رَفَعَت فاطنة تنورتها بسرعة وغضب، حتى السرة، وأنزلت سروالها، وصاحت (هنا..هنا..هنا)!!.. نظرنَ لها حيث أشارت، وقلن لها: يلا طَلِّعي لينا واحد هسِّي.. نظرت لفرجها الصغير، وقالت: أطلَعْ.. يا وَلَد أطلَع..
غمزن ساخرات منها، فقالت بصلف: نائم، هسِّي نائم..، ووضعت إصبعها على فمها، كي يَصمُتنَ، ولا يزعجن الإبن النائم في بطنها (وللحقّ، أحست بالحرج، لأن ابنها لم يسمع كلامها، ولكنها انزعجت، فقد يكون مريض. ولكنها ارتاحت لإجابتها بأنه نائم)!.
جرت هذه الوقائع تحت شباك غرفتي، ولو قُدِّر لإطار كارُّو عشَّة أن ينفَجِرَ عند عَتَبَةِ الباب الكبير، فلن تسمعه، مع ضجة بتول وسعاد وآمنة وبطة وفاطنة وأحمد.
أحمد لم يكن يسمع شيء، وهو في قلب هذه المعمعة، فالسمع شأنٌ ذاتي، كان منكباً في الأرض، يسمع صوت أمواجه، وقد قسَّم الورقة بخطٍّ متموج، وظلله بالأزرق، ثم رسم قارب يتمرحج وفوقه رقم 8، والذي، سريعاً، ما تحول لشراع، ثم رسم طائرة فوق السماء، ورسم الشمس!! بين الطائرة والأرض.
بتول ترد بالإيجاب بتحريك رأسها، فقد كانت مشغولة بصنع دولاب من علبة صابون لوكس. قال أحمد (أنا وِلِدنِي ######).. وظل يردد (###### .. ######.. ######) وأنهى خطبته (هَوْ.هَوْهَوْ..هَوْوْوووووو) هُوَ يحاول عضّ بتول مكشراً عن فمٍ يخلو من ستّ أسنان، تلاتة فوق، وتلاتة تحت (وهي تجري منه صائحة.. جر..جر..جر)، ثم رجع يرسم وهو منحنٍ على الورقة. (ولدوك من وين؟). سئلت فاطنة.
أشارت سعاد لفمها وهي تفتحه لأقصى حد، حتى ظهر لسان المزمار وهو يرقص. هذا ما أغضب فاطنة، كي ترفع تنورتها، وتنزل سرولها، وهي تصيح، (هنا هنا، ولدوني من هنا). أحمد يلقي نظرة على فاطنة، ثم يواصل الرسم.
أما سعاد، فقالت أنها، لم تولد أصلاً، بل كانت هكذا من أمس (وأمس تعني كل الماضي، ما تتخيله، وما لا تتخيله).
***
صرخت سعاد: (42) (لا ...39 بلاطة)، ردَّت عليها بتول.. ثم بدأن في عد البلاط وهن يشرن بأرجلهن، ويقفزن من بلاطة لأخرى. **** وقعت علبة الصلصة (الحلة)، من يد بطة، انخلع الجميع، ماعدا أحمد، صوت الأمواج في خياله كان أعلى "ما أحلى الاستغراق"..
ذَهَبَت فاطنة للحمام للتبول، حين رفعت السروال كانت تتبول ببطء، كي لا يسقط الطفل الصغير من بطنها، كي تفاجئ صويحباتها، بل تمنت أن تلد بالون ملون، كي تخرج سعيدة وهي تصرخ (ولدت بالون بالون). ولكن خرج بول فقط، بلون زيت السمسم. نظرت له متحسِّرة، وهي تمصمص شفتيها.. (لسه نائم ياربي).
تذكر أحمد تلك الربوة الجميلة حين أنزلت فاطنة سروالها، فأنزل سرواله. ولم يجد ربوة جميلة مثل فاطنة، بل فوجئ بعصبة تتدلى، مكرمشة، كبلحة عتيقة. صرخ باكياً: داير (زي فاطنة.. زي فاطنة..). جرى وشحمته تضرب ذات اليمين والشمال، مثل ذيل رُكِّبَ بالمقلوب. سئل فاطنة، وهو يشير لملتقي ساقيها: (لقيتي وين؟). فاطنة تفكر قليلاً، مع عصر حواجبها (اشتريتو من البقالة). بطة تدخل وبيدها خمسة صحون، وبها أطعمة دافئة، لا أدري كيف استطاعت (فلل الببسي والمريدنا)، أن تشبع بطة وضيوفها.
أحمد اختفى، لم يعتذر، أو يخبر أحد. *** (يابنات تعالو الفطور) هكذا صاحت حاجة سكينة من وراء الحجرات. (أحمد وينو؟) سئلت فاطنة. **** صاحب البقالة كاد أن يقع على قفاه من السِلعَة التي طلبها أحمد، وهو يمط سرواله، فيما هزت الخالة حلمية امام الطبلون رأسها (بس)، وتكورت خدود سارة وهي تحشر كريم نيفيا في حقيبتها اليدوية. **** تعجَّب صاحب البقالة من سارة وهي تمدّ له مفتاح الدولاب، بدلاً عن القروش..
***
فصول من حكايات البيت السودانيي ناير 2009م
09-14-2013, 01:44 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
لله ما أجملك يا صاحب وأنت تضع لأرواحنا الظامئة ما ينبغي أن تنال من زلالٍ وما أجملك وأنت تعيد إلينا الأيام البضة التي كانت تتشابه في كل الأماكن ببلادنا الحبيبة رغم بعض الاختلافات الطفيفة في التفاصيل بالطبع مع تفاوت أيضاً في لملمة تفاصيلها (أيًّ تكن) مثلما تفعل أنت صاحبي
سلمت عطرا ولك الحب
و واصل
09-14-2013, 02:47 PM
محمد حيدر المشرف
محمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359
دعني اضحكك قليلا .. أول ما قرأت التزييل (ناير 2009) .. فكرت أن أحدهم ويدعى ناير هو كاتب هذا الكلام .. ثم وحاججت نفسي أن لا .. يبدو ان ناير هذا اسم مكان .. قبل ان انتبه أن المقصود - حتما - يناير 2009 !!
يا لل .. !!
09-14-2013, 02:57 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
يا مشرف يا اخي الياء لاقت أختها في (السوداني) وجككت جنبها أبت تب جهة (ناير) دا فكويس إنك باصرت ليها ياء تانية وإلا كان عضتك لو حاولت تنزلها من فوق هههههههههههههه
ثم يا اخي سلام
09-14-2013, 03:09 PM
محمد حيدر المشرف
محمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359
خذ هذه مثلاً: "فالسمع شأنٌ ذاتي" كيف قيلت باطمئنان على رغم تعارضها مع الشائع أن السمع ليس بالشأن الذاتي فهو الحاسة الوحيدة التي لا يمكننا إغلاقها تماماً فسيتسرب إليها الكلام وإن كنت تغلقها بماذا المهم أن السمع (لزوم هذه الحكاية) شأن ذاتي وفي أخرى قد يأتي كشأن عام وهكذا...
عجيب يا اخي
09-14-2013, 03:11 PM
مامون أحمد إبراهيم
مامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380
Quote: صاحب البقالة كاد أن يقع على قفاه من السِلعَة التي طلبها أحمد، وهو يمط سرواله، فيما هزت الخالة حلمية امام الطبلون رأسها (بس)، وتكورت خدود سارة وهي تحشر كريم نيفيا في حقيبتها اليدوية. **** تعجَّب صاحب البقالة من سارة وهي تمدّ له مفتاح الدولاب، بدلاً عن القروش.
الله عليك ياغني ! أظنني شهدت مولدها في تلك الغرفة الأثرية بأم غويلينا ! تذكر تلك الأيام ، لما كنت تطلق البخور على أجواء ذاك المكان الذي لا ينسى !
لكن شكلك أضفت عليها جزئية حليمة وسارة وصاحب الدكان ... ياخي والله قربت أموت من الضحك !
شكيتك على الغني يا عبد الغني !
ياخي مشتاقين
تحياتي لرحاب وآمنة ومحمود
09-14-2013, 07:59 PM
عبدالغني كرم الله
عبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323
والله ضحكت من جووووة قلبي الأحبة بلة والمشرف... من غلطة، سيدنا يناير..... والجيلاني السابق الياء، ياربي (ي)، ناير دي ولي؟... عشان كدة سبق الشهور.؟ هاهاها ربما.. ولاحظ هناك "الف" لاتنطق يا ناير.. يعني...
هاهاهاها..
سأرجع بمهلة، هل تصدقوا الماء قاطعة عندنا في الازهري، وهسي جنبا تنكر، والنساء والاطفال الشايل جردل، والشايل صبارة، بل والشايل قزازة.... بعد حكم ربع قرن؟ ماو تسونغ، خلق بلد قوى في أقل من ذلك...
المحبة الزااايدة... لأحمد مشى وين؟..
09-15-2013, 09:34 PM
مامون أحمد إبراهيم
مامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380
بلاد تهوي للقاع... بعد حكم ربع قرن، هيمنة مطلق على البلاد، وماذا جنيننا؟ اقتصاد منهااااااااااااار، وحروب في الاقاليم كلها، وفقر مدقع، وفشل في كل نواحي الحياة، التعليم الصحىة، السياحة، الامن، الصناعة، الزراع... الخ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة