أن العلمانية ليست بشرط ظرفي مؤقت في عملية التطبيق الديمقراطي وإنما هي شرط لكل الفصول، وأن ما سقط في السودان ليس مشروع الإخوان المسلمين فحسب وإنما مشروع الدولة الدينية نفسه. إن إصرار الحركات الإسلامية على رفض العلمانية التي قبلها أصحاب الأديان الأخرى وتصالحوا معها ليس منشأه قدرة الإسلام على حلّ مشاكل البشر في أي زمان ومكان وإنما غربة هذه الحركات عن معارف عصرنا الراهن وقيمه.

    أرجو أن ألفت نظر الدكتور محمد محمود أنه، لا الجمهوريين الموقعين على البيان، ولا الآخرين الذين وصفهم بـ "أغلبية الجمهوريين"، يمارسون الآن الدعوة إلى الفكرة الجمهورية على النحو الذي كان جاريا زمن التنظيم والحركة المنظمة، ولا يقومون بمواجهة سلطة الإنقاذ وقوانينها، بالصورة التي انتهت عليها الحركة عندما طالبت بإلغاء قوانين سبتمبر. فإذا كانت الحركة قد طالبت نظام مايو بإلغاء قوانين سبتمبر بما فيها من عقوبات الصلب والرجم والقطع، فهل يُعقل أن ينادي جمهوري، سواء من الموقعين على البيان، أو ما يسميهم الدكتور بـ "أغلبية الجمهوريين" بتطبيق قوانين وعقوبات الحدود؟؟!!
    يمكن قراءة لقاء مجلة الجامعة مع الأستاذ محمود كاملا في هذا الرابط:
    http://www.alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=28andpage_id=1

    ياسر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de