محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام السياسى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 11:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-21-2013, 03:11 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام السياسى

    تميزت الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية، واسقاط فاشست الحركة الاسلامية، ادب يتناغم مع ايقاع الثورة، كانت الهنافت تتحول لاغنيات ثورية .
    لم يغيب الشعراء الوطنين ،عن دعمهم للثورة بالقصائد تمجيدا للشهداء والثورة ،والتحريض لاسقاط النظام ،كما كان ادب الكاركتير حاضرا ،وتصميمات الفتوشوب والفيديوهات المعبرة والسريعة والمواكبة للاحداث .
    الفنانين غنوا الاغنيات التى الهبت الشارع، و شارك الشباب بالداخل والخارج فى تلك الاغانى ،و المسرح اسهم على حياء ، ولكن موعودين بمسرح رهيب بعض سقوط النظام،الفنانين التشكليين كانوا حضورا.
    الثورة انطلقت منذ الايام الاولى للانقلاب الاسود لعصابات ومافية الاسلام السياسى، شهدت السجون المعتقلين وعرف الادب السياسى بيوت الاشباح والتعذيب .وقدم الاف الشهداء ارواحهم فداء للوطن، ثم كانت الابادة الجماعية للقبائل فى غرب السودان ودارفور باشكال مختلفة، وكان قاسمة الظهر انفصال جنوب السودان. عرفنا ادب المركوب المعبر عن غضب البعض فكان المركوب المرسل للسفاح والقاتل فى قاعة الصداقة ن ليتحول الفاعل لمريض. ثم اشرف الهلالية ، عرفنا الطرد من بيوت العزاء لمن يقتل ويجئ بدم بارد ليعزى ، قالوا الاضينة دق واعتذر ليهو.
    كانت ثورة19 سبتمبر ب نيالا لتقدم 22 شهيد ،و ثورة 23 سبتمبربودمدنى وكل هذا وماسبقة من ثورات ،هوامتداد لذلك المخاض الممتد منذ اضراب الاطباء ومحاكمة دكتور مامون محمد حسين بالاعدام ليعدل لاحقا للسجن ودكتور سيد محمد عبدالله بالسجن ،ثورة رمضان واستشهاد دكتور على فضل فى بيوت الاشباح ولحقة الشاب الاستاذ امين بدوى عطبرة وعبدالمنعم رحمة ودمدنى العظيم والراسخ تصفية فى الشارع وطلاب جامعة الخرطوم التاية وسليم وبشير ووووشهداء بورتسودان وكجبار وومن راهن على عقر حواء السودان فى عظمة شعبنا بانه سوف ينجز ثورته مهما كانت المعوقات والانكسارات ، طالما دماء شابات وشباب السودان اقسموا لشهدائهم لا تراجع الا تحقيق الثورة ومحاسبة الفاشست والقتلة من عصابات الفاشست الاسلام السياسى.
    اعتقد كل الادب الذى عبر عن الثورة مفترض يتم التوثيق له
    ساقوم بمحاولة توثيق كل الادب الثورى للثورة . ليكون امانة فى موقع سوانيزاونلاين للاجيال ومرجع للمستقبل البعيد للاجيال القادمة .
    ومرحبا بساهمات العضوية.
                  

10-21-2013, 03:15 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)
                  

10-21-2013, 03:21 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    النساء مهيرات الصمود والثورة حتى النصر
    محجوب شريف
    تحيي تعيشي لا مقهورة لا منهورة
    لا خاطر جناك مكسور
    بل مستورة يامستورة
    ياذات الضرا المستور
    سلاما ياغازلات العمل والبيت
    ملاياتك ضفاف النيل
    احب واديك هذا الحوش
    احب الشاي مع القرقوش
    احب المستك الفواح
    اهيم في غمرة النعناع
    بن و مدق
    وجمرة تسخن الايقاع
    سلاما يانساء الارض في كل مكان
                  

10-21-2013, 03:24 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    التغيير أو الطوفان!.
    محجوب محمد صالح :
    تنتهي بعد غد الأحد عطلة عيد الأضحى المبارك التي استطالت في السودان هذا العام إلى تسعة أيام بقرار حكومي, وكانت الحكومة تأمل أن تقود العطلة إلى تهدئة الأجواء بعد الحوادث الدامية التي عاشتها الخرطوم ومدن أخرى في أكبر حراك سياسي معارض تشهده العاصمة السودانية والمدن الأخرى, وخلف وراءه رنة حزن على ضحايا من الشباب الذين استشهدوا بالرصاص الحي في تلك المواجهات, وما زالت المطالبات تتوالى بتحقيق حر ومحايد تتولاه جهة مستقلة تثبت حقيقة ما حدث. لكن الهدوء الذي ساد أيام العيد لا ينبغي أن يعتبر دليلاً على انتهاء الأزمة, فالأزمة ما زالت قائمة تتفاعل وتتصاعد, ولن تنتهي إلا بانتهاء أسبابها, فهي الآن قد اتسعت نطاقاً وتمددت مساحة وزادت عمقاً, فما بدأ كحركة احتجاجية ضد سياسات اقتصادية ضارة تجاوز تلك المحطة إلى المطالبة بالتغيير السياسي الشامل والفوري والعاجل, ولم يكن ذلك بالأمر المستغرب, إذ إن الأزمة الاقتصادية لم تكن سوى نتاج طبيعي لأزمة سياسية مستحكمة ظلت تتفاعل على مدى ربع قرن, وقد آن الأوان لتجاوزها بتغيير شامل لنظام الحكم يحقق العدل والمساواة والتحول الديمقراطي الحقيقي, كما يحقق السلام والاستقرار, ولا بديل لذلك ولا بد من الوصول إليه وبأسرع ما يمكن. إن مساحة الفقر تتسع والأوضاع الحياتية تتدهور والنسيج الاجتماعي يهترئ والحروب وسفك الدماء يتواصل والانفلات الأمني أصبح القاعدة الراسخة, لا الاستثناء الطارئ, وهذا وضع يستحيل استمراره, بل إن استمراره لأكثر من ذلك يهدد بتمزيق البلاد وتشظّيها, مما يجعل التغيير العاجل فرض عين ومسؤولية يجب أن يتصدى لها جميع الحادبين على مستقبل هذا الوطن المثقل بالجراح والمهدد بالانهيار- وهذه الحقيقية هي التي تفسر الشعبية المتزايدة التي منيت بها دعوة التغيير الفوري والعاجل, لدرجة أن انضم إليها العديدون من شباب الحزب الحاكم نفسه, بل أخيراً بعض قادته عبر المذكرة الثلاثينية- وكلما تصاعدت الأزمة واستحكمت حلقاتها اتسع نطاق المطالبين بالإصلاح داخل ذلك الحزب, وستعلو أصواتهم أفراداً ومؤسسات إزاء أسلوب القمع الذي تمارسه السلطات, ويصبح الحزب الحاكم محاصراً من الداخل والخارج. انتهاج الحلول الأمنية والعسكرية تجاه قضايا سياسية حقيقية هو الذي أدى للحروب المشتعلة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة, والحصار الأمني وعنف الدولة هو المسؤول عن تصاعد المواجهات وارتفاع حدة التوتر في باقي أجزاء السودان, والاستراتيجية التي أنتجت الأزمة لا يمكن أن تؤدي إلى حلها. وما عادت المناورات تجدي, وما عاد تجميل الوجه بتعديلات ديكورية يغني فتيلاً, ولا بديل للتغيير الفوري والشامل وقيام نظام حكم جديد يستجيب لتطلعات المواطنين ويحقق لهم ما يصبون إليه من تحول ديمقراطي حقيقي, ومن مشاركة جماعية في صناعة القرار وسلام واستقرار وتنمية وتبادل سلمي للسلطة, وإنهاء كامل لسيطرة الحزب الواحد الذي يحيل المواطنين إلى رعايا في وطنهم, وسيتواصل الضغط حتى يحقق الحراك أهدافه مهما كانت الصعوبات والعراقيل, وسيكون الثمن غالياً لو تمترس النظام في موقفه الحالي, ولكن التحول سيكون سلساً وسلمياً لو أحسن قادة النظام قراءة هذا الواقع, وهذا هو الدرس الذي ينبغي أن تتعلمه من الحراك الذي ابتدره الشباب في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الماضي. لقد تفجر ذلك الحراك بسبب أزمة اقتصادية وإجراءات حكومية من شأنها أن تسحق الفقراء سحقاً, وأن تقضي تماماً على ما تبقى من الطبقة الوسطى, مما أثار حفيظة الجميع, وما زالت هذه الكارثة الاقتصادية قائمة وتزيد ضغطاً على كل الناس كل صباح, وستؤدي إلى كساد شامل وستستعصي الحياة على أغلب فئات الشعب, وهي بما تفرزه من ضغوط ستظل تواجه الناس -كل الناس- بهذا التحدي, وتؤكد لهم قناعتهم بأن الأزمة الاقتصادية هي بكلياتها نتيجة منطقية لسوء إدارة الشأن العام, وانعكاس أمين للأزمة الاقتصادية المتمثلة في افتقار الحكم الراشد والسلام, واحتكار مجموعة واحدة للسلطة والثروة على حساب الآخرين الذين هم مغيبون تماماً عن صناعة القرار الوطني, ولذلك فمطلبهم الأول والعاجل سيظل هو التغيير الشامل والكامل والفوري, وبناء نظام حكم يستجيب لكل هذه التطلعات, هذه هي المهمة العاجلة في هذه المرحلة التاريخية التي تطرح أمام السودانيين التحدي الأكبر: التغيير أو الطوفان!.
    نقلا عن صحيفة العرب القطرية

    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 03:27 AM)
    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 03:29 AM)
    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 03:56 AM)

                  

10-21-2013, 03:31 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    الثورة الثورة الثورة لا احباط لاتراخى استاذ عبد العزيز بركة ساكن
    الروائى عبد العزيز بركة ساكن : قريبًا سيسقط الإسلاميون فى السودان سقوطًا شنيعًا
    الروائى عبد العزيز بركة ساكن : قريبًا سيسقط الإسلاميون فى السودان سقوطًا شنيعًا


    حلايب وشلاتين قنبلة موقوتة فى يد البشير للضغط على مصر لصالح مرسى..
    08-04-2013 12:54 AM

    حاوره ياسر أبو جامع


    منذ أن صودرت مجموعته القصصية الأولى "على هامش الأرصفة"، الصادرة عن نفس الجهة التى صادرتها، وهى وزارة الثقافة السودانية، فى 2005، لقب بالزبون الدائم للرقيب، وأصبحت رواياته تصادر بمجرد طباعتها، واتهمته السلطات السودانية "الإخوانية" بأن كتاباته بها ما يخدش الحياء العام، لأنه يتحدث عن العاهرات والمثليين، حتى انتهى به المطاف بالنفى خارج بلاده، ومصادرة كتاباته فى السودان، ليختار بعد ذلك أن يعيش فى مدينة سالفلدن النمساوية، إنه الروائى السودانى عبد العزيز بركة ساكن، الإنسان الذى يتألم لأوجاع المضطهدين والفقراء، وتنضح كتاباته بالكثير من الوجع.

    بعد سقوط الإخوان.. برأيك هل ترى أن مصر تخطو باتجاه الحرب الأهلية؟
    لا أظن أن الأمر سيتطور لحرب أهلية، فمصر ليست كالسودان، فلا يوجد بها قبائل وتكوينات أثنية ذات ثقافات ولغات وديانات تخصها، يُوجد النوبة فى الجنوب وفى كل أنحاء مصر على الرغم من أن لديهم ما يميزهم كشعب إلا أنهم "النوبة" فى تناغم تام مع بقية الشعب المصرى وليس هنالك تمييز اجتماعى وسياسى وثقافى ضدهم من قبل الدولة، ولم تقد الدولة حرب إبادة جماعية أو ترتكب جرائم حرب فى حقهم كما يحدث للنوبة وغيرهم من القبائل الزنجية فى السودان، من الناحية الأخرى، وجود الأقباط فى مصر يمثل تنوعًا دينيًا جميلاً،كما يوجد التسامح والاحترام المشترك ما بين المسلمين والمسيحيين منذ آلاف السنوات، وما يحدث الآن هو أن فصيلاً إسلاميًا واحدًا وهو الإخوان المسلمين فى مواجهة مع بقية فئات الشعب من مسيحيين ومسلمين كمكونين دينيين ومثقفين وعلمانيين وفنانين ولبراليين كمكونات مجتمع مدنى، وإذا اشتعلت حرب فلا تسمى حربًا أهلية ولكن أقرب إلى حرب الجماعات الإسلامية المتطرفة ضد الدولة المصرية كما حدث فى السابق، ولا أستبعد ذلك ولكن بصورة محدودة، فمن طبيعة الإخوان أنهم ميالون للعنف السياسى، والسودان نموذجًا طيبا لذلك، فعمر البشير قبل أسبوعين اعترف بأن أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء، وهنا يشير إلى الملايين الذين قتلهم الإخوان فى جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، والآلاف الذين قتلهم هو بنفسه عندما كان ضابطًا بالجيش فى جنوب السودان، ولكن لا أظن أن الإخوان المسلمين فى مصر سوف يتبعون النموذج السودانى، أولا لصعوبة محاربة الدولة فى أرض مكوشفة مثل مصر ومساحة محدودة مع وجود دولة ذات قوة عسكرية وأمنية ضاربة كالحكومة المصرية، ووجود النسيج الاجتماعى المترابط، ثانيا أنهم لا يحتاجون لذلك إذا اعتبروا أن ما حدث للرئيس المعزول "مرسي" هو مجرد تصحيح مسار لأخطاء ارتكبها فى محاولته للسير فى خطى دولة الإخوان السودانية "أخونة الدولة" بكل مؤسساتها، ويمكنهم أن يخوضوا الانتخابات القادمة بكل حرية فإذا تمكنوا من السلطة، سيحكمون بالعدل فى ظل دولة القانون التى تحترم حقوق الجميع وخاصة النساء والمسيحيين والعلمانيين.

    وبرأيك ما هو الدور المنوط بالمثقفين لإعادة العلاقات بين مصر والسودان؟
    العلاقات الشعبية بين مصر والسودان لا تحتاج لشخص ولا جماعة ولا حكومة لصونها، فهى تصون نفسها بنفسها، فهى عريقة عراقة النيل، ولا يمكن تخريبها بواسطة السياسيين. ولكن تظل مشكلة حلايب وشلاتين مثل قنبلتين موقوتتين، ما لم يتم استدراكهما اليوم ستنفجران فى يوم ما قريب وخاصة إذا لم تنحل أزمة مرسى سيحاول نظام الإخوان المسلمين فى السودان استثمار هاتين القضيتين.

    وهل تعتقد أن الأزمة بين مصر والسودان ستنقضى بعد قيام ثورة على الإسلام السياسى وسقوط الإخوان؟ وأين يكمن حل الأزمة؟

    سقوط الإخوان فى مصر هو سقوط للإسلام السياسى فى العالم كله، وكانت مصر فرصة سانحة للإسلام السياسى لكى يثبت للعالم أن باستطاعته إدارة دولة حديثة عصرية معقدة، ولكن "الإخوان المسلمين" فى مصر لم يحاولوا النظر بصورة نقدية لدولة السودان الفاشلة، بل مضوا حثيثا فى أثرها: الاعتداء على الحريات الشخصية، إثارة النعرات الدينية والأسوأ هو "أخونة مؤسسات الدولة". فحل الأزمة يتم بوجود دولتين ديمقراطيتين علمانيتين فى البلدين الشقيقين مصر والسودان.

    وهل من الممكن أن يشهد السودان ثورة على الإسلاميين بعد إسقاطهم فى مصر؟
    طبعا سيسقطون سقوطًا شنيعًا ونهائيًا، ولا أشك فى ذلك، إنها سلطة كما وصفوا أنفسهم بأنفسهم: "أيادينا ملوثة بدماء الأبرياء من أبناء الشعب". ويجب ألا يتعجل الناس الثورة، فالثورة ليست هى انتفاضة ولا انقلاب عسكرى ولا تغير حاكم بحاكم آخر، ولا تأتى عن طريق المُحاكاة، لأنها حدثت فى تونس يجب أن تحدث فى مصر والسودان، فالثورة هى تغيير جذرى عميق يشمل كل مناحى الحياة، وهذا يحتاج لوقت طويل، ولكنه سيحدث.

    تحتشد روايتك بتفاصيل الأحداث وشخوصها وتعدد سجلاتها اللغوية والثقافية وتحتفى بالآخر المختلف وبالأقليات العرقية واللغوية والدينية وتمثيلاتهم الثقافية. فهل هذا ينم على انتماءاتك للإنسانية دون حدود جغرافية؟
    نعم، فالسودان دولة كبيرة المساحة، وهى تحتوى على كمية كبيرة من الإثنيات ذات الخلفيات الثقافية المختلفة، فيوجد بالسودان الآن 114 لغة حية، وكثير من الممارسات والمعتقدات الدينية، وهذا التنوع إذا أُستثمر إيجابيًا فإنه يثمل مفتاحًا للوحدة والتقدم للأمام، ولكن فشلت كل الحكومات السودانية المتعاقبة على النظر إليه كمدخل تنموى إيجابى، بل عملوا على زرع الفتن بين فئات المجتمع القبلية والعرقية، وقاموا بتسليح القبائل التى تنتمى للأصول العربية، وأتوا بجماعة الجنجويد من بعض الدول الأفريقية المجاورة كمرتزقة مقابل أرض القبائل التى يقضون عليها، وكان لذلك أثره الكبير فى تنفيذ برامج الإبادة الجماعية الذى تتبناه جماعة الإخوان المسلمين فى السودان، ومن خلال رواياتى أحب أن أشير إلى ذلك الجانب الإيجابى فى التنوع.

    معظم النقاد يضمون كتاباتك لـ"الواقعية السحرية" فهل ترى الآلام التى تكتبها فى مسيح دارفور، والجنقو، ورماد الماء بيئات سحرية، أم هى كتابة واقع المجتمع السودانى، دون سحر أو غرابة؟
    فى الحقيقة إن الحياة فى السودان سحرية، أى أن الواقع اليومى هو واقع سحرى حتى السياسى منه، فمثلاً عندما يعلن وزير الزراعة أن حل إشكاليات الزراعة فى السودان بالصلاة، وبالأمس أعلن أحد الوزراء أن على السودانيين تقوية ايمانهم لتجاوز الفقر والأزمة الاقتصادية، بينما تتسوق زوجة الرئيس بملايين الدولارات ويصيف أبناء هؤلاء الوزراء فى أبهى المصايف العالمية، وتتبرع السفارة السودانية فى القاهرة للإخوان المسلمين بملايين الدولارات بينما الشعوب السودانية تموت من الجوع.

    تعرضت معظم أعمالك للمصادرة داخل الوطن الذى تدافع عنه وعن إنسانيته فى تلك الأعمال.. تحت دعوى أن بها مشاهد جنسية تخدش الحياء.. ما ردك على ذلك؟
    إن القول بأن رواياتى بها مشاهد جنسية تخدش الحياء العام، هو ادعاء باطل لا أكثر، وهى محاولة للإقصاء، فالقائمين على السلطة فى السودان يرون فى كتابتى ما يسيء لمشروعاتهم الأيدلوجية ويخترق خطاباتهم المستقرة، بالطبع لا اقصد ذلك، كل ما أفعله هو إننى أنحاز لمشروعى الإنسانى أى اكتب عن طبقتى أحلامها آلامها طموحاتها المذبوحة وسكينتها أيضًا التى تذبح هى بها الآخر، وحتى لا يلتبس الأمر مرة أخرى، اقصد بطبقتى المنسيين فى المكان والزمان، الفقراء المرضى الشحاذين، المجانين، العسكر المساقين إلى مذابح المعارك للدفاع عن سلطة لا يعرفون عنها خيرا، المتشردين، أولاد وبنات الحرام، الجنقو العمال الموسميين، الكتاب الفقراء، الطلبة المشاكسين، الأنبياء الكذبة، وقس على ذلك من الخيرين والخيرات من أبناء وطنى، إذا أنا كاتب حسن النية وأخلاقى داعية للسلم والحرية، ولكنهم لا يقرأوننى إلا بعكس ذلك، ولا يمكن لسلطة تقتل أهلى فى دارفور، أن تحتفى بى فى الخروطوم.

    وهل هذا هو ما وراك نفيك من بلادك؟ ولماذا اخترت منفى أوروبيا ولم تختر دولة عربية؟
    نعم، والدول العربية، جميعا، تعانى من نفس أزمة السودان السياسية، وهى استفحال أمر المتطرفين الدينيين نتيجة لتفشى الجهل والأمية والفقر والإحباط الذى يعانى منه الشباب، الذين لا يرون فى الأدب والفن سوى نوع من الانحلال الأخلاقى وقتما قويت شوكتهم قضوا عليه، ولكن عندما يكونوا فى حالة ضعف فإنهم يمجدون الفنون جميعاً ويميلون للديمقراطية، فلا يمكننى أستجير من الرمضاء بالنار، ولذلك اخترت أن أعيش فى مدينة سالفلدن، بالنمسا.

    هل هناك مشروع رواية جديدة أو كتاب جديد يعمل عليه "ساكن" الآن؟
    أكتب رواية جديدة بعنوان "فاكهة الليل"، وهى تتحدث عن الصراع الثقافى والنفسى لدى المهاجرين العرب والأفارقة فى أوربا.

    اليوم السابع

    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 03:36 AM)

                  

10-21-2013, 03:38 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    2sudansudansudansudansudansudansudansudansudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

10-21-2013, 03:53 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    sudansudansudansudansudan58.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

10-21-2013, 04:15 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)






    أوعَك تخاف

    محجوب شريف

    يا من تموت بالجوع وقدامك ضفاف
    والأرضِ باطنها ظلَّ مطمورة سواك
    عطشان وقد نزلت عليك
    أحزان مطيره
    مُزَن سماك
    الدنيا أوسع من تضيق
    قوم أصحى فِك الريق هتاف
    إن الذين أحبوا روحهم ضيَّعوك
    وبيَّعوك أعز ما ملكت يداك
    أوعَك تخاف
    الخوف محطه محطه ما سكَّة وصولك للطريق
    إن الأيادي الحُرَّه ما بْتشعِل حريق
    تبْ ما بْتقيف تستنَّى قدامها بْتشوف
    يَحْتِل غريق تلو الغريق
    ما تنسى إنك كنت صاحب راي وبيت
    أهلا حباب لو دقَّ باب
    عندك مخدَّه وعنقريب هبَّابي،
    لمَّه وقهقهات
    تصحى وتنوم وتقوم معطَّر بالنشاط
    تنعس وقع في لحظه من إيدك كتاب
    وقلم كما برق السحاب
    يتهادى ما بين السطور
    كان سرجو كرسي الخيزران
    عند المغيرب رادي
    بغ بِنْ المزاج
    يدخل من النفَّاج عليك عثمان حسين
    يا عُشرة الأيام تمام
    أهو دا الكلام
    يا سلوى جك المويه
    أعملوا لينا شاي
    الأسره ممتده وحِداك جيران لطاف بي جاي وجاي
    جار المسيحي سكن إمام
    إلفه ومودَّه وقرقراب
    والناس قُراب
    ناس من نيالا وآخرين
    من وين ووين
    هسَّع جهنم في الحقيقه معسكرات
    من أين جاءكَ هؤلاء
    ما جونا من قيف السراب
    أو جونا من خلف الحدود
    بل جونا من جوّانا هم حُترب
    هنالك باقي في حلق الكلام
    تلك البذور الراكده في قاع الجُراب
    ما اتنفَّست فلق الصباح
    نفس الأزقة الفيها
    سكَّتنا الكلاب..
    ولكم وكم غلب الغُنا السمح النباح
    كم نحن أحياناً شربنا المويه
    من كاس الجراح
    من بين أصابعنا المخدَّره بالسُكات
    من بين مسامات العيوب..
    يا الله مين جلَد البنات
    جلداً موثق في القلوب
    وسكتنا ساي
    جُوّانا منْ فصل الجنوب
    هم عَسَّموك وقسَّموك خلُّوك مشتت في الدروب
    حدَّادي مدَّادي الوطن قد كان
    حليل الأغنيات
    يا أيها الأسف الشديد
    أكتب نشيد من تاني أجمل أمنيات
    لا للشهيد تلو الشهيد
    إلا إذا خطأً وصدفه تِحِتْ هدير التنميه
    موت الله ساي حتماً أكيد
    أو جانا من خلف الحدود
    وطن الجدود وطن الجدود
    نفديك بالأرواح نذود
    من بعد ذلك يا جميل
    أحلم بما لك من حقوق
    كشك الجرايد في الصباح،
    كيس الفواكه والملابس والكراريس والحليب
    نكهة خبيز والدنيا عيد إنسان عزيز
    وطن سعيد والشعبِ حر
    وطن التعدد والتنوع والتقدم والسلام
    حيث الفضا الواسع حمام
    والموجه خلف الموجه والسكه الحديد
    حرية التعبير عبير
    تفتح شهيتك للكلام
    النهر ما بِستأذن الصخره المرور
    جهراً بِمُرْ نحو المصب
    أمواجو تلهث من بعيد
    أكتب نشيد راسخ جديد
    الشمسِ تشهد وبرضو أستار الظلام

    السبت 7 سبتمبر ألمانيا

    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 04:20 AM)

                  

10-21-2013, 04:47 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)
                  

10-21-2013, 05:05 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    • نص الاعلان الدستورى المقترح للتوقيع من قوى الاجماع

    دستور السودان الانتقالي

    الباب الاول

    احكام عامة

    المادة1- تسمي هذه الوثيقة دستور جمهورية السودان الانتقالي ويعمل بها من تاريخ التوافق عليها وتوقيعها بواسطة القوي السياسية. ومدة سريانها طيلة الفترة الانتقالية المحددة وفق المادة 4 من هذا الدستور.

    المادة2- السودان جمهورية ديمقراطية فدرالية حديثة موحدة ذات سيادة علي جميع الاقاليم الواقعة تحت حدودها الدولية.

    المادة3- تسود احكام هذا الدستور الانتقالي علي جميع القوانين ويلغي من احكام تلك القوانين مايتعارض مع احكام هذا الدستور الانتقالي بالقدر الذي يزيل هذا التعارض.

    الباب الثاني

    الفترة الانتقالية

    المادة:4- مدة الفترة الانتقالية لاتقل عن ثلاثين شهرا ولاتزيد عن اربع سنوات.

    المادة:5- مهام الفترة الانتقالية:

    أ- تصفية نظام الحكم القائم وأجهزته واعادة بناء مؤسسات الدولة علي أسس قومية.

    ب- تنفيذ برنامج البديل الديمقراطي المتفق عليه بين القوي الموقعة علي هذا الدستور.

    الباب الثالث

    هياكل الحكم

    المادة:6- مستويات هيكل الحكم :

    1- اقرار النظام الفدرالي علي المستوي الاتحادي القائم علي الاقاليم الستة,دارفور,كردفان,الاوسط, الشرقي, الشمالي, الخرطوم خلال الفترة الانتقالية علي أساس.

    أ-المستوى الإتحادي القومي

    ب-المستوى الإقليمي

    ج- المستوي المحلي

    2- المستوي الولائي القائم الآن تتم مراجعته لتوفير الموارد للتنمية والخدمات وتحقيق تطلعات المواطنين. وتتم ادارة الولايات بأوامر مؤقتة من السلطة التنفيذية, الي حين اكتمال بناء الحكم الاقليمي.

    الباب الرابع

    مؤسسات وسلطات الحكم العامة

    المادة:7- تحكم جمهورية السودان خلال الفتره الانتقاليه من خلال مؤسسات حكم قائمه على سيادة حكم القانون و الفصل بين السلطات وفق مبادئ هذا الدستور.

    المادة:8- تتكون مؤسسات الحكم الانتقالية علي النحو التالي:

    أولا – مجلس رئاسي يكون رأسا للدولة ورمزا للسيادة الوطنية .

    ثانيا – مجلس وزراء تكون له السلطة التنفيذية العليا في البلاد .

    ثالثا – هيئة تشريعية تختص بسلطة التشريع وسلطة الرقابة علي أداء الحكومة.

    رابعا – هيئة قضائية مستقلة.

    خامسا – القوات النظامية: القوات المسلحة مؤسسة قومية حامية للوطن ولسيادته, وخاضعة لقرار السلطة التنفيذية والسيادية المختصة.

    - قوات الشرطة والاجهزة الامنية لحفظ الأمن وسلامة المجتمع وتخضع لسياسات وقرارات السلطة السيادية والتنفيذية وفق القانون.

    سادسا: الخدمة المدنية العامة التي تتولي ادارة جهاز الدولة ووظائفه بتطبيق وتنفيذ خطط وبرامج السلطة التنفيذية وفق القانون.

    سابعا: هيئات أومفوضيات مستقلة مختصة توكل اليها مهام وفق قانون انشاء كل منها.

    المادة:9- المجلس الرئاسي الانتقالي:

    1. يتكون المجلس الرئاسي الإنتقالي بتوافق القوي الموقعة علي وثيقة البديل الديمقراطي, من سبعة أعضاء بينهم امرأة ويراعى في إختيارهم تمثيل اقاليم السودان كافة.

    2. سلطات المجلس الرئاسي.: يمثل السيادة الوطنية ويمارس السلطات السيادية التالية :

    - رأس الدولة ورمزها السيادي .

    - القائد الاعلي للقوات المسلحة .

    - إعتماد تعيين رئيس القضاء بعد اختياره بواسطة مجلس القضاء الاعلي.

    - إعتماد سفراء السودان.وقبول اعتماد السفراء الاجانب لدي السودان

    - إعلان حالة الطواريْ وإعلان الحرب بتوصية من مجلس الوزراء.

    - التصديق علي القوانين الصادرة من الهيئة التشريعية.

    خ-تصدر قرارات المجلس بالأغلبية البسيطة لكل أعضائه.

    المادة10:- مجلس الوزراء الانتقالي:

    - يتكون مجلس الوزراء الإنتقالي من رئيس و نائب له و عدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين تختارهم توافقياً القوى الموقعة على وثيقة البديل الديمقراطي.

    - يتولي مجلس الوزراء المهام التالية:

    1/ معالجة عاجلة للأوضاع الإقتصادية المنهارة ومحاربة الفقر والفساد وإنتهاج سياسة إقتصادية تحقق التنمية المتوازنة والمستدامة وإعادة الإعتبار للتخطيط الإقتصادي والإلتزام بأسس دولة الرعاية الإجتماعية ودور القطاع العام ليقوم بدوره مع القطاع الخاص والتعاوني والمختلط ومؤسسات المجتمع المدني وإعادة النظر في الخصخصة وسياسة التحرير الاقتصادي.

    2/ إتخاذ كافة التدابير لوقف النزاع المسلح في جنوب كردفان والنيل الازرق ورفع حالة الطواريء وإطلاق سراح المعتقلين بما يحقق طموحات مواطني المنطقتين وفق قانون ينظم ذلك عبر تسوية سياسية يتم الاتفاق عليها.

    3/ إلغاء جميع القوانين المقيده للحريات والمتعارضة مع مبادىء حقوق الإنسان الاقليمية و الدولية وضمان أن تكون حقوق المرأه متسقه وأحكام المواثيق والمعاهدات الدولية.

    4/ إتخاذ كافة التدابير لوقف النزاع المسلح بدارفور ورفع حالة الطواري و إطلاق سراح كافة المعتقلين والمحكومين بسبب الحرب وضمان عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم و تعويضهم على المستويين العام والخاص والقبول بمطالب أهل دارفورالمشروعة والشروع في تنفيذها فوراً.

    5/ معالجه كل القضايا العالقة بين دولتي الجنوب والشمال بما يفتح الطريق مستقبلاً لإعادة وحدة الوطن على أسس جديدة وراسخة .

    6/ إتخاذ كافة الإجراءات السريعة و اللازمة والمفضية لإستعادة إستقلال القضاء والمحاماة والأجهزة العدلية الأخرى وأجهزة تنفيذ القانون.

    7/ إتخاذ كل ما يلزم لإستعادة إستقلال وحيدة وكفاءة ومهنية مؤسسات الخدمة المدنية والهيئات العامة والقوات النظامية كافة لتكون ملكاً للوطن وفي حماية سيادته وخدمة أهدافه.

    8/ تكوين مفوضية مستقلة لتعزيز وحماية حقوق الانسان وفق مبادئ باريس 1991 و لتأكيد شفافية ونزاهة الدولة ومحاربة الفساد عبرالمتابعة والتقييم والتقويم المستمر.

    9/ مراجعة السياسات التعليمية بكاملها ومراجعة البرامج والمناهج مع كفالة الإستقلال الأكاديمي للجامعات والمعاهد العليا وإستقلال وحرية تنظيمات الأساتذة وطلاب الجامعات والمعاهد العليا وضمان حرية البحث العلمى.

    10/ ضمان إستقلالية وقومية ومهنية الإجهزة الإعلامية الرسمية لتعود ملكاً للشعب وفي خدمة أهدافه الوطنية مع إحترام حرية الصحافة والصحفيين وأجهزة الإعلام كافة ومدها بالمعلومات والإقراربحقها في الحصول على المعلومات مع الإحتفاظ بسرية مصادرها .

    11/ الإنضمام للإتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان وكرامته والتي لم يصادق عليها السودان بما فيها المتعلقة بالمرأه وذوي الإحتياجات الخاصة والطفل .

    12/ إنتهاج سياسة خارجية وطنية متوازنة وهادفة تصون السيادة الوطنية وترعى حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأخرين بما يعيد للسودان مكانته العربية والأفريقية والدولية.

    13/ إعمال القانون وتقنين مبدأ المساءلة والملاحقة لكل من إرتكب جرماً في حق الشعب والوطن والقصاص لشهداءالمقاومة المدنية والعسكرية مع أعمال نظام الحقيقة والمصالحة والعدالة الإنتقالية والتعويض العادل وجبر الضرر وفق قانون ينظم ذلك.

    14/ اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لإجراء إنتخابات عامة حرة وعادلة ونزيهة وفق قانون انتخابات ديمقراطي يراعي قاعدة التمثيل النسبي تشكل بموجبه مفوضية إنتخابات مستقلة ومحايدة تشرف علي الانتخابات العامة .مع جواز الاشراف الاقليمي والدولي.

    15/ معالجه جاده لأوضاع المفصولين تعسفياً من مدنيين وعسكريين بما يحقق لهم العدل والإنصاف، وجبر الضرر لهم ولاسرهم .

    16/ عقد المؤتمر الدستوري عبر لجنة تحضيرية ولجنة فنية تمثل فيها كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني و الشخصيات والشرائح المجتمعية والعسكرية المختلفة. تقوم بتشريح أزمة الوطن وتقديم الحلول الجذرية لها ومن ثم وتأسيساً علي ذلك يتولى المؤتمرالقومي الدستوري وضع المبادئ الموجهة لمشروع الدستور ويحدد جهة صياغة الدستور وكيفية اجازته.

    المادة 11:- السلطة التشريعية الانتقالية:

    1/ يمارس السلطة التشريعية والرقابية خلال الفترة الانتقالية مجلس تتوافق عليه القوي الموقعة علي وثيقة البديل الديمقراطي. على أن يراعى في عضويته تمثيل كافة القوي المشاركة في التغيير, نساءاً ورجالاً ولا يقل تمثيل المرأة عن 25% من عضوية المجلس.

    2/المجلس سلطة تشريعية مستقلة يمنع التدخل في أعماله من اي جهة ويستمر في مهامه طيلة الفترة الإنتقالية ويصدر التشريعات واللوائح بتنظيم أعماله وإختيار رئيسه ولجانه.

    المادة12:- السلطة القضائية :

    1/ تشكل سلطة قضائية مستقلة,(مجلس القضاء العالي. المحكمة الدستورية) القاضي فيها مستقل تماما لا يخضع لأى مؤثرات أوضغوط . وأحكام المحاكم النهائيه واجبة النفاذ وفق قانون يصدر لتنظيم كامل أعمال السلطة القضائية على أن يراعى فيه الإلتزام بالمبادىء والأحكام والأعراف الدولية المرعية بشأن إستقلال القضاء.

    2/ يضطلع مجلس الوزراء عبر ما يراه من خطوات بإعاده بناء الأجهزة والمؤسسات العدلية في البلاد, ويبدأ ذلك بالفصل بين منصب وزير العدل بإعتباره جزءأً من السلطة التنفيذية ومنصب النائب العام المسئول عن الملف الجنائي، وتعيين عناصر مؤهلة مهنياً ومستقلة وذات كفاءة عالية. وذلك وفق خطة متكاملة لتأسيس مؤسسة عدالة حره ومستقلة ونزيهة.

    المادة 13 :- مراجعة أوضاع مؤسسات تنفيذ القانون من شرطة وسجون وحرس حدود وصيد لتعود أجهزة قومية مستقلة وفاعلة في حفظ الامن وحماية المواطنين.

    المادة 14:- إعادة تنظيم مهنة المحاماة عبرقانون جديد يشارك المحامون أنفسهم في وضعه.

    المادة 15:- القوات النظامية:

    1-القوات المسلحة قوات نظامية قومية مهمتها الاساسية حماية إستقلال السودان وارضه وسيادته ونظامه الديمقراطي الدستوري .

    2- يتخذ مجلس الوزراء ما يراه من إجراءات لازمة لإستعادة قومية القوات المسلحة وتصفية كل مظاهر التبعية الحزبية العقائدية وإعادة صياغة عقيدتها العسكرية بما يعيدها مؤسسة وطنية حامية للوطن وسيادته ويباعد بينها وبين صراع السلطة .

    3- يتخذ مجلس الوزراء ما يراه مناسباً ولازماً لإستعاده قومية واستقلالية قوات الشرطة و القوات النظامية الأخرى وتصفيه كل مظاهر الحزبية والعقائدية فيها.

    المادة16:- إلغاء قانون الأمن الوطني لعام2010 واعادة بناء جهاز أمن قومي بديل ولاؤه للوطن يقوم على عقيدة حماية أمن الوطن والمواطن, ومهامه جمع المعلومات وتصنيفها ووضعها أمام الجهات المختصة.دون اية مهام شرطية.

    الباب الخامس

    الحقوق والحريات الاساسية

    المادة 17:- المبادىء والمعايير الواردة في العهود و المواثيق الدولية والإقليمية التي صادق أويصادق عليها السودان تكون جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور الانتقالي, وأي قانون أو مرسوم أو قراريصدر مخالفاً لذلك يعتبر باطلاً وغير دستوري .

    المادة 18:- يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيساً على حق المواطنة وإحترام المعتقدات الدينية والتقاليد والأعراف وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الرأي السياسي أو الدين أو العرق أو الجنس او الثقافة, أو اي سبب آخر.

    المادة 19:- تعترف الدولة وتحترم تعدد الأديان و المعتقدات والاعراف وتلزم نفسها بالعمل على تحقيق التعايش و التفاعل السلمي والمساواة والتسامح بين معتنقي الأديان و المعتقدات وتسمح بحرية الدعوة السلمية للأديان وتمنع الإكراه وإثارة النعرات الدينية و الكراهية العنصرية في البلاد

    المادة 20:- تؤسس البرامج الإعلامية والتعليمية على الإحترام والإلتزام بقيم ومبادىء شعبنا و حقوق الإنسان الإقليمية والدولية. وتعكس التعدد والتنوع الثقافي والاثني في السودان.

    المادة 21:- تحمى الدولة الحقوق والحريات وتعززها وتضمنها وتنفذها.

    المادة 22:- لاتنتقص التشريعات من الحقوق والحريات الدستوريةولا تصادرها .

    المادة 23:- الحياة والكرامة الإنسانية

    ـ لكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية, ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي إنسان من الحياة تعسفاً.

    المادة 24:- الحرية الشخصية

    – لكل شخص الحق في الحرية والأمان، ولا يجوز التفتيش أوإخضاع أحد للاحتجاز أو الحبس، ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءات يحددها القانون.

    المادة 25:- الحُرمة من الرق و السخرة:

    (1) يحظر الرق والاتجار بالبشر بجميع أشكاله, ولايجوز استرقاق أحد أو إخضاعه للسخرة.

    (2) لا يجوز إرغام أحد على أداء عمل قسراً إلاّ كعقوبة تترتب على الإدانة بوساطة محكمة مختصة.

    المادة 26:- المساواة أمام القانون

    - الناس سواسية أمام القانون, ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الُلغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي, أوبأي سبب آخر.

    المادة 27:- حقوق المرأة والطفل

    (1) :- تلتزم الدولة بصيانة حقوق وحريات و كرامة المرأه السودانية وتؤكد على دورها الإيجابي في الحركة الوطنية السودانية ، وتعترف بكل الحقوق والواجبات الواردة في المواثيق و العهود الإقليمية والدولية التي صدق ويصدق عليها السودان في هذا المضمار.

    تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوي في التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما فيها الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمزايا الوظيفية الأخرى.

    (2) تعزز الدولة حقوق المرأة من خلال التمييز الإيجابي.

    (3)تعمل الدولة على محاربة العادات والتقاليد الضارة التي تقلل من كرامة المرأة ووضعيتها.

    (4) توفر الدولة الرعاية الصحية للأمومة والطفولة وللحوامل.

    (5)تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان.

    المادة 28:- الحُرمة من التعذيب

    ـ لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو معاملته على نحوٍ قاسٍ أو لا إنساني أوحاط بالكرامة أو مُهين.

    المادة 29:- المحاكمة العادلة

    (1) المتهم برئ حتى تثبت إدانته وفقاً للقانون.

    (2) يُخطر أي شخص عند القبض عليه بأسباب القبض ويُبلغ دون تأخير بالتهمة الموجهة ضده.

    (3)يكون لأي شخص, تُتخذ ضده إجراءات مدنية أو جنائية, الحق في سماع عادل وعلني أمام محكمة عادية مختصة وفقاً للإجراءات التي يحددها القانون.

    (4)لا يجوز توجيه الاتهام ضد أي شخص بسبب فعل أو امتناع عن فعل ما لم يشكل ذلك الفعل أو الامتناع جريمة عند وقوعه.

    (5)يكون لكل شخص الحق في أن يُحاكم حضورياً بدون إبطاء غير مبرر في أي تُهمة جنائية, وينظم القانون المحاكمة الغيابية.

    (6) يكون للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بوساطة محامٍ يختاره، وله الحق في أن توفر له الدولة المساعدة القانونية عندما يكون غير قادرٍ على الدفاع عن نفسه في الجرائم بالغة الخطورة.وله الحق في مقابلة الاسرة ومحاميه, وعلاجه.

    المادة 30:- الحق في التقاضي

    ـــ يكفل للكافة الحق في التقاضي، ولا يجوز منع أحد من حقه في اللجوء إلي العدالة.

    المادة 31:- عقوبة الإعدام:

    (1)لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام عند الادانة بجرائم سياسية, وعلى من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، أو من بلـغ السبعين من عمـره.

    ـــ لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام على الحوامل والمرضعات إلا بعد عامين من الرضاعة.

    المادة 32:- الخصوصية

    ـــ لا يجوز التدخل أو انتهاك خصوصية أي شخص, في الحياة الخاصة أو الأسرية له في مسكنه أو في مراسلاته، إلا وفقاً للقانون .

    المادة 33:- حرية العقيدة والعبادة

    ـــ لكل إنسان الحق في حرية العقيدة الدينية والعبادة، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته أو التعبير عنهما عن طريق ممارسة الشعائروالعبادة والتعليم أو الاحتفالات، وذلك وفقاً لما يتطلبه القانون ، ولا يُكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة طقوس أو شعائر لا يقبل بها طواعية.

    المادة 34:- حرية التعبير والإعلام:

    (1) لكل مواطن الحق في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة .

    (2) تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي.

    (3) تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب.

    المادة 35:- حرية التجمع والتنظيم:

    — يُكفل الحق في التجمع السلمي، والتظاهروالتعبير لكل حزب او منظمة او جماعة ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه.

    المادة 36:- حق الاقتراع:

    (1)لكل مواطن الحق في المشاركة في الشئون العامة من خلال التصويت حسبما يحدده القانون.

    (2)لكل مواطن بلغ السن التي يحددها هذا الدستور أو القانون الحق في أن يَنتخِب ويُنتخَب في انتخابات دورية تكفل التعبير الحُر عن إرادة الناخبين وتُجرى وفق اقتراع سري عام.

    المادة 37:- حرية التنقل والإقامة:

    (1) لكل مواطن الحق في حرية التنقل وحرية اختيار مكان إقامته إلاّ لأسباب تقتضيها الصحة العامة أو السلامة وفقاً لما ينظمه القانون.

    (2) لكل مواطن الحق في مغادرة البلاد وفقاً لما ينظمه القانون وله الحق في العودة.

    المادة 38:- حق التملك:

    (1) لكل مواطن الحق في الحيازة أو التملك وفقاً للقانون.

    (2) لا يجوز نزع الملكية الخاصة إلا بموجب قانون وللمصلحة العامة، وفي مقابل تعويض عادل وفوري. ولا تصادر الأموال الخاصة إلا بموجب حكم قضائي وفق قانون خاص.

    المادة 39:- الحق في التعليم:

    (1) التعليم حق لكل مواطن وعلى الدولة أن تكفل الحصول عليه دون تمييز على أساس الدين أو العنصر أو العرق أو النوع أو الإعاقة.

    (2) التعليم في المستوى الأساسي إلزامي وعلى الدولة توفيره مجاناً مع التعليم العام

    المادة 40:- حقوق الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة والمسنين:

    (1)تكفل الدولة للأشخاص ذوي الحاجات الخاصـة كل الحقـوق والحـريات المنصوص عليها في هذا الاعلان، وبخاصة احترام كرامتهم الإنسانية، وإتاحة التعليم والعمل المناسبين لهم وكفالة مشاركتهم الكاملة في المجتمع.

    (2) تُكفل الدولة للمسنين الحق في احترام كرامتهم وتوفر لهم الرعاية والخدمات الطبية اللازمة وفقاً لما ينظمه القانون.

    (عدل بواسطة امبدويات on 10-21-2013, 05:07 AM)

                  

10-24-2013, 01:07 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)


    سودان ما بعد الاسلاموية .... حيدر إبراهيم علي
    sudansudansudansudan104.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    ما نعيشه الآن هو نهاية حقبة الإسلام السياسي التي بدأت في منتصف سبعينيات القرن الماضي.. سودان ما بعد الاسلاموية: حيدر إبراهيم علي كان الإسلامويون السودانيون يفاخرون بوصولهم المبكر للسلطة، وهلل الإسلامويون لهذا الإنجاز، رغم الاستيلاء علي السلطة عن طريق الإنقلاب العسكري . وعمل النظام الإسلاموي، مبكرا، علي تأسيس دولية إسلامية تجمع كل نشطاء الإسلام السياسي والمتعاطفين معهم في العالم. وتمثل ذلك، في قيام المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، في مطلع العام 1990. وكان النظام الإنقلابي يدرك صعوبة أن يجد شرعيته من الشعب السوداني الذي غدر بنظامه الديمقراطي. لذلك، عوّل النظام السوداني كثيرا علي التضامن الاممي الإسلامي الخارجي أكثر من إقناع شعبه وكسب تأييده. وفي نفس الوقت، كان إسلامويو الخارج في حاجة لنظام حليف في المنطقة يرفع شعارات مقاومة للإمبريالية والصهيونية، ومعادية للغرب. وقدم الإسلامويون السودانيون أنفسهم كرواد ومبادرين لهذه المهمة من خلال طرح ماأسموه: المشروع الحضاري الإسلامي. ورفعوا شعارات: الاعتماد علي الذات، والتحرر داخليا وخارجيا. المتابع لإعلام النظام حينئذ، والترويج الخارجي، وتقاطر الإسلامويين الأجانب علي السودان،؛يظن أن السودان قد أصبح الدولة-القاعدة للخلافة الإسلامية. وقد واجه الإسلامويون عددا من التحديات كان يمكن في حالة الاستجابة الصحيحة لها؛ أن تجعل السودان نموذجا لدولة إسلامية حديثة . وكان الإسلامويون، عموما، يرون أن الحركة الإسلامية السودانية مؤهلة لتقديم النموذج . وتمثلت التحديات في:قيام نظام ديمقراطي جديد، الوحدة الوطنية ووضعية غير المسلمين، تنمية مستدامة ضمن إقتصاد إسلامي. وهذه قضايا كان يمكن للإسلامويين الذين حكموا طويلا، أن يقدموا فيها إسهامات أصيلة تثري الفكر السياسي الإسلامي الجامد. ولكن النظام السوداني قدم دليلا دامغا علي فشل الإسلام السياسي في بناء دولة حديثة ديمقراطية، وأصبح مصدر حرج لكل الإسلاميين في المنطقة. وكانت تلك بداية فشل مشروع الإسلام السياسي حصرا،فهي لم تتأكد في تجربة الإخوان المسلمين المصريين مؤخرا. وما نعيشه الآن هو نهاية حقبة الإسلام السياسي التي بدات في منتصف سبعينيات القرن الماضي. ويصف المفكر الإيراني (آصف بيات)، المرحلة بأنها "ما بعد الإسلاموية" وهي حالة سياسية واجتماعية حيث، وبعد مرحلة من التجريب، تكون الجاذبية، والطاقة، ومصادر شرعية «الإسلام السياسي» قد استنفدت حتى بين أشد مؤيديها والمتحمسين لها. هذه هي الحالة التي يعيشها النظام الآن، وتكون دائما حافلة بالتناقضات الداخلية والضغوط الاجتماعية، وهي تتطلب تجديدا، ونقدا ذاتيا شاملا. ولكن هذه متطلبات يجد العقل الإسلاموي صعوبة في التعامل معها بسبب يقينه بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة. لذلك، يعيش الإسلامويون السودانيون بقبائلهم المختلفة حروبا أهلية فكرية وسياسية. وقد مكر بهم التاريخ وتحول الصراع إلي إسلاموي-إسلاموي وليس إسلامي-علماني لبرالي. وكانت بداية فتنتهم، المفاصلة بين جناح الترابي وبين البشير واتباعه. ووصل الأمر إلي تحالف حزب الترابي مع الشيوعيين والحركة الشعبية. والمحاولة الإنقلابية الأخيرة قام بها إسلامويون نافذون. وآخر موكب احتجاج ، قاده (تحالف القوى الإسلامية والوطنية) وهي كيانات إسلامية مغمورة. وهناك مجموعة تثير ضجيجا عاليا تسمي (تيار الإصلاح) ويمثلون قيادات إسلاموية ظلت قيادية في أخطر فترات الانقاذ ثم اكتشفت فجأة وجود نظام يحتاج لإصلاح. وقد جاءت هذه الصحوة بعد أن أبعد التيار الرئيسي في المؤتمر الوطني، العناصر الداعية الآن للإصلاح من المواقع المؤثرة. فهي حرب للبقاء واسترجاع المواقع الضائعة، وليست لله ولا للوطن ولا للإسلام. ويبعد زعيم الأخوان المسلمين (جاويش) مجموعته من النظام ، حين يقول، إن التجربة السودانية لا تعتبر النموذج المثالي للحركات الإسلامية الأخري. ولكنه يحذر في الوقت نفسه من مخاطر مطالبة البعض باسقاط النظام. وهذا الموقف تتبناه جماعة أنصار السودانية، وسلفيون وهيئات للعلماء. ووسط هذا الخلاف الشامل بين الإسلامويين، سعي حزب المؤتمر الوطني ايجاد آلية تصل الي مرجعية إسلامية تتجنب هذا الاقتتال الإسلاموي. لذلك، تم بعث تنظيم"الحركة الإسلامية السودانية"بعد المؤتمر الثامن في نوفمبر الماضي. ولكن التنظيم لا يملك أي قدرات فكرية تمكنه من الوصول الي رؤى فكرية شاملة وجديدة، إذ لم يعرف عن رئيسها (الزبير أحمد الحسن) أي مساهمات فكرية مميزة. اتسمت مرحلة مابعد الإسلاموية الراهنة بالفقر الفكري، والانصراف عن الحوار والمعرفة تماما. ومن الملاحظ أن العناصر الإسلاموية التي عرفت باهتمام ما بالفكر والنقاش، تمثل الآن تيارا ناقدا صريحا للنظام وتعتبر خارجه وضده. ومن بين هؤلاء:الطيب زين العابدين، عبدالوهاب الافندي، التيجاني عبدالقادر، حسن مكي، وغيرهم. وكان التعويض الأسهل للإسلامويين هو تطوير القمع والأمنوقراطية، بعد أن استعصي عليهم الفكر. فقد نشط الإسلامويون في مطلع الثمانينيات أي قبل استيلائهم علي السلطة في النشر والكتابة والحوار. فقد كانوا وراء تأسيس "جمعية الفكروالثقافة الإسلامية"، والتي عقدت مؤتمرها الأول في نوفمبر1982. وقامت الحركة بنشر سلاسل مطبوعة، مثل:رسائل التجديد الحضاري، ورسائل الحركة الإسلامية الطلابية، ورسائل البعث الحضاري. وأشرف علي هذه الإصدارات ما سمي بـ "معهد البحوث والدراسات الاجتماعية". ويقع كل هذا النشاط ضمن ما أسماه الإسلامويون"عمل الواجهات". وقد كان لدي الحركة الإسلاموية، مشروع وحلم لخصه أحدهم: "وتكمن قمة تحدياتها الآنية في تشكيل االشخصية الحضارية الإسلامية بدلا عن الشخصية القومية السودانية". (خالد موسي دفع الله: فقه الولاء الحركي، ص106). ولكن اليوم يعد التجربة الطويلة من الفشل، لم يعد لدي الإسلامويين مستقبل يبشرون به. وكان من الطبيعي أن يتحول فكرهم في مرحلة ما بعد الإسلاموية إلي مجرد فولكلور إسلاموي من الشعارات والمغالطات التي تعكس الانفصام بسبب الواقع الذي خلقوه بعد سنوات من الحكم المطلق. إن أزمة الإسلامويين السودانيين الآن ،تكمن في إصرارهم، رغم تناقضاتهم وخلافاتهم، علي رفع شعار:الإسلام هو الحل. وتتكرر الدعوة إلي: "ضرورة التوافق علي ثوابت الشريعة الاسلامية والوصول للحكم عبر الانتخابات وان لاتكون هذه الثوابت محل مساومة ويمكن الاختلاف فيما سوى ذلك". (خطاب مساعد رئيس الجمهورية في العيد 16/10/2013). وتؤكد كل التطورات سابقة الذكر والصراعات الحادة، علي أنهم لم يتفقوا هم أنفسهم، بعد علي ثوابت الشريعة. بل يصرح الرئيس البشير بأن ما كان مطبقا قبل إنفصال الجنوب لم يكن الشريعة المستقيمة، ويعدنا أن هذه المرة سيطبق شريعة"أصلية". ومن ناحية أخري، يتحدث الصوت الغالب في لجان الدستور المقترح عن تضمين تطبيق الشريعة. لا مانع في ذلك، ولكن أن يقدم الإسلامويون الشريعة في شكل برنامج مفصل قابل للتطبيق وليس مجرد شعار لإثارة العواطف الدينية. وهذا يعني اتفاقهم حول أي شريعة يريدون؟وهنا يختلف السودانيون عن الشعوب العربية الأخري، كونهم جربوا ومايزالون يعيشون شريعة الإسلام السياسي والتي لم تتوقف عند الإفقار والإذلال بل فصلت جزءا غاليا من الوطن.
    ما نعيشه الآن هو نهاية حقبة الإسلام السياسي التي بدأت في منتصف سبعينيات القرن الماضي.. سودان ما بعد الاسلاموية: حيدر إبراهيم علي كان الإسلامويون السودانيون يفاخرون بوصولهم المبكر للسلطة، وهلل الإسلامويون لهذا الإنجاز، رغم الاستيلاء علي السلطة عن طريق الإنقلاب العسكري . وعمل النظام الإسلاموي، مبكرا، علي تأسيس دولية إسلامية تجمع كل نشطاء الإسلام السياسي والمتعاطفين معهم في العالم. وتمثل ذلك، في قيام المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، في مطلع العام 1990. وكان النظام الإنقلابي يدرك صعوبة أن يجد شرعيته من الشعب السوداني الذي غدر بنظامه الديمقراطي. لذلك، عوّل النظام السوداني كثيرا علي التضامن الاممي الإسلامي الخارجي أكثر من إقناع شعبه وكسب تأييده. وفي نفس الوقت، كان إسلامويو الخارج في حاجة لنظام حليف في المنطقة يرفع شعارات مقاومة للإمبريالية والصهيونية، ومعادية للغرب. وقدم الإسلامويون السودانيون أنفسهم كرواد ومبادرين لهذه المهمة من خلال طرح ماأسموه: المشروع الحضاري الإسلامي. ورفعوا شعارات: الاعتماد علي الذات، والتحرر داخليا وخارجيا. المتابع لإعلام النظام حينئذ، والترويج الخارجي، وتقاطر الإسلامويين الأجانب علي السودان،؛يظن أن السودان قد أصبح الدولة-القاعدة للخلافة الإسلامية. وقد واجه الإسلامويون عددا من التحديات كان يمكن في حالة الاستجابة الصحيحة لها؛ أن تجعل السودان نموذجا لدولة إسلامية حديثة . وكان الإسلامويون، عموما، يرون أن الحركة الإسلامية السودانية مؤهلة لتقديم النموذج . وتمثلت التحديات في:قيام نظام ديمقراطي جديد، الوحدة الوطنية ووضعية غير المسلمين، تنمية مستدامة ضمن إقتصاد إسلامي. وهذه قضايا كان يمكن للإسلامويين الذين حكموا طويلا، أن يقدموا فيها إسهامات أصيلة تثري الفكر السياسي الإسلامي الجامد. ولكن النظام السوداني قدم دليلا دامغا علي فشل الإسلام السياسي في بناء دولة حديثة ديمقراطية، وأصبح مصدر حرج لكل الإسلاميين في المنطقة. وكانت تلك بداية فشل مشروع الإسلام السياسي حصرا،فهي لم تتأكد في تجربة الإخوان المسلمين المصريين مؤخرا. وما نعيشه الآن هو نهاية حقبة الإسلام السياسي التي بدات في منتصف سبعينيات القرن الماضي. ويصف المفكر الإيراني (آصف بيات)، المرحلة بأنها "ما بعد الإسلاموية" وهي حالة سياسية واجتماعية حيث، وبعد مرحلة من التجريب، تكون الجاذبية، والطاقة، ومصادر شرعية «الإسلام السياسي» قد استنفدت حتى بين أشد مؤيديها والمتحمسين لها. هذه هي الحالة التي يعيشها النظام الآن، وتكون دائما حافلة بالتناقضات الداخلية والضغوط الاجتماعية، وهي تتطلب تجديدا، ونقدا ذاتيا شاملا. ولكن هذه متطلبات يجد العقل الإسلاموي صعوبة في التعامل معها بسبب يقينه بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة. لذلك، يعيش الإسلامويون السودانيون بقبائلهم المختلفة حروبا أهلية فكرية وسياسية. وقد مكر بهم التاريخ وتحول الصراع إلي إسلاموي-إسلاموي وليس إسلامي-علماني لبرالي. وكانت بداية فتنتهم، المفاصلة بين جناح الترابي وبين البشير واتباعه. ووصل الأمر إلي تحالف حزب الترابي مع الشيوعيين والحركة الشعبية. والمحاولة الإنقلابية الأخيرة قام بها إسلامويون نافذون. وآخر موكب احتجاج ، قاده (تحالف القوى الإسلامية والوطنية) وهي كيانات إسلامية مغمورة. وهناك مجموعة تثير ضجيجا عاليا تسمي (تيار الإصلاح) ويمثلون قيادات إسلاموية ظلت قيادية في أخطر فترات الانقاذ ثم اكتشفت فجأة وجود نظام يحتاج لإصلاح. وقد جاءت هذه الصحوة بعد أن أبعد التيار الرئيسي في المؤتمر الوطني، العناصر الداعية الآن للإصلاح من المواقع المؤثرة. فهي حرب للبقاء واسترجاع المواقع الضائعة، وليست لله ولا للوطن ولا للإسلام. ويبعد زعيم الأخوان المسلمين (جاويش) مجموعته من النظام ، حين يقول، إن التجربة السودانية لا تعتبر النموذج المثالي للحركات الإسلامية الأخري. ولكنه يحذر في الوقت نفسه من مخاطر مطالبة البعض باسقاط النظام. وهذا الموقف تتبناه جماعة أنصار السودانية، وسلفيون وهيئات للعلماء. ووسط هذا الخلاف الشامل بين الإسلامويين، سعي حزب المؤتمر الوطني ايجاد آلية تصل الي مرجعية إسلامية تتجنب هذا الاقتتال الإسلاموي. لذلك، تم بعث تنظيم"الحركة الإسلامية السودانية"بعد المؤتمر الثامن في نوفمبر الماضي. ولكن التنظيم لا يملك أي قدرات فكرية تمكنه من الوصول الي رؤى فكرية شاملة وجديدة، إذ لم يعرف عن رئيسها (الزبير أحمد الحسن) أي مساهمات فكرية مميزة. اتسمت مرحلة مابعد الإسلاموية الراهنة بالفقر الفكري، والانصراف عن الحوار والمعرفة تماما. ومن الملاحظ أن العناصر الإسلاموية التي عرفت باهتمام ما بالفكر والنقاش، تمثل الآن تيارا ناقدا صريحا للنظام وتعتبر خارجه وضده. ومن بين هؤلاء:الطيب زين العابدين، عبدالوهاب الافندي، التيجاني عبدالقادر، حسن مكي، وغيرهم. وكان التعويض الأسهل للإسلامويين هو تطوير القمع والأمنوقراطية، بعد أن استعصي عليهم الفكر. فقد نشط الإسلامويون في مطلع الثمانينيات أي قبل استيلائهم علي السلطة في النشر والكتابة والحوار. فقد كانوا وراء تأسيس "جمعية الفكروالثقافة الإسلامية"، والتي عقدت مؤتمرها الأول في نوفمبر1982. وقامت الحركة بنشر سلاسل مطبوعة، مثل:رسائل التجديد الحضاري، ورسائل الحركة الإسلامية الطلابية، ورسائل البعث الحضاري. وأشرف علي هذه الإصدارات ما سمي بـ "معهد البحوث والدراسات الاجتماعية". ويقع كل هذا النشاط ضمن ما أسماه الإسلامويون"عمل الواجهات". وقد كان لدي الحركة الإسلاموية، مشروع وحلم لخصه أحدهم: "وتكمن قمة تحدياتها الآنية في تشكيل االشخصية الحضارية الإسلامية بدلا عن الشخصية القومية السودانية". (خالد موسي دفع الله: فقه الولاء الحركي، ص106). ولكن اليوم يعد التجربة الطويلة من الفشل، لم يعد لدي الإسلامويين مستقبل يبشرون به. وكان من الطبيعي أن يتحول فكرهم في مرحلة ما بعد الإسلاموية إلي مجرد فولكلور إسلاموي من الشعارات والمغالطات التي تعكس الانفصام بسبب الواقع الذي خلقوه بعد سنوات من الحكم المطلق. إن أزمة الإسلامويين السودانيين الآن ،تكمن في إصرارهم، رغم تناقضاتهم وخلافاتهم، علي رفع شعار:الإسلام هو الحل. وتتكرر الدعوة إلي: "ضرورة التوافق علي ثوابت الشريعة الاسلامية والوصول للحكم عبر الانتخابات وان لاتكون هذه الثوابت محل مساومة ويمكن الاختلاف فيما سوى ذلك". (خطاب مساعد رئيس الجمهورية في العيد 16/10/2013). وتؤكد كل التطورات سابقة الذكر والصراعات الحادة، علي أنهم لم يتفقوا هم أنفسهم، بعد علي ثوابت الشريعة. بل يصرح الرئيس البشير بأن ما كان مطبقا قبل إنفصال الجنوب لم يكن الشريعة المستقيمة، ويعدنا أن هذه المرة سيطبق شريعة"أصلية". ومن ناحية أخري، يتحدث الصوت الغالب في لجان الدستور المقترح عن تضمين تطبيق الشريعة. لا مانع في ذلك، ولكن أن يقدم الإسلامويون الشريعة في شكل برنامج مفصل قابل للتطبيق وليس مجرد شعار لإثارة العواطف الدينية. وهذا يعني اتفاقهم حول أي شريعة يريدون؟وهنا يختلف السودانيون عن الشعوب العربية الأخري، كونهم جربوا ومايزالون يعيشون شريعة الإسلام السياسي والتي لم تتوقف عند الإفقار والإذلال بل فصلت جزءا غاليا من الوطن
                  

10-24-2013, 04:16 AM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    فيصل، ماكلر .. وأميغو !!

    د .زهير السراج

    * انتهزت فرصة اللقاء الذى يجمعنى كل يوم سبت بنادى الصحافة بمدينة تورنتو الكندية، بعدد من الزملاء والزميلات الصحفيين المراسلين الاجانب لبعض وكالات الانباء والصحف العالمية وعرضت عليهم تسجيلا مصورا للاحتفال الذى أقامته مجموعة (قلوبال ميديا فورام للتدريب) ومنظمة (مرسلون بلا حدود فرع الولايات المتحدة) بالنادى الوطنى للصحافة بالعاصمة الامريكية واشنطن

    بمناسبة تسليم الاخ العزيز والصحفى الجسور فيصل محمد صالح (جائزة بيتر ماكلر للشجاعة والنزاهة الصحفية) لعام 2013 التى فاز بها بجدارة واقتدار بسبب مواقفه الشجاعة فى مواجهة الطغيان ومحاولات تكميم الافواه من السلطة السودانية، ومهنيته الرفيعة التى لا يستطيع احد ان يقدح فيها والتى تكللها اخلاق عالية وسماحة نفس لا مثيل لها، وهو جدير بالفوز بهذه الجائزة واى جائزة اخرى فى مجال العمل الصحفى، وفيصل لمن لا يعرفه جيدا فهو أستاذ صحافة واعلام وله الكثير من المساهمات المقدرة فى هذا المجال داخليا وخارجيا، كما انه احد المراجع المهمة فى السودان والشرق الاوسط وافريقيا لكثير من الجهات الاعلامية العالمية فى كثير من الاعمال التى تتطلب الاستشارة، بالاضافة الى كونه صحفيا ممارسا وكاتبا لا يشق له غبار، ولقد ظل طيلة حياته المهنية خير مثال للحيادية وللنزاهة والكفاءة والشجاعة ..!!

    * جائزة بيتر ماكلر للشجاعة والنزاهة الصحفية أسستها عام 2008 اسرة الصحفى الأمريكى الكبير بيتر ماكلر صاحب السيرة الناصعة والطويلة فى العمل الصحفى تخليدا لذكراه وتشجيعا للعمل الصحفى النزيه والشجاعة، وترعاها (مجموعة قلوبال ميديا فورام) وهى منظمة غير ربحية تعنى بتدريب الصحفيين، ومنظمة (مراسلون بلا حدود الامريكية) وهى جزء من منظمة (مراسلون بلا حدود العالمية) التى تعنى بحماية حقوق الصحفيين وحرية الصحافة فى العالم.

    * فيصل هو الصحفى الخامس على مستوى العالم الذى يفوز بهذه الجائزة، ولقد سبقه تيسيناياقام من سيريلانكا الذى فاز باول جائزة عام 2009 ثم إيليا بارابانوفا من روسيا عام 2010، ثم كارلا ريفاس من هندوراس عام 2011 ولوكبان احمد ياروف من كازاخستان الذى فاز بالجائزة فى عام ( 2008 )، ثم أخيرا فيصل عام 2013 .

    * عند سؤال احد الحضور لفيصل خلال المؤتمر الصحفى المصغر الذى تلا الحفل واجاب فيه فيصل على الاسئلة بثقة كبيرة وشجاعة واعتداد بالنفس وانجليزية رفيعة وحديث شيق جذب اليه الحضور "ماذا يتوقع من السلطات السودانية عندما يرجع الى السودان بعد الكلام الشجاع الذى قاله فى كلمته التى ألقاها فى الحفل واجاباته الجريئة على اسئلة الحضور؟"، قال لى الزميل الكولمبى (روقاس) الذى نطلق عليه لقب (اميغو) لكرمه وخفة دمه "لقد دار فى خلدى هذا السؤال"، ولكنه عندما سمع اجابة فيصل بانه "لا يبالى لان ما قاله فى امريكا هو الذى يقوله فى السودان وفى اى مكان اخر فى العالم"، قفز من مقعده وقال مازحا (اشكر يسوع لاننى لم اكن هناك لأسال هذا السؤال فيحرجنى فيصل باجابته الشجاعة القوية والحاضرة التى تعبر عن حضوره وذكائه"، وبالفعل فقد أعجبت اجابة فيصل الحضور فى واشنطن فصفقوا له طويلا.

    * بيتر ماكلر هو صحفى امريكى توفى عن 58 عاما فى 20 يونيو عام 2008 بمستشفى جورج واشنطن الجامعى بالعاصمة الامريكية واشنطن اثر ازمة قلبية فاجأته اثناء عمله بمكتبه بواشنطن كرئيس تحرير لوكالة الانباء الفرنسية بمنطقة أمريكا الشمالية التى تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك شمال امريكا، ولقد إلتحق بالوكالة عام 1979 بعد فترة قصيرة قضاها فى بعض الصحف والوكالات الامريكية مثل (الوكالة العالمية المتحدة للانباء) بمدينة نيويورك، ولقد كان يجيد الفرنسية كأهلها.

    * غطى بيتر بشجاعة نادرة خلال فترة عمله كصحفى عددا من الاحداث المهمة مثل حرب الخليج عام 1991، حرب البلقان (بوسنيا وكوسوفو)، الحرب فى افغانستان، الانتفاضة الفلسطينية، الهجوم الارهابى على برج التجارة العالمى فى نيويورك (11 سبتمبر 2001 ) والانتخابات الاميريكية الاخيرة كرئيس لغرفة التغطية الخبرية الامريكية، ولقد تميز خلال كل تلك التغطيات وطيلة حياته بالنزاهة والحياد والشجاعة والمهنية الرفيعة، وهو ما ألهم أسرته وأصدقاءه تأسيس جائزة باسمه تمنح للصحفيين الذين يتميزون بالشجاعة والنزاهة مثل فيصل ..!!

    * شكرا لفيصل محمد صالح الذى رفع رأسنا عالية فى هذا المحفل المهم، وشكرا لكل صحفى سودانى يخلص لعمله ويؤديه بكل شجاعة ونزاهة بدون خوف او وجل، وشكرا للصحفيين الاحرار فى كل مكان، ولبيتر ماكلر واسرته واصدقائه كل الاعتزاز والتقدير ..!!

    (عدل بواسطة امبدويات on 10-24-2013, 04:17 AM)
    (عدل بواسطة امبدويات on 10-26-2013, 08:43 PM)

                  

10-26-2013, 08:57 PM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)
                  

11-03-2013, 08:35 PM

امبدويات
<aامبدويات
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 2055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات لتوثيق ادب الثورة الثالثة من اجل استعادة الديمقراطية.. واسقاط فاشيست عصابات الاسلام الس (Re: امبدويات)

    الأخوان الجمهوريون

    هؤلاء هم الأخوان المسلمون
    الجزء الثاني

    محاولاتهم في السعي للحكم


    الطبعة الأولى – أم درمان – ديسمبر 1978 محرم 1399 هـ




    الإهداء:-

    إنما يهدى هذا الكتاب إلى عامة الناس!! وبوجه عام.. ولكنه، إنما يهدى بوجه خاص، إلى الأخوان المسلمين!!
    ويهدى بوجه أخص إلى قاعدة التنظيم من الشباب!!
    تبينوا أمركم، فأن هذه الدعوة، إنما هي فتنة!!
    لا خير يرجى من ورائها!!
    ولاخير في شجرتها!!
    ولاخير في ثمرتها
    وأنت لا تجني من الشوك العنب!!





    بسم الله الرحمن الرحيم
    (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون)
    صدق الله العظيم

    المقدمة

    هذا هو (الجزء الثاني) من كتاب (هؤلاء هم الأخوان المسلمون) ويتناول تنظيم الأخوان المسلمين، في مجال الممارسة، بعد أن تناول الجزء الأول منه هذا التنظيم في مجال الفكرة.. والجزءان يكادان أن يكونا بابين لكتاب واحد، بل هما كذلك، فهما متكاملان، يمهد أولهما، ويفضي الى الثاني.. وخطأ، أو صحة، الفكرة، دائما، إنما يلقي ظلاله على الممارسة.. ولما جاءت (فكرة) الأخوان المسلمين متناقضة، أشد التناقض، مع مراد الدين، ومتناقضة، كذلك، مع واقع الحياة المعاصرة، إتسمت ممارساتهم بالتناقض أيضا... فهم لم يستطيعوا أن يعيشوا حتى مستوى الدين الذي يدعون اليه، كما لم يستطيعوا أن يعيشوا مستوى هذه الحياة المعاصرة.. أسوأ من ذلك!! فقد إندفعوا في طلب السلطة لتنفيذ (فكرتهم) إلى حيث إتخذوا أساليب العنف، والإثارة، والإرهاب، والإحتواء، والإغتيال!!
    وهذا الجزء من الكتاب إنما يسلّط الضوء على ابرز الممارسات التي تشكّل الخط الأساسي للإخوان المسلمين كتنظيم يسعى إلى السلطة بكل سبيل، وبأي سبيل.. أما في مصر، موطن التنظيم الأول، فسنرى أنه قد نشأ على إعداد أعضائه، وتسليحهم لممارسة أعمال العنف، ثم أخذ يتّصل بالعسكريين، ويخطط للإنقلابات، حتى لقد توّرط في الإغتيالات الفردية!! أما بالنسبة لأساليب العمل السياسي الأخرى، في مصر، فسيعرض هذا الكتاب أسلوب الأخوان المسلمين في إحتواء السلطة، بالتقرّب، والتزّلف، إلى الملك، وفي "توريط" المسئولين في إتجاه مخطط تنظيمهم، وفي فرض جو عام من الإرهاب، بإسم الدين.





    ثم تتناول الفصول الأخرى ممارسات الأخوان المسلمين في السودان التي تكاد أن تكون صورة مطابقة لممارساتهم في مصر، وذلك من حيث العمل وفق مخطط مبيّت لإحتواء السلطة.. وسنركّز في ذلك على الصلة العضوية التي قامت بين الأخوان المسلمين والطائفية، كدعوتين تستغلان الدين في الأغراض السياسية، والمواقف التي وقفتاها قبل ثورة (مايو) لإجهاض ثورة (أكتوبر)، وتصفية مكتسباتها، ثم صور المقاومة العنيفة التي إتخذتاها ضد ثورة (مايو) من انقلابات، وأعمال شغب، وغزو أجنبي!! ويعطي هذا الكتاب، أيضا، نماذج لممارسات تنظيم الأخوان المسلمين في جامعة الخرطوم التي تعتبر أكبر مراكز ثقلهم، في السودان، وذلك من حيث إتجاههم العنيف مع خصومهم من التنظيمات الطلابية الأخرى، وعملهم لتسيير الحركة الطلابية وفق المخطط الطائفي، خارج الجامعة، الذي يمثلون أحد أركانه الأساسية..
    ويقوم آخر فصول هذا الكتاب بتحليل موقف الأخوان المسلمين من المصالحة الوطنية في السودان، ومخططهم لإحتواء السلطة، بالسيطرة على الأجهزة التنظيمية، والتشريعية والإعلامية، والتربوية..
    هذه مادة هذا الكتاب.. وقد إعتمدنا، في رصد الأحداث، سواء في مصر أو في السودان، على أقوال زعماء الأخوان المسلمين أنفسهم، وعلى البيانات التي أصدروها، أو اشتركوا في إصدارها، وعلى الأخبار التي تناقلتها عنهم الصحف، ولم يصدر منهم ما يكذبها... فنحن لم نبن أحكامنا على رأي خصوم الأخوان المسلمين فيهم، أو ما نسبوه من ممارسات اليهم... ذلك بأننا نعلم أن قدرا من التشويه لا بدّ أن يكون قد لحق بممارساتهم على أيدي خصومهم السياسيين والفكريين – لا سيما إبان اصطداماتهم مع النظام الناصري في مصر... فلم نأخذ، مثلا، بما نشره، أو أذاعه، ذلك النظام عن محاكماتهم... وذلك لما دار حولها من شبهات التلفيق، أو الإعتراف تحت ضغط التعذيب.. كما حرصنا على تحقيق، وتوثيق، سائر مواقفهم السياسية في السودان، وذلك من صحيفتهم نفسها، ومن الصحف غير المتهمة بمواقف معادية لهم، واستبعدنا كليا في هذا الجزء من الكتاب الإعتماد على الكتابات التي كتبها عنهم من قد تقع عليه أدنى شبهة من شبهات الخصومة الفكرية، أو السياسية، معهم ككتاب (الأخوان المسلمون) لريتشارد ب. متشيل.. هذا



    ونحن لم نورد في الجزء الأول من كتابنا هذا لـ (متشيل) هذا الاّ ما أيدته أقوال زعماء الأخوان المسلمين أنفسهم.. فما نسبه هنداوي دوير، أحد زعماء الأخوان المسلمين بمصر، الى الشيخ البنا، فيما نقله (ميشيل) حول عدم (صياغة رأي الأخوان في القضايا التفصيلية، وكيفية تطبيق الشريعة على حياة المجتمع المعاصر) إنما يقول الأستاذ سيد قطب بنفس محتواه، وبصورة أكثر تطرّفا، في كتابه (معالم في الطريق)... وقد أوردنا النصين، معا، وقمنا بالتعليق عليهما، معا – صفحة 19 من الجزء الأول من كتابنا (هؤلاء هم الأخوان المسلمون) – أما ما أوردناه من كتاب الدكتور رفعت السعيد (حسن البنا .. متى .. كيف.. ولماذا؟) – وهو كتاب واضح الخصومة الفكرية للأخوان المسلمين – فهو لا يتعدى أن يكون أخذا عن جريدة الأخوان المسلمين عدد 16/8/1946، وعن مجلة (الدعوة) للإخوان المسلمين عدد 12/12/1952.. ففي الأولى أشار الى مقال للشيخ البنا بعنوان (فن الموت).. وقد أوردنا هذه الإشارة بعد أن نقلنا طرفا من خاتمة (رسالة الجهاد) للشيخ البنا من كتاب (مجموعة رسائل البنا).. وفيها التعبير – بـ (صناعة الموت)، المرادف للتعبير (فن الموت) – صفحة 37 من الجزء الأول من كتابنا .. وفي الثانية أشار الى ما نسبه العشماوي من رأي للشيخ البنا حول معنى الشورى من أنها ليست ملزمة، وهو معنى الشورى كما في الشريعة الإسلامية، وكما وقع به التطبيق، في العهد الإسلامي الأول.. وقد أوردنا هذه الإشارة بعد أن علقنا على رأي البنا في صلاحية نظام الشورى لهذا العصر، كما نقلناه من مجموعة رسائله، وقد جاء فيه نفس المحتوى لمعنى الشورى – صفحة 43 من الجزء الأول من كتابنا..
    أما نص (البيعة)، وهو قسم الولاء الذي يؤديه عضو تنظيم الأخوان المسلمين، كما نقلناه عن كتاب رفعت السعيد، فهو وارد في (قانون النظام الأساسي للأخوان المسلمين)، كما اقرته الهيئة التأسيسية في اجتماعها بتاريخ 21/5/1948 (صفحة 264) من كتاب (الشيخ حسن البنا ومدرسته) لرؤوف شلبي – وقد ورد في الباب الثالث – الأعضاء وشروط العضوية – المادة 4.
    وبذلك فإن كتابنا هذا، بجزئيه، إنما اعتمد، في الأساس، على أقوال الأخوان المسلمين أنفسهم – قمة زعامتهم دون قاعدة جماعتهم – وعلى ممارساتهم التي شهدوا هم بها، أو لم يبدر منهم تكذيب لها



    وقد حرصنا، هذا الحرص، على عدم أخذ الأخوان المسلمين بشبهة مغرضة، أو إتهام لا يقوم على دليل، استشعارا منّا لمسئوليتنا الدينية، في المقام الأول، عن تحرّي الصدق، ولرغبتنا، في المقام الثاني، في أن يرى الأخوان المسلمون، بأنفسهم، خطل دعوتهم، حتى يعملوا على استنقاذ أنفسهم، بالتماس الدعوة الإسلامية الصحيحة في مظانها... فعملنا هذا، في تقويم حركة الأخوان المسلمين، إنما هو مقصود به إلى أن يمهد الطريق إلى البعث الإسلامي الصحيح، وذلك بالتوعية بمقومات هذا البعث، وبتقديم القيمة الأخلاقية التي تعبّر عنه، وبتسليط الضوء على المعوّقات التي تعوقه.. فإلى الكتاب.. وعند الله نلتمس السداد.
    ينسب إلى تنظيم الأخوان المسلمين، في مصر، كثير من أعمال العنف، والإرهاب، والإغتيالات.. ومع أننا، ونحن لا نتحرّى تجريم هذا التنظيم بكل سبيل، نأخذ هذه الإتهامات بشيء من التحفّظ، وهي تصدر من خصوم فكريين، وسياسيين، للإخوان المسلمين، الاّ أننا، مع ذلك، لا نبرئهم منها، تماما، اذ هناك العديد من الدلائل على صحة الكثير منها – كتوجيهات زعمائهم اياهم، والتي يلبسونها صورة الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، وكالروح العسكرية التي تسود تنظيماتهم، وكمذكرات كبار زعمائهم، وكممارسات تنظيمهم النظير في السودان... وعلى أي حال، فإن ما واجهه تنظيم الأخوان المسلمين من سجن، واضطهاد، وتعذيب، وتصفيات دموية على يدي النظام الناصري، قد يمكن أن يفسر بأنه مواجهة للطبيعة العنيفة، ولمواقف العنف التي كان يقفها تنظيمهم، وذلك على قاعدة (العنف يوّلد العنف)..
    توجيهات زعماء الأخوان المسلمين إلى العنف

    جاء في كتاب (مذكرات الدعوة والداعية)، بقلم الشيخ حسن البنا، طبعة دار الشهاب – صفحة 144 ما يلي: (واستصدر الأخوان بعد ذلك رخصة أخرى بمجلة النذير "سياسية اسبوعية"، وصدر العدد الأول منها بتاريخ 29 من ربيع الأول 1357 هـ يوافق مايو 1938م، وقد ظهر منها واضحا اتجاه الأخوان الوطني، وابتداء اشتراكهم في الكفاح السياسي، في الداخل، والخارج، اذ كانت الدعوة قد اتمت عشر سنين، ومن الخير أن ننقل هنا إفتتاحية العدد الأول اذ أنها تصوّر اتجاه الأخوان، اذ ذاك تمام التصوير


    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطوتنا ثابتة
    بقلم صاحب الفضيلة استاذنا المرشد العام للأخوان المسلمين، إلى الأمام دائما – الدعوة الخاصة بعد الدعوة العامة .. أيها الأخوان تجهزوا)
    ويمضي الشيخ حسن البنا ليقول في تلك الإفتتاحية للأخوان المسلمين، وتحت عنوان (ما خطوتكم الثانية):
    (أقول لكم فاسمعوا
    سننتقل من حيّز دعوة العامة الى حيّز دعوة الخاصة ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال وسنتوجه بدعوتنا إلى المسئولين من قادة البلد وزعمائه ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه واحزابه وسندعوهم إلى مناهجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم بل زعيم الأقطار الإسلامية في طريق الإسلام في جرأة لا تردد معها وفي وضوح لا لبس فيه ومن غير مواربة أو مداورة فإن الوقت لا يتسع للمداورات فإن اجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم وإن لجأوا الى المواربة والروغان وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لإستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.) – الخطوط تحت الكلمات من وضعنا –
    ويمضي الشيخ البنا ليقول للإخوان المسلمين:
    (كان ذلك موقفكم أيها الأخوان سلبيا هكذا فيما مضى أما اليوم وأما في هذه الخطوة الجديدة فلن يكون كذلك، ستخاصمون هؤلاء جميعا في الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة إن لم يستجيبوا لكم ويتخذوا تعاليم الإسلام منهاجا يسيرون عليه ويعملون له) إلى أن يقول الشيخ البنا:
    (أيها الأخوان – أعلن لكم هذه الخطوة على صفحات جريدتكم هذه لأول عدد منها وأدعوكم إلى الجهاد العملي بعد الدعوة القولية، والجهاد بثمن، وفيه تضحيات وسيكون من نتائج جهادكم هذا في سبيل الله والإسلام أن يتعرّض الموظفون منكم للإضطهاد وما فوق الإضطهاد. وأن يتعرّض الأحرار منكم للمعاكسة وأكثر من المعاكسة وأن يدعى


    المترفون منكم إلى السجون وما هو أشق من السجون ولتبلوّن في أموالكم وأنفسكم فمن كان معنا في هذه الخطوة فليتجهز وليستعد لها ومن قعدت به ظروفه أو صعبت عليه تكاليف الجهاد سواء أكان شعبة من شعب الأخوان أم فردا من أعضاء الجماعة فليبتعد عن الصف قليلا وليدع كتيبة الله تسير ثم فليلقنا بعد ذلك في ميدان النصر إن شاء الله ولينصرن الله من ينصره ولا أقول لكم الا كما قال ابراهيم من قبل (من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم). وأن لنا في جلالة الملك المسلم أيده الله أملا محققا وفي الشعب المصري الذي صقلته الحوادث ونبهته التجارب ومعه الشعوب الإسلامية المتآخية بعقيدة الإسلام نظرا صادقا وتأييد الله ومعونته قبل ذلك وبعده فإلى الأمام دائما) إنتهى.
    ونحب ان نركّز من توجيهات الشيخ البنا إلى الأخوان المسلمين على هذه العبارات (فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لإستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها).. وبالطبع فإن الشيخ البنا يعني بالإسلام هنا الإسلام كما يراه الأخوان المسلمون، ولذلك قال: (وسندعوهم إلى مناهجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا)... وقال أيضا (ستخاصمون هؤلاء جميعا في الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة إن لم يستجيبوا لكم ويتخذوا تعاليم الإسلام منهاجا يسيرون عليه ويعملون له..) الخطوط تحت الكلمات من وضعنا .. فالشيخ البنا يعني بالإستجابة لمنهاج الإسلام الإستجابة للإخوان المسلمين.. فمن لم يستجب لهم عند الشيخ البنا، لم يستجب للإسلام!! فهي حرب، يعلنها الشيخ البنا، على كل من لا يستجيب لدعوة الأخوان المسلمين، من الزعماء، والرؤساء، والهيئات، ويعدّد، في نهاية إعلانها، التضحيات التي تنجم عنها، وهو يتنبأ بما سيواجهه الأخوان المسلمون من إضطهاد، وسجون، وتصفيات جسدية، في مصادماتهم للسلطة التي لا تستجيب لهم.. غير أنه ذهب في ختام "نذارته" في العدد الإفتتاحي لمجلة (النذير) يتحدّث عن ملك مصر بصورة لا تليق بمن أخذ على عاتقه الدعوة إلى حكم الإسلام، معلنا الحرب على كل من يقف في سبيلها.. حيث قال: (وأن لنا في جلالة الملك المسلم أيده الله أملا محققا).. فهو يرجو أن يحقّق له ملك مصر أملا في سبيل (استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام)!! ويصفه بـ (الملك المسلم)!! وهو لا بد أنه كان يعلم أن الملكية الوراثية ليست من الإسلام في شيء، لا سيما إذا كانت على ذلك التسلّط الذي كانت عليه الملكية المصرية

    وقد أشرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب إلى رسالة الجهاد الشهيرة التي وجهها الشيخ البنا إلى الأخوان المسلمين حيث دعاهم، في خاتمتها، إلى أن يحسنوا: (صناعة الموت).. وقال لهم (فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم وأحرصوا على الموت توهب لكم الحياة).. وقد أشرنا هناك الى الفكرة الخاطئة للجهاد الإسلامي التي كان يروّج لها الشيخ البنا، والأستاذ سيد قطب، وقد فاتهما إدراك مرحلية الجهاد، وضرورة تحوّل اسلوب الدعوة في هذا العصر، الى وسائل الإقناع بالنموذج، وبالحوار الفكري، كما فاتهما إدراك أحكام الجهاد الإسلامي، في وقته، حيث كان يتوّجه المسلم بجهاده إلى غير المسلم، فلا يقاتل مسلما، يشهد الشهادتين، ولو كان منافقا بهما!!
    الروح العسكرية التي تسود تنظيماتهم

    فرقة الرحلات

    جاء في كتاب (الشيخ حسن البنا ومدرسته) للدكتور رؤوف شلبي – وهو كتاب يمجّد الشيخ البنا، ويحمل على غلافه شعار الأخوان المسلمين: (السيفان المشرعان، وفوقهما صورة حمراء للمصحف وتحتهما كلمة "واعدوا"):
    (كذلك إتّسع نشاط الأخوان وهم بالإسماعيلية الى مزاولة النشاط الرياضي وذلك انبثاقا من فكرة الجهاد الإسلامي، وتحقيقا للأمر الإسلامي وتحرجا مما جاء في الحديث الشريف: "من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية"..
    فتألفت فرقة الرحلات للأخوان المسلمين على غرار النظام الكشفي وانتقلت بعد ذلك من الإسماعيلية الى شعب الأخوان الأخرى التي انتشرت في قرى الريف فكانت للمستقبل نواة الجوالة) ص 159 – وقال الشيخ البنا في (مذكرات الدعوة والداعية) صفحة 238: (فرق رحلات الأخوان:
    كانت فرق رحلات الأخوان المسلمين قد كثر عددها في ذلك التاريخ وهي بعينها فرقة الجوالة، واصبحت في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس وابوصوير والبحر الصغير



    وبلاده وفي كل شعبة من شعب الأخوان تقريبا، وقد أنشئت هذه الفرقة عقب نشأة الدعوة وكادت تلازم أول شعبها وجودا، وقد ألفت بنفسي أول فرقة وكنت أزاول تدريبها بشخصي على بعض التمرينات الرياضية التي كنا نزاولها بالمدارس حتى أتاح الله الأخ الرياضي الفاضل محمد مختار اسماعيل أفندي فكان له في إنشائها وتدريبها والرحلة اليها والمرور عليها فضل كبير جزاه الله خيرا، وقد ساعده على النجاح طبيعته الرياضية الصوفية اذ كان صالحا مستقيما. وكان معلم الرياضة فاجتمع له بهاتين الصفتين رياضة الروح البدن)..
    الجهاز السري للإخوان المسلمين

    ويتحدّث الدكتور شلبي في كتابه عن (النظام الرتبي للإخوان المسلمين) فيقسم جماعة الأخوان المسلمين إلى أربعة مستويات هي:
    (* مستوى التبعية التي ترغب في الإنتساب للجماعة
    * مستوى الإنضمام الى أصحاب هذه التعاليم ليكون أخا لهم
    * مستوى الخضوع والإمتثال العملي
    * مستوى الجهاد في سبيل الله) صفحة 219
    ويتحدّث الدكتور شلبي عن المستوى الرابع (الإنضمام الجهادي) فيقول: (وفوق هذا المستوى العملي للإخوان العاملين مستوى رابع هو مستوى من حق الذروة أو هو مستوى الجهاد الحقيقي في سبيل الله، وهو مستوى من حق مكتب الإرشاد أن يمنحها لمن يثبت أنه أدى واجباته في مستوى العاملين، وتكون واجباته في مستوى الذروة او مستوى الجهاد) صفحة 221.. كما ذكر أن من واجبات هذا المستوى:
    (الإستعداد لقضاء مدة التربية الخاصة بمكتب الإرشاد ويسمى أخا مجاهدا) – صفحة 221 – نفس المحتوى وارد في صفحة 193 – وصفحة 194 من كتاب (مذكرات الدعوة والداعية) للشيخ البنا ولعل هذا المستوى الرابع (مستوى الذروة) أو (مستوى الجهاد في سبيل الله) هو الجهاز السري الذي تحدّث عنه حسن العشماوي في مذكراته (صفحة 74، وصفحة 75) قائلا:-




    (وأنا أعرف محمود عبداللطيف منذ كان يعمل في معركة قناة السويس عام 1951 وأعلم أنه انضم للجهاز السري أيضا..) ويمضي العشماوي ليقول: (ولكن ما كنت أتصوّر أنه رئيس مسئول بالجهاز السري لأنه رحمه الله عصبي المزاج سريع الإنفعال بحيث لا يصح وضعه كمسئول في أي نظام سري)..
    فرقة الجوالة:-
    قال الدكتور شلبي في كتابه وهو يتحدّث عن (النظم الكشفية والمعسكرات) في تنظيم الأخوان المسلمين عن (المنهج الكشفي):
    (وضع المنهج الكشفي لكي يكفل للشباب أسلوبا كاملا للتكوين الفردي) حتى قال: (قسّم المنهج الى أربع مراحل لكل مرحلة منها درجة من العلم والجهد تتناسب مع طلابها كما يلي:
    * درجة الحديث
    * درجة الراقي
    * درجة الأرقى
    * درجة الجوال.) صفحة 7
    وقال عن (درجة الحديث) من نفس الصفحة: (يجب على كل أخ أن ينال هذه الدرجة قبل اعتماده عضوا مسجلا بفرقة جوالة الأخوان المسلمين واستخراج البطاقة الخاصة بذلك.) وقال عن برنامج هذه الدرجة:
    (التدريبات العسكرية وتشمل:
    - الإنتباه – العد – الوضع صفا، استرح – الخطوات بأنواعها – السير بأنواعه – تبديل الخطوة – تغيير الإتجاه – التشكيل بكل أنواعه – التحية والإنصراف) ص 228
    وقال عن برنامج (الجوالة):
    (2- الرياضة البدنية:
    - سويدي شاق – العدو لمسافة من 100 الى 500 متر – سباق الموانع الصناعية والطبيعية – القفز العالي من إرتفاع خمسة أمتار – تسلّق الحبال المعقدة والأعمدة الرأسية – المصارعة اليابانية- قيادة السيارات – إتقان السباحة) صفحة


    235
    وقال الدكتور شلبي في كتابه تحت عنوان (ماذا يريد الأخوان بهذه النظم؟) ما يلي (إن من أهداف "النظام الكشفي والمعسكرات" هو "إعداد الرجل القوي لأعباء الجهاد لا للبطش الجاهل ولا للمظاهرات السياسية المصطنعة المغرضة) صفحة 237
    وقال الشيخ البنا في (مذكرات الدعوة والداعية) صفحة 246 تحت عنوان (من نماذج التوجيهات الأخوانية) : (3- يوم المعسكر: الجندية، التدريب، الإستعداد للجهاد المقدّس ذلك هو ما يعني به الأخوان المسلمون كل العناية، فيه يتكوّن الجيش الإسلامي وبه يستطيع أن يحقّق الأمل ويرفع اللواء عاليا.)
    الكتائب

    ومن تنظيمات الأخوان المسلمين (الكتائب)، ولعل هذا الإسم قد اشتق من وصف الشيخ حسن البنا نفسه لتنظيم الأخوان المسلمين بكتيبة الله!! وذلك فيما نقلناه عنه في كتابه (مذكرات الدعوة والداعية) من افتتاحية العدد الأول لجريدتهم (النذير) حيث قال: (ومن قعدت به ظروفه، أو صعبت عليه تكاليف الجهاد سواء أكان شعبة من شعب الأخوان، أم فردا من أعضاء الجماعة فليبتعد عن الصف قليلا وليدع كتيبة الله تسير..)!! صفحة 144.
    هذا وقد أوردنا بعض الأبيات من نشيد (الكتائب) في الجزء الأول من هذا الكتاب... ومنها:
    هو الحق يحشد أجناده ويعتد للموقف الفاصل
    فصفوا (الكتائب) آساده ودكوا به دولة الباطل
    (مجموعة رسائل حسن البنا)
    فاذا أخذنا تقريرات مؤسس هذا التنظيم، الشيخ البنا، بأن تنظيمهم (حرب) على كل من يعارضه، لأن من يعارضه إنما هو، في زعمه، يعارض الإسلام، من الزعماء ورؤساء الأحزاب والهيئات!! واذا أخذنا نذارته لهؤلاء (بخصومة شديدة لديدة)... (لا سلم فيها ولا هوادة معها)... واذا أخذنا بتوجيهاته لجميع أفراد جماعته (بالجهاد العملي بعد الدعوة القولية) واشاراته لما سيلاقونه في هذا (الجهاد العملي) من اضطهاد، وسجن، وموت.. ثم أخذنا الروح العسكرية التي تسود تنظيماتهم من تدريبات بدنية شاقة، وتدريبات



    عسكرية منظمة.. وعناية الشيخ البنا، شخصيا بها، حيث كان، كما نقلنا عنه في مذكراته، يشرف بنفسه على التدريب البدني لفرقة الجوالة عند نشأتها في صورة فرقة الرحلات... حتى لقد قال، كما نقلنا عنه، آنفا:
    (الجندية، التدريب، الإستعداد للجهاد المقدس ذلك هو ما يعني به الأخوان المسلمون كل العناية).. اذا أخذنا كل هذه الإعتبارات، الى جانب العلاقة التي قامت بين هذا التنظيم والجيش المصري، وما كان يتلقاه منه من تسليح، وتدريب، كما سنرى في الصفحات التالية – بدت صحة بعض ما نسب الى الأخوان المسلمين من اعمال عنف بلغت حد الإغتيال ... كاغتيال الخازندار، والنقراشي، ومحاولة اغتيال عبدالناصر.. على أساس أن هذه الشخصيات قد وقفت عقبة في طريق دعوتهم التي يرون انها هي الإسلام.. ألم يقل الشيخ البنا (فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لإستعادة حكم الإسلام)؟.
    هذا وقد أثبت تنظيم الأخوان المسلمين، في السودان، سيره في نفس خط المواجهة العنيفة، والدموية، لمعارضيه، وخصومه، من المواطنين، والمسئولين.. وذلك في سعيه الى السلطة بكل سبيل، وبأي سبيل... فاشترك، مع الطائفية، في كل مواجهاتها الدموية لسلطة ثورة مايو، فكان من جرائها موت عشرات المدنيين والعسكريين – كما سنرى في هذا الجزء من الكتاب.
    العلاقة بين تنظيم الأخوان المسلمين والجيش المصري

    استطاع تنظيم الأخوان المسلمين، في سعيه الى السلطة، أن يتغلغل في صفوف الجيش المصري، فصار له فيه كثير من العسكريين، بحيث ارتبط تنظيم الضباط الأحرار الذي تمت على يديه حركة 23 يوليو 1952.. وعن ذلك يقول حسن العشماوي في مذكراته – صفحة 14: (وقد بدأت جماعة الضباط الأحرار أصلا كمجموعة من مجموعات الأخوان المسلمين في الجيش، لكنها انفصلت عام 1948 حينما استطاع جمال عبدالناصر – الذي كان قد تردد قبل ذلك على أكثر من هيئة سياسية احتفظ بزملاء له فيها – أن يقنع رئيسه المرحوم الضابط المتقاعد محمود لبيب بانفصالها واستقلالها في كثير من أمورها الخاصة، على أن يكون اللقاء في الخطوط الرئيسية والأهداف


    وقد بلغ ارتباط تنظيم الإخوان المسلمين بتنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري حد الإشتراك في التخطيط للإنقلاب العسكري في 21 يوليو 1952 – وعن ذلك يقول العشماوي في مذكراته: (واستمر الإعداد للثورة العامة التي تبدأ بتحرّك عسكري، فدعي ضباط الأخوان المسلمين للمشاركة فيها، ودعى عامة الشباب ليكونوا على أهبة الإستعداد لحماية الوضع الجديد)..
    تسليح الجهاز السري للأخوان المسلمين
    ومن مصادر تسليح الجهاز السري للأخوان المسلمين الجيش المصري!! ويبدو، فيما يروي حسن العشماوي نفسه، أن الأسلحة والذخيرة كانت تأتيه من هذا المصدر عن طريق السرقة!! فقد قال في مذكراته صفحة 15: (وكان مفهوما أن هذه الذخيرة مسروقة من الجيش المصري ولكني لم أجد حرجا في تسلمها)!! وهكذا لا يجد أحد زعماء الأخوان المسلمين، وأحد كبار المسئولين عن تنظيمهم، في مصر، حرجا في تسلم ممتلكات عامة مسروقة!! مما يدل على عدم النضوج التربوي لهؤلاء الزعماء – كما سنرى في نهاية هذا الفصل عندما نتحدث عن الممارسات الفردية لمرشد الأخوان المسلمين، في مصر، وهو وحده، يكفي، بعد أن نكون قد تناولنا ابرز ممارسات تنظيمهم – ومما يدل، ايضا، على أن سعي الأخوان المسلمين الدؤوب الى السلطة، بكل سبيل قد ورّطهم، من حيث يشعرون، أو من حيث لا يشعرون، في إتجاه (الغاية تبرّر الوسيلة)!! فهذا أحد كبار زعمائهم لا يتحرّج من استلام الممتلكات العامة المسروقة لأنه قد يرى أنها ستستخدم في سبيل غاية كبرى!! ولذلك، وبنفس الحجة، فإن الأخوان المسلمين قد لا يجدون حرجا في إغتيال أي شخصية تشّكل عقبة كبيرة في سبيل إنتصار دعوتهم التي يرون أنها هي الإسلام!! وبذلك تسقط، لدى الأخوان المسلمين، إعتبارات الإلتزام الأخلاقي، بالوسائل الأخلاقية، في سبيل تنفيذ مخططهم للوصول الى السلطة!! وكذلك تورطوا، مع الطائفية في السودان، كما سنرى، في أعمال العنف – التي راح ضحيتها عشرات المواطنين من المسلمين!!





    الإغتيالات الفردية التي توّرط فيها الأخوان المسلمون بمصر

    اغتيل المستشار أحمد بك الخازندار، فاتّهم إثنان من الأخوان المسلمين باغتياله.. وذلك بسبب إصدار المستشار حكما ظنوه قاسيا على عضو بتنظيمهم كان قد اتهم بالهجوم على مجموعة من الجنود الإنجليز في أحد الملاهي الليلية..
    واتهم الأخوان المسلمون بإثارة موجة من أعمال العنف، في القاهرة، إبان عام 1948.. وضبطت أسلحة، ومتفجرات، نسبت اليهم.. فأصدر رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، (وكان الحاكم العسكري العام حيث أعلنت الأحكام العرفية بسبب حرب فلسطين)، قرارا عسكريا بحل تنظيم الأخوان المسلمين من تسعة مواد، تنص مادته الأولى، فيما تنص، على الآتي: (تحل فورا الجمعية المعروفة باسم جماعة الأخوان المسلمين بشُعبها أينما وجدت وتغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها وتضبط جميع الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال وعلى العموم كافة الأشياء المملوكة للجمعية..) مجلة الدعوة – يونيو 1977 – صفحة 32. وعلى اثر ذلك وقع اغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا، فامتدت أصابع الإتهام الى تنظيم الأخوان المسلمين!! وقد جاء في مذكرات حسن العشماوي ما يؤكد مسئولية هذا التنظيم عن هذه الإغتيالات (صفحة 32) : (حين شكلت وزارة الرئيس نجيب كان بعض الأخوان المسلمين الذين سبق أن حكم عليهم في قضايا سياسية في العهد الماضي لا يزالون في السجون، وكانت الحكومة لا تمانع في العفو عن جميع الجرائم السياسية السابقة ما عدا جرائم القتل والتخريب، وكان من الأخوان من حكم عليه في مقتل المستشار أحمد الخازندار ورئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي وطلب مني الأخوان أن أتحدث مع عبدالناصر في شأن العفو عن هؤلاء) وهكذا تدل عبارات العشماوي على أن وزارة الرئيس نجيب كانت على صلة من الصداقة للإخوان المسلمين لا تمانع معها في العفو عن جميع الجرائم السياسية التي أرتكبها الأخوان المسلمون في عهد الملك، ولكنها، مع ذلك، تستثني جرائم القتل والتخريب، مما يدل على ثبوتها عليهم بشهادة أصدقائهم في العهد الجديد.. فلو قد كان الأخوان المسلمون براء، حقا، من تهمة تلك الإغتيالات لوجدوا كل الإنصاف من هذا العهد الجديد الذي أشركهم في التخطيط لإنقلابه، وابدى استعداده للعفو عن سائر

    جرائمهم الأخرى!! ذلك بأن الخلاف، والإصطدام بينهم وبين هذا العهد، لا سيما إبان حكم عبدالناصر، لم يكن قد برز يومئذ..
    وعن محاولة اغتيال جمال عبدالناصر جاء في مذكرات حسن العشماوي (صفحة 74، وصفحة 75):
    (ومع الصباح علمنا أن الذي أطلق النار هو المرحوم محمود عبداللطيف وأنه اعترف بأن محرّضه هو المرحوم هنداوي دوير المحامي بامبابة. وأنا أعرف محمود عبداللطيف منذ كان يعمل في معركة قناة السويس عام 1951 وأعلم أنه انضم للجهاز السري أيضا، وأعرف مهارته في إصابة الهدف بالمسدس على نحو غير طبيعي، ثم أنا أعرف الأستاذ هنداوي دوير ولكن ما كنت أتصوّر أنه رئيس مسئول بالجهاز السري لأنه رحمه الله عصبي المزاج سريع الإنفعال بحيث لا يصح وضعه كمسئول في أي نظام سري)..
    وهكذا فإن التوجيهات الفكرية لمؤسس حركة الأخوان المسلمين، والروح العسكرية التي تسود تنظيماتهم، وتسليحهم، وتدريبهم على أساليب العنف، وما أدلى به حسن العشماوي عن جرائم القتل، والتخريب، التي دخل بسببها بعض أفراد التنظيم السجون، وما عرف عن الممارسات العنيفة لتنظيمهم النظير في السودان، والذي تتلمذ على يدي التنظيم الأم، في مصر، هذه جميعا، شواهد، على الأقل، بصحة بعض ما نسب اليهم من أعمال العنف والإغتيال..
    ألم تكن هذه الأعمال تنفيذا حرفيا لتوجيه المرشد العام، الشيخ البنا، بأن يكونوا حربا على كل زعيم حزب، أو رئيس هيئة، يعترض سبيل دعوتهم؟؟ وقد بينّا في الجزء الأول من هذا الكتاب مفارقة أعمال العنف، والإغتيال، التي مارسها الأخوان المسلمون لأحكام الجهاد في الإسلام، وذلك بسبب ان من راحوا ضحيتها كانوا من المسلمين، ناهيك عن، مرحلية الجهاد في الإسلام نفسه، إذ صار حكم الوقت يقتضي أن يدال أسلوب الدعوة الإسلامية الى الإسماح، والإقناع الفكري، وإقامة الحجة بالنموذج الصالح.





    الفصل الثاني
    الأخوان المسلمون وأخلاقيات العمل السياسي

    أشرنا، في الفصل الأول، الى اسلوب (الغاية تبرّر الوسيلة) الذي انتهجه أحد كبار زعماء الأخوان المسلمين، حسن العشماوي، حينما لم يشعر، على حد قوله بالحرج، من تسلّم ذخيرة مسروقة من الجيش المصري، وهو يعلم ذلك.. وهو الإسلوب الذي اتسمت به سائر مواقفهم السياسية في مصر – لاسيما اسلوب احتواء السلطة الحاكمة.. فقد حملهم سعيهم الدؤوب الى إحراز السلطة على التقرّب الى الملك، وتملّقه، واسباغ نعوت العظمة عليه، وذلك بغرض كسب جانبه، ودرء خطره، حتى ينفّذوا مخططهم في توسيع دائرة نفوذهم الى حيث يطيحون بعرشه!! وقد رأينا في الفصل الأول مشاركتهم، بصورة أو أخرى، في التخطيط للإنقلاب العسكري في يوليو 1952..
    فقد رفع (مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين) مذكرة للملك فؤاد جاء فيها (كما وردت في كتاب "مذكرات الدعوة والداعية" بقلم الشيخ حسن البنا صفحة 156):
    (بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم. الى سدّة صاحب الجلالة الملكية حامي الدين، ونصير الإسلام والمسلمين مليك مصر المفدّي. يتقدّم أعضاء مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين المجتمعون بمدينة الإسماعيلية بتاريخ 22 صفر 1352 والممثلون لخمسة عشر فرعا من فروع جمعية الأخوان المسلمين، برفع أصدق آيات الولاء والإخلاص للعرش المفدى ولجلالة المليك وسمو ولي عهده المحبوب)!! وتمضي المذكرة الى أن تقول: (وقد جعلكم الله تبارك وتعالى حماة دينه والقائمين بحراسة شريعته والذائدين عن حياض سنة نبيه وقد عرف العالم كله لجلالتكم المواقف المشهورة والمشاهد المذكورة في الإستمساك بحبل الدين المتين والحرص على آدابه وشعائره وحمايته من المعتدين عليه ونشر تعاليمه)!! وهذه العريضة قد رفعها (مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين) المنعقد في الإسماعيلية بدعوة من المرشد العام، الشيخ حسن البنا، وكان من مقرراته تأليف (هيئة مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين) وعلى رأسها المرشد العام .. (صفحة 156 وصفحة 161 من كتاب "الدعوة والداعية" بقلم الشيخ حسن البنا.



    وهكذا يخاطب المرشد العام للإخوان المسلمين، وهو الزعيم بأنه داع الى "حكم الإسلام" في "نذارته" بافتتاحية العدد الأول لمجلة (النذير) كما جاء في الفصل الأول من كتابنا هذا – هكذا يخاطب ملكا من ملوك العروش الوراثية في البلاد الإسلامية، والتي تعد مظهرا لتداعي، وانحطاط، أمر المسلمين، بعد إنصرام عهد الخلافة الرشيدة، والتي جاءت لها النذارة النبوية: (الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم تكون ملكا عضودا).. أي ملكا موروثا، يتوارثه الأبناء عن الآباء... وهو دليل على النصول عن أسس الحكم الإسلامي في العهد الأول.. ويحدثنا القرآن الكريم عن فساد الملوك، حيث كانوا، فيقول: (إن الملوك، اذا دخلوا قرية، أفسدوها، وجعلوا أعزّة أهلها أذلة.. وكذلك يفعلون!!) وعبارة (وكذلك يفعلون) تعني، فيما تعني، أنهم، دائما، إنما يفعلون ذلك.. ولقد خيّر النبي، عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم، بين أن يكون نبيا ملكا، أو أن يكون نبيا عبدا ... فأختار أن يكون نبيا عبدا، ذلك بأن الملك تسلط على الآخرين، وإدّعاء ربوبية!! ومع ذلك يخاطب المرشد العام للإخوان المسلمين (الملك) بعبارات من التقديس لا تليق بداعية إسلامي على الإطلاق: (الى سدّة صاحب الجلالة الملكية حامي الدين، ونصير الإسلام والمسلمين مليك مصر المفدّي)!! ومع أن مجرّد قيام الحكم الملكي مفارقة للدين، ومخالفة لأحكام الشريعة، ولأحكام السنّة، يذهب الشيخ البنا، ويذهب (مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين) ليقول عن ملك مصر: (وقد جعلكم الله تبارك وتعالى حماة دينه، والقائمين بحراسة شريعته، والذائدين عن حياض سنة نبيه)!!
    ويقدّم (مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين) بيعته للعرش الملكي بهذه الصورة التي لا تمت بأدني صلة لشروط البيعة في العهد الإسلامي الأول، والتي تتقاضى طرفي البيعة طاعة الله تعالى، (برفع أصدق آيات الولاء والإخلاص للعرش المفدى ولجلالة المليك وسمو ولي عهده المحبوب)!! واذا كانت هناك بيعة ولاء للملك فؤاد لأسباب ذكرها الأخوان المسلمون هي ما عرف عن هذا الملك من (المواقف المشهورة والمشاهد المذكورة في الإستمساك بحبل الدين المتين والحرص على آدابه وشعائره، وحمايته من المعتدين عليه ونشر تعالميه)، فعلى أي أساس يقدّم الأخوان المسلمون (آيات الولاء والإخلاص) (لسمو ولي عهده المحبوب) الذي لم يعرفوا، يومئذ، عن دينه شيئا؟؟ ليس


    ثمة مبرر لعبارات الملق التي احتشدت بها تلك العريضة سوى أن الأخوان المسلمين، في مخططهم للوصول الى السلطة، إنما يتخذون أساليب مرحلية ملتوية من محاولات الإحتواء للسلطة الحاكمة، كتكتيك نحو الإستراتيجية الأساسية، مما يتنافى مع الأخلاقيات الدينية التي تقتضي تحرّي الصدق، في سائر الأقوال، والممارسات، وتلتزم بالجادة في سائر المواقف.. وهذه دلالة على ضعف القيمة التربوية لدى هذا التنظيم الذي يستغل الدين، استغلالا سيئا، في الأغراض السياسية..
    ويكشف العشماوي عن غرض الأخوان المسلمين من اتجاهاتهم الى إحتواء الحكومات، أو المشاركة فيها، بقوله في صفحة 30 من مذكراته: (كان من رأيي الموافقة على اسناد الوزارة الى الرئيس نجيب وأن يدخل الأخوان وزارة نجيب كي يكونوا على بيّنة من سير الأمور وحتى لا نترك الإنتهازيين والمنافقين يلتفون حول عبدالناصر وزملائه يوجهونهم للسيطرة والإستبداد)... هذه هي إحدى الإستراتيجيات السياسية الأساسية عند تنظيم الأخوان المسلمين والتي إنما يلتقون فيها مع الشيوعيين، تماما، من حيث لا يشعرون.. وهي إنما تقوم على دخول الحكومات، والأجهزة، والمؤسسات السياسية، حتى يستطيعوا العمل من داخلها، وحتى يستطيعوا أن يكشفوا اتجاهات تلك الحكومات ويعرفوا اسرارها، وحتى يستطيعوا، أيضا، ومن مواقع المسئولية، أن يعزلوا خصومهم السياسيين، والفكريين، الذين عبّر عنهم العشماوي بـ "الإنتهازيين والمنافقين" – هم يفعلون كل ذلك لكي يستأثروا بالسلطة آخر الأمر..
    وقد حاول الأخوان المسلمون في مصر استغلال ثورة 23 يوليو منذ بدايتها.. فتواطأوا على حل التنظيمات، والأحزاب الأخرى، بينما عملوا على ابقاء تنظيمهم هم، وذلك على الرغم من أنهم كانوا يزعمون أنهم ساندوا ثورة الجيش لتأتي بحكم دستوري يكفل الحريات للجميع.. وعن هذا الأمر يقول حسن العشماوي في صفحة 32 من مذكراته: (ولم يخف عني عبدالناصر أن قانون تنظيم الأحزاب ليس الا خطوة نحو إلغائها فحرصنا معا على الاّ ينطبق على هيئة الأخوان المسلمين وقد بذل عبدالناصر في هذا السبيل جهدا لا أنكره برغم معارضة بعض زملائه له، وبرغم ما وجد في هذا السبيل من متاعب من الأخوان أنفسهم).. ويمضي العشماوي ليقول في صفحة 44: (في صبيحة يوم صدور قرار حل الأحزاب في يناير 1953 حضر الى مكتب البكباشي جمال عبدالناصر الصاغ صلاح شادي والأستاذ منير الدّلة وقالا له الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من يؤيد الثورة الا هيئة الأخوان ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يمكنهم من


    أن يردوا على كل أسباب التساؤل فلما سألهم ما هو هذا الوضع المطلوب أجابا بأنهم يريدون الإشتراك في الوزارة فقال لهما اننا لسنا في محنة واذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنتم مخطئون فقالوا له اذا لم يوافق على هذا فإننا نطالب بتكوين لجنة من هيئة الأخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليها وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إن أردتم التأييد فقال لهم جمال: لقد قلت للمرشد سابقا أننا لن نقبل الوصاية وأنني أكررها اليوم مرة أخرى في عزم وإصرار..)..
    وكما أسلفنا فإن من أسباب دخولهم الحكومات، والهيئات، والمؤسسات الرغبة في الحصول على المعلومات السرية التي يستعينون بها في مواجهة هذه الحكومات، أو في الإطاحة بها في اللحظة المناسبة، ومن ذلك ما قاله العشماوي (في صفحة 66):
    (وكان أخطر ما حصلنا عليه في هذه الفترة هو التقرير السري الذي أعدته إدارتا المخابرات الحربية، والمباحث العامة بالإستعانة ببعض الضباط القدامى في البوليس السياسي ورفعوه الى رئيس الحكومة ووزير الداخلية وضمنوه الإسلوب الذي يرون إتباعه مع جماعة الأخوان المسلمين وقد استطعنا أن نحصل على صورة رسمية لهذا التقرير السري بما عليه من توقيعات).. ولم يذكر العشماوي الصورة التي حصلوا بها على هذا التقرير "السري"، ولكنها، على أي حال، لا يمكن أن تكون صورة شرعية!!
    أُسلوب الإثارة

    ومن أساليب الأخوان المسلمين استغلال العقيدة الدينية في إرهاب مخالفيهم في الرأي، وإثارة العاطفة الدينية لدى المواطنين، و"توريط" الجهات الرسمية في السير نحو أغراضهم المرسومة.. يقول البنا في كتابه (مذكرات الدعوة والداعية) صفحة 250: (وأذكر أننا في أغسطس 1935 اجتمع لدينا عدد كبير من عرائض المطالبة بالتعليم الديني في المدارس، وكان على رأس الوزارة حينذاك نسيم باشا رحمه الله، وفي وزارة المعارف نجيب الهلالي باشا، وفي مشيخة الأزهر فضيلة الأستاذ المراغي رحمه الله، فجمعنا هذه العرائض وألفنا وفدا كبيرا في مقدمته فضيلة الأستاذ الشيخ محمد عبدالله دراز المدرس بالأزهر...) ويمضي الشيخ حسن البنا ليقول (في صفحة 252): (وفي مجلس النواب بعد ذاك تقدّمت لجنة المعارف وعززها الأستاذ سعد اللبان بتقرير تناصر فيه فكرة جعل الدين مادة أساسية، فرأى الأخوان توريطها وتوريط النواب والشيوخ في هذا الشأن، ووجهوا إليهم الدعوة لحفل تكريم جامع دعت اليه (النذير) في عددها التاسع عشر من السنة الثانية).. وفي معرض الدعوة لهذا الحفل يقول البنا عن الأخوان المسلمين: (فهم قد رأوا في مجلس النواب والشيوخ معركة كلامية طالما أذكوها ومهّدوا لها وهم الآن يريدون تدعيمها)... (الخط تحت بعض الكلمات من وضعنا)
    وبغض النظر عن الهدف الذي كان يسعى اليه الأخوان المسلمون من هذا العمل، حتى ولو كان يتعلّق بالمطالبة بالتعليم الديني في المدارس، ولو أن البعث الديني الحقيقي لا يتم عن هذا الطريق، فإن اسلوب "توريط" المسئولين في هذا الإتجاه إنما هو اسلوب غير أخلاقي... لأنه أسلوب ملتو يتسّم بالتآمر... والأهداف الصحيحة خصوصا ما تعلّق منها بالدين إنما يتوسل اليها بالأساليب الصريحة، المعلنة.. لأن الوسيلة من جنس الغاية، فهي لا تنفك عنها، ولا تختلف... وذلك مما يؤكد ما ذهبنا اليه من أن هذا التنظيم إنما هو يستغل الدين في الأغراض السياسية، متورطا، بذلك في المبدأ اللا أخلاقي: (الغاية تبرّر الوسيلة)!!
    ومن أساليبهم في العمل السياسي، تقديم العرائض، وارسال الوفود، ويجنحون ايضا الى تحريك المظاهرات بغية الإطاحة بالسلطة!! يقول حسن العشماوي في مذكراته عند تعرّضه لخلافهم مع جمال عبدالناصر عام 1954: (حدد يوم الخميس التالي 29 أكتوبر لإنعقاد الهيئة التأسيسية الجديدة التي سيحضرها الأستاذ الهضيبي شخصيا على أن تخرج الهيئة بعد الإجتماع ومع أفراد الجماعة – في مظاهرة سلمية يحميها بعض الأفراد المسلحين، ويسير في المظاهرة بعض كبار الساسة في الأمة، وكنا على إتفاق معهم في ذلك، وكان المفروض أن هذه المظاهرة، بما يحميها من أفراد مسلحين، ستكون نقطة الإنطلاق تسعى لإسقاط الدكتاتورية العسكرية).. ص 66.
    هذه بعض ممارسات الأخوان المسلمين كتنظيم سياسي لا يلتزم، في سعيه الدائب الى السلطة، بأخلاقيات الدين، ولا بأخلاقيات العمل السياسي الشريف.. فهو يبيح لأفراده السرقة، والإغتيال، والتملّق، والإرهاب!! وفيما يلي نقدّم بعض ممارسات مرشده الذي تقع عليه مسئولية وضع الأسس الأخلاقية لتنظيمهم، في سلوكهم الفردي، وفي ممارساتهم التنظيمية.. فإن صحة الدعوة إنما تلتمس في أثرها على التكوين الخلقي لمؤسسها... فليس هناك داعية إسلامي مأذون له في الدعوة، وهو، من ثمّ، مستجاب الى دعوته، الا وهو داع بلسان حاله، وبلسان مقاله، ودعوته بلسان الحال أبلغ من دعوته بلسان المقال.. وكلاهما فصيح، ومبلّغ، وبالغ أمره.. وسنرى من النماذج التي نسوقها من ممارسات الشيخ البنا أنه على النقيض من ذلك.. ونحن لا نسوق ممارسات الشيخ البنا من مصدر غير مصدره هو نفسه، وهو يحكي عن نفسه، أو من مصدر أحد مريديه، هو الدكتور رؤوف شلبي، من كتابه: (الشيخ حسن البنا ومدرسته)، وهو كتاب، كما ذكرنا آنفا، إنما وضع ليمجد الشيخ البنا، ويمجّد سيرته.. فهو، من ثمّ، غير متهم، ولا ظنين..
    وسنرى عند حديثنا عن ممارسات الأخوان المسلمين في السودان صور مشابهة لهذه التناقضات والمخالفات التي تورطوا فيها في مصر.. وذلك بدافع السعي لإحتواء السلطة، ثم الإنفراد بها.. كأسلوب (توريط) المسئولين في إتجاه مخططاتهم، وكاستغلال السلطة في ضرب وتصفية خصومهم السياسيين.
    الشيخ حسن البنا .. بعض مظاهر سلوكه الفردي

    ونعرض هنا بعض مظاهر سلوك المرشد العام لتنظيم الأخوان المسلمين، وهو مؤسس الدعوة، حيث كان في موضع النموذج السلوكي والقدوة الأخلاقية لهذا التنظيم، وذلك أخذا مما كتبه هو عن نفسه في مذكراته بعنوان (مذكرات الدعوة والداعية).
    هبة شركة القنال

    تحت هذا العنوان قال الشيخ البنا في صفحة 94، وصفحة 95 من مذكراته حول بناء مسجد الأخوان المسلمين بالإسماعيلية: (وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد، وأمامنا بعد مشروع المسجد مشروع المدرسة والدار وهي من تمامه بل كلها مشروع واحد تصادف أن مر البارون دي بنوا مدير شركة القنال ومعه سكرتيره المسيو بلوم فرأى البناء فسأل عنه وأخذ عنه معلومات موجزة، وبينما أنا في المدرسة اذ جاءني أحد الموظفين يدعوني لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة فذهبت اليه فتحدث الى عن طريق مترجم بأنه رأى البناء، وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالي وهو لهذا يطلب منا رسما ومذكرة للمشروع، فشكرت له ذلك وأنصرفت ووافيته بعد ذلك بما طلب.. ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى فيها البارون ووعده ولكني فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه الى مكتبه، فذهبت اليه فرحب بي ثم ذكر لي أن الشركة اعتمدت مبلغ خمسمائة جنيه مصري للمشروع، فشكرت له ذلك وأفهمته أن هذا المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرا من الشركة تقديره لأنها في الوقت الذي تبني فيه على نفقتها كنيسة نموذجية تكلفتها 500,000 (خمسمائة ألف جنيه) أي نصف مليون جنيه تعطي المسجد خمسمائة جنيه فقط، فاقتنع بوجهة نظري وأظهر مشاركتي فيها ولكنه أسف لأن هذا هو القرار، ورجاني قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل في ذلك شيئا فلن يتأخر. وشكرت له مرة ثانية وقلت له أن تسلّم المبلغ ليس من إختصاصي ولكنه من إختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد حسين الزملوط الذي تبرع وحده بمثل ما تبرعت به الشركة وسأخبره ليحضر لتسلمه، وقد كان. وتسلّم أمين الصندوق المبلغ، وطبعا لم يفكر البارون في عمل شيء آخر ولم نفكر نحن في أن نطلب منه شيئا كذلك.
    فقه معوّج

    وثارت ثائرة المغرضين حين علموا هذا النبأ وانطلقت الإشاعات تملأ الجو” الإخوان المسلمون يبنون المساجد بمال الخواجات" وآزرتها الفتوى الباطلة ممن يعلم وممن لا يعلم: كيف تصح الصلاة في هذا المسجد وهو سيبنى بهذا المال؟ وأخذنا نقنع الجمهور بأن هذه خرافة فهذا مالنا لا مال الخواجات والقناة قناتنا والبحر بحرنا والأرض أرضنا وهؤلاء غاصبون في غفلة من الزمن... وأراد الله أن يكون المسجد قد تم والحمد لله فلم توضع فيه أموال الخواجات، ووضعت في دار الإخوان المسلمين بالذات ((وكان الله عل كل شيء قديرا)) وبذلك سكنت الثائرة وانطفأت الفائرة وهكذا يكون الفقه الأعوج، ولله في خلقه شئون.)!! وقال الشيخ البنا عن افتتاح ذلك المسجد تحت عنوان (المساجد في الإسماعلية وافتتاح مسجد الأخوان) في صفحة 93 من مذكراته: (وكان افتتاحه في حفل فخم دعى اليه الأخوان من الإسماعيلية ومن شبراخيت، وقد أجمع الأخوان على أن أكون الإمام في أول صلاة لهذا المسجد وصمموا على ذلك كما صمموا على أن يكون الإفتتاح بيدي ايضا قطعا لأطماع الطامعين ممن لا يستحقون. ولكن الأستاذ أحمد السكري رئيس الأخوان بالمحمودية حينذاك فاجأ الحاضرين بأن تقدّم الى شريط الباب فقطعه واعلن الإفتتاح فقضى بذلك على آمال المترقبين وكان لطمة لهم يستحقونها، وفاجأتهم أنا في المحراب بتقديم الأخ الأستاذ الشيخ حامد سكرية الى صلاة أول فريضة في هذا المسجد اعترافا بفضله في إنشائه والعمل على اتمام مشروعه، وقضى الأمر)!!
    هذا مظهر من مظاهر سلوك الشيخ البنا لعله سجله على نفسه بنفسه لكي يقطع الطريق أمام الشبهات التي لابد أن تكون قد أثيرت حول هذا الحادث، ابان نشأة التنظيم... وقد أشار الشيخ البنا الى بعض هذه الشبهات والتي قد لا تخلو من الصحة تماما!! وذلك لعدة أسباب هي:
    1/ المسجد، وكما وصفه الشيخ البنا بنفسه، هو مسجد الأخوان المسلمين.. فقد ذكر أنه يشكل، مع المدرسة، والدار، (دار الأخوان المسلمين)، مشروعا واحدا.. ولذلك جرت الإتصالات بشأن تبرع شركة قناة السويس لبنائه مع المرشد العام للإخوان المسلمين نفسه .. ثم هو قد أشار الى إجماع الأخوان المسلمين على أن يكون هو الإمام في أول صلاة فيه، غير أنه آثر أن يكون الإمام غيره، في تلك الصلاة، كما أفتتحه أحد كبار زعماء الأخوان المسلمين.. فتبرع شركة قناة السويس أو (هبة شركة القنال)، كما وصفها الشيخ البنا، لإتمام بناء المسجد إنما هو تبرع لمشروع من مشروعات الأخوان المسلمين!! وقد رأينا أن الشيخ قد حوّل التبرع أخيرا لصالح دار الأخوان المسلمين!! وقد كان ينبغي على الدعوة التي تزعم أنها تضطلع بدعوة المسلمين الى السير في الطريق (لإستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام) حتى أنها لتعلن الحرب على كل من يعترض هذا الطريق، كان ينبغي لها أن تعِفّ عن كل مال يأتي من جهة متهمة بالخصومة للإسلام، أو بالغرض في إحتواء هذه الدعوة!!
    2/ المبرر الذي ساقه الشيخ البنا لقبول تبرع الشركة البريطانية مبرر ضعيف، أشد الضعف.. فالقول: (فهذا مالنا لا مال الخواجات والقناة قناتنا والبحر بحرنا والأرض أرضنا وهؤلاء غاصبون في غفلة من الزمن).. قول مردود، ذلك بأن تلك الشركة إنما تتولى إدارة القناة وبعد اتفاقية سارية المفعول، يومئذ.. فالمال، في إعتبارها هي، كما هو في الإعتبار القانوني، والعرفي السائد، مالها هي.. ويظل ذلك الإعتبار قائما حتى يتم تغيير ذلك الواقع.. وقد تبرعت الشركة لإتمام بناء المسجد باسمها، لا باسم الشعب المصري، كما قبل الشيخ البنا تبرعها، وشكر مديرها، ثلاث مرات، على هذا الأساس.. وقد حددت هي المبلغ، فلم تزده برغم طلب الشيخ البنا اليها بالزيادة!! واذا كان الشيخ البنا يعتبر المال مالهم (لا مال الخواجات) فلماذا عبر عنه في نهاية الأمر بقوله (وأراد الله أن يكون المسجد قد تم والحمد لله فلم توضع فيه أموال الخواجات)؟؟ ولماذا لم يواجه الشيخ البنا مدير الشركة بحقيقة اعتباره لذلك المال عندما طرح المدير الأمر عليه بقوله، كما نقل عنه الشيخ البنا: (وهو يوّد أن يساعدنا بتبرع مالي)؟
    3/ شركة قناة السويس بادية الغرض من هذا التبرع.. فهي إنما تريد أن تظهر بمظهر التسامح الديني، والرعاية لسائر شئون المسلمين الدنيوية والدينية.. شأن الإستعمار في كثير من البلاد المستعمرة.. وقبول ذلك التبرع إنما هو بسبيل من تحقيق تلك الأغراض الأستعمارية، من حيث لا يشعر الأخوان المسلمين..
    4/ وحتى اذا كان قبول التبرع عن تحسين نية في إغراض الشركة فإن موقفها من الكنيسة (إنفاق نصف مليون جنيه في بنائها) يكفي سببا لرفض تبرع بسيط (500 جنيه) لبناء مسجد، وهو تبرع، كما ذكر الشيخ البنا، قد قدّم مثله أحد المواطنين..
    5/ مجرّد تدّخل شركة استعمارية في بناء المسجد بحيث تطلب الى الشيخ البنا رسم المشروع ومذكرة عنه، فيوافيها بهما، لتتبرع بقليل أو كثير، إنما كان ينبغي أن يكون أمرا مرفوضا، ومستنكرا، من دعاة اسلاميين يواجهون مستعمرا..
    6/ ثم!! هل يجوز للمسلمين، استقراء من سيرة العهد الإسلامي الأول، واستنادا لأحكام الشريعة الإسلامية الموروثة، أن يسمحوا لغير المسلمين بمساعدتهم في بناء مساجدهم، مهما بدا حول هذه المساعدة من شبهة أو حسن نية؟؟
    إله يعبد!!

    وتحت هذا العنوان ذكر الشيخ البنا حكاية عن إشاعة أشاعها عنه شيخ عالم، وهي ان الشيخ البنا يدعو تلاميذه إلى أن يعبدوه من دون الله، وأن تلاميذه يعتقدون أنه إله يعبد!! فقد ذهب الشيخ البنا، في جماعة من تلاميذه، الى ذلك الشيخ لإستجلاء الأمر.. وهناك جرى بينهما هذا الحديث كما يرويه الشيخ البنا: (قلت: وأنت يا أستاذ متى سمعت مني هذا القول فقال: أتذكر منذ شهر تقريبا أننا كنا جالسين في (صندورة) المسجد فدخل علينا أحد المدرسين وأسمه محمد الليثي أفندي وجلس معنا، وجاء الأخوان يسلمون عليك في شغف شديد وأحترام فقال لك هذا المدرس يا أستاذ أن الأخوان يحبونك الى حد العبادة، فقلت له اذا كان هذا الحب خالصا لوجه الله فأنعم به من حب، ونسأل الله أن يزيدنا منه، وتمثلت بقول الشافعي: إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان اني رافض فقلت له نعم أذكر هذه الحكاية فقال أليس معنى هذا أنهم يعبدونك، وهنا رأينا أحد الأخوان من أصدقائه المدرسين الذين معي قام من فوره وانهال عليه شتما وهمّ به ليضربه في بيته فأخذ يخاطبه أهذا ما تعلمته يا أستاذ وهذا مبلغك من الفهم ومن الأمانة في المجالس ومن الصدق في نقل القول. ولكنا حلنا بينهما والتفت اليه وقلت له أستاذ قد ذكرت هذا ولك أن تفهم فيه ما تشاء ولكنك اضفت أنني أنا الذي آمر الأخوان بعبادة غير الله (حاشى لله وتعالت دعوته عن ذلك علوا كبيرا) وان هذه هي عقيدة الأخوان التي سمعتها مني، وحذفت من القول أنني عاتبته على هذا التعبير عتابا قاسيا وقلت له أن هذا تعبير غير إسلامي جاءنا به الأدب الأوربي والميوعة الغريبة وانزلق الى السنتنا واقلامنا بحكم التقليد الأعمى، وان من واجب كل مسلم أن يحترس من مثل هذه التعبيرات والألفاظ. لقد ذكرت الحكاية يا أستاذ ونسيت هذا التعليق، وعلى كل حال فحسبنا هذا منك وقد وضح الصبح لذي عينين، ولكن الأخوان الحاضرين وكلهم أصدقاؤه لم يكتفوا بهذا وألزموه أن يوّضح الأمر توضيحا جليا في حفل عام من أحفال الأخوان والاّ فهم سيعلمون كيف يعاقبونه أشد العقاب، وقد كان، ونزل الرجل على حكم أصدقائه، وفي أول محاضرة اسبوعية وقف فأعلن الحكاية وأعلن أنه لم يقصد الاّ مجرّد نقلها كما هي، وأنه شاكر للأخوان دعوتهم جميل أثرها في نفوس الأمة عامة والشباب خاصة، وقضي الأمر)!! ص 114 من (مذكرات الدعوة والداعية) بقلم الشيخ البنا..
    لهذه الحكاية دلالات غريبة نسوقها فيما يلي:
    1/ نحن أميل الى إعتبار أن ما أشاعه (الشيخ العالم) عن الشيخ البنا، وتلاميذه، أمر غير صحيح، بل ربما كان بغرض تشويه سمعة تلك الجماعة.. ولكننا، هنا، بصدد الإسلوب الذي إتخذه الشيخ البنا، وتلاميذه في دحض تلك الإشاعات الكاذبة.. فقد وقع على ذلك الشيخ إرهاب شديد، من الأخوان المسلمين في حضرة مرشدهم البنا، وذلك حينما (ألزموه أن يوّضح الأمر توضيحا جليا في حفل عام من أحفال الأخوان والاّ فهم سيعلمون كيف يعاقبونه أشد العقاب) – كما يروي الشيخ البنا وقد قام الرجل، فعلا، بما ألزمه به الأخوان المسلمون، وذهب، تحت ظل الإرهاب، الى تملّقهم بالإشادة بدعوتهم.. جرى كل أولئك بإقرار الشيخ البنا.. أكثر من ذلك!! فقد نشر الشيخ البنا الحكاية في مذكراته، وهو في موضع القدوة السلوكية بالنسبة للإخوان المسلمين، في عهده، أو من بعده، أو هكذا يجب أن يكون!! ولعل ما عرف عن تنظيم الأخوان المسلمين، حيث كان، من اتجاه الى الإرهاب أن يكون مصدره سلوك الشيخ البنا نفسه، باقراره اسلوب الإرهاب، وبتوجيهاته، المباشرة، وغير المباشرة، الى الأعمال الإرهابية. وفي هذه الحكاية هزم الأخوان المسلمون غايتهم، وهي السعي الى تصحيح ما لحق بسمعتهم من تشويه، بوسيلة غير أخلاقية، هي استخدام الإرهاب..
    2/ وتمثّل الشيخ البنا بقول الشافعي:
    إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافض
    وهو يعبر عن حب تلاميذه له.. وذلك مما قد يوحي لتلاميذه بأن حبه من حب آل محمد، أو هو حب آل محمد!! وتلك من الدعاوى التي تضر بسلوك الأتباع، فتنحرف بعقيدتهم الى صور الطائفية التي تجمد فكرهم، وتضعهم في خدمة المصالح الخاصة للزعماء – من غير أن يعوا تنكب هؤلاء الزعماء عن جادة الدين..
    3/ ومن أسوأ صور الضعف التربوي الذي نأخذه على تنظيم الأخوان المسلمين ما جرى من أحد تلاميذ الشيخ البنا، في هذه الحكاية، مع الشيخ العالم وفي حضرته هو، من سوء السلوك حين (قام من فوره وانهال عليه شتما وهمّ به ليضربه في بيته) كما يروي الشيخ البنا!! فلم يزد الشيخ البنا على أن اشترك في الحيلولة بينهما، واستمر في نقاشه مع الشيخ العالم، فلم يذكر أنه أدان سلوك تلميذه – الشتم، والنزعة للضرب – وهو سلوك غير اسلامي، على الإطلاق!! لقد كان هم الشيخ البنا، جميعه، من رواية هذه الحكاية في مذكراته، أن يدل على بطلان ما يشاع عنه، وعن جماعته، من الشبهات المغرضة.. ولكنه أكد ما هو أسوأ من تلك الشبهات.. وهو ضعف عنصر التربية، والتسليك، في تنظيم الإخوان المسلمين..
    التماثيل حرام!!

    ويروي الدكتور رؤوف شلبي في كتابه (الشيخ حسن البنا ومدرسته)، طرفا من سيرة الشيخ البنا وقد جاء في أهدائه (الى أول داعية في الإسلام .. الى الصحابي الجليل مصعب بن عمير أهدى هذه السيرة العطرة السمحة ونحن على العهد والدرب محافظون) فهو كتاب يمجد الشيخ البنا، ويمجد سيرته.. ويحمل على غلافه كما ذكرنا – شعار الأخوان المسلمين .. يروي في صفحة 35 عن الشيخ البنا أنه: (زار مرة بعض مريديه من الموظفين في بعض دوائر المساحة فرأى على مكتبة بعض تماثيل من الجبس فسأله: ما هذا يا فلان؟؟ فقال: هذه تماثيل من الجبس فسأله: ما هذا يا فلان؟؟ فقال: هذه تماثيل نحتاج اليها في عملنا!! فقال له: إن ذلك حرام وأمسك الشيخ بالتمثال وكسر عنقه. ودخل المفتش الإنجليزي في هذه اللحظة ورأى هذا المنظر فناقش الشيخ فيما صنع ولم يتركه حتى أفهمه بالحكمة والموعظة الحسنة أن الإسلام جاء ليقيم التوحيد الخالص لله في القلب وفي السلوك وليقضي على مظاهر الوثنية في كل صورها ولهذا فقد حرّم الله صناعة التماثيل حتى لا تكون ذريعة للعبادة.)!! ولهذه القصة دلائل غريبة أيضا:
    1/ فالشيخ البنا يرى أن إتخاذ التماثيل حرام حرمة مطلقة، حتى بعد ذهاب الحكمة من تحريمها في العهد الإسلامي الأول!! ذلك بأنها لم تحرّم، يومئذ، الا خوفا من ان تذكر العرب، بعبادة الأوثان، وهم قريبو عهد بها، فيحنّوا اليها.. أما وقد صارت التماثيل، اليوم لا توحي للنفس بأدنى خاطر تعبد، فقد سقطت حرمتها، تماما... أكثر من ذلك!! فإنها قد صارت اليوم إنما تستخدم للتعبير عن القيم الجمالية، ولتمجيد عظماء الأمم – مما قد يحولها من جانب الحرام الى جانب الحلال المرغوب فيه .. وهذه النظرة التي تشغل مرحلية بعض أحكام الشريعة التي ارتبطت بالظروف التاريخية، وحكم الوقت، إنما تطبع سائر أفكار الشيخ البنا – كما رأينا في الجزء الأول من هذا الكتاب ذلك الجزء المتعلّق بالأخوان المسلمين في مجال الفكرة..
    2/ الإسلوب الذي إتخذه الشيخ البنا في بيان حرمة التماثيل لتلميذه، بكسر عنق التمثال الذي أوضح تلميذه أنه يحتاج اليه في عمله، إنما يتسّم بالحدة، والشدة، مما يعوق أغراض التربية، والتسليك، كما يدل، دلالة واضحة، على إتجاه الشيخ البنا الى ترسيخ اسلوب العنف في نفوس تلاميذه.. ثم لماذا اتجه الشيخ البنا الى اسلوب (الحكمة والموعظة الحسنة..) مع المفتش الإنجليزي؟؟
    هذه بعض مظاهر السلوك الفردي لشخصية مؤسس حركة الأخوان المسلمين.. كما رواها بنفسه، أو كما رواها عنه بعض أشياعه في مضمار تمجيد سيرته .. وهي وجدها كافية لتضع ايدينا على مفتاح هذه الشخصية، ولتمكننا من تتبع إنعكاسات سلوكها الفردي على حركة هذا التنظيم في جميع تطوراتها، في مصر، وفي السودان ... فروح الإرهاب، والعنف، وضعف عنصر التربية في تكوين شخصيات الدعاة، والتساهل في إتخاذ الورع من التوّرط في المخالفات، والمفارقات الأخلاقية – هذه المظاهر، جميعا، لازمت سلوك أفراد هذا التنظيم، ولازمت مواقف هذا التنظيم، في جميع تطورات الأحداث في مصر، وفي السودان.. وما نرى الا أنها قد جاءت من ظلال ألقتها القيادة الأولى لهذا التنظيم على أفراده..
    هذه نبذة من ممارسات مرشد (الأخوان المسلمين)، ومؤسس دعوتهم.. وهي نبذة مبتسرة، ولا ريب، ولكنها، مع ذلك، شديدة الدلالة على تكوين تلك العقلية.. ونحن نوقن أن كل مفارقات، ومخالفات، تنظيم (الأخوان المسلمين) انما مردها الى هذه العقلية غير الناضجة... الى هذه العقلية يرجع ضعف الفكرة، وضعف السلوك، الذي منيت به دعوة (الأخوان المسلمين) في جميع أطوارها.. ولا عجب!! فأنت لا تجني من الشوك العنب.
    الفصل الثالث
    مواقف الأخوان المسلمين السياسية قبل ثورة مايو

    نشأة تنظيم الأخوان المسلمين في السودان

    نشأ تنظيم الأخوان المسلمين بالسودان، أولا، بقيادة الشيخ علي طالب الله، في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات، كامتداد طبيعي للتنظيم الأم بمصر، فتتلمذ عليه، واتخذ كثيرا من أساليب عمله.. ففي أوائل 1949 كان مقتل الشيخ حسن البنا، مرشد الأخوان المسلمين بمصر، وكانت تلك المحنة الأولى، وكان الطلبة الأخوان من السودانيين بمصر في هذه الأثناء، بمثابة حلقة الوصل بين التنظيم الأم والتنظيم بالسودان..



    ثم جاءت محنتهم الثانية في 1954 على يدي جمال عبدالناصر، رئيس جمهورية مصر العربية السابق، فتمكن، في ذلك الوقت، عدد كبير من الأخوان المسلمين المصريين، بمساعدة بعض الطلبة الأخوان من السودانيين بمصر من التسلّل الى السودان، فأقاموا فيه وقتا طويلا يقومون بدور المعلمين، والمرشدين (للأسر)، والمدربين للكتائب.. فأستطاعوا بذلك أن يصبغوا التنظيم بالسودان بكل ما أصطبغ به التنظيم بمصر.. وفي وقت مبكر، اختلف الأخوان المسلمون من طلبة كلية الخرطوم الجامعية، وكانوا أغلبية آنذاك، مع الشيخ علي طالب الله، وأنشقوا عليه، واختاروا الرشيد الطاهر رئيسا للتنظيم.. وفي وقت مبكر أيضا، إنشق بابكر كرار، وميرغني النصري، عن تنظيم الأخوان بالجامعة، وأسموا جماعتهم (بالجماعة الإسلامية).. ثم انشق على جماعة (الأخوان المسلمين) الرشيد الطاهر وانضم الى الحزب الوطني الإتحادي، وعن ذلك قالت (الرأي العام) يوم الأحد 18/7/1965:- (الرشيد الطاهر يستقيل من جبهة الميثاق الإسلامية: قرر السيد الرشيد الطاهر زعيم المعارضة ووزير العدل والثروة الحيوانية السابق الإستقالة من تنظيم جبهة الميثاق الإسلامي، وأصدر السيد الرشيد بيانا آخر قال فيه: انه نتيجة لظروف يعرفها المكتب التنفيذي للأخوان المسلمين ونتيجة لخلافات لعل الرأي العام قد اطلّع على بعضها فقد قررت الإستقالة من هذا التنظيم. كما قال أن من ضمن الأسباب التي أدت الى استقالته موقف الجبهة الأخير من محاكمة مدبري إنقلاب 17 نوفمبر..) (سنتعرض لمحاكمة مدبري انقلاب 17 نوفمبر في مكانها من هذا الجزء من الكتاب).. وأعقبه على رئاسة التنظيم رئيسه الحالي وهو الدكتور حسن الترابي.. ونحن هنا لا نعنى برصد تاريخ حركة الأخوان المسلمين بقدر ما نعنى بالمعالم البارزة في ممارساتهم التي تشكّل خط تنظيمهم العام، وهو السعي الدؤوب الى السلطة، واستغلال الدين، أسوأ استغلال، في هذا الغرض السياسي..
    ويمكن أن يقال، بصورة عامة، إن مركز الثقل لنشاط هذا التنظيم، كان ولا يزال، هو الوسط الطلابي، ثم أنه هو لم يبرز الى الحياة السياسية العامة كحزب من الأحزاب الا بعيد ثورة أكتوبر 1964..




    المنطلقات المشتركة بين الطائفية والأخوان المسلمين

    كما أسلفنا القول فقد برزت حركة الأخوان المسلمين، في الحياة السياسية العامة، في السودان، عقب ثورة 21 أكتوبر 1964، كأحد أركان التحالف الذي نشأ بين الأحزاب الطائفية – فيما سمي: (الجبهة القومية للأحزاب) – وذلك لمناهضة، وإجهاض ثورة اكتوبر، عن طريق الإطاحة بحكومتها الشعبية، وعن طريق تصفية التنظيم السياسي الذي يدعمها، وهو (الجبهة الوطنية للهيئات).. وقد ضمت (الجبهة القومية للأحزاب) حزب الأمة، وحزب الوطني الإتحادي، وجماعة الأخوان المسلمين.. بينما ضمت (الجبهة الوطنية للهيئات) الهيئات المهنية، التي قادت الإضراب السياسي بعيد إندلاع الثورة، كالقضاة، والمحامين، واساتذة الجامعة، والأطباء، وكانت (الجبهة الوطنية للهيئات) صورة لأول تنظيم سياسي يتصدى لتصفية آثار الحكم العسكري، والإعداد لحكومة شعبية... وكانت تلك الجبهة، فوق ذلك، صورة للوحدة الشعبية التي تخطّت حواجز الولآءات الحزبية القديمة .. ودخول الأخوان المسلمين في تحالف مع الأحزاب الطائفية الذي كان من جرّائه إجهاض ثورة أكتوبر، وتصفية مكتسباتها، إنما هو وضع الأخوان المسلمين الطبيعي كتنظيم تجمعه بالطائفية المنطلقات التكوينية الواحدة، والإستراتيجيات السياسية المشتركة، والتي منها:-
    1/ الفهم المتخلّف للإسلام الذي لا يسفر الا عن التناقض مع روح الإسلام، ومع روح العصر..
    2/ استغلال الدين في الإغراض السياسية، ومحورها إحراز السلطة..
    3/ تجميد الوعي الديني والسياسي لدى المواطنين لضمان ولائهم الأعمى للزعامات الطائفية..
    4/ العمل لإستثارة العاطفة الدينية لدى المواطنين، وتأليبهم ضد الخصوم السياسيين، وتكتيلهم لتحقيق الأغراض الطائفية..
    5/ العمل لتضليل المواطنين، باسم الدين، عن مصالحهم الحقيقية، ووضعهم في خدمة المصالح الطائفية..
    6/ الضغوط الإرهابية لإحتواء السلطة وهي في أيدي خصومهم السياسيين كخطوة نحو الإطاحة بهم، والتفرّد بالسلطة..
    ولذلك برزت حركة الأخوان المسلمين، في معسكر الطائفية، كرافد طبيعي من روافدها، وكرصيد تنظيمي جاهز لتنفيذ مخططاتها – كما سنرى في هذا الفصل..
    التقويم العلمي لثورة أكتوبر

    (إن ثورة أكتوبر ثورة فريدة في التاريخ، وهي لم تجد تقويمها الصحيح إلى الآن، لأنها لا تزال قريبة عهد، فلم تدخل التاريخ بالقدر الكافي الذي يجعل تقويمها تقويما علميا ممكنا ... ولقد يكفي أن يقال الآن إنها ثورة فريدة في التاريخ المعاصر تمكن بها شعب أعزل من إسقاط نظام عسكري استأثر بالسلطة مدى ست سنوات .. ثم كانت ثورة بيضاء، لم ترق فيها الدماء .. وكانت، إلى ذلك، ثورة بغير قائد، ولا مخطط، وبغير خطباء، ولا محمسين للجماهير وتم فيها إجماع الشعب السوداني، رجالا، ونساء، وأطفالا، بشكل منقطع النظير، فلكأنها ثورة كل فرد، من أفراد الشعب، تهمه بصورة مباشرة، وشخصية .. ولقد كانت قوة هذه الثورة في قوة الإجماع الذي قيضه الله لها .. ولقد كان من جراء قوة هذا الإجماع، ومن فجاءة ظهوره، أن انشل تفكير العساكر فلم يلجأوا إلى استعمال السلاح، مما قد يفشل الثورة، أو يجعلها، أن نجحت، تنجح على أشلاء ضحايا كثيرين .
    وعندنا أن أكبر قيمة لثورة أكتوبر أن الشعب السوداني استطاع بها أن يدلل على خطأ أساسي في التفكير الماركسي، مما ورد في عبارة من أهم عبارات كارل ماركس، في فلسفته، فيما عرف (بالمادية التاريخية) .. وتلك العبارة هي قوله: (العنف، والقوة، هما الوسيلتان، الوحيدتان، لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع) فما برهنت عليه ثورة أكتوبر هو أن القوة ضرورية للتغيير، ولكن العنف ليس ضروريا .. بل أن القوة المستحصدة، التامة، تلغي العنف تماما .. فصاحبها في غنى عن استخدام العنف، وخصمها مصروف عن استخدام العنف بما يظهر له من عدم جدواه، وحين تنفصل القوة عن العنف يفتح الباب للبشرية لتفهم معنى جديدا من معاني القوة، وتلك هي القوة التي تقوم على وحدة الفكر، ووحدة الشعور، بين الناس، بعد أن لبثت البشرية في طوال





    الحقب لا تعرف من القوة إلا ما يقوم على قوة الساعد، وقوة البأس .. .. ومفهوم القوة، بهذا المعنى الأخير، هو تراث البشرية من عهد الغابة .. عهد الأنياب الزرق، والمخالب الحمر .. وهذا المفهوم هو الذي ضلل كارل ماركس، فاعتقد أن مستقبل البشرية سيكون صورة لامتداد ماضيها، وغاب عنه أن العنف سيفارق القوة، بالضرورة، في مستقبل تطور الإنسان، حين يصبح الحق هو القوة ..
    ومهما يكن من الأمر، فان شعب السودان، في ثورة أكتوبر، قد كان قويا بوحدته العاطفية الرائعة، قوة أغنته هو عن استخدام العنف، وشلت يد خصومه عن استخدام العنف .. وتم بذلك إلغاء العنف من معادلة التغيير الماركسي .. إذ قد تم التغيير بالقوة بغير عنف .. وهذا، في حد ذاته، عمل عظيم وجليل ..
    وثورة أكتوبر ثورة لم تكتمل بعد .. وإنما هي تقع في مرحلتين .. نفذت منهما المرحلة الأولى، ولا تزال المرحلة الثانية تنتظر ميقاتها .. المرحلة الأولى من ثورة أكتوبر كانت مرحلة العاطفة المتسامية، التي جمعت الشعب على إرادة التغيير، وكراهية الفساد، ولكنها لم تكن تملك، مع إرادة التغيير، فكرة التغيير، حتى تستطيع أن تبني الصلاح، بعد إزالة الفساد .. من أجل ذلك انفرط عقد الوحدة بعيد إزالة الفساد، وأمكن للأحزاب السلفية أن تفرق الشعب، وأن تضلل سعيه، حتى وأدت أهداف ثورة أكتوبر تحت ركام من الرماد، مع مضي الزمن .. وما كان للأحزاب السلفية أن تبلغ ما أرادت لولا أن الثوار قد بدا لهم أن مهمتهم قد أنجزت بمجرد زوال الحكم العسكري، وان وحدة صفهم، قد استنفدت أغراضها ..
    والمرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد، العاصف، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلى المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير.. وهذه تعني هدم الفساد القائم، ثم بناء الصلاح مكان الفساد.. وهي ما نسميه بالثورة الفكرية.. فإن ثورة أكتوبر لم تمت، ولا تزال نارها تتضرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد.. فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد.. حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد، فتحرق نارها الفساد، ويهدي نورها خطوات الصلاح.. وليس عندنا من سبيل إلى هذه



    الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة: "لا إله إلا الله" جديدة، دافئة، خلاقة في صدور النساء، والرجال، كما كانت أول العهد بها، في القرن السابع الميلادي) – كتاب (لا إله الا الله) للأستاذ /محمود محمد طه – الطبعة الأولى يوم 25 مايو 1969

    إتجاه الأحزاب الطائفية لإحتواء ثورة أكتوبر

    محاولة إحتواء الإضراب السياسي

    وكانت ثورة أكتوبر، بعفويتها، وبسرعة أحداثها، وبوحدتها الشعبية التي تخطت حواجز الولاءآت الحزبية القديمة، بمثابة المفاجأة المذهلة بالنسبة لزعامات الأحزاب الطائفية.. اذ قد استطاع العهد العسكري أن يكسر شوكة تلك الزعامات، وأن يشل حركتها، وأن يعزلها عزلا تاما، عن الشعب طوال سني حكمه الست، حتى استنامت، أو كادت، فلم تستيقظ الاّ وقد إندلعت الثورة على يدي قيادة جديدة كل الجدة.. هي قيادة الشعب بأسره!! فأخذت تلك الزعامات الحزبية في البداية، تلم شملها، وتسعى سعيا يائسا، وكأنها تلهث لهثا، لمواكبة الحدث الثوري الجديد، والدخول في صورة العمل السياسي مرة أخرى.. ثم أحست بخطر الثورة الشعبية على نفوذها الطائفي، ومصالحها المرتبطة بالسلطة.. لا سيما وقد أخذ الشعب يرفع، في مظاهراته، شعارات معادية لها كشعار: (لا زعامة للقدامى) وكشعار (لا حزبية بعد اليوم)!! وذلك بعد أن خبر تلك الزعامات في الحكم منذ الإستقلال، فلم يشهد على يديها الاّ الإحتراب على كراسي الحكم، والفساد، والعجز عن الإصلاح!! فأخذت هذه الأحزاب، تحت الشعور بالخطر الذي يتهدد وجودها، تخطط لإجهاض ثورة أكتوبر وتصفية مكتسباتها.. وكانت الخطوة الأولى في هذا المخطط هي إحتواء الثورة وإنتحال مكتسباتها، والتظاهر بتبني شعاراتها!! فادّعت هذه الأحزاب، كتنظيمات حزبية، مشاركتها في فكرة الإضراب السياسي، وانتحلت توجيهها له، وذلك في بيان لها باسم: (الجبهة الوطنية الديمقراطية) – والتي عرفت فيما بعد (بالجبهة



    القومية للأحزاب) – موّقع أساسا من (الأنصار، والحزب الوطني الإتحادي، والأخوان المسلمين)، دعت فيه الى الإضراب السياسي.. ومما جاء فيه: (وقد تأكد لدى كل الهيئات السياسية والمهنية ضرورة الإضراب السياسي الشامل...) .. (فالى سائر قطاعات الشعب أن ينفذ الأضراب السياسي فورا...)!! – جريدة (الرأي العام) بتاريخ 1/11/1964.
    هذا مع أن فكرة الإضراب السياسي قد نشأت قبل ذلك بأيام وأخذت تنفذ بنجاح تام.. وذلك، كما تحكيه جريدة (الرأي العام) بتاريخ 3/11/1964 تحت عنوان (كيف نشأت فكرة الإضراب السياسي): (على غير موعد سابق تجمع المحامون بعد تشييع جثمان الشهيد أحمد القرشي بمكتب الأستاذ عابدين اسماعيل نقيب المحامين ليبحثوا الخطوات اللازمة لمواجهة الموقف، واتخذ الإجتماع الذي استمر منذ الثانية عشر ظهرا حتى الثانية عدة قرارات هامة تتعلّق برأي المحامين في الوضع السياسي السابق والذي أعلنوه في مناسبات كثيرة وقدموا بشأنه وجهة نظرهم بمذكرات مختلفة).. (أبرز هذه القرارات كانت المذكرة القانونية ..) .. (تتضمّن رأي القانونيين في عدم شرعية دخول رجال البوليس للحرم الجامعي باعتباره محلا خاصا وعدم قانونية إطلاق الرصاص على الطلبة الأبرياء..) .. (وقد نحى الأستاذ عابدين اسماعيل جانبا في مكتبه وأوكل للأستاذ أحمد جمعة رئاسة الإجتماع وعاد بعد قليل ليقرأ على الإجتماع المذكرة السالفة الذكر والتي وجدت التأييد الكامل من المجتمعين..
    وقد بلغ الحماس ذروته من رجال القانون فتقدّم الأستاذ شوقي ملاسي المحامي باقتراح يدعو جميع طبقات الشعب، وفئاته، الى إعلان العصيان المدني، والإضراب السياسي.. وقد ثنى الأستاذ محمد أحمد محجوب هذا الإقتراح، ووصفه بأنه الطريق العملي، وأجازته الجمعية العمومية بالإجماع على أن توّسع نقابة المحامين في اتصالاتها ببقية الهيئات المختلفة واقناعها بوجاهة هذا الإقتراح ودعوتها للموافقة عليه ووضعه موضع التنفيذ، واتخذ قرار ثالث لتسيير موكب يوم السبت الموافق 22/10/1964، لرئاسة القوات المسلحة أو القصر الجمهوري وتسليم المذكرة سالفة الذكر على أن يكون الموكب صامتا حزينا وعلى أن يرتدي المحامون أروابهم السوداء إمعانا في الحزن وتعميقا لفكرة الإضراب السياسي على أن يوّسع الموكب لتنضم اليه أي فئة.




    (ولأسباب خاصة تتعلّق بسلامة الطلبة والأمن رؤي أن يقتصر الموكب على القانونيين والأساتذة..) (وجاء عدد من الأطباء والطبيبات يرتدون (مريلة) و(طاقية) خضراء مما يشير الى أنهم قادمون لتوهم من المشرحة ممثلين للجمعية الطبية)، (وأعلن الأستاذ عابدين اسماعيل عقب عودته من تسليم المذكرة نيابة عن الهيئات أنه نسبة لتعنّت السلطات المسئولة في السماح للموكب المسالم فقد قررت الهيئات مجتمعة إعلان الإضراب السياسي فورا.
    كانت الساعة الواحدة والثلث فأستجاب الحاضرون وهللوا وعند الواحدة والنصف أغلقت المحاكم أبوابها ونفذ قرار الهيئات) ..
    هكذا نشأت فكرة الإضراب السياسي... استيحاء من حركة الثورة الشعبية في الشارع، حيث أعلن، وحيث نفذ للتو!! فلم يكن، بذلك، للإحزاب التقليدية، كتنظيمات حزبية، دور في ذلك الإضراب، سواء من ناحية التخطيط أو من ناحية التنفيذ. وحتى قرار إنهاء الإضراب السياسي فقد جاء من الجبهة الوطنية للهيئات.. فقد أصدرت بيانا، بذلك، تقول فيه: (الآن وقد حققت ثورة 21 أكتوبر انتصارها في الإلتفاف التام حول نداء الجبهة بتنفيذ الإضراب السياسي العام بصورة جماعية في كل أنحاء البلاد، وبذلك التضامن الرائع حقق شعبنا المنتصر إرادته في تصفية الحكم العسكري الغاشم وفرض حكومة انتقالية وطنية تمثلت في إختيارها رغبة وإرادة شعبنا الجبار) ويمضي بيان الجبهة الوطنية للهيئات ليقول: (وتعلن لكم الجبهة إنهاء قرارها الخاص بالإضراب السياسي العام الذي أعلنه ممثل الجبهة في موكبها الشعبي وأن تعودوا الى أعمالكم منتصرين فرحين بهذا الإجماع الرائع والمكاسب الوطنية، وعليكم باليقظة الدائمة للضرب بيد من حديد على عناصر التخريب والإنقسام) الرأي العام 1/11/1964
    محاولة الطائفية لإحتواء الجبهة الوطنية للهيئات

    واتجهت الأحزاب الطائفية متمثلة في (الجبهة القومية للأحزاب) التي تضم حزب الأمة، والوطني الإتحادي، والأخوان المسلمين، الى إحتواء الجبهة الوطنية للهيئات نفسها،

    حيث دعتها الى الإجتماع في بيت المهدي، فتكوّنت من الجبهتين (الجبهة القومية المتحدة) التي أصدرت بيانا جاء فيه: (.. وقد زاد الأمر تأججا أن الهيئات المهنية من أساتذة وأطباء ومحامين عندما همّوا أن يعبّروا عن شعورهم ورأيهم في موكب سلمي اعترضتهم الحكومة بالسلاح فالتزموا بالتوقف عن العمل وناشدوا الشعب الإضراب عن العمل اضرابا سياسيا غير موقوت الا بزوال الوضع القائم. وقد اجتمعت قيادة الجبهة الوطنية فورا بعد هذا الموقف وأيّدت الإضراب السياسي الكامل الشامل وناشدت الشعب الإجماع والأستعداد لمقاومة شعبية حتى الخلاص. بعد هذا الموقف إجتمع ممثلوا الهيئات المهنية وكونوا جبهة تضم نقاباتهم وشرعوا يعملون عملا وطنيا صريحا)
    (رأت الجبهة الوطنية والجبهة المهنية ضرورة العمل الموّحد فعقدوا اجتماعا موحدا في دار الإمام المهدي نشأت عنه الجبهة القومية الموّحدة التي أعلنت الميثاق..) الرأي العام 3/11/1964
    هكذا برزت الأحزاب الطائفية من جديد في صورة (الجبهة القومية للأحزاب) بعد أن اندلعت ثورة اكتوبر على يدي الشعب السوداني بأسره، وبعد أن نجح سلاح الإضراب السياسي، وتبلورت صورة تنظيم سياسي جديد، من صميم حركة الثورة في الشارع، هو (الجبهة الوطنية للهيئات)... فسعت هذه الأحزاب الطائفية، في البداية، الى استعادة مواقعها السياسية القديمة عن طريق احتواء الإضراب السياسي، وعن طريق احتواء الجبهة الوطنية للهيئات نفسها!!
    محاولة إنتحال شعارات أكتوبر التقدمية

    ثم سعت هذه الأحزاب الى انتحال الشعارات التقدمية التي رفعتها تلك الثورة، إمعانا في عملية الإحتواء، وهي الشعارات التي كان يمثلها الإتجاه التقدّمي الذي كانت عليه الجبهة الوطنية للهيئات... ذلك بأن تلك الأحزاب قد كانت أحزابا طائفية، بلا مذهبية.. كانت تعتمد في الكسب السياسي على (الإشارة) من زعيم الطائفة، وعلى (الطاعة العمياء) من القاعدة الطائفية.. وقد نشأت هذه الأحزاب نشأة طائفية، إبان الحركة الوطنية، فكانت تكتلات همها التنظيم، لا الفكر.. وكانت تلك الأحزاب إنما ترمي، من وراء تكتيل رجال الطائفية لجماهيرهم الى استعمال تلك الجماهير كوسيلة الى السلطة.. ولذلك لم يكن لأي منها خط فكري، أو برنامج سياسي يدعو اليه الشعب، ويعمل على تنفيذه في الحكم...


    ولذلك توّرطت هذه الأحزاب، قادتها، وقاعدتها، في فساد، وعجز، قل أن يكون لهما مثيل في سيرة الحكومات.. مما أدى الى الحكم العسكري في 17 نوفمبر 1958: وعن ذلك الفساد، وذلك العجز، اللذين هما النتيجة الحتمية لإنعدام المذهبية لدى هذه الأحزاب، قال الجمهوريون في بيانهم المنشور 12 نوفمبر 1964 بجريدة (السودان الجديد):-
    (إن ما وفق اليه هذا الشعب الكريم، من تمام الوحدة وسلامة الفطرة، وصلابة العود، وسداد الرأي في مقاومة الحكم العسكري لهو مثل يحتذى، وهو على كل حال مثل تقل نظائره في التاريخ.
    ونحن الآن نعيش في نشوة الظفر، وما ينبغي لنا أن نذهل عما ينطوي عليه الموقف من جلائل العبر.. إن الحكم العسكري سيء، من حيث هو عسكري، ولا يجد له ما يبرره على الإطلاق إلا أمراً واحداً هو قصور الشعب الذي يخضع له، وعجزه عن حكم نفسه بأساليب الكرامة والشرف. ولقد تعرضنا لهذا العجز المهين في ساعة من ساعات تاريخنا القصير في ممارسة حكم أنفسنا، حتى استهدفت البلاد للنفوذ الخارجي حين باع نوابنا أنفسهم لمن يدفع أكثر، وأصبحت حكومتنا الدستورية معرضة للسقوط غداة فتح البرلمان.. ولمصلحة من سقوطها؟؟ لمصلحة الدولة التي تقدمت بدفع ثمن النواب على أيدي ساسة يعرفهم الناس جيداً..
    ما ينبغي أن نذهل في نشوة الظفر بإسقاط الحكم العسكري عن حقيقة هامة وهي أن هذا الحكم جاء في ساعة رهيبة كان فيها بمثابة إنقاذ للبلاد من النفوذ الخارجي الذي مكن له فشل قادة الأحزاب. إننا إن ذهلنا عن هذه الحقيقة نكون حريين أن نتورط في نفس الخطأ الذي جعل الحكم العسكري على سوئه بمثابة إنقاذ للبلاد.. وما ينبغي أيضاً أن نفهم من هذه العبارة، أن قادة الأحزاب رجال شريرون، قليلو الوطنية.. بل على النقيض، فإنهم رجال طيبون شديدو الوطنية، ولكنهم لا يملكون فلسفة الحكم التي تعصمهم عن الخطأ، وتجعلهم قادة للشعب عن كفاية ومقدرة.. وظاهرة إنعدام فلسفة الحكم ظاهرة اتسمت بها حركتنا الوطنية منذ فجرها الباكر، وكثيراً ما نعاها عليها الحزب الجمهوري في كتاباته المستفيضة. والآن فإن الخطر ماثل.. وهو ماثل في صعيدين.. الصعيد الأول أن الأحزاب، وقد علمت شدة كراهية الناس لماضي حكمها، ستعود تحت تكتلات جديدة، وبأسماء جديدة، وستتبنى شعارات جديدة في عبارات منمقة ومزينة بفنون الصياغات



    الفنية. ولكنها في حقيقتها، ما هي إلا الخواء القديم، ونحن نخشى أن كثيراً من الناس سينخدع لهذا المظهر الكاذب، ونعلم أن قادة الأحزاب أنفسهم سينخدعون له.. ولا عاصم للناس من أن ينخدعوا إلا إذا علموا أن فلسفة الحكم عند الأحزاب لا تهبط عليها فجأة، وإنما هي امتداد لفلسفة قادتها، ونظرتهم للحياة، وأخلاقهم، وميزان القيم عندهم، في معيشتهم اليومية. فالقادة المحبون للرئاسة، الكلفون بالتسلط، الفرحون بالجاه والثروة، لا يمكن أن يعطوا أحزابهم فلسفة حكم صالحة.. "فأنت لا تجني من الشوك العنب").
    هكذا كانت أحزابنا الطائفية – أحزابا بلا مذهبية، وبلا فلسفة حكم، وبلا برنامج سياسي وبلا، حتى، دستور حزبي!! فلما جاءت ثورة اكتوبر بتيار جديد من الوعي، فارتفعت الشعارات التقدمية، (كالإشتراكية)، أخذت هذه الأحزاب تتزين بزي المذهبية، وتنتحل الشعارات التقدمية، وذلك بعد أن أفاقت، هونا ما، من فجأءة الحدث الثوري المذهل .. فأخذنا نقرأ في الصحف أخبارا غريبة كهذه (السكرتارية التمهيدية لحزب الأمة يسرها أن تعلن على الشعب السوداني الكريم عن قيام حزب الأمة(!!) وأنها الآن بصدد إعداد دستور الحزب(!!) وبرنامجه السياسي الذي سوف يعرض على الجمعية العمومية التمهيدية لإقراره ودعوة السودانيين أجمع للإنضمام له والعمل المشترك لبناء الوطن) – الرأي العام 7/11/1964
    (ذكر السيد عبدالماجد ابو حسبو الناطق الرسمي باسم الحزب الوطني الإتحادي أن اللجنة التنفيذية ستبحث في أجتماع اليوم برنامج الحزب وفلسفته على ضوء الظروف الجديدة)!! – الرأي العام 8/11/1964.
    وجاء في بيان للإخوان المسلمين موّقع من الدكتور حسن الترابي (الأمين العام للإخوان المسلمين) عن فلسفة الحكم التي تطرحها جماعتهم: (لزوم الشورى كأساس للحكم)!! 5/11/1964... وهو تعميم لا يدل الاّ على إنعدام المذهبية المتكاملة لدى هذه الجماعة.. وهو، الى ذلك، تخليط شنيع بين الشورى والديمقراطية – وقد بينّا الفرق بينهما في الباب الأول من هذا الكتاب في فصل: (الأخوان المسلمون والديمقراطية)... فالترابي إنما كان يحاول أن يرفع شعار (الديمقراطية) الذي كان أكبر مكتسبات ثورة اكتوبر.. ولكنه، في نفس الوقت، كان يحاول أن يظهر بالمظهر الإسلامي، فتوّرط في ذلك التخليط!!
    ثم ظهرت الأحزاب الطائفية، بعد قليل، بشعارات تقدمية، تحاول أن تواكب بها روح ثورة أكتوبر التي سيطرت على جو الحياة السياسية، يومئذ... فخرجت الصحف بمثل هذه الأخبار: (أزهري يعلن للصحفيين بأن برامج الوطني الإتحادي تقوم على المباديء الإشتراكية!! (الرأي العام – 13/12/1964) .. (أعد حزب الأمة مشروعا تمهيديا

    لدستور الحزب وقد جاء في الدستور أن هدف الحزب هو خلق مجتمع اسلامي متطوّر يستفيد من تجارب الإنسانية، وتقدّم العلم (!!)، وكفل حرية الأديان السماوية (!!) .. وأوضح الدستور ان منهاج الحزب هو: 1- الإسلام توجيها وثقافة وسلوكا 2- العروبة تعبيرا وثقافة وحضارة 3- الإشتراكية الهادفة للكفاية والعدل (!!) والتعمير تخطيطا واقتصادا) (الرأي العام 14/11/1964)
    وهكذا اتجهت الأحزاب التقليدية، في البداية، الى إحتواء ثورة أكتوبر، بانتحال شعراتها، وسرقة مكتسباتها، كخطوة أولى نحو اجهاضها وتصفيتها!! كما سنرى في هذا الفصل. وبالطبع فإن أقوال، وممارسات (الجبهة القومية للإحزاب) ليست هي مسئولية الأخوان المسلمين، وحدهم!! غير أنهم ليسوا بمنجاة تماما، عن تحمل المسئولية عن هذه الأقوال، والممارسات، فقد وقفوا، مع الأحزاب الأخرى، على البيانات الأولى، لهذه الجبهة، كما كانت هذه الجبهة إنما تتحدّث باسم هذه الأحزاب جميعا، ولقد ظلّوا يعملون مع هذه الأحزاب، في صف واحد، للإطاحة بحكومة تلك الثورة حتى تمّ لهم ذلك، كما سنرى في هذا الفصل..
    اشتراك الأخوان المسلمين مع الشيوعيين في حكومة واحدة!!

    ودخل الأخوان المسلمون الحكومة الإنتقالية التي قامت بموجب (الميثاق الوطني) والتي ضمت، على الأقل، وزيرا شيوعيا يمّثل الحزب الشيوعي، وذلك بموجب ذلك الميثاق.. وقد جاء فيه تحت عنوان (الحكومة الإنتقالية): (كذلك قررت الجبهة القومية الموّحدة أن تؤلف الحكومة على الوضع الآتي:
    1- أن يمثّل كل من الأنصار والحزب الوطني الإتحادي والختمية والأخوان المسلمين والشيوعيين بوزير واحد يختاره حزبه وتواقف عليه الجبهة القومية الموّحدة، وتضم الحكومة القومية ثمانية وزراء ترشحهم الجبهة القومية المهنية وتوافق عليهم الجبهة القومية الموّحدة). وقد وقّع على ذلك الميثاق ممثلوا الأحزاب، وممثلوا الجبهة الوطنية للهيئات.. ووقع عليه عن الأخوان المسلمين: محمد يوسف محمد المحامي والسيد الصادق عبدالله عبدالماجد.. وعن الشيوعيين: السيد أحمد سليمان المحامي، والسيد عزالدين علي عامر (الرأي العام 10/11/1964) وتمّ تكوين الحكومة الإنتقالية برئاسة السيد سرالختم الخليفة على النحو التالي:
    سر الختم الخليفة - الرئاسة والدفاع
    محمد أحمد المحجوب - الخارجية
    مبارك زروق - المالية والإقتصاد
    عابدين اسماعيل - الحكومات المحلية
    كلمن أمبورو - الداخلية
    أحمد سليمان - الزراعة والغابات
    عبدالرحمن العاقب - الأشغال والثروة المعدنية
    الأمين محمد الأمين - الصحة
    عبدالكريم ميرغني - التجارة والصناعة والتموين
    محمد صالح عمر - الثروة الحيوانية
    أمبروز وول - المواصلات
    خلف الله بابكر - الإستعلامات والعمل
    أحمد السيد حمد - الري والقوى الكهربائية
    ممثل العمال - لشئون الرئاسة. (الرأي العام 31/10/1964)
    وقد جاء في التعريف بالوزراء الجدد أن السيد محمد صالح عمر (عضو في جماعة الأخوان المسلمين) الرأي العام 31/10/1964. وقد شغل منصب وزير شئون الرئاسة في هذه الحكومة، بعد أيام، السيد الشفيع أحمد الشيخ.. كما جاء في جريدة (الرأي العام) بتاريخ 22/11/1964: (أدى مساء أمس السيد الشفيع أحمد الشيخ ممثل العمال في الحكومة القسم أمام السادة رئيس الوزراء والوزراء وفضيلة مفتي الديار في قاعة إجتماعات مجلس الوزراء..)
    وهكذا اشترك الأخوان المسلمون في تلك الحكومة التي ضمت أكثر من وزير شيوعي، وأكثر من وزير مسيحي!! وهي، على أية حال، لم تكن حكومة تحكم بالشريعة الإسلامية التي يدّعون الدعوة الى تحكيمها.. فهم يرون أن الأنظمة التي لا تدين بالحاكمية لله – لا تحكم بما أنزل الله – إنما هي أنظمة جاهلية حتى ولو قامت في البلاد (الإسلامية)!!
    قال الأستاذ سيد قطب في كتاب (معالم في الطريق) – الصفحة 120: (ولكن ما هو "المجتمع الجاهلي؟ وما هو منهج الإسلام في مواجهته؟؟"
    إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع السليم!! وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده.. متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي، وفي الشعائر التعبدية، وفي الشرائع القانونية.. وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار"المجتمع الجاهلي" جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا)!! ويمضي الأستاذ سيد قطب ليقول: (وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها "مسلمة"! وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضا. ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها. فهي - وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله - تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله؛ فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها وقيمها، وموازينها، وعاداتها وتقاليدها.. وكل مقومات حياتها تقريبا.
    والله سبحانه يقول عن الحاكمين:
    "ومن لم يحكم بما انزل الله فأؤلئك هم الكافرون")
    هذه هي (نظرة) الأخوان المسلمين الى الأنظمة القائمة اليوم في البلاد (الإسلامية)!! وهي بالطبع نظرة تحتاج الى قدر كبير من المراجعة والتصحيح.. فالشريعة الإسلامية التي هي صاحبة الوقت، اليوم، والتي يجب على الدعاة الإسلاميين أن يعملوا لإقامتها، ليست هي الشريعة الإسلامية الموروثة، التي خدمت غرضها أجل خدمة، خدمته حتى استنفدته، فحلّت مشاكل القرن السابع الميلادي، باقتدار تام.. وإنما هي شريعة اسلامية جديدة، متطوّرة على تلك عمدتها أصول القرآن، والسنّة النبوية – كما بينّا في مقدمة الجزء الأول من هذا الكتاب.. صحيح أن الأنظمة، والمجتمعات اليوم، أنظمة ومجتمعات جاهلية .. فهي تعيش الجاهلية الثانية، ولكنها إنما تتهيأ ليبعث فيها الإسلام، من جديد، ولتقام فيها شريعة اسلامية جديدة، تكافيء الإمكانات، والتطلّعات البشرية الجديدة.. وعلى الرغم من ذلك فإن الأخوان المسلمين، في ممارساتهم، كما رأينا في إشتراكهم في حكومة ثورة أكتوبر – إنما يخرجون عن تلك النظرة التي يقررونها لأنفسهم – يقررها مفكروهم وفلاسفتهم – وذلك تحت تأثير السعي الى السلطة، والصراع حولها!! اللهم الاّ إذا كانوا لا يرتبطون بمفكريهم وفلاسفتهم ذلك الرباط العضوي الذي ينبغي أن يربط بين أعضاء التنظيم الواحد، الملتزم، قمته وقاعدته، بأسس فكرية واحدة!! وفي الحقيقة فإن ما يتوّرط فيه الأخوان المسلمون من تناقض لدى الممارسة، مع أفكارهم المعلنة، ومن تناقض، فيما بينهم، في سائر الأقوال، والممارسات إنما هو نتاج طبيعي لإنعدام الفكرة التوحيدية، والمذهبية المتكاملة، والتربية السليمة الصادقة التي تقوم على وحدة الفكر، والقول، والعمل، على نحو ما يدعو اليه أدب القرآن الكريم حيث يقول جلّ من قائل: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟؟ كبر مقتا، عند الله، أن تقولوا ما لا تفعلون.)

    اشتراك الأخوان المسلمين في إجهاض ثورة أكتوبر

    وبعد أن استعادت الأحزاب الطائفية اشكالها التنظيمية أخذت تتحرك، حثيثا، نحو القضاء على الحكومة الثورية التي تمخّضت عنها ثورة أكتوبر، وذلك بحجة إجراء الإنتخابات في الموعد المحدد لها في الميثاق الوطني، إلتزاما، في إدّعائها، بنصوص الميثاق!! وذلك حتى لو كانت الإنتخابات جزئية، لا تشمل جنوب السودان الذي لم تكن ظروف الحرب الأهلية، يومئذ، لتسمح بإجراء الإنتخابات فيه، وحتى قبل التوّصل الى حل لمشكلة الجنوب، وهي المشكلة التي عمل الحكم العسكري على تفاقمها، فتداعت الأحداث حول مناقشتها، بجامعة الخرطوم، الى قيام ثورة أكتوبر!! وادّعاء جبهة الأحزاب التمسك بالميثاق الوطني إنما كان، في الواقع، كلمة حق أريد بها باطل.. فذلك الميثاق إنما كان، في جوهره، يستهدف تحقيق مصالح البلاد العليا، والإنتخابات الجزئية، بما تكرّسه من عوامل التجزئة، إنما كانت عملا ضد تلك المصالح العليا.. كما أن الميثاق عندما يتحدّث عن الإنتخابات قائلا (إجراء إنتخابات عامة لإنتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور الدائم للبلاد) – جريدة الرأي العام يوم 31/10/1964 – إنما كان يعني بإنتخابات عامة انتخابات شاملة لكل أجزاء البلاد حتى تأتي جمعية تأسيسية تمثل كل المواطنين السودانيين بغرض وضع الدستور الدائم للبلاد.. وهو أمر لا يتحقّق، مطلقا، الاّ بعد أن يكون الجنوب، من الناحية الأمنية، في وضع يمكنه من إجراء الإنتخابات. أما تحديد الميثاق لفترة الحكومة الإنتقالية فكان يمكن أن تتفق الأطراف الموقعة عليه على تعديله بحيث يساعد على الإعداد الكافي لتلك الإنتخابات العامة – خدمة للمصلحة العليا ... إن جبهة الأحزاب إنما كانت، في الواقع، تخفي مخططها الطائفي الذي يستهدف إجهاض ثورة اكتوبر، واستعادة نفوذها في السلطة، من جديد، عن طريق أغلبيتها الميكانيكية في الإنتخابات.. وسنرى كيف عدّلت الدستور المؤقت لأغراض حزبية ضيقة، ولإنتهاك الحقوق الأساسية للمواطنين.
    وعن تحركات جبهة الأحزاب للقضاء على الحكومة الثورية أوردت الرأي العام يوم 18/11/1965 تصريحا للترابي (الأمين العام للإخوان المسلمين) جاء فيه: (إن المهمة الأساسية لهذه الحكومة لم تزل هي إجراء الإنتخابات، وهي مهمة عاجلة لا يحتمل الشروع فيها التأجيل يوما واحدا.. ويجب الاّ يصرفنا عنها أي داع لأنه لا يوجد في واقع الأمر ما يسوّغ تأجيل البدء في إجراءاتها)..
    هذه صورة لدور الأخوان المسلمين في التآمر على الحكومة الثورية، فالدكتور الترابي يتحدّث، هنا، عن الإنتخابات، كأنها غاية في ذاتها، حتى ليصح أن يضحي في سبيلها حتى بمصلحة البلاد العليا!! وقد جعل المهمة الأساسية للحكومة الثورية، التي جاءت بها الثورة الشعبية، هي إجراء الإنتخابات.. وكأن الإنتخابات مطلب شعبي، أو شعار




    ثوري، رفعته جماهير الشعب، في تلك الثورة، وهو يعلم رأي الشعب، إبان الثورة، في الحزبية الطائفية التي ستبرز في الإنتخابات والتي حكمت البلاد من قبل، فبلغت من الفساد والعجز مبلغا جعل إنقلاب نوفمبر 1958 بمثابة إنقاذ للبلاد!! فقد رفع الشعب شعار (لا حزبية بعد اليوم) أو (لا أحزاب بعد اليوم)... أو (لا زعامة للقدامى)!!
    ولكن الترابي إنما كان يريد لتنظيمه بأن يبرز لأول مرة، في إنتخابات عامة، ويتعجّل ذلك، أشد العجلة، حتى أنه ليصف مهمة الإنتخابات بأنها (مهمة عاجلة لا يحتمل الشروع فيها التأجيل يوما واحدا)!! لا سيما وأن تنظيم الأخوان المسلمين قد كان يخطط للإحتواء، والتأثير، على (مختلف الإتجاهات السياسية) في تلك الإنتخابات، وذلك باستدرار عاطفة الشعب السوداني الدينية بمسألة الدستور الإسلامي.. فقد صرّح الدكتور الترابي لجريدة (الرأي العام) يوم 8/12/1964 (بأنهم لن يخوضوا المعركة الإنتخابية ولكنهم سيلتقون مع آخرين في جبهة اسلامية عريضة على أساس ميثاق يحدد المباديء الدستورية الإسلامية والمباديء الإقتصادية والإجتماعية) قال الدكتور الترابي أن الجبهة المقترحة ستعمل للتأثير على مختلف الإتجاهات السياسية والترشيح في بعض الدوائر اذا لزم الأمر. واستطرد الأمين العام للأخوان بأن هذه الجبهة (لن تندمج في أي حزب ولكنها ستتعاون مع المرشحين المؤتمنين على ميثاقها أو أي حزب يلتزم به)!! هذا هو مصدر عجلة الأخوان المسلمين لإجراء الإنتخابات!! وبالفعل تم تكوين (جبهة الميثاق الإسلامي) وعلى رأس قيادتها الأمين العام للإخوان المسلمين!!
    وبعثت جبهة الأحزاب الى الحكومة الثورية بمذكرة وقعها السادة: اسماعيل الأزهري (الوطني الإتحادي)، أمين التوم (حزب الأمة)، حسن الترابي الترابي (الأخوان المسلمون)، ميرغني حمزة (مستقلون)، علي طالب الله والصائم محمد إبراهيم (الجبهة الإسلامية)، بابكر كرار (الحزب الإشتراكي الإسلامي) جاء فيها: (نريد أن نؤكد ما سبق وأكده الشعب السوداني كله في أن ثورة الحادي والعشرين الشعبية المجيدة اندلعت من أجل الديمقراطية وسيادة الشعب، وأن هذه الوزارة الإنتقالية تفقد شرعيتها فقدانا تاما في نهاية مارس القادم وأن الميثاق الوطني تنحل روابطه كلها وفي نفس هذا التاريخ، وأن المهمة الأساسية لهذه الحكومة هي إجراء إنتخابات عامة في موعدها المنصوص عليه في الميثاق. إن الجبهة القومية الموّحدة تطلب من سيادتكم بناء على ما سلف ذكره أن تصدروا بيانا رسميا في الحال يؤكد للشعب أن الإنتخابات العامة جارية في ميعادها المحدد في الميثاق وإن كان مجلس الوزراء غير واثق من قدرته على إجرائها في الميعاد المحدد فعلى هذه الوزارة أن تستقيل فورا وتفسح المجال للشعب ليشكّل وزارة قومية تستطيع أن تفي بهذا الإلتزام الجليل للشعب كله حتى يستطيع أن يتخذ من الإجراءات ما يراه) جريدة الرأي العام يوم 20/1/1965



    ومن جهة أخرى أصدرت الحكومة الثورية قرارا حول الإنتخابات روته الرأي العام يوم 6/2/1965 فيما يلي: (حسم مجلس الوزراء الموقف بإعلان قراره في منتصف ليلة اليوم الأول للعيد اذ أقرّ أمر توزيع الدوائر الإنتخابية على أن تجرى الإنتخابات في كل أجزاء القطر في وقت واحد لا يتعدّى اليوم الحادي والعشرين من ابريل 1965.. أوضح مجلس الوزراء أنه اذا اتضح له أن ذلك غير ميسور فسيعلن هذا الأمر ويطلب تجديد تفويضه أو انهائه).. ثم أذاع السيد خلف الله بابكر وزير الإستعلامات بيانا حول مذكرة جبهة الأحزاب جاء فيه، كما ترويه جريدة الرأي العام يوم 7/2/1965: (إن الأحزاب التي أصدرت البيان لها ممثلون في مجلس الوزراء وهي الأمة والوطني الإتحادي والأخوان المسلمون) وتساءل في بيانه عن الغرض من وراء البيان الذي أصدرته الجبهة الموّحدة وقال: (إن الحكومة تسعى الى تماسك الأمة وتصر على إجراء انتخابات في جميع أنحاء القطر وان إجراء الإنتخابات في الشمال فقط معناه تقسيم القطر)..
    كما روت جريدة الرأي العام في نفس العدد أن السيد رئيس مجلس الوزراء سرالختم الخليفة أصدر بيانا أكد فيه: (إن بيان وزير الإستعلامات قصد به توضيح قرار الحكومة القاضي بإجراء الإنتخابات العامة في جميع أجزاء القطر في موعدها، وقصد به الدفاع عن هذا القرار ولم يقصد به أي اتهام للوزراء المشار اليهم في ذلك البيان)..
    وكانت حشود الأنصار قد أخذت تفد الى العاصمة من الأقاليم في أعداد ضخمة، مما حقق حالة من التوّتر، والقلق، في الحياة السياسية.. فأصدر حزب الأمة بيانا حاول أن يبرر فيه وفود الحشود من أنصاره الى العاصمة جاء فيه، كما روته جريدة الرأي العام يوم 11/2/1965: (إن المسئول عن هذه التجمعات هو بيان وزير الإستعلامات الأخير الذي استفز جماهير الأمة والوطني الإتحادي والأخوان فخفوا للعاصمة لحماية أحزابهم من إعتداء الوزير)!! وتصاعد توتر الموقف السياسي من جراء جو الإرهاب الذي أشاعته الأحزاب الطائفية الثلاثة .. ومضت هذه الأحزاب في مخططها للقضاء على الحكومة الثورية الى نهاية الشوط.. تروي جريدة الرأي العام يوم 18/2/1965 ما يلي: (وأمس واصلت الأحزاب السياسية اجتماعاتها وعقدت أحزاب الوطني الإتحادي والأمة والأخوان المسلمين وهيئة التجار اجتماعا بمنزل السيد الأزهري حيث جرت مشاورات حول الأزمة السياسية الراهنة وقد رفعت هذه الأحزاب مذكرة الى السيد رئيس مجلس السيادة والسيد رئيس الوزراء تتضمّن وجهة نظر الأحزاب (الوطني الإتحادي والأمة والأخوان المسلمين) حول الأخطاء الدستورية التي ارتكبتها الحكومة وتطالب الحكومة بالإستقالة وتطلب من السيد رئيس مجلس السيادة التدّخل السريع لحل الأزمة السياسية الحالية حتى يعود للبلاد الإستقرار الذي تنشده. وذكرت وكالة الأنباء




    السودانية أن السيد محمد صالح عمر وزير الثروة الحيوانية وممثل الأخوان المسلمين في الوزارة الإنتقالية الحالية قد تحدّث في مستهل الجلسة التي عقدها أمس مجلس الوزراء نيابة عن ممثلي أحزاب الأمة والوطني الإتحادي والأخوان المسلمين فأعلن للمجلس عن رغبة هذه الأحزاب في تغيير الوزارة الحالية بسبب فشلها في أداء المهمة الملقاة على عاتقها، وقد عقّب عدد من السادة الوزراء على حديث ممثل الأحزاب الكبيرة فأكدوا ضرورة بقاء هذه الحكومة. هذا وقد استمّر ممثلوا الأحزاب الثلاثة في حضور جلسة مجلس الوزراء حتى إنفضاضها)...
    وقدّم السيد سرالختم الخليفة رئيس الوزراء استقالته فجأة!! وعن ذلك تروي جريدة الرأي العام يوم 20/2 ما يلي: (أصدر الليلة الماضية وزراء الهيئات بيانا أكدوا فيه أن استقالة رئيس الوزراء كانت مثار الدهشة لهم. عبّر الوزراء عن أسفهم لإستجابة السيد رئيس الوزراء لوسائل الضغط والإرهاب التي يعلمون أنها مؤامرة حيكت في الداخل والخارج).. وتقول الجريدة (كانت الأحزاب أول من علم باستقالة السيد رئيس الوزراء أمس الأول وكان الوزراء السابقون هم آخر من علم بأمر الإستقالة)!!
    وهكذا استطاعت الأحزاب الطائفية القضاء على تلك الحكومة الثورية باضطرار رئيس وزرائها الى الإستقالة تحت ضغوط الإرهاب، وإشاعة حالة الإضطراب، وخلق الأزمة السياسية.. أكثر من ذلك!! فقد إتجه، تحت هذه الضغوط، الى تكوين حكومة حزبية صرفة مع أن الميثاق كان ينص على: (قيام حكومة قومية انتقالية تمثل هيئات الشعب المختلفة وأحزابه السياسية)، - الرأي العام يوم 1/11/1964.. وعلى أساس هذا التكوين قامت الحكومة الأولى وهي تضم ممثلين (لجبهة الهيئات) و(لجبهة الأحزاب).. ونصّ الميثاق على أنها حكومة إنتقالية، وحدّد واجباتها، ولم يشر الى أي حكومة تعقبها في تلك الفترة.. وتمّ تكوين مجلس الوزراء الجديد برئاسة السيد سرالختم الخليفة وعلى أساس تمثيل الأحزاب: الأمة والوطني الإتحادي وحزب الشعب الديمقراطي والأخوان المسلمين والشيوعيين والجنوبيين، غير أن حزب الشعب الديمقراطي والحزب الشيوعي رفضا الإشتراك في تلك الحكومة بدون إشتراك العمال والمزارعين (الرأي العام يوم 28/2/1965)
    وهكذا خلا الجو لإحزاب الأمة والوطني الإتحادي والإخوان المسلمين للسيطرة على الوزارة، وتوجيهها وفق مخططاتها الطائفية، فيتمّ بذلك، على يدي تلك الأحزاب إجهاض ثورة اكتوبر، وتصفية مكتسباتها..
    وتم إجراء الإنتخابات الجزئية في شمال السودان في 21 ابريل 1965 وفق قرار مجلس السيادة (الرأي العام 7/4/1965( وقد خصصت تلك الإنتخابات 15 دائرة للخريجين، فأسفرت نتائج الإنتخابات عما يأتي:
    نال حزب الأمة 74 مقعدا
    والحزب الوطني الإتحادي 51 مقعدا
    والمستقلون 15 مقعدا
    ومؤتمر البجا 10 مقاعد
    وجبهة الميثاق الإسلامي 3 مقاعد (جريدة الرأي العام يوم 12/5/1965)
    وكانت نتيجة انتخابات دوائر الخريجين كما يلي: (فاز الشيوعيون بأغلبية المقاعد اذ حصلوا على أحد عشر مقعدا وحصل الحزب الوطني الإتحادي على مقعدين وجبهة الميثاق الإسلامي على مقعدين... وهذه هي أصوات المرشحين الذين فازوا في دوائر الخريجين والأصوات التي نالها كل منهم:
    الدكتور حسن الترابي 7191 جبهة الميثاق
    صالح محمود اسماعيل 6346 الوطني الإتحادي
    الآنسة فاطمة أحمد ابراهيم 5918 الحزب الشيوعي
    حسن الطاهر زروق 5510 الحزب الشيوعي
    محجوب محمد صالح 5098 مؤتمر اشتراكي
    جوزيف قرنق 4719 الحزب الشيوعي
    عزالدين علي عامر 4411 الحزب الشيوعي
    محمد توفيق 4312 الحزب الوطني الإتحادي
    عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة 4297 الحزب الشيوعي
    الرشيد نايل 3990 الحزب الشيوعي
    عمر مصطفي المكي 3950 الحزب الشيوعي
    الطاهر عبدالباسط 3908 الحزب الشيوعي
    محمد ابراهيم نقد 3817 الحزب الشيوعي
    محمد سليمان محمد أحمد 3844 المعلمين
    محمد يوسف محمد 3841 جبهة الميثاق
    وعن تشكيل الحكومة الإئتلافية تقول الرأي العام يوم 11/5/1965: (حكومة إئتلافية من الوطني الإتحادي والأمة. مجلس السيادة برئاسة أزهري. محجوب رئيسا للحكومة. شداد رئيسا للجمعية التأسيسية. الوزارة الجديدة 6 أمة 6 وطني اتحادي 3 للجنوبيين)... وبقي الأخوان المسلمون كجناح في المعارضة، بينما أخذ الشيوعيون يقودون جناح المعارضة الأكبر..
    وبذلك تلقى الأخوان المسلمون أول هزيمة لهم في إنتخابات عامة من الشعب السوداني (المسلم) الذي يدعون قيادة العمل لوضع دستور اسلامي له!! ولقد يكون من مبررات هذه النتيجة عندهم أنهم لم يقوموا بالترشيح في كل الدوائر لإنحصار حركتهم في أوساط المثقفين!! ولكن هزيمتهم كانت أكثر بروزا في دوائر الوعي التي قاموا بالترشيح فيها، كدوائر مديرية الخرطوم، وكدوائر الخريجين. فلم يفز من مرشحيهم الاّ ثلاثة في الدوائر الإقليمية هم السادة: الرشيد الطاهر بكر، وسليمان مصطفى ابكر، والطاهر الطيب بدر (الرأي العام 12/5/1965)... وحتى هؤلاء لم يكونوا، جميعهم، أخوانا مسلمين وإنما كان بعضهم مرشحين لجبهة الميثاق الإسلامي.. وقد فوّز هؤلاء اتباع بيوتهم ولم يفوزوا لأنهم كانوا أخوانا مسلمين.. وقد سقط من مرشحي الأخوان المسلمين في دوائر الخريجين السادة: يس عمر الإمام، حسين أحمد الفكي، علي عبدالله يعقوب، حسن محمد عمر، عبدالله سليمان، أحمد زين شدّاد، محي الدين خليل الريّح، عبدالله التهامي (جريدة الرأي العام يوم 23/11/1965 ومرشحو الأخوان المسلمين للإنتخابات)..
    وبدأ الأخوان المسلمون، بعد ذلك، خطوة جديدة في مخططهم لإحتواء السلطة .. هي التحالف مع الأحزاب الطائفية لتصفية الخصوم السياسيين، وفرض الدستور الإسلامي المزيف!!


    الأخوان المسلمون وحل الحزب الشيوعي

    ولعب الأخوان المسلمون الدور الأساسي في مؤامرة حل الجزب الشيوعي التي خططتها، ونفذتها الأحزاب الطائفية، حماية لمصالحها التي أخذ الحزب الشيوعي يشكّل خطرا كبيرا عليها، لاسيما بفوزه الساحق في إنتخابات دوائر الخريجين، وبالمعارضة القوية التي كان يقودها ضد حكومتها، في الجمعية التأسيسية.. ومن صور هذه المعارضة تحكى محاضر مداولات تلك الجمعية في جلستها بتاريخ 8/11/1965 (الصفحات من 18 الى 24) أن أحد النواب الشيوعيين قدم إقتراحا بسحب الثقة من الحكومة لعجزها عن تحقيق الإستقرار السياسي، وعن حل الأزمة الإقتصادية. وذهب في توضيح اقتراحه ليعدّد مظاهر الأزمة الإقتصادية فقال (الصفحات 30، 31، 32 من نفس محضر الجلسة): (ارتفع غلاء المعيشة من 120 نقطة الى 172 نقطة في عهد السيد رئيس الوزراء الحالي) وقال (ولا يخفى على أي مواطن حالة الكساد التي تشكو منها البلاد) وقال (بل يكفينا الإرتفاع المدهش في عدد العاطلين الذين لا يراهم السيد رئيس الوزراء... وقد بلغ عدد المسجلين 23000 عاطل وبلغ عدد المسجلين في خلال الفترة من يونيو حتى الآن 5432 عاطلا منهم 2309 من سكان العاصمة الأصليين، وبلغ عدد خريجي الجامعات والمعاهد لعام 64/1965 – 635 استخدم منهم فقط 273 الى يوم 20/10...) ومضى ليقول عن سياسة الإقتراض التي كانت تتبعها الحكومة (كانت جملة الديون علينا حتى نهاية عام 1964 التي تعاقدت عليها الحكومات الماضية وعلى الأخص الحكم العسكري البائد 140 مليون جنيه ونجد أن هذه الحكومة ايضا في الفترة القصيرة من عمرها تعاقدت مع دول أجنبية ومؤسسات عالمية بلغت جملة قروضها 100 مليون 350 ألف. إن هذه الحكومة قد سبقت جميع سابقاتها في هذا المضمار).
    هكذا كان النواب الشيوعيون يشكلون تهديدا ماثلا للكيانات الحزبية الطائفية، وحكومتها.. فاستغلت هذه الأحزاب، عن طريق الأخوان المسلمين، حادث طالب معهد المعلمين الشهير لتنفيذ مؤامرة حل الحزب الشيوعي.. والحادث هو أن أحد الطلاب وقف أثناء ندوة كانت تقدمها السيدة سعاد الفاتح – وهي من الأخوات المسلمات – لطلاب ذلك المعهد، ليعلن أنه ملحد، متعرضا، أثناء حديثه للبيت النبوي الشريف تعرّضا غير كريم.. وهذا الموقف، من هذا الطالب، إنما كان موقفا فرديا، ربما ساهمت فيه السيدة سعاد الفاتح نفسها وذلك بما بدر منها من استفزاز حكته عنها جريدة (الميثاق) الناطقة بلسان (جبهة الميثاق الإسلامي)، في عددها بتاريخ 14/11/1965، حيث قالت على لسان رئيس إتحاد طلاب معهد المعلمين العالي: (لقد حضرت الجزء الأخير من الندوة، وتعرضت السيدة سعاد الفاتح الى موقف الشيوعيات، ووصفتهن بعدم الجرأة في إبدأ موقفهن بصراحة، وفي غير تردد، ويبدو أن هذا الحديث قد أثار الطالب شوقي الذي وقف فقال أنا شيوعي ملحد)!! هذا ما أدلى به رئيس اتحاد معهد المعلمين.
    فما كان من الأخوان المسلمين الاّ أن خرجوا، عقب ذلك، في مظاهرات معبأة، ومنظمة، ومسلحة بالعصي، وفروع الشجر، ليصعّدوا هذا الحادث الفردي، حتى يصنعوا منه عملا موجها ضد الحزب الشيوعي، مصورين ذلك الحادث على أنه عمل منظم قصد منه الشيوعيون النيل من الإسلام!! والحادث وما أحاط به ملابسات، لو أخذ في إطاره الموضوعي، ما كان يمكن أن يؤدي الى الإضطرابات، والأزمات السياسية التي أعقبته.. فقد كان يمكن أن تقف آثار الحادث عند حد تقديم الطالب الى المحاكمة لينال جزاءه وفق القانون.
    وعلى الرغم من أن تقرير الطبيب قد أكد أن الطالب إنما كان يعاني من إختلال في قواه العقلية، وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي قد نفى إنتساب الطالب الى عضويته، اتجه الأخوان المسلمون الى تصعيد الحادث، بكل سبيل، ليؤدي الى حل الحزب الشيوعي بغض النظر عن ذلك الحادث!! فقد جاء في بيانهم الذي اصدروه حول الحادثة على لسان جريدة (الميثاق) بتاريخ 14/11/1965 قولهم: (إن حل الحزب الشيوعي المقيم في السودان هو هدف رئيسي ودائم من أهدافنا وليس مقيدا بالأزمة الراهنة




    أسلوب الإثارة والمظاهرات
    وأتجه تنظيم الإخوان المسلمين الى تحريك الطلاب، ومن ورائهم عامة المواطنين، عن طريق إثارة العاطفة الدينية، للخروج في مظاهرات تطالب بحل الحزب الشيوعي.. وعن هذه المظاهرات تقول جريدة (الميثاق) في عددها بتاريخ 14/11/1965: (طلاب العاصمة يخرجون في مظاهرات صاخبة تحمل المصاحف!! حل الحزب الشيوعي واجب أساسي وسريع لتأمين الجبهة الوطنية)!! وأصدر الأخوان المسلمون منشورا يتجه، اتجاها واضحا، الى التحريض على الفتنة تحت هذا العنوان المثير: (يا أتباع محمد دافعوا عن رسولكم)!! وقد نشرته (جريدة الميثاق) بتاريخ 14/11/1965، وجاء فيه (أصدرت جبهة الميثاق البيان التالي صباح الجمعة ووزعت منه كميات كبيرة في كل مساجد العاصمة عقب صلاة الجمعة: لقد سقط القناع عن وجه الشيوعيين الكالح فجاهروا بالكفر بمكبرات الصوت، وعلى مسامع المسلمين....) وهكذا إتجه الأخوان المسلمين الى تحريض جمهور المساجد على الفتنة، بإثارة عاطفته الدينية، والإيحاء له بأن عليه أن يعمل لحماية عقيدته المهددة بالخطر الشيوعي!! وذلك عن طريق الخطب، والمنشورات، والضغط على الجمعية التأسيسية حتى يتم حل الحزب الشيوعي!! ومع ذلك يدّعي الأخوان المسلمون أن حل الحزب الشيوعي كان مطلبا جماهيريا!! وبعد التعبئة العامة التي اشتركت فيها، الى جانب الأخوان المسلمين، الأحزاب الطائفية، قام عدد كبير من جماهيرها المعبئة، خصوصا من طائفة الأنصار والأخوان المسلمين، بمحاصرة الجمعية التأسيسية، بصورة غوغائية كان الغرض منها ارهاب النواب ليصوتوا الى جانب حل الحزب الشيوعي.
    حل الحزب الشيوعي والجمعية التأسيسية

    في جلسة الجمعية التأسيسية بتاريخ 15/11/1965 قدم اقتراح من ستة من النواب هم: الطيب جدّو، عبدالرحمن أحمد عديل، عبدالقادر أوكير، مضوي محمد أحمد، محمد كرار كجر، ومحمد يوسف محمد بتكليف الحكومة بالتقدم بمشروع قانون حل الحزب الشيوعي. وقد عقّب السيد رئيس الجمعية على الإقتراح بقوله: (وحسب علمي فإن هذا الإقتراح الذي نحن بصدده اقتراح دستوري وأود أن أؤكد بأنه في حالة عمل الحكومة


    بهذا الإقتراح فإنه من الممكن اللجوء الى الهيئة القضائية فإذا رات أنه غير دستوري فسوف يصبح الإقتراح لاغيا)!! وتحدّث في تلك الجلسة الدكتور حسن الترابي مؤيدا الإقتراح بقوله (يحلو للشيوعيين أن يفسروا الظواهر بأنها مؤامرات حتى ولو كان أحدهم جالسا تحت شجرة وبال عليه الطير لقال أن الأمريكان وراء ذلك الطير)!! ونحن نعتذر للقاريء عن إيراد هذا التعبير النابي، الذي اردنا بإثباته هنا على زعيم الأخوان المسلمين أن ندّلل على مبلغ ما عند هذا التنظيم من أدب الدين!! فهذا التعبير يرد من دكتور في القانون، وزعيم لقبيل يدّعي العمل في مجال الدعوة الإسلامية، أمام جمعية تأسيسية منوط بها أمر التشريع، ووضع الدستور!!
    ومضى الترابي يقول: (اننا لا نطالب بحل الحزب الشيوعي لأن طالبا قد قال ما قال وصحيح أنه أشعل تلك العاطفة الجامحة ولكن الناس قد خرجوا على اختلاف ميولهم الحزبية كأفراد وموظفين ومثلما خرجوا في الحادي والعشرين من أكتوبر)!! أنظر كيف يقارن الدكتور الترابي خروج الناس في ثورة أكتوبر بخروج الأنصار والأخوان المسلمين والمضللين في مظاهرات حل الحزب الشيوعي!!
    وفاز الإقتراح، بالطبع!! فالمؤامرة كان قد أعد لها المسرح، تماما!!
    وفي جلسة الجمعية التأسيسية بتاريخ 22/11/1965 قدّم مشروع قانون التعديل.. ونصه: (تعدّل المادة 5 من دستور السودان المؤقت (المعدّل سنة 1964) على الوجه التالي: يضاف الحكم الشرطي الآتي في آخر البند (2) من المادة 5: - (على أنه لا يجوز لأي شخص أن يروّج أو يسعى لترويج الشيوعية سواء كانت محلية أو دولية أو يروّج أو يسعى لترويج الإلحاد أو عدم الإعتقاد في الأديان السماوية أو يعمل أو يسعى للعمل عن طريق استعمال القوة أو الإرهاب أو بأي وسيلة غير مشروعة لقلب نظام الحكم)
    يضاف البند الجديد الآتي بعد البند (2) من المادة 5: ("3" كل منظمة تنطوي أهدافها أو وسائلها على مخالفة الحكم الشرطي الوارد في ذيل الفقرة (2) تعتبر منظمة غير مشروعة وللجمعية التأسيسية أن تصدر أي تشريع تراه لازما لتنفيذ أحكام ذلك النص)
    وفي جلسة الجمعية التأسيسية رقم 34 بتاريخ 8/12/1965 أجيز مشروع قانون التعديل بالأغلبية.. وكان ممّن عارضه في تلك الجلسة السيد كمال الدين عباس الذي قال: (إن هذا التعديل الذي يقضي بطرد النوّاب إنما هو طعنة نجلاء للنظام الديمقراطي فالدساتير لم تقم لحماية الأغلبية من الأقلية وإنما قامت وتقوم لحماية الأقلية من تغوّل الأغلبية) وقال (إن دوائر الخريجين قد أقيمت لكي تمكن فئة من أبناء هذا الشعب من الإشتراك في تمثيل إرادة الشعب وهذه الفئة تمتاز بالثقافة على بقية قطاعات الشعب وهم أصحاب العقل المستنير والرؤوس المفكرة..)




    وفي جلسة للجمعية التأسيسية بتاريخ 16/12/1965 قدّم الدكتور الترابي اقتراحا يقول (أرجو أن اقترح انه من رأي هذه الجمعية أن: 1- تقرّر أنه بحكم الدستور والقانون قد سقطت العضوية من السادة: حسن الطاهر زروق، عزالدين علي عامر، محمد ابراهيم نقد، عمر مصطفى المكي، الرشيد نايل، عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة، الطاهر عبدالباسط، جوزيف قرنق.
    2- وان تكلّف رئيسها بحفظ النظام في الجلسات بابعاد أولئك الأفراد.) ورفعت الجلسة، وقد اتخذ قرار اسقاط عضوية النواب الشيوعيين الثمانية من الجمعية التأسيسية!!
    الأزمة الدستورية
    ورفع النواب الشيوعيون المبعدون قضية دستورية لدى المحكمة العليا ضد تعديل الدستور، وكل ما ترتب عليه من آثار... فحكمت تلك المحكمة بعدم دستورية ذلك التعديل. وقد جاء في قرار المحكمة (مجلة الأحكام القضائية 1968 صفحة 10) ما يلي: جوزيف قرنق وآخرون ضد مجلس السيادة وآخرين م ع/ت م/93 /1965
    يقول السيد صلاح الدين حسن قاضي المحكمة العليا: (فإذا قبلنا زعم محامي المدّعي عليه بامكان تعديل هذا الدستور المؤقت بدون أي قيود، كما تعدّل القوانين العادية، فإن ذلك ينتهك النظرية الأساسية للدساتير المكتوبة باعتبارها قوانين عليا وأساسية، كما يقول البند (3). كما أن ذلك الزعم ينتهك الضوابط والضمانات للحقوق الأساسية. هذا بالإضافة الى أننا سنحصل على نتائج غريبة جدا. فمثلا وحسب نص البند (55) فإن 2/5 أعضاء الجمعية التأسيسية يشكلون النصاب القانوني، وهذا يعني 93 عضوا فقط. وهكذا، فيمكن لأغلبية النصاب القانوني والتي قد تكون 98 عضو فقط أن تمحو الفصل الثاني تماما، وهو الفصل المتعلّق بالحقوق الأساسية، كما يمكنها أن تزيل الهيئة القضائية. وهكذا فإن هذه الفكرة تهدم أساس الدساتير المكتوبة).
    هكذا كان رأي المحكمة العليا... غير أن السيد الصادق المهدي، رئيس الوزراء، آنذاك، أعلن: (إن الحكومة غير ملزمة بأن تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية) – الرأي العام يوم 13/1/1967. وهكذا تعرّض القضاء السوداني على يدي الصادق المهدي لما لم يتعرّض له، حتى في عهد الإستعمار من تحقير – وذلك بإعتبار أحكامه أحكاما تقريرية غير ملزمة التنفيذ. ونشأت بذلك الأزمة الدستورية، وأصدر الدكتور


    الترابي كتابه (أضواء على المشكلة الدستورية) في الدفاع عن قرار الجمعية التأسيسية. وقد صدر، في الرد عليه، كتاب (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: (1) الثقافة الغربية (2) الإسلام) للأستاذ محمود محمد طه وقد جاء فيه، تحت عنوان (عقلية الترابي) صفحة 8: (ومفتاح عقلية الدكتور الترابي ومفتاح ثقافته، في هذا الباب، يمكن أن يلتمس في فقرات كثيرات من كتابه هذا الغريب، ولكننا نرشح هنا لهذا الغرض قوله من صفحة 16 ((وليس في متن الدستور ولا في مبادئ التفسير بالطبع ما يعول عليه للتفريق بين نص ونص على أساس أن هذا قابل للتعديل والآخر غير قابل، ولا ما يسند الزعم بأن لفصل الحقوق الأساسية خاصية تميزه في هذا الصدد عن سائر الفصول، فكلها تستوي في قوة مفعولها، وأيما قانوني تعلل بمجرد الأهمية النسبية لهذا الفصل أو ذاك في تقديره الشخصي، فإنما هو متكلف لا شاهد له من الدستور، ومغالط لا حجة له من القانون، ومعتبط يتجنى على القانون. ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فصل الحريات من أضعفها لأنه يخضع للتشريع)) ) وجاء في الرد على هذه العبارات من كتاب الأستاذ محمود صفحة 13، وصفحة 14 ما يلي: (وإنما قام نظام الحكم الديمقراطي ليجعل كل هذه الحقوق الأساسية مكفولة، والدستور الذي هو لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي: هو القانون الأساسي، وهو إنما سمي قانونا أساسيا لأنه ينصص على هذه الحقوق الأساسية، وإنما سميت الهيئة التي تضع الدستور جمعية تأسيسية لأنها تضع القانون الأساسي، وواضح أن الحقوق الأساسية إنما سميت حقوقا أساسية لأنها تولد مع الإنسان .. الحياة والحرية، هي حقوق لأنها لا تمنح ولا تسلب في شرعة العدل .. وهي أساسية لأنها كالغذاء وكالهواء والماء .. ويمكن إذن أن يقال أن الدستور هو (حق حرية الرأي) وأن كل مواد الدستور الأخرى، بل وكل مواد القانون، موجودة في هذه العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة) ويمضي الأستاذ محمود ليقول (ولو كان الدكتور الترابي قد نفذ إلى لباب الثقافة الغربية لعلم أن المادة 5 (2) من دستور السودان المؤقت غير قابلة للتعديل . وهذه المادة تقول "لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون" وهي غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور، التي إنما يكون عليها التفريع .. وهي الدستور، فإذا عدلت تعديلا يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير عن الرأي فان الدستور قد تقوض تقوضا تاما .. ولا يستقيم بعد ذلك الحديث عن الحكم الديمقراطي إلا على أساس الديمقراطية المزيفة .. وهي ما يبدو أن الدكتور الترابي قد تورط في تضليلها). .
    وجاء في صفحة 27 من كتاب الأستاذ محمود (الشيوعية مذهبية زائفة في جوهرها، ولكن لها بريقاً خلاباً - وهي لا تحارب إلا بالفكر الإسلامي الواعي - وهو في السودان موجود . ولكن حل الحزب الشيوعي يحرم الفكر الإسلامي الواعي من فرصة مواجهة الشيوعية لتخليص الناس من شرورها .
    و الشيوعية تشكل خطراً على البلاد ويزيد من خطر الشيوعية وجود الطائفية .. والحق أن الخطر الماثل على البلاد إنما هو من الطائفية، ومحاربة الشيوعية بهذه الصورة الزرية يصرف الناس عن خطر ماثل إلى خطر بعيد . فلمحاربة الشيوعية حاربوا الطائفية.
    و تزييف الطائفية للدين قد أيأس شبابنا من الدين، وجعلهم يلتمسون حلول مشاكل بلادهم في مذهبيات أخرى، وعلى رأسها الشيوعية، فالطائفية مسئولة مسئولية غير مباشرة، ولكنها مسئولية فعالة، عن نشر الشيوعية، والترابي وقبيله سمحوا لأنفسهم أن يكونوا ذيلاً للطائفية، فهم يحاربون الشيوعية باللسان وينشرونها بالفعل. إن مثلهم مع الشيوعية، ومع هذه البلاد، مثل الصديق الجاهل، الذي يريد أن ينفع فيضر)
    وهكذا كانت معارضتنا لحل الحزب الشيوعي، لا دفاعا عن الشيوعية بقدر ما كان دفاعا عن الديمقراطية حتى لا يقع عليها التزييف باسم حماية العقيدة الدينية، مما له أبلغ الضرر بالتربية السياسية لهذا الشعب. وقد بينا رأينا في الماركسية في العديد من كتبنا ومنشوراتنا وأحاديثنا... من حيث الأخطاء الأساسية في النظرية، وما القته من ظلال على التطبيق ... ككتاب (الماركسية في الميزان) وكتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) وكتاب (مشكلة الشرق الأوسط) وكتاب (التحدي الذي يواجه العرب)...
    الخاتمة

    لقد رأينا، بعد الفراغ من طباعة مقدمة هذا الجزء الثاني من كتابنا، التوّسع قليلا في الفصل الأخير منه، رغبة منّا في مزيد من توثيق المعلومات، وتأكيد الدلائل... فوجدنا أن هذا التوّسع الضروري سيزيد من حجم هذا الجزء الثاني بحيث يصعب إعداده فنيا... فأضطررنا ذلك الى أن نخرج كتابنا في ثلاثة أجزاء، بدلا من جزأين، كما كان وعدنا للقراء.. فوقع سائر حديثنا عن موقف (الأخوان المسلمين) من ثورة (مايو) في الجزء الثالث، وأكتفينا، في هذا الجزء الثاني، بتاريخهم السياسي في مصر، وبطرف من


    تاريخهم السياسي في السودان، فيما قبل ثورة (مايو).. ولذلك فإن أي إشارة الى مواقفهم السياسية فيما بعد ذلك، وردت في مقدمة هذا الجزء الثاني، على أساس أنها سترد في الجزء الثالث.. ولسوف يخرج الجزء الثالث والأخير من كتابنا، والذي يكاد الآن يكون في حكم المعد، بعد أيام، إن شاء الله، ولذلك لزمنا لقرائنا الإعتذار.. وما دفعنا الى التوّسع في مادة هذا الكتاب الاّ الرغبة الأصيلة، عندنا، في مزيد من توثيق المعلومات وتأكيد الدلائل، حتى لا نأخذ هذا التنظيم بالشبهة التي لا تقوم على سند، كما يتوّرط خصومنا الفكريون في خصومتهم لنا.. فأمرنا، كله، وحتى ونحن نواجه ألد الخصام، وأفجره، إنما هو دين، يتأدب بأدب الدين، ويتخلّق بخلق الدين... فلا يحيد عن تحرّي الصدق قيد أنملة.. هذا هو جهدنا الجهيد..
    هذا.. وعنوان هذا الكتاب هو (هؤلاء هم الأخوان المسلمون)... ولكنا رأينا، بعد صدور الجزء الأول منه، والذي يختص بتنظيم (الأخوان المسلمين) في مجال الفكرة، أن نبرز موضوع الجزء الثاني، وموضوع الجزء الثالث من الكتاب كعنوان للجزء، يعبّر عن محتوياته، تحت العنوان الأساسي للكتاب... ويلاحظ القاريء أن هذا الجزء قد تميّز بالحديث عن تاريخ (الأخوان المسلمين) في السعي الى السلطة في مصر، وفي السودان ... كما سيتميّز الجزء الثالث بتخليل موقف الأخوان المسلمين السياسي الراهن....
    وعند الله، وحده، نلتمس تسديد النية، وتخليص العمل لوجهه الكريم..

    الأخولن الحمهوريون
    أم درمان ص ب 1151
    تلفون 56912

    (عدل بواسطة امبدويات on 11-03-2013, 08:39 PM)
    (عدل بواسطة امبدويات on 11-03-2013, 08:46 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de