الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote: نعم أخي أبوجودة يحتاج تاريخ تلك المرحلة إلى المزيد من التدقيق والغربلة :
وقد ذكرت بعض الروايات أن الخليفة عبدالله التعايشي أرسل رسالة يدعو فيها الملكة فكتوريا إلى الإسلام. كما راجت شائعة غير مؤكدة أنه كان ينتوي تزويج تلك الملكة ليونس الدكيم، غير أن روايات أخرى ذكرت أن الخليفة ودتورشين كان يريد الزواج هو نفسه من هذه الملكة الثرية المكتنزة ذهباً وفضة، والمكتنزة شحماً ولحماً وأنوثة معّتقة وقد تجاوزت –وقتها- وتخطت عتبة الستين. ثم بعد أن تنال البركة، وربما الولد، يطلقها ويسرحها لتتزوج وتعيش في كنف الأمير يونس الدكيم – إن قبل هذا الأخير بالطبع- لتقضي معه ما تبقى من عمره وعمرها.
وقيل أن الخليفة كتب لها رسالة مختصرة ثم تلفت يميناً ويساراً لعله يجد هدهداً يضع في منقاره تلك الرسالة ليحملها للملكة فكتوريا ويبلغها ذلك النبأ العظيم، بأمل أن تأتيه الملكة راضية مرضية تماماً كما أتت ملكة سبأ (بلقيس) إلى قصر سليمان وسارت فوق ذلك الصرح المرمري الشفاف وكشفت عن ساقيها الجميلتين. --------- شكراً أخي أبوجودة على مقالكم الجميل، وعلى اللغة المغزولة كالحرير. |
مرحباً أخي الصادق عبدالله ووافر تقديري لك، على "قَشـة" إطلالة فرايحية، ليس بالطبع من فرايحية حكاية "العرس" الضـ حـك الفار! كما تقول نكاتنا في من يقبل على "عرس" سيما ...! وأنه عرسٌ إمبريالي في بــ"ز" ــخه! لكن الفرايحية في كونك، شددت من أزر "تفاكيري" وحللتَ، تكاد، عُقدةً من لساني يـــ"ــفقهوا" لقولي! وال"ز"ــي أرجو عرضه (أو) استعراضه كما كان يفعل الخليفة عبدالله التعايشي، في العَرْضة، ليس نكأ للجراح! بقدرما هو "تــ"ز"ــكرة تحريرية وَ جديدة! بعد أن طاحتْ، أو أوشكت أن تطيح "أخرى مليونية"
سأعود لك ..
مع تــ"ز"ــكاراتي، حول مسارح مهدوية، كُنا نبتهج لشخوصها ومثولها فينا ونحنُ بعد، صبية في الابتدائي منتصف السبعينات! وما نزال نـ"ز"ــكر "الياس أم برير، وَ "محمد سعيد جُراب الفول، والزاكي طمل، وحمدان أبوعنجة وهلمــجرا ..
اعــ"ز"رني على افتقاد الــ زال!!
ودمتَ
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote: فأصدر المهدي منشوراً في يناير1883 يخاطبهم فيه بقوله: اعلموا أيها الأحباب أن الخليفة عبد الله، خليفة الصديق المقلد بقلائد الصدق والتصديق، فهو خليفة الخلفاء، وأمير جيوش المهدية المشار إليه في . الحضرة النبوية فذلك عبد الله بن محمد، حمدَ اللهُ عاقبته في الدارين، فحيث علمتم أن الخليفة عبد الله هو مني وأنا منه وقد أشار سيد الوجود، فتأدبوا معه كتأدبكم معي، وسلموا إليه ظاهراً وباطناً، كتسليمكم لي وصدقوه في قوله، ولا تتهموه في فعله، فجميع ما يفعله بأمر من النبي ، أو بإذن منّا. فحيث فهمتهم ذلك، فالتكلُّم في حقه يورث الوبال والخذلان وسلب الإيمان، واعلموا أن جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصواب لأنه أوتيَ الحكمة وفصل الخطاب". |
وانا اقول نحن فى الظلام ليييييييه ..؟؟؟!!
الحكاية متأصله ولها جذور عميقه يا زول ..
سلام اخى ابوجودة يا سمح ...
| |

|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
وعليكم السلاااام عزيزي عبداللطيف، كتبتَ:
Quote: وانا اقول نحن فى الظلام ليييييييه ..؟؟؟!!
الحكاية متأصله ولها جذور عميقه يا زول .. |
كلامك صحيح في تساؤلك الاستنكاري لمادا نحن في الظلام ..! الحقيقة الظلام يعمنا سَلَف على خَلَف! والأعجب، أنه تغميق الظلام بأيدينا- بالأحرى بأيدي المتحكمين فينا بالشهَوان! واللـهو "الطغوان" -
ألم تستبد بك الدعاوى الــ"ضُل دومية" الكتيرة الشاسعة - دون أن تكون ماتعة!- نازلة علينا من كُبرائنا الدين أضلونا السبيلا ..!؟
شكراً لمرورك، ومرحبابك دوما
---
أهلاً بالأخ/ أحمد سعيد:
Quote: قبل ما تكلمنا عن معاناة عبد الله التعايشي ما بين كرري وام دبيكرات ... ارجو ان تكلمنا عن معاناة كافة الشعب السوداني ما بين وفاة محمد احمد المعروف بالمهدي وحتى معركة كرري التي انهت تلك المعاناة والعذاب . من الاشياء المدهشة ان التاريخ اعاد نفسه فبدلا من عبد الله التعايشي اصبح الترابي والبشير ... ولكنهم واحد في الدجل والشعوذة ( فأصدر المهدي منشوراً في يناير1883 يخاطبهم فيه بقوله: اعلموا أيها الأحباب أن الخليفة عبد الله، خليفة الصديق المقلد بقلائد الصدق والتصديق، فهو خليفة الخلفاء، وأمير جيوش المهدية المشار إليه في . الحضرة النبوية فذلك عبد الله بن محمد، حمدَ اللهُ عاقبته في الدارين، فحيث علمتم أن الخليفة عبد الله هو مني وأنا منه وقد أشار سيد الوجود، فتأدبوا معه كتأدبكم معي، وسلموا إليه ظاهراً وباطناً، كتسليمكم لي وصدقوه في قوله، ولا تتهموه في فعله، فجميع ما يفعله بأمر من النبي ، أو بإذن منّا. فحيث فهمتهم ذلك، فالتكلُّم في حقه يورث الوبال والخذلان وسلب الإيمان، واعلموا أن جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصواب لأنه أوتيَ الحكمة وفصل الخطاب".) |
يا أخي أحمد، المعاناة حاصلة، ولكن: لا يأس مع الحياة، كما لا حياة مع اليأس..
ووجهة نظرك في تماثل الشخوص وتمايزها، معقولة طالما استمرت (أو استدامتْ استدامةً!!!) المعاناة س!
أهلاً بالأخ/ محمد الزاهد
Quote: روي حكاياته مع كل من الزعيم المُحارب الزبير باشا رحَمة، والذي لمّا أنْ تعدّدت انتصاراته في غرب السودان، تلقّاه عبدالله برؤياه: أن الزبير هو المهدي المُنتَظَر..! لم يأبه الزبير، فصرفه عابساً".
ما هذا التزوير في التاريخ يا محمد أبو جودة !!! أولاً: الخليفة عبد الله التعايشي والنخاس الزبير باشا عاشا في حقبتين مختلفتين، ثانياً: منع الخليفة تجارة الرقيق في عهده، ثالثاً النخاس الزبير باشا لم يكن رجلاً ذو شأن، بل كان رجلاً رخيصاً، ########اً وحقيراً مما حدى بالسلطة الخديوية أستغلاله في تجارة الرقيق كوكيل عنها لسحل وإهانة مواطنيه. خامساً: لو عاش الزبير باشا في عهد الخليفة بأنتهازيته وخصاله الزميمة لحكي التاريخ عن تبرزه أو تبوله في ملابسه .. أوليس جماعة الزبير باشا من قالوا : يابا النقس يا أنجليز ألفونا.
قال لم يأبه الزبير، فصرفه عابساً قال ... يا أخي خليك رجل موضوعي |
عبثك بديع في حُرقتك! وأرجو أن تراجع معلوماتك، حتى يكون للحوار معنى؛ وقد قيل: كدبة المنبر بلقاء!! ولن يهون عليك (ولا علي) أن تتم مؤاخدتك بأخطاء "غير منبرية"؛ فإن كان عندك، ما تجود به، والجود من الموجود، فهات.
مع التحايا
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
الحبيب ابو جودة ..
سلام من الله عليك
سيرة خليفة المنتصر نزلت برداً وسلاماً على تاريخ السودان إيذاناً بقيام وتأسيس دولة تقوم على هدى من دين وقيم تستمد من الاسلام .. وتسود فى بلادنا ذات النزعة البدوية التاريخ الشفاهى فى التوثيق لكل حقبنا السياسي منها والثقافى والدينى حتى والاجتماعى فالخليفة ود تور شين يمثل حقبة حكم سودانى بكل مكونات السودان الثقافية والاجتماعية وحتى ( التدينية ) .. فليس من العدل فى قراءة تاريخ المهدية النظر الى فترة سنوات الخليفة عبد الله بمعزل عن الاتى : الظروف الفكرية والسياسية داخل السودان الظروف الاقليمية الواقع الاستعمارى الدولى تركيــا الخلافة بريطانيا الاستعمارية وافول نجم الخلافة التركية واقتسام التركة فالمنتصر هو من كتب تاريخ الثورة المهدية تزييفاً وإخفاءاً وتشويهاً لكل منتوجات ومخرجات المهدية السياسية والثقافية حتى الاجتماعية .. فالمهدية قد قدمت نموذج توحد وطنى يقوم على اس الدين دون نظر الى الاثنيات والعرقيات والكيانات الاجتماعية المهدية كانت ذات منهج واضح فى معاداة التدين المنقوص والشاطح عند متصوفة السودان المهدية قدمت نموذج الانسان الزاهد المتخفف من احمال واثقال الدنيا متمثلاً فى نموذج الانصارى المجاهد المهدية ليست هى الخليفة عبد الله ود تورشين تصويب السهام الى ود تورشين ليس موجهاً ضد شخصه بل الى رمزيته لمحاربة النهج الجهادى فى المهدية التى شكلت اولى حلقات البعث الاسلامى فى سودان العصر الحديث التغبيش الذى ساعد كثير من ال المهدى و ابناء واحفاد الانصار فى كررى هو الربط فى الذهنية السودانية بين الانصار والمهدية وبين حزب الامة الكيان السياسي الذى اختزل نموذج البعث المهدوى الى حزب سياسي يقوم فى مقابلة بقية الاحزاب السياسية
_____ ثم ليك الاشواق ونسكب الدمع مدراراً على شهداء كررى فقد قدموا وسعهم الذى طالبهم به القران ( ونختم بقول الامير يعقوب ود حلو حين حمي ا########س بلغوا سلامى لخليفة المتنصر وقولوا ليهو نتلاقى فى حضرة الرحمن )
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: بدر الدين اسحاق احمد)
|
سلام يا أبو جودة أولاً اسمح لي أن أبدي إعجابي بتعبيراتك ولغتك الرفيعة، وهي لغة أدب أكثر منها لغة تاريخ
ثانياً: الخليفة عبدالله التعايشي هو من بذر بذرة المشاكل التي نعيشها نحن حالياً والتي أدت الى الفرقة والتناحر بين الشعوب السودانية والجفوة أو الصدام التاريخي بين ولاد الغرب وولاد البحر أسس له الخليفة عبدالله بعنصريته وغباءه
التشبيه الذي أورده أحد الزملاء بين المهدية والإنقاذ تشبيه موفق جداً بالنسبة لي: كرري كانت خلاص لمن نجا من شعب السودان في ذلك الوقت (سجن سجن غرامة غرامة)
| |

|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
أهلاً بالأخ بدرالدين إسحاق
Quote: الحبيب ابو جودة ..
سلام من الله عليك
سيرة خليفة المنتصر نزلت برداً وسلاماً على تاريخ السودان إيذاناً بقيام وتأسيس دولة تقوم على هدى من دين وقيم تستمد من الاسلام .. |
الحبيب بدر، دي جُملة مفتاحية فخيمة! ولكن للأسف، لا تصدُق مع الواقع! ليس فقط واقع زمان المنتصر(!) بل حتى واقع اليوم، مُندَغم في عين الأسف.. هيَ إيذان بقيام، ولكن لم تتحرك كثيراً من مقام الإيذان إلى مقام العمل التأسيسي؛ إنها فخامة ياصديقي تترادف مع الشعار الفخيم: الدين منصور
Quote: وتسود فى بلادنا ذات النزعة البدوية التاريخ الشفاهى فى التوثيق لكل حقبنا السياسي منها والثقافى والدينى حتى والاجتماعى فالخليفة ود تور شين يمثل حقبة حكم سودانى بكل مكونات السودان الثقافية والاجتماعية وحتى ( التدينية ) .. |
باعتقادي، أن ليس هناك اختلاف في الطرح، بينما أس الاختلاف، في الأطروحة ونتائجها على الأرض.
Quote: فليس من العدل فى قراءة تاريخ المهدية النظر الى فترة سنوات الخليفة عبد الله بمعزل عن الاتى : الظروف الفكرية والسياسية داخل السودان الظروف الاقليمية الواقع الاستعمارى الدولى تركيــا الخلافة بريطانيا الاستعمارية وافول نجم الخلافة التركية واقتسام التركة فالمنتصر هو من كتب تاريخ الثورة المهدية تزييفاً وإخفاءاً وتشويهاً لكل منتوجات ومخرجات المهدية السياسية والثقافية حتى الاجتماعية .. فالمهدية قد قدمت نموذج توحد وطنى يقوم على اس الدين دون نظر الى الاثنيات والعرقيات والكيانات الاجتماعية |
نعم، لا بد لأي نظر في "مرحلة ما" أن يستصحب سياقاتها، ولكن، فالواقع أن النظر إلى الإثنية والجهوية بل والنزعة "المُحالفة" في الآيدلوجية، حاصلة ثم حاصلة! أعني هناك وهاهنا عندكم الآن الآن.
Quote: المهدية كانت ذات منهج واضح فى معاداة التدين المنقوص والشاطح عند متصوفة السودان المهدية قدمت نموذج الانسان الزاهد المتخفف من احمال واثقال الدنيا متمثلاً فى نموذج الانصارى المجاهد المهدية ليست هى الخليفة عبد الله ود تورشين |
المهدية، ياعزيزي، كانت وما تزال، مهدوية صوفية تركن للغيب والحَضْرات والتأله وتجيير ما تموضع قديماً من خَطْرات وكرامات وملامات؛ بل والمهدية، في اعتقادي، أكثرها ودتورشين، فما تقول؟؟
Quote: تصويب السهام الى ود تورشين ليس موجهاً ضد شخصه بل الى رمزيته لمحاربة النهج الجهادى فى المهدية التى شكلت اولى حلقات البعث الاسلامى فى سودان العصر الحديث التغبيش الذى ساعد كثير من ال المهدى و ابناء واحفاد الانصار فى كررى هو الربط فى الذهنية السودانية بين الانصار والمهدية وبين حزب الامة الكيان السياسي الذى اختزل نموذج البعث المهدوى الى حزب سياسي يقوم فى مقابلة بقية الاحزاب السياسية |
النهج الجهادي فرضته المهدية في سياق ممكن التفهم والتدوال حوله؛ وعندها سيظهر أن النقد الموجه لها، لم يُخطيء "كثيراً" عن مُستَهدَفاته
...
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
مرحباً بالأخ الأستاذ/الصادق عجبنا الهادي، ووافر إكباري لمداخلتك القوية، تقول:
Quote: الاستاذ ابو جودة: شكرا على السرد الجميل الذى يجبرك على القراءة رغم عن جفاف التاريخ و الحزن الذى خلفته معركة كررى: من المؤرخين الذين تحدثو بصدق عن كررى الشيخ بابكر بدرى والرائد عصمت زلفو: المعلومة التى يتحاشى الكثير من الناس ذكرها ان 15 الف الذين سقطو اغلبهم سقط بايدى سودانية . فقد كان جيش كتشنر بة كثير من السودانيين. بل ان ثباتهم فى الدفاع عن جيش كتشنر انقذ احد القادة الانجليز من التفاف جيش عثمان دقنة (غفر الله لهم لم يكون مفهوم الوطن الواحد موجود فى اذهان البعض). حتى القائد الفذ الذى اختار الموت الجميل مثل اى انتحارى يابانى الامير عبدالرحمن النجومى كان اهل القرى و هو فى طريقة الى مصر يدفنون الابار و يخفون الطعام اذا لم يكن هنالك جواسيس ينقلون أخبارة. العبرة من كررى هى : ما هو مفهوم الوطن و الوطنية فى السودان قد يكون قولى نابع من محبة فانا انصارى الهوى....( للحديث عن خليفة المهدى يجب الرجوع الى احد المصادر الجيدة و هى دراسة الدكتورة فيفيان ياجى) |
عزيزي الصادق، اتفق معك إجمالاً في توضيحك لجانب مُهم من العبرة من كرري: ما هو مفهوم الوطن والوطنية في السودان؛ وأعتقد أننا نحس أن هناك عبر واعتبارات كبيرة من الممكن التزود بها في درس وفهم وتحليل واستدراك ما فاتنا عن "موقعة كرري"، لكننا - للأسف - لا نرضى بالموضوعية! ويريد كل من الشركاء السودانيين أن يُجير "مناقب" كرري لحسابه! ويثبت "مثالبها" للمُنافس! ولكن بشكل عام، فإن هذا الإحساس "ولعله التوجَه Orientation" تتضاءل آثاره مع درس الزمن ودروسه! وببساطة، لم يكُن مُتَوَقعا، وإلى وقت قريب، أن يكون في "نسل أنصار المهدي وحَفَدة حَمَلَة راياته" مَنْ يتحمل الــ"هَبْشَة" في أنصاريتو.! أما الآن، فقد اتسعت العقول وتمهلت القُدرة على تحمل النقد. الشيخ بابكر بدري، كتب بأمانة وشجاعة نادرتين، لكن النسخة التي اطلعت عليها من مذكراته"تاريخ حياتي"، لم توصف كرري، وإنماوصفت أيام أمدرمان الثلاثة بعد الاستباحة وأثنائها. بالطبع، فما توفر في نسخة "مذكرات الشيخ بابكر بدري" مُفيد للغاية للاقتراب من التعرف على ذاك العهد الوطني الحماسي. كتاب "كرري" لمؤلفه الضابط عصمت زلفو، لم أطلع عليه حتى الآن، ولكنني قراتُ نتفا منه في كتابات آخرين، وبدا لي، أن حماس المؤلف "الضابط" لم يقل كثيراً عن حماس كثيرين كتبوا عن تلك الأيام، أو قصدوا فيها قريضا سارت به الركبان؛ وإن كنتُ غير قابل لقلة الحياد في السرد التاريخي، لكنني من المؤيدين لقبول " نشيد كرري" الوطني للدكتور عبدالواحد عبدالله: كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية؛ ذلك أن إلهام الشعر، بحر الشعر، مقاصد الشعر، تتيح الإفلات من "الحياد الأكاديمي البارد" وكدا، والله أعلم..! قرأتُ عن "فيفيان لي" الفرنساوية، وأتمنى أن أتلايم على كتابها عن الخليفةبعيون جديدة، أو كما أذكُر
أشكرك كتير، أيها الأخ الأنصاري (اسماً وَ ذاتاً ووصفاً،، بل واعترافاً جهيرا، في زمان تكأكأت فيه "رايات" النصْرَة!
لك التحايا والاحترام
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
مرحباً بالأخ العزيز/ بدرالدين بابكر مصطفى، وأشكرك على الإشادة بالمقال. كتبتَ:
Quote: ثانياً: الخليفة عبدالله التعايشي هو من بذر بذرة المشاكل التي نعيشها نحن حالياً والتي أدت الى الفرقة والتناحر بين الشعوب السودانية والجفوة أو الصدام التاريخي بين ولاد الغرب وولاد البحر أسس له الخليفة عبدالله بعنصريته وغباءه
التشبيه الذي أورده أحد الزملاء بين المهدية والإنقاذ تشبيه موفق جداً بالنسبة لي: كرري كانت خلاص لمن نجا من شعب السودان في ذلك الوقت (سجن سجن غرامة غرامة) |
وتعليقي: بالنسبة لتشابه المهدية والإنقاذ، أعتقد أن التشبيه وارد عند قطاعات إنقاذية! بل مرغوب ومعمول له بشدة! وذلك لأغراض كتيرة تتعدد، ليس أقلها النفَس الجهادي في الحالتين، والصدام "الفطير!!!" مع الكولونيالي الاستعماري - في حالة الأوائل- والإمبريالي الرأسمالي المعولم، عند الأواخر الإنقاذويين؛ ولو تذكر، فإن حكومة الإنقاذ، في النصف الأول من التسعينات، كانت قد قامت بتمجيد "شهداء أم دبيكرات" وعلى رأسهم الخليفة ودتورشين. بالطبع، فالتكريم والتهليل والتكبير بقامات وطنية مُستشهدة، كان يصب مدراراً في رفد "نهر" الاستشهاد الـ"كان" مرغوب مرقوب!
يا أخي بدرالدين، لا أتفق معك بأن الخليفة هو مَنْ بذر بذرة الشقاق بين السودانيين! وفي اعتقادي، الشي ده (وأعني الشقاق ) كان موجوداً وما يزال! ولكن ممكن أن أتقبل منك، أن الثورة المهدية "ككل" فشلت - ولها تبريراتها حسب السياق اللي نشأت فيه وتعاطت مع أعيانه من الأحداث والأحاديث - في تخفيض حدة الخلاف والشقاق السوداني، تلك الأيام. بطبيعة الحال، الشقاق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، هو شيمة أي مجتمع أو دولة ناشئة؛ أو على الأقل كتير من الدول في سياقات "زمَـ ــكانية" معينة. ل>لك تجهد الثورات في تغيير الحال "المائل" تحديداً. إن اقتنعت بهذا الكلام، فيبقى أن الخليفة، لم يبذر بذور الشقاق، بقدرماكانت "سُقياه" كحاكم غير مَرضي عنه! من قطاعات كتيرة، هي السُقيا الأكبر لشجرة الخلاف!*
ولك التحايا
----- * يُقال، أن شجرة الخلاف، كانت شجرة معروفة بسيقانها وأوراقها، قد مر علي دغل منها، أحد أمراء المؤمنين العباسيين (أعتقد أنه المنصور أو ابنه المهدي أو ابن ابنه هارون الرشيد)فسأل وزيره الربيع بن زياد، قائلاً: ما اسم هذه الشجرة يا ربيع ...؟ فرد الوزير >و البديهة الحاضرة: طاعةٌ يا أمير المؤمنين! (هذا الكلام درسناه في البلاغة، والتي ألف كتابها لوزارة التربية السودانية، أدباء ولغويين مصريين من أمثال قامات كعميد الأدب العربي: طه حسين، أحمد أمين، وعلى الجارم ربما..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
الأخ الأستاذ/ عبيد الطيب
أطيب التحايا، وشكراً على هذا التدفق الهتان ..، كتبتَ:
---
Quote: شكرا لهذه اللغة الرّاقية والنضرة التي تكتب بها وشكرا للعين الفاحصة والبصيرة بدقائق الإمور وقفت عند نسبك للخليفة للتوانسة ولقد سمعت شخصيا من فيه الشيخ الراحل الشريف محمد حماه الله التشيتي الموتاني ذلك حيث ذكر لي ان الخليفة من جهة الوالد مغاربي ثم وقفت عند توضيحك ان الخلاف الذي كان بين محمد أحمد بن عبد الله وشيخه الأول محمد شريف كان بسبب إدعاء الأول المهدية والشيخ أنكر ذلك وهذا هو الصحيح ولقد سمعناه من المعمرين الرواة الثقاة
وأهديك هذه المقطوعة وهي لمحمد ود علي النورابي الكباشي أيّام نكبة الجهدية وعبد الله ود تورشين للكبا بيش وقتلهم وسبي نساءهم وأخذ أموالهم ظُلما وجورا
"حال اهلنا في المهدية ؟أو الجهدية كما يُؤرِّخ لها أهلنا أيام نكبة ، ود تورشين للكبابيش ، عندما جرَّدهم حتّي "من الدّاغي والرّاغي" وبعد إن كان رَزِمي وحنين نوقهم مثل همهمات المُصلّين...... "هَبَروها الدُّغشْ حِسْ الحورَّن جَضَّا فاقرن حاشَتْ الآذان بعد ما إتوضّا أُم القمَّد ْ الحِيل وإنهمروإنهضّ رقَّ حِزامُو أصْبَح كيف سِوارالفضّة " وعندما كانت أجراس هوادجهم ،بعد أن توضع علي ظهور العِيس والأينق القُود، تعزف لحنا ، شجيَّا طرُوبا .... أو كما يصفها محمد ود علي ود الكسير، بعد أن جرده وأهله علي ود حِلو ويعقوب ود تورشين وأصبح يسكن بيتا من العشب لم تمتد له طُنبا.... "لا ضُقت الشَّقاوة ولا مشيت أقروبْ وكم شدَّيت معفَّي وكم علي الهايْلُوبْ وكم فرَّشت تويلي فوق جنا المَرقُوبْ ؤشولْنَا قلَّعُو ؤخنَّق طوال الرُّوبْ ؤبي سوقو ؤرحيلو بطَّل الشَّبشُوبْ ؤسَلَفنا إتعنَّد الهَبجِي ؤكسرْلُو حُدوبْ بَدُونا يومَة تِجيكْ كيف الدَّلُو المَكْرُوبْ ؤنعِيمْنَا جرَّدو ناس ود حِلُو وياقوبْ وطال الشُّوق علي الدَّامري اُم بنايا طُوب" اي بعد زمننا الذي كنّا نمتطي الأصائل من النجائب، ونضع علي أكوارها الفرا الفاخرة ، وبعد ان كانت هوادجنا، وهي علي ظهور العيس،تُحاكي مراكب البحار وشراعها،حتي أنّ قوافل رحليهنا، وهي مجتمعة كدلوِ البئر، عندما ينحدر من الرِّشا ، نحو العُمق ، لكن كل هذا النَّعيم ، أخده ظُلْما ، علي ودحُلُو ، ويعقوب أخُ الخليفة، حتي اصبحن نسْكُن، في بيوت العٌشب والطّوب وطال مكوسنا فيها. |
---
بوركت يا صديق، كأنما تاخد معك القارئ إلى حمرة الشيخ وحمرة الوز، وقد قيل "الوز عوام" .. عناد الخليفة مع الكبابيش ومحاولة قسرهم كغيرهم للقبول والإذعان، بما تُمليه الدولة الدينية! حسب وجهة نظره "براهو"! كان فادحاً .. بل أن هناك حروباً خاضها الخليفة مع "الحبشة" لأجل استرجاع الشيخ صالح الكباشي، وبعض الثائرين علي الخليفة من كثير من قبائل السودان تلك الأيام.
سعدت بقراءة نماتكم المعبرة، وليتك تعرفني أكثر بما جرى لتلك الحواضر "البدوية" في حَمرة الشيخ وحَمرة الوز ، وهل ما يزال الكبابيش في نماء ورخاء ...؟
لك التحايا الطيبة
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote:
ولو تذكر، فإن حكومة الإنقاذ، في النصف الأول من التسعينات، كانت قد قامت بتمجيد "شهداء أم دبيكرات" وعلى رأسهم الخليفة ودتورشين. بالطبع، فالتكريم والتهليل والتكبير بقامات وطنية مُستشهدة، كان يصب مدراراً في رفد "نهر" الاستشهاد الـ"كان" مرغوب مرقوب!
|
انا بتذكر .. نواحي العام 1990 ول اقوليك 89 ذاتو كان ما خانتني الذاكرة .. الانقاذ احيت ذكرى ام دبيكرات، في امدبيكرات - محافظة كوستي .. بعمل محكاة للموقعة، وحضرها عمر البشير همسلف دا كان اول مرة اشوف طلعتو الما بهية .. لايف! ودي من الحاجات البتخدش عميقاً في ذاكرة بكرة
ثم ازيك يا ابا جودة في كتابتك الجودة دايماً مضمونة
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote: انا بتذكر .. نواحي العام 1990 ول اقوليك 89 ذاتو كان ما خانتني الذاكرة .. الانقاذ احيت ذكرى ام دبيكرات، في امدبيكرات - محافظة كوستي .. بعمل محكاة للموقعة، وحضرها عمر البشير همسلف دا كان اول مرة اشوف طلعتو الما بهية .. لايف! ودي من الحاجات البتخدش عميقاً في ذاكرة بكرة |
مرحباً عزيزي قيقا 2 Muti ميغا
إزايك يا أبا الفتوح
عامل إيه ..؟ يا عملات المصريين!
شكرن حَضرتك على الدعم التذكاري، وهذا الســـو كونفيدانت
مع أني كنتُ حاسس أن ذاكرتك "خَربة" .. لكن يبدو أن النظرة إلى "مجلو" البهاء، قد فاءت عليك بالتذكر الممراع!
ودُمتَ
------ خارج السياق النضالي! شايفك عند الــ بحر! كأنما تقول: إن المصائب يجمعنَ المُصابينا ...! All above was just for Kidding .....! ha ha hahaaaa
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
الأخ عبدالله إدريس
مرحباً بك، كتبتَ:
Quote: ما تغالط ساي الخليفة والزبير باشا عاصرا بعضهما ، توفي الاول في كرري والثاني في الجيلي عام 1913 وهذه الرواية اوردتها عدة مصادر تاريخية من بينها مذكرات الزبير نفسه ، ثانيا لم يوقف الخليفة تجارة الرقيق ابدا وقد كان منزله يعج بالخصيان ، امشي اقرا وبطل غلاط ... |
اتفق معك تماماً أن الخليفة والزبير قد تعاصرا زمناً، وأرجح الأقوال "إلتقيا" وكان الزبير قائداً والخليفة "فقيراً" مسكوناً بقُرب ظهور "المهدي المُنتظَر" .. فكان أن توسمه في الزبير، ولكن، فيما يبدو، كان الزبير، مشغولاً بمهامه التجارية والزعامية..
شكراً لمرورك الطيب
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
من الوقائع التي أشار لها "سلاطين باشا" في كتابه "السيف والنار في السودان"؛ أنّه قد حدث أن اصطفّ بامدرمان، جيش خليفة المهدي، من ناحية وجيش "الخليفة شريف، ابن عم المهدي" من ناحية مُقابِلة! وكان السبب أن "الأشراف" يريدون سلب سُلطة الخليفة! وكان واضحاً أن جيش الأشراف (خصوصاً بعدما تأخر وصول القائد الأنصاري محمد خالد زقل، من دارفور) لم يكن لهم أي إمكانية تحقيق نصر على "قيادة الدولة، أهل الراية الزرقا"، ويُنسَب للخليفة الثاني، الأمير علي ود حلو، أن قام بالصُلح بين الخليفة والأشراف، وجنّب الله "الأنصار" في الفريقين، مقتلة عظيمة..
....
علاقة المهدي بالخليفة عبدالله، وإخصاصه - حصرياً - بالنيابة الأولى، منذ أن التقيا لأول مرة، وحتى أن فارق المهدي، الحياة بعد أقل من ستة أشهر من فتح الخرطوم، مثلت ركيزة كبيرة لاستمرارية الثورة المهدية تحت قيادة الخليفة عبدالله ودتورشين. كان واضحاً أن الخليفة النائب الأول، ماليء يده من أعِنّة الحُكم، على الرغم من كتير المناوشات من "الأشراف" وكثير من القبائل والكُتَل السودانية. مع كل ذلك، فعلاقة "خليفة الصديق" بالإمام محمد أحمد، مغضيٌّ عنها النظر! ومن الجانبين؛ تُرى لماذا ...؟
-----
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
توثقت العلائق والرباط العَقَدي، بين "الفقير" محمد أحمد (لاحقاً: المهدي) وبين "الفقير" عبدالله ودتورشين (لاحقاً: خليفة أبي بكر الصديق) ..
لقد كان الإمام المهدي، موفقاً جداً في إيكال أمر الخلافة (ومن فجر عهد البكورة الثورية) إلى خليفته عبدالله التعايشي "ود تورشين"، وبدون "كبير" شك، كان المهدي، كأنما يستحضر صداقة "اثنين"! إ> هُما في الغار، يقول لصاحبه: لا تحزن، إن الله معنا؛ وهُنا يلزمني، أن أتمثل قول المُحدثين: ولله المَثَلُ الأعلى،
وبالطبع، مع أخ> المقارنات بين عهد أصيل، وآخر يمتثل ل>ات المنحى والمَنزَع، فلنقُل: ولسيدنا رسول الله (ص) و صديقه "ابن أبي قحافة، عبدالله، المُكنى بأبي بكر الصديق، المَثَلُ الأعلى.
لم يفُق! المهدي في "الاستناد" إلى "الحَضْرة النبوية" يستلهم منها "المدد" الأميري، تقعيداً للموجهات التي يرى ألا سبيل لأنصاره سوى اتباعها ككل؛ إلا خليفته عبداله بن السيد محمد التعايشي، ويُلاحظ أن الخليفة، ربما فاق المهدي، ب>ات نفسه! في توظيف "قُرباه" بل واتصاله بالرجل الصالح (في سورة الكهف) الخضر!! إ> كثيراً ما وظ<ف الخليفة، معرفته الخاصة والمنفردة في حَضرات نبوية، قولاً، فعلاً أو تقريراً، يسنده لسيدنا "الخضر" عليه السلام.
لقد تمت الصيرورة المهدوية، أن أصبح "عود" الأشراف (آل المهدي وقُراباته) في زعامة الثورة المهدية وخلافتها (14 عاما) عود امراة! في لساننا الشعبي! ليخرج الخليفة بعود الرجل؛ والحَظ<يْن ..
......
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: خليفة المهدي ما بين كرري وأم دبيكرات .. مُعاناة مَـنســية ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
أم دبيكرات .. مُلازَمة الفـَروَة في فـَوْرة الفيكتورية ..(1)
حينما جيئ لكتشنر بمحمود ود أحمد، وهو يرسفُ في الأغلال، بعد أن هزمه في موقعة أتبرا، قال له: "لماذا جئتَ بلدي تخرب وتنهب؟" الدخيل هو الذي قال ذلك لصاحب الأرض، وصاحب الأرض طأطأ رأسه ولم يقُل شيئاً. فليكُن ذلك أيضاً شأني معهم. إنني أسمع في هذه المحكمة صليل سيوف الرومان في قرطاجنة، وقعقعة سنابك خيل اللنبي وهيَ تطأ أرض القُدس. البواخر مخرت عُباب النيل أول مرة تحمل المدافع لا الخبز، وسكك الحديد اُنشئتْ أصلاً لنقل الجنود. لقد انشأوا المدارس ليعلمونا كيف نقول "نعم" بلغتهم. إنهم جلبوا إلينا جرثومة العُنف الأوروبي الأكبر، الذي لم يشهد له العالم مثيلاً في السوم وفَرَدان، جرثومة مرض فتاك أصابهم من ألف عام. نعم يا سادتي، إنني جئتُكم غازياً في عُقر داركم؛ قـَطرةٌ من السُم الذي حقنتم به شرايين التاريخ.. (مصطفى سعيد، بطل رواية: موسم الهجرة إلى الشمال، للروائي العالمي، الأديب السوداني الراحل: الطيب صالح).
بنهايات ليلة الجمعة في الرابع والعشرين من عام 1899 ومع انبلاج فجرها الحزين، تمددت جثامين الخليفة ود تورشين ونوابه ومَن تبقى من جنوده، على ذات وجه الفروة، وللمفارَقة باتجاه القبْلَة. لزوماً لما أوكت الأيدي، وخضوعاً لشراسة الآلة الحربية النارية، الخارجة لتوها حامية، من مفارم العهد الفيكتوري ببريطانيا. انطوت سيرة المطاردة الطويلة لأكثر من عام، وجنود العصر الفيكتوري ينهبون الأرض، يرسلون الطلائع، يتسقطون الأخبار للإيقاع باستقلالية خليفة المهدي وكينونته. لا سيما وأن الأخير، كان قد عاد إلى تلك الجذور المطروقة من قبل، في "قدير" بكُردفان ينشد البركة ويتمنى استجماع الحشـود كَرة أخرى. يستعيد بها إمبراطورية إسلامية مهدوية غارقة المصائر. كان قد شيدها ومكث فيها قائداً أول، لأكثر من ثلاثة عشر عاما. تكلفته والسودان أثماناً باهظة. بيد أنها إمبراطورية سُرعان ما انطمرت دماءاً قانيات، على سفوح جبال كرري. تحت ضربات الغازي الإنجليزي كتشنر الخرطوم، بالقذائف النارية المنشطرة، ولهيب الهاوتزر والمكسيم.
كان الغازي قد استنَ مراكز دفاعاته على "زريبة عسكرية" بقرية العجيجة الواقعة بين كرري والنيل، يربعُ حولها ألويته الستة عشرة، ثم يمدد نظرته الفاحصة من جبل "سرغام" فيكشف معايير المهدوية في الحشد والتنظيم والتعبئة والموالاة والطموح. ولما أنْ تبين للغازي وحشده، البالغ ستة وعشرين ألفاً ثلثهم من الإنجليز، وبقيتهم من المجندين السودانيين والمصريين جنود الخديوي، أن حشد المهدوية قد يصل الستين ألفاً من الشجعان، ولكنهم بلا سيقان فيكتورية! التأمتْ شقائق نفس الغازي الحَذر، ووقَرَ في صدره أن النصرَ فيكتوري، والدمار مهدوي.
لاشك في أن الكتشنر الخرطومي، قد استدرك ورهطه تلك الساعة، معاني وصدقية شعار العهد الفيكتوري، ولعله دَثاره الصقيل، يقاتل به استجابة لـــــــ ( عبء الرجل الأبيض Whiteman burden ) ترقية لبلدان الناس، وانتقاما من قادتهم الذين أساءوا الاعتبار بقتلهم الغازين. من أمثال صديقه المهندس العسكري، سردار الجيش المصري في السودان، غردون باشا. من هناك تكاثف الحقد الإمبراطوري، فانبجست معاناة الطامحين (وبأكثر من اللازم) من البدو الريفيين العَقائديين؛ وثَمةَ ها هنا: والنهرُ يطفَحُ بالضحايا .. ذي الدماء القانية. وما لانَ فُرسانٌ لنا، بل فـَـر "استجماع الطغوان" ولكن ليس للأبد..! وذاك استجماعٌ كثيراً ما تبدد في شعاب التاريخ ببلاد الله الواسعة، ولم يركن كما الرماد، إلا بالدور والأدوار، التي تغفل أو تتغافل حيناً، عن البناء الوطني على أساس من العدالة.
لقد ذكرت المصادر التاريخية، أن سرور صاحبة الجلالة فيكتوريا ملكة بريطانيا ( بنت الدوق ألبرتْ، ووالدة الملك إدوارد السابع) كان عظيماً بالنصر الكتشنري في الخرطوم، سيما وقد أفاض لها جُنديها في برقيته: أنه بعد دخوله فاتحا لأم درمان، عبـَر النهر إلى الخرطوم، وأخذ معه فرقة موسيقية وحرس الشرف، ليحل بقصر الحاكم العام غردون، وقد كان محطما مهجوراً يزدحم بالأوضار والأعشاب البرية، فأقام به – على علاته- حفلاً تذكارياً وبنى نُصُباً لغردون، فكتبتْ الملكة فيكتوريا مُعلقة على مفكرتها: (لقد تم الانتقام له الآن بالتأكيد)..!
مثل العصر الفيكتوري (1837 – 1901 The Victorian era) حقبة تاريخية لبريطانيا. تميزت بكونها قمة الثورة الصناعية الآوروبية. كانت بريطانيا في عهد الملكة فيكتوريا، والذي يُعد كأطول فترة حُكم ببريطانيا (63 عاماً)، الحاضنة الأكبر، ومركز انطلاق الثورة الصناعية. انداحت منها إلى بقية الدول الأوروبية وإلى أمريكا وكندا واستراليا، ومن ثَم، إلى عديد من بلدان العالم الأخرى، وفقاً لطبائع وظروف ومكتسبات نموها الحضاري. اتسعت الإمبراطورية البريطانية في زمان "العهد الفيكتوري" فشملت مساحات عديدة من الكرة الأرضية، حتى لقد تصاعدت المقولة الوصفية لمملكة البريطانيين بأنها: الإمبراطورية التي لا تغرُب عنها الشمس؛ ما غابت الشمس عن بُقعة لها، إلا وكانت قائمة رائعة ببُقعة بريطانية أخرى.
صدرت في عهد فيكتوريا مجموعة قوانين أدت إلى إصدار دستور الشعب وحق الاقتراع العام والانتخابات النيابية الدورية. تخافضت طبقة النبلاء لترتفع الطبقة الوسطى على سلم الترقي الاجتماعي. انتظمت بريطانيا قفزات كبيرة في الفنون والمدارس الأدبية وعلوم الاجتماع وحركات الإصلاح الديني. تطورت الصناعة وشهدت المدن البريطانية الإضاءة الكهربائية بعد انتشار ثورة البخار كطاقة تصنيعية رائدة، فتمددت خطوط السكك الحديدية بعد اختراعات "جورج استيفن صن" و "ماكس بلانك" ونصوع آلة الإبداع بعشيرة من الكتاب كَـ "جورج برنارد شو" و"شارلس ديكنز" وغيرهم كثير من الأضراب، رجالاً ونساءا. تطورت الصناعة بشكل عام ببريطانيا العصر الفيكتوري،وبالأخص صناعة الأسلحة، فتجيشت كتائب اللانسرز والهايلاندرز وفرسان الملكة، يمتشقون السيوف ويحملون رشاشات "المكسيم"؛ يحرقوننا بها في عُقر ديارنا؛ وتلك غَفلةٌ قد صَحبتنا كثيراً، وما تزال.
وعَود على بدء المعاناة المنسية، فقد كان الكولونيل "ماهون" وقائده السير "ريجنالد وينجت" أكثر تمسكاً بالخطط العسكرية الناجزة، فما انقشع ظلام ليلة جُـمعة 24 نوفمبر1899، وقبل أن ينبلج فجرها، حتى كانا قد أصليا خليفة المهدي وجيشه، في بطن معسكرهم بأم دبيكرات نارا وقودها المكسيم والقرابين والرامنقتون، لتنتهي معاناة السَلَف وتولد للخَلَف معاناة، تتعدد أسبابها من لدن عدم أخذ الأمور بمَحْمَل الجد؛ وحتى حاجة عصرنا الراهن؛ وقد قيل: حاجةُ مَنْ عاش، لا تنقضي!
ذكرتْ المصادر التاريخية نقلاً عن الأمير "يونس الدكيم" وقد وُجدَ مختبئاً بين القَتلى الكرام: أن الخليفة لما وجد جيشه محاصراً من القوة الإنجليزية من "آبار جديد" تحفها بوارجها على النيل، نزل عن جواده وأمر الجيش بالنزول! ثم افترش فروته وجلس عليها، عن يمينه الخليفة على ود حلو، وعن يساره الأمير أحمد فضيل؛ ثم صف بقية الأمراء أمامهم على بُعد أربعين متراً، ثم أخذوا ينتظرون الموت بجُنان ثابت.
ما أسرع ما تبينت جودة خطة المباغتة الهجومية في الليل..! وكان السردار كتشنر في معركة كرري، لما أن فشا خوفه من هجوم أنصاري بالليل، تكتَكَ ببث إشاعة أنه سيقوم بالهجوم الليلي، فأخلى سُكان "العجيجة" من بيوتهم، فانتشر الخبر ووصل إلى مسامع قيادة الأنصار، وهم مشدوهين بكشافات البوارج على النيل كماسحة ضوئية لسوح المعركة المتوقعة فتثاقلوا؛ ثم تلبـَث الخليفة وجيشه إلى السابعة إلا رُبعاً من صباح الثاني من سبتمبر 1898 فكانت الضحوة المذبحة، على الرغم من مجاهدات الأنصار، لتكون النتيجة، مقتلة عظيمة لجيش الخليفة. ستة وعشرين ألفاً بين قتيل وجريح مُعنَى! يزحف للنهر طلباً للماء ولا يجد مَنْ يُعينه، وكانت خسارة الغازي، بحسب المصادر أيضا، لا تزيد عن ثماني وأربعين فقط قُتلوا من الإنجليز،وقريبٌ من أربعمائة تفاوتت جراحهم وتسابقتْ بهم إلى المشافي العسكرية الفيكتورية المتجولة،حرصاً على جنود الملكة فيكتوريا، بينما جنود الوطن، لا بواكي لهم.
واقع الأمر، لا أحد يبخس السلف الجهادي أشياءهم عند الأمس القريب، بينما "كم" أحد قد ينحو إلى تبخيس خَلَف اليوم، جميع أشيائهم، وأقلـَــها، الغفلة عن العَبرة والاعتبار بما مضى في أمسه البعيد أو القريب، وقد نُسبَ إلى جورج استيفنز، أحد المراسلين الحربيين الذين رافقوا حَمْلَة كتشنر في محرقة كرري: " لقد كان رجالنا رائعين، ولكن الأنصار فاقوا حَد الرَوعَة"..
| |
 
|
|
|
|
|
|
|