|
(آخر لحظة) تحصل على وثيقة مهمة بخط الصادق المهدي حول انقلاب 30 يونيو
|
تقرير: فاطمة أحمدون :
حصلت «آخر لحظة» على أخطر تقرير أمني عن آخر أيام الديمقراطية الثالثة من إدارة الأمن الداخلي وجهته إلى السيد/ الصادق المهدي رئيس الوزراء تلك الحقبة قبيل انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م وتعليقه على ذلك التقرير الذي جاء متضمناً لنقد عنيف لوزير الداخلية آنذاك السيد/ مبارك الفاضل المهدي.
الذي وقع على التقرير الأول الذي عنون بـ(سري للغاية) والذي جاء موضوعه (تقرير خاص) السيد اللواء شرطة صلاح الدين النور مطر مدير إدارة الأمن الداخلي مع إرفاق صورة منه إلى السادة رئيس الوزراء وزير الدفاع ووزير المالية.
والوثيقة تشير إلى أن الحكومة كانت تتوقع حدوث انقلاب وأكد التقرير أن ردود الأفعال كانت متباينة تجاه المحاولة الانقلابية.
الأوساط العسكرية
(يرى بعض العسكريين أن القوات المسلحة كان لها رأي واضح في الوضع الراهن بالبلاد عكسته مذكرة الجيش في فبراير 1989م وما أوردته من أسباب موضوعية فيها على حد تعبيرهم يجعل التحرك العسكري لتغيير الحكم شيئاً متوقعاً وأنه سيلقى الدعم من معظم الوحدات. ويدلل هؤلاء على ذلك بأن معظم المخططين للانقلاب الأخير من الرتب الكبيرة «عميد»، وذلك يعني أن هناك تأييداً على مستوى الرتب الأدنى. وآخرون أثناء عمليات التنوير التي قام بها القادة «بالخذلان والجبن» والبعض الآخر وصفه بقبولهم إهمال الحكومة للجيش وتمكينها لجون قرنق من احتلال مناطق كثيرة بالجنوب وانشغالها عن ذلك باللهث وراء المكاسب الحزبية مما أفرز تردياً أمنياً ومعيشياً في أقاليم السودان قاطبة، كما يتردد أن بعض قيادات الجيش صرحت بأنها لن تتمكن من السيطرة والتحكم في من هم تحت إمرتها ومنعهم من المغامرة طالما أن الأسباب قائمة.
الجبهة الإسلامية صامتة
كما أشارت الوثيقة إلى صمت الجبهة الإسلامية القومية مما يعطي مؤشراً واضحاً على إسلامية الانقلاب وقد أكد تقرير مبارك الفاضل أن الجبهة الإسلامية عملت على تغليف موقفها بواسطة صحفها «ألوان»، «الراية» و«صوت الجماهير» وذلك من خلال استطلاع أوردته «اسمته بآراء الشارع في الانقلاب وعدم تصديق حدوث مثل ذلك».
اليسار رافض والاتحادي يشكك
كما أكد تقرير وزارة الداخلية المطبوع على الآلة الكاتبة، أن أحزاب اليسار رافضة لأي انقلاب عسكري وأي ديكتاتورية جديدة، أما الشريك الأكبر في الحكم الحزب الاتحادي الديمقراطي شكك في حدوث انقلاب من خلال تصريحات قياداته وأعضائه ونوابه.
الجائع الخائف
الأحزاب الجنوبية أبدت رفضها لحدوث انقلاب باعتباره يعطل مسيرة السلام ويعيده إلى «المربع الواحد»، كما أنه يعطل الجهود المبذولة لمحاربة المجاعة.
النقابات والمواطن
عقد المكتب التنفيذي للاتحاد العام للمهنيين والفنيين وقرر الاجتماع رفضه القاطع لانقلاب عسكري وأعلن أنه سيعمل عبر نقاباته على الكشف والتبليغ عن النشاط المايوي في أوساطها.
وانقسمت آراء المواطنين حول الانقلاب وتباينت حول المحاولة الانقلابية، فقطاع يرى أن الأمر ما هو إلا فبركة حكومية «لشغل» المواطنين وصرف أنظارهم عن معاناتهم اليومية وضائقتهم المعيشية، أما القطاع الثاني فيرى أن المسرحية قصد منها الصادق المهدي تصفية القيادات العسكرية المشتبه في أنها أعدت مذكرة الجيش وإبدالهم بقيادات موالية لحزب الأمة، وتستند هذه الأوساط في آرائها على الأسباب التالية:
أ. ضعف بيان القيادة العامة وعدم اتباعه بأي إجراءات متشددة كحالة استعداد قصوى ونشر الجنود في الشوارع والمرافق الإستراتيجية.
ب. الكوادر المايوية داخل الجيش ليست في المستوى الذي يؤهلها للقيام بالانقلاب.
ج. عودة «الرئيس المخلوع» غير واردة خاصة وقد قال الشعب كلمته في نظامه وانتفض ضده ومعظم الذين يريدون مايو كانوا من المنتفعين وليسوا من المؤمنين بفكرها.
أما القطاع الثالث للمواطن فقد تمنى نجاح الانقلاب لأنه سئم الفساد واهتمام الأحزاب السياسية بتحقيق المكاسب وتبادل الوزراء الاتهامات ضد بعضهم البعض، الأمر الذي أفقد الدولة هيبتها وفشل الحكومة في تحقيق أي إنجاز يخفف الأعباء المعيشية على المواطن.
وتشير أوساط هذا القطاع إلى أن المرحلة القادمة تحتاج إلى شخصية قوية «تقطع دابر» الفساد وأنهم لن يبالوا إن كان لنميري أو غيره.
قطاع رابع ترى أوساطه حتمية التغيير ولكنها ترفض عودة «نميري» لأنه هو الذي أدى بالبلاد إلى هذه الحالة وأن التغيير يجب أن يأتي عبر «المواطنين والجماهير» وليس على «ظهر دبابة» حتى تتفادى البلاد العسكرية والديكتاتورية.
التغيير وليس الانقلاب
وختمت إدارة الأمن الداخلي تقريرها الذي رفعته إلى رئيس الوزراء الصادق المهدي ووزير الدفاع ووزير المالية بأنه من خلال استطلاع آراء المواطنين فإنهم مع التغيير وليس الانقلاب، كما قدمت الوثيقة السرية النصح المتأخر بأنه على الحكومة أن تقوم بمحاربة الفساد على أعلى مستوياته وتقديم كل من ثبتت إدانته للمحاكمة ومعالجة المشاكل الاقتصادية المعيشية وأن تمضي قدماً في إحلال السلام بالجنوب والغرب.
إدارة الأمن الداخلي- لواء شرطة صلاح الدين النور مطر
24يونيو 1989م
وقد جاء الرد على تقرير الأمن الداخلي قبل أربعة أيام من الانقلاب من رئيس الوزراء الإمام الصادق المهدي بخط اليد وبحبر لونه «أزرق» كالآتي (أخي الحبيب.. تحية
حتى الآن لم أطلع على تقرير للأمن الداخلي ألمس فيه الإحاطة بالحقائق أو شمولية التحليل.
هذا التقرير كالعادة مبتسر من حيث الحقائق والتحليل، فالتنوير العسكري كان فيه ما ورد في التقرير ولكن كان فيه رأي آخر وآراء المواطنين كان فيها ما جاء في التقرير ولكن ثمة رأي آخر.
متى يرقى الأمن الداخلي للإحاطة بالحقائق والتحليل الأشمل؟ الله أعلم!)
.. الصادق
http://www.akhirlahza.sd/akhir/index.php/2011...------------30-.html
|
|
|
|
|
|