أمس الجمعة كان هو يوم البحر في الثورة المصرية .لاشك. أقول لا شك لأنني أكتب من قرائن الأحوال بما سيكون عليه الحال حيث أعددت هذه المادة قبل خروج الشعب المصري في هذا اليوم الذي سيذكره التاريخ لا في مصر وحدها، بل في منطقتنا والعالم. لا أحداث أكبر من الأحداث التي تجري في مصر هذه الأيام. لقد غطى ما يجري في مصر على الأحداث في سوريا العراق وتونس والسودان الجنوبي وغيرها . ويصادف يوم 26 يوليو ذكرى 26 يوليو عام 56 حين أعلن جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس. كان ذلك مشهداً ثورياً، من أيام السيادة والاستقلال في مصر. وهو من اللبنات الأولى التي حولت الانقلاب العسكري عام 52 هناك إلى ثورة . يوم أمس هو يوم البحر حيث أن ثورة 25 يناير جاءت على موجات : الموجة الأولى هي الانتفاضة التي أزاحت نظام مبارك.لكن الشعب المصري على الرغم من تكويناته المختلفة وقوة الطبقة الوسطى فيه، كان بلا تنظيمات ثورية تقريباً و كانت القوى الوحيدة المنظمة هي التيارات التي ترفع شعارات الإسلام لأهدافها السياسية. كانت هذه القوى تخاطب شعباً بائساً ويائساً بفعل جرائم نظام مبارك الذي ورث الانفتاح الاقتصادي وبدايات النهب من نظام السادات الذي قضى على وهج الثورة المصرية من أيام عبدالناصر. كانت التيارات الدينية التي التحقت بالثورة المصرية في أيامها الأخيرة يوم 82 يناير 2011 بعد أن رأت أنها ثورة حقيقية تخاطب الشعب عن طريق أشواقه الدينية. المصريون في معظمهم كانوا بلا أحزاب ،إذ كان تم حشر معظمهم في صناديق الحزب الوطني الجوفاء ذلك الحزب الإخطبوط الذي ينتفع قادته حتى التخمة، والذي نجد صنواً له في كل نظام ديكتاتوري، في ظل هشاشة قيادة الثورة وخلوها من تنظيم قائد، وفي ظل ضعف الأحزاب فقد صوت الشعب للإخوان ولحزب النور .لكن ثلاثين شهراً من25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013 كشفت للشعب المصري زيف خطاب الأحزاب التي تتستر بالدين لأغراضها السياسية ، نقضت تلك الأحزاب العهود حتى فيما بينها إذ ابتعدت الأحزاب السلفية عن الإخوان، ونقض الإخوان عهدهم لبقية أحزاب الثورة وشبابها ممن صوتوا لمرسي في الجولة الثانية بعهد وميثاق نقضوه عند منعرج اللوى ومضى الإخوان في بناء مشروعهم عن طريق التمكين بحساسية غليظة لم تلتفت للشعب المصري المقهور لا برعاية اجتماعية ولا بإصلاحات ولا باهتمام بأسر الشهداء و لا بغير ذلك الكثير . وكانت النقطة الفارقة التي قسمت الشعب المصري بحق قد تمت يوم 21 نوفمبر 2012 حين قاموا بإصدار دستور مفصل لأهدافهم وهكذا انقسم الشعب المصري إلى شعب بتكويناته المختلفة وإخوان مسلمين ومن والاهم. تمرد فكرة عبقرية فكرة تمرد التي قام بها شباب مجهولون صغار السن من غمار الناس محمود بدر ورفاقه. كانت فكرة عبقرية . نجحت في تجميع الملايين بما وصل إلى 22 مليون توقيع عن الأعداد الهائلة التي تخلت عن مساندة حكومة الإخوان والشيء الأهم قام هؤلاء الشباب بتجميع قوى المعارضة في جبهة وتنسيقية 30 يونيو التي هي تشكيلة أقوى من جبهة الإنقاذ.(انظر لتشابه الأسماء والشهور في مصر والسودان والمقاصد مختلفة). كانت 30 يونيو موجة ثانية للثورة المصرية أعتى من 25 يناير 2011 وشهدت شوارع 33 مليوناً من الشعب لم يخرجوا بسبب من نداء المعارضة المتمثلة في جبهة الإنقاذ وحدها ولكنهم استجابوا لأن شباب تمرد تقدموا الصفوف وامتازوا على بقية المعارضة بخطوة للأمام إذا فطنوا لتجميع الشعب تحت لواء العلم المصري وقالوا لمرسي أرحل . آفة الأحزاب السياسية الديمقراطية المعارضة للنظم الديكتاتورية هي التشرذم وحظ النفس. هذا ما يقود الشعب المتفق معهم على سوء الديكتاتورية إلى اليأس. كان خروج الشعب المصري الجماء الغفير لا تعرف فيه من المسلم ومن المسيحي ومن السني ومن الشيعي،ومن اليساري ومن اليميني، خروج الشباب ،الشيوخ، الشابات ، كبيرات السن والأطفال استفتاء عبرت عنه الحناجر والأرجل وهو في نظرنا أقوى وأعتى من صناديق الاقتراع. لقد أصبحت مدناً مثل القاهرة والقليوبية والإسكندرية والمنصورة وبورسعيد أشبه بالمدن- الدول الإغريقية في حضارة الأغا ريق القدماء .أصبحت القاهرة مثل أثينا حين كان التصويت يتم بالحضور المباشر للشعب. لقد تفتقت عبقرية قادة حركة تمرد عن هذا الكرت الأحمر الذي رفعته الملايين وقالت لمرسي (ارحل) فما جدوى صناديق الاقتراع التي قالت له نعم بنصف هذا العدد ونصف من قالوا له نعم وقتها كانوا هم هؤلاء الثوار أنفسهم. في 3 يوليو كانت الموجة الثالثة حين انحاز على إثرها الجيش للشعب بما يشبه انحياز الجيش في 25 يناير للشعب ضد نظام مبارك وانحياز الجيش السوداني لمرتين في السودان ضد النظامين العسكريين في أكتوبر 64 وأبريل 85 م ؛ فمن يسمى ما جرى في مصر في الشهر المنصرم انقلاباً لعله لا يرى ذلك الاحتشاد العظيم غير المسبوق إلا بعينين مغرضتين. البحر أمس كان البحر .وهو لا يستهدف التصدي للإرهاب والعنف فحسب كما دعا لذلك الفريق عبدالفتاح السيسي بل يرمي من وراء ذلك لإظهار استفاء حقيقي بين مظاهرات الأخوان في رابعة العدوية وميدان النهضة وفي بعض المدن المصرية وبين هذا البحر الهادر في كل أرجاء مصر هذا البحر الذي كانت شيمة موجته العاتية في ميدان التحرير أو لعله أفعوان ضخم بعدة رؤوس : رأس في التحرير والأخرى في الاتحادية وثالثة في الإسكندرية .هذا البحر سيقضي على أي مساندة من الشعب للإخوان المسلمين في أي انتخابات مقبلة.وإن لم تسارع قوى الثورة بتوحيد شتيتها والقضاء على مظاهر هشاشتها فسيطل تنظيم آخر أكثر تنظيماً منها هو حزب النور فالسياسة لا تعرف الفراغ. لكن الشعب المصري تعلم في ثلاثين شهراً بتسارع مذهل ولعله يستدعي تاريخ ثوراته الماضية ويستلهم منها كل يوم .الشعب المصري شعب فيه كفاءات وخبرات ثرة وفيه طبقة وسطى قوية وهذا البحر الذي تفجر أمس في شوارع كل الجمهورية سيصبح محيطاً حين يعم الدول المحيطة بمصر وعلى رأسها بلدنا السودان صاحب الثورات التليدة النائمة في خلد الشعب تنتظر إلهاماً جديداً من مثل هذا المحيط. وسينظم وإن طال السفر كل شعب ثورته موجة وموجة فبحر . ___________
إطلالة السبت رقم 22 نشرت بصحيفة الخرطوم السبت 27 يوليو 2013
07-29-2013, 07:55 PM
mohamed karib mohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459
Quote: آفة الأحزاب السياسية الديمقراطية المعارضة للنظم الديكتاتورية هي التشرذم وحظ النفس. هذا ما يقود الشعب المتفق معهم على سوء الديكتاتورية إلى اليأس.
07-30-2013, 09:52 AM
Bushra Elfadil Bushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252
عزيزي دكتور محمد الكارب الموقف من ثورة25 يناير / 30 يونيو يجب أن يصحبه موقف واضح ضد عودة القمع الأمني الذي قامت وربما تقوم به الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية المصرية. لا أحد يجب ان يعترض على التظاهرات والاحتجاجات السلمية مع ضرورة التأكيد على سلميتها بحزم. القتلى بأعداد كبيرة في أحداث المنصة -80 قتيلاً في ظرف ساعات معدودات- فيه استخدام للقوة المفرطة من قبل قوات الأمن وهذا امر يستوجب الإدانة من قبل كافة القوى الديمقراطية. لقد نجح الإخوان ببراعة في التحرك في ذلك الصباح من يوم السبت نحو كبري 6 أكتوبر والتحرش بقوات الشرطة حتى يكون الحدث الأكبر في ذلك الصباح لا المظاهرات المليونية التي قام بها الشعب لمكافحة العنف لكن ليكون الحدث الأكبر هو الحديث عن المذبحة.وهي مذبحة بالفعل.وستكشف التحقيقات كل من كانوا وراءها بالفعل ويجب أن يلقوا جزاءهم العادل الرادع.
07-31-2013, 09:25 AM
Bushra Elfadil Bushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252
العزيزة آمنة مختار نعم تشرذم الأحزاب يجعل تجميع القوى المعارضة للنظام في بلدنا عسيراً. أنا شخصياً لا حزب لي وأعجب لمنلم تعجبه الأحزاب التاريخية القائمة فيؤسس أو ينضم لحزب صغير ويظل في داخله وينظر للأحزاب الأخرى بإزراء بينما هو داخل غشاء حزبه فإن جاءت الانتخابات لم يجن منها شيئا أو قاطعها. ما الفائدة من تكوين حزب بهذه الكيفية؟ هل كي يقوم بالتنوير ونشر الإستنارة؟ لقد أصبح الانترنيت والوسائط ذات الصلة يقوم وتقوم بهذا الدور. المخرج لشعبنا يكون في تجميع قواه بجعل الايديولوجيا تنحو نحو الصفر. مثلما فعل شباب تمرد. وقد ظللت أدعو لهذا منذ عام 2004 راجعي نقاشاتي مع الراحل الكبير الخاتم عدلان في هذا المنبر في مكتبته.وكنت اسميها كتلة الضغط.
07-31-2013, 12:13 PM
أيمن محمود أيمن محمود
تاريخ التسجيل: 01-14-2013
مجموع المشاركات: 4940
Quote: سلام دكتور بشرى، يا دكتور إتّا كزول أكاديمي أكيد بتكون مهتم بصحة وثقة مصدر معلوماتك،، من وين تأكدت من صحة معلومة ال22 مليون توقيع وال33 مليون المرقوا في الشوارع؟
رغم ايماني بفساد فكر الاخوان المسلمين الا اننى ارى أن ما حدث لهم في مصر كان مؤامرة دبرت من قبل اعدائهم في الجيش، الشرطة، وبعض القوى الليبرالية العلمانية، هو انقلاب جيش له ملايين البسطاء !
07-31-2013, 01:34 PM
Bushra Elfadil Bushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252
أنت اغفلت يا ايمن أحدى أهم الشرائح التي فجرت موجة ثورة الثلاثين من يونيو: شريحة الشباب.هل تشكك في تجميعهم ل22 مليون توقيعاً وبالتالي كان خروج الشعب معهم على هذا الأساس؟ وكيف تقول ملايين البسطاء وهم شعب اخرجته نقاباته واتحاداته تنظر فترى وسطهم المثقفين الفنانين الصحفيين المحامين العمال النقابيين المزارعين
07-31-2013, 08:08 PM
mohamed karib mohamed karib
تاريخ التسجيل: 10-24-2002
مجموع المشاركات: 459
The military in Egypt is not capable ( if indeed it wants ) of assuming a new dictatorship less than 2 years of Mobark's fall and they cant easily forget that 30 millions were in the streets few weeks back . in other words the civic forces in today's Egypt are as conscious as they have never being .having said this it must be added that overcoming the Muslim brothers fascism is the most significant event that the humanity in this part of the world has ever witnessed ... THE COST PARTICULARLY WHEN IT COMES TO LOSS OF LIVES ,however must never be underestimated as Fiasal pointed out .this needs be looked at without making any assumptions no matter how tempting this might be ,,,nothing short of an independent technically and morally qualified authority can tell who kills who ....the ordinary Egyptians who so brilliantly orchestrated this (once per life event )must not be given lessons of how to avoid replacing one fascist regimen with another ..I KNOW FIASAL MOHAMED SALIH IS NOT INTENDING THIS BUT SO MANY DO
DEAR DR BUSRA : ABIOVE IS A COMMENT I MADE IN RESPONSE TO A GOOD ARTICLE MADE BY FIASAL MOHAMED SALIH
WITH REGARD TO AYMAN COMMENT : THE BBC STATED THAT THE 30 OF JUNE UPRISING IS THE LARGEST HUMAN OUTPOURING IN HISTORY ..NOW LET ME ASK YOU A QUESTION : IF YOU ARE DOUBTING THE THE 33 MILLIONS WHO WERE IN THE STREETS ON JUNE THE 30th ,,,DO YOU HAVE EQUAL SCEPTICISM REGARDING THE ESTIMATES OF THE MUSLIM BROTHERHOOD CLAIMS AT RABAA ALADAWIA AND NAHDA SQUARE ?
08-02-2013, 01:25 PM
Abdel Aati Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
لا يزال المنهزم نفسيا بشرى الفاضل يواصل هزره وتراجعه عن قضايا التنوير للمرة المليون ماذا فعلت احزابك التاريخية الفاشلة للسودان وشعب السودان غير ان اورثته الالام ؟ وليه نسيت تطبل لصادق المهدي هنا ؟؟
صحيح انك متأكدم فاشل كما وصفك اسامة الخواض ..
08-02-2013, 01:41 PM
طه جعفر طه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7445
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Bushra Elfadil
mohamed karib
أيمن محمود
Abdel Aati
طه جعفر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست